اذهب الي المحتوي
منتدى العقاب

الأعضاء المتميزين

Popular Content

Showing content with the highest reputation since 19 ديس, 2017 in all areas

  1. http://www.hizb-ut-tahrir.info/ar/index.php/pressreleases/markazy/cmo/52656.html بيان صحفي استئناف النشاط في منتدى العقاب الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، والصلاة والسلام على سيد الخلق محمد، وبعد، فقد كان منتدى العقاب، ولأكثر من عقد ونصف من الزمان، منارة فكرية تضج بالنقاشات الحية التي تتناول واقع الأمة الإسلامية والتحديات التي تواجهها، وتستشرف آفاق المستقبل وتخطط له، وتشحذ الهمم للعمل الدؤوب لاستئناف الحياة الإسلامية، وتجلي الأفكار الإسلامية، وتهدم وتجادل الأفكار العلمانية وما شابهها، وها نحن في المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير نزف للأمة الإسلامية بشرى استئناف نشاطات المنتدى، ليكمل رحلته جنبا إلى جنب مع شقيقه منتدى الناقد الإعلامي، وإلى جانب صفحات المكتب الإعلامي لحزب التحرير ومواقع الحزب الأخرى، وصفحات الحزب على مواقع التواصل الإلكتروني، خصوصا في ظل الهجمة الشرسة على تلك المواقع والصفحات والتي كانت هدفا لحملات عالمية لإغلاقها والتعتيم عليها. ولقد رأينا أن التواصل والنقاشات على صفحات مواقع التواصل الإلكتروني كالفيسبوك والتويتر تضمحل في دقائق، وتختفي فيها الأفكار في طيات عجلة تلك المواقع التي تتجدد كل لحظة، فلا تصل تلك الخواطر وثمرات العقول إلا إلى قلة قليلة من المتابعين، فتضيع بضياعها جهود عظيمة، ونتاج عقول مفكرة مبدعة، بينما وجدنا صفحات المنتدى تحتفظ لعقود طويلة بتلك الثمرات، وتصل للقارئ والمتابع في حلة رائعة من التنسيق والتهذيب يليق بثمرات العقول. كما وجدنا أن الأفكار تحتاج لسبر أغوار، لا يمكن بلوغها في عجلة سرعة مواقع التواصل الإلكتروني، فكان المنتدى أحق بها وأهلها، والأمة الجادة التي تتحسس طريقها لتستعيد مكانها سيدة الأمم وخير أمة أخرجت للناس تحتاج للتعمق والتدبر والتخطيط والتشاور والتحاور، فلعل الله تعالى يجعل منتدياتنا ومواقعنا ردفا لنشاطات علمائنا وشبابنا، وأبناء أمتنا في قيامهم بفرض استئناف الحياة الإسلامية عبر إقامة دولة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة، تلك الدولة التي يمكن الله فيها للمسلمين دينهم الذي ارتضى لهم. إن باب التسجيل في المنتدى مفتوح، ولعل الله تعالى يجعل في مشاركاتكم في المنتدى الخير كله، وأن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم، وأن يعيننا، ويوفقنا لما يحب ويرضى. والحمد لله رب العالمين. رابط المنتدى: https://www.alokab.com الدكتور عثمان بخاش مدير المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
    8 points
  2. أصول الفقه الميسرة الجزء الأول: الحاكم: من له السيادة الشرع أم العقل بسم الله الرحمن الرحيم المقدمة لقَد كَانَ مَبحَثُ أصُولِ الفِقْهِ مَحَلَ عِنَايَةٍ فَائِقَةٍ عِندَ فُقَهَاءِ المُسلِمِينَ وَعُلَمَائِهِمُ المُتقَدِّمِينَ مِنهُمْ والمُتأخِّرِينَ؛ لِمَا لَهُ مِنْ عَظِيمِ الأثَرِ فِي ضَبطِ الاجتِهَادِ واستِنبَاطِ الأَحكَامِ الشَّرعِيَّةِ, لِمُعَالَجَةِ قَضَايَا المُسلِمِينَ وَالمُستَجَدَّاتِ, وَمِنَ الطَّبِيعِيِّ أن يكُونَ هَذَا المَبحَثُ مَحَلَّ اهتِمَامٍ كَبِيرٍ فِي أَيامِنَا هَذِهِ مِنْ قِبَلِ فَرِيقَينِ: الفريق الأول: هُوَ ذَلِكَ الفَرِيقُ الذِي كَرَّسَ عِلمَهُ وَجُهدَهُ لِخِدْمَةِ أعَدَاءِ المُسلِمِينَ الذِينَ يَعمَلُونَ لِتَروِيجِ أفكَارِ الغَربِ وَمَفَاهِيمِهِ وَتَسوِيقِهَا فِي بِلادِ المُسلِمِينَ, تَحْتَ غِطَاءٍ مِنَ القَوَاعِدِ الفِقْهِيَّةِ التِي يَكثُرُ ذِكرُهَا عِندَ تَبرِيرِ عَدَمِ تَطبِيقِ الإِسلامِ, وَتَبرِيرِ عَدَمِ الالتِزَامِ بِمَا هُوَ مَقطُوعٌ بِهِ فِي الشَّرِيعَةِ مِنْ وَاجِبَاتٍ وَمُحَرَّمَاتٍ, وَتَبرِيرِ السَّيرِ مَعَ الغَربِ المُعَادِي للإِسلامِ, وَأَخَذُوا يُرَدِّدُونَ عَلَى مَسَامِعِ النَّاسِ قَوَاعِدَ دَسُّوهَا فِي أصُولِ الفِقْهِ لِلتأثِيرِ فِي الرَّأيِ العَامِّ. وَمِنْ هَذِهِ القَوَاعِدِ: المَصَالِحُ المُرسَلَةُ, وَالتَّدَرُّجُ فِي تَطبِيقِ الإِسلامِ وَمَا لا يُؤخَذُ كُلُّهُ لا يُترَكُ جُلُّهُ, وَالضَّرُورَاتُ تُبِيحُ المحظُورَاتِ, وَلا يُنكَرُ تَغَيُّرُ الأَحكَامِ بِتَغَيُّرِ الأَزمَانِ, وكَذَلِكَ الرُّخَصُ المأخُوذَةُ مِنَ الفَهمِ المَغلُوطِ لِمَقَاصِدِ الشَّرِيعَةِ, كَأَخَفِّ الضَّرَرَينِ وَأهوَنِ الشَّرينِ. كُلُّ ذَلِكَ لِلحَيلُولَةِ دُونَ وُصُولِ الإِسلامِ إِلَى الحُكْمِ وَحدَهُ دُونَ سِوَاهُ, وَلِتَبرِيرِ التَّنازُلاتِ لِلتَّعَايُشِ مَعَ الكُفرِ, حَتَّى أَصبَحَ مَبحَثُ أُصُولِ الفِقْهِ مِنَ المَبَاحِثِ التِي تُطَوِّعُ النَّاسَ لِلغَرْبِ الكَافِرِ وَتَجعَلُ الحَركَاتِ الإِسلامِيَّةَ مَطِيَّةً لِتَحقِيقِ أَهدَافِ الكُفَّارِ, إِلَى أَنْ أَصبَحَ فِي المُسلِمِينَ مَنْ يَدعُو إِلَى الدِّيمُقرَاطِيَّةِ, وَالدَّولَةِ المَدَنِيَّةِ, وَيُفتِي بِإِبَاحَةِ الرِّبا وَالمُشَارَكَةِ فِي حُكُومَاتٍ لا تَحكُمُ بِالإِسلامِ بَلْ تُعَادِيهِ, وَيُوجِبُونَ عَلَى المُسلِمِينَ أَنْ يَكُونُوا أَعضَاءَ فِي الكِنِيسِتِ الإِسرَائِيليِّ, وَأنْ يَكُونُوا أعضَاءَ فِي مَجَالِسِ تَشرِيعِيَّةٍ فِي بِلادِ المُسلِمِينَ أو فِي بِلادٍ غَربِيَّةٍ مُعَادِيَةٍ للإِسلامِ, كُلُّ ذَلِكَ بِحُجَّةِ المَصلَحَةِ. وَكَانَ هَذَا الفَرِيقُ بِحَقٍّ عَقَبَةً كَأدَاءَ فِي وَجْهِ دَعوَةِ الإِسلامِ, وَسَهْمًا مَسْمُومًا فِي صَدْرِ الإِسلامِ, وَاستُخدِمَتْ فَتَاوَاهُمْ أَدَاةً فِي قَتلِ المُسلِمِينَ تَحْتَ مُسَمَّيَاتِ التَّطَرُّفِ وَالإِرهَابِ! الفريق الثاني: أمَّا الفَرِيقُ الثَّانِي فَهُوَ ذَلِكَ الفَرِيقُ مِنَ المُخلِصِينَ الذِينَ نَذَرُوا حَيَاتَهُمْ لِخِدْمَةِ الإِسلامِ وَدَعوَتِهِ, وَعَودَتِهِ فِي دَولَتِهِ, فَأَخَذُوا عَلَى عَاتِقِهِمْ تَنقِيَةَ هَذَا العِلْمِ الجَلِيلِ مِنْ كُلِّ دَخِيلٍ عَلَيهِ.
    5 points
  3. بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله الحزب السياسي - كحملة الدعوة في زمن الاستضعاف مثلا - يدعو الناس الى الفكرة بطريقة بليغة مؤثرة لافتة، ثم يترك اللهُ لهم الخيار، فان استجابوا فانه يعمل بهم ومعهم لتطبيقها عمليا في الدنيا وصولا الى الجنة في الآخرة. وان لم يستجيبوا فأمرهم الى الله، ان شاء عذب وان شاء غفر. وليس مطلوبا من الحزب السياسي أن يحمل السيوف على رقاب الناس ليقبلوا ما يدعوهم اليه بل يبقى الحزب ثابتا على فكرته عاملا بطريقته واثقا بربه حتى يلقى الله تعالى استجابة الناس هي من شأن الله تعالى الذي خير الناس وبين لهم طريق الهداية طريق الضلال وترك لهم اتخاذ القرار. لذلك لم تكن استجابتهم مسؤولية الحزب السياسي على الاطلاق هذه الصورة تكررت مع الأنبياء جميعا عليهم السلام ابراهيم عليه السلام على سبيل المثال، لم يستجب له أهل العراق، ولوطا عليه السلام لم يستجب له قومه، وعيسى عليه السلام كذلك، وقوم هود وقوم صالح فأهلك الله اقواما وأمهل آخرين وآخرون استجابوا لنبيهم كسادتنا وأحبابنا الأنصار رضي الله عنهم وعن المهاجرين لكن الحقيقة أن أحدا من الأنبياء لم يحمل على قومه بالسيف ليحتضنوا فكرته فنحن اليوم نبذل المهج ونخلص النصيحة ونحمل الفكرة لأهلنا وأناسنا وأمتنا سائلين الله أن يهدي قلوبهم فيستجيبوا ويلتزموا اقامة حكم الله في الأرض، فان استجابوا فهم أهل التقوى وأحق بها وأهلها، وان لم يستجيبوا أو تلكأوا فما على الرسول الا البلاغ أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: فَإنْ حَآجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ للَّهِ وَمَنِ ٱتَّبَعَنِ وَقُلْ لِّلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَٰبَ وَٱلأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُواْ فَقَدِ ٱهْتَدَواْ وَّإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ ٱلْبَلَٰغُ وَٱللَّهُ بَصِيرٌ بِٱلْعِبَادِ وَأَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ وَٱحْذَرُواْ فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّمَا عَلَىٰ رَسُولِنَا ٱلْبَلاَغُ ٱلْمُبِينُ مَّا عَلَى ٱلرَّسُولِ إِلاَّ ٱلْبَلاَغُ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ وَإِن مَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ ٱلَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ ٱلْبَلاَغُ وَعَلَيْنَا ٱلْحِسَابُ وَقَالَ ٱلَّذِينَ أَشْرَكُواْ لَوْ شَآءَ ٱللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِن دُونِهِ مِن شَيْءٍ نَّحْنُ وَلاۤ آبَاؤُنَا وَلاَ حَرَّمْنَا مِن دُونِهِ مِن شَيْءٍ كَذٰلِكَ فَعَلَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَهَلْ عَلَى ٱلرُّسُلِ إِلاَّ ٱلْبَلاغُ ٱلْمُبِينُ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ ٱلْبَلاَغُ ٱلْمُبِينُ قُلْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَّا حُمِّلْتُمْ وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُواْ وَمَا عَلَى ٱلرَّسُولِ إِلاَّ ٱلْبَلاَغُ ٱلْمُبِينُ وَإِن تُكَذِّبُواْ فَقَدْ كَذَّبَ أُمَمٌ مِّن قَبْلِكُمْ وَمَا عَلَى ٱلرَّسُولِ إِلاَّ ٱلْبَلاَغُ ٱلْمُبِينُ وَمَا عَلَيْنَآ إِلاَّ ٱلْبَلاَغُ ٱلْمُبِينُ فَإِنْ أَعْرَضُواْ فَمَآ أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً إِنْ عَلَيْكَ إِلاَّ ٱلْبَلاَغُ وَإِنَّآ إِذَآ أَذَقْنَا ٱلإِنسَانَ مِنَّا رَحْمَةً فَرِحَ بِهَا وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَإِنَّ ٱلإِنسَانَ كَفُورٌ فَٱصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُواْ ٱلْعَزْمِ مِنَ ٱلرُّسُلِ وَلاَ تَسْتَعْجِل لَّهُمْ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوۤاْ إِلاَّ سَاعَةً مِّن نَّهَارٍ بَلاَغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلاَّ ٱلْقَوْمُ ٱلْفَاسِقُونَ وَأَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ فَإِن تَولَّيْتُمْ فَإِنَّمَا عَلَىٰ رَسُولِنَا ٱلْبَلاَغُ ٱلْمُبِينُ
    5 points
  4. التعريف بأصول الفقه أولاً: تعريف الفقه: الفِقْهُ: هُوَ عِلْمٌ بِالمَسَائِلِ الشَّرعِيَّةِ العَمَلِيَّةِ المُستَنبَطَةِ مِنَ الأَدِلَّةِ التَّفصِيلِيَّةِ. وَمِنْ هَذَا التَّعرِيفِ يَتَبَيَّنُ لَنَا أَنَّ الفِقْهَ مَوضُوعُهُ الأَحكَامُ الشَّرعِيَّةُ العَمَلِيَّةُ الفُرُوعِيَّةُ, وَأَنَّ أدِلَّةَ هَذِهِ الأَحكَامِ هِيَ الأَدِلَّةُ التَّفصِيلِيَّةُ, وَلَيسَتِ الأَدِلَّةَ الإِجمَالِيَّةَ, فَلا يُقَالُ: إِنَّ دَلِيلَ حُكْمَ المَسأَلَةِ الفُرُعِيَّةِ هُوَ القُرآنُ أوِ السُّنةُ أو أيُّ دَلِيلٍ إِجمَالِيٍّ, بَلِ الدَّلِيلُ عَلَى المَسأَلَةِ الآيَةُ مِنَ القُرآنِ, أوِ الحَدِيثُ الذِي استُنبِطَ مِنهُ الحُكْمُ, وَهَكَذَا. وَلِذَلِكَ لا يَكُونُ مَجَالُ الأَدِلَّةِ الإِجْمَالِيَّةِ وَالقَواعِدِ الفِقهِيَّةِ هُوَ الاستِدلالُ بِهَا عَلَى الأَحكَامِ الفُرُوعِيَّةِ, فَالقَاعِدَةُ الفِقهِيَّةُ لَيسَتْ دَلِيلاً عَلَى المَسأَلَةِ الفَرعِيَّةِ, بَلِ النَّصُّ المُتَمَثِّلُ فِي الآيَةِ أَوِ الحَدِيثِ أوْ وَاقِعَةِ الإِجْمَاعِ هِيَ الأَدِلَّةُ. فَالقَوَاعِدُ الفِقهِيَّةُ وَالأَدِلَّةُ الإِجْمَالِيَّةُ هِيَ ضَوَابِطُ لِلاجتِهَادِ وَفَهْمِ النُّصُوصِ, وَمَجَالُهَا أُصُولُ الفِقْهِ كَمَا سَيَظهَرُ بِوُضُوحٍ فِي تَعرِيفِ الأُصُولِ. وكَذَلِكَ يَتَبَيَّنُ لَنَا مِنْ تَعرِيفِ الفِقْهِ أَنَّ الأَحكَامَ العَقَائِدِيَّةَ لَيسَتْ فِي بَابِ الفِقْهِ؛ لأَنَّ العَقَائِدَ مَحَلُّهَا التَّصدِيقُ, وَلَيسَ العَمَلُ. ثانياً: تعريف الأصول: أَمَّا الأَصلُ, فَهُو الأَسَاسُ الذِي يُبتَنَى عَلَيهِ. وَعَلَيهِ يَكُونُ تَعرِيفُ أُصُولُ الفِقْةِ هُوَ: القَوَاعِدُ التِي يُبنَى عَلَيهَا استِنبَاطُ الأَحْكَامِ الشَّرعِيَّةِ مِنَ الأَدِلَّةِ التَّفصِيلِيَّةِ. وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ لا بُدَّ أنْ يَكُونَ الأَسَاسُ الذِي يُبنَى عَلَيهِ الفِقْهُ أَمرًا مَقطُوعًا بِهِ, وَلا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ ظَنيًا. وَعَلَيهِ فَأُصُولُ الفِقْهِ كَالعَقَائِدِ لا بُدَّ مِنَ القَطْعِ فِيهَا, وَكُلُّ أصْلٍ لا يَثبُتُ بِالدَّلِيلِ القَطعِيِّ لا يُعتَبَرُ مِنَ الأُصُولِ, مِثلُ: "المَصَالِحُ المُرْسَلَةُ" وَ "شَرْعُ مَنْ قَبلَنَا" وَ "الاستِحْسَانُ" وَ "مَذهَبُ الصَّحَابِيِّ" وَغَيرُهَا, فَكُلُّهَا لَيسَتْ أَدِلَّةً عِندَنَا, وَمَنِ اعتَبَرَهَا مِنَ الأَدِلَّةِ يَكُنْ رَأيُهُ رَأْيـًا شَرْعيًا, وَإِنْ كُنَّا نَرَاهُ مَرجُوحًا لِوُجُودِ شُبْهَةِ دَلِيلٍ عَلَى هَذِهِ المَسَائِلِ. وَهُنَاكَ قَوَاعِدُ كَثِيرَةٌ اعتُبِرَتْ أَدِلَّةً, وَهِيَ عَقلِيَّةٌ لا يُوجَدُ عَلَيهَا شُبهَةُ دَلِيلٍ, وَهِيَ مَردُودَةٌ, وَلا تُعتَبَرُ مِنَ الأَدِلَّةِ, وَالآرَاءُ المُستَنبَطَةُ عَلَى أَسَاسِهَا لَيسَتْ آرَاءَ شَرْعِيَّةً. هَذِهِ القَوَاعِدُ مِثلُ: "الضَّرُورَاتُ تُبِيحُ المَحظُورَاتِ" وَ "لا يُنكَرُ تَغَيُّرُ الأَحكَامِ بِتَغَيُّرِ الأَزمَانِ" وَ "مَا لا يُؤخَذُ كُلُّهُ لا يُترَكُ جُلُّهُ" وَغَيرُهَا. وَسَنَتَعَرَّضُ لِهَذِهِ القَوَاعِدِ فِي مَوضِعِهَا بِشَيءٍ مِنَ التَّفصِيلِ وَبِالبَيَانِ المُفِيدِ لِحَامِلِ الدَّعوَةِ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى. مِمَّا سَبَقَ نَستَطِيعُ القَولَ: إِنَّ أُصُولَ الفِقْهِ: هِيَ جُملَةُ الأَدِلَّةِ وَالقَوَاعِدِ القَطعِيَّةِ التِي يُبنَى عَلَيهَا استِنْبَاطُ الأَحكَامِ الشَّرعِيَّةِ مِنَ الأَدِلَّةِ التَّفصِيلِيَّةِ.
    5 points
  5. أهمية دراسة علم أصول الفقه وَهُنَا يَبرُزُ سُؤَالٌ هُوَ: لِمَاذَا نَدرُسُ عِلْمَ أُصُولِ الفِقْهِ؟ أو مَا أهمِيَّةُ دِرَاسَةِ عِلْمِ أُصُولِ الفِقْهِ؟ للإِجَابَةِ نَقُولُ: إِنَّ أهمِيَّةَ هَذَا العِلْمِ تَكمُنُ فِي الأُمُورِ الآتِيَةِ: أولاً: عَلَى صَعِيدِ الاجتِهَادِ وَالفِقْهِ, فَلا يَكُونُ الفَقِيهُ فَقِيهًا, وَلَنْ يَتَمَكَّنَ مِنَ استِنبَاطِ حُكْمٍ شَرعِيٍّ بِغَيرِ الوَعيِ التَّامِّ عَلَى هَذَا العِلْمِ الجَلِيلِ, فَبِهِ تُفهَمُ النُّصُوصُ, وَيُضبَطُ الاجتِهَادُ. ثانيًا: عَلَى صَعِيدِ الحَركَاتِ الإِسلامِيَّةِ العَامِلَةِ لإِنهَاضِ الأُمَّةِ بِالإِسلامِ وَالذِي يَفرِضُ عَلَيهَا أَنْ تُحَدِّدَ أُصُولَ الفِقهِ المُعتَمَدَةِ فِي فَهمِهَا لِلنُّصُوصِ وَاستِنبَاطِهَا لِلأَحكَامِ الشَّرعِيَّةِ المُتَبنَّاةِ لَدَيهَا, وَالتِي تُحَدِّدُ لَهَا الهَدَفَ تَحدِيدًا دَقِيقًا وَالمُتَمَثِّلَ فِي استِئنَافِ الحَيَاةِ الإِسلامِيَّةِ بِإِقَامَةِ دَولَةِ الخِلافَةِ, وَتُحَدِّدُ لَهَا أَيضًا جَمِيعَ السِّيَاسَاتِ التِي سَتُطَّبقُ فِيهَا دَاخِليًا وَفِي العَلاقَاتِ الخَارِجِيَّةِ, وَتُحَدِّدُ طَرِيقَ السَّيرِ المُوصِلَةَ لِهَذَا الهَدَفِ العَظِيمِ. كُلُّ ذَلِكَ بِاجتِهَادٍ صَحِيحٍ مِنَ الشَّرعِ, بِحَيثُ لا تَخرُجُ أيَّةُ جُزئِيَّةٍ, وَلا أَيُّ عَمَلٍ عَنِ الإِسلامِ. هَذَا وَإِنَّ أَيَّ حِزبٍ أو جَمَاعَةٍ لا أُصُولَ عِندَهَا تُحَدِّدُ لَهَا مَعَالِمَ الطَّرِيقِ, وَمَشرُوعَهَا النَّهضَوِيَّ لَهِيَ ضَائِعَةٌ تَسِيرُ عَلَى غَيرِ هُدىً, وَدُونَ ضَوَابِطَ شَرعِيَّة. ثالثًا: عَلَى صَعِيدِ حَاجَةِ حَامِلِ الدَّعوَةِ إِلَى أُمُورٍ أَربَعَةٍ لازِمَةٍ لَهُ لُزُومَ الرُّوحِ لِلحَيَاِة مِنهَا: اللوازم الأربعة لحامل الدعوة الأول: حَاجَةُ حَامِلِ الدَّعوَةِ إِلَى بِنَاءِ العَقلِيَّةِ الإِسلامِيَّةِ القَادِرَةِ عَلَى مُحَاكَمَةِ الأَفكَارِ وَالأَعمَالِ, وَكُلِّ مَا يَعتَرِضُهُ أثنَاءَ سَيرِهِ فِي حَيَاتِهِ الخَاصَّةِ وَالدَّعَوِيَّةِ. الثاني: حَاجَتُهُ إِلَى الرَّدِّ عَلَى الدَّعْوَاتِ الفَاسِدَةِ وَتَفنِيدِها, وَبَيَانِ بُطلانِهَا, وَآثارِهَا السَّيئَةِ عَلَى مُجتَمَعِهِ. الثالث: حَاجَةُ حَامِلِ الدَّعوَةِ إِلَى أَنْ يُحَصِّنَ نَفسَهُ مِنَ الزَّلَلِ وَالانحِرَافِ, وَأَنْ لا يَقَعَ فِي فَخِّ التَّضلِيلِ, فَقَوَاعِدُهُ تُمَكِّنُهُ مِنْ مَعرِفَةِ الغَثِّ مِنَ السَّمِينِ, وَالحَقِّ مِنَ البَاطِلِ فِي مُجتَمَعٍ مَلِيءٍ بِالأفكَارِ الفَاسِدَةِ الآتِيَةِ عَنْ طَرِيقِ الغَزْوِ الفِكرِيِّ. الرابع: حَاجَةُ حَامِلِ الدَّعوَةِ لِلوُقُوفِ عَلَى أحكَامِ المُستَجِدَّاتِ بِعَرضِهَا عَلَى الشَّرعِ, وَعَرضِ أَعمَالِ الحُكَّامِ وَالسَّاسَةِ عَلَى قَوَاعِدَ وَمَقَايِيسَ شَرعِيَّةٍ حَتَّى يَتأَتى لَهُ خَوضُ الصِّرَاعِ الفِكْرِيِّ وَالكِفَاحِ السِّيَاسِيِّ عَلَى بَصِيرَةٍ, امتِثَالاً لِقَولِهِ تَعَالَى: (قُلْ هَٰذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ ۚ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي). رابعًا: عَلَى صَعِيدِ الدَّولَةِ التِي يُرَادُ إِقَامَتُهَا, وَالتِي أَنَاطَ الشَّرعُ بِهَا تَطبِيقَ الإِسلامِ فِي الدَّاخِلِ, وَحَمْلَ رِسَالَتِهِ إِلَى العَالَمِ فِي الخَارِجِ عَنْ طَرِيقِ الدَّعوَةِ وَالجِهَادِ, حَيثُ لا يَتَسَنَّى لَهَا ذَلِكَ إِلاَّ بِاجتِهَادٍ صَحِيحٍ وَفْقَ أُصُولٍ قَطْعِيَّةٍ يَجْرِي استِنبَاطُ الأَحكَامِ الشَّرعِيَّةِ عَلَى أَسَاسِهَا, لِكُلِّ أعمَالِهَا, وَمَا يَستَجِدُّ أثنَاءَ التَّطبِيقِ, حَيثُ لا يَجُوزُ لَهَا أَنْ تَأخُذَ مِنْ غَيرِ الإِسلامِ. خامسًا: عَلَى صَعِيدِ القِيَادَةِ فِي الأُمَّةِ التِي يَجِبُ أَنْ تَكُونَ قِيَادَةً فِكرِيَّةً مَبدَئِيَّةً, فَلا يَجُوزُ أنْ تَبقَى القِيَادَةُ فِي الأُمَّةِ قِيَادَةً شَخصِيَّةً, وَلا مَرجِعِيَّاتٍ, وَلا مَشَايِخَ وَمُرِيدِينَ. فَهَذَا أبُو بَكرٍ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللهُ عَنهُ يَقُولُ فِي أَوَّلِ خُطبَةٍ لَهُ بَعدَ تَوَلِّيهِ الخِلافَةَ: "أمَّا بَعدُ، أَيُّها النَّاسُ فَإِني قَد وُلِّيتُ عَلَيكُمْ وَلَسْتُ بِخَيرِكُمْ فإِنْ أَحْسَنْتُ فَأَعِينُونِي, وإِنْ أَسَأْتُ فَقَوِّمُوني. أَطِيعُونِي مَا أَطَعْتُ اللَّهَ ورسولَه فإِذا عَصَيْتُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَلا طَاعةَ لِي عَلَيكُمْ". وَدَولَةُ الإِسلامِ دَولَةُ مَبدَأ, وَرِجَالُهَا مِنَ البَشَرِ, وَالانقِيَادُ فِيهَا للهِ وَحْدَهُ. وَلَمَّا كَانَ الفِقْهُ هُوَ العِلْمُ بِالأَحكَامِ الشَّرعِيَّةِ العَمَلِيَّةَ المُستَنبَطَةَ مِنْ أَدِلَّتِهَا التَّفصِيلِيَّةِ عَزَمْتُ عَلَى أَنْ أكتُبَ فِي عِلْمِ أُصُولِ الفِقْهِ, فَكَتَبْتُ كِتَابِي هَذَا الذِي سَمَّيتُهُ: "أصُولُ الفِقْهِ المُيَسَّرَةُ" وَأرَدْتُ أَنْ أَجعَلَهُ مَبَاحِثَ صَغِيرَةً مُتَعَلِّقَةً بِالنَّوَاحِي العَمَلِيَّةِ التِي تَلزَمُ حَامِلَ الدَّعوَةِ, وَأَنْ أكتُبَهُ بِلُغَةٍ عَصرِيَّةٍ سَهْلَةٍ مُيَسَّرَةٍ, وَبَعِيدَةٍ كُلَّ البُعدِ عَنْ أُسلُوبِ الأَكَادِيمِيِّينَ الذِي يُعنَى وَيَهتَمُّ بِالنَّاحِيَةِ التَّنظِيرِيَّةِ, وَيَنأى عَنِ النَّاحِيَةِ العَمَلِيَّةِ, مَعَ عِلْمِي بِأَنَّنِي لَنْ آتِيَ بِشَيءٍ جَدِيدٍ فِي مَضمُونِ أُصُولِ الفِقْهِ, وَكَمَا ذَكَرْتُ سَتَكُونُ كِتَابَتِي سِلْسِلَةً مِنَ البُحُوثِ المُختَصَرَةِ فِي مَوَاضِيعَ مُخْتَارَةٍ مِنْ أُصُولِ الفِقهِ, حَيثُ أقُومُ بِعَرْضِ كُلِّ بَحْثٍ, وَكُلِّ مَوضُوعٍ بِشَكلٍ مُيَسَّرٍ فِي صِيَاغَتِهِ, وَلَهُ مَسَاسٌ بِالدَّعْوَةِ, وَالقَضَايَا المُعَاصِرَةِ المُثَارَةِ فِي السَّاحَةِ الإِسلامِيَّةِ؛ كَي يَتَشَجَّعَ حَمَلَةُ الدَّعوَةِ عَلَى دِرَاسَتِهَا, وَيَتَسَنَّى لِلرَّاغِبِينَ فِي الاطِّلاعِ عَلَى أُصُولِ الفِقْهِ مِنْ قِرَاءَتِهَا وَاستِيعَابِ مُصطَلَحَاتِهَا بِيُسْرٍ وَسُهُولَةٍ. وَأَسأَلُ اللهَ العَلِيَّ القَدِيرَ أَنْ يَجعَلَ هَذَا العَمَلَ خَالِصًا لِوَجْهِهِ الكَرِيمِ, وَأَنْ يَتَقَبَّلَهُ مِنَّا, وَأنْ يَنفَعَ حَمَلَةَ الدَّعوَةِ بِمَا فِيهِ, وَأنْ يُوَفِّقَنَا بِأَنْ نَجمَعَ فِيهِ جَمِيعَ المَسَائِلِ ذَاتِ الصِّلَةِ بِالمَوضُوعِ, إِنَّهُ وَلِيُّ ذَلِكَ وَالقَادِرُ عَلَيهِ, وَمَا تَوفِيقِي وَثِقَتِي واعتِصَامِي واعتِزَازِي إِلاَّ بِاللهِ العَلِيِّ العَظِيمِ, عَلَيهِ تَوَكَّلتُ, وَإِلَيهِ أنِيبُ. سعيد رضوان أبو عواد 23/11/2013م
    5 points
  6. من هم أهل الحل والعقد في المجتمعات اليوم؟ والذين منهم تطلب النصرة؟ باستعراض الأدلة التي وردت في طلب النصرة نجد أن في حادثة طلب النصرة من بني شيبان مثلا، تجلت فئات من أهل الحل والعقد في مجتمعهم إذ ذاك، وهم: "غُرَرٌ فِي قَوْمِهِمْ وَفِيهِمْ مَفْرُوقُ بْنُ عَمْرٍو وَهَانِئُ بْنُ قَبِيصَةَ، وَمُثَنّى بْنُ حَارِثَةَ وَالنّعْمَانُ بْنُ شَرِيكٍ" " فَقَالَ مفروق وَهَذَا هَانِئُ بْنُ قَبِيصَةَ شَيْخُنَا، وَصَاحِبُ دِينِنَا،" " فَقَالَ هانئ وَهَذَا الْمُثَنّى بْنُ حَارِثَةَ شَيْخُنَا وَصَاحِبُ حَرْبِنَا" وهكذا نجد أن شوكتهم في قبيلتهم تعود لأنهم شيوخ القبيلة، وأصحاب رأي وقوامة على الدين في قومهم، أو أنهم أصحاب قوة وحرب!. لذلك لما قال سعد بن معاذ رضي الله عنه حين دخل الإسلام وذهب إلى قومه وكان سيدًا عليهم قال لهم: إن كلام رجالكم ونسائكم وأطفالكم عليّ حرام، حتى تشهدوا أنه لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، أسلم قومه واتبعوه! لذلك رأيناه ﷺ يحرص على البقاء وسطهم (أي أهل الحل والعقد)، حيث إنه بعد الفتح، لم يذهب إلى مكة، رغم أن العرب تنقاد قلبياً لقريش، بل رأيناه ﷺ يقول للأنصار: «ألا ترضون أن يرجع الناس بالشاة والبعير، وترجعون أنتم برسول الله» رواه مسلم، وطبيعي أن أهل الحل والعقد من المهاجرين والأنصار يحيون في المدينة، أي إنه ﷺ بوصفه نبياً أولاً، وقائداً سياسياً ثانياً، آثر البقاء في وسط أهل الحل والعقد، والذين يشكلون معظم الوسط السياسي أيضا (مع اختلاف طبيعة الوسط السياسي قليلا عن طبيعة أهل الحل والعقد)، الذي أنشأه بنفسه، ورعاه وربّاه بيديه، وسهر على صفائه ونقائه، ولم يتخذ وسطاً سياسياً جديداً، ولم يدخل قادة قبائل جديدة في أهل الحل والعقد، بل إنه بقوله ﷺ: «لا هجرة بعد الفتح» حمى هذا الوسط السياسي من كل دخيل،"[1] وحافظ على نقاء أهل الحل والعقد ممن فهم الإسلام ونصره، ولهم الكلمة في مركز الحل والعقد في العاصمة، ورأينا كيف أن عليا بن أبي طالب رضي الله عنه جعل بعض أهل الكوفة التي انتقل إليها أيضا من أهل الحل والعقد والوسط السياسي وأهل الشورى حيث الحل والعقد، وصناعة القرارات. ولا شك أن كل مجتمع يحوي أمثال هؤلاء، وقد تختلف تركيبة بعض المجتمعات عن بعضها: فبعضها ما زالت فيه شوكة للقبائل وفيها شيوخها والمثقفون والمفكرون والعلماء من أبنائها، ولا يعنينا في العملية التغييرية إحياء القبلية، وإنما أن تنقاد تلك الجموع الضخمة من المجتمعات للفكرة الإسلامية بانقياد أصحاب الحل والعقد والرأي فيها لها، فينقادون بانقيادها، وأن نستغل ثقل تلك الكتل المجتمعية في الدولة وقدرتها على أن تحول مكمن السلطة إليها ومن ثم إلى الدولة التي تبايعها. فجل المجتمعات في الخليج العربي، والعراق وأجزاء من الأردن وسوريا ومصر وباكستان وغيرها ما زالت قبلية- عشائرية، تشكل القبيلة- العشيرة التنظيم الأكبر اجتماعيا، ويمكن ملاحظة ذلك من خلال التواجد الكبير لثقافة القبيلة في المجتمعات الخليجية، وهناك الكثير من القرى والمدن الصغيرة التي يسكنها أفراد من قبيلة واحدة، ويظل الكثير من أفراد المجتمع حريصين على إثبات انتمائهم القبلي من خلال الأسماء أو البحث عن روابط عرقية تؤكد انتماءهم إلى قبائلهم. ودرجة الانتماء القبلي متفاوتة بينهم من حيث عمق المفهوم القبلي والحاجة إليه اجتماعيا[2]. لذلك لما لم تستطع أميريكا قولا ولا فعلا نتيجة المقاومة العراقية المزلزلة لها بعد غزوها للعراق 2003، قامت باختراق بعض القبائل وأنشأت نظام الصحوات، فأبطلت المقاومة وجنبت نفسها جحيما كانت قد اصطلت بناره! فبعض المجتمعات ما زالت تُقدر مكانة شيوخ القبائل وتجلهم، وتنقاد لهم فئات كثيرة من المجتمع، وتحاول بعض الأنظمة استمالتهم دائما، مثل الأردن والسعودية مثلا، وهؤلاء قد يشكلون أحيانا مكمنا للسلطة، ومنبعا للقوة المجتمعية قابلا للتفجير، وقادرا على قلب الأنظمة وتغيير الأوضاع، بانقيادهم للفكرة لا "بقبليتهم" وبعض الفئات من المجتمع تنقاد للعلماء أو للوجهاء الذين يبنون علاقة انقيادية لهم ولآرائهم، فتخافهم الملوك، مثلما خاف المأمون بن هارون الرشيد العالمَ الجليلَ يزيد بن هارون[3]، وما مثال عز الدين بن عبد السلام رحمه الله وقيادته لحزب غير مسمى قوامه طلابه ومريدوه من غالبية الرعية في مصر، فما أن خرج محتجا على الحاكم حتى خرجت الجموع وراءه مما اضطر الحاكم للنزول عند حكمه ورأيه خشية من الرأي العام، وما مثال يزيد بن هارون ووقوفه بحزم أخاف المأمون من إظهار القول بخلق القرآن حتى مات يزيد رحمه الله تعالى، فالعالم والمفكر قد يكونان قائدين لحزب سياسي ليس له اسم، ولكن له وجود وثقل وحركة في المجتمع، بخلاف العالم والمفكر الذي يودع أفكاره بطون الكتب أو خطب الجمعة التي تعتمد العاطفة دون بناء فكري رعوي سياسي، ولا يطرح فيها آلية إيجادها في الواقع فلا يكون لها من أثر في الواقع ولا في الأمة! فأمثال هؤلاء أهل حل وعقد وشوكة في المجتمع لما لهم من تأثير فيه! وبعض الدول تكمن السلطة فيها في الجيش، فتؤخذ النصرة من المخلصين من الضباط فيه وفق عملية بالغة التعقيد ليس هنا مجال نقاشها، وهؤلاء الفئة يشكلون: أهل القوة والمنعة، إلا أنهم لا يكونون هم فقط أهل القوة والمنعة، إذ أن العملية التغييرية تتطلب صناعة الرأي العام في المجتمع، وانقياد المجتمع أيضا للحزب، وهذا يتم عبر أهل القوة والمنعة والنصرة، أي أهل الحل والعقد في المجتمع أيضا، فيتشكل من مجموع الفريقين: أهل النصرة أي أهل القوة والمنعة الذين ينصرون الدعوة من الجيش، وأهل الحل والعقد من المجتمع. أو قد تكمن السلطة في المجتمع والدولة في العائلة الحاكمة مثلا كما في السعودية، إلا أنها والحال كذلك إلا أن هذه السلطة التي تكمن في جهة من الجهات تكون مستندة في سلطانها وبقائها إلى قوة حقيقية بحيث إذا زالت هذه القوة انهارت السلطة من الجهة التي تكمن فيها، والأصل في كل شعب أن تكون القوة التي تسند السلطة هي قوة الشعب أو قوة أقوى فئة في الشعب. ولذلك كان طريق أخذ السلطة طبيعياً هي أخذ الشعب، أو أخذ أقوى فئة في الشعب (وقادة تلك الفئة الأقوى من الشعب هم أهل الحل والعقد أو أهل القوة والمنعة)، فيكون حينئذ أخذ السلطة طبيعياً. إلا أنه توجد بلدان تستند السلطة فيها إلى غير قوة الشعب، أي إلى قوة خارجة عن الشعب كالبلاد الخاضعة لنفوذ أجنبي، أو التي تستند في وجودها لنفوذ أجنبي. فإن السلطة فيها وإن كانت على الشعب ولكنها غير مستندة إليه. وفي هذه الحال يمكن أن تؤخذ السلطة فيها بأخذ الشعب أو أقوى فئة فيه، وبتدمير صلات القوة بين الدولة صاحبة النفوذ فيه وبين النظام فيه، فيصبح الصراع بين الشعب وبين السلطة وبين الشعب وبين القوة التي تسند السلطة. وإذا تتالى هذا الصراع فإن الشعب أو الفئة الأقوى فيه سينتزع السلطة من السلطة التي يصارعها مهما كانت القوة التي تسندها وسيعطيها لمن يعتقد فيه في ذلك الوقت أنه محل أمل وموضع ثقة[4]. وقد يكون أهل الحل والعقد والقوة والمنعة موجودون فعلا في المجتمع، ولكن السلطة فيه تشغلهم عن قيادة المجتمع بما تخشاه السلطة منهم، بشراء بعضهم، أو بإشغالهم بقضايا جانبية تبعدهم عن لب الصراع معها، فإذا ما تقصدهم الحزب في العملية التغييرية وأثار فيهم مكامن قوتهم، أحيا وجودهم، وانبعث من ورائهم خلق كثير ينصرون الدعوة. ومما هو جدير بالذكر، أن صفة أهل الحل والعقد تؤخذ من كونهم يمثلون الأمة، أو الفئة فيها القادرة على التغيير في المجتمع، ومن الجدير بالذكر أيضا أن الغاية من التركيز عليهم هي أن عملية التغيير من ناحية عملية ينبغي أن تتم من خلال تغيير الفئات الأقوى في المجتمع القادرة على إحداث التغيير فيه، وإلا فإن تغيير كافة أبناء المجتمع عملية بالغة التعقيد والصعوبة. [1] المحافظة على نقاء الوسط السياسي، أبو عبيدة، العدد 205، الوعي نيسان 2004. [2] أنظر: المجتمع والقبيلة في الخليج، د. علي الخشيبان. [3] [4] بتصرف عن جواب سؤال بعنوان: أين تكمن السلطة؟ لتقي الدين النبهاني في العام 1970.
    4 points
  7. حضرة السيد بهاء الاسئلة التي طرحتها من قبيل: هل هذا السؤال أو الأسئلة تقع في عالم الشهادة، أم هي أسئلة عن عالم الغيب؟ انظر إلى صيغة السؤال لماذا يخلق الله الإنسان؟ لماذا يخلق الله أرضا و و ؟؟ إذا سؤالك هو ليس موجها للمخلوقات بل هو موجه للخالق، أي إلى الله جل وعلا، ولأجل الحصول على إجابة عليك أن تتواصل مع الخالق لتحصل على إجابة منه! ولكن هل يمكنك أن تتواصل مع الله وهو غيب؟ بمعنى أن ذاته وصفاته لا تقع تحت الحس، وبذلك نعود إلى ضوابط التفكير التي هي شروط لصحته وهي أن ما لا يقع عليه الحس لا يمكن التفكير فيه، وبالتالي لا يمكن الحكم على ذات الله وصفاته، فتكون الاسئلة التي سألتها معلقة ولا اجابات عليها، إلا إذا تلقيت اجاباتها من الله، فحينئذ يمكنك التفكير بها عقلا والرضى بها أو السخط منها بمعنى أن تؤمن أو تكفر بها! وما دمت سميت نفسك بأنك ملتزم جديد بمعنى أنك مسلم مؤمن بالله وبرسوله وبكتابه القرآن الكريم، فيجب عليك تلقي ما جاء في القرآن الكريم الذي هو كلام الله ورسالته للبشر، وكذلك تلقي ما جاء به الرسول محمد عليه الصلاة والسلام بالرضى والقبول، والا خرجت من الإسلام. والقرآن وحديث الرسول عليه السلام فيه شفاء لما في الصدور والقلوب، أي فيهما الاجابات عن كل الاشكاليات والاسئلة التي يحتاج الإنسان للاجابة عليها ليطمئن قلبه ويسعد في دار الدنيا والآخرة. وعليه يجب عليك كمؤمن دراسة القرآن والحديث للبحث عن اجابات عن جميع الأسئلة التي هي من جنس المغيبات التي لا يقع الحس عليها، وما وجدت فيهما من اجابات يجب أن يطمئن اليها قبلك ويشفى ما في صدرك من ضيق وحرج بسبب ضغط الأسئلة التي تشكل لديك عقدة وعقد بحاجة إلى حلول. يتبع بمشيئة الله
    4 points
  8. إقامة الخلافة الثانية اشد وأصعب وأقسى من إقامة دار الإسلام الأولى أو التغيير الثاني اشد وأصعب من التغيير الأول أخطأ من توقع من المفكرين أن عملية إعادة استئناف الحياة الإسلامية ستكون سهلة ميسورة قياسا على الأحداث الأولى ووقائعها فهي لا تحتاج إلا إلى صرع الأفكار الباطلة بالحقيقة الفكرية القطعية وكفاح الوسط السياسي المتحكم في مفاصل الحياة ودقائقها ، مما يؤدي آليا و اتوماتيكيا وبعد جولة سريعة من الكفاح والصراع إلى التفاف الناس وبخاصة المنصفين المؤثرين منهم فيهم حول الحزب المبدئي إلى إقامة السلطان واستئناف الحياة الإسلامية على الأسس الجديدة ؛ كما أخطأ الكافر المستعمر عندما ظن أن القوة كفيلة بالقضاء على فكرة متأصلة في وجدان وعقول امة من الأمم مهما ضعفت ما دامت الفكرة راسخة في وجدانها، خاصة إنْ كانت هذه الفكرة قد توصل إليها بالاقتناع الذاتي المؤدي إلى اليقين المتين ، أو أنَّ شراء ذمم بعض المنحلين المؤثرين كفيل بفعل ذلك أو أنَّ إغراء الشعوب بإثارة الشهوات وإشباعها وترويج طراز العيش البهيمي كفيل بترك الأمم لعقائدها لا سيما أتباع العقيدة الإسلامية ، كما أخطأ من ترك عملية التغيير إلى الزمن المتراخي الطويل لأنه اعتقد أن التغيير مبني على تغيير الأفراد فقط دون العلاقات المتحكمة في المجتمعات الحاكمة على الأفراد والمتحكمة بهم بصرامة القوانين القمعية التي تتحكم حتى بعقائدهم؛ ذلك أن التغيير المبني على إيصال فكرة أساسية إلى سدة الحكم قائم على عنصري الإرادة الصادقة والتحدي التي تمتزج مع سلوك الطريق الصحيح من أوله إلى آخره لا الانصياع للقوانين .. وكذلك أخطأ من ظن انه يستطيع ان يصل الى العدل والطهر من خلال التكيف مع الظلم والعهر..فيُقدر الغباء في خصومه إذ سمحوا له العمل وفق قواعد لعبتهم وقوانينهم التي ما دخلها إلا بعد أنْ تنكر لما يزعمه من الإيمان فكان هو الغبي بامتياز ،وسقط من أعين الناس .. وقديما دعا المخالفون مخالفيهم إلى الادّهان المتبادل بزعمهم.وهو في الحقيقة فخ لإبعاد حملة الدعوة عن دعوتهم .
    4 points
  9. اننا اذ نذكر هذه الامور فلا نذكرها للتوصيف المجرد فقط او للتيئيس من احداث عملية التغيير وبخاصة ان الامة رغم كل ما فعلوا بها لا زالت تثمر ولا زالت غضة طرية وعصية على الاستئصال بفضل الله ومنته وهي مستعدة للتضحية ولا زالت مستعدة رغم كل الاخفاقات المتعددة الموجبة لليأس نتيجة ضبابية المنهاج وخيانة القادة .. نعم ، إننا نذكر هذا ، لبيان أن أمر التغيير اليوم ليس سهلا ميسورا وانه يحتاج الى عقلاء مؤمنين حقا ، عزيمتهم صادقة وارادتهم حديدية ، يخططون على مستوى الصراع الكوني ولا أقول الإقليمي فالتفكير الاقليمي المحدود بقعطة جغرافية محددة بمعزل عن المحيط المجاور بات خرافة بعد تحول العالم الى قرية صغيرة وادارة الصراع يجب الا تحدد باقليم تتجه الانظاراليه فقط وها هو الكافر المستعمر يستعمل كل الدول لتكون جنودا في حربه لدرجة اننا ما عدنا نسمع ضجيجا ولا عواء لأي حاكم من حكام المسلمين ولو على سبيل التسويق المحلي كما كان الامر من عقود حلت .. خاصة بعد ان ادرك الكافر المستعمر مرة اخرى ان احتلال أي جزء من جغرافيا المسلمين بشكل مباشر يكلفه غاليا فلجأ الى ادارة الحرب بالوكالة مستفيدا من التناقضات الهائلة في بلاد المسلمين ومن الواقع الذي فرضه عليهم بقوة الحديد والنار .. ولإعادة معادلة الصراع إلى صعيده امة واحدة مؤمنة رغم خلافاتها مع كفار حقيقيين عاملين في بلادنا لتحطيم دعوة الحق وابادتها وابادة اتباعها للحيلولة دون ظهورها وعودتها بطراز عيش يسعد البشر كلهم ويقضي على الطغاة والمجرمين لا بدّ ان نركز على ايجاد معايير تجمع الامة من الثقافة الاسلامية المشتركة التي لا مراء فيها ولا خلاف والتي تعتبر القاسم المشترك الواحد بين الفئات لتكون بمثابة القائد الواحد والمرجعية الواحدة ليكون كل عامل يسير قدما في بناء الامة وليس في القضاء عليها بما يخدم مصلحة الكفار الحقيقيين سواء بارتباط وعمالة لاداء مهمة او عن سذاجة وعمى وحمق يصب في خانة مصلحتهم .. نعم من حق كل حزب وجماعة ان يكون له فهم خاص فيما يتعلق بالفروع الفقهية وان يدعو لها وان يراها هي الحق ولو بغلبة الظن ولكن المفقود الان هو وجود معايير عليا في الامة تكون بمثابة المنهج الواحد العام الشامل لكل الفئات باجتهاداتها تحاكم الجميع على اساسها لإيجاد عملية التمايز والحسم بين من يخدم مشروع الأمة وبين من يعمل ضدها فمثلا لا بد من التركيز على الامور التي تتجاوز الفهم الخاص بحزب او جماعة الى تركيز الامور التي تتعلق بالامة وان كانت موجودة في فكر الحزب او الجماعة لخطاب الامة بها باعتبار ان هذه المعايير معاييرها هي او ميزانها هي لمحاسبة الجميع ..وليست معايير حزب تعبر عن فهم خاص يقابل بافهام خاصة اخر وهذا لا يمكن ان يفيد الا برفع مستوى الأمة الفكري وتعويد المؤمن على النقد الذاتي والاتباع على بصيرة وسؤال مرجعيته عن الاسباب الموجبة لاسس طريقته ونتائجها ومناسبة الوسائل الى تحقيق النتائج ام لا .. كسؤال ابن الجهاد الاسلامي او ابن حماس لقادته عن مشروعهم المزعوم لتحرير فلسطين كيف يكون وما هو طريقه وما هي علاقاته وما آل اليه على سبيل المثال .. من خلال عقلية الاتباع على بصيرة وسلوك الطريق الواضح . اللهم وفق امة الاسلام لما تحبه وترضاه وانر بصيرتها ووحد كلمتها واظهر دينها على الدين كله وما ذلك عليك بعزيز .
    4 points
  10. فقد اتضح النهج في التغيير الاول وامتازت الفئة الفاعلة عن الفئة المنفعله بين مؤمنين وكفار- حتى المنافقين ما كانوا معروفين- مرجعيتهم واحدة وقائدهم واحد وهو علاوة على قيادة ذلك نبي يوحى اليه ، والوحي ينزل بين ظهرانيهم منجما يكشف لهم ما استتر ويبين لهم حيوية الاتصال بالحق المعبود وتأثير هذا في وجدان العاملين من استشعار معية الرحمن واذا وُعد احدهم بجائزة ايقن بها وانطلق لا يبالي شيئا ولا ينتظر امرا يجعله يتردد ادنى تردد بخلاف حالنا اليوم فالقيادات متعددة وحملة الدعوة يعملون بين مسلمين يزعم كل واحد منهم انه على الحق وانه ابو المعارف الاسلامية حتى لو تبنى عين الكفر وحال المؤمن انه يخشى ذنوبه ولا يوجد يقينا حيا انه ان فعل كذا كان من اهل الجنة لينطلق لا يلوي على شيء ولا يتردد ادنى تردد فضلا عن صعوبة وطبيعة الحياة وتعقدها وتعدد مطالبها مما جعل الكثيرون يعملون اكثر من عمل لتحصيل لقمة العيش عداك عن قرار الكفار في العالم ان يحولوا بين الامة بواقعها المزري هذا وبين الوصول لاقامة التغيير الثاني بخلاف ما كان عليه الحال في التغيير الاول فقد كان الكفار شبه مغيبين ولا مبالين عمّا كان يحدث في بلاد الحجاز ..بخلاف حالهم اليوم فهم يعملون على مدار الساعة يوميا لكتم انفاس العاملين للتغيير وقد اجتمع لهم كل خبث ابالسة الانس والجن
    4 points
  11. والتغيير القائم على فكرة اساسية ألف باءه أن تكون هذه الفكرة محترمة في المجموعة البشرية التي هي مادة التغيير وصناعته وصياغته على الأسس المناقضة لما كانت عليه من اعتقادات وقناعات لم تتخل عنها بسهولة ولهذا من توسل القوة لفرض قناعات تغاير قناعات المجموعة البشرية كان مصيره الفشل الذريع وقد أدرك الصليبيون هذه الحقيقية بعد حملاتهم المتكررة المتعددة على العالم الإسلامي كما سيدرك تنظيم الدولة هذه الحقيقية حتى لو زعموا أنهم يطبقون الإسلام على مسلمين إما لان المسلمين لم يعودوا يفكرون على أساس الإسلام فصار حالهم حال من يريد أن يفرض عليهم فكرا مناقضا بالقوة ولهذا قال الواعون لا بدّ من سير طريق الرسول لإقامة وبناء الدولة على الفكرة فالدار بعد ان هدموا الخلافة العثمانية ما عادت دار إسلام ظهر فيها الكفر البواح بل صار واقعها انها دار كفر مقيم في كل أركان الحياة حتى بات التنكر للعبادات الفردية أمرا طبيعيا او لان المسلمين يبقون من البشر لا يستسيغون إجبارهم بالعصا او ترغيبهم بالجزرة للاقتناع بفكرة أي فكرة بل دائما و ابدا كانت القوة خادما لتنفيذ الفكرة، فالعصا والجزرة لتحقيق مطامع وتبديد مخاوف وليست ابدا للاقتناع بفكرة ، أو لنقل هي ثواب وعقاب يتنزل بعد ايمان يقتضيهما . وبتتبع الأحكام الشرعية واستقراءها ندرك ان القوة كانت دائما تبعا للفكرة التي تتولى الرعاية والسياسة والكياسة عند الحكام العادلين وتلازم الحكام المتهورين المارقين الطغاة المستبدين .. وتُوجه القوة لأداء الرعاية على أكمل وجه .. وهذا يؤكده الوحي الذي بيّنه فعل الرسول وسيره العملي بان طريق تغيير المجتمع من الداخل يكون بتغيير القناعات ،وخاصة قناعات الفئة المؤثرة التي ينقاد الناس لها واظهر الوحي ان تغيير المجتمعات من الخارج مع التوسل بالإعداد والقوة وما يوحيه التلويح بها يعتمد أيضا على الفكرة والرعاية والدعوة للفكرة باعتبارها حق ويقين وباعتبارها شكلت نموذجا شاخصا بشريا قائما ماثلا امام اعينهم من خلال تطبيق الانموذج الاسلامي عمليا فيظهر لهم انه يقوم على العدل حتى مع المخالف للفكرة من الذين وافقوا ان يتعايشوا معنا وفق معاييرنا واحكامنا التي بينت لهم سلفا وبوضوح تام. وباعتبارها أي القوة ليست الا لتكسير الحواجز المادية فهي ليست للتدمير لذات التدمير ولا لاستباحة الأعراض والاعتداء عليها ولا _ وهنا بيت القصيد – لتغيير قناعات الناس مهما كانت .. وبهذا كانت أحكام الجهاد وقتال البغاة الخارجين على امام دار العدل، وقتال الفئة التي تبغي على أختها وكذلك أحكام العقوبات كلها مضبوطة بالفكرة وما توحيه من ضوابط وقيود تمنع الحاكم ان يتفلت من عقالها ويخرج عن قيودها الى الاستبداد والاهواء والاستهتار بكرامة الانسان ؛ فكرامة الانسان محفوظة حتى في ايقاع العقوبة حتى لو كان مخالفا في العقيدة ما دام معصوما دمه مصونة حرمته .. وجدير بالذكر ان طبيعة الفكرة تستدعي احيانا المذنب نفسه ليقوم بالاعتراف والاقرار بالذنب وان ادى هذا الى استجلاب العقوبة لنفسه بنفسه والتي قد تصل حدّ الموت اذا رأى ان لا يستر على نفسه ، خوفا من الله وعذابه وطمعا في جبر جريمته فالفكرة تتحكم في الحاكم والمحكوم على السواء والقوة تخدم الفكرة وما يتفرع عنها من علاجات لكافة المشاكل والعلاقات .
    4 points
  12. إن الواقع اظهر أنّ عملية استئناف الحياة الإسلامية باتت معقدة اشد التعقيد ، وطويلة لكنها ليست مستحيلة ، فمهما طالت يمكن الوصول لها بشرط السير في سكتها .. وتصبح مستحيلة وليست فقط بعيدة وطويلة الأمد إن كان المسير على غير سكتها إذ أن من لم يتلبس بعملية التغيير الحقيقي أضحى جزءا من الواقع الفاسد ومآله حتما التكيف مع تراكم الفساد في الواقع ليصبح جزء متماهيا تماما معه أو منعزلا لا يأبه به ولا يؤبه له ..
    4 points
  13. الحاكم "من له السيادة" إِنَّ مِنْ أَهَمِّ الأَبحَاثِ المُتَعَلِّقَةِ بِالحُكمِ وَأَلزَمِهَا بَيَانًا, هُوَ بَحثُ الحَاكِمِ, الذِي يُعتَبَرُ أَسَاسًا لِلأَبحَاثِ التِي تَأتِي بَعدَهُ فِي أُصُولِ الفِقْهِ, حَيثُ يَجرِي تَقرِيرُ جَمِيعِ القَوَاعِدِ بِنَاءً عَلَيهِ, وَهُوَ البَحثُ الذِي يُحَدِّدُ مَنْ هِيَ الجِهَةُ التِي يُرجَعُ إِلَيهَا لإِصدَارِ الأَحكَامِ عَلَى الأَشيَاءِ وَالأَفعَالِ, وَمُحَاكَمَةِ التَّشرِيعَاتِ وَالأَفكَارِ, وَضَبطِ المَفَاهِيمِ. إِنَّ تَحدِيدَ هَذِهِ الجِهَةِ هُوَ بِمَثَابَةِ الإِيمَانِ بِاللهِ فِي بَحْثِ العَقِيدَةِ, الذِي يَتَرَتَّبُ عَلَيهِ الإِيمَانُ بِجَمِيعِ مَسَائِلِ العَقِيدَةِ. وَلَقَدِ اختَرتُ عُنوَانَ: "مَنْ لَهُ السِّيَادَةُ" عَلَى غَيرِ مَا جَرَتْ عَلَيهِ كُتُبُ الأُصُولِ؛ لأَنَّ الوَاقِعَ العَمَلِيَّ الذِي يُوَاجِهُ حَمَلَةَ الدَّعوَةِ فِي الآوِنَةِ الأَخِيرَةِ هُوَ قَضِيَّةُ التَّشرِيعِ المُتَرَتِّبةُ عَلَى تَحدِيدِ مَنْ تَكُونُ لَهُ السِّيَادَةُ فِي إِصدَارِ وَتَشرِيعُ الأَحكَامِ؟ هَلْ هَذِهِ السِّيَادَةُ هِيَ للهِ أَمْ لِلإِنسَانِ؟ هَلْ هِيَ لِلشَّرعِ أَمْ لِلعَقْلِ؟ هَلْ هِيَ لِلشَّرعِ أَمْ لِلشَّعْبِ؟ وَهَذَا مَوضُوعٌ قَدِيمٌ جَدِيدٌ, تَنَازَعَ فِيهِ فَرِيقَانِ: الفريق الأول: يَرَى أَنَّ الحَاكِمَ عَلَى الأَشيَاءِ وَالأَفعَالِ إِنَّمَا هُوَ اللهُ تَعَالَى, وَهَذِهِ مَسأَلَةٌ مِنَ المُسَلَّمَاتِ عِندَ المُسلِمِينَ, فَهِيَ مَسأَلَةٌ عَقَائِدِيَّةٌ مَحْسُومَةٌ, آتيةٌ مِنَ الإِيمَانِ بِاللهِ المُتَّصِفِ بِصِفَاتِ الكَمَالِ المُطلَقِ, وَمِنَ الإِيمَانِ بِالشَّرِيعَةِ وَكَمَالِهَا, وَأَنَّ الحَاكِمِيَّةَ للهِ, وَمُنَازَعَتَهُ فِيهَا كُفْرٌ, فَالتَّشرِيعُ عِندَ المُسلِمِينَ مِنَ اللهِ تَعَالَى, وَهُوَ المَصدَرُ المَقطُوعُ بِصِدقِهِ, وَهَذِهِ هِيَ عَقِيدَةُ المُسلِمِينَ. والفريق الثاني: يَرَى أَنَّ الحَاكِمَ عَلَى الأَشيَاءِ وَالأفعَالِ هُوَ الإِنسَانُ مُمَثَّلاً فِي الشَّعبِ, وَيَعنِي بِذَلِكَ العَقْلَ وَلَيسَ للهِ وَلا لِلشَّرعِ وَلا لِلدِّينِ! وَقَبلَ مُنَاقَشَةِ رَأْيِ الفَرِيقِ الثَّانِي لا بُدَّ مِنْ دِرَاسَةِ المَسَائِلِ الآتِيَةِ لِمَعْرِفَةِ وَاقِعِهَا, ثُمَّ بَيَانِ مَدَى صِدْقِ أَو كَذِبِ, وَصِحَّةِ أو بُطْلانِ القَولِ القَائِلِ بِأَنَّ التَّشرِيعَ لِلنَّاسِ مِنْ دُونِ اللهِ! وَهَذِهِ المَسَائِلُ هِيَ: 1. الإنسَانُ: وَاقِعُهُ: حَاجَاتُهُ وَغَرَائِزُهُ. 2. العَقلُ: حَقِيقَتُهُ, وَالأَحكَامُ الصَّادِرَةُ عَنهُ. 3. الوَاقِعُ الذِي يُرَادُ إِصدَارُ الأَحكَامِ عَلَيهِ, وَهُوَ الأَشيَاءُ وَالأَفعَالُ. 4. الغَايَةُ مِنَ التَّشرِيعِ.
    4 points
  14. الشرح السياسي للنص الشرعي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا أيها الناس ألا ‏ ‏إن ربكم واحد وإن أباكم واحد ألا لا فضل لعربي على أعجمي ولا ‏ ‏لعجمي على عربي ولا لأحمر على أسود ولا أسود على أحمر إلا بالتقوى، أبلغت؟ قالوا: بلغ رسول الله ‏‏صلى الله عليه وسلم...)) عند قراءتنا لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وعند السؤال عن شرح الحديث، فإنك بالأعم الأغلب ستأخذ المعنى العام للحديث وهو أن الإسلام لا يميز بين الناس، فالمسلم العربي وغير العربي والمسلم الأسود والأبيض لا فرق بينهم عند الله تعالى إلا بمقدار ما يتفاضلون به من التقوى. وهذا المعنى واضح من نص الحديث، ولكن الشرح السياسي للحديث وهو الشرح الذي يبين الواجب علينا كمسلمين هذه الأيام لتطبيق هذا الحديث على أرض الواقع، فإنك لا تجد هذا الشرح، وإن وجدته وجدته خاصا بمعنى الحديث ولا يتطرق إلى الساسة والى طبقة الحكام في البلد نهائيا وهم المسؤولون عن رعاية أهل البلد، ولا أظن أن العلماء يجهلون ذلك الأمر ولكنه الخوف والنفاق للحكام، وهذا الذي يركز عليه الإعلام، أما الأمور السياسية الشرعية فالإعلام يعتم عليها ولا يذكرها ولا يذكر أصحابها. إن شرح الحديث هذا فقط شرحا سياسيا يبين أن: • التفاضل لن يزول ما دام لنا عدة دول كل دولة لها حدود ولها راية مختلفة عن غيرها، إذ أن هذه الحدود المختومة بهذه الراية العمية (العلم الوطني) تعني أن أهل ذلك البلد خير من جيرانهم في البلد المجاور، وأن لهم من الحقوق والواجبات ما ليس لجيرانهم في البلد المجاور، وهذا يعني تمييز المسلمين بعضهم عن بعض. • إذا فرضنا أن احد البلدين وفير بالثروات الطبيعية فان هذا سيعني أن سكان هذا البلد أغنياء وجيرانهم فقراء وهنا حصل التفاضل. • إذا اعتدي على بلد من قبل عدو خارجي والحال كما نراه اليوم فإن سكان البلدان المجاورة لا شأن لهم ما دام العدو لم يقترب منهم وهذا يعني استفراد العدو بكل بلد على حدة، وهذا يعني تفاضل بالحماية والأمن. • هذا الحديث تكلم عن جميع الأصناف التي يمكن للبشر أن يتخيلوها، وهذا يعني أن التفاضل بينهم لا يمكن أن يقضى عليه إلا بأن تكون لهم دولة واحدة وحاكم واحد ولا يكون هناك تمييز بين البشر فيها من حيث اللون أو العرق أو حتى الدين ولا يكون هناك تمييز بين ولاياتها من حيث المالية والاهتمام بها والعناية بها، وهذا لا يمكن أن يتحقق إلا في ظل دولة الخلافة. ومثال على الفهم السياسي للنص الشرعي شرح الآية ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ(105) ﴾ معنى النص أن ضلال البعض لا يضر الإنسان إذا اهتدى وسار على الطريق القويم، ولا يفهم من النص غير هذا المعنى، ولكن أبا بكر الصديق رضي الله تعالى عنه دل الصحابة على المعنى السياسي لهذه الآية أي المطلوب من المسلمين اتجاه هذا النص، فعن قيس ابن أبي حازم رحمه الله قال: قال أبو بكر بعد أن حمد الله وأثنى عليه: " يا أيها الناس إنكم تقرؤون هذه الآية وتضعونها على غير موضعها {عليكم أنفسكم لا يضركم من ضلّ إذا اهتديتم}، وإنا سمعنا النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمهم الله بعقاب)) ". فإن هذا المعنى الذي ذكره أبو بكر الصديق غير وارد في الآية ولكنه نبه المسلمين أن ضلال البعض يوجب على المسلمين أمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر والأخذ على يد الظالمين الذين ينشرون الضلال والفساد. هذه المقولة قالها أبو بكر الصديق يوم كان خليفة للمسلمين يوم كان للمسلمين دولة يوم كان المسلمون في أفضل أحوالهم، أما لو قدر لأبي بكر الصديق أن يعود ويدلي برأيه في هذه الآية هذه الأيام لقال إن الحكام الحاليين هم سبب الفساد وسبب ضلال الناس وإن الواجب على الناس هو العمل بأقصى طاقة للتخلص منهم وإقامة الخلافة على أنقاض عروشهم والتي بإقامتها سوف يتوقف إضلال الناس وإفسادهم. وإذا عدنا إلى حديثنا السابق فمن هذا الحديث فقط نفهم المعنى الذي ذكرناه في الأعلى، وإذا نظرنا إلى جميع الأدلة الشرعية التفصيلية في هذا الباب من القرآن والسنة لما وجدنا تعارضا بينها أبدا، ولوجدناها جميعا (تطلب من المسلمين في هذه المسألة بالذات) تطلب من المسلمين أن يقيموا دولة واحدة يحكمها حاكم واحد وهذه الدولة لا تميز بين الرعية أبدا وستعمل على القضاء على أي أمر يوجد التمييز بين أفراد الرعية، وسيكون للحاكم ولسياسته الدور الرئيس في هذا الأمر. http://naqed.info/forums/index.php?showtopic=4736&fbclid=IwAR29067FcAdWbNZDK8tlNn4_ZfBCkuywaHmyfWE9XS3425jMGAEbpNOCB20
    3 points
  15. طلب النصرة شريعة وواقع طلب النصرة هو حكم شرعي ينبغي لكل من يتلبس بالعمل للتغيير أن يعلم أن الرسول صلى الله عليه وسلم عندما عمل للتغيير لإقامة دولة الإسلام طلب النصرة من القبائل، وانه بدون نصرة لم يكن ليصل للحكم في المدينة، فطلب النصرة جزء رئيس من عملية التغيير؛ بل هو أحد أركان عملية التغيير، وأن المقولات التي تطرح أنه لا أمل في الجيوش لذلك يجب الإقلاع عن هذا الحكم هو طرح باطل بل طرح يرضي الكفار ولا يخدم الإسلام.من ناحية شرعيةطلب النصرة من ناحية شرعية ثابت بنص القران والسنة والشواهد على ذلك كثيرة:• وصول الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الحكم عن طريق طلب النصرة يدل على أن هذا وحي وليس مجرد أسلوب كما يحلو للبعض تسميته، فالرسول صلى الله عليه وسلم لا ينطق عن الهوى.• تكرار طلب الرسول عليه الصلاة والسلام النصرة يدل على فرضيتها رغم التعذيب والتكذيب والصد.• عدد القبائل التي عرض عليها الرسول النصرة كثيرة تزيد عن 15 طلب كما ورد في السيرة.• الألفاظ التي وردت في النصوص تدل على طلب الحكم (الأمر لنا) أي الحكم، (تمنعوني) (وتحموني) أي طلب الحماية والأمن منهم وهذا لا يكون لمن لا يملك القوة، (على نهكة الأموال والأولاد والأشراف) وهذه لا يصيبها بلاء إلا إذا أعطوه الحكم وجابههم الناس على هذا الأمر.• وهناك نصوص تبين أن طلب النصرة جاء بأمر من الله بلفظ صريح، اخرج الحاكم وأبو نعيم في الحلية والبيهقي عن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه قال : {لما أمر الله نبيه أن يعرض نفسه على القبائل خرج وأنا معه وأبو بكر} –فتح الباري-، وعرض نفسه بمعنى طلب النصرة.• تسمية الأنصار بهذا الاسم كانت قبل الجهاد وسببها إعطاء النصرة للرسول صلى الله عليه وسلم أي الحكم. من ناحية الواقعطبعا لا أريد التركيز على الأدلة الشرعية بقدر بحث المسألة من ناحية واقعية، مع أن الأدلة الشرعية وحدها كافية إن سار المسلم بالطريق الصحيح للاستدلال على صحة الأفعال، وهذه الطريقة هي "الحكم الشرعي"، وأيضا فالأبحاث الشرعية سبقني بها الكثير لمن أراد الحق، ومسلم لا يكتفي بقال الله وقال الرسول فلا يأمنن أن يخسف الله به الأرض، ولكن لعل العقول لم تستوعب فنبحث في الواقع لمزيد إيضاح.أما من الواقع فانه لا يمكن لأحد الوصول إلى الحكم إلا عن طريق الجيش أو أهل القوة والمنعة الذي يمتلك القوة الفاعلة في الدولة، وهو الحامي للبلد من أي اعتداء خارجي، ومن الاعتداء الداخلي إن عجز الأمن الداخلي على حماية امن البلد، وهو الذي يثبت الحاكم على الكرسي كما انه هو الذي يخلعه إن أراد بانقلاب عسكري، أما إن وقف الجيش إلى جانب الحاكم فان الحاكم يستطيع البقاء ولو على دماء شعبه، إذ أن الشعب لو ثار لا يمكنه خلع الحاكم، إلا أن يحصل الخلل في الجيش من قتل الشعب ورؤيتهم للدماء الغزيرة فينفضوا عن الحاكم.وهناك عدة أطروحات تطرح للوصول إلى الحكم في الدولة منها:1- القيام بعمليات عسكرية ضد الجيش والدولة. 2- الاستعانة بدول أخرى للوصول إلى الحكم 3- الانتخابات 4- الإصلاح الفردي 5- الانقلاب العسكري من الجيش على الحكام الموجودين وإعطاء النصرة لأهل الحقأما الحالة الأولى وهي القيام بعمليات عسكرية ضد الدولة فهذه الطريقة صعبة وشاقة إن لم تكن مستحيلة، فالدولة في أيامنا الحاضرة تمتلك الأسلحة الثقيلة من طائرات ودبابات وسفن حربية وقذائف وصواريخ، وهذه حازتها الدولة بالتصنيع العسكري، أو بشرائها بملايين الدولارات، ولم تنزل هذه الأسلحة من السماء، هذا من ناحية، والناحية الثانية هي التدريب العسكري للجنود على هذه الأسلحة وعلى فنون القتال، وأيضا هناك الأمن الداخلي الذي عادة يتولى الأمن في الداخل ويقوم عن طريق عيونه بالبحث عن كل ما من شانه تهديد النظام، هذا هو الوضع العام في دول اليوم.فمن أراد التغيير بالقوة العسكرية فهناك عدة عقبات أمامه إن أراد استخدام القوة ضد الدولة، ومن هذه العقبات: الأمن الداخلي واستخباراته، الأفراد وتنظيمهم، المال اللازم لشراء الأسلحة، الدول التي تبيع السلاح، تصنيع السلاح، الجيش.• أما الأمن الداخلي فلن يسكت على أي مجموعة تعمل على تنظيم نفسها لتحارب الدولة وعن طريق عيونه المنتشرة فسيصل خبرها إلى الدولة وبالذات بعد توسعها أفرادا وتنظيما وتسليحا، وعندها يصطدم هذا المشروع بأجهزة الأمن، التي ستحاربه بقوة وبقوة تنظيمها وبما تملك من دعم من النظام والجيش والمال والتجهيز والاستعداد، وهذه عقبة ستحبط محاولات التنظيم العسكري من الانقضاض على الحكم.• الأفراد وتنظيمهم مشكلة يواجهها التنظيم العسكري، إذ أن ذلك سيفرض عليهم العيش بشكل امني، وسيكون من الصعب عليهم التواصل فيما بينهم بسبب الملاحقة الأمنية المفضية إلى الاعتقال لان الدولة لن تتركهم في حالهم، ولن يُصَبِّرَ أناس في مثل هذا الوضع إلا المبدأ الذي يسيرهم، وبدونه ستتحول حياتهم إلى جحيم.• وتأتي المشكلة الأخرى لهم وهي المال، هذا إذا علمنا أن الأسلحة تكلف الكثير من المال، وثمنها ليس بالشيء اليسير، فمن أين ستأتي بالمال؟؟ من الأفراد على سبيل المثال؛ هذا مستحيل، لان الأفراد مهما بلغوا من غنى لن يستطيعوا تشكيل جيش بل جماعة مسلحة تملك السلاح الخفيف، حتى هذه الجماعة التي تمتلك السلاح الخفيف لن تستطيع الاستمرار في الدعم إذا نفذت الذخائر، هذا عدا عن الملاحقة لأفراد هذه الجماعة ولمصادر تمويلهم.• وهناك مشكلة من يبيع السلاح، وبالذات السلاح الثقيل، فدول اليوم كلها تعادي الإسلام، هذا إذا فرضنا أن الحركة تملك المال الكافي لشراء السلاح، لان الجماعة إذا أرادت أن تهزم جيشا فلا بد لها من سلاح يوازي قوة الجيش حتى تستطيع هزيمته، وهذا في غير مقدور الجماعة المسلحة إلا أن ترتبط بدولة معينة وعندها عليها الخضوع لاملاءاتها، لان دول اليوم لا تعرف إلا المصالح.• أما تصنيع السلاح فهذا مستحيل اللهم إلا بعض المتفجرات التي لا تهز كيانا ولا تزيله، أما السلاح الثقيل فهذا يحتاج إلى مال وفير ومصانع لا يمكن إخفاؤها في البيوت، ولذلك فهذا أمر مستحيل.• ويبقى العائق الأكبر إن استطاعت الحركات المسلحة إرهاق الأمن وهو موضوع الجيش الذي يمتلك عتادا قويا لا يمكن للجماعة المسلحة اجتيازه.• وتستطيع الدولة الإبادة للناس بمختلف الأسلحة إن حصل لهم ظهور، خاصة إذا رافق ذلك تواطؤ وتعتيم إعلامي مقصود، مثل إبادة أهل الشيشان وأهل أوزبكستان بمجزرة أنديجان، ومذابح المسلمين في الصين، والإبادة التي حصلت للمسلمين أيام الاتحاد السوفييتي، ومجزرة حماة، وغيرها من الأمثلة – الأمثلة هي لقدرة الدولة على الإبادة دون حسيب أو رقيب وليس لان هؤلاء استخدموا السلاح-.• وأحيانا إذا سارت الحركة زمنا ثم حصلت لها أزمة مالية خانقة فقد تضطر إلى الاستعانة بالمجرمين والمنتفعين من اجل الدعم المالي والتمويل، وإلا الفناء للحركة، وهذا الدعم لن يكون بدون مقابل أو تنازل من الحركة، واقل هذا التنازل عن فكرة السيادة للإسلام والقبول بالأنظمة الوضعية وتحقيق هدف الداعمين، والنفاق لهذه الجهة الداعمة، وهذا سقوط ما بعده سقوط.• وهناك موضوع آخر وهو أن دولة الباطل وان حصلت غلبة للمقاتلين، فإنها ستتلقى المدد من الكفار خصوصا وأنهم لا يريدون أي ظهور لمن يطبق الإسلام.ولذلك كان تشكيل الجماعات المسلحة ومقاتلة الدولة غير فعال في الوصول إلى الحكم اللهم إلا القتل والتدمير لا غير، وهذه فيها من الإثم في قتل الناس ما فيها، وان كانوا عونا للظالمين. وهذا الصراع يشغل أفراد الحركة عن الدعوة إلى ناحية القتال والقتل وكيف نخطط ونقتل ونختبئ ونجهز المال والعيش الصعب، ويتم الابتعاد عن الثقافة الإسلامية للأفراد وعن بناء الأشخاص بناء إسلاميا صحيحا لان التركيز يكون على الناحية العسكرية، ومن جانب الناس فسيتم خلق الكثير من السدود والحواجز بين الحركة والناس بسبب قتل الحركة لأبنائهم وأقاربهم إذا كانوا من أجهزة الأمن والجيش، وسيصم الناس آذانهم عن الاستماع لهذه الحركة.ثانيا:أما الاستعانة بدول أخرى فهذا فيه انتحار سياسي أي رهن قرار الجماعة بالدولة الداعمة، ودول اليوم لا تدعم دون مقابل، فدعمها يكون لتحقيق أهدافها وليس لإقامة خلافة إسلامية أو حكم إسلامي، هذا علاوة عن الدماء التي ستسفك في قتل الناس، وإزهاق أرواحهم، والخيانة لأهل البلد وذلك بالارتباط بالأجنبي.ثالثا:أما الانتخابات البرلمانية فلن توصل احد إلى الحكم ويستطيع التحكم بمفاصل الدولة إلا أن يسنده الجيش، وبدون دعم الجيش لن ينجح الأمر، فهذه انتخابات الجزائر فشلت لان الجيش لم يوافق عليها، وهذه تركيا قد تم تحييد الجيش ثم استمالته، ولولا انه تبرأ -أي حزب العدالة والتنمية الحاكم- من الإسلام واحترم العلمانية ما استطاع أن يصمد في الحكم نهائيا، هذا علاوة على الدعم الأمريكي له والذي سهل له البقاء في الحكم .رابعا: أما الإصلاح الفردي، فمن اسمه فان تأثيره يقتصر على الأفراد، ومقومات الفرد هي العقيدة والعبادات والأخلاق والمعاملات، فان صلحت، بان كانت عقيدته لا تشوبها شائبة، وعَبَدَ اللهَ بأداء الفرائض والقيام بالنوافل، وكانت أخلاقه القرآن، وسار في معاملاته حسب ما يريده الله ورسوله وكانت هذه-(( على سبيل المثال مع انه مستحيل))- صفة 95% من الناس في المجتمع فان المجتمع سيبقى مليء بالفساد، فمن للشركات المساهمة والبنوك الربوية؟؟، ومن لتحرير فلسطين؟؟، ومن لتعليم أولادنا المنهاج المبني على العقيدة الإسلامية بناء سليما؟؟، ومن لتوحيد بلاد المسلمين في دولة واحدة؟؟، ومن لنشر الإسلام وتطبيقه على الكفار؟؟، ومن لتطبيق الأنظمة الإسلامية في الاقتصاد والحكم والعلاقات الخارجية حسب الإسلام؟الجواب لا احد، لان الفرد الصالح لا يتدخل بهذه الأمور حسب نظرتهم، فان تدخل يبدأ هنا العمل بالأمور السياسية ويحتاج إلى حزب يؤويه، وعندها يخرج من دائرة "أصلح الفرد يصلح المجتمع" إلى الأعمال السياسية في حزب سياسي.ولا يعني ذلك إهمال موضوع إصلاح الإفراد، فلا يقبل في الحزب الذي يسعى للتغيير فرد غير صالح.خامسا: أما الانقلاب العسكري من الجيش وإعطاء النصرة لأهل الحق فهو الوحيد المعول عليه، وغيره من الطرق العقلية لا يمكن أن تنجح، ولا يكون الانقلاب إلا بإقناع قادة الجيش أو من يستطيعون تحريك الجيش إلى السمع والطاعة لمن يريد الانقلاب، وان يكون المقابل لهذا الانقلاب عظيما، لأنهم قد يفقدون حياتهم إن هم أطاعوا من أراد الانقلاب، فان كان المقابل المال فسرعان ما ينفض هؤلاء القوم إذا عرض عليهم مبلغ أكثر من المال، أما إن كان المقابل هو السيادة والمنصب، فالنزاعات والشقاق التي ستطيح بهؤلاء القوم، أما إن كان المقابل المبدأ فهو الانقلاب الصحيح، فالمبدأ جامع للناس وليس مفرق، وهذا ما حصل مع الأنصار الذين كان المقابل لعملهم وهو نصرة الرسول عليه الصلاة والسلام لإقامة حكم الإسلام هو"الجنة".حركات المقاومةحركات المقاومة لا تعدو اثنتين، حركة مدعومة من جهة معينة، وهذه تأخذ حكم الجهة الداعمة، فان كانت الدولة الإسلامية (الخلافة) تدعم بعض الفرق المسلحة في منطقة معينة، فعندها ستصبح من قوات الدولة الإسلامية، وليست جماعة مسلحة، أما إن كانت الجهة الداعمة دولة غير الدولة الإسلامية فعندها ستحقق هذه الجماعة أهداف تلك الدولة والتي عادة بل وغالبا لن تخدم الإسلام بل تخدم أهداف لتلك الدولة، كما حصل مع المجاهدين في أفغانستان عندما دعمتهم أمريكا والسعودية وباكستان لأجل طرد الروس، فقد طرد الروس وهذه مصلحة أمريكية، ولم يحققوا لأنفسهم ما يريدون وهو دولة قوية تقف في وجه أمريكا، بل دولة هزيلة سرعان ما انتهت. ومثل الشريف حسين الذي اخذ الدعم من الانجليز ضد الدولة العثمانية مقابل وعود بالحكم فكانت النتيجة انه لم يحصل شيء، بل حقق مصلحة الانجليز بهدم الدولة العثمانية. ومثل المنظمات الفلسطينية التي ادعت تحرير فلسطين وإذا بها تلهث خلف سراب الدولة الفلسطينية المزعومة، ومثل حزب الله الذي لا تتجاوز أهدافه حدود سايكس بيكو.أما إن كانت تلك الجماعة غير مدعومة فمصيرها الضعف الشديد والحاجة الملحة للمال والسلاح، وهذا سيضعف عملها كثيرا، ولم يثبت أن حركة مسلحة ذاتيا قضت على كيان قوي من داخله، إلا في حالة الدعم الخارجي، أو أن هذه الدولة ليست صاحبة الأرض وقد ملت من قتل جنودها فتخرج وتضع عملاءها، أو انه أصابها في موطنها ضعف أو منافسة على الأرض من دول أخرى، أو أن طارئا أصابها يقتضي الانسحاب، وعادة ما تنسحب الدولة وتضع السلطة في يد عملاء لها، يريحوها عناء الوجود العسكري، كما حصل في بدايات القرن مع الاستعمار الغربي لبلاد المسلمين، أما إن كان بقاء الجيش مصيريا في تلك المنطقة فستعمل الدولة للقضاء على هذه الحركة المسلحة ولو اضطرت إلى الإبادة.وتلعب الناحية الإعلامية الدور الكبير في القوة العسكرية، فمثلا غطاء إعلامي، يجعل الدولة تحجم عن أعمال القتل، أما إن استطاعت الدولة التعتيم الإعلامي ورافقها سكوت أو تآمر أو اتفاق، فان الدولة تستطيع عن طريق سلاح الطيران والمدفعية والأسلحة الثقيلة إبادة المئات وتهجيرهم، وهذا لا يمكن رده بالمقاومة، بل بسلاح مواز له في القوة.وبرز أخيرا موضوع إنشاء دول عميلة للاحتلال، تتولى الدفاع عن الاحتلال، مثل سلطة أوسلو في فلسطين، ومثل حكومة العراق التي تدافع هي الأخرى عن الاحتلال وتعطيه الشرعية، ومثل حكومة كرزاي العميلة في أفغانستان سابقا، وغيرها من الحكومات، وبهذه الفكرة استطاع المحتل إيجاد أناس من أهل البلد يدافعون عنه، بل ويقتتلون على هذه السلطة الهزيلة كما حصل في فلسطين، وتسفك دماء الكثير من أبناء المسلمين وهو ينظر إليهم، ولذلك فالحاجة ماسة إلى قتال الجيوش وإنهاء الاحتلال وميليشياته التي تتسمى زورا وبهتانا "دول".أما قتال رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان يسمى جهادا، وليس مقاومة، فرسول الله صلى الله عليهوسلمك لم يرو عنه إلا انه جهز جيشا وقاتل الأعداء وهكذا صحابته الغر الميامين في الخلافة الراشدة، وبقية دهور الخلافة، قتال الجيوش لا قتال العصابات المسلحة والميليشيات والتنظيمات العسكرية، حتى في زمن الضعف زمن صلاح الدين الأيوبي كان القتال البارز هو قتال الجيوش لا قتال الحركات وبالذات في فلسطين المحتلة أيام الصليبيين، حيث لم يعرف المسلمون قتال الحركات بالشكل الموجودة به اليوم إلا بعد هدم دولة الخلافة.ولذلك فتحرير البلاد المحتلة يحتاج تسيير الجيوش لا قتال الحركات المسلحة، -(وان كان لها اجر القتال في سبيل الله)-، لا القتال الذي يحصل من البعض من اجل خدمة بعض أهداف الدول ولا يكون الهدف منه رضا رب العباد.ولا يعني هذا قولي عدم قتال العدو إن هو دهم أرضا يريد احتلالها، ليس هذا ما أقول، فالقتال في حالة الاحتلال فرض عين على جميع أهل البلد، إلا أن يتمكن العدو فينتقل الوجوب إلى من يليهم وهكذا, ولكن الحديث عن التنظيمات العسكرية المدعومة من دول إجرامية يبتغون من دعمها تحرير الأرض، حيث الأصل أن تقوم هذه الدول نفسها وبجيشها بتحرير الأرض وليس دعم جماعات مسلحة.ولذلك وجب التركيز على طلب النصرة من أهل القوة والمنعة لإقامة دولة الإسلام من اجل تطبيق الإسلام وتحرير ما احتل من بلاد.قوة الدولة أما دول اليوم فليست قوتها فقط نابعة من قوتها العسكرية وان كان للقوة العسكرية الدور الكبير في هذه القوة، فهناك عناصر أخرى تؤثر في قيام الدول، فمن ظن أن قتال الحاكم والقضاء على حكمه ومن ثم الجلوس على كرسي الحكم هو المطلوب يكون هذا الإنسان بسيط التفكير، فعناصر قوة الدول تعتمد على أشياء غير القوة المادية، مثل: المبدأ الذي ستطبقه، العامل الاقتصادي والتكنولوجي، العامل الديموغرافي، العامل الجغرافي، الدبلوماسية، وطبعا لا ننسى القوة العسكرية.فالمبدأ أو النظام الذي سيطبق لا تعرفه للأسف الكثير من الحركات المسلحة وغير المسلحة، وان كانت تتصور الإسلام في العبادات كما تتصور بعض الحركات الإسلامية، وتشجيع العبادة والأخلاق الإسلامية، وبعضها يرى تطبيق الإسلام في تطبيق بعض الحدود ولبس النساء للباس الشرعي، ولكنهم جميعا يطبقون النظام الديمقراطي في الحكم، أو مبدأ الفصل بين السلطات ولا يدرون أن الإسلام له أنظمة للحياة لا بد من تطبيقها، مثل نظام الحكم والنظام الاقتصادي والاجتماعي والسياسة الخارجية وسياسة التعليم، ولا بد أن تكون مستقاة من الإسلام فقط، وان شكل نظام الحكم هو الخلافة وليس الديمقراطية أو الدولة المدنية أو دولة المواطنة أو غيره من التسميات التي تدل على جهل بأحكام الإسلام.وبناء عليه فلا يجوز لهذه الدولة الوليدة إن وجدت أن تطبق النظام الرأسمالي الغربي على المسلمين، وإلا ستبقى تابعة سياسيا واقتصاديا وثقافيا للغرب يتحكم بها، ولن تحقق النهضة المطلوبة، خاصة وأنها دولة وليدة وتحتاج غيرها من الدول.والدولة التي يجب قيامها يجب وضع العامل الديموغرافي في الحسبان، فدولة كلبنان مثلا ضعيفة في ميزان دول اليوم وكذلك الكويت، أما دولة كمصر أو تركيا أو باكستان فقوية، وكذلك العامل الجغرافي من مساحة واسعة وتضاريس تعطي الدولة قوة كبيرة، كجبال أفغانستان التي أعطتهم قوة في مواجهة أعدائهم، و لذلك فعلى الجماعة المسلحة التفكير في الدولة قبل إقامتها من مساحة جغرافية وعدد لسكان، وليس مجرد قتال الدولة، والقول أن الجماعة تمثل دولة مصغرة، فتقوم بالقتال للدولة ولا تجني إلا سفك الدماء، لان الدول الكبيرة عادة كمصر وتركيا وباكستان من المستحيل على الجماعات المسلحة النيل منها وتدمير حكومتها ونظامها، وحتى الدول الصغيرة بما لديها من دعم خارجي تستطيع الصمود وبقوة في وجه الجماعات المسلحة.وأيضا يجب وضع الأسلحة ونوعيتها في الاعتبار، فالدولة التي لا تملك سلاحا يوازي السلاح الذي تمتلكه الدول الأخرى أو سلاحا مضادا له، ستكون في موضع ضعيف، فسلاح الطيران والصواريخ، ما لم تملك الدولة سلاحا مضادا لها أو سلاحا يوازي قوتها أو اقل بقليل، ستبقى هذه الدولة تتعرض للقصف السهل من الأعداء دون أن تفعل شيئا، وهذه دولة من الصعب عليه الصمود.وهناك الدبلوماسية والوعي السياسي لدى الجماعات المسلحة، فمثلا حركة تحسن الظن بدول الضرار في العالم الإسلامي، أو تقول أنها تريد إمارة إسلامية ولن تتدخل في شؤون الدول المجاورة لها، أو لا تستطيع إدراك عمالة وتبعية الحكام الموجودين في العالم الإسلامي، أو لا تستطيع إدراك الألاعيب الدولية في السياسة والاقتصاد، من الصعب عليها النجاح فيما ترمي إليه. وخير مثال يمكن الاستشهاد به في هذا الصدد حكومة طالبان في أفغانستان.هذا كله إذا استطاعت الوصول للحكم عن طريق العمل العسكري الذي غالبا ما يكون بدعم خارجي من دول أو قبائل وليس بجهود الحركة الذاتية.أجر الأنصار وإثم حراس الظالميناجر أنصار الرسول صلى الله عليه وسلم كبير عند الله تعالى، فهم الذين نصروا رسول الله صلى الله عليه وسلم وسلموه الحكم، سلموا الحكم لرجل لا يعرفهم ولا يعرفونه، جاءهم من منطقة أخرى، وطبعا سلموه الحكم ليس لهدف دنيوي ولا لمنصب ولا لأمر آخر، وسيدهم سعد بن معاذ تنازل عن كرسي الحكم لرجل غريب، لماذا يا ترى هذا الأمر؟ انه لسبب واحد، لان عبارة "لا اله إلا الله محمد رسول الله" استقرت في قلوبهم" وفقهوا معناها بأن عليهم كأهل للقوة والمنعة نصرة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ونصرة دينه بتمكينه من نشر الإسلام من بلادهم وأرضهم، فهم الذين نصروا الإسلام ورسوله بعد أن كان الرسول صلى الله عليه وسلم مطاردا في مكة ومعذبا من أهله والمسلمون ضعفاء، فأعطوا النصرة لرسول الله صلى الله وسلم، فعز الإسلام وأهله وانطلقت من بلادهم " المدينة" جيوش التوحيد ناشرة الإسلام بالجهاد.ولذلك ففضل الأنصار عظيم، وسموا بذلك لنصرتهم للإسلام ورسوله فقد قيل لأنس بن مالك: أرأيت قول الناس لكم: الأنصار, اسم سماكم الله به أم كنتم تدعون به في الجاهلية؟ قال: بل اسم سمانا الله به في القرآن. وأما فضلهم فالكثير من الأدلة تدل عليه، قال تعالى: { والّذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل اللّه والّذين آووا ونصروا أولئك هم المؤمنون حقّاً لهم مغفرةٌ ورزقٌ كريمٌ}، وقال عليه الصلاة والسلام: { آية المنافق بغض الأنصار وآية المؤمن حبّ الأنصار} وقال عليه الصلاة والسلام في حديث آخر: { إنّ الأنصار عيبتي الّتي أويت إليها فاقبلوا من محسنهم واعفوا عن مسيئهم فإنّهم قد أدّوا الّذي عليهم وبقي الّذي لهم}وأما سيدهم فما ورد في وفاته من الكرامات لهذا الصحابي الذي تنازل عن أعظم شهوة، وهي شهوة الحكم لرجل غريب عنه، من اجل نصرة الله ورسوله، ما ورد من كرامات لعظيم، حيث روى الحافظ البيهقي في (الدلائل): عن جابر بن عبد الله، قال: جاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: {من هذا العبد الصالح الذي مات؟ فتحت له أبواب السماء، وتحرك له العرش؟ قال : فخرج رسول الله فإذا سعد بن معاذ}, وروى الإمام احمد والنسائي عن جابر قال: قال رسول الله لسعد يوم مات وهو يدفن: { سبحان الله لهذا الصالح الذي تحرك له عرش الرحمن، وفتحت له أبواب السماء، شدد عليه، ثم فرج الله عنه} وفي رواية أخرى { إن للقبر ضغطة، ولو كان احد ناجيا منها لنجا سعد بن معاذ} رواه احمد. وروى الحافظ البزار عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {لقد هبط يوم مات سعد بن معاذ سبعون ألف ملك إلى الأرض لم يهبطوا قبل ذلك} لماذا ذلك؟؟الكثير ممن فسروا لم يذكروا نصرة هذا الصحابي لرسول الله صلى الله عليه وسلم ونصرة دينه ونصرة المستضعفين من المسلمين، ولكن هذا هو السبب الذي يجب أن يكون دافعا اليوم لأهل القوة لنصرة العاملين للخلافة، فينالوا أجرا عظيما عند الملك العزيز الجبار، الذي يؤتي ملكه من يشاء وينزعه ممن يشاء.أما إن أصر أهل القوة على نصرة الظالمين المجرمين، أو سكتوا عنهم فالعذاب الأليم بانتظارهم يوم القيامة، فقد قال الله تعالى في حق فرعون وهامان وجنودهما : { وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِي فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرُون} وقال أيضا: { فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوّاً وَحَزَناً إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ} وهنا السؤال لماذا قرن الجنود بفرعون رأس الكفر ومعاونه هامان المجرم؟؟لان فرعون وهامان ما كانا يستطيعان الظلم والتجبر وقتل المستضعفين والبغي والفساد في الأرض بدون الجنود، وبدون القوة التي تحمي شرورهم في الأرض، ولذلك ذكروا في الآية، والله تعالى اعلم.وقال أيضا في حق الأتباع والمتبوعين {إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَاب * وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا كَذَٰلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ} ولذلك من كان في أهل القوة هذه الأيام ليعلم انه إما أن يكون من الأنصار الجدد لهذا الدين وله من الأجر ما له عند الله تعالى، أو أن يستمر في نصرة الظالمين المجرمين الذين يحاربون الإسلام وأهله، وعندها لا يلومون إلا أنفسهم لما سيصيبهم من الذل والهوان عند الله تعالى، أو أن يتنحوا وفي هذا إثم لأنه عدم استغلال لما بأيديهم من قوة لنصرة الحق، فلم يبق لهم إلا نصرة الحق، من اجل إعلاء كلمة الله لا غير، أي أن يكون عملهم من اجل إعادة تطبيق الإسلام عن طريق دولة الخلافة الراشدة قريبا بإذن الله. الخلاصةحتى من استقراء الواقع بدون الرجوع إلى الأدلة الشرعية يتبين كيف أن الوصول للحكم لا يتم بدون دعم أهل القوة لمن يريد الوصول إلى الحكم وإلا لا يستطيع الوصول، أو لا يستطيع إلا أن يرضي الجيش.وحتى عندما تنشق بعض فرق الجيش فهي أيضا ضعيفة ما لم تَحُزْ أسباب القوة والدفاع ومختلف الأسلحة، فانشقاق بعض فرق الجيش في ليبيا أبقاها ضعيفة وعندها ما عندها من أسلحة.هكذا كانت أمريكا والدول المستعمرة توصل عملاءها إلى سدة الحكم في مناطق العالم الإسلامي بشكل فاعل، كما في انقلاب الضباط الأحرار في مصر لصالح أمريكا، وكما في الانقلابات في أوروبا الشرقية لصالح النفوذ الأمريكي عندما تم تحييد الجيش.ولذلك القول بان طلب النصرة هو حكم شرعي عليه الكثير من الأدلة الشرعية لمن أراد الحق، وعليه شواهد وأدلة عقلية تدعمه، فعلى الذين يهاجمون هذه الفكرة أو يسفهونها أن يعودوا إلى صوابهم.قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم} http://naqed.info/forums/index.php?showtopic=4540&fbclid=IwAR3UG046iD9REsghY-rgdo6YWqjAUT0W6i_aYEzyDLOyw6X2aYhdj68pA1E
    3 points
  16. بسم الله الرحمن الرحيم نحو فهم سنن الله: لماذا انتظر رسول الله ولم يهاجر إلا بعد اكتمال تآمر قريش لقتله؟ بمناسبة رأس السنة الهجرية وذكرى الهجرة النبوية الشريفة من مكة إلى المدينة، والتي تكون بها أول مجتمع مسلم وأول دولة اسلامية على يد رسول الله عليه الصلاة والسلام خطر ببالي سؤال. والسؤال هو: لماذا انتظر رسول الله عليه السلام في مكة ولم يهاجر بعد بيعة العقبة الكبرى (بيعة الحرب) وبعد أن أخذ النصرة من اهل المدينة، فلم يخرج الرسول من مكة مع أنه أمر جميع صحابته في مكة بالهجرة إلى المدينة؟ وما هي العبرة من انتظاره عليه السلام حتى يتآمر عليه أهل قريش ويقرروا قتله ثم يخرج من بيته وهو محاصر، ويظهر وكأنه طرد وهاجر هروبا من قتل قريش له، مع أنه كان بامكانه الخروج كما خرج اصحابه، خصوصا وأن أهل المدينة من الأنصار كانوا بانتظار هجرته اليهم بناء على ما تعاقدوا عليه في بيعة النصرة في شهر ذي الحجة من العام الثالث عشر للبعثة ولكنه بقي في مكة إلى شهر ربيع الأول. وقد استأذنه أبو بكر رضي الله عنه بالهجرة وحده، فأمره بالمكوث لعل الله يجعل له صاحبا، وأبو بكر رضي الله عنه كان قد جهز لرسول الله عليه السلام ناقتين بعد بيعة النصرة مباشرة وسمنهما خصيصا للهجرة ثم استأجر دليلا من بني الديلم هاديا خريتا اي محترفا في معرفة الطرق، وكانت خطته في الأخذ بالأسباب للوصول بسلامة الله إلى المدينة محكمة، وتعلمنا منها كيفية التخطيط والأخذ بالأسباب. ومع ذلك فلم يهاجر الرسول وكان بانتظار الإذن له من الوحي. أي أن كل الأمور كانت جاهزة لهجرته لإقامة دولة الإسلام في المدينة، وكذلك خطة الهجرة وأسبابها كانت جاهزة، وكان الشيء الوحيد الناقص هو موعد الخروج، فلماذا الانتظار من قبل الوحي ورسول الوحي على قريش حتى تكتمل مؤامرتها وليحصل الاتفاق بين كل قبائلها على قتله واختيار شاب شجاع من كل قبيلة حتى يتم توزيع دمه بين القبائل ولا يستطيع بنو هاشم المطالبة بدمه؟ وفعلا هذا السؤال كان يحيرني ولا أجد له جوابا شافيا، وتفكرت في الأمر قريبا، فخطر ببالي أمرين: الأول: هو قول ورقة بن نوفل لرسول الله ولخديجة بعد أن نزل عليه الوحي أن ما جاء نبي بمثل ما أتى به إلا وأخرجه قومه، فكان لا بد لقربش من إخراجه، فهذا هو دأب الأقوام السابقة مع انبيائها الثاني: قول الله تعالى في سورة الإسراء: (وَإِن كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْهَا ۖ وَإِذًا لَّا يَلْبَثُونَ خِلَافَكَ إِلَّا قَلِيلًا (76) سُنَّةَ مَن قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِن رُّسُلِنَا ۖ وَلَا تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلًا (77)) وهذه السورة مكية ونزلت قبيل الهجرة وهي تحدد سنة ربانية أي قانونا سببيا تربط فعلا بشريا بعاقبة ربانية هي عقوبة على هذا الفعل، وهذه السنة أن أخراج قريش للرسول من أرض مكة ستكون عاقبتها أن أهل مكة لن يلبثوا بعده إلا قليلا، وعدم اللبث في الآية هنا لا يعني بالضرورة الإهلاك كما هي سنة الله في الأقوام السابقة، ولكن هي نصر الله له عليهم وانتهاء دينهم وحضارتهم وتحولها إلى أمة أخرى. وإذا ربطنا تأخر رسول الله في الهجرة من مكة إلى المدينة بعد بيعة النصرة وتأخر ذهابه لأقامة حكم الإسلام وايجاد المجتمع المسلم، نجد أنه لا فائدة من التأخير إلا شيء واحد فقط، ألا وهو أن تحق عليهم سنة الله بأن لا يلبثوا خلافه بعد إخراجه إلا قليلا، ولن تجد لهذه السنة الربانية تحويلا بل ستنطبق عليهم إذا قاموا بالمكر به لإخراجه، يقول الله تعالى في سورة الأنفال: (وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ ۚ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ ۖ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ (30) ويقول في سورة التوبة: (إِلَّا تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ۖ فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَىٰ ۗ وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا ۗ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (40) ولعل العبرة كما نراها في الآيات أعلاه هي أن أهل قريش يمكرون برسول الله لحبسه أو قتله أو إخراجه ولكن الله هو خير الماكرين، فالله قد نصر رسوله بعد أن أخرجه قومه من مكة أثناء الهجرة عندما وصلوا إليه في غار ثور بهدف قتله، وبما أن قريش كانت مصرة على إخراجه بالمكر والمؤامرة مع سبق الإصرار ودون تردد، فكانت عاقبة هذا الأمر وهذا الفعل هو انطباق سنة الله عليهم وهي أنهم لن يلبثوا خلافه إلا قليلا، أي أن عاقبة هذا الفعل الماكر ستكون بعذاب من الله لهم، وهذا العذاب ليس هو اهلاكهم مع أنهم يستحقون ذلك، لأن الله قد نسخ الإهلاك ببعثة رسول الله عليه السلام بقوله في سورة الأنفال: (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ ۚ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (33) وَمَا لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ ۚ إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ) ولكن عذابهم كان انتصار رسول الله عليه الصلاة والسلام عليهم بعد بضع سنوات قليلة (8 سنوات) وتم له فتح مكة وتحويلها من الشرك إلى الايمان، فانتهت بفتح مكة أمة قريش المشركة وبدأت مرحلة جديدة وهي أمة قريش المسلمة بقيادة رسول الله، فأعز الله رسوله ونصره على كفر وشرك قريش، ثم انتهت قريش المشركة ولم يلبث أهل مكة بعد إخراجهم رسولهم إلا قليلا، وتحولت إلى الإسلام وضمت إلى دار الإسلام ودولته، وبدأ تاريخ وعهد جديد للاسلام في قريش. فلو هاجر رسول الله وخرج من مكة بمشيئته ودون أن يجبره قومه على الخروج منها، لما حقّت عليهم سنة الله بأن يعذبهم بنصره عليهم وعدم لبثهم خلافه إلا قليلا، فقد ينصره الله عليهم بعد سنين طويلة أو ينصر المسلمين عليهم في خلافة ابي بكر أو عمر، انظروا وتفكروا فيما لو التزمت قريش بصلح الحديبية عشر سنوات –بعد السنة السادسة للهجرة- فما الذي كان سيحصل؟ لكن اصرار الرسول عليه السلام على عدم الخروج والهجرة إلا بعد إخراجهم له، هو ما نتج عنه فتح مكة ونصره عليهم في بضع سنوات، فانطبقت بذلك سنة الله وقانونه البشري عليهم، فالسبب ينتج ويؤدي إلى المسبب، والفعل البشري يفعِّل السنة الربانية التي تنتج العاقبة الموعودة. وخلاصة الأمر أن رسول الله لم يخرج من مكة هاربا من مكر قريش به لقتله، بل خرج منها بعد تآمرهم عليه لقتله أو إخراجه، لتنطبق ولتحق عليهم سنة الله بنصره عليهم وإهلاكهم، وهو ليس مثل إهلاك الأقوام السابقة بالتدمير التام بل بأن يتحولوا جميعا من دينهم وحضارتهم المشركة التي يصرون على التشبث بها إلى دين وحضارة الرسول الذي أخرجوه، أي تمت هزيمة دين الشرك ونصرة دين الإسلام، لتكون كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هي العليا. اللهم عجل لنا بنصرك وفرجك وتمكين هذه الأمة في دولة اسلامية راشدة على منهاج النبوة وأن ييسر لهذه الدعوة انصارا جددا يقيمون الخلافة. ولكم تحياتي
    3 points
  17. بروفيسور ماهر الجعبري: رحلة الشك العلمي.. أول الكلام August 8, 2018 بروفيسور ماهر الجعبري يخيل للبعض أن العلوم الطبيعية التي تمخضت عن النهج العلمي التجريبي هي ذروة المعرفة البشرية، وأنها باتت الحكمَ على غيرها من المعارف، بل وهي التي تُصدِّق العقائد أو تكذّبها، وقد تمر الحياة على كثير من العلماء دون أن يعيشوا لحظة من صحوة حقيقية، وهم ينخرطون في دهاليز العلم المادي متفاعلين معه، ومستسلمين لكل المعلومات «العلمية» التي انغمست في أذهانهم عبر مسيرتهم العلمية، وهي التي تتحوّل مع مرور الزمن، ومع التدفق العلمي والإعلامي على عقول البشرية إلى ما يشبه اليقين، وهي التي تحوّل تعاطيهم معها إلى ما يشبه الإيمان، عبر التصديق الجازم الذي لا يتطرق إليه شك، رغم أنهم يدركون أن من ثوابت الطريقة العلمية: أن مخرجاتها قابلة للنقد والنقض والدحض. ومع كرّ الأيام وتكرار الكلام وتقليب الصفحات، تصبح تلك المعارف العلمية لدى غالبية العلماء ثابتًا أو مرجعًا عقليًّا لكل فكر، وأساسًا ذهنيًّا للحكم على الأفكار الأخرى؛ إذ من الصعب على كثير من العلماء أن يستشعروا بجدران ذلك «الصندوق» الذي وُضعوا أو وَضعوا أنفسهم فيه، فكيف بهم أن يحاولوا الخروج منه بتفكيرهم الناقد وإبداعهم الرائد! رغم أن «التفكير الناقد» و«الإبداع» باتا كلمي السر للحركة العلمية العالمية. إذ إن ثمة سطوة للعلم كما للساسة، ولصفحاته هيبة في نفوس البشر كما الأديان، ومن الصعب على الناس أن تفكّر بإعادة النظر بمخرجات العلم المفصلية أمام تلك الهيبة وذلك السلطان، وخصوصًا أن العلماء والهيئات العلمية تصبح أحيانًا قاسية جدًا في ردود أفعالها على من يحاول «إعادة النظر»، وكأنّها تُغيَّبُ عندها العقليةُ المنفتحة، وتنسى تَقَبُّلَ الرأي الآخر أمام أية محاولة للخروج من الصندوق. وأمام تلك الغفلة «العلمية» نطرح في أول الكلام سؤالًا تأسيسيًّا: هل يمكن أن يكون التاريخ العلمي للبشرية قد مرّر أباطيل «علمية» وحوّلها في الذاكرة الجمعية للبشرية إلى حقائق لا يمكن النقاش حولها؟ وهل يمكن أن تكون أذهاننا قد امتلأت بـ«الخزعبلات العلمية» من التي تَكوَّنت لها هالةٌ عاطفية تجعل ممن يطرح أي تساؤل حولها محل نقد وقدح وردح؟ هنا سؤال مصيري لا يقل أهمية عن تلك الأسئلة الوجودية التي تَطرقُ ذهنَ المفكر في بداية مشواره العقلي، والتي تكون الفاتحة لموقفه الديني من الوجود: من أين أتيت وإلى أين أمضي؟ لأن تلك المعلومات العلمية لم تكتفِ بطرح أجوبة عن تلك الأسئلة الوجودية، بل إن العلم قد أقحم نفسه في طرح نهج معرفي بديل للإجابة عن تلك الأسئلة الوجودية، وهو المنهج العلمي، في مقابل المنهج العقلي، وما يتمخض عنه من النهج النقلي الذي يؤكد العقل صدق النقل فيه. ولذلك فإن البحث في الموقف مما تُسمّى الحقائق العلمية لا يقل أهمية عن التفكير العقائدي، لأن المجالين قد تشابكا في المجالات المعرفية، وتعاركا في طريقة التفكير، وتنافسا على عقول البشرية وقلوبها، وخصوصًا في ما يتعلق بموقف الإنسان من الوجود وما حوله. وتبدو معالم هذا الصراع بين التصورات العلمية والأطروحات الدينية جلية في المناظرات والمؤلفات والوثائقيات، رغم محاولات كثير من علماء الطبيعة وعلماء الشريعة (وعلماء اللاهوت) إيجاد حالة من التصالح المعرفي، وفرض السِّلم بين العلمانية والدينية، عبر نهج التوفيق بين مخرجات العلم، وبين مظّنات النصوص الدينية ودلالاتها في الكتب السماوية، وخصوصًا بعدما تجاوزت أوروبا مرحلة الكبت الديني في عصورها الظلامية، وانفتحت على عصر النهضة الذي قام على «العلم»! ثم لحقتها ضمن ذلك المسار بقيةُ شعوب الأرض وأممها، ومنهم الأمة الإسلامية، التي رضخت تحت ضغط الغلبة العسكرية أمام الغزو الاستعماري إلى الشعور بالغلبة الفكرية أمام سلطان المعرفة الغربية. إن النظرة العامة للتصورات الدينية للوجود المادي تكشف عن تصوّر مبسّط جدًا للأرض والسماء ومصابيحها، قد لا يبدو في انسجام مع ذلك المشهد المعقّد الذي ترسمه وكالات الفضاء العالمية لذلك الكون المتمدد في الزمان والمكان، والمركب في الكرات والحركة والدوران! رغم كل محاولات التوفيق وليّ أعناق النصوص… وقد تكشف تلك النظرةُ المقارنةُ عن تنافر ظاهر أو خفي، رغم الحديث عن الإعجاز العلمي في القرآن الكريم، ورغم دعوى أن الأديان السماوية نزلت على الناس خلال مرحلة متواضعة من المعرفة البشرية للكون، بينما هي دعوى لا تصمد أمام الوثائق الإغريقية والتفاسير الإسلامية للقرآن التي تناولت الأطروحات الحديثة نفسها حول شكل الأرض مثلًا، ونقلت شيئًا من الجدل المُزمن حول بعض تلك الأمور، مما لا زال العلم نفسه يردد صداه، كأنه جدل عابر للأزمان، مما سنبيّنه خلال هذا المسار المعرفي الذي يبدأه أول الكلام هذا. ثم إن ذلك التصوير البسيط لمشهد الأرض والسماء وانبثاق الحياة في القرآن -وما يشبهه في الكتب السماوية- يوجد طمأنينة ذهنية وقلبية، قد تتزحزح أمام ذلك التدفق العلمي لذلك الكون المتمدد في الزمان والمكان، والمركّب في الكرات والحركة والدوران كما كتبنا أعلاه، ويصبح ذهن المؤمن بالدين السماوي محل هجوم ذهني لكثير من الأسئلة التي تقلقه كلّما حاول التوفيق بين مخرجات العلوم التي تصنَّفُ على أنها حقائقُ ضمن ذلك الصندوق العلمي، وبين دلالاتِ النصوصِ الكونيةِ التي تُعتبر عقائد في الأديان السماوية، وعبثًا يحاول الكثيرون أن يلبَسوا طاقية لكل وقت ومهمة، واحدة للعالم الطبيعي، وأخرى للمتدين بدينه السماوي الذي يطرح إجابات كونية قد لا تتجانس مع تلك المعلومات العلمية (أو الحقائق!). من هنا تبدأ مسيرة شقاء، شقاء أوّلُه نفسي يقلق الباحث المفكر، ومنتهاه بشري يقلق هذه البشرية، رغم محاولة المفكرين الغربيين تعريف العلمانية على أنها فصل الدين عن الحياة، فربما من الضروري العودة إلى البحث في تعريفها الأصلي، مما سنطرحه ضمن هذا المسار المعرفي. وفي أول الكلام، قبل أن نفتح ما يليه، نطرح أسئلة استهلالية للتفكير الذاتي: 1- هل ترى أن التصور العلمي لتركيب المادة ومكونات الذرة وسلوكها هو حقيقة لا تقبل الجدل؟ 2- هل تؤمن بأن أقدام الأمريكان قد وطئت سطح القمر حقًّا؟ 3- هل انتهى علم البشر إلى أن شكل الأرض مكوّر بيضاوي أم هل تصح نظرية الأرض المسطحة؟ 4- هل انبثق الوجود المادي من نقطة متناهية في الصغر عبر الانفجار الكوني العظيم وأدى إلى الكون الفسيح المتمدد؟ 5- هل تطورت الحياة من خلية بسيطة إلى إنسان «جبّار» يحلّق في الفراغ الكوني ويجوب آفاق السماوات والأرض؟ 6- هل تعاني الأرض حقًّا من أزمة الاحتباس الحراري التي تهدد مستقبلها وديمومتها أم هي قضية مفتعلة لغايات سياسية؟ وأمام هذه السيل الجارف من التساؤلات العلمية الوجودية وما يلحق بها، يُلحّ على الذهن تساؤل عام: هل يمكن أن نكون قد حملنا خزعبلات علمية خلال حشرِنا داخل الصندوق العلمي؟ وهل يمكن أن نكون قد خضعنا لأجندات سياسية وحضارية قادتنا إلى ما نحن عليه الآن من معرفة علمية كادت أن تكون غير خاضعة للنقاش؟ وضمن محاولة الإجابة عن هذه الأسئلة العلمية المصيرية، نتساءل عن طريق المعرفة التي تتولد عنها تلك الإجابات، وعن مستوى القناعة بها، من حيث التصديق بها حد اليقين الذي لا يتزحزح والتسليم بها في ما يشبه «الإيمان» وهو التصديق الجازم! أو الشك العلمي؟ وقبل أن نتقدم خطوة في الإجابة عن هذه الأسئلة، نتساءل أيضًا حول «التفكير الناقد» الذي يختبر المعلومات، ويميز الحقائق عن الأباطيل، ثم حول مستويات التصديق بتلك المعارف حسب تصنيف العلم نفسه ما بين حقيقة ونظرية وفرضية، ضمن هذا المسار المعرفي حول الشك العلمي. أستاذ الهندسة – باحث ومفكر أكاديمي من فلسطين الخليل – فلسطين
    3 points
  18. بسم الله الرحمن الرحيم صفات القيادة الناجحة لقد خلق الله تعالى الناس متفاوتين، يفضل بعضهم بعضاً في القدرات والطاقات والعقول، وغير ذلك مما حباهم الله به، وهذا بالتالي جعل الأداء عند الناس في مجالات الحياة المتنوعة في تفاوت وتفاضل، وجعل قسماً منهم يبرز في نواحي معينة لا يبرز فيها القسم الآخر، ومن هذه الأمور المسؤولية والقيادة وتقدم الصفوف ... فمنذ القدم يبرز في حياة الناس أناسٌ تكون فيهم صفات معينة تؤهلهم لقيادة الناس، وتقدم الصفوف أمامهم؛ فمثلا في النظام القبلي البدائي يتقدم الناس رجلٌ يسمّى بشيخ القبيلة أو المسئول فيها، يمتاز عن باقي الناس بصفاتٍ تؤهله لذلك، وفي الدول أيضاً تبرز في أشخاص معينين صفات معينة، تؤهلهم لأن يكونوا هم القادة الذين يحكمون الناس ويتقدمون الصفوف أمامهم. إلا أن هذا الكلام ليس معناه أن من يتقدم الصفوف أو يكون مسئولاً هو مؤهلٌ للقيادة دائماً، وأنه أحق بها لأنه يحمل صفات الرجل القيادي، فهذا ليس بالضرورة، فقد يكون في الحكم مثلاً أو في القيادة لأن أمواله في مجتمع رأسمالي تؤهله لأن يكون قائدا أو حاكماً، وقد يكون في الحكم أو القيادة والمسئولية لأن الذي سبقه قد ورّثه هذا الأمر بسبب القرابة أو المصلحة أو غير ذلك، وقد يكون الشخص مسئولاً وليس عنده الصفات القيادية التي تؤهله لذلك، فلا تلبث مسئولية هذه الأصناف أن يعتريها الضعف ثم تنهار، وقد يكون الشخص عادياً في المجتمع؛ عاملاً أو مدرساً أو طبيباً وفي شخصيته الصفات التي تؤهله لأن يكون قياديا ورائدا في المجتمع. إذن هناك صفات معينة يجب أن تتصف بها الشخصية القيادية أو الرائدة، فما هي هذه الصفات وما هي درجة تسلسلها في هذه الشخصية، وهل فقدُ البعض منها لا يجعله شخصيةً قيادية .. أما صفات الشخصية القيادية فيمكن إجمالها في النقاط التالية : - 1- التميز والثبات في الفكر والرأي، وعدم الفوضوية في الأعمال :- فالإنسان حتى يكون قيادياً ناجحاً يجب أن يرتكز إلى فكر ثابت في حياته، يُصدر من خلاله الأحكام، ويقود الناس وفق هذا الفكر، ونقصد بالفكر الثابت هنا عدم التلوّن، وعدم الانتقال من فكرٍ إلى آخر حسب الأهواء والمصالح الآنية، فإذا كان الإنسان مستنداً إلى فكرٍ ثابت فإنه يكون ثابت الرأي، غير متقلب في تصرفاته وقيادته للناس، ولا يكون تبعاً لأفكار وأهواء أخرى، يتغير كلما أراد أن يتغير، فهذا يُضعف شخصية الإنسان ومواقفه القيادية أمام من يقودهم ويتقدمهم، ولا يشترط أن يكون القائد مبدئيا في نظرته للحياة، فقد يكون مبدئيا وقد يكون إنسانا عاديا دون مبدأ، ولكن المبدئية عند الإنسان تعطيه الثبات والقوة في الفكر والرأي وبالتالي القوة في طريقة القيادة . أما القيادي المسلم فإنه يجب أن يكون مبدئيا لأنه يتقدم المسلمين ؛ً بمعنى أنه يلتزم مبدأ الإسلام فكراً وعملاً ورأياً، فيفهمه فهماً صحيحاً ويكون على دراية بما يلزم من أحكامه، ويلتزم هذه الأحكام في كافة أموره وعلاقته مع الغير، وخاصة في قيادته للناس، ولا يكون تبعا للغير متلونا حسب الأشخاص أو الأهواء، فإذا كان كذلك ضعفت شخصيته وقيادته ثم لا يلبث أن ينهار شيئا فشيئا .. وقد بين الرسول صلى الله عليه وسلم هذا المعنى في قوله: ( لا يكونوا إمعة تقولون: إذا أحسن الناس أحسنا، وإن ظلموا ظلمنا ولكن وطنوا أنفسكم إن أحسن الناس أن تحسنوا وان أساءوا فلا تظلموا ) .. 2- الحزم والعزم وعدم التردّد في اتخاذ القرارات :- فالشخصية القيادية إذا اتخذت قراراً تكون حازمةً في هذا القرار، ولا تدع الأمور لآراء الناس وتعدّدها، لأن هذا يجلب عليه التسلط، ويضعف شخصيته أمام من يقودهم، ويفتح المجال للتنافس على القيادة نتيجة شعور الناس بضعفه في اتخاذ القرارات ... وليس معنى ذلك عدم المشورة أو أخذ الرأي، بل معناه عدم كثرة التردّد في المواقف الحازمة كأمور الحرب أو السلم أو الأمور المصيرية المهمة، والتي تحتاج إلى سرعة قرارٍ وحزمٍ وعزم .. وقد ذكر الحق تعالى في هذا المعنى قوله: " فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ " والرسول عليه السلام يقول: "ما كان لنبي لبس لأمة الحرب أن يضعها حتى يحكم الله بينه وبين قومه.." 3- كثرة المشورة وأخذ الرأي فيما يؤخذ فيه الرأي :- وهذه ليست نقطة ضعف في شخصية القائد ولا تعيبه، ولا تظهره على أنه لا يعرف فنون القيادة، أو القدرة على إصدار الرأي، بل هذه الصفة تزيد في قوة الرابطة بينه وبين من يتقدم صفوفهم، وتكسب رأيه قوة فوق قوة، وسداداً مع سداد؛ فالله سبحانه قد أرشد نبيه عليه السلام فقال: " فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ ) فالمشورة مطلوبة وهي من صفات القائد الناجح الذي يريد تقوية الصف من خلفه، والاستبداد في الرأي هي من صفات القائد الفاشل، الذي يكثر خطؤه وتزداد الهوة بينه وبين أتباعه لدرجة القطيعة في نهاية المطاف .. 4- المثابرة والاهتمام الدائم بشؤون الرعية، وعدم إظهار اللامبالاة :- فالشخصية القيادية يجب أن تُشعر الرعية أو من يتقدمهم في الصف أنه حريص على مصالحهم كلها، وانه يحافظ على حياتهم، وعلى أموالهم وعلى أعراضهم .. فهذا الحسّ عند الناس بواقع قائدهم يجعلهم يطمئنون لقيادته، ويسلّمون له الأمور، ولا مجال لوجود الشك أو الخوف أو التردّد في عملية الانقياد خلف هذا القائد، أما إذا أظهر هذا القائد عدم المبالاة، واظهر الاهتمام بمصلحته الشخصية على مصالح أمته وشعبه، فإن ذلك يضعف قيادته، ويفتح المجال للتمرد والتشكيك من قبل الآخرين تجاهه، وتصبح النظرة عند شعبه إن هذا القائد يستغلّ وجوده في القيادة لتلبية نزواته ومصالحه، لذلك يبدأ التذمّر والتردّد في الانقياد خلفه، ثم يزداد هذا الأمر اتساعاً شيئاً فشيئاً حتى يقوم الناس على التخلص منه وإسقاطه.. 5- الذكاء وسرعة الفهم والبديهة :- ونقصد هنا بالذكاء أن يكون القائد منفتح الذهن سريع التفكير، سريع الملاحظة للأمور سريع الفهم ، لأن الخمول في التفكير وضعف الفهم وضعف البديهة عند القائد يُضعف شخصيته أمام شعبه، فهذا الأمر يجب أن يكون موجودا مسبقا في شخصية القائد، ويجب أن يعمل على تنميته باستمرار بكل الوسائل والسبل، لأن سرعة الفهم والبديهة يمكن تنميتها في الشخصية .. فالقائد الناجح هو القائد الذي يفهم الأمور بسرعة، ويردّ عليها بسرعة، ويفهم أيضاً الأمر وما يراد منها.. فمثلاً عندما يكون القائد في مكان لا يريد أن يعلم به أحد، وفي نفس الوقت لا يريد أن يثير الشبهة حوله يجيب إجابةً يجعل الخصم يكتفي وينشغل بها، كما حصل مع الرسول عليه السلام عندما كان في طريقٍ الهجرة، ولا يريد أن يعلم أحد إلى أين يذهب ولا من أي مكان جاء، فلقيه رجل في الطريق وسأله: ممن القوم ؟! فقال الرسول عليه السلام: من ماء !! .. فأخذ هذا الرجل يفكر ويسأل نفسه من أيِّ ماءٍ هم..من ماء كذا أم من ماء كذا ؟ حتى قطع الرسول عنه مسافة وهو يسأل نفسه نفس السؤال !! .. 6- القدرة السياسية في إدارة الشؤون والمناورات السياسية، والقدرة على تحمّل المسئوليات في ذلك:- فالناس متفاوتون في هذا الأمور، فهناك رجال عندهم فنّ القيادة وتحمل المسئوليات سجية من سجاياهم، وأهّلهم الله سبحانه وتعالى- بما حباهم من شخصية مبدعة- لفن القيادة وتحمل المسئوليات، وهناك من الأشخاص من ترى في شخصيته التبعية والانقياد وحبّ السير خلف الغير، والضعف وعدم القدرة على تحمل المسئولية .. لذلك عندما جاء أبو ذر رضي الله عنه إلى الرسول عليه السلام وقال له: يا رسول الله ولّني .. أي أعطني ولاية كما أعطيت معاذ بن جبل وكما أعطيت عتاب بن أسيد وأبا موسى الأشعري ومحمد بن مسلمة وغيرهم قال له الرسول عليه السلام : " يا أبا ذرّ انك رجل ضعيف وإنها أمانة وأنها يوم القيامة خزي وندامة .. " وأبو ذر كما نعلم لم يكن ضعيف الجسم، وإنما كان من الفرسان المشهورين، لكنه فيه حدّة تبرز في المواقف القيادية، وقد ثبت ذلك بكثرة خروجه على الخلفاء وانعزاله عن الناس .. وهذا ليس من صفات القائد الناجح .. أما المناورات السياسية فهي فنّ من الفنون أيضاً .. يجب أن تتوفر في شخصية القائد لأن حياته كلها سياسية ورسمٌ للسياسة في الداخل والخارج، فيجب عليه أن يعرف كيف يتعامل مع الأعداء في رسم المناورات السياسية التي تخذّل عن بلاده وتخدم شعبه، تماما كما فعل الرسول عليه السلام في معاهده الحديبية، حيث رسم خطة دقيقة غابت حتى جهابذة الزعامة في مكة !! 7- القوة الجسمية بما يكفي لتحمل الأعباء والمسئوليات :- ولا نقصد هنا بالقوة الجسمية أن يكون فارساً أو مصارعاً أو غير ذلك، وإنما نقصد أن لا يكون عليلاً كثير الشكوى من الأمراض، ضعيف البنية لا يستطيع تحمل الأمور ومكابدة المشاقّ والسهر والمتابعة، والصبر في ساعات المتابعة الدقيقة .. فالقيادة تحتاج إلى أعباء جسمانية وليست من الأمور السهلة، فتحتاج إلى أعصاب هادئة متزنة، وإلى جسدٍ خالٍ من المرض، وإلى عقلية سليمة من أي مرضٍ عصبي أو غيره، لأن الأمور لا تسير على وتيرة واحدة في حياة الأمم والشعوب، فقد تتعرّض الدولة أو الجيش إلى حصارٍ يفرض على القائد أن يلزم غرفة المتابعة ليل نهار، ولا يستطيع النوم إلا ساعات قليلة، فهذا الأمر تحتاج إلى أعصاب هادئة، وإلى جسد عنده القدرة على التحمل، وإلى اتزانٍ وعدم انفعال في غير موضعه، أما إذا كان الجسم غير قادر على المواجهة والتحمل والصبر فإنه يفقد اتزانه في لحظة ما ويصدر الأوامر في غير موضعها فيضيّع الأمور كلها ويجعل الأمة تخسر خسراناً كبيراً .. 8- العلم والمعرفة بما يلزم لأخذ القرارات، وعدم التردّد وعدم إظهار الاتكال دائما على الغير :- ولا نقصد هنا بالعلم أن يكون عالما، ولا نقصد بالمعرفة أن يكون محيطا بكل شيء، وإنما أن يكون عنده القدرة- بمعرفته وعلمه -لاتخاذ القرار خاصة في ألأمور المهمة من فكر أو دين أو غير ذلك .. ، وان يكون كذلك عارفا للأهداف العليا والغايات السامية، وأن يكون عنده علم بالقضايا المصيرية لأمته وشعبه.. فإذا أخذ القرار عن علم ومعرفة؛ أي اسند هذا القرار لعلم ومعرفة كان قرارا صلباً قويا يستند إلى فكر ثابت يخدم الشعب الذي يتقدمه، وأما أن كانت القرارات ضد الأهداف والغايات العليا لشعبه فانه يعرض نفسه للاتهام الدائم، وبالتالي تضعف شخصيته أمام الناس وسرعان ما يقوم عليه الناس .. فيجب أن يكون القائد ملماً بالعلوم والمعارف التي تلزم في أمور القيادة وليس في كل شيء، ولا أن يكون عالماً .. أما إذا كان أمياً- كما هو الحال عند بعض حكام الخليج- فانه يعرض نفسه للانتقاد الدائم، وتكون قراراته غير سليمة وغير صائبة .. فمثلاً عندما اعترضت أمير المؤمنين قضيته سواد العراق، وتوزيعها على المحاربين نظر أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه في المسألة نظرة العلم والمعرفة وبُعد النظر، وجعل ذلك مستندا إلى فهم شرعيّ وهو: إن الحاجة تدعو إلى إيجاد مصرف دائم يُصرف منه على الجند، وعلى مصالح الدولة، ويعطى منه المحتاجون إلى آخر الزمان.. وكان فهمه مستندا إلى قوله تعالى : (وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ) 10-الحشر، فقال: ( والذي نفسي بيده لولا أن اترك الناس بيّانا ليس لهم شيء ما فتحت على قرية إلا قسمتها كما قسم النبي صلى الله عليه وسلم خيبر ولكني اتركها خزانة لهم يقتسمونها) رواه البخاري. 9- اللين في موضوع اللين والشدة في موضع الشدة وسعة الصدر والرحمة والألفة :- فالشدة والقسوة مطلوبة في موضعها؛ بحيث لو كان في مكانها اللين والرقة فسد الأمر وضاع، والّلين أيضا مطلوبٌ في موضعه ومكانه بحيث لو كان بدلا منه الشدة فسد الأمر وضاع، وأيضا يجب أن يكون من صفات القائد سعة الصدر والرحمة والألفة لمن يقودهم أو يحكمهم أو يتقدم صفوفهم في أي أمر، والله سبحانه وتعالى خاطب بنيه عليه السلام فقال: ( فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ .. ) والإمام عمر رضي الله عنه وهو القائد الناجح .. قال : :(... لقد لنت للناس حتى خشيت الله في اللين، ثم اشتددت عليهم حتى خشيت الله في الشدة، فأين المخرج؟..) فهذه الصفة هي من صفات القائد الناجح، يقدّرها حيث يرى وليس لها ضوابط معينة، وتحتاج إلى سرعة في التفكير واستحضارٍ للبديهة بحيث تؤتي النتائج السليمة الصحيحة في موضعها .. 10- الطموح وسعة الأفق والنظرة إلى أعلى في الارتقاء بمن يقودهم :- فالقائد الناجح ينظر إلى الأفق الواسع الرحب بشكل دائم، وينظر إلى الأعلى على أن يتقدم الصفوف في كل أمر وفي كل شيء، وذلك حتى يرتقي من علٍ إلى أعلى بشكل دائم .. فطموح القائد يجلب الخير الدائم على شعبه، واستكانته وكسله يجلب عليهم الوبال ويجعل الأمم تطمع فيهم .. فلو أخذنا على سبيل المثال فرنسا في عهد نابليون وفرنسا هذه الأيام لرأينا الفرق الكبير في الطموح والنظرة إلى الأمام، فنابليون كان يفكر أن يقود العالم أجمع، بينما قادة فرنسا اليوم يفكرون في الانضواء تحت المجموعة الأوروبية للتقوّي بها، المتحدة. هذه هي صفات القائد الناجح الذي يجلب على نفسه وأمته الخير ويرتفع بهم من علٍ إلى أعلى، ورحم الله امرأ عرف قدر نفسه في تقدير الأمور؛ فإذا رأى في نفسه ضعفاً وعدم قدره في فن القيادة أراح واستراح وأبعد نفسه عن هذا الأمر، وإن وجد في نفسه الكفاءة خاض غمار الأمر ليجلب لنفسه ولغيره الخير العميم، ولا يبخل على شعبه بذلك نسأله تعالى أن يولّي أمة الإسلام القادة الناجحين الأصفياء في ظلّ حكم الإسلام .... آمين يارب العالمين
    3 points
  19. بسم الله الرحمن الرحيم. بالفعل لقد أثرت النهضة العلمية التي جاءت من الغرب عن طريق البحث العلمي القائم على فكرة فصل الدين عن الحياة على طريقة تفكير العلماء وعلى سلوك عامة الناس فالعلم والوسائل العلمية التي توصل اليها الانسان بالطريقة العلمية في التفكير اصبحت مقدسة عند الانسان الا ما رحم ربي وهذه الطريقة العلمية في التفكير حولت وجهة الانسان على حقيقة هذا الكون والانسان والحياة وما قبلها وما بعدها هذه الطريقة العلمية القائمة على عقيدة باطلة ألهت الانسان وأصبحت قبلة تفكير كثير من الناس .لقد يفنى عمر الانسان مع هذه الطريقة في التفكير ويحسب انه ملك الدنيا باكملها بما توصل اليه عقله وهو في الحقية انه لم يتوصل الى شيئ ما لم يهتدي الى العقيدة الاسلامية التي تجيبه على جميع الاسئلة
    3 points
  20. السلام عليكم من أجل الإجابة عن سؤال (لماذا خلقنا الله؟) لا بد أن نمهد للجواب عليه بمثال للتقريب، الأ وهو مثال الساعة. نحن لدينا ساعة يد، ويمكن أن نسأل حولها ثلاثة أسئلة: 1. هل احتاجت إلى صانع؟ 2. كيف صنعت؟ 3. لماذا صنعت؟ أما الأجوبة فهي كما يلي: 1. النظرة السريعة إلى الساعة تجعل الإنسان يحكم على الفور من غير تردد بأنها احتاجت إلى صانع، وأن هذا الصانع يتصف بصفات لازمة هي العلم والارادة والقدرة حتى يستطيع القيام بالصناعة 2. للإجابة على سؤال (كيف؟) لا بد من النظر في واقع الساعة أو سؤال الصانع. 3. أما سؤال (لماذا؟) فلا بد من علم بالخلفيات التي سبقت الوجود، أي لا بد من معرفة مفهوم الزمن وأن البشر قسموا السنة إلى 365 يوما وكل يوم إلى 24 ساعة وكل ساعة إلى 60 دقيقة وكل دقيقة إلى 60 ثانية، فإذا لم تعرف هذه الخلفية لا يمكن معرفة الإجابة على وجه الجزم، فتحكم بأن هذه الساعة هي أداة لها وظيفة لقياس ومعرفة الأوقات. وبتطبيق هذا المثال على الكون نسأل نفس الأسئلة : هل الكون مخلوق؟ والجواب نعم وذلك بانعام بالنظر في الكون نفسه لنصل إلى الحكم عليه بانه محتاج ومحدود وعاجز، ولا بد له من بداية وأن خالقه هو الله سبحانه المتصف بصفات القدرة والارادة ووالعلم وجميع صفات الكمال. أما سؤال كيف خلق الكون؟ فاجابته تكون بالنظر في الكون والانسان والحياة لمعرفة كيف بدأ الخلق، وقد قدم القرآن بعض الإجابات عن بعض الكيفيات، والعلم ما زال يحاول تقديم إجابات عن هذا السؤال، واللافت أن آلاف السنين لم تكن كافية حتى يلم الإنسان الماما كافيا بكيفية الخلق، ولا يزال يحاول ذلك وهو يتقدم كل يوم شيئا فشيئا، ولكنه يجهل الكيفية الكاملة. ولا يستطيع الإنسان انتظار عشرات ومئات السنين للحصول على إجابة شافية، فأعطاه الوحي إجابات كافية وفق ما يلزمه لسد حاجته إلى جواب لهذا السؤال. سؤال لماذا خلق الله الكون؟ واجابته لا تكون بالنظر في الكون، لأنه يتعلق بأمر سبق الوجود فكما سبقت فكرة الزمن وجود الساعة فلا بد أن تسبق فكرة خلق الكون وجوده الفعلي، ومن هنا لا يمكن للعلم ولا لتطوره أن يجيب عن هذا السؤال لأن العلم يبحث في الوجود، وسؤال (لماذا؟) يبحث فيما قبل الوجود، والإجابة لا تكون إلا عند الخالق الصانع لأنه هو صاحب الإرادة في الخلق. وترجع إمكانية عدم معرفة الإجابة عن سؤال (لماذا ؟) لأنه يتعلق بما قبل الوجود، أما سؤال (هل؟) وسؤال (كيف؟) فيتعلقان بالوجود، ومن هنا يمكن أخذ الإجابة عنهما من النظر في الوجود وبالتالي فللحصول على إجابة للسؤال الثالث (لماذا ؟) لا بد من أن نبحث في القرآن عن إجابة ربانية عن هذا السؤال، لأنه هو وحده الخالق الواجب الوجود، فهل نجد في الوحي إجابة قاطعة وحاسمة عن هذا السؤال؟ يتبع بمشيئة الله مع تحياتي
    3 points
  21. السلام عليكم لنعد الآن لطبيعة الأسئلة التي طرحت من قبل السيد بهاء، هل هي فعلا أسئلة فطرية طبيعية يسألها كل إنسان؟ أم أن هنالك أسئلة أولى منها وأهم منها، يجب أن تسأل ومن الطبيعي والفطري والضروري أن يطرحها كل عاقل ومفكر؟ فهل سؤال "لماذا خلق الله الإنسان"؟ هو بداية ما يجب أن يسأل! وهل السؤال عن عدل الله حين خلق هو فعلا السؤال الطبيعي؟ وهل السؤال عن حاجة الله إلى الخلق؟ هو سؤال فطري. ولا بد من تلقي اجابات لهذه الأسئلة أولاً؟؟؟ أرى أن هذه الأسئلة هي أسئلة مفتعلة وهي ليست طبيعية ولا فطرية، وليست هي الأسئلة الصحيحة التي يجب أن تسأل ويبدأ بها!! لماذا هي ليست بالأسئلة الصحيحة والطبيعية؟ لأن الأسئلة التي يسألها البشر في العادة هي أسئلة أهم وأولى من هذه الأسئلة، وهي تلك الأسئلة التي تشكل العقدة الكبرى عند الإنسان وبحاجة إلى اجابات عنها، واجاباتها تحدد توجه الإنسان الفكري وتحدد مصيره وغاياته واولوياته وتحدد اعتقاداته، وينبني عليه سلوكه ونظام حياته وتصرفاته. فما هي الأسئلة الطبيعية والضرورية التي يسألها عقل الإنسان؟ والتي لا بد منها ولا بد من اجابات عليها وهي التي تشكل العقدة الكبرى لديه؟ كل عقل وفكر سوي لا بد أن يسأل الآسئلة الكبرى التالية وهي: · من أين أتى؟ أي من هو أصل الإنسان؟ · إلى أين سيذهب؟ أي ما هو مصير الإنسان بعد الموت · ولماذا؟ أي ما هي الغاية من وجوده في الحياة الدنيا؟ وهناك أسئلة تتعلق بهذه الأسئلة ولكنها تشكل عقدا صغرى، تحل تلقائيا مع وجود اجابات صحيحة عن هذه الأسئلة الكبرى. وفي الحقيقة كل الأديان العقائد والمبادئ تعطي اجابات محددة لهذه الأسئلة، واختلاف الاجابات عن هذه الأسئلة هي التي تجعل الاجابات والأفكار التي احتوتها عقيدة مختلفة عن باقي العقائد. فكل دين وكل عقيدة وكل مبدأ له فلسفة معينة في اجابات هذه الأسئلة التي تشكل العقدة الكبرى للإنسان. لذلك عليك أولاً الإجابة عن هذه الأسئلة الكبرى التي تشكل عقدة اساسية لا بد من حلها، وحلها يكون باعطاء اجابات صحيحة مقنعة للعقل وموافقة للفطرة تؤدي إلى الطمأنينة الدائمة أي السعادة عند الانسان وهذا هو معنى قوله تعالى: "وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين" لأن اجابات الإسلام عن العقدة الكبرى هي اجابات صحيحة تشفي ما في الصدر والقلب من شك وريبة وانزعاج وتوصل إلى الطمأنينة والسكينة. وقد اجاب الإسلام عن هذه الأسئلة بأن قال بأن جواب السؤال الأول هو أن أصل الانسان انه مخلوق لله خالقه وربه، فالله خلق الكون والحياة والإنسان فتكون العلاقة بين الله والإنسان هي علاقة الخلق والربوبية وأن هل الله هو مسبب جميع الأسباب. أما السؤال الثاني فقد اجابه الإسلام بأن قرر أن الموت ليس نهاية الانسان بل هناك حياة أخرى بعد الموت، وأن فيها محاسبة على أعمال الإنسان في الحياة، فإما أن يدخل الجنة وإما أن يكون مصيره النار والسؤال الثالث اجابه الإسلام وقرر بأن الغاية من خلق الإنسان هي اعمار الأرض بأن يكون خليفة فيها يطبق شريعة الله وأن يكون عبدا لله أي طائعا له في كل شؤون حياته، وقد قرر الإسلام بأن الله سخر له ما في السموات والأرض واعطاه حرية الارادة والاختيار ليقوم بهذه المهات، وأنه إذا نجح في هذا الامتحان فسيكون مصيره الجنة، وأنه إذا فشل وكفر فسيكون مصيره النار والعياذ بالله. هذه الاجابات هي باختصار تشكل عقيدة الإسلام وفكرته الكلية عن الكون والانسان والحياة، والتي بدون الايمان العقلي بها لا يدخل الانسان الاسلام ولا يكون مؤمنا، وهي معنى الشهادتين "اشهد أن لا اله الا الله واشهد أن محمدا رسول الله" والشهادة تقتضي وجود الدليل والشاهد على الموضوع، ولذلك لا يقبل ايمان المؤمن الا بالشهادة بأن الله حق وأن الرسول حق وأن القرآن كتاب الله حق وأن الآخرة حق وأن الجنة والنار حق وأن الانسان مستخلف في هذه الأرض لعمارتها وعبادة الله فيها. ولذلك لا يصير المؤمن مؤمنا الا بوجود الدليل العقلي لديه عن هذه الأمور والأفكار حتى تصلح شهادته وتكون شهادة حق. يتبع بمشيئة الله
    3 points
  22. عبد المؤمن الزيلعي ابو الياس راسلتُ الإعلام مراراً بمقالاتي حتى تُنشر لكن لا جدوى من نشرٍ فالجوهر بخلاف المظهر لا إعلامٌ حرٌ مهما زعموا ، بل عبدٌ مستأجر من يملك مالاً أو يدعم فله التقرير لما يـُنشر يا إعلام الكبر تمهل من أنت علينا تتكبر عرّفت بنفسك من نفسك سطرت التعريف لِتُذكر وتقول أنا حرُ النشرِ باستقلال الموقع أفخر ؟!! ما بالك تنسى تتناسى ما نرسلهُ بل تتضجَّر ؟! أم أن الداعم يكرهنا ينعتنا بالخط الأحمر يا ويح الإعلام مضلٌ لقضايا الأمة يتنكر يعمل هدماً يعبد صنماً يرضي الكافر ولنا ينخَر ويحارب جهراً للدينِ يزعمهُ ارهاباً أخطر ويغرد في سرب الكفرِ يسقي زرع الكفر ويسهر ينشر سماً يفتك فينا دجالٌ ممسوخٌ أعور يُلبس حقاً ثوب الباطل والباطلُ في حقٍ يَظهَر و يصيغُ الأخبار بمكرٍ ينفث حقدا ولنا يسحر لكن الحق سننشرهُ في الوتس وفيسٍ وتويتر حتما سنقض مضاجعهم مهما الباطل حقداً كشّر هيا نعلي دين اللهِ ننصر خالقنا كي نُنصر
    3 points
  23. نحتاج الى تعلم فكر الرحمة عند تعاملنا مع البشر وتواصلنا معهم فكريا ، فلم يسمع افكارك من تنعته بأبى جهل ، ولم يسمع افكارك من تتهمه بالخيانة والعمالة ، ولم يسمع افكارك من تُظهر أنك اعلم منه عند نقاشك معه .فهذا مخالف لفكر الرحمة ونهج النبى محمد صلى الله عليه وسلم فى المجادلة بالتى هى أحسن ، وعلينا تجسيد الآية القرآنية (وما أرسلناك الا رحمة للعالمين ) فى انفسنا قبل أن نخاطب الناس ،فنبينا محمد عند نقاشه مع عتاولة قريش كان حليما رحيما بعباد الله هدفه الأسمى أن يكسب القلوب قبل العقول . ودمتم بود
    3 points
  24. حزب_التحرير له عملان يقوم بهما عبر جهازيه الاثنين في الامة الاسلامية #الاول جهاز #التفاعل : الذي مهمته توعية الامة بالمكائد التي يقوم بها الكفار بأنفسهم وعبر #الحكام الخونة و كشف مخططاتهم الماكرة و خدعهم الفاجرة و تعريف #المسلمين بنظام #الاسلام #الخلافة حتى يتهيأوا لها عن دراية و معرفة و علم و الحمدلله اصبحت الخلافة مطلب الجماهير الاسلامية في كافة الاقطار و اصبح مؤتمرات الخلافة تعج بالمسلمين بالالاف المؤلفة الذين يتعشقون للخلافة و بلهفة و شوق و حنين و انظر طول الارض الاسلامية و عرضها ترى جموع المسلمين الهادرة التي تهتف في الشوارع خلافة خلافة خلافة جهاز التفاعل يتفاعل مع الناس بتثقيفهم و توعيتهم و تحذيرهم من المكائد و تبصيرهم بأمور دينهم و دنياهم و بالصراع الفكري و الكفاح السياسي .. #الثاني جهاز #النصرة : جهاز النصرة والمنفصل تماما عن جهاز التفاعل مع الناس وهذا الجهاز عمله هو طلب النصرة ممن يملكون القوة في الامة سواءا كانوا قادة جيوش او غيرهم ممن هم اهل للقوة والنصرة .. ويتم اقناعهم بالعقل ان ينضموا الى العاملين المخلصين لاقامة دولة الخلافة بحسب استطاعتهم ومكانهم .. نعم جهاز طلب النصرة يعمل بطريقة منظمة ودقيقة عن طريق مراكز القوة، بعد أن يقتنعوا قناعة تامة بالفكرة والغاية منها، وهذه الطريقة عند الحزب لها رجالها وهم ( جهاز طلب النصرة ) الذي لا يعرفه الناس، ويعمل بشكل سرّي كامل ... في رمضان العام الماضي اطلق حزب التحرير نداءا اسماه #النداء_القبل_الاخير هذا رابط الفعاليات في عواصم العالم الاسلامي نحن تحركنا في الأمة وانتشرت فكرة الخلافة وأصبحت مطلبا، وحشد حزب التحرير معه الأنصار من القوة العسكرية، ونحن الآن نسعى لتعظيم سواد أهل النصرة لتحقيق وعد الله. آن الأوان لإطلاق النداء قبل الأخير، في هذه الأجواء الرمضانية، وهو نداء عالمي علت فيه أصوات رجالات الحزب وإعلامييه في سماء الأمة الإسلامية عبر القارات، من إندونيسيا وباكستان، والأردن وسوريا وتركيا ولبنان، ومن المسجد الاقصى إلى تونس والسودان.و نسأل الله تعالى ان يكون هذا العام هو عام الخلافة عام النداء الاخير الذي ينبيء العالم أجمع بقيام الخلافة و عودتها من جديد لتحكم العالم
    3 points
  25. تحجر بعض العقول أحيانا يتعجب الإنسان ممن يناقشهم أن عقولهم متحجرة لا يريدون أن يفهموا، فيقول لك ناقشته ساعات طوال ولكن دون فائدة، مع أني لم أره صاحب مصلحة ولا منفعة ولم أره جبانا أو خائفا وأراه يبحث عن الحقيقة، ولكني وجدت عقله صعبا جدا.هذا الكلام صحيح، فالمنفعة والمصلحة والجبن والخوف تمنع من الوصول للحقيقة، ولكن هناك أمر خفي لا ينتبه له البعض وهو الآراء السابقة عن الشيء، فان الإنسان الذي يعتبر آراءه مسلمات عقلية لا نقاش فيها لا يمكن أن تصل معه للحقيقة، حتى لو كان الشخص الذي أمامك مخلصا ويريد الوصول للحقيقة، فان تجمده على آرائه السابقة يمنعه من الوصول للحقيقة.اذكر أني ناقشت نصرانيا في عقيدته، وقد اتفقت معه على الرجوع للمسلمات العقلية وهي الأحكام التي يجمع عليها العقل السليم في كل مكان وزمان، مثل أن لكل فعل فاعل وان فاقد الشيء لا يعطيه، وان وجود التنظيم لا بد له من منظم، وهكذا، ولكني وجدت هذا النصراني لا يستطيع التخلي عن آرائه السابقة في الإنجيل المحرف أنه كتاب مقدس وان ما فيه مقدس ومسلم به ولا يمكنه النقاش في خطئه، فوصلت معه لطريق مسدود، مع أني طرحت عليه آرائي السابقة في الإسلام والقران للنقاش فيها وإثباتها من نقطة الصفر ولكنه لم يستوعب ما أقول لأنه متجمد على أن كتابه المقدس مسلم به ولا نقاش فيه، ولذلك تحجر عقله.وهذا الأمر أيضا ينطبق على كثير من أبناء المسلمين، فتراه متحجر على آراء سابقة وينطلق من النقاش أنها صواب ولا يقبل النقاش فيها، مثل أن الشيخ الفلاني عالم وينطلق من هذا المنطلق ولا يقبل النقاش أن هذا الشخص قد يكون جاهلا أو عميلا، وأيضا انطلاقه من الرأي القائل أن أردوغان يريد خيرا للإسلام وانه يفعل ما بوسعه، ولذلك لا يمكنه تخيل أي فعل من أردوغان إلا خدمة للإسلام وأهله، ولا يقبل النقاش من نقطة الصفر، ومثل ذلك النصراني الذي ناقشته ويحمل رأيا أن كتابه المقدس صحيح ولا غبار عليه ثم بدأ النقاش.تحجر العقول أحيانا يأتي من أن الشخص المقابل لا يقبل النزول للنقاش من نقطة الصفر بل يضع أمورا وآراء ويعتقد صحتها وينطلق من النقاش على أساس أنها صحيحة وأنها أم الأدلة، عندها ولأنه لا يريد التخلص منها فستجد صعوبة في إقناعه، فكيف ستقنع شخصا أن شيخه جاهل عميل بينما هو مثبت في عقله أن هذا علامة وانه يفهم أكثر مني ومنك، وكيف ستقنع إنسانا بخيانة حاكم وهو شبه معتقد أن الحاكم ذكي يجير كل الأمور لصالح الإسلام، وكيف ستقنع كافرا يرى دينه أساسا مسلما به لا نقاش فيه.وإذا رافق الآراء السابقة الخاطئة المصلحة والمنفعة والخوف والجبن، ستخرج بنوعيات غريبة لا يمكن نقاشها أو الحديث معها، وأحيانا يظن الشخص انه على صواب في النقاش مع انه يحمل آراء سابقة خاطئة ينطلق منها.والطريق لنقاش هؤلاء هو ضرب آرائهم السابقة ونسفها حتى لو عاند الطرف المقابل، وفي نفس الوقت رسم الخط المستقيم أمام الخطوط العوجاء عند الطرف المقابل، فإنه إن فكر قليلا يتم هدم تلك الآراء الخاطئة في عقله إن كان مخلصا باحثا عن الحقيقة.
    2 points
  26. بسم الله الرحمن الرحيم هل نشأت #الخلية الحية تلقائيا؟ ================== حين تصعد #الجبل الشاهق، وتجد على الذروة مجموعة من الحجارة مصفوفة فوق بعض بطريقة هندسية، فلا شك أنك ستقطع أن أحدا ذكيا كان قبلك هنا، فالأنظمة المعقدة لا تنتج صدفة، ولو قلنا إن صندوقا يحوي مجموعة حروف هجائية وأرقاما وعلامات ترقيم تم هزّه بعنف جراء هزة أرضية، فانتثرت مكوناته على الطاولة مكونة الترتيب التالي: (اخاصيهرانؤل،حهز@:غ)، فإن أحدا لن يعير هذه الحروف انتباها، ولن يحفل بها، بينما لو نظرت إلى طاولة فوجدت الحروف عليها منتظمة لتشكل جملة مفيدة، مثلا: (الإنسان كائن ذكي يعيش على الأرض)، فإن أحدا لن يفكر للحظة أن هذه الجملة نتجت عشوائيا عن هزة أرضية نثرت الحروف على الطاولة، وذلك لأن الجملة عبرت عن فكرة ذكية في الذهن ترجمت عبر صف الحروف والكلمات إلى جانب بعض بشكل يؤدي ذلك المعنى، ذلك هو التصميم الذكي، حسنا، فماذا عن مصيدة الفئران، في أبسط تصميم لها تتألف من قضيب تثبيت، ومطرقة تضرب الفأر حين اصطياده، وقطعة جبن فخا للفأر، ونابض (زمبرك)، ومنصة خشبية، ومثبتات تثبت كل هذه الأجزاء بعضها مع بعض. هل لو أزيلت منها أي قطعة تنفع في صيد الفئران؟ هل من الممكن أن تكون نشأت #صدفة؟ لا يمكن أن تلقي قنبلة على مجموعة أخشاب فتنتج لك مصيدة للفئران متكاملة الأركان! لا شك أن مثل هذا يمثل نظاما مبنيا من مجموعة من الأركان أو العناصر، كل واحد منها يؤدي غرضا يؤازر وظيفةَ ركنٍ آخرَ يؤدي غرضاً آخرَ، وفي المجموع كل عناصر هذا #النظام تؤدي غرضا معينا دقيقا، بحيث لو أزلت أي ركن منها أو أي عضو، لفسد النظام العام، ولم تؤد الغرض الذي لأجله وضعت! وكل ركن أو عضو منها إذا وجد لوحده لم يؤد الغرض أو الغاية أو الهدف، لا بد أن تجتمع كل العناصر معا في الوقت نفسه وفي تصميم ذكي يضع وظيفةً وارتباطاً لكل واحد منها مع الآخر بشكل منظم دقيق، هذا هو التصميم الذكي. هل يمكن أن ينشأ هذا التصميم الذكي المعقد من مادة صماء بكماء عمياء لا عقل لها ولا وعي ولا ذكاء ولا تخطيط، بمحض الصدفة؟ أو جراء تطور زمني، لم يصاحبه أي نوع من معرفة الغاية الذي يجعل أركان هذا النظام تتآلف معا لتؤدي تلك الغاية، وتتوزع الأدوار بدقة وتكامل لتصب في تحقيقها؟! لا يمكن أن تفكر الأعضاء الصماء غير الذكية في النظام الذي يجمعها لتأدية غاية، لا يمكن أن يقرر الزنبرك أنه بحاجة لخشبة ومسمار يثبته كي يصلح لصيد الفئران! في الطبيعة ملايين الأنظمة الدقيقة التي تعمل على هذه الشاكلة نفسها، ولا يمكن أن تكون نتاج تصميم أعمى غير عاقل! السمع مثلا: تصل الأمواج الصوتية إلى الأذن الخارجية، وتتجمع في الصيوان، وتسير عن طريق القناة السمعية إلى الطبلة، ووظيفة هذه الأجزاء هي التقاط الذبذات الصوتية وتوجيهها نحو الأذن الوسطى والداخلية، كما أنها توفر الحماية للأجزاء الحساسة من #النظام السمعي. يتميز غشاء الطبلة بأنه دقيق مرن يقفل القناة السمعية، ويوجد في نهايتها، والطبلة محمية من الجفاف بواسطة تزييت مستمر بمساعدة غدتين شمعيتين تفرزان الشمع وهو مادة دهنية. وعندما تدق أمواج الصوت على الطبلة تتذبذب الطبلة ذبذبات تناسب الموجات الصوتية تماما. خلف الطبلة توجد الأذن الوسطى، وهي تشبه حجرة صغيرة بحجم حبة الفاصوليا. في هذه الحجرة توجد ثلاث عظمات صغيرة وهي العظمات السمعية، وبسبب أشكالها تدعى العظمات بالمطرقة والسندان والركاب (الكعبرة). وتتصل المطرقة بالطبلة، يليها السندان، فالركاب، والركاب يتصل بالأذن الداخلية في نافذة بيضاوية في كبسولة عظمية للأذن الداخلية، عظام السمع تُكَبِّر الذبذبات وتحولها من الطبلة إلى الأذن الداخلية. ومن الضروري أن تعمل هذه العظام كسلسلة من الأذرع الناقلة للاهتزازات (الذبذبات) التي جاءت من الطبلة، تعمل هذه الاهتزازات على تحريك السائل القاسي في الأذن الداخلية فينقلُ هذا السائلُ في الأذن الداخلية تلك الذبذبات. إن أنبوب استاكيوس هو جزء من #الأذن الوسطى وله وظائف غاية في الخطورة إذ يتصل بالحلق للسماح للصرف وتبادل الهواء! وهذا يحافظ على ضغط الأذن الوسطى مساوياً لضغط الهواء الخارجي، فيتزن الجسم! تتكون الأذن الداخلية من جزأين متصلين، ثلاث حلقات تسمى القنوات نصف الهلالية، وهي تساعدنا في الحفاظ على توازننا (وهذا هو النظام الدهليزي)، كذلك توجد القوقعة وهي تشبه بيت الحلزونة، وهو العضو الحسي في نظام السمع؛ في القوقعة المملوءة بذلك السائل الذي سبق ذكره والذي يتحرك عن طريق اهتزاز النافذة البيضاوية، وفيه توجد شعيرات السمع (خلايا الشعر) وهي شعيرات صغيرة مشدودة كالأوتار. في أعماق الأذن، توجد خلايا متخصصة تسمى "خلايا الشعر" تستشعر الاهتزازات التي في الهواء، وبسبب الذبذبات التي تحرك السائل المهتز تنشط خلايا الشعر الصغيرة داخل القوقعة، أي أن ذبذبات السائل أطلقت ذبذباتٍ بشعيرات السمع، متناسبة مع تلك الذبذبات. تحتوي خلايا الشعر هذه على كتل صغيرة من النتوءات الشبيهة بالشعيرات tiny clumps of hairlike projections التي تسمى، ستيريوسيليا stereocilia، والتي يتم ترتيبها في صفوف بناء على الارتفاع، كل مجموعة بحسب ارتفاعها، ثم التي تلي وهكذا، تتسبب الاهتزازات الصوتية في انحراف الاستريوسيليا قليلاً، ويعتقد العلماء أن #الحركة تفتح مسامات صغيرة تسمى قنوات أيون، مع اندفاع الأيونات الموجبة الشحنة في خلية الشعر، وحيث إن شعيرات السمع متصلة بأطراف الأعصاب، هذه الذبذات أو الأيونات المشحونة تنقل الإحساس السمعي على صورة إشارات يتم تحويل الاهتزازات الميكانيكية فيها إلى إشارة كهروكيميائية عبر العصب السمعي إلى مراكز #السمع في الدماغ ومن هنا ينقل الإحساس السمعي، ويترجم مركز السمع #الذبذبات التي التقطتها الآذان إلى أصوات مفهومة، يتم تحليلها وتفسيرها في الدماغ! وإضافة إلى ذلك فإن الشعيرات السمعية هذه تحمي الأذن من الأصوات ذات الذبذبات المرتفعة جدا، من خلال عملية تسمى "التكيف"، adaptation، تقوم الأذن بتعديل حساسية قنوات الأيون الخاصة بها لتتناسب مع مستوى#الضوضاء في البيئة المحيطة، فعندما تغط في نوم عميق مثلا تتحول الأذن إلى مضخم الصوت لسماع الأصوات الأكثر نعومة، بينما في الصباح حين تبدأ الضوضاء تجد الأذن على العكس تماما، تعيد ضبط مستوى حساسيتها حتى تتكيف مع مستويات الضجيج دون أن تؤذي الأذن![1] وكما تعلم، فإن هذا يمثل التصميم المعقد لنظام متكامل بالغ الدقة المتناسبة مع طبيعة الموجات الصوتية كي تنقل تلك الموجات بشكل يحافظ على ذبذباتها، واهتزازاتها، وأطوالها الموجية، فينقلها كما هي، ليصلح تفسيرها في #الدماغ، فيؤدي النظام ككل وظيفة بالغة التعقيد والدقة، وكل جزء فيه يؤدي وظيفة محددة تخدم#الوظيفة الكلية للجهاز، وتنسجم مع الغاية من نقل الذبذبات بدقة بالغة، بل ويتعدى ذلك إلى الحفاظ على توازن جسم الكائن الحي ككل، وتتكامل مع الأعضاء الأخرى وتخدم بعضها بعضا لأداء وظيفة الجهاز السمعي، وهكذا. فهل يا ترى، قامت الحياة صدفة أو بشكل تلقائي؟ للإجابة وللإطلاع على بقية المقال، اضغط هنا: http://www.hizb-ut-tahrir.info/…/sp…/articles/cultural/56911
    2 points
  27. السلام عليكم . ما اقصده من المحدوديه ان تحول العصا لحيه انه لا يوجد ادنى شك في تدخل رب الارباب بتحويلها من حال الى حال فان تغيير الماده لماده اخرى هو المعجز وسلب خاصية القطع من السكين هو المعجز كذلك سلب خاصيه الحرق في النار وشفاء المرضى واحياء الموتى كلها تتحدث عن اعمال خارقه للطبيعه بل تأكد وجود خالق ومدبر للطبيعه يتحكم بها كيفما يشاء . واعتقادي ان القران معجز كونه خطاب الخالق العظيم مدبر الاكوان فليس خطابه كاحد وتوجيهاته للبشر خاصه مراعيا للخليقه ككل . فمع اختيار افضل الاساليب واحسنها متلازمه لصدق اخبارها بالماضي والحاضر والمستقبل وتعبيد طريق النجاة للبشر من تبيان ما هو موصل لرضوان الخالق وما هو منسلخ عنه لا سيما انه خطاب الشارع الواحد الاحد . يتبع ان شاء الله
    2 points
  28. بسم الله الرحمن الرحيم العلة الغائية عند الأشاعرة أي دارس للفكر الأشعرى لا يخفى عليه معرفة أن الأشاعرة قد نفوا تعليل أفعال الله، والمعنى المقصود هو العلة الغائية وهي الغرض والباعث والمؤثر، وهذا لأن لله تعالى الكمال المطلق وأنه المؤثر لا المؤثر عليه وأنه قادر على خلق النتائج دون توسيط الأسباب، وأنه ليس له حاجة فى شىء لأنه غنى عن المخلوقات جميعا ينطلق الفلاسفة والمتكلمون جميعا من معتزلة وأشاعرة وماتريدية، من مقررات تعريف العلة وأركانها كما وردت من الفلسفة الاغريقية وبالأخص فلسفة أرسطو، ويقسم أرسطو العلل إلى أربعة وهي: العلة الفاعلية والعلة الغائية والماهية والمادية. فوجود الشيء وتحققه في الخارج يحتاج إلى فاعل ومادة وصورة ومجموع هذا المركب تسمى علة تامة فالعلة الفاعلية: هي الشخص الفاعل أو صاحب الفكرة، مثال أن الله هو الخالق للكون والعلة الغائية: وهي الغاية أو الغرض وهو ما لأجله يصدر الفعل من الفاعل،مثال أن الله له غاية من وجود الكون قبل ايجاده والعلة الماهية: التصور الذهني لاجزاء الشيءأو هو الصورة او الهيئة للشيء والعلة المادية: الوجود الخارجي الحقيقي للشيء المحسوس ماديا فالعلة الماهية: هي المادة والصورة فقط، أما العلة للوجود الخارجة عن الماهية: هي العلة الفاعلة والعلة الغائية فالعلة الغائية هي الغاية والمقصد والمصلحة والحكمة والباعث على الحكم في الأفعال. والعلة الغائية متقدمة على الفعل في الوجود العلمي الذهني ومتأخرة في الوجود الخارجي الفعلي (النتيجة)، وهذه العلة هي المقصودة في التعليل بالحكم والغايات والمقاصد، أما العلة الشرعية فهي اقرب ما تكون إلى العلة الفاعلة وهي دالة على معنى التأثير وغير داخلة في ماهية الحكم. إذن اعتمد المتكلمون على معنى العلة وتقسيماتها من أرسطو وطبقوا هذا الأمر على أفعال الإله، وبالتالي نفوا وجود العلة الغائية في أفعال الله سبحانه وتعالى، انتفاء العلة الغائية عن افعال الله تعالى: الدليل الذي استند اليه المتكلمون عموما -والأشاعرة منهم- على نفي العلة الغائية هو دليل أو حجة الاستكمال فالإمام الفخر الرازي يقول: أن كل مَنْ فَعَل فعلا لغرض فهو مستكمل بذلك الغرض، والمستكمل بغيره ناقص بذاته وذلك على الله محال، وإما أن يكون الداعي هو الحكمة والمصلحة فالله قادر على تحقيقها دون توقف على وسائط. يقول د. محمد رمضان سعيد البوطي -وهو أحد أعمدة الفكر الأشعري في العصر الحديث- في كتابه كبرى اليقينيات الكونية: (فشعور الإنسان بالبرد توصله إلى الحاجة إلى الدفء، وهذه الحاجة هي غرض يحمل الإنسان على القيام بارتداء معطف ثقيل، فإذا فعل ذلك تحقق له الغرض المطلوب وشعر بالدفء. فتحقيق الدفء علة غائية وهي الحامل والباعث على الفعل وهي ماثلة في الذهن من قبل الفعل ولكنها تتحقق في الخارج بعده) فالمخلوق قد يدفعه البرد الى إيقاد النار ليصطلى بها أو يدفعه الجوع الى تناول الطعام ليصل الى الشبع، أما الإله فإنه مستغن بنفسه ولا يسعى ليسد نقصا أو يزداد كمالا، ونفى العلة- بهذا المعنى – عن أفعال الإله لا يعنى أبدا أن أفعاله عبثية غير مقصودة كانما أتت بها المصادفات، وانما تحدد الإرادة أفعال الله تعالى وسننه الكونية وشرائعه على نحو متسق وحكيم دون غرض أو باعث أو علة تتسلط على الإله، فإرادته تامة لا يشوبها أى معنى من معانى الجبر أو الحمل على ما لا يريد. الإمام الشهرستاني يقول: (ان الله تعالى خلق العالم ... لا لعلة حاملة له على الفعل، سواء قدرت تلك العلة نافعة له أو غير نافعة، إذ ليس يقبل النفع والضرر، أو قدرت تلك العلة نافعة للخلق إذ ليس يبعثه على الفعل باعث فلا غرض له في أفعاله ولا حامل، بل علة كل شيء صنعه) يقول البوطي: (صفة الارادة في ذات الله صفة تامة كاملة لا يشوبها أي جبر أو قسر، فلو قلت بأن الله أنزل المطر من أجل علة استهدفها، وهو ظهور النبات على وجه الأرض وأنها حاملة له على إنزال المطر -كما هو شأن العلة الغائية- فمعنى ذلك أنك تقول إن الضرورة هي التي حملته على الإمطار، إذ كانت هي الواسطة التي لا بد منها للنبات فالارادة متجهة اذا إلى الانبات أما الأمطار فإنها مشوبة بقدر كبير من الضرورة التي تنافي الارادة ، .... وهذا الاعتقاد في حق الباري جل جلاله كفر محض وأنه يتناقض مع مقتضى الألوهية تناقضا بينا). وأدلة من ذهب من المتكلمين كالأشاعرة إلى نفي التعليل هي نفس أدلة الفلاسفة، ألا أن المتكلمين متفقون على أن أفعال الله تصدر عن إرادته وعلمه فهي صادرة بالاختيار فلا شيء في أفعال الله تصدر وجوبا عن ذاته كما يقول الفلاسفة، حيث أن الفلاسفة يقولون بأن صدور وتولد المعلول عن علته التامة هو واجب تلقائي ضروري دون إرادة، وبالتالي قالوا بقدم العالم أي أن الوجود أزلي مع الله، لأن العلة الفاعلة وهي الله وجميع ما يلزم للوجود قد وجد منذ الأزل فالعالم موجود ضرورة منذ الأزل فهو قديم حسب اصطلاحاتهم، وقد كفرهم حجة الإسلام الإمام أبو حامد الغزالي على مقولتهم بقدم العالم. وقد خالف الماتريدية -من المتكلمين- الأشاعرة في قولهم بنفي العلل الغائية عن أفعال الإله، حيث أنهم عللوا أفعال الله بأنها لرعاية مصالح العباد. يتبع بمشيئة الله
    2 points
  29. أخي الكريم الموضوع المكتوب يهاجم النصرانية وحكام النصرانية سواء تحت مسمى الرأسمالية أو الحملات الصليبية أو الحكم الملكي الصليبي أو أي حكم آخر، فقد جر هؤلاء الدمار على العالم، وهذا هو الموضوع الأساس. أما موضوع التحليلات السياسية فليست دائما ضارة، فواقع حركة إسلامية (على حسب رأيي) خدعت الكثير من المسلمين لا بأس ببيان واقعها وان اختلفت الآراء في ذلك، ولا يعني ذلك أن تتناول الحركات كلها بالتحليل السياسي وفي كل وقت وحين فهذا ضار. على كل الموضوع يركز على حكم النصرانية وأنت اقتبست سطرين دار عليهما النقاش في هذا الموضوع، والأثر الضار الذي تركه تنظيم الدولة كبير ولا مانع من التطرق إليه، وللعلم من يحللون حقيقة تنظيم الدولة ليس حزب التحرير فقط [للعلم هذا رأيي وليس رأي حزب التحرير] بل تيارات وكتاب كثر وأصبح التحليل فيهم كبير جدا بحيث أصبح متداولا على ألسن الناس بشكل طبيعي جدا. وأعود لأقول أن الموضوع الأساس وما يجب أن يكشفوا هم حكام الغرب وحكام المسلمين الخونة بشكل رئيسي وأساسي للتغيير عليهم وإقامة حكم الإسلام على أنقاض عروشهم
    2 points
  30. السلام عليكم حياك الله أخي عبد الله بالنسبة لسؤالك أعلاه حول سبب الموت، فأود التنبيه أن مثال المطر ليس مني، بل هو ما ذكره الأشاعرة لتوضيح رأيهم في نفي العلة الغائية عن أفعال الله، ولأثبات أن الله يستطيع إنبات النبات دون حاجة للمطر كواسطة ضرورية أو سبب مؤثر مفروض عليه أما بحث سبب الموت فهو بحث مختلف عن بحث العلة الغائية، فما ذكرته من مثال قطع رأس انسان بأنه يؤدي إلى الموت حتما، فهذا مشاهد محسوس، ومثله اطلاق الرصاص على الدماغ أو القلب مباشرة، أو اتلاف أي عضو من أعضاء الإنسان الأساسية التي بدونها تنتفي الحياة من الجسم، فكل هذه الأمور توصل إلى الموت عادة كما يراها الناس ولذلك قال الشاعر المتنبي: من لم يمت بالسيف مات بغيره تعددت الأسباب والموت واحد هذا من ناحية الواقع المحسوس، ولكن من ناحية النصوص الشرعية فإنها أثبتت بالقطع أن الإنسان لا يموت إلا بأجله أي في الوقت الذي كتبه الله عليه، لذلك رأي الأشاعرة ورأينا أن الانسان يموت بسبب واحد وهو انتهاء الأجل. ومعنى انتهاء الأجل هو قبض ملك الموت لروح الإنسان عند وقت محدد كلف الله ذلك الملك به، أي أن سبب الموت هو نزع الروح من الجسد لا غير. وهذا يساوي أن سبب الحياة هو وجود الروح فالروح هي سر الحياة، فما دامت الروح في الجسد يبقى الكائن حيا وإذا قبضت هذه الروح مات الكائن. فسبب الحياة هو وجود الروح والموت يحصل عند انعدام السبب، أي أن الموت هو زوال ما كان سببا للحياة أي زوال الروح. فتصبح القضية هي كيف نوفق بين النصوص الشرعية القطعية حول سبب الموت بأنه نزع الروح من قبل ملك الموت عند موعد الكتاب المؤجل، وبين المشاهد المحسوس من أسباب يحصل عندها الموت كحز الرقبة؟ وقد قام الشيخ تقي الدين النبهاني رحمه الله في الجزء الأول من كتاب الشخصية الإسلامية بالتوفيق لهذا التعارض الظاهري بين الأمرين، من خلال تحديد معنى السبب وأن سبب الموت حسب الأدلة الشرعية واحد لا يتعدد، وأن حز الرقبة واتلاف القلب ليس هو السبب وإنما هو حالة من الحالات التي يحصل عندها الموت، والتفريق بين السبب والحالة هو المخرج الذي اعتمده الشيخ تقي الدين والأشاعرة . ومعنى كلام الشيخ تقي الدين هو لزوم التفريق بين سبب الحياة وشروط بقاء الحياة في الإنسان أو الكائن الحي. ومن خلال ادراكنا الواقعي لشروط بقاء الحياة في تاجسم نجد أنها تنقسم إلى شروط خارجية وداخلية: أما الشروط الخارجية فهي كالأكل والشرب والتنفس فكل منها شرط من شروط الحياة، وكذلك جميع الحاجات العضوية لأن عدم اشباعها يؤدي إلى الهلاك. وأما الشروط الداخلية اللازمة لبقاء الحياة فتتمثل في عمل منظومة أجهزة الجسم بشكل سليم، أي أن صلاحية الجسم الحي لدعم الحياة تكون من خلال اتصال الأعضاء الاساسية وعمل أجهزة الجسم بشكل سليم، وعدم تلف أي عضو ضروري كالدماغ والقلب والرئتين والكبد والجلد ... الخ. وفي حالة انعدام أي شرط من الشروط الداخلية أو الخارجية فإن ذلك يؤدي إلى عدم المشروط أي انعدام الحياة، لأن الشرط هو ما لا يلزم من وجوده وجود ويلزم من عدمه العدم، وبما أن جميع الشروط الداخلية والخارجية لازمة للحياة فإن انعدام أي شرط لازم منها يؤدي إلى عدم صلاحية الجسم كمنظومة لدعم الحياة، فيصبح وجود الروح التي هي سبب الحياة في الجسم وكأنه غير ممكن لاختلال أحد شروط اللازمة لفعالية السبب، فيحصل الموت عند ذلك لأن السبب والشروط لا بد منها كلها لبقاء الحياة، فإذا انعدم السبب حصل الموت وإذا انعدم الشرط حصل الموت ولكن انعدام الشرط يؤدي إلى تعطيل عمل وفعالية السبب أي يؤدي إلى الموت، فيكون السبب الحقيقي للموت هو خروج الروح وليس بسبب الجوع أو الخنق أو حز الرقبة، لأن كل هذه الأمور هي شروط للحياة وليست أسبابا والسبب الوحيد للحياة هو وجود الروح وسبب الموت هو نزع الروح لا غير. وهذه الشروط اللازمة للحياة هي ما سماه الشيخ تقي الدين بالأحوال فهي ظروف وأوضاع يحصل عندها الموت ولكن الشرط ليس هو سبب الحياة ولذلك ليس هو سبب الموت. طبعا هذا الكلام لا يقوله الشيخ تقي الدين حرفيا بل هذا توضيح وتفسير مني لمعنى كلامه، لأن الكثير من الشباب يعرفون الفرق بين الأسباب والشروط ويمكنهم التفريق بينهما، فكان ربط موضوع الموت بهذه الأمور (السبب والشروط) أوضح من ذكر موضوع الحالات, وخلاصة الأمر أن موضوع سبب الموت بقطع الرأس الذي ذكرته هو استشكال شرعي بين النصوص القطعية وبين الواقع المشاهد لحالات الموت، وقد تم حل هذا الإشكال بهذه الطريقة وأقر بصعوبة فهمها من الكتب التي عالجت هذا الموضوع. أما موضوع العلة الغائية فهو مختلف، فليس هناك نصوص تنفي علية أفعال الله تعالى وتعارضت مع الواقع كما في مسألة الموت، بل العكس هو الصحيح، فهناك أدلة ونصوص شرعية تثبت قطعا وجود غايات لأفعال الله كقوله تعالى: (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) وتثبت تعليل الأحكام الشرعية كما في قوله: (كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم) وغيرها الكثير وهي أدلة متضافرة تثبت ذلك قطعا. والحمد لله رب العالمين
    2 points
  31. خلاصة بحث موضوع العلة الغائية عند الأشاعرة جعل الأشاعرة من خصومة الفلاسفة وفرقة المعتزلة من المتكلمين الأساس في أبحاثهم، فكان الكثير من أبحاثهم هي ردود أفعال على مغالاة الفلاسفة والمعتزلة في الاندفاع وراء تبني الآراء الفلسفية اليونانية، وهذا ينطبق على أبحاث وجود الله وما وراء الطبيعة وابحاث صفات الله وأفعاله، ومسائل القضاء والقدر وخلق القرآن والرزق والموت وغيرها من أبحاث العقائد ولذلك نجد دفاع الأشاعرة عن الإسلام ووقوفهم بشكل حازم أمام تلك الموجة من التأثر بالفلسفة اليونانية، مما كان له الأثر في تخفيف الاندفاع وراء تلك الموجة، وهذا أمر يكتب لصالحهم، ولكن رأينا أن الأشاعرة قد انساقوا مع المتكلمين والمعتزلة في الرد على نفس الصعيد فوقعوا في أخطاء منهجية في طريقة التفكير، وقد ذكرها الشيخ تقي الدين النبهاني رحمه الله تعالى في كتبه وبوب عناوين خاصة في بحث طريقة المتكلمين ومنهجهم والرد على هذا المنهج وتصويبه بذكر مواطن الخلل ثم تحديد الرأي الصواب في الموضوع وفق منهجية إسلامية بناها بعد بحث عميق مستنير حول موضوع التفكير وتعريفه ومناهج التفكير، وتعرض كذلك لعلم المنطق والخلل فيه، وتعرض للمغالطات التي تصرف عن الحقائق ثم البحث في النصوص الأدبية والفكرية والتشريعية والسياسية. فالشيخ تقي الدين رحمه الله فكر -كما يقال- خارج الصندوق، ورفض الانجرار وراء أبحاث الفلاسفة والمتكلمين، فلم يبحث مسألة خلق القرآن ولم يبحث في الكثير من متعلقات صفات الله، وقد ذكر الشيخ تقي الدين موضوع تعليل أفعال الله بغرض، في مبحث مقاصد الشريعة في أصول الفقه، ضمن الجزء الثالث من كتاب الشخصية الإسلامية، وذكر وجود أكثر من رأي في هذا الموضوع ضمن أبحاث علماء التوحيد، ولكنه لم بعطي رأيا في الموضوع وإنما ذكر أن هذا المبحث ليس من مباحث أصول الفقه وإنما هو من المباحث المتعلقة بالعقائد وبصفات الله لا بالشريعة، لذلك لا محل له في أصول الفقه ولا في الفقه ولا علاقة له بالعلة الشرعية... لعدم انطباقه ولتباين الموضوعين موضوع صفات الله وموضوع العلة الشرعية والأحكام الشرعية. أما في بحثنا هنا في موضوع نفي العلة الغائية عن أفعال الاله عند الأشاعرة، فقد ذكرنا وشخصنا بشكل واضح لا لبس فيه المقصود بالعلة الغائية، والفرق بينها وبين السبب والغاية والإرادة والفعل والحكمة، وقد بينا فيه معنى العلة الغائية وأنها هي السبب الباعث على وجود المشكلة أو الحاجة وأن هذا يستلزم وجود أمر لا إرادي (جبري) يؤثر في الإنسان، وأن اثبات هذا الأمر لله -أي العلة الغائية في أفعاله- يستلزم وجود الحاجة والاضطرار والجبر في أفعال الله، وهذه صفة نقص أو كما يسميه الأشاعرة بالاستكمال، ولذلك توصلنا إلى أن العلة الغائية بهذا المعنى منفية قطعا عن الله سبحانه لأن من أهم صفاته أنه كامل غير ناقص وأنه صمد أي غير محتاج. لذلك فاستناد الأشاعرة والمتكلمين لهذا الدليل هو في محله ولا اشكال فيه. أما الشق الثاني من دليل الاستكمال وهو خلق الله لما يريد دون وسائط، فالموضوع فيها مختلف فهو لم يعد البحث في أن الله محتاج في ذاته إلى شيء وتوسل بالأسباب أو الوسائط لتحقيق ذلك، بل الموضوع أن الله أراد أن يتحقق سد حاجات مخلوقاته بواسطة أسباب معينة، فلا يشكل هذاالأمر أية مشكلة ولا نقصا في ذاته، بل هذا النقص يثبت لهذه الأشياء لأنها محتاجة لغيرها، وهذا هو بالضبط دليل الاحتياج الدال على وجود الله، ويستدل المتكلمون أنفسهم على وجود الله بدليل العناية ودليل الحكمة والتناسق وهو ما يسميه الغربيون (العلة الغائية)، ودليل العناية هو ما يثبت أن الله خلق الأشياء لينتفع بعضها من بعض، وأن تكون سببا في تحقيق حاجات الإنسان بالتسخير. وهذه هي عناية الرب سبحانه بمخلوقاته، وبهذا نرى أن الإشكال الموجود عند الاشاعرة في موضوع السببية والعلية والوسائط الضرورية قد تم حله. وكذلك تم النفريق بين الغاية والعلة الغائية، وأن نفي الغاية والقصد في الأفعال يقتضي العبثية، وإثبات وجود غايات للأفعال لا يستلزم أية إشكالات تتعلق بدليل الاستكمال الذي يستند اليه الأشاعرة في نفي العلة الغائية، فإثبات وجود غايات لأفعال الله هو نفي للعبثية عنها، لأن الغاية تابعة للقصد والإرادة، فإذا اثبتنا أن الله مريد فيكون ما يفعله مقصود لحكمة والأمر المقصود هو الأمر الذي تكون له غاية. والمريد الحكيم هو من تكون ارادته وغاية أفعاله مطابقة تماما لما ينتج عن هذه الأفعال من آثار وثمار. ولنضرب مثالا آخر من القرآن غير المذكور سابقا على وجود الغاية من أفعال الله قبل وجود الأشياء، وهو قوله تعالى في سورة البقرة (إني جاعل في الأرض خليفة). فالله أراد خلق خليفة في الأرض وهو آدم وذريته، وأخبر الملائكة عن هذه الغاية قبل خلق آدم، ثم خلق الله آدم وعلمه وجعل له الاختيار في أن يعبده (تسبيح الله والتقديس له)، فالعبادة هي الغاية وهي المقصد من خلق بني آدم قال الله تعالى: (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) والعبادة هي الحكمة الناتجة من خلق الإنسان ولكن هذه الحكمة قد تتحقق وقد لا تتحقق، والعبادة هي الغاية من خلق الإنسان ككائن مخير وله إرادة خاصة، وهذه الغاية موجودة في علم الله وأخبر بها الملائكة قبل أن يخلق آدم. ولذلك يجب الانتباه إلى أن النقص قد دخل من قصر البحث لدى الأشاعرة -في موضوع نفي العلة الغائية- على صفة الإرادة والقدرة لله وإغفالهم علاقة الصفات الأخرى بأفعال الله، وهي صفة العلم وصفة الحكمة، فصحيح أن أفعال الله تتعلق بارادته ولكنها تتعلق بعلمه وبحكمته أيضا، ولا يمكن فصل أفعال الله عن جميع صفاته أما موضوع السببية والوسائط التي ينكر الأشاعرة تأثيرها في الأشياء، بل يهربون من ذلك بالقول بالسببية الجعلية فهذا الأمر هو تشكيك في بدهيات العقول وفي الواقع المحسوس وهو تأويل لا داعي له ولا محل له، لأن خالق الأشياء والطاقة السببية المؤثرة فيها هو الله كما أنه خلق القوانين والنواميس والسنن وجعلها متحكمة في الكون والحياة والإنسان، وقد ذكرنا أن الأسباب تؤثر في غيرها بفعل الطاقة السببية التي تكتسبها من غيرها، وهذه الطاقة السببية ليست ذاتية ولا ضرورية في الأشياء بل هي سلسلة من الأسباب المؤثرة تنتهي عند مسبب الأسباب وهو الله تعالى. فالخلل في تصور السببية الجعلية آت من بحث مسألة خلق الأفعال، ولكن الموضوع ليس موضوع خلق التأثير وخلق التغيير عند وجود فعالية الأسباب، وإنما المسألة هي مسألة تغيير وتحويل وتبديل في الأشياء وليست مسألة خلق الفعل من العدم، فالفعل عرض لجوهر موجود وهي غير مستقل بذاته عن الأشياء، لذلك لا يقال خلق الفعل بل الخلق يكون للأشياء، وهذه هي نفس اشكالية نظرية الكسب الأشعرية في موضوع خلق الأفعال ردا على المعتزلة في موضوع القضاء والقدر، فالأشاعرة يقولون بأن العبد كاسب والله هو الفاعل وكما يقال في المثل القديم "أدق من كسب أشعري" تعبيرا من القدماء عن صعوبة فهم وتصور وادراك مسألة الكسب عند الأشاعرة. وبهذا حلت مشكلة السببية التي كانت تؤرق الباحثين في فكر الاشاعرة فالحمد لله على نعمة الهدى والرشاد ومنهجية الفكر المستنير بنور القرآن، والبعيد من التأثر بمنطق الفلسفة الاغريقية والله الموفق وعليه التكلان
    2 points
  32. السلام عليكم ورحمة الله ثالثا: واقع العلة وعلاقتها بالسبب والغاية والإرادة والفعل والحكمة العلة من ناحية اللغة تأتي بمعنى التكرر والعائق والضعف فى الشيء والسبب، فهي في اللغة لفظة قريبة من معنى السبب. ولكن يتضح من معانيها اللغوية أنها العائق أي السبب المعيق ومن معانيها علة المريض وهي سبب الضعف فيه أي سبب المشكلة التي حدثت في جسم المريض بعد أن كان صحيحا. أما من ناحية عقلية فتطلق العلة على السبب، ولكن النظرة إلى العلة تكون بشكل أوسع، بحيث تشمل الأسباب والشروط اللازمة لحصول الأعمال مع انتفاء الموانع والمعيقات، وعندها يطلق عليها العلة التامة ، وبالتالي هناك علاقة بين العلة والسبب بين اللغة والعقل. ومن ناحية الفلسفة الاغريقية وبالأخص فلسفة أرسطو-كما ذكرنا أعلاه-، فهو يقسم العلل إلى أربعة وهي: العلة الفاعلية والعلة الغائية والماهية والمادية. فوجود الشيء وتحققه في الخارج يحتاج إلى فاعل ومادة وصورة ومجموع هذا المركب تسمى علة تامة. والعلة الغائية هي الغرض أو هي ما لأجله يصدر الفعل من الفاعل أي هي الباعث على الحكم في الأفعال. والعلة الغائية متقدمة على الفعل في الوجود العلمي الذهني ومتأخرة في الوجود الخارجي الفعلي (النتيجة)، وهذه العلة هي المقصودة في التعليل بالحكم والغايات والمقاصد. إذن اعتمد المتكلمون على معنى العلة وتقسيماتها من أرسطو وطبقوا هذا الأمر على أفعال الإله، وبالتالي نفوا وجود العلة الغائية في أفعال الله سبحانه وتعالى. أما العلة الشرعية فهي اقرب ما تكون إلى العلة الفاعلة وهي دالة على معنى التأثير وغير داخلة في ماهية الحكم. أما العلة في أصول الفقه مختلفة عن السبب، فالسبب هو علة قاصرة غير مؤثرة في الحكم، وإنما هي فقط أمارة وعلامة لوجود الحكم الشرعي، أما العلة فهي الباعث على الحكم وهي مؤثرة في هذا الحكم. فدلوك الشمس سبب لصلاة الظهر وهي علامة على دخول الوقت ووجوب وجود الصلاة، ولكنها غير مؤثرة وليست الباعث على حكم الصلاة، أما الإلهاء عن صلاة الجمعة فهي علة للنهي عن التجارة والبيع وقت صلاة الجمعة، ويقاس عليها مثلا النهي عن اجراء العقود وعقد الصفقات وكل ما يلهي عن صلاة الجمعة، فالعلة هنا مؤثرة في الحكم وتدور معه وجودا وعدما. أما علاقة العلة بالغاية والحكمة، فالعلة الغائية هي العلة الباعثة على وجود الأفعال وما يتعلق بها من غايات وحكم، فالغايات تتأخر عن العلل الغائية في الذهن، ولكن الغايات تسبق الأفعال في الوجود العلمي الذهني، ومتأخرة في الوجود الخارجي الفعلي (النتيجة) فالحكمة هي ما ينتج عن الفعل من مصالح ومنافع بعد حصوله. ومن أجل أن نفهم العلة الغائية والغاية والحكمة، لا بد لنا من تصور ما يحصل في ذهن الإنسان قبل القيام بالفعل وبعده وذلك يكون على مرحلتين: المرحلة الأولى هي تشخيص وفهم المشكلة، ثم المرحلة الثانية وهي حل المشكلة. فالموضوع متعلق بالتفكير في المشكلات والحاجات لدى الإنسان، حيث أن لكل مشكلة أسباب ولها نتائج (مسببات)، فالمرحلة الأولى يتم فيها تشخيص المشكلة من خلال تحديد الظواهر الناتجة عنها أي نتائجها وآثارها، وإذا تم تحديد آثار المشكلة يتم الانتقال إلى تحديد سبب المشكلة وهو ما يسمى بالعلة الغائية أي السبب الباعث على حصولها أو هو السبب المؤثر أي المثير للمشكلة. وقد تكون المشكلة سببها حاجات الإنسان العضوية كالأكل والشرب والنوم وغرائزه كغريزة حب البقاء والنوع (الطاقة الحيوية)، فإذا لم تشبع هذه الحاجات فإنها توجد مشكلة. والمرحلة الثانية -بعد إتمام تشخيص المشكلة وفهمها ذهنيا-، هي سعي الإنسان إلى حل هذه المشكلة من خلال عكس الأسباب والنتائج، فيحول العقل نتائج المشكلة فتصبح غايات، فيما يحول أسباب المشكلة أو عللها الغائية إلى أسباب لحلها، وتكون أسباب الحل هي الأعمال السببية الموصلة إلى تحقيق الغايات، أي هي أفعال الإنسان المراد القيام بها وما يلزمها من شروط وأدوات مع التغلب على الموانع والمعيقات. ومن هنا نلاحظ الربط الواضح بين العلة الباعثة على وجود المشكلة وبين الغاية الماثلة في الذهن قبل القيام بالأفعال، فنتائج المشكلة تصبح هي الغايات المطلوبة والمقصودة لاحقا، وكذلك نلاحظ العلاقة ما بين نتائج الأفعال والعلة الغائية، فالعلة الغائية هي سبب حدوث المشكلة وهي نفسها السبب الفاعل المتخذ وسيلة لحلها ولكن بشكل معكوس. فالفعل الإنساني إذن هو السبب الفاعل للوصول إلى النتيجة المقصودة وهو معكوس السبب الباعث الذي أدى إلى حدوث المشكلة، أي أن العلة الغائية هي معكوس السبب الفاعل أي هي الفعل الذي أدى لحصول المشكلة ولكن بشكل معكوس، والفرق بينهما أن العلة الغائية تحصل بشكل لا إرادي ويكون الإنسان مجبرا فيه حيث يقع عليه دون إرادة منه، ولكن سبب الحل يكون بقيام الإنسان فعل إرادي.لحل المشكلة وعكس نتائجها. ولنأخذ المثال الئي ذكره البوطي أعلاه حيث قال: فشعور الإنسان بالبرد توصله إلى الحاجة إلى الدفء، وهذه الحاجة هي غرض يحمل الإنسان على القيام بارتداء معطف ثقيل، فإذا فعل ذلك تحقق له الغرض المطلوب وشعر بالدفء. فتحقيق الدفء علة غائية وهي الحامل والباعث على الفعل وهي ماثلة في الذهن من قبل الفعل ولكنها تتحقق في الخارج بعده. فلدينا حاجة عضوية عند الإنسان وهي المحافظة على طاقة حرارية مناسبة للجسم، وعند البرد يشعر الإنسان بارتعاش وقشعريرة وألم في الأطراف وانزعاج في الذهن فهذه تعتبر نتائج المشكلة، ويبحث ذهنيا عن سبب المشكلة فيجد أنه برودة الجو مع خفة اللباس الواقي لجسمه من البرد، ثم بعد ذلك ينتقل إلى المرحلة الثانية من التفكير لحل المشكلة، فيحول نتائج المشكلة إلى غايات فتصبح غايته هو عكس البرد أي وصول الدفء لجسمه واطرافه لايقاف الألم والقشعريرة، ويتم ذلك بعكس سبب المشكلة وهي هنا اللباس الدافئ، فيقرر أن الحل يكون بالأخذ بالأسباب أي بالقيام بفعل معين وهو لبس معطف ثقيل أو اشعال نار، وإذا أراد حل المشكلة وعزم على القيام بتحقيق الغاية المقصودة فإنه يأخذ بالأسباب فيتحقق له الغرض المطلوب والمقصود وهو الدفء فإذا حصل الدفء تكون النتيجة قد طابقت الغاية المقصودة، فيكون قد نجح في حل المشكلة التي حدثت لديه، فالنجاح هو مطابقة نتيجة الفعل السببي للغاية المقصودة التي كانت ماثلة في الذهن قبل القيام بالفعل. ومن خلال هذا التحليل نتعرف على أن العلة الغائية هي برودة الجو بالنسبة للحراة المناسبة لجسمه، وأن الغاية المقصودة هي الوصول إلى الدفء المناسب، وأن الفعل المطلوب هو لبس معطف ثقيل عازل عن البرد، وأن الإرادة والعزيمة توصله إلى البحث عن المعطف المناسب ثم لبسه حول جسمه، وأن النتيجة المتحققة هي دفء الجسم، فإذا تحقق له الدفء فيكون قد نجح في عمله وحقق غايته. فالعلل الغائية هي المثيرات الداخلية والخارجية التي تؤثر في الظروف والأحوال المناسبة لحاجات الإنسان وهذه العلل لا يتحكم فيها الإنسان بل هي أمور تقع في الدائرة التي تسيطر عليه ولا إرادة له فيها والله الموفق وعليه التكلان
    2 points
  33. السلام عليكم النقطة الثانية: اشكالية الابحاث المتعلقة بموضوع صفات الله عند علماء الكلام كان من أول الابحاث التي بحثها المتكلمون وبخاصة المعتزلة مسألة كلام الله وخلق القرآن، ومن هنا يرجع أصل تسمية علم الكلام والمتكلمين لأن أول ابحاثهم كانت مسألة كلام الله، وقد أثارت قضية خلق القرآن اشكالية كبيرة لدى المسلمين في العصر العباسي، وقد سجن الإمام أحمد بن حنبل وجلد بسببها، وتعرض الكثير من علماء المسلمين للتعذيب من جراء فرض الدولة العباسية رأي المعتزلة في مسألة خلق القرآن على الناس بقوة الدولة وبالإكراه، وانتهت هذه المحنة في زمن المتوكل على الله وتم بعدها اخراج الإمام أحمد من السجن، وفي الحقيقة لم يفد هذا البحث المسلمين في شيء وإنما أضرهم أكثر مما نفعهم. يذكر الشيخ تقي الدين النبهاني رحمه الله تعالى في كتاب الشخصية الاسلامية أنه مع مجيء المتكلمين وتسرب الأفكار الفلسفية دب الخلاف في صفات الله، بسبب بحث المعتزلة لعلاقة ذات الله بصفاته، فقالت المعتزلة أن ذاته وصفاته شيء واحد، أما أهل السنة -الأشاعرة- فقالوا أن صفات الله ليست عين ذاته، ثم بينوا معنى كل صفة من صفات الله الأزلية كالعلم والقدرة والسمع والبصر والارادة والمشيئة والكلام. والغريب -كما يقول الشيخ تقي الدين رحمه الله تعالى- أن نقاط الجدل التي اثارها المتكلمون هي عينها كان قد اثارها فلاسفة اليونان من قبل، وقد تصدى أهل السنة للمعتزلة بسبب اندفاعهم وراء الفلسفة اليونانية للتخفيف من هذا الاندفاع ووراء ما توصل اليه هذه الآراء من فروض نظرية وقضايا منطقية، ولكنهم وقعوا في نفس ما وقع فيه المعتزلة فردوا على الصعيد ذاته. فجميع الفرق الكلامية لم تدرك معنى العقل بالشكل الصحيح، هو السبب الذي افقدهم الضوابط والشروط اللازمة لصحة هذه الأبحاث، ولو ادركوا معنى العقل لما تورطوا في هذه الأبحاث الفرضية والنتائج المدرك أنها غير واقعية، بل هي أشياء ترتبت على أشياء أخرى فسميت حقائق عقلية، وهي في حقيقتها أبحاث فيما وراء الطبيعة والمحسوسات. وكذلك لم يميز المتكلمون بين طريقة القرآن في تقرير الحقائق وبين طريقة الفلاسفة في ادراك الحقائق. ولهذا كان بحث المتكلمين جميعا في صفات الله في غير محله وهو خطأ محض، فصفات الله توقيفية، فما ورد منها في النصوص القطعية ذكرناه بالقدر الذي ورد في النصوص ليس غير، فلا يجوز أن نزيد صفة لم ترد ولا أن نشرح صفة بغير ما ورد عنها بالنص القطعي, ومن أراد الاستزادة حول هذا البحث فعليه بمراجعة موضوع صفات الله في الجزء الأول من كتاب الشخصية الإسلامية. ولذلك نرى نتائج هذا المنهج المنطقي في البحث واضحة في بحث الأشاعرة حول العلة الغائية في أفعال الإله، فنرى تعرضهم لمعاني صفات الله وما يستلزم هذا البحث من فروض ونتائج غير محسوسة، فنراه بشكل واضح خصوصا صفة الإرادة وصفة القدرة، ويجصل من جراء ذلك استنتاجات ولوازم لا ضرورة لها، ولذلك وجب علينا الوقوف عند حد ما أثبتت النصوص لنا حول صفات الله، دون الدخول في استنتاجات منطقية لا دليل عليها. يتبع بمشيئة الله
    2 points
  34. بسم الله الرحمن الرحيم الإقدام أم العجز الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم وسار على دربهم بإحسان إلى يوم الدين. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. إخوة الإيمان: الأخذ بأسباب القوة, ترك العجز, عدم إيجاد أو افتعال الأعذار والمبررات، الاستعانة بالله سبحانه, وتفويض المقادير إليه , وكياسة المؤمن , كل ذلك جاء مشمولا في حديث النبي صلى الله عليه و سلم الوارد في مسند أحمد وصحيح مسلم. فعـَنْ أبي هـُرَيرَة َ رَضِيَ اللهُ عَـنهُ عَـن ِ النـَّبيِّ صلى الله عليه و سلم أنـَّهُ قالَ:( المُؤمِنُ القويُّ خـَيرٌ وَأحَبُّ إلى اللهِ مِنَ المُؤمِن ِ الضَّعيفِ , وَفِي كـُـلٍّ خـَيرٌ , احرصْ عَلى مَا يَـنفعُـكَ, وَاستعـِنْ باللهِ وَلا تعجَزْ وَإنْ أصَابَـكَ شَيءٌ فـَلا تـَقـُـلْ لـَو أنـِّي فعَلتُ كذا كانَ كذا, وَلكِـنْ قـُـلْ: قـَدَّرَ اللهُ وَمَا شـَاءَ اللهُ فعَـلَ, فإنَّ لـَو تـَـفتـَحُ عَـمَـل الشـَّيطـَانَ ). المؤمن القوي أيها الإخوة المؤمنون: هو من كانت عزيمته قوية , من كان قويا في إيمانه , قويا في عقيدته , قويا في عقليته ونفسيته , قويا في جسمه , قويا في عبادته و طاعته , قويا في امتثاله لأوامر الله, قويا في اجتنابه لما حرم الله. المؤمن القوي من كان أكثر إقداما على العدو , و أسرع من غيره في مواجهته والخروج إليه، مجاهدا إياه بسلاحه ولسانه وفكره كلما نادى المنادي للجهاد. المؤمن القوي من كان اشد عزيمة في الأمر بالمعرف والنهي عن المنكر, وأكثر جرأة وشجاعة في الصراع الفكري والكفاح السياسي . المؤمن القوي من كان أكثر صبرا ً على ما يصيبه من أذى في حمله الدعوة, يصبر على السجن والقمع والاعتقال والمطاردة والمداهمة ويتحمل المشاق, مشاق الغربة والحرمان من الوظيفة . المؤمن القوي من يتخطى الصعاب ويحطم الحواجز التي تعترضه أثناء القيام بحمل الدعوة. المؤمن القوي من تكون عزيمته قويه في العبادات وفي جميع الطاعات. بهذا يكون المؤمن القوي خيرا ً وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف العاجز عما يأتيه المؤمن القوي, والإيمان في الاثنين هو الخير الذي يحمد عليه الاثنان. إن من ضعف الإيمان أيها الإخوة بل من العجز أن يقول المؤمن بعد وقوع الحدث منه أو عليه والذي لا يرضى عنه أو يرضاه: لو أني فعلت كذا.... لكان أسلم و أجدى, كأن يقول لو هربت من العدو ليلة المداهمة, أو لو لم أسافر بالسيارة لما حصل لي ما حصل. إن هذا تمن ٍ, والتمني مثـل الحلم فهو هاجس وهو غير العمل والحركة, فالدنيا لا يعيشها المرء بالتمني. والدنيا تدوس بسنابكها العاجزين والقاعدين والضعفاء. و(لو) في اللغة حرف شرط غير جازم يفيد امتناع الوجوب (جواب الشرط) لامتناع الشرط وهي حرف امتناع لامتناع وهي التي تفتح للشيطان باب الوساوس. إخوة الإيمان: إن العبد لله, المخلوق له سبحانه, لا يعلم الغيب, حتى الأنبياء والرسل لا يعلمون الغيب إلا بوحي من الله تعالى, فكيف من كان دونهم؟ فلا يعلم أحد ما يقدر له ولا ما يريد الله أن يفعل له أوبه, فالمخلوق لا يطلع على علم الله, ولا يعلم قضاء الله ولا دخل له في إرادة الله ومشيئته. وإن خلاف المقدَر والذي قضى الله فيه قضاءه محال تماما ً. كذلك فإن ما يتمناه الإنسان بخلاف ما يحصل أو يحدث له بعد أن يكون قد تم ووقع محال أيضا . وكلام العبد فيه جهل وغباء, واسترضاء لنفسه بالكذب عليها. وهو ــ في الوقت نفسه ــ تكذيب بقدر الله, إن لم يكن اعتراضا على ما قدر له, ولذلك فإن لو تفتح الأبواب ليعمل الشيطان ما يقدر عليه. إخوة الإيمان: إن العبد المخلوق لله قاصر وعاجز , وحواسه كلها لا تبعد أكثر من مداها , فهو لا يعلم الغيب ولا يطلع على علم الله, ولا علاقة له فيما يقضي الله ويقدر, ولا دخل له في إرادة الله ولا في مشيئته سبحانه, وما عليه إلا الرضا والتسليم . عن ابن عباس رضي الله عنه قال: ( جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه و سلم فسأله أن يوصيه وصية جامعة موجزه فقال: لا تتهم الله في قضائه ). قال أبو الدرداء : إن الله إذا قضى قضاء أحب أن يُرضى به. وقال ابن مسعود: إن الله بقسطه وعدله جعل الروْح والفرح باليقين والرضى, وجعل الهم والحزن في الشك والسخط. فالرضا أن لا يتمنى الإنسان غير ما هو عليه من شدة ورخاء. إخوة الإيمان: لا يملك المؤمن إلا َّ أن يعمل آخذا بالأسباب, ويجتهد في اختيار وانتقاء ما هو أسلم و أنسب من أسباب, أما إذا وقع القضاء فلا رادَّ له إلا َّ صاحبه وهو الله تعالى, ولا سبيل للمؤمن إلى دفعه بعد وقوعه, وما عليه إلا أن يصبر ويحتسب ويتعظ مما حدث. إخوة الإيمان: ما يتمناه الإنسان في قوله: لو أني فعلت كذا لكان كذا ينفع ويجدي قبل وقوع القضاء, فهو من الأخذ بالأسباب, وأما بعد وقوعه فإنه لا يفيد, فقد وقع ما وقع وانتهى, ولا قدرة لمن وقع عليه أن يمنعه أو يدفعه؛ لذلك فإن عليه أن يستقبل ما وقع عليه بعزيمة ماضيه ونفس وثابة صابرة, وأن يدَارك كل ما من شأنه أن يخفف عنه وطأة ما حصل, وأثر ما وقع , فإن ما يتمناه الإنسان لا يفيد بعد وقوع القدر بل على العكس من ذلك, إنه يضر صاحبه ويوقعه في بوتقة العجز والضعف والارتباك, والله جل في علاه يلوم على العجز, ويمايز بين المؤمنين والأنبياء, ويحب الكيْس والمواجهة والمقاومة والإقدام. إخوة الإيمان: من الكياسة أن تأخذ بالأسباب التي من شأنها أن تفيدك في حياتك, وهذه هي التي تفتح عمل الخير, وترتب الأمور , وقد يكون فيها الخلاص والحل , وتخفيف اثر ما يقع من مكروه , والتنبه لما قد يحصل في المستقبل . إخوة الإيمان: إن القعود والركون إلى الأماني هو العجز والكسل اللذان هما وراء الهم والحزن والجبن وغلبة الأعداء , ومن باب العجز و الكسل يدخل الشيطان يوسوس , ويقود ويغري ويوقع في الشر والضلال, يدخل الشيطان فيتملك الإنسان, ويوجد له المبررات والأعذار على النكث , وقلة الحيلة والضعف والعجز وترك المقاييس الصحيحة ؛ فيمسي أو يصبح ضعيف الإيمان أو لا أيمان له والعياذ بالله . إخوة الإيمان: العجز والكسل والتعلل والانسياق وراء المعاصي يوقع في الهلاك , فمن يعجز عن الامتثال والطاعة تقوى عليه المعاصي والمنكرات ويقع فريسة عجزه وضعفه في الشر والموبقات التي يقول عندها :[ لو أني] حيث لا ينفعه ندم ولا تمن. إخوة لا إله إلا الله: إن أهم ما يصيب المسلم نتيجة العجز والكسل, الهم والحزن , وقد استعاذ منهما رسول الله صلى الله عليه و سلم عن أبي سعيد الخدري قال: (دخل رسول الله صلى الله عليه و سلم ذات يوم المسجد , فإذا هو برجل من الأنصار يقال له أبو أمامه , فقال: يا أبا أمامه , ما لي أراك جالسا في المسجد في غير وقت الصلاة قال : هموم لزمتني وديون يا رسول الله, قال: أفلا أعلمك كلاما إذا أنت قلته أذهب الله عز وجل همك, وقضى عنك دينك ؟ قال: قلت: بلى يا رسول الله قال : قل إذا أصبحت وإذا أمسيت: اللهم إني أعوذ بك من الهم و الحزن , وأعوذ بك من العجز والكسل , وأعوذ بك من الجبن والبخل , وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال. قال : ففعلت ذلك , فأذهب الله عز وجل همي , وقضى عني ديني ). إخوة الإيمان: الندم على الماضي السيئ الذي يذكره صاحبه يسبب له الحزن , والتحسب من المستقبل , والخوف منه مع أنه لم يقع بعد, ُيحدث له الهم والحزن وكلاهما من العجز الذي يقعد صاحبه عن العمل . لذلك فالمضي السيئ لا يدفع بالحزن ولا بالبكاء ولا بالتمني ولا بالتنديد والتشكي , بل بالرضا والحمد والصبر و الاحتساب و الإيمان بقدر الله , والاستعانة به عز وجل في درء ما هو حاصل والإفادة والاتعاظ بما حدث , والتنبه للمستقبل بالعزيمة والإقدام والأخذ بالأسباب , فإذا وقع ما لا قدرة للعبد على دفعه ولا اختيار له فيه فعليه بالصبر والاحتساب والاستعانة بالله, فلا يجزع ولا ييأس حيث لا ينفعه جزع ولا يأس ولا تبرم ولا سخط , بل إن هذا يضعف عزيمة الإنسان ويوهنه, ويحول بينه وبين الأخذ بالأسباب فيما ينفعه في المستقبل أو فيما يقع عليه, فيأخذ للأمور عدتها وأسبابها. فالمؤمن يؤمن بأن له ربا ً واحدا ً يرضاه في كل شيء, فيما يحب وفيما يكره, ويستسلم له, فإذا أحبه فيما يحب إذا أعطاه ما يريد , ولم يرضه فيما يكره إذا حرمه مما يحب, فهو بذلك لم يرضَ به ربا على الحالين, والله سبحانه لا يرضاه عبدا ً على الإطلاق, و سيوليه نفسه, ويكله إليها, قال تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ }الحج11 والمؤمن يرضى بقضاء الله إذا اعتـقـل أو سجن أو أوذي أو طرد من العمل أو نفي من الوطن, فيحمد الله ويصبر ويحتسب , ولا ييأس ولا يستكين, بل يقدم على الحياة, ويسارع إلى الجهاد ويديم العطاء ويستمر في الكفاح, فليس من دأب المسلم أن يقبل على الله إذا مسه الخير, ويحجم عن الله إذا مسه شر أو مكروه. قالَ تعَالى : (إِنَّ الْإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا (19) إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً (20) وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً (21) إِلَّا الْمُصَلِّينَ (22) الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ(23) ).( المعارج 19ـ23) أيها المؤمنون: إنه لا بلاغ إلى ما يريده العبد إلا بالله وحده , فهو الموصل و المعطي, وهو المانع الذي يصرف السوء, وإذا أراد الله لعبده أمرا هيأه له , وما على المؤمن إلا أن يخلص في عبوديته لله وأن يقوم بأعماله مخلصا فيها لله, آخذا بالأسباب التي يغلب على ظنه أنها تحقق له ما يريد. إخوة الإيمان: إن الله عز وجل لا يمنع العبد من أمر يسعى إليه خيرا ً كان أم شرا ً فالعبد هو الذي يختار الهدى أو الضلال, يختار منهما ما يريد, ولا تتدخل إرادة الله في ذلك , ولا علاقة للمخلوق بإرادة ربه, ولا الخالق سبحانه يستشير عبده عندما يريد أن يوقع به أو يرفع عنه أمرا, ولهذا لا ينبغي للعبد أن يعزي نفسه بقوله: لو أراد الله لي , أو لم يرد الله لي, فلا دخل للعبد بإرادة الله, ولا بعلمه, ولا بمشيئته سبحانه. إخوة الإيمان: إن العبد يشهد حكمة الله في عزته وقدرته, وفي رحمته وإحسانه , فعقوبته سبحانه تأديب وامتحان لعبده للرجوع إليه والتذلل له فهو سبحانه أعلم بمواقع الفضل والحرمان في عباده, فما ينبغي للعبد أن يبني أفعاله على علم الله الذي لا يعلمه, وأنى له أن يعلمه. إن الله عز وجل يريد من عبده أن يعمل بجد في هذه الحياة, قال سبحانه: {وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ }التوبة105 وقال: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ }الملك15 وقال عز من قائل: (وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى (39) وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى (40) ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاء الْأَوْفَى (41). ( النجم 39ـ 41 ) أمر الله عبده بالاستقامة, فإرادة الله من عبده أن يفعل, وإرادة الله من نفسه أن يعين عبده, ولا سبيل إلى الفعل إلا َّ بإرادة الله التي لا يملك العبد منها شيئا ً, فلا يلقي أفعاله على إرادة الله فيقول : لو أراد الله لي لفعلت, فهذا هو العجز و الضعف والكسل . وإذا أخذ العبد يبحث عن مبررات وأعذار ليقنع نفسه بعجزه وضعفه, فهو الجبن والبخل فيقع في قهر الضنك وذل العيش وغلبة الأحداث. قال صلى الله عليه و سلم : ( إن الله يلوم على العجز, ولكن عليك بالكيس, فإذا غلبك أمر فقل: حسبي الله ونعم الوكيل ). يفهم من هذا الحديث أن على العبد أن يفعل وأن يأخذ بالأسباب التي يكون فيها كيسا, فإذا عجز قال: حسبي الله. إخوة الإيمان: قضى رسول الله صلى الله عليه و سلم بين رجلين, فقال المقضي عليه لما أدبر: حسبي الله ونعم الوكيل. فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( رُدوا عليَّ الرجل , فقال : ما قلت؟ قال: قلت: حسبي الله ونعم الوكيل , فقال صلى الله عليه و سلم : إن الله يلوم على العجز ولكن عليك بالكيس, فإذا غلبك أمرٌ فقل: حسبي الله ونعم الوكيل). إخوة الإيمان: حمل سيدنا إبراهيم عليه السلام دعوة الله إلى قومه, آخذا بكل أسباب النجاح في دعوته, ولم يترك سببا ً يقدر عليه إلا فعله, فلما غلبه قومه وألقوه في النار , قال عندها حسبي الله ونعم الوكيل, فكان الله حسبه وكافيه , وترتب على مقتضاها قوله سبحانه: {قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلَاماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ }الأنبياء69 ورسول الله سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم الذي هو الأسوة والمثل الذي يقتدى به كان له موقف: بعد انصراف المسلمين من أحد قيل لهم إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم , فتجهز رسول الله ومن معه من المسلمين آخذين بالأسباب , وخرجوا للقاء العدو وقالوا: حسبنا الله ونعم الوكيل, فوجدوا القوم قد رحلوا. وقد سجل لنا القرآن الكريم هذا الموقف, فقال تعالى: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (173) فَانقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُواْ رِضْوَانَ اللّهِ وَاللّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ (174)} آل عمران وهنا قد يتساءل أحدكم: أيهما يسبق: التوكل على الله والحسبلة أم الأخذ بالأسباب؟ للإجابة نقول: التمني هاجس, والدعاء عبادة, والإيمان اعتقاد والتوكل من العقيدة,والسعي والأخذ بالأسباب واجب. فالتوكل على الله هو إقرار من المسلم بأن ما أعطي من قوة وقدرة وحواس تمكنه من الحركة والعمل هو من الله تعالى, ولولا ذلك لكان العجز التام, فإقرار المسلم ويقينه بهذا هو من الإيمان ومن العقيدة, ولذلك يَجـِدُّ في العمل ويخلص في السعي, ويبذل الجهد ما وسعه كيساً فطنا ً لماحا ً مستعينا في ذلك بالله عز وجل , فإن غلب الناس الدعاة , وتحجرت المجتمعات, وأوصدت أمامهم الأبواب, ولحق بهم الأذى من كل صوب, زادهم ذلك إيمانا فقالوا : حسبنا الله ونعم الوكيل. فالتوكل والإيمان عند المسلم يسبق الأخذ بالأسباب, ولا معنى للإيمان ولا للتوكل إن جاء بعد الأخذ بالأسباب , فسيدنا إبراهيم ويونس ومحمد وجميع الأنبياء والرسل ومن آمن معهم كانوا مؤمنين متوكلين, فلما دعوا أخذوا بالأسباب, والله تعالى يقول: {وَاتَّقُواْ اللّهَ وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ}المائدة11 أيها المؤمنون: إن التوكل والحسبلة بدون القيام بالأعمال والأخذ بالأسباب عجز وتواكل, فالمؤمن متوكل على الله مسبقا, مؤمن به مسبقا ً, وهو مأمور بالعمل , مأمور بالأخذ بالأسباب التي فيها الكيس, ومن الخطأ أن يجعل المسلم التوكل وحده سببا في حصول ما يهدف إليه, لأنَّ فيه تعطيلا للأسباب, وقعودا عن العمل, وفيه العجز والتفريط. وإن الأخذ بالأسباب دون التوكل هو انفراد العبد بقوته والركون إليها, حيث كبرت عليه نفسه ومنعته من الاستعانة بالله والتوكل عليه, وفي هذا يكمن ضعفه, ولله در القائل: إنْ لمْ يَكنْ عَونٌ مِنَ اللهِ لِلفتى, فأولُ مَا يَجنِي عَليهِ اجتهادُهُ وَتحرِّيهِ. فكمال القوة يكون في التوكل على الله مسبقا ً والأخذ بالأسباب تاليا. وبهذا ينتصر المسلمون بإيمانهم وتوكلهم على ربهم, وأخذهم بأسباب النصر, وإعداد العدة امتثالا لأمر الله عز وجل: {وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ }الأنفال60 والمزارع عندما يحرث الأرض يكون متوكلا ً على الله, مؤمنا ً بأنه ينزل الغيث , فيبادر إلى حرث الأرض وبذر الحب. هكذا تكون نظرة المسلمين الكيسين في جميع أفعالهم, فكيف بحملة الدعوة الذين يحرصون على ما ينفعهم عند ربهم من مثابرة وبذل أقصى ما في وسعهم وطاقتهم في الاجتهاد وفي حمل الدعوة مع الإخلاص الخالص لله تبارك وتعالى مبتغين من كل ذلك نوال رضوان الله عز وجل, عاملين بجد لعودة الإسلام إلى الحكم , لتكون كلمة الله هي العليا, وكلمة الذين كفروا السفلى, ولتكون العزة لله ولرسوله وللمؤمنين, {وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (4) بِنَصْرِ اللَّهِ يَنصُرُ مَن يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (5)} ( الروم ) إخوة الإيمان: ينبغي أن يحرص المسلم خصوصا حامل الدعوة على ما ينفعه عند ربه , بلزوم طاعته وامتثال أمره, واجتناب نهيه, والإكثار من النوافل تقربا إلى الله, فقد جاء في الحديث القدسي قال رسول الله صلى الله عليه و سلم فيما يرويه عن ربه: (ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه, فإن أحببته كنت سمعه الذي يسمع به , وبصره الذي يبصر به, ويده التي يبطش بها , ورجله التي يمشي بها , ولئن استعاذني لأعيذنه , ولئن سألني لأعطينه ). وينبغي على حامل الدعوة أن يستعين بالله وان يديم الصلة به وأن يكثر من الدعاء والتضرع إليه سبحانه, وألا يكل ولا يعجز ولا يضعف ولا يفرط. وفي ختام القول نضرع إلى الله العلي القدير أن يعلمنا ما ينفعنا , وأن ينفعنا بما علمنا وأن يزيدنا علما نافعا, ونعوذ بالله من شر ما استعاذ منه نبينا محمد صلى الله عليه وسلم, اللهم إنا نعوذ بك من الهم والحزن , ونعوذ بك من العجز والكسل, ونعوذ بك من الجبن والبخل ونعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال. اللهم اجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه, اللهم مكن لنا ديننا الذي ارتضيت لنا والذي هو عصمة لنا, اللهم اقر أعيننا برؤية راية العقاب تخفق في مشارق الأرض ومغاربها, اللهم أكرمنا بقيام دولة الخلافة واجعلنا من جنودها الأوفياء المخلصين. اللهم أحسن عاقبتنا في الأمور كلها, اللهم اجعل خير أعمالنا خواتيمها, وخير أيامنا يوم نلقاك فيه وأنت راض عنا برحمتك يا أرحم الراحمين. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
    2 points
  35. لماذا خلق الله الخلق... ليس السوال هذا بالمبتدع. و قد خاض فيه بعض المتصوفة و المتفلسفة من المسلمين. و الحقيقة ان اللبس في هذا ها البحث هو قياس الخالق، واجب الوجود، على البشر بتفكيره و افعاله و ارادته. و هذا القياس مغالطة باطلة اساسها محدودية العقل، فليس للعقل ادراك ذات الخالق و نصيبه ان يستدل على وجوده من وجود الموجودات. و هنا يخطئ البعض بمحوالة ملئ الفجوة بقياس الخالق على المخلوقات، و بالتحديد الانسان، و هذا تصور غلط. فيجب ازالة اي تصور بان الخالق كانه رجل في السماء يفكر و يريد و يفعل كالبشر؛ ليس الله كذلك. و من هنا فان السوال بـ"لماذا خلق الله الخلق" ليس سوالا ذا واقع. و الخوض فيه بناء على وهم. فالواقع هو ان الوجود موجود ولا واقع لعدم وجوده. فالسوال اذن لا يكون متعلقا بشيئ و لا يكون له معنى الا اذا صرف الى الواقع عملي و هو "ماذا يفغل المخلوق بوجوده" و لذا كان الجواب باننا نعبد الله و نعمر الارض. و من هنا كان الحديث عن الخالق، واجب الوجود، بصفاته و اسمائه كلها مردها في النهاية الى الواقع عملي و هي تصويرات و تقريبات للعقل فيما يتعلق بالمخلوقات، وليس خوضا ميتافيزيقيا عبثيا. اذ ان ذات الله لا تدرك و لا يحيط بها التفكير.
    2 points
  36. عضة الذبابة صلبه الظالمون على لوح وبدؤوا برمي السهام عليه وهو يضحكون، وكثير من السهام أصاب جسده ولكنه لم يقتله، وفجأة وقفت ذبابة على أنفه وعضته فبدأ بسب الذباب واليوم الذي جاء فيه الذباب وحزن لعضة الذبابة، وعندما طارت الذبابة فرح بشدة.هذا حال كثير من المسلمين يحكمون بغير شرع الله وثرواتهم تنهب والفقر يغزهم والقتل ميقات يومي لهم وحالهم من سيء لأسوأ وترى بعضهم حزين جدا لخسارة فريقه في كرة القدم أو لأن ابن بلده لم يربح في برامج الغناء.نسينا السهام الغربية والشيطانية التي تخترق جسدنا ليل نهار واهتممنا بعضة ذبابة وسط هذه الآلام .... وليت ما حزنوا عليه ذا فائدة.
    2 points
  37. أخي أبو شاهين مع تقديري لما تكتب من شعر لكن لندع هؤلاء الذين تخلفوا فلا حاجة لنا بذكرهم ولعلي أربط بين قصيدكم والجواب الأخير فالأمير لم يجب السائل إلا لما لمسه عنده من صدق ونوه أن الجواب لمثل هذه المواضيع لا يكون على العلن لكن لما اقتضى من صعوبة اللقاء فكان جهرا وعلني أكون لك من الناصحين بأن نكف ألسنتنا عنهم لانشغالنا بما هو واجب علينا من العمل للدعوة
    2 points
  38. الزيلعي ابو الياس قالوا عن حزبي متكبِّر يا حزبي خبِّرهم خبِّر خبِّرهم من ضحى دهراً صدّاحاً بالحق يُذكِّر أحيَيْتَ خلافةَ إسلامٍ في زمنٍ ماضٍ ومُبكِّر لولاكَ لما كانت تُذكر واضحةً بلسانِ مفكَّر بل كانت حلماً لا نهجاً في ذهنٍ مهزومٍ عُكِّر ذكِّرهم يا حزبي ذكِّر بدماءٍ خيِّرةٍ سطِّر ذكِّرهم سجناً وعذاباً أو نفياً من كيدِ المُخبِر قد طُفتَ تصارعُ أفكاراً فاتنةً بالكفرِ تُخدِّر فسلوا المجرم عبدالناصر أو قذافيْ ،من ذا يُنكر أو صداماً وعلي صالح حافظَ وخمينيَّ المُدبر وبقية حكامٍ هلكوا من قام بلا خوفٍ يُنذر؟!! صدُّوا دعوتهُ في مكرٍ واندثروا ، إياكَ تُكشِّر يا حزبي وحدتَ جموعاً قد هتفتَ للهِ تُكبِّر لم تعرض عنها مغروراً لم تقتل أحداً و تُكفِّر لم تؤتَ الامةُ من ثغرك كم دوماً كافحت لِتُبصر فادعوهم واصل لا تيأس ما أنت عليهم بمسيطِر والله المولى ناصرنا ولأهلِ الحقِ غداً يُظهِر عبد المؤمن الزيلعي
    2 points
  39. مفهوم المخالفة وحجيته * تنقسم دلالة اللفظ على المعنى إلى قسمين: مباشرة وغير مباشرة؛ فالمباشرة هي دلالة اللفظ على تمام المعنى أو على جزء منه ويطلق عليها المنطوق، وغير المباشرة هي لازم المعنى أو معنى المعنى ويطلق عليها المفهوم؛ فاللفظ له منطوق ومفهوم. والمفهوم أو لازم المعنى هو ما عناه المتكلم في مكان السكت، أي أنه عناه من غير نطقه مباشرة وهو إنما فهم من الخطاب؛ فإن كان موافقاً للمنطوق فهو مفهوم موافقة، وإن كان مخالفا للمنطوق فهو مفهوم مخالفة. يسمى مفهوم الموافقة أيضا بفحوى الخطاب أو تنبيه الخطاب، كقوله تعالى: "ولا تقل لهما أف" فالتأفف للوالدين هو المنطوق وسبابهما وضربهما هو المفهوم وهو موافق للمنطوق وهو التأفف فكان مفهوم موافقة. أما مفهوم المخالفة فيسمى أيضا لحن الخطاب أو دليل الخطاب كقوله صلى الله عليه وسلم: "في الغنم السائمة زكاة" -والسائمة: هي التي ترعى بماء المطر وعكسها المعلوفة- فمفهوم المخالفة هو أنه لا زكاة في غير السائمة؛ فغير السائمة مخالفة للسائمة. حجية مفهوم المخالفة اختلف الأصوليون في حجية مفهوم المخالفة؛ فأنكره الأحناف وتوسع الجمهور في دلالاته، أما الظاهرية فلم يأخذوا بالمفهوم ابتداءً. ومفهوم المخالفة ثابت في اللغة دون قرينة تدل عليه في أربعة مواضع فقط وهي: 1- مفهوم الصفة: وهو تعلق الحكم بالصفة كقوله صلى الله عليه وسلم: "مطل الغني ظلم" ومفهوم المخالفة أن مطل الفقير ليس بظلم. 2- مفهوم الشرط: وهو تعلق الحكم بالشرط كقوله تعالى: (وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّٰ) فمفهوم المخالفة أنهن إن لم يكن أولات حمل فلا نفقة عليهن. 3- مفهوم الغاية: وهو تعلق الحكم بغاية كقوله تعالى: "حتى يعطوا الجزية" فإن أعطوا الجزية فلا نقاتلهم. 4- مفهوم العدد: هو تعلق الحكم بعدد كقوله تعالى: "فاجلدوهم ثمانين جلدة" فلا يجوز جلدهم أقل ولا أكثر. وهذه الحالات الأربعة هي حجة لثبوتها في اللغة من دون قرينة، كما يعطل مفهوم المخالفة بوجود قرينة تعطله كقوله تعالى: "ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصنا" فالقرائن هنا تعطل مفهوم المخالفة؛ لأن البغاء حرام مطلقاً. أما إذا أحتمل اللفظ المخالفة وعدمها على حد سواء فإن القرينة هي التي تحدد أي المعنيين كالاسم واللقب والكنية والصفة غير المفهمة وكالاستثناء والحصر وظرفي الزمان والمكان وغيرهم؛ فهنا تسقط حجية المخالفة لاحتياجها إلى القرينة، فالقرينة تصبح هي الدليل لا المخالفة. * والله أعلم
    2 points
  40. لماذا الفيس بوك؟؟؟ • نشر الصور الشخصية المختلفة • نشر المناسبات الاجتماعية • نشر صور المنزل والأثاث • نشر صور الأطفال • نشر الصور العائلية • نشر الصور مع الأصدقاء • نشر صور الورود والأشياء الجميلة • نشر النكات • نشر آخر الأخبار الفنية والرياضية • نشر الفيديوهات المسلية • نشر الأحاديث والقران • نشر أخبار المسلمين • نشر قضايا سياسية • نشر.................... • ....................... • ..................... • ..................... • ....................... • ....................... أخي المسلم: لحظة من فضلك الفيس بوك وسيلة سخرها الله لنا، فإن أحسنا استخدامها أجرنا، وإن أسأنا استخدامها أثمنا، وهي وسيلة جيدة لتنشر عليها الخير (الإسلام) وتحارب الكفر، والنشر كما أراه درجات: • فالدعوة للخلافة وإعادة الحياة الإسلامية والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وكل ما يخدم الإسلام ويكشف جرائم الكفر ويبين فساد عقائد الكفر ويبين زيف سياساتهم اتجاه الإسلام، وأخبار المسلمين في العالم، وغيره مما يخدم قضية المسلمين المصيرية (الخلافة) هو الدرجة الأولى في النشر. • ودرجة ثانية أيضا من الخير وهي نشر أي خير لا يتعلق مباشرة بقضية المسلمين المصيرية مثل الآيات والأحاديث والأحكام الشرعية وما يخدم اللغة العربية، والقصص التي فيها عبرة لنا نحن المسلمين تقرب من الله وتحل المشاكل، والقضايا والمسائل العلمية المفيدة، وغيرها مما يفيد المسلمين في الدنيا والآخرة. • ودرجة ثالثة ينبغي "الإقلال أو الابتعاد" عنها مثل نشر الصور الشخصية والمناسبات الاجتماعية وما يحدث للشخص في الحياة اليومية، مما لا يفيد نشره القراء. • ودرجة رابعة هي درجة سفاسف الأمور التي تضرب شخصية المرء وتنزله من درجة الوقار والاحترام والهيبة إلى منزلة دنية وهي مثل نشر النكات والفيديوهات المضحكة والصور المسلية والأحداث الرياضية وغيرها مما هو في هذا الباب. • ودرجة خامسة لا يجوز للمسلم أن يفعلها مثل نشر صور المغنين والممثلين وكل الساقطين ونشر صور النساء الجميلات أو نشر كل ما يؤدي إلى إثارة الغريزة الجنسية، وغيره مما حرمه الله. • ودرجة إجرامية وهي نشر ما يخدم الكفر ويضلل المسلمين مثل الدفاع عن المجرمين حكام المسلمين أو الدفاع عن مشاريع الكفر أو الترويج لمشاريعهم، وهذه قد تحصل من الجميع وبالذات من طبقة الأذكياء في العادة الذين باعوا دينهم لقاء عرض دنيوي، ومن هذه الفئة المشايخ الذين يدافعون عن حكام اليوم. قد تكون هناك درجات ومواضيع أخرى يمكن تصنيفها، ولكن طرقنا أكثر ما رأينا أن نحث عليه وما رأينا أن ننهى عنه. http://naqed.info/forums/index.php?showtopic=4220&st=0&gopid=15637&#entry15637
    2 points
  41. تم الإعلان في الإعلامي كل عام و أنتم ومن تحبون بخير وإلى الله أقرب وعلى طاعته أدوم ولسنة رسوله ألزم وتقبل الله منا ومنكم الطاعات.
    2 points
  42. مثال: إطلاق اللحية فقد استدل القائلون بأن الأمر يفيد الوجوب على وجوب إطلاق اللحية. أما رأينا فإن الأمر لا يفيد إلا الطلب وهو يحتاج إلى قرينه تصرفه إلى الوجوب أو الندب أو الإباحة. والنظر في قرائن أحاديث إطلاق اللحية لا يجدها تصل إلى الجزم فهي طلب غير جازم، وفيها حث فهي ليست للإباحة، وهي تدل على الندب والله اعلم.
    2 points
  43. ( وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَىٰ قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ (20) اتَّبِعُوا مَن لَّا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُم مُّهْتَدُونَ (21) وَمَا لِيَ لَا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (22) أَأَتَّخِذُ مِن دُونِهِ آلِهَةً إِن يُرِدْنِ الرَّحْمَٰنُ بِضُرٍّ لَّا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلَا يُنقِذُونِ (23) إِنِّي إِذًا لَّفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ (24) إِنِّي آمَنتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ (25) قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ ۖ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ (26) بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ (27)) يس السؤال .. لم قال يا ليت قومي يعلمون بما غفر لي ربي وجعلني من المكرمين ؟
    2 points
  44. العقل بِدَايَةً نَطرَحُ التَّسَاؤُلاتِ الآتِيَةَ, ثُمَّ نُحَاوِلُ الوُصُولَ إِلَى الإِجَابَاتِ الصَّحِيحَةَ: مَا حَقِيقَةُ العَقلِ الذِي يُسنَدُ إِلَيهِ التَّشرِيعُ؟ وَمَتَى يَكُونُ حُكمُهُ قَطْعِيًا؟ وَمَتَى يَكُونُ ظَنيًا؟ وَمَتَى يَكُونُ خَيَاليًا لا يَجُوزُ الالتِفَاتُ إِلَيهِ؟ وَهَلْ هُنَاكَ عَقْلٌ مِثَالِيٌّ يُرجَعُ إِلَيهِ فِي إِصدَارِ الأَحكَامِ, فَيُعطِيَ أَحكَامًا ثَابِتَةً, وَغَيرَ مُتَنَاقِضَةٍ وَلا مُتَفَاوِتَةٍ وَلا مُختَلِفَةٍ؟ وَهَلْ هُوَ عَقْلُ زَيدٍ أَم عَمْرٍو؟ وَعِندَ اختِلافِ الأَحكَامِ لاختِلافِ العُقُولِ, فَأَينَ هُوَ الحَقُّ؟ وَهَلْ صَاحِبُ الحَقِّ يَتَّصِفُ بِصِفَاتِ الكَمَالِ؟ أَمْ يَتَّصِفُ بِصِفَاتِ العَجْزِ والنَّقصِ وَالاحتِيَاجِ, وَاتِّباعِ الهَوَى, وَبِالتَّالِي يَنعَكِسُ ذَلِكَ عَلَى تَشرِيعِهِ؟ وَلِلوُصُولِ إِلَى الإِجَابَاتِ الصَّحِيحَةَ نَقُومُ بِعَرضٍ لِوَاقِعِ العَقلِ فَنَقُولُ: العَقْلُ وَالإِدرَاكُ: مَعنَاهُمَا وَاحِدٌ هُوَ الكَيفِيَّةُ التِي يَجرِي وَفْقَهَا مُحَاكَمَةُ الوَاقِعِ وَإِصدَارُ الحُكْمِ عَلَيهِ, فَالعَقْلُ هُوَ آلِيَّةُ التَّفكِيرِ, ثَمَرَتُهَا الفِكْرُ, وَهُوَ إِصدَارُ حُكْمٍ عَلَى وَاقِعٍ يَتِمُّ عَلَى النَّحْوِ الآتِي: 1. الوُقُوفُ عَلَى الوَاقِعِ المُرَادِ إِعمَالُ الفِكْرِ فِيهِ, وَإِصدَارُ الحُكْمِ عَلَيهِ, وَتَسلِيطُ الحَوَاسِّ مِنْ سَمْعٍ وَبَصَرٍ وَغَيرِهِمَا عَلَيهِ. 2. نقَلُ الإِحْسَاسِ بِالوَاقِعِ إِلَى الدِّمَاغِ. 3. وُجُودُ الدِّمَاغِ الصَّالِحِ وَالقَادِرِ عَلَى الرَّبطِ وَالتَّحلِيلِ وَإِعمَالِ الفِكْرِ فِيمَا نُقِلَ إِلَيهِ عَبْرَ الحَوَاسِّ, كِدِمَاغِ الإِنسَانِ الرَّاشِدِ, فَلا يَصلُحُ دِمَاغُ الطِّفلِ قَبلَ البُلُوغِ, وَلا دِمَاغُ الحَيوَانِ أَوِ المَجنُونِ. 4. وُجُودُ مَعلُومَاتٍ سَابِقَةٍ مُخَزَّنةٍ فِي هَذَا الدِّمَاغِ عَنِ الوَاقِعِ الذِي جَرَى الإِحسَاسُ بِهِ لِيُفَسَّرَ هَذَا الوَاقِعُ بِحَسَبِهَا. وَمِنْ هُنَا يَتَبَيَّنُ لَنَا أَنَّ الإِدرَاكَ عِندَ الإِنسَانِ لَهُ أَركَانٌ أَربَعَةٌ مُحَدَّدَةٌ هِيَ: وَاقِعٌ مَحْسُوسٌ, وَنَقْلُ الإِحسَاسِ بِالوَاقِعِ إِلَى الدِّمَاغِ, وَدِمَاغٌ صَالِحٌ لِلرَّبطِ, وَمَعلُومَاتٌ سَابِقَةٌ عَنِ الوَاقِعِ. وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ نَستَطِيعُ أَنْ نَقطَعَ بِأَنَّ العَقْلَ مَجَالُهُ الوَاقِعُ المَحْسُوسُ, وَهُوَ الأَفعَالُ وَالأَشيَاءُ, وَإِنْ كَانَ الوَاقِعُ غَيبِيًا غَيرَ مَحْسُوسٍ لا يَقَعُ عَلَيهِ الحِسُّ فَسَيَقِفُ العَقْلُ عَاجِزًا عَنْ إِدرَاكِهِ وَإِصدَارِ الأَحكَامِ عَلَيهِ. وَمِثَالُهُ البَحْثُ فِي الغَيبِيَّاتِ, وَمَا يُسَمَّى "بالميتافيزيقا" أَيْ مَا وَرَاءَ الطَّبِيعَةِ فَالعَقلُ عَاجِزٌ عَنْ إِدرَاكِ مَا وَرَاءَ المَحسُوسِ, وَكُلِّ مَا يُتَوَصَّلُ إِلَيهِ مِنْ أَحكَامٍ عِندَ الفَلاسِفَةِ وَالمُفَكِّرِينَ هُوَ فِكْرٌ خَيَالِيٌّ لا يَرتَقِي إِلَى أَنْ يُسَمَّى فِكرًا, وَمِنْ جَانِبٍ آخَرَ لا بُدَّ مِنْ مَعلُومَاتٍ سَابِقَةٍ, فَالعَقلُ يَعجَزُ عَنْ إِدرَاكِ أَيِّ وَاقِعٍ لا يُوجَدُ لَدَيهِ مَعلُومَاتٍ سَابِقَةٍ عَنهُ. وَعَلَى سَبِيلِ المِثَالِ لَو عَرَضنَا كِتَابًا بِاللُّغَةِ العَرَبِيَّةِ عَلَى شَخصٍ مِنْ أَهلِ الصِّينِ لا يَعرِفُ اللُّغَةَ العَرَبِيَّةَ, وَلَيسَ لَدَيهِ مَعلُومَاتٌ سَابِقَةٌ عَنْهَا, فَلا يَستَطِيعُ أَنْ يُدرِكَ شَيئًا مِنَ الكِتَابِ العَرَبِيِّ. وَعَكْسُ المِثَالِ صَحِيحٌ, فَلَو عَرَضنَا كِتَابًا بِاللُّغَةِ الصِّينِيَّةِ عَلَى شَخْصٍ عَرَبِيٍّ لا يَعرِفُ اللُّغَةَ الصِّينِيَّةَ, وَلَيسَ لَدَيهِ مَعلُومَاتٌ سَابِقَةٌ عَنهَا, فَلا يَستَطِيعُ أَنْ يُدرِكَ شَيئًا مِنَ الكِتَابِ الصِّينِيِّ. هَذِهِ هِيَ حَقِيقَةُ العَقلِ, فَكَانَ لا بُدَّ مِنْ مَعرِفَةِ حَقِيقَتِهِ؛ لِنَعرِفَ مَتَى يَجُوزُ الرجُوعُ إِلَيهِ فِي الحُكْمِ عَلَى الوَاقِعِ, وَمَتَى لا يَجُوزُ. فَالحُكْمُ عَلَى الوَاقِعِ المَحسُوسِ يُمكِنُ الرُّجُوعُ إِلَى العَقْلِ فِيهِ, وَلا يَعنِي ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ حُكمُهُ صَحِيحًا صَادِقًا مَقطُوعًا بِهِ. وَأَمَّا الحُكْمُ عَلَى مَا لا يَقَعُ عَلَيهِ الحِسُّ, فَلا يَجُوزُ الرُّجُوعُ إِلَى العَقلِ فِيهِ وَلا بِأَيِّ وَجْهٍ مِنَ الوُجُوهِ, كَالحُكْمِ عَلَى ذَاتِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ, وَصِفَاتِهِ, وَسَائِرِ الغَيبِيَّاتِ. وَعِندَ النَّظَرِ إِلَى العُقُولِ عُمُومًا لا نَجِدُ عَقْلاً مِثَاليًا يُرْجَعُ إِلَيهِ. بَلِ المَوجُودُ عَقْلُ زَيدٍ وَعَمْرٍو وَغَيرِهِمَا, وَهُمْ مُتَفَاوِتُونَ فِي القُدْرَاتِ العَقلِيَّةِ وَالحِسِيَّةِ, وَمُتَفَاوِتُونَ فِي المَعلُومَاتِ وَالمُيُولِ الفِطرِيَّةِ, فَعِندَ الرُّجُوعِ إِلَى هَذِهِ العُقُولِ سَنَجِدُ الاختِلافَ الشَّدِيدَ فِي الأَحكَامِ وَسَنَجِدُ التَّنَاقُضَ, فَقَدْ يَرَى أَحَدُهُمُ التَّدَخُّلَ فِي شُؤُونِ الآخَرِينَ بَاطِلاً, وَيَرَاهُ آخَرُ أَنهُ عَمَلٌ عَظِيمٌ لإِنكَارِ مُنكَرِهِمْ, وَلِغَرسِ القِيَمِ الكَرِيمَةِ فِيهِمْ, وَلِنَقدِ أَعمَالِهِمْ وَتَوجِيهِهِمْ لِمَا يَرَاهُ صَوَابًا, وَقَد يَرَى قَومٌ الْمِثلِيَّةَ حَقًا لِلنَّاسِ, وَيَرَاهَا آخَرُونَ جَرِيمَةً. وَقَد يَرَى قَومٌ أَنَّ عُقُوبَةَ الإِعدَامِ عُقُوبَةً رَادِعَةً فِيهَا حَيَاةٌ لِلنَّاسِ, وَيَراهَا آخَرُونَ شَنِيعَةً بَشِعَةً وَهَكَذَا. وَعِندَ النَّظَرِ فِي الأَحكَامِ الصَّادِرَةِ عَنِ العَقلِ عَلَى الوَاقِعِ المُدرَكِ المَحسُوسِ نَجِدُهَا نَوعَينِ اثنَينِ: النوع الأول: أَحْكَامٌ قَطعِيَّةٌ, وَهِيَ الأَحكَامُ عَلَى الوَاقِعِ مِنْ حَيثُ الوُجُودِ, فَإِذَا وَقَعَ الحِسُّ عَلَى الوَاقِعِ يَكُونُ الحُكْمُ بِوُجُودِهِ يَقِينيًا صَادِقًا. كَمَنْ يَرى الشَّمسَ بِعَينَيهِ فَهُوَ يُوقِنُ بِوُجُودِهَا. النوع الثاني: أَحكَامٌ ظَنيَّةٌ عِندَمَا يَتَعَلَّقُ الأَمرُ بِحَقِيقَةِ الوَاقِعِ وَتَفسِيرِهِ, وَتعتَبَرُ هَذِهِ الأَحكَامُ صَحِيحَةً حَتَّى يَثبُتَ خِلافُ ذَلِكَ. كَمَنْ رَأى بِعَقلِهِ أنَّ الشَّمْسَ تَدُورُ حَولَ الأَرضِ, وَمَنْ رَأى أنَّ المَادَّةَ هِيَ مَا يَشْغَلُ حَيِّزًا وَلَهُ ثِقَلٌ.
    2 points
  45. التبريريونأناس كثر منتشرون بيننا يدافعون عن الباطل بعد انكشاف حقيقته، وطريقتهم في الدفاع عن الباطل هي التبرير؛ أي الكلام بلا دليل، وتأويل النصوص كما يشتهون، وتحريف نصوص أخرى، وإضافة نصوص من عندهم لا أصل لها، وإخفاء نصوص تتعارض معهم، وأحيانا يهاجمون الأشخاص إذا أفلسوا ويطعنون فيهم ويستهزئون بهم، هدفهم الدفاع عما يريدون حتى لو ثبت بطلانه، المهم أن لا يسلموا ببطلان أمرهم إلى الطرف الآخر.ليسوا أمرا حديثا، فهم موجودون منذ القدم، ومن أحب أن يتعرف عليهم فليقرأ قصص الأنبياء وسيجد هؤلاء الأشخاص دائما موجودين، وهم موجودون في كل العصور ومنه عصرنا الحاضر.والتبرير على أنواع:• أحيانا يبررون أفعال قادتهم ويهاجمون أفعال غيرهم، فان قام غير قادتهم بالتنسيق مع العدو قالوا عنه خائن وان فعلها قادتهم قالوا عنه محنك سياسي، وان اخذ غير قادتهم الربا قالوا عنه مرابي مجرم، وإن أخذها قادتهم قالوا عنها ضرورة تجيزها الأحكام الشرعية، وان عقد غير قادتهم صلحا مع يهود اعتبروه خائنا مجرما وان فعلها قادتهم قالوا اتفاقيات دولية لا بد من السير عليها، وهكذا التبرير واضح، فتراهم في نفس الفعل يهاجمونه من غيرهم ويمدحونه عند قادتهم.• التبرير لفعال القادة بغض النظر هل فعلها غيرهم أم لا، فان فعل قادتهم فعلا يشابه الأحكام الشرعية هللوا وكبروا وقالوا دليلنا القران والسنة، وان فعل قادتهم فعلا مخالف للأحكام الشرعية قالوا الضرورة والمصلحة، المهم أن قادتهم لا يخطئون أبدا.• التبرير لمن يوافقهم أو يوافق مشاريعهم والهجوم على من يهاجمهم، فمن وقف معهم فهو إنسان صالح لا ينبغي الطعن فيه أو الاقتراب منه ولحمه مسموم، وهو عالم تقي ورع لا يصدر منه خطأ وسياسي بارع محنك وقائد ملهم، وان حصل أن انقلب عليهم هذا الإنسان هاجموه بعنف وقلبوا صفحاته البيضاء عندهم إلى صفحات سوداء قاتمة، وأما من يعارضهم فشيء طبيعي أن يهاجموه وان يضعوا كل العيوب فيه.• إن حصل أن كانوا يأتون بأدلة لتبريرهم وحصل أن انقلب قادتهم عليها ولم يفلحوا بالإتيان بأدلة فيبدؤون بالسباب والشتائم والهجوم الشخصي على الطرف الآخر حتى يهربوا من النقاش.• من أنواع التبرير التغني بالبطولات الماضية والقديمة، حتى لو خانوا أصحابها القدامى، المهم أنهم يتغنون بتاريخهم النضالي والبطولي إذا أفلسوا ولم يستطيعوا الرد على الحجج المهاجمة لهم.• ومن التبرير أيضا إظهار عبادة وأخلاق القادة الذين يتبعونهم مقارنة بمجرمين، ليقال أن من صلى وصام وحفظ القرآن لا يمكن أن يكون خائنا.وسبب التبرير عندهم والله تعالى أعلى وأعلم:• الثقافة الخاطئة التي تعطى لهم والتي تركز على الأشخاص وتمجيدهم أكثر من الأفكار.• عدم التبني عندهم مما يجعلهم يتغيرون ويتلونون حسب الأحداث• قاعدة المصلحة والضرورة التي يبنون عليها آراءهم• الدعم المادي المقدم لهم من القيادة أو من الجهات الداعمة والذي يكون ثمنا لتبريرهم ودفاعهم• تربية الأفراد على أن الجهات الأخرى تحقد عليهم وتحسدهم مما يجعلهم ينظرون بعين الريبة لأي شخص يناقشهم• التركيز على البطولات وعلى الأعمال الخيرية لإقناع الأفراد بصحة المنهج• الشحن الحزبي والتعصب الأعمى لجماعتهم بناء على انه لا يوجد لديهم أفكار مقدسة، وإيهامهم أن الجماعات الأخرى تتربص بهم.• وإن كان من أشخاص عاديين فدافعه بالعادة الهروب من الالتزام بالحق والخوف على مصالحه الشخصية الدنيوية التي تهمه.• المكر الإعلامي بتزيين الباطل ومهاجمة الحق، مما يجعل الكثيرون ينساقون في طريق التبرير دون أن يعلموا أنهم ضحية السحر والمكر الإعلامي.• الرأي العام الخاطئ يجعل الناس تبرر الباطل لخوفها من التصدي للرأي العام الخاطئ.وما دام بناؤهم على هذه الشاكلة فشيء طبيعي أن يستمروا بالتبرير، حتى لو وصل قادتهم لأفعال الكفر فسيستمرون بالتبرير لهم، ولن يردعهم إلا "تقوى الله" في هذه الأيام، وإن تغير الوضع على الأرض وانكشف قادتهم عندها سينبذوا ويندحروا، وربما يبدؤون بالانتماء للجماعات المسيطرة على الأرض لأنهم يحبون الظهور، فتربية مثل هذه التربية تعلم النفاق والعياذ بالله، أما من هم من عوام الناس فظهور دولة الحق ستجعلهم يقفون إلى جانبها دون حرج، وهذه الفئة حتى لو ظهرت دولة الحق فهي مريضة بالتبرير حتى لو خالف خليفة المسلمين في دولة الإسلام الحق في مسالة فسيدافعون عنه لأنهم اعتادوا التبرير ولم يعتادوا أن يقفوا مع الحق حيثما كان ولو كان ثمنه الرقاب.وأفضل طريقة لنقاشهم:• رسم الخط المستقيم أمام الخط الأعوج، وعدم نتف الشعر إن لم يقتنعوا.• بيان فساد الباطل كلما حصل منه حدث أو أمر وعدم الانجرار إلى النيل من شخوص هؤلاء المبررين.• كثرة نشر الحقائق في جميع المجالات، بالنشرات والجرائد ودروس المساجد وخطب المساجد والاتصال الحي مع الناس، فهذا يضعف الرأي العام الخاطئ ويبني رأيا عاما صحيحا مما يضعف هؤلاء الأشخاص.وللعلم فإن التبرير أصبح دارجا كثيرا هذه الأيام وبالذات أن هناك ضخ إعلامي كبير خلفهم وخلف رموز الباطل لمنع الحق من الظهور، ولذلك فإن كثيرا من المبررين إذا أحسنا النية بهم هم ضحايا للآلة الإعلامية الماكرة والضخ الإعلامي القوي والتضليل الإعلامي الكبير الذي يقع هؤلاء في مخالبه، ويجب دائما وبشكل لازم أن نعاملهم كضحايا لا يعلمون الحقيقة، أما من ينافقون فحسابهم على الله.وفي النهاية فالمسلم واجبه التبليغ { وَمَا عَلَيْنَآ إِلاَّ الْبَلاَغُ الْمُبِينُ} ومن استجاب فقد اهتدى ومن عاند فقد ضل عن الطريق الصحيح، وإقامة الخلافة ستنهي بإذن الله هذه المشكلة بالشكل الهائل الذي نراه هذه الأيام، لأن الأجواء الإيمانية ستخفف النفاق الذي هو سبب التبرير المنهي عنه الذي تحدثنا عنه إلى درجات كبيرة.قال تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} ------------------- الرابط على منتدى الناقد الإعلامي http://naqed.info/forums/index.php?showtopic=4141&st=0&gopid=15489&#entry15489
    2 points
  46. بسم الله الرحمن الرحيم هل يستعد أردوغان لإعلان الخلافة في تركيا؟ بقلم: عصام الشيخ غانم لقد تاق المسلمون حقًا إلى الخلافة، فمن بين أنقاض الذل والدمار الذي يكاد يعم العالم الإسلامي، فإن أبصار المسلمين اليوم تنتظر اليوم الزلزال، ذلك اليوم الذي يأخذ فيه المسلمون في تركيا والبلاد العربية وباقي بلاد الإسلام زمام المبادرة التي فقدت، ويتخلون فيه عن أي ولاء إلا لربهم، وعن أي نظام إلا نظام دينهم، ذلك الإسلام العظيم. فكما نقل الإسلام العرب من أمةٍ هامشيةٍ لا قيمة لها بين الأمم إلى قمة الريادة، بعد أن قامت بتسوية أوضاعها الداخلية بأحكام الإسلام، وبنت قوتها في فترة وجيزةٍ للغاية، لا تزال موضع دراسة المفكرين السياسيين، وأخذت تغزو ما حولها وتنشر الإسلام العظيم، وأقبلت القبائل العربية في الجزيرة على الدين الجديد، واشتد عود الإسلام قبل انقضاء العقد الأول لدولة محمد عليه الصلاة والسلام، ثم أخذت تغزو الدول الكبرى من حولها. والسؤال الكبير الذي يجيب عليه المسلمون بسهولة: هل إذا أعدنا الكرة اليوم مرة أخرى، وأقمنا دولة الخلافة الثانية، هل نستطيع أن نكون كما كانت دولة الإسلام الأولى؟ وإذا كان المسلمون يجيبون بالتأكيد بـ«نعم»، فإن مفكري دول الكفر هم أيضًا يعرفون ذلك حق المعرفة، ويتخوف السياسيون في الدول الكبرى من عودة الإسلام. ويتخوفون من أن تكون عودة الإسلام انطلاقًا من دولةٍ قوية اليوم كتركيا التي يحلم شعبها بإعادة أمجاد الإسلام مستأنسين بالتاريخ العثماني، عندما كانت إسطنبول مركز الدولة الإسلامية والأمة قاطبةً، أو عودته من دولةٍ قويةٍ كباكستان، أو كمصر التي تملك جيشًا كبيرًا وتتصل بالبحر المتوسط والأحمر، وفيها السويس ممر التجارة العالمية. وهذه المخاوف تقضُّ مضاجع سياسيي الدول الكبرى خاصة أميركا. ولوعي حقيقة المخاوف الأميركية والأوروبية من زلزال الخلافة، فإن الغرب يرى حالة استعصاء في الأمة الإسلامية. وذلك أن الغرب كان يتحكم في كل صغيرة وكبيرة بسهولةٍ في المنطقة الإسلامية، فكان كل شيء في قبضته؛ لكن مع بداية هذا القرن، فقد نمت حالة جديدة من الاستعصاء في الأمة الإسلامية، كانت أول ملاحظة كبيرة لهذه الحالة سنة 2001م، عندما رفضت حركة طالبان - أفغانستان التخلي عن القاعدة التي اتهمتها أميركا بحوادث 11 أيلول/سبتمبر، وفضلت حركة طالبان القتال، وخسرت الحكم باحتلال أميركا لأفغانستان؛ لكنها رفضت الانصياع. وكانت تلك البداية، ثم كان الاحتلال الأميركي للعراق سنة 2003م. فبعد أن أعلنت أميركا النصر على الجيش العراقي، وجدت نفسها أمام مقاومة شرسة لا تهاب الجيش الأميركي، وقد مرَّغته في أوحال العراق، وكاد أن يهزم. ثم سنة 2011م، كانت انتفاضات الربيع العربي المنادية بإسقاط النظام، أي الأنظمة العميلة لأميركا وأوروبا، والتي تعفنت وتآكلت شرعيتها الشعبية إلى درجة وضعتها على حافة الانهيار، ولم تكن تلك الانتفاضات متوقعة في دوائر المخابرات الأميركية والأوروبية، فأشعلت تلك الدول ناقوس الخطر الكبير أمام حالة الاستعصاء التي أخذت بالتفجر. وكان للثورة السورية المندلعة منذ سنة 2011م وضع خاص، فقد صاحب المناداة بإسقاط النظام مناداة أخرى بإقامة الخلافة الراشدة، وكانت مناداةً ساخنةً للغاية؛ لذلك تعاملت معها أميركا بالكثير من القوة، من إرداف النظام بإيرانيين وروس وغيرهم في محاولةٍ لإخمادها، مع أن أميركا ظهرت وكأنها ضد النظام السوري وحلفائه الروس والإيرانيين، وهذه السياسة الأميركية لازمة وضرورية لتطويق الخطر، وإلا تفاقمت الأمور وانفجرت، وتفلتت من أيديها وأيدي أتباعها. وبالمجمل فإن الثورة السورية قد جعلت أميركا ترتجف بأنها على عتبة زلزال الخلافة على منهاج النبوة. وهنا ظهرت على الساحة مسألتان: الأولى أن تركيا قد صارت تتعاون بشكل كبير مع أميركا لاحتواء الثورة السورية، وكان الرصيد الأكبر أمام تركيا أن الحزب الحاكم فيها يوصف بـ «الإسلامي»، ولرئيسها أردوغان شعبية كبيرة لدى الحركات التي توصف بأنها حركات «إسلامية معتدلة». وأما الثانية فكانت إعلان خلافة مزيفة في مدينة الموصل. وبناءً على هاتين المسألتين فقد نشأت في أميركا نظرة جديدة عنوانها «تركيا عثمانية» قد تكون طريق النجاح لنزع حالة الاستعصاء في العالم الإسلامي. وللتأكيد على جدية النظرة الأميركية، فقد نقلت CNN عربي 12 حزيران/يونيو 2014م: «وعلى مدى سنوات، تكهن خبراء بأن عوامل، بعضها موغل في التاريخ، وبعضها الآخر مرتبط بقرارات مهمة حديثة، يمكن أن تزيد من صب الزيت على النار في المنطقة الملتهبة» وحذر مفكرو «المجلس الأطلسي» من أن تقود الفوضى في المنطقة العربية إلى فكرة «أساسها إنشاء دولة الخلافة على مساحة واسعة». وحذر خبراء أميركان سنة 2016م من اندلاع حربين كبيرتين في وجه أميركا، إحداها في المنطقة الإسلامية، والأخرى في الصين. والمعنى أن أميركا، وللحفاظ على نفوذها ومكانتها الدولية، تنظر بجدية كبيرة في احتمال قد لا تكون مقدماته متوقعة بأن يتفجر في وجهها زلزال دولة الخلافة؛ لذلك فقد أخذت تعد العدة. وحتى يكون الأمر واضحًا لا بد من إلقاء نظرة على حقيقة الحكم في تركيا وتبعية أردوغان، وحقيقة استقطاب الجماعات التي توصف بأنها «إسلامية معتدلة» إلى إسطنبول وأنقرة، ثم العودة إلى جدية النظرة الأميركية بــ «تركيا عثمانية» والتسهيلات التي صارت أميركا تقدمها لـ «تركيا عثمانية»، ثم رؤية المؤشرات «العثمانية» التي صار يظهر بها أردوغان، ومن كل ذلك الحكم على جدية هذه الفكرة الخطيرة، حتى لا يسقط فيها المسلمون كفخ سياسي كبير. حقيقة الحكم في تركيا أما عن حقيقة الحكم في تركيا فهو علماني بامتياز، فالنظام العلماني الذي بناه مصطفى كمال على أنقاض الخلافة العثمانية لا يزال هو الحاكم في تركيا اليوم. فشكل الدولة، سواء أكان رئاسيًا كما أراده أردوغان وأجرى له استفتاءً سنة 2017م، أم برلمانيًا يقود فيه الدولة رئيس الوزراء، فكلاهما من مشتقات النظام الرأسمالي التي لا تمت بصلة إلى ديننا العظيم، وليس لها أي ارتباط بالإسلام، فهو نظام غير إسلامي من حيث شكل الحكم. وأما السياسة المتبعة ففي جانبها الداخلي سياسة رأسمالية لا إسلامية، فقوانين تركيا اليوم هي قوانين وضعية يسنُّها البرلمان، وليس من قوانينها أحكام شرعية، إذا استثنينا بعض الأحوال الشخصية، وهذا بعض قليل، فحتى مسألة الزواج بأكثر من امرأة التي أباحها الإسلام فهي محرمة وممنوعة وفق القوانين التركية، بل ويسمح للمسلمة الزواج بكافر، وأحكام القضاء وضعية لا سند لها من الشرع. وعلى الرغم من كل ما يوصف به حزب أردوغان «العدالة والتنمية»، وهو الحزب الحاكم، بأنه حزب إسلامي، إلا أن ذلك مجرد صورة لم تغير من القوانين الوضعية شيئًا، بل ولا تحاول التغيير. فقد درجت بعض الجماعات التي توصف بالإسلامية على طرح فكرة «التدرُّج» في تطبيق الأحكام الشرعية، وأبسط فهم لمعنى «التدرُّج» حتى بغض النظر عن النظرة الشرعية فيه، أن الدولة القائمة على تطبيق الإسلام بـ «التدرُّج» تطبق جزءًا وتؤجِّل جزءًا آخر، وكل عام تضيف من الأحكام الشرعية شيئًا جديدًا، وهذا أبسط فهم. إلا أن الرئيس التركي أردوغان وحزبه «الإسلامي» لا يطبق أي أحكام شرعية (باستثناء ما قلناه من بعض قليل من الأحوال الشخصية التي كانت أصلًا قبل أردوغان) ورغم حكمه لتركيا منذ سنة 2002م، إلا أن تطبيق الأحكام الشرعية في الدولة لا يشهد أي زيادة، وهو (الرئيس أردوغان) لا يطرح فكرة «التدرُّج» أصلًا، ولا يقول بها، وليس في أي من برامجه الانتخابية أي طرح للأحكام الشرعية، فهو علماني علني، ولا يخجل من علمانيته، بل طالب الإخوان المسلمين في مصر بالعلمانية (حث رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان المصريين، من أجل العمل على بناء دولة علمانية، مؤكدًا أن الدولة العلمانية لا تعني دولة اللادين. ودعا أردوغان، خلال لقائه مع قناة «دريم» التلفزيونية المصرية، إلى وضع دستور مصر بناء على المبادئ العلمانية، معتبرًا أن تركيا تشكل نموذجًا للدولة العلمانية المناسبة، ومشيرًا إلى أنه مسلم، بالرغم من توليه رئاسة وزراء دولة علمانية.) وكالة DWA الألمانية 13/9/2011م. بل إن أردوغان وحزبه يتشدَّدون في مكافحة الأحكام الشرعية (قرر حزب «العدالة والتنمية» الحاكم في تركيا، إرسال نائبين إلى مدينة «ريزه» على البحر الأسود، من أجل فتح تحقيق رسمي مع عضو الحزب ورئيس بلدية المدينة، خليل باكرجي، في شأن تصريحات أدلى بها إلى الإعلام طالب فيها بالسماح بتعدد الزوجات في تركيا، بما يخالف الدستور) دوت مصر 14/11/2014م. يضاف إلى ذلك أن النظرة القومية التركية جزء لا ينفك عن نظام الحكم التركي. فالأكراد المسلمون وكذلك العرب هم أقليات ملحقة بالدولة التركية، ولا ينظر إليهم في مناصب الدولة كالأتراك. والدولة لا تخفي طابعها القومي غير الإسلامي، وكأن محمدًا عليه الصلاة والسلام لم يقل «دَعُوهَا فَإِنَّهَا مُنْتِنَةٌ»، والإسلام يرفض ويحرم أي عصبيات تفرق بين الأمة الإسلامية الواحدة. وأما سياسة تركيا الخارجية فهي غير قائمة على الإطلاق على أساس الإسلام، ولا يرصد أي نشاط للدولة التركية للدعوة إلى الإسلام في الخارج، ومن كان يعجبه بناء مسجد في أميركا أو افتتاح مركز إسلامي في الغرب، فكل الأنظمة القائمة في العالم الإسلامي تقوم بذلك، كدويلات الخليج ومصر وغيرها، والأمر ليس خاصًا بتركيا. والجاليات الإسلامية في الخارج تبني مساجدها بدعم من بلدان العالم الإسلامي أو بدونه. وتركيا لا تناصر قضايا المسلمين في سياستها الخارجية باعتبارهم مسلمين، فهي تقيم علاقات دبلوماسية مع كيان يهود، وتتعاون معه عسكريًا رغم جرائمه اليومية بحق أهل فلسطين الذين يتغنى أردوغان بدعمهم، بل إن الدعم التركي لأهل فلسطين لم يبلغ معشار دعم أي دولة أوروبية، وهذا الدعم أصلًا يقدم ضمن استراتيجية الغرب للسلام مع كيان يهود. وفي سوريا فقد قتل بشار مئات الآلاف، وتدخلت في سوريا أميركا البعيدة وحليفاتها الأوروبيات، وتدخلت روسيا البعيدة؛ لكن تدخل تركيا الذي حصل بعد أعوام من القتل كان لصالح المجرم بشار. فتركيا تضغط على الفصائل التي تواليها من أجل مفاوضة بشار في أنقرة وأستانة وجنيف، وهي تخرجهم من ساحات القتال مع بشار إلى ساحات أخرى مثل قتال تنظيم الدولة «درع الفرات» وقتال التنظيمات الكردية «غصن الزيتون»، وكل تدخلات تركيا تؤدي إلى انتصار بشار على ما بقي من الثوار المخلصين. وخلال أزمة الروهينجا التي بكى لها العالم، فقد وكلت تركيا جيش ميانمار المتوحش بالمساعدات التي أعلنت أنها قدمتها للروهينجا، بل إن أصوات بعض الدول الأوروبية تبدو أعلى من الصوت التركي في دعم مسلمي الروهينجا. وبذلك يتضح بأن تركيا دولة علمانية في شكل الحكم فيها وفي سياستها الداخلية والخارجية، وليس فيها توجه شرعي إسلامي حتى نراقب صعوده بفكرة «التدرُّج» رغم كل التحفظات الشرعية عليها. وإذا كانت الأمور واضحة بهذا الشكل، فإن من ينخدع بإسلامية تركيا-أردوغان إنما يخدع نفسه، فهي ليست إلا كبقية الدول القائمة في العالم الإسلامي، وهي تلاحق حملة الدعوة الإسلامية وتزج بهم في السجون، فالدولة لا تطيق الدعوة إلى تطبيق الإسلام في تركيا، وتصِم أصحابها بـ(التطرف) و(الإرهاب) كما يفعل الغرب تمامًا. تبعية الرئيس التركي أردوغان وأما تبعية أردوغان في سياسته الخارجية، فليست بحاجة إلى فكر عميق، فتركيا قبل أردوغان ومعه، دولة في حلف شمال الأطلسي، أي تحت القيادة العسكرية الأميركية بشكل رسمي، وفيها واحدة من أكبر قواعد حلف شمال الأطلسي، قاعدة إنجرليك، ومنها تنطلق الطائرات الأميركية لضرب المسلمين في سوريا والعراق. هذا من جانب، ومن جانب آخر فإن تركيا تحاول ومنذ عقود أن تدخل الاتحاد الأوروبي وتقول بأنها دولة أوروبية، وقد خضعت لشروط الاتحاد الأوروبي للانضمام له، ورغم رفض الدول الأوروبية لها بسبب غالبية سكانها المسلمين، وهذه حقيقة، إلا أنها لم تتخلَّ عن طلب الانضمام؛ لذلك فالدولة في تركيا غربية الهوى والتوجه، ولم يغيِّر الرئيس أردوغان من ذلك التوجه شيئًا، وأما تقوية علاقاته بالعالم الإسلامي، فهي من ناحية ردة فعل على رفض دخوله للاتحاد الأوروبي، ومن ناحية ثانية فهي علاقات مع أنظمة وضعية في إطار النظام الوضعي القائم، وليس ضمن أي محاولة لتغيير ذلك، وهذا واضح وليس بحاجة إلى كثير أدلة. وأما السياسيون الذين يدققون النظر في سياسات الدول فيجدون بلا صعوبة ارتباط الدولة التركية بأميركا، فأميركا هي من دعم أردوغان وحزبه للسيطرة في تركيا بوسائل كثيرة سياسية وتسهيلات مالية وغير ذلك، وكانت أميركا تريد كبح جماح جنرالات الجيش التركي ذوي الولاء الأوروبي، وهذا ما تحقق بعد محاولة الانقلاب الفاشلة سنة 2016م، رغم مسرحية إلصاق التهمة بـ «غولن»، ومسرحية اتهام أميركا بشيء من المسؤولية عن تلك المحاولة الفاشلة. وربما أحداث سوريا كانت أوضح مثال مكشوف لارتباط تركيا-أردوغان بأميركا، فكانت المخابرات التركية وبشكل مكشوف تستقبل المنشقين من ضباط الجيش السوري جنبًا إلى جنب مع المخابرات الأميركية في محاولات لبناء جسم للمعارضة المسلحة مثل «هيئة الأركان» و»القيادة العليا للفصائل المسلحة» لحرف الثورة السورية وفصائلها العسكرية عن مسار إسقاط النظام وبناء دولة الإسلام، فكانت تركيا وأميركا تعملان سويةً وبشكل مكشوف، وهكذا في مؤتمرات المعارضة السورية التي كان يشرف عليها سفير أميركا لدى سوريا فورد في إسطنبول وأنقرة. وعندما قررت أميركا الانسحاب من المفاوضات مع روسيا حول سوريا بعد قدوم إدارة ترامب فإنها، أي أميركا، قد وضعت تركيا نائبًا عنها في مفاوضات أستانة التي أنتجت الحلم الأميركي بوقف إطلاق النار في سوريا وخفض التصعيد وفكرة الدول الضامنة. وتركيا إحدى الدول التي ضمنت وقف إطلاق النار، لكن نظام بشار والروس لم يوقفوا إطلاق النار، وتركيا لا تضمن شيئًا، ومثلها مثل أميركا في مجلس الأمن، تعبر عن قلقها، والنظام المجرم في سوريا يقتطع بردى في الغوطة الغربية والشيفونية وغيرها في الغوطة الشرقية، وقبلها الحرب في إدلب، كل ذلك في مناطق خفض التصعيد التي ضمنتها تركيا. وسياستها في ذلك هي سياسة أميركا تمامًا «دع النظام ينتصر». وهكذا فإن ولاء الرئيس التركي أردوغان هو خالص لأميركا، وينسق معها تمامًا سياسة تركيا الخارجية. استقطاب الجماعات «الإسلامية المعتدلة» إلى تركيا أما نشاط تركيا في استقطاب الجماعات الإسلامية «المعتدلة» فهو بارز بشكل كبير، فوفق السياسة الغربية «فرق تسد» فإن تركيا دولة «سنية» كبيرة، ويمكنها استقطاب جماعات إسلامية «سنية» تمامًا كما يمكن لإيران أن تستقطب جماعات إسلامية «شيعية» وفق السياسة الغربية نفسها، وبما أن الحزب الحاكم في تركيا يوصف بأنه حزب «إسلامي» فإن عملية الاستقطاب تكون سهلة؛ لذلك نشطت في تركيا الجماعات العربية التي توصف بـ «الإسلامية المعتدلة»، وأصبحت إسطنبول قبلةً للإخوان المسلمين خاصة الفارين من نظام السيسي في مصر بعد انقلاب 2013م ضد الرئيس مرسي؛ لذلك ترى المؤتمرات والمنح الدراسية ودعم الأحزاب «الإسلامية المعتدلة» وكأنها سياسة جديدة في تركيا يتبناها أردوغان، بعد أن لم يكن أسلافه في الحكم كذلك منذ حقبة مصطفى كمال السوداء. وبسبب ذلك الدعم وتلك التسهيلات، فإن شعبية كبيرة لأردوغان قد تم إيجادها وسط الجماعات العربية التي توصف بـ «الإسلامية المعتدلة»، فصار يوصف بـ «القائد الإسلامي الكبير»، وتغنَّى به زعيم حزب النهضة التونسي راشد الغنوشي، بل ووصفه القرضاوي بـ «السلطان»، وأصبحت تركيا ملجأً للكثير من قيادات حماس الذين ضاقت بهم السبل، خاصة بعد حصار السعودية ومصر لقطر، وطلب قطر منهم المغادرة. وبالتدقيق نجد أن كل الدول ذات القوة الإقليمية تحاول التأثير في الأوضاع الداخلية للدول الأضعف المحيطة بها؛ وذلك عن طريق الأحزاب والمعارضة والفصائل المسلحة في البؤر الساخنة. وإذا كان تأثير الدول الكبرى كبيرًا لدى الدول الصغرى، فإن تأثير الدول الصغرى كبير على مستوى الأحزاب والجماعات في البلدان المجاورة. فتركيا، ومن ورائها أميركا، تريد أن تجرَّ تلك الجماعات إلى جانبها ولو بشكلٍ خفي، فلا تقف عائقًا أمام سياسات أميركا، بل وتأمل أن تكون تلك الأحزاب بعضًا من أدوات سياساتها المتعددة، فمثلًا الدعم المالي والسياسي وتوفير المنابر الإعلامية وتقديم التسهيلات كتوفير الملجأ والأمن للقيادات المطاردة من حكوماتها يحقق ما يلي: 1- في فلسطين، تريد أميركا أن تضع التأثير التركي على حركة حماس منافسًا للتأثير القطري، فلا تدع قطر ومن ورائها أوروبا تعيق المشاريع الأميركية لحل القضية الفلسطينية، ولا يمكن لتركيا ذلك إلا عن طريق الإغراء بالدعم المالي والتسهيلات المختلفة. 2- في سوريا، نجحت تركيا بفعل الدعم المالي وكذلك «سمعتها» بـ «الاعتدال الإسلامي»، في جر معظم الفصائل العسكرية السورية التي تنتمي لتيار «الإسلام المعتدل» إلى مفاوضات وقف إطلاق النار، وجرَّتها إلى أستانة لمفاوضة الروس والنظام، وأوهمتها بأن تركيا معها، فهي «دولة ضامنة»، وجرتها إلى معارك محرمة كقتال الأكراد، بدلًا من قتال النظام المجرم وإسقاطه، وهذا واحد من أسرار حياة النظام السوري التي توفرها أميركا عن طريق تركيا وغيرها. بعد انقلاب 2013م في مصر، لجأت الكثير من قيادات الإخوان المسلمين إلى تركيا بوصف الحزب الحاكم فيها «إسلاميًا»، وهذا حيوي للسياسة الأميركية التي تريد أن تضبط تحركات الإخوان المسلمين بعد الانقلاب على مرسي، وتمنع أي خطر كبير على نظام السيسي، فالتحركات عندما تكون تحت العين، يستطيع الطرف الآخر التصدي لها وإفشالها. وكذلك تريد أميركا أن لا تكون دولة قطر هي المؤثر الوحيد على تحركات الإخوان المسلمين. أما في بلدان المغرب العربي، فإن حركات «الإسلام المعتدل» كحزب النهضة التونسي وحركة العدل المغربية وغيرها تعلن إعجابًا كبيرًا بإنجازات أردوغان التركية، وتريد تعلم هذه التجربة في الحكم، وتبني علاقات قوية مع تركيا، وهذا مدخل لتأثير تركيا ومن ورائها أميركا ضمن أدوات أخرى للتأثير في المغرب العربي ومحاولة إدخال النفوذ الأميركي إليه بديلًا عن النفوذ البريطاني والفرنسي. وهذه لعبة خطيرة أن تجد هذه الحركات «الإسلامية المعتدلة» نفسها في ملعب من الصراعات الدولية والإقليمية لا علاقة له بدينها ولا مبدئها المعلن، فتكون كما كان غيرها من الحركات العلمانية وقودًا لنار الصراعات التي لا تستفيد منها الأمة شيئًا، فالأصل أن تغيير نظام علماني إلى نظام علماني آخر لا يعتبر تغييرًا من الناحية الشرعية، ولكنه مهم للغاية في الصراعات الدولية، خاصة وأن أميركا تريد خلع الأنظمة الموالية لبريطانيا وفرنسا بأي طريقة، سواء بالانتخابات أم بالعمل المسلح. تستقطب تركيا معارضين «إسلاميين» من بلدان كثيرة أخرى، خاصة وأنها تعلن بين الفينة والأخرى، كما كان أثناء حرب الموصل، بأنها مركز «للسنة»، وذلك في إطار المشاريع الأميركية للقسمة الطائفية للمنطقة. جدية مشروع «تركيا عثمانية» والتسهيلات الأميركية بعد أن كانت تركيا العلمانية بعد مصطفى كمال تتنصل من أي ارتباط عثماني، فقد لوحظ في السنوات القليلة الماضية أن أردوغان أخذ يخدش هذه السياسة التركية، وأحيانًا يلاحظ أنه ربما يحاول كسرها. ومحاولات أردوغان تصطدم بالتيارات اليمينية الكمالية في تركيا، فهو يحسب لها حسابًا كبيرًا، فتلك التيارات كانت تنتقد مظهر زوجة الرئيس وقتها عبد الله غل بسبب غطاء رأسها، فكانت نظرتهم أن «السيدة الأولى» في تركيا يجب أن لا تخدش علمانية البلاد، بوصف غطاء الرأس مظهرًا إسلاميًا؛ لكن في السنوات القليلة الماضية فقد تجرأ أردوغان على ما هو أبعد من ذلك، وأخذت بعض المظاهر العثمانية تبرز في تركيا مثل حرس أردوغان ولباسهم العثماني وإحياء التراث العثماني. ومن ذلك ما نقلته وكالة الأناضول 10/2/2018م (انتقد الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، السبت، عداء البعض لتاريخ السلطان عبد الحميد الثاني الحافل بالإنجازات، محذرًا من ممارسة الانتقائية عند دراسة التاريخ... وأشار أردوغان إلى أن «هناك من يعمل بإصرار على أن يبدأ تاريخ تركيا من 1923م (تاريخ تأسيس الجمهورية التركية)، وهناك من يبذل قصارى جهده لانتزاعنا من جذورنا وقيمنا العريقة». وأضاف: «الشريحة التي ينتمي إليها زعيم المعارضة أيضًا (رئيس حزب الشعب الجمهوري كمال قليجدار أوغلو) وضعت معيارًا للولاء للجمهورية، يقوم على أساس نصب العداء للأجداد». واستطرد قائلًا: «بالنسبة لهؤلاء، الجمهورية التركية حديثة الظهور، ولا تمثل امتدادًا للسلاجقة والعثمانيين الذين وجهوا النظام العالمي طيلة ستة قرون»). هذا داخليًا في تركيا، أما التسهيلات التي تقدمها أميركا لإبراز وجهٍ «عثمانيٍّ» لتركيا-أردوغان اليوم فيمكن قراءتها مما يلي: تقدم أميركا تسهيلات كبيرة لتركيا لبناء قواعد عسكرية في الخارج، وفي ذلك إبراز لتركيا كدولة كبيرة. والمسألة بدأت حين أرسلت تركيا سنة 2014م قوات لتدريب البشمركة في معسكر بعشيقة في العراق. ثم وفي خضم حصار قطر قامت تركيا بإرسال جنودها إلى قاعدة تركية جديدة في قطر، واللافت أن الجنود الأتراك كانوا ينزلون سنة 2017م في قاعدة العديد في قطر حيث القاعدة الأميركية الكبرى، وهذا غير ممكن من دون موافقة الأميركان. والظاهر أن أميركا، وهي تخطط وفق استراتيجة 2012م لنقل ثلثي جيوشها إلى محيط الصين، فإنها تريد من دول موثوقة كتركيا أن تحل مكانها في بعض القواعد، أو أجزاء منها كالعديد في قطر، ويلحق بذلك القاعدة العسكرية التركية في الصومال. فالدول الصغرى لا تقيم لها قواعد عسكرية في الخارج، فهذا مظهر من مظاهر العظمة، وأما أن يتبادر إلى الذهن بأن تركيا دولة عظمى، فهذا رداءة في التفكير السياسي، فتركيا لا تستطيع حل المشاكل القريبة والحيوية لها مثل تسليح أميركا لأكراد سوريا وفق المصالح الأميركية، ولا تستطيع التدخل الفعال في جارتها سوريا كما فعلت إيران وروسيا وبلدان التحالف الدولي مع أميركا، فإذا كانت عاجزةً عن حل مشاكلها الحيوية والقريبة، فهي أعجز عن بناء مصالح لها في قطر ودول الخليج والصومال، ولا يمكن فهم قواعدها العسكرية في تلك البلدان إلا خدمةً لأميركا. في زيارته للسودان 24/12/2017م، قام الرئيس التركي أردوغان بزيارة جزيرة سواكن السودانية، وتم الإعلان عن مشروع لإحياء التراث العثماني فيها، وقد كانت تلك الجزيرة مركزًا للحامية البحرية العثمانية للبحر الأحمر، وراجت أنباء عن وجود ملحقات سرية باتفاقية سواكن لتحويلها إلى قاعدة عسكرية تركية. وأثناء لقائه معه، قال الرئيس السوداني البشير بأنه يرى في شخص أردوغان «بقايا الدولة العثمانية». أي أن أردوغان يطوف على الدول التابعة لأميركا كالسودان لتعزيز صورة «العثمانية» الجديدة لتركيا، وهذا تسهيل كبير لا يمكنه الحصول عليه بدون تمهيد أميركي. والذي يظن الحكام العرب مستقلين في قراراتهم باستقبال قواعد عسكرية لتركيا أو غيرها واهم، فكل يتبع سياسة سيده، والبشير يتبع سياسة أميركا؛ لذلك فإن تسهيلات البشير لأردوغان لا تأتي إلا ضمن السياسة الأميركية التي تعلي اليوم من صورة تركيا. وأثناء زيارته لتشاد أشار أردوغان إلى «أن العلاقات بين البلدين تعود إلى القرن السادس عشر حين كانت الدولة العثمانية تبسط نفوذها على المنطقة». ورد عليه الرئيس التشادي إدريس دبي الذي استطرد قائلًا: «تركيا دولة كبيرة. هناك تاريخ عريق. دولة معروفة ومشهورة على مستوى العالم. تركيا دولة مهمة لعبت دورًا مهمًا باسم الإنسانية والمجتمع الإسلامي عبر التاريخ». وكالة الأناضول التركية 26/12/2017م. وهذا يوضح التوجه التركي الجديد عن طريق إبراز «تركيا عثمانية»، وهذا لم يكن موجودًا في السنوات الأولى لحكم أردوغان، بل ظهر أخيرًا. بقيت مسألة تتعلق بالجدية الأميركية في فكرة ومشروع «تركيا عثمانية»، فإذا كنا ندرك أن مخاوف أميركا من زلزال الخلافة هي مخاوف فعلية، وأنها لأجل ذلك تتبنى سياسات يقوم المسؤولون فيها بتنفيذها، وليست المخاوف مجرد أفكار من مراكز البحث وبنوك التفكير الأميركية، وإذا كانت أميركا قد «استفادت» بقوة من إعلان البغدادي للخلافة المزعومة في الموصل، فكانت الفائدة بلبلة الساحة السورية المنادية بالخلافة، فظهرت خلافة البغدادي على أنها مزيج من سفك الدماء، ومتع النساء «السبايا»، وأحكام الأضرحة والقبور والمزارات، فقدمت بذلك صورة سلبية لدولة الخلافة العظيمة، هذا من ناحية. ومن ناحية أخرى، فقد فشلت السياسات الأميركية والغربية عمومًا بتقديم الحكم لحركات «الإسلام المعتدلة»، ففشل حكم حزب النهضة الجزئي في تونس، وفشل الحكم الجزئي كذلك في اليمن، ولا تعدُّ تجربة غزة براقة، وفشلت تجربة الإخوان في مصر، وكان وجه الفشل الأبرز أميركيًا أن وصول هذه الجماعات للحكم لم يتمكن من كبح جماح ما تسميه أميركا بـ «الإسلام المتطرف»، وهو الهدف من السماح لتلك الجماعات «المعتدلة» بالوصول للحكم؛ لذلك تراجعت أميركا عن فكرة إيصال الجماعات «المعتدلة» للحكم. ومن ناحية ثالثة، فإن حالة الاستعصاء في الأمة الإسلامية تتعاظم بشكل يخيف أميركا من المفاجآت كأحداث الربيع العربي، وأميركا دولة عظمى تجرب المشاريع المختلفة التي تنفذها مباشرةً أو عبر أتباعها حتى ترى أن مصالحها الدولية في مأمن؛ لذلك فإن بحث أميركا عن مشروع جديد هو أمر أكيد لحل مشكلة الاستعصاء في العالم الإسلامي، وعدم ترك التطورات للمفاجآت التي قد تأتي بالزلزال الكبير، الخلافة الحقيقية على منهاج النبوة. أما وقد «استفادت» أميركا كثيرًا من إعلان البغدادي للخلافة المزعومة من الموصل، فإن استبعاد تكرار الفكرة «خلافة مزيفة» تقوم أميركا على رعايتها هو أمر غير مقبول. أما وقد ظهرت مؤشرات كافية لدى الرئيس التركي أردوغان بوصل الدولة التركية اليوم بما قبل إعلان هدم الخلافة العثمانية سنة 1923م، وكذلك التسهيلات التي تبديها أميركا لتركيا في السودان وغيره من البلدان التابعة لها، فإن هذا المشروع الأميركي قد يكون قيد الإعداد، وأن الرئيس التركي أردوغان يمهد لفحص إمكانية تنفيذه. وما يشير إلى ذلك أيضًا أن تركيا قد أخذت تناوش الدول الأوروبية وكأنها تتشبه بالدولة العثمانية، فوصف أردوغان ألمانيا وهولندا بـ «بقايا النازية» وكأنه يدير ظهره لهم، وعلى غير المعتاد. والخلاصة أنه ليس من الحكمة إغفال كل المؤشرات التي تشير إلى مشروع أميركي خطير للغاية بتحويل تركيا إلى دولة «خلافة مزيفة» لتقف ضد أي دولة خلافة حقيقية سيزلزل إعلانها العالم بأسره. ومثل ذلك المشروع المزيف للخلافة قد يبلبل المسلمين، خاصة أتباع ما يسمى بالتيار «المعتدل» الذين تعمل قياداتهم على بناء الثقة بأردوغان، ويصفه البعض بالسلطان رغم أنه لا يخفي علاقاته مع الكفار بما في ذلك مع كيان يهود. ومثل هذه المشاريع لا يمكن تنفيذها في أشهر، بل بحاجة إلى الكثير من التمهيد داخليًا مع الأحزاب الكمالية وخارجيًا. لكن الأمر الأهم أن المطلوب من المخلصين الذين وحدوا اتجاههم على حبل الإسلام النقي الصافي وفق أدلته الشرعية، ومن لا يريد أن يكون عمله إلا لله خالصًا، أن يشدوا الخطا لبناء دولة الإسلام العظيمة، الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة، التي يكون ولاؤها لربها وأحكامها أحكام دينها المتين، تزلزل أميركا والغرب، وتبدأ على الفور بدحر نفوذهم وقواعدهم العسكرية من المنطقة الإسلامية، وتكنس عملاءهم من جسم الأمة الإسلامية كما ينزع النجس عن الثوب. وتأخذ بتطبيق أحكام الإسلام العظيم، فيهنأ الناس وتنزل البركة من السماء، ويصلح أمر الأمة اليوم، كما صلح أمرها بالأمس، فتجمع طاقاتها وتبني قوتها وترهب عدو الله وعدوها، وهذا ليس بعيد المنال، فإن لكل أجلٍ كتابًا، والله نسأل أن يكون كتاب ذلك في قادم الأيام، ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله، وبعزة الإسلام العظيم. المصدر: مجلة الوعي - العدد 378-379-380 - السنة الثالثة والثلاثين، رجب-شعبان-رمضان 1439هـ، نيسان-أيار-حزيران 2018م
    2 points
  47. ( #قل_للفصائل ) #قصيدة قل للفصائل في بلاد الشام ...... هل هزكم نزفُ الوريد الدامي أو هزكم هدمُ البيوت بأهلها ...... أو حرقةٌ في دمعة الأيتامِ أو طفلةٌ بالقصف يُشدَخ رأسها ...... والمخُ منثورٌ على الأقدامِ والنذل يغتصب الحرائر جهرة ...... حتى حَمَلْنَ العار في الأرحامِ وَوَضَعْنَ مولوداً يريد إجابةً ......... ماذا يَقُلْنَ له بُعَيدَ فطامِ أو هزكم أمٌ بيومٍ ودعت ........... أبناءها بالقصف تحت ركامِ وجنازةٌ تتلو الجنازةَ خِلفةً ....... وكأنهن سلالة الأرقام ِوالطفل ودَّع أهله حتى غدا ....... من غير أخوالٍ ولا أعمامِ وعناصر التشبيح تذبح أهلنا ....... في الشام بالسكين كالأغنامِ والناسُ عانوا في الشآم مجاعة ....... يقضون أياما بغير طعام ِوالنازحون من البيوت يلفهم ....... بردُ الشتاء بقيعة وخيامِ هل هزكم أمر الإله بقوله ______ اعتصموا بحبل الله خلف إمامِ رصوا الصفوف وأنْ أقيموا دولة ....... فيها التقى وهداية الأقوامِ كيف ارتضيتم هدنةً ممزوجةً ......... بخيانةٍ لله ذي الإكرامِ إن الركون لمن يحارب ديننا ....... فعلٌ يعانق ذروةَ الإجرامِ هل يستوي دولارهم مع جنةٍ ...... فيها الخلودُ وعيشةٌ بسلامِ المال في عُرف السياسة ذِلةٌ ....... مقرونةٌ بهوىً وكسبِ حرامِ من باع دينَ الحقِّ يرجو منصبا ....... يلقى بهذا الفعلِ سوءَ ختامِ أبدى انبطاحاً زائداً حتى غدا ....... يلقى العدى بمحبةٍ ووئامِ هل للفصيل من البطولةِ حظوةٌ ....... والرأسُ مشدودٌ بحبل لجامِ فتسابقوا في الأنبطاحِ وطعنِهم ....... ظهرَ العبادِ بحربة وسهامِ إنَّ الخيانة إذ تفوح بريحها ... ... منهم تصيب أنوفَنا بزكامِ ومن ارتضوا جينيفَ تكتيكاً فقد ....... حكموا على التغييرِ بالإعدامِ جينيفُ تضرب دينَنا في مقتلٍ ....... وتريد فينا شرعة الأصنامِ والناسُ تسعى للخلاصِ بثورةٍ ....... وعزيمةٍ من سطوةِ الظُلَّامِ والشامُ فيها الطفلُ أعلى همة ....... في الحق من سبعين ألف هُمامِ كل القلوب تعلقت بخلافة ........ وبمن يطبق شرعة الإسلامِ بثباتهم وصمودهم وعزائم ....... سطروا بطولاتٍ وفكرٍ سامِ بالوعي ساروا والإلهُ يحيطهم ....... بعناية من كل رميةِ رامِ قد أدركوا أن الخلاص بفكرةٍ ....... وطريقةٍ وخلافةٍ وإمامِ وسعوا لأجل رضى الإله وفرضه ....... سعياً بكل العزمِ والإِقْدامِ قالوا وما للقول يوماً رجعةٌ ......... هي فكرةٌ رسخت بأهل الشامِ لا للتفاوض مع نظامٍ بائدٍ ....... أفضت نهايته لكل تمامِ إن النظام بكل شبرٍ ما له ....... في الشامِ إلا الضرب فوق حزامِ ثُرنا لنهدمَه ونهدمَ ركنَه ........ برجاله ونحيلَه لحطامِ لا للتعاطي مع نفوذٍ كافرٍ ....... إن التعاطي غايةُ الإقزامِ هذا النفوذ جريمةٌ في ديننا ....... وبقاؤه من أكبر الآثامِ قالوا نعم لخلافةٍ نرقى بها ........ ونظامها في الحكم خير نظامِ هي رحمةٌ بين الخلائق كلهم ....... بالعدل يحكمنا الإمام الحامي نورٌ يشع بمبدأ في أمتي .......... ليجيرها من غفوة وظلامِ نُرضي الإله بها ونحي فرضه ....... من بعد طول الحزن والآلامِ قالوا بصوتٍ واحدٍ في شامنا ....... لن نرتضي بالعيش كالأنعامِ لا لن نحيد عن الخلافة والهدى ....... بئس الحياة بلا هدى الإسلامِ فلِمَ التفاوض والخلافة مبدأ ....... يأبى نزول القاع بين زحامِ إما الحياة بدولة فيها الهدى ....... يعلو وإما القبر خير مقامِ قل للفصائل هذه أفكارنا ...... ... من ردَّها سيداس بالأقدامِ ومن اهتدى يختارها بعزيمة ....... لو قُطِّعت أعضاؤه بحسامِ المجد قال ومدَّ طرفَ زمامِه ........ من ذا يبادر ممسكاً بزمامِ هي نصرة الحق المبين وإنها ........ في ديننا فرضٌ وفعلُ كرامِ هي فرصة بين العباد أخيرة ........ من حازها يظفرْ بأجر الهامِ هي عزة للمسلمين تحيطهم ....... وتحفهم من خلفهم وأمَامِ هي دولة الإسلامِ آن أوانها ........ سترونها في قابل الأيامِ #ابوشاهين_غزة #البحر_الكامل
    2 points
  48. الحمد لله على عودته والأجمل عودة الحسابات القديمة للأعضاء كما هي.
    2 points
  49. في التكتل وخطر الطبيقية قال تعالى من سورة عبس: ( عَبَسَ وَتَوَلى. أن جاءَهُ الأعمى. وَما يُدْريكَ لَعَلَّهُ يَزّكى. أو يذكر فتنفعه الذكرى. أما من استغنى. فأنت لهُ تصدى. وما عليك ألا يزكى. وأمّا من جاءك يسعى. وَهُوَ يخشى. فأنت عنه تلهى. ) إنَّ القاعدة الأساسية في عمل التكتلات السياسية المستهدفة تغيير المجتمعات الحرص الشديد من قبل قادة وزعماء كافة التكتلات على التركيز على كسب أصحاب النفوذ ومشاهير القوم وأصحاب التأثير في مجتمعاتهم لجسم تكتلاتهم، أو لكسب تأييدهم ونصرتهم لتكتلاتهم وأفكارهم وتطلعاتهم. تلك هي القاعدة في كل التكتلات الذي ظهرت في الحقب التاريخية المتعاقبة على مر الأيام، لم يشذ عن ذلك إلا بعض التكتلات الباطنية التي قامت لأهداف آنية بعيدة عن غايات إحداث التأثير لانقلاب جذري في المجتمع. وسيبقى ذلك طريقاً وسبيلاً لكل تكتلات مستقبلية. وينبه هنا إلى أن ذلك ليس من لوازم طريقة التغيير الحصرية، بل هي رغبات مفضلة لدى أصحاب التكتلات للإسراع في بلوغ الغايات عن طريق أصحاب النفوذ والنصرة، حيث نصرتهم هي أقرب الطرق لذلك، فعن طريقهم في الأعم الأغلب تحدث النصرة، وبدونهم يكون العمل شاقــاً مُضنياً متعثر الخطى، غير مأمون الوصول بالسرعة المتوخاة. لقد ركّز الرسول صلى الله عليه وسلم على كسب سادة القوم في مكة لتأييد دعوته ولحمل مبدأه ونصرة دعوته، فركز على الوليد بن ألمغيره وأمية بن خلف وأبو جهل وأبو لهب وأبو سفيان وغيرهم من سادة القوم. وبعدها ركز على طلب النصرة والمنعة له ولدعوته من رؤساء القبائل من العرب من غير قريش كغطفان وثقيف وبني كندة وسليم وأخيراً يثرب. إلا أنه لم يحصر تركيزه عليهم فقط بل قد دعا عامة الناس من كل طبقات المجتمع وفي كل المواقع لاعتناق الفكر وحمل الدعوة. ومع أنه قد أفلح في اكتساب قلة من سادة المجتمع كعمر وأبي بكر وعثمان ومصعب، إلا أنّ الغالبية ممن أسلم في العهد المكي كان من المستضعفين بما في ذلك العبيد المسترقين. وذلك أمرٌ طبيعي وبديهي، فالحاجة للتغيير تقوى لدى المحرومين المستضعفين والمظلومين المضطهدين، وتقل وتضعف لدى السادة المترفين. وتبين لنا سورة ( عبس ) كم كان تركيز الرسول صلى الله عليه وسلم ولهفته على كسب سادة القوم وأصحاب الفعاليات والنصرة شديداً. لذا جاء لفت النظر والتوجيه من الله تعالى في تلك السورة للتشديد على حتمية عمومية الدعوة والطلب إلى العمل لكسب جميع الناس لجسم الدعوة بغض النظر عن المواقع، وعدم حصر الجهد لكسب طبقة أصحاب الشهرة والنفوذ على حساب إهمال أمر العامة من الناس، فإيجاد القاعدة الشعبية الصالحة للتغيير يكون عن طريق إيجاد الرأي العام المنبثق عن الوعي العام لدى أفراد المجتمع عامة: سادتهم وعامتهم، مترفوهم ومستضعفوهم. ومع أنه مع أن البديهي أن أصحاب النفوذ في المجتمع وسادته وكبراءه هم أسهل وأنجح في العمل لإحداث التغيير لأنَّ فيهم تكون النصرة ولأنهم هُم أهل المنعة والنصرة الحقيقية المانعة والفاعلة، إلا أن استعراض تاريخ حركات التغيير في العالم ترينا أن الثورات وحركات التغيير قد قادها وتزعمها أو في حالات أخرى كان وقودها وعناصر نجاحها ممن عانى من الحرمان والضياع والظلم والاضطهاد من الأمة وعامة الناس. ففي الثورة البلشفية عام 1918 كانت مراهنات البلاشفة على العمال والطبقات الكادحة، حيث استغلوا جوعهم وحرمانهم لتأجيج نار ثورتهم، فأججوا بهم وبأجسادهم نار الاضطرابات وباستغلال دمائهم واضراباتهم أقاموا دولتهم ودكوا حصون وقصور الإمبراطورية الروسية البائدة. وقبلها الثورة الفرنسية كانت قد استغلت جوع الجياع وحرمان المحرومين لتأجيج نار الثورة وبالتالي إحداث التغيير. كما أنَّ كلُّ ثورات التغيير أو التحرر الأفريقية في القرن العشرين التي قامت في الكنغو والنيجر ونيجيريا وروديسيا وزنجبار وجنوبي أفريقيا كان وقودها المأجج أوار نارها عامة الشعب البسطاء. وفي القديم الغابر لم يتمكن " بروتس " من إحداث ثورته وانقلابه على " يوليوس قيصر " وقتله إلا بالاستعانة بعامة الشعب وبسطائه، وهم نفس الفئة الذين استغلهم خصوم بروتس السياسيين في الثورة المضادة التي قادوها ضده وبهم تمكنوا من بروتس وحركته. كما أنّ بعض العملاء المستوزرون من صنائع الكافر المستعمر في العالم الإسلامي قد عمدوا لاستغلال القاعدة الشعبية باستمالة عامة الناس وضمهم في صفوف أحزابهم من أجل الضغط بواسطتهم لتحقيق مكاسب آنية لهم. كما حدث في مصر في سنوات الأربعينيات من القرن الماضي (القرن العشرين )، حيث قام الباشاوات الإقطاعيون أصحاب الطرابيش الحمراء بضم عامة الناس لحزب النحّاس وفؤاد سراج الدين ( حزب الوفد ) مستغلين إياهم كورقة ضغط فاعلة عند الملك والإنجليز لتحقيق مكاسبهم الشخصية عن طريق تحريك الشارع المصري بالمظاهرات وغيرها، في حين قامت زوجاتهم من خلال الهالة من الإعجاب والتأييد التي أحدثها ضم عامة طبقات الشعب لحزب أزواجهنَّ من استغلال ذلك لتمرير لمؤامرة " حركة تحرير المرأة " ولمســاندة دعوات الناعق " قاسم أمين " والقيام بتحدي مشاعر المسلمين ودينهم بقيامهم بتمزيق الحجاب علناً في حشد شعبي آثم في ميدان الأزبكية بالقاهرة الذي استبدل باسم " ميدان التحرير " تخليداً لهذه المناسبة المجرمة من يومها وليومنا هذا ..... كما أن عملاء الإنجليز في الأردن سليمان باشا النابلسي وعبد الحليم النمر قد لجئا في مرحلة معينة في أوائل الســتينات بتوجيه من المخبرات الإنجليزية لتأسيس " الحزب الوطني الدستوري" ذلك الحزب الذي أداره وأدار جريدتيه ( الميثاق والصريح ) من خلف ستار سكرتيرة الباشا اليهودية الإسرائيلية ( سارة عمرام ). وكان من المقاصد الخفية وراء تشكيل هذا الحزب تمكين وزارة الباشا من استغلال الشارع لتمرير مخططات رهيبة لصالح النظام الحاكم ولأسيادهم الكفار المستعرين بعد هالة من الشعبية الزائفة التي أحاطوها بذلك الزعيم المستوزر والتي منحته 59 صوتاً من مجموع أصوات نواب المجلس البالغة ستون صوتاً. وقد كشف نائب حزب التحرير في مجلس النواب الأردني عن منطقة طولكرم سماحة الشيخ أحمد الداعور ذلك المخطط الإجرامي الرهيب في جلسة الثقة لحكومة الباشا العميل حيث جاء في مقدمة كلمته: ( أتقدم إليكم ببياني هذا لأكشف البرقع الشفاف الذي يخفي سحنة الاستعمار في هذه الحكومة...) انتهى ودعوة الإسلام في مكة رفضها وقاومها وحال دون اعتناقها سادة القوم من زعماء وقادة عشائر ومفكرين وأدباء وشعراء وحكماء وتجار وأصحاب النفوذ والتأثير وأصحاب رؤوس الأموال. واعتنقها وقاوم من أجلها وبذل الغالي والرخيص من أجلها أفراد من عامة الناس من المحرومين والمغمورين، ومع أنه كان من مشاهير المسلمين في الدعوة في العهد المكي تجار وقادة وزعماء وأدباء وأصحاب نفوذ وتأثير وأصحاب رؤوس أموال، إلا أن الغالبية العظمى من المسلمين كانت من عامة الناس البُسَطاء ومن المحرومين والعبيد، وبهؤلاء المضطهدين الحفاة العراة الجياع انطلق الرسول صلى الله عليه وسلم ينشر دعوته ويقيم دولته في المدينة المنورة، لينطلق منها بهم لنشر الدعوة بالجهاد داكا الحصون والقلاع وفاتحاً الأمصار والبلاد فتحول العبيد والمحرومين إلى قادة وأسياد وأمراء. وفي تكتل حزب التحرير العامل لاستئناف الحياة الإسلامية والذي قام في أوائل الخمسينيات من القرن المنصرم ركز قائد التكتل وخليتها الأولى على كسب أصحاب الفعاليات والتأثير من أدباء وعلماء وفقهاء ومفكرين وحملة شهادات جامعية وقادة مجتمع، وكسب العديد منهم، بل قد كانت الحلقة الأولى التي حملت الدعوة منهم، ومن تلك الحلقة الأولى انبثقت القيادة الأولى، إلا أنه نسأل الله له الرحمة لم ينس الركيزة الثابتة من غيرهم، فكان من مشاهير حملة الدعوة الأوائل تجار وعمال وصناع وأجراء، وكان منهم الجزار والبقال والفكهاني والاسكافي والفران والترزي والمزارع والطالب. فاختلط الجامعي الأزهري والمهندس والأمي الذي يمهر الوثائق ببصمة إبهامه في تكتل فريد لم يشهد التاريخ له مثيلا يعملون سويةً ويداً بِيَـدٍ لمحاولة تغيير الأوضاع بمحاولة دخول المجتمع وإحداث القاعدة الشعبية والرأي العام المنتج للتغيير بالفكر الذي حملوه وتنبنوه، الفكر الذي جمع وساوى بين حامل الشهادة الجامعية والأمي الذي لا يقرأ ولا يكتب، وبين العالِـمُ والتاجر، وبين المهندس والعامل، وبين الأديب والطالب. لم يُفاضل بينهم لطبقاتهم المتغايرة، بل كانت المفاضلة بينهم على ضوء المتفاعل مع الدعوة أكثر كائناً من كانت طبقته، فتقدَّمَ أحياناً الطالب على الأديب، وتقدم في حالات أخرى الفران الأمي على العالِم...... حتى الحلقة الأولى التي نشرت الدعوة والتي ضمت جمعاً خيّراً من أفاضل العلماء والمثقفين وحملة الشهادات الجامعية، ناء كاهل بعضهم وفترت همته ونكل عن مواصلة الطريق فتخلف وترك المسيرة، في حين استمر غيرهم في العمل بهمة ونشاط، منهم العمال والأميين والتجار والصُّناع استمروا في العمل سوياً مع إخوان لهم من العلماء والفقهاء والأدباء والشعراء والمهندسين والوجهاء ورؤساء العائلات ومدراء الشركات والمؤسسات وأصحاب المصانع وضباط الجيش. والرابط الوحيد بينهم وهم يشكلون جميع ألوان طيف هذا المجتمع أنهم حملة دعوة وأنهم جميعاً وبلا استثناء مفكرون وسياسيون وأنهم النخبة الصالحة من الأمة لأنهم حملوا أرقى فكر منبثق عن المبدأ الوحيد الصالح للتغيير، وبهذا الفكر وبه وحده يعملون للتغيير وسيصلون للغاية إن شاء الله قريباً ويومئذ سيفرح المؤمنون. أما حركة النكث التي استهدفت الحزب ووجوده وعملت جاهدة بتحريك خفي لهدمه وإلحاقه بالماضي، وكانت من أخطر المراحل في تاريخه، فقد قادها وأشعل أوار فتنها نفر من حملة الشهادات الجامعية والألقاب البراقة، جمح بهم الغرور حين ظنوا في أنفسهم القادة والسادة والطبقة التي يجب أن تقود وتأمر فتطاع، فانبرى لهم المخلصون من أفراد التكتل من كل الطبقات المشخصون بقوة فكرهم وسلامة عقيدتهم وتقواهم فوأدوا الفتنة في مهدها: فتنة أصحاب القمصان البيضاء والياقات المنشاة وربطات العنق، ليثبتوا أنّ الفكر هو الرابط الذي لا تنقصم عراه في التكتل مقروناً بالتقوى وإخلاص النية لله تعالى. وفي الندوات والنقاشات ودروس المساجد والمحاضرات رأينا الغلبة والفوز للأمي السياسي حامل الفكر المستنير على العالِم حامل أرقى الشهادات الجامعية. فقد كان حملنا للدعوة ودخولنا للمجتمع بفكرنا الذي حملناه، كائناً من كان حامله، وربما كان حملة الدعوة من بٌسَطاء الناس أنشط وأقوى أثراً وتأثيراً في ذلك من المثقفين حملة الشهادات الجامعية، سواء منها الأكاديمية أو الشرعية أو الأدبية. فلم نحمل الدعوة أبداً ولم نصل لإحداث العملية الصهرية بالمثقفين أصحاب القمصان البيضاء والياقات المنشاة وربطات العنق، لا بل قد حملنا الدعوة بهم وبإخوانهم ممن يمهرون الوثائق ببصمة إبهامهم الأيسر من العمال والصناع من بُسَطاء الناس وعامتهم. ويجب التنبيه هنا أننا لم ولن ننشر الدعوة بين الناس ونكسبهم لها بطبقة أصحاب ربطات العنق حملـة الألقاب والشهادات الجامعية، وإن كان من الطبيعي والبديهي والضروري أن يكون في صفوفنا الكم الهائل من هؤلاء الناس بصفتهم من شرائح المجتمع، ولأنهم من أصحاب التأثير في أوساطهم وفي غير أوساطهم إن أحسنوا حمل الفكر وتفاعلوا معه وأخلصوا النية لله تعالى... كما أن التركيز عليهم دون غيرهم من طبقات المجتمع يفرغ العمل من محتواه ويغير مسار العمل حيث يركز على الطبقيــة الجوفـــاء والشعور بالرقي المظهري، وهذا الشعور هو - إن حصل لا سمح الله - أول طريق انهيار التكتل، لأنه يضعف حرص التكتل على كسب ثقة البسطاء من الأمة، ومتى تحول التكتل إلى تكتل عنوانـه وواجهته أصحاب الياقات المنشاة وربطات العنق متجاهلاً الذخيرة الهامة وهي بسطاء الناس المأهلون للتفاعل مع الفكر ونشر المبدأ فقد عمل على صرف الأمة عنه مما يُنتج انهياره، وبعدها يحتاج إلى جهود مضنية لمعاودة كسب ثقة الأمة وإقناعها للعمل معه. وذلك بالتأكيد هو من مقاصد التحذير الوارد في كتاب التكتل الحزبي حيث يقول: (وأمّا الخطر الطبقي فإنّه يتسرب إلى رجال الحزب، لا إلى الأمة. وذلك أنه حين يكون الحزب يمثل الأمة أو أكثريتها، تكون له مكانة مرموقة، ومنزلة موقرة، وإكبار تام من قبل الأمة والخاصة من الناس. وهذه قد تبعث في النفس غروراً، فيرى رجال الحزب أنهم أعلى من الأمة، وأن مهمتهم القيادة، ومهمة الأمة أن تكون مقودة. وحينئذ يترفعون على أفراد الأمة، أو على بعضهم، دون أن يحسبوا لذلك حساباً. وإذا تكرر ذلك صارت الأمة تشعر بأن الحزب طبقة أخرى غيرها، وصار الحزب كذلك يشعر بالطبقية. وهذا الشعور هو أول طريق انهيار الحزب، لأنه يضعف حرص الحزب على ثقة البسطاء من الجمهور، ويضعف ثقة الجمهور بالحزب، وحينئذ تبدأ الأمة تنصرف عن الحزب......) [1] انتهى وأضيف على ما تقدم أن أخطر من ذلك هو أن يفقد الحزب ثقـة أفراده العاديين حين يرون أن حزبهم قد تحوَّل عنهم من حزب قوامه وذخيرته الفكر وحملتة إلى حزب الأطباء والمهندسين أصحاب ربطات العنق بدل أن يكون حزب الفكر ومن حمله كائناً من كان. أننا في هذه المرحلة بالذات وقد تمكن التكتل من كسب مكانة مرموقة، ومنزلة موقرة، وإكبار تام من قبل الأمة والخاصة من الناس، حيث يتوافد الناس على حضور مؤتمراتنا ومحاضراتنا بالآلاف المؤلفة، ويتلهفون على سماع آرائنا السياسية فيما يستجد من أحداث تهمهم، وينظر الناس بإعجاب شديد لحسن ترتيبنا وأدائنا في ذلك، وينظر الناس إلى تحركنا المنظم في المناسبات العامة وبأعداد هائلة نسبياً من شبابنا أكثر مما ظنوا، وحين يرى الناس أننا لسنا شرذمة صغيرة لا وَزنَ لها ولا يُحسب لها حساب كما يروج الخصوم ووسائل إعلامهم. في هذه المرحلة بالذات نحن أحوج للتواضع وعدم الغرور. فمهما كثر عددنا ومهما وصل ثقلنا في المجتمع، فإن هذا الصرح الشامخ ممكن أن ينهار إذا وصل إلى صفوفنا فيروس الغرور ومرض الطبقيـــة، والشعور بأننا حزب أصحاب القمصان البيضاء والياقات المنشاة وربطات العنق حملة الألقاب البراقة والشهادات الجامعية. لا بل نحن حملة الإسلام فكرة وطريقة، نحرص أن يكون فينا العالِم والفقيه والمجتهد والمهندس ورجل الأعمال والأديب والحكيم والشاعر والمعلم والطبيب، ونحرص بنفس القدر على أن يكون فينا أيضاً وقبل ذلك القصاب والترزي والمزارع والفران والاسكافي والفكهاني والبقال وسائق الجرار وطالب العلم والتاجر وكل طبقات المجتمع، وبهم جميعاً في تكتل عنان فريد سنقيم دولة الخلافة الراشدة التي ستدك حصون الظالمين وتفتح البلاد أمام الدعوة إن شاء الله. وبناء عليه فلا ضير أبداً أن يصل إلى المراكز القيادية والإدارية أقوى الأفراد لتحمل ذلك باعتبار التمكن الفكري والإداري فقط بغض النظر عن طبقاتهم، وأن يصل إليها أقوام من بُسطاء الناس وعامتهم، وأن تكون الأولوية في توكيل المهمات والأعمال الحزبية لجميع الأفراد من كل الطبقات من هذا المنطلق، فيفاضل في انتقاء الأفراد لهذه الأعمال بالصلاحية الفكرية والإدارية ليس إلا، وتعتبر عملية انتقاء الأفراد لتلك الأعمال والمهمات على أساس طبقـي كنوع من الغــرور القاتل والانتحار الموصل للطبقية الجوفاء الموصلة بالتأكيد للتصدع وبالتالي للانهيار والفشل. وحتى نكون على بينة من الأمر وعواقبه المحتملة فإن من الخطورة المستقبلية للنظرة الطبقية تلك أنه إن وصل التكتل لقيادة الأمة برغم ما تقدم وبذلك الشعور من الطبقية الجوفاء في قياداته فسيكون وبالاً على الأمة التي سيقودها، إذ سيبرز الظلم وتتحول الدولة إلى دولة طبقات ومحاسيب وأتباع، مما يظهر الفساد بانعدام المساواة والعدل، ويتسبب ذلك ببروز الهوة السحيقة بين الحاكم والمحكوم، ويشعر الناس أن حكامهم ليسوا منهم مما يُضعف القاعدة الشعبية لهؤلاء الحكام عند الأمة، وهذا يعني الانحراف عن المبدأ والتخلي عن الفكر والمتبنيات، والتحول إلى المُلك العضوض. على أن ذلك لا يعني أن يُهمل التركيز على حملة الشهادات والألقاب وعليَّـة القوم وأصحاب النفوذ والتأثير، والعكس هو الصحيح فكما ورد في بداية البحث يجب التركيز عليهم بصفتهم أفراد يعيشون في هذا المجتمع، كغيرهم من بقية طبقات الناس وبنفس القدر، ومحاولة كسبهم ما استطعنا لذلك سبيلنا استئناساً بهدي المصطفى S وتقيداً بطريقته وخط سيره، كما أنَّ بهـم ومعهم إن صلحوا وتفاعلوا مع الدعوة وأفكارها نختصر الطريق ونصل للغايات بأقصر الطرق وأسلمها إن شاء الله. [1] - التكتل الحزبي . صفحة 53.
    2 points
×
×
  • اضف...