اذهب الي المحتوي
منتدى العقاب

الأعضاء المتميزين

  1. أبو موسى

    أبو موسى

    الأعضاء


    • نقاط

      6

    • Posts

      12


  2. واعي واعي

    واعي واعي

    المشرفين


    • نقاط

      2

    • Posts

      6,320


  3. عبد الله العقابي

    • نقاط

      1

    • Posts

      1,019


  4. عزالدين أبو البشير

Popular Content

Showing content with the highest reputation on 12 أغس, 2018 in all areas

  1. الاقتصاد التركي لا يمكن أن ينهض بتحويل العملات الصعبة إلى الليرة التركية كما دعا أردوغان، وإنما يؤدي هذا الأمر إلى استقرار مرحلي لليرة إن تم ولا يدوم طويلا، فالاقتصاد التركي هو اقتصاد رأسمالي (اقتصاد ربوي) قائم على وجود دائن ومدين وفائدة ربوية، وهذا الأمر يؤدي إلى جعل المال في يد فئة قليلة، وهم أصحاب رؤوس الأموال، وتراكم الديون مع الفوائد على المدينين، وهذا النظام قد زاد الطين بلة عندما فصل العملة الورقية عن القاعدة الذهبية؛ مما أدى إلى وجود التضخم، فالدولة عندما تعجز عن سداد ديونها فإنها تلجأ إلى طبع أوراق نقدية جديدة بسياسة معينة لتتخلص من هذه الديون -ولو مؤقتا-، ولندرك حجم التضخم نضرب مثالا على ذلك بالدولار -العملة الأكثر تداولا في العالم-، فالأونصة في عام ١٩٧١ كانت تساوي ٣٥ $، أما الآن فالأونصة تساوي 1211$، هذا بالنسبة للعملة الأكثر تداولا في العالم، فما بالك بالليرة التركية وغيرها من العملات، فكم ستكون نسبة التضخم فيها؟! وهذا النظام القائم على اقتصاد وهمي -كما عبر عنه كثير من الاقتصاديين- يمر بأزمات حتمية لا يمكن تلافيها، وخاصة عند الكوارث والحروب، فهذه العملات كما ذكرنا لا تملك غطاء ذهبيا ولا حتى غطاء من السلع والخدمات، فهي تعتمد على القانون وقوة الدولة، والناس في حالات الحروب والكوارث يلجأون إلى البنوك لسحب أموالهم للحفاظ عليها وتحويلها إلى عملات مستقرة، وبما أن هذا الاقتصاد وهمي فستعجز البنوك عن السداد، أو لن يسمح لها بالسداد، وقد قال أحد المحللين الاقتصاديين الألمان: (إن البنوك اليوم ليس لديها من المال ما تدعي أنه لديها، بل لديها أقل من 15 %من واقع المال، وما هي إلا جولة بسيطة تكشف عن حجم هذه الديون وعجز المدينين عن السداد في لحظة معينة حتى ينهار كل شيء). وقد مر العالم الغربي الرأسمالي بأزمتين مدمرتين إحداهما في عام ١٩٢٩ ولأخرى في عام ٢٠٠٨ واستمرت حتى ٢٠١٠ ومن المتوقع أن يمر هذا الاقتصاد بأزمة ستكون هي القاضية عليه، وتركيا هي جزء من هذا النظام المعتمد على الاقتصاد الوهمي، وفوق ذلك فإن أردوغان قد بنى على هذا الاقتصاد الوهمي فقاعة اقتصادية، واستعبد الشعب التركي عند الرأسماليين، وتركيا ستمر بأزمات حتمية ما دامت تطبق هذا النظام المعتمد على وجود دائن ومدين وفائدة ربوية، فمن أراد الحفاظ على ماله فاليحوله إلى ذهب أو فضة فهذه المعادن لها قيمة ثمنية بذاتها. ✍ عزالدين أبو البشير
    1 point
  2. بسم الله الرحمن الرحيم أزمة تركيا المالية... نظرة من فوق الواقع الخبر: أخبار متعددة حول الانخفاض الحاد في قيمة العملة التركية وارتفاع نسبة التضخم وغيرها من متاعب اقتصادية. (3 حزيران 2018) التعليق: بعيدا عن الاستقطاب بين تركيا ومناكفيها الإقليميين، وترفعاً عن الواقع الفاسد، والتصاقاً بالمبدأ، أقول إن الاقتصاد التركي - كما هو الاقتصاد في جميع الدول القائمة في العالم الإسلامي - لن يجلب الخير لأهله لا في الدنيا ولا في الآخرة، طالما أن أساس الاقتصاد هو أساس رأسمالي ما أنزل الله به من سلطان؛ تُستباح من خلاله أموال البلاد واقتصادها من خلال فتح الأسواق المالية على النمط الغربي وتمكين الرساميل الغربية من التداول فيها ومن إدخال أموالهم إلى البلاد وإخراجها منها بسهولة، بحجة السوق المفتوح. بصفة عامة، فإن الاقتصاد الرأسمالي يحوي ثلاث أنظمة أساسية: نظام الشركات المساهمة، ونظام الربا المصرفي، ونظام النقد الورقي الإلزامي. والتي تتعاضد لتؤدي إلى انفصام العلاقة بين سوق الأوراق المالية وبين الاقتصاد الفعلي، وإلى صيرورة سوق الأسهم إلى (كازينو) كبير للقمار. كما وتجعل من المضاربات والتقلبات الحادة والتضخم حالة دورية ومزمنة! أما نظام الربا المصرفي فهو حرب من الله ورسوله e، وهو رأس البلاء والذي يجعل المال دُولة بين أيدٍ قليلة. وأما نظام النقد الورقي الإلزامي فمن طبيعته إنشاء المال بطباعة النقد الورقي أو قيده بحسابات الدولة أو الناس في البنوك، مما يؤدي إلى تكثير الكمية المتداولة من النقد وبالتالي انخفاض قيمته بين أيدي الناس (التضخم). وثالثة الأثافي نظام الشركات المساهمة التي تناقض أحكام الشرع الإسلامي كل المناقضة. لن تعرف تركيا، ولن يعرف العالم بشكل عام، الاستقرار الاقتصادي إلا بإلغاء هذا النظام الاقتصادي الرأسمالي الفاسد، وإلغاء نظام الشركات المساهمة أو تحويلها إلى شركات إسلامية، وإلغاء نظام الربا المصرفي وغير المصرفي إلغاءً كلياً، وإلغاء نظام النقد الورقي الإلزامي، والعودة إلى نظام الذهب والفضة. وبذلك ينتهي التضخم الفظيع في قيمة النقود، وتنتهي القروض الربوية المصرفية، والمضاربات التي تهز الأسواق المالية، كما تنتهي الحاجة إلى البنوك الربوية. وللمزيد من التفصيل، أحيل إلى كتاب "الأزمات الاقتصادية، واقعها ومعالجاتها من وجهة نظر الإسلام" لأمير حزب التحرير العالم الجليل عطاء بن خليل أبو الرشتة. http://archive.hizb-ut-tahrir.info/arab…/AmrDoc/…/azamat.pdf كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير م. أسامة الثويني – دائرة الإعلام / الكويت
    1 point
  3. كتيب - هزات الأسواق المالية نسخة محدثة بتاريخ 2018/04/03م نسخة محدثة بتاريخ 2018/04/03م
    1 point
  4. 1 point
  5. أصول الفقه الميسرة الجزء الأول: الحاكم: من له السيادة الشرع أم العقل بسم الله الرحمن الرحيم المقدمة لقَد كَانَ مَبحَثُ أصُولِ الفِقْهِ مَحَلَ عِنَايَةٍ فَائِقَةٍ عِندَ فُقَهَاءِ المُسلِمِينَ وَعُلَمَائِهِمُ المُتقَدِّمِينَ مِنهُمْ والمُتأخِّرِينَ؛ لِمَا لَهُ مِنْ عَظِيمِ الأثَرِ فِي ضَبطِ الاجتِهَادِ واستِنبَاطِ الأَحكَامِ الشَّرعِيَّةِ, لِمُعَالَجَةِ قَضَايَا المُسلِمِينَ وَالمُستَجَدَّاتِ, وَمِنَ الطَّبِيعِيِّ أن يكُونَ هَذَا المَبحَثُ مَحَلَّ اهتِمَامٍ كَبِيرٍ فِي أَيامِنَا هَذِهِ مِنْ قِبَلِ فَرِيقَينِ: الفريق الأول: هُوَ ذَلِكَ الفَرِيقُ الذِي كَرَّسَ عِلمَهُ وَجُهدَهُ لِخِدْمَةِ أعَدَاءِ المُسلِمِينَ الذِينَ يَعمَلُونَ لِتَروِيجِ أفكَارِ الغَربِ وَمَفَاهِيمِهِ وَتَسوِيقِهَا فِي بِلادِ المُسلِمِينَ, تَحْتَ غِطَاءٍ مِنَ القَوَاعِدِ الفِقْهِيَّةِ التِي يَكثُرُ ذِكرُهَا عِندَ تَبرِيرِ عَدَمِ تَطبِيقِ الإِسلامِ, وَتَبرِيرِ عَدَمِ الالتِزَامِ بِمَا هُوَ مَقطُوعٌ بِهِ فِي الشَّرِيعَةِ مِنْ وَاجِبَاتٍ وَمُحَرَّمَاتٍ, وَتَبرِيرِ السَّيرِ مَعَ الغَربِ المُعَادِي للإِسلامِ, وَأَخَذُوا يُرَدِّدُونَ عَلَى مَسَامِعِ النَّاسِ قَوَاعِدَ دَسُّوهَا فِي أصُولِ الفِقْهِ لِلتأثِيرِ فِي الرَّأيِ العَامِّ. وَمِنْ هَذِهِ القَوَاعِدِ: المَصَالِحُ المُرسَلَةُ, وَالتَّدَرُّجُ فِي تَطبِيقِ الإِسلامِ وَمَا لا يُؤخَذُ كُلُّهُ لا يُترَكُ جُلُّهُ, وَالضَّرُورَاتُ تُبِيحُ المحظُورَاتِ, وَلا يُنكَرُ تَغَيُّرُ الأَحكَامِ بِتَغَيُّرِ الأَزمَانِ, وكَذَلِكَ الرُّخَصُ المأخُوذَةُ مِنَ الفَهمِ المَغلُوطِ لِمَقَاصِدِ الشَّرِيعَةِ, كَأَخَفِّ الضَّرَرَينِ وَأهوَنِ الشَّرينِ. كُلُّ ذَلِكَ لِلحَيلُولَةِ دُونَ وُصُولِ الإِسلامِ إِلَى الحُكْمِ وَحدَهُ دُونَ سِوَاهُ, وَلِتَبرِيرِ التَّنازُلاتِ لِلتَّعَايُشِ مَعَ الكُفرِ, حَتَّى أَصبَحَ مَبحَثُ أُصُولِ الفِقْهِ مِنَ المَبَاحِثِ التِي تُطَوِّعُ النَّاسَ لِلغَرْبِ الكَافِرِ وَتَجعَلُ الحَركَاتِ الإِسلامِيَّةَ مَطِيَّةً لِتَحقِيقِ أَهدَافِ الكُفَّارِ, إِلَى أَنْ أَصبَحَ فِي المُسلِمِينَ مَنْ يَدعُو إِلَى الدِّيمُقرَاطِيَّةِ, وَالدَّولَةِ المَدَنِيَّةِ, وَيُفتِي بِإِبَاحَةِ الرِّبا وَالمُشَارَكَةِ فِي حُكُومَاتٍ لا تَحكُمُ بِالإِسلامِ بَلْ تُعَادِيهِ, وَيُوجِبُونَ عَلَى المُسلِمِينَ أَنْ يَكُونُوا أَعضَاءَ فِي الكِنِيسِتِ الإِسرَائِيليِّ, وَأنْ يَكُونُوا أعضَاءَ فِي مَجَالِسِ تَشرِيعِيَّةٍ فِي بِلادِ المُسلِمِينَ أو فِي بِلادٍ غَربِيَّةٍ مُعَادِيَةٍ للإِسلامِ, كُلُّ ذَلِكَ بِحُجَّةِ المَصلَحَةِ. وَكَانَ هَذَا الفَرِيقُ بِحَقٍّ عَقَبَةً كَأدَاءَ فِي وَجْهِ دَعوَةِ الإِسلامِ, وَسَهْمًا مَسْمُومًا فِي صَدْرِ الإِسلامِ, وَاستُخدِمَتْ فَتَاوَاهُمْ أَدَاةً فِي قَتلِ المُسلِمِينَ تَحْتَ مُسَمَّيَاتِ التَّطَرُّفِ وَالإِرهَابِ! الفريق الثاني: أمَّا الفَرِيقُ الثَّانِي فَهُوَ ذَلِكَ الفَرِيقُ مِنَ المُخلِصِينَ الذِينَ نَذَرُوا حَيَاتَهُمْ لِخِدْمَةِ الإِسلامِ وَدَعوَتِهِ, وَعَودَتِهِ فِي دَولَتِهِ, فَأَخَذُوا عَلَى عَاتِقِهِمْ تَنقِيَةَ هَذَا العِلْمِ الجَلِيلِ مِنْ كُلِّ دَخِيلٍ عَلَيهِ.
    1 point
  6. العقل بِدَايَةً نَطرَحُ التَّسَاؤُلاتِ الآتِيَةَ, ثُمَّ نُحَاوِلُ الوُصُولَ إِلَى الإِجَابَاتِ الصَّحِيحَةَ: مَا حَقِيقَةُ العَقلِ الذِي يُسنَدُ إِلَيهِ التَّشرِيعُ؟ وَمَتَى يَكُونُ حُكمُهُ قَطْعِيًا؟ وَمَتَى يَكُونُ ظَنيًا؟ وَمَتَى يَكُونُ خَيَاليًا لا يَجُوزُ الالتِفَاتُ إِلَيهِ؟ وَهَلْ هُنَاكَ عَقْلٌ مِثَالِيٌّ يُرجَعُ إِلَيهِ فِي إِصدَارِ الأَحكَامِ, فَيُعطِيَ أَحكَامًا ثَابِتَةً, وَغَيرَ مُتَنَاقِضَةٍ وَلا مُتَفَاوِتَةٍ وَلا مُختَلِفَةٍ؟ وَهَلْ هُوَ عَقْلُ زَيدٍ أَم عَمْرٍو؟ وَعِندَ اختِلافِ الأَحكَامِ لاختِلافِ العُقُولِ, فَأَينَ هُوَ الحَقُّ؟ وَهَلْ صَاحِبُ الحَقِّ يَتَّصِفُ بِصِفَاتِ الكَمَالِ؟ أَمْ يَتَّصِفُ بِصِفَاتِ العَجْزِ والنَّقصِ وَالاحتِيَاجِ, وَاتِّباعِ الهَوَى, وَبِالتَّالِي يَنعَكِسُ ذَلِكَ عَلَى تَشرِيعِهِ؟ وَلِلوُصُولِ إِلَى الإِجَابَاتِ الصَّحِيحَةَ نَقُومُ بِعَرضٍ لِوَاقِعِ العَقلِ فَنَقُولُ: العَقْلُ وَالإِدرَاكُ: مَعنَاهُمَا وَاحِدٌ هُوَ الكَيفِيَّةُ التِي يَجرِي وَفْقَهَا مُحَاكَمَةُ الوَاقِعِ وَإِصدَارُ الحُكْمِ عَلَيهِ, فَالعَقْلُ هُوَ آلِيَّةُ التَّفكِيرِ, ثَمَرَتُهَا الفِكْرُ, وَهُوَ إِصدَارُ حُكْمٍ عَلَى وَاقِعٍ يَتِمُّ عَلَى النَّحْوِ الآتِي: 1. الوُقُوفُ عَلَى الوَاقِعِ المُرَادِ إِعمَالُ الفِكْرِ فِيهِ, وَإِصدَارُ الحُكْمِ عَلَيهِ, وَتَسلِيطُ الحَوَاسِّ مِنْ سَمْعٍ وَبَصَرٍ وَغَيرِهِمَا عَلَيهِ. 2. نقَلُ الإِحْسَاسِ بِالوَاقِعِ إِلَى الدِّمَاغِ. 3. وُجُودُ الدِّمَاغِ الصَّالِحِ وَالقَادِرِ عَلَى الرَّبطِ وَالتَّحلِيلِ وَإِعمَالِ الفِكْرِ فِيمَا نُقِلَ إِلَيهِ عَبْرَ الحَوَاسِّ, كِدِمَاغِ الإِنسَانِ الرَّاشِدِ, فَلا يَصلُحُ دِمَاغُ الطِّفلِ قَبلَ البُلُوغِ, وَلا دِمَاغُ الحَيوَانِ أَوِ المَجنُونِ. 4. وُجُودُ مَعلُومَاتٍ سَابِقَةٍ مُخَزَّنةٍ فِي هَذَا الدِّمَاغِ عَنِ الوَاقِعِ الذِي جَرَى الإِحسَاسُ بِهِ لِيُفَسَّرَ هَذَا الوَاقِعُ بِحَسَبِهَا. وَمِنْ هُنَا يَتَبَيَّنُ لَنَا أَنَّ الإِدرَاكَ عِندَ الإِنسَانِ لَهُ أَركَانٌ أَربَعَةٌ مُحَدَّدَةٌ هِيَ: وَاقِعٌ مَحْسُوسٌ, وَنَقْلُ الإِحسَاسِ بِالوَاقِعِ إِلَى الدِّمَاغِ, وَدِمَاغٌ صَالِحٌ لِلرَّبطِ, وَمَعلُومَاتٌ سَابِقَةٌ عَنِ الوَاقِعِ. وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ نَستَطِيعُ أَنْ نَقطَعَ بِأَنَّ العَقْلَ مَجَالُهُ الوَاقِعُ المَحْسُوسُ, وَهُوَ الأَفعَالُ وَالأَشيَاءُ, وَإِنْ كَانَ الوَاقِعُ غَيبِيًا غَيرَ مَحْسُوسٍ لا يَقَعُ عَلَيهِ الحِسُّ فَسَيَقِفُ العَقْلُ عَاجِزًا عَنْ إِدرَاكِهِ وَإِصدَارِ الأَحكَامِ عَلَيهِ. وَمِثَالُهُ البَحْثُ فِي الغَيبِيَّاتِ, وَمَا يُسَمَّى "بالميتافيزيقا" أَيْ مَا وَرَاءَ الطَّبِيعَةِ فَالعَقلُ عَاجِزٌ عَنْ إِدرَاكِ مَا وَرَاءَ المَحسُوسِ, وَكُلِّ مَا يُتَوَصَّلُ إِلَيهِ مِنْ أَحكَامٍ عِندَ الفَلاسِفَةِ وَالمُفَكِّرِينَ هُوَ فِكْرٌ خَيَالِيٌّ لا يَرتَقِي إِلَى أَنْ يُسَمَّى فِكرًا, وَمِنْ جَانِبٍ آخَرَ لا بُدَّ مِنْ مَعلُومَاتٍ سَابِقَةٍ, فَالعَقلُ يَعجَزُ عَنْ إِدرَاكِ أَيِّ وَاقِعٍ لا يُوجَدُ لَدَيهِ مَعلُومَاتٍ سَابِقَةٍ عَنهُ. وَعَلَى سَبِيلِ المِثَالِ لَو عَرَضنَا كِتَابًا بِاللُّغَةِ العَرَبِيَّةِ عَلَى شَخصٍ مِنْ أَهلِ الصِّينِ لا يَعرِفُ اللُّغَةَ العَرَبِيَّةَ, وَلَيسَ لَدَيهِ مَعلُومَاتٌ سَابِقَةٌ عَنْهَا, فَلا يَستَطِيعُ أَنْ يُدرِكَ شَيئًا مِنَ الكِتَابِ العَرَبِيِّ. وَعَكْسُ المِثَالِ صَحِيحٌ, فَلَو عَرَضنَا كِتَابًا بِاللُّغَةِ الصِّينِيَّةِ عَلَى شَخْصٍ عَرَبِيٍّ لا يَعرِفُ اللُّغَةَ الصِّينِيَّةَ, وَلَيسَ لَدَيهِ مَعلُومَاتٌ سَابِقَةٌ عَنهَا, فَلا يَستَطِيعُ أَنْ يُدرِكَ شَيئًا مِنَ الكِتَابِ الصِّينِيِّ. هَذِهِ هِيَ حَقِيقَةُ العَقلِ, فَكَانَ لا بُدَّ مِنْ مَعرِفَةِ حَقِيقَتِهِ؛ لِنَعرِفَ مَتَى يَجُوزُ الرجُوعُ إِلَيهِ فِي الحُكْمِ عَلَى الوَاقِعِ, وَمَتَى لا يَجُوزُ. فَالحُكْمُ عَلَى الوَاقِعِ المَحسُوسِ يُمكِنُ الرُّجُوعُ إِلَى العَقْلِ فِيهِ, وَلا يَعنِي ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ حُكمُهُ صَحِيحًا صَادِقًا مَقطُوعًا بِهِ. وَأَمَّا الحُكْمُ عَلَى مَا لا يَقَعُ عَلَيهِ الحِسُّ, فَلا يَجُوزُ الرُّجُوعُ إِلَى العَقلِ فِيهِ وَلا بِأَيِّ وَجْهٍ مِنَ الوُجُوهِ, كَالحُكْمِ عَلَى ذَاتِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ, وَصِفَاتِهِ, وَسَائِرِ الغَيبِيَّاتِ. وَعِندَ النَّظَرِ إِلَى العُقُولِ عُمُومًا لا نَجِدُ عَقْلاً مِثَاليًا يُرْجَعُ إِلَيهِ. بَلِ المَوجُودُ عَقْلُ زَيدٍ وَعَمْرٍو وَغَيرِهِمَا, وَهُمْ مُتَفَاوِتُونَ فِي القُدْرَاتِ العَقلِيَّةِ وَالحِسِيَّةِ, وَمُتَفَاوِتُونَ فِي المَعلُومَاتِ وَالمُيُولِ الفِطرِيَّةِ, فَعِندَ الرُّجُوعِ إِلَى هَذِهِ العُقُولِ سَنَجِدُ الاختِلافَ الشَّدِيدَ فِي الأَحكَامِ وَسَنَجِدُ التَّنَاقُضَ, فَقَدْ يَرَى أَحَدُهُمُ التَّدَخُّلَ فِي شُؤُونِ الآخَرِينَ بَاطِلاً, وَيَرَاهُ آخَرُ أَنهُ عَمَلٌ عَظِيمٌ لإِنكَارِ مُنكَرِهِمْ, وَلِغَرسِ القِيَمِ الكَرِيمَةِ فِيهِمْ, وَلِنَقدِ أَعمَالِهِمْ وَتَوجِيهِهِمْ لِمَا يَرَاهُ صَوَابًا, وَقَد يَرَى قَومٌ الْمِثلِيَّةَ حَقًا لِلنَّاسِ, وَيَرَاهَا آخَرُونَ جَرِيمَةً. وَقَد يَرَى قَومٌ أَنَّ عُقُوبَةَ الإِعدَامِ عُقُوبَةً رَادِعَةً فِيهَا حَيَاةٌ لِلنَّاسِ, وَيَراهَا آخَرُونَ شَنِيعَةً بَشِعَةً وَهَكَذَا. وَعِندَ النَّظَرِ فِي الأَحكَامِ الصَّادِرَةِ عَنِ العَقلِ عَلَى الوَاقِعِ المُدرَكِ المَحسُوسِ نَجِدُهَا نَوعَينِ اثنَينِ: النوع الأول: أَحْكَامٌ قَطعِيَّةٌ, وَهِيَ الأَحكَامُ عَلَى الوَاقِعِ مِنْ حَيثُ الوُجُودِ, فَإِذَا وَقَعَ الحِسُّ عَلَى الوَاقِعِ يَكُونُ الحُكْمُ بِوُجُودِهِ يَقِينيًا صَادِقًا. كَمَنْ يَرى الشَّمسَ بِعَينَيهِ فَهُوَ يُوقِنُ بِوُجُودِهَا. النوع الثاني: أَحكَامٌ ظَنيَّةٌ عِندَمَا يَتَعَلَّقُ الأَمرُ بِحَقِيقَةِ الوَاقِعِ وَتَفسِيرِهِ, وَتعتَبَرُ هَذِهِ الأَحكَامُ صَحِيحَةً حَتَّى يَثبُتَ خِلافُ ذَلِكَ. كَمَنْ رَأى بِعَقلِهِ أنَّ الشَّمْسَ تَدُورُ حَولَ الأَرضِ, وَمَنْ رَأى أنَّ المَادَّةَ هِيَ مَا يَشْغَلُ حَيِّزًا وَلَهُ ثِقَلٌ.
    1 point
  7. الإنسان نَبدَأُ مِنْ دِرَاسَةِ وَاقِعِ الإِنسَانِ الذِي نُرِيدُ أَنْ نُشَرِّعَ لَهُ تَشرِيعًا يُسعِدُهُ. الإِنسَانُ هَذَا الكَائِنُ الذِي يَقَعُ تَحْتَ الحِسِّ وَالإِدرَاكِ يَقُولُ لَنَا: إِنَّ وَاقِعَهُ كَيَانٌ مَادِّيٌّ لَهُ خَصَائِصُ مَحْسُوسَةٌ مَلْمُوسَةٌ, هِيَ الحَاجَاتُ العُضوِيَّةُ, وَلَهُ خَصَائِصُ مَحْسُوسَةٌ وَغَيرُ مَلْمُوسَةٍ وَهِيَ الغَرَائِزُ. أولاً: الحاجات العضوية: وَهِيَ كُلُّ مَا يَتَطَلَّـبُهُ الجَسَدُ المَادِّيُّ لاستِمرَارِ بَقَائِهِ, وَالقِيَامِ بِأَعمَالِهِ, وَتَأدِيَةِ أَعضَائِهِ لِوَظَائِفِهَا. وَهَذِهِ الحَاجَاتُ العُضوِيَّةُ مِثلُ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ وَإِخرَاجِ الفَضْلاتِ وَالمُحَافَظَةِ عَلَى اتِّزَانِ العَنَاصِرِ المَادِّيةِ فِي جِسْمِهِ, حَسَبَ النِّظَامِ الذِي يَتَحَكَّمُ فِيهِ مِنْ نِسبَةِ سُكَّرٍ وَأَملاحٍ, وَحَدِيدٍ وَفِيتَامِينٍ, وَهِرمُونٍ وَغَيرِهَا. وَبَعدَ دِرَاسَةِ وَاقِعِ الحَاجَاتِ العُضْوِيَّةِ نَجِدُ أَنَّ لَهَا ثَلاثَ صِفَاتٍ هِيَ: 1. حتمية الإشباع: يَتَوَقَّفُ عَلَى إِشبَاعِهَا أو عَدَمِ إِشبَاعِهَا الحيَاةُ أوِ المَوتُ. 2. حدية الإشباع: بِحَيثُ لا تَتَجَاوَزُ هَذَا الحَدَّ فِي الوَضعِ الطَّبِيعِيِّ, وَإِنَّ أَيَّ تَجَاوُزٍ زِيَادَةً أو نَقْصًا يُشَكِّلُ خَطَرًا عَلَى الإِنسَانِ. 3. مثيرها داخلي: بِحَيثُ يَدفَعُ الإِنسَانَ لِلإِشبَاعِ دَافِعٌ مِنَ الدَّاخِلِ كَفَرَاغِ المَعِدَةِ مِنَ الطَّعَامِ فَيَشعُرُ بِالجُوعِ أَوْ بِالعَطَشِ أَو بِأَيِّ نَقْصٍ فِي حَاجَاتِ الجِسْمِ. ثانيًا: الغرائز وهي: 1. غريزة التدين: وَهِيَ فِطْرِيَّةٌ نَاتِجَةٌ عَنْ صِفَاتِ العَجْزِ وَالنَّقصِ والاحتِيَاجِ عِندَ الإِنسَانِ, وَالشُّعُورُ بِذَلِكَ شُعُورٌ أَصِيلٌ فِي فِطرَتِهِ يَدفَعُهُ لِلبَحثِ عَنِ الجِهَةِ المُتَّصِفَةِ بِصِفَاتِ الكَمَالِ المُطلَقِ فَيُقَدِّسُهَا, وَهَذِهِ هِيَ غَرِيزَةُ التَّدَيُّنِ. وَهِيَ مَوجُودَةٌ فِي كُلِّ إِنسَانٍ, فَمَنْ لَمْ يُقَدِّسِ الخَالِقَ قَدَّسَ المَخلُوقَ, وَمَنْ لَمْ يُعَظِّمْ كَلامَ اللهِ عَظَّمَ كَلامَ البَشَرِ! 2. غريزة النوع: وَهِيَ نَاتِجَةٌ عَنْ مَحْدُودِيَّةِ الإِنسَانِ فَتَدفَعُهُ لِلقِيَامِ بِأَعمَالٍ يَرَى فِيهَا التَّغُلُّبَ عَلَى المَحدُودِيَّةِ بِالإِنجَابِ, وَمِنْ مَظَاهِرِهَا المَيلُ الجِنْسِيُّ, فَمَنْ يُشبِعُ مَيلَهُ الجِنْسِيُّ وَلَمْ يُنجِبْ لا تُحَلُّ مُشكِلَتُهُ, فَكَانَ لا بُدَّ مِنَ التَّفرِيقُ بَينَ الغَرِيزَةِ وَمَظهَرَهَا عِندَ البَحْثِ فِي التَّشرِيعِ؛ حَتَّى لا يُعَالَجَ المَظهَرُ وَيُترَكَ الجَوهَرُ! 3. غريزة البقاء: وَهِيَ نَاتِجَةٌ أَيضًا عَنْ مَحْدُودِيَّةِ الإِنسَانِ وَعَجْزِهِ مِمَّا يَجعَلُ الإِنسَانَ يَشعُرُ بِأَنَّ هُنَاكَ أَخطَارًا تُهَدِّدُ بَقَاءَهُ؛ فَيندَفِعُ لِلعَيشِ فِي مُجتَمَعٍ, وَيَسعَى لِلتَّمَلُّكِ, وَيَمِيلُ لِلزَّعَامَةِ, وَتَظهَرُ العَصَبِيَّةُ القَبَلِيَّةُ, وَغَيرُهَا مِنْ مَظَاهِرِ غَرِيزَةِ البَقَاءِ. فَغَرَائِزُ الإِنسَانِ ثَلاثٌ هِيَ: التَّدَيُّنُ, وَالنَّوعُ, وَالبَقَاءُ. وَلِكُلِّ غَرِيزَةٍ مَظَاهِرُ عِدَّةٌ, فَمَنْ يُرِيدُ أَنْ يَنبَرِيَ لِلتَّشرِيعِ يَجِبُ أَنْ يُدرِكَ هَذَا الوَاقِعَ لِلإِنسَانِ إِدرَاكًا تَامًا, فَيُفَرِّقَ بَينَ الحَاجَاتِ العُضوِيَّةِ وَالغَرَائِزِ, فَالتَّشرِيعُ الذِي يُتَظِّمُ الحَاجَاتِ العُضوِيَّةَ لا يَصلُحُ لِتَنظِيمِ الغَرَائِزِ؛ لأَنَّ وَاقِعَ كُلٍّ مِنهُمَا مُختَلِفٌ تَمَامًا, وَإِلَيكُمُ البَيَانُ: اختلاف الغرائز عن الحاجات العضوية: الغَرَائِزُ عَلَى النَّقِيضِ مِنَ الحَاجَاتِ العُضْوِيَّةِ فَهِيَ: 1. غير حتمية الإشباع: الغَرَائِزُ لا يَتَوَقَّفُ عَلَى إِشبَاعِهَا أَو عَدَمِ إِشبَاعِهَا الحيَاةُ أَوِ المَوتُ, وَلَكِنْ إِنْ لَمْ تُشبَعْ يَشعُرُ الإِنسَانُ بِالقَلَقِ, وَلِذَلِكَ تُعتَبَرُ الحَاجَاتُ العُضوِيَّةُ مِنَ الحَاجَاتِ الأَسَاسِيَّةِ التِي يَجِبُ إِشبَاعُهَا إِشبَاعًا تَامًا لِكُلِّ إِنسَانٍ بِعَينِهِ, وَلا عُذْرَ لِمُشَرِّعٍ إِنْ قَصَّرَ فِي ذَلِكَ تَحْتَ أَيِّ تَفسِيرٍ كَارتِفَاعِ أَسعَارِ الغِذَاءِ فِي الأَسوَاقِ, أو لِعَجْزٍ طَبِيعِيٍّ عَنْ تَحصِيلِهَا عِندَ بَعضِ الأَفرَادِ, أو لِعَجْزٍ طَارِئٍ بِسَبَبِ كَثرَةِ الإِنجَابِ أَوِ البَطَالَةِ أَو الرُّكُودِ الاقتِصَادِيِّ, وَإلاَّ سَيَكُونُ مَنْ يَملِكُ الإِشبَاعَ يَستَحِقُ الحَيَاةَ, وَمَنْ لا يَملِكُ لا يَستَحِقُّ, فَتُصبِحُ المُجتَمَعَاتُ مُتَوَحِّشَةً تَفقِدُ إِنسَانِيَّتَهَا. 2. غير حدية الإشباع: الغَرَائِزُ غَيرُ حَدِّيةِ الإِشبَاعِ, وَهِيَ عَلَى النَّقِيضِ مِنَ الحَاجَاتِ العُضوِيَّةِ التِي لَهَا حَدٌّ تَقِفُ عِندَهُ وَلا تَتَجَاوَزُهُ, فَحَاجَةُ المَعِدَةِ إِلَى الطَّعَامِ مُحْدُودَةٌ بِالكَمِّيةِ التِي تَملَؤُهَا إِلَى حَدِّ الشَّبَعِ. بِخِلافِ غَرِيزَةِ التَّمَلُّكِ مَثَلاً, فَلَو أُطلِقَ إِشبَاعُ التَّمَلُّكِ كَمَا هِيَ الحَالُ فِي حُرِّيةِ الاقتِصَادِ فَلَنْ تَقِفَ عِنْدَ حَدٍّ مُعَيَّنٍ, فَمَنْ مَلَكَ الأَلفَ يَتَطَلَّعُ إِلَى المِليُونِ, وَإِذَا مَلَكَ المِليُونَ يَتَطَلَّعُ إِلَى المَزِيدِ وَهَكَذَا. وَلِذَلِكَ مِنَ الجَهْلِ المُطبِقِ أَنْ يُجعَلَ الطَّعَامُ فِي التَّشرِيعِ مِثلُ التَّمَلُّكِ أَو مِثلُ الجِنْسِ, وَإِلاَّ تَرَتَّبَ عَلَى ذَلِكَ شَقَاءُ الإِنسَانِ الذِي نَرَاهُ فِي الرَّأسمَالِيَّةِ, وَمَا سَبَّبتْهُ مِنْ كَوَارِثَ عَلَى شُعُوبِهَا وَشُعُوبِ العَالَمِ. 3. مثيرها خارجي: الغَرَائِزُ مُثِيرُهَا خَارِجِيٌّ وَالمُشكِلَةُ الكُبرَى فِي إِثَارَتِهَا وَعَدَمِ إِشبَاعِهَا, عِندَئِذٍ يَشعُرُ الإِنسَانُ بِالأَلَمِ, وَقَدْ يَتَرَتَّبُ عَلَى إِثَارَتِهَا وَعَدَمِ إِشْبَاعِهَا اندِفَاعُ الإِنسَانِ لإِشبَاعِهَا بِطَرِيقَةٍ تَرجِعُ عَلَيهِ وَعَلَى مُجتَمَعِهِ بِالأَخطَارِ, وَانتِشَارِ الأَمرَاضِ المُجتَمَعِيَّةِ. لِذَلِكَ يَجِبُ عَلَى المُشَرِّعِ أَنْ يُحِيطَ إِحَاطَةً تَامَّةً بِحَقِيقَةِ الإِنسَانِ, وَأَنْ يُفَرِّقَ بَينَ غَرَائِزِهِ وَحَاجَاتِهِ العُضوِيَّةِ؛ حَتَّى يُحَقِّقَ التَّشرِيعُ غَايَتَهُ السَّامِيَةَ فِي إِسعَادِ البَشَرِيَّةِ جَمْعَاءَ.
    1 point
  8. الحاكم "من له السيادة" إِنَّ مِنْ أَهَمِّ الأَبحَاثِ المُتَعَلِّقَةِ بِالحُكمِ وَأَلزَمِهَا بَيَانًا, هُوَ بَحثُ الحَاكِمِ, الذِي يُعتَبَرُ أَسَاسًا لِلأَبحَاثِ التِي تَأتِي بَعدَهُ فِي أُصُولِ الفِقْهِ, حَيثُ يَجرِي تَقرِيرُ جَمِيعِ القَوَاعِدِ بِنَاءً عَلَيهِ, وَهُوَ البَحثُ الذِي يُحَدِّدُ مَنْ هِيَ الجِهَةُ التِي يُرجَعُ إِلَيهَا لإِصدَارِ الأَحكَامِ عَلَى الأَشيَاءِ وَالأَفعَالِ, وَمُحَاكَمَةِ التَّشرِيعَاتِ وَالأَفكَارِ, وَضَبطِ المَفَاهِيمِ. إِنَّ تَحدِيدَ هَذِهِ الجِهَةِ هُوَ بِمَثَابَةِ الإِيمَانِ بِاللهِ فِي بَحْثِ العَقِيدَةِ, الذِي يَتَرَتَّبُ عَلَيهِ الإِيمَانُ بِجَمِيعِ مَسَائِلِ العَقِيدَةِ. وَلَقَدِ اختَرتُ عُنوَانَ: "مَنْ لَهُ السِّيَادَةُ" عَلَى غَيرِ مَا جَرَتْ عَلَيهِ كُتُبُ الأُصُولِ؛ لأَنَّ الوَاقِعَ العَمَلِيَّ الذِي يُوَاجِهُ حَمَلَةَ الدَّعوَةِ فِي الآوِنَةِ الأَخِيرَةِ هُوَ قَضِيَّةُ التَّشرِيعِ المُتَرَتِّبةُ عَلَى تَحدِيدِ مَنْ تَكُونُ لَهُ السِّيَادَةُ فِي إِصدَارِ وَتَشرِيعُ الأَحكَامِ؟ هَلْ هَذِهِ السِّيَادَةُ هِيَ للهِ أَمْ لِلإِنسَانِ؟ هَلْ هِيَ لِلشَّرعِ أَمْ لِلعَقْلِ؟ هَلْ هِيَ لِلشَّرعِ أَمْ لِلشَّعْبِ؟ وَهَذَا مَوضُوعٌ قَدِيمٌ جَدِيدٌ, تَنَازَعَ فِيهِ فَرِيقَانِ: الفريق الأول: يَرَى أَنَّ الحَاكِمَ عَلَى الأَشيَاءِ وَالأَفعَالِ إِنَّمَا هُوَ اللهُ تَعَالَى, وَهَذِهِ مَسأَلَةٌ مِنَ المُسَلَّمَاتِ عِندَ المُسلِمِينَ, فَهِيَ مَسأَلَةٌ عَقَائِدِيَّةٌ مَحْسُومَةٌ, آتيةٌ مِنَ الإِيمَانِ بِاللهِ المُتَّصِفِ بِصِفَاتِ الكَمَالِ المُطلَقِ, وَمِنَ الإِيمَانِ بِالشَّرِيعَةِ وَكَمَالِهَا, وَأَنَّ الحَاكِمِيَّةَ للهِ, وَمُنَازَعَتَهُ فِيهَا كُفْرٌ, فَالتَّشرِيعُ عِندَ المُسلِمِينَ مِنَ اللهِ تَعَالَى, وَهُوَ المَصدَرُ المَقطُوعُ بِصِدقِهِ, وَهَذِهِ هِيَ عَقِيدَةُ المُسلِمِينَ. والفريق الثاني: يَرَى أَنَّ الحَاكِمَ عَلَى الأَشيَاءِ وَالأفعَالِ هُوَ الإِنسَانُ مُمَثَّلاً فِي الشَّعبِ, وَيَعنِي بِذَلِكَ العَقْلَ وَلَيسَ للهِ وَلا لِلشَّرعِ وَلا لِلدِّينِ! وَقَبلَ مُنَاقَشَةِ رَأْيِ الفَرِيقِ الثَّانِي لا بُدَّ مِنْ دِرَاسَةِ المَسَائِلِ الآتِيَةِ لِمَعْرِفَةِ وَاقِعِهَا, ثُمَّ بَيَانِ مَدَى صِدْقِ أَو كَذِبِ, وَصِحَّةِ أو بُطْلانِ القَولِ القَائِلِ بِأَنَّ التَّشرِيعَ لِلنَّاسِ مِنْ دُونِ اللهِ! وَهَذِهِ المَسَائِلُ هِيَ: 1. الإنسَانُ: وَاقِعُهُ: حَاجَاتُهُ وَغَرَائِزُهُ. 2. العَقلُ: حَقِيقَتُهُ, وَالأَحكَامُ الصَّادِرَةُ عَنهُ. 3. الوَاقِعُ الذِي يُرَادُ إِصدَارُ الأَحكَامِ عَلَيهِ, وَهُوَ الأَشيَاءُ وَالأَفعَالُ. 4. الغَايَةُ مِنَ التَّشرِيعِ.
    1 point
  9. التعريف بأصول الفقه أولاً: تعريف الفقه: الفِقْهُ: هُوَ عِلْمٌ بِالمَسَائِلِ الشَّرعِيَّةِ العَمَلِيَّةِ المُستَنبَطَةِ مِنَ الأَدِلَّةِ التَّفصِيلِيَّةِ. وَمِنْ هَذَا التَّعرِيفِ يَتَبَيَّنُ لَنَا أَنَّ الفِقْهَ مَوضُوعُهُ الأَحكَامُ الشَّرعِيَّةُ العَمَلِيَّةُ الفُرُوعِيَّةُ, وَأَنَّ أدِلَّةَ هَذِهِ الأَحكَامِ هِيَ الأَدِلَّةُ التَّفصِيلِيَّةُ, وَلَيسَتِ الأَدِلَّةَ الإِجمَالِيَّةَ, فَلا يُقَالُ: إِنَّ دَلِيلَ حُكْمَ المَسأَلَةِ الفُرُعِيَّةِ هُوَ القُرآنُ أوِ السُّنةُ أو أيُّ دَلِيلٍ إِجمَالِيٍّ, بَلِ الدَّلِيلُ عَلَى المَسأَلَةِ الآيَةُ مِنَ القُرآنِ, أوِ الحَدِيثُ الذِي استُنبِطَ مِنهُ الحُكْمُ, وَهَكَذَا. وَلِذَلِكَ لا يَكُونُ مَجَالُ الأَدِلَّةِ الإِجْمَالِيَّةِ وَالقَواعِدِ الفِقهِيَّةِ هُوَ الاستِدلالُ بِهَا عَلَى الأَحكَامِ الفُرُوعِيَّةِ, فَالقَاعِدَةُ الفِقهِيَّةُ لَيسَتْ دَلِيلاً عَلَى المَسأَلَةِ الفَرعِيَّةِ, بَلِ النَّصُّ المُتَمَثِّلُ فِي الآيَةِ أَوِ الحَدِيثِ أوْ وَاقِعَةِ الإِجْمَاعِ هِيَ الأَدِلَّةُ. فَالقَوَاعِدُ الفِقهِيَّةُ وَالأَدِلَّةُ الإِجْمَالِيَّةُ هِيَ ضَوَابِطُ لِلاجتِهَادِ وَفَهْمِ النُّصُوصِ, وَمَجَالُهَا أُصُولُ الفِقْهِ كَمَا سَيَظهَرُ بِوُضُوحٍ فِي تَعرِيفِ الأُصُولِ. وكَذَلِكَ يَتَبَيَّنُ لَنَا مِنْ تَعرِيفِ الفِقْهِ أَنَّ الأَحكَامَ العَقَائِدِيَّةَ لَيسَتْ فِي بَابِ الفِقْهِ؛ لأَنَّ العَقَائِدَ مَحَلُّهَا التَّصدِيقُ, وَلَيسَ العَمَلُ. ثانياً: تعريف الأصول: أَمَّا الأَصلُ, فَهُو الأَسَاسُ الذِي يُبتَنَى عَلَيهِ. وَعَلَيهِ يَكُونُ تَعرِيفُ أُصُولُ الفِقْةِ هُوَ: القَوَاعِدُ التِي يُبنَى عَلَيهَا استِنبَاطُ الأَحْكَامِ الشَّرعِيَّةِ مِنَ الأَدِلَّةِ التَّفصِيلِيَّةِ. وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ لا بُدَّ أنْ يَكُونَ الأَسَاسُ الذِي يُبنَى عَلَيهِ الفِقْهُ أَمرًا مَقطُوعًا بِهِ, وَلا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ ظَنيًا. وَعَلَيهِ فَأُصُولُ الفِقْهِ كَالعَقَائِدِ لا بُدَّ مِنَ القَطْعِ فِيهَا, وَكُلُّ أصْلٍ لا يَثبُتُ بِالدَّلِيلِ القَطعِيِّ لا يُعتَبَرُ مِنَ الأُصُولِ, مِثلُ: "المَصَالِحُ المُرْسَلَةُ" وَ "شَرْعُ مَنْ قَبلَنَا" وَ "الاستِحْسَانُ" وَ "مَذهَبُ الصَّحَابِيِّ" وَغَيرُهَا, فَكُلُّهَا لَيسَتْ أَدِلَّةً عِندَنَا, وَمَنِ اعتَبَرَهَا مِنَ الأَدِلَّةِ يَكُنْ رَأيُهُ رَأْيـًا شَرْعيًا, وَإِنْ كُنَّا نَرَاهُ مَرجُوحًا لِوُجُودِ شُبْهَةِ دَلِيلٍ عَلَى هَذِهِ المَسَائِلِ. وَهُنَاكَ قَوَاعِدُ كَثِيرَةٌ اعتُبِرَتْ أَدِلَّةً, وَهِيَ عَقلِيَّةٌ لا يُوجَدُ عَلَيهَا شُبهَةُ دَلِيلٍ, وَهِيَ مَردُودَةٌ, وَلا تُعتَبَرُ مِنَ الأَدِلَّةِ, وَالآرَاءُ المُستَنبَطَةُ عَلَى أَسَاسِهَا لَيسَتْ آرَاءَ شَرْعِيَّةً. هَذِهِ القَوَاعِدُ مِثلُ: "الضَّرُورَاتُ تُبِيحُ المَحظُورَاتِ" وَ "لا يُنكَرُ تَغَيُّرُ الأَحكَامِ بِتَغَيُّرِ الأَزمَانِ" وَ "مَا لا يُؤخَذُ كُلُّهُ لا يُترَكُ جُلُّهُ" وَغَيرُهَا. وَسَنَتَعَرَّضُ لِهَذِهِ القَوَاعِدِ فِي مَوضِعِهَا بِشَيءٍ مِنَ التَّفصِيلِ وَبِالبَيَانِ المُفِيدِ لِحَامِلِ الدَّعوَةِ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى. مِمَّا سَبَقَ نَستَطِيعُ القَولَ: إِنَّ أُصُولَ الفِقْهِ: هِيَ جُملَةُ الأَدِلَّةِ وَالقَوَاعِدِ القَطعِيَّةِ التِي يُبنَى عَلَيهَا استِنْبَاطُ الأَحكَامِ الشَّرعِيَّةِ مِنَ الأَدِلَّةِ التَّفصِيلِيَّةِ.
    1 point
  10. أهمية دراسة علم أصول الفقه وَهُنَا يَبرُزُ سُؤَالٌ هُوَ: لِمَاذَا نَدرُسُ عِلْمَ أُصُولِ الفِقْهِ؟ أو مَا أهمِيَّةُ دِرَاسَةِ عِلْمِ أُصُولِ الفِقْهِ؟ للإِجَابَةِ نَقُولُ: إِنَّ أهمِيَّةَ هَذَا العِلْمِ تَكمُنُ فِي الأُمُورِ الآتِيَةِ: أولاً: عَلَى صَعِيدِ الاجتِهَادِ وَالفِقْهِ, فَلا يَكُونُ الفَقِيهُ فَقِيهًا, وَلَنْ يَتَمَكَّنَ مِنَ استِنبَاطِ حُكْمٍ شَرعِيٍّ بِغَيرِ الوَعيِ التَّامِّ عَلَى هَذَا العِلْمِ الجَلِيلِ, فَبِهِ تُفهَمُ النُّصُوصُ, وَيُضبَطُ الاجتِهَادُ. ثانيًا: عَلَى صَعِيدِ الحَركَاتِ الإِسلامِيَّةِ العَامِلَةِ لإِنهَاضِ الأُمَّةِ بِالإِسلامِ وَالذِي يَفرِضُ عَلَيهَا أَنْ تُحَدِّدَ أُصُولَ الفِقهِ المُعتَمَدَةِ فِي فَهمِهَا لِلنُّصُوصِ وَاستِنبَاطِهَا لِلأَحكَامِ الشَّرعِيَّةِ المُتَبنَّاةِ لَدَيهَا, وَالتِي تُحَدِّدُ لَهَا الهَدَفَ تَحدِيدًا دَقِيقًا وَالمُتَمَثِّلَ فِي استِئنَافِ الحَيَاةِ الإِسلامِيَّةِ بِإِقَامَةِ دَولَةِ الخِلافَةِ, وَتُحَدِّدُ لَهَا أَيضًا جَمِيعَ السِّيَاسَاتِ التِي سَتُطَّبقُ فِيهَا دَاخِليًا وَفِي العَلاقَاتِ الخَارِجِيَّةِ, وَتُحَدِّدُ طَرِيقَ السَّيرِ المُوصِلَةَ لِهَذَا الهَدَفِ العَظِيمِ. كُلُّ ذَلِكَ بِاجتِهَادٍ صَحِيحٍ مِنَ الشَّرعِ, بِحَيثُ لا تَخرُجُ أيَّةُ جُزئِيَّةٍ, وَلا أَيُّ عَمَلٍ عَنِ الإِسلامِ. هَذَا وَإِنَّ أَيَّ حِزبٍ أو جَمَاعَةٍ لا أُصُولَ عِندَهَا تُحَدِّدُ لَهَا مَعَالِمَ الطَّرِيقِ, وَمَشرُوعَهَا النَّهضَوِيَّ لَهِيَ ضَائِعَةٌ تَسِيرُ عَلَى غَيرِ هُدىً, وَدُونَ ضَوَابِطَ شَرعِيَّة. ثالثًا: عَلَى صَعِيدِ حَاجَةِ حَامِلِ الدَّعوَةِ إِلَى أُمُورٍ أَربَعَةٍ لازِمَةٍ لَهُ لُزُومَ الرُّوحِ لِلحَيَاِة مِنهَا: اللوازم الأربعة لحامل الدعوة الأول: حَاجَةُ حَامِلِ الدَّعوَةِ إِلَى بِنَاءِ العَقلِيَّةِ الإِسلامِيَّةِ القَادِرَةِ عَلَى مُحَاكَمَةِ الأَفكَارِ وَالأَعمَالِ, وَكُلِّ مَا يَعتَرِضُهُ أثنَاءَ سَيرِهِ فِي حَيَاتِهِ الخَاصَّةِ وَالدَّعَوِيَّةِ. الثاني: حَاجَتُهُ إِلَى الرَّدِّ عَلَى الدَّعْوَاتِ الفَاسِدَةِ وَتَفنِيدِها, وَبَيَانِ بُطلانِهَا, وَآثارِهَا السَّيئَةِ عَلَى مُجتَمَعِهِ. الثالث: حَاجَةُ حَامِلِ الدَّعوَةِ إِلَى أَنْ يُحَصِّنَ نَفسَهُ مِنَ الزَّلَلِ وَالانحِرَافِ, وَأَنْ لا يَقَعَ فِي فَخِّ التَّضلِيلِ, فَقَوَاعِدُهُ تُمَكِّنُهُ مِنْ مَعرِفَةِ الغَثِّ مِنَ السَّمِينِ, وَالحَقِّ مِنَ البَاطِلِ فِي مُجتَمَعٍ مَلِيءٍ بِالأفكَارِ الفَاسِدَةِ الآتِيَةِ عَنْ طَرِيقِ الغَزْوِ الفِكرِيِّ. الرابع: حَاجَةُ حَامِلِ الدَّعوَةِ لِلوُقُوفِ عَلَى أحكَامِ المُستَجِدَّاتِ بِعَرضِهَا عَلَى الشَّرعِ, وَعَرضِ أَعمَالِ الحُكَّامِ وَالسَّاسَةِ عَلَى قَوَاعِدَ وَمَقَايِيسَ شَرعِيَّةٍ حَتَّى يَتأَتى لَهُ خَوضُ الصِّرَاعِ الفِكْرِيِّ وَالكِفَاحِ السِّيَاسِيِّ عَلَى بَصِيرَةٍ, امتِثَالاً لِقَولِهِ تَعَالَى: (قُلْ هَٰذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ ۚ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي). رابعًا: عَلَى صَعِيدِ الدَّولَةِ التِي يُرَادُ إِقَامَتُهَا, وَالتِي أَنَاطَ الشَّرعُ بِهَا تَطبِيقَ الإِسلامِ فِي الدَّاخِلِ, وَحَمْلَ رِسَالَتِهِ إِلَى العَالَمِ فِي الخَارِجِ عَنْ طَرِيقِ الدَّعوَةِ وَالجِهَادِ, حَيثُ لا يَتَسَنَّى لَهَا ذَلِكَ إِلاَّ بِاجتِهَادٍ صَحِيحٍ وَفْقَ أُصُولٍ قَطْعِيَّةٍ يَجْرِي استِنبَاطُ الأَحكَامِ الشَّرعِيَّةِ عَلَى أَسَاسِهَا, لِكُلِّ أعمَالِهَا, وَمَا يَستَجِدُّ أثنَاءَ التَّطبِيقِ, حَيثُ لا يَجُوزُ لَهَا أَنْ تَأخُذَ مِنْ غَيرِ الإِسلامِ. خامسًا: عَلَى صَعِيدِ القِيَادَةِ فِي الأُمَّةِ التِي يَجِبُ أَنْ تَكُونَ قِيَادَةً فِكرِيَّةً مَبدَئِيَّةً, فَلا يَجُوزُ أنْ تَبقَى القِيَادَةُ فِي الأُمَّةِ قِيَادَةً شَخصِيَّةً, وَلا مَرجِعِيَّاتٍ, وَلا مَشَايِخَ وَمُرِيدِينَ. فَهَذَا أبُو بَكرٍ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللهُ عَنهُ يَقُولُ فِي أَوَّلِ خُطبَةٍ لَهُ بَعدَ تَوَلِّيهِ الخِلافَةَ: "أمَّا بَعدُ، أَيُّها النَّاسُ فَإِني قَد وُلِّيتُ عَلَيكُمْ وَلَسْتُ بِخَيرِكُمْ فإِنْ أَحْسَنْتُ فَأَعِينُونِي, وإِنْ أَسَأْتُ فَقَوِّمُوني. أَطِيعُونِي مَا أَطَعْتُ اللَّهَ ورسولَه فإِذا عَصَيْتُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَلا طَاعةَ لِي عَلَيكُمْ". وَدَولَةُ الإِسلامِ دَولَةُ مَبدَأ, وَرِجَالُهَا مِنَ البَشَرِ, وَالانقِيَادُ فِيهَا للهِ وَحْدَهُ. وَلَمَّا كَانَ الفِقْهُ هُوَ العِلْمُ بِالأَحكَامِ الشَّرعِيَّةِ العَمَلِيَّةَ المُستَنبَطَةَ مِنْ أَدِلَّتِهَا التَّفصِيلِيَّةِ عَزَمْتُ عَلَى أَنْ أكتُبَ فِي عِلْمِ أُصُولِ الفِقْهِ, فَكَتَبْتُ كِتَابِي هَذَا الذِي سَمَّيتُهُ: "أصُولُ الفِقْهِ المُيَسَّرَةُ" وَأرَدْتُ أَنْ أَجعَلَهُ مَبَاحِثَ صَغِيرَةً مُتَعَلِّقَةً بِالنَّوَاحِي العَمَلِيَّةِ التِي تَلزَمُ حَامِلَ الدَّعوَةِ, وَأَنْ أكتُبَهُ بِلُغَةٍ عَصرِيَّةٍ سَهْلَةٍ مُيَسَّرَةٍ, وَبَعِيدَةٍ كُلَّ البُعدِ عَنْ أُسلُوبِ الأَكَادِيمِيِّينَ الذِي يُعنَى وَيَهتَمُّ بِالنَّاحِيَةِ التَّنظِيرِيَّةِ, وَيَنأى عَنِ النَّاحِيَةِ العَمَلِيَّةِ, مَعَ عِلْمِي بِأَنَّنِي لَنْ آتِيَ بِشَيءٍ جَدِيدٍ فِي مَضمُونِ أُصُولِ الفِقْهِ, وَكَمَا ذَكَرْتُ سَتَكُونُ كِتَابَتِي سِلْسِلَةً مِنَ البُحُوثِ المُختَصَرَةِ فِي مَوَاضِيعَ مُخْتَارَةٍ مِنْ أُصُولِ الفِقهِ, حَيثُ أقُومُ بِعَرْضِ كُلِّ بَحْثٍ, وَكُلِّ مَوضُوعٍ بِشَكلٍ مُيَسَّرٍ فِي صِيَاغَتِهِ, وَلَهُ مَسَاسٌ بِالدَّعْوَةِ, وَالقَضَايَا المُعَاصِرَةِ المُثَارَةِ فِي السَّاحَةِ الإِسلامِيَّةِ؛ كَي يَتَشَجَّعَ حَمَلَةُ الدَّعوَةِ عَلَى دِرَاسَتِهَا, وَيَتَسَنَّى لِلرَّاغِبِينَ فِي الاطِّلاعِ عَلَى أُصُولِ الفِقْهِ مِنْ قِرَاءَتِهَا وَاستِيعَابِ مُصطَلَحَاتِهَا بِيُسْرٍ وَسُهُولَةٍ. وَأَسأَلُ اللهَ العَلِيَّ القَدِيرَ أَنْ يَجعَلَ هَذَا العَمَلَ خَالِصًا لِوَجْهِهِ الكَرِيمِ, وَأَنْ يَتَقَبَّلَهُ مِنَّا, وَأنْ يَنفَعَ حَمَلَةَ الدَّعوَةِ بِمَا فِيهِ, وَأنْ يُوَفِّقَنَا بِأَنْ نَجمَعَ فِيهِ جَمِيعَ المَسَائِلِ ذَاتِ الصِّلَةِ بِالمَوضُوعِ, إِنَّهُ وَلِيُّ ذَلِكَ وَالقَادِرُ عَلَيهِ, وَمَا تَوفِيقِي وَثِقَتِي واعتِصَامِي واعتِزَازِي إِلاَّ بِاللهِ العَلِيِّ العَظِيمِ, عَلَيهِ تَوَكَّلتُ, وَإِلَيهِ أنِيبُ. سعيد رضوان أبو عواد 23/11/2013م
    1 point
×
×
  • اضف...