اذهب الي المحتوي
منتدى العقاب

الأعضاء المتميزين

Popular Content

Showing content with the highest reputation since 25 يون, 2017 in all areas

  1. http://www.hizb-ut-tahrir.info/ar/index.php/pressreleases/markazy/cmo/52656.html بيان صحفي استئناف النشاط في منتدى العقاب الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، والصلاة والسلام على سيد الخلق محمد، وبعد، فقد كان منتدى العقاب، ولأكثر من عقد ونصف من الزمان، منارة فكرية تضج بالنقاشات الحية التي تتناول واقع الأمة الإسلامية والتحديات التي تواجهها، وتستشرف آفاق المستقبل وتخطط له، وتشحذ الهمم للعمل الدؤوب لاستئناف الحياة الإسلامية، وتجلي الأفكار الإسلامية، وتهدم وتجادل الأفكار العلمانية وما شابهها، وها نحن في المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير نزف للأمة الإسلامية بشرى استئناف نشاطات المنتدى، ليكمل رحلته جنبا إلى جنب مع شقيقه منتدى الناقد الإعلامي، وإلى جانب صفحات المكتب الإعلامي لحزب التحرير ومواقع الحزب الأخرى، وصفحات الحزب على مواقع التواصل الإلكتروني، خصوصا في ظل الهجمة الشرسة على تلك المواقع والصفحات والتي كانت هدفا لحملات عالمية لإغلاقها والتعتيم عليها. ولقد رأينا أن التواصل والنقاشات على صفحات مواقع التواصل الإلكتروني كالفيسبوك والتويتر تضمحل في دقائق، وتختفي فيها الأفكار في طيات عجلة تلك المواقع التي تتجدد كل لحظة، فلا تصل تلك الخواطر وثمرات العقول إلا إلى قلة قليلة من المتابعين، فتضيع بضياعها جهود عظيمة، ونتاج عقول مفكرة مبدعة، بينما وجدنا صفحات المنتدى تحتفظ لعقود طويلة بتلك الثمرات، وتصل للقارئ والمتابع في حلة رائعة من التنسيق والتهذيب يليق بثمرات العقول. كما وجدنا أن الأفكار تحتاج لسبر أغوار، لا يمكن بلوغها في عجلة سرعة مواقع التواصل الإلكتروني، فكان المنتدى أحق بها وأهلها، والأمة الجادة التي تتحسس طريقها لتستعيد مكانها سيدة الأمم وخير أمة أخرجت للناس تحتاج للتعمق والتدبر والتخطيط والتشاور والتحاور، فلعل الله تعالى يجعل منتدياتنا ومواقعنا ردفا لنشاطات علمائنا وشبابنا، وأبناء أمتنا في قيامهم بفرض استئناف الحياة الإسلامية عبر إقامة دولة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة، تلك الدولة التي يمكن الله فيها للمسلمين دينهم الذي ارتضى لهم. إن باب التسجيل في المنتدى مفتوح، ولعل الله تعالى يجعل في مشاركاتكم في المنتدى الخير كله، وأن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم، وأن يعيننا، ويوفقنا لما يحب ويرضى. والحمد لله رب العالمين. رابط المنتدى: https://www.alokab.com الدكتور عثمان بخاش مدير المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
    8 points
  2. أصول الفقه الميسرة الجزء الأول: الحاكم: من له السيادة الشرع أم العقل بسم الله الرحمن الرحيم المقدمة لقَد كَانَ مَبحَثُ أصُولِ الفِقْهِ مَحَلَ عِنَايَةٍ فَائِقَةٍ عِندَ فُقَهَاءِ المُسلِمِينَ وَعُلَمَائِهِمُ المُتقَدِّمِينَ مِنهُمْ والمُتأخِّرِينَ؛ لِمَا لَهُ مِنْ عَظِيمِ الأثَرِ فِي ضَبطِ الاجتِهَادِ واستِنبَاطِ الأَحكَامِ الشَّرعِيَّةِ, لِمُعَالَجَةِ قَضَايَا المُسلِمِينَ وَالمُستَجَدَّاتِ, وَمِنَ الطَّبِيعِيِّ أن يكُونَ هَذَا المَبحَثُ مَحَلَّ اهتِمَامٍ كَبِيرٍ فِي أَيامِنَا هَذِهِ مِنْ قِبَلِ فَرِيقَينِ: الفريق الأول: هُوَ ذَلِكَ الفَرِيقُ الذِي كَرَّسَ عِلمَهُ وَجُهدَهُ لِخِدْمَةِ أعَدَاءِ المُسلِمِينَ الذِينَ يَعمَلُونَ لِتَروِيجِ أفكَارِ الغَربِ وَمَفَاهِيمِهِ وَتَسوِيقِهَا فِي بِلادِ المُسلِمِينَ, تَحْتَ غِطَاءٍ مِنَ القَوَاعِدِ الفِقْهِيَّةِ التِي يَكثُرُ ذِكرُهَا عِندَ تَبرِيرِ عَدَمِ تَطبِيقِ الإِسلامِ, وَتَبرِيرِ عَدَمِ الالتِزَامِ بِمَا هُوَ مَقطُوعٌ بِهِ فِي الشَّرِيعَةِ مِنْ وَاجِبَاتٍ وَمُحَرَّمَاتٍ, وَتَبرِيرِ السَّيرِ مَعَ الغَربِ المُعَادِي للإِسلامِ, وَأَخَذُوا يُرَدِّدُونَ عَلَى مَسَامِعِ النَّاسِ قَوَاعِدَ دَسُّوهَا فِي أصُولِ الفِقْهِ لِلتأثِيرِ فِي الرَّأيِ العَامِّ. وَمِنْ هَذِهِ القَوَاعِدِ: المَصَالِحُ المُرسَلَةُ, وَالتَّدَرُّجُ فِي تَطبِيقِ الإِسلامِ وَمَا لا يُؤخَذُ كُلُّهُ لا يُترَكُ جُلُّهُ, وَالضَّرُورَاتُ تُبِيحُ المحظُورَاتِ, وَلا يُنكَرُ تَغَيُّرُ الأَحكَامِ بِتَغَيُّرِ الأَزمَانِ, وكَذَلِكَ الرُّخَصُ المأخُوذَةُ مِنَ الفَهمِ المَغلُوطِ لِمَقَاصِدِ الشَّرِيعَةِ, كَأَخَفِّ الضَّرَرَينِ وَأهوَنِ الشَّرينِ. كُلُّ ذَلِكَ لِلحَيلُولَةِ دُونَ وُصُولِ الإِسلامِ إِلَى الحُكْمِ وَحدَهُ دُونَ سِوَاهُ, وَلِتَبرِيرِ التَّنازُلاتِ لِلتَّعَايُشِ مَعَ الكُفرِ, حَتَّى أَصبَحَ مَبحَثُ أُصُولِ الفِقْهِ مِنَ المَبَاحِثِ التِي تُطَوِّعُ النَّاسَ لِلغَرْبِ الكَافِرِ وَتَجعَلُ الحَركَاتِ الإِسلامِيَّةَ مَطِيَّةً لِتَحقِيقِ أَهدَافِ الكُفَّارِ, إِلَى أَنْ أَصبَحَ فِي المُسلِمِينَ مَنْ يَدعُو إِلَى الدِّيمُقرَاطِيَّةِ, وَالدَّولَةِ المَدَنِيَّةِ, وَيُفتِي بِإِبَاحَةِ الرِّبا وَالمُشَارَكَةِ فِي حُكُومَاتٍ لا تَحكُمُ بِالإِسلامِ بَلْ تُعَادِيهِ, وَيُوجِبُونَ عَلَى المُسلِمِينَ أَنْ يَكُونُوا أَعضَاءَ فِي الكِنِيسِتِ الإِسرَائِيليِّ, وَأنْ يَكُونُوا أعضَاءَ فِي مَجَالِسِ تَشرِيعِيَّةٍ فِي بِلادِ المُسلِمِينَ أو فِي بِلادٍ غَربِيَّةٍ مُعَادِيَةٍ للإِسلامِ, كُلُّ ذَلِكَ بِحُجَّةِ المَصلَحَةِ. وَكَانَ هَذَا الفَرِيقُ بِحَقٍّ عَقَبَةً كَأدَاءَ فِي وَجْهِ دَعوَةِ الإِسلامِ, وَسَهْمًا مَسْمُومًا فِي صَدْرِ الإِسلامِ, وَاستُخدِمَتْ فَتَاوَاهُمْ أَدَاةً فِي قَتلِ المُسلِمِينَ تَحْتَ مُسَمَّيَاتِ التَّطَرُّفِ وَالإِرهَابِ! الفريق الثاني: أمَّا الفَرِيقُ الثَّانِي فَهُوَ ذَلِكَ الفَرِيقُ مِنَ المُخلِصِينَ الذِينَ نَذَرُوا حَيَاتَهُمْ لِخِدْمَةِ الإِسلامِ وَدَعوَتِهِ, وَعَودَتِهِ فِي دَولَتِهِ, فَأَخَذُوا عَلَى عَاتِقِهِمْ تَنقِيَةَ هَذَا العِلْمِ الجَلِيلِ مِنْ كُلِّ دَخِيلٍ عَلَيهِ.
    5 points
  3. بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله الحزب السياسي - كحملة الدعوة في زمن الاستضعاف مثلا - يدعو الناس الى الفكرة بطريقة بليغة مؤثرة لافتة، ثم يترك اللهُ لهم الخيار، فان استجابوا فانه يعمل بهم ومعهم لتطبيقها عمليا في الدنيا وصولا الى الجنة في الآخرة. وان لم يستجيبوا فأمرهم الى الله، ان شاء عذب وان شاء غفر. وليس مطلوبا من الحزب السياسي أن يحمل السيوف على رقاب الناس ليقبلوا ما يدعوهم اليه بل يبقى الحزب ثابتا على فكرته عاملا بطريقته واثقا بربه حتى يلقى الله تعالى استجابة الناس هي من شأن الله تعالى الذي خير الناس وبين لهم طريق الهداية طريق الضلال وترك لهم اتخاذ القرار. لذلك لم تكن استجابتهم مسؤولية الحزب السياسي على الاطلاق هذه الصورة تكررت مع الأنبياء جميعا عليهم السلام ابراهيم عليه السلام على سبيل المثال، لم يستجب له أهل العراق، ولوطا عليه السلام لم يستجب له قومه، وعيسى عليه السلام كذلك، وقوم هود وقوم صالح فأهلك الله اقواما وأمهل آخرين وآخرون استجابوا لنبيهم كسادتنا وأحبابنا الأنصار رضي الله عنهم وعن المهاجرين لكن الحقيقة أن أحدا من الأنبياء لم يحمل على قومه بالسيف ليحتضنوا فكرته فنحن اليوم نبذل المهج ونخلص النصيحة ونحمل الفكرة لأهلنا وأناسنا وأمتنا سائلين الله أن يهدي قلوبهم فيستجيبوا ويلتزموا اقامة حكم الله في الأرض، فان استجابوا فهم أهل التقوى وأحق بها وأهلها، وان لم يستجيبوا أو تلكأوا فما على الرسول الا البلاغ أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: فَإنْ حَآجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ للَّهِ وَمَنِ ٱتَّبَعَنِ وَقُلْ لِّلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَٰبَ وَٱلأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُواْ فَقَدِ ٱهْتَدَواْ وَّإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ ٱلْبَلَٰغُ وَٱللَّهُ بَصِيرٌ بِٱلْعِبَادِ وَأَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ وَٱحْذَرُواْ فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّمَا عَلَىٰ رَسُولِنَا ٱلْبَلاَغُ ٱلْمُبِينُ مَّا عَلَى ٱلرَّسُولِ إِلاَّ ٱلْبَلاَغُ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ وَإِن مَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ ٱلَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ ٱلْبَلاَغُ وَعَلَيْنَا ٱلْحِسَابُ وَقَالَ ٱلَّذِينَ أَشْرَكُواْ لَوْ شَآءَ ٱللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِن دُونِهِ مِن شَيْءٍ نَّحْنُ وَلاۤ آبَاؤُنَا وَلاَ حَرَّمْنَا مِن دُونِهِ مِن شَيْءٍ كَذٰلِكَ فَعَلَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَهَلْ عَلَى ٱلرُّسُلِ إِلاَّ ٱلْبَلاغُ ٱلْمُبِينُ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ ٱلْبَلاَغُ ٱلْمُبِينُ قُلْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَّا حُمِّلْتُمْ وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُواْ وَمَا عَلَى ٱلرَّسُولِ إِلاَّ ٱلْبَلاَغُ ٱلْمُبِينُ وَإِن تُكَذِّبُواْ فَقَدْ كَذَّبَ أُمَمٌ مِّن قَبْلِكُمْ وَمَا عَلَى ٱلرَّسُولِ إِلاَّ ٱلْبَلاَغُ ٱلْمُبِينُ وَمَا عَلَيْنَآ إِلاَّ ٱلْبَلاَغُ ٱلْمُبِينُ فَإِنْ أَعْرَضُواْ فَمَآ أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً إِنْ عَلَيْكَ إِلاَّ ٱلْبَلاَغُ وَإِنَّآ إِذَآ أَذَقْنَا ٱلإِنسَانَ مِنَّا رَحْمَةً فَرِحَ بِهَا وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَإِنَّ ٱلإِنسَانَ كَفُورٌ فَٱصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُواْ ٱلْعَزْمِ مِنَ ٱلرُّسُلِ وَلاَ تَسْتَعْجِل لَّهُمْ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوۤاْ إِلاَّ سَاعَةً مِّن نَّهَارٍ بَلاَغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلاَّ ٱلْقَوْمُ ٱلْفَاسِقُونَ وَأَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ فَإِن تَولَّيْتُمْ فَإِنَّمَا عَلَىٰ رَسُولِنَا ٱلْبَلاَغُ ٱلْمُبِينُ
    5 points
  4. التعريف بأصول الفقه أولاً: تعريف الفقه: الفِقْهُ: هُوَ عِلْمٌ بِالمَسَائِلِ الشَّرعِيَّةِ العَمَلِيَّةِ المُستَنبَطَةِ مِنَ الأَدِلَّةِ التَّفصِيلِيَّةِ. وَمِنْ هَذَا التَّعرِيفِ يَتَبَيَّنُ لَنَا أَنَّ الفِقْهَ مَوضُوعُهُ الأَحكَامُ الشَّرعِيَّةُ العَمَلِيَّةُ الفُرُوعِيَّةُ, وَأَنَّ أدِلَّةَ هَذِهِ الأَحكَامِ هِيَ الأَدِلَّةُ التَّفصِيلِيَّةُ, وَلَيسَتِ الأَدِلَّةَ الإِجمَالِيَّةَ, فَلا يُقَالُ: إِنَّ دَلِيلَ حُكْمَ المَسأَلَةِ الفُرُعِيَّةِ هُوَ القُرآنُ أوِ السُّنةُ أو أيُّ دَلِيلٍ إِجمَالِيٍّ, بَلِ الدَّلِيلُ عَلَى المَسأَلَةِ الآيَةُ مِنَ القُرآنِ, أوِ الحَدِيثُ الذِي استُنبِطَ مِنهُ الحُكْمُ, وَهَكَذَا. وَلِذَلِكَ لا يَكُونُ مَجَالُ الأَدِلَّةِ الإِجْمَالِيَّةِ وَالقَواعِدِ الفِقهِيَّةِ هُوَ الاستِدلالُ بِهَا عَلَى الأَحكَامِ الفُرُوعِيَّةِ, فَالقَاعِدَةُ الفِقهِيَّةُ لَيسَتْ دَلِيلاً عَلَى المَسأَلَةِ الفَرعِيَّةِ, بَلِ النَّصُّ المُتَمَثِّلُ فِي الآيَةِ أَوِ الحَدِيثِ أوْ وَاقِعَةِ الإِجْمَاعِ هِيَ الأَدِلَّةُ. فَالقَوَاعِدُ الفِقهِيَّةُ وَالأَدِلَّةُ الإِجْمَالِيَّةُ هِيَ ضَوَابِطُ لِلاجتِهَادِ وَفَهْمِ النُّصُوصِ, وَمَجَالُهَا أُصُولُ الفِقْهِ كَمَا سَيَظهَرُ بِوُضُوحٍ فِي تَعرِيفِ الأُصُولِ. وكَذَلِكَ يَتَبَيَّنُ لَنَا مِنْ تَعرِيفِ الفِقْهِ أَنَّ الأَحكَامَ العَقَائِدِيَّةَ لَيسَتْ فِي بَابِ الفِقْهِ؛ لأَنَّ العَقَائِدَ مَحَلُّهَا التَّصدِيقُ, وَلَيسَ العَمَلُ. ثانياً: تعريف الأصول: أَمَّا الأَصلُ, فَهُو الأَسَاسُ الذِي يُبتَنَى عَلَيهِ. وَعَلَيهِ يَكُونُ تَعرِيفُ أُصُولُ الفِقْةِ هُوَ: القَوَاعِدُ التِي يُبنَى عَلَيهَا استِنبَاطُ الأَحْكَامِ الشَّرعِيَّةِ مِنَ الأَدِلَّةِ التَّفصِيلِيَّةِ. وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ لا بُدَّ أنْ يَكُونَ الأَسَاسُ الذِي يُبنَى عَلَيهِ الفِقْهُ أَمرًا مَقطُوعًا بِهِ, وَلا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ ظَنيًا. وَعَلَيهِ فَأُصُولُ الفِقْهِ كَالعَقَائِدِ لا بُدَّ مِنَ القَطْعِ فِيهَا, وَكُلُّ أصْلٍ لا يَثبُتُ بِالدَّلِيلِ القَطعِيِّ لا يُعتَبَرُ مِنَ الأُصُولِ, مِثلُ: "المَصَالِحُ المُرْسَلَةُ" وَ "شَرْعُ مَنْ قَبلَنَا" وَ "الاستِحْسَانُ" وَ "مَذهَبُ الصَّحَابِيِّ" وَغَيرُهَا, فَكُلُّهَا لَيسَتْ أَدِلَّةً عِندَنَا, وَمَنِ اعتَبَرَهَا مِنَ الأَدِلَّةِ يَكُنْ رَأيُهُ رَأْيـًا شَرْعيًا, وَإِنْ كُنَّا نَرَاهُ مَرجُوحًا لِوُجُودِ شُبْهَةِ دَلِيلٍ عَلَى هَذِهِ المَسَائِلِ. وَهُنَاكَ قَوَاعِدُ كَثِيرَةٌ اعتُبِرَتْ أَدِلَّةً, وَهِيَ عَقلِيَّةٌ لا يُوجَدُ عَلَيهَا شُبهَةُ دَلِيلٍ, وَهِيَ مَردُودَةٌ, وَلا تُعتَبَرُ مِنَ الأَدِلَّةِ, وَالآرَاءُ المُستَنبَطَةُ عَلَى أَسَاسِهَا لَيسَتْ آرَاءَ شَرْعِيَّةً. هَذِهِ القَوَاعِدُ مِثلُ: "الضَّرُورَاتُ تُبِيحُ المَحظُورَاتِ" وَ "لا يُنكَرُ تَغَيُّرُ الأَحكَامِ بِتَغَيُّرِ الأَزمَانِ" وَ "مَا لا يُؤخَذُ كُلُّهُ لا يُترَكُ جُلُّهُ" وَغَيرُهَا. وَسَنَتَعَرَّضُ لِهَذِهِ القَوَاعِدِ فِي مَوضِعِهَا بِشَيءٍ مِنَ التَّفصِيلِ وَبِالبَيَانِ المُفِيدِ لِحَامِلِ الدَّعوَةِ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى. مِمَّا سَبَقَ نَستَطِيعُ القَولَ: إِنَّ أُصُولَ الفِقْهِ: هِيَ جُملَةُ الأَدِلَّةِ وَالقَوَاعِدِ القَطعِيَّةِ التِي يُبنَى عَلَيهَا استِنْبَاطُ الأَحكَامِ الشَّرعِيَّةِ مِنَ الأَدِلَّةِ التَّفصِيلِيَّةِ.
    5 points
  5. أهمية دراسة علم أصول الفقه وَهُنَا يَبرُزُ سُؤَالٌ هُوَ: لِمَاذَا نَدرُسُ عِلْمَ أُصُولِ الفِقْهِ؟ أو مَا أهمِيَّةُ دِرَاسَةِ عِلْمِ أُصُولِ الفِقْهِ؟ للإِجَابَةِ نَقُولُ: إِنَّ أهمِيَّةَ هَذَا العِلْمِ تَكمُنُ فِي الأُمُورِ الآتِيَةِ: أولاً: عَلَى صَعِيدِ الاجتِهَادِ وَالفِقْهِ, فَلا يَكُونُ الفَقِيهُ فَقِيهًا, وَلَنْ يَتَمَكَّنَ مِنَ استِنبَاطِ حُكْمٍ شَرعِيٍّ بِغَيرِ الوَعيِ التَّامِّ عَلَى هَذَا العِلْمِ الجَلِيلِ, فَبِهِ تُفهَمُ النُّصُوصُ, وَيُضبَطُ الاجتِهَادُ. ثانيًا: عَلَى صَعِيدِ الحَركَاتِ الإِسلامِيَّةِ العَامِلَةِ لإِنهَاضِ الأُمَّةِ بِالإِسلامِ وَالذِي يَفرِضُ عَلَيهَا أَنْ تُحَدِّدَ أُصُولَ الفِقهِ المُعتَمَدَةِ فِي فَهمِهَا لِلنُّصُوصِ وَاستِنبَاطِهَا لِلأَحكَامِ الشَّرعِيَّةِ المُتَبنَّاةِ لَدَيهَا, وَالتِي تُحَدِّدُ لَهَا الهَدَفَ تَحدِيدًا دَقِيقًا وَالمُتَمَثِّلَ فِي استِئنَافِ الحَيَاةِ الإِسلامِيَّةِ بِإِقَامَةِ دَولَةِ الخِلافَةِ, وَتُحَدِّدُ لَهَا أَيضًا جَمِيعَ السِّيَاسَاتِ التِي سَتُطَّبقُ فِيهَا دَاخِليًا وَفِي العَلاقَاتِ الخَارِجِيَّةِ, وَتُحَدِّدُ طَرِيقَ السَّيرِ المُوصِلَةَ لِهَذَا الهَدَفِ العَظِيمِ. كُلُّ ذَلِكَ بِاجتِهَادٍ صَحِيحٍ مِنَ الشَّرعِ, بِحَيثُ لا تَخرُجُ أيَّةُ جُزئِيَّةٍ, وَلا أَيُّ عَمَلٍ عَنِ الإِسلامِ. هَذَا وَإِنَّ أَيَّ حِزبٍ أو جَمَاعَةٍ لا أُصُولَ عِندَهَا تُحَدِّدُ لَهَا مَعَالِمَ الطَّرِيقِ, وَمَشرُوعَهَا النَّهضَوِيَّ لَهِيَ ضَائِعَةٌ تَسِيرُ عَلَى غَيرِ هُدىً, وَدُونَ ضَوَابِطَ شَرعِيَّة. ثالثًا: عَلَى صَعِيدِ حَاجَةِ حَامِلِ الدَّعوَةِ إِلَى أُمُورٍ أَربَعَةٍ لازِمَةٍ لَهُ لُزُومَ الرُّوحِ لِلحَيَاِة مِنهَا: اللوازم الأربعة لحامل الدعوة الأول: حَاجَةُ حَامِلِ الدَّعوَةِ إِلَى بِنَاءِ العَقلِيَّةِ الإِسلامِيَّةِ القَادِرَةِ عَلَى مُحَاكَمَةِ الأَفكَارِ وَالأَعمَالِ, وَكُلِّ مَا يَعتَرِضُهُ أثنَاءَ سَيرِهِ فِي حَيَاتِهِ الخَاصَّةِ وَالدَّعَوِيَّةِ. الثاني: حَاجَتُهُ إِلَى الرَّدِّ عَلَى الدَّعْوَاتِ الفَاسِدَةِ وَتَفنِيدِها, وَبَيَانِ بُطلانِهَا, وَآثارِهَا السَّيئَةِ عَلَى مُجتَمَعِهِ. الثالث: حَاجَةُ حَامِلِ الدَّعوَةِ إِلَى أَنْ يُحَصِّنَ نَفسَهُ مِنَ الزَّلَلِ وَالانحِرَافِ, وَأَنْ لا يَقَعَ فِي فَخِّ التَّضلِيلِ, فَقَوَاعِدُهُ تُمَكِّنُهُ مِنْ مَعرِفَةِ الغَثِّ مِنَ السَّمِينِ, وَالحَقِّ مِنَ البَاطِلِ فِي مُجتَمَعٍ مَلِيءٍ بِالأفكَارِ الفَاسِدَةِ الآتِيَةِ عَنْ طَرِيقِ الغَزْوِ الفِكرِيِّ. الرابع: حَاجَةُ حَامِلِ الدَّعوَةِ لِلوُقُوفِ عَلَى أحكَامِ المُستَجِدَّاتِ بِعَرضِهَا عَلَى الشَّرعِ, وَعَرضِ أَعمَالِ الحُكَّامِ وَالسَّاسَةِ عَلَى قَوَاعِدَ وَمَقَايِيسَ شَرعِيَّةٍ حَتَّى يَتأَتى لَهُ خَوضُ الصِّرَاعِ الفِكْرِيِّ وَالكِفَاحِ السِّيَاسِيِّ عَلَى بَصِيرَةٍ, امتِثَالاً لِقَولِهِ تَعَالَى: (قُلْ هَٰذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ ۚ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي). رابعًا: عَلَى صَعِيدِ الدَّولَةِ التِي يُرَادُ إِقَامَتُهَا, وَالتِي أَنَاطَ الشَّرعُ بِهَا تَطبِيقَ الإِسلامِ فِي الدَّاخِلِ, وَحَمْلَ رِسَالَتِهِ إِلَى العَالَمِ فِي الخَارِجِ عَنْ طَرِيقِ الدَّعوَةِ وَالجِهَادِ, حَيثُ لا يَتَسَنَّى لَهَا ذَلِكَ إِلاَّ بِاجتِهَادٍ صَحِيحٍ وَفْقَ أُصُولٍ قَطْعِيَّةٍ يَجْرِي استِنبَاطُ الأَحكَامِ الشَّرعِيَّةِ عَلَى أَسَاسِهَا, لِكُلِّ أعمَالِهَا, وَمَا يَستَجِدُّ أثنَاءَ التَّطبِيقِ, حَيثُ لا يَجُوزُ لَهَا أَنْ تَأخُذَ مِنْ غَيرِ الإِسلامِ. خامسًا: عَلَى صَعِيدِ القِيَادَةِ فِي الأُمَّةِ التِي يَجِبُ أَنْ تَكُونَ قِيَادَةً فِكرِيَّةً مَبدَئِيَّةً, فَلا يَجُوزُ أنْ تَبقَى القِيَادَةُ فِي الأُمَّةِ قِيَادَةً شَخصِيَّةً, وَلا مَرجِعِيَّاتٍ, وَلا مَشَايِخَ وَمُرِيدِينَ. فَهَذَا أبُو بَكرٍ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللهُ عَنهُ يَقُولُ فِي أَوَّلِ خُطبَةٍ لَهُ بَعدَ تَوَلِّيهِ الخِلافَةَ: "أمَّا بَعدُ، أَيُّها النَّاسُ فَإِني قَد وُلِّيتُ عَلَيكُمْ وَلَسْتُ بِخَيرِكُمْ فإِنْ أَحْسَنْتُ فَأَعِينُونِي, وإِنْ أَسَأْتُ فَقَوِّمُوني. أَطِيعُونِي مَا أَطَعْتُ اللَّهَ ورسولَه فإِذا عَصَيْتُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَلا طَاعةَ لِي عَلَيكُمْ". وَدَولَةُ الإِسلامِ دَولَةُ مَبدَأ, وَرِجَالُهَا مِنَ البَشَرِ, وَالانقِيَادُ فِيهَا للهِ وَحْدَهُ. وَلَمَّا كَانَ الفِقْهُ هُوَ العِلْمُ بِالأَحكَامِ الشَّرعِيَّةِ العَمَلِيَّةَ المُستَنبَطَةَ مِنْ أَدِلَّتِهَا التَّفصِيلِيَّةِ عَزَمْتُ عَلَى أَنْ أكتُبَ فِي عِلْمِ أُصُولِ الفِقْهِ, فَكَتَبْتُ كِتَابِي هَذَا الذِي سَمَّيتُهُ: "أصُولُ الفِقْهِ المُيَسَّرَةُ" وَأرَدْتُ أَنْ أَجعَلَهُ مَبَاحِثَ صَغِيرَةً مُتَعَلِّقَةً بِالنَّوَاحِي العَمَلِيَّةِ التِي تَلزَمُ حَامِلَ الدَّعوَةِ, وَأَنْ أكتُبَهُ بِلُغَةٍ عَصرِيَّةٍ سَهْلَةٍ مُيَسَّرَةٍ, وَبَعِيدَةٍ كُلَّ البُعدِ عَنْ أُسلُوبِ الأَكَادِيمِيِّينَ الذِي يُعنَى وَيَهتَمُّ بِالنَّاحِيَةِ التَّنظِيرِيَّةِ, وَيَنأى عَنِ النَّاحِيَةِ العَمَلِيَّةِ, مَعَ عِلْمِي بِأَنَّنِي لَنْ آتِيَ بِشَيءٍ جَدِيدٍ فِي مَضمُونِ أُصُولِ الفِقْهِ, وَكَمَا ذَكَرْتُ سَتَكُونُ كِتَابَتِي سِلْسِلَةً مِنَ البُحُوثِ المُختَصَرَةِ فِي مَوَاضِيعَ مُخْتَارَةٍ مِنْ أُصُولِ الفِقهِ, حَيثُ أقُومُ بِعَرْضِ كُلِّ بَحْثٍ, وَكُلِّ مَوضُوعٍ بِشَكلٍ مُيَسَّرٍ فِي صِيَاغَتِهِ, وَلَهُ مَسَاسٌ بِالدَّعْوَةِ, وَالقَضَايَا المُعَاصِرَةِ المُثَارَةِ فِي السَّاحَةِ الإِسلامِيَّةِ؛ كَي يَتَشَجَّعَ حَمَلَةُ الدَّعوَةِ عَلَى دِرَاسَتِهَا, وَيَتَسَنَّى لِلرَّاغِبِينَ فِي الاطِّلاعِ عَلَى أُصُولِ الفِقْهِ مِنْ قِرَاءَتِهَا وَاستِيعَابِ مُصطَلَحَاتِهَا بِيُسْرٍ وَسُهُولَةٍ. وَأَسأَلُ اللهَ العَلِيَّ القَدِيرَ أَنْ يَجعَلَ هَذَا العَمَلَ خَالِصًا لِوَجْهِهِ الكَرِيمِ, وَأَنْ يَتَقَبَّلَهُ مِنَّا, وَأنْ يَنفَعَ حَمَلَةَ الدَّعوَةِ بِمَا فِيهِ, وَأنْ يُوَفِّقَنَا بِأَنْ نَجمَعَ فِيهِ جَمِيعَ المَسَائِلِ ذَاتِ الصِّلَةِ بِالمَوضُوعِ, إِنَّهُ وَلِيُّ ذَلِكَ وَالقَادِرُ عَلَيهِ, وَمَا تَوفِيقِي وَثِقَتِي واعتِصَامِي واعتِزَازِي إِلاَّ بِاللهِ العَلِيِّ العَظِيمِ, عَلَيهِ تَوَكَّلتُ, وَإِلَيهِ أنِيبُ. سعيد رضوان أبو عواد 23/11/2013م
    5 points
  6. من هم أهل الحل والعقد في المجتمعات اليوم؟ والذين منهم تطلب النصرة؟ باستعراض الأدلة التي وردت في طلب النصرة نجد أن في حادثة طلب النصرة من بني شيبان مثلا، تجلت فئات من أهل الحل والعقد في مجتمعهم إذ ذاك، وهم: "غُرَرٌ فِي قَوْمِهِمْ وَفِيهِمْ مَفْرُوقُ بْنُ عَمْرٍو وَهَانِئُ بْنُ قَبِيصَةَ، وَمُثَنّى بْنُ حَارِثَةَ وَالنّعْمَانُ بْنُ شَرِيكٍ" " فَقَالَ مفروق وَهَذَا هَانِئُ بْنُ قَبِيصَةَ شَيْخُنَا، وَصَاحِبُ دِينِنَا،" " فَقَالَ هانئ وَهَذَا الْمُثَنّى بْنُ حَارِثَةَ شَيْخُنَا وَصَاحِبُ حَرْبِنَا" وهكذا نجد أن شوكتهم في قبيلتهم تعود لأنهم شيوخ القبيلة، وأصحاب رأي وقوامة على الدين في قومهم، أو أنهم أصحاب قوة وحرب!. لذلك لما قال سعد بن معاذ رضي الله عنه حين دخل الإسلام وذهب إلى قومه وكان سيدًا عليهم قال لهم: إن كلام رجالكم ونسائكم وأطفالكم عليّ حرام، حتى تشهدوا أنه لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، أسلم قومه واتبعوه! لذلك رأيناه ﷺ يحرص على البقاء وسطهم (أي أهل الحل والعقد)، حيث إنه بعد الفتح، لم يذهب إلى مكة، رغم أن العرب تنقاد قلبياً لقريش، بل رأيناه ﷺ يقول للأنصار: «ألا ترضون أن يرجع الناس بالشاة والبعير، وترجعون أنتم برسول الله» رواه مسلم، وطبيعي أن أهل الحل والعقد من المهاجرين والأنصار يحيون في المدينة، أي إنه ﷺ بوصفه نبياً أولاً، وقائداً سياسياً ثانياً، آثر البقاء في وسط أهل الحل والعقد، والذين يشكلون معظم الوسط السياسي أيضا (مع اختلاف طبيعة الوسط السياسي قليلا عن طبيعة أهل الحل والعقد)، الذي أنشأه بنفسه، ورعاه وربّاه بيديه، وسهر على صفائه ونقائه، ولم يتخذ وسطاً سياسياً جديداً، ولم يدخل قادة قبائل جديدة في أهل الحل والعقد، بل إنه بقوله ﷺ: «لا هجرة بعد الفتح» حمى هذا الوسط السياسي من كل دخيل،"[1] وحافظ على نقاء أهل الحل والعقد ممن فهم الإسلام ونصره، ولهم الكلمة في مركز الحل والعقد في العاصمة، ورأينا كيف أن عليا بن أبي طالب رضي الله عنه جعل بعض أهل الكوفة التي انتقل إليها أيضا من أهل الحل والعقد والوسط السياسي وأهل الشورى حيث الحل والعقد، وصناعة القرارات. ولا شك أن كل مجتمع يحوي أمثال هؤلاء، وقد تختلف تركيبة بعض المجتمعات عن بعضها: فبعضها ما زالت فيه شوكة للقبائل وفيها شيوخها والمثقفون والمفكرون والعلماء من أبنائها، ولا يعنينا في العملية التغييرية إحياء القبلية، وإنما أن تنقاد تلك الجموع الضخمة من المجتمعات للفكرة الإسلامية بانقياد أصحاب الحل والعقد والرأي فيها لها، فينقادون بانقيادها، وأن نستغل ثقل تلك الكتل المجتمعية في الدولة وقدرتها على أن تحول مكمن السلطة إليها ومن ثم إلى الدولة التي تبايعها. فجل المجتمعات في الخليج العربي، والعراق وأجزاء من الأردن وسوريا ومصر وباكستان وغيرها ما زالت قبلية- عشائرية، تشكل القبيلة- العشيرة التنظيم الأكبر اجتماعيا، ويمكن ملاحظة ذلك من خلال التواجد الكبير لثقافة القبيلة في المجتمعات الخليجية، وهناك الكثير من القرى والمدن الصغيرة التي يسكنها أفراد من قبيلة واحدة، ويظل الكثير من أفراد المجتمع حريصين على إثبات انتمائهم القبلي من خلال الأسماء أو البحث عن روابط عرقية تؤكد انتماءهم إلى قبائلهم. ودرجة الانتماء القبلي متفاوتة بينهم من حيث عمق المفهوم القبلي والحاجة إليه اجتماعيا[2]. لذلك لما لم تستطع أميريكا قولا ولا فعلا نتيجة المقاومة العراقية المزلزلة لها بعد غزوها للعراق 2003، قامت باختراق بعض القبائل وأنشأت نظام الصحوات، فأبطلت المقاومة وجنبت نفسها جحيما كانت قد اصطلت بناره! فبعض المجتمعات ما زالت تُقدر مكانة شيوخ القبائل وتجلهم، وتنقاد لهم فئات كثيرة من المجتمع، وتحاول بعض الأنظمة استمالتهم دائما، مثل الأردن والسعودية مثلا، وهؤلاء قد يشكلون أحيانا مكمنا للسلطة، ومنبعا للقوة المجتمعية قابلا للتفجير، وقادرا على قلب الأنظمة وتغيير الأوضاع، بانقيادهم للفكرة لا "بقبليتهم" وبعض الفئات من المجتمع تنقاد للعلماء أو للوجهاء الذين يبنون علاقة انقيادية لهم ولآرائهم، فتخافهم الملوك، مثلما خاف المأمون بن هارون الرشيد العالمَ الجليلَ يزيد بن هارون[3]، وما مثال عز الدين بن عبد السلام رحمه الله وقيادته لحزب غير مسمى قوامه طلابه ومريدوه من غالبية الرعية في مصر، فما أن خرج محتجا على الحاكم حتى خرجت الجموع وراءه مما اضطر الحاكم للنزول عند حكمه ورأيه خشية من الرأي العام، وما مثال يزيد بن هارون ووقوفه بحزم أخاف المأمون من إظهار القول بخلق القرآن حتى مات يزيد رحمه الله تعالى، فالعالم والمفكر قد يكونان قائدين لحزب سياسي ليس له اسم، ولكن له وجود وثقل وحركة في المجتمع، بخلاف العالم والمفكر الذي يودع أفكاره بطون الكتب أو خطب الجمعة التي تعتمد العاطفة دون بناء فكري رعوي سياسي، ولا يطرح فيها آلية إيجادها في الواقع فلا يكون لها من أثر في الواقع ولا في الأمة! فأمثال هؤلاء أهل حل وعقد وشوكة في المجتمع لما لهم من تأثير فيه! وبعض الدول تكمن السلطة فيها في الجيش، فتؤخذ النصرة من المخلصين من الضباط فيه وفق عملية بالغة التعقيد ليس هنا مجال نقاشها، وهؤلاء الفئة يشكلون: أهل القوة والمنعة، إلا أنهم لا يكونون هم فقط أهل القوة والمنعة، إذ أن العملية التغييرية تتطلب صناعة الرأي العام في المجتمع، وانقياد المجتمع أيضا للحزب، وهذا يتم عبر أهل القوة والمنعة والنصرة، أي أهل الحل والعقد في المجتمع أيضا، فيتشكل من مجموع الفريقين: أهل النصرة أي أهل القوة والمنعة الذين ينصرون الدعوة من الجيش، وأهل الحل والعقد من المجتمع. أو قد تكمن السلطة في المجتمع والدولة في العائلة الحاكمة مثلا كما في السعودية، إلا أنها والحال كذلك إلا أن هذه السلطة التي تكمن في جهة من الجهات تكون مستندة في سلطانها وبقائها إلى قوة حقيقية بحيث إذا زالت هذه القوة انهارت السلطة من الجهة التي تكمن فيها، والأصل في كل شعب أن تكون القوة التي تسند السلطة هي قوة الشعب أو قوة أقوى فئة في الشعب. ولذلك كان طريق أخذ السلطة طبيعياً هي أخذ الشعب، أو أخذ أقوى فئة في الشعب (وقادة تلك الفئة الأقوى من الشعب هم أهل الحل والعقد أو أهل القوة والمنعة)، فيكون حينئذ أخذ السلطة طبيعياً. إلا أنه توجد بلدان تستند السلطة فيها إلى غير قوة الشعب، أي إلى قوة خارجة عن الشعب كالبلاد الخاضعة لنفوذ أجنبي، أو التي تستند في وجودها لنفوذ أجنبي. فإن السلطة فيها وإن كانت على الشعب ولكنها غير مستندة إليه. وفي هذه الحال يمكن أن تؤخذ السلطة فيها بأخذ الشعب أو أقوى فئة فيه، وبتدمير صلات القوة بين الدولة صاحبة النفوذ فيه وبين النظام فيه، فيصبح الصراع بين الشعب وبين السلطة وبين الشعب وبين القوة التي تسند السلطة. وإذا تتالى هذا الصراع فإن الشعب أو الفئة الأقوى فيه سينتزع السلطة من السلطة التي يصارعها مهما كانت القوة التي تسندها وسيعطيها لمن يعتقد فيه في ذلك الوقت أنه محل أمل وموضع ثقة[4]. وقد يكون أهل الحل والعقد والقوة والمنعة موجودون فعلا في المجتمع، ولكن السلطة فيه تشغلهم عن قيادة المجتمع بما تخشاه السلطة منهم، بشراء بعضهم، أو بإشغالهم بقضايا جانبية تبعدهم عن لب الصراع معها، فإذا ما تقصدهم الحزب في العملية التغييرية وأثار فيهم مكامن قوتهم، أحيا وجودهم، وانبعث من ورائهم خلق كثير ينصرون الدعوة. ومما هو جدير بالذكر، أن صفة أهل الحل والعقد تؤخذ من كونهم يمثلون الأمة، أو الفئة فيها القادرة على التغيير في المجتمع، ومن الجدير بالذكر أيضا أن الغاية من التركيز عليهم هي أن عملية التغيير من ناحية عملية ينبغي أن تتم من خلال تغيير الفئات الأقوى في المجتمع القادرة على إحداث التغيير فيه، وإلا فإن تغيير كافة أبناء المجتمع عملية بالغة التعقيد والصعوبة. [1] المحافظة على نقاء الوسط السياسي، أبو عبيدة، العدد 205، الوعي نيسان 2004. [2] أنظر: المجتمع والقبيلة في الخليج، د. علي الخشيبان. [3] [4] بتصرف عن جواب سؤال بعنوان: أين تكمن السلطة؟ لتقي الدين النبهاني في العام 1970.
    4 points
  7. حضرة السيد بهاء الاسئلة التي طرحتها من قبيل: هل هذا السؤال أو الأسئلة تقع في عالم الشهادة، أم هي أسئلة عن عالم الغيب؟ انظر إلى صيغة السؤال لماذا يخلق الله الإنسان؟ لماذا يخلق الله أرضا و و ؟؟ إذا سؤالك هو ليس موجها للمخلوقات بل هو موجه للخالق، أي إلى الله جل وعلا، ولأجل الحصول على إجابة عليك أن تتواصل مع الخالق لتحصل على إجابة منه! ولكن هل يمكنك أن تتواصل مع الله وهو غيب؟ بمعنى أن ذاته وصفاته لا تقع تحت الحس، وبذلك نعود إلى ضوابط التفكير التي هي شروط لصحته وهي أن ما لا يقع عليه الحس لا يمكن التفكير فيه، وبالتالي لا يمكن الحكم على ذات الله وصفاته، فتكون الاسئلة التي سألتها معلقة ولا اجابات عليها، إلا إذا تلقيت اجاباتها من الله، فحينئذ يمكنك التفكير بها عقلا والرضى بها أو السخط منها بمعنى أن تؤمن أو تكفر بها! وما دمت سميت نفسك بأنك ملتزم جديد بمعنى أنك مسلم مؤمن بالله وبرسوله وبكتابه القرآن الكريم، فيجب عليك تلقي ما جاء في القرآن الكريم الذي هو كلام الله ورسالته للبشر، وكذلك تلقي ما جاء به الرسول محمد عليه الصلاة والسلام بالرضى والقبول، والا خرجت من الإسلام. والقرآن وحديث الرسول عليه السلام فيه شفاء لما في الصدور والقلوب، أي فيهما الاجابات عن كل الاشكاليات والاسئلة التي يحتاج الإنسان للاجابة عليها ليطمئن قلبه ويسعد في دار الدنيا والآخرة. وعليه يجب عليك كمؤمن دراسة القرآن والحديث للبحث عن اجابات عن جميع الأسئلة التي هي من جنس المغيبات التي لا يقع الحس عليها، وما وجدت فيهما من اجابات يجب أن يطمئن اليها قبلك ويشفى ما في صدرك من ضيق وحرج بسبب ضغط الأسئلة التي تشكل لديك عقدة وعقد بحاجة إلى حلول. يتبع بمشيئة الله
    4 points
  8. إقامة الخلافة الثانية اشد وأصعب وأقسى من إقامة دار الإسلام الأولى أو التغيير الثاني اشد وأصعب من التغيير الأول أخطأ من توقع من المفكرين أن عملية إعادة استئناف الحياة الإسلامية ستكون سهلة ميسورة قياسا على الأحداث الأولى ووقائعها فهي لا تحتاج إلا إلى صرع الأفكار الباطلة بالحقيقة الفكرية القطعية وكفاح الوسط السياسي المتحكم في مفاصل الحياة ودقائقها ، مما يؤدي آليا و اتوماتيكيا وبعد جولة سريعة من الكفاح والصراع إلى التفاف الناس وبخاصة المنصفين المؤثرين منهم فيهم حول الحزب المبدئي إلى إقامة السلطان واستئناف الحياة الإسلامية على الأسس الجديدة ؛ كما أخطأ الكافر المستعمر عندما ظن أن القوة كفيلة بالقضاء على فكرة متأصلة في وجدان وعقول امة من الأمم مهما ضعفت ما دامت الفكرة راسخة في وجدانها، خاصة إنْ كانت هذه الفكرة قد توصل إليها بالاقتناع الذاتي المؤدي إلى اليقين المتين ، أو أنَّ شراء ذمم بعض المنحلين المؤثرين كفيل بفعل ذلك أو أنَّ إغراء الشعوب بإثارة الشهوات وإشباعها وترويج طراز العيش البهيمي كفيل بترك الأمم لعقائدها لا سيما أتباع العقيدة الإسلامية ، كما أخطأ من ترك عملية التغيير إلى الزمن المتراخي الطويل لأنه اعتقد أن التغيير مبني على تغيير الأفراد فقط دون العلاقات المتحكمة في المجتمعات الحاكمة على الأفراد والمتحكمة بهم بصرامة القوانين القمعية التي تتحكم حتى بعقائدهم؛ ذلك أن التغيير المبني على إيصال فكرة أساسية إلى سدة الحكم قائم على عنصري الإرادة الصادقة والتحدي التي تمتزج مع سلوك الطريق الصحيح من أوله إلى آخره لا الانصياع للقوانين .. وكذلك أخطأ من ظن انه يستطيع ان يصل الى العدل والطهر من خلال التكيف مع الظلم والعهر..فيُقدر الغباء في خصومه إذ سمحوا له العمل وفق قواعد لعبتهم وقوانينهم التي ما دخلها إلا بعد أنْ تنكر لما يزعمه من الإيمان فكان هو الغبي بامتياز ،وسقط من أعين الناس .. وقديما دعا المخالفون مخالفيهم إلى الادّهان المتبادل بزعمهم.وهو في الحقيقة فخ لإبعاد حملة الدعوة عن دعوتهم .
    4 points
  9. اننا اذ نذكر هذه الامور فلا نذكرها للتوصيف المجرد فقط او للتيئيس من احداث عملية التغيير وبخاصة ان الامة رغم كل ما فعلوا بها لا زالت تثمر ولا زالت غضة طرية وعصية على الاستئصال بفضل الله ومنته وهي مستعدة للتضحية ولا زالت مستعدة رغم كل الاخفاقات المتعددة الموجبة لليأس نتيجة ضبابية المنهاج وخيانة القادة .. نعم ، إننا نذكر هذا ، لبيان أن أمر التغيير اليوم ليس سهلا ميسورا وانه يحتاج الى عقلاء مؤمنين حقا ، عزيمتهم صادقة وارادتهم حديدية ، يخططون على مستوى الصراع الكوني ولا أقول الإقليمي فالتفكير الاقليمي المحدود بقعطة جغرافية محددة بمعزل عن المحيط المجاور بات خرافة بعد تحول العالم الى قرية صغيرة وادارة الصراع يجب الا تحدد باقليم تتجه الانظاراليه فقط وها هو الكافر المستعمر يستعمل كل الدول لتكون جنودا في حربه لدرجة اننا ما عدنا نسمع ضجيجا ولا عواء لأي حاكم من حكام المسلمين ولو على سبيل التسويق المحلي كما كان الامر من عقود حلت .. خاصة بعد ان ادرك الكافر المستعمر مرة اخرى ان احتلال أي جزء من جغرافيا المسلمين بشكل مباشر يكلفه غاليا فلجأ الى ادارة الحرب بالوكالة مستفيدا من التناقضات الهائلة في بلاد المسلمين ومن الواقع الذي فرضه عليهم بقوة الحديد والنار .. ولإعادة معادلة الصراع إلى صعيده امة واحدة مؤمنة رغم خلافاتها مع كفار حقيقيين عاملين في بلادنا لتحطيم دعوة الحق وابادتها وابادة اتباعها للحيلولة دون ظهورها وعودتها بطراز عيش يسعد البشر كلهم ويقضي على الطغاة والمجرمين لا بدّ ان نركز على ايجاد معايير تجمع الامة من الثقافة الاسلامية المشتركة التي لا مراء فيها ولا خلاف والتي تعتبر القاسم المشترك الواحد بين الفئات لتكون بمثابة القائد الواحد والمرجعية الواحدة ليكون كل عامل يسير قدما في بناء الامة وليس في القضاء عليها بما يخدم مصلحة الكفار الحقيقيين سواء بارتباط وعمالة لاداء مهمة او عن سذاجة وعمى وحمق يصب في خانة مصلحتهم .. نعم من حق كل حزب وجماعة ان يكون له فهم خاص فيما يتعلق بالفروع الفقهية وان يدعو لها وان يراها هي الحق ولو بغلبة الظن ولكن المفقود الان هو وجود معايير عليا في الامة تكون بمثابة المنهج الواحد العام الشامل لكل الفئات باجتهاداتها تحاكم الجميع على اساسها لإيجاد عملية التمايز والحسم بين من يخدم مشروع الأمة وبين من يعمل ضدها فمثلا لا بد من التركيز على الامور التي تتجاوز الفهم الخاص بحزب او جماعة الى تركيز الامور التي تتعلق بالامة وان كانت موجودة في فكر الحزب او الجماعة لخطاب الامة بها باعتبار ان هذه المعايير معاييرها هي او ميزانها هي لمحاسبة الجميع ..وليست معايير حزب تعبر عن فهم خاص يقابل بافهام خاصة اخر وهذا لا يمكن ان يفيد الا برفع مستوى الأمة الفكري وتعويد المؤمن على النقد الذاتي والاتباع على بصيرة وسؤال مرجعيته عن الاسباب الموجبة لاسس طريقته ونتائجها ومناسبة الوسائل الى تحقيق النتائج ام لا .. كسؤال ابن الجهاد الاسلامي او ابن حماس لقادته عن مشروعهم المزعوم لتحرير فلسطين كيف يكون وما هو طريقه وما هي علاقاته وما آل اليه على سبيل المثال .. من خلال عقلية الاتباع على بصيرة وسلوك الطريق الواضح . اللهم وفق امة الاسلام لما تحبه وترضاه وانر بصيرتها ووحد كلمتها واظهر دينها على الدين كله وما ذلك عليك بعزيز .
    4 points
  10. فقد اتضح النهج في التغيير الاول وامتازت الفئة الفاعلة عن الفئة المنفعله بين مؤمنين وكفار- حتى المنافقين ما كانوا معروفين- مرجعيتهم واحدة وقائدهم واحد وهو علاوة على قيادة ذلك نبي يوحى اليه ، والوحي ينزل بين ظهرانيهم منجما يكشف لهم ما استتر ويبين لهم حيوية الاتصال بالحق المعبود وتأثير هذا في وجدان العاملين من استشعار معية الرحمن واذا وُعد احدهم بجائزة ايقن بها وانطلق لا يبالي شيئا ولا ينتظر امرا يجعله يتردد ادنى تردد بخلاف حالنا اليوم فالقيادات متعددة وحملة الدعوة يعملون بين مسلمين يزعم كل واحد منهم انه على الحق وانه ابو المعارف الاسلامية حتى لو تبنى عين الكفر وحال المؤمن انه يخشى ذنوبه ولا يوجد يقينا حيا انه ان فعل كذا كان من اهل الجنة لينطلق لا يلوي على شيء ولا يتردد ادنى تردد فضلا عن صعوبة وطبيعة الحياة وتعقدها وتعدد مطالبها مما جعل الكثيرون يعملون اكثر من عمل لتحصيل لقمة العيش عداك عن قرار الكفار في العالم ان يحولوا بين الامة بواقعها المزري هذا وبين الوصول لاقامة التغيير الثاني بخلاف ما كان عليه الحال في التغيير الاول فقد كان الكفار شبه مغيبين ولا مبالين عمّا كان يحدث في بلاد الحجاز ..بخلاف حالهم اليوم فهم يعملون على مدار الساعة يوميا لكتم انفاس العاملين للتغيير وقد اجتمع لهم كل خبث ابالسة الانس والجن
    4 points
  11. والتغيير القائم على فكرة اساسية ألف باءه أن تكون هذه الفكرة محترمة في المجموعة البشرية التي هي مادة التغيير وصناعته وصياغته على الأسس المناقضة لما كانت عليه من اعتقادات وقناعات لم تتخل عنها بسهولة ولهذا من توسل القوة لفرض قناعات تغاير قناعات المجموعة البشرية كان مصيره الفشل الذريع وقد أدرك الصليبيون هذه الحقيقية بعد حملاتهم المتكررة المتعددة على العالم الإسلامي كما سيدرك تنظيم الدولة هذه الحقيقية حتى لو زعموا أنهم يطبقون الإسلام على مسلمين إما لان المسلمين لم يعودوا يفكرون على أساس الإسلام فصار حالهم حال من يريد أن يفرض عليهم فكرا مناقضا بالقوة ولهذا قال الواعون لا بدّ من سير طريق الرسول لإقامة وبناء الدولة على الفكرة فالدار بعد ان هدموا الخلافة العثمانية ما عادت دار إسلام ظهر فيها الكفر البواح بل صار واقعها انها دار كفر مقيم في كل أركان الحياة حتى بات التنكر للعبادات الفردية أمرا طبيعيا او لان المسلمين يبقون من البشر لا يستسيغون إجبارهم بالعصا او ترغيبهم بالجزرة للاقتناع بفكرة أي فكرة بل دائما و ابدا كانت القوة خادما لتنفيذ الفكرة، فالعصا والجزرة لتحقيق مطامع وتبديد مخاوف وليست ابدا للاقتناع بفكرة ، أو لنقل هي ثواب وعقاب يتنزل بعد ايمان يقتضيهما . وبتتبع الأحكام الشرعية واستقراءها ندرك ان القوة كانت دائما تبعا للفكرة التي تتولى الرعاية والسياسة والكياسة عند الحكام العادلين وتلازم الحكام المتهورين المارقين الطغاة المستبدين .. وتُوجه القوة لأداء الرعاية على أكمل وجه .. وهذا يؤكده الوحي الذي بيّنه فعل الرسول وسيره العملي بان طريق تغيير المجتمع من الداخل يكون بتغيير القناعات ،وخاصة قناعات الفئة المؤثرة التي ينقاد الناس لها واظهر الوحي ان تغيير المجتمعات من الخارج مع التوسل بالإعداد والقوة وما يوحيه التلويح بها يعتمد أيضا على الفكرة والرعاية والدعوة للفكرة باعتبارها حق ويقين وباعتبارها شكلت نموذجا شاخصا بشريا قائما ماثلا امام اعينهم من خلال تطبيق الانموذج الاسلامي عمليا فيظهر لهم انه يقوم على العدل حتى مع المخالف للفكرة من الذين وافقوا ان يتعايشوا معنا وفق معاييرنا واحكامنا التي بينت لهم سلفا وبوضوح تام. وباعتبارها أي القوة ليست الا لتكسير الحواجز المادية فهي ليست للتدمير لذات التدمير ولا لاستباحة الأعراض والاعتداء عليها ولا _ وهنا بيت القصيد – لتغيير قناعات الناس مهما كانت .. وبهذا كانت أحكام الجهاد وقتال البغاة الخارجين على امام دار العدل، وقتال الفئة التي تبغي على أختها وكذلك أحكام العقوبات كلها مضبوطة بالفكرة وما توحيه من ضوابط وقيود تمنع الحاكم ان يتفلت من عقالها ويخرج عن قيودها الى الاستبداد والاهواء والاستهتار بكرامة الانسان ؛ فكرامة الانسان محفوظة حتى في ايقاع العقوبة حتى لو كان مخالفا في العقيدة ما دام معصوما دمه مصونة حرمته .. وجدير بالذكر ان طبيعة الفكرة تستدعي احيانا المذنب نفسه ليقوم بالاعتراف والاقرار بالذنب وان ادى هذا الى استجلاب العقوبة لنفسه بنفسه والتي قد تصل حدّ الموت اذا رأى ان لا يستر على نفسه ، خوفا من الله وعذابه وطمعا في جبر جريمته فالفكرة تتحكم في الحاكم والمحكوم على السواء والقوة تخدم الفكرة وما يتفرع عنها من علاجات لكافة المشاكل والعلاقات .
    4 points
  12. إن الواقع اظهر أنّ عملية استئناف الحياة الإسلامية باتت معقدة اشد التعقيد ، وطويلة لكنها ليست مستحيلة ، فمهما طالت يمكن الوصول لها بشرط السير في سكتها .. وتصبح مستحيلة وليست فقط بعيدة وطويلة الأمد إن كان المسير على غير سكتها إذ أن من لم يتلبس بعملية التغيير الحقيقي أضحى جزءا من الواقع الفاسد ومآله حتما التكيف مع تراكم الفساد في الواقع ليصبح جزء متماهيا تماما معه أو منعزلا لا يأبه به ولا يؤبه له ..
    4 points
  13. الحاكم "من له السيادة" إِنَّ مِنْ أَهَمِّ الأَبحَاثِ المُتَعَلِّقَةِ بِالحُكمِ وَأَلزَمِهَا بَيَانًا, هُوَ بَحثُ الحَاكِمِ, الذِي يُعتَبَرُ أَسَاسًا لِلأَبحَاثِ التِي تَأتِي بَعدَهُ فِي أُصُولِ الفِقْهِ, حَيثُ يَجرِي تَقرِيرُ جَمِيعِ القَوَاعِدِ بِنَاءً عَلَيهِ, وَهُوَ البَحثُ الذِي يُحَدِّدُ مَنْ هِيَ الجِهَةُ التِي يُرجَعُ إِلَيهَا لإِصدَارِ الأَحكَامِ عَلَى الأَشيَاءِ وَالأَفعَالِ, وَمُحَاكَمَةِ التَّشرِيعَاتِ وَالأَفكَارِ, وَضَبطِ المَفَاهِيمِ. إِنَّ تَحدِيدَ هَذِهِ الجِهَةِ هُوَ بِمَثَابَةِ الإِيمَانِ بِاللهِ فِي بَحْثِ العَقِيدَةِ, الذِي يَتَرَتَّبُ عَلَيهِ الإِيمَانُ بِجَمِيعِ مَسَائِلِ العَقِيدَةِ. وَلَقَدِ اختَرتُ عُنوَانَ: "مَنْ لَهُ السِّيَادَةُ" عَلَى غَيرِ مَا جَرَتْ عَلَيهِ كُتُبُ الأُصُولِ؛ لأَنَّ الوَاقِعَ العَمَلِيَّ الذِي يُوَاجِهُ حَمَلَةَ الدَّعوَةِ فِي الآوِنَةِ الأَخِيرَةِ هُوَ قَضِيَّةُ التَّشرِيعِ المُتَرَتِّبةُ عَلَى تَحدِيدِ مَنْ تَكُونُ لَهُ السِّيَادَةُ فِي إِصدَارِ وَتَشرِيعُ الأَحكَامِ؟ هَلْ هَذِهِ السِّيَادَةُ هِيَ للهِ أَمْ لِلإِنسَانِ؟ هَلْ هِيَ لِلشَّرعِ أَمْ لِلعَقْلِ؟ هَلْ هِيَ لِلشَّرعِ أَمْ لِلشَّعْبِ؟ وَهَذَا مَوضُوعٌ قَدِيمٌ جَدِيدٌ, تَنَازَعَ فِيهِ فَرِيقَانِ: الفريق الأول: يَرَى أَنَّ الحَاكِمَ عَلَى الأَشيَاءِ وَالأَفعَالِ إِنَّمَا هُوَ اللهُ تَعَالَى, وَهَذِهِ مَسأَلَةٌ مِنَ المُسَلَّمَاتِ عِندَ المُسلِمِينَ, فَهِيَ مَسأَلَةٌ عَقَائِدِيَّةٌ مَحْسُومَةٌ, آتيةٌ مِنَ الإِيمَانِ بِاللهِ المُتَّصِفِ بِصِفَاتِ الكَمَالِ المُطلَقِ, وَمِنَ الإِيمَانِ بِالشَّرِيعَةِ وَكَمَالِهَا, وَأَنَّ الحَاكِمِيَّةَ للهِ, وَمُنَازَعَتَهُ فِيهَا كُفْرٌ, فَالتَّشرِيعُ عِندَ المُسلِمِينَ مِنَ اللهِ تَعَالَى, وَهُوَ المَصدَرُ المَقطُوعُ بِصِدقِهِ, وَهَذِهِ هِيَ عَقِيدَةُ المُسلِمِينَ. والفريق الثاني: يَرَى أَنَّ الحَاكِمَ عَلَى الأَشيَاءِ وَالأفعَالِ هُوَ الإِنسَانُ مُمَثَّلاً فِي الشَّعبِ, وَيَعنِي بِذَلِكَ العَقْلَ وَلَيسَ للهِ وَلا لِلشَّرعِ وَلا لِلدِّينِ! وَقَبلَ مُنَاقَشَةِ رَأْيِ الفَرِيقِ الثَّانِي لا بُدَّ مِنْ دِرَاسَةِ المَسَائِلِ الآتِيَةِ لِمَعْرِفَةِ وَاقِعِهَا, ثُمَّ بَيَانِ مَدَى صِدْقِ أَو كَذِبِ, وَصِحَّةِ أو بُطْلانِ القَولِ القَائِلِ بِأَنَّ التَّشرِيعَ لِلنَّاسِ مِنْ دُونِ اللهِ! وَهَذِهِ المَسَائِلُ هِيَ: 1. الإنسَانُ: وَاقِعُهُ: حَاجَاتُهُ وَغَرَائِزُهُ. 2. العَقلُ: حَقِيقَتُهُ, وَالأَحكَامُ الصَّادِرَةُ عَنهُ. 3. الوَاقِعُ الذِي يُرَادُ إِصدَارُ الأَحكَامِ عَلَيهِ, وَهُوَ الأَشيَاءُ وَالأَفعَالُ. 4. الغَايَةُ مِنَ التَّشرِيعِ.
    4 points
  14. الشرح السياسي للنص الشرعي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا أيها الناس ألا ‏ ‏إن ربكم واحد وإن أباكم واحد ألا لا فضل لعربي على أعجمي ولا ‏ ‏لعجمي على عربي ولا لأحمر على أسود ولا أسود على أحمر إلا بالتقوى، أبلغت؟ قالوا: بلغ رسول الله ‏‏صلى الله عليه وسلم...)) عند قراءتنا لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وعند السؤال عن شرح الحديث، فإنك بالأعم الأغلب ستأخذ المعنى العام للحديث وهو أن الإسلام لا يميز بين الناس، فالمسلم العربي وغير العربي والمسلم الأسود والأبيض لا فرق بينهم عند الله تعالى إلا بمقدار ما يتفاضلون به من التقوى. وهذا المعنى واضح من نص الحديث، ولكن الشرح السياسي للحديث وهو الشرح الذي يبين الواجب علينا كمسلمين هذه الأيام لتطبيق هذا الحديث على أرض الواقع، فإنك لا تجد هذا الشرح، وإن وجدته وجدته خاصا بمعنى الحديث ولا يتطرق إلى الساسة والى طبقة الحكام في البلد نهائيا وهم المسؤولون عن رعاية أهل البلد، ولا أظن أن العلماء يجهلون ذلك الأمر ولكنه الخوف والنفاق للحكام، وهذا الذي يركز عليه الإعلام، أما الأمور السياسية الشرعية فالإعلام يعتم عليها ولا يذكرها ولا يذكر أصحابها. إن شرح الحديث هذا فقط شرحا سياسيا يبين أن: • التفاضل لن يزول ما دام لنا عدة دول كل دولة لها حدود ولها راية مختلفة عن غيرها، إذ أن هذه الحدود المختومة بهذه الراية العمية (العلم الوطني) تعني أن أهل ذلك البلد خير من جيرانهم في البلد المجاور، وأن لهم من الحقوق والواجبات ما ليس لجيرانهم في البلد المجاور، وهذا يعني تمييز المسلمين بعضهم عن بعض. • إذا فرضنا أن احد البلدين وفير بالثروات الطبيعية فان هذا سيعني أن سكان هذا البلد أغنياء وجيرانهم فقراء وهنا حصل التفاضل. • إذا اعتدي على بلد من قبل عدو خارجي والحال كما نراه اليوم فإن سكان البلدان المجاورة لا شأن لهم ما دام العدو لم يقترب منهم وهذا يعني استفراد العدو بكل بلد على حدة، وهذا يعني تفاضل بالحماية والأمن. • هذا الحديث تكلم عن جميع الأصناف التي يمكن للبشر أن يتخيلوها، وهذا يعني أن التفاضل بينهم لا يمكن أن يقضى عليه إلا بأن تكون لهم دولة واحدة وحاكم واحد ولا يكون هناك تمييز بين البشر فيها من حيث اللون أو العرق أو حتى الدين ولا يكون هناك تمييز بين ولاياتها من حيث المالية والاهتمام بها والعناية بها، وهذا لا يمكن أن يتحقق إلا في ظل دولة الخلافة. ومثال على الفهم السياسي للنص الشرعي شرح الآية ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ(105) ﴾ معنى النص أن ضلال البعض لا يضر الإنسان إذا اهتدى وسار على الطريق القويم، ولا يفهم من النص غير هذا المعنى، ولكن أبا بكر الصديق رضي الله تعالى عنه دل الصحابة على المعنى السياسي لهذه الآية أي المطلوب من المسلمين اتجاه هذا النص، فعن قيس ابن أبي حازم رحمه الله قال: قال أبو بكر بعد أن حمد الله وأثنى عليه: " يا أيها الناس إنكم تقرؤون هذه الآية وتضعونها على غير موضعها {عليكم أنفسكم لا يضركم من ضلّ إذا اهتديتم}، وإنا سمعنا النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمهم الله بعقاب)) ". فإن هذا المعنى الذي ذكره أبو بكر الصديق غير وارد في الآية ولكنه نبه المسلمين أن ضلال البعض يوجب على المسلمين أمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر والأخذ على يد الظالمين الذين ينشرون الضلال والفساد. هذه المقولة قالها أبو بكر الصديق يوم كان خليفة للمسلمين يوم كان للمسلمين دولة يوم كان المسلمون في أفضل أحوالهم، أما لو قدر لأبي بكر الصديق أن يعود ويدلي برأيه في هذه الآية هذه الأيام لقال إن الحكام الحاليين هم سبب الفساد وسبب ضلال الناس وإن الواجب على الناس هو العمل بأقصى طاقة للتخلص منهم وإقامة الخلافة على أنقاض عروشهم والتي بإقامتها سوف يتوقف إضلال الناس وإفسادهم. وإذا عدنا إلى حديثنا السابق فمن هذا الحديث فقط نفهم المعنى الذي ذكرناه في الأعلى، وإذا نظرنا إلى جميع الأدلة الشرعية التفصيلية في هذا الباب من القرآن والسنة لما وجدنا تعارضا بينها أبدا، ولوجدناها جميعا (تطلب من المسلمين في هذه المسألة بالذات) تطلب من المسلمين أن يقيموا دولة واحدة يحكمها حاكم واحد وهذه الدولة لا تميز بين الرعية أبدا وستعمل على القضاء على أي أمر يوجد التمييز بين أفراد الرعية، وسيكون للحاكم ولسياسته الدور الرئيس في هذا الأمر. http://naqed.info/forums/index.php?showtopic=4736&fbclid=IwAR29067FcAdWbNZDK8tlNn4_ZfBCkuywaHmyfWE9XS3425jMGAEbpNOCB20
    3 points
  15. طلب النصرة شريعة وواقع طلب النصرة هو حكم شرعي ينبغي لكل من يتلبس بالعمل للتغيير أن يعلم أن الرسول صلى الله عليه وسلم عندما عمل للتغيير لإقامة دولة الإسلام طلب النصرة من القبائل، وانه بدون نصرة لم يكن ليصل للحكم في المدينة، فطلب النصرة جزء رئيس من عملية التغيير؛ بل هو أحد أركان عملية التغيير، وأن المقولات التي تطرح أنه لا أمل في الجيوش لذلك يجب الإقلاع عن هذا الحكم هو طرح باطل بل طرح يرضي الكفار ولا يخدم الإسلام.من ناحية شرعيةطلب النصرة من ناحية شرعية ثابت بنص القران والسنة والشواهد على ذلك كثيرة:• وصول الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الحكم عن طريق طلب النصرة يدل على أن هذا وحي وليس مجرد أسلوب كما يحلو للبعض تسميته، فالرسول صلى الله عليه وسلم لا ينطق عن الهوى.• تكرار طلب الرسول عليه الصلاة والسلام النصرة يدل على فرضيتها رغم التعذيب والتكذيب والصد.• عدد القبائل التي عرض عليها الرسول النصرة كثيرة تزيد عن 15 طلب كما ورد في السيرة.• الألفاظ التي وردت في النصوص تدل على طلب الحكم (الأمر لنا) أي الحكم، (تمنعوني) (وتحموني) أي طلب الحماية والأمن منهم وهذا لا يكون لمن لا يملك القوة، (على نهكة الأموال والأولاد والأشراف) وهذه لا يصيبها بلاء إلا إذا أعطوه الحكم وجابههم الناس على هذا الأمر.• وهناك نصوص تبين أن طلب النصرة جاء بأمر من الله بلفظ صريح، اخرج الحاكم وأبو نعيم في الحلية والبيهقي عن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه قال : {لما أمر الله نبيه أن يعرض نفسه على القبائل خرج وأنا معه وأبو بكر} –فتح الباري-، وعرض نفسه بمعنى طلب النصرة.• تسمية الأنصار بهذا الاسم كانت قبل الجهاد وسببها إعطاء النصرة للرسول صلى الله عليه وسلم أي الحكم. من ناحية الواقعطبعا لا أريد التركيز على الأدلة الشرعية بقدر بحث المسألة من ناحية واقعية، مع أن الأدلة الشرعية وحدها كافية إن سار المسلم بالطريق الصحيح للاستدلال على صحة الأفعال، وهذه الطريقة هي "الحكم الشرعي"، وأيضا فالأبحاث الشرعية سبقني بها الكثير لمن أراد الحق، ومسلم لا يكتفي بقال الله وقال الرسول فلا يأمنن أن يخسف الله به الأرض، ولكن لعل العقول لم تستوعب فنبحث في الواقع لمزيد إيضاح.أما من الواقع فانه لا يمكن لأحد الوصول إلى الحكم إلا عن طريق الجيش أو أهل القوة والمنعة الذي يمتلك القوة الفاعلة في الدولة، وهو الحامي للبلد من أي اعتداء خارجي، ومن الاعتداء الداخلي إن عجز الأمن الداخلي على حماية امن البلد، وهو الذي يثبت الحاكم على الكرسي كما انه هو الذي يخلعه إن أراد بانقلاب عسكري، أما إن وقف الجيش إلى جانب الحاكم فان الحاكم يستطيع البقاء ولو على دماء شعبه، إذ أن الشعب لو ثار لا يمكنه خلع الحاكم، إلا أن يحصل الخلل في الجيش من قتل الشعب ورؤيتهم للدماء الغزيرة فينفضوا عن الحاكم.وهناك عدة أطروحات تطرح للوصول إلى الحكم في الدولة منها:1- القيام بعمليات عسكرية ضد الجيش والدولة. 2- الاستعانة بدول أخرى للوصول إلى الحكم 3- الانتخابات 4- الإصلاح الفردي 5- الانقلاب العسكري من الجيش على الحكام الموجودين وإعطاء النصرة لأهل الحقأما الحالة الأولى وهي القيام بعمليات عسكرية ضد الدولة فهذه الطريقة صعبة وشاقة إن لم تكن مستحيلة، فالدولة في أيامنا الحاضرة تمتلك الأسلحة الثقيلة من طائرات ودبابات وسفن حربية وقذائف وصواريخ، وهذه حازتها الدولة بالتصنيع العسكري، أو بشرائها بملايين الدولارات، ولم تنزل هذه الأسلحة من السماء، هذا من ناحية، والناحية الثانية هي التدريب العسكري للجنود على هذه الأسلحة وعلى فنون القتال، وأيضا هناك الأمن الداخلي الذي عادة يتولى الأمن في الداخل ويقوم عن طريق عيونه بالبحث عن كل ما من شانه تهديد النظام، هذا هو الوضع العام في دول اليوم.فمن أراد التغيير بالقوة العسكرية فهناك عدة عقبات أمامه إن أراد استخدام القوة ضد الدولة، ومن هذه العقبات: الأمن الداخلي واستخباراته، الأفراد وتنظيمهم، المال اللازم لشراء الأسلحة، الدول التي تبيع السلاح، تصنيع السلاح، الجيش.• أما الأمن الداخلي فلن يسكت على أي مجموعة تعمل على تنظيم نفسها لتحارب الدولة وعن طريق عيونه المنتشرة فسيصل خبرها إلى الدولة وبالذات بعد توسعها أفرادا وتنظيما وتسليحا، وعندها يصطدم هذا المشروع بأجهزة الأمن، التي ستحاربه بقوة وبقوة تنظيمها وبما تملك من دعم من النظام والجيش والمال والتجهيز والاستعداد، وهذه عقبة ستحبط محاولات التنظيم العسكري من الانقضاض على الحكم.• الأفراد وتنظيمهم مشكلة يواجهها التنظيم العسكري، إذ أن ذلك سيفرض عليهم العيش بشكل امني، وسيكون من الصعب عليهم التواصل فيما بينهم بسبب الملاحقة الأمنية المفضية إلى الاعتقال لان الدولة لن تتركهم في حالهم، ولن يُصَبِّرَ أناس في مثل هذا الوضع إلا المبدأ الذي يسيرهم، وبدونه ستتحول حياتهم إلى جحيم.• وتأتي المشكلة الأخرى لهم وهي المال، هذا إذا علمنا أن الأسلحة تكلف الكثير من المال، وثمنها ليس بالشيء اليسير، فمن أين ستأتي بالمال؟؟ من الأفراد على سبيل المثال؛ هذا مستحيل، لان الأفراد مهما بلغوا من غنى لن يستطيعوا تشكيل جيش بل جماعة مسلحة تملك السلاح الخفيف، حتى هذه الجماعة التي تمتلك السلاح الخفيف لن تستطيع الاستمرار في الدعم إذا نفذت الذخائر، هذا عدا عن الملاحقة لأفراد هذه الجماعة ولمصادر تمويلهم.• وهناك مشكلة من يبيع السلاح، وبالذات السلاح الثقيل، فدول اليوم كلها تعادي الإسلام، هذا إذا فرضنا أن الحركة تملك المال الكافي لشراء السلاح، لان الجماعة إذا أرادت أن تهزم جيشا فلا بد لها من سلاح يوازي قوة الجيش حتى تستطيع هزيمته، وهذا في غير مقدور الجماعة المسلحة إلا أن ترتبط بدولة معينة وعندها عليها الخضوع لاملاءاتها، لان دول اليوم لا تعرف إلا المصالح.• أما تصنيع السلاح فهذا مستحيل اللهم إلا بعض المتفجرات التي لا تهز كيانا ولا تزيله، أما السلاح الثقيل فهذا يحتاج إلى مال وفير ومصانع لا يمكن إخفاؤها في البيوت، ولذلك فهذا أمر مستحيل.• ويبقى العائق الأكبر إن استطاعت الحركات المسلحة إرهاق الأمن وهو موضوع الجيش الذي يمتلك عتادا قويا لا يمكن للجماعة المسلحة اجتيازه.• وتستطيع الدولة الإبادة للناس بمختلف الأسلحة إن حصل لهم ظهور، خاصة إذا رافق ذلك تواطؤ وتعتيم إعلامي مقصود، مثل إبادة أهل الشيشان وأهل أوزبكستان بمجزرة أنديجان، ومذابح المسلمين في الصين، والإبادة التي حصلت للمسلمين أيام الاتحاد السوفييتي، ومجزرة حماة، وغيرها من الأمثلة – الأمثلة هي لقدرة الدولة على الإبادة دون حسيب أو رقيب وليس لان هؤلاء استخدموا السلاح-.• وأحيانا إذا سارت الحركة زمنا ثم حصلت لها أزمة مالية خانقة فقد تضطر إلى الاستعانة بالمجرمين والمنتفعين من اجل الدعم المالي والتمويل، وإلا الفناء للحركة، وهذا الدعم لن يكون بدون مقابل أو تنازل من الحركة، واقل هذا التنازل عن فكرة السيادة للإسلام والقبول بالأنظمة الوضعية وتحقيق هدف الداعمين، والنفاق لهذه الجهة الداعمة، وهذا سقوط ما بعده سقوط.• وهناك موضوع آخر وهو أن دولة الباطل وان حصلت غلبة للمقاتلين، فإنها ستتلقى المدد من الكفار خصوصا وأنهم لا يريدون أي ظهور لمن يطبق الإسلام.ولذلك كان تشكيل الجماعات المسلحة ومقاتلة الدولة غير فعال في الوصول إلى الحكم اللهم إلا القتل والتدمير لا غير، وهذه فيها من الإثم في قتل الناس ما فيها، وان كانوا عونا للظالمين. وهذا الصراع يشغل أفراد الحركة عن الدعوة إلى ناحية القتال والقتل وكيف نخطط ونقتل ونختبئ ونجهز المال والعيش الصعب، ويتم الابتعاد عن الثقافة الإسلامية للأفراد وعن بناء الأشخاص بناء إسلاميا صحيحا لان التركيز يكون على الناحية العسكرية، ومن جانب الناس فسيتم خلق الكثير من السدود والحواجز بين الحركة والناس بسبب قتل الحركة لأبنائهم وأقاربهم إذا كانوا من أجهزة الأمن والجيش، وسيصم الناس آذانهم عن الاستماع لهذه الحركة.ثانيا:أما الاستعانة بدول أخرى فهذا فيه انتحار سياسي أي رهن قرار الجماعة بالدولة الداعمة، ودول اليوم لا تدعم دون مقابل، فدعمها يكون لتحقيق أهدافها وليس لإقامة خلافة إسلامية أو حكم إسلامي، هذا علاوة عن الدماء التي ستسفك في قتل الناس، وإزهاق أرواحهم، والخيانة لأهل البلد وذلك بالارتباط بالأجنبي.ثالثا:أما الانتخابات البرلمانية فلن توصل احد إلى الحكم ويستطيع التحكم بمفاصل الدولة إلا أن يسنده الجيش، وبدون دعم الجيش لن ينجح الأمر، فهذه انتخابات الجزائر فشلت لان الجيش لم يوافق عليها، وهذه تركيا قد تم تحييد الجيش ثم استمالته، ولولا انه تبرأ -أي حزب العدالة والتنمية الحاكم- من الإسلام واحترم العلمانية ما استطاع أن يصمد في الحكم نهائيا، هذا علاوة على الدعم الأمريكي له والذي سهل له البقاء في الحكم .رابعا: أما الإصلاح الفردي، فمن اسمه فان تأثيره يقتصر على الأفراد، ومقومات الفرد هي العقيدة والعبادات والأخلاق والمعاملات، فان صلحت، بان كانت عقيدته لا تشوبها شائبة، وعَبَدَ اللهَ بأداء الفرائض والقيام بالنوافل، وكانت أخلاقه القرآن، وسار في معاملاته حسب ما يريده الله ورسوله وكانت هذه-(( على سبيل المثال مع انه مستحيل))- صفة 95% من الناس في المجتمع فان المجتمع سيبقى مليء بالفساد، فمن للشركات المساهمة والبنوك الربوية؟؟، ومن لتحرير فلسطين؟؟، ومن لتعليم أولادنا المنهاج المبني على العقيدة الإسلامية بناء سليما؟؟، ومن لتوحيد بلاد المسلمين في دولة واحدة؟؟، ومن لنشر الإسلام وتطبيقه على الكفار؟؟، ومن لتطبيق الأنظمة الإسلامية في الاقتصاد والحكم والعلاقات الخارجية حسب الإسلام؟الجواب لا احد، لان الفرد الصالح لا يتدخل بهذه الأمور حسب نظرتهم، فان تدخل يبدأ هنا العمل بالأمور السياسية ويحتاج إلى حزب يؤويه، وعندها يخرج من دائرة "أصلح الفرد يصلح المجتمع" إلى الأعمال السياسية في حزب سياسي.ولا يعني ذلك إهمال موضوع إصلاح الإفراد، فلا يقبل في الحزب الذي يسعى للتغيير فرد غير صالح.خامسا: أما الانقلاب العسكري من الجيش وإعطاء النصرة لأهل الحق فهو الوحيد المعول عليه، وغيره من الطرق العقلية لا يمكن أن تنجح، ولا يكون الانقلاب إلا بإقناع قادة الجيش أو من يستطيعون تحريك الجيش إلى السمع والطاعة لمن يريد الانقلاب، وان يكون المقابل لهذا الانقلاب عظيما، لأنهم قد يفقدون حياتهم إن هم أطاعوا من أراد الانقلاب، فان كان المقابل المال فسرعان ما ينفض هؤلاء القوم إذا عرض عليهم مبلغ أكثر من المال، أما إن كان المقابل هو السيادة والمنصب، فالنزاعات والشقاق التي ستطيح بهؤلاء القوم، أما إن كان المقابل المبدأ فهو الانقلاب الصحيح، فالمبدأ جامع للناس وليس مفرق، وهذا ما حصل مع الأنصار الذين كان المقابل لعملهم وهو نصرة الرسول عليه الصلاة والسلام لإقامة حكم الإسلام هو"الجنة".حركات المقاومةحركات المقاومة لا تعدو اثنتين، حركة مدعومة من جهة معينة، وهذه تأخذ حكم الجهة الداعمة، فان كانت الدولة الإسلامية (الخلافة) تدعم بعض الفرق المسلحة في منطقة معينة، فعندها ستصبح من قوات الدولة الإسلامية، وليست جماعة مسلحة، أما إن كانت الجهة الداعمة دولة غير الدولة الإسلامية فعندها ستحقق هذه الجماعة أهداف تلك الدولة والتي عادة بل وغالبا لن تخدم الإسلام بل تخدم أهداف لتلك الدولة، كما حصل مع المجاهدين في أفغانستان عندما دعمتهم أمريكا والسعودية وباكستان لأجل طرد الروس، فقد طرد الروس وهذه مصلحة أمريكية، ولم يحققوا لأنفسهم ما يريدون وهو دولة قوية تقف في وجه أمريكا، بل دولة هزيلة سرعان ما انتهت. ومثل الشريف حسين الذي اخذ الدعم من الانجليز ضد الدولة العثمانية مقابل وعود بالحكم فكانت النتيجة انه لم يحصل شيء، بل حقق مصلحة الانجليز بهدم الدولة العثمانية. ومثل المنظمات الفلسطينية التي ادعت تحرير فلسطين وإذا بها تلهث خلف سراب الدولة الفلسطينية المزعومة، ومثل حزب الله الذي لا تتجاوز أهدافه حدود سايكس بيكو.أما إن كانت تلك الجماعة غير مدعومة فمصيرها الضعف الشديد والحاجة الملحة للمال والسلاح، وهذا سيضعف عملها كثيرا، ولم يثبت أن حركة مسلحة ذاتيا قضت على كيان قوي من داخله، إلا في حالة الدعم الخارجي، أو أن هذه الدولة ليست صاحبة الأرض وقد ملت من قتل جنودها فتخرج وتضع عملاءها، أو انه أصابها في موطنها ضعف أو منافسة على الأرض من دول أخرى، أو أن طارئا أصابها يقتضي الانسحاب، وعادة ما تنسحب الدولة وتضع السلطة في يد عملاء لها، يريحوها عناء الوجود العسكري، كما حصل في بدايات القرن مع الاستعمار الغربي لبلاد المسلمين، أما إن كان بقاء الجيش مصيريا في تلك المنطقة فستعمل الدولة للقضاء على هذه الحركة المسلحة ولو اضطرت إلى الإبادة.وتلعب الناحية الإعلامية الدور الكبير في القوة العسكرية، فمثلا غطاء إعلامي، يجعل الدولة تحجم عن أعمال القتل، أما إن استطاعت الدولة التعتيم الإعلامي ورافقها سكوت أو تآمر أو اتفاق، فان الدولة تستطيع عن طريق سلاح الطيران والمدفعية والأسلحة الثقيلة إبادة المئات وتهجيرهم، وهذا لا يمكن رده بالمقاومة، بل بسلاح مواز له في القوة.وبرز أخيرا موضوع إنشاء دول عميلة للاحتلال، تتولى الدفاع عن الاحتلال، مثل سلطة أوسلو في فلسطين، ومثل حكومة العراق التي تدافع هي الأخرى عن الاحتلال وتعطيه الشرعية، ومثل حكومة كرزاي العميلة في أفغانستان سابقا، وغيرها من الحكومات، وبهذه الفكرة استطاع المحتل إيجاد أناس من أهل البلد يدافعون عنه، بل ويقتتلون على هذه السلطة الهزيلة كما حصل في فلسطين، وتسفك دماء الكثير من أبناء المسلمين وهو ينظر إليهم، ولذلك فالحاجة ماسة إلى قتال الجيوش وإنهاء الاحتلال وميليشياته التي تتسمى زورا وبهتانا "دول".أما قتال رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان يسمى جهادا، وليس مقاومة، فرسول الله صلى الله عليهوسلمك لم يرو عنه إلا انه جهز جيشا وقاتل الأعداء وهكذا صحابته الغر الميامين في الخلافة الراشدة، وبقية دهور الخلافة، قتال الجيوش لا قتال العصابات المسلحة والميليشيات والتنظيمات العسكرية، حتى في زمن الضعف زمن صلاح الدين الأيوبي كان القتال البارز هو قتال الجيوش لا قتال الحركات وبالذات في فلسطين المحتلة أيام الصليبيين، حيث لم يعرف المسلمون قتال الحركات بالشكل الموجودة به اليوم إلا بعد هدم دولة الخلافة.ولذلك فتحرير البلاد المحتلة يحتاج تسيير الجيوش لا قتال الحركات المسلحة، -(وان كان لها اجر القتال في سبيل الله)-، لا القتال الذي يحصل من البعض من اجل خدمة بعض أهداف الدول ولا يكون الهدف منه رضا رب العباد.ولا يعني هذا قولي عدم قتال العدو إن هو دهم أرضا يريد احتلالها، ليس هذا ما أقول، فالقتال في حالة الاحتلال فرض عين على جميع أهل البلد، إلا أن يتمكن العدو فينتقل الوجوب إلى من يليهم وهكذا, ولكن الحديث عن التنظيمات العسكرية المدعومة من دول إجرامية يبتغون من دعمها تحرير الأرض، حيث الأصل أن تقوم هذه الدول نفسها وبجيشها بتحرير الأرض وليس دعم جماعات مسلحة.ولذلك وجب التركيز على طلب النصرة من أهل القوة والمنعة لإقامة دولة الإسلام من اجل تطبيق الإسلام وتحرير ما احتل من بلاد.قوة الدولة أما دول اليوم فليست قوتها فقط نابعة من قوتها العسكرية وان كان للقوة العسكرية الدور الكبير في هذه القوة، فهناك عناصر أخرى تؤثر في قيام الدول، فمن ظن أن قتال الحاكم والقضاء على حكمه ومن ثم الجلوس على كرسي الحكم هو المطلوب يكون هذا الإنسان بسيط التفكير، فعناصر قوة الدول تعتمد على أشياء غير القوة المادية، مثل: المبدأ الذي ستطبقه، العامل الاقتصادي والتكنولوجي، العامل الديموغرافي، العامل الجغرافي، الدبلوماسية، وطبعا لا ننسى القوة العسكرية.فالمبدأ أو النظام الذي سيطبق لا تعرفه للأسف الكثير من الحركات المسلحة وغير المسلحة، وان كانت تتصور الإسلام في العبادات كما تتصور بعض الحركات الإسلامية، وتشجيع العبادة والأخلاق الإسلامية، وبعضها يرى تطبيق الإسلام في تطبيق بعض الحدود ولبس النساء للباس الشرعي، ولكنهم جميعا يطبقون النظام الديمقراطي في الحكم، أو مبدأ الفصل بين السلطات ولا يدرون أن الإسلام له أنظمة للحياة لا بد من تطبيقها، مثل نظام الحكم والنظام الاقتصادي والاجتماعي والسياسة الخارجية وسياسة التعليم، ولا بد أن تكون مستقاة من الإسلام فقط، وان شكل نظام الحكم هو الخلافة وليس الديمقراطية أو الدولة المدنية أو دولة المواطنة أو غيره من التسميات التي تدل على جهل بأحكام الإسلام.وبناء عليه فلا يجوز لهذه الدولة الوليدة إن وجدت أن تطبق النظام الرأسمالي الغربي على المسلمين، وإلا ستبقى تابعة سياسيا واقتصاديا وثقافيا للغرب يتحكم بها، ولن تحقق النهضة المطلوبة، خاصة وأنها دولة وليدة وتحتاج غيرها من الدول.والدولة التي يجب قيامها يجب وضع العامل الديموغرافي في الحسبان، فدولة كلبنان مثلا ضعيفة في ميزان دول اليوم وكذلك الكويت، أما دولة كمصر أو تركيا أو باكستان فقوية، وكذلك العامل الجغرافي من مساحة واسعة وتضاريس تعطي الدولة قوة كبيرة، كجبال أفغانستان التي أعطتهم قوة في مواجهة أعدائهم، و لذلك فعلى الجماعة المسلحة التفكير في الدولة قبل إقامتها من مساحة جغرافية وعدد لسكان، وليس مجرد قتال الدولة، والقول أن الجماعة تمثل دولة مصغرة، فتقوم بالقتال للدولة ولا تجني إلا سفك الدماء، لان الدول الكبيرة عادة كمصر وتركيا وباكستان من المستحيل على الجماعات المسلحة النيل منها وتدمير حكومتها ونظامها، وحتى الدول الصغيرة بما لديها من دعم خارجي تستطيع الصمود وبقوة في وجه الجماعات المسلحة.وأيضا يجب وضع الأسلحة ونوعيتها في الاعتبار، فالدولة التي لا تملك سلاحا يوازي السلاح الذي تمتلكه الدول الأخرى أو سلاحا مضادا له، ستكون في موضع ضعيف، فسلاح الطيران والصواريخ، ما لم تملك الدولة سلاحا مضادا لها أو سلاحا يوازي قوتها أو اقل بقليل، ستبقى هذه الدولة تتعرض للقصف السهل من الأعداء دون أن تفعل شيئا، وهذه دولة من الصعب عليه الصمود.وهناك الدبلوماسية والوعي السياسي لدى الجماعات المسلحة، فمثلا حركة تحسن الظن بدول الضرار في العالم الإسلامي، أو تقول أنها تريد إمارة إسلامية ولن تتدخل في شؤون الدول المجاورة لها، أو لا تستطيع إدراك عمالة وتبعية الحكام الموجودين في العالم الإسلامي، أو لا تستطيع إدراك الألاعيب الدولية في السياسة والاقتصاد، من الصعب عليها النجاح فيما ترمي إليه. وخير مثال يمكن الاستشهاد به في هذا الصدد حكومة طالبان في أفغانستان.هذا كله إذا استطاعت الوصول للحكم عن طريق العمل العسكري الذي غالبا ما يكون بدعم خارجي من دول أو قبائل وليس بجهود الحركة الذاتية.أجر الأنصار وإثم حراس الظالميناجر أنصار الرسول صلى الله عليه وسلم كبير عند الله تعالى، فهم الذين نصروا رسول الله صلى الله عليه وسلم وسلموه الحكم، سلموا الحكم لرجل لا يعرفهم ولا يعرفونه، جاءهم من منطقة أخرى، وطبعا سلموه الحكم ليس لهدف دنيوي ولا لمنصب ولا لأمر آخر، وسيدهم سعد بن معاذ تنازل عن كرسي الحكم لرجل غريب، لماذا يا ترى هذا الأمر؟ انه لسبب واحد، لان عبارة "لا اله إلا الله محمد رسول الله" استقرت في قلوبهم" وفقهوا معناها بأن عليهم كأهل للقوة والمنعة نصرة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ونصرة دينه بتمكينه من نشر الإسلام من بلادهم وأرضهم، فهم الذين نصروا الإسلام ورسوله بعد أن كان الرسول صلى الله عليه وسلم مطاردا في مكة ومعذبا من أهله والمسلمون ضعفاء، فأعطوا النصرة لرسول الله صلى الله وسلم، فعز الإسلام وأهله وانطلقت من بلادهم " المدينة" جيوش التوحيد ناشرة الإسلام بالجهاد.ولذلك ففضل الأنصار عظيم، وسموا بذلك لنصرتهم للإسلام ورسوله فقد قيل لأنس بن مالك: أرأيت قول الناس لكم: الأنصار, اسم سماكم الله به أم كنتم تدعون به في الجاهلية؟ قال: بل اسم سمانا الله به في القرآن. وأما فضلهم فالكثير من الأدلة تدل عليه، قال تعالى: { والّذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل اللّه والّذين آووا ونصروا أولئك هم المؤمنون حقّاً لهم مغفرةٌ ورزقٌ كريمٌ}، وقال عليه الصلاة والسلام: { آية المنافق بغض الأنصار وآية المؤمن حبّ الأنصار} وقال عليه الصلاة والسلام في حديث آخر: { إنّ الأنصار عيبتي الّتي أويت إليها فاقبلوا من محسنهم واعفوا عن مسيئهم فإنّهم قد أدّوا الّذي عليهم وبقي الّذي لهم}وأما سيدهم فما ورد في وفاته من الكرامات لهذا الصحابي الذي تنازل عن أعظم شهوة، وهي شهوة الحكم لرجل غريب عنه، من اجل نصرة الله ورسوله، ما ورد من كرامات لعظيم، حيث روى الحافظ البيهقي في (الدلائل): عن جابر بن عبد الله، قال: جاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: {من هذا العبد الصالح الذي مات؟ فتحت له أبواب السماء، وتحرك له العرش؟ قال : فخرج رسول الله فإذا سعد بن معاذ}, وروى الإمام احمد والنسائي عن جابر قال: قال رسول الله لسعد يوم مات وهو يدفن: { سبحان الله لهذا الصالح الذي تحرك له عرش الرحمن، وفتحت له أبواب السماء، شدد عليه، ثم فرج الله عنه} وفي رواية أخرى { إن للقبر ضغطة، ولو كان احد ناجيا منها لنجا سعد بن معاذ} رواه احمد. وروى الحافظ البزار عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {لقد هبط يوم مات سعد بن معاذ سبعون ألف ملك إلى الأرض لم يهبطوا قبل ذلك} لماذا ذلك؟؟الكثير ممن فسروا لم يذكروا نصرة هذا الصحابي لرسول الله صلى الله عليه وسلم ونصرة دينه ونصرة المستضعفين من المسلمين، ولكن هذا هو السبب الذي يجب أن يكون دافعا اليوم لأهل القوة لنصرة العاملين للخلافة، فينالوا أجرا عظيما عند الملك العزيز الجبار، الذي يؤتي ملكه من يشاء وينزعه ممن يشاء.أما إن أصر أهل القوة على نصرة الظالمين المجرمين، أو سكتوا عنهم فالعذاب الأليم بانتظارهم يوم القيامة، فقد قال الله تعالى في حق فرعون وهامان وجنودهما : { وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِي فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرُون} وقال أيضا: { فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوّاً وَحَزَناً إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ} وهنا السؤال لماذا قرن الجنود بفرعون رأس الكفر ومعاونه هامان المجرم؟؟لان فرعون وهامان ما كانا يستطيعان الظلم والتجبر وقتل المستضعفين والبغي والفساد في الأرض بدون الجنود، وبدون القوة التي تحمي شرورهم في الأرض، ولذلك ذكروا في الآية، والله تعالى اعلم.وقال أيضا في حق الأتباع والمتبوعين {إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَاب * وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا كَذَٰلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ} ولذلك من كان في أهل القوة هذه الأيام ليعلم انه إما أن يكون من الأنصار الجدد لهذا الدين وله من الأجر ما له عند الله تعالى، أو أن يستمر في نصرة الظالمين المجرمين الذين يحاربون الإسلام وأهله، وعندها لا يلومون إلا أنفسهم لما سيصيبهم من الذل والهوان عند الله تعالى، أو أن يتنحوا وفي هذا إثم لأنه عدم استغلال لما بأيديهم من قوة لنصرة الحق، فلم يبق لهم إلا نصرة الحق، من اجل إعلاء كلمة الله لا غير، أي أن يكون عملهم من اجل إعادة تطبيق الإسلام عن طريق دولة الخلافة الراشدة قريبا بإذن الله. الخلاصةحتى من استقراء الواقع بدون الرجوع إلى الأدلة الشرعية يتبين كيف أن الوصول للحكم لا يتم بدون دعم أهل القوة لمن يريد الوصول إلى الحكم وإلا لا يستطيع الوصول، أو لا يستطيع إلا أن يرضي الجيش.وحتى عندما تنشق بعض فرق الجيش فهي أيضا ضعيفة ما لم تَحُزْ أسباب القوة والدفاع ومختلف الأسلحة، فانشقاق بعض فرق الجيش في ليبيا أبقاها ضعيفة وعندها ما عندها من أسلحة.هكذا كانت أمريكا والدول المستعمرة توصل عملاءها إلى سدة الحكم في مناطق العالم الإسلامي بشكل فاعل، كما في انقلاب الضباط الأحرار في مصر لصالح أمريكا، وكما في الانقلابات في أوروبا الشرقية لصالح النفوذ الأمريكي عندما تم تحييد الجيش.ولذلك القول بان طلب النصرة هو حكم شرعي عليه الكثير من الأدلة الشرعية لمن أراد الحق، وعليه شواهد وأدلة عقلية تدعمه، فعلى الذين يهاجمون هذه الفكرة أو يسفهونها أن يعودوا إلى صوابهم.قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم} http://naqed.info/forums/index.php?showtopic=4540&fbclid=IwAR3UG046iD9REsghY-rgdo6YWqjAUT0W6i_aYEzyDLOyw6X2aYhdj68pA1E
    3 points
  16. بسم الله الرحمن الرحيم نحو فهم سنن الله: لماذا انتظر رسول الله ولم يهاجر إلا بعد اكتمال تآمر قريش لقتله؟ بمناسبة رأس السنة الهجرية وذكرى الهجرة النبوية الشريفة من مكة إلى المدينة، والتي تكون بها أول مجتمع مسلم وأول دولة اسلامية على يد رسول الله عليه الصلاة والسلام خطر ببالي سؤال. والسؤال هو: لماذا انتظر رسول الله عليه السلام في مكة ولم يهاجر بعد بيعة العقبة الكبرى (بيعة الحرب) وبعد أن أخذ النصرة من اهل المدينة، فلم يخرج الرسول من مكة مع أنه أمر جميع صحابته في مكة بالهجرة إلى المدينة؟ وما هي العبرة من انتظاره عليه السلام حتى يتآمر عليه أهل قريش ويقرروا قتله ثم يخرج من بيته وهو محاصر، ويظهر وكأنه طرد وهاجر هروبا من قتل قريش له، مع أنه كان بامكانه الخروج كما خرج اصحابه، خصوصا وأن أهل المدينة من الأنصار كانوا بانتظار هجرته اليهم بناء على ما تعاقدوا عليه في بيعة النصرة في شهر ذي الحجة من العام الثالث عشر للبعثة ولكنه بقي في مكة إلى شهر ربيع الأول. وقد استأذنه أبو بكر رضي الله عنه بالهجرة وحده، فأمره بالمكوث لعل الله يجعل له صاحبا، وأبو بكر رضي الله عنه كان قد جهز لرسول الله عليه السلام ناقتين بعد بيعة النصرة مباشرة وسمنهما خصيصا للهجرة ثم استأجر دليلا من بني الديلم هاديا خريتا اي محترفا في معرفة الطرق، وكانت خطته في الأخذ بالأسباب للوصول بسلامة الله إلى المدينة محكمة، وتعلمنا منها كيفية التخطيط والأخذ بالأسباب. ومع ذلك فلم يهاجر الرسول وكان بانتظار الإذن له من الوحي. أي أن كل الأمور كانت جاهزة لهجرته لإقامة دولة الإسلام في المدينة، وكذلك خطة الهجرة وأسبابها كانت جاهزة، وكان الشيء الوحيد الناقص هو موعد الخروج، فلماذا الانتظار من قبل الوحي ورسول الوحي على قريش حتى تكتمل مؤامرتها وليحصل الاتفاق بين كل قبائلها على قتله واختيار شاب شجاع من كل قبيلة حتى يتم توزيع دمه بين القبائل ولا يستطيع بنو هاشم المطالبة بدمه؟ وفعلا هذا السؤال كان يحيرني ولا أجد له جوابا شافيا، وتفكرت في الأمر قريبا، فخطر ببالي أمرين: الأول: هو قول ورقة بن نوفل لرسول الله ولخديجة بعد أن نزل عليه الوحي أن ما جاء نبي بمثل ما أتى به إلا وأخرجه قومه، فكان لا بد لقربش من إخراجه، فهذا هو دأب الأقوام السابقة مع انبيائها الثاني: قول الله تعالى في سورة الإسراء: (وَإِن كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْهَا ۖ وَإِذًا لَّا يَلْبَثُونَ خِلَافَكَ إِلَّا قَلِيلًا (76) سُنَّةَ مَن قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِن رُّسُلِنَا ۖ وَلَا تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلًا (77)) وهذه السورة مكية ونزلت قبيل الهجرة وهي تحدد سنة ربانية أي قانونا سببيا تربط فعلا بشريا بعاقبة ربانية هي عقوبة على هذا الفعل، وهذه السنة أن أخراج قريش للرسول من أرض مكة ستكون عاقبتها أن أهل مكة لن يلبثوا بعده إلا قليلا، وعدم اللبث في الآية هنا لا يعني بالضرورة الإهلاك كما هي سنة الله في الأقوام السابقة، ولكن هي نصر الله له عليهم وانتهاء دينهم وحضارتهم وتحولها إلى أمة أخرى. وإذا ربطنا تأخر رسول الله في الهجرة من مكة إلى المدينة بعد بيعة النصرة وتأخر ذهابه لأقامة حكم الإسلام وايجاد المجتمع المسلم، نجد أنه لا فائدة من التأخير إلا شيء واحد فقط، ألا وهو أن تحق عليهم سنة الله بأن لا يلبثوا خلافه بعد إخراجه إلا قليلا، ولن تجد لهذه السنة الربانية تحويلا بل ستنطبق عليهم إذا قاموا بالمكر به لإخراجه، يقول الله تعالى في سورة الأنفال: (وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ ۚ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ ۖ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ (30) ويقول في سورة التوبة: (إِلَّا تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ۖ فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَىٰ ۗ وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا ۗ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (40) ولعل العبرة كما نراها في الآيات أعلاه هي أن أهل قريش يمكرون برسول الله لحبسه أو قتله أو إخراجه ولكن الله هو خير الماكرين، فالله قد نصر رسوله بعد أن أخرجه قومه من مكة أثناء الهجرة عندما وصلوا إليه في غار ثور بهدف قتله، وبما أن قريش كانت مصرة على إخراجه بالمكر والمؤامرة مع سبق الإصرار ودون تردد، فكانت عاقبة هذا الأمر وهذا الفعل هو انطباق سنة الله عليهم وهي أنهم لن يلبثوا خلافه إلا قليلا، أي أن عاقبة هذا الفعل الماكر ستكون بعذاب من الله لهم، وهذا العذاب ليس هو اهلاكهم مع أنهم يستحقون ذلك، لأن الله قد نسخ الإهلاك ببعثة رسول الله عليه السلام بقوله في سورة الأنفال: (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ ۚ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (33) وَمَا لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ ۚ إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ) ولكن عذابهم كان انتصار رسول الله عليه الصلاة والسلام عليهم بعد بضع سنوات قليلة (8 سنوات) وتم له فتح مكة وتحويلها من الشرك إلى الايمان، فانتهت بفتح مكة أمة قريش المشركة وبدأت مرحلة جديدة وهي أمة قريش المسلمة بقيادة رسول الله، فأعز الله رسوله ونصره على كفر وشرك قريش، ثم انتهت قريش المشركة ولم يلبث أهل مكة بعد إخراجهم رسولهم إلا قليلا، وتحولت إلى الإسلام وضمت إلى دار الإسلام ودولته، وبدأ تاريخ وعهد جديد للاسلام في قريش. فلو هاجر رسول الله وخرج من مكة بمشيئته ودون أن يجبره قومه على الخروج منها، لما حقّت عليهم سنة الله بأن يعذبهم بنصره عليهم وعدم لبثهم خلافه إلا قليلا، فقد ينصره الله عليهم بعد سنين طويلة أو ينصر المسلمين عليهم في خلافة ابي بكر أو عمر، انظروا وتفكروا فيما لو التزمت قريش بصلح الحديبية عشر سنوات –بعد السنة السادسة للهجرة- فما الذي كان سيحصل؟ لكن اصرار الرسول عليه السلام على عدم الخروج والهجرة إلا بعد إخراجهم له، هو ما نتج عنه فتح مكة ونصره عليهم في بضع سنوات، فانطبقت بذلك سنة الله وقانونه البشري عليهم، فالسبب ينتج ويؤدي إلى المسبب، والفعل البشري يفعِّل السنة الربانية التي تنتج العاقبة الموعودة. وخلاصة الأمر أن رسول الله لم يخرج من مكة هاربا من مكر قريش به لقتله، بل خرج منها بعد تآمرهم عليه لقتله أو إخراجه، لتنطبق ولتحق عليهم سنة الله بنصره عليهم وإهلاكهم، وهو ليس مثل إهلاك الأقوام السابقة بالتدمير التام بل بأن يتحولوا جميعا من دينهم وحضارتهم المشركة التي يصرون على التشبث بها إلى دين وحضارة الرسول الذي أخرجوه، أي تمت هزيمة دين الشرك ونصرة دين الإسلام، لتكون كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هي العليا. اللهم عجل لنا بنصرك وفرجك وتمكين هذه الأمة في دولة اسلامية راشدة على منهاج النبوة وأن ييسر لهذه الدعوة انصارا جددا يقيمون الخلافة. ولكم تحياتي
    3 points
  17. بروفيسور ماهر الجعبري: رحلة الشك العلمي.. أول الكلام August 8, 2018 بروفيسور ماهر الجعبري يخيل للبعض أن العلوم الطبيعية التي تمخضت عن النهج العلمي التجريبي هي ذروة المعرفة البشرية، وأنها باتت الحكمَ على غيرها من المعارف، بل وهي التي تُصدِّق العقائد أو تكذّبها، وقد تمر الحياة على كثير من العلماء دون أن يعيشوا لحظة من صحوة حقيقية، وهم ينخرطون في دهاليز العلم المادي متفاعلين معه، ومستسلمين لكل المعلومات «العلمية» التي انغمست في أذهانهم عبر مسيرتهم العلمية، وهي التي تتحوّل مع مرور الزمن، ومع التدفق العلمي والإعلامي على عقول البشرية إلى ما يشبه اليقين، وهي التي تحوّل تعاطيهم معها إلى ما يشبه الإيمان، عبر التصديق الجازم الذي لا يتطرق إليه شك، رغم أنهم يدركون أن من ثوابت الطريقة العلمية: أن مخرجاتها قابلة للنقد والنقض والدحض. ومع كرّ الأيام وتكرار الكلام وتقليب الصفحات، تصبح تلك المعارف العلمية لدى غالبية العلماء ثابتًا أو مرجعًا عقليًّا لكل فكر، وأساسًا ذهنيًّا للحكم على الأفكار الأخرى؛ إذ من الصعب على كثير من العلماء أن يستشعروا بجدران ذلك «الصندوق» الذي وُضعوا أو وَضعوا أنفسهم فيه، فكيف بهم أن يحاولوا الخروج منه بتفكيرهم الناقد وإبداعهم الرائد! رغم أن «التفكير الناقد» و«الإبداع» باتا كلمي السر للحركة العلمية العالمية. إذ إن ثمة سطوة للعلم كما للساسة، ولصفحاته هيبة في نفوس البشر كما الأديان، ومن الصعب على الناس أن تفكّر بإعادة النظر بمخرجات العلم المفصلية أمام تلك الهيبة وذلك السلطان، وخصوصًا أن العلماء والهيئات العلمية تصبح أحيانًا قاسية جدًا في ردود أفعالها على من يحاول «إعادة النظر»، وكأنّها تُغيَّبُ عندها العقليةُ المنفتحة، وتنسى تَقَبُّلَ الرأي الآخر أمام أية محاولة للخروج من الصندوق. وأمام تلك الغفلة «العلمية» نطرح في أول الكلام سؤالًا تأسيسيًّا: هل يمكن أن يكون التاريخ العلمي للبشرية قد مرّر أباطيل «علمية» وحوّلها في الذاكرة الجمعية للبشرية إلى حقائق لا يمكن النقاش حولها؟ وهل يمكن أن تكون أذهاننا قد امتلأت بـ«الخزعبلات العلمية» من التي تَكوَّنت لها هالةٌ عاطفية تجعل ممن يطرح أي تساؤل حولها محل نقد وقدح وردح؟ هنا سؤال مصيري لا يقل أهمية عن تلك الأسئلة الوجودية التي تَطرقُ ذهنَ المفكر في بداية مشواره العقلي، والتي تكون الفاتحة لموقفه الديني من الوجود: من أين أتيت وإلى أين أمضي؟ لأن تلك المعلومات العلمية لم تكتفِ بطرح أجوبة عن تلك الأسئلة الوجودية، بل إن العلم قد أقحم نفسه في طرح نهج معرفي بديل للإجابة عن تلك الأسئلة الوجودية، وهو المنهج العلمي، في مقابل المنهج العقلي، وما يتمخض عنه من النهج النقلي الذي يؤكد العقل صدق النقل فيه. ولذلك فإن البحث في الموقف مما تُسمّى الحقائق العلمية لا يقل أهمية عن التفكير العقائدي، لأن المجالين قد تشابكا في المجالات المعرفية، وتعاركا في طريقة التفكير، وتنافسا على عقول البشرية وقلوبها، وخصوصًا في ما يتعلق بموقف الإنسان من الوجود وما حوله. وتبدو معالم هذا الصراع بين التصورات العلمية والأطروحات الدينية جلية في المناظرات والمؤلفات والوثائقيات، رغم محاولات كثير من علماء الطبيعة وعلماء الشريعة (وعلماء اللاهوت) إيجاد حالة من التصالح المعرفي، وفرض السِّلم بين العلمانية والدينية، عبر نهج التوفيق بين مخرجات العلم، وبين مظّنات النصوص الدينية ودلالاتها في الكتب السماوية، وخصوصًا بعدما تجاوزت أوروبا مرحلة الكبت الديني في عصورها الظلامية، وانفتحت على عصر النهضة الذي قام على «العلم»! ثم لحقتها ضمن ذلك المسار بقيةُ شعوب الأرض وأممها، ومنهم الأمة الإسلامية، التي رضخت تحت ضغط الغلبة العسكرية أمام الغزو الاستعماري إلى الشعور بالغلبة الفكرية أمام سلطان المعرفة الغربية. إن النظرة العامة للتصورات الدينية للوجود المادي تكشف عن تصوّر مبسّط جدًا للأرض والسماء ومصابيحها، قد لا يبدو في انسجام مع ذلك المشهد المعقّد الذي ترسمه وكالات الفضاء العالمية لذلك الكون المتمدد في الزمان والمكان، والمركب في الكرات والحركة والدوران! رغم كل محاولات التوفيق وليّ أعناق النصوص… وقد تكشف تلك النظرةُ المقارنةُ عن تنافر ظاهر أو خفي، رغم الحديث عن الإعجاز العلمي في القرآن الكريم، ورغم دعوى أن الأديان السماوية نزلت على الناس خلال مرحلة متواضعة من المعرفة البشرية للكون، بينما هي دعوى لا تصمد أمام الوثائق الإغريقية والتفاسير الإسلامية للقرآن التي تناولت الأطروحات الحديثة نفسها حول شكل الأرض مثلًا، ونقلت شيئًا من الجدل المُزمن حول بعض تلك الأمور، مما لا زال العلم نفسه يردد صداه، كأنه جدل عابر للأزمان، مما سنبيّنه خلال هذا المسار المعرفي الذي يبدأه أول الكلام هذا. ثم إن ذلك التصوير البسيط لمشهد الأرض والسماء وانبثاق الحياة في القرآن -وما يشبهه في الكتب السماوية- يوجد طمأنينة ذهنية وقلبية، قد تتزحزح أمام ذلك التدفق العلمي لذلك الكون المتمدد في الزمان والمكان، والمركّب في الكرات والحركة والدوران كما كتبنا أعلاه، ويصبح ذهن المؤمن بالدين السماوي محل هجوم ذهني لكثير من الأسئلة التي تقلقه كلّما حاول التوفيق بين مخرجات العلوم التي تصنَّفُ على أنها حقائقُ ضمن ذلك الصندوق العلمي، وبين دلالاتِ النصوصِ الكونيةِ التي تُعتبر عقائد في الأديان السماوية، وعبثًا يحاول الكثيرون أن يلبَسوا طاقية لكل وقت ومهمة، واحدة للعالم الطبيعي، وأخرى للمتدين بدينه السماوي الذي يطرح إجابات كونية قد لا تتجانس مع تلك المعلومات العلمية (أو الحقائق!). من هنا تبدأ مسيرة شقاء، شقاء أوّلُه نفسي يقلق الباحث المفكر، ومنتهاه بشري يقلق هذه البشرية، رغم محاولة المفكرين الغربيين تعريف العلمانية على أنها فصل الدين عن الحياة، فربما من الضروري العودة إلى البحث في تعريفها الأصلي، مما سنطرحه ضمن هذا المسار المعرفي. وفي أول الكلام، قبل أن نفتح ما يليه، نطرح أسئلة استهلالية للتفكير الذاتي: 1- هل ترى أن التصور العلمي لتركيب المادة ومكونات الذرة وسلوكها هو حقيقة لا تقبل الجدل؟ 2- هل تؤمن بأن أقدام الأمريكان قد وطئت سطح القمر حقًّا؟ 3- هل انتهى علم البشر إلى أن شكل الأرض مكوّر بيضاوي أم هل تصح نظرية الأرض المسطحة؟ 4- هل انبثق الوجود المادي من نقطة متناهية في الصغر عبر الانفجار الكوني العظيم وأدى إلى الكون الفسيح المتمدد؟ 5- هل تطورت الحياة من خلية بسيطة إلى إنسان «جبّار» يحلّق في الفراغ الكوني ويجوب آفاق السماوات والأرض؟ 6- هل تعاني الأرض حقًّا من أزمة الاحتباس الحراري التي تهدد مستقبلها وديمومتها أم هي قضية مفتعلة لغايات سياسية؟ وأمام هذه السيل الجارف من التساؤلات العلمية الوجودية وما يلحق بها، يُلحّ على الذهن تساؤل عام: هل يمكن أن نكون قد حملنا خزعبلات علمية خلال حشرِنا داخل الصندوق العلمي؟ وهل يمكن أن نكون قد خضعنا لأجندات سياسية وحضارية قادتنا إلى ما نحن عليه الآن من معرفة علمية كادت أن تكون غير خاضعة للنقاش؟ وضمن محاولة الإجابة عن هذه الأسئلة العلمية المصيرية، نتساءل عن طريق المعرفة التي تتولد عنها تلك الإجابات، وعن مستوى القناعة بها، من حيث التصديق بها حد اليقين الذي لا يتزحزح والتسليم بها في ما يشبه «الإيمان» وهو التصديق الجازم! أو الشك العلمي؟ وقبل أن نتقدم خطوة في الإجابة عن هذه الأسئلة، نتساءل أيضًا حول «التفكير الناقد» الذي يختبر المعلومات، ويميز الحقائق عن الأباطيل، ثم حول مستويات التصديق بتلك المعارف حسب تصنيف العلم نفسه ما بين حقيقة ونظرية وفرضية، ضمن هذا المسار المعرفي حول الشك العلمي. أستاذ الهندسة – باحث ومفكر أكاديمي من فلسطين الخليل – فلسطين
    3 points
  18. بسم الله الرحمن الرحيم صفات القيادة الناجحة لقد خلق الله تعالى الناس متفاوتين، يفضل بعضهم بعضاً في القدرات والطاقات والعقول، وغير ذلك مما حباهم الله به، وهذا بالتالي جعل الأداء عند الناس في مجالات الحياة المتنوعة في تفاوت وتفاضل، وجعل قسماً منهم يبرز في نواحي معينة لا يبرز فيها القسم الآخر، ومن هذه الأمور المسؤولية والقيادة وتقدم الصفوف ... فمنذ القدم يبرز في حياة الناس أناسٌ تكون فيهم صفات معينة تؤهلهم لقيادة الناس، وتقدم الصفوف أمامهم؛ فمثلا في النظام القبلي البدائي يتقدم الناس رجلٌ يسمّى بشيخ القبيلة أو المسئول فيها، يمتاز عن باقي الناس بصفاتٍ تؤهله لذلك، وفي الدول أيضاً تبرز في أشخاص معينين صفات معينة، تؤهلهم لأن يكونوا هم القادة الذين يحكمون الناس ويتقدمون الصفوف أمامهم. إلا أن هذا الكلام ليس معناه أن من يتقدم الصفوف أو يكون مسئولاً هو مؤهلٌ للقيادة دائماً، وأنه أحق بها لأنه يحمل صفات الرجل القيادي، فهذا ليس بالضرورة، فقد يكون في الحكم مثلاً أو في القيادة لأن أمواله في مجتمع رأسمالي تؤهله لأن يكون قائدا أو حاكماً، وقد يكون في الحكم أو القيادة والمسئولية لأن الذي سبقه قد ورّثه هذا الأمر بسبب القرابة أو المصلحة أو غير ذلك، وقد يكون الشخص مسئولاً وليس عنده الصفات القيادية التي تؤهله لذلك، فلا تلبث مسئولية هذه الأصناف أن يعتريها الضعف ثم تنهار، وقد يكون الشخص عادياً في المجتمع؛ عاملاً أو مدرساً أو طبيباً وفي شخصيته الصفات التي تؤهله لأن يكون قياديا ورائدا في المجتمع. إذن هناك صفات معينة يجب أن تتصف بها الشخصية القيادية أو الرائدة، فما هي هذه الصفات وما هي درجة تسلسلها في هذه الشخصية، وهل فقدُ البعض منها لا يجعله شخصيةً قيادية .. أما صفات الشخصية القيادية فيمكن إجمالها في النقاط التالية : - 1- التميز والثبات في الفكر والرأي، وعدم الفوضوية في الأعمال :- فالإنسان حتى يكون قيادياً ناجحاً يجب أن يرتكز إلى فكر ثابت في حياته، يُصدر من خلاله الأحكام، ويقود الناس وفق هذا الفكر، ونقصد بالفكر الثابت هنا عدم التلوّن، وعدم الانتقال من فكرٍ إلى آخر حسب الأهواء والمصالح الآنية، فإذا كان الإنسان مستنداً إلى فكرٍ ثابت فإنه يكون ثابت الرأي، غير متقلب في تصرفاته وقيادته للناس، ولا يكون تبعاً لأفكار وأهواء أخرى، يتغير كلما أراد أن يتغير، فهذا يُضعف شخصية الإنسان ومواقفه القيادية أمام من يقودهم ويتقدمهم، ولا يشترط أن يكون القائد مبدئيا في نظرته للحياة، فقد يكون مبدئيا وقد يكون إنسانا عاديا دون مبدأ، ولكن المبدئية عند الإنسان تعطيه الثبات والقوة في الفكر والرأي وبالتالي القوة في طريقة القيادة . أما القيادي المسلم فإنه يجب أن يكون مبدئيا لأنه يتقدم المسلمين ؛ً بمعنى أنه يلتزم مبدأ الإسلام فكراً وعملاً ورأياً، فيفهمه فهماً صحيحاً ويكون على دراية بما يلزم من أحكامه، ويلتزم هذه الأحكام في كافة أموره وعلاقته مع الغير، وخاصة في قيادته للناس، ولا يكون تبعا للغير متلونا حسب الأشخاص أو الأهواء، فإذا كان كذلك ضعفت شخصيته وقيادته ثم لا يلبث أن ينهار شيئا فشيئا .. وقد بين الرسول صلى الله عليه وسلم هذا المعنى في قوله: ( لا يكونوا إمعة تقولون: إذا أحسن الناس أحسنا، وإن ظلموا ظلمنا ولكن وطنوا أنفسكم إن أحسن الناس أن تحسنوا وان أساءوا فلا تظلموا ) .. 2- الحزم والعزم وعدم التردّد في اتخاذ القرارات :- فالشخصية القيادية إذا اتخذت قراراً تكون حازمةً في هذا القرار، ولا تدع الأمور لآراء الناس وتعدّدها، لأن هذا يجلب عليه التسلط، ويضعف شخصيته أمام من يقودهم، ويفتح المجال للتنافس على القيادة نتيجة شعور الناس بضعفه في اتخاذ القرارات ... وليس معنى ذلك عدم المشورة أو أخذ الرأي، بل معناه عدم كثرة التردّد في المواقف الحازمة كأمور الحرب أو السلم أو الأمور المصيرية المهمة، والتي تحتاج إلى سرعة قرارٍ وحزمٍ وعزم .. وقد ذكر الحق تعالى في هذا المعنى قوله: " فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ " والرسول عليه السلام يقول: "ما كان لنبي لبس لأمة الحرب أن يضعها حتى يحكم الله بينه وبين قومه.." 3- كثرة المشورة وأخذ الرأي فيما يؤخذ فيه الرأي :- وهذه ليست نقطة ضعف في شخصية القائد ولا تعيبه، ولا تظهره على أنه لا يعرف فنون القيادة، أو القدرة على إصدار الرأي، بل هذه الصفة تزيد في قوة الرابطة بينه وبين من يتقدم صفوفهم، وتكسب رأيه قوة فوق قوة، وسداداً مع سداد؛ فالله سبحانه قد أرشد نبيه عليه السلام فقال: " فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ ) فالمشورة مطلوبة وهي من صفات القائد الناجح الذي يريد تقوية الصف من خلفه، والاستبداد في الرأي هي من صفات القائد الفاشل، الذي يكثر خطؤه وتزداد الهوة بينه وبين أتباعه لدرجة القطيعة في نهاية المطاف .. 4- المثابرة والاهتمام الدائم بشؤون الرعية، وعدم إظهار اللامبالاة :- فالشخصية القيادية يجب أن تُشعر الرعية أو من يتقدمهم في الصف أنه حريص على مصالحهم كلها، وانه يحافظ على حياتهم، وعلى أموالهم وعلى أعراضهم .. فهذا الحسّ عند الناس بواقع قائدهم يجعلهم يطمئنون لقيادته، ويسلّمون له الأمور، ولا مجال لوجود الشك أو الخوف أو التردّد في عملية الانقياد خلف هذا القائد، أما إذا أظهر هذا القائد عدم المبالاة، واظهر الاهتمام بمصلحته الشخصية على مصالح أمته وشعبه، فإن ذلك يضعف قيادته، ويفتح المجال للتمرد والتشكيك من قبل الآخرين تجاهه، وتصبح النظرة عند شعبه إن هذا القائد يستغلّ وجوده في القيادة لتلبية نزواته ومصالحه، لذلك يبدأ التذمّر والتردّد في الانقياد خلفه، ثم يزداد هذا الأمر اتساعاً شيئاً فشيئاً حتى يقوم الناس على التخلص منه وإسقاطه.. 5- الذكاء وسرعة الفهم والبديهة :- ونقصد هنا بالذكاء أن يكون القائد منفتح الذهن سريع التفكير، سريع الملاحظة للأمور سريع الفهم ، لأن الخمول في التفكير وضعف الفهم وضعف البديهة عند القائد يُضعف شخصيته أمام شعبه، فهذا الأمر يجب أن يكون موجودا مسبقا في شخصية القائد، ويجب أن يعمل على تنميته باستمرار بكل الوسائل والسبل، لأن سرعة الفهم والبديهة يمكن تنميتها في الشخصية .. فالقائد الناجح هو القائد الذي يفهم الأمور بسرعة، ويردّ عليها بسرعة، ويفهم أيضاً الأمر وما يراد منها.. فمثلاً عندما يكون القائد في مكان لا يريد أن يعلم به أحد، وفي نفس الوقت لا يريد أن يثير الشبهة حوله يجيب إجابةً يجعل الخصم يكتفي وينشغل بها، كما حصل مع الرسول عليه السلام عندما كان في طريقٍ الهجرة، ولا يريد أن يعلم أحد إلى أين يذهب ولا من أي مكان جاء، فلقيه رجل في الطريق وسأله: ممن القوم ؟! فقال الرسول عليه السلام: من ماء !! .. فأخذ هذا الرجل يفكر ويسأل نفسه من أيِّ ماءٍ هم..من ماء كذا أم من ماء كذا ؟ حتى قطع الرسول عنه مسافة وهو يسأل نفسه نفس السؤال !! .. 6- القدرة السياسية في إدارة الشؤون والمناورات السياسية، والقدرة على تحمّل المسئوليات في ذلك:- فالناس متفاوتون في هذا الأمور، فهناك رجال عندهم فنّ القيادة وتحمل المسئوليات سجية من سجاياهم، وأهّلهم الله سبحانه وتعالى- بما حباهم من شخصية مبدعة- لفن القيادة وتحمل المسئوليات، وهناك من الأشخاص من ترى في شخصيته التبعية والانقياد وحبّ السير خلف الغير، والضعف وعدم القدرة على تحمل المسئولية .. لذلك عندما جاء أبو ذر رضي الله عنه إلى الرسول عليه السلام وقال له: يا رسول الله ولّني .. أي أعطني ولاية كما أعطيت معاذ بن جبل وكما أعطيت عتاب بن أسيد وأبا موسى الأشعري ومحمد بن مسلمة وغيرهم قال له الرسول عليه السلام : " يا أبا ذرّ انك رجل ضعيف وإنها أمانة وأنها يوم القيامة خزي وندامة .. " وأبو ذر كما نعلم لم يكن ضعيف الجسم، وإنما كان من الفرسان المشهورين، لكنه فيه حدّة تبرز في المواقف القيادية، وقد ثبت ذلك بكثرة خروجه على الخلفاء وانعزاله عن الناس .. وهذا ليس من صفات القائد الناجح .. أما المناورات السياسية فهي فنّ من الفنون أيضاً .. يجب أن تتوفر في شخصية القائد لأن حياته كلها سياسية ورسمٌ للسياسة في الداخل والخارج، فيجب عليه أن يعرف كيف يتعامل مع الأعداء في رسم المناورات السياسية التي تخذّل عن بلاده وتخدم شعبه، تماما كما فعل الرسول عليه السلام في معاهده الحديبية، حيث رسم خطة دقيقة غابت حتى جهابذة الزعامة في مكة !! 7- القوة الجسمية بما يكفي لتحمل الأعباء والمسئوليات :- ولا نقصد هنا بالقوة الجسمية أن يكون فارساً أو مصارعاً أو غير ذلك، وإنما نقصد أن لا يكون عليلاً كثير الشكوى من الأمراض، ضعيف البنية لا يستطيع تحمل الأمور ومكابدة المشاقّ والسهر والمتابعة، والصبر في ساعات المتابعة الدقيقة .. فالقيادة تحتاج إلى أعباء جسمانية وليست من الأمور السهلة، فتحتاج إلى أعصاب هادئة متزنة، وإلى جسدٍ خالٍ من المرض، وإلى عقلية سليمة من أي مرضٍ عصبي أو غيره، لأن الأمور لا تسير على وتيرة واحدة في حياة الأمم والشعوب، فقد تتعرّض الدولة أو الجيش إلى حصارٍ يفرض على القائد أن يلزم غرفة المتابعة ليل نهار، ولا يستطيع النوم إلا ساعات قليلة، فهذا الأمر تحتاج إلى أعصاب هادئة، وإلى جسد عنده القدرة على التحمل، وإلى اتزانٍ وعدم انفعال في غير موضعه، أما إذا كان الجسم غير قادر على المواجهة والتحمل والصبر فإنه يفقد اتزانه في لحظة ما ويصدر الأوامر في غير موضعها فيضيّع الأمور كلها ويجعل الأمة تخسر خسراناً كبيراً .. 8- العلم والمعرفة بما يلزم لأخذ القرارات، وعدم التردّد وعدم إظهار الاتكال دائما على الغير :- ولا نقصد هنا بالعلم أن يكون عالما، ولا نقصد بالمعرفة أن يكون محيطا بكل شيء، وإنما أن يكون عنده القدرة- بمعرفته وعلمه -لاتخاذ القرار خاصة في ألأمور المهمة من فكر أو دين أو غير ذلك .. ، وان يكون كذلك عارفا للأهداف العليا والغايات السامية، وأن يكون عنده علم بالقضايا المصيرية لأمته وشعبه.. فإذا أخذ القرار عن علم ومعرفة؛ أي اسند هذا القرار لعلم ومعرفة كان قرارا صلباً قويا يستند إلى فكر ثابت يخدم الشعب الذي يتقدمه، وأما أن كانت القرارات ضد الأهداف والغايات العليا لشعبه فانه يعرض نفسه للاتهام الدائم، وبالتالي تضعف شخصيته أمام الناس وسرعان ما يقوم عليه الناس .. فيجب أن يكون القائد ملماً بالعلوم والمعارف التي تلزم في أمور القيادة وليس في كل شيء، ولا أن يكون عالماً .. أما إذا كان أمياً- كما هو الحال عند بعض حكام الخليج- فانه يعرض نفسه للانتقاد الدائم، وتكون قراراته غير سليمة وغير صائبة .. فمثلاً عندما اعترضت أمير المؤمنين قضيته سواد العراق، وتوزيعها على المحاربين نظر أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه في المسألة نظرة العلم والمعرفة وبُعد النظر، وجعل ذلك مستندا إلى فهم شرعيّ وهو: إن الحاجة تدعو إلى إيجاد مصرف دائم يُصرف منه على الجند، وعلى مصالح الدولة، ويعطى منه المحتاجون إلى آخر الزمان.. وكان فهمه مستندا إلى قوله تعالى : (وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ) 10-الحشر، فقال: ( والذي نفسي بيده لولا أن اترك الناس بيّانا ليس لهم شيء ما فتحت على قرية إلا قسمتها كما قسم النبي صلى الله عليه وسلم خيبر ولكني اتركها خزانة لهم يقتسمونها) رواه البخاري. 9- اللين في موضوع اللين والشدة في موضع الشدة وسعة الصدر والرحمة والألفة :- فالشدة والقسوة مطلوبة في موضعها؛ بحيث لو كان في مكانها اللين والرقة فسد الأمر وضاع، والّلين أيضا مطلوبٌ في موضعه ومكانه بحيث لو كان بدلا منه الشدة فسد الأمر وضاع، وأيضا يجب أن يكون من صفات القائد سعة الصدر والرحمة والألفة لمن يقودهم أو يحكمهم أو يتقدم صفوفهم في أي أمر، والله سبحانه وتعالى خاطب بنيه عليه السلام فقال: ( فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ .. ) والإمام عمر رضي الله عنه وهو القائد الناجح .. قال : :(... لقد لنت للناس حتى خشيت الله في اللين، ثم اشتددت عليهم حتى خشيت الله في الشدة، فأين المخرج؟..) فهذه الصفة هي من صفات القائد الناجح، يقدّرها حيث يرى وليس لها ضوابط معينة، وتحتاج إلى سرعة في التفكير واستحضارٍ للبديهة بحيث تؤتي النتائج السليمة الصحيحة في موضعها .. 10- الطموح وسعة الأفق والنظرة إلى أعلى في الارتقاء بمن يقودهم :- فالقائد الناجح ينظر إلى الأفق الواسع الرحب بشكل دائم، وينظر إلى الأعلى على أن يتقدم الصفوف في كل أمر وفي كل شيء، وذلك حتى يرتقي من علٍ إلى أعلى بشكل دائم .. فطموح القائد يجلب الخير الدائم على شعبه، واستكانته وكسله يجلب عليهم الوبال ويجعل الأمم تطمع فيهم .. فلو أخذنا على سبيل المثال فرنسا في عهد نابليون وفرنسا هذه الأيام لرأينا الفرق الكبير في الطموح والنظرة إلى الأمام، فنابليون كان يفكر أن يقود العالم أجمع، بينما قادة فرنسا اليوم يفكرون في الانضواء تحت المجموعة الأوروبية للتقوّي بها، المتحدة. هذه هي صفات القائد الناجح الذي يجلب على نفسه وأمته الخير ويرتفع بهم من علٍ إلى أعلى، ورحم الله امرأ عرف قدر نفسه في تقدير الأمور؛ فإذا رأى في نفسه ضعفاً وعدم قدره في فن القيادة أراح واستراح وأبعد نفسه عن هذا الأمر، وإن وجد في نفسه الكفاءة خاض غمار الأمر ليجلب لنفسه ولغيره الخير العميم، ولا يبخل على شعبه بذلك نسأله تعالى أن يولّي أمة الإسلام القادة الناجحين الأصفياء في ظلّ حكم الإسلام .... آمين يارب العالمين
    3 points
  19. بسم الله الرحمن الرحيم. بالفعل لقد أثرت النهضة العلمية التي جاءت من الغرب عن طريق البحث العلمي القائم على فكرة فصل الدين عن الحياة على طريقة تفكير العلماء وعلى سلوك عامة الناس فالعلم والوسائل العلمية التي توصل اليها الانسان بالطريقة العلمية في التفكير اصبحت مقدسة عند الانسان الا ما رحم ربي وهذه الطريقة العلمية في التفكير حولت وجهة الانسان على حقيقة هذا الكون والانسان والحياة وما قبلها وما بعدها هذه الطريقة العلمية القائمة على عقيدة باطلة ألهت الانسان وأصبحت قبلة تفكير كثير من الناس .لقد يفنى عمر الانسان مع هذه الطريقة في التفكير ويحسب انه ملك الدنيا باكملها بما توصل اليه عقله وهو في الحقية انه لم يتوصل الى شيئ ما لم يهتدي الى العقيدة الاسلامية التي تجيبه على جميع الاسئلة
    3 points
  20. السلام عليكم من أجل الإجابة عن سؤال (لماذا خلقنا الله؟) لا بد أن نمهد للجواب عليه بمثال للتقريب، الأ وهو مثال الساعة. نحن لدينا ساعة يد، ويمكن أن نسأل حولها ثلاثة أسئلة: 1. هل احتاجت إلى صانع؟ 2. كيف صنعت؟ 3. لماذا صنعت؟ أما الأجوبة فهي كما يلي: 1. النظرة السريعة إلى الساعة تجعل الإنسان يحكم على الفور من غير تردد بأنها احتاجت إلى صانع، وأن هذا الصانع يتصف بصفات لازمة هي العلم والارادة والقدرة حتى يستطيع القيام بالصناعة 2. للإجابة على سؤال (كيف؟) لا بد من النظر في واقع الساعة أو سؤال الصانع. 3. أما سؤال (لماذا؟) فلا بد من علم بالخلفيات التي سبقت الوجود، أي لا بد من معرفة مفهوم الزمن وأن البشر قسموا السنة إلى 365 يوما وكل يوم إلى 24 ساعة وكل ساعة إلى 60 دقيقة وكل دقيقة إلى 60 ثانية، فإذا لم تعرف هذه الخلفية لا يمكن معرفة الإجابة على وجه الجزم، فتحكم بأن هذه الساعة هي أداة لها وظيفة لقياس ومعرفة الأوقات. وبتطبيق هذا المثال على الكون نسأل نفس الأسئلة : هل الكون مخلوق؟ والجواب نعم وذلك بانعام بالنظر في الكون نفسه لنصل إلى الحكم عليه بانه محتاج ومحدود وعاجز، ولا بد له من بداية وأن خالقه هو الله سبحانه المتصف بصفات القدرة والارادة ووالعلم وجميع صفات الكمال. أما سؤال كيف خلق الكون؟ فاجابته تكون بالنظر في الكون والانسان والحياة لمعرفة كيف بدأ الخلق، وقد قدم القرآن بعض الإجابات عن بعض الكيفيات، والعلم ما زال يحاول تقديم إجابات عن هذا السؤال، واللافت أن آلاف السنين لم تكن كافية حتى يلم الإنسان الماما كافيا بكيفية الخلق، ولا يزال يحاول ذلك وهو يتقدم كل يوم شيئا فشيئا، ولكنه يجهل الكيفية الكاملة. ولا يستطيع الإنسان انتظار عشرات ومئات السنين للحصول على إجابة شافية، فأعطاه الوحي إجابات كافية وفق ما يلزمه لسد حاجته إلى جواب لهذا السؤال. سؤال لماذا خلق الله الكون؟ واجابته لا تكون بالنظر في الكون، لأنه يتعلق بأمر سبق الوجود فكما سبقت فكرة الزمن وجود الساعة فلا بد أن تسبق فكرة خلق الكون وجوده الفعلي، ومن هنا لا يمكن للعلم ولا لتطوره أن يجيب عن هذا السؤال لأن العلم يبحث في الوجود، وسؤال (لماذا؟) يبحث فيما قبل الوجود، والإجابة لا تكون إلا عند الخالق الصانع لأنه هو صاحب الإرادة في الخلق. وترجع إمكانية عدم معرفة الإجابة عن سؤال (لماذا ؟) لأنه يتعلق بما قبل الوجود، أما سؤال (هل؟) وسؤال (كيف؟) فيتعلقان بالوجود، ومن هنا يمكن أخذ الإجابة عنهما من النظر في الوجود وبالتالي فللحصول على إجابة للسؤال الثالث (لماذا ؟) لا بد من أن نبحث في القرآن عن إجابة ربانية عن هذا السؤال، لأنه هو وحده الخالق الواجب الوجود، فهل نجد في الوحي إجابة قاطعة وحاسمة عن هذا السؤال؟ يتبع بمشيئة الله مع تحياتي
    3 points
  21. السلام عليكم لنعد الآن لطبيعة الأسئلة التي طرحت من قبل السيد بهاء، هل هي فعلا أسئلة فطرية طبيعية يسألها كل إنسان؟ أم أن هنالك أسئلة أولى منها وأهم منها، يجب أن تسأل ومن الطبيعي والفطري والضروري أن يطرحها كل عاقل ومفكر؟ فهل سؤال "لماذا خلق الله الإنسان"؟ هو بداية ما يجب أن يسأل! وهل السؤال عن عدل الله حين خلق هو فعلا السؤال الطبيعي؟ وهل السؤال عن حاجة الله إلى الخلق؟ هو سؤال فطري. ولا بد من تلقي اجابات لهذه الأسئلة أولاً؟؟؟ أرى أن هذه الأسئلة هي أسئلة مفتعلة وهي ليست طبيعية ولا فطرية، وليست هي الأسئلة الصحيحة التي يجب أن تسأل ويبدأ بها!! لماذا هي ليست بالأسئلة الصحيحة والطبيعية؟ لأن الأسئلة التي يسألها البشر في العادة هي أسئلة أهم وأولى من هذه الأسئلة، وهي تلك الأسئلة التي تشكل العقدة الكبرى عند الإنسان وبحاجة إلى اجابات عنها، واجاباتها تحدد توجه الإنسان الفكري وتحدد مصيره وغاياته واولوياته وتحدد اعتقاداته، وينبني عليه سلوكه ونظام حياته وتصرفاته. فما هي الأسئلة الطبيعية والضرورية التي يسألها عقل الإنسان؟ والتي لا بد منها ولا بد من اجابات عليها وهي التي تشكل العقدة الكبرى لديه؟ كل عقل وفكر سوي لا بد أن يسأل الآسئلة الكبرى التالية وهي: · من أين أتى؟ أي من هو أصل الإنسان؟ · إلى أين سيذهب؟ أي ما هو مصير الإنسان بعد الموت · ولماذا؟ أي ما هي الغاية من وجوده في الحياة الدنيا؟ وهناك أسئلة تتعلق بهذه الأسئلة ولكنها تشكل عقدا صغرى، تحل تلقائيا مع وجود اجابات صحيحة عن هذه الأسئلة الكبرى. وفي الحقيقة كل الأديان العقائد والمبادئ تعطي اجابات محددة لهذه الأسئلة، واختلاف الاجابات عن هذه الأسئلة هي التي تجعل الاجابات والأفكار التي احتوتها عقيدة مختلفة عن باقي العقائد. فكل دين وكل عقيدة وكل مبدأ له فلسفة معينة في اجابات هذه الأسئلة التي تشكل العقدة الكبرى للإنسان. لذلك عليك أولاً الإجابة عن هذه الأسئلة الكبرى التي تشكل عقدة اساسية لا بد من حلها، وحلها يكون باعطاء اجابات صحيحة مقنعة للعقل وموافقة للفطرة تؤدي إلى الطمأنينة الدائمة أي السعادة عند الانسان وهذا هو معنى قوله تعالى: "وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين" لأن اجابات الإسلام عن العقدة الكبرى هي اجابات صحيحة تشفي ما في الصدر والقلب من شك وريبة وانزعاج وتوصل إلى الطمأنينة والسكينة. وقد اجاب الإسلام عن هذه الأسئلة بأن قال بأن جواب السؤال الأول هو أن أصل الانسان انه مخلوق لله خالقه وربه، فالله خلق الكون والحياة والإنسان فتكون العلاقة بين الله والإنسان هي علاقة الخلق والربوبية وأن هل الله هو مسبب جميع الأسباب. أما السؤال الثاني فقد اجابه الإسلام بأن قرر أن الموت ليس نهاية الانسان بل هناك حياة أخرى بعد الموت، وأن فيها محاسبة على أعمال الإنسان في الحياة، فإما أن يدخل الجنة وإما أن يكون مصيره النار والسؤال الثالث اجابه الإسلام وقرر بأن الغاية من خلق الإنسان هي اعمار الأرض بأن يكون خليفة فيها يطبق شريعة الله وأن يكون عبدا لله أي طائعا له في كل شؤون حياته، وقد قرر الإسلام بأن الله سخر له ما في السموات والأرض واعطاه حرية الارادة والاختيار ليقوم بهذه المهات، وأنه إذا نجح في هذا الامتحان فسيكون مصيره الجنة، وأنه إذا فشل وكفر فسيكون مصيره النار والعياذ بالله. هذه الاجابات هي باختصار تشكل عقيدة الإسلام وفكرته الكلية عن الكون والانسان والحياة، والتي بدون الايمان العقلي بها لا يدخل الانسان الاسلام ولا يكون مؤمنا، وهي معنى الشهادتين "اشهد أن لا اله الا الله واشهد أن محمدا رسول الله" والشهادة تقتضي وجود الدليل والشاهد على الموضوع، ولذلك لا يقبل ايمان المؤمن الا بالشهادة بأن الله حق وأن الرسول حق وأن القرآن كتاب الله حق وأن الآخرة حق وأن الجنة والنار حق وأن الانسان مستخلف في هذه الأرض لعمارتها وعبادة الله فيها. ولذلك لا يصير المؤمن مؤمنا الا بوجود الدليل العقلي لديه عن هذه الأمور والأفكار حتى تصلح شهادته وتكون شهادة حق. يتبع بمشيئة الله
    3 points
  22. عبد المؤمن الزيلعي ابو الياس راسلتُ الإعلام مراراً بمقالاتي حتى تُنشر لكن لا جدوى من نشرٍ فالجوهر بخلاف المظهر لا إعلامٌ حرٌ مهما زعموا ، بل عبدٌ مستأجر من يملك مالاً أو يدعم فله التقرير لما يـُنشر يا إعلام الكبر تمهل من أنت علينا تتكبر عرّفت بنفسك من نفسك سطرت التعريف لِتُذكر وتقول أنا حرُ النشرِ باستقلال الموقع أفخر ؟!! ما بالك تنسى تتناسى ما نرسلهُ بل تتضجَّر ؟! أم أن الداعم يكرهنا ينعتنا بالخط الأحمر يا ويح الإعلام مضلٌ لقضايا الأمة يتنكر يعمل هدماً يعبد صنماً يرضي الكافر ولنا ينخَر ويحارب جهراً للدينِ يزعمهُ ارهاباً أخطر ويغرد في سرب الكفرِ يسقي زرع الكفر ويسهر ينشر سماً يفتك فينا دجالٌ ممسوخٌ أعور يُلبس حقاً ثوب الباطل والباطلُ في حقٍ يَظهَر و يصيغُ الأخبار بمكرٍ ينفث حقدا ولنا يسحر لكن الحق سننشرهُ في الوتس وفيسٍ وتويتر حتما سنقض مضاجعهم مهما الباطل حقداً كشّر هيا نعلي دين اللهِ ننصر خالقنا كي نُنصر
    3 points
  23. نحتاج الى تعلم فكر الرحمة عند تعاملنا مع البشر وتواصلنا معهم فكريا ، فلم يسمع افكارك من تنعته بأبى جهل ، ولم يسمع افكارك من تتهمه بالخيانة والعمالة ، ولم يسمع افكارك من تُظهر أنك اعلم منه عند نقاشك معه .فهذا مخالف لفكر الرحمة ونهج النبى محمد صلى الله عليه وسلم فى المجادلة بالتى هى أحسن ، وعلينا تجسيد الآية القرآنية (وما أرسلناك الا رحمة للعالمين ) فى انفسنا قبل أن نخاطب الناس ،فنبينا محمد عند نقاشه مع عتاولة قريش كان حليما رحيما بعباد الله هدفه الأسمى أن يكسب القلوب قبل العقول . ودمتم بود
    3 points
  24. حزب_التحرير له عملان يقوم بهما عبر جهازيه الاثنين في الامة الاسلامية #الاول جهاز #التفاعل : الذي مهمته توعية الامة بالمكائد التي يقوم بها الكفار بأنفسهم وعبر #الحكام الخونة و كشف مخططاتهم الماكرة و خدعهم الفاجرة و تعريف #المسلمين بنظام #الاسلام #الخلافة حتى يتهيأوا لها عن دراية و معرفة و علم و الحمدلله اصبحت الخلافة مطلب الجماهير الاسلامية في كافة الاقطار و اصبح مؤتمرات الخلافة تعج بالمسلمين بالالاف المؤلفة الذين يتعشقون للخلافة و بلهفة و شوق و حنين و انظر طول الارض الاسلامية و عرضها ترى جموع المسلمين الهادرة التي تهتف في الشوارع خلافة خلافة خلافة جهاز التفاعل يتفاعل مع الناس بتثقيفهم و توعيتهم و تحذيرهم من المكائد و تبصيرهم بأمور دينهم و دنياهم و بالصراع الفكري و الكفاح السياسي .. #الثاني جهاز #النصرة : جهاز النصرة والمنفصل تماما عن جهاز التفاعل مع الناس وهذا الجهاز عمله هو طلب النصرة ممن يملكون القوة في الامة سواءا كانوا قادة جيوش او غيرهم ممن هم اهل للقوة والنصرة .. ويتم اقناعهم بالعقل ان ينضموا الى العاملين المخلصين لاقامة دولة الخلافة بحسب استطاعتهم ومكانهم .. نعم جهاز طلب النصرة يعمل بطريقة منظمة ودقيقة عن طريق مراكز القوة، بعد أن يقتنعوا قناعة تامة بالفكرة والغاية منها، وهذه الطريقة عند الحزب لها رجالها وهم ( جهاز طلب النصرة ) الذي لا يعرفه الناس، ويعمل بشكل سرّي كامل ... في رمضان العام الماضي اطلق حزب التحرير نداءا اسماه #النداء_القبل_الاخير هذا رابط الفعاليات في عواصم العالم الاسلامي نحن تحركنا في الأمة وانتشرت فكرة الخلافة وأصبحت مطلبا، وحشد حزب التحرير معه الأنصار من القوة العسكرية، ونحن الآن نسعى لتعظيم سواد أهل النصرة لتحقيق وعد الله. آن الأوان لإطلاق النداء قبل الأخير، في هذه الأجواء الرمضانية، وهو نداء عالمي علت فيه أصوات رجالات الحزب وإعلامييه في سماء الأمة الإسلامية عبر القارات، من إندونيسيا وباكستان، والأردن وسوريا وتركيا ولبنان، ومن المسجد الاقصى إلى تونس والسودان.و نسأل الله تعالى ان يكون هذا العام هو عام الخلافة عام النداء الاخير الذي ينبيء العالم أجمع بقيام الخلافة و عودتها من جديد لتحكم العالم
    3 points
  25. طريقة التفكير في التغيير بين الإسلام والغرب رولا إبراهيم – بلاد الشام ---------------------------------- إنّ التفكير بالتغيير هو من ضرورات الحياة حتى يتقدم الإنسان في تصريف شؤونه، وإن عُدم التفكير بالتغيير فإن الحياة تجمد على حال لا يحصل منها إنتاج ولا نماء، وتبقى بدائية دون أي إبداع أو تقدم. والتفكير بالتغيير يلزمه أساس يقوم عليه، فإذا كان الأساس صحيحًا كان التغيير صحيحًا، وإن كان الأساس خطأ كان التغيير خطأ. والتفكير بالتغيير لا يقوم به الأشخاص العاديون، وإنما يحتاج إلى نوعيات من الناس مخصوصة، وعادة ما تمثل النخبة فيهم أو الروّاد، لما لعملهم الحساس هذا من انعكاسات على جميع نواحي الحياة. يقول الشيخ العلامة تقي الدين النبهاني رحمة الله في كتابه “التفكير”: ” والتفكير بالتغيير ضروري للحياة؛ لأن ركود الحياة والاستسلام للأقدار هو من أخطر الآفات التي تجعل الشعوب والأمم تنقرض وتندثر مع الأحداث والأيام؛ ولذلك كان التفكير بالتغيير من أهم أنواع التفكير. والتفكير بالتغيير لا يستسيغه الخاملون ولا يقبله الكسالى؛ لأن التغيير ثمنه باهظ، ولأن من تتحكم فيهم العادات يرَون في التفكير بالتغيير ضررًا عليهم ونقلًا لهم من حال إلى حال؛ ولذلك يحاربه المنحطون والكسالى، ويقف في وجهه من يسمَّون بالمحافظين، ومن يتحكَّمون في رقاب العباد وأرزاقهم؛ لذلك كان التفكير بالتغيير خطرًا على صاحبه، وكان من أشد ما يحارَب عليه حربًا لا هوادة فيها بين جميع أنواع التفكير. والتفكير بالتغيير، سواء أكان تغييرًا لنفوس الأفراد أو حالهم، أم تغييرًا للمجتمعات، أم تغييرًا لأوضاع الشعوب والأمم، أم غير ذلك مما يحتاج إلى تغيير، يجب أن يبدأ بالأساس الذي يعيش عليه الإنسان، وبالمجتمعات التي لا أساس لها أو تقوم على أساس خاطئ، أو الأوضاع التي تسير على طريق غير مستقيم. هذا الأساس الذي تقوم عليه الحياة هو الذي يرفع الحياة أو يخفضها، وهو الذي يسعد الإنسان أو يشقيه، وهو الذي يوجد وجهة النظر في الحياة وبحسب وجهة النظر هذه يخوض الإنسان معترك الحياة. فأولًا ينظر إلى هذا الأساس، فإن كان عقيدة عقلية تتجاوب مع فطرة الإنسان فإنه حينئذ لا يحتاج إلى تغيير، ولا يطرأ على قلب أي بشر ولا في ذهن أي إنسان فكرة التغيير في هذا الأساس؛ لأنه هو الأساس الذي يجب أن تقوم عليه الحياة؛ لأن التغيير إنما يوجد حيث لا تكون الأشياء صحيحة، وحيث لا تكون الأمور مستقيمة، وحيث يكون الخطأ ماثلًا للعقل، أو بارزًا لمشاعر طاقة الإنسان الحيوية. فإذا ما كان العقل موقنًا بشكل جازم بصحة الشيء واستقامة الأمر، وكانت مشاعر الطاقة الحيوية مشبعة ومرتاحة، فإن فكرة التغيير تنعدم كليًا؛ ولذلك فإنه لا يتأتى التفكير بالتغيير، إذا كان أساس الحياة عقيدة عقلية تتجاوب مع فطرة الإنسان. أما إذا كان الأساس الذي يعيش عليه الإنسان، ويقوم عليه المجتمع وتسير بحسبه الأوضاع، غير موجود أصلًا أو موجودًا بشكل خاطئ، فإنه من العبث أن يجري التفكير بالتغيير لأي شيء قبل التغيير في الأساس، أي قبل التغيير في العقيدة التي يعتقدها الناس؛ ولذلك فإن المسلمين وقد نعموا بالعقيدة العقلية التي تتجاوب مع فطرة الإنسان، كان واجبًا عليهم أن يحدثوا التغيير في الناس الذين لا عقائد لهم، أو لهم عقائد فاسدة يمجُّها العقل ولا تتجاوب مع فطرة الإنسان؛ ومن هنا كان فرضًا عليهم أن يحملوا الدعوة الإسلامية إلى جميع الناس غير المسلمين، ولو أدى ذلك إلى القتال وإلى خوض المعارك مع الكفار، أي مع الذين لا توجد لديهم العقيدة العقلية المتجاوبة مع فطرة الإنسان. فالتغيير يجب أن يبدأ بالأساس. فإذا غُيِّر هذا الأساس وحلَّ محلَّه الأساس المقطوع بصحته وصدقه؛ فحينئذ يفكر بالتغيير بالمجتمعات والأوضاع. وتغيير المجتمعات والأوضاع إنما يكون بتغيير المقاييس والمفاهيم والقناعات؛ ذلك أنه إذا وجد الأساس الصحيح الصادق، فإنه يكون المقياس الأساسي لجميع المقاييس، والمفهوم الأساسي لجميع المفاهيم، والقناعة الأساسية لجميع القناعات. فمتى وجد هذا الأساس أمكن حينئذ تغيير المقاييس والمفاهيم والقناعات، وبالتالي أمكن التغيير بالمجتمعات والأوضاع؛ لأنه تتغير به القيم كلها: قيم الأشياء، وقيم الأفكار، وبالتالي تتغير مقومات الحياة. فالتفكير بالتغيير لا بد أن يكون عند الإنسان، أو لا بد أن يوجد عند الإنسان. وكل من يملك عقيدة عقلية متجاوبة مع فطرة الإنسان يوجد لديه التفكير بالتغيير، إما بالقوة بأن يكون كامنًا فيه، وإما بالتغيير كأن يباشر التفكير بالتغيير فعلًا أثناء خوضه معترك الحياة. والتفكير بالتغيير لا يعني أنه موجود عند الذين يشعرون بضرورة تغيير أحوالهم أو أفكارهم، بل هو موجود ما دام في الكون حالة تقتضي التغيير؛ ولذلك فإن التفكير بالتغيير لا يقتصر على تغيير المرء لحاله ولا تغييره لمجتمعه ولا تغييره لشعبه وأمته، بل هو موجود لتغيير الغير، لتغيير الناس الآخرين والمجتمعات الأخرى والأوضاع الأجنبية. فإن الإنسان فيه خاصية الإنسانية، وهي تقضي بالنظر للإنسان أينما كان، سواء أكان في بلده أم في غير بلده، وسواء أكان في دولته أم في غير دولته، وسواء أكان في أمته أم في غير أمته. فالتغيير يحاول الإنسان إحداثه في كل مكان يحتاج إلى التغيير. والتفكير بالتغيير ينبع من قرارة النفس وتدفع إليه وقائع الحياة، بل يوجده مجرد الشعور بالحياة، وهو وإن كانت تقاومه القوى التي تشعر أن التغيير خطر عليها، فإنه موجود حتى لدى هذه القوى. فوجوده في الإنسان أمر حتمي؛ إلا أنَّ جعلَ الناس يفكرون بالتغيير، إما أن يأتي بالإقناع وإما أن يأتي بالقوة القاهرة. ومتى حصل التغيير بالفعل أو إدراك قيمة التغيير، فإنه يصبح التفكير بالتغيير سهلًا ميسورًا؛ لأنه يُعيد إلى الناس شعورهم بضرورة التغيير، وبالتالي يوجد لديهم التفكير بالتغيير؛ ولذلك كان لزامًا على كل مسلم أن يكون لديه التفكير بالتغيير”. (انتهى) وبانتهاء الاقتباس من كتاب التفكير، فإن الباب يفتح على مصراعيه للتفكير في تغيير أوضاع المسلمين اليوم التي لا تسرُّ صديقًا ولا تُغيظ عدوًّا، بل إن العدو هو الذي أوجدها من خلال طريقته في التغيير القائمة على فصل الدين عن الحياة أولًا، ثم على تجسيد النظرة الفردية ثانيًا، ثم النظر إلى الأمور من زاوية المصلحة والنفعية المحضة دون جعل أي اعتبار لقيمة غير القيمة المادية، مستبعدًا القيم الأخرى: الإنسانية أو الخلقية أو الروحية، وهذه هي الحضارة الرأسمالية التي تبناها الغرب بعد فصل الدين عن الحياة إبان ما عرف بالثورة الصناعية قبل قرون عدة في أوروبا، ثم تبعتها أمريكا، ثم تبنَّتها روسيا بعد انهيار المنظومة الاشتراكية الممثلة فيما كان يعرف بالاتحاد السوفياتي، ثم دخلت في دائرتها الصين بشكل شبه كامل وإن بدأت بدخولها على شيء من الاستحياء. فنحن اليوم، ومنذ أكثر من قرن من الزمان، نسير طوعًا أو كرهًا مع تيار التغيير الذي أنتجته طريقة التفكير الغربية في التغيير، وما كان هذا ليكون لولا انهيار دولة الخلافة العثمانية التي كانت تشكل الدرع الواقي من فيروسات التفكير الغربي المتحلِّل من القيم جميعًا ما عدا القيمة المادية. وهذا السير الطوعي أو الكرهي في ركاب الغرب قد أضرَّ كثيرًا بطريقة التفكير الإسلامية التي تقوم على إخراج الناس من الظلمات إلى النور، وربط الحياة الدنيا بالآخرة، والارتفاع بالمجتمع إلى أعلى مستويات الإنجازات المادية والروحية والإنسانية والخُلقية جنبًا إلى جنب وبشكل متصاعد ومتزامن. فانهارت منظومة القيم الإسلامية وتفتَّتت، وتشوَّهت النظرة إلى الحياة عند المسلمين، ودفنوا رؤوسهم في الرمال تغافلًا عن قضاياهم المصيرية والمركزية، وبقيت عوراتهم مكشوفة دون أي غطاء بسبب غياب الإمام الجُنَّة الذي يقاتَل من ورائه ويُتَّقى به. وأكثر فئة تعرضت لهذا الفيروس القاتل في طريقة التفكير هي فئة الشباب، وهي الفئة المعوَّل عليها في مشاريع التغيير والنهضة؛ نظرًا للتغير الهائل الذي حصل في طريقة تفكير الشباب المسلم منذ سيطرة الغرب على بلاد المسلمين. وإذا أجرينا دراسة مقارنة بين عيِّنة من شريحة الشباب في بلاد المسلمين اليوم مع عيِّنة من شريحة مماثلة من الشباب في عصر مضى من عصور المسلمين لوجدنا البون شاسعًا بين طريقة تفكير العيِّنتين، والاختلاف جوهريٌّ في أهداف وتطلعات العيِّنتين، ولصُدمنا من الفارق العظيم في حجم الإنجازات بين العيِّنتين في جميع المجالات. فمن العجيب أن يتناقص عدد العلماء الربانيين في قرننا قياسًا بقرون مضت، ومن المؤسف أن يقلّ أو ينعدم عدد القادة العسكريين الذين يقودون الأمة نحو الانتصارات في زماننا مقارنة مع أعداد القادة العسكريين المجاهدين الفاتحين في القرون الماضية ضمن الجيوش والكتائب والسرايا، ولأصابتنا الدهشة من قلّة بل ندرة الاختراعات العلمية التي تقود الأمة إلى التقدم العلمي وتطوير الأسلحة والأمصال والأدوية والأثاث وغير ذلك من مستلزمات الحياة مما وضعت له الأجيال السابقة الأسس العلمية وبلغت فيه الذروة والشأو البعيد، بل إن تلكم الأسس هي التي بنى الغرب نهضته العلمية عليها. ومن البلاء أن نتمتع بأعلى نسبة من فئة الشباب العمرية بين الأمم، ونكون في ذيلها غثاءً كغثاء السيل، وأعظم منه أن نملك أكبر ثروات الأرض الباطنية، ثم نعيش أقصى حالات الفقر المدقع! والأعظم من كل ذلك انشغال معظم شباب اليوم بسفاسف الأمور والبعد عن معاليها، فنجدهم يزدحمون في صالات الرياضة وملاعبها، وأماكن اللهو ومخترعاتها، هذا إذا نجوا من البطالة الحقيقية والمقنَّعة، علاوة على تقزيم طموحاتهم وافتقادهم للغايات السامية. ولو أردنا أن نسترسل في عقد المقارنات، ما وسعنا مقام كهذا، ولكن لا بد لنا من العودة إلى طريقة التفكير وأثرها في الحال البائس الذي وصلنا إليه. ولعلنا نضع الإصبع على سبب مهم من أسباب استمرار وضع الأمة الإسلامية المتخلِّف عن ركب الأمم، وهو التهافت الكبير من شباب المسلمين على تبني طريقة التفكير الغربية في التغيير – من حيث يدرون أو لا يدرون – وعزوفهم عن طريقة التفكير الإسلامية في التغيير؛ ذلك بأنهم رضوا بالواقع الفاسد وتأقلموا معه، واتخذوه مصدرًا لتفكيرهم لا موضعًا له، فغابت عنهم جرَّاء ذلك طريقة التفكير الإسلامية التي تقوم على اتخاذ الواقع موضعًا للتفكير لا مصدرًا له. ولمزيد من التوضيح لهذه النقطة، نلقي نظرة على أهم محطات التغيير التي حصلت في تاريخ البشرية لنثبت هذه الحقيقة التغييرية الراسخة: 1-أعمال التغيير التي قام بها الأنبياء عليهم السلام في أقوامهم. 2-عمل النبي محمد صلى الله عليه وسلم في مكة وما حولها لتغيير أحوالهم ونشوء المبدأ الإسلامي. 3-الثورة البلشفية ونشوء المبدأ الاشتراكي ومنه الشيوعي. 4-الثورة الصناعية الأوروبية ونشوء المبدأ الرأسمالي. وليس المقام مقام الشرح التفصيلي لكل من النقاط الأربع سالفة الذكر، ولكن الفكرة تكمن في توضيح حالة التغيير بأنها ليست إصلاحية ترقيعية، بل انقلابية شاملة، وذلك بإلغاء السائد القديم من الأفكار والمشاعر والأنظمة التي تضبط العلاقات بين الناس، وتسيير المجتمع بأفكار جديدة ومشاعر جديدة وأنظمة جديدة. وهذا النوع من التغيير هو الذي أحدثه النبي، وأصبح هو طريقة التغيير الشرعية الوحيدة، عملًا بقول الله سبحانه وتعالى:(إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوۡمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمۡۗ وَإِذَآ أَرَادَ ٱللَّهُ بِقَوۡمٖ سُوٓءٗا فَلَا مَرَدَّ لَهُۥۚ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِۦ مِن وَالٍ ١١). وهذا التغيير جماعي، وليس كما يتوهم الكثير بأنه فردي، ذلك بأن الآية كلها قد جاءت بصيغة الجمع، (قوم، يغيروا، بأنفسهم) وهو عين ما قام به النبي صلى الله عليه وسلم؛ إذ غير ما بنفسه وما بأنفس أصحابه وكوّن بهم كتلة في المجتمع المكي، ثم بدأت هذه الكتلة تتعرض لأنظمة المجتمع وتعيب الآلهة وتسفِّه الأحلام وتنتقد الأنظمة الاقتصادية والاجتماعية وغيرها، وتربط ذلك كله بالآخرة، مع تقديم البديل العقائدي والتشريعي، وربط ذلك كله بالتغيير السياسي ونظام الحكم. وإذا تأملنا مجموع الآيات الآتية، ونظرنا إليها نظرة الساعي إلى التغيير، فإننا نلحظ ذلك الأمر واضحًا جليًا. (إِنَّكُمۡ وَمَا تَعۡبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنتُمۡ لَهَا وَٰرِدُونَ٩٨). (وَإِذَا ٱلۡمَوۡءُۥدَةُ سُئِلَتۡ ٨ بِأَيِّ ذَنۢبٖ قُتِلَتۡ٩). وكذلك إذا تأملنا ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم في مناسبات عدة لها صلة بعملية التغيير، فإننا نجد الإصرار على إظهار عملية التغيير بأنها جماعية، وأن تطلعات التغيير تقع في نطاق الجماعة وليس الفرد. عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: لَمَّا أَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ نَبِيَّهُ أَنْ يَعْرِضَ نَفْسَهُ عَلَى قَبَائِلِ الْعَرَبِ خَرَجَ – وَأَنَا مَعَهُ وَأَبُو بَكْرٍ – إِلَى مِنًى حَتَّى دَفَعْنَا إِلَى مَجْلِسٍ مِنْ مَجَالِسِ الْعَرَبِ… وجاء في نهاية الحديث أنه حين عرض نفسه على بني شيبان قال له المثنى بن حارث: إن هذا الأمر الذي تدعو إليه مما تكرهه الملوك، وإنما نزلنا على عهد أخذه علينا كسرى، ألا نحدث حدثًا، ولا نؤوي محدثًا، فإن أحببت أن نمنعك وننصرك مما يلي مياه العرب فعلنا؟ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «مَا أَسَأْتُمْ بِالرَّدِّ إِذْ أَفْصَحْتُمْ بِالصِّدْقِ، إِنَّ دِينَ اللهِ لَا يَنْصُرُهُ إِلَّا مَنْ أَحَاطَهُ مِنْ جَمِيعِ جَوانِبِهِ». رواه البيهقي في الدلائل، وحسَّنه الحافظ ابن حجر. حدثنا مسدد حدثنا يحيى عن إسماعيل، حدثنا قيس عن خباب بن الأرت، قال شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو متوسد بردة له في ظل الكعبة فقلنا: ألا تستنصر لنا؟ ألا تدعو لنا؟ فقال: «قَدْ كَانَ مَنْ قَبْلَكُمْ يُؤْخَذُ الرَّجُلُ فَيُحْفَرُ لَهُ فِي الْأَرْضِ فَيُجْعَلُ فِيهَا، فَيُجَاءُ بِالْمِنْشَارِ فَيُوضَعُ عَلَى رَأْسِهِ فَيُجْعَلُ نِصْفَيْنِ، وَيُمْشَّطُ بِأَمْشَاطِ الْحَدِيدِ مَا دُونَ لَحْمِهِ وَعَظْمِهِ، فَمَا يَصُدُّهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ. وَاللَّهِ لَيَتِمَّنَّ هَذَا الْأَمْرُ حَتَّى يَسِيرَ الرَّاكِبُ مِنْ صَنْعَاءَ إِلَى حَضْرَمَوْتَ لَا يَخَافُ إِلَّا اللَّهَ وَالذِّئْبَ عَلَى غَنَمِهِ، وَلَكِنَّكُمْ تَسْتَعْجِلُونَ». رواه البخاري. قال ابن إسحاق: لما اجتمعوا (أي: الأنصار) للبيعة (بيعة العقبة الثانية) قال العباس بن عبادة بن نضلة: هل تدرون علام تبايعون هذا الرجل؟ قالوا: نعم، قال: إنكم تبايعونه على حرب الأحمر والأسود من الناس، فإن كنتم ترَون أنكم إذا نُهكت أموالُكم مصيبة، وأشرافكم قتلًا أسلمتموه، فمن الآن، فهو والله إن فعلتم خزي الدنيا والآخرة، وإن كنتم ترون أنكم وافون له بما دعوتموه إليه على نهكة الأموال وقتل الأشراف فخذوه، فهو والله خير الدنيا والآخرة. قالوا: فإنا نأخذه على مصيبة الأموال وقتل الأشراف، فما لنا بذلك يا رسول الله إن نحن وفَّينا بذلك؟ قال: «الْجَنَّةُ»، قالوا: ابسط يدك، فبسط يده فبايعوه. لم يَعِدِ النبي صلى الله عليه وسلم الأنصار بشيء من الدنيا، ولا لفت انتباههم إليها، رغم علمه صلى الله عليه وسلم بنصره وما يفتح الله على أمته، لم يوجه انتباههم إلَّا إلى الآخرة، فلمّا قالوا: فما لنا بذلك يا رسول الله إن نحن وفينا بذلك؟ قال: «الْجَنَّةُ»، فلم يَعِدْ بغيرها ولم يذكر غيرها. هذه النصوص وغيرها كثير تفيد أمورًا ثلاثة: إن طريقة التفكير شرعية وليست عقلية أو واقعية أو علمية أو غير ذلك من طرائق التفكير. إن منهجية التفكير جماعية وليست فردية. إن أعمال التغيير منهجية متكاملة ومراحل مترابطة آخذ بعضها برقاب بعض، وليست عفوية ارتجالية. ومن هنا فإن المسلمين جميعًا مطالبون بالانخراط في عملية التغيير وفق الشروط الشرعية، أي وفق طريقة التغيير الإيجابي الأول التي قام بها النبي صلى الله عليه وسلم، ليحدثوا التغيير الإيجابي الثاني المفضي إلى الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة، وكذلك فإنهم مطالبون بالتخلي عن الأفكار الغربية التي استحوذت عليهم، وصرفتهم عن طريقة التغيير الشرعية، بل وأقعدت الكثير منهم عن مجرد التفكير بالتغيير، بعد أن قام خونة العرب والعجم بعملية التغيير السلبي الأول بانقلابهم على الدولة الإسلامية العثمانية. وعلى الشباب أن يدركوا الحقائق الآتية وهم يسيرون في طريق التغيير الإيجابي الثاني: إن الحضارة الرأسمالية آيلة للانهيار، وإن ما يعرف بالليبرالية قد أصبحت سُبَّة في وجه البشرية لما جلبته عليهم من ويلات وكوارث. إن ساسة الغرب يعيشون هاجسين: هاجس سقوط مبدئهم، وهاجس عودة الإسلام لقيادة البشرية، وإن المرحلة الراهنة هي مرحلة سقوط حضارة الغرب وارتقاء حضارة الإسلام بإذن الله. إن التغيير الذي ننشده تغيير كوني وليس مجرد تغيير أنظمة، فليس غريبًا أن يلاقي هذه الشدة ويطول عليه العهد. وهو يتطلب الانعتاق من طريقة التفكير الغربية والاقتصار على طريقة التغيير الإسلامية، وهذا لا يقدر عليه إلا حزب مبدئي بنى تفكيره وشبابه عليها، وأصبحت جزءًا لا يتجزأ من تكوينهم باعتبارهم حملة دعوة ورجال دولة، استنساخًا لحزب النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه الكرام رضوان الله عنهم أجمعين. إن التغيير الذي ننشده بوصفنا أمة إسلامية يكمن في الإصرار على إقامة الدولة الإسلامية من جديد، خلافة راشدة على منهاج النبوة، تتبنى الإسلام أساسًا لعقيدتها وكيانها وأجهزتها ومحاسبتها وكل شيء فيها، وتحمل الإسلام إلى العالم أجمع رسالة هدى ونور عن طريق الجهاد في سبيل الله بمراحله الثلاث. إن النصر بيد الله وحده، ينزله على من يشاء من عباده، وقتما يشاء، وحيثما يشاء، (وَمَا ٱلنَّصۡرُ إِلَّا مِنۡ عِندِ ٱللَّهِۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ١٠).وختامًا، فإننا نهيب بشباب المسلمين أن يعقدوا العزم على السير في طريقة التفكير بالتغيير، وأن يشمِّروا عن ساعد الجدّ للعمل مع العاملين الجادين المخلصين والهادفين لإقامة دولة خلافة المسلمين، فهي الكفيلة بإحداث النقلة التغييرية المطلوبة في أحوال المسلمين اليوم من البؤس والشقاء إلى الخير والطمأنينة، ثم لتنتقل إلى إخراج الناس جميعًا من الظلمات إلى النور. وليعلموا أن عملهم هذا إن كان مطابقًا لعمل الصحابة الأوَّلين، فإن لهم خمسين ضعفًا مثل أجرهم. عن عتبة بن غزوان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّ مِنْ وَرَائِكُمْ أَيَّامَ الصَّبْرِ، لِلْمُتَمَسِّكِ فِيهِنَّ يَوْمَئِذٍ بِمَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ أَجْرُ خَمْسِينَ مِنْكُمْ»، قَالُوا: يَا نَبِيَّ اللَّهِ أَوَ مِنْهُمْ؟ قَالَ: «بَلْ مِنْكُمْ». أخرجه الألباني في السلسلة الصحيحة وقال: حديث صحيح. (وَٱللَّهُ غَالِبٌ عَلَىٰٓ أَمۡرِهِۦ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يَعۡلَمُونَ٢١) (وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هُوَۖ قُلۡ عَسَىٰٓ أَن يَكُونَ قَرِيبٗا٥١). #مجلة_الوعي #التفكير #الإسلام http://www.al-waie.org/wp-content/uploads/2020/06/Waie_406.pdf
    2 points
  26. بسم الله الرحمن الرحيم هل نشأت #الخلية الحية تلقائيا؟ ================== حين تصعد #الجبل الشاهق، وتجد على الذروة مجموعة من الحجارة مصفوفة فوق بعض بطريقة هندسية، فلا شك أنك ستقطع أن أحدا ذكيا كان قبلك هنا، فالأنظمة المعقدة لا تنتج صدفة، ولو قلنا إن صندوقا يحوي مجموعة حروف هجائية وأرقاما وعلامات ترقيم تم هزّه بعنف جراء هزة أرضية، فانتثرت مكوناته على الطاولة مكونة الترتيب التالي: (اخاصيهرانؤل،حهز@:غ)، فإن أحدا لن يعير هذه الحروف انتباها، ولن يحفل بها، بينما لو نظرت إلى طاولة فوجدت الحروف عليها منتظمة لتشكل جملة مفيدة، مثلا: (الإنسان كائن ذكي يعيش على الأرض)، فإن أحدا لن يفكر للحظة أن هذه الجملة نتجت عشوائيا عن هزة أرضية نثرت الحروف على الطاولة، وذلك لأن الجملة عبرت عن فكرة ذكية في الذهن ترجمت عبر صف الحروف والكلمات إلى جانب بعض بشكل يؤدي ذلك المعنى، ذلك هو التصميم الذكي، حسنا، فماذا عن مصيدة الفئران، في أبسط تصميم لها تتألف من قضيب تثبيت، ومطرقة تضرب الفأر حين اصطياده، وقطعة جبن فخا للفأر، ونابض (زمبرك)، ومنصة خشبية، ومثبتات تثبت كل هذه الأجزاء بعضها مع بعض. هل لو أزيلت منها أي قطعة تنفع في صيد الفئران؟ هل من الممكن أن تكون نشأت #صدفة؟ لا يمكن أن تلقي قنبلة على مجموعة أخشاب فتنتج لك مصيدة للفئران متكاملة الأركان! لا شك أن مثل هذا يمثل نظاما مبنيا من مجموعة من الأركان أو العناصر، كل واحد منها يؤدي غرضا يؤازر وظيفةَ ركنٍ آخرَ يؤدي غرضاً آخرَ، وفي المجموع كل عناصر هذا #النظام تؤدي غرضا معينا دقيقا، بحيث لو أزلت أي ركن منها أو أي عضو، لفسد النظام العام، ولم تؤد الغرض الذي لأجله وضعت! وكل ركن أو عضو منها إذا وجد لوحده لم يؤد الغرض أو الغاية أو الهدف، لا بد أن تجتمع كل العناصر معا في الوقت نفسه وفي تصميم ذكي يضع وظيفةً وارتباطاً لكل واحد منها مع الآخر بشكل منظم دقيق، هذا هو التصميم الذكي. هل يمكن أن ينشأ هذا التصميم الذكي المعقد من مادة صماء بكماء عمياء لا عقل لها ولا وعي ولا ذكاء ولا تخطيط، بمحض الصدفة؟ أو جراء تطور زمني، لم يصاحبه أي نوع من معرفة الغاية الذي يجعل أركان هذا النظام تتآلف معا لتؤدي تلك الغاية، وتتوزع الأدوار بدقة وتكامل لتصب في تحقيقها؟! لا يمكن أن تفكر الأعضاء الصماء غير الذكية في النظام الذي يجمعها لتأدية غاية، لا يمكن أن يقرر الزنبرك أنه بحاجة لخشبة ومسمار يثبته كي يصلح لصيد الفئران! في الطبيعة ملايين الأنظمة الدقيقة التي تعمل على هذه الشاكلة نفسها، ولا يمكن أن تكون نتاج تصميم أعمى غير عاقل! السمع مثلا: تصل الأمواج الصوتية إلى الأذن الخارجية، وتتجمع في الصيوان، وتسير عن طريق القناة السمعية إلى الطبلة، ووظيفة هذه الأجزاء هي التقاط الذبذات الصوتية وتوجيهها نحو الأذن الوسطى والداخلية، كما أنها توفر الحماية للأجزاء الحساسة من #النظام السمعي. يتميز غشاء الطبلة بأنه دقيق مرن يقفل القناة السمعية، ويوجد في نهايتها، والطبلة محمية من الجفاف بواسطة تزييت مستمر بمساعدة غدتين شمعيتين تفرزان الشمع وهو مادة دهنية. وعندما تدق أمواج الصوت على الطبلة تتذبذب الطبلة ذبذبات تناسب الموجات الصوتية تماما. خلف الطبلة توجد الأذن الوسطى، وهي تشبه حجرة صغيرة بحجم حبة الفاصوليا. في هذه الحجرة توجد ثلاث عظمات صغيرة وهي العظمات السمعية، وبسبب أشكالها تدعى العظمات بالمطرقة والسندان والركاب (الكعبرة). وتتصل المطرقة بالطبلة، يليها السندان، فالركاب، والركاب يتصل بالأذن الداخلية في نافذة بيضاوية في كبسولة عظمية للأذن الداخلية، عظام السمع تُكَبِّر الذبذبات وتحولها من الطبلة إلى الأذن الداخلية. ومن الضروري أن تعمل هذه العظام كسلسلة من الأذرع الناقلة للاهتزازات (الذبذبات) التي جاءت من الطبلة، تعمل هذه الاهتزازات على تحريك السائل القاسي في الأذن الداخلية فينقلُ هذا السائلُ في الأذن الداخلية تلك الذبذبات. إن أنبوب استاكيوس هو جزء من #الأذن الوسطى وله وظائف غاية في الخطورة إذ يتصل بالحلق للسماح للصرف وتبادل الهواء! وهذا يحافظ على ضغط الأذن الوسطى مساوياً لضغط الهواء الخارجي، فيتزن الجسم! تتكون الأذن الداخلية من جزأين متصلين، ثلاث حلقات تسمى القنوات نصف الهلالية، وهي تساعدنا في الحفاظ على توازننا (وهذا هو النظام الدهليزي)، كذلك توجد القوقعة وهي تشبه بيت الحلزونة، وهو العضو الحسي في نظام السمع؛ في القوقعة المملوءة بذلك السائل الذي سبق ذكره والذي يتحرك عن طريق اهتزاز النافذة البيضاوية، وفيه توجد شعيرات السمع (خلايا الشعر) وهي شعيرات صغيرة مشدودة كالأوتار. في أعماق الأذن، توجد خلايا متخصصة تسمى "خلايا الشعر" تستشعر الاهتزازات التي في الهواء، وبسبب الذبذبات التي تحرك السائل المهتز تنشط خلايا الشعر الصغيرة داخل القوقعة، أي أن ذبذبات السائل أطلقت ذبذباتٍ بشعيرات السمع، متناسبة مع تلك الذبذبات. تحتوي خلايا الشعر هذه على كتل صغيرة من النتوءات الشبيهة بالشعيرات tiny clumps of hairlike projections التي تسمى، ستيريوسيليا stereocilia، والتي يتم ترتيبها في صفوف بناء على الارتفاع، كل مجموعة بحسب ارتفاعها، ثم التي تلي وهكذا، تتسبب الاهتزازات الصوتية في انحراف الاستريوسيليا قليلاً، ويعتقد العلماء أن #الحركة تفتح مسامات صغيرة تسمى قنوات أيون، مع اندفاع الأيونات الموجبة الشحنة في خلية الشعر، وحيث إن شعيرات السمع متصلة بأطراف الأعصاب، هذه الذبذات أو الأيونات المشحونة تنقل الإحساس السمعي على صورة إشارات يتم تحويل الاهتزازات الميكانيكية فيها إلى إشارة كهروكيميائية عبر العصب السمعي إلى مراكز #السمع في الدماغ ومن هنا ينقل الإحساس السمعي، ويترجم مركز السمع #الذبذبات التي التقطتها الآذان إلى أصوات مفهومة، يتم تحليلها وتفسيرها في الدماغ! وإضافة إلى ذلك فإن الشعيرات السمعية هذه تحمي الأذن من الأصوات ذات الذبذبات المرتفعة جدا، من خلال عملية تسمى "التكيف"، adaptation، تقوم الأذن بتعديل حساسية قنوات الأيون الخاصة بها لتتناسب مع مستوى#الضوضاء في البيئة المحيطة، فعندما تغط في نوم عميق مثلا تتحول الأذن إلى مضخم الصوت لسماع الأصوات الأكثر نعومة، بينما في الصباح حين تبدأ الضوضاء تجد الأذن على العكس تماما، تعيد ضبط مستوى حساسيتها حتى تتكيف مع مستويات الضجيج دون أن تؤذي الأذن![1] وكما تعلم، فإن هذا يمثل التصميم المعقد لنظام متكامل بالغ الدقة المتناسبة مع طبيعة الموجات الصوتية كي تنقل تلك الموجات بشكل يحافظ على ذبذباتها، واهتزازاتها، وأطوالها الموجية، فينقلها كما هي، ليصلح تفسيرها في #الدماغ، فيؤدي النظام ككل وظيفة بالغة التعقيد والدقة، وكل جزء فيه يؤدي وظيفة محددة تخدم#الوظيفة الكلية للجهاز، وتنسجم مع الغاية من نقل الذبذبات بدقة بالغة، بل ويتعدى ذلك إلى الحفاظ على توازن جسم الكائن الحي ككل، وتتكامل مع الأعضاء الأخرى وتخدم بعضها بعضا لأداء وظيفة الجهاز السمعي، وهكذا. فهل يا ترى، قامت الحياة صدفة أو بشكل تلقائي؟ للإجابة وللإطلاع على بقية المقال، اضغط هنا: http://www.hizb-ut-tahrir.info/…/sp…/articles/cultural/56911
    2 points
  27. مكمن الخلل الذي وقع فيه الفلاسفة ثم الأشاعرة كما ذكرنا أعلاه، فإن الخطأ المنهجي الذي وقع المتكلمون عموما، هو الانسياق وراء ابحاث الفلاسفة والرد عليهم على نفس صعيد البحث دون التمييز الدقيق لمدى صحة الأسس التي أقام عليها الفلاسفة استدلالاتهم. وفي موضوعنا هنا (نفي العلة الغائية عن أفعال الله) وقعوا في نفس الخطأ، فجاءت المشكلة المنهجية لدى الأشاعرة من اقرارهم جزئيا باستدلالات الفلاسفة على قدم العالم أي أزلية الكون من خلال العلة والمعلول، فالفلاسفة يقولون بأنه ما دامت العلة التامة (واجب الوجود وصفاته وافعاله) موجودة فيحصل المعلول (الوجود) عندها وجوبا، فأوجبوا على الله أن يخلق العالم منذ الأزل. ولما أراد الأشاعرة الرد عليهم نفوا ضرورة انتاج العلة للمعلول وجوبا بأن علقوا وجود المعلول أي العالم بمشيئة الله وليس جبرا عنه. ولذلك قالوا بالسببية الجعلية. وكذلك نفى الأشاعرة العلة الغائية عن أفعال الله حتى لا يحصل المعلول تلقائيا ووجوبا، لأن الأشاعرة اخذوا برأي الفلاسفة بأن الشيء الموجود له أربعة علل هي: العلة الفاعلة والعلة الغائية والعلة الصورية والعلة المادية، وعند توفر جميع هذه العلل ينتج عنها المعلول وجوبا لأن السبب ينتج المسبب حتما، ولذلك وحتى يرد الأشاعرة على الفلاسفة بنفس المنهج الفلسفي وجدوا الثغرة في العلة الغائية، وهي العلة التي لها علاقة بالباعث والدافع على القيام بالأفعال الارادية عند الفاعلين، وبما أن الفاعل مريد ويفعل باختياره، وهذا الاختيار هو ما يعطل العلة الغائية، قالوا بنفي العلة الغائية عن أفعال الله فكسروا بذلك حجة الوجوب على الله وأصبحت أفعال الله حتى حسب مقاييس الفلاسفة بالارادة والمشيئة، وتوصل الأشاعرة بأنه لا يجب على الله شيء. والصحيح انه كان على الأشاعرة عدم الإقرار بشروط العلة التامة كما قال بها الفلاسفة، لأن ذلك أوجد لهم إشكالية لها أول وليس لها آخر، اضطرنهم إلى نفي العلة الغائية والتشكيك في السببية والقول بأنها سببية جعلية، ولكن كان بامكانهم أن يخرجوا من هذا المطب والاشكال بطريقة أحسن وأسلم!!! في رأيي أن قول الفلاسفة بالعلل الأربع وأنها ينتج عنها المعلول وجوبا ليس مسلما به، فهذا صحيح بالاستقراء الجزئي بالنسبة للأشياء الفيزيائية الجامدة التي لا حياة فيها، أما فيما يتعلق بالسببية الإنسانية فهي غير السببية الفيزيائية، لأن هناك حلقة وسطى موجودة بين السبب وحصول المسبب أو النتيجة وهي حلقة الإرادة، وبدون هذه الإرادة لا يحصل الفعل الإنساني، فالارادة هي أحد الأسباب اللازمة حتى تكون العلة تامة والتي بتمامها واكتمالها تحصل النتيجة حتما. ولنأخذ المثال الذي استخدمه الأشاعرة حول البرد والمعطف، فشعور الإنسان بالبرد هو العلة الغائية الدافعة (الحاجة أو المشكلة) والباعثة على القيام بالفعل، والغاية تتبلور في ذهن الإنسان من خلال عملية عكس نتائج الحاجة أو المشكلة، فتكون الغاية هي التخلص من الألم الجسمي والانزعاج الناتج من البرد، ويكون سبب حل المشكلة أو اشباع الحاجة هو الوصول إلى الدفء وذلك من خلال لبس معطف ثقيل أو اشعال نار حول المكان، وبعد القيام بهذا الفعل تكون النتيجة هي زوال الألم والانزعاج والحصول على الدفء. ولا بد من ملاحظة نقطة النقص والخلل التي وقع فيها الفلاسفة هنا، وهي أن الفعل الإنساني (وهو لبس المعطف أو اشعال النار) هو فعل ارادي وليس فعلا جبريا، فصحيح أن البرد شيء خارج عن الإرادة ولكن فعل اللبس والنار شيء ارادي ومنوط بمشيئة الانسان واختياره, فيمكنه أن يلبس المعطف أو أن يشعل النار أو لا يفعل شيئا بأن يتحمل ألم البرد، ولا أحد يجبره على فعل أي من هذه الأفعال بل هو يقوم بواحد منها باختياره، وبالتالي تكون ارادته وحدها التي حددت له ما يقوم به من أفعال، طبعا بجانب الأخذ بباقي الأسباب والشروط اللازمة لاتمام هذا الفعل. والنتيجة أن الفعل الإنساني يلزمه وجود خمس علل وليس أربعة كما يقول الفلاسفة، والعلة الخامسة هي الإرادة والاختيار، ولو انتبه السادة الاشاعرة لهذا الأمر لما لزمهم كل هذا العناء في الرد على الفلاسفة، ولأدركوا أن الإرادة بالنسبة لأفعال الله هي أحد الأمور اللازمة لوجود نتيجة الفعل. ولأدركوا كذلك أن العلة المادية أي وجود المادة الخام التي يصنع منها الشيء هي علة لازمة حتما للفاعل (الإنسان)، ولكن الله لا يحتاج إلى العلة المادية، فقد يخلق الأشياء من العدم بدون سابق وجود كما خلق السموات والأرض، وقد يخلق الله الأشياء بالتصوير أي يحولها ويبدلها من أشياء موجودة خلقها سابقا، فقد خلق الله آدم من تراب، وهذا التراب كمادة شيء مخلوق قبل وجود آدم عليه السلام. ولذلك لا يصح قياس أفعال الله على أفعال الإنسان، فالله يخلق الأشياء ويصورها من لا شيء أي من العدم، ويخلقها بعلمه وارادته بقوله للشيء كن فيكون، وليس بحاجة إلى علة غائية تدفعه، ولكن هناك مقاصد وغايات لأفعاله موجودة في علم الله قبل خلقها، ثم الله يريد أن يخلق شيئا بارادته في وقت وزمان معين ويشكله ويصوره حسب ما يشاء ويجعله متناسبا ومتلائما مع باقي الأشياء التي خلقها وذلك بقدره وبحكمته. أما الإنسان فهو يحتاج في صنعه للأشياء أو في افعاله عموما إلى خمس علل وهي: الغائية والفاعلية والمادية والصورية والإرادة، فالإرادة هي أحد أسباب وجود الأشياء وتغيير أحوالها عند الإنسان، ولولا الإرادة لكان الفعل الإنساني هو فعل المضطر أو المجبر أو قد يكون فعلا لا إراديا، إي وقع منه بطريق الخطأ أو الصدفة ولذلك يعتبر فعله هذا فعلا غير مقصود أو عبثيا، ولكن هذا الأمر لا يصح في حق الله بأن يكون فعله بالخطأ او الصدفة العبثية لذلك كان لا بد من القصد والغاية حتى يعتبر الفعل اراديا. والخلاصة أن انسياق المتكلمين ومنهم الأشاعرة وراء منطق الفلاسفة وظنونهم، هو ما اوقعهم في ورطات فكرية كان يمكن تداركها لو اتبعوا منهجية فكرية صحيحة في ابحاثهم، من خلال طريقة القرآن في اقرار الحقائق، والاعتماد على العقل والفطرة بعد تحديد معنى العقل والطريقة العقلية والشروط اللازمة للتفكير، والابتعاد عن الانجرار وراء علم المنطق والابحاث الفلسفية التي لا طائل منها. والحمد لله على نعمة الهدى والقرآن
    2 points
  28. خلاصة بحث موضوع العلة الغائية عند الأشاعرة جعل الأشاعرة من خصومة الفلاسفة وفرقة المعتزلة من المتكلمين الأساس في أبحاثهم، فكان الكثير من أبحاثهم هي ردود أفعال على مغالاة الفلاسفة والمعتزلة في الاندفاع وراء تبني الآراء الفلسفية اليونانية، وهذا ينطبق على أبحاث وجود الله وما وراء الطبيعة وابحاث صفات الله وأفعاله، ومسائل القضاء والقدر وخلق القرآن والرزق والموت وغيرها من أبحاث العقائد ولذلك نجد دفاع الأشاعرة عن الإسلام ووقوفهم بشكل حازم أمام تلك الموجة من التأثر بالفلسفة اليونانية، مما كان له الأثر في تخفيف الاندفاع وراء تلك الموجة، وهذا أمر يكتب لصالحهم، ولكن رأينا أن الأشاعرة قد انساقوا مع المتكلمين والمعتزلة في الرد على نفس الصعيد فوقعوا في أخطاء منهجية في طريقة التفكير، وقد ذكرها الشيخ تقي الدين النبهاني رحمه الله تعالى في كتبه وبوب عناوين خاصة في بحث طريقة المتكلمين ومنهجهم والرد على هذا المنهج وتصويبه بذكر مواطن الخلل ثم تحديد الرأي الصواب في الموضوع وفق منهجية إسلامية بناها بعد بحث عميق مستنير حول موضوع التفكير وتعريفه ومناهج التفكير، وتعرض كذلك لعلم المنطق والخلل فيه، وتعرض للمغالطات التي تصرف عن الحقائق ثم البحث في النصوص الأدبية والفكرية والتشريعية والسياسية. فالشيخ تقي الدين رحمه الله فكر -كما يقال- خارج الصندوق، ورفض الانجرار وراء أبحاث الفلاسفة والمتكلمين، فلم يبحث مسألة خلق القرآن ولم يبحث في الكثير من متعلقات صفات الله، وقد ذكر الشيخ تقي الدين موضوع تعليل أفعال الله بغرض، في مبحث مقاصد الشريعة في أصول الفقه، ضمن الجزء الثالث من كتاب الشخصية الإسلامية، وذكر وجود أكثر من رأي في هذا الموضوع ضمن أبحاث علماء التوحيد، ولكنه لم بعطي رأيا في الموضوع وإنما ذكر أن هذا المبحث ليس من مباحث أصول الفقه وإنما هو من المباحث المتعلقة بالعقائد وبصفات الله لا بالشريعة، لذلك لا محل له في أصول الفقه ولا في الفقه ولا علاقة له بالعلة الشرعية... لعدم انطباقه ولتباين الموضوعين موضوع صفات الله وموضوع العلة الشرعية والأحكام الشرعية. أما في بحثنا هنا في موضوع نفي العلة الغائية عن أفعال الاله عند الأشاعرة، فقد ذكرنا وشخصنا بشكل واضح لا لبس فيه المقصود بالعلة الغائية، والفرق بينها وبين السبب والغاية والإرادة والفعل والحكمة، وقد بينا فيه معنى العلة الغائية وأنها هي السبب الباعث على وجود المشكلة أو الحاجة وأن هذا يستلزم وجود أمر لا إرادي (جبري) يؤثر في الإنسان، وأن اثبات هذا الأمر لله -أي العلة الغائية في أفعاله- يستلزم وجود الحاجة والاضطرار والجبر في أفعال الله، وهذه صفة نقص أو كما يسميه الأشاعرة بالاستكمال، ولذلك توصلنا إلى أن العلة الغائية بهذا المعنى منفية قطعا عن الله سبحانه لأن من أهم صفاته أنه كامل غير ناقص وأنه صمد أي غير محتاج. لذلك فاستناد الأشاعرة والمتكلمين لهذا الدليل هو في محله ولا اشكال فيه. أما الشق الثاني من دليل الاستكمال وهو خلق الله لما يريد دون وسائط، فالموضوع فيها مختلف فهو لم يعد البحث في أن الله محتاج في ذاته إلى شيء وتوسل بالأسباب أو الوسائط لتحقيق ذلك، بل الموضوع أن الله أراد أن يتحقق سد حاجات مخلوقاته بواسطة أسباب معينة، فلا يشكل هذاالأمر أية مشكلة ولا نقصا في ذاته، بل هذا النقص يثبت لهذه الأشياء لأنها محتاجة لغيرها، وهذا هو بالضبط دليل الاحتياج الدال على وجود الله، ويستدل المتكلمون أنفسهم على وجود الله بدليل العناية ودليل الحكمة والتناسق وهو ما يسميه الغربيون (العلة الغائية)، ودليل العناية هو ما يثبت أن الله خلق الأشياء لينتفع بعضها من بعض، وأن تكون سببا في تحقيق حاجات الإنسان بالتسخير. وهذه هي عناية الرب سبحانه بمخلوقاته، وبهذا نرى أن الإشكال الموجود عند الاشاعرة في موضوع السببية والعلية والوسائط الضرورية قد تم حله. وكذلك تم النفريق بين الغاية والعلة الغائية، وأن نفي الغاية والقصد في الأفعال يقتضي العبثية، وإثبات وجود غايات للأفعال لا يستلزم أية إشكالات تتعلق بدليل الاستكمال الذي يستند اليه الأشاعرة في نفي العلة الغائية، فإثبات وجود غايات لأفعال الله هو نفي للعبثية عنها، لأن الغاية تابعة للقصد والإرادة، فإذا اثبتنا أن الله مريد فيكون ما يفعله مقصود لحكمة والأمر المقصود هو الأمر الذي تكون له غاية. والمريد الحكيم هو من تكون ارادته وغاية أفعاله مطابقة تماما لما ينتج عن هذه الأفعال من آثار وثمار. ولنضرب مثالا آخر من القرآن غير المذكور سابقا على وجود الغاية من أفعال الله قبل وجود الأشياء، وهو قوله تعالى في سورة البقرة (إني جاعل في الأرض خليفة). فالله أراد خلق خليفة في الأرض وهو آدم وذريته، وأخبر الملائكة عن هذه الغاية قبل خلق آدم، ثم خلق الله آدم وعلمه وجعل له الاختيار في أن يعبده (تسبيح الله والتقديس له)، فالعبادة هي الغاية وهي المقصد من خلق بني آدم قال الله تعالى: (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) والعبادة هي الحكمة الناتجة من خلق الإنسان ولكن هذه الحكمة قد تتحقق وقد لا تتحقق، والعبادة هي الغاية من خلق الإنسان ككائن مخير وله إرادة خاصة، وهذه الغاية موجودة في علم الله وأخبر بها الملائكة قبل أن يخلق آدم. ولذلك يجب الانتباه إلى أن النقص قد دخل من قصر البحث لدى الأشاعرة -في موضوع نفي العلة الغائية- على صفة الإرادة والقدرة لله وإغفالهم علاقة الصفات الأخرى بأفعال الله، وهي صفة العلم وصفة الحكمة، فصحيح أن أفعال الله تتعلق بارادته ولكنها تتعلق بعلمه وبحكمته أيضا، ولا يمكن فصل أفعال الله عن جميع صفاته أما موضوع السببية والوسائط التي ينكر الأشاعرة تأثيرها في الأشياء، بل يهربون من ذلك بالقول بالسببية الجعلية فهذا الأمر هو تشكيك في بدهيات العقول وفي الواقع المحسوس وهو تأويل لا داعي له ولا محل له، لأن خالق الأشياء والطاقة السببية المؤثرة فيها هو الله كما أنه خلق القوانين والنواميس والسنن وجعلها متحكمة في الكون والحياة والإنسان، وقد ذكرنا أن الأسباب تؤثر في غيرها بفعل الطاقة السببية التي تكتسبها من غيرها، وهذه الطاقة السببية ليست ذاتية ولا ضرورية في الأشياء بل هي سلسلة من الأسباب المؤثرة تنتهي عند مسبب الأسباب وهو الله تعالى. فالخلل في تصور السببية الجعلية آت من بحث مسألة خلق الأفعال، ولكن الموضوع ليس موضوع خلق التأثير وخلق التغيير عند وجود فعالية الأسباب، وإنما المسألة هي مسألة تغيير وتحويل وتبديل في الأشياء وليست مسألة خلق الفعل من العدم، فالفعل عرض لجوهر موجود وهي غير مستقل بذاته عن الأشياء، لذلك لا يقال خلق الفعل بل الخلق يكون للأشياء، وهذه هي نفس اشكالية نظرية الكسب الأشعرية في موضوع خلق الأفعال ردا على المعتزلة في موضوع القضاء والقدر، فالأشاعرة يقولون بأن العبد كاسب والله هو الفاعل وكما يقال في المثل القديم "أدق من كسب أشعري" تعبيرا من القدماء عن صعوبة فهم وتصور وادراك مسألة الكسب عند الأشاعرة. وبهذا حلت مشكلة السببية التي كانت تؤرق الباحثين في فكر الاشاعرة فالحمد لله على نعمة الهدى والرشاد ومنهجية الفكر المستنير بنور القرآن، والبعيد من التأثر بمنطق الفلسفة الاغريقية والله الموفق وعليه التكلان
    2 points
  29. رابعا: دليل الاستكمال الذي بنى عليه الأشاعرة نفي العلة الغائية عن افعال الله بالإطلاع على أدلة المتكلمين –ومنهم الأشاعرة- حول نفي التعليل عن أفعال الله يتضح أنها هي نفس أدلة الفلاسفة، فالفلاسفة يتصورون بأن صدور وتولد المعلول عن علته التامة هو واجب تلقائي ضروري من واجب الوجود دون إرادة، وبالتالي قالوا بقدم العالم أي أن الوجود أزلي مع الله، لأن العلة الفاعلة وهي الله وجميع ما يلزم لخلق العالم قد وجد منذ الأزل، فالعالم موجود بالضرورة منذ الأزل، أي قديم. ألا أن المتكلمين متفقون على أن أفعال الله تصدر عن ارادته وعلمه فهي صادرة بالاختيار فلا شيء في أفعال الله تصدر وجوبا عن ذاته كما يدعي الفلاسفة. الدليل الذي يعتمده الأشاعرة لنفي العلة الغائية عن أفعال الله سبحانه وتعالى هو دليل أو حجة الاستكمال، فيقولون بأن المخلوق قد يدفعه البرد الى إيقاد النار ليصطلى بها أو يدفعه الجوع الى تناول الطعام ليصل الى الشبع، أما الإله فإنه مستغن بنفسه ولا يسعى ليسد نقصا أو يزداد كمالا، ونفى العلة- بهذا المعنى – عن أفعال الإله لا يعنى أبدا أن أفعاله عبثية غير مقصودة كأنما أتت بها المصادفات، وانما تحدد الإرادة أفعال الله تعالى وسننه الكونية وشرائعه على نحو متسق وحكيم دون غرض أو باعث أو علة تتسلط على الإله، فإرادته تامة لا يشوبها أى معنى من معانى الجبر أو الحمل على ما لا يريد. يقول الإمام الفخر الرازي: "أن كل من فعل فعلا لغرض فهو مستكمل بذلك الغرض، والمستكمل بغيره ناقص بذاته وذلك على الله محال، وإما أن يكون الداعي هو الحكمة والمصلحة فالله قادر على تحقيقها دون توقف على وسائط". ويقول الإمام الشهرستاني: "ان الله تعالى خلق العالم ... لا لعلة حاملة له على الفعل، سواء قدرت تلك العلة نافعة له أو غير نافعة، إذ ليس يقبل النفع والضرر، أو قدرت تلك العلة نافعة للخلق إذ ليس يبعثه على الفعل باعث فلا غرض له في أفعاله ولا حامل، بل علة كل شيء صنعه". ويقول د. البوطي: "صفة الارادة في ذات الله صفة تامة كاملة لا يشوبها أي جبر أو قسر، فلو قلت بأن الله أنزل المطر من أجل علة استهدفها، وهو ظهور النبات على وجه الأرض وأنها حاملة له على إنزال المطر -كما هو شأن العلة الغائية- فمعنى ذلك أنك تقول إن الضرورة هي التي حملته على الإمطار، إذ كانت هي الواسطة التي لا بد منها للنبات فالارادة متجهة اذا إلى الانبات، أما الأمطار فإنها مشوبة بقدر كبير من الضرورة التي تنافي الارادة ، .... وهذا الاعتقاد في حق الباري جل جلاله كفر محض وأنه يتناقض مع مقتضى الألوهية تناقضا بينا". وبتدبر دليل "الاستكمال" هذا والذي اعتمد عليه الأشاعرة، نجد أنه صحيح جزئيا من زاوية رد القول بالنقصان في ذات الله سبحانه، وهو غير دقيق من زاوية ضرورة الوسائط. فكما رأينا في النقطة الثالثة التي ذكرناها سابقا أعلاه، فإن العلة الغائية تعني وجود حاجة أو مشكلة عند المخلوق تؤثر عليه بشكل لا إرادي أي جبرا عنه، فتدفعه إلى القيام بأعمال معينة لسد هذه الحاجة أو حل هذه المشكلة، فالجوعان يدفعه الجوع للأكل لتحقيق الشبع، والنعسان يندفع للنوم والعطشان يحتاج للشرب، والمريض الذي لديه مشكلة في جسمه يحتاج للدواء من أجل الشفاء. فالعلة الغائية بهذا المعنى منفية قطعا عن الله سبحانه لأن من أهم صفاته أنه كامل وأنه صمد أي غير محتاج. والصمد سبحانه الذي لا يستند إلى شيء، بل كل المخلوقات تستند (تعتمد) في وجودها وحاجاتها اليه، فالله تعالى لا يجوع ولا يعطش ولا ينام بل هو قائم بذاته وهو قيوم السموات والأرض، وتستند الأشياء والمخلوقات في وجودها وسد حاجاتها إليه، فهو بهذا المعنى ربها أي يرعاها بما يصلحها، فالقول بالعلة الغائية في أفعال الله يعني اثبات النقصان في ذات الله كالأكل والنوم والمرض، ثم هو يلزمه بالضرورة أن يقوم بأفعال معينة ليسد هذا النقصان، فهو يستكمل بهذه الأفعال نقصانه. فهذا الأمر أي سد النقصان أو الاستكمال لا يجوز في حق الله سبحانه، لأن من أهم صفاته التي اثبتها العقل له بالقطع هو كونه خالق وأنه قادر غير عاجز، وهو غير محتاج وغير محدود أي أزلي وهو واجب الوجود، وهو أيضا عالم ومريد وحكيم ومالك الملك وغير ذلك من الصفات التي يثبتها العقل لله سبحانه، وهذا ينفي عن الخالق حاجته في وجوده أو أفعاله إلى أي شيء بل هو قادر على الخلق والقيام بما يريد دون الاحتياج والاستناد إلى أي شيء، فهو يُطعِم ولا يُطعَم ولا تأخذه سنة ولا نوم، وهو من يشفي المرضى وهو من ينزل الماء من السماء ليسقي جميع النبات والأحياء، ودليل الاحتياج هذا هو من أهم الأدلة التي تثبت عجز المخلوقات، ويثبت بأن لها خالقا خلقها، ولكنه –أي الخالق- يجب أن يكون غير عاجز ولا محتاج، فلو كان محتاجا لكان مخلوقا وهذا تناقض باطل لا يجوز. لذلك فاستناد الأشاعرة والمتكلمين لهذا الدليل هو في محله ولا اشكال فيه. ولكن لاحظ النقطة الخفية التي تتسرب بين كلمات الأشاعرة، وهي قولهم بأن الله قادر على سد حاجات المخلوقات دون توسط أي دون أسباب، وهذا ملاحظ في كلامهم ولكنه أمر يضاف إلى دليل الاستكمال وهو ليس جزءا منه بل تعلق به تعلقا دون ضرورة، فانظر ولاحظ الإشكال في الكلام ولنأخذ ما يذكره البوطي في مثال المطر والنبات أعلاه، فهو يقول: (أن الله أنزل المطر من أجل علة استهدفها، وهو ظهور النبات على وجه الأرض وأنها حاملة له على إنزال المطر -كما هو شأن العلة الغائية- فمعنى ذلك أنك تقول إن الضرورة هي التي حملته على الإمطار، إذ كانت هي الواسطة التي لا بد منها للنبات)، فالموضوع تحول هنا فلم يعد اثبات أن الله محتاج في ذاته، فليس الله بحاجة للنبات في ذاته وتوسل بالامطار لتحقيق ذلك، بل الموضوع أن الله أراد أن يتحقق الانبات لسد حاجات غيره أي مخلوقاته -لأنه ربها- وليس من أجل لذاته، وذلك بواسطة سبب معين وهو المطر. فكون الله سبحانه يرتب الانبات بسبب الامطار، فلا يشكل هذا أية مشكلة ولا نقصا في ذاته، بل هذا النقص يثبت لهذه الأشياء لأنها محتاجة لغيرها، وهذا هو بالضبط دليل الاحتياج الذي نستند اليه في إثبات وجود الله، فالله أراد الانبات وأراد الامطار وجعل هذا سببا في ذاك، فأين الاشكال؟ حقيقة لا يوجد اشكال لأن الله هو خالق الأشياء وخالق التأثير في الأسباب، وإنما المشكلة تكون إذا كان الله بحاجة في ذاته للنبات ولا يستطيع تحقيق الحصول على النبات الا بأسباب معينة وهي الامطار، أو أنه لا يملك التأثير على الاسباب ولا الوصول بها الى النتائج وهي النبات لسد حاجات غيره من المخلوقات، فيكون هذا الأمر عندها نقص في ذات الله سبحانه، ولكن إذا قلنا أن الله لا يحتاج إلى النبات وأنه هو من يوجد هذه الأغراض للمخلوقات بسبب حاجتها اليها فهذا يثبت وجود النقص فيها ويثبت أن الله هو من تحتاج اليه فيكون من صفاته أنه صمد وقيوم ورب. وعليه فلا يوجد أية مشكلة في ذات بسبب هذا الإقرار،فالله هو من جعل المطر سببا في الإنبات. وهذا من مقتضيات الخالقية القيومية والصمدية والربوبية في ذات الله، فالله رب كل شيء ويسد حاجات جميع مخلوقاته فيجعل هذا المخلوق يستكمل حاجته من مخلوق آخر، والله أراد أن يكون الإنبات بواسطة الأمطار، وأن يحتاج الحيوان إلى ماء المطر ليشرب وإلى النبات ليأكل، وأن يصطاد الحيوان حيوانا آخر ليسد به جوعته، وأن يأكل الإنسان من النبات والحيوان ليسد حاجاته، والأدلة على ذلك من الحياة والواقع ومن القرآن متضافرة لا يمكن انكارها. ومن أجل اثبات أن هذا الفهم ليس فهمنا الخاص بل هو فهم الأشاعرة، نقرأ من كلام البوطي في ص 145 من كتابه كبرى اليقينيات حيث يقول: (لأن من يحتاج إلى أمر ثم لا يستطيع بلوغ هذا الأمر الا بواسطة معينة يستعملها فانما هو ناقص من جهتين الاحتياج والاستعانة بالغير فهذا شأن كل من تقوم أعماله على أساس العلة الغائية) فهنا يفترض الأشاعرة أن الله عندما جعل الإنبات بواسطة الأمطار افترضوا بأن الله يعجز عن فعل ذلك إلا بالاستعانة بهذه الواسطة وهذا العجز مناقض لصفة الكمال، وقولهم هذا -حسب هذا المعنى- صحيح، ولكنه مشروط -بشرط غير لازم- بأن الله يحتاج ولا يستطيع بلوغ ذلك إلا بالاستعانة بالوسائط، ولو أزلنا هذا الشرط من الكلام لزال الإشكال أصلا فلسنا بحاجة إلى هذا الشرط حتى يقتضي ذلك نفي السببية والعلية عند الأشاعرة. وعندها يصبح الكلام متسقا ولا إشكال فيه فيكون القول بأن الله أراد إنبات النبات وجعل المطر سببا في الإنبات، وهو ذاته خالق المطر وخالق النبات وجعل بينهما رابطة سببية بحيث تكون في النبات قابلية الانتفاع من المطر وجعل في الماء قابلية أو خاصية الإرواء لتكون متناسبة مع النبات ، فالكلام -بعد إزالة شرط عدم الاستطاعة- يصبح متسقا ولا إشكال فيه. والغريب في الأمر أن المتكلمين أنفسهم يستدلون بدليل العناية على وجود الله، وهو من أهم الأدلة التي تثبت الكلام الذي نقوله أعلاه. فالله عز وجل خلق المخلوقات وأتقن صنعها وأحكمه، وجعل الأشياء مسخرة ليستفيد منها الإنسان ويقضي حاجاته من الغذاء والشراب والدواء والرعي والركوب والصناعة والبنيان فهي عناية مقصودة ليست عبثية، فالتسخير والتناسب بين الأشياء لمصالح المخلوقات أكبر دليل على على العناية. ودليل العناية هو ما يثبت أن الله خلق الأشياء لينتفع بعضها من بعض، وأن تكون سببا في تحقيق حاجات الإنسان بالتسخير. وهذه هي عناية الرب سبحانه بمخلوقاته، ويكفيك قول الله تعالى في سورة طه: (قَالَ فَمَن رَّبُّكُمَا يَا مُوسَىٰ (49) قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَىٰ كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَىٰ (50) أي أن الله أعطى كل شيء صلاحه وهداه لما يصلحه. وبهذا نرى أن الإشكال الموجود عند الاشاعرة في موضوع السببية والعلية والوسائط الضرورية قد تم حله. والحمد لله رب العالمين
    2 points
  30. السلام عليكم ورحمة الله ثالثا: واقع العلة وعلاقتها بالسبب والغاية والإرادة والفعل والحكمة العلة من ناحية اللغة تأتي بمعنى التكرر والعائق والضعف فى الشيء والسبب، فهي في اللغة لفظة قريبة من معنى السبب. ولكن يتضح من معانيها اللغوية أنها العائق أي السبب المعيق ومن معانيها علة المريض وهي سبب الضعف فيه أي سبب المشكلة التي حدثت في جسم المريض بعد أن كان صحيحا. أما من ناحية عقلية فتطلق العلة على السبب، ولكن النظرة إلى العلة تكون بشكل أوسع، بحيث تشمل الأسباب والشروط اللازمة لحصول الأعمال مع انتفاء الموانع والمعيقات، وعندها يطلق عليها العلة التامة ، وبالتالي هناك علاقة بين العلة والسبب بين اللغة والعقل. ومن ناحية الفلسفة الاغريقية وبالأخص فلسفة أرسطو-كما ذكرنا أعلاه-، فهو يقسم العلل إلى أربعة وهي: العلة الفاعلية والعلة الغائية والماهية والمادية. فوجود الشيء وتحققه في الخارج يحتاج إلى فاعل ومادة وصورة ومجموع هذا المركب تسمى علة تامة. والعلة الغائية هي الغرض أو هي ما لأجله يصدر الفعل من الفاعل أي هي الباعث على الحكم في الأفعال. والعلة الغائية متقدمة على الفعل في الوجود العلمي الذهني ومتأخرة في الوجود الخارجي الفعلي (النتيجة)، وهذه العلة هي المقصودة في التعليل بالحكم والغايات والمقاصد. إذن اعتمد المتكلمون على معنى العلة وتقسيماتها من أرسطو وطبقوا هذا الأمر على أفعال الإله، وبالتالي نفوا وجود العلة الغائية في أفعال الله سبحانه وتعالى. أما العلة الشرعية فهي اقرب ما تكون إلى العلة الفاعلة وهي دالة على معنى التأثير وغير داخلة في ماهية الحكم. أما العلة في أصول الفقه مختلفة عن السبب، فالسبب هو علة قاصرة غير مؤثرة في الحكم، وإنما هي فقط أمارة وعلامة لوجود الحكم الشرعي، أما العلة فهي الباعث على الحكم وهي مؤثرة في هذا الحكم. فدلوك الشمس سبب لصلاة الظهر وهي علامة على دخول الوقت ووجوب وجود الصلاة، ولكنها غير مؤثرة وليست الباعث على حكم الصلاة، أما الإلهاء عن صلاة الجمعة فهي علة للنهي عن التجارة والبيع وقت صلاة الجمعة، ويقاس عليها مثلا النهي عن اجراء العقود وعقد الصفقات وكل ما يلهي عن صلاة الجمعة، فالعلة هنا مؤثرة في الحكم وتدور معه وجودا وعدما. أما علاقة العلة بالغاية والحكمة، فالعلة الغائية هي العلة الباعثة على وجود الأفعال وما يتعلق بها من غايات وحكم، فالغايات تتأخر عن العلل الغائية في الذهن، ولكن الغايات تسبق الأفعال في الوجود العلمي الذهني، ومتأخرة في الوجود الخارجي الفعلي (النتيجة) فالحكمة هي ما ينتج عن الفعل من مصالح ومنافع بعد حصوله. ومن أجل أن نفهم العلة الغائية والغاية والحكمة، لا بد لنا من تصور ما يحصل في ذهن الإنسان قبل القيام بالفعل وبعده وذلك يكون على مرحلتين: المرحلة الأولى هي تشخيص وفهم المشكلة، ثم المرحلة الثانية وهي حل المشكلة. فالموضوع متعلق بالتفكير في المشكلات والحاجات لدى الإنسان، حيث أن لكل مشكلة أسباب ولها نتائج (مسببات)، فالمرحلة الأولى يتم فيها تشخيص المشكلة من خلال تحديد الظواهر الناتجة عنها أي نتائجها وآثارها، وإذا تم تحديد آثار المشكلة يتم الانتقال إلى تحديد سبب المشكلة وهو ما يسمى بالعلة الغائية أي السبب الباعث على حصولها أو هو السبب المؤثر أي المثير للمشكلة. وقد تكون المشكلة سببها حاجات الإنسان العضوية كالأكل والشرب والنوم وغرائزه كغريزة حب البقاء والنوع (الطاقة الحيوية)، فإذا لم تشبع هذه الحاجات فإنها توجد مشكلة. والمرحلة الثانية -بعد إتمام تشخيص المشكلة وفهمها ذهنيا-، هي سعي الإنسان إلى حل هذه المشكلة من خلال عكس الأسباب والنتائج، فيحول العقل نتائج المشكلة فتصبح غايات، فيما يحول أسباب المشكلة أو عللها الغائية إلى أسباب لحلها، وتكون أسباب الحل هي الأعمال السببية الموصلة إلى تحقيق الغايات، أي هي أفعال الإنسان المراد القيام بها وما يلزمها من شروط وأدوات مع التغلب على الموانع والمعيقات. ومن هنا نلاحظ الربط الواضح بين العلة الباعثة على وجود المشكلة وبين الغاية الماثلة في الذهن قبل القيام بالأفعال، فنتائج المشكلة تصبح هي الغايات المطلوبة والمقصودة لاحقا، وكذلك نلاحظ العلاقة ما بين نتائج الأفعال والعلة الغائية، فالعلة الغائية هي سبب حدوث المشكلة وهي نفسها السبب الفاعل المتخذ وسيلة لحلها ولكن بشكل معكوس. فالفعل الإنساني إذن هو السبب الفاعل للوصول إلى النتيجة المقصودة وهو معكوس السبب الباعث الذي أدى إلى حدوث المشكلة، أي أن العلة الغائية هي معكوس السبب الفاعل أي هي الفعل الذي أدى لحصول المشكلة ولكن بشكل معكوس، والفرق بينهما أن العلة الغائية تحصل بشكل لا إرادي ويكون الإنسان مجبرا فيه حيث يقع عليه دون إرادة منه، ولكن سبب الحل يكون بقيام الإنسان فعل إرادي.لحل المشكلة وعكس نتائجها. ولنأخذ المثال الئي ذكره البوطي أعلاه حيث قال: فشعور الإنسان بالبرد توصله إلى الحاجة إلى الدفء، وهذه الحاجة هي غرض يحمل الإنسان على القيام بارتداء معطف ثقيل، فإذا فعل ذلك تحقق له الغرض المطلوب وشعر بالدفء. فتحقيق الدفء علة غائية وهي الحامل والباعث على الفعل وهي ماثلة في الذهن من قبل الفعل ولكنها تتحقق في الخارج بعده. فلدينا حاجة عضوية عند الإنسان وهي المحافظة على طاقة حرارية مناسبة للجسم، وعند البرد يشعر الإنسان بارتعاش وقشعريرة وألم في الأطراف وانزعاج في الذهن فهذه تعتبر نتائج المشكلة، ويبحث ذهنيا عن سبب المشكلة فيجد أنه برودة الجو مع خفة اللباس الواقي لجسمه من البرد، ثم بعد ذلك ينتقل إلى المرحلة الثانية من التفكير لحل المشكلة، فيحول نتائج المشكلة إلى غايات فتصبح غايته هو عكس البرد أي وصول الدفء لجسمه واطرافه لايقاف الألم والقشعريرة، ويتم ذلك بعكس سبب المشكلة وهي هنا اللباس الدافئ، فيقرر أن الحل يكون بالأخذ بالأسباب أي بالقيام بفعل معين وهو لبس معطف ثقيل أو اشعال نار، وإذا أراد حل المشكلة وعزم على القيام بتحقيق الغاية المقصودة فإنه يأخذ بالأسباب فيتحقق له الغرض المطلوب والمقصود وهو الدفء فإذا حصل الدفء تكون النتيجة قد طابقت الغاية المقصودة، فيكون قد نجح في حل المشكلة التي حدثت لديه، فالنجاح هو مطابقة نتيجة الفعل السببي للغاية المقصودة التي كانت ماثلة في الذهن قبل القيام بالفعل. ومن خلال هذا التحليل نتعرف على أن العلة الغائية هي برودة الجو بالنسبة للحراة المناسبة لجسمه، وأن الغاية المقصودة هي الوصول إلى الدفء المناسب، وأن الفعل المطلوب هو لبس معطف ثقيل عازل عن البرد، وأن الإرادة والعزيمة توصله إلى البحث عن المعطف المناسب ثم لبسه حول جسمه، وأن النتيجة المتحققة هي دفء الجسم، فإذا تحقق له الدفء فيكون قد نجح في عمله وحقق غايته. فالعلل الغائية هي المثيرات الداخلية والخارجية التي تؤثر في الظروف والأحوال المناسبة لحاجات الإنسان وهذه العلل لا يتحكم فيها الإنسان بل هي أمور تقع في الدائرة التي تسيطر عليه ولا إرادة له فيها والله الموفق وعليه التكلان
    2 points
  31. السلام عليكم سنبدأ ببحث النقاط المذكورة أعلاه حسب الترتيب والبداية ستكون النقطة الأولى. النقطة الأولى: مدى صلاحية علم المنطق للاستدلالات العقلية والتوصل إلى نتائج صحيحة الأشاعرة بوصفهم من المتكلمين، فالمنطق في علم الكلام هو من أهم ما يستندون اليه في استدلالاتهم، لأنهم يعتبرون المنطق بأنه آلة تعصم العقل عن الوقوع في الخطأ ، وهم لم يتوصلوا إلى تعريف العقل بشكل صحيح، أو التوصل إلى شروط البحث العقلي الصحيح والوقوف عندها. وهي أربعة شروط: وجود الواقع المحسوس ووجود حواس سليمة ووجود دماغ صالح للربط الذكي ، ووجود المعلومات السابقة. علم المنطق كما يذكر الشيخ تقي الدين النبهاني رحمه الله تعالى في كتاب التفكير، لا يعتبر -المنطق- طريقة خاصة في التفكير، وإنما هو أسلوب من أساليب البحث المبنية على الطريقة العقلية، والمنطق فيه قابلية الكذب وقابلية المغالطة، والأولى أن تستعمل الطريقة العقلية في البحث ابتداء، وأن لا يلجأ إلى الأسلوب المنطقي. وفي الجزء الأول من كتاب الشخصية الإسلامية يتعرض الشيخ تقي الدين رحمه الله تعالى، لنشأة المتكلمين ومنهجهم في البحث، وذكر أن هذا المنهج من البحث المنطقي الذي اعتمدوا عليه يقوم على الاستدلال وبناء قضايا على قضايا والتوصل إلى نتائج منطقية منها، وهو منهج يعطي العقل حرية البحث في كل شيء فيما يدرك وفيما لا يدرك في الطبيعة وفيما وراء الطبيعة وفيما يقع عليه الحس وما لا يحس، ولم يلتزموا بشرط البحث العقلي في المحسوسات فقط. وقد تعرض المتكلمون لصفات الله وأفعاله مما لا يقع عليه الحس وخاضوا فيها بحثا، وفاتهم أن المحسوس مدرك وأن ذات الله غير مدركة فلا يمكن أن يقاس أحدهما على الآخر، فالبحث في صفات الله دون دليل من الشرع هو بحث في ذات الله وهو ممنوع، فمثلا بحثوا مفهوم العدل بالنسبة لله، مع أن عدل الله لا يقاس على عدل الإنسان، وبحثوا موضوع علم الله وقدرته وارادته، وهي أبحاث كلها تقع في دائرة غير المحسوس، ولا يمكن للعقل أن يصدر حكمه عليها، ومجمل هذه الأبحاث مبنية على فروض وتخيلات، ويقام البرهان عليها من مجرد التصور المنطقي لأشياء قد تكون موجودة او غير موجودة، لذلك وقعوا في أخطاء من جراء هذا المنهج المنطقي في البحث. وقد تعرض حزب التحرير لمنهج المتكلمين بالتفصيل في كتبه، خصوصا كتاب الشخصية الإسلامية كما ذكرنا، وفندها تفنيدا تاما، ومن أراد الاستزادة فعليه بمراجعة الموضوع هناك. يتبع بمشيئة الله
    2 points
  32. رأي الأشاعرة في العلل الكونية : أراد الله تعالى أن يسير الكون وفق سنن مطردة لا تكاد تنخرق وفى تلك السنن نرى عللا يتولد عنها معلولات وأسبابا توصل لنتائج، وشروطا يوجب عدمها عدم المشروطات، ولكن السادة الأشاعرة نفوا أيضا أى ترابط ضرورى بين العلل والمعلولات أو بين الأسباب والنتائج ردا على الفلاسفة الطبيعيين الذين لا يرون وراء المعلول الا علته ولا يدركون الا الأسباب الظاهرة القريبة فإيجاد الممكنات أو إعدامها –عند الأشاعرة- يأتى مقارنا للسبب لا بواسطة السبب ذاته فالإحراق يخلق عند ملامسة النار للورق لا بملامسة النار للورق، ولكن من اطراد اقتران النار بالإحراق تصور بعض الفلاسفة أن النار هى التى أوجدت الإحراق وأن الماء هو الذى يوجد الري بذاته فانتصب لهم الأشاعرة نافين أى فاعلية للمادة الصماء. وما دعى الأشاعرة لتقرير تلكم الفكرة أن أخص صفات الإله عندهم هى الخلق والإختراع أو إيجاد الممكنات واعدامها وهو المستبد بها حصر، أما العلل القريبة فهى علل جعلية يخلق الله المعلول عندها لا بها ولكن هذا لا يدعو لإهمال تلك العلل وترابطها العادى مع معلولاتها كشروط أو أسباب ولكنهم يعزون التأثير والفاعلية والخلق لله رب العالمين فالاشاعرة بنفون الأسباب المؤثرة في المخلوقات، لأن ذلك يناقض أصل توحيد الفاعلية وما نظرية الكسب إلا لحل مشكلة اقتران القدرة الحادثة بالقدرة القديمة في فعل العبد ، فلا أثر للسبب في مسببه، وهذا الفهم يتناسب تماما مع نظرية الكسب الأشعرى حيث أن الفعل يوجد بإعتبارين الإيجاد والكسب، فالأول من الله والآخر من العبد ولو ألغى الأشاعرة أى دور للمكلف لقالوا بالجبر التام. الذى يحرص الأشاعرة على انحصاره فى ذاته تعالى من معانى العلية هو معنى الفاعلية فقط أما المعانى الأخرى كالإحتياج والتوقف والإشتراط – وكلها مما ينتمى لمعنى العلية بصورة أو أخرى- فلا بأس فيما يرى الأشاعرة أن تضاف الى الحوادث أنفسها، فمما لا شك فيه أن الأشاعرة قائلون باحتياج الكل الى الجزء وبإحتياج العرض الى موضوع يقوم به والإحتياج مما يثبت علية المحتاج اليه فى المحتاج فلولا أنهم يقرون بعلية الأشياء بعضها فى بعض – إجمالا- للزمهم انكار مثل هذه الأحكام الضرورية فى العقول والأذهان. وقد هاجمت كل المدارس العقلية الأشاعرة بدءا من المعتزلة وحتى الفلاسفة والملاحدة، فادعى عليهم أنهم صادموا الفطرة حينما قطعوا العلائق بين العلل ومعلولاتها وبين الأسباب ونتائجها وادعى عليهم أيضا أنهم صادموا العقل والعلم حين فسروا الظواهر الكونية تفسيرا غيبيا. والظاهر أن مذهب نفاة تعليل أفعال الإله (ومنهم الأشاعرة) سببه هو الرد على الفلاسفة القائلين بقدم العالم الذي يستلزم طرد التعليل، وهذا يعني أن أفعال الله تعالى لا يقصد منها غاية أصلا، وانما هربوا من أن يجعلوها تابعة لحكمة ما، لأن ذلك يؤدي إلى القول بقدم العالم، فسدوا الباب من ذلك. لأن في ذلك إشارة إلى استلزام التعليل للتسلسل. وبطلان التسلسل هو أحد بديهيات العقول التي يعتمد عليها المتكلمون والمناطقة في أحكامهم كبطلان التناقض وبطلان الدور الخ، وهي أهم مستندات الدلالة على صانع وخالق الكون، فمَنْ تَتَبَّع العلل الكونية سينقاد الى إدراك علة أولى ضرورية تستند اليها باقى العلل كى لا تتسلسل الى ما لا نهاية، والأثر يدل على المؤثر أبدا، والقول بنفى العلية نفيا تاما – كما فعل الفيلسوف الأوروبي الحديث دافيد هيوم- سيؤدى حتما الى الإلحاد، فعندما ننفى ترابط العلل مع المعلولات لن نكون مضطرين الى البحث وراء العلة الأولى الموجدة للكون وفلسفة هيوم خير شاهد على هذا!! ومن الأمثلة على بديهية بطلان التسلسل هو كإطلاق رصاصة من مسدس، فإذا اطلقت الرصاصة من قبل أحد الجنود، ولكن هذا الجندي قبل أن يطلق الرصاصة انتظر الأمر من الضابط المباشر، وهذا الضابط انتظر الأمر من الضابط ذو الرتبة الأعلى منه والضابط الثاني انتظر الأمر من الضابط الثالث والثالث انتظر الأمر من الرابع، والقول بتسلسل الأوامر إلى الأعلى إلى ما لا نهاية محال عقلا، لأنه ما دامت اطلقت الرصاصة فهناك ضابط اتخذ القرار ثم أمر من تحته بتنفيذه حتى وصل إلى الجندي حامل المسدس ، وإذا افترضنا أن التسلسل لا نهائي فتكون الرصاصة لن تطلق إلى الأبد أو أنها غير موجودة، وإذا كانت الرصاصة قد اطلقت فهناك حتما نهاية وقطع للسلسلة عند نهاية معينة عند الضابط الذي اعطى الأمر لمن دونه وإلا فمن المحال أن تطلق الرصاصة من المسدس.
    2 points
  33. إلى من يهاجمون حزب التحرير انتقد نفسك أولاحزب التحرير يعمل للخلافة والحمد لله رب العالمين، وأعماله موجودة في جميع العالم الإسلامي تقريبا، وموجود بين المسلمين في الدول الغربية، وهو من الأحزاب التي لا تداهن أي حاكم، ويمتاز بقوة استدلاله على أعماله بالأحكام الشرعية، فلا يوالي ولا ينافق ولا يداهن ولا يداجي من بيده الأمور ولا يغير ولا يبدل ما دام كل عمل من أعماله مستندا إلى دليل شرعي.ولذلك فالحرب على الحزب قوية وشرسة، فأعضاؤه يتعرضون للاعتقال والسجن والتعذيب المفضي كثيرا إلى الاستشهاد، ولكنه لله الحمد والمنة سائر لا يوقفه احد من الظلمة مهما قمع وعذب، فالحزب سائر بشكل قوي.ولذلك يعمد المجرمون الظلمة على حرب الحزب حرب فكرية، بتشويه أفكاره بين الناس علّ وعسى أن ينفر الناس من دعوة الحزب، وتصدى لهذا العمل المجرم الكثير من الكتاب والمفكرين المجرمين وأجهزة المخابرات وكثير من أبناء الحركات الإسلامية المرتبطين بالأنظمة الظالمة لتشويه صورة الحزب، ولكن الحزب سائر لا يضره من خالفه.ولكن المشكلة هي في بعض أبناء المسلمين، فكثير منهم تجده لا يجرأ على القول للحاكم في بلده يا ظالم، ولكنك تجده أسدا شجاعا في الهجوم على حزب التحرير، وكثير منهم يدخل اللعبة الديمقراطية ويقبل بالحاكم أن يكون نصراني أو امرأة ويجلس معهم يضحك ويتسامر الحديث، ثم يقول من أخطاء الحزب قوله قبول دخول النصراني إلى مجلس الأمة، وبعضهم يعتبر القواعد الأمريكية في بلاد الإسلام أهل ذمة، ويقول إن من أخطاء الحزب قوله جواز وجود بعض الضباط غير المسلمين في الجيش، وتجد بعضهم لا يرى المنكرات في الشوارع ولا يرى أخطاء الإعلام الذي ينشر الفاحشة ولا يرى فساد المسؤولين في بلده، وعندما يجلس على جهاز الحاسوب يتصدد لتشويه صورة الحزب.فان قال البعض أن الحزب ينقد الآخرين أقول لهم إنما هو يبين الموقف المخالف للإسلام وكيف انه يضر المسلمين، ولا يتعرض الحزب بالتشهير لحركة معينة والهجوم عليها وكأنه لا شغل له إلا هذه الحركة، كما أن الحزب دائما ينقد الحكام، لا كما يفعل الكثير من الحركات الإسلامية التي تهاجم الحزب وتنسى الحكام المجرمين.إلى هؤلاء أقول إنكم تقدمون عملا جليلا وكبيرا للكفار الذين يحاربون الحزب ودعوته وتقفون حجر عثرة أمام الخلافة، واعلموا أنكم لن توقفوا الحزب، فالحزب صمد في دول ديكتاتورية وإجرامية كسوريا وأوزبكستان، ولم يضره كل المفترين عليه، سواء كانوا موظفين عند الظلمة مثل أجهزة المخابرات والكتاب والمفكرين المرتبطين بالأنظمة أو بعض الحركات الإسلامية والمشايخ الذين ينفذون أجندة النظام، أم من عامة الناس الذين امتلأ قلبهم حقدا على حزب التحرير من قادتهم ومشايخ السوء، فحزب التحرير يسير يوميا من عليٍ إلى أعلى والحمد لله رب العالمين، ويكفيه أن الله معه.إن أردتم الخير انضموا إلى حزب التحرير واعرفوا حزب التحرير من مواقعه الرسمية ومن أعضائه بينكم، وليس من كتب ومواقع المفترين على الحزب، وان كرهتم الحزب ولا يجوز لمسلم كره أخيه المسلم، فتصدوا لمنكرات المجتمع الشديدة إن كنتم تريدون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وحاسبوا حكامكم إن كنتم من الصادقين، فجميعهم مجرمون ظلمة، يجب إزالتهم.وان أبيتم إلا الهجوم على حزب التحرير، فلن تنالوا غير الإثم ومساندة أعداء الله في القضاء على الخلافة، ولن تفلحوا، فحزب التحرير يشق طريقه غير آبه بكل الأعداء والمجرمين والمنافقين وغيرهم ممن أعمى الحقد قلبه، وعودة الخلافة باتت قاب قوسين أو أدنى. http://naqed.info/forums/index.php?showtopic=4279
    2 points
  34. بسم الله الرحمن الرحيم الإقدام أم العجز الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم وسار على دربهم بإحسان إلى يوم الدين. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. إخوة الإيمان: الأخذ بأسباب القوة, ترك العجز, عدم إيجاد أو افتعال الأعذار والمبررات، الاستعانة بالله سبحانه, وتفويض المقادير إليه , وكياسة المؤمن , كل ذلك جاء مشمولا في حديث النبي صلى الله عليه و سلم الوارد في مسند أحمد وصحيح مسلم. فعـَنْ أبي هـُرَيرَة َ رَضِيَ اللهُ عَـنهُ عَـن ِ النـَّبيِّ صلى الله عليه و سلم أنـَّهُ قالَ:( المُؤمِنُ القويُّ خـَيرٌ وَأحَبُّ إلى اللهِ مِنَ المُؤمِن ِ الضَّعيفِ , وَفِي كـُـلٍّ خـَيرٌ , احرصْ عَلى مَا يَـنفعُـكَ, وَاستعـِنْ باللهِ وَلا تعجَزْ وَإنْ أصَابَـكَ شَيءٌ فـَلا تـَقـُـلْ لـَو أنـِّي فعَلتُ كذا كانَ كذا, وَلكِـنْ قـُـلْ: قـَدَّرَ اللهُ وَمَا شـَاءَ اللهُ فعَـلَ, فإنَّ لـَو تـَـفتـَحُ عَـمَـل الشـَّيطـَانَ ). المؤمن القوي أيها الإخوة المؤمنون: هو من كانت عزيمته قوية , من كان قويا في إيمانه , قويا في عقيدته , قويا في عقليته ونفسيته , قويا في جسمه , قويا في عبادته و طاعته , قويا في امتثاله لأوامر الله, قويا في اجتنابه لما حرم الله. المؤمن القوي من كان أكثر إقداما على العدو , و أسرع من غيره في مواجهته والخروج إليه، مجاهدا إياه بسلاحه ولسانه وفكره كلما نادى المنادي للجهاد. المؤمن القوي من كان اشد عزيمة في الأمر بالمعرف والنهي عن المنكر, وأكثر جرأة وشجاعة في الصراع الفكري والكفاح السياسي . المؤمن القوي من كان أكثر صبرا ً على ما يصيبه من أذى في حمله الدعوة, يصبر على السجن والقمع والاعتقال والمطاردة والمداهمة ويتحمل المشاق, مشاق الغربة والحرمان من الوظيفة . المؤمن القوي من يتخطى الصعاب ويحطم الحواجز التي تعترضه أثناء القيام بحمل الدعوة. المؤمن القوي من تكون عزيمته قويه في العبادات وفي جميع الطاعات. بهذا يكون المؤمن القوي خيرا ً وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف العاجز عما يأتيه المؤمن القوي, والإيمان في الاثنين هو الخير الذي يحمد عليه الاثنان. إن من ضعف الإيمان أيها الإخوة بل من العجز أن يقول المؤمن بعد وقوع الحدث منه أو عليه والذي لا يرضى عنه أو يرضاه: لو أني فعلت كذا.... لكان أسلم و أجدى, كأن يقول لو هربت من العدو ليلة المداهمة, أو لو لم أسافر بالسيارة لما حصل لي ما حصل. إن هذا تمن ٍ, والتمني مثـل الحلم فهو هاجس وهو غير العمل والحركة, فالدنيا لا يعيشها المرء بالتمني. والدنيا تدوس بسنابكها العاجزين والقاعدين والضعفاء. و(لو) في اللغة حرف شرط غير جازم يفيد امتناع الوجوب (جواب الشرط) لامتناع الشرط وهي حرف امتناع لامتناع وهي التي تفتح للشيطان باب الوساوس. إخوة الإيمان: إن العبد لله, المخلوق له سبحانه, لا يعلم الغيب, حتى الأنبياء والرسل لا يعلمون الغيب إلا بوحي من الله تعالى, فكيف من كان دونهم؟ فلا يعلم أحد ما يقدر له ولا ما يريد الله أن يفعل له أوبه, فالمخلوق لا يطلع على علم الله, ولا يعلم قضاء الله ولا دخل له في إرادة الله ومشيئته. وإن خلاف المقدَر والذي قضى الله فيه قضاءه محال تماما ً. كذلك فإن ما يتمناه الإنسان بخلاف ما يحصل أو يحدث له بعد أن يكون قد تم ووقع محال أيضا . وكلام العبد فيه جهل وغباء, واسترضاء لنفسه بالكذب عليها. وهو ــ في الوقت نفسه ــ تكذيب بقدر الله, إن لم يكن اعتراضا على ما قدر له, ولذلك فإن لو تفتح الأبواب ليعمل الشيطان ما يقدر عليه. إخوة الإيمان: إن العبد المخلوق لله قاصر وعاجز , وحواسه كلها لا تبعد أكثر من مداها , فهو لا يعلم الغيب ولا يطلع على علم الله, ولا علاقة له فيما يقضي الله ويقدر, ولا دخل له في إرادة الله ولا في مشيئته سبحانه, وما عليه إلا الرضا والتسليم . عن ابن عباس رضي الله عنه قال: ( جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه و سلم فسأله أن يوصيه وصية جامعة موجزه فقال: لا تتهم الله في قضائه ). قال أبو الدرداء : إن الله إذا قضى قضاء أحب أن يُرضى به. وقال ابن مسعود: إن الله بقسطه وعدله جعل الروْح والفرح باليقين والرضى, وجعل الهم والحزن في الشك والسخط. فالرضا أن لا يتمنى الإنسان غير ما هو عليه من شدة ورخاء. إخوة الإيمان: لا يملك المؤمن إلا َّ أن يعمل آخذا بالأسباب, ويجتهد في اختيار وانتقاء ما هو أسلم و أنسب من أسباب, أما إذا وقع القضاء فلا رادَّ له إلا َّ صاحبه وهو الله تعالى, ولا سبيل للمؤمن إلى دفعه بعد وقوعه, وما عليه إلا أن يصبر ويحتسب ويتعظ مما حدث. إخوة الإيمان: ما يتمناه الإنسان في قوله: لو أني فعلت كذا لكان كذا ينفع ويجدي قبل وقوع القضاء, فهو من الأخذ بالأسباب, وأما بعد وقوعه فإنه لا يفيد, فقد وقع ما وقع وانتهى, ولا قدرة لمن وقع عليه أن يمنعه أو يدفعه؛ لذلك فإن عليه أن يستقبل ما وقع عليه بعزيمة ماضيه ونفس وثابة صابرة, وأن يدَارك كل ما من شأنه أن يخفف عنه وطأة ما حصل, وأثر ما وقع , فإن ما يتمناه الإنسان لا يفيد بعد وقوع القدر بل على العكس من ذلك, إنه يضر صاحبه ويوقعه في بوتقة العجز والضعف والارتباك, والله جل في علاه يلوم على العجز, ويمايز بين المؤمنين والأنبياء, ويحب الكيْس والمواجهة والمقاومة والإقدام. إخوة الإيمان: من الكياسة أن تأخذ بالأسباب التي من شأنها أن تفيدك في حياتك, وهذه هي التي تفتح عمل الخير, وترتب الأمور , وقد يكون فيها الخلاص والحل , وتخفيف اثر ما يقع من مكروه , والتنبه لما قد يحصل في المستقبل . إخوة الإيمان: إن القعود والركون إلى الأماني هو العجز والكسل اللذان هما وراء الهم والحزن والجبن وغلبة الأعداء , ومن باب العجز و الكسل يدخل الشيطان يوسوس , ويقود ويغري ويوقع في الشر والضلال, يدخل الشيطان فيتملك الإنسان, ويوجد له المبررات والأعذار على النكث , وقلة الحيلة والضعف والعجز وترك المقاييس الصحيحة ؛ فيمسي أو يصبح ضعيف الإيمان أو لا أيمان له والعياذ بالله . إخوة الإيمان: العجز والكسل والتعلل والانسياق وراء المعاصي يوقع في الهلاك , فمن يعجز عن الامتثال والطاعة تقوى عليه المعاصي والمنكرات ويقع فريسة عجزه وضعفه في الشر والموبقات التي يقول عندها :[ لو أني] حيث لا ينفعه ندم ولا تمن. إخوة لا إله إلا الله: إن أهم ما يصيب المسلم نتيجة العجز والكسل, الهم والحزن , وقد استعاذ منهما رسول الله صلى الله عليه و سلم عن أبي سعيد الخدري قال: (دخل رسول الله صلى الله عليه و سلم ذات يوم المسجد , فإذا هو برجل من الأنصار يقال له أبو أمامه , فقال: يا أبا أمامه , ما لي أراك جالسا في المسجد في غير وقت الصلاة قال : هموم لزمتني وديون يا رسول الله, قال: أفلا أعلمك كلاما إذا أنت قلته أذهب الله عز وجل همك, وقضى عنك دينك ؟ قال: قلت: بلى يا رسول الله قال : قل إذا أصبحت وإذا أمسيت: اللهم إني أعوذ بك من الهم و الحزن , وأعوذ بك من العجز والكسل , وأعوذ بك من الجبن والبخل , وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال. قال : ففعلت ذلك , فأذهب الله عز وجل همي , وقضى عني ديني ). إخوة الإيمان: الندم على الماضي السيئ الذي يذكره صاحبه يسبب له الحزن , والتحسب من المستقبل , والخوف منه مع أنه لم يقع بعد, ُيحدث له الهم والحزن وكلاهما من العجز الذي يقعد صاحبه عن العمل . لذلك فالمضي السيئ لا يدفع بالحزن ولا بالبكاء ولا بالتمني ولا بالتنديد والتشكي , بل بالرضا والحمد والصبر و الاحتساب و الإيمان بقدر الله , والاستعانة به عز وجل في درء ما هو حاصل والإفادة والاتعاظ بما حدث , والتنبه للمستقبل بالعزيمة والإقدام والأخذ بالأسباب , فإذا وقع ما لا قدرة للعبد على دفعه ولا اختيار له فيه فعليه بالصبر والاحتساب والاستعانة بالله, فلا يجزع ولا ييأس حيث لا ينفعه جزع ولا يأس ولا تبرم ولا سخط , بل إن هذا يضعف عزيمة الإنسان ويوهنه, ويحول بينه وبين الأخذ بالأسباب فيما ينفعه في المستقبل أو فيما يقع عليه, فيأخذ للأمور عدتها وأسبابها. فالمؤمن يؤمن بأن له ربا ً واحدا ً يرضاه في كل شيء, فيما يحب وفيما يكره, ويستسلم له, فإذا أحبه فيما يحب إذا أعطاه ما يريد , ولم يرضه فيما يكره إذا حرمه مما يحب, فهو بذلك لم يرضَ به ربا على الحالين, والله سبحانه لا يرضاه عبدا ً على الإطلاق, و سيوليه نفسه, ويكله إليها, قال تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ }الحج11 والمؤمن يرضى بقضاء الله إذا اعتـقـل أو سجن أو أوذي أو طرد من العمل أو نفي من الوطن, فيحمد الله ويصبر ويحتسب , ولا ييأس ولا يستكين, بل يقدم على الحياة, ويسارع إلى الجهاد ويديم العطاء ويستمر في الكفاح, فليس من دأب المسلم أن يقبل على الله إذا مسه الخير, ويحجم عن الله إذا مسه شر أو مكروه. قالَ تعَالى : (إِنَّ الْإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا (19) إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً (20) وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً (21) إِلَّا الْمُصَلِّينَ (22) الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ(23) ).( المعارج 19ـ23) أيها المؤمنون: إنه لا بلاغ إلى ما يريده العبد إلا بالله وحده , فهو الموصل و المعطي, وهو المانع الذي يصرف السوء, وإذا أراد الله لعبده أمرا هيأه له , وما على المؤمن إلا أن يخلص في عبوديته لله وأن يقوم بأعماله مخلصا فيها لله, آخذا بالأسباب التي يغلب على ظنه أنها تحقق له ما يريد. إخوة الإيمان: إن الله عز وجل لا يمنع العبد من أمر يسعى إليه خيرا ً كان أم شرا ً فالعبد هو الذي يختار الهدى أو الضلال, يختار منهما ما يريد, ولا تتدخل إرادة الله في ذلك , ولا علاقة للمخلوق بإرادة ربه, ولا الخالق سبحانه يستشير عبده عندما يريد أن يوقع به أو يرفع عنه أمرا, ولهذا لا ينبغي للعبد أن يعزي نفسه بقوله: لو أراد الله لي , أو لم يرد الله لي, فلا دخل للعبد بإرادة الله, ولا بعلمه, ولا بمشيئته سبحانه. إخوة الإيمان: إن العبد يشهد حكمة الله في عزته وقدرته, وفي رحمته وإحسانه , فعقوبته سبحانه تأديب وامتحان لعبده للرجوع إليه والتذلل له فهو سبحانه أعلم بمواقع الفضل والحرمان في عباده, فما ينبغي للعبد أن يبني أفعاله على علم الله الذي لا يعلمه, وأنى له أن يعلمه. إن الله عز وجل يريد من عبده أن يعمل بجد في هذه الحياة, قال سبحانه: {وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ }التوبة105 وقال: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ }الملك15 وقال عز من قائل: (وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى (39) وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى (40) ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاء الْأَوْفَى (41). ( النجم 39ـ 41 ) أمر الله عبده بالاستقامة, فإرادة الله من عبده أن يفعل, وإرادة الله من نفسه أن يعين عبده, ولا سبيل إلى الفعل إلا َّ بإرادة الله التي لا يملك العبد منها شيئا ً, فلا يلقي أفعاله على إرادة الله فيقول : لو أراد الله لي لفعلت, فهذا هو العجز و الضعف والكسل . وإذا أخذ العبد يبحث عن مبررات وأعذار ليقنع نفسه بعجزه وضعفه, فهو الجبن والبخل فيقع في قهر الضنك وذل العيش وغلبة الأحداث. قال صلى الله عليه و سلم : ( إن الله يلوم على العجز, ولكن عليك بالكيس, فإذا غلبك أمر فقل: حسبي الله ونعم الوكيل ). يفهم من هذا الحديث أن على العبد أن يفعل وأن يأخذ بالأسباب التي يكون فيها كيسا, فإذا عجز قال: حسبي الله. إخوة الإيمان: قضى رسول الله صلى الله عليه و سلم بين رجلين, فقال المقضي عليه لما أدبر: حسبي الله ونعم الوكيل. فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( رُدوا عليَّ الرجل , فقال : ما قلت؟ قال: قلت: حسبي الله ونعم الوكيل , فقال صلى الله عليه و سلم : إن الله يلوم على العجز ولكن عليك بالكيس, فإذا غلبك أمرٌ فقل: حسبي الله ونعم الوكيل). إخوة الإيمان: حمل سيدنا إبراهيم عليه السلام دعوة الله إلى قومه, آخذا بكل أسباب النجاح في دعوته, ولم يترك سببا ً يقدر عليه إلا فعله, فلما غلبه قومه وألقوه في النار , قال عندها حسبي الله ونعم الوكيل, فكان الله حسبه وكافيه , وترتب على مقتضاها قوله سبحانه: {قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلَاماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ }الأنبياء69 ورسول الله سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم الذي هو الأسوة والمثل الذي يقتدى به كان له موقف: بعد انصراف المسلمين من أحد قيل لهم إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم , فتجهز رسول الله ومن معه من المسلمين آخذين بالأسباب , وخرجوا للقاء العدو وقالوا: حسبنا الله ونعم الوكيل, فوجدوا القوم قد رحلوا. وقد سجل لنا القرآن الكريم هذا الموقف, فقال تعالى: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (173) فَانقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُواْ رِضْوَانَ اللّهِ وَاللّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ (174)} آل عمران وهنا قد يتساءل أحدكم: أيهما يسبق: التوكل على الله والحسبلة أم الأخذ بالأسباب؟ للإجابة نقول: التمني هاجس, والدعاء عبادة, والإيمان اعتقاد والتوكل من العقيدة,والسعي والأخذ بالأسباب واجب. فالتوكل على الله هو إقرار من المسلم بأن ما أعطي من قوة وقدرة وحواس تمكنه من الحركة والعمل هو من الله تعالى, ولولا ذلك لكان العجز التام, فإقرار المسلم ويقينه بهذا هو من الإيمان ومن العقيدة, ولذلك يَجـِدُّ في العمل ويخلص في السعي, ويبذل الجهد ما وسعه كيساً فطنا ً لماحا ً مستعينا في ذلك بالله عز وجل , فإن غلب الناس الدعاة , وتحجرت المجتمعات, وأوصدت أمامهم الأبواب, ولحق بهم الأذى من كل صوب, زادهم ذلك إيمانا فقالوا : حسبنا الله ونعم الوكيل. فالتوكل والإيمان عند المسلم يسبق الأخذ بالأسباب, ولا معنى للإيمان ولا للتوكل إن جاء بعد الأخذ بالأسباب , فسيدنا إبراهيم ويونس ومحمد وجميع الأنبياء والرسل ومن آمن معهم كانوا مؤمنين متوكلين, فلما دعوا أخذوا بالأسباب, والله تعالى يقول: {وَاتَّقُواْ اللّهَ وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ}المائدة11 أيها المؤمنون: إن التوكل والحسبلة بدون القيام بالأعمال والأخذ بالأسباب عجز وتواكل, فالمؤمن متوكل على الله مسبقا, مؤمن به مسبقا ً, وهو مأمور بالعمل , مأمور بالأخذ بالأسباب التي فيها الكيس, ومن الخطأ أن يجعل المسلم التوكل وحده سببا في حصول ما يهدف إليه, لأنَّ فيه تعطيلا للأسباب, وقعودا عن العمل, وفيه العجز والتفريط. وإن الأخذ بالأسباب دون التوكل هو انفراد العبد بقوته والركون إليها, حيث كبرت عليه نفسه ومنعته من الاستعانة بالله والتوكل عليه, وفي هذا يكمن ضعفه, ولله در القائل: إنْ لمْ يَكنْ عَونٌ مِنَ اللهِ لِلفتى, فأولُ مَا يَجنِي عَليهِ اجتهادُهُ وَتحرِّيهِ. فكمال القوة يكون في التوكل على الله مسبقا ً والأخذ بالأسباب تاليا. وبهذا ينتصر المسلمون بإيمانهم وتوكلهم على ربهم, وأخذهم بأسباب النصر, وإعداد العدة امتثالا لأمر الله عز وجل: {وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ }الأنفال60 والمزارع عندما يحرث الأرض يكون متوكلا ً على الله, مؤمنا ً بأنه ينزل الغيث , فيبادر إلى حرث الأرض وبذر الحب. هكذا تكون نظرة المسلمين الكيسين في جميع أفعالهم, فكيف بحملة الدعوة الذين يحرصون على ما ينفعهم عند ربهم من مثابرة وبذل أقصى ما في وسعهم وطاقتهم في الاجتهاد وفي حمل الدعوة مع الإخلاص الخالص لله تبارك وتعالى مبتغين من كل ذلك نوال رضوان الله عز وجل, عاملين بجد لعودة الإسلام إلى الحكم , لتكون كلمة الله هي العليا, وكلمة الذين كفروا السفلى, ولتكون العزة لله ولرسوله وللمؤمنين, {وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (4) بِنَصْرِ اللَّهِ يَنصُرُ مَن يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (5)} ( الروم ) إخوة الإيمان: ينبغي أن يحرص المسلم خصوصا حامل الدعوة على ما ينفعه عند ربه , بلزوم طاعته وامتثال أمره, واجتناب نهيه, والإكثار من النوافل تقربا إلى الله, فقد جاء في الحديث القدسي قال رسول الله صلى الله عليه و سلم فيما يرويه عن ربه: (ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه, فإن أحببته كنت سمعه الذي يسمع به , وبصره الذي يبصر به, ويده التي يبطش بها , ورجله التي يمشي بها , ولئن استعاذني لأعيذنه , ولئن سألني لأعطينه ). وينبغي على حامل الدعوة أن يستعين بالله وان يديم الصلة به وأن يكثر من الدعاء والتضرع إليه سبحانه, وألا يكل ولا يعجز ولا يضعف ولا يفرط. وفي ختام القول نضرع إلى الله العلي القدير أن يعلمنا ما ينفعنا , وأن ينفعنا بما علمنا وأن يزيدنا علما نافعا, ونعوذ بالله من شر ما استعاذ منه نبينا محمد صلى الله عليه وسلم, اللهم إنا نعوذ بك من الهم والحزن , ونعوذ بك من العجز والكسل, ونعوذ بك من الجبن والبخل ونعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال. اللهم اجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه, اللهم مكن لنا ديننا الذي ارتضيت لنا والذي هو عصمة لنا, اللهم اقر أعيننا برؤية راية العقاب تخفق في مشارق الأرض ومغاربها, اللهم أكرمنا بقيام دولة الخلافة واجعلنا من جنودها الأوفياء المخلصين. اللهم أحسن عاقبتنا في الأمور كلها, اللهم اجعل خير أعمالنا خواتيمها, وخير أيامنا يوم نلقاك فيه وأنت راض عنا برحمتك يا أرحم الراحمين. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
    2 points
  35. http://www.al-waie.org/archives/article/2966 الفتح الإسلامي يذهل المستشرقين من الأسئلة التي حيرت المستشرقين والمؤرخين الغربيين سؤال مفاده: كيف استطاع المسلمون تأسيس دولة شملت ثلاثة أرباع العالم آنذاك في فترة زمنية لا تتجاوز القرن الواحد؟ والذي يزيد في تعقيد الأمور عندهم، أن الإجابة التي توارثوها وتدارسوها تتناقض مع الواقع وطبيعة الأمور. فهو يقولون أن الإسلام أجبر الناس على الدخول فيه بقوة السيف. الأمر الذي يرفضه الإسلام نفسه، وأحداث التاريخ، وحقائق الحياة. وفي هذا الإطار يطرح الجادون منهم، وقليل ما هم، ملاحظاتٍ عديدة؛ منها: 1- الحصان يحتاج يومياً لأربعين ليتراً من الماء. فكيف يستطيع من يسكن الصحراء القاحلة تأمين هذا المقدار يومياً؟ وإذا فرضنا جيشاً يضم ألف فارس فقد، فإنه سيحتاج إلى أربعين ألف ليتر ماء يومياً؛ فإذا أراد هذا الجيش السير من المدينة المنورة إلى الإسكندرية، مثلاً، فسيحتاج إلى آبار ماء متنقلة وإلى زاد كبير، فإذا أمن هذا الجيش كل ذلك، فلا بد أن يصل إلى الإسكندرية منهك القوى، محطم العزيمة، وبإمكان قلاع الإسكندرية الصمود أمام جيش على ذلك الشكل، بل بإمكان آلاف الأقباط الموجودين في الإسكندرية سحق هذا الجيش بسهولة، فلماذا لم يحدث أي شيء من تلك الأمور؟ 2- كيف استطاعت مكة والمدينة توفير الدعم الكافي خلال أيام الفتوحات مع أن إمكانيتهما تكاد لا تعتبر ذات قيمة بالمقارنة مع مدن الإمبراطورية الرومانية والفارسية آنذاك؟. 3- كيف استطاع المسلمون عبور البحر إلى أسبانيا، وبأية أعداد، وبأية أدوات حربية، مع العلم أن الفرس لا يتحمل دوران البحر؟ ولو فرضنا أن الجيش استطاع عبور البحر؛ فيكف تمكن من الصمود والانتصار والتوغل في مجاهل تلك البلاد البعيدة والغريبة؟ يقول المؤرخ الأسباني (اغناسيو اولا غي) في كتابه: «الثورة الإسلامية في الغرب». الصادر في برشلونه سنة 1974 ما نصه: (للوصول إلى ايبيريا كان على العرب أن يجتازوا المضيق البحري الذي يفصل أفريقيا عن أوروبا؛ الجمل «سفينة الصحراء» الذي يسبب «دوار البحر» لمن يمتطيه دون خبرة، هو سفينة صحرواية وليست بحرية. كذلك البربر لم يكن لديهم سفن حربية. وحتى لو تزود الغرب الزوارق، فقد كان عليهم أن يجدوا الربابنة المهرة. خصوصاً أن مضيق جبل طارق الذي يصل بين المتوسط الخالي من المد والجزر وبين الأطلنطي، يشكل ممراً لتيارات قوية تسير بالاتجاهين، وتخضه بصورة دائمة رياح عنيفة. إنه ممر خطر للغاية، ويعرف عنه أنه مقبرة البواخر). (حسب رواية «أخبار مجموعة» اعار المدعو أولبان العرب أربعة زوارق، لا يزيد الحد الأقصى لحمولة الزورق الواحد عن خمسين رجلاً إضافة إلى البحارة. يحتاج طارق، في هذه الحالة، لنقل جيشه إلى خمس وثلاثين رحلة. أي حوالي سبعين يوماً. لأن هذا النوع من الزوارق يحتاج، على الأقل، إلى يوم واحد ليقطع المسافة. وإذا حسبنا الأسابيع ذات الطقس السيئ والتي تتوقف فيها الرحلات، تصل هذه المدة إلى ثلاثة اشهر؛ لا يمكن أن يتم إبحاره كهذا إلا إذا تمكن النازلون على شواطئ أسبانيا من النجاة من مجزرة. ذلك حتى يتمكنوا من استقبال من سيلحق بهم). ويتابع الكاتب الأسباني الجاد فيقول: ( يقول كتاب «أخبار مجموعة» أن موسى بن نصير حين أراد أن يدفع إلى الاستسلام أهل مدينة ماردة المسورة (بسور لم يَبْنِ إنسان مثله)، قد صبغ لحيته البيضاء بلون أحمر بعد الاتصال بالمفاوضين. ثم جاء إلى الاجتماع الثاني بلحيته الحمراء، صرخ أحد المندوبين: (لابدّ أنه واحد من أكلة لحوم البشر وليس ذلك الشخص الذي رأيناه في المرة الماضية). في الاجتماع الثالث صبغ لحيته بالأسود؛ ولدى عودة المفاوضين إلى المدينة قالوا لسكانها وهم في حالة ذهول؛ أنكم تقاتلون أناساً يتغيرون بمشيئتهم؛ وملكهم الذي كان منذ أسبوع شيخاً مسناً هو الآن رجل شاب. اذهبوا واستسلموا له. هذا مطلبه). (كانت هذه المدينة من أهم مدن ايبيريا. كان يسكنها أكثر من نصف مليون نسمة. (لابدّ أن العرب فقدوا عقولهم أمام عظمتها). وقد ظلت مركزاً حضارياً هاماً خصوصاً بعماراتها الأنيقة، ولم تكن مأهولة بسكان جهلة. ولم يكن من الممكن خداعهم بحيلة تغيير لون اللحية). (وماذا عن المدن الحصينة مثل طليطلة أو رندة، صمدت هذه الأخيرة نصف قرن في وجه أمراء قرطبة الأشد قوة من طارق وموسى مجتمعين. أن يأخذ العرب مدناً بالخدعة الحربية أو بفعل الخيانات المحلية أمر يمكن فهمه، ولكن أن يجتاحوا بسهولة بالغة مئات المدن. كان بعضها من أهم مدن العالم آنذاك، فأمر آخر!!). ويستمر في طرح الأسئلة الكبيرة والعميقة؛ فيقول: (من المدهش أنه بع ض فتح الإسكندرية بدأت المسافات تصبح شيئاً فشيئاً طويلة. وبدأ العرب يواجهون بلاداً ذات طبيعة جغرافية صعبة. وبالمقابل بدأ الوقت اللازم لاجتياح هذه المسافات يقصر شيئاً فشيئاً. ثلاث وخمسون سنة للسيطرة على تونس. عشر سنوات لكامل شمال أفريقيا. وثلاث سنوات لشبه الجزيرة الايبيرية، صحارى وإنهاء وسلاسل جبلية تم اجتيازها بسهولة بالغة). (في الواقع لا يمكن لحملة عسكرية أن تستمر إلى ما لا نهاية. لأن الحملة تفقد قوتها بقدر ما تتوغل وتتقدم. وعندما يتقدم الفاتح، وتفقد قواعده الأولى القدرة على تموينه، يجب عليه أن يؤسس قواعد بديلة؛ الأمر الذي كان يتطلب وقتاً في القرن السابع. لكن العرب حسب التاريخ التقليدي أهملوا هذا المبدأ الاستراتيجي الأساسي في تلك المرحلة. فما أن يسيطروا على بلد حتى ينطلقوا لاجتياح بلد آخر. لقد وصلوا إلى تونس واتجهوا فوراً نحو المغرب؛ وما أن رأوا أمواج المحيط حتى أبحروا نحو أوروبا. ثلاث سنوات فيما بعد تسللوا عبر جبال التبيريني واجتاحوا مقاطعة اكيتانيا في فرنسا). (لم يكن العرب على معرفة دقيقة بهذه الأهداف العسكرية، ولم يكن لديهم بعد خرائط ولا يعرفون حتى لماذا جاءوا وما سيفعلون في ايبيريا). 4- ملايين البشر الذين وقعوا تحت رحمة وسيطرة الفتح الإسلامي. ماذا حدث لهم هل تمت إبادتهم؟ هذا أمر ليس عليه دليل واحد؛ بل كل الأدلة تؤكد عكسه. هل تم تهجيرهم؟ أمر غير طبيعي. ولا يوجد له دليل واحد، بل الواقع التاريخي يكذبه ويؤكد عكسه؛ ويرد السؤال: هل اعتنق هؤلاء الإسلام؟ 5- لو فرضنا أن تلك الملايين من نصارى وغيرهم اعتنقوا الإسلام بالقوة، فما الذي يدفعهم لمساعدة المسلمين وللقتال معهم والاستشهاد في سبيل الدين الجديد؟ وللإجابة على تلك التساؤلات، وعشرات القضايا الفكرية التي مكن أن تنشأ عنها، لابدّ من معرفة حقيقة الإسلام، لأنه القوة التي بواسطتها استطاع المسلمون تحقيق ما عجز كثير عن تحقيقه، بل وفهمه. الإسلام طاقة حيوية هائلة، وقوة فكرية عظيمة؛ لأنه دين الخالق سبحانه. فالله عز وجل أرسل محمداً -صلى الله عليه وسلم- برسالة الإسلام، لإخراج الناس من الظلمات إلى النور، ومن عبادة العبادة إلى طاعة خالق العباد وحده، ومن ظلم القوانين الوضعية إلى عدل الأوامر الإلهية. فأرشد إلى كيفية فهم المشاكل، وكيفية إيجاد الحلول لها، وكيفية تطبيقها. فهو دين الله تعالى لتنظيم علاقة الإنسان بربه ونفسه وغيره، من اجل سعادة البشرية. إن الذي مكن العرب من إنقاذ أنفسهم وغيرهم إنما هو الإسلام. لنأخذ عمر بن الخطاب ر-رضي الله عنه- مثالاً. الرجل قبل إسلامه كان من أشد الناس عداءاً للدين، لحدة في طبعه، واعتزاز بنفسه وتقاليده، حتى بلغ الحال بأحد الصحابة أن قال: لو أن حمار آل الخطاب أسلم ما أسلم عمر. وعندما سمع عمر بن الخطاب آيات الله تتلى، أدرك معانيها، وأيقن إعجازها. فآمن بالإسلام، واقبل عليه يتعلم أحكامه ويلتزم بها. فنقلته أفكار الإسلام من غليظ يقتل البنات عند الولادة إلى قائد كبير رحيم. سمع القرآن الكريم يقول: {وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ@ بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ} فتحركت ذهنيته. وأدرك الحق، وتوقف عن ذلك الفعل الشنيع. وسمع الرسول -صلى الله عليه وسلم- يقول: «الإمام راع وهو مسؤول عن رعيته» فأدرك أبعاد الكلام وأهدافه، فالتزم به، ووقف يقول: (لو أن شاة عثرت في الطريق لخشيت أن يسألني الله عنها لِمَ لَمْ تمهد لها الطريق يا عمر). وسمع القرآن الكريم يقول: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ}، فشمر عن ساعديه وانطلق مع من آمن يحمل الرسالة بالحجة البيّنة، فإذا وقف الطواغيت بوجه الدعوة، بادرهم بالسيف. حتى إذا شاهد الناسُ الإسلامَ يسير فوق الأرض على أكتاف المؤمنين، أقبلوا عليه، تماماً كما أقبل عمر من قبل. واندفعوا معه، كما فعل هو مع الرسول -صلى الله عليه وسلم-. الإجابة على حيرتهم تتلخص في كلمة واحدة: عظمة الإسلام الذي أنزله تعالى، والتزام المسلمين بالقرآن والسنة، وتوفيق الله تعالى لهم من قبلُ ومن بعد. نعم عظمة الإسلام وحدها لا تكفي. إذ لابدّ من رجال يحملون الرسالة حمل النبي والصحابة. الرسالة اليوم بيننا. لمن الذي يلتزمون بها كاملة ثلة مستضعفة ومطاردة. لذلك فالذي يلاحق الأمة، والهزائم تتوالى. ولنأخذ اجتماعات موسى بن نصير المذكورة سابقاً. هل تخضيب لحية القائد بالحناء هو الذي فتح الحصن، وأدخل الناس في الدين أفواجاً، وجعلهم يدافعون عنه ويستشهدون في سبيله. ذلك أمر مرفوض حتماً. الذي جعل الناس تؤمن هو ما كان يدور في تلك الاجتماعات، من نقاش وحوار وجدال بين قوة أفكار الإسلام ووهن أفكار الكفر. وحتى إذا ما ثبت لأولئك المعذبين بنار الإقطاع وغموض التثليث أن التوحيد هو الحق، وأن الرجال الذين يحملون هذه الدعوة صادقون واعون مؤثرون قادرون على إنزال الهزائم النكراء بمثل تلك المجتمعات المتهاوية من الداخل، فتحوا لهم الحصون، وأقبلوا على الإسلام يلتزمون به ويدافعون عنه، لما لمسوه وشاهدوه من عظمته وعدله. لذلك لم يحتجْ الجيش إلى مؤنة تصله من المدينة المنورة ليكمل المسير. فالذين دخلوا في الدين سمعوا قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنْ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمْ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ} فبذلوا النفس والمال. ولم يحتج الجيش إلى الخرائط، لأن الذين آمنوا من أهل البلاد حملوا الإسلام بأنفسهم، وساعدوا جيشهم ـ الجيش الإسلامي ـ على التوغل. ولم يحتج الجيش إلى آبار ماء متنقلة أو تقنية متطورة، لأنه استخدم ذلك المتوفر بدافع تلك الطاقة الحيوية الهائلة التي زرعها الإسلام في قلوب الملتزمين به. ولا شك أن الدعوة سبقت المعركة. فالرسول -صلى الله عليه وسلم- أرسل الرسائل إلى الملوك والعظماء. فسار على سنته الخلفاء كابراً خلف كابر. وأمر الصحابة بوجوب دعوة الناس قبل قتالهم، والاكتفاء بالجزية إذا قبلوا سلطان الإسلام ورفضوا اعتناق الدين. فالتزم المسلمون بذلك جيلاً بعد جيل. الأمر الذي يؤكد أن الناس علمت بالإسلام وعظمته وعدله قبل وصول المجاهدين. فإذا ما وصل المجاهدون، وشاهدتهم الشعوب الضالة إسلاماً يتحرك فعلاً: إسلام لا يتعدى ولا يظلم ولا يسرق ولا يغتصب، إسلام ينصر المظلوم ويعين الضعيف، ويحل العقدة الكبرى عند الإنسان، إسلام يطبق قوانين الدولة الإسلامية على المسلمين وغيرهم سواء بسواء من دون تمييز، دخل الناس في دين الله أفواجاً. المسلمون كانوا يعرفون ماذا يريدون ويعرفون سبب ذهابهم إلى الأندلس. لقد كانت حياتهم من أجل الإسلام، به عاشوا وفي سبيل الله عملوا واستشهدوا، ولنشره فتحوا ثلاثة أرباع العالم في أقل من قرن واحد. كل ذلك ابتغاء مرضاة الله تعالى. فيا أيها المسلون، عالجوا مشاكل الحياة بالإسلام. ابحثوا عن دواء الشريعة لأمراض الفقر والجهل والظلم والمخابرات والجنس والعنف والنميمة والفجور. ادعوا الناس لذلك الدواء الشافي. ادعوا الناس لعقدية الإسلام التي ينبثق عنها علاج كل ذلك. فإذا ما عادت الثقة لأفكار الإسلام، ولشباب الإسلام، قامت الدولة الإسلامية التي تحمل الرسالة وتفتح البلاد وتنقذ الأمم. الأمر والله قريب، فعلى الله يا أبناء الإسلام توكلوا. انتظموا في حلقات الدارسة، والتزموا بالإسلام، واحملوه للناس، بالطريقة الشرعية، تخضع لكم الجبابرة، وينصركم الله. {وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ}. والله أكبر.
    2 points
  36. بسم الله الرحمن الرحيم الاعلام منذ ان بدء الربيع في البلاد الاسلامية ونحن نشاهد كيف تحاول دول الكفر عدوة الاسلام والمسلمين جاهدة وبكل ما أوتيت من قوة على صرف الثورات الاسلامية عن وجهتها الحقيقية ومحاولة منع هذه الثورات من التوجه الى الاسلام السياسي , وذلك عن طريق استخدام الكثير من الاساليب والوسائل ومنها العملاء والمفكرين والسياسيين مستخدمة الاعلام والاعلامين. لما للإعلام من اثر على الناس . وبما ان شخصية الانسان تتكون من عقلية ونفسية أي افكار ومفاهيم ومشاعر والاعلام حاول تغير الافكار والمفاهيم والمشاعر ووجهة النظر لدى الناس وتشكيلها بالكيفية التي يريد , كان من الطبيعي ففي الجاهلية مثلا كان يتمثل الاعلام في الشاعر والقصيدة, والقبائل العربية كانت تستعين بشعراء كناطقين اعلامين وكإذاعات متنقلة تهيج الخواطر وتشحن النفوس وكانت تستعين بهم مثلا في اشعال الحروب او اطفائها . ثم جاء الاسلام الذي عني بالإعلام ورسم سياسته وركائزه, من اول ايامه , والذي كان له الاثر الكبير في نشر الاسلام وكانت وسائل وادوات الاعلام في تلك الفترة هي وسائل وادوات بسيطة . واذا ما نظرنا الى وسائل الاعلام اليوم فإننا نجد قد انها تعددت وتنوعت اشكالها وتشعبت طرقها واستدمت احدث تقنيات العصر لخدمتها , ما جعلها تملك امكانية تغير المفاهيم وخلط الافكار حتى فاقت في قدرتها بالتأثير الأيديولوجي على الشعوب قدرة الاستعمار العسكري المباشر بما كان يملك من جنود وسلاح وعتاد . ان الاعلام الدول القائمة في العالم الاسلامي هو احدى المصائب التي يعيشها المسلمون , فهو اعلام تابع كليا للغرب وهو اعلام يوقظ العنصرية من مرقدها ويشيع الانقسام والتمزق بين المسلمين ويتجاهل قضاياهم المصيرية ويركز على سفاسف الامور , ولاهم من ذلك ان هذا الاعلام هو بوق الحكام وسلاحهم . من سمات الاعلام في العالم الاسلامي اليوم : اولا : تبعية الاعلام . ان الكافر المستعمر هو من انشاء وسائل الاعلام المقروءة والمسموعة حينما استعمر البلاد الإسلامية بعد هدم الدولة الإسلامية وقد أسس هذا البنيان حسب عقيدة فصل الدين عن الحياة وحسب وجهة النظر المنبثقة عن تلك العقيدة وقد جعل لهذه الفكره حراسا من ابناء جلدتنا يتحثون بألسنتنا , ووضعوا خطط قصيرة المدى واخرى طويلة المدى لربط بلاد المسلمين بالغرب , فكريا وسياسيا وعسكريا وقتصاديا , فستعمر العالم الاسلامي ثقافيا وفكريا وان ادعى الغرب خروج جيشه من هذه الدولة فانه ابقى ورائه جيوشا من المغتربين من ابناء جلدتنا , وعلى هذا فان الاعلام المرتبط يكون دائما في خدمة المستعمر اكثر مما هو في خدمة المستعمرين لذلك نجد وسائل الاعلام في العالم الاسلامي تشجع الفساد والانحلال والاختلاف والانقسام , لانها تبث اخر ما توصل إليه الانحطاط الحضاري الغربي , والافكار والقيم التي غرسها الغرب اثناء وجوده في العالم الاسلامي ويستمر في غراسة ورعاية حضارته عن طريق هيمنته على الاعلام وتوجيهه لما يذاع ونشر , لذلك لا امل في الخلاص من هذه التبعية المطلقة سوى بازالت الطواقم التي وظفها المستعمر فتزول بذلك العقلية العفنة الجامدة التي سادت ولا زالت نائبة عن المستعمر الصليبي الحاقد . لم ينتهي دور المستعمر عند بناء اعلامنا بل استمر دوره في كونه المصدر للبرامج والاخبار التي تذاع وتنشر , لو القينا نظره سريعة على القوة المتحكمة في وسائل الاعلام في العالم اليوم لوجدناها لا تزيد عن خمسة دول وهي: اميركا وبريطانيا وفرنسا والى حد اقل المانيا وروسيا , وعلى مستوى وكالات الانباء العالمية الرئيسية فهي ست وهي: اليونايتد برس والاسيوشيتدبرس وهما اميركيتان, ورويترز وهي برطانية ووكالة الصحافة الفرنسة ووكالة تاس الروسية ووكالة الانباء الالمانية, وهذالوكالات التابعة لتلك الدول الخمس هي مصدر المعلومات والانباء لغالبية اذاعات وصحف الدول المائة وخمس وثمانين المسجلة في الامم المتحدة ثانيا : التخلف الاعلامي في العالم الاسلامي . بما ان الغرب عمل على استعمار بلادنا فكريا وثقافيا كان حريصا على ان يجعل اعلامنا متخلفا وذلك عن طريق بث حلقات التسليه والمسابقات لناس وبرامج الخلاعة و الطبخ وكره القدم والاغاني بدل بث البرامج الثقافيه والتعليميه التي من شانها ان تنشر القيم والافكار الصحيحة , وتغذي العقول والنفوس وتعين الوالدين في تربية ابنائهم وتثقيفهم الثقافة الصحيحة . ثالثا : العنصرية الاعلامية . ان الاعلام حريص كل الحرص على اشاعة العنصرية بين ابناء المسلمين فتجد قنوات الاذاعية كثير تهاجم الشيعة وتلعنهم وتجد قنوات اخرى ترد على هذا الهجوم فتجد قنوات تهاجم اهل السنه وتكفرهم وتسبهم وهناك الكثير من هذه القنوات ان لم نقل معظمها يصب في خدمة وتمزيق والتفريق بين ابناء المسلمين . رابعا : الاعلام موجه لخدمة نظام الحكم . هذا الارتهان يجعل وسائل الاعلام مرآة عاكسة لكنها تعكس فقط ما يرغب النظام ان يعكسه وتخفي ما يخشى ظهوره للناس,على سبيل قام حزب التحرير في اثناء الربيع العربي وقبل الربيع العربي بإعمال عالمية ضخمة الا ان خبث هذا الاعلام ومكره لم يعرض شيء من هذه الفعاليات واذا عرض شيء يقوم بتزوير الحقائق , وبذلك تكون قد استحكمت حلقات قهر الانسان المسلم واذلاله وتطويعه , ولا عجب اذن ان نرى القلاع الحصينة المعززة بالدبابات التي تلف المباني الاذاعية والتلفزيون كاهم وسيلتين من وسائل الاعلام , كل ذلك التحصين خوفا من بلاغ رقم واحد لان الوصول اليهما يعني ان الوظع القديم قد انتهى وبدأ عهد جديد . وفي طول البلاد الاسلامية وعرضها لا يوجد اعلام مستقل عن النظام , لذلك يمارس حجر اعلامي قاس على الناس يجبرهم ان يتلقوا الغث والسمين , وتشويه الحقائق والاكاذيب والاوهام , واذا كانت هذه الحيل والاكاذيب لا تنطلي على الواعين من الامة , الا انها تجد بعض المستجيبين لها من المراهقين والجهلة , والمالم في هذا الاعلام ان موجهيه يعرفون انهم يكذبون على شعوبهم , وقسم كبير من شعوبهم يعرفون انهم يكذبون عليهم ورغم ذلك تستمر حملة التظليل المكشوفة ويستمر بعض الناس في خداع انفسهم في بترديد نفس ما تردده وسائل الاعلام صباح مساء. هذا هو واقع الاعلام في ظل أنظمة القمع والاستبداد او التحكم الدول الاستعمارية فيها اما الاعلام في ظل الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة فلا بد ان يقوم ركيزتين وهي: اولا : العقيدة الاسلامية المتمثلة في القران الكريم , والحديث النبوي الشريف . ثانيا : اللغة العربية . اما الركيزة الاول العقيدة الاسلامية المتمثلة في القران الكريم , والحديث النبوي الشريف : يقول الله تعالى "ان هذا القران يهدي للتي هي اقوم". القران الكريم هو المصدر من مصادر التشريع المعتمد عليه في تحديد الملامح العامة والقواعد الاساسية الاعلام الاسلامي من خلال الاثر الذي يمكن ان يحدثه في تكوين الراي العام باعتباره من اهم مرتكزات الوعي في تشكيل اتجاهات الامة الاسلامية في عملية تكوين الراي العام التي يحكمها درجة ايمان الفرد وقوة عقيدته ومدى تمسك الامة الاسلامية بما احتواه هذا القران الكريم من شرائع واحكام واما السنه النبوية التي هي تفسر الايات التي وردت في القران الكريم وتبين الاحكام التي لم ترد في القران الكريم. العقيدة الاسلامية : هي الفكر الاساسي الذي يبنى عليه كل فكر وهي القيادة الفكرية التي على أساسها ينطلق الانسان في الحياة , فهي القاعدة الاساسية لحياة الفرد والمجتمع والدولة . وتلخص في كلمة " لا اله الا الله محمد رسول الله " . فالعقيدة مرتكز الحياة بما فيها وهي مرتكز الاعلام الذي لايمكن له ان ينبس ببنت شفه او يبث أي فكره الا اذا كان ذلك مبنيا على العقيدة او منبثقا عنها, ولا يجوز للاعلام ان يخرج عن نطاق العقيدة او ما تسمح له قيد انملة . اما الركيزة الثانية اللغة العربية : ان قدرة الكتاب والسنة على اعطاء الحكم لكل حادثه تتوقف على قدرة اللغة العربية على التعبير عن كل معنى يتجدد , وهذا يحتم ان تتحد اللغة العربية بالاسلام , ولهذا يجب ان يجعل المسلمون اللغة العربية كالكتاب والسنة من حيث تعلمها ومن حيث المحافظة عليها . فطاقة الموجوده في اللغة العربية طاقة جبارة فعندما تلتحم بالطاقة الاسلامية المتمثلة بالقران الكريم والسنة النبوية فانها تنتج ابداعا جبارا في كل الميادين , فان جرس ألفاضها وتناغم تركيب كلماتها يحدث في السامع تاثير وانسياقا , وان ما فيها تعريب والمجاز والاشتقاق يجعلها قادرة على التعبير عن أي معنى وعن أي شيء , وان ما في ادبها من شعر وخطابه ونثر من حيث التراكيب بغض النضر عن المعنى يفتح لها أفاقا لدى الناس والمجتمعات , مما يجعل للكلمة - وهي عصب الاعلام – التاثير في نفوس الجمهور الستقبل لرسالة الاعلامية . وهكذا تكون اللغة في قالب الفكر وعندما يوضع الفكر العظيم في قالب عظيم ويقدم للناس فسينتج ذلك الاثر العظيم المنشود للعملية الاعلامية برمتها . هذه هي اهم الركائز الي يجب ان يكون عليها الاعلام في ظل الخلافة الراشدة الثانية . ان جهاز الاعلام يجب ان يحتوي في دولة الخلافة على دائرتين رئيسيتين :- الدائرة الاول وهو : الاعلام المرتبط بالامام مباشره ليقرر ما يجب كتمانه , وما يجب بثه واعلانه ويتضح ذلك في كل ما يتعلق بالامور العسكرية , وما يلحق بها كتحرك الجيوش واخبار النصر والهزيمة والصناعة العسكرية ودليل ذلك الكتاب والسنة . اما الكتاب فقوله تعالى " وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا ". حصرت الاية الخبر وهو الامر المراد اذاعته بحالتين هما : الامن اوالخوف أي النصر او الهزيمة , واسندت الاية اذاعة الاخبار التي من هذا النوع الى الرسول والى أولي الامر من المسلمين أي الى الحكام , وتبين الاية الكريمة ان على الحاكم ان يستعمل من الاعلامين الخبراء الذين يستطيعون استنباط الاخبار وتقرير ما ينبغي ان يذاع وما لا ينبغي , وتبين الآية أيضا أن الإذاعة تعني إفشاء الأخبار وإظهارها . اما بنسبة للسنة فحديث ابن عباس في فتح مكة عند الحاكم في المستدرك وقال صحيح على شرط مسلم ووافقه الذهبي وفيه :" وقد عميت الاخبار على قريش , فلا ياتيهم خبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يدرون ما هو صانع ". اما الدائرة الثانية متخصص بالاخبار الاخرى وتكون مراقبتها غير مباشره ولا تحتاج وسائل الاعلام في الدولة على تنوعا الى أي ترخيص فيحق لها ان تزاول عملها ما دام منضبط بالاحكام الشرعية ولا يسبب ضررا على الدولة او المجتمع . هم الأهداف والمقاصد الإعلاميّة في الدولة الإسلاميّة: على ضوء ما سبق من سياسات يمكن القول: إنّه على راسم سياسة الإعلام تصوّر مقاصد الإعلام بوضوح ودقّة متناهية لتمكين جهاز الإعلام من القيام بوظائفه على ضوء هذا الفهم. والمقاصد الإعلاميّة في الدّولة الإسلاميّة جميعها منبثقة من العقيدة الإسلاميّة ومبنيّة عليها، وهي أوّلا وأخيرا تخدم مقاصد الشّريعة الإسلاميّة. ان اهداف ومقاصد الاعلام في ظل دولة الخلافة تتمثّل فيما يلي: أوّلا: غرس مفاهيم المبدأ الإسلامي ّبعقيدته وشريعته: يقول الحق –تبارك و تعالى-: "فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ" ويقول تعالى: "قُلْ إِنَّمَا يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ" فعلى الإعلام إنشاء برامج وثائقيّة هدفها الرئيس التفكّر والتدبّر والتأمّل في كتاب الله المنظور وهو الكون وما بثّ الله –سبحانه- فيه من آيات وأمارات دالات على عظمته –سبحانه-، وبديع صنعه، وذلك لتعميق صلة الناس بربهم، وجعل إيمانهم به إيماناً عقليّاً يقينيّاً راسخاً بالأدلّة المبثوثة في عظيم خلق الله –سبحانه-. ثانياً: غرس محبّة الله ورسوله في النّفوس وأهمّيّة مراقبة الله -سبحانه -واتّباع هدى نبيه -صلّى الله عليه وآله وسلّم-، وتعظيم اّمر الجنة ونعيمها في القلوب وترسيخ مهابة النّار. يقول الحق –تبارك وتعالى-: "وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللّهِ أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللّهِ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبّاً لِّلّهِ" ويقول -سبحانه-: "قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ" ثالثاً: شرح مقاصد الشّريعة الإسلاميّة للأمّة: حفظ الدّين، والعقل، والنّفس، والأموال، والنّسل، والحفاظ على الدّولة ووحدتها، وحفظ الأمن وحفظ الكرامة الإنسانيّة. رابعاً: شرح القرآن الكريم وتفسيره والسّنّة النّبويّة وتوجيهاتها. خامسا: تعريف النّاس بعلوم القرآن الكريم وعلوم الحديث الشّريف. كمفاهيم الناسخ والمنسوخ، والمحكم والمتشابه، وأسباب نزول القرآن الكريم، وكأنواع الحديث من حيث الثبوت؛ المتواتر والآحاد، ومن حيث القبول كالصحيح، والحسن، والمشهور، والضعيف، وعلم الجرح والتعديل في أحوال الرواة، وما إلى ذلك. سادسا: تعليم النّاس اللّغة العربيّة وفنونها. سابعا: يعمل الإعلام على ترقية اهتمامات الناس قبل العمل على تلبية رغباتهم وذلك بأن يذكي فيهم روح التضحية والإيثار والأخوة والإخلاص لله تعالى وكل خُلق يقربهم منه سبحانه وأن يعمل الإعلام على تنفيرهم مما يغضب الله عز وجل أو يوجب لمن يقوم بالمعاصي تلك عذاب النار والعياذ بالله. ثامنا: تقوية أواصر الرّابطة الإسلاميّة بين أفراد الأمَّة وغرس مفاهيم التّعاون والإيثار والإحسان. تاسعا: تحميل كلّ فرد من أفراد الأمَّة مسؤوليّة الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر والدعوة الى الله ويبيّن ان هذا الأمر على الوجوب وليس على الإستحباب أو على الإباحة، فالله -سبحانه وتعالى- يقول: "وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ" ، وهذا فرضٌ على الكفاية، بمعنى أن الأمة بمجموعها مطلوبٌ منها ذلك ولو أقام هذا الفرض وأتَمَّه أحد بَرئ الباقون ولو بقي الأمر الشرعي مُعَطَّلا، أثِم الجميع، بخلاف فرض العين المطلوب فيه من كل فرد أن يقوم بالأمر الشرعي ولا تبرأ ذمة الواحد ولو قام الجميع بما أمرهم الله بفعله. وعليه يجوز تأسيس أحزاب أو جماعات في الدولة الإسلامية ولكن وجود تلك الأحزاب والجماعات مُقَيَّد ومشروط بأنّها تدعو إلى الإسلام وتحرُم الدعوة إلى غيره وأن يقوم ذلك الحزب أو تلك الجماعة بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وَفق الأحكام الشرعية. عاشرا: تبيان ما لأهل الذّمّة في المجتمع الإسلاميّ من حقوق وما عليهم من واجبات وتوضيح حرمة الإساءة إليهم بغير وجه حقّ ووجوب الإحسان إليهم. ويقول المصطفى -صلّى الله عليه وآله وسلّم-: "الجنّة حرام على من قتل ذميّا أو ظلمه أو حمّله ما لا يطيق وأنا حجيج الذّميّ" حادي عشر: تتبّع التّقنيات الحديثة وتطوّرها في جميع أنحاء العالم لمواكبة كلّ جديد ونقل أخبار المكتشفات والاختراعات في شتى مجالات الحياة التكنولوجيّة لمساعدة الرعيّة على اقتناء وإيجاد أعلى أنواع التقنية في كل المجالات لا سيّما مجال التسلّح إذ يجب أن تكون أعلى أنواع الأسلحة متوفرة في بلاد المسلمين. قال تعالى: "وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ" ثاني عشر: المحافظة على النّظام السّياسيّ القائم -نظام الخلافة الإسلاميّة- المنبثق من العقيدة الإسلاميّة ووحدة هذا النظام أي النظام الرباني الذي يعالج كافة مناحي الحياة وذلك يتلخص في الآتي:- 1-تنظيم علاقة المسلم بخالقه وبارئه، ربِّه ومُدبِّرِ شؤونه وذلك بتفصيل موضوع العقائد والعبادات، وتحديد مهمة العقل وذم الأخذ بغير القطع في مواضيع العقيدة. 2-تنظيم علاقة المسلم بالآخرين من حاملي تابعية الدولة وذلك بتفصيل أحكام المعاملات من بيوع وإجارة ووكالة وجزية وغيرها وتفصيل أحكام العقوبات. 3-تنظيم علاقة الإنسان بنفسه وذلك بتفصيل كل ما يتعلق بملبسه ومأكله ومشربه وأخلاقه. 4-تنظيم علاقة المسلم بالآخرين من شعوب العالم والدول المحيطة وذلك بتفصيل أحكام الدعوة والجهاد والمعاهدات وإعلان الحرب والصلح وما شابهه وإناطة ذلك بخليفة المسلمين دون غيره. وتبنّي ما يتبنّى حاكم المسلمين لتبقى العلاقة مع الحاكم علاقة تكامليّة وعلاقة محبّة ووئام، قال -عليه الصلاة والسلام-: "خيار أئمّتكم الّذين تحبّونهم ويحبّونكم وتصلّون عليهم ويصلّون عليكم" ثالث عشر: مهاجمة الأفكار والعقائد الباطلة: قال -تعالى-: "بَلْ نَقْذِفُ بِالحقّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ" وقال -سبحانه-: "إنّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أنتُمْ لَهَا وَارِدُونَ" رابع عشر: ترسيخ مفهوم الولاء لله وحده. قال -تعالى-: "يَاأيّهَا الّذينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أولِيَاءَ بَعْضُهُمْ أولِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إنّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظالمين" ويقول -جلَّ جلاله-: "لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أو أَبْنَاءَهُمْ أو إِخْوَانَهُمْ أو عَشِيرَتَهُمْ أولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إنّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ" فلا قرابة ولا رابطة بين البشر تعلو على رابطة العقيدة الإسلاميّة، والولاء لله –سبحانه- يُقدّم على كلّ ولاء. خامس عشر: دوام توجيه الأنظار إلى أعداء الأمّة الحقيقيّين المتمثّلين بالكفار والمنافقين على اختلاف مذاهبهم ومسمّياتهم. قال –سبحانه-: "إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُواْ لَكُمْ عَدُوّاً مُّبِيناً" وقال تعالى: "هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ" . سادس عشر: على الإعلام الإسلامي تحضير مواد خاصة -من باب الدعاية الصادقة الهادفة- لِيَتِمَّ بثُّها للبلدان التي يراد فتحها وذلك ليكون توطئة لجيوش الفتح قبل أن تصل تلك البلاد وفي مقدمتهم العلماء الذين يدعون إلى الإسلام فان لم يقبلوا فالجزية وإلا فيستعينوا بالله ويقاتلوهم. يقول -سبحانه-: "وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كلُّه لِلَّهِ" سابع عشر: على الإعلام أن يثير حفيظة المسلمين ويُديم سَقيهم بالمادة المُحَرِّضة لهم للبذل والعطاء والغَيرة على دين الله وأعراض وأراضي ومُقَدّرات الأمّة، متمثلّة بالآيات الكريمة من كتاب الله -عز وجلّ- وأحاديث وسيرة المصطفى الأسوة -صلى الله عليه وآله وسلم- والسيرة العَطِرة للصحابة الكرام رضوان الله عليهم وسيرة التابعين ومَن سار على دربهم في التأسي برسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- وفي التضحية والبذل والعطاء لكل ما يملكون من مال ونفس وعيال في سبيل إعزاز هذا الدين وإبقاء راية الإسلام مرفوعة شِامخة، كموقف خديجة أم المؤمنين رضي الله عنها في بداية الدعوة، وموقف أبي بكر الصديق رضي الله عنه عند الهجرة، وموقف علي وأسماء رضي الله عنهم عند الهجرة، وموقف سمية رضي الله عنها عند محاولة فَتنها عن دينها، وموقف نُسَيبة المازنية رضي الله عنها في بيعة العقبة الثانية (بيعة القتال) وموقفها في معركة أُحُد، ويقوم الإعلام بربط كل ذلك بواقعنا اليوم لبيان الخط المستقيم بجانب الخط الأعوج فيكون خير زاد للمسلمين على طريق النصر والتغيير والتمكين بإذن الله. ثامن عشر: على الإعلام غرس مفهوم الوفاء بالوعود والعقود، مع المسلمين وغيرهم: يقول الحق -تبارك وتعالى-: "وَأَوْفُواْ بِعَهْدِ اللّهِ إِذَا عَاهَدتُّمْ وَلاَ تَنقُضُواْ الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ" ويقول -سبحانه-: "وَأَوْفُواْ بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً" تاسع عشر: على الإعلام ترسيخ مفهوم القتال عند المسلمين هو للمقاتِلة، أي لا نقاتل إلا المُقاتِلين، فالله –سبحانه وتعالى- يقول: "وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبِّ الْمُعْتَدِينَ" وقد كان رسول الله –صلى الله عليه وآله وسلم- اذا أرسل جيشاً يوصيه بتقوى الله في خاصة نفسه وبمن معه ويقول: "لا تقتلوا شيخا فانيا، ولا طفلا صغيرا، ولا امرأة" وعن رباح بن ربيع قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله سلم في غزوة فرأى الناس مجتمعين على شىء فبعث رجلا فقال: "انظر علام اجتمع هؤلاء" فجاء فقال: على امرأة قتيل فقال: "ما كانت هذه لتقاتل" عشرون: على الإعلام دوام نقل أخبار الفتوحات والانتصارات التي يحققها جيش الأمة الإسلامية ونقل أخبار الحدود الجغرافية الجديدة للدولة الإسلامية حيث تصل جيوش الفتح ومثل هذه الأخبار تكون مرتبطة مباشرة مع خليفة المسلمين لمعرفة ما يمكن بثّه مما يفضّل تأجيلهُ.
    2 points
  37. لماذا خلق الله الخلق... ليس السوال هذا بالمبتدع. و قد خاض فيه بعض المتصوفة و المتفلسفة من المسلمين. و الحقيقة ان اللبس في هذا ها البحث هو قياس الخالق، واجب الوجود، على البشر بتفكيره و افعاله و ارادته. و هذا القياس مغالطة باطلة اساسها محدودية العقل، فليس للعقل ادراك ذات الخالق و نصيبه ان يستدل على وجوده من وجود الموجودات. و هنا يخطئ البعض بمحوالة ملئ الفجوة بقياس الخالق على المخلوقات، و بالتحديد الانسان، و هذا تصور غلط. فيجب ازالة اي تصور بان الخالق كانه رجل في السماء يفكر و يريد و يفعل كالبشر؛ ليس الله كذلك. و من هنا فان السوال بـ"لماذا خلق الله الخلق" ليس سوالا ذا واقع. و الخوض فيه بناء على وهم. فالواقع هو ان الوجود موجود ولا واقع لعدم وجوده. فالسوال اذن لا يكون متعلقا بشيئ و لا يكون له معنى الا اذا صرف الى الواقع عملي و هو "ماذا يفغل المخلوق بوجوده" و لذا كان الجواب باننا نعبد الله و نعمر الارض. و من هنا كان الحديث عن الخالق، واجب الوجود، بصفاته و اسمائه كلها مردها في النهاية الى الواقع عملي و هي تصويرات و تقريبات للعقل فيما يتعلق بالمخلوقات، وليس خوضا ميتافيزيقيا عبثيا. اذ ان ذات الله لا تدرك و لا يحيط بها التفكير.
    2 points
  38. أخي أبو شاهين مع تقديري لما تكتب من شعر لكن لندع هؤلاء الذين تخلفوا فلا حاجة لنا بذكرهم ولعلي أربط بين قصيدكم والجواب الأخير فالأمير لم يجب السائل إلا لما لمسه عنده من صدق ونوه أن الجواب لمثل هذه المواضيع لا يكون على العلن لكن لما اقتضى من صعوبة اللقاء فكان جهرا وعلني أكون لك من الناصحين بأن نكف ألسنتنا عنهم لانشغالنا بما هو واجب علينا من العمل للدعوة
    2 points
  39. الحقيقة اللغوية والنقل والمجاز من الأمور التي تخل بفهم النصوص هي عدم التمييز بين الحقيقة اللغوية والحقيقة الشرعية والمجاز. فالحقيقة اللغوية هي اللفظ المستعمل فيما وضع له أولاً في اللغة كدلالة الأسد على الحيوان المفترس. أما المجاز فهو استعمال اللفظ في غير ما وضع له أولاً في اللغة لما بينهما من التعلق كدلالة الأسد على الرجل الشجاع. أما النقل فهو استعمال العرب للفظ بمعنى آخر غير المعنى الأول واشتهاره بالمعنى الثاني كلفظ "الغائط" فهي تعني بالوضع الأول الأرض المنخفضة ثم نقل هذا المعنى إلى الخارج المستقذر واشتهر بهذا المعنى وأهمل المعنى الأول. ويقسم النقل إلى ثلاثة أقسام بحسب الناقل: 1- فما نقله العرب في زمن الاحتجاج اللغوي يسمى الحقيقة المنقولة كلفظ "الغائط". 2- ما نقله الشرع ويسمى الحقيقة الشرعية كلفظ "الصلاة" فهي تعني في الوضع الأول الدعاء، وقد نقل الشرع هذا المعنى إلى معنى آخر وهو الأعمال المخصوصة بهيئة وأركان وشروط وقد اشتهرت بهذا المعنى وأهمل المعنى الأول. وهذا يشمل أيضا الألفاظ التي نستدل بدلالتها من الشرع لا من اللغة. 3- ما نقله أهل الاختصاص في كل علم من العلوم ويسمى الحقيقة العرفية الخاصة (أو هي المصطلحات الخاصة بكل علم)، من مثل ما أطلقه النحويون على المبتدأ والخبر والفاعل والمفعول والرفع والنصب والجر و .....، وما أطلقه الفقهاء على السبب والعلة والمناط وخطاب الوضع وخطاب التكليف و..... . ويختلف النقل عن المجاز في نقطتين أساسيتين: 1- الاستعمال والشهرة؛ فالمعاني المنقولة يتبادر إليها الذهن أولاً ولا تصرف إلى المعنى الأول إلا بقرينة. كلفظ "الكفار" والذي نفهم منه دائما غير المؤمنين، ولكن تعذر هذا المعنى في قوله تعالى: "يعجب الكفار نباته" فترد إلى معناها في الوضع اللغوي الأول وهو "الزراع". بينما في المجاز فالعكس هو الصحيح؛ فما يتبادر إلى الذهن أولا هو الحقيقة اللغوية ولا تصرف إلى المجاز إلا بقرينة، كما جاء في قوله تعالى: "إني أراني أعصر خمرا"؛ فتعذرت الحقيقة لأن الخمر لا يعصر، فتصرف إلى المجاز فيفهم أنه يعصر عنبا ليصير خمرا. 2- وجود العلاقة؛ يشترط في المجاز وجود علاقة تعمل كجسر يعبر خلالها المعنى من الحقيقة إلى المجاز في حال تعذر الحقيقة وهذه العلاقات إنما وردت في استعمالات العرب كإطلاقهم الكل على الجزء والجزء على الكل وإطلاقهم السبب على المسبب والمسبب على السبب وهكذا، بينما لا يلتفت لهذه العلاقة بالألفاظ المنقولة فقد تكون وقد لا تكون. والله تعالى أعلم
    2 points
  40. وكذلك من أسباب ترجيح القول الثاني، وأن الراسخون في العلم يعلمون تأويله، هي دعوة النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عباس رضي الله عنهما في الحديث الصحيح الذي رواه الإمام بقوله:( اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل) وحاشاه صلى اله عليه وسلم أن يدعو لإنسان بشيء ليس من مقدوره، أو بشيء لا ينبغي له، هذا والله أعلم.
    2 points
  41. أما القرء فهو من الألفاظ المشتركة. أما النكاح فهو فهو من الألفاظ المنقولة شرعا وهو يعني العقد. وبالنسبة للنكاح فهو يحتمل الحقيقة ويحتمل النقل، إلا أن النقل أولى من الحقيقة اللغوية.
    2 points
  42. البراءة الأصلية ليست هي المباح * * اختلف الأصوليون في الحكم على أفعال العباد ما قبل التشريع بين الإباحة وبين التحريم وبين التوقف وذهبوا في ذلك مذاهب قرروها بالقياس العقلي واعتبروا هذا الحكم هو البراءة الأصلية، وبناءً على تقريرهم لهذا الحكم بنوا قواعد أصولية. فمن حكم على أفعال العباد قبل التشريع بالإباحة على اعتبارها البراءة الأصلية قال: "الأصل بالأفعال الإباحة" ومن حكم عليها بالتحريم قال: "الأصل بالأفعال التحريم" ومن حكم بالتوقف قال: "الأصل بالأفعال التوقف". وبتدقيق المسألة نجد أن الآراء الثلاثة هي آراء خاطئة وذلك: 1- لأنها آراء مبنية على ترتيب منطقي لا دليل عليه. 2- المباح والحرام مصطلحات أتى بها الشرع للتعبير عن الحكم الشرعي، ولم يكن لها واقع قبل ورود الشرع، فكيف نحكم على واقع قبل ورود الشرع بأحكام جاءت بعد وروده! وعليه فإن الحكم الثابت على ما قبل ورود الشرع هو عدم التكليف وليس الإباحة ولا الحرمة ولا التوقف قال تعالى: "وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا"، وتكون البراءة الأصلية هي عدم التكليف وليس الإباحة. وبناء على حكمنا هذا بعدم وجود حكم قبل ورود الشرع، فنقرر أن الحكم والتكليف جاء مع ورود الشرع، وجاء شاملا لكل الأفعال دون استثناء؛ فلا يوجد فعل وحتى قيام الساعة إلا وله حكم أو محل حكم، وإلا فإن التشريع يكون ناقصا والعياذ بالله. والمباح هو حكم شرعي وهو خطاب الشارع بالتخيير وليس هو عدم التكليف. وأما ما سكت عنه الشارع أو ما عفا عنه فقد ورد في معرض الحديث عن الحلال والحرام ، والحلال ليس هو المباح؛ فالحلال يحتمل الوجوب والندب والإباحة والكراهة، ولا يصح أن يفهم بأنه سكوت أو عفو عن التشريع لأنه يتناقض مع الأدلة القطعية بكمال الشريعة وصلاحيتها لكل زمان ومكان، وعليه فإن ما ورد من أحاديث السكوت والعفو يجب أن يرد فهمها إلى المحكم من القرآن (وليس العكس)، فتفهم هذه الأحاديث على أنها سكوت وعفو عن التحريم وليس عن التشريع، وعدم الحرمة لا يعني الإباحة وإنما يحتمل الأحكام الأربعة الأخرى. وعليه فإن تقرير قاعدة الأصل تكون : "الأصل بالأفعال التقييد بالحكم الشرعي". والأفعال تشمل متعلقاتها وهي الأشياء، والأشياء لا يتعلق بها إلا حكمان شرعيان الحرام والمباح، وقد سخر الله تعالى بالنص القطعي كل ما في الأرض جميعا لخدمة الإنسان فتكون جميع الأشياء مباحة بعموم الدليل وليس بالسكوت أوالعفو، إلا ما استثني من عموم الإباحة، وعليه تقرر القاعدة الثانية وهي "الأصل في الأشياء الإباحة ما لم يرد دليل التحريم". وعليه فإن القاعدة الأولى وهي"الأصل بالأفعال التقييد بالحكم الشرعي" تكون خاصة بالأفعال ويستثنى منها الأشياء بقاعدة "الأصل في الأشياء الإباحة ما لم يرد دليل التحريم. والله أعلم
    2 points
  43. تهنئة بعيد الفطر السعيد (وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) الله أكبر الله أكبر لا اله الا الله، الله أكبر الله أكبرولله الحمد يطيب لنا في المكتب الإعلامي لحزب التحرير في الأرض المباركة فلسطين أن نتقدم للمسلمين بعامة ولأهل فلسطين بخاصة بأحر التهنئة والتبريكات بحلول عيد الفطر السعيد سائلين المولى سبحانه أن يجعل قدومه قدوم خير ونصر وتمكين وتحرير للقدس وفلسطين وكل بلاد المسلمين المحتلة. أيها المسلمون: مع انقضاء شهر رمضان وحلول هلال شوال، يحل على المسلمين عيد الفطر أحد عيدين لا ثالث لهما، عيد يحتفل فيه المسلمون بإتمامهم للطاعة، فلا عيد للمسلمين إلا بالطاعة، عيد تلتئم فيه الملائكة لتقدم للصائمين جائزتهم من بعد صبرهم على مشقة الصيام ومن بعد اجتهادهم في الطاعة على نحو جعلهم في زمر الفائزين بإذن الله. أيها المسلمون: لا زال هلال شوال يهل على المسلمين منذ أكثر من سبعة وتسعين عاماً بلا خليفة يعلن قدومه فيوحد عيدهم من بعد أن يوحد أقطارهم، ولا زال المسلمون يفتقرون لإمام يكمل فرحتهم ويكمل عليهم طاعتهم لله بإقامة شرع الله في الأرض ويحمل لهم أنباء الانتصارات والفتوحات. لقد كان رمضان وهلال شوال يحمل للمسلمين أنباءً سارة على مدى عصور الأمة، فكان المسلمون يحتفلون بالظفر في كل عام مع احتفالهم بعيد الفطر، فقد كان رمضان عبر تاريخ الأمة يفوح برائحة النصر ففيه معارك المسلمين الفاصلة وفيه انتصاراتهم وفيه جل الفتوحات وأعظمها. أيها المسلمون: يهل علينا هلال شوال اليوم ولازالت الأمة تعاني من حكم "الأغيار"، ولازال المسلمون في العالم كالأيتام على موائد اللئام، فلا حامي لهم ولا مغيث، يشردون ويقتلون وتنتهك أعراضهم في شام رسول الله، ويعبث الكفار بليبيا واليمن، ويعيثون الفساد في بغداد وكابول وميانمار وغيرها، ولا زالت فلسطين بقدسها وأقصاها بين سنديان الاحتلال وتفريط المفرطين وصفقات المستعمرين. أيها المسلمون: كما اجتهدتم بالصيام والقيام في رمضان اجتهدوا في العمل للإسلام واسعوا بجد لاستجلاب الخليفة الذي يجلب لكم فرحة النصر مع فرحة العيد، فترضون ربكم وتقيمون شعائركم وتعودون خير أمة أخرجت للبشرية، وساعتئذ يفرح المسلمون فرحة فوق فرحة بطاعة الله وبنصره. (وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ يَنصُرُ مَن يَشَاء وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ) http://pal-tahrir.info/press-comments/10403-تهنئة-بعيد-الفطر-السعيد.html
    2 points
  44. مثال: "إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه" فاكتبوه أمر،ومن استقراء الأدلة فإنه يفيد الندب لا الوجوب.
    2 points
  45. كيف تحلل تلك الصورة....؟؟؟؟؟؟ · هل ترى في الصورة صورة رحمة لأن القط يرضع حيوانات كالفئران · هل ترى فيها صورة غباء القط لأنه يعطف على حيوان ربما يكون طعاما له · هل ترى فيها ذكاء القط لأنه يرضع الفأر ليرتاح ثم يأكله بهدوء بعد أن يأمنه · هل ترى فيها خيانة من القط إذا كيف يعطف على من عرف بينهما العداوة (أي القطط والفئران) أما النظرة المجردة تجريدا تاما فربما يكون حكمها هو........... ليس المهم ما هي الحقيقة المطلقة ولكن المهم كيف تحلل الصورة التي وصلتك فالأكيد ان الأحكام ستختلف فان كانت قيادتك الفكرية العقيدة الإسلامية فستحكم على الامر من منظور الحلال والحرام وان كانت نظرتك المصلحة فستحكم على الامر من نظرة المصلحة والفائدة لك وان كانت المشاعر تسيطر عليك فسترى الرحمة في ارضاع الفئران وستنخدع بدموع التماسيح التي يذرفها بعض المجرمين وان كنت متحيزا لجانب معين فستبرر له كل أفعاله، فان كنت منحازا للقط ستحلل الامر برحمة القط وعطفه أو ذكائه في استدراج الضحية وان كنت منحازا للفأر ستعتبر أن القط قد أجبر أو أكره على ارضاع الفأر لأن جبان والفأر شجاع، وان القط غبي لا يميز اعداءه ويضيع ثورته لأعدائه والآن....... انت كمسلم كل ما اريده منك ان تفكر على أساس ان تكون العقيدة الاسلامية قيادة فكرية لك، وان تكون ذكيا غير منساق للمشاعر وتأثيراتها وان لا تنحاز لأحد وان تجعل الحق هدفك..... عندها بمشيئة الله ستصل للحقيقة ولو بعد حين.
    2 points
  46. فريد سعد

    حكمة

    إِذا كُنْتَ لاَ تَدْرِي ، وَلَمْ تَكُ بِالَّذِي ... يُسائِلُ مَنْ يَدْرِي ، فَكَيْفَ إِذاً تَدْرِي
    2 points
  47. اللهم نصرك وتمكينك الذي وعدت
    2 points
  48. بارك الله بالقائمين عليه سيعود ان شاء الله الى سابق عهده وافضل باذنه تعالى
    2 points
  49. ( #قل_للفصائل ) #قصيدة قل للفصائل في بلاد الشام ...... هل هزكم نزفُ الوريد الدامي أو هزكم هدمُ البيوت بأهلها ...... أو حرقةٌ في دمعة الأيتامِ أو طفلةٌ بالقصف يُشدَخ رأسها ...... والمخُ منثورٌ على الأقدامِ والنذل يغتصب الحرائر جهرة ...... حتى حَمَلْنَ العار في الأرحامِ وَوَضَعْنَ مولوداً يريد إجابةً ......... ماذا يَقُلْنَ له بُعَيدَ فطامِ أو هزكم أمٌ بيومٍ ودعت ........... أبناءها بالقصف تحت ركامِ وجنازةٌ تتلو الجنازةَ خِلفةً ....... وكأنهن سلالة الأرقام ِوالطفل ودَّع أهله حتى غدا ....... من غير أخوالٍ ولا أعمامِ وعناصر التشبيح تذبح أهلنا ....... في الشام بالسكين كالأغنامِ والناسُ عانوا في الشآم مجاعة ....... يقضون أياما بغير طعام ِوالنازحون من البيوت يلفهم ....... بردُ الشتاء بقيعة وخيامِ هل هزكم أمر الإله بقوله ______ اعتصموا بحبل الله خلف إمامِ رصوا الصفوف وأنْ أقيموا دولة ....... فيها التقى وهداية الأقوامِ كيف ارتضيتم هدنةً ممزوجةً ......... بخيانةٍ لله ذي الإكرامِ إن الركون لمن يحارب ديننا ....... فعلٌ يعانق ذروةَ الإجرامِ هل يستوي دولارهم مع جنةٍ ...... فيها الخلودُ وعيشةٌ بسلامِ المال في عُرف السياسة ذِلةٌ ....... مقرونةٌ بهوىً وكسبِ حرامِ من باع دينَ الحقِّ يرجو منصبا ....... يلقى بهذا الفعلِ سوءَ ختامِ أبدى انبطاحاً زائداً حتى غدا ....... يلقى العدى بمحبةٍ ووئامِ هل للفصيل من البطولةِ حظوةٌ ....... والرأسُ مشدودٌ بحبل لجامِ فتسابقوا في الأنبطاحِ وطعنِهم ....... ظهرَ العبادِ بحربة وسهامِ إنَّ الخيانة إذ تفوح بريحها ... ... منهم تصيب أنوفَنا بزكامِ ومن ارتضوا جينيفَ تكتيكاً فقد ....... حكموا على التغييرِ بالإعدامِ جينيفُ تضرب دينَنا في مقتلٍ ....... وتريد فينا شرعة الأصنامِ والناسُ تسعى للخلاصِ بثورةٍ ....... وعزيمةٍ من سطوةِ الظُلَّامِ والشامُ فيها الطفلُ أعلى همة ....... في الحق من سبعين ألف هُمامِ كل القلوب تعلقت بخلافة ........ وبمن يطبق شرعة الإسلامِ بثباتهم وصمودهم وعزائم ....... سطروا بطولاتٍ وفكرٍ سامِ بالوعي ساروا والإلهُ يحيطهم ....... بعناية من كل رميةِ رامِ قد أدركوا أن الخلاص بفكرةٍ ....... وطريقةٍ وخلافةٍ وإمامِ وسعوا لأجل رضى الإله وفرضه ....... سعياً بكل العزمِ والإِقْدامِ قالوا وما للقول يوماً رجعةٌ ......... هي فكرةٌ رسخت بأهل الشامِ لا للتفاوض مع نظامٍ بائدٍ ....... أفضت نهايته لكل تمامِ إن النظام بكل شبرٍ ما له ....... في الشامِ إلا الضرب فوق حزامِ ثُرنا لنهدمَه ونهدمَ ركنَه ........ برجاله ونحيلَه لحطامِ لا للتعاطي مع نفوذٍ كافرٍ ....... إن التعاطي غايةُ الإقزامِ هذا النفوذ جريمةٌ في ديننا ....... وبقاؤه من أكبر الآثامِ قالوا نعم لخلافةٍ نرقى بها ........ ونظامها في الحكم خير نظامِ هي رحمةٌ بين الخلائق كلهم ....... بالعدل يحكمنا الإمام الحامي نورٌ يشع بمبدأ في أمتي .......... ليجيرها من غفوة وظلامِ نُرضي الإله بها ونحي فرضه ....... من بعد طول الحزن والآلامِ قالوا بصوتٍ واحدٍ في شامنا ....... لن نرتضي بالعيش كالأنعامِ لا لن نحيد عن الخلافة والهدى ....... بئس الحياة بلا هدى الإسلامِ فلِمَ التفاوض والخلافة مبدأ ....... يأبى نزول القاع بين زحامِ إما الحياة بدولة فيها الهدى ....... يعلو وإما القبر خير مقامِ قل للفصائل هذه أفكارنا ...... ... من ردَّها سيداس بالأقدامِ ومن اهتدى يختارها بعزيمة ....... لو قُطِّعت أعضاؤه بحسامِ المجد قال ومدَّ طرفَ زمامِه ........ من ذا يبادر ممسكاً بزمامِ هي نصرة الحق المبين وإنها ........ في ديننا فرضٌ وفعلُ كرامِ هي فرصة بين العباد أخيرة ........ من حازها يظفرْ بأجر الهامِ هي عزة للمسلمين تحيطهم ....... وتحفهم من خلفهم وأمَامِ هي دولة الإسلامِ آن أوانها ........ سترونها في قابل الأيامِ #ابوشاهين_غزة #البحر_الكامل
    2 points
×
×
  • اضف...