اذهب الي المحتوي
منتدى العقاب

طالب عوض الله

الأعضاء
  • Posts

    71
  • تاريخ الانضمام

  • تاريخ اخر زياره

  • Days Won

    4

كل منشورات العضو طالب عوض الله

  1. تبت يدا الطاغي الشاعر علي محمد بني عطا ______ تــَـبـَّـتْ يـَـدا الطــّاغـي وَحـاقَ بـِـهِ الرَّدى بـِالسـُّخــْـطِ باءَ وَفـي الأسافــِـلِ قــَـدْ رَدى تــَـبـَّـتْ يـَـدا مَـنْ خـانَ مَـوْثـِـقَ شَـعــْـبـِـهِ وَمَـعَ الـْعــُداةِ عـَـلى رَعـِـيـَّـتـِهِ اعــْـتـَـدى تــَـبـَّـتْ يـَـدا مَـنْ يـَـسْـتــَـكـِـيـنُ لـِحـائـِـفٍ رَضِيَ الـْخـُـنـُوعَ وَهـُونـَهُ النـَّتـِنَ ارْتـَـدى تــَـبـَّـتْ يـَـدا مـَـنْ لـِـلــْـعـــُـتــاةِ يـُـداهــِـنُ وَلـَهـُـمْ يـَظــَـلُّ عـَـلى الـْعــُـتــُـوِّ مُـسانـِــدا تــَــبــَّــتْ يــَـدا مــَـنْ يـَـسـْـتـــَـذِِلُّ بــِــلادَهُ وَيـُـعــِــزُّ أعــْـداءَ الشـَّهـامـَـةِ وَالـْـهــُـدى سُـحـْـقـاً لـِـمـَنْ فـِـرْعـَـوْنُ رَمـْـزُ كـِـيـانـِـهِ وَبـِـسـيـرَةِ الطــَّاغــُوتِ يَـعــْـمـَـلُ جـاهـِـدا فـِـرْعــَوْنُ شايـَـعــَهُ الـَّذينَ بـِـهِ اقــْـتــَـدَوْا حـَـسـِـبـُوا الـْعـِـبادَ لـَهـُمْ كـَـذلـِكَ أعــْـبــُـدا يا مـَنْ تـَـلــُوذ ُ بـِـمـَـنْ يـَـلــُوذ ُ بـِـواهــِـنٍ أبـْـقـاكَ إلــْـفــُـكَ فـي جـَحــيـمـِـكَ هـامـِـدا فـي الـْحــَـيـْنِ يا رُوحَ الـْخـِيانـَةِ تـَسْـقــُط ُ ما كـانَ رَهـْـطــُـكَ أوْ عـَـهـيـدُكَ مُـنـْـجـِـدا أوَلـَسْـتَ مِـنْ فـِـرْعـَـوْنَ تـَأخــُـذ ُ عـِـبـْرَة ً هــَـلْ كـانَ في وَجــْـهِ الـْعــَـدالــَةِ صامـِـدا وَالـشـَّـعـــْــبُ إنْ رامَ الـتــَّـحــَــرُّرَ نـالــَـهُ بــِـدِمــائــِـهِ مـِـنْ أجــْــلِ ذلـِـكَ مـا كــَــدى بـِالتـَّـضْـحِـياتِ عــَلا الـْعـُـلى مُـتـَـسَـرْبـِلاً شَـرَفَ الأوائـِــلِ فـي الـْـفــِـداءِ وَمـاجــِـدا مـا رَوَّعــَــتْ ثــُـلــَـلَ الـْعــِـزازِ مَــنـِــيـَّـة ٌ بـِـنـُـفــُوسـِهـِـمْ يُـشْـرى الإباءُ وَيُـفـْـتـَـدى وَالجـاثِـمـُونَ عـَلى الشـُّـعــُوبِ وَقــُدْسِهـِمْ فـي السـُّـفــْـلِ أمـْـسـَـوْا وَالرَّذالــَةِ رُقـــَّـدا يا أيـُّـهــا الـْجـَـبـّارُ سـَـوْفَ تـَـرى الـْـبـِـلى أتـَكــُونُ غـَـيـْرَ جـَـنى التـَّـجـَـبـُّرِ حـاصـِـدا أحـَـسـِـبـْتَ أنـَّـكَ فــَوْقَ شَـعــْـبـِكَ قـاهــِــرٌ وَسِـواكَ لـَـيـْسَ لـِغـَـيـْرِ وَجـْـهـِـكَ ساجـِـدا هـَـلْ خـِـلــْـتَ أنـَّـكَ فـي نــُـفــُوذِكَ خـالــِـدٌ فـَظـَـلـِلــْـتَ عـَـنْ نــَهـْـجِ الـْهـِدايـَةِ حائـِـدا وَبـَـقـِـيـتَ تـَرْفــُـلُ في غــُـرُورِكَ طـائـِشـاً لـِـلــْحــَـقِّ يـا مَـغــْــرُورُ دُمـْـتَ مُـعــانــِـدا أيـْـنَ الــْجــَـبــابـِـرَة ُ الــَّـذيـنَ تــَألــَّـهــُـوا أفــَأنــْـتَ تــَـبــْـقـى دُونَ أهــْـلـِـكَ خـالــِـدا يا أيـُّـهـا الـطــَّاغـي قــُـواكَ تــَـزَلــْـزَلــَـتْ وَعـَـلـَيـْـكَ بانَ جـَـمـيـعُ شَـعــْـبـِكَ واجــِـدا ناوَأْتَ كـُـلَّ الـْـمُـخـْـلـِـصـيـنَ وَسُـمـْـتــَهـُـمْ سُوءَ الـْعـَذابِ فـَصِـرْتَ مَـفـْخـَرَة َالـْعــِـدى لا يـُرْهــِـبُ الأحــْـرارَ قــَـمـْـعــُـكَ إنــَّـهــُـمْ أُسُـدٌ وَهـُمْ مَـدُّوا لـِـمـَنْ غـُـشِـمــُوا الـْـيـَـدا الـنـَّـصـْـرُ أوْ نــَـيــْـلُ الـشـَّهـادَةِ غـايـُـهـُـمْ وَالـْـمـَـجـْـدُ مَـلـْحـَمـَة َالشِّهـامِ لـَهـُـمْ شـَـدا يـا أيـُّـهــا الــْعـــاتــي صَـغـــارُكَ مــاثــِــلٌ بـِالـْعـارِ صارَ عــَـلـَـيـْـكَ جــَـوْرُكَ عـائـِـدا وَالضَّيـْمُ مُـنـْـقــَـلــِـبٌ عـَـلـَـيـْـكَ لــَهــيـبـُهُ أ إلى الـْفـَلاحِ سَـبـيـلُ مَـنْ غـَـبَـنــُوا هـَـدى وَخـِـتـامُ عــَـهــْــدِ الـْـمُــسـتــَـبــِـدِّ مُــرَوِّعٌ كــَمْ مـِـنْ عــَـتـِـيٍّ مـُـنـْـتــَهـاهُ لــَـنــا بــَـدا يـا مـَـنْ بـِأغـــْـرابٍ يـُـعـــَـزِّزُ طــَـيـْــشــَـهُ قــَـدْ بـِـنـْـتَ حـَـقــّاً في الـْحـَـماقــَةِ رائــِـدا مـَـكــْـنــُونُ حــُـمــْـقــِـكَ لـِلأنـامِ أبـَـنـْـتــَـهُ وَعــَـلـى مــَـداهُ غـــَـدا غــَـبــاؤكَ زائــِــدا ما صُـنـْتَ مَـنـْزِلــَة َالـْحـِـجـا فـَأضَـعــْـتــَهُ صِـرْتَ الـرَّزانــَة َ وَالـْـمـَـهــابــَة َ فـاقــِـدا وَيـَـبــيـنُ مـِـنــْـكَ تــَـنــاقـــُـضٌ وَبــَـذاءَة ٌ وَهـُـراؤكَ الــْـمَـعــْهـُـودُ مَـسْـخـَـرَة ًغــَـدا وَإرادَة ُ الأحـــْــرارِ لــَـسـْـتَ تــَـهـــُــزُّهــا وَبـِعــَـزْمـِـهـِـمْ يـُـمـْـسـي نـِـظـامُـكَ بائــِـدا بـِالـْـبـَطـْـشِ وَالتـَّـقـْـتـيـلِ كـُـنـْتَ مـفاخـِـراً فــَـبــَـدَوْتَ فـي أهــْـوالِ وَيـْـلـِـكَ مـائــِـــدا الــْحــَــقُّ حــَـيٌّ وَالـْـبـَـــواطــِــلُ زُهـــَّــقٌ زَهــَـقَ الــَّـذي كـانَ الـزَّواهــِــقَ رافـــِــدا وَلـَظى الأُباةِكـَوى الطــُّـغاة َ وَحَـشْـدَهـُـمْ فــيـهـِـمْ بـَـدا وَقــْـدُ الـْـبـَـواسـِـلِ مُـوقــَـدا لــَمْ يـَلــْقَ مَـنْ لـَـقـِيَ الثــُّبــُورَ مُـناصـِـراً أيَـكــُونُ ناصـِـرُ ذي الـْـفـَـظـائـِـعِ راشــِـدا قـــَـدْ مــالَ عــَـنــْـهُ وَمـَـلــَّـهُ حـُـلــَـفـــاؤهُ عـَنْ نـَصْـرِهِ أضْحى الـْـمُحـالــِـفُ قاعــِـدا يـَغــْـشـاهُ رُعــْـبٌ لـَـمْ يُـطـِـقــْهُ جـَـنـانــُـهُ وَيَـظــَـلُّ مِـنْ فــَـرْطِ الـْـمَخـاوِفِ ساهــِـدا والـْفـَجـْرُ مَهـْما اللـَّيـْـلُ عـَـسْـعـَـسَ بازِغ ٌ وَالـنــُّــورُ يـَـبـْـقـى بَـعــْـدَ ذلـِـكَ سـائــِــدا سـِـفــْـرُ الـْـكــَـرامـَـةِ بـِالـدِّمـاءِ يُـسَــطــَّـرُ وَإلى الـْجَـلالِ مَنِ اسْتـَضاءَ بـِهِ اهـْـتـَــدى وَاللهَ نــَـسـْـألُ أنْ يـُــديــــــمَ أمـــانــَــنــــا وَيُـديــمَ لـِلـْـوَطـَـنِ الـْغـَـضَـنـْـفــَـرَ قـائــِـدا
  2. الحيلولة بين الطبقية وبين تحكمها بالتكتل قال تعالى من سورة الفتح:( مُحَمَّدٌ رَسولُ اللهِ وَالذينَ مَعَهُ أشِدّاءُ عَلى الكُفارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ تراهُمْ رُكعاً سُجَّداً يَبْتغونَ فضلاً مِنَ اللهِ وَرِضْواناً سيماهُمْ في وُجوهِهِم مِنْ أثرِ السُّجود.)[1] وقال تعالى من سورة لقمان: (وإذ قال لقمان لابنهِ وهو يعظه يا بني لا تشرك بالله إنّ الشرك لظلم عظيم *)[2]. ( يا بني أقم الصلاة وأمر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور* ولا تصعر خدك للناس ولا تمش في الأرض مرحاً إنّ الله لا يحب كل مختال فخور* واقصد في مشيك واغضض من صوتك إنّ أنكر الأصوات لصوت الحمير*)[3] من مفهوم الآيات الكريمات والتي فصلت وبينت وحددت شكل وهيئة التكتل الهادف وفصلت وحددت بصورة حصرية شكل ونوعية القائمين عليه المشمولين بصلاحيتهم لعملية التغيير المستحقين نصر الله دون سواهم من البشر، بل حتى دون سواهم من جماعة المسلمين: 01. أوصاف حملة الدعوة كما ورد في خطبة أبي حمزة الشاري: (يا أهل مكة، تعيروني بأصحابي تزعمون أنهم شباب، وهل كان أصحاب رسول ألله صلى الله عليه وسلم إلا شباباً ؟ نعم الشباب عمية عن الشر أعينهم، بطيئة عن الباطل أرجلهم، قد نظر الله إليهم في آناء الليل منثنية أصلابهم بمثاني القرآن، إذا مرّ أحدهم بآية فيها ذكر الجنة بكى شوقاً إليها، وإذا مرّ بآية فيها ذكر النار شهق شهقة كأن زفير جهنم في أذنيه.). وفي خطبة أخرى له يقول: (ألا وان لله بقايا من عباده لم يتحروا في ظلمها، ولم يشايعوا أهلها على شبهها، مصابيح النور في أفواههم تزهو، وألسنتهم بحجج الكتاب تنطق، ركبوا منهج السبيل، وقاموا على العلَم الأعظم هم خصماء الشيطان الرجيم، بهم يصلح الله البلاد، ويدفع عن العباد، طوبى لهم وللمستصبحين بنورهم، وأسأل الله أن يجعلنا منهم.)[4] 02. وردت أحاديث عدة في الصحاح يذم الرسول صلى الله علية وسلم المتنطعين والمتفيقهين والمختالين والمنافقين....... ويبشرهم بالهلاك وسوء الحال، وكذا فقد ذمّ الله تعالى من يُخالف سلوكه ما يحمل ويدعو له من فكر في قوله تعالى: ( يا أيها الذين آمنوا لِمَ تقولون ما لا تفعلون، كَبُرَ مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون)[5] لذا فإن وجود أمثال تلك النوعيات بين حملة الدعوة يكون من المعوقات والموانع، ووجب أن يُحال بين تلك النوعيات وبين الانتظام في التكتل، لأنهم سَيَكونونَ عالة عَليه ما داموا على فسادِهِمْ وانحِرافِهم، معوقين للنصر والوصول إلى الهدف، ووجب أن ينقى التكتل منهم كما ينقي الكير الحديد. 03. من المعلوم من الدين بالضرورة أن العقوبات جوابر وزواجر في الحياة العملية، أما في التكتل فبها ينقى التكتل مما علق به من الأدران والشوائب، ومن البديهي أن التقاعس في ذلك يكون من معوقات الوصول للهدف، لذا وجب أن يُحاسِب حامل الدعوة نفسه بعرض سلوكه على ألأحكام الشرعية وتصحيح المُعوَج منها، وإلا فعلى التكتل أن يعالج ذلك بالتنبيه أولاَ، وإلا فيعاقبه بما يستحق من أنواع المحاسبة، بما في ذلك الحرمان من الثواب بالطرد من التكتل، وبهذا يتم المحافظة على دوام أن يكون شبابه الصفوة المختارة والشامة التي لا تغيب عن البصر. 04. من البديهي أن أي تكتل سيكون وبالاً على الأمة إذا وصل إلى قيادتها وبينه وخاصة في قياداته من يشك في إخلاصه وتقواه وورعه، لذا فأرى الحذر الشديد في اختيار الأفراد والمسؤلين على السواء، ومراجعة وضع كل من ينبه لمخالفاته وسلوكياته، وقد عزل الرسول والخلفاء من بعده الولاة لمجرد الشكوى منهم. ويسمي الحزب قيادة الأمه بمن في نفوسهم مرض من أمثال من ذكرت في كتاب " التكتل الحزبي " بالخطر الطبقي الذي يتسرب إلى رجال الحزب، لا الأمة. [6] 05. يجب التفريق بين الشخصية الإسلامية وبين حامل الدعوة، إذ الثاني حامل لواء تغيير، فلا يسري عليه ما يسري على الأول، بمعنى أن الثغرات في السلوك غير مستهجن وجودها في الأول لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم: " كل بني آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون " ولقوله تعالى: " قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله، إن الله يغفر الذنوب جميعاً " أما في الثاني فيُستهجَنُ وُجودها لمفهوم آية لقمان الواردة، ولأن فاقد الشئ لا يُعطيه، فلا يكون بين حملة الدعوة كاذب ولا منافق ولا خائن أمانة ولا من لا يراعي تقوى الله في سلوكه الشخصي، ولا مرتكب أي نوع من أنواع المخالفات الشرعية مهما كان نوعه، والناس لا يستهجنون المخالفات الشرعية أو السلوك المنحرف في أي شريحة من شرائح المسلمين: لا يستهجنوها في المشايخ ولا في أفراد التكتلات الأخرى حتى في تلك المنتسبة اسماً للإسلام، بل يستهجنون ذلك في شباب الحزب، وذلك طبيعي لأن غالبية المسلمين يُدرِكونَ أن حزبنا هو الوحيد الصالح للتغيير، وأن أفكارنا هي أرقى أفكار وُجدت، فيستهجنون في من يحمل تلك الأفكار كيف ينحرف!! مثالُ ذلكَ: عِندَما اقترف أحد الشباب معصية عَرّفهُ أحدهم لزميله: ألا تعرفه ؟ إنه صاحب فرضية الدعوة. 06.في قول لأحد الفقهاء " إذا رأيتموني أنازع جاراً أو قريباً فاشهدوا لي بالجنون واكووا رأسي بالنار " وهذا القول يعني مدى فهم ذلك الفقيه لمعنى الجوار في الإسلام، ولمعنى صلة الرحم في الإسلام، ويعكس لنا مدى تقدير ذلك الفقيه لمركزه كفقيه ينظر إليه الناس بتلك ألصفه ألمميزه، فكيف يأخذ الناس علمهم من فقيه دَعِيٌ منحرف أو صاحب مشاكل؟. وبناء عليه فلا مكان في التكتل لدائم الخلاف مع أهله وجيرانه وزبائنه، ولا مكان في التكتل لصاحب المشاكل مع المتعاملين معه، ثبتت عليه المخالفة أم لم تثبت، لأن كثرة مشاكله تعني انحرافه بتواتر المعنى، وتعني بالتالي أن أمثال هذا يشكل مسبة في جبين التكتل. 07. ليس المقصود بالحالات التي سقتها شخصاً بعينه أو أشخاص مشخصين، بل حالات وجدت أو أمكن وجودها بين البشر، بعد دراسة مستفيضة لنفسيات البشر، وباستعراض بعض الحالات التي مرت في تاريخ التكتلات، كما أنبه أن لا يتبادر إلى الذهن أن المخالفات والسلوك المعوج هي صفة ملازمة لشبابنا، فشبابنا والحمد لله تعالى هم الصفوة المختارة من الأمة، والشّامة التي لا تغيب عن البصر، مصابيح النور في أفواههم تزهو، وألسنتهم بحجج الكتاب تنطق، تلاميذ مجدد الفكر الإسلامي في القرن العشرين سماحة الشيخ تقي الدين النبهاني، وصاحبه وخلفه سماحة الشيخ عبد القديم زلوم، وإخوان صوت الحق تحت قبة البرلمان، رافض الثقة بالحكام ورافض سن أنظمة وأحكام الكفر، سماحة الشيخ أحمد الداعور، حاملوا لواء التغيير بقيادة أميرهم وقائدهم فضيلة الشيخ عطا أبو الرشته، الذين ركبوا منهج السبيل، خصماء الشيطان الرجيم وطواغيته في الأرض، بهم سيصلح الله البلاد إن شاء الله، ويدفع عن العباد، وبهم من شابه الصحابة وأصحاب عيسى بن مريم الذين نشروا بالمناشير وحملوا على الخشب. صبروا على البلاء والعذاب وقطع الأرزاق والأعناق، فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا، أنهم أمل الأمة ورجائها وقادتها للخير والنصر أن شاء الله. إلا أنّ وجود المنحرفين بينهم ـ وآمل أن لا يوجد ـ يسئ للحزب وجودهم داخل تكتله، لا بل يُستهجن وجودهم داخل التكتل لأنهم ليسوا من نوعية حاملي هذا الفكر. هذا مع العلم أن الحكم الشرعي قد أوجب علينا عدم التفتيش عن سلوك الناس وأسرارهم والبحث عن مخالفاتهم وانحرافاتهم، فالمقصود هنا من اشتهر بين الناس بسلوك منحرف ومخالفات شرعية، أو من يُنبه لانحرافه السلوكي. 08. أنه من البديهي أن عمل حامل الدعوة الأول والأهم هو أعمال الدعوة، لذا وجب أن يبرز الشباب في المجتمع بصفتهم الحزبية، من الامتثال والتقيد التام بالأحكام الشرعية وكل ما يفرضه بالضرورة انضمامه لهذا التكتل، فيكون حكمه على الوقائع الجارية في مجتمعة منسجماً مع ما يحمل من فكر، ومن البديهي أن أعماله جميعاً ستكون منطبقة ومتوافقة مع فكره، ويجب أن يبرز ذلك فيه، وأن يبرز الشاب في مجتمعة بصفته حامل دعوة وليس بأي صفة أخرى. ومما هو معلوم بالضرورة حتمية أخذ كل شاب الدور القيادي الرائد في تبني مصالح الوسط الموجود به من عائلته إلى الحي القاطن به وصولاً للبلد والولاية التي هو بها، وأن يُراعى في ذلك أن يكون هذا الدور منسجما مع فكره، وأن يعطى الانطباع لدى الناس أن تحرك هذا الشاب هو بصفته الحزبية وليس بصفته الشخصية، وينطبق ذلك على أعمال " رجال الإصلاح " من شبابنا الذين يتبنون حل المشاكل العشائرية بين الناس، فهم أولى شبابنا في تحري الحق والحق وَحدَه في حلّ المشاكل، وعدم مخالفة طريقة الإسلام بتاتاً في ذلك مهما كانت الظروف، ولا ينسوا بتاتاً ما ورد ورُكِز عَليه في كتاب " التكتل الحزبي" [7]من أننا يجب أن نعمل على تغيير الواقع بما نحمل من أفكار لا أن نكون من جنسِ الواقع، فنقوم بتغيير قوانين وأعراف وعادات المجتمع الفاسدة بفكرنا لا العكس، وأن يَبرُزَ بين الناس أن توجههم هذا هو بصفتهم الحزبية وليس الشخصية. ومن البديهي أن حامل الدعوة متحدٍ سافر يتحدى أفكار المجتمع المغلوطة، وعاداته الفاسدة، وشرائعه وعقائده الكافرة، لا يُداجي في ذلك ولا يُهادن، وليس من طريقته التدرج في تطبيق الأحكام أو التكيف مع المجتمع وواقعه المخالف لفكره، وخلاف ذلك يكون غير أهل للانتظام في تكتل حزبي انقلابي، وحبذا لو جلس في بيته فأراح واستراح.والمراد من ذلك كثرة الإنتقادات التي توجه لبعض رجال الاصلاح من انتهاج أساليب خاطئة وممجوجة في أثناء قيامهم بحل مشاكل الناس، من ضغط على الضعيف لصالح القوي، مع القناعة بأن الضعيف هو صاحب الحق، وأحيانا سكوت عن منكر وكذب ونفاق بحجة إسكات فتنة. سالكين طريق " نبل الغاية يبرر نوع الوسيلة " مخالفين قاعدة " الوسيلة إلى الحرام حرام ". 09.بالرغم من كل ما سبق من ضرورة تنقية التكتلات السياسية القائمة على أساس الإسلام، والسائرة نحو هدف إجتثاث الفساد من المجتمع وقيام مجتمع اسلامي خلاق ومبدع على أنقاضه، تنقيتهم من كل الأفراد الذين يشكل وجودهم فيه ضررا على التكتل ونقائه، إلا أني أرى أن واجب التكتل هو المعالجة والتقويم قبل الكسر، وكما أن الكي آخر العلاج، فالبتر هو آخر الطرق التي ينبغي أن يسبقها محاولة التقويم والمثابرة عليها، فتكتل يسعى لإصلاح أوضاع مجتمع لا نسفه، أحرى به أن يقوِمَ اعوجاج أفراده لا كسرهم وتعقيدهم وإعانة الشيطان عليهم، وتحويلهم إلى خصوم وأعداء. وكما أن الله تعالى قد جعل التوبة ماسحة للذنوب، فوجب علينا أن نقبل من أكثر الشباب اعوجاجا توجههم نحو الصلاح وانصلاح الأحوال، لا بل من واجبنا دفعهم لذلك ومساعدتهم فيه. فغير مقبول من التكتل أن من كان مظنة اعوجاج أو انحراف أو سوء سلوك أن يُعْمَلَ على بتره وتعقيده وإبقاء المجهر مسلط عليه والسيف مشهر في وجهه والنطع جاهز لاستقبال رأسه، إن أبدى الرغبة في إصلاح حاله وتقويم اعوجاجه. وأشير هنا أنه حتى كل من كان مظنة سوء من أفراد التكتل بقي في صفوف التكتل ولم توقع عليه عقوبة ما لأي سبب من الأسباب فانه محسوب على التكتل ما دام فيه، له عليه واجب الاحترام والرعاية الكاملة ما دام في التكتل، فلا تلصق على ظهره يافطة المتهم طيلة حياته، ولا يجوز بأي حال من الأحوال النظر إليه كمشبوه ومعاملته من هذا المنطلق، ليبقى بين صفوف التكتل قلقا طريدا منبوذا خائفا مرعوبا يشكو إلى الله ظلم مَن مِنَ المفروض أنهم أهله وإخوانه ورعاته وأمرائه !!!!!! فإما فرد من الأفراد له كامل الحقوق والاحترام، وإما ليس من التكتل وخارج صفوفه ليس له عليه الواجب المكتسب. أما العضو الناقص العضوية فهي حالة نشاز معيبة في ذاتها وغير مسموح بها في التكتلات. 10.إن من المخالفات ما لا ينطبق عليها البند السابق ولا تندرج في نطاقه، فالشباب الذين تمردوا على التكتل أو عملوا على هدمه أو الإساءة إليه أو عملوا أو تبنوا أو حملوا خلاف متبنياته، لا مكان لهم في التكتل، وبالتالي الاحترام الواجب، وكذا مرتكب المخالفات الشرعية التي تخرج الشاب عن صفة الشخصية الإسلامية من شباب التكتل أو تبعده عنها أو تخالف صفته كحامل لواء التغيير وأصحاب السلوك المعوج الذين لا أمل في صلاحهم ومرتكبو الفواحش. 11.إن من الخطورة البالغة قيام المسئول بألكيل بمكيالين، بالتفريق في التعامل بين الشباب، بحيث يتم التهاون في التعامل مع مخالفات نوعيات وتبرير مخالفاتهم، مع التشديد في معاملة مخالفات شباب آخرين، وهذه الحالة توجدُ في الحزب مراكز قوى وأتباع ومحاسيب، وتحرف العمل الحزبي عن مساره. وقد عانينا من هذه المسألة سابقا أشد المعاناة قبل عاصفة النكث، وربما كانت تلك المسألة بالذات من عوامل شدة تأثير النكث.... كما يفضل انتهاج آليــــــة سليمة ودقيقة في التعامل مع المخالفات وطريقة التحقيق فيها بحيث يراعى فيها الكياسة والفطنة والرغبة في الوصول إلى الحقيقة بغض النظر عن وجهة نظر المتحقق في الشخص المحقق معه والتجرد التام من قناعته الشخصية، وحتى التجرد من المعلومات السابقة. 12.قال تعالى:( محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم )، ومن مفهوم الآية الشريفة نرى أنه يُحظر على المسئول معاملة الشباب بفوقية وتعالي أو بفظاظة مهما كانت الحالات، وذلك أكثر ما يباعد بين الشباب وبين المسئولين ويخلخل الثقة والود بينهم ، ويبعد التعاون المنتج ويشكل حائلا أمام المصارحة المطلوبة المنتجة للتعاون. وقد يحول المسئول إلى شخص مرعب مرهوب الجانب، في حين أن المفروض أنه أخ وراعٍ ومقوم، مما يعيق العمل ويحرفه عن اتجاهه الصحيح. وأرى في مثل تلك الحالة أحد مقاصد ما ورد في كتاب التكتل الحزبي صفحة 53 : بالخطر الطبقي الذي يتسرب إلى رجال الحزب لا الأمة . كما أِشير إلى أن ثقة الأمة بالحزب وتقديرها له، ومدى الكسب الذي كسبناه على مدى سنين بما في ذلك كسب ثقة الناس واحترامهم وتأييدهم لنا ولفكرنا قد تحقق على يد أناس أشداء على الكفار رحماء بينهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم في وجوههم من أثر السجود. 13. لدى استعراض الأحكام الشرعية نجد أن الشرع قد خطّ معادلة دقيقة في كيفية التعامل بين الأفراد ومسئوليهم عموما في المجتمع والتكتل، وبيّن أن فساد المسئول أو انحرافه أو أخطائه في معالجة الأمور تشكل خطورة في سير الدعوة، لذا فيجب تمكين أفراد التكتل من محاسبة المسئول وتنبيهه إلى ما قد يصدر عنه من أخطاء في معالجاته أو طريقة تعامله مع شبابه، مع انتهاج أسلوب الأدب البالغ في التخاطب، بحيث تكون المحاسبة بقصد تقويم الاعوجاج وتصحيح الأخطاء، ويحظر أن يكون ذلك بالأسلوب الفظ وبغاية كسب المواقف والاحراج، أي يجب أن يكون ذلك من واجب النصيحة والحرص على الدعوة وسيرها، والاخلاص يوجب الطاعة الكاملة غير المنقوصة، ولا يجوز لأي من أفراد التكتل نزع يدٍ من طاعة أخذ برأيه ونصحه أم لا. رأى أن المسئول قد أحسن إليه أم أساء، أكرم أخوته أم جلد ظهره بالسياط، فرش له النمارق أم أعد له النطع، فله عليه واجب الرعاية والأخوة وتمكينه من المحاسبة، ولهم عليه واجب الطاعة الكاملة، فإن الله سائلهم يوم القيامة عما استرعاهم وعما ائتمنهم عليه. [1] الفتح 29. [2] لقمان 13 . [3] لقمان 16 – 19. [4] ابن عبد ربه الأندلسي – العقد الفريد. [5] الصف 2 – 3. [6] - التكتل الحزبي – حزب التحرير ، صفحة 53 . [7] التكتل الحزبي صفحة 48.
  3. النجاح والفشل ان افعال الانسان مهما تنوعت وتعددت لا تخرج عن اطار اشباع حاجاته العضوية وغرائزة بوصفة انسان, وهذه الافعال يقوم بها الانسان لاجل الوصول لغاية وضعها لنفسه او وضعت من قبل غيره فآمن بها واعتقدها, واما افعال العبث فليست هي موضع البحث ، وانما الافعال التي تحقق النتائج اوالتي توصل للغايات هي موضع البحث . لقد كان من جراء وجود العلاقات بين المجتمعات البشرية ان وصفت افعال بعينها بالمدح وكذلك افعال اخرى وصفت بالذم وكانت هذه الاوصاف نتيجة اعراف تواضع عليها البشر من ناحية انها موافقة للفطرة البشرية كالظلم والعدل او مخالفة لها ،او من واقعها فوصف الصدق ممدوح والكذب مذموم والشجاعة ممدوحه والجبن مذموم ووصف كل فعل يحقق غاية بانه ناجح وكل فعل لا يحقق الغاية بأنه فاشل ، فعزي وصف نتيجة الفعل بالفشل والنجاح بتحقق الغاية او عدم تحققها بغض النظر عن الافعال لعدم وجود قاعدة تضبط هذه الافعال . لقد كان ظهور الاسلام الحد الفاصل بين العقل والشرع واعني بذلك ما هو عقلي وما هي شرعي من ناحية وصف الافعال ومن ناحية التقييد الشرعي اتجاهها بـ افعل او لا تفعل او ما ترك على التخيير بين الفعل و الترك واستبعد الوصف ( العقلي ) وإعني به الهوى واتباعه بوصف الافعال بالمدح او الذم بناء عليه كقوله (انصر اخاك ظالماً او مظلوما ) و( ليس الشديد بالصرعة وانما الشديد الذي يملك نفسه حين الغضب ) ، او وصف نتائجها بالفشل او النجاح ، وجعل الانتقال من الاحساس الى الفعل دون عقله مذموم شرعاً وفعل من افعال الجاهلية ,وضبط كل افعال الانسان ضمن القاعدة الواحدة . ان وصف الافعال بالخير او بالشر لا يأتي من ذات الافعال لانها مجرد افعال فقط ، بل يأتي وصفها بالخير والشر والمدح او الذم بناء على اعتبارات خارجة عن ذات الافعال ، فالمسلم الذي يؤمن بالله ورسوله وبالشريعة التي تبين اوامر الله ونواهيه وتنظم علاقته بربه وبنفسه وبغيره توصف افعاله بالخير او بالشر بناءً على تقيده بعقيدته وما انبثق عنها من مفاهيم تحدد الغاية التي يهدف إليها المسلم وهي نوال رضوان الله عز وجل فيكون لأفعاله مقياس محدد من الله عز وجل, ليس لعبادته فقط وانما لكل فعل يفعله تجاه نفسه او غيره او تجاه ربه وهذا المقياس يستغرق كل الافعال والعلاقات . لا بد ان يكون للعمل قصد وغاية وطريقة للوصل لهذه الغاية وكلها يجب ان تتحدد من قبل القيام بالعمل ، ويضاف اليها متعلقاتها حتى يظل العمل ضمن دائرة طاعة الله بأن تدرك الصلة بالله حين القيام بالعمل سواء كان فرضاً كالصلاة اوالزكاة اوالحج اوحمل الدعوة او كان مندوباً كالتجارة والصناعة ورطوبة العلاقة مع الغير, فالقصد لتحقيق قيمة عينها الشرع واباحها وفرضها او ندبها لا ينفصل مطلقاً عن طريق طلب تحقيق هذه القيمة فلا يطلب رضى الله بالمعصية فكيفية الوصول معينة من الشرع والفكرة لا تنفصل عن طريقتها . ان الهم لا ينصب فقط على الغاية ويغض النظر عن طريقة الوصول لها بل لا بد ان يكون كل فعل دق او جل من افعال المسلم موافق لامر الله ونهيه فالغاية وان كانت مهمة فان الالتزام بالامروالنهي مهم ايضاً كأهمية الغاية ، ولا يقال بان الغاية تبرر الوسيلة ، فالغاية وان كنا نتوق لبلوغها فإننا ملتزمون بما حدد الله لنا من افعال ووصفها بالمدح والذم فتعين لنا ميزان من الله لهذه الافعال وميزان لله ثابت, والافعال لا يتغير وصفها تبعاً للغاية فتبررها حيناً ولا تبررها احياناً اخرى تبعاً لهوى او لمصلحة او لمراعاة ظروف وقوة وضعف . ان الحكم على الافعال لا يكون بناءً على نتائجها بل يكون بالحكم على نفس الافعال من كونها موافقه لامر الله عز وجل او مخالفة فالطاعة هي موافقة الآمر فيما امر فلا توصف الافعال بالنجاح او الفشل بناءً على نتائجها اذ ان المسلم قد اطاع الله بفعله ووقف عند حده وجاءت النتيجة بعكس غايته التي حددها فلا يوصف فعله بأنه فاشل ، لان النتيجة لا تتعلق بفعله هو بل تتعلق بأفعال الغير ورد فعلهم وتقبلهم او عدمه لفكرته ومثاله ان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد عرض نفسه على القبائل لينصروه ولقد اخذ بالاسباب وذهب إلى الطائف ودعاهم وبين له الحق بياناً لا لبس فيه ولا غموض ...... فكان رد فعلهم هو النتيجة فلا يوصف هذا العمل بالفشل مطلقاً . ان المسؤولية امام الله عز وجل فيما يتعلق بإبراء الذمة هي طاعته فيما امر وإلتزام نهجه في العسر واليسر وإبراء الذمة يتعلق بالفعل ولا يتعلق بالنتيجة ولو تعلق ابراء الذمة بالنتيجة لكان هذا الامر تكليفنا ما لا نطيق وحاشا لله ان يكلفنا هذا ومثا له اننا كحملة دعوة حين نقوم بالاعمال ضمن دائرة طاقتنا البشرية نترسم خطا المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم ولا نسأل عن النتائج اوافقت ما نصبوا اليه ام اتت مخالفة, فالنتائج متباينة في واقعها وقد تعلقت بردود افعال ادت إلى نتيجة ومن المغالطة ان نحكم عليها آنيا لان واقعها يختلف عن كنهها وما سوف يحدث في المستقبل وذلك كالحكم على الامر من اول طرقة ليس كالحكم عليه بعد تتالي الطرق وعدم الكسل عن الطرق فالاثر ان لم يحدث اليوم بالصبر والثبات ودوام الفعل سيحدث غدا لان وعد الله متحقق قطعاً بالنصر والتمكين . ان الغاية تختلف عن النتيجة, فالنتيجة ليست غاية فالقصد من العمل ليس تحقيق نتيجة بل هو تحقيق قيمة ... وتحقيق القيمة عبارة عن بلوغ غاية تعينت قبل القيام بالعمل عبر طريقها الشرعي للوصول ومثاله بان الحصن لا يفتح بقراءة القرآن ولا بقراءة البخاري ومسلم لرد العدو مع ان قراءة القرآن مطلوبه إلا انها ليست الطريق الشرعي لبلوغ الغاية ..... فإن فعل وقرأ فإن النتيجة حاصله, فرد الفعل هو نتيجة للفعل وليس غاية له . ان المسلم واجب عليه الإدراك ان الله سبحانه وتعالى قد خلق الوجود ودبره بنظام محكم يقوم على ارتباط على نتائج بأسبابها وانها لا تتخلف الا اذا كان سبحانه فعل ذلك كمعجزة لاحد الانبياء, وأما في الحياة العادية وسيرها فسنة الله في خلقة هي ارتباط النتائج بأسبابها ، ومثاله ان لا نصر في المعركة دون الاخذ بأسبابه من الاعداد المادي والروحي ، ولا نجاح في الامتحان دون دراسة جادة ولا انتاجاً زراعياً وغيره إلا بالعناية الزراعية .... ففهم القضاء والقدر يوضح للانسان ان الحياة مفتوحة امامه بجميع مجالاتها وانها كلها نتائج رتبها الخالق بقدرته على اسبابها .... وأي تقاعس عن الاخذ بالاسباب يعني وجود مخالفة وكذلك أي انحراف عن الطريق . ان الاخفاق المتكرر يوجد في النفس البشرية احساساً عميقاً بالاسى بوصفه كائناً بشرياً يحب ويكره ويرضى ويغضب حين يحمل الخير للغير ويقابل بالصد وغلظة الجواب وكل ما يدور في دائرة الرفض, فكان لا بد له ان يسأل نفسه لماذا ؟؟؟؟ ولا بد له ان يتفقد موضعه وموقعه ودقة سيره على نهجه فإن وجد انحراف آب والتزم والا فإن الامر قضاء من الله وكل افعاله ممدوحة من الله ولا توصف بالفاشله ، ومثل هذه الامور لا تفت في عقد المسلم المصمم على السير في طريق طاعة الله ولا يؤثر في الحق الذي يحمله بل يزيده عزم وثقة بأن الله عز وجل ناصره ومؤيده واسوته رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأن الخيرية في هذه الامة باقية وعمله فيها واجب عليه لانهاضها لا يمكن ان يوصف بأنه عمل فاشل, وكذلك صدامه مع الكافرواعوانه و مخططاته وكشفها,وان الكافر قد وضع الامة في ظروف مقصودة مصنوعة لايصالها إلى مرحلة تفقد رجاءها وثقتها وتصل الى حاله من اليائس والإستسلام ليسهل التحكم فيها وتمرير كل ما يريده عليها دون ان تحرك ساكناً بعد تبلد احساسها وبعد ان تفقد كل امل وحيوية ، ورغم كل ما صنع فقد بقيت الامة هي الامة بحيويتها وقوتها تتوق لإعادة بناء مجدها . ان عمل حملة الدعوة ليست لمجرد العمل ، ولا لمجرد حمل الدعوة حتى يقال انه يحب الاستمراربالحمل والعمل قياماً بالواجب ، وهو مجرد عمل ومجرد حمل دعوة سواء اثمر العمل وحمل الدعوة ام لم يثمر .... لا ليس ذلك كذلك ، بل ان العمل وحمل الدعوة واجب لتحقيق غرض معين وهو استئناف الحياة الاسلامية وحمل الدعوة الى العالم عن طريق اقامة الخلافة .... وليس اقامة الخلافة هو نهاية المطاف ، لان اقامة الخلافة ليست هي الغاية ، وانما هي الطريقة الشرعية لتطبيق الاسلام حتى يعيش الناس حياة اسلامية .... والعمل في الامة حتى تتبلور اذواقهم على الحضارة الاسلامية وتكون احكام الاسلام ومفاهيمه وافكاره قريبة منهم وغير غريبة عنهم .... ولذلك فإن العمل ليس لمجرد اقامة الخلافة حتى يقال بأنه يجب ان ينصب كل الهم والجهد الآن لايجاد اهل النصرة وانما العمل المهم في الامة لتحمل الاسلام حملا فكريا بدوام سقيها بهذه الافكارحتى يصيرمفهوم الخلافة والحكم بالاسلام مطلب الناس وهمهم. ان تطبيق الاسلام سيتصادم مع كثير من مصالح الناس الآنية ومع ما اوجده الكافر من اعمالهم من افكار ، ولذلك اذا لم يؤمنوا بالاسلام كما نؤمن ويصدقوا به كما نصدق ويدركوه كما ندركه ويستعدوا للرضوخ له وحمايته كما نستعد سيلقى تطبيق الاسلام صعوبة عند الناس ... وهذا واجبنا ومسؤوليتنا حتى اذا جاء نصر الله وجد له بيتاً يأوي اليه ووجد عند البيت حراساً يحرسونه . فلا توصف افعالنا حين تحقق الغاية بأنها ناجحة كما لا توصف حين عدم تحققها بأنها فاشلة ..... لانها في كل الاحوال كانت اعمال شرعية لبلوغ غاية شرعية بالطريقة الشرعية, واما وصف النتائج من حيث واقعها فأمر اخر مع التأكيد ان وصفا النجاح والفشل ليسا ذماً او مدحاً وانما هما وصف واقع،والزمن ليس حكما على النجاح او الفشل , بل دوام العمل الدؤوب للغاية المحدودة ومثاله رسول الله نوح قد لبث الف سنة الا خمسين عاماً ما كل ولا مل وما كسل وما توانى ، وكل افعاله في هذه السنوات الطوال ما افترت من عزيمته ، والامر الاخر رسول الله يونس ارسله الله إلى مئة الف او يزيدون فأمنوا فمتعناهم الى حين فلا يقال بأن يونس قد نجح وان نوح قد فشل .
  4. نعم أخوتنا في الله ما أردته من نشر هذا البحث ونتائجه، وتقديمي النصح لكم الا من باب القيام بواجب النصح ولأذكركم أن ما قام به حزب التحرير لم يكن نزهة بل مسيرة دموع وجدّ ومعاناة وتحدي للشرك والكفر والباطل وسفور بالحق وتصميم على سلامة الفكرة وشرعية الطريق ونظافة التكتل ووعي سياسي ، فقد قام أميرنا المؤسس رحمه الله بهز الشجرة مراراً وتكراراً ليسقط النفل عنها، وليجهض الحمل الكاذب، وأتت محنة الثبات على المبدأ ، والتي يحلو لبعض الشيوخ بوصفها بمحنة الهالك عبد الناصر لا رحمه الله، تلك المحنة التي كان من آثارها أن عادانا الجميع وحاربونا ، وامتد ذلك للأذى الشخصي، والكارثة أنّ الحزب صار يرى تساقط رجاله الواحد تلو الآخر، يتركون الدعوة الواحد تلو الآخر،حتى لم يبق منهم إلا ما يقارب الربع مما كان. لم تكن نزهة أورثت من أتى بعدهم جنة نعيم، بل كفاح ونزاع وجهاد نفس وآهات ودموع وتعذيب وقطع أرزاق وتشريد ومهانة وذل وسهد ليالٍ ومهانة نهار، كلّ ذلك احتمله رجال عمالقة لم يحنوا هاماتهم لظالم، ولم يسجدوا ألا للخالق العظيم، ...... نعم المواقف هي مواقف الرجال، ولكي نسير على درب العزة الذين ساروا عليه، وللفت النظر أنّ أمجاد الصحابة ممكن أن تتكرر في رجال هم بمنزلة الصحابة في الصبر، لابل بمنزلة أيوب عليه السلام، وبمنزلة الصحابة في الفكر والعقيدة وحسن الالتزام، فسلام الله عليهم وعلى من سار على رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يوم الدين. إنّهم من عاهد الله تعالى على العمل الجاد لتحقيق إقامة الخلافة الاسلامية فرض الفروض وتاجها، فأنبرى لإخراسهم وإسكاتهم والقضاء على دعوتهم مجرمون عتاة لا يرقبون فينا إلاً ولا ذمة، فتحوا السجون والمعتقلات، وأعملوا في الظهور السياط، عذبوا وفتنوا شباب لم تهن لهم قناة صدقوا الله ما عاهدوا عليه، فمنهم من قضى نحبه في سجون الطغاة من هول التعذيب ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا، وفي محاولات الطغاة لإطفاء شعلة نور بزغ من المسجد الأقصى، استعانوا بأصحاب التقوى الضائعة، والنفوس الفاجرة من شيوخ سلطان وعملاء لا يتقون الله في أحباب الله، لينبروا للفتنة وصد الناس عن كلمة الحق، فالفوا في محاولات الصد عن الدعوة الكتب المخابرتيية، وفبركوا الفتاوى الضالة، وتخصصت منتديات ومواقع على الشبكة العنكبوتية بل مستنقعات آسنة الرائحة للنيل من حملة الدعوة تكذيباً وتكفيراً، وكيف يرضى الله لأحبابه الفتنة وقهر الرجال، لا لن يقبل الله ذلك: ﴿وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مؤمنين. وَلَا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِرَاطٍ تُوعِدُونَ وَتَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِهِ وَتَبْغُونَهَا عِوَجًا وَاذْكُرُوا إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلًا فَكَثَّرَكُمْ وَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ. وَإِنْ كَانَ طَائِفَةٌ مِنْكُمْ آمَنُوا بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ وَطَائِفَةٌ لَمْ يُؤْمِنُوا فَاصْبِرُوا حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَنَا وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ.﴾ ( 1) (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (2 ) اللهم فاشهد وأنت خير الشاهدين بأني قد نصحت اللهم فأشهد وأنت خير الشاهدين بأني قد حذرت اللهم فأشهد وأنت خير الشاهدين بأني قد بلغت والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته طالب عوض الله ________________ 1 - سورة الأعراف ( 58 ) 2 - آل عمران ( 104 )
  5. أوليس من العجب العجاب أن تكون دولة كالسعودية تصدر قرابة 22 مليون برميل نفط يوميا بسعر يقارب الثلاثين دولارا للبرميل أي حوالي 660 مليون دولار في اليوم الواحد، أي 250 مليار دولار في السنة أن يكون في ميزانيتها للعام 2001 عجز قيمته 270 مليار دولار! أولا تعلمون أن أمريكا قد نهبت النفط وعوائده؟ فبدلا من أن يعود المال وزكاته على الأمة الاسلامية ذهب بفعل حكامنا – أخزاهم الله – إلى جيوب أرباب المال الأمريكان صناع الحروب القتلة الذين ولغوا في دماء المسلمين !! فهل من فاجعة أشد عشناها بفقد الخلافة التي بعد سبعين سنة من تطبيقها أيام عمر بن عبد العزيز محت الفقر من العالم الاسلامي كما شهد العدو قبل الصديق!! خسر المسلمون بفقد الخلافة عقول مبدعيهم!! لأنه لا راعي يرعاهم، ولا من يقيم لهم مؤسسات البحث ولا من يضع في الأمة الصناعة الثقيلة على الكيفية التي تمنع أعداءنا من أن يتحكموا بمقدراتنا وأن ينهبوا خيراتنا! فبعد أن كانت الأمة مصنعا للعلماء تصدر للبشرية العلم والحضارة والرقي والمدنية، وتنشر الجامعات في الأندلس تهوي إليها أفئدة طلبة العلم من أصقاع العالم رأينا هجرة العقول إلى الغرب بحثا عن لقمة العيش بعد أن منعتهم دويلات الرويبضات من التفكير والابداع والعيش الكريم!! لقد خسر المسلمون بفقدان الخليفة هيبتهم من صدور أعدائهم، مما جرّأ أعداءهم عليهم ، فأعملوا في رجالهم القتل وفي نسائهم الغصب وفي أطفالهم الأمراض وجعلوا بلادهم مختبرا لأسلحتهم المحرمة دوليا كاليورانيوم المنضب وغيره. وما كان لأعداء الله أن يتجرأوا على أمة الجهاد والشهادة لولا أن حكامنا ومن سكت المسلمون عليهم إذ تولوا أمرهم منعوا المسلمين من قتال عدوهم والدفاع عن حرماتهم، بعد أن كان المسلمون يفتحون باسم الله أطراف الأرض ويخوضون البحر بخيولهم ناشرين للعدل والكرامة ومطبقين على البشرية خير قانون . خسر المسلمون بغياب الخلافة وحدتهم! فبعد أن كانوا أمة واحدة يحكمهم خليفة واحد بكتاب ربهم الواحد، يرعى حرماتهم ويسهر عليهم ولا يستأثر عليهم بخير، القوي عنده ضعيف حتى يأخذ الحق منه، والضعيف عنده قوي حتى يأخذ الحق له، كلهم أمام القضاء سواء.لا يفرق بينهم حدود صنعها لهم أعداؤهم بعد هدم خلافتهم، فلا يضطر الشآمي لإبراز جواز السفر ليحج البيت، ولا العراقي لتأشيرة الدخول ليدخل مصر التي قال فيها رب العالمين : ادخلوها بسلام آمنين لقد خسر المسلمون بغياب الخلافة تحكيم القرآن فيهم وهذه أعظم خسارة، فلا حرمات الله تراعى بعد أن ذبحوا الشرع في حملاتهم الصليبية الحاقدة، ولا تقام الحدود، ولا تحرس العقيدة الاسلامية ولم نعد نتعجب إذ نرى أبراج البنوك الربوية ترتفع إلى جوار الحرم المكي ولا رأينا الجهاد لحمل رسالة الاسلام، لا بل ومنع أهل الشام من نصرة أهل بيت المقدس، ومنع أهل نجد والحجاز والبحرين من نصرة أهل العراق، وحيل بين مسلمي باكستان وبين إخوانهم في أفغانستان. واقع المسلمين الآن كله إفراز لغياب الخلافة فهل هذه نهاية التاريخ بالنسبة لهذه الأمة؟ لا...لقد وعد الله ووعده الحق ووعد رسول الله وهو الصادق المصدوق الذي لا ينطق عن الهوى، فقال رب العالمين وهو أصدق القائلين: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾ (1 ) فهذا وعد من الله بالاستخلاف والتمكين في الأرض بعد الخوف والنصر بعد الانكسارات والنكسات والبلايا العظام وقال الله جل وعلا واصفا محاولات الكفر والكفار أن يطفئوا نور الله :﴿يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ * هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ﴾( 2) وهذه بشارة لكم أخوتنا بأن دين الله سيظهر على كل الأديان وكل الشرائع وأن دستور القرآن سيعلو على كل الدساتير، وعاد الله وأكد هذا الوعد في غير موضع من القرآن الكريم: ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ (31) يُرِيدُونَ أَن يُطْفِؤُواْ نُورَ اللّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (32) هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ (33)﴾ (3 ) يأبى الله إلا أن يتم نوره حتى لا يبقى في الأرض بيت مدر ولا وبر ولا حجر إلا دخله الاسلام مصداقا لوعد رسول الله صلى الله عليه وسلم: عَنْ ثَوْبَانَ مولى رسول الله قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : «إِنَّ اللَّهَ زَوَى لِيَ الْأَرْضَ فَرَأَيْتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا وَإِنَّ أُمَّتِي سَيَبْلُغُ مُلْكُهَا مَا زُوِيَ لِي مِنْهَا وَأُعْطِيتُ الْكَنْزَيْنِ الْأَحْمَرَ وَالْأَبْيَضَ « ( 4) وروى الإمام أحمد في مسند الشاميين « « عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَيَبْلُغَنَّ هَذَا الْأَمْرُ مَا بَلَغَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَلَا يَتْرُكُ اللَّهُ بَيْتَ مَدَرٍ وَلَا وَبَرٍ إِلَّا أَدْخَلَهُ اللَّهُ هَذَا الدِّينَ بِعِزِّ عَزِيزٍ أَوْ بِذُلِّ ذَلِيلٍ عِزًّا يُعِزُّ اللَّهُ بِهِ الْإِسْلَامَ وَذُلًّا يُذِلُّ اللَّهُ بِهِ الْكُفْرَ (5 ) » وكلنا يثق بوعد رسول الله صلى الله عليه وسلم بفتح روما كما صدق صلى الله عليه وسلم ببشارته بفتح القسطنطينية من قبل فكيف ستفتح روما بغير الخلافة؟ وكيف ستحرر القدس بغير الخلافة وكيف سيسود الاسلام الأرض بغير الخلافة؟ من سيحرك جيوش المسلمين لنصرة قضايا المسلمين وللدفاع عن حرمات المسلمين غير الخليفة؟ فإلى العمل الجاد لاستئناف الحياة الاسلامية بإقامة الدولة الاسلامية التي تطبق الشرع في الأرض وتحمل الاسلام رسالة عدل وهدى ونور للبشرية بالدعوة والجهاد ندعوكم أيها المسلمون لتبرأ ذممكم، وتنالوا رضى ربكم، ونذكركم بأن هذا العمل الجليل العظيم لا يقوم إلا بجماعة تعمل على تحقيقه، ونرفع الصوت عاليا مبشرين بهذه الجماعة التي عاهدت الله أن تقيم الخلافة في الأرض أو تنقطع السالفة من شبابها. نعم أخوتنا في الاسلام: هلا فكرتم في اعادة النظر في المنهج وخط المسير وفي دراسة فكر حزب التحرير فكرة وخط مسير حيث ستجدون انهم ليسوا مجرد حملة دعوة بل هم الصفوة المختارة من الأمة، والشّامة التي لا تغيب عن البصر، مصابيح النور في أفواههم تزهو، وألسنتهم بحجج الكتاب تنطق، انهم الصفوة المختارة بإمارة مجدد الفكر الإسلامي في القرن العشرين سماحة الشيخ تقي الدين النبهاني، وصاحبه وخلفه سماحة الشيخ عبد القديم زلوم، وصوت الحق تحت قبة البرلمان، رافض الثقة بالحكام ورافض سن أنظمة وأحكام الكفر، سماحة الشيخ أحمد الداعور. نعم : إنّهم حاملوا لواء التغيير ، ركبوا منهج السبيل، خصماء الشيطان الرجيم وطواغيته في الأرض، بهم سيصلح الله البلاد إن شاء الله، ويدفع عن العباد، وبهم من شابه الصحابة وأصحاب عيسى بن مريم الذين نشروا بالمناشير وحملوا على الخشب. صبروا على البلاء والعذاب وقطع الأرزاق والأعناق والتشرد في البلاد، صادعين بأمر الله، جاهرين بدعوة الحق، حاملين مشعل الهداية للناس كافة، فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا. إنّهم أمل الأمة ورجائها وقادتها للخير والنصر أن شاء الله. حملوا الدعوة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر، وقاوموا الفساد والعملاء وسفروا بالدعوة لم يداجوا لم ينافقوا ولم يهادنوا، علموا الصبر كيف يكون الصبر. وعلموا الطغاة والطواغيت وجهابذة الإجرام كيف يكون جلد الرجال، أرهبوا الحكام ودول الكفر ومخابرات الكفر، صبروا على مؤامرات الأعداء ومن في كنف الأعداء من أعوان الطواغيت ومرتزقة وبطانة الحكام ومن ملأ الحقد والغل قلوبهم الذين ارتضوا لأنفسهم القيام بما عجزت عنه مخابرات ألأعداء. أسأل الله أن يوفق من بقي منهم ومن تبعهم وسار على نهجهم بأمارة شيخ الشيوخ أمير حزب التحرير سماحة الشيخ عطاء أبو الرشته وأن يتم وعده الحق على يدهم بإقامة الدولة الإسلامية ورفع راية العقاب. ________________ 1- سورة النور ( 55 ) 2 - سورة الصف (8-9) 3 - سورة التوبة ( 31-33 ) 4- أخرجه مسلم رقم ( 2889 ) 4 / 2215 ، وأبو داود رقم ( 4252 ) 4/97 ، والترمذي رقم ( 2176 ) 4 / 472 ، وأحمد رقم ( 22448 ) 5/278 ، ورقم ( 22505 ) 5/ 284، وابن حبان رقم ( 6714 ) 15 / 109 ، وابن حبان رقم (7238 ) 16/220 ، وابن أبي شيبة رقم ( 31694 ) 6/311 ، والحاكم في المستدرك رقم ( 8390 ) 4/496، والبيهقي في السنن الكبرى رقم ( 18398 ) 9/181، والطبراني في مسند الشهاب رقم ( 1113 ) 2 / 166 ، وأخرجه أحمد أيضاً من حديث شداد بن أوس رقم ( 17156 ) 4 / 123. 5 - رواه الإمام أحمد في مسند الشاميين
  6. ﴿ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (*) بِنَصْرِ اللَّهِ يَنصُرُ مَن يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (*)﴾ (1 ) ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (*) وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (*) ﴾ ( 2) أما آن لنا أن نقف ساعة نتفكر فيها في أحوال المسلمين، وذلك فرض علينا ؟ أما آن لنا أن نبحث عن مخرج لهذه الأمة مما حل بها من بلاء؟ أما آن لنا أن نقف وقفة مراجعة مع الذات لنرى هل فعلا نحن نسير على ما أمر الله، وهل تصب أفعالنا في دائرة مرضاة الله تعالى علنا نفوز بجنة عرضها السموات والأرض؟ أم أننا من حيث نغفل ولا ندري نعيش ما مثله يردي، ويودي بالمرء في دركات الهلاك والشقاء؟ نعم أخوتنا الأحبة في الحركات الاصلاحية: لم آت لأسمعكم موعظة، ولا لم أبغ برسالتي هذه إليكم إلا أن نتفكر سويا لعل هذه الكلمات التي حرصت كل الحرص أن تخرج من سويداء القلب تمس شغاف قلب مؤمن بالله محب لنوال مرضاته وسلوك السبيل التي بين رب العالمين أنها وحدها هي التي اختارها لرسله ومن اهتدى بهديهم إذ قال وهو أصدق القائلين: ﴿وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ ( 3( لقد عاث الكفر بقضه وقضيضه في أرض المسلمين الفساد، وسام المسلمين سوء العذاب يقتل أبناءهم ويغتصب فتياتهم، ويسحل شيوخهم في الشوارع، ويقرن شبابهم في الأصفاد، ويمنع عن المسلمات العفيفات حتى أن يتحجبن ويلبسن ما أمر الله ورسوله إياهن. لقد بالغ الكفر في إظهار عداوته لله ولرسوله وللمؤمنين ألم تسمعوا عدو الله بوش يعلن حربه على الاسلام والمسلمين صريحة في غير موضع على أنها حملة صليبية جديدة!! أولم تصلكم أنباء رءوس الكفر من حكام واشنطن ولندن وباريس يعلنون أنهم يريدون اجتثاث الاسلام من الأرض ليقيموا على قبره نظامهم البائس العفن الذي يسمونه الديمقراطية! ألم تعلموا أخوتنا في الله – أخوتنا في العقيدة -أن أمريكا في خلال عام واحد من حملتها الصليبية على الاسلام والمسلمين قتلت ظلما أكثر من مائتي ألف مسلم!! أكثر من200.000ضحايا الإرهاب الأمريكي من المسلمين في عام واحد بينما انشغل العالم شرقه وغربه بالبكاء على قتلى هجمات 11 سبتمبر ، لم يفكر أحد أو يتعب نفسه بالتفكير في المسلمين الذين قتلوا أو كانت أمريكا سببا في قتلهم ، فإليك أخي - أختي هنا قائمة بأعداد المسلمين الذي لقوا حتفهم في عام واحد بسبب الإرهاب الأمريكي أو الغربي ألم تعلموا أخوتنا في الله – أخوتنا في العقيدة –أن121237 طفل عراقي قضوا نحبهم خلال اثني عشر شهرا – طبقا للإحصاءات العالمية – وتذكر المنظمات العالمية أن وفاة هؤلاء جاءت كنتيجة مباشرة للعقوبات الأمريكية المفروضة على العراق، الأمر الذي أدى إلى منع أدوية الأطفال وأن 31202 مدني أفغاني قتلوا منذ بدأت أمريكا حملتها العسكرية على أفغانستان منذ أكتوبر/تشرين الأول 2001، حيث قامت الطائرات الحربية الأمريكية بقصف قراهم عشوائيا وبيوتهم ومساجدهم ومستشفياتهم وحفلات زفافهم. ألم تعلموا أنّ 1084مسلم هندي قتلوا واحرقوا على أيدي الهندوس وتحت سمع وبصر الحكومة الهندية في ولاية جوجارات، أثناء الشهور الاثنى عشر السوداء في تاريخ الأمة الاسلامية. و أنّ5078 مسلم شيشاني قتلوا بالقصف الجوي الروسي أثناء الشهور الاثني عشر هذه، وذلك بعد أن حصلت روسيا على ضوء أخضر من الأمريكان وأنّ3039 مسلم فلسطيني قتلوا من قبل الأمريكان في العام ذاته عن طريق الأسلحة الأمريكية والاسرائيلية الموجودة في أيدي الجنود الإسرائيليين.وأنّ 2170 مسلم أوزبكي أخذوا من بيوتهم من قبل حكومة كريموف وذلك في إطار حملة مكافحة الإرهاب المزعومة .والتي باركتها أمريكا لقمع دعاة الخلافة من شباب حزب التحرير والحركات الاسلامية العاملة . ومن جديد فقد رأيتم وقض مضاجعكم جرائم طاغية ليبيا منكر السنة النبوية بتقتيل شعبه قبل مصرعة وجرائم حكام سوريا وتقتيلهم الشيوخ والأطفال والنساء وحرب الابادة المستهدفة أبناء سوريا والتي طالت الشجر والحجر وهدم البيوت والمتاجر والمساجد باستعمال أحدث الأسلحة في محاولة تثبيت نظام حكمهم مما تتسبب بالاف الشهداء على مسمع كافة الدول والأنظمة ... لا بل بمساعدتهم وعونهم وموافقتهم . وأخيرا لا آخرا ففي أول أيام رمضان المبارك وبعد ستة أسابيع متتالية من القتل الجماعي والتصفية العرقية لمسلمي ميانمار، ضمن عمليات ذبح وتشريد ممنهجة، وأمام صمت دولي خائن، وفي ظل غياب مقصود من قبل وسائل الإعلام العربية والدولية، بدا المشهد أنه تواطؤ عالمي على مسلمي ميانمار، بل مؤامرة لإنهاء وجودهم هناك، حتى تصريحات منظمة العفو الدولية والتي نشرت أمس الخميس الموافق 19-7-2012 حول ما يجري هناك لم تحظى بتغطية إعلامية! بعد هذا الإجرام الدموي الفاضح، والذي راح ضحيته أكثر من 2000 مسلم وتشريد ما يزيد عن 90000 منهم، دعا رئيس ميانمار السفاح "ثين سين" خلال لقائه مع المفوض الأعلى للأمم المتحدة للاجئين "أنتونيو جيتيريس" يوم الأربعاء الماضي 11 تموز، إلى تجميع أعضاء الأقلية المسلمة في ميانمار التي تعرف بـ "الروهنجيا" في معسكرات لاجئين، لحين طردهم خارج البلاد، حيث قال إنه "ليس ممكنا قبول الروهينجيا الذين دخلوا البلاد بطريقة غير قانونية وهم ليسوا من أثنيتنا"، ثم أردف أنهم "يشكّلون خطراً على الأمن القومي". أي نظره عنصرية دنيئة هذه! أن يـُصنف الناس حسب أعراقهم وأجناسهم وأديانهم، بينما الإسلام عامَل المجوسيَّ وأهل الكتاب بالعدل كمعاملته المسلم سواءً بسواء، فشتان بين ثرى الأنظمة الوضعية العميلة المجرمة، وثُريّا الإسلام بأحكامه الراقية السامية، ثم يقال لمن يذبح ويُقتل لا لشيء إلا أنه قال ربي الله، يُقال له بأنه خطر على الأمن القومي؟! صدق رسول الله إذ قال: "إذا لم تستحي فاصنع ما شئت". ويعيش في ميانمار حوالى 800 ألف مسلم من "الروهينجيا" في ولاية " آراكان"، حيث تعتبرهم الأمم المتحدة إحدى أكثر الأقليات تعرضا للاضطهاد في العالم، يشار إلى أن النظام في ميانمار لا يعترف بالروهينجيا، وينظر إليهم على أنهم مهاجرون غير شرعيين قدِموا من بنغلادش. وفي ظل انعدام الأخبار التي تنقل ما جرى ويجري هناك، فإنه يمكن لنا أن نستدل على جزء من الظلم والإجرام الذي حل بالمسلمين هناك، من خلال تقرير المفوضية العليا للاجئين بقولها: إن "الروهينجيا" يتعرضون في ميانمار لكل أنواع الاضطهاد ومنها العمل القسري والابتزاز، والقيود على حرية التحرك، وانعدام الحق في الإقامة وقواعد الزواج الجائرة ومصادرة الأراضي....... المسلمون يذبحون هنا وهناك في سوريا وفي ميانمار .... والبقية تأتي !!!! نعم أخوتنا في الدين والعقيدة عاش المسلمون في ظل دولة الخلافة الاسلامية التي حكمت الأرض من الصين إلى الأندلس، طوال أربعة عشر قرنا ولم تورد كتب التاريخ ولا حتى كتب الفقه حادثة اغتصاب واحدة!! ومن المفروغ به أن هذا الانجاز الحضاري الهائل يعد من أرقى ما قدمت حضارة قط للبشرية؟ فما بال المسلمات العفيفات منذ أن سقطت دولة الخلافة الراشدة إلى يومنا هذا قد أصبح كل نجس دنس يعتدي عليهن تحت سمع البشرية وبصرها ولا من مدافع عنهن! أولا تظن أن الله تعالى سائلك عنهن ماذا فعلت لهن؟ أفلم يخطر ببالك أن الله تعالى جعلك مسئولا عنهن وأنهن سيأتين يوم القيامة لتمسك كل واحدة منهن في عنقك لتأخذك لتقتص منك وتسأل رب العالمين: ألم تجعلنا إخوة في العقيدة ؟ أولم تبين لنا في محكم التنزيل أننا إخوة؟ أولم تقل يا رب وقولك الحق: إنما المؤمنون إخوة!! فماذا فعل أخي هذا ليمنع عدو الله الكافر الدنس النجس من أن يغتصبني؟ ماذا ستجيب رب العزة؟ هل لو كانت هذه المغتصبة أمك أو أختك كنت لتقف متفرجا؟ ألم تر بأم العين على شاشات التلفزة إخوانكم في العراق وأفغانستان ثم فس سوريا ومانيمار وقد سالت دماؤهم أنهارا، أعمل فيهم أعداء الله القتل والتشريد والتجويع وساموهم سوء العذاب.ألم تسأل نفسك ماذا ستجيب الله عنهم إذ يسألك؟أو تظنون أن قولكم: شغلتنا أموالنا وأهلونا سينفعك ولات حين مندم!! ألم يتكفل رب العالمين برزقك ويأمرك أن تعمل لنصرة دينه وحذرك إن توليت أن لك سوء العذاب؟ ﴿قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ﴾ (4 ) ولعلكم تسألون: وماذا بأيدينا أن نفعل وقد قمنا بواجبنا التصحيحي أكثر من ثمانين عاما ولم نفلح في أصلاح ولا تغيير؟ فأقول لكم: بل بيدكم أن تغير العالم كله وأن تعملون لنجاتكم في الدنيا والآخرة فافتحوا لنا قلوبكم وشنف آذانكم يرحمكم اللهلسماع القول نفعنا الله وإياكم بما علمنا وعلمنا ما ينفعنا . إن الناظر في قضايا العالم الاسلامي كلها : سواء قضية فلسطين أو قضية العراق أم قضية النفط المنهوب والمال المسلوب، والحق المغصوب، أو قضية أفغانستان والشيشان وتلك الثغور الاسلامية الغالية على أفئدتنا وقضايا الفقر والجهل والتخلف، وتحكم الحكام الرويبضات أمراء السوء الذين أسلموا رقاب الأمة وخيراتها لأعدائها وباعوها بثمن بخس كراسي مهترئة وتمزيق العالم الاسلامي إلى بضع وخمسين دويلة هزيلة لا تملك من أمرها شسئا ولا تستطيع أن تحمي أبناءها أمام أراذل الخلق، حتى أصبح حديث الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم علينا منطبقابحرفيته: نوشك أن تداعى عليكم الأمم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها قالوا أومن قلة نحن يومئذ يا رسول الله ؟ قال: بل أنتم كثير ولكنكم غثاء كغثاء السيل، تنتزع المهابة من صدور أعدائكم ويلقى في قلوبكم الوهْن، قالوا وما الوهن يا رسول الله؟ قال: حب الدنيا وكراهية القتال! قضية المسلمين المركزية هي غياب الاسلام من واقع حياتهم! أي أنهم يعيشون في ظل حكم بغير ما أنزل الله أحال حياتهم إلى هذا الجحيم الذي نعلمه ونعيشه وصدق الله إذ قال: ﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى.﴾ فماذا خسر المسلمون بغياب الخليفة الذي يحكمهم بالشرع ويطبق أحكام الله ورسوله فيهم؟ خسروا أن يعيشوا الاسلام في واقعهم، فتؤخذ زكاة أموالهم من أغنيائهم وترد إلى فقرائهم، أو لم تعلم أن زكاة أموال وعوائد النفط في عام واحد لن تترك فقيرا في العالم الاسلامي؟ __________________________ 1- سورة الروم (4-5 ) 2 - سورة الأنفال ( 24-25 ). 3 - سورة الأنعام ( 153) 4 - سورة التوبه (24)
  7. ولما كانت طريق السير في حمل الدعوة أحكاما شرعية تؤخذ من طريق رسول الله r لأنه واجب الإتباع فالله سبحانه وتعالى يقول: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} ( 1) ويقول سبحانه: {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } (2 ) ولقوله سبحانه: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا} (3 ) . ولإنتاج العمل لا بد من تحديد المكان الذي يبدأ العمل فيه وتحديد الجماعة التي يبدأ العمل بها.... لأن العمل وإن كان عملا لجميع بني الإنسان لكنه يعتبر البدء بالعمل المفتوح عملا مخفقاً لا يؤدي إلى نتيجة مطلقاً... بل لا بد أن يبدأ العمل بالفرد وأن يكون الانتهاء بالعالم... لذلك يجب أن تحمل الدعوة في مكان تتركز فيه حتى تصبح نقطة ابتداء ثم يؤخذ هو أو غيره ليكون نقطة انطلاق الدعوة في طريقها الطبيعي -طريق الجهاد- فنقطة الابتداء ثم نقطة الانطلاق فنقطة الارتكاز هو للدعوة لا للأمكنة... ويجب أن يعلم أن هذه النقاط والعمل فيها داخل في الدائرة التي تسيطر على الإنسان.. ولا يسيطر الإنسان عليها وما على الإنسان إلا أن يسير في الأعمال التي تدخل في الدائرة التي يسيطر عليها هو..فنقطة الابتداء تكون قطعا في المكان الذي يوجد فيه من تشرق في ذهنه اللمعة الأولى ويهيئة الله تعالى للعمل، وهو من الدائرة التي تسيطر على الإنسان. وأما نقطة الانطلاق فإنها تتوقف على استعداد المجتمعات التي تتقارب فيها الأفكار والمشاعر والأنظمة عادة، فالمكان الذي يكون المجتمع أصلح والجو أوفق يكون نقطة الانطلاق – وان كان في الغالب أن يكون المكان الذي كانت فيه نقطة الابتداء هو مكان نقطة الانطلاق.. وهذا أيضا في الدائرة التي تسيطر على الإنسان . وأما نقطة الارتكاز فإنها تتوقف كذلك على نجاح الدعوة في المجتمع... فالمكان الذي تهضم فيه الفكرة والطريقة من قبل المجتمع وتسيطر عليه أجواؤه يصلح لأن يكون نقطة الارتكاز مهما كان عدد العاملين للمبدأ... لأن المجتمع ليس مكوناً من أفراد كما يتوهم البعض، وإنما الافراد هم أجزاء في المجتمع يحتاجون الى الاجزاء الاخرى في تكوين المجتمع، هذه الأجزاء هي الأفكار والمشاعر والأنظمة، فيجب أن تكون الدعوة جماعية ودعوة للمجتمع لا للإفراد، وان كانت تبدأ بالفرد وعليه فان المكان الذي يصلح لأن يكون نقطة ارتكاز لا نعلمه فهو يتوقف على استعداد المجتمع لا على قوة الدعوة فحسب ولا على كثرة حاملي الدعوة، كذلك، وهذا الأمر أيضا من الدائرة التي تسيطر على الإنسان لا هو الذي يسيطر عليها. ومن هنا نقول أن حملة الدعوة لا يمكنهم أن يعلموا المكان الذي يصلح لان تكون نقطة ابتداء ولا نقطة انطلاق ولا المكان الذي يصلح ان يكون نقطة ارتكاز... ولا يمكنهم معرفته مهما أوتوا من ذكاء وتحليل, وبقية الناس اجمع احرى أن لا يعلموا شيئا من ذلك ولو وصل بهم العلم الى الدرجة العالية.. وإنما ذلك في علم الله وحده تعالى. ولهذا يجب أن يكون استناد حَمَلَة الدعوة إلى شيء واحد هو الإيمان بالله تعالى، وأن يكون كل عملهم متركزاً فقط على هذا الإيمان لا على غيره فبالإيمان بالله لا بغيره يكون نجاح الدعوة. والإيمان بالله يوجب صحة التوكل عليه واستمداد العون منه لانه وحده الذي يعلم السر وأخفى ولأنه هو الذي يوفق حملة الدعوة ويهديهم سبيل الرشاد وطريق الهدى.. فلا بد من قوة الإيمان بالله ومن كمال التوكل على الله ودوام استمداد العون منه تعالى. والإيمان بالله يحتم على المؤمن الإيمان بالمبدأ أي الإيمان بالإسلام، فكل خطرة ريب في المبدأ تجر إلى الإخفاق بل ربما جرت إلى الكفر والتمرد والعياذ بالله. وبعد يرحمكم الله: لقد جرب المسلمون في القرن الماضي من عمر دعواتهم وحركاتهم الاسلامية طرقا شتى للوصول إلى تطبيق الشرع أو إصلاح الوضع الفاسد، فجربوا طريق البرلمانات والتصويت، حتى بان لهم وظهر بما لا يدع مجالا للشك أن هذه الطريق لن توصلهم إلى تحقيق هذه الغاية العظيمة وما حصل في الجزائر وفي مصر وفي الأردن عنكم ببعيد، ولم نزدد بهذه السبيل الوعرة التي تخالف الطريقة الشرعية لاستئناف الحياة الاسلامية من تطبيق الاسلام إلا بعدا. وجربتم أنتم أخوتنا في جماعة الإخوان المسلمين وقد كنتم أولى الحركات بعد زوال شمس الخلافة عن الوجود جربتم النهضة باصلاح الأخلاق أي بطريقة الاصلاح الفردية، وجربتم الاشتراك في أنظمة الحكم الجاهلية.... وجربتم طريق الوعظ والارشاد والمدارس والجمعيات الخيرية، وكل ذلك لم يُأت نتائج ولا تغيير. وجرب المسلمون في مصر الخروج على الحكام بالسلاح والأعمال المادية وقتلوا خائن الأمة السادات، وبلغوا بعملهم الذي نسأل الله أن يؤتيهم أجره عظيما وأن يجعله في موازين حسناتهم، بلغوا بهذا العمل ذروة ما تستطيعه حركات مسلحة، ولكن ثبت أنه لا يوصل إلى الغاية، لأن العدو ليس مجرد شخص الحاكم، ولكنه نظام الكفر المعشش فوق رقاب المسلمين يحكمهم بغير ما أنزل الله ويقيم جيوشا وقوات أمن ومخابرات حرسا على باطله مانعا المسلمين من أن يطبقوا القرآن في واقع حياتهم وجرب المسلمون إصلاح الأوضاع بالخطب المؤثرة والمواعظ البليغة وانتقدوا الأوضاع الفاسدة في المجتمعات وحاولوا استنقاذ من لمسوا فيه الخير من أبناء هذه الأمة، آملين أن يصلحوا أفراد الأمة فردا فردا ليصلح المجتمع بذلك، ولكن تيار الفساد الجارف الموجه بسهام ليل الكفار الساهرين على هدم الفضيلة في مجتمعاتنا أقوى من عمل الخيرين فيها، إذ أن معهم الاعلام وما يدسه من سموم، والتعليم وما فيه من تحريف للكلم عن مواضعه، وقوة السلطان الذي يفرض العري والفجور ، واستبداد الظلمة بأصحاب الفكر السوي وزجهم بالسجون، وتشجيع الفساد وإيجاد الفقر الذي يمنع الشباب من الزواج ويلجؤه إلى الزنا، وفتح كل باب للرذيلة على مصراعيه وغلق كل باب للفضيلة بمزالج أقوى من جهد العاملين على الاصلاح فما بقي في جعبة المسلمين كخط دفاع أخير عنهم إلا العمل التغييري الانقلابي الجذري الشامل الذي يرفع لواءه حزب التحرير. ذلك أن حزب التحرير بحث في الشرع عن طريقة تغيير الوضع القائم في العالم الاسلامي فوجد أن التزام طريقة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم في الدعوة هو السبيل الوحيد الذي يوصل بإذن الله إلى نصر الله فعمل على تثقيف المسلمين بثقافة الاسلام المركزة القوية لإيجاد الشخصيات الاسلامية القادرة على تحمل أعباء الدعوة والتي تستحق بصبرها على الحق، وقوتها في حمل الدعوة أن يتنزل عليها بحول الله تعالى ومنه نصر الله. ومن ثم عمد إلى التفاعل مع المجتمع بصراع أفكار الكفر الماحكمة فيه حتى لم يترك فكرا ولا عقيدة مخالفة للاسلام إلا نقضها وأزال أوراق التوت عن عورتها حتى بان للمسلمين عوارها، ووضع البديل الاسلامي خالصا من كل شائبة مكانه ومن ثم عمد إلى مصدر الداء وأصل المرض العضال في الأمة ألا وهو حكامها والمتنفذون فيها ذيول الغرب الكافر الذين يحرسون الكفر ويحاربون الله ورسوله والمؤمنين جهارا نهارا بلا خجل ولا خوف من عقوبة، حكام المسلمين وحاشيتهم ففضحهم وحاسبهم ووقف عينا ساهرة للأمة يفضح مؤامراتهم التي يحيكونها ليتخلصوا من الاسلام. وبادر حزب التحرير إلى أهل القوة والمنعه من ضباط مخلصين في جيوش المسلمين، وشيوخ القبائل والعشائر، ووجوه القوم ومن يلمس فيه الخير من أهل النصرة فحمل الدعوة إليهم، وطالبهم بنصرة الاسلام كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ عرض نفسه على القبائل طلبا للنصرة حتى من الله عليه بالأنصار فآووه ونصروه فأعز الله بهم الاسلام. واليوم والأمة تقف على بعد خطوة من دولة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة التي بشر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح :روى الإمام أحمد في أول مسند الكوفيين "عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ كُنَّا قُعُودًا فِي الْمَسْجِدِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ بَشِيرٌ رَجُلًا يَكُفُّ حَدِيثَهُ فَجَاءَ أَبُو ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيُّ فَقَالَ يَا بَشِيرُ بْنَ سَعْدٍ أَتَحْفَظُ حَدِيثَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْأُمَرَاءِ فَقَالَ حُذَيْفَةُ أَنَا أَحْفَظُ خُطْبَتَهُ فَجَلَسَ أَبُو ثَعْلَبَةَ فَقَالَ حُذَيْفَةُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَكُونُ النُّبُوَّةُ فِيكُمْ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَرْفَعَهَا ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا عَاضًّا فَيَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَكُونَ ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا جَبْرِيَّةً فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةً عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ ثُمَّ سَكَتَ" ( 4) نقول: اليوم والمسلمون في نهايات عهد الملك الجبرية ) الدكتاتوريات ) وهم يعاينون بأم العين هذه العروش التي لا يحول بينها وبين أن تسقط إلا هزة بيد متوضئة مخلصة لله ولرسوله ندعوكم إلى العمل الجاد معنا لإقامة الخلافة لنستأنف الحياة الاسلامية ولندحر الكفر والكفار ونرد كيد أمريكا في نحرها. _____________ 1 - سورة الأحزاب (21) 2 - سورة آل عمران(31) 3- سورة الحشر(7). 4 - رواية الإمام أحمد في أول مسند الكوفيين.
  8. فحزب التحرير وجد ليقود الأمة حتى تعيد الخلافة والحكم بما أنزل الله ولا يصبح الحزب قائداً للأمة إلا إذا إنقادت له وأطاعته ولا يبقى القائد قائدا اذا لم يكن لديه من يقودهم ، ولا يكون القائد قائداً إلا إذا كانت القيادة له وحده ...ففكرة القيادة توجب وجود مقودين وتنفي مكان قبول قائدين في آن واحد، وعلى ذلك لا يبقى الحزب قائدا الا اذا كانت الامة مقودة له ولا يتمكن من القيادة الا اذا كان وحده القائد المطاع، فعلى الحزب ان يقوم بما يجعل الأمة تسير في طاعته عن رضى واطمئنان وأن يجعل افكاره تسيطر على المجتمع سيطرة تؤدي الى حل او شل القيادات الاخرى فينفرد بقيادة الامة. لقد شاءت إرادة الله أن ينقسم الناس في هذه الدنيا إلى مؤمن وكافر وشاءت إرادته أن يكون المؤمنون امة واحدة مهما تعددت أجناسها ولغاتها وألوانها... وقد أرسل الله رسلا مبشرين ومنذرين داعيين إلى عبادة الله وحده ونبذ كل عبادة وكل معبود سواه سبحانه وتعالى، وكانت الرسل قبل رسالة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم تدعو إلى الاعتصام بعبادة الله وحده وربما جاءت مع بعض الأنبياء بعض الأحكام التي تصلح من حياة الأفراد وربما الجماعة ثم ختم الله سبحانه وتعالى المرسلين بسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وختم الرسالات برسالة الإسلام التي عالجت علاقات الإنسان كلها فعالجت علاقة الإنسان بربه وخالقه فيما يعرف بأحكام العبادات، كما عالجت علاقة الإنسان بنفسه فيما يعرف بالأخلاق والمطعومات والمشروبات والملبوسات، وعالجت علاقة الإنسان بغيره بما يعرف بأحكام المعاملات ونظام الحكم بما فيه نظام العقوبات. وبهذه الرسالة الخاتمة نظمت حياة الإنسان من نواحيها كلها.. وبهذا النبي الخاتم محمد صلى الله عليه وسلم أقيمت دولة الإسلام –دولة الخلافة- امتدت أكثر من ثلاثة عشر قرنا فأزالها الكافر المستعمر عن الوجود وفرض بدلا منها أحكامه الكافرة وعمل جادا على طرح أفكاره ومشاعره عن الحياة بين المسلمين فأقام كيانات نصّب عليها أمراء وحكاما يخدمونه ولا يألون في ذلك جهدا حتى عاش العالم كله في ظلام الكفر ودياجيره، وشقي العالم بهذه الأنظمة الكافرة، فما هي قضية العالم وما هي قضية المسلمين منهم؟؟ إن قضية العالم تنحصر في عدم وجود المبدأ الصحيح – مبدأ الإسلام - في واقع الحياة.. وهذه هي قضية العالم الإسلامي الحقيقية.. أي إيجاد الإسلام ثانية في واقع الحياة ليسود ما بلغ الليل والنهار وليظهر على الدين كله، وهذا لا يتأتى إلا بوجود دولة الإسلام –دولة الخلافة- ووجود دولة الإسلام ثانية لا يتحقق إلا بوجود حزب سياسي يعمل على بناء الأمة الإسلامية ثانية وعلى إقامة دولة الخلافة.... ولا يستطيع هذا الحزب أن يحقق ذلك إلا إذا كان قد حدد فكرته وأهدافه وأبصر طريقته فأدرك واقع المجتمع الذي يعيش فيه.... فما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب (قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ)( 1). والحزب السياسي المبدئي في الإسلام هو تكتل يقوم على المبدأ –الإسلام- الذي آمن به هو وأفراده بغية إيجاده في واقع الحياة.... أي هو فكرة تتجسد في مجموعة من الناس يراد لها أن تتجسد في المجتمع –يعني أن تتجسد في العلاقات العامة. فالفكرة أو المبدأ هو الأساس في الحزب، فهو روح الحزب، وقيام التكتل على الفكرة - المبدأ-هو الذي يوجد الحزب في الحياة، أي يبرز إلى الوجود. وإرادة إيجاد المبدأ –الفكرة- في المجتمع هي التي تجعله حزبا وتميزه عن غيره من باقي التكتلات والتجمعات والتكتل حتى يكون حزبا مبدئياً لا بد أن تتوفر فيه ثلاثة شروط: أولها وجود المبدأ أو الفكرة، ثانيها أن يتجسد المبدأ أو الفكرة في مجموعة من الناس، ثالثها أن يراد من عملية التكتل إيجاد هذا المبدأ –الفكرة – في المجتمع – أي في علاقاته-. والحزب المبدئي لا بد أن يسير في ثلاث مراحل –خطوات- المرحلة الأولى: مرحلة الدراسة والتعليم لإيجاد الثقافة الحزبية –فهي مرحلة التأسيس- وفيها يجب اعتبار جميع أفراد الأمة خاليين من كل ثقافة فيجب البدء بتثقيف من يريد أن يكون من أعضاء هذا التكتل –الحزب- بثقافة الحزب نفسه.. ويجب اعتبار المجتمع كله مدرسة للحزب حتى يُخَرَّج في أقصر مدة الفئة التي تكون قادرة على الاتصال بالجماعة والتفاعل معها. المرحلة الثانية: مرحلة التفاعل مع المجتمع الذي تعيش فيه الكتلة حتى يصبح المبدأ عرفاً عاماً ناتجا عن وعي عام فتعتبره الجماعة كلها مبدأها فتدافع عنه جماعياً... وفي هذه المرحلة يكون الكفاح بين الأمة وبين من يقفون حائلاً دون تطبيق المبدأ، سواء كانوا من الظلاميين أو المضبوعين بالثقافات الأخرى، أو من الاستعمار وممن يضعهم أمامه من الفئات الحاكمة. المرحلة الثالثة: وهي مرحلة تسلم الحكم عن طريق الأمة تسلماً كاملاً... فيتخذ الحكم طريقة لتطبيق المبدأ على الأمة فتبدأ الناحية العملية في الحزب في معترك الحياة... على أن تظل ناحية الدعوة للمبدأ العمل الأصلي للدولة وللحزب، لأن المبدأ هو الرسالة التي تحملها الأمة والدولة. هذه هي الخطوات التي يجب أن يسير فيها الحزب لينقل الفكرة إلى الدور العملي، أي لينقل المبدأ إلى معترك الحياة ولينهض بالمجتمع ويحمل الدعوة إلى العالم. والحزب هو الضمانة الحقيقية لإقامة الدولة الإسلامية وبقائها ولتطبيق الإسلام وإحسان تطبيقه... فيجب أن يبقى الحزب عاملاً حتى يكون رقيباً على الدولة – محاسباً لها وقائداً للأمة لمناقشة الدولة وحاملاً للدعوة الإسلامية إلى العالم. وأما حزب التحرير: فهو حزب سياسي مبدؤه الإسلام، كما جاء في تعريفة وهو تكتل سياسي لا تكتلاً روحياً ولا تكتلاً خيرياً... وهو يعمل في الأمة ومعها ليكون الإسلام قضيتها فيقودها لإعادة الخلافة الإسلامية والحكم بما أنزل الله على رسوله محمدr . وقيام الحزب كان استجابة لقوله تعالى: ] وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ 2 [. والقرائن تدل على الطلب الجازم –الفرض- هو طلب الآية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهو فرض على المسلمين أن يقوموا به بدلالة الحديث الشريف عن ‏ ‏حذيفة بن اليمان ‏أن النبي ‏r‏ ‏قال: « والذي نفسي بيده ‏ ‏لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقابا من عنده ثم لتدعنه ‏ ‏فلا يستجيب لكم »( 3), والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر شامل لأمر الحكام بالمعروف ونهيهم عن المنكر... بل هو أهم أعمال الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.... فهو محاسبة الحكام وتقديم النصح لهم- وهذا عمل سياسي بل هو من أحل الأعمال السياسية وهو من ابرز أعمال الأحزاب السياسية. ولما كانت الآية آمرة بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر –أي الدعوة إلى الإسلام والنهي عن الكفر- وهذا لا تقوم به إلا التكتلات الإسلامية ، حصرت الآية أن تكون التكتلات أحزاباً إسلامية. فغاية حزب التحرير هو استئناف الحياة الإسلامية وحمل الدعوة الإسلامية إلى العالم.. وهذا يعني إعادة المسلمين إلى العيش عيشاً إسلاميا في دار الإسلام في مجتمع إسلامي فتكون وجهة النظر هي الحلال والحرام في ظل خلافة إسلامية. فعمل حزب التحرير هو حمل الدعوة الإسلامية لتغيير واقع المجتمع الفاسد وتحويله إلى مجتمع إسلامي بتغيير الأفكار الموجودة فيه إلى أفكار إسلامية فتصبح هذه الأفكار رأياً عاماً عند الناس وتصبح مفاهيم تدفعهم لتطبيقها والعمل بمقتضاها، وعمل حزب التحرير يكون كذلك بتغيير المشاعر عند الناس حتى تصبح مشاعر إسلامية ترضى بما يرضي الله وتثور وتغضب لما يغضب الله سبحانه...فتغيير العلاقات بين أفراد المجتمع حتى تصبح علاقات إسلامية تسير وفق أحكام الإسلام ومعالجاته... ويبرز في هذه الأعمال السياسية تثقيف الأمة الثقافة الإسلامية لصهرها بالإسلام وتخليصها من العقائد الفاسدة والأفكار الخاطئة والمفاهيم المغلوطة ومن التأثر بأفكار الكفر وأحكامه... كما يبرز في هذه الأعمال السياسية الصراع الفكري والكفاح السياسي.. ويتجلى الصراع الفكري في صراع أفكار الكفر وأنظمته –كما يتجلى في صراع الأفكار الخاطئة والعقائد الفاسدة والمفاهيم المغلوطة. وأما الكفاح السياسي فيتجلى في مصارعة الكفار وأنظمتهم لتخليص الأمة من سيطرتهم وتحريرها من نفوذهم، واجتثاث جذورهم الفكرية والثقافية والسياسية والاقتصادية والعسكرية وغيرها... كما يتجلى في مصارعة الحكام وكشف خياناتهم ومؤامراتهم على الأمة... ومحاسبتهم والتغيير عليهم إذا هضموا حقوقها أو أهملوا شأناً من شؤونها أو خالفوا أحكام الإسلام. ____________________________ 1 - يوسف (108) 2- آل عمران (104) 3- مسند أحمد.
  9. وأهديهم نصيحتي : الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة وتركها على المحجة البيضاء لا يزيغ عنها إلا هالك. الحمد لله الذي هدانا لهذا الدين وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، وصلى الله على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه ومن والاه وتبعهم بإحسان إلى يوم الدين. وبعد. وبعد اخوتي بالله :فإن الله سبحانه وتعالى خلق البشرية لغاية أرادها فقال: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ)(1 ) ومن أجل ذلك ميز الله سبحانه وتعالى الإنسان عن بقية المخلوقات وجعله مناط التكليف، فوهب له العقل المفكر وأعطاه السمت الحسن، وجعله في أحسن تقويم، قال سبحانه وتعالى: (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً)(2 ) ثم إن الله سبحانه وتعالى بين للإنسان طريق الهدى والرشاد ودعاه إليها وكشف له عن طريق الضلال والفساد وحذره منها. فقال سبحانه وتعالى: ( إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً)(3 ) وقال تعالى: (وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ).(4 ) وبهذا كله أرسل الرسل مبشرين ومنذرين وأعطى الإنسان حرية التفكير والإتباع حتى يكون مناط التكليف- فانقسمت البشرية إلى فريقين:- فريق مؤمن ومتبع ما جاء به الرسل من عند الله، وفريق اتبع هواه وما توسوس به نفسه... فكان نتيجة ذلك صراع دائم بين الحق الباطل وحتى يقطع الله الحجج عن بني آدم ختم الرسالات كلها برسالة الإسلام واختاره لعباده المؤمنين وختم الأنبياء بمحمد صلى الله عليه وآله وسلم .. قال سبحانه وتعالى: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً)(5 ) وقال سبحانه وتعالى (مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً)(6 ) فكان دين الإسلام هو الدين عند الله وبه يعالج علاقات الإنسان كلها : علاقته بربه نظمتها العبادات وعلاقته بنفسه فنظمتها أحكام المطعومات والمشروبات والملبوسات والأخلاق، وعلاقته بغيره فنظمتها أحكام المعاملات والحكم والعقوبات. وقد جعل سبحانه وتعالى ملاك ذلك كله دولة تحكم بما أنزل الله، فتقيم العدل وترفع الجور والظلم وتنشر الخير والفضيلة وتحمل رسالة الإسلام إلى الناس كافة .. قال سبحانه وتعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ)(7 )، وقال سبحانه وتعالى: (إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلاَ تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ)( 8) وقال تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ)( 9) وقال سبحانه (وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللّهُ إِلَيْكَ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيراً مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ)(10 ). فحقق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ذلك كله، حقق كل ما أمره الله بتبليغه وأقام دولة الإسلام، وتابع صحابته رضوان الله عليهم فعله، فأقاموا دولة الخلافة الراشدة وساحوا في الأرض استجابة لأوامر الله تعالى ينشرون العدل ويقيمون القسط ويرعون العباد برعاية الإسلام...وامتد سلطان الخلافة الإسلامية فدخل معظم الأقطار المعروفة في ذلك الحين ما بين غربي أوروبا إلى شرقي آسيا وشمالي إفريقيا. لكن الصراع بين الكفر والإيمان، بين المسلمين والكفار صراع دائم سواء كان صراعا فكريا أم ماديا.... وكثيرا ما وقفت دول الكفر في وجه دولة الإسلام .. وكثيرا ما كان يقع الصراع المادي بينهما.. وربما اخذ هذا الصراع المادي صراع دولة واحدة ضد دولة الخلافة، وربما اخذ هذا الصراع المادي صراع مجموعة دول من دول الكفر ضد دولة الإسلام.. وأبرز ما كان في العهود السابقة الحروب الصليبية التي تداعت لها دول الغرب الكافر استجابة لنداء البابا "اريان الثاني" و "بطرس الناسك" لتخليص بيت المقدس وكنائس النصارى من أيدي المسلمين الكفرة في زعمهم .. وقد رافق رغبة البابا هذه رغبة أخرى تدور حول سيطرة الكنيسة الكاثوليكية على الكنيسة الشرقية الأرثوذكسية ليكون العالم النصراني تحت سلطة حكومة دينية واحدة رئيسها البابا الكاثوليكي.. وهذا دلالة بينة على الفساد بينهم جميعا.. ومن الأمر الطبيعي كذلك أن يرافق هذه الرغبة رغبات أخرى مادية دنيوية تتمثل في الغنائم والديار التي يستولون عليها. ومما يدل دلالة واضحة عن أن غرض هذه الحملات الصليبية إنما كان للقضاء على الإسلام والمسلمين لاسترداد كنائسهم وأماكن عبادتهم، إن شعار حملاتهم كان الصليب الذي حملوه وحمله كل جندي منهم.. ومما يؤكد على الحقد في قلوبهم ما فعلوه بالمسلمين في ساحة مسجد بيت المقدس عشية استيلائهم على القدس. فقد ذبحوا سبعين ألفا في ساحة المسجد الأقصى. ولم يرف لهم جفن ولم تنزل لهم عبرة. صحيح أن أوضاع المسلمين في ذاك الحين كانت أوضاعا سيئة فتمكن الصليبيون قرابة مائة عام من الحكم والتحكم في ديار المسلمين التي استطاعوا الاستيلاء عليها... لكن الله كان لهم بالمرصاد فهيأ قائدا ربانيا مسلما جمع شتات المسلمين في ديار الشام ومصر وحارب الصليبين بخلق القائد المسلم حتى هزمهم واضطرهم للعودة خائبين إلى ديارهم.. ذاك هو صلاح الدين الأيوبي. فاستقر أمر المسلمين بعد ذلك طيلة الخلافة العثمانية حتى ضعف آخرهاا حين أهملت قواعد في الإسلام لا بد منها فأهملت اللغة العربية لغة القرآن والسنة فابتعدوا بذلك عن فهم الإسلام فهما صحيحا يحل مشاكلهم ويبنى أمرهم. هنا استغل الغرب الكافر بعد ثورته الصناعية، استغلّ هذه الظروف وأدرك ان سر قوة المسلمين يكمن في وضوح عقيدتهم وبيان شريعتهم فشنوا اولا الحملات التبشيرية واستطاعوا أن يشتروا عملاء وأبواق لهم ممن أضلهم الله من المسلمين وأشاع هؤلاء العملاء دعوة القومية والوطنية بين المسلمين حتى وجد التناحر والتباغض... فقام الغرب الكافر بغزوته العسكرية واستطاع بمعونة عملائه وأبواقه القضاء على دولة الخلافة وتقطيع أوصال العالم الإسلامي إلى نيف وخمسين كياناً هزيلاً. وفي أواخر الأربعينات من القرن العشرين تمكن اليهود بدعم الكفار المستعمرين لهم, وبدعم من عملاء العرب من حكام وغيرهم من إقامة دولتهم دولة يهود في جزء عزيز مقدس عند المسلمين – فلسطين- فاغتصبوا البلاد وشردوا العباد لاجئين في البلاد العربية والمنافي البعيدة. لقد تمكن الكفار عن طريق الغزو الثقافي لبلاد المسلمين ان غيروا مفاهيم الإسلام في نفوس أبنائه خاصة من الطبقة المثقفة، وأحلّوا بدلا منها افكار الكفر ومفاهيمه.. فغرست افكار القومية وأفكار الوطنية وكلها أفكار بدائية للإنسان وراجت هذه الأفكار والمفاهيم.. ونجح الكفار في جعل الإسلام وأفكاره طقوساً دينية وعبادات لا توجد نهضة ولا توجد رقياً، فانزوى المتدينون في المساجد وأكثَرَ الناس من القيام بالنوافل بدل الفرائض.. وبذلك نجح الكفار في جعل الولاء لدى المسلمين للوطنية والقومية وربما الاشتراكية بدلاً من ولائهم للإسلام... وبهذا فقد تغير مفهوم النهضة عند المسلمين.. فبدلا أن تكون النهضة هي الارتقاء على أساس الإسلام صارت النهضة هي الاعتزاز بالوطنية أو القومية أو العشائرية.. وصار التغيير ينصب على الدعوات للوطن أو القومية.. فوجدت الأحزاب تعمل على هذا الأساس. هذا الواقع الجديد دفع المفكرين وفائقي الإحساس إلى البحث في هذا الواقع وكيفية الخلاص منه وكيفية عودة المسلمين إلى الواقع الذي كانوا عليه قبل ذلك منذ عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى أن هدمت الخلافة. اختلفت الرؤى واختلف العلاج فلم تحدد المشكلة بشكل لا لبس فيه ولم يحدد العلاج المناسب فكان الاختلاف بين المفكرين حيث رأى بعضهم أن الوحدة والنهضة إنما تقوم على أساس القومية أو الوطنية.. فلا بد من تأسيس أحزاب تنادي بهذه الأفكار وتدعو لها واشتهر من هذه الأحزاب حزب البعث والقوميين العرب والحزب الناصري. وهؤلاء جميعا اتخذوا عقيدة فصل الدين عن الدنيا أي فصل الدين عن الحكم... ورأى البعض الآخر أن السبب من هذا الواقع السيئ هو البعد عن الإسلام فدعوا إليه بشكل عام ومفتوح لم تحدد أسسه وقواعده وأركانه... ودعا بعضهم إلى الأخلاق ودعا بعضهم إلى إقامة الجمعيات الخيرية والرعاية الاجتماعية ودعا بعضهم إلى إقامة المساجد وكفالة الأيتام أو بناء المدارس التي سموها مدارس إسلامية وليس لها من الإسلام إلا الاسم فهي تلتزم مناهج الكفر وأفكاره وأنظمته... وقصرت فئات كثيرة دعوتها على الالتزام بالعبادات خاصة وكأن أحكام الإسلام تقتصر على العبادات وحدها فأكثروا من النوافل والروحانيات. في هذا الواقع السيئ الذي انحدر فيه المسلمون إلى سلم الهاوية هدى الله سبحانه وتعالى عالما من علماء المسلمين الأفذاذ فحدد مشكلة العالم الإسلامي وبين طريق علاجها كل ذلك من شريعة الله ودين الإسلام ذاك هو الشيخ تقي الدين النبهاني رحمه الله مؤسس حزب التحرير وأميره الأول. وحزب التحرير هو حزب سياسي مبدؤه الإسلام. فالسياسة عمله، والإسلام مبدؤه، وهو يعمل بين الأمة ومعها لتتخذ الإسلام قضية لها، وليقودها لإعادة الخلافة والحكم بما أنزل الله إلى الوجود. وهو تكتل سياسي، وليس تكتلاً روحياً، ولا تكتلاً علمياً، ولا تعليمياً، ولا تكتلاً خيرياً، والفكرة الإسلامية هي الروح لجسمه، وهي نواته وسرّ حياته. وقيام حزب التحرير كان استجابة لقوله تعالى: ] وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ  [.11 بغية إنهاض الأمة الإسلامية من الانحدار الشديد، الذي وصلت إليه وتحريرها من أفكار الكفر وأنظمته وأحكامه، ومن سيطرة الدول الكافرة ونفوذها, بغية العمل لإعادة دولة الخلافة الإسلامية إلى الوجود، حتى يعود الحكم بما أنزل الله. -________________________ 1 - الذاريات (56) 2- الاسراء (70) 3 - الانسان (3) 4- البلد (10). 5 - المائدة (3). 6- الأحزاب (40). 7 - سبأ (28) 8 - البقره ( 119) 9 - الأنبياء ( 107 ) 10- المائده (49) 11 - آل عمران (104)
  10. اللهم إني ناصح أمين طالب عوض الله يقول الله عز وجل في كتابه العزيز: {قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ }(1 ) {وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ }( 2) {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ }( 3) {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً }( 4) وقال تعالى :(فَمَنْ يُرِدْ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا. (( 5) (فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا)(6 ). وقال سبحانه وتعالى : ( قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي * وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي * وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي* َيفْقَهُوا قَوْلِي( (7 ) وفي الحديث الشريف:عن حذيفة قال رسول الله r: تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها ثم تكون خلافة على منهاج النبوة فتكون ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها ثم تكون ملكا عاضا فيكون ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها ثم يكون ملكا جبرية فتكون ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها ثم تكون خلافة على منهاج النبوة ثم سكت . ( 8). ومن منطلق مفهوم ما روي عن تميم بن أوس الداري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( الدين النصيحة ثلاثا قلنا لمن يا رسول الله قال لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم )( 9).فقد هداني الله لهذا البحث في واقع جماعة الاخوان المسلمين منهجا وخط مسير مستعينا بما ورد في مصادرهم، وتمّ بناء على هذا الفهم مناقشة منهج وخط مسير الجماعة على ضوء نصوص الشريعة الغراء، متضمنا ذلك أشهر ما كتب عن الجماعة من المأيدين لها والمعارضين، موثقا كل ذلك ببيان المصادر التي تمّ النقل عنها، وقد هالني أنّ بعض ما كتب عن الجماعة من خصومهم قد تجاوز أصول النقد البناء بلجوء أصحابه للشتيمة والتجريح الشخصي والتجني مما يخالف أخلاق المسلمين وآدابهم، وفي محصلة البحث توصلت لأسباب فشل الجماعة وعدم تقيدها بالطريقة الشرعية في التغيير. فقد قلنا أن الفلسفة الحقيقية للنهضة هي مبدأ يجمع الفكرة والطريقة معا . وهما لا بد من تفهمهما لكل تكتل يهدف إلى القيام بعمل جدي يؤدي إلى النهضة، ومتى وضح المبدأ وصار تفهمه لأجل التكتل متيسرا . ولذلك فالطبيعي بعد ذلك البيان الشافي للمبدأ ، أن يكون التكتل المسبوق بهذا التفهم تكتلا مؤثرا ، إنشائيا ارتقائيا ، جديرا بأن يحتضنه المجتمع ويتكفله ، وأن يضطلع بأعبائه ، لأنه تكتل هاضم لفكرته ، مبصر لطريقته ، فاهم لقضيته . وفي بعض الحركات المنتسبه للاسلام تجد اطلاق للشعارات والأمنيات المناقض جوهرها لبعضها مع البعض الآخر، علاوة على مخالفة بعضها صراحة لمبدا الاسلام ، وعدم انتهاج طريقة ثابتة واضحة المعالم وتغير الثوابت لا بل والنكول عنها ومخالفتها، وانتهاج التبريرات الواهية لتلك المخالفات، مع اعتماد الأدلة العقلية لا الشرعية في أعمالهم، معتمدين مبدأ المصلحة في ذلك مع مراعاة الطريقة الفردية في الدعوة منسجمة مع نهجهم الترقيعي المسمى " الطريقة الاصلاحية " والمناداة بما يخالف الاسلام من التشريعات من مثل ( الشعب مصدر السلطات ) والاشتراك في أنظمة الحكم القائمة والتي تخالف نظام الاسلام في أصولها وفروعها. وغالبية تلك الحركات والجماعات هي دعوات اصلاح فردية تعتمد على تسلسل: اصلح الفرد تصلح الأسرة فيصلح المجتمع، وهي طريقة سقيمة لا تنتج نتائج بل يدور صاحبها في حلقة مفرغة في نهايتها سينتهي حيث بدأ، وطريق النهضة الآن يجب أن يترسم خطوات الرسول صلى الله عليه وسلّم، فطريقة الرسول التي أدّى بها الرسالة هو أنه بدأ بالأفراد بوصفهم أجزاء في المجتمع رجالاً ونساء، فعلمهم وثقفهم بالإسلام، وهيأهم بعقائده، وغيّر مفاهيمهم المغلوطة بمفاهيم صحيحة. أخذ الإسلام هؤلاء لا ليربيهم تربية فردية كتربية المدارس وإنّما ليربيهم تربية جماعية جذرية. لإنّ طريق النهضة الصحيحة هي الحركة التي تعالج مشاكل الإنسان كلها، وتنظر للإنسان كلاً لا يتجزأ ، لذلك فهي تعالج مشاكله بطريقة واحدة، هي التي بُني نظام الإسلام عليها، فقد بُنِيَ نظام الإسلام على أساس روحي، هو العقيدة ، فكانت الناحية الروحية هي أساس حضارته، وهي أساس شريعته، وأساس دولته. ومع أنّ الشريعة الإسلامية فصّلت الأنظمة تفصيلاً دقيقاً كأنظمة المعاملات والعقوبات والعبادات، فإنّها لم تجعل للإخلاق نظاماً مفصلاً، وإنّما عالجت أحكام الأخلاق باعتبارها أوامر ونواه من الله تعالى. لقد أنتهجت تلك الجماعات نهج الاصلاح الفردي الترقيعي المخالف للطريقة الشرعية المستنبطة من سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وما ورد من الأدلة الشرعية، فلم تر ضيرا في السير في ركاب الحكام وفي المشاركة في وزارات الأنظمة القائمة وجميعها جاهلية طاغوتية، فنادت بالديموقراطية والتقيد برأي الأغلبية، وأكثر من هذا فقد شاركت في التشريع والاشتراك في المجالس التشريعية المتحاكمة للطاغوت، بل وأبلغ من هذا فقد شاركت بالحكم بغير ما أنزل الله تعالى.وبالتالي فإنّ الفشل الذريع الذي منيت به تلك الجماعات كان أهم أسبابه مخالفة الحكم الشرعي للطريقة مما جعلها غير مبرئة لذمة المنتسبين لها، . لم يكن من دواعي وغايات هذا البحث التجريح أو بيان فساد، فمعاذ الله تعالى أن يكون هذا من مقاصدي، غير أني وقد قمت ببحث في واقع مدرك خطورته لكل باحث ومفكر، ومع هذا آثرت أن أقوم به فأهديه لأخوة لنا في الدين مبينا خطأ مسيرات بدأ بعضها منذ زوال نجم الخلافة ولم تفلح في احداث أي تغيير بل أنها كانت أحد العوامل التي أثرت بصورة أو أخرى على نجاح مسيرة قيام دولة الخلافة الراشدة.لذا كان بحثي هذا مُعينا لهم في مراجعة النفس وإعادة النظر في مسيرة فشلت لفساد خط مسيرتها ومخالفته لشرع الله، وبناء عليه أن أهديهم نصيحة مخلصة أدعو الله تعالى أن يدرسوها ويعملوا بها. يتبع ____________________________ 1 - يوسف (108). 2 - الأنعام (153). 3 - الحشر (7). 4 -الأحزاب (21 ). 5 - سورةالأنعام(125) 6- الكهف(6) 7- طه ( 25-28 ) 8 - رواه ألإمام أحمد والطبراني 9 - رواه مسلم
  11. قالوا عني معاق قالوا عني معاق ...فهل أبكي ؟ قالوا عني معاق ...إن كان: فما ذنبي ؟ ولدت وهكذا قدري فهل أحكم على نفسي بحفر لحدي ؟ وهل أقدر أن أغير خلقي ؟ أتيت لهذه الدنيا كي ألقي العبر كي أقتل اليأس والمرض أقهر نسجت مما لدي بساطاً من الأمل نسجت من ايماني قدرة ينميها الأمل أسير عليه في عيشي نورا يُنير ظلام دربي أتابع رحلة عمري لا شيء يدفعني اللهم إلا الايمان يوجهني للصبر والإصرار والجد يدفعني للحق والسفور والجلد يلهمني ساعات وأيام وأزمان من الصبر كي ألحق الركب فأنتم تعيشون ومن حقي طيب العيش كما تعيشون فهل تنتظرون مني أن أبكي ؟ وأنتم تشيحون بأنظاركم عني لا .. لن أحكم بالموت على نفسي ولن تسيل دموعي من يأسي لا .. وألف لا .. لن أبكي سأواصل العيش بلا بكاء أعمل وأسعى بهمة ورجاء سأعبد ربي وأمتثل أمره وأحفظ قرآني وأمتثل شرعه وأسعى لإعادة الإسلام ومجده لن يكون العويل والبكاء من طبعي لن يكون الضجر والملل عنواني بل أمل ورجاء وعملي وايماني بايماني بالله ..... بالله ايماني بأحكام شرعي وعملي وتصميمي لن أبقى معاق ... سأقاوم مرضي سأعالج مرضي ... وشفائي على ربي سأعيد الفاروق والصديق والفاتح والشافعي والحنفي وأيوبٌ الصالح وعبد الحميد وسلطان المسلمين وابن الوليد والخنساء وصلاح الدين وبلاط الشهداء وبدر واليرموك وحطين والبخاري والشاطبي ومالك وابن سيرين سنحرر الأقصى الحزين واندلس سليب بسواعدي وهمتي وايماني وأمل نجيب المعاق تعافى وساعده اليوم من حديد المعاق تعافى ويعمل لبزوغ فجر وليد فالشمس تشرق كل يوم بفجر جديد والفجر يأتي في نهاية ليل وتقاعس من قادر والأمل بالله دافع لتحقق وعد وبشائر ونصر الله والفتح قادم بهمتي وعون الله القادر ونصر الله لن يأتي لمختال ولا لجبان خائر بل لتقي مؤمن آمل بنجاز الوعد صابر وقهر الأعداء آت بعون صاحب الجيروت القاهر عندها ..... نعم عندها سأسبح وأكبر سأسبح وأشكر الله وأكبر سأسبح ثم أهلل وأكبر سأواصل التسبيح والتهليل ... وأكبر الله أكبر لست مُعاقٌ سأكبر الله أكبر أمة الاسلام حية ..... سأكير الله أكبر فالكف ناطَحَ المخرز .... سأكبر الله أكبر جاء نصر الله والفتح .... سأكبر الله أكبر فُتحَتْ روما ..... سأسبح وأكبر رايات العقاب ترفرف فوق الهامات سأكبر الله أكبر لست كسولأ سأكبر الله أكبر لست مريضاً سأكبر الله أكبر لست مُعاقاً .....سأكبر الله أكير ... للنصر والفتح سأكبر الله أكبر ... أنجز الوعد سأكبر منقول عن : منتدى الزاهد http://www.sharabati...amp;postid=1043
  12. بســم الله الـرحمــن الرحيــم بارك الله في الأخ الحبيب " دائم الأمل " السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ،، الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه و بعد , طبيعة حامل الدّعوة أنّه يحمل هموم العالم أجمع ، ويبتدع من الأساليب والوسائل كإرهاصات تدعم عمله المستهدف التغيير، مستبشرا بوعد الله تعالى بالتمكين مطمئنا لحتمية تحققه وبالبشارات الأخرى من الله تعالى ورسولنا الكريم مما يجعله بحق دائم الأمل عن قناعة واعتقاد جازم ، وبناء عليه فسيبقى على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، والمحجة البيضاء هي التقيد التام بالأحكام الشرعية مع التقيد بالسير الواعي على الطريقة . مؤمنا بقرب تحقق الأهداف والتمكين، لذا فلا مجال لليأس أو القنوط . مما يعني أنه سيكون إنسان مميز يتصف بالصدق والأمانة والتحدي والسفور ، لا يحني هامته لظالم ، لا يُداجي ولا ينافق ، عفيف أمين خلوق ، يبتعد عن كل ما يغضب الله مما يلجأ له أدعياء حمل الدعوة من المنتسبين للحركات المغلفة بالاسلام، فيرفض المنازلة الغير متسمة بالتقوى، كما يرفض استعمال الميكافيلية في النزال، مسفهاً المثل العامي ( الذي تغلب به العب به ) مما يعني رفض اعتماد الكذب والتجريح الشخصي والادعاءات الكاذبة بعيدا عن شرف النزال ، وسيراعي في خلافه مع الآخرين ونقاشه معهم شروط الشرع في أخوة الاسلام. ( ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ . ) لا يعتمد التبريرات الواهية ، خاصة تلك التي تعتمد على الكذب أو سوء الظن أو الحسابات الخاطئة أو التقدير الخاطئ للمواقف، وربما تبريرات يصدق عليها أنّها تأخذ وصف أنها كتعلق الغريق بين الأمواج في البحر المحيط بقشّة، أي لا يعتمد إلا ما نص عليه الشرع من تفسيرات واضحة لمجريات الأعمال. قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (54) وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (55) وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (56) لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ وَلَبِئْسَ الْمَصِيرُ (57)
  13. ورد آخر على الموضوع في موقع آخر من أخت فاضلة : بارك الله في الأخت الفاضلة وقد أفلحت الدول الاستعمارية في أفساد النفسية الانهزامية عند المسلمين، حتى عندما تراودهم ذكريات العزة ، فنجد من المسلمين من يرى في عودة الإسلام استحالة وأنه حلمٌ ، وللإعلام دورٌ في هذا فهو من جعل من الغرب قمة وما هو للإسلام في آخر الأمة ، فيصور دمار الغرب حضارة ، ويجعل من النهضة الإسلامية الفكرية تخلفاً وانحطاطاً .. والأنكى من هذا فساد نفسية بعض الحركات الاسلامية التي تهاجم الحزب لأنه تقدم منهم ومن الأمة ناصحا في انتخابات مجلس الضرار الفلسطيني ، وكما جاء في ردي على الزميل المشارك قبلك وأخطر ما كان في ردود أفعالهم المنازلة الغير متسمة بالتقوى، بل استعمال الميكافيلية في النزال، معتمدين على المثل العامي ( الذي تغلب به العب به ) فمكانت ردود أفعالهم تعتمد على الكذب والتجريح الشخصي والادعاءات الكاذبة بعيدا عن شرف النزال ومراعاة الزمالة و أخوة الدين ، فقد عمدوا لدبلجة الاتهامات والأكاذيب على الحزب ورجاله وحتى تأليف الكتب القادحة وبث الاشاعات المغرضة ، حتى وصلت ردودهم النارية لدرجة الدعاء على شباب الحزب من على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم خذهم أخذ عزيز مقتدر ). فلا حول ولا قوة الا بالله العظيم. يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (24) وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (25) وَاذْكُرُواْ إِذْ أَنتُمْ قَلِيلٌ مُّسْتَضْعَفُونَ فِي الأَرْضِ تَخَافُونَ أَن يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُم بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (26) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ (27)
  14. حذار من بذور شرورهم الموصلة للطبقية البغيضة إِنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ (11)لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُّبِينٌ (12) لَوْلَا جَاؤُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاء فَأُوْلَئِكَ عِندَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ (13)وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (14) إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُم مَّا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ (15) وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُم مَّا يَكُونُ لَنَا أَن نَّتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ (16) يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَن تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (17) وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (18) إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (19) وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّه رَؤُوفٌ رَحِيمٌ (20) سورة النور جاء في تفسير الطبري: الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَة مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْر لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْم وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْره مِنْهُمْ لَهُمْ عَذَاب عَظِيم } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْكَذِبِ وَالْبُهْتَان { عُصْبَة مِنْكُمْ } يَقُول : جَمَاعَة مِنْكُمْ أَيّهَا النَّاس . { لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْر لَكُمْ } يَقُول : لَا تَظُنُّوا مَا جَاءُوا بِهِ مِنَ الْإِفْك شَرًّا لَكُمْ عِنْد اللَّه وَعِنْد النَّاس , بَلْ ذَلِكَ خَيْر لَكُمْ عِنْده وَعِنْد الْمُؤْمِنِينَ ; وَذَلِكَ أَنَّ اللَّه يَجْعَل ذَلِكَ كَفَّارَة لِلْمَرْمِيِّ بِهِ , وَيُظْهِر بَرَاءَته مِمَّا رُمِيَ بِهِ , وَيَجْعَل لَهُ مِنْهُ مَخْرَجًا . وَقِيلَ : إِنَّ الَّذِي عَنَى اللَّه بِقَوْلِهِ : { إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَة مِنْكُمْ } : جَمَاعَة , مِنْهُمْ حَسَّان بْن ثَابِت , وَمِسْطَح بْن أُثَاثَة , وَحَمْنَة بِنْت جَحْش . كَمَا : 19548 - حَدَّثَنَا عَبْد الْوَارِث بْن عَبْد الصَّمَد , قَالَ : حدثنا أَبِي , قَالَ : حدثنا أَبَان الْعَطَّار , قَالَ : حدثنا هِشَام بْن عُرْوَة , عَنْ عُرْوَة : أَنَّهُ كَتَبَ إِلَى عَبْد الْمَلِك بْن مَرْوَان : كَتَبْت إِلَيَّ تَسْأَلنِي فِي الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ , وَهُمْ كَمَا قَالَ اللَّه : { إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَة مِنْكُمْ } وَأَنَّهُ لَمْ يُسَمَّ مِنْهُمْ أَحَد إِلَّا حَسَّان بْن ثَابِت , وَمِسْطَح بْن أُثَاثَة , وَحَمْنَة بِنْت جَحْش , وَهُوَ يُقَال فِي آخَرِينَ لَا عِلْم لِي بِهِمْ ; غَيْر أَنَّهُمْ عُصْبَة كَمَا قَالَ اللَّه . 19549 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : حدثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَة مِنْكُمْ } هُمْ أَصْحَاب عَائِشَة . قَالَ ابْن جُرَيْج : قَالَ ابْن عَبَّاس : قَوْله : { جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَة مِنْكُمْ } . .. الْآيَة , الَّذِينَ افْتَرَوْا عَلَى عَائِشَة : عَبْد اللَّه بْن أُبَيّ , وَهُوَ الَّذِي تَوَلَّى كِبْره , وَحَسَّان بْن ثَابِت , وَمِسْطَح , وَحَمْنَة بِنْت جَحْش . 19550 - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : { الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَة مِنْكُمْ } الَّذِينَ قَالُوا لِعَائِشَة الْإِفْك وَالْبُهْتَان . 19551 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : { إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَة مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْر لَكُمْ } قَالَ : الشَّرّ لَكُمْ بِالْإِفْكِ الَّذِي قَالُوا , الَّذِي تَكَلَّمُوا بِهِ , كَانَ شَرًّا لَهُمْ , وَكَانَ فِيهِمْ مَنْ لَمْ يَقُلْهُ إِنَّمَا سَمِعَهُ , فَعَاتَبَهُمْ اللَّه , فَقَالَ أَوَّل شَيْء : { إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَة مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْر لَكُمْ } ثُمَّ قَالَ : { وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْره مِنْهُمْ لَهُ عَذَاب عَظِيم } . وَقَوْله : { لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْم } يَقُول : لِكُلِّ امْرِئٍ مِنَ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ جَزَاء مَا اجْتَرَمَ مِنَ الْإِثْم , بِمَجِيئِهِ بِمَا جَاءَ بِهِ , مِنَ الْأُولَى عَبْد اللَّه . وَقَوْله : { وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْره مِنْهُمْ } يَقُول : وَالَّذِي تَحَمَّلَ مُعْظَم ذَلِكَ الْإِثْم وَالْإِفْك مِنْهُمْ هُوَ الَّذِي بَدَأَ بِالْخَوْضِ فِيهِ . كَمَا : 19552 - حَدَّثَنَا عَنِ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : { وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْره مِنْهُمْ } يَقُول : الَّذِي بَدَأَ بِذَلِكَ . 19553 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : حدثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : حدثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : حدثنا الْحَسَن , قَالَ : حدثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { عُصْبَة مِنْكُمْ } قَالَ : أَصْحَاب عَائِشَة ; عَبْد اللَّه بْن أُبَيّ ابْن سَلُول , وَمِسْطَح , وَحَسَّان . قَالَ أَبُو جَعْفَر : لَهُ مِنَ اللَّه عَذَاب عَظِيم يَوْم الْقِيَامَة . والإفك هو الكذب، وهو بهتان عظيم، وبه نقل للأخبار بصورة كاذبة، وبه تشويه للحقائق ودس بين، وإيقاع لبذور الشر والإفساد في القوم والجماعة، فهو في جوهره وفساد وإفساد. لقد كان الإفك في مجتمع الرسول صلى الله عليه وسلم تناول أهل بيته وإحدى أشهر أمهات المسلمين، أي أنّه استهدف الطهر والعفاف وبيت التقوى وقمة المجتمع بيت رسول الله حاكم المسلمين وقائده، ومن قام به كان من صفوة المجتمع ومن البرازين فيه وليس من المغمورين والمجهولين. لقد كان الإفك بذر لدواعي الفساد والإفساد في المجتمع وتنظير على الصفوة فيه حسداً وغيرةً وعجزاً عن الوصول لما وصلوا إليه، والقائم على التنظير في المجتمع يكون في الأعم الأغلب قوم منه وصلوا بليل لمراتب في المجتمع ليسوا على مستواها ولا أهلاً لها. وقدمهم المجتمع كقادة ومتنفذين أو أشباه قادة ومتنفذين، فأسند لهم المناصب للعمل، وقدمهم للناس على تلك الصفة، فرأوا في أنفسهم الكبر، وظنوا في أنفسهم أنهم الرواد والقاده وأنهم يجب أن يأمروا فيطاعوا ويقدموا في المجتمع دون خلق الله تعالى، فما رأوا تحركاً صادقاً في المجتمع إلا وقاوموه خوفاً وظناً منهم أنه يستهدف مراكزهم ومناصبهم، فقاوموا بذور الخير القائم فيها غيرهم وجرحوه وسفوه وسفهوا من قام عليه، ووصموهم بكل الصفات القبيحة. هؤلاء المنظرون المفسدون هم المتنطعون المتفيهقون المغرورون، إنهم عنوان ومظهر الطبقية البغيضة في المجتمع، بل بذرة الشر والكابوس القاتل المستهدف كل خير في المجتمع، بهدف حصر الرياسة والريادة في طبقتهم الساعية للسيطرة والتسلط على المجتمع، وإبعاد كل من لا يدخل في طبقيتهم وحاشيتهم والولاء لهم ولو كان مخلصاً تقياً. أنهم موجودون في المجتمع وكل مجتمع منذ خلق الله الأرض ومن عليها، فهوس الزعامة والأثرة من مكنون النفوس الشريرة العديمة التقوى والموغلة في الكبر والرياء وزعامة الجاه. هم موجودون في المجتمع، وفي أجهزة الدولة وفي داخل التكتلات والأحزاب. في البيت تحرص الزوجة على نيل الحظوة والإيثار لدى الزوج فتحاول أن تفسد علاقته بزوجاته الأخريات بالإيقاع والإفساد والإفك وكل الوسائل الشيطانية. وفي الشركة يسعى الموظف على إيغار صدر مديره على زملائه مسفهاً كل عمل جيد عملوه لينال الحظوة لدى المدير من دون زملائه، وفي الدائرة والوظيفة ومجلس المنطقة ومجلس العائلة، وهكذا. وأخطر أنواع بذور الطبقية البغيضة هذه يكون في التكتلات السياسية والأحزاب المستهدفة التغيير والإصلاح، فيدخل في قياداتها أو في مراكزها رجال ليسوا على المستوى اللازم، فيقدموا في المجتمع كقادة أو زعماء للتكتل والحزب، يقولون باسم التكتل ويصرحون باسمه، ويظهرون في المناسبات العامة بتلك الصفة، ويخص التكتل هؤلاء الفارهون دون غيرهم بذلك، فإن تقدم غيرهم بعمل جيد يخدم قضية التكتل، انبرى هؤلاء لتسفيه العمل وتسفيه من قام به، بهدف الإبقاء على سيطرتهم المنفردة واستئثارهم بالمراكز، وخوفاً أن لا ينافسهم هؤلاء في ذلك، أو ظناً منهم أنه لا يستطيع القيام بالعمل إلا هم وطبقتهم حيث بلغ بهم الرياء مبلغه. لذا وجب على كل من له مركز في مجتمع أو شركة تجارية أو مؤسسة أو تكتل أو حزب أو أي من مجالس المجتمع أن ينتبهوا لبذرة الفساد المتمثلة بالطبقية وشبيهاتها ويحولوا دون وجودها أو أن تستشري في جسم مؤسساتهم أو أحزابهم فتنخر فيه وتكون ورماً خبيثاً قاتلاً يجب القضاء عليه. ‏أَخْبَرَنَا ‏ ‏مُحَمَّدُ بْنُ قُدَامَةَ ‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏أَبُو أُسَامَةَ ‏‏عَنْ ‏ ‏مِسْعَرٍ ‏ ‏قَالَ ‏ ‏أَخْرَجَ إِلَيَّ ‏ ‏مَعْنُبْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ‏ ‏كِتَابًا فَحَلَفَ لِي بِاللَّهِ إِنَّهُ خَطُّ ‏‏أَبِيهِ ‏ ‏فَإِذَا فِيهِ ‏ ‏قَالَ ‏ ‏عَبْدُ اللَّهِ ‏ ‏وَالَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ ‏ ‏مَا رَأَيْتُ أَحَدًا كَانَ أَشَدَّ عَلَى ‏‏الْمُتَنَطِّعِينَ‏ ‏مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏وَمَا رَأَيْتُ أَحَدًا كَانَ أَشَدَّ عَلَيْهِمْ مِنْ ‏‏أَبِي بَكْرٍ ‏ ‏وَإِنِّي ‏ ‏لَأَرَى ‏ ‏عُمَرَ ‏ ‏كَانَ أَشَدَّ خَوْفًاعَلَيْهِمْ أَوْ لَهُمْ ‏ ‏حدثنا ‏ ‏أبو بكر بن أبي شيبة ‏ ‏حدثنا ‏ ‏حفص بن غياث ‏ ‏ويحيى بن سعيد ‏ ‏عن ‏‏ابن جريج ‏ ‏عن ‏ ‏سليمان بن عتيق ‏ ‏عن ‏ ‏طلق بن حبيب ‏ ‏عن ‏ ‏الأحنف بن قيس ‏‏عن ‏ ‏عبد الله ‏ ‏قال ‏ ‏قال رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏هلك ‏‏المتنطعون‏ ‏قالها ثلاثا
  15. ولكن الحديث أخي الحبيب وجميع تفسيراته مهما بلغت لا يعني بحال التوقف عن انكار المنكر لأنّ التوقف عن انكار المنكر فيه هلاك المسلمين الحقيقي مما يوجب الفساد ويثساعد المجرم على اجرامه مما يوجب غضب الله وعقابه، والمسلم فيما يجب أن يكون عليه حاله متحد سافر : يتحدى الباطل ومخالفة الشرع بالحق المبين وبالنصح للمسلمين وفضح المؤامرات والعمل المتقصد لبذر الشر والرذيلة ومخالفة أمر الله ، وبيان حكم الله في المخالفات لشرع الله . فصلاح الناس قائم على التواصي بالحق , والتواصي بالصبر , ومن معاني ذلك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر , والصبر على ذلك كله من أجل إحقاق الحق وإزهاق الباطل , ولذلك أوصانا المصطفى – صلى الله عليه وسلم – بقوله الشريف "والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقابا منه , ثم تدعونه فلا يستجاب لكم " (الترمذي والبيهقي ) وفي رواية أخرى : " لتأمرن بالمعروف , ولتنهن عن المنكر أو ليسلطن الله عليكم شراركم , ثم يدعو خياركم فلا يستجاب لهم" ( الهيثمي ). حَدَّثَنَا قُتَيبَةُ أخبرنا عبدُ العزيزِ بنُ مُحَمَّدٍ عن عمرو بنِ أبي عمرو عن عبدِ اللهِ الأنصاريِّ عن حُذيفةَ بنِ اليَمانِ عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلِيهِ وسَلَّم قال: - (والَّذي نَفْسي بيدهِ لتأمرُنَّ بالمعروفِ ولتَنهوُنَّ عن المنكرِ وليوشِكَنَّ اللهُ أنْ يبعثَ عليكُمْ عقاباً منهُ فتدعونَهُ فلا يَستجيبُ لكُمْ) . عن تميم بن أوس رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( الدين النصيحة ، قلنا : لمن يا رسول الله ؟ قال : لله ، ولكتابه ، ولرسوله ، ولأئمة المسلمين وعامتهم ) رواه البخاري ومسلم . الشرح حديثنا الذي نتناوله في هذ المقال حديث عظيم ، ويكفيك دلالة على أهميته أنه يجمع أمر الدين كله في عبارة واحدة ، وهي قوله صلى الله عليه وسلم : ( الدين النصيحة ) ، فجعل الدين هو النصيحة ، كما جعل الحج هو عرفة ، إشارةً إلى عظم مكانها ، وعلو شأنها في ديننا الحنيف . والنصيحة ليست فقط من الدين ، بل هي وظيفة الرسل عليهم الصلاة والسلام ، فإنهم قد بعثوا لينذروا قومهم من عذاب الله ، وليدعوهم إلى عبادة الله وحده وطاعته ، فهذا نوح عليه السلام يخاطب قومه ، ويبين لهم أهداف دعوته فيقول : { أبلغكم رسالات ربي وأنصح لكم } ( الأعراف : 62 ) ، وعندما أخذت الرجفة قوم صالح عليه السلام ، قال : { يا قوم لقد أبلغتكم رسالة ربي ونصحت لكم ولكن لا تحبون الناصحين } ( الأعراف : 79 ) . ويترسّم النبي صلى الله عليه وسلم خطى من سبقه من إخوانه الأنبياء ، ويسير على منوالهم، فيضرب لنا أروع الأمثلة في النصيحة ، وتنوع أساليبها ، ومراعاتها لأحوال الناس واختلافها ، وحسبنا أن نذكر في هذا الصدد موقفه الحكيم عندما بال الأعرابي في المسجد ، فلم ينهره ، بل انتظره حتى فرغ من حاجته ، يروي أبو هريرة رضي الله عنه تلك الحادثة فيقول : " بال أعرابيٌ في المسجد ، فثار إليه الناس ليقعوا به ، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( دعوه ، وأهريقوا على بوله ذنوبا من ماء ، أو سجلا من ماء ؛ فإنما بعثتم ميسرين ، ولم تبعثوا معسرين ) رواه البخاري . وفي الحديث الذي بين أيدينا ، حدد النبي صلى الله عليه وسلم مواطن النصيحة ، وأول هذه المواطن : النصيحة لله ، وهناك معان كثيرة تندرج تحتها ، ومن أعظمها : الإخلاص لله تبارك وتعالى في الأعمال كلها ، ومن معانيها كذلك : أن يديم العبد ذكر سيده ومولاه في أحواله وشؤونه ، فلا يزال لسانه رطبا من ذكر الله ، ومن النصيحة لله : أن يذبّ عن حياض الدين ، ويدفع شبهات المبطلين ، داعيا إلى الله بكل جوارحه ، ناذرا نفسه لخدمة دين الله ، إلى غير ذلك من المعاني . وأصل النصيحة : من الإخلاص ، كما يقال : " نصح العسل " أي : خلصه من شوائبه ، وإذا كان كذلك فإن إخلاص كل شيء بحسبه ، فالإخلاص لكتاب الله أن تحسن تلاوته ، كما قال عزوجل : { ورتل القرآن ترتيلا } ( المزمل : 4 ) ، وأن تتدبر ما فيه من المعاني العظيمة ، وتعمل بما فيه ، ثم تعلمه للناس . ومن معاني النصيحة لرسول الله صلى الله عليه وسلم : تصديقه فيما أخبر به من الوحي ، والتسليم له في ذلك ، حتى وإن قصُر فهمنا عن إدراك بعض الحقائق التي جاءت في سنّته المطهّرة ؛ انطلاقا من إيماننا العميق بأن كل ما جاء به إنما هو وحي من عند الله ، ومن معاني النصح لرسول الله صلى الله عليه وسلم : طاعته فيما أمر به ، واتباعه في هديه وسنته، وهذا هو البرهان الساطع على محبته صلى الله عليه وسلم . ثم قال - صلى الله عليه وسلم - : ( ولأئمة المسلمين ) ، والمراد بهم العلماء والأمراء على السواء ، فالعلماء هم أئمة الدين ، والأمراء هم أئمةٌ الدنيا ، فأما النصح للعلماء : فيكون بتلقّي العلم عنهم ، والالتفاف حولهم ، ونشر مناقبهم بين الناس ، حتى تتعلّق قلوب الناس بهم، ومن النصح لهم : عدم تتبع أخطائهم وزلاتهم ، فإن هذا من أعظم البغي والعدوان عليهم، وفيه من تفريق الصف وتشتيت الناس ما لا يخفى على ذي بصيرة . وأما النصيحة لأئمة المسلمين فتكون بإعانتهم على القيام بما حمّلوا من أعباء الولاية ، وشد أزرهم على الحق ، وطاعتهم في المعروف . والموطن الرابع من مواطن النصيحة : عامة الناس ، وغاية ذلك أن تحب لهم ما تحب لنفسك، فترشدهم إلى ما يكون لصالحهم في معاشهم ومعادهم ، وتهديهم إلى الحق إذا حادوا عنه ، وتذكّرهم به إذا نسوه ، متمسكا بالحلم معهم والرفق بهم ، وبذلك تتحقق وحدة المسلمين ، فيصبحوا كالجسد الواحد : ( إذا اشتكى منه عضو ، تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى ) . فهذه هي مواطن النصيحة التي أرشدنا إليها النبي صلى الله عليه وسلم ، فإذا عملنا بها حصل لنا الهدى والرشاد ، والتوفيق والسداد
  16. ________ لا يخفى عليكم أن حبيبته التي يحن لرؤيتها هي مدينة القدس وما يثلج الصدر ويملأ النفس حبوراً أن شاعرنا بهذا القدر من الوعي رغم حداثة سنة فهو من مواليد عام 1995 م فتحيةٌ لك شاعرنا يزن بن بسام بن يعقوب أبو رميلة التميمي هنيئا لك ولأمة أنجبتك ولحزب ثقفك
  17. غزل مقدسي لأبي البسام يزن بن باسم التميمي أحببت بنتاً من بنات بلادنا ... حباً كشمس في السما لا تنكر بنتاً إذا كشفت ستائر عينها ... وقع الشباب بمأزق وتَخَدَّروا قد فاقت الأقران في حسناتها ... فالحسن حسن والجمال مشهَّرُ شمَّاءُ تَرْفُلُ في بذور جلالها ... مزدانةٌ، والوجه أمْلَحُ أزْهَرُ محبوبتي تلك التي أحيا لها ... يا ويحها وأنا لقاها أنطرُ لكنني لما استويت لأخذها ... أبعدت عنها فالفراق مقدَّرُ ومنعت رؤيتها ولو لسويعةٍ ... لكنَّ شوقي للحبيب معمَّرُ ولقد عرفت من الغراب قرارها ... قد زُوِّجتْ بعدي عريساً يغدرُ رجلا دميماً لا يليق بمثلها ... ويقول: حبي في الكتاب مسطَّرُ فغدوت أوجب للعريس طلاقه ... كيف الزواجُ ينالُه المُتَسَرِّرُ ولقد نظرت فما وجدت طريقةً ... أسمى من السيف الذي لا يُكْسَرُ وعلمت أن النصر لا يُعطى الذي ... شهد الوغى مشتدةً ويُثَرْثِرُ فتركت قولا لا يبدل حالنا ... وهَزَزْتُ رمحي فالسنان يُغَيِّرُ وأخذت أجمع للجلاد رجاله ... وحملت سيفي فاكفهرًَّ المنظرُ ثم انطلقت لفك قيد أميرتي ... من جحر ضَبٍّ خائفٍ لا يقدِرُ ________ وغني عن التعريف أنّ حبيبة صاحبنا المتغزل بها باركها الله من فوق سبع سمواته في القرآن الكريم وما حولها..... نشرت القصيدة رداً على قصيدة البرغوثي لأبين الفرق بين من يتوجع من الداء وبين من يتوجع من الداء ويعمل للعلاج لا يخفى عليكم أن حبيبته التي يحن لرؤيتها هي مدينة القدس وما يثلج الصدر ويملأ النفس حبوراً أن شاعرنا بهذا القدر من الوعي رغم حداثة سنة فهو من مواليد عام 1995 م فتحيةٌ لك شاعرنا يزن بن بسام بن يعقوب أبو رميلة التميمي هنيئا لك ولأمة أنجبتك ولحزب ثقفك
  18. يا نعم أيها البرغوثي تميم يا كاتب التاريخِ ماذا جَدَّ فاستثنيتنا ؟ يا كاتب التاريخِ ماذا جَدَّ فبكينا ؟ يا أيها الباكي وراءَ السورِ، أحمقُ أَنْتْ؟ أَجُنِنْتْ؟ القدس تنتظر تحرير ورجال القدس ترفض بكاء نسائها ورجالها القدس تلعن من باعها ومن تنازل عنها القدس ترفض عميل وسمسار ومتخاذل عن نجدتها القدس ليست للعرب ولا هي ملك لساكينها القدس ملك للشركس والشيشان والهنود والأتراك من أسلم وجهه لله وآمن القدس تلعن من نادى تحت الاحتلال لزيارتها القدس تلعنهم أشباه رجال حكام ومشايخ سلطان وكل من تآمر عليها القدس تنتظر جيوش تحررها القدس تنتظر خليفة يرفع عقاب ليحررها يا شيخُ فلتُعِدِ الكتابةَ والقراءةَ مرةً أخرى، لا تظلمها يا شيخُ فلتُعِدِ الكتابةَ والقراءةَ مرةً أخرى، أبا ياسين راعيها يا شيخُ فلتُعِدِ الكتابةَ والقراءةَ مرةً أخرى، أمير القوم سيحررها يا شيخُ فلتُعِدِ الكتابةَ والقراءةَ مرةً أخرى، خليفة المسلمين قادم لينصرها
  19. "في القدس" قصيدة تميم البرغوثي مَرَرْنا عَلــى دارِ الحبيب فرَدَّنا عَنِ الدارِ قانونُ الأعادي وسورُها فَقُلْتُ لنفســي رُبما هِيَ نِعْمَةٌ فماذا تَرَى في القدسِ حينَ تَزُورُها تَرَى كُلَّ ما لا تستطيعُ احتِمالَهُ إذا ما بَدَتْ من جَانِبِ الدَّرْبِ دورُها وما كلُّ نفسٍ حينَ تَلْقَى حَبِيبَها تُـسَرُّ ولا كُلُّ الغـِيابِ يُضِيرُها فإن سـرَّها قبلَ الفِراقِ لِقاؤُه فليسَ بمأمـونٍ عليها سـرُورُها متى تُبْصِرِ القدسَ العتيقةَ مَرَّةً فسوفَ تراها العَيْنُ حَيْثُ تُدِيرُها *** في القدسِ، بائعُ خضرةٍ من جورجيا برمٌ بزوجته يفكرُ في قضاءِ إجازةٍ أو في في طلاءِ البيتْ في القدس، توراةٌ وكهلٌ جاءَ من مَنْهاتِنَ العُليا يُفَقَّهُ فتيةَ البُولُونِ في أحكامها في القدسِ شرطيٌ من الأحباشِ يُغْلِقُ شَارِعاً في السوقِ.. رشَّاشٌ على مستوطنٍ لم يبلغِ العشرينَ، قُبَّعة تُحَيِّي حائطَ المبكَى وسياحٌ من الإفرنجِ شُقْرٌ لا يَرَوْنَ القدسَ إطلاقاً تَراهُم يأخذونَ لبعضهم صُوَرَاًمَعَ امْرَأَةٍ تبيعُ الفِجْلَ في الساحاتِ طُولَ اليَومْ في القدسِ دَبَّ الجندُ مُنْتَعِلِينَ فوقَ الغَيمْ في القدسِ صَلَّينا على الأَسْفَلْتْ في القدسِ مَن في القدسِ إلا أنْتْ! *** وَتَلَفَّتَ التاريخُ لي مُتَبَسِّماً أَظَنَنْتَ حقاً أنَّ عينَك سوفَ تخطئهم،! وتبصرُ غيرَهم ها هُم أمامَكَ، مَتْنُ نصٍّ أنتَ حاشيةٌ عليهِ وَهَامشٌ أَحَسبتَ أنَّ زيارةً سَتُزيحُ عن وجهِ المدينةِ، يا بُنَيَّ، حجابَ واقِعِها السميكَ لكي ترى فيها هَواكْ في القدسِ كلًّ فتى سواكْ وهي الغزالةُ في المدى، حَكَمَ الزمانُ بِبَيْنِها ما زِلتَ تَرْكُضُ إثْرَهَا مُذْ وَدَّعَتْالله بِعَيْنِها في القدسِ من في القدسِ إلا أَنْتْ *** يا كاتبَ التاريخِ مَهْلاً، فالمدينةُ دهرُها دهرانِ دهر أجنبي مطمئنٌ لا يغيرُ خطوَه وكأنَّه يمشي خلالَ النومْ وهناك دهرٌ، كامنٌ متلثمٌ يمشي بلا صوتٍ حِذار القومْ والقدس تعرف نفسها.. إسأل هناك الخلق و الجميعُ فكلُّ شيء في المدينة ذو لسانٍ، حين تَسأَلُهُ، يُبينْ في القدس يزدادُ الهلالُ تقوساً مثلَ الجنينْ حَدْباً على أشباهه فوقَ القبابِ تَطَوَّرَتْ ما بَيْنَهم عَبْرَ السنينَ عِلاقةُ الأَبِ بالبَنينْ في القدس أبنيةٌ حجارتُها اقتباساتٌ من الإنجيلِ والقرآنْ في القدس تعريفُ الجمالِ مُثَمَّنُ الأضلاعِ أزرقُ، فَوْقَهُ، يا دامَ عِزُّكَ، قُبَّةٌ ذَهَبِيَّةٌ، تبدو برأيي، مثل مرآة محدبة ترى وجه السماء مُلَخَّصَاً فيها تُدَلِّلُها وَتُدْنِيها تُوَزِّعُها كَأَكْياسِ المعُونَةِ في الحِصَارِ لمستَحِقِّيها إذا ما أُمَّةٌ من بعدِ خُطْبَةِ جُمْعَةٍ مَدَّتْ بِأَيْدِيها *** وفي القدس السماءُ تَفَرَّقَتْ في الناسِ تحمينا ونحميها ونحملُها على أكتافِنا حَمْلاً إذا جَارَت على أقمارِها الأزمانْ في القدس أعمدةُ الرُّخامِ الداكناتُ كأنَّ تعريقَ الرُّخامِ دخانْ ونوافذٌ تعلو المساجدَ والكنائس، أَمْسَكَتْ بيدِ الصُّباحِ تُرِيهِ كيفَ النقشُ بالألوانِ، وَهْوَ يقول: "لا بل هكذا"، فَتَقُولُ: "لا بل هكذا"، حتى إذا طال الخلافُ تقاسما فالصبحُ حُرٌّ خارجَ العَتَبَاتِ لَكِنْ إن أرادَ دخولَها فَعَلَيهِ أن يَرْضَى بحُكْمِ نوافذِ الرَّحمنْ *** في القدس مدرسةٌ لمملوكٍ أتى مما وراءَ النهرِ، باعوهُ بسوقِ نِخَاسَةٍ في أصفهانَ لتاجرٍ من أهلِ بغدادٍ أتى حلباً فخافَ أميرُها من زُرْقَةٍ في عَيْنِهِ اليُسْرَى، فأعطاهُ لقافلةٍ أتت مصراً فأصبحَ بعدَ بضعِ سنينَ غَلاَّبَ المغولِ وصاحبَ السلطانْ في القدس رائحةٌ تُلَخِّصُ بابلاً والهندَ في دكانِ عطارٍ بخانِ الزيتْ واللهِ رائحةٌ لها لغةٌ سَتَفْهَمُها إذا أصْغَيتْ وتقولُ لي إذ يطلقونَ قنابل الغاز المسيِّلِ للدموعِ عَلَيَّ: "لا تحفل بهم" وتفوحُ من بعدِ انحسارِ الغازِ، وَهْيَ تقولُ لي: "أرأيتْ!" في القدس يرتاحُ التناقضُ، والعجائبُ ليسَ ينكرُها العِبادُ، كأنها قِطَعُ القِمَاشِ يُقَلِّبُونَ قَدِيمها وَجَدِيدَها، والمعجزاتُ هناالله تُلْمَسُ باليَدَ يْنْفي القدس لو صافحتَ شيخاً أو لمستَ بنايةً لَوَجَدْتَ منقوشاً على كَفَّي والله نَصَّ قصيدَةٍ يا بْنَ الكرامِ أو اثْنَتَيْنْ في القدس، رغمَ تتابعِ النَّكَباتِ، ريحُ براءةٍ في الجوِّ، ريحُ طُفُولَةٍ، فَتَرى الحمامَ يَطِيرُ يُعلِنُ دَوْلَةً في الريحِ بَيْنَ رَصَاصَتَيْنْ *** في القدس تنتظمُ القبورُ، كأنهنَّ سطورُ تاريخِ المدينةِ والكتابُ ترابُها الكل مرُّوا من هُنا فالقدسُ تقبلُ من أتاها كافراً أو مؤمنا أُمرر بها واقرأ شواهدَها بكلِّ لغاتِ أهلِ الأرضِ فيها الزنجُ والإفرنجُ والقِفْجَاقُ والصِّقْلابُ والبُشْنَاقُ والتتارُ والأتراكُ، والفقراءُ والملاك، والفجارُ والنساكُ، فيها كلُّ من وطئَ الثَّرى كانوا الهوامشَ في الكتابِ فأصبحوا نَصَّ المدينةِ قبلنا يا كاتب التاريخِ ماذا جَدَّ فاستثنيتنا يا شيخُ فلتُعِدِ الكتابةَ والقراءةَ مرةً أخرى، أراك لَحَنْتْ العين تُغْمِضُ، ثمَّ تنظُرُ، سائقُ السيارةِ الصفراءِ، مالَ بنا شَمالاً نائياً عن بابها والقدس صارت خلفنا والعينُ تبصرُها بمرآةِ اليمينِ، تَغَيَّرَتْ ألوانُها في الشمسِ، مِنْ قبلِ الغيابْ إذ فاجَأَتْني بسمةٌ لم أدْرِ كيفَ تَسَلَّلَتْ للوَجْهِ قالت لي وقد أَمْعَنْتُ ما أَمْعنْتْ يا أيها الباكي وراءَ السورِ، أحمقُ أَنْتْ؟ أَجُنِنْتْ؟ لا تبكِ عينُ الله أيها المنسيُّ من متنِ الكتابْ لا تبكِ عينُ الله أيها العَرَبِيُّ واعلمْ أنَّهُ في القدسِ من في القدسِ لكنْ لا أَرَى في القدسِ إلا أَنْت.
×
×
  • اضف...