اذهب الي المحتوي
منتدى العقاب

طالب عوض الله

الأعضاء
  • Posts

    71
  • تاريخ الانضمام

  • تاريخ اخر زياره

  • Days Won

    4

كل منشورات العضو طالب عوض الله

  1. وأنوه في هذا المقام أن حزب التحرير قد خالف جميع التنظيمات السياسية والفكرية في العالم الإسلامي بل في العالم أجمع في كيفية الانضمام لصفوفه حيث حارب "الطبقيـة " في تشكيلته، فلم يقتصر في دعوته على المثقفين والمتعلمين وأصحاب الشهادات ومشاهير وقادة الناس في المجتمع، الذين بذل الجهد الجهيد في دعوتهم، بل حرص كل الحرص على بذل الجهد في ضم بسطاء الناس وعامتهم وأصحاب المهن لصفوفه، وفي الأعمال الحزبية المختلفة والمواقع فقد أوكل لأفراده التكاليف الحزبية المنوعة باعتبار تفاعل الشخص مع الدعوة كائناً من كان بغض النظر عن موقعه في المجتمع. أما المثقفون والمتعلمون، فقد التحق بالحزب حال تأسيه كمٌ هائل من المعلمين ومثلهم من تلاميذ المراحل الإعدادية والثانوية، الذين انطلقوا ينشرون أفكار الحزب داخل مدارسهم، ويحاولون الكسب من داخل المدارس، مما أثار حفيظة الجنرال جون كلوب ( الرئيس الإنجليزي الجيش العربي والحاكم الفعلي للأردن ) فأصدر أمراً بمنع السياسة في المدارس، وقد واظب مدير معارف الخليل الحاقـد " الشيخ علي حسن عوده [1] الذي أعلن نفسه من البداية كعدو حاقد للحزب، واظب على ترك مكتبه والدوام في " مدرسة الحسين بن علي الثانوية " لينطلق منها بتهديد ومعاقبة طلاب الحزب بها، ولمـا استفحل الأمر ولم تجدي محاولات وضغوطات مفتـش المعارف ومدير المدرسة " طلعت الصيفي "[2] لجئوا لنقل المعلمين من شباب الحزب إلى مناطق أخرى كعقوبة، فعلى سبيل المثال تم نقل الشيخ عبد القديم للشـوبك، وأسعد بيوض للكرك، ويعقوب القيسي لكفر نعمه قضاء رام الله، وعيد حامد بدر إلى العبيدية قضاء بيت لحم، ومصطفى الجعبري لقرية عرب التعامره في قضاء بيت لحم، ونفي عبد القادر زلوم إلى قريـة عنجـره بقضاء عجلون بعد سجنه وطرده من وظيفته، ونفي المعلم يوسف أحمد السباتين ( معلم ) من مخيم عقـبة جبر إلى ألخليل. وعندما تزوج الملك حسين بالملكة دينا عبد الحميد فرض على جميع طلاب المملكة الاشتراك في هدية العروسين بجباية قرش واحد من كل طالب، وقد رفض الطالب " خليل زيادة " دفع تلك الإتاوة، فأعلم مدير المدرسة " طلعت الصيفي " مدير المعارف بذلك، الذي قام بدوره بنقل الخبر الخطير والمخل بأمن الدولة لمتصرف اللواء الذي استدعى الطالب، وعبثاً حاول إقناعه بدفع القرش، وعندما فشل في إقناعه، صدر القرار بعقوبته بنقله للدراسة في مدارس مدينة بيت لحم. ______________________________________ [1] - الشيخ علي حسن عودة – مدير المعارف في الخليل وبيت لحم، ووزير المعارف فيما بعد، شيخ أزهري من مدينة قلقيلية، وكان من أحقد الناس على حزب التحرير، قاوم الدعوة بضراوة من البداية وكانت له مواقف عديدة في ذلك من خلال وظيفته. [2]- طلعت الصيفي – مدير مدرسة الحسين بن علي الثانوية بالخليل، والملحق الثقافي في السفارة الأردنية بدمشق بعد ذلك.
  2. لقد كان من أوائل من انتظم في صفوف الحزب عدد كبير من الأسـاتذة الذين يُدَرِسونَ في مدارس المعارف وعلماء أفاضل وقضاه شرعيين، كما كان منهم عدد هائل من التلاميذ من طلاب المراحل الإعدادية والثانوية، أمير الحزب الحالي الشيخ عطا أبو ألرشته التحق بالحزب وهو طالب في المرحلة الإعدادية حيث كان يسكن في مخيم الفوار للاجئين قرب الخليل، ويجدر الإشارة أنه كان للمرحوم الأستاذ عبد الفتاح الحسنات الفضل في كسبه للدعوة....... لقد كان من مشاهير الحزبيين الأوائل الفران الأمي والترزي والتاجر ورجل الأعمال وضابط الجيش والمهندس والطبيب والمحامي والقاضي الشرعي والخطيب والمدرس والطالب والمزين والقصاب وسائق الشاحنات والفرّاء والفكهاني والحجّار والعامل الأمي البسيط، انطلق الحزب لطرق باب المجتمع بتلك التركيبة التي تضم جميع أطياف المجتمع، ومما يلاحظ أنه كان للصناع والعمال وأصحاب المهن أثر كبير في نشر الدعوة وكسب الناس لها، فلم يقتصر نشاط الحزب على طبقـة المثقفيـن مع أنه كان في صفوفه العدد الوفير منها، ولا أبالغ في القول أن بعض البسطاء من العمال والصناع كان لنشاطه في حمل الدعوة الأثر الأهم والأبلغ من زملائه المثقفين والمتعلمين. وقد كان واضحاً للعيان بشكل جلي لجميع الناس قدرة هؤلاء العمال البسطاء وبعضهم أمي يوقع ببصمة إبهامه على نقاش المشايخ ورجال العلم في دروس العلم في المساجد وإفحامهم سواء في الأحكام الشرعية أو في الأمور الفكرية والتحاليل السياسية، مما أثار حفيظة بعض المشايخ الظلاميين على الحزب فانبروا لمحاربته ومحاولة إبعاد الناس عن الانتساب إليه بكل الوسائل الممكنـة. وكمثال على ذلك كان بين حملة الدعوة في الخليل عامل بسيط متقدم بالسن، أمي لا يستطيع القراءة والكتابة يدعى " ياسين محمود الجنيدي " أراد أحد المثقفين في البلد أن يسخر منه أمام زملائه، فطرح عليه التحية بقوله: مرحباً يا سياسي !!! فترك الرجل عمله وتوجه للمثقف مدير المدرسة بكل أدب قائلاًُ: لقد وصفتني يا أستاذ بالسياسي، فأعلمني ما هي السياسة من فضلك؟ فهز الرجل رأسه وطربوشه الأحمر مجيباً: السياسة يا ابني لا أعرفها لا أنا ولا أنت لأن لها أناساً مخصوصين. فانتفض الرجل مستنكراً ومجيباً الأستاذ أبلغ جواب: لا يا أستاذ، لا تُحَقـِرَني في عرواك، إن كنتَ جاهلاً فلستُ كذلك، اسمع أعلمك يا أستاذ، السياسة هي رعاية شئون الأمة في الداخل والخارج، وأنا أفخر أنني سياسي في صفوف حزب التحرير، فأسقط في يد الرجل الذي لم يكن ليتوقع هذا الموقف العنيف... وفي الحملة الانتخابية سنة 1954 كان أحد المرشحين في الخليل المحامي الشهير " عبد الخالق حسين يغمور " الذي أقام مهرجاناً للدعاية الانتخابية كان أبرز شعاراته الدعوة للقومية العربية والديموقراطية، رافعا لافتات في جوانب القاعة " الأمة مصدر السلطات " فـانـبرى له ياسين الجنيدي مناقشاً وابتدره بالقول: إني ارثي لحالك يا أسـتاذ أبو فاروق وأنت تتحدى الله وشريعته وتطالب بإحلال الناس مكان خالقهم في حق التشريع، هل أرسـلك والدك إلى الجامعة لترجع منها شيوعياً شائعاً يحمل ألمترك وآخرته إتـرك، يُطالب الناس بالكفر ؟ بالنهايـة لم يستطع الأستاذ المحامي الصمود أمام هذا العامل الأمي البسيط. وفي جعبتي عشرات المواقف المشابهة لهُ ولشباب أميين مثله. ومن طريف ما يروى في هذا المجال أن المحامي عبد الخالق يغمور في احدى مهرجاناته الانتخابية قد منع الشباب من توجيه الأسئلة أثناء المحاضرة، وعبثاً حاولوا، فقام شاب من المشهورين بصلابتهم طالباً توجيه سؤال، فأمهله المحاضر إلى ما بعد انتهاء المحاضرة، فوقف أمام الطاولة مانعاً المحاضر من إتمام محاضرته حتى يسمح له بالسؤال، وعندما فاض به سمح له بالسؤال، ولم يكن لديه سؤال فسحب أحد الشـباب من مكانه قائلاً: قُم اسأل يا إبراهيم...... وأنوه في هذا المقام أن حزب التحرير قد خالف جميع التنظيمات السياسية والفكرية في العالم الإسلامي بل في العالم أجمع في كيفية الانضمام لصفوفه حيث حارب "الطبقيـة " في تشكيلته، فلم يقتصر في دعوته على المثقفين والمتعلمين وأصحاب الشهادات ومشاهير وقادة الناس في المجتمع، الذين بذل الجهد الجهيد في دعوتهم، بل حرص كل الحرص على بذل الجهد في ضم بسطاء الناس وعامتهم وأصحاب المهن لصفوفه، وفي الأعمال الحزبية المختلفة والمواقع فقد أوكل لأفراده التكاليف الحزبية المنوعة باعتبار تفاعل الشخص مع الدعوة كائناً من كان بغض النظر عن موقعه في المجتمع. ويحضرني في هذا المقام رجل آخر هو ربيع بركات الأشهب من أوائل من أنضم للحزب بالخليل لم يحصل من تعليم المدارس الا النذر اليسير لضيق الحال عند عامة الناس فترك المدرسة وعمل خبازا بالمدينة، وكان ممن ترك جماعة 313 وانضم للحزب مبكرا، تدرج في المناصاب من دارس لحزبي يشرف على حلقات لعضو محلية ومنها لنقيب محلية، ونترك زميله الحاج يعقوب أبو ارميلة يكمل الرواية: عندما يُذكرُ الشيخُ (ربيع الأشهب) _رحمِه الله_ في مجلس ٍ, لم تنتَهِ الألسُنُ من التَّرَحُّم عليه والدعوة له ممَّن عرفه أو عايشه؛ فتزدادَ أُذُنُكَ, شوقا؛ لتسمعَ عنه وعن مواقفه. فإذا ما سمعت موقفا من مواقفه, يطير بك خلدُك إلى سيرة أولئك الغرِّ الميامين من صحابة رسول اللهصلى الله عليه وآله وسلم, وكأنك أمامَ شاهد ٍمن شواهدهم, أو صورةٍ من صور أحدهم, كيف لا والإيمانُ يختلج صدرَه, وثبوتُه ثبوتُ الجبال الرواسي وهو يحمل الدعوة, واثقٌ بصدق ما يحمل, جادٌّ مجتهدٌ في سَيْرِهِ؟ لقد كان شيخُنا الجليل_رحمه الله_سريعَ البديهة, يُجري اللهُ الحقَّ على لسانه, هذا ما يؤكده الشيخُ يعقوبُ_أحدُ حملة الدعوة, وما يزال_وهو يتحدث عن شيخنا_رحمه الله_لِغَيْرِهِ من حملة الدعوة. يقول الشيخُ يعقوب عندما سُئلَ عن بعض مواقف شيخنا: نعم, كُنْتُ شاهدا على أحد مواقف هذا الرجل, وتبدأُ الكلماتُ تخرج, وتبدأ معها العيونُ بالتحرك يمنةً ويسرةً حتى يلمعَ بريقُها, وتأبى الدمعة ُأن تخرجَ, حياءً من الحاضرين, ولكنَّ (الآهَ) تخرج من قَعْرِ قَعْرِ القلب, تحِّلُ_أي كلمة ُ(الآه)_ مَحِّلَ ألف كلمة دالة ٍعلى عظمة هذا الرجل, إنْ وعِيَها من سمعَها, ثم يردِفُ قائلا:ً واللهِ رجال. كان ذلك في وسط الخمسينات من القرن الماضي, أي عندما أصدرَ النظام الأردني قانون(الوعظ والإرشاد), والذي بموجبه تُحْصَرُ الخِطابةُ وتَقْتَصِرُ في المساجد لموظفي دائرة الأوقاف, وقد أصدر النظام الأردني هذا القانون بعد أن شعر بمدى تأثير شباب حزب التحرير على الناس في خطبهم ودروسهم الدالة الموضحة لعوار هذا النظام وإجرامه, ووجوبِ العمل على تغييره, وتحكيمِ ِشرع الله. ردَّ شباب حزب التحرير على هذا القانون ردا سريعا جريئا, متحديا النظام فيه؛ إذ إنه كلَّف شابا في كل مدينة من كبار المدن في المملكة والضفة بالتدريس بعد خُطبة وصلاة الجمعة؛ ليكون في آن ٍ واحد ٍدرسُ الشباب, فكان من نصيب الشيخ ربيع الأشهب درسٌ في المسجد الإبراهيمي في خليل الرحمن. وبالفعل قد جرى ما جرى, فما أن ِ انتهت ِالصلاة ُحتى وثب شيخُنا كالأسد المغوار, واعتلى المِصْطَبَةَ ( مصطبة المؤذنين ) المقابلة لمنبر المسجد الإبراهيمي, ويقف كالطود الأشم رغم ما يكتنف الأمر من مخاطرَ يعلمها, وما أن بدأ بالحمد لله والثناء عليه, فتعالتْ أصوات زبانية النظام من المخابرت من تحته تأمره بالنزول عن المصطبة, متوعدة ً مهددة ً, فأجابهم وبكل جرأة تمتلئ بالإستهزاء والإزدراء بهم وبتهديداتهم: (سأنزل, وسأُسْلِمُكُم نفسيَ, ولكنْ بعدَ أنْ ألْقيَ على مسامع الناس درسي), فبدأت تتناثر الكلمات الموجعة للنظام وأزلامه من فيه, حتى نزل وأوفى بوعده, فأسلم للمخابرات نفسه, ويردف الحاجّ ُ يعقوب قائلا: هذا ما أعرفه في ذلك اليوم من أمر الشيخ ربيع ٍحتى كان يوم المحكمة. لقد اكتظت ِ المحكمة من الناس, وخصوصاً حملة الدعوة يوم محكمة شيخنا الجليل, فظهر على الناس بقفص الإتهام, ناظرا للناس على أنهم هم الأسرى المسجونون, وهو الحرّ ُالطليق, فهو لم يأبه بالمحكمة ولا بحكامها وكأنه يستَعْذبُ العذابَ في سبيل الله. بدأت جلسة المحكمة بين أخذ ورد, لتتقهقر أسئلة القاضي أمام جيش الأجوبة العرمْرَمِ من شيخنا الجليل, بأجوبة مقنعة مفحمة جعلت القاضي كالأسد المكبل الذي لا حراك فيه ولا كلام, هنا نظر الشيخ ربيع نحو الحضور, مبتسما, ولسان حاله يقول لهم: هؤلاء هم حكامكم, لا حيلة لهم أمام قول الحق؛ ليغتاظ القاضي من إبتسامته؛ فحكمه ثلاثة أيام على هامش الحكم, معتبرا ذلك استهزاء بالمحكمة. فلم يأبه شيخنا بذلك, بل أكمل ليسأل القاضي عن قانون(الوعظ والإرشاد), هل هو مقتصر على المساجد فقط, أم على المساجد والكنس والكنائس؟ فأجابه القاضي: إن الأمر مقتصر على المساجد, عندها التفت الشيخ بسرعة نحو الحضور قائلا: يا شبابُ, صلاةُ الجمعة القادمةِ في كنيسة(المَسْ كُوبيَّة), وأمام انبهار الحضور من فطنة الشيخ ربيع, يقول الشيخ يعقوب: لم يقف الأمر عند هذا الحد, بل جرَّ الشيخ ربيعٌ القاضيَ بذكائه ليُضْحِكَهُ حتى سُمِعَ له صوت قهقرة, فماكان من الشيخ ربيع إلا أن قال: أرجو من المحكمة أن تحكمَ نفسَها؛ لأنها استهزأتْ بوقارِ المحكمة. فحملتْ سرعةُ بديهة ِالشيخ ربيع وجرأتُه القاضي َعلى أن يعرضَ صفقة ًيتمّ ُخلالها تنازلُ القاضي عن ثلاثة الأيام التي حَكَمَ بها شيخَنَا الجليل على أن لا تحكمَ المحكمة ُنفسَها, وهكذا كان. لقد أرادت مشيئة الله_سبحانه_أن يَمْثُلَ الشيخ ربيع أمام محكمة مَدَنِيَّةٍ وليست عسكريةًً ً, كما أصبحت فيما بعد لمثل هذه القضايا, فكان الحكم مُيَسَّرًا. استمر الشيخ ربيع الأشهب في الدعوة, حاملا لواء الحق, لا يخشى في الله لومة لائم, نبراسُه قولَه تعالى:{الذينَ قَالَ لهمُ النَّاسُ: إِنَّ النَّاسَ قدْ جَمعوا لكمْ فاخشوْهُمْ؛ فزادِهُم إيماناٍ, وقالوا: حسْبُنا اللهُ ونِعْمُ الوكيل}, متمنِّيا أن تكْتَحل عيناه برؤية الخلافة, دولة الإسلام؛ ليبايعَ أميرَ المؤمنين على السمع والطاعة في المكره والمنشط, والعسر واليسر. لكنَّ قضاء الله سبق, وتوفي الشيخ ربيع, مبتغياً عزَّ الدارين: الدنيا, والآخرة, وستظل ذكراه تشد آذانَ السامعين, فقد صدق عهدَه مع الله حتى قضى نحبه, {مِنَ المُؤمنينَ رِجالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عليهِ, فمنْهُم مَنْ قَضَى نحبَهُ ومنْهُم مَنْ يَنْتَظِرُ وما بدَّلوا تَبْدِيلا}. فإن مات ولم يَرَ الخلافة واقعا, فقد رآها في عيون العاملين لها, معه وبعده. رحم الله الشيخ ربيعا, وجمعنا وإياه في مستقر رحمته, وأوردنا معه حوض نبيه عليه أفضلُ صلاة ٍوأتمّ ُتسليمٍ, اللهم آمين.
  3. جاء في كتاب " بزوغ نور من المسجد الأقصى - انطلاق مسيرة حزب التحرير : وباستعراض الأسماء الواردة ومهنهم نرى أنّ حزب التحرير قد حارب الطبقية قولا وعملا
  4. رحم الله سيد قطب كان عميق الفكر مستنيره.... ويطيب لي أن ألفت النظر لأن كتاب " التكتل الحزبي " المتناول للموضوع هو من أوائل الكتب المتبناه وهو يُعالج عورات التكتلات عٌُموماً وينبه لأخطار لم تكن في بال الغالبية العظمى من الشباب، ولخطورة " الطبقية " البالغة فكانت من أوائل ما نبهنا الحزب اليها، ومن أخوات الطبقية كانت مرض عدم الثبات على المبدأ التي نجم بسببها ما يسمى " أزمة عبد الناصر " وهي من الأزمات العنيفة التي هزت أركان الحزب هزا عنيفا ولكنه صمد وثبت على المبدأ. وملخص أزمة عبد الناصر، وكانت القشة التي كادت أن تقصم ظهر البعير، لولا أنّ الله قد تكفل بحفظ دعوته، وأزمة عبد الناصر كانت أنّ عبد الناصر قد استطاع الهاب مشاعر الناس بخطب مبتذلة وبأعمال استهوتهم ، كتأميم شركة قنال السويس ، وكسد اسوان العالي، والهجوم الثلاثي على غزة وسيناء من قبل انجلترا وفرنسا ويهود، ثم قيام الوحدة بين مصر وسوريا. وعدائه السافر لحسين ملك الأردن، ونوري السعيد في العراق، والملك سعود في الحجاز ونجد، وكلهم كان مكروهاً من الناس، كل تلك الحوادث وشبيهاتها، ألهبت مشاعر الناس ، حتى أن عبد الناصر وصل لمرحلة تسميته بلقب " معبود الجماهير " مما أوصل بعضهم لدرجة مشابهة عبادته دون الله، وفي خضم كل تلك الأحداث كان موقف الحزب مكن عبد الناصر أن يعلن على رؤس الأشهاد أنه عميل أمريكي ، وأن يكشف عمالته ومؤامراته في بيانات ونشرات توزع على الناس مما أوجد كراهية عارمة للحزب عند عامة الناس وخاصتهم، إذ كان الحزب هو الفئة الوحيدة من دون الأمة الذي رفع صوته منبهاً الأمة وةمحذراًاً لها من عبد الناصر وعمالته لأمريكا، في الوقت الذي كان فيه مجموع الأمة بأحزابها ومؤسساتها وتنظيماتها تسبح بحمد الرجل وتعدد مناقبه وجولاته الدونكوشوتيه. استمرت عاصفة أزمة عبد الناصر سنون طوال عجاف، لم يتقدم الحزب قيد أنملة ، والعكس هو الصحيح فقد أفقدته الأزمة كماُ هائلاً من شبابه، استهواهم حب عبد الناصر، فتنحوا عن الطريق، وأذهب عقولهم هوى حب عبد الناصر ، ليخرجوا من الحزب الذي خالف اجماع الأمه وتحدى مشاعر الجميع. كان هذا ملخص الأزمة عبد الناصر ، كما عشتها وعاصرتها ، وعاشها وعاصرها شباب الحزب وشيوخه. ولبيان سبب اصرار الحزب التمسك بموقفه السلبي من عبد الناصر وعدم الخضوع للموجة العارمة المأيدة له، لا بد من الرجوع لما جاء في كتاب " التكتل الحزبي " الصفحات 50 وما بعدها، ..............ولبيان سبب اصرار الحزب التمسك بموقفه السلبي من عبد الناصر وعدم الخضوع للموجة العارمة المأيدة له، لا بد من الرجوع لما جاء في كتاب " التكتل الحزبي " الصفحات 50 وما بعدها، حيث يقول: 17
  5. بيان صحفي إلى مرشحي الرئاسة الإسلاميين ... أية شريعة تريدون؟ إن تعجب فعجب قولهم "إننا مرشحو الرئاسة الإسلاميون"، والأعجب من ذلك أن تسمع لقولهم "نحن من سيطبق الشريعة الإسلامية"، لأنك لو طالعت برامجهم فلن تجد فيها اختلافاً كبيراً عن برامج غيرهم من المرشحين، فأي منهم لا يستطيع أن يعلن أنه ضد المادة الثانية من الدستور التي تنص على أن مباديء الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع. فهل تطبيق الإسلام في واقع الأمة يعني أن تكون"مباديء" الشريعة هي المصدر "الرئيسي" للتشريع؟ وكيف يصف أحدهم نفسه أنه مرشح إسلامي ثم يعلن بكل وضوح في مناظرة تليفزيونية أنه ضد حد الردة؟ والآخر يعلن بكل وضوح أيضاً أنه لن يقبل بعودة نظام الخلافة الإسلامية، ذلك أن الإسلام "لم يأمرنا بتفاصيل نظام معين للحكم" - حسب ادعائه. وأما الآخر الذي يعتبر نفسه "المرشح الإسلامي الأوحد" فيقول أنه ينوي الحفاظ على اتفاقية السلام بين مصر و{إسرائيل}، خاصةً وأنه يراها "ضرورية لمصر". أيها المرشحون! هلا أخبرتمونا عن أية شريعة تتحدثون؟ فإذا كنتم تدعون أن الإسلام لم يأمرنا بنظام معين للحكم، وترفعون شعار الحريات وحرية الإعتقاد، واسقاط حد الردة، واحترام اتفاقية كامب ديفيد، فبماذا تختلفون عن غيركم من المرشحين؟! إنكم لم تتحدثوا في برامجكم عن قواعد الحكم في الإسلام التي تقوم على قواعد أربع، هي: 1 - السيادة للشرع لا للشعب 2- السلطان للأمة 3- نصب خليفة واحد فرض على المسلمين 4- للخليفة وحده حق تبني الأحكام فهو الذي يسن الدستور وسائر القوانين. بل أكثر من ذلك: إنكم تقولون بعكسها، إذ رضيتم بجعل السيادة للشعب، وجعلتموه هو الحَكم، ورضيتم أن تُخْضِعُوا أحكام الله للتصويت عليها، ورفضتم الخلافة نظاماً للحكم، وقبلتم أن يكون مجلس الشعب هو مصدر التشريع والقوانين. أيها المرشحون! ألم تعلموا أن النظام الجمهوري الذي تتناحرون على رئاسته قد ابتدعه الغرب حينما فصل الدين عن الحياة، وجعل التشريع فيه للإنسان يشرع بالأغلبية، ويضفي على الأغلبية العصمة والشرعية بغض النظر عن أحكام الله؟ فهل سَتُقسمون بالولاء لهذا النظام الجمهوري العلماني، وتتعهدون بالالتزام به قبل توليكم الرئاسة؟ أخبرونا ماذا أنتم فاعلون! وهل هذه هي الشريعة التي تريدون؟! {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}
  6. وردت تلك المشاركة في موقع آخر فأشكر المشارك وألفت نظره لأنه أثناء انتحابات مجلس الضرار الفلسطيني وحينما ثابر حملة الدعوة الاسلامية بالنصح بأنها شرك لا يقاع الناس في الحلول الاستسلامية وفي مخالفة الحكم الشرعي بالدخول في التحاكم للطاغوت لم يجد أصحاب شعار " الاسلام هو الحل " تبريرا لأعمالهم أمام الناس سوى مهاجمة الحزب بتبريرات ساذجة ، والمشكلة الكبرى في أنّها تبريرات تعتمد على الكذب المتعمد أحيانا، أو/ و سوء الظن أو / و الحسابات الخاطئة أو التقدير الخاطئ للمواقف، وربما تبريرات يصدق عليها أنّها تأخذ وصف أنها كتعلق الغريق بين الأمواج في البحر المحيط بقشّة، ونادراً ما كانت التبريرات صادقة. وبمواقفهم تلك كانت الطامة الكبرى حيث تمادوا بالغش والكذب المتعمد وتولوا الحكم بغير ما أنزل الله تعالى فأوقعوا الأمة في البلاوى والمصائب والمهازل ، حتى بلغ الأمر بهم أن سفكوا دماء المسلمين وقصفوا المساجد بالصواريخ فلا حول ولا قوة الا بالله العظيم. وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَنُدْخِلُهُمْ ظِلًّا ظَلِيلًا (57) إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا (58) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا (59) أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آَمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا (60) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا (61) فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا (62) أُولَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغًا (63)
  7. أسباب فشل حركات قوامها الطبقية ومن أسباب فشل الحركات التي تتحكم بها الطبقية من مثل جماعة ( الإخوان المسلمون ) وغيرهم من الحركات التي من طبيعة تكتلها أن تقودها الطبقية البغيضة أنّهم لم يقوموا بتجمعهم من خلال تكتل سياسي قائم على فكرة وطريقة من نفس الفكرة لكيفية الوصول للغايات، فلم يكن للجماعة أي تبني لذلك، بل تركوا لأعضاء حرية اختيار أي فكر يُريدون، فترى الاختلاف البين بين أفرادهم في أي فكر يُطرح،وبالنسبة لتوجه الجماعة للمشاركة في وزارات الحكومات القائمة ومع أنّهم كجماعة يتبنون ذلك، إلا أنّهم قد غضوا الطرف عن آراء نشرت في وسائل الإعلام تعارض ذلك. فمنذ بداية جماعة الإخوان المسلمين وضع حسن البنا الأسس للعمل السياسي للإخوان وأنهم ليسوا مجرد جماعة دعوية إسلامية ولكنهم أيضا هيئة سياسية نتيجة لفهمهم العام للإسلام وأن مشاركتهم السياسية تأتي من منطلق الإصلاح في الأمة وتطبيق لتعاليم الإسلام وأحكامه [[1]]. ففي الأردن شارك الإخوان في الانتخابات النيابية عام 1956م ونجح لهم أربع مرشحين من ستة، وانتخابات عام 1963م ونجح لهم إثنين، وفي الفترة من 1989م إلي 1998م [[2]] إتسعت مشاركة الجماعة في الحياة السياسية إذ حصلت في المجلس النيابي الحادي عشر عام 1989م على ثلاثة وعشرين مقعداً حيث مثلوا مع إسلاميين آخرين أكثر من ثلث مجلس النواب وحصلوا علي رئاسة المجلس لثلاث دورات متتالية، كما شاركت بخمسة وزراء في عام 1991م في حكومة مضر بدران وفي كانون ثاني 2006م خاضت حماس انتخابات المجلس التشريعي الفلسطيني رغم تأكيدها علي عدم الإعتراف باتفاقية أوسلو وعدم الإعتراف "بإسرائيل"، وحققت فيها فوزا كاسحا بواقع 76 مقعد من أصل 132 مقعدا وشكلت الحكومة الفلسطينية العاشرة برئاسة إسماعيل هنية، ثم الحكومة الحادية عشر (حكومة الوحدة الوطنية) ولكن بعد أحداث حزيران 2007م وقيام حماس بالحسم العسكري في قطاع غزة بسبب ما تقول الحركة أنه انتشار الفلتان الأمني وعدم إنصياع الأجهزة الأمنية لأوامر الحكومة[[3]]، قام الرئيس الفلسطيني محمود عباس بإقالة الحكومة لتصبح حكومة تسيير أعمال حسب نصوص القانون الأساسي الفلسطيني - حتي يتم تشكيل حكومة جديدة وحصولها علي ثقة المجلس التشريعي ولا زالت هذه الحكومة المقالة حتي الآن في الحكم [ [4]] وقد برّر الإخوان شرعية عملهم في عدة بيانات وكتب قاموا فيها بلي أعناق النصوص الشرعية لتتوافق مع عملهم هذا. ففي حكم المشاركة في الوزارة ، إن المسلم مخاطب بتحكيم شرع الله تعالى، فهو مخاطب بتنفيذ أوامر ربه ورسوله صلى الله عليه وسلم والانقياد لهما دوماً؛ لقوله تعالى: } وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا {([[5]]). ولما كانت الأنظمة الحاكمة المعاصرة قد أقصت الشريعة الإسلامية كلياً أو جزئياً عن سدة الحكم، وعطلت مبادئها، واستبدلت بها دساتير وقوانين وضعية، أضحت المشاركة في الوزارة في ظل هذه الأنظمة محط نقاش بين الفقهاء والمفكرين المعاصرين، الذين انقسموا ما بين قائل بجوازها أصالة، وقائل بحرمتها أصالة كذلك، وقائل بجوازها استثناء من الأصل، وذلك نظراً لاختلافهم في منهج التغيير والإصلاح الموصل إلى قيام الدولة الإسلامية. فقد ثار الخلاف بين العاملين في حقل الدعوة الإسلامية: فمنهم من رأى ضرورة مزاحمة الأنظمة في مكانتها، وعدم ترك الساحة خالية لهم تحقيقاً للمصالح ودفعاً للمفاسد. ومنهم من رأى ضرورة تكوين القاعدة الصلبة التي تعيش الإسلام في حياتها، وعدم الانجرار ومداهنة الأنظمة بمشاركتها في الحكم. فالمسألة فيها ثلاثة أقوال([6]) القول الأول: إن الأصل في المشاركة في الوزارة الحرمة، وتزعم هذا القول الدكتور محمد عبد القادر أبو فارس([[7]])، وإليه ذهب الأستاذ أحمد المحمـود، والشيـخ محمـد قطب([[8]]). القول الثاني: إن المشاركة في الوزارة تجوز استثناءً من الأصل، وإليه ذهب والدكتور إسحاق الفرحان، والشيخ راشد الغنوشي، الشيخ سعيد حوى، والدكتور عبد الرحمن عبد الخالق، والدكتور عمر الأشقر، والشيخ محمد أحمد الراشد، والدكتور يوسف القرضاوي([[9]]). القول الثالث: إن المشاركة في الوزارة تجوز أصالة، وإليه ذهب الدكتور علي الصوا، وأأستاذ الدكتور يونس الأسطل([[10]]). إنه ليس المطلوب شرعاً هو مجرد وجود جماعة، بل المطلوب شرعاً هو إيجاد الجماعة التي من شأنها أن تقيم هذا الأمر. وأدلة وجود الجماعة تبين لنا ذلك. - ففي قوله تعالى: (وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)([11]) أوجب الشرع إيجاد جماعة سياسية مبدؤها الإسلام وتحمل الأفكار والأحكام الشرعية التي تلزم لإقامة الغاية التي وجدت من أجلها وهي الإظهار والتمكين والاستخلاف. فليس المطلوب هو إيجاد جماعة من أجل وجودها فقط، بل لا بد لها من تحقيق ما طلب منها وهو (الدعوة والأمر والنهي). وليس المطلوب كذلك (الدعوة والأمر والنهي) من أجل ذاتها فقط وإنما من أجل تحقيق الغاية التي وجدت من أجلها (الدعوة والأمر والنهي) وهي الإظهار والتمكين والاستخلاف. - وفي قول الرسول صلى الله عليه وسلم : «لا يحل لثلاثة نَفَرٍ يكونون بأرض فلاة إلاّ أمّروا عليهم أحدهم»[12]] أفاد الشرع أن كل عمل مشترك مطلوب من المسلمين إقامته لا بد له، حتى يقام، من أمير تكون طاعته واجبة فيما أُمِّر، وفيمن أُمِّر ومن جماعة تلتزم بأمر الأمير، حتى تأتي النتائج من هذا العمل المشترك بحسب ما يريده الشرع. - ولما رأينا أن الله سبحانه وتعالى قد فرض على المسلمين كثيراً من الفروض، وأناطها بالخليفة وحده دون سواه، صار لا بد من نصب خليفة لإقامة هذه الفروض. ولما كان نصب الخليفة وإقامة الخلافة لا ينجزه إلاّ جماعة، صار لا بد من وجود جماعة من شأنها أن تقيم الخليفة والخلافة. بناءً على القاعدة الشرعية: (ما لا يتم الواجب إلاّ به فهو واجب). وهكذا يتبين أن وجود الجماعة مرتبط بوجود الغاية الشرعية المطلوبة ارتباطاً لا ينفصم، فهي ليست جماعة تقوم بمجرد الدعوة للإسلام. وليست جماعة تبليغ من أجل التبليغ. بل هي جماعة قامت من أجل إقامة الإسلام في حياة المسلمين عن طريق إقامة الدولة الإسلامية التي تعتبر الطريقة الشرعية لتطبيق كل أحكام الإسلام الفردية والجماعية. وعليه لا بد من وجود جماعة من شأنها أن تحقق الغاية التي من أجلها وجدت. وحتى تعتبر هذه الجماعة مستوفية لكل ما هو مطلوب منها كان لا بد لها من: - التبني لكل الأفكار والأحكام والآراء الشرعية التي تلزمها في عملها. وإلزام اتباعها بالتقيد به قولاً وعملاً وفكراً . لأن من شأن التبني أن يحافظ على وحده الجماعة. ولأنه متى وجدت الجماعة وكان أفرادها مختلفي الأفكار، ومتعددي الاجتهادات، فإنها، وإن توحد أفرادها على الغاية، وتوحدوا على الإسلام بشكل عام، لا بد ستصاب بداء التشرذم وستعصف بها الانشقاقات، وسيوجد بداخلها التحزبات، وتصير جماعات داخل الجماعة، وستتحول دعوتها من دعوة الآخرين إلى العمل معها لإقامة هذا الفرض إلى دعوة بعضهم البعض، وسيتنازعون فيما بينهم كل يريد إيصال رأيه إلى سدة الجماعة. من هنا تأتي اهمية التبني وشرعيتها. فوحدة الجماعة مطلوبة شرعاً، ولا يحافظ على وحدتها في هذه الحالة إلاّ بالتبني الواحد لكل الأفكار اللازمة للعمل، وإلزام شبابها بهذا التبني. ويصير التبني مطلوباً من باب: (ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب).فطالما أن أفكار وأحكام وآراء العمل عند الجماعة كلها شرعية، وطالما أن هذه الجماعة تحوز ثقة شبابها فقد جاز من حيث الأصل تقيد الشباب بأفكار العمل من باب جواز ترك المسلم رأيَهُ والعمل برأي الآخرين. ففي بيعة عثمان بن عفان رضي الله عنه، رضي سيدنا عثمان أن يبايَع بالخلافة شرط أن يترك اجتهاده إلى اجتهاد أبي بكر وعمر رضي الله عنهما وإن خالفاه. وقد أقره الصحابة على ذلك. وبايعوه. إلاّ أن ذلك يعتبر جائزاً وليس بواجب بدليل أن سيدنا علياً رضي الله عنه لم يقبل أن يترك اجتهاده لاجتهاد أبي بكر وعمر، ولم ينكر عليه أحد من الصحابة. كذلك فقد صح عن الشعبي أن أبا موسى كان يدع قوله لقول علي، وأن زيداً كان يدع قوله لقول أبيّ بن كعب، وأن عبد الله كان يدع قوله لقول عمر. ورويتْ حوداث عن أبي بكر وعن عمر أنهما كانا يدعان قولهما لقول علي فيها. فهذا يدل على جواز رجوع المجتهد عن قوله لقول غيره بناءً على الثقة باجتهاده. وعلى شباب هذه الجماعة أن يتقيدوا بفهمها، وأن ينشأ منهم كُلٌّ فكريٌّ شعوريٌّ واحد. - وكما أن على الجماعة أن تتبنى في الأحكام الشرعية المتعلقة بعملها، كذلك عليها أن تتبنى ما يلزم من أساليب تنفيذ هذه الأحكام. والأسلوب هو الوجه الذي ينفذ به الحكم الشرعي . وهو حكم يتعلق بحكم أصل جاء الدليل على إثباته، فمثلاً: المطلوب من الجماعة إيجاد الثقافة المركزة عند شبابها أسوة بالرسول r، وهذا حكم شرعي يجب التقيد به. فعلى أي وجه، وكيف سينفذ هذا الحكم الشرعي؟ لا بد من أسلوب معين يؤدى بواسطته هذا الحكم الشرعي. فقد يكون أسلوب الحلقات أو الأسر أو أي شكل آخر.فاختيار الأسلوب يكون اختياراً عقلياً للعمل الأنسب الذي يؤدي به هذا الحكم الشرعي. ويأخذ حكم الإباحة من حيث الأصل. والشرع قد طلب الحكم الشرعي وترك أسلوب تنفيذه للمسلم. وتعدد الأساليب للحكم الشرعي الواحد يضغط على الجماعة لكي تتبنى أسلوباً معيناً وترشد شبابها إليه ، فتكون الجماعة قد تبنت أسلوبه الموصل إلى تنفيذه. ومن ثَمَّ يأخذ حكم الأسلوب حكم متبوعه. أي يصبح أسلوباً ملزماً كالحكم الشرعي الملزم التابع له. فإذا اختارت جماعة ما نظام الحلقات كأسلوب لإيجاد الثقافة المركزة فعليها أن تتبنى ذلك كأسلوب ملزم، وتنظر حين تبنيها لهذا الاسلوب إلى تحقيق الغاية المرجوة من هذا الأسلوب، وهي إيجاد الثقافة المركزة، فتتبنى في أسلوب الحلقات كل ما من شأنه أن يحقق هذه الغاية. فمثلاً: عدد أفراد الحلقة يجب أن يكون متناسباً مع الغاية. فإن زاد العدد فقد يكون على حساب التركيز، وان قل فستكثر الحلقات حتى يصبح الأمر مرهقاً ومعوقاً. فلا بد أن يكون هناك عدد يناسب عملية تركيز الأفكار من غير زيادة ولا نقصان. ويكون تحديد العدد عقلياً. وكذلك مدة الحلقة لا بد أن تكون وقتاً يبقى فيه الدارسون مالكين لوعيهم في فهم الأفكار بحيث لو طال لقل الاستيعاب، ولو قل لما أُديت الأفكار بشكل متكامل. وموعد الحلقة هل هو يومي أو أسبوعي أو نصف شهري؟ لا بد أن يكون موعداً من شأنه أن لا يعوق الجانب العملي في الدعوة، فلا ينشغل الشباب بالناحية العلمية على حساب الناحية العملية. وهكذا يجري التبني لكل الأساليب المناسبة للأحكام الشرعية بحيث تأتي منسجمة تماماً مع تحقيق الحكم الشرعي الذي يراد تحقيقه. وما يقال في الأساليب يقال كذلك في الوسائل تقريباً . ويجوز للأمير أن يغيّر في الأساليب والوسائل حسب ما يقتضيه تنفيذ العمل. - بما أن عمل الجماعة يتناول رقعة واسعة من الأرض، ويكون له امتداده بين الدول، لذلك فإن ضخامة المهمة الملقاة على الجماعة أو الحزب تفرض وجود جهاز إداري يستطيع الحزب أن يقوم بواسطته بمتابعة الدعوة وتحقيق أهدافها على كامل مساحة العمل، وينظم حركة الدعوة ويضبطها، ويتابع تركيز الشباب ويهيء الأجواء العامة على الفكرة، وخوض الصراع الفكري والكفاح السياسي، ويُطِلُّ على الأمة كجسم وقف نفسه على تحقيق هذا الفرض. إذاً لا بد من هيكلية تنظيمية تقف على تحقيق الغاية كأفضل ما يكون فتلاحق مكتسبات العمل وتحافظ عليها. - فلا بد من تبني جهاز إداري أو هيكلية تنظيمية يمكنها إدارة أعمال الدعوة بشكل ناجح يؤدي إلى تحقيق المطلوب.ثم يأتي بعد هذا تبني قانون إداري ينتظم فيه كل جسم الحزب والحركة فيه. يحدد صلاحيات الأمير ، وكيف يدير الحزب، وكيف يتم اختياره. ومن يعين مسؤولي المناطق أو الولايات. وما هي حدود صلاحياتهم. فهو القانون الذي ينظم إدارياً كل عمل الحزب ويعين حدود صلاحيات الجميع. وكل هذا يأخذ حكم الأسلوب والوسائل التي تلزم لتنفيذ الأحكام الشرعية المتعلقة بالعمل. والأساليب الإدارية المتبنّاة تكون واجبة الالتزام ما دام الأمير يراها لازمة، لأن طاعة الأمير واجبة. - إن كل ما يجري تبنيه يجب التزامه. فكيف سيتصرف الحزب عندما تتم المخالفة، هل يعالج المخالفة بالتوبيخ أو بعقوبات إدارية؟. ان على الكتلة تبني عقوبات إدارية لكل من يخالف أي حكم متبنى، أو يخرج عن الخط الشرعي المرسوم . ومشروعية هذه العقوبات تندرج تحت باب (مخالفة الأمير). وبما أن الحكم الشرعي أوجب وجود أمير، كذلك فقد أوجب طاعته وحَرَّم مخالفته فيما أمّروه فيه عليهم. وإلاّ لما كان من معنى لوجود أمير للجماعة. يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «من أطاعني فقد أطاع الله، ومن يعصِني فقد عَصَى الله، ومن يُطِعِ الأميرَ فقد أطاعني ومن يعْصِ الأمير فقد عصاني» [[13]]. ووجود العقوبات الإدارية يجب أن يطال الجميع من الأمير حتى أصغر عضو في الحركة. وهذه العقوبات هي على المخالفة لكل ما هو متبنى. فمن خالف في الأحكام الشرعية المتبناة أو في الأساليب، أو لم يراع وجود الجهاز الإداري أو القانون الإداري، أو خرج عن حدود صلاحياته، يجب أن تطاله المحاسبة. وهكذا يجب أن يصحب الإطار الفكري إطار تنظيمي منضبط يسهر على الترجمة الدقيقة لأفكار العمل وأحكام الطريق. ولقد رأينا بأم العين كم من التنظيمات الإسلامية وغير الإسلامية قد انهارت لأنها لم تتنبه للناحية التكتلية فيها. فمن الطبيعي عندما لا تأخذ الجماعة فكرة التبني بعين الاعتبار أن تعصف بها الخلافات، وأن تعيش في تخبط وعشوائية ودوران في حلقة مفرغة، أو تصاب بالشطط وليس من يحاسب، وهذا يخرجها عن كونها الجماعة التي من شأنها أن تحقق الكفاية الشرعية . ومن الطبيعي أنه إذا لم يكن اختيار الأعضاء والمسؤولين بناء على شروط شرعية منضبطة، وكان بناء على القرابة، أو المركز الاجتماعي، أو المنصب، أو المركز العلمي، فإن من شأن كل هذا أن يسيئ إلى توزيع المهمات ويجعل من الأفراد هواة مناصب. ومن الطبيعي أنه إذا لم توجد القوانين الإدارية التي يخضع لها الجميع فستتميز المحاسبة ويطغى الميزان. ومن الطبيعي أنه إذا لم توجد العقوبات الإدارية التي لا تحابي أن تمر المخالفة الكبيرة كما تمر المخالفة الصغيرة، وأن تُستمْرَأ معاصي العمل، وتكثر الأخطاء. وعليه فلا بد من الانتباه إلى الناحية التنظيمية وتشكيل جسم حزبي فاعل في حركته بحيث تنتظم ضمنه أفكار الدعوة وشبابها، وبحيث يسهل العمل، وتركيبة الحزب أو الجماعة يجب أن تتفق تماماً وتحقيق الغاية التي من أجلها وجدت. ولا يطننَّ ظانٌّ أن الناحية التكتلية هي أمر ثانوي، بل هي تأخذ طابعاً مهماً جداً. فإذا لم تحسن صياغتها وتركيبتها ويتبنى لها الأحكام اللازمة وتأخذ ناحية الإلزام فإن كل ما وفقت الجماعة إليه مما تقدم ذكره يصبح معرضاً للانهيار والضياع. ثم ان القيام بالمهمات الحزبية تفرض على الحزب أو الجماعة بعض الأعباء المادية: فمن تفرُّغٍ لبعض شبابها تحتاج إليه الجماعة، إلى مصاريف انتقال، إلى نفقات طباعة، إلى غير ما هنالك مما تفرضه تكاليف حمل الدعوة الإسلامية. فهذه الأعباء المالية يجب أن يتحملها جسم الحزب أي شبابه، فمن قدم نفسه في الدعوة يسهل عليه تقديم ما هو أخف من ذلك. ويجب أن تحرص الجماعة على أن لا تمد يديها إلى خارج جماعتها سواء كان هذا الخارج فرداً أم جماعة أم حكومة، فإنما تؤتى الجماعة من هذا القبيل، ويفكر أعداء الدعوة باستغلال حاجة الجماعة إلى المال فيعرضون عليها المساعدة البريئة في بادئ الأمر، ثم لا يلبث أن يتغير وجه المساعدة إلى مساعدة ذات غرض وأرب. من كلّ ما تقدم يتضح بجلاء أنّ حركة الإخوان المسلمون ورغم المعاناة الطويلة التي امتدت أكثر من ثمانون عاماً والتي فشلت تماماً في إحداث أي أثر يُذكر في تغيير واصلاح حيث لم تحصد خلالها إلا شوك القتاد لم تعترف بفشلها وظلت تكابر أنها الحركة الأم وأنها وأنها ... ألخ.ولوفعلت ذلك وأقرت بالفشل لربما أعادت النظر في مسيرتها لتصل لأسباب هذا الفشل الذريع ولتصحح مسيرتها، وفشلها الذريع يعني أنّها غير مبرئة للذمة. _________________ [1] - رسالة المؤتمر السادس، مجموع رسائل الإمام الشهيد حسن البنا،الشبكة الدعوية [2] - ديناميكية الأزمة بين الحكم والإخوان في الأردن، المعرفة، الجزيرةنت، 7 يوليو 2006م [3] - الزهار: الحسم العسكري في غزة كان دفاعا عن النفس، الجزيرة نت، 23أكتوبر 2007م [4] - شرعية رئيس السلطة الفلسطينية بعد انتهاء ولايته، حوار مع أحمد الخالدي/ رئيس لجنة صياغة الدستور الفلسطيني، برنامج بلا حدود، قناة الجزيرة، 1أكتوبر 2008م [5] - سورة الأحزاب: الآية (36). [6] - أنظر:المشاركة في الوزارة، المركز الفلسطيني للاعلام. http://www.palestine...heer/mush14.htm [7] - فقد ألف الدكتور محمد أبو فارس كتاباً خاصاً رد فيه باستفاضة على القائلين بجواز المشاركة في الوزارة في الأنظمة الجاهلية، إلا أنه على الرغم من إنكاره الشديد على القائلين بجواز المشاركة استثناء من الأصل بناء على تقدير المصالح والمفاسد ورده عليهم، قد أباحها للضرورة، أو ما يقوم مقامها إذا توافرت شروط ذلك، تماماً كإباحة أكل الميتة للمضطر أو الدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به، فقد قال تعالى بعد ذكره لهذه المحرمات: } فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِّإِثْمٍ فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ { (سورة المائدة: من الآية (3). وهذا هو معنى القاعدة: الضرورات تبيح المحظورات. أبو فارس: المشاركة في الوزارة في الأنظمة الجاهلية (ص: 37). [8] - أبو فارس: المشاركة في الوزارة في الأنظمة الجاهلية (ص: 40)، قطب: واقعنا المعاصر (ص: 509)، المحمود: الدعوة إلى الإسلام (ص: 243)، هذا ويمكن اعتبار القائلين بخطر المشاركة في المجالس النيابية، من المانعين من باب أولى المشاركة في المجالس الوزارية، لاسيما وأن الوزارة تمثل سلطة تنفيذية، حيث يخضع فيها المسلم للنظام الذي يحكم بغير شريعة الله، ويسعى لتنفيذ سياسته، بل والذود عنه في بعض الأحيان، وله اجتهاده فقط في حدود صلاحياته، بخلاف المجالس النيابية التي هي أقل شأناً، وشبهة الولاء فيها للحكومة التي تحكم بغير شريعة الله أخف، بحيث يتمتع فيها النائب بالحصانة البرلمانية التي تمكنه من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بإطلاق. [9] الأشقر: حكم المشاركة في المجالس النيابية (ص: 29)، التميمي: مشاركة الإسلاميين في السلطة (ص: 13)، حوى: الأساس في التفسير (5/2671)، الراشد: أصول الإفتاء والاجتهاد التطبيقي (2/144)، عبد الخالق: مشروعية الدخول وقبول الولايات العامة في ظل الأنظمة المعاصرة (ص: 5)، القرضاوي: فتاوى معاصرة (3/428)، المعايطة: التجربة السياسية للحركة الإسلامية في الأردن (ص: 118). [10] - الأسطل: ميزان الترجيح في المصالح والمفاسد المتعارضة (ص: 200- 202). [11] - آل عمران ( 104 ) [12] -[رواه أحمد بن حنبل [13] - رواه مسلم
  8. الضمان الوحيد لعدم ظهور الطبقية منذ القرن الثالث عشر الهجري ( التاسع عشر الميلادي ) قامت حركات متعددة للنهضة ، كانت محاولات لم تنجح ، وان تركت أثرا فعالا فيمن أتى بعدها ، ليعيدوا المحاولات مـرة أخرى . ويرى المتتبع لهذه المحاولات ، الدارس لهذه الحركات ، أن السبب الرئيسي في إخفاقها جميعها يرجع من ناحية تكتلية إلى أربعة أمور : أولها ـ أنها كانت تقوم على فكرة عامة غير محددة ، حتى كانت غامضة ، أو شبه غامضة ، علاوة على أنها كانت تفقد التبلور والنقاء والصفاء، فحركة الاخوان مثلاً تطلق الشعارات التي ليس لها واقع تنفيذي من مثل شعارات الدولة الاسلامية في حين أنّ واقعهم أنهم ينتهجون نهج الترقيع والتجميل للأنظمة القائمة بدخولهم في مجالس الضرار التشريعية واشتراكهم في أنظمة الحكم القائمة في العالم الاسلامي كوزراء يحكمون بالقانون الكافر ويتحاكمون به . وثانيها ـ أنها لم تكن تعرف طريقة لتنفيذ فكرتها ، بل كانت الفكرة تسير بوسائل مرتجلة وملتوية ، فضلا عن انه كان يكتنفها الغموض والإبهام، فتراهم يتغنون بشعار " الاسلام هو الحل " في حين أنهم يتغنون أيضاً بالديموقراطية الكافرة، ويلتزمون بمبادئ الوطنية والقومية والديموقراطية المخالفة للاسلام، كما يقرون الوحدة الوطنية وغيرها من المتناقضات . وثالثها ـ أنها تعتمد على أشخاص لم يكتمل فيهم الوعي الصحيح ، ولم تتمركز لديهم الإرادة الصحيحة ، بل كانوا أشخاصا عندهم الرغبة والحماس فقط ، كما ويظهر تقديسهم لكبرائهم واقرارهم على كل رأي أو فتوى لهم وان كانت خاطئة، مع انعدام المحاسبة للكبراء على تصضرفاتهم المخالفة. ورابعها ـ أن هؤلاء الأشخاص الذين كانوا يضطلعون بعبء الحركات لم تكن بينهم رابطة صحيحة سوى مجرد التكتل الذي يأخذ صورا من الأعمال ، وألفاظا متعددة من الأسماء فترى أنّ رجال ورموز الحركة كل منهم له رأيه الخاص، وقد ترى الفرق الهائل بين أفكار وآراء رمزين من رموزهما، وهكذا، وقد ظهر هذا واضحاً عندهم، وعلى سبيل المثال لا الحصر الخلاف في الرأي بين محمد عبد القادر أبو فارس وزملائه المستوزرون في الأردن حول حرمة الاشتراك في الوزارة الكافرة.... ولهذا كان من الطبيعي أن تندفع هذه الكتل فيما عندها من مخزون الجهد والحماس حتى ينفذ ، ثم تخمد حركتها وتنقرض ، وتقوم بعدها حركات أخرى ، من أشخاص آخرين ، يقومـون بنفس الدور ، حتى يفرغوا مخزون حماسهم وجهدهم عند حد معين ، وهكذا دواليك . وكان إخفاق جميع هذه الحركات طبيعيا ، لأنها لم تقم على فكرة صحيحة واضحة محددة ، ولم تعرف طريقة مستقيمة ، ولم تقم على أشخاص واعين ، ولا على رابطة صحيحة . في الحركات الغير محصنة من ظهور الطبقية مثل جماعة الاخوان المسلمين مثلا تجد اطلاق للشعارات والأمنيات المناقض جوهرها لبعضها مع البعض الآخر، علاوة على مخالفة بعضها صراحة لمبدا الاسلام ، وعدم انتهاج طريقة ثابتة واضحة المعالم وتغير الثوابت لا بل والنكول عنها ومخالفتها، وانتهاج التبريرات الواهية لتلك المخالفات، مع اعتماد الأدلة العقلية لا الشرعية في أعمالهم، معتمدين مبدأ المصلحة في ذلك مع مراعاة الطريقة الفردية في الدعوة منسجمة مع نهجهم الترقيعي المسمى " الطريقة الاصلاحية " والمناداة بما يخالف الاسلام من التشريعات من مثل ( الشعب مصدر السلطات ). _______________________ [1] - الفكرة الرئيسية للبحث مستوحاة عن كتاب التكتل الحزبي بتصرف.
  9. أولاً : الأصل أنّ شباب حزب التحرير قد تتلمذوا على نبذ التعالي الموجب للطبقية وجرى التشديد على ذلك من قبل الحزب، ثانياً : طبيعة التكتل الحزبي عند حزب التحرير يختلف عن غيره من التكتلات إذ يجري التكتل به حول أفكار متبناه وليس حول أفراد. وهذا ما انفرد به حزب التحرير عن كافة التكتلات السياسية مما لا يعطي مجال لوجود طبقيات. ثالثاً : تشديد الحزب على طريقة التكتل ووعي شبابه يعطي حصانة كبيرة قد تمنع بروز الطبقية. رابعاً : التحصين المشار له هو تحصين نوعي قد يحدث رغم الحرص تجاوزات ممكن أن تأدي لطبقية بصورة أحرى. خامساً : في تلك الحالات النادرة التي قد يكون فيها تجاوزات لم ينتبه لها مُسبقاً فحال حصولها سيقوم الحزب بوأد الفتنة حال بروزها. سادساً : الطريقة التي تعامل بها الحزب مع تجاوزات سابقة من مثل ( طبقية النكوث ) تعطي الثقة في الحزب وقيادته وتعطي الاطمئنان لسلامة التكتل سابعاً : كون القيادة فردية في حزب التحرير عامل مساعد على عدم امكانية ظهور طبقية خاصة وأن أمراء الحزب وصلوا للقيادة لإهليتهم الحقيقية لقيادة التكتل وأنهم موضع الثقة الكاملة بين شباب الحزب. ثامناً: طريقة الانتقاء للمراكز الإدارية تمت للآن ومنذ تأسيس الحزب على قاعدة سليمة بحيث يصل لتلك المراكز المأهلين فكريا بغض النظر عن طبقاتهم داخل المجتمع. ندعوه تعالى أن يرحم الأمير المؤسس والأمير الثاني وكل من مات على العهد من شيوخ وأفراد الحزب وأن يثيبهم عن أمة الاسلام خير الجزاء، وأن يوفق أمير الحزب الحالي المهندس الشيخ الأصولي عطا أبو الرشته وأن يحقق قيام دولة الخلافة على يديه، وأن يصون التكتل من آفة الطبقية ومن المؤآمرات ومن استهداف الظالمين والكفرة ومحافلهم.
  10. لا مكان بيننا كمسلمين للقول : خربانه ، خاربه ، لا أمل إ ( إن تجاوز الفشل عبر جسر النجاح يصنعه أصحاب الإرادة القوية، وهم من نصفهم بـ "صُنّاع النجاح" فإذا كان الفشل يمثل خطوة للوراء؛ فإن تحويل الفشل إلى نجاح يمثل خطوات للأمام تدفع صاحبها لمزيد من الإنجاز. ولعل ما يستدعي منا النظرة العميقة والتحليل أن غالبية النجاحات العظيمة تنطلق من حالة من الفشل، وعلى سبيل المثال فإن البطالة هي شكل من أشكال الفشل ولكن بالدراسة وإيجاد الحلول المبتكرة تتحول هذه المشكلة لطاقات متفجرة بقصص عديدة من النجاح، وهو ما حدث ويحدث في الصين التي سخّرت طاقاتها لخدمة المشروعات الصغيرة والمتوسطة التي تتيح للشباب فرص العمل، والنجاح يدفع لمزيد من النجاح، وإذا كانت هذه تجارب الآخرين فالسيرة النبوية وسيرة السلف الصالح تحوي العديد من التجارب التي حوّلت الفشل إلى نجاح؛ ففي غزوة حنين عندما قارب المسلمون على الهزيمة بعد أن غرّتهم كثرتهم (لأن الغرور هو أحد بواعث الفشل). ثبت النبي أمام أعداء الله، فنزل النبي، واحتمى به الصحابة، ودعا واستنصر وهو يقول‏:‏ ‏(‏أنا النبي لا كذب‏.‏ أنا ابن عبد المطلب‏.‏ اللهم نزّل نصرك‏)‏‏، فثبت المسلمون وحوّلوا الهزيمة إلى نصر والفشل إلى نجاح، ويذكر القرآن الكريم هذه القصة في سورة التوبة (‏‏لقد نصركم الله في مواطن كثيرة ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئاً وضاقت عليكم الأرض بما رحبت ثم وليتم مدبرين * ثم أنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وأنزل جنوداً لم تروها وعذب الذين كفروا وذلك جزاء الكافرين). وداعًا للفشل دافعية النجاح هي أهم سلاح لمواجهة الفشل، فعلى الأفراد أن ينموا داخلهم دافع النجاح والتفاؤل، ويدعّموه بمزيد من العمل والاجتهاد والتخطيط والمثابرة، وكذلك على الإدارة في مختلف المؤسسات أن تدعم داخل موظفيها أو عمالها دافع النجاح، والإدارة الناجحة تصنع من الفشل نجاحًا بتغيير استراتيجياتها وسياساتها، وبداية التخلص من الفشل هو الاعتراف به كعثرة في طريق النجاح، ومن ثم دراسة أسبابه ومعالجتها وليس الهروب أو الاستسلام للفشل. وعلينا أن نعي جيدًا أن جميعنا قد يفشل في شيء ما، أو في مرحلة من مراحل حياته، ولكن يمكننا أن نتعلم من هذا الفشل ونتعامل معه، وأن نعتبر الفشل حلقة في سلسلة النجاح، وكما تقول الحكمة: "راحت السكرة وجاءت الفكرة"، فعلينا أن نخرج من سكرة الفشل و الإحباط إلى الفكرة التي تصنع النجاح، وإذا استطعت أن تجيب عن السؤال.. لماذا فشلت؟ فستكون الإجابة أكثر يسراً عندما تسأل.. كيف أنجح؟ فمن ذاق مرارة الفشل هو أدرى بالطبع بطعم النجاح، ومن يتعلم من أخطائه فسيقول "وداعًا للفشل". ) *** منقول -*** نعم أخوتي شباب الدعوة: وداعا للفشل المرافق له أن لا أمل، وأبشروا بقرب النصر المبين ،فأملنا في الله كبير بتحقق الوعد والتمكين، وأصعب حالات البشر هي القنوط ، والقنوط هو الفشل الحقيقي فأبشروا يا شباب الدعوة بقرب التمكين والنصر فوعد الله ما زال قائم ما استمسكنا بحبل الله وتركنا اليأس والقنوط وتوجهنا لله بقلب سليم ، فمهما عم البلاء فلنا في الله الرجاء . قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (54) وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (55) وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (56) لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ وَلَبِئْسَ الْمَصِيرُ (57)
  11. للرفع : راجياً تثبيت الموضوع مع الشكر والتفدير
  12. بارك الله بك أخي الحبيب وأشكر لك لفتة كريمة منك بتفاعلك مع الموضوع ولك قبلات أخيك طالب عوض الله وعليه وبالمناسبة فموقف الأمير المؤسس يعلمنا التواضع وعدم التصنع مصداقاً لما سبق وجاء بالموضوع :
  13. وكما مرّ سابقا حيث جاء فيه أرى في عملية الانتقاء تلك اقتراب من الخط الأحمر الذي من الخطر أن نقترب منه، وأنوه أنني في نصيحتي هذه لا أرغب لأن ألزم التكتلات عموماً بوجهة نظري في الموضوع، بل أرى تنبيه الجميع لرؤيتي في الموضوع وبحث إمكانية وجود خطر ما في مثل هذا التصرف من عدمه، خاصة وأن بعض التكتلات ( وخاصة الإصلاحية والأخلاقية والفردية النوعية ) يكون تكتلها أصلاً حول أسماء مشهورة وألقاب لا معة ، مما أوصل بعضها وقد انتهجت هذا النهج المنحرف لعبادة قادتهم من الأصنام البشرية، يبررون أخطائهم وأحياناً ضلالاتهم وانحرافاتهم ، ولا يتناهون عن منكر فعلوه، وعذرهم في ذلك كونهم قادة وكونهم من المشاهير، ناسين أو متناسين أن الوجاهة الحقة هي الوجاهة المبرأة للذمة ، والمقبولة عند رب العالمين يوم الحساب، أعاننا الله تعالى على الحساب ويومه . فيا أصحاب التكتلات جميعا: انتبهوا لخطر الطبقية والمحسوبية في تكنلاتكم وأعملوا على افشال أي ظهور لهما في تكتلاتكم، ولتعلموا أنه لا يوجد تكتل محصن من شرورهما أبدا، فالحذر الحذر. أخيكم : طالب عوض الله
  14. بارك الله فيك على التعقيب والتفاعل ونحن كمسلمين مُطالبون ولا بُدّ بتحري قاعدة " ربط الأسباب بالمسببات " هكذا تكون فاعلية الإسلام في الدولة والمجتمع، قائمة على فهم مصالح الناس والأمة، والتعامل مع الأحداث والقضايا المختلفة من منطلق تحليلها موضوعياً وربط أسبابها بمسبباتها ومن البديهي أن من مستلزمات القيادة الناجحة الوعي والاستنارة والأخذ بالأسباب. والأسباب جمع سبب وهو ما يتوصل به للغير كالحبل وغيره، ومنه قوله تعالى (مَن كَانَ يَظُنُّ أَن لَّن يَنصُرَهُ اللَّهُ فًي الدُّنْيَا وَالآخًرَةً فَلْيَمْدُدْ بًسَبَب إًلَى السَّمَاء) (الحجـ 15)، وربما يطلق السبب على العلة والعكس صحيح، فللخير أسباب وللشر أسباب ولا محيص عن الأخذ بالأسباب، فلكل شيء سبب في تحصيله وإيجاده سواء كان خيرا أو شرا، فصراط الله المستقيم خير وله أسباب في الوصول إليه، والضلال والاحتراق بالنار شر وله أسباب كذلك، فالله تعالى بحكمته التامة ورحمته الواسعة ربط الأسباب من خير وشر بمسبباتها، وأشار إلى هذا في كلامه الذي هو القرآن كما هو ظاهر جل وعلا، فقوله تعالى (فَاجْتَنًبُوا الرًّجْسَ مًنَ الأوْثَانً وَاجْتَنًبُوا قَوْلَ الزُّورً) (الحجـ 30) لأنه سبب لغضب الله وعذابه، وقوله (اعبدوا الله ما لكم من إله غيره) لأنه سبب في بيان مراد الله من خلقه، وقول رسوله صلى الله عليه وسلم «اعملوا فكل ميسر لما خلق له..» ثم تلا قوله تعالى (فَأَمَّا مَن أَعْطَى وَاتَّقَى (5) وَصَدَّقَ بًالحسْنَى (6) فَسَنُيَسًّرُهُ لًلْيُسْرَى (7) وَأَمَّا مَن بَخًلَ وَاسْتَغْنَى (8) وَكَذَّبَ بًالحسْنَى (9) فَسَنُيَسًّرُهُ لًلْعُسْرَى) (سورة الليل).
  15. في حرب حزيران 1967 ظنّ حاكم مصر ( جمال عبد الناصر ) أنّه يؤدي فصلاً من فصول مسرحيات حي باب الشعرية التي ضحك بها على ذقون العامة من الناس خلال عقود من الزمن، فحسب المعركة نزهة يسخن أواراها النابحون الناعقون مثل أحمد سعيد والمغنون من مثل فهد بلان وعبد الحليم حافظ، وتزين ساحاتها براقصات يرقصن على وقع الطبول – وكثير من هن في رعيته – فأعلن إغلاق الممرات المائية والموانئ دون الإعداد الفعلي للمعركة، ودون التأهب للحرب، بالرجال والأعتدة وبما يُرهب العدو حقيقة، فكان ما كان من انهزام قواته وقوات دول أخرى أمام العدو، وظهر العوار والفشل في الساعات الأولى من المعركة، فلم يعط للنتائج التبريرات الحقيقية للهزيمة، وهي دخول معركة بلا إعداد حربي صحيح، وأنّ إعداد المعركة كان بمظاهرة كشف جيوشه وصواريخه - التي لم تستعمل في المعركة – على شاشات التلفاز وأمام وسائل الإعلام وكاميرات الجواسيس، وأن الاستعداد الحقيقي للمعركة لم يكن موجوداً، فبحث عن كبش فداء يبرر به فشله الذريع فكان زميل كفاحه ورفيق دربه المشير عبد الحكيم عامر والممثلة برلنتي عبد الحميد، بزعم أنّهم كانوا عملاء اليهود ولم تعد الجيوش، وعندما هدد عبد الحكيم عامر بكشف المستور فكان لا بد من إنهاء المسرحية بقتله وادعاء انتحاره. وتتكرر المسرحية بلاعبين جدد ومسرح جديد وبواقع مسرحية جديدة، فطاغية العراق( صدام حسين ) وقد حكم أرض السواد بالحديد والنار، وبرجال المخابرات وجهابذة التعذيب، وبالحبس والتشريد وقطع الأعناق وبعدها قطع الأرزاق، فأقام الجدار العازل بينه وبين رعيته، كيف لا وقد نصب نفسه كجلاد للظهور وقاطع للرقاب، ومقطع للأوصال، وصاحب كل الشرور الكيماوية يضرب بها شعبه، فأصبح العدو الحقيقي لأمته، فعلى واستكبر وتاه وضاع وحسب أن حزبه الخاسر حاميه وناصره، وظن أن الجنرالات وأصحاب النياشين العسكرية من أقاربه سيقومون بحمايته، ناهيك عن القصور والمواقع المُحصنة، وما أن وصلت طلائع الجيوش الصليبية أبواب عاصمة الرشيد حتى وضعت الحرب أوزارها، ورمى الجنود أسلحتهم، وكانت بغداد كقطعة حلوى سائغة للآكلين، أسلمها حزبه وأبناء عمومته وجنرالاته للكافرين، فوقف أمام مسجد العباس ليعلم المصلين أنّ الخونة قد باعوه وخذلوه، ولم يعط للهزيمة السبب الصحيح، وهو أنّه لم يكن لشعبه الحاكم العادل الذي يحبهم ويحبونه بل كان جلادهم وظالمهم وبالتالي عدوهم. وفي فلسطين وفي انتخابات مجلس الضرار التشريعي الفلسطيني عام 2006، لعبت عوامل عديدة وتشابكت مخططات وحالات أدت لهزيمة الفاسدين المُفسدين من فتح وفوز جماعة حماس بغالبية مقاعد المجلس وبتولي حكومة عاجزة مقطعة الأوصال لا حول لها ولا قوة، مما تسبب بحالة من الفوضى والعجز والاقتتال، فسّر فلول فتح المهزومين هزيمتهم بفساد ولصوصية بعضهم وأتوا بأسماء ووقائع ككبش فداء، وتناسوا أن الفساد كان من أسباب هزيمتهم، ولكن ليس فساد البعض بل فساد معشش فيهم جميعاً كأفراد وقادة وكحركة، فقادتهم ورموزهم كانوا عنوان الفساد والإفساد ....ومن أهم أسباب فسادهم هي خيانتهم العظمى لله ورسوله وجماعة المسلمين وتفاوضهم مع أعداء الله وتنازلهم عن أرض فلسطين ليهود، نعم عمالتهم لأعداء الله ونذالتهم وخساستهم والاتفاقيات الخيانية كانت في قمة فسادهم. وفي الطرف الآخر من لعبة الانتخابات فقد أصمّ رجال حركة حماس آذانهم عن سماع النصائح والتحذيرات التي نشط المخلصون من أبناء الأمة شباب حزب التحرير من تحذيرهم بخوض معركة ضرار محرمة شرعاً لكونها من مخططات الكفرة ولأنها تجري في ظل احتلال ولأنها من مستلزمات أوسلو وخارطة الطريق، ولأن الديموقراطية العفنة وأنظمتها ليست العنوان الصادق للتغيير والإصلاح، وبعد نجاحهم في الانتخابات فقد أصموا آذانهم عن تقبل النصيحة برفض تولي الحكومة في ظل الاحتلال وتحت سنابك خيوله، فقبلوها حكومة هزيلة لا حول لها ولا قوة تحكم بغير شرع الله وتتحاكم للطاغوت، كان من نتائج ذلك الوقوع في غضب الله بتولي الحكم بقوانين الكفر والعجز عن إدارة شؤون الناس والتذلل للفاسدين لكي يُشاركوهم ويعينوهم ومن ثم أن يتم الاقتتال بين أبناء الأمة الواحدة، فكانوا ضغثاً على أبالة ومصيبة من المصائب التي حلت بالأمة فزادت من آلامها وأضافت لجروحها جروح وجروح، معللين فشلهم الذريع بمؤامرات الفاسدين، ناسين السبب الحقيقي وهو أنّ كل المصائب التي أصابت أهل فلسطين كان سببه بعدهم عن التقيد بأحكام الشرع الحنيف ودخولهم انتخابات مجلس ضرار وتوليهم حكومة تحكمها أنظمة وقوانين كافرة. وتبقى الفئة المخلصة المؤمنة بأنّه يوجد أمل دائماً ، والأمل ليس بعملهم وإن كان عملهم هو الحالة التي يتحقق فيه الأمل، فيعملون لتغيير الأوضاع ولهم في ربهم الرجاء كل الرجاء، فهم من يؤمن أنّ الحل موجود وهو العودة الصادقة لدينهم بالعمل السياسي الموصل لعودة دولة الخلافة الراشدة التي بها سلام العالم وأمنه.
  16. إذا كان الجواب ( لا أمل ) فنكون قد حكمنا على أنفسنا بالموت ونحن أحياء ، فانعدام الأمل يعني توقف الحياة، والأمل يعني استمرار سير دولاب الحياة.......... والبقية تأتي بعون الله
  17. التشخيص الأعور " خربانه " خربانه .... خاربه ..... لا أمل. تعليلات واهية لفشل ذريع في الأمة أفرادا وجماعات. لماذا فشلت في عملك التجاري ؟ الجواب :خربانه لماذا فشلت حياتك الزوجية ؟ الجواب : خاربة لماذا رسبت في الإمتحان ؟ الجواب : خربانه لماذا لا تحاول اصلاح الوضع ؟ الجواب : لا أمل. خربانه .... خاربه ..... لا أمل. تشخيص أعور للداء يتسم بالارتجالية وعدم الجدية. وأمثال تلك التشخيصات التي تمثل الهزيمة المحتوية على الفشل الذريع وتبريراتها الواهية تتكرر كل يوم وفي كل الأقوام المختلفة، تتكرر في الحياة السياسية، وتتكرر في الحياة العملية، وتتكرر داخل البيوت، وأكثر ما تبرز في الانتخابات بأنواعها، وفيها كلها لا بد من تبريرات واهية للفشل، والمشكلة الكبرى في أنّها تبريرات تعتمد على الكذب أو سوء الظن أو الحسابات الخاطئة أو التقدير الخاطئ للمواقف، وربما تبريرات يصدق عليها أنّها تأخذ وصف أنها كتعلق الغريق بين الأمواج في البحر المحيط بقشّة، ونادراً ما تكون التبريرات صادقة. المرأة التي تضع قدر الطعام على الموقد لينضج، وتذهب للتلفاز لتشاهد فيه فيلم درامي وتنسجم معه، ولا تفطن لأنّ طعام أطفالها قد احترق وأصبح فحم أسود، فتبرر ذلك أنّ بالموقد خللاً أدى لاشتعال النار وحرق الطعام، والتاجر لا يخطط كي يشتري وكيف يبيع فيخسر وتفشل تجارته فيبررها بخطأ عاملوه وموظفوه. والخطورة الفادحة فيها المنازلة الغير متسمة بالتقوى، بل استعمال الميكافيلية في النزال، معتمدين على المثل العامي ( الذي تغلب به العب به ) وفي أمثال تلك الحالات يُعتمد على الكذب والتجريح الشخصي والادعاءات الكاذبة بعيدا عن شرف النزال ومراعاة الزمالة والدين. وأشد أنواع التبريرات الواهية تفاهة والتي لا تغني عن الحق شيئا وجود نفر من الناس ينْكِر مُنْكَرَُ الأوضاع السيئة الذي يعيشها باللسان في حين كان باستطاعتة العمل لتغيير ما أنكر من المنكر بغير الدعاء واللسان- بغض النظر عن نوعية هذا المنكر - وحين يجابه بأنّ تغيير المنكر منوط بالاستطاعة وواقع حالك القدرة على انكار أكثر جدية وأبلغ أثرا، وربما فيما يتعلق بالمنكر الخاص القدرة على التغيير، فيهز رأسه آسفا حزينا بحجة أنه لا يريد العمل فيغضب أحد أو يعادي أحد، أو يواجه يجابهه بأن التغيير من عمل الله وليس من عملنا فنسأل الله الفرج وتغير الأحوال. والأصل فيمن فشل في مهمة أن يقوم بإعادة نظر في عمله يفتش فيه عن مواطن الخطأ والصواب، وايجابيات العمل من سلبياته، لتكون نتيجة إعادة النظر موجهاً ومرشداً ودليلاً لإتقان أعمال بعدها من مثل سد فراغات وتصحيح أخطاء واستحضار منسيات، معللا الأمور بوقائعها، مسترشداً بنتائج ذلك ومتعالماً منه. وحديثاً... وبالتحديد في تحليلات احداث الرّبيع العربي والنكوص الذي رافق أحداث مصر من محاكمات صورية لقادة الفساد في العهد البائد والمسرحيات المتمثلة في انتخابات محكومة النتائج سلفاً وتهالك أصحاب اللحى والعمائم على المشاركة في اللعبة الديموقراطية... وعندما يجابه الناس بالحقيقة المُرّة .... خربانه ... لا أمل. خربانه .... لا أمل ولكن هل حاولت تغيير المسار المغلوط ليسير في الاتجاه الصحيح قبل الحكم بالخراب ؟ وماذا في تونس الخضراء وليبيا واليمن السعيد !!!! خربانه .... لا أمل وماذا فعلنا لنوقف المجاذر وانتهاك الحرمات في شامنا ؟ لا أمل .... خربانه !!!! والنتيجة : خربانه .... خاربه ..... لا أمل. تعليلات واهية لفشل ذريع في الأمة أفرادا وجماعات. خربانه .... خاربه ..... لا أمل. تشخيص أعور للداء يتسم بالارتجالية وعدم الجدية. والآن : هل الأمور وصلت لدرجات : خربانه .... خاربه ..... لا أمل.؟
  18. ولا ريب أن عضل النساء ومنعهن من التزوج بالأكفاء ذنب عظيم وإثم كبير، وهو من أخلاق الجاهلية وسيئ فعالها، والأصل في تحريم العضل قول الله تعالى: {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ أَن يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْاْ بَيْنَهُم بِالْمَعْرُوفِ } [البقرة: 232]. وأما العضل في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُواْ النِّسَاء كَرْهًا وَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُواْ بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلاَّ أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ } [النساء: 19] . الآية، فالمراد: العضل من الزوج نحو امرأته. قال الموفق ابن قدامة رحمه الله في كتابه "المغني" ج7 ص:42، "معنى العضل: منع المرأة من التزويج بكفئها إذا طلبت ذلك، ورغب كل واحد منهما في صاحبه" وقال ابن منظور رحمه الله: عضل المرأة عن الزوج: حبسها، وعضل الرجل إيمه يعضُلُها ويعضِلُها عضلاً وعضَّلها: منعها الزوج ظلماً. لسان العرب (11/154 مادة (عضل). قال ابن الجوزي -رحمه الله- في "تفسيره" زاد المسير ج:1، ص:962 قوله تعالى: { فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ } [البقرة: 232] . خطاب للأولياء. قال ابن عباس وابن جبير وابن قتيبة في آخرين: معناه لا تحبسوهن. انتهى. ومن صور العضل الذي نهت عنه الشريعة ما جاء النهي عنه في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُواْ النِّسَاء كَرْهًا وَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُواْ بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلاَّ أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا} [النساء: 19]. ثلاثة أقوال قال الحافظ ابن الجوزي في الذي نهوا عنه ثلاثة أقوال: أحدهما: أن الرجل كان في الجاهلية إذا كانت له قرابة قريبة ألقى عليها ثوبه فلم تتزوج أبداً غيره إلا بإذنه. قال ابن عباس. والثاني: أن اليتيمة كانت تكون عند الرجل فيحبسها حتى تموت أو تتزوج بابنه. قاله مجاهد. والثالث: أن الأولياء كانوا يمنعون النساء من التزويج ليرثوهن. روي عن مجاهد أيضاً في زاد المسير ج:2ص:04-14. وقال الحافظ ابن كثير -رحمه الله- في تفسيره عند هذه الآية: روى البخاري عن ابن عباس في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُواْ النِّسَاء كَرْهًا } [النساء: 19] . قال: كانوا إذا مات الرجل كان أولياؤه أحق بامرأته، إن شاء بعضهم تزوجها، وإن شاؤوا زوجوها، وإن شاؤوا لم يزوجوها، فهم أحق بها من أهلها فنزلت هذه الآية: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُواْ النِّسَاء كَرْهًا } [النساء: 19] . هكذا ذكره البخاري في صحيحه 9754. وأبو داود في سنن أبي داود 9802، والنسائي في "الكبرى" 49011. وابن مردويه وابن أبي حاتم. وقال زيد بن أسلم في الآية: عن أهل يثرب إذا مات الرجل منهم في الجاهلية ورث امرأته من يرث ماله، وكان يعضلها حتى يرثها أو يزوجها من أراد. وروى ابن جرير من طريق ابن جريج قال: أخبرني عطاء: أن أهل الجاهلية كانوا إذا هلك الرجل وترك امرأة حبسها أهله على الصبي يكون فيهم فنزلت: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُواْ النِّسَاء كَرْهًا } [النساء: 19] . شيء من الجاهلية وقال السدي: عن أبي مالك كانت المرأة في الجاهلية إذا مات زوجها جاء وليه فألقى عليها ثوباً فإن كان له ابن صغير أو أخ حبسها حتى يشب أو تموت فيرثها، فإن هي انفلتت فأتت أهلها ولم يلق عليها ثوباً نجت فأنزل الله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُواْ النِّسَاء كَرْهًا } [النساء: 19] . قال ابن كثير: فالآية تعم ما كان يفعله أهل الجاهلية وما ذكره مجاهد ومن وافقه وكل ما كان فيه نوع من ذلك والله أعلم. وقال ابن المبارك وعبد الرزاق أخبرنا معمر قال أخبرني سماك بن الفضل عن ابن السلماني: قال: نزلت هاتان الآيتان إحداهما في أمر الجاهلية والأخرى في أمر الإسلام، قال عبدالله بن المبارك يعني قوله: { لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُواْ النِّسَاء كَرْهًا } [النساء: 19] . في الجاهلية { وَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ } [النساء: 19] . في الإسلام. تفسير ابن كثير (1/664-764). أقول: وهذه الخصلة الجاهلية تتكرر اليوم وللأسف الشديد لدى عدد من الأولياء، فتجده يحرم موليته في الزواج لأغراض شخصية أو لمزاجه النفسي ظلماً وتعسفاً. فمن الأغراض الشخصية: أن يمنعها من الزواج ليتكسَّب من مرتبها إن كانت موظفة، أو بسبب مطالبته بأشياء فوق المهر له شخصياً، أو ليستفيد من خدمتها في البيت، وكل هذا من الظلم والقهر المحرم. وأما المزاج النفسي المتعسف: فبعض الأولياء يرد الخاطب الكفؤ من غير سبب، وإذا سُئل قال: إنه لم يدخل مزاجي، وهذه عجرفة وتعقيد تتحمل المولية أوزارهما بغير حق. قال الموفق ابن قدامة - رحمه الله-: "فإن رغبت في كفء بعينه وأراد تزوجها لغيره من أكفائها وامتنع من تزوجيها من الذي أرادته كان عاضلاً لها، فأما إن طلبت التزويج بغير كفئها فله منعها من ذلك ولا يكون عاضلاً لها بهذا، لأنها زوجت من غير كفئها فله فسخ النكاح؛ فلأن تمتنع منه ابتداءً أولى. "المغني 7/42"
  19. أما العضل ، وهو منع المرأة من التزوج بكفئها إذا رغب كل منهما في ذلك. فهو من المخالفات الشرعية الشائعة في وقتنا الحاضر لقد جاء الإسلام آمرا بتيسير الزواج حاضا على تسهيل سبله، قال الله تعالى: (وَأَنكِحُوا الْأَيَامَى مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِن يكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ)[النور: 32]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: " يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ"(1)، وقال عليه الصلاة والسلام: "النِّكَاحُ مِنْ سُنَّتِي فَمَنْ لَمْ يَعْمَلْ بِسُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي وَتَزَوَّجُوا فَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمْ الْأُمَمَ وَمَنْ كَانَ ذَا طَوْلٍ فَلْيَنْكِحْ وَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَعَلَيْهِ بِالصِّيَامِ فَإِنَّ الصَّوْمَ لَهُ وِجَاءٌ"(2). وفي عضل النساء ما لله به عليم من حقد البنت على أهلها لظلمهم لها وتجاهلهم لمشاعرها، ورغبتها في تكوين عالمها الخاص بها، والعيش في ظلال الزوجية الوارفة، فكم من رجل دعت عليه ابنته بدل أن تدعو له، وكم من بنت تكن لأبيها بغضا وكرها بدل الحب والاحترام، وما ذاك إلا لظلمه لها وعضلها عن الزواج، والوقوف حائلا بينها وبين الحياة في ظل حياة أسرية لها فيها بعل وأبناء نص الله على أنهم زينة الحياة الدنيا. وتأمل المفارقة في هذا الزمان الذي كثرت فيه الفتن، فبينما تجد الناس اليوم يؤخرون الزواج ويعضلون البنات بحجج واهية، كان للسلف في عصور العفة والحياء شأن آخر، فقد حرص السلف الصالح رضوان الله على تزويح بناتهم، حرصاً منهم على الاطمئنان عليهن بإدخالهن عالم الزوجية السعيد، فهذا عمر رضي الله عنه لما مات زوج حفصة رضي الله عنها عرضها على أبى بكر، فلم يرجع إليه أبو بكر كلمة فغضب من ذلك ثم عرضها على عثمان حين ماتت رقية فقال ما أريد أن أتزوج اليوم فانطلق عمر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فشكا إليه عثمان وأخبره بعرض حفصة عليه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم تتزوج حفصة خيرا من عثمان. وقد بشر النبي صلى الله عليه وسلم من زوج بناته بعد أن رباهن على محاسن الأخلاق وأدبهن بآداب الإسلام بالجنة، فأي نعيم يعدل نعيم الجنة، وأي سبب يحول بين الرجل وبين جعل بناته جسرا له إلى الجنة، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ عَالَ ثَلَاثَ بَنَاتٍ فَأَدَّبَهُنَّ وَزَوَّجَهُنَّ وَأَحْسَنَ إِلَيْهِنَّ فَلَهُ الْجَنَّةُ"(3). وهناك عضل من نوع آخر وهو ما يسمى بالتحجير. وهو معتقد وخيم وظلم عظيم حين يعتقد الولي أن ابنته حجر على ابن عمها أو قريبها دون سواه بغض النظر عن دينه أو خلقه، وتزوّج منه بغير رضاها إجباراً. وهذا أعظم جرماً من سابقه وكلا النوعين فيهما مضادة لحكم الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، فالله سبحانه وتعالى يقول: { وَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُواْ بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ } [النساء: 19] . وفي آية أخرى: {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ أَن يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْاْ بَيْنَهُم بِالْمَعْرُوفِ }[البقرة: 232] . ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوِّجوه إن لم تفعلوا تكن فتنة وفساد كبير" ويقول عليه الصلاة والسلام: "لا تنكح الأيم حتى تستأمر ولا البكر حتى تستأذن" أسباب واهية إن الكثير من فتيات مجتمعنا يعانين من هذا الخلق الذميم ويقاسين صنوف العذاب بسبب هذا الحرمان الذي تسبب في عزوف الشباب عنهن فتبقى إحداهن حبيسة بيتها عالة على أهلها ومجتمعها بعد أن حرمها وليُّها حقها في الحياة، فأصبحت فريسة للهموم والأحزان وعرضة لضعاف الإيمان من أشباه الرجال وربما تقع في وحل الرذيلة وتفقد عفتها وكرامتها، بل ربما تفقد حياتها بعد أن دفعت شرفها ثمناً لهذا التعنت والعناد فلاقت مصيرها بيد وليِّها الذي خان العهد والأمانة، ورضي بالعار والفضيحة ولسان حالها يلهج بالدعاء على من ظلمها، وأي ظلم أعظم من هذا الظلم الذي منعها حقها الشرعي في إعفاف نفسها. ولو فتش أحدنا عن أسباب هذا العضل لوجدنا أسباباً واهية إما بسبب نزعة قبلية أو عصبية مقيتة، أو بسبب الطمع والجشع حين يرغب الولي في الاستفادة من مرتبها الشهري فترة طويلة من الزمن. ومن أسباب التحجير على الفتاة: التقليد الأعمى لعادات درست ورثها الآباء عن الأجداد في بعض القبائل ويقولون: "القريب أولى من الغريب" دون اعتبار رأي ضابط شرعي أو مصلحة شرعية. الظلم ظلمات فليتق الله كل ولي في موليته، وليمنحها حقها الذي أباحه الله لها في إشباع غريزتها، فالظلم ظلمات يوم القيامة. وهل يرضى أحد أن تكون ابنته وفلذة كبده خصمه يوم القيامة والله تعالى يقول: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ } [الأنبياء: 47] . ومن صور الظلم للفتاة أن يسارع الولي بتزويجها لأول خاطب دون ترو أو تحر عن دينه وخلقه بعد قناعته بحسبه ونسبه وماله، وهذا ينعكس أثره على تلك المسكينة التي أصبحت ضحية للإفراط أو التفريط، فكم من فتاة تندب حظها وتجني ثمار بؤسها وشقائها حين وقعت في يد من لا يرحمها. وفي النهاية تعود إلى بيت أبيها خاسئة ذليلة وتصاب بالإحباط والشعور بسوء الحظ وتبقى مطلقة أو معلقة مدى الحياة. وفي حالات التأكد من منع الولي ابنته للتزوج عضلا فتعطل ولايته على ابنته ويقوم القاضي بولايتها وبالتالي تزويجها ممن تقدم لزواجها إن تأكد من صلاحه ومن أن ممانعة الأب أو الولي تزويجها لا مبرر لها. قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهاً وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً (19) النساء حول سبب نزول هذا الآية روى البخاري عن ابن عباس: {يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرهاً} قال: كانوا إذا مات الرجل كان أولياؤه أحق بامرأته إن شاء بعضهم تزوجها وإن شاءوا زوجوها، وإن شاءوا لم يزوجوها فهم أحق بها من أهلها، فنزلت هذه الآية: {يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرهاً} وقوله: {ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن} أي لا تضاروهن في العشرة لتترك لك ما أصدقتها أو بعضه أو حقاً من حقوقها عليك، أو شيئاً من ذلك على وجه القهر لها والإضرار، وقال ابن عباس: {ولا تعضلوهن}، يقول: ولا تقهروهن {لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن} يعني الرجل تكون له المرأة وهو كاره لصحبتها ولها عليه مهر فيضرها لتفتدي به، وكذا قال الضحاك وقتادة وغير واحد. واختاره ابن جرير، وقوله: {إلا أن يأتين بفاحشة مبينة} : فسرت الآية بالزنا وهو قول ابن مسعود وابن عباس ، يعني إذا زنت فلك أن تسترجع منها الصداق الذي أعطيتها، وتضاجرها حتى تتركه لك وتخالعها كما قال تعالى: {ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئاً إلا أن يخافاً أن لا يقيما حدود اللّه} الآية، وفسرت أيضاً بالنشوز والعصيان ، واختار ابن جرير أنه يعم ذلك كله الزنا والعصيان، والنشوز وبذاء اللسان، وغير ذلك، يعني أن كله يبيح مضاجرتها حتى تبرئه من حقها أو بعضه ويفارقها . وقوله تعالى: {وعاشروهن بالمعروف} أي : طيبوا أقوالكم لهن وحسنوا أفعالكم وهيئاتكم بحسب قدرتكم، كما تحب ذلك منها فافعل أنت بها مثله، كما قال تعالى: {ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف}، وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : "خيركم خيركم لأهله؛وأنا خيركم لأهلي".وكان من أخلاقه صلى اللّه عليه وسلم أن جميل العشرة، دائم البشر؛ يداعب أهله؛ ويتلطف بهم ويوسعهم نفقته، ويضاحك نساءه حتى أنه كان يسابق عائشة أم المؤمنين رضي اللّه عنها يتودد إليها بذلك، قالت: سابقني رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فسبقته وذلك قبل أن أحمل اللحم، ثم سابقته بعد ما حملت اللحم فسبقين، فقال: "هذه بتلك ويجمع نساءه كل ليلة في بيت التي يبيت عندها رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فيأكل معهن العشاء في بعض الأحيان، ثم تنصرف كل واحدة إلى منزلها، وكان ينام مع المرأة من نسائه في شعار واحد، يضع عن كتفيه الرداء وينام بالإزار، وكان إذا صلى العشاء يدخل منزله يسمر مع أهله قليلاً قبل أن ينام، يؤانسهم بذلك صلى اللّه عليه وسلم، وقد قال اللّه تعالى: {لقد كان لكم في رسول اللّه أسوة حسنة} . وقوله تعالى: {فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل اللّه فيه خيراً كثيراً}، أي فعسى أن يكون صبركم في إمساكهن مع الكراهة، فيه خير كثير لكم في الدنيا والآخرة، كما قال ابن عباس: هو أن يعطف عليها فيرزق منها ولداً، ويكون في ذلك الولد خير كثير، وفي الحديث الصحيح: "لا يفرك مؤمن مؤمنة إن سخط منها خلقاً رضي منها آخر". _______________ (1) رواه البخاري، 11/496، (4677). (2) رواه ابن ماجة، 5/439، (1836). (3) رواه أبو داود، 13/359، (4481).
  20. أن الخطبة مجرد وعد بالزواج الذي قد يتم، وقد لا يتم؛ وبالتالي فإن الفتاة المخطوبة أجنبية بالنسبة لخطيبها، والخاطب في فترة الخطبة مثل الأجنبي سواء بسواء، فالخطبة مجرد وعد بالزواج لا يترتب عليه أية حقوق أو واجبات، وهي فترة تعارف يرى الخاطب خطيبته في منزلها، وبين أهلها، وفي حجابها لا يظهر منها غير الوجه والكفين. والله أعلم
  21. في التكتل وخطر الطبيقية قال تعالى من سورة عبس: ( عَبَسَ وَتَوَلى. أن جاءَهُ الأعمى. وَما يُدْريكَ لَعَلَّهُ يَزّكى. أو يذكر فتنفعه الذكرى. أما من استغنى. فأنت لهُ تصدى. وما عليك ألا يزكى. وأمّا من جاءك يسعى. وَهُوَ يخشى. فأنت عنه تلهى. ) إنَّ القاعدة الأساسية في عمل التكتلات السياسية المستهدفة تغيير المجتمعات الحرص الشديد من قبل قادة وزعماء كافة التكتلات على التركيز على كسب أصحاب النفوذ ومشاهير القوم وأصحاب التأثير في مجتمعاتهم لجسم تكتلاتهم، أو لكسب تأييدهم ونصرتهم لتكتلاتهم وأفكارهم وتطلعاتهم. تلك هي القاعدة في كل التكتلات الذي ظهرت في الحقب التاريخية المتعاقبة على مر الأيام، لم يشذ عن ذلك إلا بعض التكتلات الباطنية التي قامت لأهداف آنية بعيدة عن غايات إحداث التأثير لانقلاب جذري في المجتمع. وسيبقى ذلك طريقاً وسبيلاً لكل تكتلات مستقبلية. وينبه هنا إلى أن ذلك ليس من لوازم طريقة التغيير الحصرية، بل هي رغبات مفضلة لدى أصحاب التكتلات للإسراع في بلوغ الغايات عن طريق أصحاب النفوذ والنصرة، حيث نصرتهم هي أقرب الطرق لذلك، فعن طريقهم في الأعم الأغلب تحدث النصرة، وبدونهم يكون العمل شاقــاً مُضنياً متعثر الخطى، غير مأمون الوصول بالسرعة المتوخاة. لقد ركّز الرسول صلى الله عليه وسلم على كسب سادة القوم في مكة لتأييد دعوته ولحمل مبدأه ونصرة دعوته، فركز على الوليد بن ألمغيره وأمية بن خلف وأبو جهل وأبو لهب وأبو سفيان وغيرهم من سادة القوم. وبعدها ركز على طلب النصرة والمنعة له ولدعوته من رؤساء القبائل من العرب من غير قريش كغطفان وثقيف وبني كندة وسليم وأخيراً يثرب. إلا أنه لم يحصر تركيزه عليهم فقط بل قد دعا عامة الناس من كل طبقات المجتمع وفي كل المواقع لاعتناق الفكر وحمل الدعوة. ومع أنه قد أفلح في اكتساب قلة من سادة المجتمع كعمر وأبي بكر وعثمان ومصعب، إلا أنّ الغالبية ممن أسلم في العهد المكي كان من المستضعفين بما في ذلك العبيد المسترقين. وذلك أمرٌ طبيعي وبديهي، فالحاجة للتغيير تقوى لدى المحرومين المستضعفين والمظلومين المضطهدين، وتقل وتضعف لدى السادة المترفين. وتبين لنا سورة ( عبس ) كم كان تركيز الرسول صلى الله عليه وسلم ولهفته على كسب سادة القوم وأصحاب الفعاليات والنصرة شديداً. لذا جاء لفت النظر والتوجيه من الله تعالى في تلك السورة للتشديد على حتمية عمومية الدعوة والطلب إلى العمل لكسب جميع الناس لجسم الدعوة بغض النظر عن المواقع، وعدم حصر الجهد لكسب طبقة أصحاب الشهرة والنفوذ على حساب إهمال أمر العامة من الناس، فإيجاد القاعدة الشعبية الصالحة للتغيير يكون عن طريق إيجاد الرأي العام المنبثق عن الوعي العام لدى أفراد المجتمع عامة: سادتهم وعامتهم، مترفوهم ومستضعفوهم. ومع أنه مع أن البديهي أن أصحاب النفوذ في المجتمع وسادته وكبراءه هم أسهل وأنجح في العمل لإحداث التغيير لأنَّ فيهم تكون النصرة ولأنهم هُم أهل المنعة والنصرة الحقيقية المانعة والفاعلة، إلا أن استعراض تاريخ حركات التغيير في العالم ترينا أن الثورات وحركات التغيير قد قادها وتزعمها أو في حالات أخرى كان وقودها وعناصر نجاحها ممن عانى من الحرمان والضياع والظلم والاضطهاد من الأمة وعامة الناس. ففي الثورة البلشفية عام 1918 كانت مراهنات البلاشفة على العمال والطبقات الكادحة، حيث استغلوا جوعهم وحرمانهم لتأجيج نار ثورتهم، فأججوا بهم وبأجسادهم نار الاضطرابات وباستغلال دمائهم واضراباتهم أقاموا دولتهم ودكوا حصون وقصور الإمبراطورية الروسية البائدة. وقبلها الثورة الفرنسية كانت قد استغلت جوع الجياع وحرمان المحرومين لتأجيج نار الثورة وبالتالي إحداث التغيير. كما أنَّ كلُّ ثورات التغيير أو التحرر الأفريقية في القرن العشرين التي قامت في الكنغو والنيجر ونيجيريا وروديسيا وزنجبار وجنوبي أفريقيا كان وقودها المأجج أوار نارها عامة الشعب البسطاء. وفي القديم الغابر لم يتمكن " بروتس " من إحداث ثورته وانقلابه على " يوليوس قيصر " وقتله إلا بالاستعانة بعامة الشعب وبسطائه، وهم نفس الفئة الذين استغلهم خصوم بروتس السياسيين في الثورة المضادة التي قادوها ضده وبهم تمكنوا من بروتس وحركته. كما أنّ بعض العملاء المستوزرون من صنائع الكافر المستعمر في العالم الإسلامي قد عمدوا لاستغلال القاعدة الشعبية باستمالة عامة الناس وضمهم في صفوف أحزابهم من أجل الضغط بواسطتهم لتحقيق مكاسب آنية لهم. كما حدث في مصر في سنوات الأربعينيات من القرن الماضي (القرن العشرين )، حيث قام الباشاوات الإقطاعيون أصحاب الطرابيش الحمراء بضم عامة الناس لحزب النحّاس وفؤاد سراج الدين ( حزب الوفد ) مستغلين إياهم كورقة ضغط فاعلة عند الملك والإنجليز لتحقيق مكاسبهم الشخصية عن طريق تحريك الشارع المصري بالمظاهرات وغيرها، في حين قامت زوجاتهم من خلال الهالة من الإعجاب والتأييد التي أحدثها ضم عامة طبقات الشعب لحزب أزواجهنَّ من استغلال ذلك لتمرير لمؤامرة " حركة تحرير المرأة " ولمســاندة دعوات الناعق " قاسم أمين " والقيام بتحدي مشاعر المسلمين ودينهم بقيامهم بتمزيق الحجاب علناً في حشد شعبي آثم في ميدان الأزبكية بالقاهرة الذي استبدل باسم " ميدان التحرير " تخليداً لهذه المناسبة المجرمة من يومها وليومنا هذا ..... كما أن عملاء الإنجليز في الأردن سليمان باشا النابلسي وعبد الحليم النمر قد لجئا في مرحلة معينة في أوائل الســتينات بتوجيه من المخبرات الإنجليزية لتأسيس " الحزب الوطني الدستوري" ذلك الحزب الذي أداره وأدار جريدتيه ( الميثاق والصريح ) من خلف ستار سكرتيرة الباشا اليهودية الإسرائيلية ( سارة عمرام ). وكان من المقاصد الخفية وراء تشكيل هذا الحزب تمكين وزارة الباشا من استغلال الشارع لتمرير مخططات رهيبة لصالح النظام الحاكم ولأسيادهم الكفار المستعرين بعد هالة من الشعبية الزائفة التي أحاطوها بذلك الزعيم المستوزر والتي منحته 59 صوتاً من مجموع أصوات نواب المجلس البالغة ستون صوتاً. وقد كشف نائب حزب التحرير في مجلس النواب الأردني عن منطقة طولكرم سماحة الشيخ أحمد الداعور ذلك المخطط الإجرامي الرهيب في جلسة الثقة لحكومة الباشا العميل حيث جاء في مقدمة كلمته: ( أتقدم إليكم ببياني هذا لأكشف البرقع الشفاف الذي يخفي سحنة الاستعمار في هذه الحكومة...) انتهى ودعوة الإسلام في مكة رفضها وقاومها وحال دون اعتناقها سادة القوم من زعماء وقادة عشائر ومفكرين وأدباء وشعراء وحكماء وتجار وأصحاب النفوذ والتأثير وأصحاب رؤوس الأموال. واعتنقها وقاوم من أجلها وبذل الغالي والرخيص من أجلها أفراد من عامة الناس من المحرومين والمغمورين، ومع أنه كان من مشاهير المسلمين في الدعوة في العهد المكي تجار وقادة وزعماء وأدباء وأصحاب نفوذ وتأثير وأصحاب رؤوس أموال، إلا أن الغالبية العظمى من المسلمين كانت من عامة الناس البُسَطاء ومن المحرومين والعبيد، وبهؤلاء المضطهدين الحفاة العراة الجياع انطلق الرسول صلى الله عليه وسلم ينشر دعوته ويقيم دولته في المدينة المنورة، لينطلق منها بهم لنشر الدعوة بالجهاد داكا الحصون والقلاع وفاتحاً الأمصار والبلاد فتحول العبيد والمحرومين إلى قادة وأسياد وأمراء. وفي تكتل حزب التحرير العامل لاستئناف الحياة الإسلامية والذي قام في أوائل الخمسينيات من القرن المنصرم ركز قائد التكتل وخليتها الأولى على كسب أصحاب الفعاليات والتأثير من أدباء وعلماء وفقهاء ومفكرين وحملة شهادات جامعية وقادة مجتمع، وكسب العديد منهم، بل قد كانت الحلقة الأولى التي حملت الدعوة منهم، ومن تلك الحلقة الأولى انبثقت القيادة الأولى، إلا أنه نسأل الله له الرحمة لم ينس الركيزة الثابتة من غيرهم، فكان من مشاهير حملة الدعوة الأوائل تجار وعمال وصناع وأجراء، وكان منهم الجزار والبقال والفكهاني والاسكافي والفران والترزي والمزارع والطالب. فاختلط الجامعي الأزهري والمهندس والأمي الذي يمهر الوثائق ببصمة إبهامه في تكتل فريد لم يشهد التاريخ له مثيلا يعملون سويةً ويداً بِيَـدٍ لمحاولة تغيير الأوضاع بمحاولة دخول المجتمع وإحداث القاعدة الشعبية والرأي العام المنتج للتغيير بالفكر الذي حملوه وتنبنوه، الفكر الذي جمع وساوى بين حامل الشهادة الجامعية والأمي الذي لا يقرأ ولا يكتب، وبين العالِـمُ والتاجر، وبين المهندس والعامل، وبين الأديب والطالب. لم يُفاضل بينهم لطبقاتهم المتغايرة، بل كانت المفاضلة بينهم على ضوء المتفاعل مع الدعوة أكثر كائناً من كانت طبقته، فتقدَّمَ أحياناً الطالب على الأديب، وتقدم في حالات أخرى الفران الأمي على العالِم...... حتى الحلقة الأولى التي نشرت الدعوة والتي ضمت جمعاً خيّراً من أفاضل العلماء والمثقفين وحملة الشهادات الجامعية، ناء كاهل بعضهم وفترت همته ونكل عن مواصلة الطريق فتخلف وترك المسيرة، في حين استمر غيرهم في العمل بهمة ونشاط، منهم العمال والأميين والتجار والصُّناع استمروا في العمل سوياً مع إخوان لهم من العلماء والفقهاء والأدباء والشعراء والمهندسين والوجهاء ورؤساء العائلات ومدراء الشركات والمؤسسات وأصحاب المصانع وضباط الجيش. والرابط الوحيد بينهم وهم يشكلون جميع ألوان طيف هذا المجتمع أنهم حملة دعوة وأنهم جميعاً وبلا استثناء مفكرون وسياسيون وأنهم النخبة الصالحة من الأمة لأنهم حملوا أرقى فكر منبثق عن المبدأ الوحيد الصالح للتغيير، وبهذا الفكر وبه وحده يعملون للتغيير وسيصلون للغاية إن شاء الله قريباً ويومئذ سيفرح المؤمنون. أما حركة النكث التي استهدفت الحزب ووجوده وعملت جاهدة بتحريك خفي لهدمه وإلحاقه بالماضي، وكانت من أخطر المراحل في تاريخه، فقد قادها وأشعل أوار فتنها نفر من حملة الشهادات الجامعية والألقاب البراقة، جمح بهم الغرور حين ظنوا في أنفسهم القادة والسادة والطبقة التي يجب أن تقود وتأمر فتطاع، فانبرى لهم المخلصون من أفراد التكتل من كل الطبقات المشخصون بقوة فكرهم وسلامة عقيدتهم وتقواهم فوأدوا الفتنة في مهدها: فتنة أصحاب القمصان البيضاء والياقات المنشاة وربطات العنق، ليثبتوا أنّ الفكر هو الرابط الذي لا تنقصم عراه في التكتل مقروناً بالتقوى وإخلاص النية لله تعالى. وفي الندوات والنقاشات ودروس المساجد والمحاضرات رأينا الغلبة والفوز للأمي السياسي حامل الفكر المستنير على العالِم حامل أرقى الشهادات الجامعية. فقد كان حملنا للدعوة ودخولنا للمجتمع بفكرنا الذي حملناه، كائناً من كان حامله، وربما كان حملة الدعوة من بٌسَطاء الناس أنشط وأقوى أثراً وتأثيراً في ذلك من المثقفين حملة الشهادات الجامعية، سواء منها الأكاديمية أو الشرعية أو الأدبية. فلم نحمل الدعوة أبداً ولم نصل لإحداث العملية الصهرية بالمثقفين أصحاب القمصان البيضاء والياقات المنشاة وربطات العنق، لا بل قد حملنا الدعوة بهم وبإخوانهم ممن يمهرون الوثائق ببصمة إبهامهم الأيسر من العمال والصناع من بُسَطاء الناس وعامتهم. ويجب التنبيه هنا أننا لم ولن ننشر الدعوة بين الناس ونكسبهم لها بطبقة أصحاب ربطات العنق حملـة الألقاب والشهادات الجامعية، وإن كان من الطبيعي والبديهي والضروري أن يكون في صفوفنا الكم الهائل من هؤلاء الناس بصفتهم من شرائح المجتمع، ولأنهم من أصحاب التأثير في أوساطهم وفي غير أوساطهم إن أحسنوا حمل الفكر وتفاعلوا معه وأخلصوا النية لله تعالى... كما أن التركيز عليهم دون غيرهم من طبقات المجتمع يفرغ العمل من محتواه ويغير مسار العمل حيث يركز على الطبقيــة الجوفـــاء والشعور بالرقي المظهري، وهذا الشعور هو - إن حصل لا سمح الله - أول طريق انهيار التكتل، لأنه يضعف حرص التكتل على كسب ثقة البسطاء من الأمة، ومتى تحول التكتل إلى تكتل عنوانـه وواجهته أصحاب الياقات المنشاة وربطات العنق متجاهلاً الذخيرة الهامة وهي بسطاء الناس المأهلون للتفاعل مع الفكر ونشر المبدأ فقد عمل على صرف الأمة عنه مما يُنتج انهياره، وبعدها يحتاج إلى جهود مضنية لمعاودة كسب ثقة الأمة وإقناعها للعمل معه. وذلك بالتأكيد هو من مقاصد التحذير الوارد في كتاب التكتل الحزبي حيث يقول: (وأمّا الخطر الطبقي فإنّه يتسرب إلى رجال الحزب، لا إلى الأمة. وذلك أنه حين يكون الحزب يمثل الأمة أو أكثريتها، تكون له مكانة مرموقة، ومنزلة موقرة، وإكبار تام من قبل الأمة والخاصة من الناس. وهذه قد تبعث في النفس غروراً، فيرى رجال الحزب أنهم أعلى من الأمة، وأن مهمتهم القيادة، ومهمة الأمة أن تكون مقودة. وحينئذ يترفعون على أفراد الأمة، أو على بعضهم، دون أن يحسبوا لذلك حساباً. وإذا تكرر ذلك صارت الأمة تشعر بأن الحزب طبقة أخرى غيرها، وصار الحزب كذلك يشعر بالطبقية. وهذا الشعور هو أول طريق انهيار الحزب، لأنه يضعف حرص الحزب على ثقة البسطاء من الجمهور، ويضعف ثقة الجمهور بالحزب، وحينئذ تبدأ الأمة تنصرف عن الحزب......) [1] انتهى وأضيف على ما تقدم أن أخطر من ذلك هو أن يفقد الحزب ثقـة أفراده العاديين حين يرون أن حزبهم قد تحوَّل عنهم من حزب قوامه وذخيرته الفكر وحملتة إلى حزب الأطباء والمهندسين أصحاب ربطات العنق بدل أن يكون حزب الفكر ومن حمله كائناً من كان. أننا في هذه المرحلة بالذات وقد تمكن التكتل من كسب مكانة مرموقة، ومنزلة موقرة، وإكبار تام من قبل الأمة والخاصة من الناس، حيث يتوافد الناس على حضور مؤتمراتنا ومحاضراتنا بالآلاف المؤلفة، ويتلهفون على سماع آرائنا السياسية فيما يستجد من أحداث تهمهم، وينظر الناس بإعجاب شديد لحسن ترتيبنا وأدائنا في ذلك، وينظر الناس إلى تحركنا المنظم في المناسبات العامة وبأعداد هائلة نسبياً من شبابنا أكثر مما ظنوا، وحين يرى الناس أننا لسنا شرذمة صغيرة لا وَزنَ لها ولا يُحسب لها حساب كما يروج الخصوم ووسائل إعلامهم. في هذه المرحلة بالذات نحن أحوج للتواضع وعدم الغرور. فمهما كثر عددنا ومهما وصل ثقلنا في المجتمع، فإن هذا الصرح الشامخ ممكن أن ينهار إذا وصل إلى صفوفنا فيروس الغرور ومرض الطبقيـــة، والشعور بأننا حزب أصحاب القمصان البيضاء والياقات المنشاة وربطات العنق حملة الألقاب البراقة والشهادات الجامعية. لا بل نحن حملة الإسلام فكرة وطريقة، نحرص أن يكون فينا العالِم والفقيه والمجتهد والمهندس ورجل الأعمال والأديب والحكيم والشاعر والمعلم والطبيب، ونحرص بنفس القدر على أن يكون فينا أيضاً وقبل ذلك القصاب والترزي والمزارع والفران والاسكافي والفكهاني والبقال وسائق الجرار وطالب العلم والتاجر وكل طبقات المجتمع، وبهم جميعاً في تكتل عنان فريد سنقيم دولة الخلافة الراشدة التي ستدك حصون الظالمين وتفتح البلاد أمام الدعوة إن شاء الله. وبناء عليه فلا ضير أبداً أن يصل إلى المراكز القيادية والإدارية أقوى الأفراد لتحمل ذلك باعتبار التمكن الفكري والإداري فقط بغض النظر عن طبقاتهم، وأن يصل إليها أقوام من بُسطاء الناس وعامتهم، وأن تكون الأولوية في توكيل المهمات والأعمال الحزبية لجميع الأفراد من كل الطبقات من هذا المنطلق، فيفاضل في انتقاء الأفراد لهذه الأعمال بالصلاحية الفكرية والإدارية ليس إلا، وتعتبر عملية انتقاء الأفراد لتلك الأعمال والمهمات على أساس طبقـي كنوع من الغــرور القاتل والانتحار الموصل للطبقية الجوفاء الموصلة بالتأكيد للتصدع وبالتالي للانهيار والفشل. وحتى نكون على بينة من الأمر وعواقبه المحتملة فإن من الخطورة المستقبلية للنظرة الطبقية تلك أنه إن وصل التكتل لقيادة الأمة برغم ما تقدم وبذلك الشعور من الطبقية الجوفاء في قياداته فسيكون وبالاً على الأمة التي سيقودها، إذ سيبرز الظلم وتتحول الدولة إلى دولة طبقات ومحاسيب وأتباع، مما يظهر الفساد بانعدام المساواة والعدل، ويتسبب ذلك ببروز الهوة السحيقة بين الحاكم والمحكوم، ويشعر الناس أن حكامهم ليسوا منهم مما يُضعف القاعدة الشعبية لهؤلاء الحكام عند الأمة، وهذا يعني الانحراف عن المبدأ والتخلي عن الفكر والمتبنيات، والتحول إلى المُلك العضوض. على أن ذلك لا يعني أن يُهمل التركيز على حملة الشهادات والألقاب وعليَّـة القوم وأصحاب النفوذ والتأثير، والعكس هو الصحيح فكما ورد في بداية البحث يجب التركيز عليهم بصفتهم أفراد يعيشون في هذا المجتمع، كغيرهم من بقية طبقات الناس وبنفس القدر، ومحاولة كسبهم ما استطعنا لذلك سبيلنا استئناساً بهدي المصطفى S وتقيداً بطريقته وخط سيره، كما أنَّ بهـم ومعهم إن صلحوا وتفاعلوا مع الدعوة وأفكارها نختصر الطريق ونصل للغايات بأقصر الطرق وأسلمها إن شاء الله. [1] - التكتل الحزبي . صفحة 53.
×
×
  • اضف...