اذهب الي المحتوي
منتدى العقاب

طالب عوض الله

الأعضاء
  • Posts

    71
  • تاريخ الانضمام

  • تاريخ اخر زياره

  • Days Won

    4

سجل تطورات نقاط السمعه

  1. Like
    طالب عوض الله تلقي نقاط سمعه منصف الرياحي في الخطر الطبقي   
    في التكتل وخطر الطبيقية


     
    قال تعالى من سورة عبس:
     
    ( عَبَسَ وَتَوَلى. أن جاءَهُ الأعمى. وَما يُدْريكَ لَعَلَّهُ يَزّكى. أو يذكر فتنفعه الذكرى. أما من استغنى. فأنت لهُ تصدى. وما عليك ألا يزكى. وأمّا من جاءك يسعى. وَهُوَ يخشى. فأنت عنه تلهى. )
     
    إنَّ القاعدة الأساسية في عمل التكتلات السياسية المستهدفة تغيير المجتمعات الحرص الشديد من قبل قادة وزعماء كافة التكتلات على التركيز على كسب أصحاب النفوذ ومشاهير القوم وأصحاب التأثير في مجتمعاتهم لجسم تكتلاتهم، أو لكسب تأييدهم ونصرتهم لتكتلاتهم وأفكارهم وتطلعاتهم. تلك هي القاعدة في كل التكتلات الذي ظهرت في الحقب التاريخية المتعاقبة على مر الأيام، لم يشذ عن ذلك إلا بعض التكتلات الباطنية التي قامت لأهداف آنية بعيدة عن غايات إحداث التأثير لانقلاب جذري في المجتمع. وسيبقى ذلك طريقاً وسبيلاً لكل تكتلات مستقبلية. وينبه هنا إلى أن ذلك ليس من لوازم طريقة التغيير الحصرية، بل هي رغبات مفضلة لدى أصحاب التكتلات للإسراع في بلوغ الغايات عن طريق أصحاب النفوذ والنصرة، حيث نصرتهم هي أقرب الطرق لذلك، فعن طريقهم في الأعم الأغلب تحدث النصرة، وبدونهم يكون العمل شاقــاً مُضنياً متعثر الخطى، غير مأمون الوصول بالسرعة المتوخاة.
     
    لقد ركّز الرسول صلى الله عليه وسلم على كسب سادة القوم في مكة لتأييد دعوته ولحمل مبدأه ونصرة دعوته، فركز على الوليد بن ألمغيره وأمية بن خلف وأبو جهل وأبو لهب وأبو سفيان وغيرهم من سادة القوم. وبعدها ركز على طلب النصرة والمنعة له ولدعوته من رؤساء القبائل من العرب من غير قريش كغطفان وثقيف وبني كندة وسليم وأخيراً يثرب. إلا أنه لم يحصر تركيزه عليهم فقط بل قد دعا عامة الناس من كل طبقات المجتمع وفي كل المواقع لاعتناق الفكر وحمل الدعوة. ومع أنه قد أفلح في اكتساب قلة من سادة المجتمع كعمر وأبي بكر وعثمان ومصعب، إلا أنّ الغالبية ممن أسلم في العهد المكي كان من المستضعفين بما في ذلك العبيد المسترقين. وذلك أمرٌ طبيعي وبديهي، فالحاجة للتغيير تقوى لدى المحرومين المستضعفين والمظلومين المضطهدين، وتقل وتضعف لدى السادة المترفين.
     
    وتبين لنا سورة ( عبس ) كم كان تركيز الرسول صلى الله عليه وسلم ولهفته على كسب سادة القوم وأصحاب الفعاليات والنصرة شديداً. لذا جاء لفت النظر والتوجيه من الله تعالى في تلك السورة للتشديد على حتمية عمومية الدعوة والطلب إلى العمل لكسب جميع الناس لجسم الدعوة بغض النظر عن المواقع، وعدم حصر الجهد لكسب طبقة أصحاب الشهرة والنفوذ على حساب إهمال أمر العامة من الناس، فإيجاد القاعدة الشعبية الصالحة للتغيير يكون عن طريق إيجاد الرأي العام المنبثق عن الوعي العام لدى أفراد المجتمع عامة: سادتهم وعامتهم، مترفوهم ومستضعفوهم.
     
    ومع أنه مع أن البديهي أن أصحاب النفوذ في المجتمع وسادته وكبراءه هم أسهل وأنجح في العمل لإحداث التغيير لأنَّ فيهم تكون النصرة ولأنهم هُم أهل المنعة والنصرة الحقيقية المانعة والفاعلة، إلا أن استعراض تاريخ حركات التغيير في العالم ترينا أن الثورات وحركات التغيير قد قادها وتزعمها أو في حالات أخرى كان وقودها وعناصر نجاحها ممن عانى من الحرمان والضياع والظلم والاضطهاد من الأمة وعامة الناس. ففي الثورة البلشفية عام 1918 كانت مراهنات البلاشفة على العمال والطبقات الكادحة، حيث استغلوا جوعهم وحرمانهم لتأجيج نار ثورتهم، فأججوا بهم وبأجسادهم نار الاضطرابات وباستغلال دمائهم واضراباتهم أقاموا دولتهم ودكوا حصون وقصور الإمبراطورية الروسية البائدة. وقبلها الثورة الفرنسية كانت قد استغلت جوع الجياع وحرمان المحرومين لتأجيج نار الثورة وبالتالي إحداث التغيير. كما أنَّ كلُّ ثورات التغيير أو التحرر الأفريقية في القرن العشرين التي قامت في الكنغو والنيجر ونيجيريا وروديسيا وزنجبار وجنوبي أفريقيا كان وقودها المأجج أوار نارها عامة الشعب البسطاء. وفي القديم الغابر لم يتمكن " بروتس " من إحداث ثورته وانقلابه على " يوليوس قيصر " وقتله إلا بالاستعانة بعامة الشعب وبسطائه، وهم نفس الفئة الذين استغلهم خصوم بروتس السياسيين في الثورة المضادة التي قادوها ضده وبهم تمكنوا من بروتس وحركته.
     
    كما أنّ بعض العملاء المستوزرون من صنائع الكافر المستعمر في العالم الإسلامي قد عمدوا لاستغلال القاعدة الشعبية باستمالة عامة الناس وضمهم في صفوف أحزابهم من أجل الضغط بواسطتهم لتحقيق مكاسب آنية لهم. كما حدث في مصر في سنوات الأربعينيات من القرن الماضي (القرن العشرين )، حيث قام الباشاوات الإقطاعيون أصحاب الطرابيش الحمراء بضم عامة الناس لحزب النحّاس وفؤاد سراج الدين ( حزب الوفد ) مستغلين إياهم كورقة ضغط فاعلة عند الملك والإنجليز لتحقيق مكاسبهم الشخصية عن طريق تحريك الشارع المصري بالمظاهرات وغيرها، في حين قامت زوجاتهم من خلال الهالة من الإعجاب والتأييد التي أحدثها ضم عامة طبقات الشعب لحزب أزواجهنَّ من استغلال ذلك لتمرير لمؤامرة " حركة تحرير المرأة " ولمســاندة دعوات الناعق " قاسم أمين " والقيام بتحدي مشاعر المسلمين ودينهم بقيامهم بتمزيق الحجاب علناً في حشد شعبي آثم في ميدان الأزبكية بالقاهرة الذي استبدل باسم " ميدان التحرير " تخليداً لهذه المناسبة المجرمة من يومها وليومنا هذا ..... كما أن عملاء الإنجليز في الأردن سليمان باشا النابلسي وعبد الحليم النمر قد لجئا في مرحلة معينة في أوائل الســتينات بتوجيه من المخبرات الإنجليزية لتأسيس " الحزب الوطني الدستوري" ذلك الحزب الذي أداره وأدار جريدتيه ( الميثاق والصريح ) من خلف ستار سكرتيرة الباشا اليهودية الإسرائيلية ( سارة عمرام ). وكان من المقاصد الخفية وراء تشكيل هذا الحزب تمكين وزارة الباشا من استغلال الشارع لتمرير مخططات رهيبة لصالح النظام الحاكم ولأسيادهم الكفار المستعرين بعد هالة من الشعبية الزائفة التي أحاطوها بذلك الزعيم المستوزر والتي منحته 59 صوتاً من مجموع أصوات نواب المجلس البالغة ستون صوتاً. وقد كشف نائب حزب التحرير في مجلس النواب الأردني عن منطقة طولكرم سماحة الشيخ أحمد الداعور ذلك المخطط الإجرامي الرهيب في جلسة الثقة لحكومة الباشا العميل حيث جاء في مقدمة كلمته: ( أتقدم إليكم ببياني هذا لأكشف البرقع الشفاف الذي يخفي سحنة الاستعمار في هذه الحكومة...) انتهى
     
    ودعوة الإسلام في مكة رفضها وقاومها وحال دون اعتناقها سادة القوم من زعماء وقادة عشائر ومفكرين وأدباء وشعراء وحكماء وتجار وأصحاب النفوذ والتأثير وأصحاب رؤوس الأموال. واعتنقها وقاوم من أجلها وبذل الغالي والرخيص من أجلها أفراد من عامة الناس من المحرومين والمغمورين، ومع أنه كان من مشاهير المسلمين في الدعوة في العهد المكي تجار وقادة وزعماء وأدباء وأصحاب نفوذ وتأثير وأصحاب رؤوس أموال، إلا أن الغالبية العظمى من المسلمين كانت من عامة الناس البُسَطاء ومن المحرومين والعبيد، وبهؤلاء المضطهدين الحفاة العراة الجياع انطلق الرسول صلى الله عليه وسلم ينشر دعوته ويقيم دولته في المدينة المنورة، لينطلق منها بهم لنشر الدعوة بالجهاد داكا الحصون والقلاع وفاتحاً الأمصار والبلاد فتحول العبيد والمحرومين إلى قادة وأسياد وأمراء.
     
    وفي تكتل حزب التحرير العامل لاستئناف الحياة الإسلامية والذي قام في أوائل الخمسينيات من القرن المنصرم ركز قائد التكتل وخليتها الأولى على كسب أصحاب الفعاليات والتأثير من أدباء وعلماء وفقهاء ومفكرين وحملة شهادات جامعية وقادة مجتمع، وكسب العديد منهم، بل قد كانت الحلقة الأولى التي حملت الدعوة منهم، ومن تلك الحلقة الأولى انبثقت القيادة الأولى، إلا أنه نسأل الله له الرحمة لم ينس الركيزة الثابتة من غيرهم، فكان من مشاهير حملة الدعوة الأوائل تجار وعمال وصناع وأجراء، وكان منهم الجزار والبقال والفكهاني والاسكافي والفران والترزي والمزارع والطالب. فاختلط الجامعي الأزهري والمهندس والأمي الذي يمهر الوثائق ببصمة إبهامه في تكتل فريد لم يشهد التاريخ له مثيلا يعملون سويةً ويداً بِيَـدٍ لمحاولة تغيير الأوضاع بمحاولة دخول المجتمع وإحداث القاعدة الشعبية والرأي العام المنتج للتغيير بالفكر الذي حملوه وتنبنوه، الفكر الذي جمع وساوى بين حامل الشهادة الجامعية والأمي الذي لا يقرأ ولا يكتب، وبين العالِـمُ والتاجر، وبين المهندس والعامل، وبين الأديب والطالب. لم يُفاضل بينهم لطبقاتهم المتغايرة، بل كانت المفاضلة بينهم على ضوء المتفاعل مع الدعوة أكثر كائناً من كانت طبقته، فتقدَّمَ أحياناً الطالب على الأديب، وتقدم في حالات أخرى الفران الأمي على العالِم......
     
    حتى الحلقة الأولى التي نشرت الدعوة والتي ضمت جمعاً خيّراً من أفاضل العلماء والمثقفين وحملة الشهادات الجامعية، ناء كاهل بعضهم وفترت همته ونكل عن مواصلة الطريق فتخلف وترك المسيرة، في حين استمر غيرهم في العمل بهمة ونشاط، منهم العمال والأميين والتجار والصُّناع استمروا في العمل سوياً مع إخوان لهم من العلماء والفقهاء والأدباء والشعراء والمهندسين والوجهاء ورؤساء العائلات ومدراء الشركات والمؤسسات وأصحاب المصانع وضباط الجيش. والرابط الوحيد بينهم وهم يشكلون جميع ألوان طيف هذا المجتمع أنهم حملة دعوة وأنهم جميعاً وبلا استثناء مفكرون وسياسيون وأنهم النخبة الصالحة من الأمة لأنهم حملوا أرقى فكر منبثق عن المبدأ الوحيد الصالح للتغيير، وبهذا الفكر وبه وحده يعملون للتغيير وسيصلون للغاية إن شاء الله قريباً ويومئذ سيفرح المؤمنون.
     
    أما حركة النكث التي استهدفت الحزب ووجوده وعملت جاهدة بتحريك خفي لهدمه وإلحاقه بالماضي، وكانت من أخطر المراحل في تاريخه، فقد قادها وأشعل أوار فتنها نفر من حملة الشهادات الجامعية والألقاب البراقة، جمح بهم الغرور حين ظنوا في أنفسهم القادة والسادة والطبقة التي يجب أن تقود وتأمر فتطاع، فانبرى لهم المخلصون من أفراد التكتل من كل الطبقات المشخصون بقوة فكرهم وسلامة عقيدتهم وتقواهم فوأدوا الفتنة في مهدها: فتنة أصحاب القمصان البيضاء والياقات المنشاة وربطات العنق، ليثبتوا أنّ الفكر هو الرابط الذي لا تنقصم عراه في التكتل مقروناً بالتقوى وإخلاص النية لله تعالى.
     
    وفي الندوات والنقاشات ودروس المساجد والمحاضرات رأينا الغلبة والفوز للأمي السياسي حامل الفكر المستنير على العالِم حامل أرقى الشهادات الجامعية. فقد كان حملنا للدعوة ودخولنا للمجتمع بفكرنا الذي حملناه، كائناً من كان حامله، وربما كان حملة الدعوة من بٌسَطاء الناس أنشط وأقوى أثراً وتأثيراً في ذلك من المثقفين حملة الشهادات الجامعية، سواء منها الأكاديمية أو الشرعية أو الأدبية. فلم نحمل الدعوة أبداً ولم نصل لإحداث العملية الصهرية بالمثقفين أصحاب القمصان البيضاء والياقات المنشاة وربطات العنق، لا بل قد حملنا الدعوة بهم وبإخوانهم ممن يمهرون الوثائق ببصمة إبهامهم الأيسر من العمال والصناع من بُسَطاء الناس وعامتهم.
     
    ويجب التنبيه هنا أننا لم ولن ننشر الدعوة بين الناس ونكسبهم لها بطبقة أصحاب ربطات العنق حملـة الألقاب والشهادات الجامعية، وإن كان من الطبيعي والبديهي والضروري أن يكون في صفوفنا الكم الهائل من هؤلاء الناس بصفتهم من شرائح المجتمع، ولأنهم من أصحاب التأثير في أوساطهم وفي غير أوساطهم إن أحسنوا حمل الفكر وتفاعلوا معه وأخلصوا النية لله تعالى... كما أن التركيز عليهم دون غيرهم من طبقات المجتمع يفرغ العمل من محتواه ويغير مسار العمل حيث يركز على الطبقيــة الجوفـــاء والشعور بالرقي المظهري، وهذا الشعور هو - إن حصل لا سمح الله - أول طريق انهيار التكتل، لأنه يضعف حرص التكتل على كسب ثقة البسطاء من الأمة، ومتى تحول التكتل إلى تكتل عنوانـه وواجهته أصحاب الياقات المنشاة وربطات العنق متجاهلاً الذخيرة الهامة وهي بسطاء الناس المأهلون للتفاعل مع الفكر ونشر المبدأ فقد عمل على صرف الأمة عنه مما يُنتج انهياره، وبعدها يحتاج إلى جهود مضنية لمعاودة كسب ثقة الأمة وإقناعها للعمل معه.
     
    وذلك بالتأكيد هو من مقاصد التحذير الوارد في كتاب التكتل الحزبي حيث يقول: (وأمّا الخطر الطبقي فإنّه يتسرب إلى رجال الحزب، لا إلى الأمة. وذلك أنه حين يكون الحزب يمثل الأمة أو أكثريتها، تكون له مكانة مرموقة، ومنزلة موقرة، وإكبار تام من قبل الأمة والخاصة من الناس. وهذه قد تبعث في النفس غروراً، فيرى رجال الحزب أنهم أعلى من الأمة، وأن مهمتهم القيادة، ومهمة الأمة أن تكون مقودة. وحينئذ يترفعون على أفراد الأمة، أو على بعضهم، دون أن يحسبوا لذلك حساباً. وإذا تكرر ذلك صارت الأمة تشعر بأن الحزب طبقة أخرى غيرها، وصار الحزب كذلك يشعر بالطبقية. وهذا الشعور هو أول طريق انهيار الحزب، لأنه يضعف حرص الحزب على ثقة البسطاء من الجمهور، ويضعف ثقة الجمهور بالحزب، وحينئذ تبدأ الأمة تنصرف عن الحزب......) [1] انتهى
     

     
    وأضيف على ما تقدم أن أخطر من ذلك هو أن يفقد الحزب ثقـة أفراده العاديين حين يرون أن حزبهم قد تحوَّل عنهم من حزب قوامه وذخيرته الفكر وحملتة إلى حزب الأطباء والمهندسين أصحاب ربطات العنق بدل أن يكون حزب الفكر ومن حمله كائناً من كان.
     
    أننا في هذه المرحلة بالذات وقد تمكن التكتل من كسب مكانة مرموقة، ومنزلة موقرة، وإكبار تام من قبل الأمة والخاصة من الناس، حيث يتوافد الناس على حضور مؤتمراتنا ومحاضراتنا بالآلاف المؤلفة، ويتلهفون على سماع آرائنا السياسية فيما يستجد من أحداث تهمهم، وينظر الناس بإعجاب شديد لحسن ترتيبنا وأدائنا في ذلك، وينظر الناس إلى تحركنا المنظم في المناسبات العامة وبأعداد هائلة نسبياً من شبابنا أكثر مما ظنوا، وحين يرى الناس أننا لسنا شرذمة صغيرة لا وَزنَ لها ولا يُحسب لها حساب كما يروج الخصوم ووسائل إعلامهم. في هذه المرحلة بالذات نحن أحوج للتواضع وعدم الغرور. فمهما كثر عددنا ومهما وصل ثقلنا في المجتمع، فإن هذا الصرح الشامخ ممكن أن ينهار إذا وصل إلى صفوفنا فيروس الغرور ومرض الطبقيـــة، والشعور بأننا حزب أصحاب القمصان البيضاء والياقات المنشاة وربطات العنق حملة الألقاب البراقة والشهادات الجامعية. لا بل نحن حملة الإسلام فكرة وطريقة، نحرص أن يكون فينا العالِم والفقيه والمجتهد والمهندس ورجل الأعمال والأديب والحكيم والشاعر والمعلم والطبيب، ونحرص بنفس القدر على أن يكون فينا أيضاً وقبل ذلك القصاب والترزي والمزارع والفران والاسكافي والفكهاني والبقال وسائق الجرار وطالب العلم والتاجر وكل طبقات المجتمع، وبهم جميعاً في تكتل عنان فريد سنقيم دولة الخلافة الراشدة التي ستدك حصون الظالمين وتفتح البلاد أمام الدعوة إن شاء الله.
     
    وبناء عليه فلا ضير أبداً أن يصل إلى المراكز القيادية والإدارية أقوى الأفراد لتحمل ذلك باعتبار التمكن الفكري والإداري فقط بغض النظر عن طبقاتهم، وأن يصل إليها أقوام من بُسطاء الناس وعامتهم، وأن تكون الأولوية في توكيل المهمات والأعمال الحزبية لجميع الأفراد من كل الطبقات من هذا المنطلق، فيفاضل في انتقاء الأفراد لهذه الأعمال بالصلاحية الفكرية والإدارية ليس إلا، وتعتبر عملية انتقاء الأفراد لتلك الأعمال والمهمات على أساس طبقـي كنوع من الغــرور القاتل والانتحار الموصل للطبقية الجوفاء الموصلة بالتأكيد للتصدع وبالتالي للانهيار والفشل.
     
    وحتى نكون على بينة من الأمر وعواقبه المحتملة فإن من الخطورة المستقبلية للنظرة الطبقية تلك أنه إن وصل التكتل لقيادة الأمة برغم ما تقدم وبذلك الشعور من الطبقية الجوفاء في قياداته فسيكون وبالاً على الأمة التي سيقودها، إذ سيبرز الظلم وتتحول الدولة إلى دولة طبقات ومحاسيب وأتباع، مما يظهر الفساد بانعدام المساواة والعدل، ويتسبب ذلك ببروز الهوة السحيقة بين الحاكم والمحكوم، ويشعر الناس أن حكامهم ليسوا منهم مما يُضعف القاعدة الشعبية لهؤلاء الحكام عند الأمة، وهذا يعني الانحراف عن المبدأ والتخلي عن الفكر والمتبنيات، والتحول إلى المُلك العضوض.
     
    على أن ذلك لا يعني أن يُهمل التركيز على حملة الشهادات والألقاب وعليَّـة القوم وأصحاب النفوذ والتأثير، والعكس هو الصحيح فكما ورد في بداية البحث يجب التركيز عليهم بصفتهم أفراد يعيشون في هذا المجتمع، كغيرهم من بقية طبقات الناس وبنفس القدر، ومحاولة كسبهم ما استطعنا لذلك سبيلنا استئناساً بهدي المصطفى S وتقيداً بطريقته وخط سيره، كما أنَّ بهـم ومعهم إن صلحوا وتفاعلوا مع الدعوة وأفكارها نختصر الطريق ونصل للغايات بأقصر الطرق وأسلمها إن شاء الله.
     
     
     
     
    [1] - التكتل الحزبي . صفحة 53.
  2. Like
    طالب عوض الله تلقي نقاط سمعه واعي واعي في الخطر الطبقي   
    في التكتل وخطر الطبيقية


     
    قال تعالى من سورة عبس:
     
    ( عَبَسَ وَتَوَلى. أن جاءَهُ الأعمى. وَما يُدْريكَ لَعَلَّهُ يَزّكى. أو يذكر فتنفعه الذكرى. أما من استغنى. فأنت لهُ تصدى. وما عليك ألا يزكى. وأمّا من جاءك يسعى. وَهُوَ يخشى. فأنت عنه تلهى. )
     
    إنَّ القاعدة الأساسية في عمل التكتلات السياسية المستهدفة تغيير المجتمعات الحرص الشديد من قبل قادة وزعماء كافة التكتلات على التركيز على كسب أصحاب النفوذ ومشاهير القوم وأصحاب التأثير في مجتمعاتهم لجسم تكتلاتهم، أو لكسب تأييدهم ونصرتهم لتكتلاتهم وأفكارهم وتطلعاتهم. تلك هي القاعدة في كل التكتلات الذي ظهرت في الحقب التاريخية المتعاقبة على مر الأيام، لم يشذ عن ذلك إلا بعض التكتلات الباطنية التي قامت لأهداف آنية بعيدة عن غايات إحداث التأثير لانقلاب جذري في المجتمع. وسيبقى ذلك طريقاً وسبيلاً لكل تكتلات مستقبلية. وينبه هنا إلى أن ذلك ليس من لوازم طريقة التغيير الحصرية، بل هي رغبات مفضلة لدى أصحاب التكتلات للإسراع في بلوغ الغايات عن طريق أصحاب النفوذ والنصرة، حيث نصرتهم هي أقرب الطرق لذلك، فعن طريقهم في الأعم الأغلب تحدث النصرة، وبدونهم يكون العمل شاقــاً مُضنياً متعثر الخطى، غير مأمون الوصول بالسرعة المتوخاة.
     
    لقد ركّز الرسول صلى الله عليه وسلم على كسب سادة القوم في مكة لتأييد دعوته ولحمل مبدأه ونصرة دعوته، فركز على الوليد بن ألمغيره وأمية بن خلف وأبو جهل وأبو لهب وأبو سفيان وغيرهم من سادة القوم. وبعدها ركز على طلب النصرة والمنعة له ولدعوته من رؤساء القبائل من العرب من غير قريش كغطفان وثقيف وبني كندة وسليم وأخيراً يثرب. إلا أنه لم يحصر تركيزه عليهم فقط بل قد دعا عامة الناس من كل طبقات المجتمع وفي كل المواقع لاعتناق الفكر وحمل الدعوة. ومع أنه قد أفلح في اكتساب قلة من سادة المجتمع كعمر وأبي بكر وعثمان ومصعب، إلا أنّ الغالبية ممن أسلم في العهد المكي كان من المستضعفين بما في ذلك العبيد المسترقين. وذلك أمرٌ طبيعي وبديهي، فالحاجة للتغيير تقوى لدى المحرومين المستضعفين والمظلومين المضطهدين، وتقل وتضعف لدى السادة المترفين.
     
    وتبين لنا سورة ( عبس ) كم كان تركيز الرسول صلى الله عليه وسلم ولهفته على كسب سادة القوم وأصحاب الفعاليات والنصرة شديداً. لذا جاء لفت النظر والتوجيه من الله تعالى في تلك السورة للتشديد على حتمية عمومية الدعوة والطلب إلى العمل لكسب جميع الناس لجسم الدعوة بغض النظر عن المواقع، وعدم حصر الجهد لكسب طبقة أصحاب الشهرة والنفوذ على حساب إهمال أمر العامة من الناس، فإيجاد القاعدة الشعبية الصالحة للتغيير يكون عن طريق إيجاد الرأي العام المنبثق عن الوعي العام لدى أفراد المجتمع عامة: سادتهم وعامتهم، مترفوهم ومستضعفوهم.
     
    ومع أنه مع أن البديهي أن أصحاب النفوذ في المجتمع وسادته وكبراءه هم أسهل وأنجح في العمل لإحداث التغيير لأنَّ فيهم تكون النصرة ولأنهم هُم أهل المنعة والنصرة الحقيقية المانعة والفاعلة، إلا أن استعراض تاريخ حركات التغيير في العالم ترينا أن الثورات وحركات التغيير قد قادها وتزعمها أو في حالات أخرى كان وقودها وعناصر نجاحها ممن عانى من الحرمان والضياع والظلم والاضطهاد من الأمة وعامة الناس. ففي الثورة البلشفية عام 1918 كانت مراهنات البلاشفة على العمال والطبقات الكادحة، حيث استغلوا جوعهم وحرمانهم لتأجيج نار ثورتهم، فأججوا بهم وبأجسادهم نار الاضطرابات وباستغلال دمائهم واضراباتهم أقاموا دولتهم ودكوا حصون وقصور الإمبراطورية الروسية البائدة. وقبلها الثورة الفرنسية كانت قد استغلت جوع الجياع وحرمان المحرومين لتأجيج نار الثورة وبالتالي إحداث التغيير. كما أنَّ كلُّ ثورات التغيير أو التحرر الأفريقية في القرن العشرين التي قامت في الكنغو والنيجر ونيجيريا وروديسيا وزنجبار وجنوبي أفريقيا كان وقودها المأجج أوار نارها عامة الشعب البسطاء. وفي القديم الغابر لم يتمكن " بروتس " من إحداث ثورته وانقلابه على " يوليوس قيصر " وقتله إلا بالاستعانة بعامة الشعب وبسطائه، وهم نفس الفئة الذين استغلهم خصوم بروتس السياسيين في الثورة المضادة التي قادوها ضده وبهم تمكنوا من بروتس وحركته.
     
    كما أنّ بعض العملاء المستوزرون من صنائع الكافر المستعمر في العالم الإسلامي قد عمدوا لاستغلال القاعدة الشعبية باستمالة عامة الناس وضمهم في صفوف أحزابهم من أجل الضغط بواسطتهم لتحقيق مكاسب آنية لهم. كما حدث في مصر في سنوات الأربعينيات من القرن الماضي (القرن العشرين )، حيث قام الباشاوات الإقطاعيون أصحاب الطرابيش الحمراء بضم عامة الناس لحزب النحّاس وفؤاد سراج الدين ( حزب الوفد ) مستغلين إياهم كورقة ضغط فاعلة عند الملك والإنجليز لتحقيق مكاسبهم الشخصية عن طريق تحريك الشارع المصري بالمظاهرات وغيرها، في حين قامت زوجاتهم من خلال الهالة من الإعجاب والتأييد التي أحدثها ضم عامة طبقات الشعب لحزب أزواجهنَّ من استغلال ذلك لتمرير لمؤامرة " حركة تحرير المرأة " ولمســاندة دعوات الناعق " قاسم أمين " والقيام بتحدي مشاعر المسلمين ودينهم بقيامهم بتمزيق الحجاب علناً في حشد شعبي آثم في ميدان الأزبكية بالقاهرة الذي استبدل باسم " ميدان التحرير " تخليداً لهذه المناسبة المجرمة من يومها وليومنا هذا ..... كما أن عملاء الإنجليز في الأردن سليمان باشا النابلسي وعبد الحليم النمر قد لجئا في مرحلة معينة في أوائل الســتينات بتوجيه من المخبرات الإنجليزية لتأسيس " الحزب الوطني الدستوري" ذلك الحزب الذي أداره وأدار جريدتيه ( الميثاق والصريح ) من خلف ستار سكرتيرة الباشا اليهودية الإسرائيلية ( سارة عمرام ). وكان من المقاصد الخفية وراء تشكيل هذا الحزب تمكين وزارة الباشا من استغلال الشارع لتمرير مخططات رهيبة لصالح النظام الحاكم ولأسيادهم الكفار المستعرين بعد هالة من الشعبية الزائفة التي أحاطوها بذلك الزعيم المستوزر والتي منحته 59 صوتاً من مجموع أصوات نواب المجلس البالغة ستون صوتاً. وقد كشف نائب حزب التحرير في مجلس النواب الأردني عن منطقة طولكرم سماحة الشيخ أحمد الداعور ذلك المخطط الإجرامي الرهيب في جلسة الثقة لحكومة الباشا العميل حيث جاء في مقدمة كلمته: ( أتقدم إليكم ببياني هذا لأكشف البرقع الشفاف الذي يخفي سحنة الاستعمار في هذه الحكومة...) انتهى
     
    ودعوة الإسلام في مكة رفضها وقاومها وحال دون اعتناقها سادة القوم من زعماء وقادة عشائر ومفكرين وأدباء وشعراء وحكماء وتجار وأصحاب النفوذ والتأثير وأصحاب رؤوس الأموال. واعتنقها وقاوم من أجلها وبذل الغالي والرخيص من أجلها أفراد من عامة الناس من المحرومين والمغمورين، ومع أنه كان من مشاهير المسلمين في الدعوة في العهد المكي تجار وقادة وزعماء وأدباء وأصحاب نفوذ وتأثير وأصحاب رؤوس أموال، إلا أن الغالبية العظمى من المسلمين كانت من عامة الناس البُسَطاء ومن المحرومين والعبيد، وبهؤلاء المضطهدين الحفاة العراة الجياع انطلق الرسول صلى الله عليه وسلم ينشر دعوته ويقيم دولته في المدينة المنورة، لينطلق منها بهم لنشر الدعوة بالجهاد داكا الحصون والقلاع وفاتحاً الأمصار والبلاد فتحول العبيد والمحرومين إلى قادة وأسياد وأمراء.
     
    وفي تكتل حزب التحرير العامل لاستئناف الحياة الإسلامية والذي قام في أوائل الخمسينيات من القرن المنصرم ركز قائد التكتل وخليتها الأولى على كسب أصحاب الفعاليات والتأثير من أدباء وعلماء وفقهاء ومفكرين وحملة شهادات جامعية وقادة مجتمع، وكسب العديد منهم، بل قد كانت الحلقة الأولى التي حملت الدعوة منهم، ومن تلك الحلقة الأولى انبثقت القيادة الأولى، إلا أنه نسأل الله له الرحمة لم ينس الركيزة الثابتة من غيرهم، فكان من مشاهير حملة الدعوة الأوائل تجار وعمال وصناع وأجراء، وكان منهم الجزار والبقال والفكهاني والاسكافي والفران والترزي والمزارع والطالب. فاختلط الجامعي الأزهري والمهندس والأمي الذي يمهر الوثائق ببصمة إبهامه في تكتل فريد لم يشهد التاريخ له مثيلا يعملون سويةً ويداً بِيَـدٍ لمحاولة تغيير الأوضاع بمحاولة دخول المجتمع وإحداث القاعدة الشعبية والرأي العام المنتج للتغيير بالفكر الذي حملوه وتنبنوه، الفكر الذي جمع وساوى بين حامل الشهادة الجامعية والأمي الذي لا يقرأ ولا يكتب، وبين العالِـمُ والتاجر، وبين المهندس والعامل، وبين الأديب والطالب. لم يُفاضل بينهم لطبقاتهم المتغايرة، بل كانت المفاضلة بينهم على ضوء المتفاعل مع الدعوة أكثر كائناً من كانت طبقته، فتقدَّمَ أحياناً الطالب على الأديب، وتقدم في حالات أخرى الفران الأمي على العالِم......
     
    حتى الحلقة الأولى التي نشرت الدعوة والتي ضمت جمعاً خيّراً من أفاضل العلماء والمثقفين وحملة الشهادات الجامعية، ناء كاهل بعضهم وفترت همته ونكل عن مواصلة الطريق فتخلف وترك المسيرة، في حين استمر غيرهم في العمل بهمة ونشاط، منهم العمال والأميين والتجار والصُّناع استمروا في العمل سوياً مع إخوان لهم من العلماء والفقهاء والأدباء والشعراء والمهندسين والوجهاء ورؤساء العائلات ومدراء الشركات والمؤسسات وأصحاب المصانع وضباط الجيش. والرابط الوحيد بينهم وهم يشكلون جميع ألوان طيف هذا المجتمع أنهم حملة دعوة وأنهم جميعاً وبلا استثناء مفكرون وسياسيون وأنهم النخبة الصالحة من الأمة لأنهم حملوا أرقى فكر منبثق عن المبدأ الوحيد الصالح للتغيير، وبهذا الفكر وبه وحده يعملون للتغيير وسيصلون للغاية إن شاء الله قريباً ويومئذ سيفرح المؤمنون.
     
    أما حركة النكث التي استهدفت الحزب ووجوده وعملت جاهدة بتحريك خفي لهدمه وإلحاقه بالماضي، وكانت من أخطر المراحل في تاريخه، فقد قادها وأشعل أوار فتنها نفر من حملة الشهادات الجامعية والألقاب البراقة، جمح بهم الغرور حين ظنوا في أنفسهم القادة والسادة والطبقة التي يجب أن تقود وتأمر فتطاع، فانبرى لهم المخلصون من أفراد التكتل من كل الطبقات المشخصون بقوة فكرهم وسلامة عقيدتهم وتقواهم فوأدوا الفتنة في مهدها: فتنة أصحاب القمصان البيضاء والياقات المنشاة وربطات العنق، ليثبتوا أنّ الفكر هو الرابط الذي لا تنقصم عراه في التكتل مقروناً بالتقوى وإخلاص النية لله تعالى.
     
    وفي الندوات والنقاشات ودروس المساجد والمحاضرات رأينا الغلبة والفوز للأمي السياسي حامل الفكر المستنير على العالِم حامل أرقى الشهادات الجامعية. فقد كان حملنا للدعوة ودخولنا للمجتمع بفكرنا الذي حملناه، كائناً من كان حامله، وربما كان حملة الدعوة من بٌسَطاء الناس أنشط وأقوى أثراً وتأثيراً في ذلك من المثقفين حملة الشهادات الجامعية، سواء منها الأكاديمية أو الشرعية أو الأدبية. فلم نحمل الدعوة أبداً ولم نصل لإحداث العملية الصهرية بالمثقفين أصحاب القمصان البيضاء والياقات المنشاة وربطات العنق، لا بل قد حملنا الدعوة بهم وبإخوانهم ممن يمهرون الوثائق ببصمة إبهامهم الأيسر من العمال والصناع من بُسَطاء الناس وعامتهم.
     
    ويجب التنبيه هنا أننا لم ولن ننشر الدعوة بين الناس ونكسبهم لها بطبقة أصحاب ربطات العنق حملـة الألقاب والشهادات الجامعية، وإن كان من الطبيعي والبديهي والضروري أن يكون في صفوفنا الكم الهائل من هؤلاء الناس بصفتهم من شرائح المجتمع، ولأنهم من أصحاب التأثير في أوساطهم وفي غير أوساطهم إن أحسنوا حمل الفكر وتفاعلوا معه وأخلصوا النية لله تعالى... كما أن التركيز عليهم دون غيرهم من طبقات المجتمع يفرغ العمل من محتواه ويغير مسار العمل حيث يركز على الطبقيــة الجوفـــاء والشعور بالرقي المظهري، وهذا الشعور هو - إن حصل لا سمح الله - أول طريق انهيار التكتل، لأنه يضعف حرص التكتل على كسب ثقة البسطاء من الأمة، ومتى تحول التكتل إلى تكتل عنوانـه وواجهته أصحاب الياقات المنشاة وربطات العنق متجاهلاً الذخيرة الهامة وهي بسطاء الناس المأهلون للتفاعل مع الفكر ونشر المبدأ فقد عمل على صرف الأمة عنه مما يُنتج انهياره، وبعدها يحتاج إلى جهود مضنية لمعاودة كسب ثقة الأمة وإقناعها للعمل معه.
     
    وذلك بالتأكيد هو من مقاصد التحذير الوارد في كتاب التكتل الحزبي حيث يقول: (وأمّا الخطر الطبقي فإنّه يتسرب إلى رجال الحزب، لا إلى الأمة. وذلك أنه حين يكون الحزب يمثل الأمة أو أكثريتها، تكون له مكانة مرموقة، ومنزلة موقرة، وإكبار تام من قبل الأمة والخاصة من الناس. وهذه قد تبعث في النفس غروراً، فيرى رجال الحزب أنهم أعلى من الأمة، وأن مهمتهم القيادة، ومهمة الأمة أن تكون مقودة. وحينئذ يترفعون على أفراد الأمة، أو على بعضهم، دون أن يحسبوا لذلك حساباً. وإذا تكرر ذلك صارت الأمة تشعر بأن الحزب طبقة أخرى غيرها، وصار الحزب كذلك يشعر بالطبقية. وهذا الشعور هو أول طريق انهيار الحزب، لأنه يضعف حرص الحزب على ثقة البسطاء من الجمهور، ويضعف ثقة الجمهور بالحزب، وحينئذ تبدأ الأمة تنصرف عن الحزب......) [1] انتهى
     

     
    وأضيف على ما تقدم أن أخطر من ذلك هو أن يفقد الحزب ثقـة أفراده العاديين حين يرون أن حزبهم قد تحوَّل عنهم من حزب قوامه وذخيرته الفكر وحملتة إلى حزب الأطباء والمهندسين أصحاب ربطات العنق بدل أن يكون حزب الفكر ومن حمله كائناً من كان.
     
    أننا في هذه المرحلة بالذات وقد تمكن التكتل من كسب مكانة مرموقة، ومنزلة موقرة، وإكبار تام من قبل الأمة والخاصة من الناس، حيث يتوافد الناس على حضور مؤتمراتنا ومحاضراتنا بالآلاف المؤلفة، ويتلهفون على سماع آرائنا السياسية فيما يستجد من أحداث تهمهم، وينظر الناس بإعجاب شديد لحسن ترتيبنا وأدائنا في ذلك، وينظر الناس إلى تحركنا المنظم في المناسبات العامة وبأعداد هائلة نسبياً من شبابنا أكثر مما ظنوا، وحين يرى الناس أننا لسنا شرذمة صغيرة لا وَزنَ لها ولا يُحسب لها حساب كما يروج الخصوم ووسائل إعلامهم. في هذه المرحلة بالذات نحن أحوج للتواضع وعدم الغرور. فمهما كثر عددنا ومهما وصل ثقلنا في المجتمع، فإن هذا الصرح الشامخ ممكن أن ينهار إذا وصل إلى صفوفنا فيروس الغرور ومرض الطبقيـــة، والشعور بأننا حزب أصحاب القمصان البيضاء والياقات المنشاة وربطات العنق حملة الألقاب البراقة والشهادات الجامعية. لا بل نحن حملة الإسلام فكرة وطريقة، نحرص أن يكون فينا العالِم والفقيه والمجتهد والمهندس ورجل الأعمال والأديب والحكيم والشاعر والمعلم والطبيب، ونحرص بنفس القدر على أن يكون فينا أيضاً وقبل ذلك القصاب والترزي والمزارع والفران والاسكافي والفكهاني والبقال وسائق الجرار وطالب العلم والتاجر وكل طبقات المجتمع، وبهم جميعاً في تكتل عنان فريد سنقيم دولة الخلافة الراشدة التي ستدك حصون الظالمين وتفتح البلاد أمام الدعوة إن شاء الله.
     
    وبناء عليه فلا ضير أبداً أن يصل إلى المراكز القيادية والإدارية أقوى الأفراد لتحمل ذلك باعتبار التمكن الفكري والإداري فقط بغض النظر عن طبقاتهم، وأن يصل إليها أقوام من بُسطاء الناس وعامتهم، وأن تكون الأولوية في توكيل المهمات والأعمال الحزبية لجميع الأفراد من كل الطبقات من هذا المنطلق، فيفاضل في انتقاء الأفراد لهذه الأعمال بالصلاحية الفكرية والإدارية ليس إلا، وتعتبر عملية انتقاء الأفراد لتلك الأعمال والمهمات على أساس طبقـي كنوع من الغــرور القاتل والانتحار الموصل للطبقية الجوفاء الموصلة بالتأكيد للتصدع وبالتالي للانهيار والفشل.
     
    وحتى نكون على بينة من الأمر وعواقبه المحتملة فإن من الخطورة المستقبلية للنظرة الطبقية تلك أنه إن وصل التكتل لقيادة الأمة برغم ما تقدم وبذلك الشعور من الطبقية الجوفاء في قياداته فسيكون وبالاً على الأمة التي سيقودها، إذ سيبرز الظلم وتتحول الدولة إلى دولة طبقات ومحاسيب وأتباع، مما يظهر الفساد بانعدام المساواة والعدل، ويتسبب ذلك ببروز الهوة السحيقة بين الحاكم والمحكوم، ويشعر الناس أن حكامهم ليسوا منهم مما يُضعف القاعدة الشعبية لهؤلاء الحكام عند الأمة، وهذا يعني الانحراف عن المبدأ والتخلي عن الفكر والمتبنيات، والتحول إلى المُلك العضوض.
     
    على أن ذلك لا يعني أن يُهمل التركيز على حملة الشهادات والألقاب وعليَّـة القوم وأصحاب النفوذ والتأثير، والعكس هو الصحيح فكما ورد في بداية البحث يجب التركيز عليهم بصفتهم أفراد يعيشون في هذا المجتمع، كغيرهم من بقية طبقات الناس وبنفس القدر، ومحاولة كسبهم ما استطعنا لذلك سبيلنا استئناساً بهدي المصطفى S وتقيداً بطريقته وخط سيره، كما أنَّ بهـم ومعهم إن صلحوا وتفاعلوا مع الدعوة وأفكارها نختصر الطريق ونصل للغايات بأقصر الطرق وأسلمها إن شاء الله.
     
     
     
     
    [1] - التكتل الحزبي . صفحة 53.
  3. Like
    طالب عوض الله تلقي نقاط سمعه منصف الرياحي في الخطر الطبقي   
    الحيلولة بين الطبقية وبين تحكمها بالتكتل


    قال تعالى من سورة الفتح:( مُحَمَّدٌ رَسولُ اللهِ وَالذينَ مَعَهُ أشِدّاءُ عَلى الكُفارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ تراهُمْ رُكعاً سُجَّداً يَبْتغونَ فضلاً مِنَ اللهِ وَرِضْواناً سيماهُمْ في وُجوهِهِم مِنْ أثرِ السُّجود.)[1] وقال تعالى من سورة لقمان: (وإذ قال لقمان لابنهِ وهو يعظه يا بني لا تشرك بالله إنّ الشرك لظلم عظيم *)[2]. ( يا بني أقم الصلاة وأمر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور* ولا تصعر خدك للناس ولا تمش في الأرض مرحاً إنّ الله لا يحب كل مختال فخور* واقصد في مشيك واغضض من صوتك إنّ أنكر الأصوات لصوت الحمير*)[3]
     
    من مفهوم الآيات الكريمات والتي فصلت وبينت وحددت شكل وهيئة التكتل الهادف وفصلت وحددت بصورة حصرية شكل ونوعية القائمين عليه المشمولين بصلاحيتهم لعملية التغيير المستحقين نصر الله دون سواهم من البشر، بل حتى دون سواهم من جماعة المسلمين:
     
    01. أوصاف حملة الدعوة كما ورد في خطبة أبي حمزة الشاري: (يا أهل مكة، تعيروني بأصحابي تزعمون أنهم شباب، وهل كان أصحاب رسول ألله صلى الله عليه وسلم إلا شباباً ؟ نعم الشباب عمية عن الشر أعينهم، بطيئة عن الباطل أرجلهم، قد نظر الله إليهم في آناء الليل منثنية أصلابهم بمثاني القرآن، إذا مرّ أحدهم بآية فيها ذكر الجنة بكى شوقاً إليها، وإذا مرّ بآية فيها ذكر النار شهق شهقة كأن زفير جهنم في أذنيه.). وفي خطبة أخرى له يقول: (ألا وان لله بقايا من عباده لم يتحروا في ظلمها، ولم يشايعوا أهلها على شبهها، مصابيح النور في أفواههم تزهو، وألسنتهم بحجج الكتاب تنطق، ركبوا منهج السبيل، وقاموا على العلَم الأعظم هم خصماء الشيطان الرجيم، بهم يصلح الله البلاد، ويدفع عن العباد، طوبى لهم وللمستصبحين بنورهم، وأسأل الله أن يجعلنا منهم.)[4]
    02. وردت أحاديث عدة في الصحاح يذم الرسول صلى الله علية وسلم المتنطعين والمتفيقهين والمختالين والمنافقين....... ويبشرهم بالهلاك وسوء الحال، وكذا فقد ذمّ الله تعالى من يُخالف سلوكه ما يحمل ويدعو له من فكر في قوله تعالى: ( يا أيها الذين آمنوا لِمَ تقولون ما لا تفعلون، كَبُرَ مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون)[5] لذا فإن وجود أمثال تلك النوعيات بين حملة الدعوة يكون من المعوقات والموانع، ووجب أن يُحال بين تلك النوعيات وبين الانتظام في التكتل، لأنهم سَيَكونونَ عالة عَليه ما داموا على فسادِهِمْ وانحِرافِهم، معوقين للنصر والوصول إلى الهدف، ووجب أن ينقى التكتل منهم كما ينقي الكير الحديد.
    03. من المعلوم من الدين بالضرورة أن العقوبات جوابر وزواجر في الحياة العملية، أما في التكتل فبها ينقى التكتل مما علق به من الأدران والشوائب، ومن البديهي أن التقاعس في ذلك يكون من معوقات الوصول للهدف، لذا وجب أن يُحاسِب حامل الدعوة نفسه بعرض سلوكه على ألأحكام الشرعية وتصحيح المُعوَج منها، وإلا فعلى التكتل أن يعالج ذلك بالتنبيه أولاَ، وإلا فيعاقبه بما يستحق من أنواع المحاسبة، بما في ذلك الحرمان من الثواب بالطرد من التكتل، وبهذا يتم المحافظة على دوام أن يكون شبابه الصفوة المختارة والشامة التي لا تغيب عن البصر.
    04. من البديهي أن أي تكتل سيكون وبالاً على الأمة إذا وصل إلى قيادتها وبينه وخاصة في قياداته من يشك في إخلاصه وتقواه وورعه، لذا فأرى الحذر الشديد في اختيار الأفراد والمسؤلين على السواء، ومراجعة وضع كل من ينبه لمخالفاته وسلوكياته، وقد عزل الرسول والخلفاء من بعده الولاة لمجرد الشكوى منهم. ويسمي الحزب قيادة الأمه بمن في نفوسهم مرض من أمثال من ذكرت في كتاب " التكتل الحزبي " بالخطر الطبقي الذي يتسرب إلى رجال الحزب، لا الأمة. [6]
    05. يجب التفريق بين الشخصية الإسلامية وبين حامل الدعوة، إذ الثاني حامل لواء تغيير، فلا يسري عليه ما يسري على الأول، بمعنى أن الثغرات في السلوك غير مستهجن وجودها في الأول لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم: " كل بني آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون " ولقوله تعالى: " قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله، إن الله يغفر الذنوب جميعاً " أما في الثاني فيُستهجَنُ وُجودها لمفهوم آية لقمان الواردة، ولأن فاقد الشئ لا يُعطيه، فلا يكون بين حملة الدعوة كاذب ولا منافق ولا خائن أمانة ولا من لا يراعي تقوى الله في سلوكه الشخصي، ولا مرتكب أي نوع من أنواع المخالفات الشرعية مهما كان نوعه، والناس لا يستهجنون المخالفات الشرعية أو السلوك المنحرف في أي شريحة من شرائح المسلمين: لا يستهجنوها في المشايخ ولا في أفراد التكتلات الأخرى حتى في تلك المنتسبة اسماً للإسلام، بل يستهجنون ذلك في شباب الحزب، وذلك طبيعي لأن غالبية المسلمين يُدرِكونَ أن حزبنا هو الوحيد الصالح للتغيير، وأن أفكارنا هي أرقى أفكار وُجدت، فيستهجنون في من يحمل تلك الأفكار كيف ينحرف!! مثالُ ذلكَ: عِندَما اقترف أحد الشباب معصية عَرّفهُ أحدهم لزميله: ألا تعرفه ؟ إنه صاحب فرضية الدعوة.
    06.في قول لأحد الفقهاء " إذا رأيتموني أنازع جاراً أو قريباً فاشهدوا لي بالجنون واكووا رأسي بالنار " وهذا القول يعني مدى فهم ذلك الفقيه لمعنى الجوار في الإسلام، ولمعنى صلة الرحم في الإسلام، ويعكس لنا مدى تقدير ذلك الفقيه لمركزه كفقيه ينظر إليه الناس بتلك ألصفه ألمميزه، فكيف يأخذ الناس علمهم من فقيه دَعِيٌ منحرف أو صاحب مشاكل؟. وبناء عليه فلا مكان في التكتل لدائم الخلاف مع أهله وجيرانه وزبائنه، ولا مكان في التكتل لصاحب المشاكل مع المتعاملين معه، ثبتت عليه المخالفة أم لم تثبت، لأن كثرة مشاكله تعني انحرافه بتواتر المعنى، وتعني بالتالي أن أمثال هذا يشكل مسبة في جبين التكتل.
    07. ليس المقصود بالحالات التي سقتها شخصاً بعينه أو أشخاص مشخصين، بل حالات وجدت أو أمكن وجودها بين البشر، بعد دراسة مستفيضة لنفسيات البشر، وباستعراض بعض الحالات التي مرت في تاريخ التكتلات، كما أنبه أن لا يتبادر إلى الذهن أن المخالفات والسلوك المعوج هي صفة ملازمة لشبابنا، فشبابنا والحمد لله تعالى هم الصفوة المختارة من الأمة، والشّامة التي لا تغيب عن البصر، مصابيح النور في أفواههم تزهو، وألسنتهم بحجج الكتاب تنطق، تلاميذ مجدد الفكر الإسلامي في القرن العشرين سماحة الشيخ تقي الدين النبهاني، وصاحبه وخلفه سماحة الشيخ عبد القديم زلوم، وإخوان صوت الحق تحت قبة البرلمان، رافض الثقة بالحكام ورافض سن أنظمة وأحكام الكفر، سماحة الشيخ أحمد الداعور، حاملوا لواء التغيير بقيادة أميرهم وقائدهم فضيلة الشيخ عطا أبو الرشته، الذين ركبوا منهج السبيل، خصماء الشيطان الرجيم وطواغيته في الأرض، بهم سيصلح الله البلاد إن شاء الله، ويدفع عن العباد، وبهم من شابه الصحابة وأصحاب عيسى بن مريم الذين نشروا بالمناشير وحملوا على الخشب. صبروا على البلاء والعذاب وقطع الأرزاق والأعناق، فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا، أنهم أمل الأمة ورجائها وقادتها للخير والنصر أن شاء الله. إلا أنّ وجود المنحرفين بينهم ـ وآمل أن لا يوجد ـ يسئ للحزب وجودهم داخل تكتله، لا بل يُستهجن وجودهم داخل التكتل لأنهم ليسوا من نوعية حاملي هذا الفكر. هذا مع العلم أن الحكم الشرعي قد أوجب علينا عدم التفتيش عن سلوك الناس وأسرارهم والبحث عن مخالفاتهم وانحرافاتهم، فالمقصود هنا من اشتهر بين الناس بسلوك منحرف ومخالفات شرعية، أو من يُنبه لانحرافه السلوكي.
    08. أنه من البديهي أن عمل حامل الدعوة الأول والأهم هو أعمال الدعوة، لذا وجب أن يبرز الشباب في المجتمع بصفتهم الحزبية، من الامتثال والتقيد التام بالأحكام الشرعية وكل ما يفرضه بالضرورة انضمامه لهذا التكتل، فيكون حكمه على الوقائع الجارية في مجتمعة منسجماً مع ما يحمل من فكر، ومن البديهي أن أعماله جميعاً ستكون منطبقة ومتوافقة مع فكره، ويجب أن يبرز ذلك فيه، وأن يبرز الشاب في مجتمعة بصفته حامل دعوة وليس بأي صفة أخرى. ومما هو معلوم بالضرورة حتمية أخذ كل شاب الدور القيادي الرائد في تبني مصالح الوسط الموجود به من عائلته إلى الحي القاطن به وصولاً للبلد والولاية التي هو بها، وأن يُراعى في ذلك أن يكون هذا الدور منسجما مع فكره، وأن يعطى الانطباع لدى الناس أن تحرك هذا الشاب هو بصفته الحزبية وليس بصفته الشخصية، وينطبق ذلك على أعمال " رجال الإصلاح " من شبابنا الذين يتبنون حل المشاكل العشائرية بين الناس، فهم أولى شبابنا في تحري الحق والحق وَحدَه في حلّ المشاكل، وعدم مخالفة طريقة الإسلام بتاتاً في ذلك مهما كانت الظروف، ولا ينسوا بتاتاً ما ورد ورُكِز عَليه في كتاب " التكتل الحزبي" [7]من أننا يجب أن نعمل على تغيير الواقع بما نحمل من أفكار لا أن نكون من جنسِ الواقع، فنقوم بتغيير قوانين وأعراف وعادات المجتمع الفاسدة بفكرنا لا العكس، وأن يَبرُزَ بين الناس أن توجههم هذا هو بصفتهم الحزبية وليس الشخصية. ومن البديهي أن حامل الدعوة متحدٍ سافر يتحدى أفكار المجتمع المغلوطة، وعاداته الفاسدة، وشرائعه وعقائده الكافرة، لا يُداجي في ذلك ولا يُهادن، وليس من طريقته التدرج في تطبيق الأحكام أو التكيف مع المجتمع وواقعه المخالف لفكره، وخلاف ذلك يكون غير أهل للانتظام في تكتل حزبي انقلابي، وحبذا لو جلس في بيته فأراح واستراح.والمراد من ذلك كثرة الإنتقادات التي توجه لبعض رجال الاصلاح من انتهاج أساليب خاطئة وممجوجة في أثناء قيامهم بحل مشاكل الناس، من ضغط على الضعيف لصالح القوي، مع القناعة بأن الضعيف هو صاحب الحق، وأحيانا سكوت عن منكر وكذب ونفاق بحجة إسكات فتنة. سالكين طريق " نبل الغاية يبرر نوع الوسيلة " مخالفين قاعدة " الوسيلة إلى الحرام حرام ".
    09.بالرغم من كل ما سبق من ضرورة تنقية التكتلات السياسية القائمة على أساس الإسلام، والسائرة نحو هدف إجتثاث الفساد من المجتمع وقيام مجتمع اسلامي خلاق ومبدع على أنقاضه، تنقيتهم من كل الأفراد الذين يشكل وجودهم فيه ضررا على التكتل ونقائه، إلا أني أرى أن واجب التكتل هو المعالجة والتقويم قبل الكسر، وكما أن الكي آخر العلاج، فالبتر هو آخر الطرق التي ينبغي أن يسبقها محاولة التقويم والمثابرة عليها، فتكتل يسعى لإصلاح أوضاع مجتمع لا نسفه، أحرى به أن يقوِمَ اعوجاج أفراده لا كسرهم وتعقيدهم وإعانة الشيطان عليهم، وتحويلهم إلى خصوم وأعداء. وكما أن الله تعالى قد جعل التوبة ماسحة للذنوب، فوجب علينا أن نقبل من أكثر الشباب اعوجاجا توجههم نحو الصلاح وانصلاح الأحوال، لا بل من واجبنا دفعهم لذلك ومساعدتهم فيه. فغير مقبول من التكتل أن من كان مظنة اعوجاج أو انحراف أو سوء سلوك أن يُعْمَلَ على بتره وتعقيده وإبقاء المجهر مسلط عليه والسيف مشهر في وجهه والنطع جاهز لاستقبال رأسه، إن أبدى الرغبة في إصلاح حاله وتقويم اعوجاجه. وأشير هنا أنه حتى كل من كان مظنة سوء من أفراد التكتل بقي في صفوف التكتل ولم توقع عليه عقوبة ما لأي سبب من الأسباب فانه محسوب على التكتل ما دام فيه، له عليه واجب الاحترام والرعاية الكاملة ما دام في التكتل، فلا تلصق على ظهره يافطة المتهم طيلة حياته، ولا يجوز بأي حال من الأحوال النظر إليه كمشبوه ومعاملته من هذا المنطلق، ليبقى بين صفوف التكتل قلقا طريدا منبوذا خائفا مرعوبا يشكو إلى الله ظلم مَن مِنَ المفروض أنهم أهله وإخوانه ورعاته وأمرائه !!!!!! فإما فرد من الأفراد له كامل الحقوق والاحترام، وإما ليس من التكتل وخارج صفوفه ليس له عليه الواجب المكتسب. أما العضو الناقص العضوية فهي حالة نشاز معيبة في ذاتها وغير مسموح بها في التكتلات.
    10.إن من المخالفات ما لا ينطبق عليها البند السابق ولا تندرج في نطاقه، فالشباب الذين تمردوا على التكتل أو عملوا على هدمه أو الإساءة إليه أو عملوا أو تبنوا أو حملوا خلاف متبنياته، لا مكان لهم في التكتل، وبالتالي الاحترام الواجب، وكذا مرتكب المخالفات الشرعية التي تخرج الشاب عن صفة الشخصية الإسلامية من شباب التكتل أو تبعده عنها أو تخالف صفته كحامل لواء التغيير وأصحاب السلوك المعوج الذين لا أمل في صلاحهم ومرتكبو الفواحش.
    11.إن من الخطورة البالغة قيام المسئول بألكيل بمكيالين، بالتفريق في التعامل بين الشباب، بحيث يتم التهاون في التعامل مع مخالفات نوعيات وتبرير مخالفاتهم، مع التشديد في معاملة مخالفات شباب آخرين، وهذه الحالة توجدُ في الحزب مراكز قوى وأتباع ومحاسيب، وتحرف العمل الحزبي عن مساره. وقد عانينا من هذه المسألة سابقا أشد المعاناة قبل عاصفة النكث، وربما كانت تلك المسألة بالذات من عوامل شدة تأثير النكث.... كما يفضل انتهاج آليــــــة سليمة ودقيقة في التعامل مع المخالفات وطريقة التحقيق فيها بحيث يراعى فيها الكياسة والفطنة والرغبة في الوصول إلى الحقيقة بغض النظر عن وجهة نظر المتحقق في الشخص المحقق معه والتجرد التام من قناعته الشخصية، وحتى التجرد من المعلومات السابقة.
    12.قال تعالى:( محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم )، ومن مفهوم الآية الشريفة نرى أنه يُحظر على المسئول معاملة الشباب بفوقية وتعالي أو بفظاظة مهما كانت الحالات، وذلك أكثر ما يباعد بين الشباب وبين المسئولين ويخلخل الثقة والود بينهم ، ويبعد التعاون المنتج ويشكل حائلا أمام المصارحة المطلوبة المنتجة للتعاون. وقد يحول المسئول إلى شخص مرعب مرهوب الجانب، في حين أن المفروض أنه أخ وراعٍ ومقوم، مما يعيق العمل ويحرفه عن اتجاهه الصحيح. وأرى في مثل تلك الحالة أحد مقاصد ما ورد في كتاب التكتل الحزبي صفحة 53 : بالخطر الطبقي الذي يتسرب إلى رجال الحزب لا الأمة . كما أِشير إلى أن ثقة الأمة بالحزب وتقديرها له، ومدى الكسب الذي كسبناه على مدى سنين بما في ذلك كسب ثقة الناس واحترامهم وتأييدهم لنا ولفكرنا قد تحقق على يد أناس أشداء على الكفار رحماء بينهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم في وجوههم من أثر السجود.
    13. لدى استعراض الأحكام الشرعية نجد أن الشرع قد خطّ معادلة دقيقة في كيفية التعامل بين الأفراد ومسئوليهم عموما في المجتمع والتكتل، وبيّن أن فساد المسئول أو انحرافه أو أخطائه في معالجة الأمور تشكل خطورة في سير الدعوة، لذا فيجب تمكين أفراد التكتل من محاسبة المسئول وتنبيهه إلى ما قد يصدر عنه من أخطاء في معالجاته أو طريقة تعامله مع شبابه، مع انتهاج أسلوب الأدب البالغ في التخاطب، بحيث تكون المحاسبة بقصد تقويم الاعوجاج وتصحيح الأخطاء، ويحظر أن يكون ذلك بالأسلوب الفظ وبغاية كسب المواقف والاحراج، أي يجب أن يكون ذلك من واجب النصيحة والحرص على الدعوة وسيرها، والاخلاص يوجب الطاعة الكاملة غير المنقوصة، ولا يجوز لأي من أفراد التكتل نزع يدٍ من طاعة أخذ برأيه ونصحه أم لا. رأى أن المسئول قد أحسن إليه أم أساء، أكرم أخوته أم جلد ظهره بالسياط، فرش له النمارق أم أعد له النطع، فله عليه واجب الرعاية والأخوة وتمكينه من المحاسبة، ولهم عليه واجب الطاعة الكاملة، فإن الله سائلهم يوم القيامة عما استرعاهم وعما ائتمنهم عليه.


     
     
     
     
    [1] الفتح 29.
     
    [2] لقمان 13 .
     
    [3] لقمان 16 – 19.
     
    [4] ابن عبد ربه الأندلسي – العقد الفريد.
     
    [5] الصف 2 – 3.
     
    [6] - التكتل الحزبي – حزب التحرير ، صفحة 53 .
     
    [7] التكتل الحزبي صفحة 48.
  4. Like
  5. Like
    طالب عوض الله تلقي نقاط سمعه بشرى الخلافة في ديوان الشاعر المهندس سيف الحق بن أحمد   
    ديوان الشاعر المهندس سيف الحق بن أحمد
    هذا القسم مخصص لنقل قصائد منتقاه من ديوان الشاعر المُبدع (المهندس سيف الحق بن أحمد )
    نستهله بقصيدة ( يا كاتب التاريخ )
    المحتويات



    رقم الصفحة والموضوع
    01 – المحتويات
    02 - 09يَاْ كَاتِبَ التَّارِيخِ
    10 - رِسالَةٌ إِلَى عُلَماءِ السَّلاطِينِ
    11 - طَبِيْبٌ فِيْ العِيَاْدَةْ
    12 - الْعِيدُ يَوْمَ يَعُـودُ لِلنّـاسِ َالأَمـانْ
    13 - أَيـُّـــهـــا الأَعـِـــزّاءُ
    14 - فَتْـوَى دِيجِيتَـالْ
    15 – رِسالَةٌ إِلَى عُلَماءِ السَّلاطِينِ
    16 - حـَــــرْبُ الأَحْـــقـــادِ
    17 - رِثـــــاءُ غــــــالٍ
    18 - قُمْ .. ، لا تُنادِيْ مَيِّتـاً
    19 – أَتَرْضَوْنْ؟
    20 - أَســـَـاسُ مُـصِـيـبَـتِـي
    21 - نائِبٌ فِـيْ الْبَرْلَمـانْ
    22 - رِهَـانٌ عَـلـىْ الأمْــوَاتِ
    23 - إلىْ الصُّعْـلُوْك
    24 - إِلَىَ أَخِيْ اْلعَشْمَاوِيْ
    25 - هَاتُوْا بَوَاكِيْكُمْ
    26 - عَلـِّموني كَيْفَ أَغْضَبْ
    27 - مَشْهَدْ
    28 – رِسَالَةٌ مَفْتُوْحَةٌ إلَىْ مَسْخِ الفَاتِكَانِ الأَجْرَمْ
    29 – مُلْحَق الرسالة
    30 - زُفُّوا البَشائِرَ
    31 - طعمُ الظفَرْ
    32 – إعْلامُ السُّوْءِ
    33 - رُوْحِي فِدَاؤُكَ
    34 – مُنَاجَاة
    35 – نَـشـِـيــدُ الْـعُــقــابِ
    36- أُنَاْدِيْكُمْ



    _ منتدى الزاهد > المنتدى العام > حديقة الشعر ديوان الشاعر المهندس سيف الحق بن أحمد
    _________________
  6. Like
    طالب عوض الله تلقي نقاط سمعه أبو زيد الأمين في ديوان الشاعر المهندس سيف الحق بن أحمد   
    ديوان الشاعر المهندس سيف الحق بن أحمد
    هذا القسم مخصص لنقل قصائد منتقاه من ديوان الشاعر المُبدع (المهندس سيف الحق بن أحمد )
    نستهله بقصيدة ( يا كاتب التاريخ )
    المحتويات



    رقم الصفحة والموضوع
    01 – المحتويات
    02 - 09يَاْ كَاتِبَ التَّارِيخِ
    10 - رِسالَةٌ إِلَى عُلَماءِ السَّلاطِينِ
    11 - طَبِيْبٌ فِيْ العِيَاْدَةْ
    12 - الْعِيدُ يَوْمَ يَعُـودُ لِلنّـاسِ َالأَمـانْ
    13 - أَيـُّـــهـــا الأَعـِـــزّاءُ
    14 - فَتْـوَى دِيجِيتَـالْ
    15 – رِسالَةٌ إِلَى عُلَماءِ السَّلاطِينِ
    16 - حـَــــرْبُ الأَحْـــقـــادِ
    17 - رِثـــــاءُ غــــــالٍ
    18 - قُمْ .. ، لا تُنادِيْ مَيِّتـاً
    19 – أَتَرْضَوْنْ؟
    20 - أَســـَـاسُ مُـصِـيـبَـتِـي
    21 - نائِبٌ فِـيْ الْبَرْلَمـانْ
    22 - رِهَـانٌ عَـلـىْ الأمْــوَاتِ
    23 - إلىْ الصُّعْـلُوْك
    24 - إِلَىَ أَخِيْ اْلعَشْمَاوِيْ
    25 - هَاتُوْا بَوَاكِيْكُمْ
    26 - عَلـِّموني كَيْفَ أَغْضَبْ
    27 - مَشْهَدْ
    28 – رِسَالَةٌ مَفْتُوْحَةٌ إلَىْ مَسْخِ الفَاتِكَانِ الأَجْرَمْ
    29 – مُلْحَق الرسالة
    30 - زُفُّوا البَشائِرَ
    31 - طعمُ الظفَرْ
    32 – إعْلامُ السُّوْءِ
    33 - رُوْحِي فِدَاؤُكَ
    34 – مُنَاجَاة
    35 – نَـشـِـيــدُ الْـعُــقــابِ
    36- أُنَاْدِيْكُمْ



    _ منتدى الزاهد > المنتدى العام > حديقة الشعر ديوان الشاعر المهندس سيف الحق بن أحمد
    _________________
  7. Like
    طالب عوض الله تلقي نقاط سمعه معاون في العالم الشيخ فتحي محمد سليم ( أبوغازي)   
    العالم الشيخ فتحي محمد سليم ( أبوغازي)


    نبذة عن حياة الشيخ فتحي محمود سليم ( أبو غازي )
    رحمه الله وأدخله فسيح جناته
     
    ولد المرحوم الأستاذ فتحي محمد سليم عام 1924 في منطة عزون –قلقيلية ودرس في مدارسها وحاز على شهادة المعلمين الأولى عام 1961 وقام بالتدريس في بلاد الحجاز في ستينيات القرن الفائت ، وكان قد انضم إلى صفوف حزب التحرير في بدايات تأسيسه عام 1953 وبقي على ذلك لحين وفاته رحمه الله ، وكان قد تقلد عدة مسؤوليات في حزب التحرير كان آخرها رئيس المكتب الفكري لحزب التحرير
     
    تعرض المرحوم لكثير من المتاعب في حياته، فقد اعتقل لمقاومته الانتداب البريطاني وحوكم في عام 1946 من قبل الانتداب البريطاني وقضى في سجن عتليت وسجن عكا تسعة أشهر وما لبث حتى اشترك في حرب 1948 مع الشيخ المجاهد أحمد الداعور ( أحد أعضاء لجنة القيادة في حزب التحرير لاحقا ) واعتقل المرحوم عام 1958 على خلفية ضبط بيان الشيخ أحمد الداعور في مجلس النواب الأردني وسجن ثلاث أشهر، واعتقل عام 1960 لانتمائه لحزب التحرير وحكم سنتين ونصف في الأردن ، كما اعتقل عام 1968 بتهمة محاولة قلب نظام الحكم في الأردن وحكم خمسة عشر عاما .
     
    للمرحوم ومكتبة ضخمة تضم آلاف الكتب تزيد عن عشرة آلاف كتاب وله عدة مؤلفات منها :الوثائق السياسية في القرنين التاسع عشر والعشرين في خمسة مجلدات ومقدمة في كتابة علم التاريخ تزيد عن 150 صفحة وكتاب الاستدلال بالظن في العقيدة وكتاب نظام النقد الدولي وأزمة الدولاروكتاب الاسواق المالية،
     
    وله عدة دوسيهات في المواضيع الاقتصادية والسياسية ووافاه الأجل وهو يكتب موضوع حول الأزمة المالية العالمية وله ديوان شعر باسم العزوني ومن أشهر قصائده ( إنني أدري) في خمسمائة بيت في الرد على قصيدة الطلاسم لإيليا أبو ماضي وهي مطبوعة وقد ألقى عدة محاضرات فكرية وسياسية وكتب كثيرا في مجلة الوعي .
     
    وفي رحلته الاخيرة مع المرض ، أصيب قبل حوالي عامين بذبحة صدرية أدخل على أثرها المستشفى و تبين انه يعاني من تضيق في شريان القلب الرئيسي وتعافى بعد برهة جزئياً مع تناول العديد من العلاجات وكان من الذين صبروا على هذا الابتلاء والالم الذي عاوده من حين لاخر والذي أثر على صحته عموماً و لكنه لم يضعف أبداً عن نشاطاته في حمل الدعوة ولم يتوقف عن كتاباته ولا جلساته التي كان يرتادها على الدوام محبوه من الشباب وغيرهم . ثم عاوده مرض القلب بأشد من السابق في أواخر شهر رمضان وتبين أن التضيق قد إزداد في شرايينه وتقرر إجراء عملية قلب مفتوح له يوم أمس الاحد وبالرغم من مكوثه في غرفة العمليات ما يزيد عن سبع ساعات إلا أن الاجل قد وافاه عصر نفس اليوم
     
    إننا لله وإنا إليه راجعون
     
    (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ غ– فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَىظ° نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ غ– وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا )
     
    منقول : منتدى الزاهد > المنتدى العام > حديقة الشعر العالم الشيخ فتحي محمد سليم ( أبوغازي)
  8. Like
    طالب عوض الله تلقي نقاط سمعه مسلمة في العالم الشيخ فتحي محمد سليم ( أبوغازي)   
    العالم الشيخ فتحي محمد سليم ( أبوغازي)


    نبذة عن حياة الشيخ فتحي محمود سليم ( أبو غازي )
    رحمه الله وأدخله فسيح جناته
     
    ولد المرحوم الأستاذ فتحي محمد سليم عام 1924 في منطة عزون –قلقيلية ودرس في مدارسها وحاز على شهادة المعلمين الأولى عام 1961 وقام بالتدريس في بلاد الحجاز في ستينيات القرن الفائت ، وكان قد انضم إلى صفوف حزب التحرير في بدايات تأسيسه عام 1953 وبقي على ذلك لحين وفاته رحمه الله ، وكان قد تقلد عدة مسؤوليات في حزب التحرير كان آخرها رئيس المكتب الفكري لحزب التحرير
     
    تعرض المرحوم لكثير من المتاعب في حياته، فقد اعتقل لمقاومته الانتداب البريطاني وحوكم في عام 1946 من قبل الانتداب البريطاني وقضى في سجن عتليت وسجن عكا تسعة أشهر وما لبث حتى اشترك في حرب 1948 مع الشيخ المجاهد أحمد الداعور ( أحد أعضاء لجنة القيادة في حزب التحرير لاحقا ) واعتقل المرحوم عام 1958 على خلفية ضبط بيان الشيخ أحمد الداعور في مجلس النواب الأردني وسجن ثلاث أشهر، واعتقل عام 1960 لانتمائه لحزب التحرير وحكم سنتين ونصف في الأردن ، كما اعتقل عام 1968 بتهمة محاولة قلب نظام الحكم في الأردن وحكم خمسة عشر عاما .
     
    للمرحوم ومكتبة ضخمة تضم آلاف الكتب تزيد عن عشرة آلاف كتاب وله عدة مؤلفات منها :الوثائق السياسية في القرنين التاسع عشر والعشرين في خمسة مجلدات ومقدمة في كتابة علم التاريخ تزيد عن 150 صفحة وكتاب الاستدلال بالظن في العقيدة وكتاب نظام النقد الدولي وأزمة الدولاروكتاب الاسواق المالية،
     
    وله عدة دوسيهات في المواضيع الاقتصادية والسياسية ووافاه الأجل وهو يكتب موضوع حول الأزمة المالية العالمية وله ديوان شعر باسم العزوني ومن أشهر قصائده ( إنني أدري) في خمسمائة بيت في الرد على قصيدة الطلاسم لإيليا أبو ماضي وهي مطبوعة وقد ألقى عدة محاضرات فكرية وسياسية وكتب كثيرا في مجلة الوعي .
     
    وفي رحلته الاخيرة مع المرض ، أصيب قبل حوالي عامين بذبحة صدرية أدخل على أثرها المستشفى و تبين انه يعاني من تضيق في شريان القلب الرئيسي وتعافى بعد برهة جزئياً مع تناول العديد من العلاجات وكان من الذين صبروا على هذا الابتلاء والالم الذي عاوده من حين لاخر والذي أثر على صحته عموماً و لكنه لم يضعف أبداً عن نشاطاته في حمل الدعوة ولم يتوقف عن كتاباته ولا جلساته التي كان يرتادها على الدوام محبوه من الشباب وغيرهم . ثم عاوده مرض القلب بأشد من السابق في أواخر شهر رمضان وتبين أن التضيق قد إزداد في شرايينه وتقرر إجراء عملية قلب مفتوح له يوم أمس الاحد وبالرغم من مكوثه في غرفة العمليات ما يزيد عن سبع ساعات إلا أن الاجل قد وافاه عصر نفس اليوم
     
    إننا لله وإنا إليه راجعون
     
    (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ غ– فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَىظ° نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ غ– وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا )
     
    منقول : منتدى الزاهد > المنتدى العام > حديقة الشعر العالم الشيخ فتحي محمد سليم ( أبوغازي)
  9. Like
    طالب عوض الله تلقي نقاط سمعه الرضا في العالم الشيخ فتحي محمد سليم ( أبوغازي)   
    العالم الشيخ فتحي محمد سليم ( أبوغازي)


    نبذة عن حياة الشيخ فتحي محمود سليم ( أبو غازي )
    رحمه الله وأدخله فسيح جناته
     
    ولد المرحوم الأستاذ فتحي محمد سليم عام 1924 في منطة عزون –قلقيلية ودرس في مدارسها وحاز على شهادة المعلمين الأولى عام 1961 وقام بالتدريس في بلاد الحجاز في ستينيات القرن الفائت ، وكان قد انضم إلى صفوف حزب التحرير في بدايات تأسيسه عام 1953 وبقي على ذلك لحين وفاته رحمه الله ، وكان قد تقلد عدة مسؤوليات في حزب التحرير كان آخرها رئيس المكتب الفكري لحزب التحرير
     
    تعرض المرحوم لكثير من المتاعب في حياته، فقد اعتقل لمقاومته الانتداب البريطاني وحوكم في عام 1946 من قبل الانتداب البريطاني وقضى في سجن عتليت وسجن عكا تسعة أشهر وما لبث حتى اشترك في حرب 1948 مع الشيخ المجاهد أحمد الداعور ( أحد أعضاء لجنة القيادة في حزب التحرير لاحقا ) واعتقل المرحوم عام 1958 على خلفية ضبط بيان الشيخ أحمد الداعور في مجلس النواب الأردني وسجن ثلاث أشهر، واعتقل عام 1960 لانتمائه لحزب التحرير وحكم سنتين ونصف في الأردن ، كما اعتقل عام 1968 بتهمة محاولة قلب نظام الحكم في الأردن وحكم خمسة عشر عاما .
     
    للمرحوم ومكتبة ضخمة تضم آلاف الكتب تزيد عن عشرة آلاف كتاب وله عدة مؤلفات منها :الوثائق السياسية في القرنين التاسع عشر والعشرين في خمسة مجلدات ومقدمة في كتابة علم التاريخ تزيد عن 150 صفحة وكتاب الاستدلال بالظن في العقيدة وكتاب نظام النقد الدولي وأزمة الدولاروكتاب الاسواق المالية،
     
    وله عدة دوسيهات في المواضيع الاقتصادية والسياسية ووافاه الأجل وهو يكتب موضوع حول الأزمة المالية العالمية وله ديوان شعر باسم العزوني ومن أشهر قصائده ( إنني أدري) في خمسمائة بيت في الرد على قصيدة الطلاسم لإيليا أبو ماضي وهي مطبوعة وقد ألقى عدة محاضرات فكرية وسياسية وكتب كثيرا في مجلة الوعي .
     
    وفي رحلته الاخيرة مع المرض ، أصيب قبل حوالي عامين بذبحة صدرية أدخل على أثرها المستشفى و تبين انه يعاني من تضيق في شريان القلب الرئيسي وتعافى بعد برهة جزئياً مع تناول العديد من العلاجات وكان من الذين صبروا على هذا الابتلاء والالم الذي عاوده من حين لاخر والذي أثر على صحته عموماً و لكنه لم يضعف أبداً عن نشاطاته في حمل الدعوة ولم يتوقف عن كتاباته ولا جلساته التي كان يرتادها على الدوام محبوه من الشباب وغيرهم . ثم عاوده مرض القلب بأشد من السابق في أواخر شهر رمضان وتبين أن التضيق قد إزداد في شرايينه وتقرر إجراء عملية قلب مفتوح له يوم أمس الاحد وبالرغم من مكوثه في غرفة العمليات ما يزيد عن سبع ساعات إلا أن الاجل قد وافاه عصر نفس اليوم
     
    إننا لله وإنا إليه راجعون
     
    (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ غ– فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَىظ° نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ غ– وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا )
     
    منقول : منتدى الزاهد > المنتدى العام > حديقة الشعر العالم الشيخ فتحي محمد سليم ( أبوغازي)
  10. Like
    طالب عوض الله تلقي نقاط سمعه فارس الكلمة في العالم الشيخ فتحي محمد سليم ( أبوغازي)   
    العالم الشيخ فتحي محمد سليم ( أبوغازي)


    نبذة عن حياة الشيخ فتحي محمود سليم ( أبو غازي )
    رحمه الله وأدخله فسيح جناته
     
    ولد المرحوم الأستاذ فتحي محمد سليم عام 1924 في منطة عزون –قلقيلية ودرس في مدارسها وحاز على شهادة المعلمين الأولى عام 1961 وقام بالتدريس في بلاد الحجاز في ستينيات القرن الفائت ، وكان قد انضم إلى صفوف حزب التحرير في بدايات تأسيسه عام 1953 وبقي على ذلك لحين وفاته رحمه الله ، وكان قد تقلد عدة مسؤوليات في حزب التحرير كان آخرها رئيس المكتب الفكري لحزب التحرير
     
    تعرض المرحوم لكثير من المتاعب في حياته، فقد اعتقل لمقاومته الانتداب البريطاني وحوكم في عام 1946 من قبل الانتداب البريطاني وقضى في سجن عتليت وسجن عكا تسعة أشهر وما لبث حتى اشترك في حرب 1948 مع الشيخ المجاهد أحمد الداعور ( أحد أعضاء لجنة القيادة في حزب التحرير لاحقا ) واعتقل المرحوم عام 1958 على خلفية ضبط بيان الشيخ أحمد الداعور في مجلس النواب الأردني وسجن ثلاث أشهر، واعتقل عام 1960 لانتمائه لحزب التحرير وحكم سنتين ونصف في الأردن ، كما اعتقل عام 1968 بتهمة محاولة قلب نظام الحكم في الأردن وحكم خمسة عشر عاما .
     
    للمرحوم ومكتبة ضخمة تضم آلاف الكتب تزيد عن عشرة آلاف كتاب وله عدة مؤلفات منها :الوثائق السياسية في القرنين التاسع عشر والعشرين في خمسة مجلدات ومقدمة في كتابة علم التاريخ تزيد عن 150 صفحة وكتاب الاستدلال بالظن في العقيدة وكتاب نظام النقد الدولي وأزمة الدولاروكتاب الاسواق المالية،
     
    وله عدة دوسيهات في المواضيع الاقتصادية والسياسية ووافاه الأجل وهو يكتب موضوع حول الأزمة المالية العالمية وله ديوان شعر باسم العزوني ومن أشهر قصائده ( إنني أدري) في خمسمائة بيت في الرد على قصيدة الطلاسم لإيليا أبو ماضي وهي مطبوعة وقد ألقى عدة محاضرات فكرية وسياسية وكتب كثيرا في مجلة الوعي .
     
    وفي رحلته الاخيرة مع المرض ، أصيب قبل حوالي عامين بذبحة صدرية أدخل على أثرها المستشفى و تبين انه يعاني من تضيق في شريان القلب الرئيسي وتعافى بعد برهة جزئياً مع تناول العديد من العلاجات وكان من الذين صبروا على هذا الابتلاء والالم الذي عاوده من حين لاخر والذي أثر على صحته عموماً و لكنه لم يضعف أبداً عن نشاطاته في حمل الدعوة ولم يتوقف عن كتاباته ولا جلساته التي كان يرتادها على الدوام محبوه من الشباب وغيرهم . ثم عاوده مرض القلب بأشد من السابق في أواخر شهر رمضان وتبين أن التضيق قد إزداد في شرايينه وتقرر إجراء عملية قلب مفتوح له يوم أمس الاحد وبالرغم من مكوثه في غرفة العمليات ما يزيد عن سبع ساعات إلا أن الاجل قد وافاه عصر نفس اليوم
     
    إننا لله وإنا إليه راجعون
     
    (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ غ– فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَىظ° نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ غ– وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا )
     
    منقول : منتدى الزاهد > المنتدى العام > حديقة الشعر العالم الشيخ فتحي محمد سليم ( أبوغازي)
  11. Like
    طالب عوض الله تلقي نقاط سمعه عماد النبهاني في متى الإسلام في الدنيا يسود   
    وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
     
    نعم أخي عماد بارك الله بك، مع ملاحظة أن السيرة التعريفية لأخينا المرحوم إن شاء الله ألشاعر مصطفى حيدر زيد الكيلاني هي منقولة ومن وضعها ليس من حملة الدعوة وهو ( حسني أدهم جرار )، والرجل يُعرف بإنتاجه، والحقيقة أنّ قصيدة ( متى الإسلام ... ) هي من أوائل اشعار حملة الدّعوة وتكفي ليعلم الجميع أن الشاعر من حملة الدعوة. وبالنسبة لسيرته التعريفية فهي جديدة بالنسبة لي عثرت عليها بطريق الصدفة فنشرتها كما هي وتركت الأمر مرهون بسرعة فطنة القراء. كما أن أول من نظم شعر الدعوة من حملتها في مطلع الدعوة أي في سنوات الخمسينات من القرن المنصرم كان:
     
     
    1. الشاعر أمين شنار صاحب ديوان شعر ( المشعل الخالد )
    2. الشاعر مصطفى حيدر الكيلاني، المعروف بقصيدته ( متى الإسلام في الدنيا يسود )
    3. الشاعر عبد الحفيظ محمد أبو نبعه صاحب ديوان الشعر ( فلسطين أرض المسلمين ) ملحمة شعرية
  12. Like
    طالب عوض الله تلقي نقاط سمعه ابن الصّدّيق في قصيدة أسود الشام / سيف الحق   
    ليس لي أن أعقب على قصيدة من نظم شاعرنا سيف الحق سوى


     
     
     

    سَلِمَتْ يَداك وبارك الله فيك


     
     
     
     

    فشكرا للشاعر وشكرا للناقل


     
     
     

    وكلاهما مأجور إن شاء الله


  13. Like
    طالب عوض الله تلقي نقاط سمعه أبو محمود في الطائفة الظاهرة   
    الطائفة الظاهرة



    1


    بسم الله الرحمن الرحيم
    في أوائل الخمسينيات من هذا القرن الميلادي - أي عقب مرور ثلاثين عاماً على سقوط الخلافة العثمانية - نهض الشيخ تقي الدين النبهاني بمهمة العمل لاستئناف الحياة الإسلامية وإعادة الخلافة ، فأنشأ في بلاد الشام في مدينة بيت المقدس حزباً سمّاه " حزب التحرير " يقوم على مبدأ الإسلام ، يلتزم العقيدة الإسلامية وما ينبثق عنها من أفكار ، ويتبنى أحكاماً شرعية استنبطها باجتهاد صحيح ، ووقف على طريقة رسول الله صلى الله عليه وسلم في إقامة الدولة الإسلامية فتبناها طريقة له يسير عليها في عمله لإعادة الخلافة ، وهو ما لم يفطن له ولا التزم به القائمون على العمل الإسلامي في هذه الفترة .
    وقد قام الحزب في مرحلته الأولى بتثقيف طائفة من الناس استجابوا لحمل الدعوة معه ، حتى إذا نضجوا بالثقافة الإسلامية وتمثل الإسلام فيهم فكراً وسلوكاً دفعهم لحمل الدعوة إلى الناس ، فدخلوا في المجتمع في صراع فكري وسياسي يهاجمون ما عليه المجتمع من أفكار فاسدة وآراء خاطئة ، وينشرون الفكر الإسلامي الصحيح والآراء السياسية الصائبة ، فوقف الحكام من هذا الحزب موقف المناوأة والمقاومة والعداء الشديد تمثل في اعتقال شبابه وسجنهم وتعذيبهم ، والتضييق عليهم في سبل العيش ومحاربتهم في أرزاقهم ، ولكن الشباب المؤمنين المخلصين الأقوياء ثبتوا في هذا الصراع إلا مجموعة ممن كانوا دون ذلك لم يقووا على الصمود وآثروا السلامة فتركوا حمل الدعوة معه ، وقد تصدّى شباب الحزب لمناوأة هؤلاء الحكام وحدهم دون أن يجدوا لهم أنصاراً وأعواناً ، ولم يضعفوا بل استمروا في حمل الدعوة بقوة ، وواصلوا مقارعة الحكام وأعوانهم ، وكشفوا سياساتهم ومخططاتهم ، وكيدهم للإسلام وأهله ، وغذوا الخطى في نشر الأفكار الصحيحة بين الناس ومهاجمة فكر المجتمع الفاسد المخالف للإسلام ، وضرب العلاقات المعارضة للإسلام بين الناس السائدة في المجتمع ، وجعل الحزب من نفسه قوّاماً على فكر المجتمع وحسّه ، فخالفه الناس الذين استمرأوا الأفكار السائدة والذين جمدوا على القديم فرفضوا التغيير ، خالفوه في وجوب الالتزام بطريقة رسول الله r لإقامة الدولة الإسلامية ، وخالفوه في الوصول إلى الحكم عن طريق الفكر دون اللجوء إلى العنف أو الأعمال المادية ، وخالفوه في مهاجمة الحكام وكشف سياساتهم ومخططاتهم ، وعدم مصانعتهم ومداراتهم تحقيقاً للمصلحة حسب زعمهم ، ولكن الحزب لم يأبه بهذا الخلاف كما لم يأبه بخذلان الناس الذين خذلوه في حلبة الصراع ، وواصل سيره متمسكاً بفكرته ملتزماً بطريقته ، معتقداً أن النصر مع الثبات على الحق والظهور على أمر الله سبحانه ، ولا يزال الحزب وسيبقى ، إن شاء الله ، ثابتاً على الحق ظاهراً على الدين معلناً نفسه وأفكاره ، قائماً على أمر الله سبحانه ، قوّاماً على فكر المجتمع وحسّه ، لا يثنيه عن مواصلة سيره ولا يضرّه مناوأة الحكام له وتضييقهم سبل العيش على شبابه ومحاربتهم في أرزاقهم ، كما لا يضرّه خذلان الخاذلين ولا خلاف المخالفين ، ولا ما يعترض طريقه من عقبات وصعوبات إلى أن يكرمه الله وجميع المسلمين بنصره العزيز وإقامة الخلافة الراشدة .
    هذا هو " حزب التحرير " في منشأه وفكرته وطريقته وغايته والعقبات التي تعترض طريقه .
    روى الترمذي بسند حسن عن أبي سعيد الخدري قال : " صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً صلاة العصر بنهار ، ثم قام خطيباً فلم يدع شيئاً يكون إلى قيام الساعة إلا أخبرنا به ، حفظه من حفظه ، ونسيه من نسيه ... " ، وعن حذيفة قال : " قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم قائماً فما ترك شيئاً يكون في مقامه ذلك إلى قيام الساعة إلا حدّثه ، حفظه من حفظه ، ونسيه من نسيه ، قد علمه أصحابه هؤلاء ... " رواه أبو داود وابن حبان . فنتساءل : هل أشار رسول الله صلى الله عليه وسلم - وهو الحريص على أمته الناصح لها - إلى هذا الحزب في خطبته تلك ، وهل ذكره عليه الصلاة والسلام بالاسم أو بالصفة ؟
    إننا لم نجد فيما اطلعنا عليه من الأحاديث النبوية الشريفة تصريحاً باسم " حزب التحرير " ، ولكننا وجدنا عدداً من الأحاديث تذكر مجموعة أوصاف لطائفة نحسبها ونرجو أن تكون قد عنت " حزب التحرير " ، لأن هذه الأوصاف نراها تنطبق تماماً على هذا الحزب ، ولم نستطع تطبيقها على أية طائفة أو حزب غيره في الواقع المشاهد ، فذكرُ ما يتعرض له من مناوأة ، وخذلان الخاذلين ، وخلاف المخالفين ، وعدم تضرّره بهم ، وقوامته وقيامه على أمر الله سبحانه ، وذكر تمسّكه بالحق وظهوره على الدين ، وتحديد مكان وجوده ونشأته ، وأنه سينتصر ويقيم دولة تقاتل الأعداء في آخر الزمان يجعلنا نحسب ونرجو أن تكون هذه الأوصاف دالّة بالفعل على " حزب التحرير " .
    وقد وردت هذه الأوصاف في العديد من الأحاديث ، نذكر منها ما يلي :
    1 - روى البخاري ومسلم وأحمد عن معاوية قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : " لا يزال من أمتي أمة قائمة بأمر الله لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك " قال عمير فقال مالك بن يُخامِر قال معاذ : وهم بالشام ، فقال معاوية ، هذا مالك يزعم أنه سمع معاذاً يقول : وهم بالشام .
    2 - روى أحمد والطبراني بسند رجاله ثقات عن أبي أمامة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تزال طائفة من أمتي على الدين ظاهرين ، لعدوهم قاهرين ، لا يضرهم من خالفهم إلا ما أصابهم من لأْواء حتى يأتيهم أمر الله وهم كذلك " قالوا يا رسول الله وأين هم ؟ قال : " ببيت المقدس وأكناف بيت المقدس " .
    3 - روى أحمد وأبو داود عن ثوبان قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ... ولا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله عز وجل " . وفي رواية أخرى لأحمد ومسلم والترمذي عنه بلفظ " لا يضرّهم من خذلهم " .
    4 - روى مسلم والبخاري عن معاوية قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " لا تزال طائفة من أمتي قائمة بأمر الله لا يضرهم من خذلهم أو خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم ظاهرون على الناس " .
    5 - روى ابن ماجة عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لا تزال طائفة من أمتي قَوّامةً على أمر الله لا يضرها من خالفها " .
    6 - روى الحاكم بسند صحيح عن عمر بن الخطاب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق حتى تقوم السّاعة " .
    7 - روى البزار بسند جيد عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لا يزال هذا الأمر أو على هذا الأمر عصابة من أمتي لا يضرهم خلاف من خالفهم حتى يأتيهم أمر الله " .
    8 - روى الدارمي عن المغيرة بن شعبة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا يزال قوم من أمتي ظاهرين على الناس حتى يأتي أمر الله وهم ظاهرون " .
    فقوله عليه الصلاة والسلام : طائفة ، وأمة ، وعصابة ، وقوم ، يدّل على حزب ، ولا تدل هذه الألفاظ على أهل الشام كلهم كما فسّرها معاوية لدعم موقفه من عليّ رضي الله عنه .
    وقوله صلى الله عليه وسلم : قائمة ، قوّامة على أمر الله ، يشير إلى قيام الحزب وتمسكه بالإسلام وقوامته على فكر المجتمع وحسّه .
    وقوله صلى الله عليه وسلم : لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم ، يدّل على خذلان الخاذلين له ، وخلاف المخالفين له ، وأن الحق مع الحزب وليس مع هؤلاء ، وأن الخذلان والخلاف لا تلحق الضرر بالحزب كما هو حاصل فعلاً مع " حزب التحرير " .
  14. Like
    طالب عوض الله تلقي نقاط سمعه الرضا في التشخيص الأعور " خربانه "   
    التشخيص الأعور " خربانه "


     




     
    خربانه .... خاربه ..... لا أمل.
    تعليلات واهية لفشل ذريع في الأمة أفرادا وجماعات.
    لماذا فشلت في عملك التجاري ؟ الجواب :خربانه
    لماذا فشلت حياتك الزوجية ؟ الجواب : خاربة
    لماذا رسبت في الإمتحان ؟ الجواب : خربانه
    لماذا لا تحاول اصلاح الوضع ؟ الجواب : لا أمل.
    خربانه .... خاربه ..... لا أمل.
    تشخيص أعور للداء يتسم بالارتجالية وعدم الجدية.
    وأمثال تلك التشخيصات التي تمثل الهزيمة المحتوية على الفشل الذريع وتبريراتها الواهية تتكرر كل يوم وفي كل الأقوام المختلفة، تتكرر في الحياة السياسية، وتتكرر في الحياة العملية، وتتكرر داخل البيوت، وأكثر ما تبرز في الانتخابات بأنواعها، وفيها كلها لا بد من تبريرات واهية للفشل، والمشكلة الكبرى في أنّها تبريرات تعتمد على الكذب أو سوء الظن أو الحسابات الخاطئة أو التقدير الخاطئ للمواقف، وربما تبريرات يصدق عليها أنّها تأخذ وصف أنها كتعلق الغريق بين الأمواج في البحر المحيط بقشّة، ونادراً ما تكون التبريرات صادقة.
    المرأة التي تضع قدر الطعام على الموقد لينضج، وتذهب للتلفاز لتشاهد فيه فيلم درامي وتنسجم معه، ولا تفطن لأنّ طعام أطفالها قد احترق وأصبح فحم أسود، فتبرر ذلك أنّ بالموقد خللاً أدى لاشتعال النار وحرق الطعام، والتاجر لا يخطط كي يشتري وكيف يبيع فيخسر وتفشل تجارته فيبررها بخطأ عاملوه وموظفوه.
    والخطورة الفادحة فيها المنازلة الغير متسمة بالتقوى، بل استعمال الميكافيلية في النزال، معتمدين على المثل العامي ( الذي تغلب به العب به ) وفي أمثال تلك الحالات يُعتمد على الكذب والتجريح الشخصي والادعاءات الكاذبة بعيدا عن شرف النزال ومراعاة الزمالة والدين.
    وأشد أنواع التبريرات الواهية تفاهة والتي لا تغني عن الحق شيئا وجود نفر من الناس ينْكِر مُنْكَرَُ الأوضاع السيئة الذي يعيشها باللسان في حين كان باستطاعتة العمل لتغيير ما أنكر من المنكر بغير الدعاء واللسان- بغض النظر عن نوعية هذا المنكر - وحين يجابه بأنّ تغيير المنكر منوط بالاستطاعة وواقع حالك القدرة على انكار أكثر جدية وأبلغ أثرا، وربما فيما يتعلق بالمنكر الخاص القدرة على التغيير، فيهز رأسه آسفا حزينا بحجة أنه لا يريد العمل فيغضب أحد أو يعادي أحد، أو يواجه يجابهه بأن التغيير من عمل الله وليس من عملنا فنسأل الله الفرج وتغير الأحوال.
    والأصل فيمن فشل في مهمة أن يقوم بإعادة نظر في عمله يفتش فيه عن مواطن الخطأ والصواب، وايجابيات العمل من سلبياته، لتكون نتيجة إعادة النظر موجهاً ومرشداً ودليلاً لإتقان أعمال بعدها من مثل سد فراغات وتصحيح أخطاء واستحضار منسيات، معللا الأمور بوقائعها، مسترشداً بنتائج ذلك ومتعالماً منه.
    وحديثاً... وبالتحديد في تحليلات احداث الرّبيع العربي والنكوص الذي رافق أحداث مصر من محاكمات صورية لقادة الفساد في العهد البائد والمسرحيات المتمثلة في انتخابات محكومة النتائج سلفاً وتهالك أصحاب اللحى والعمائم على المشاركة في اللعبة الديموقراطية... وعندما يجابه الناس بالحقيقة المُرّة .... خربانه ... لا أمل.
    خربانه .... لا أمل
    ولكن هل حاولت تغيير المسار المغلوط ليسير في الاتجاه الصحيح قبل الحكم بالخراب ؟
    وماذا في تونس الخضراء وليبيا واليمن السعيد !!!! خربانه .... لا أمل
    وماذا فعلنا لنوقف المجاذر وانتهاك الحرمات في شامنا ؟
    لا أمل .... خربانه !!!!
    والنتيجة : خربانه .... خاربه ..... لا أمل.
    تعليلات واهية لفشل ذريع في الأمة أفرادا وجماعات.
    خربانه .... خاربه ..... لا أمل.
    تشخيص أعور للداء يتسم بالارتجالية وعدم الجدية.
    والآن : هل الأمور وصلت لدرجات : خربانه .... خاربه ..... لا أمل.؟
  15. Like
    طالب عوض الله تلقي نقاط سمعه رضا المهملي في الخطر الطبقي   
    الحيلولة بين الطبقية وبين تحكمها بالتكتل


    قال تعالى من سورة الفتح:( مُحَمَّدٌ رَسولُ اللهِ وَالذينَ مَعَهُ أشِدّاءُ عَلى الكُفارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ تراهُمْ رُكعاً سُجَّداً يَبْتغونَ فضلاً مِنَ اللهِ وَرِضْواناً سيماهُمْ في وُجوهِهِم مِنْ أثرِ السُّجود.)[1] وقال تعالى من سورة لقمان: (وإذ قال لقمان لابنهِ وهو يعظه يا بني لا تشرك بالله إنّ الشرك لظلم عظيم *)[2]. ( يا بني أقم الصلاة وأمر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور* ولا تصعر خدك للناس ولا تمش في الأرض مرحاً إنّ الله لا يحب كل مختال فخور* واقصد في مشيك واغضض من صوتك إنّ أنكر الأصوات لصوت الحمير*)[3]
     
    من مفهوم الآيات الكريمات والتي فصلت وبينت وحددت شكل وهيئة التكتل الهادف وفصلت وحددت بصورة حصرية شكل ونوعية القائمين عليه المشمولين بصلاحيتهم لعملية التغيير المستحقين نصر الله دون سواهم من البشر، بل حتى دون سواهم من جماعة المسلمين:
     
    01. أوصاف حملة الدعوة كما ورد في خطبة أبي حمزة الشاري: (يا أهل مكة، تعيروني بأصحابي تزعمون أنهم شباب، وهل كان أصحاب رسول ألله صلى الله عليه وسلم إلا شباباً ؟ نعم الشباب عمية عن الشر أعينهم، بطيئة عن الباطل أرجلهم، قد نظر الله إليهم في آناء الليل منثنية أصلابهم بمثاني القرآن، إذا مرّ أحدهم بآية فيها ذكر الجنة بكى شوقاً إليها، وإذا مرّ بآية فيها ذكر النار شهق شهقة كأن زفير جهنم في أذنيه.). وفي خطبة أخرى له يقول: (ألا وان لله بقايا من عباده لم يتحروا في ظلمها، ولم يشايعوا أهلها على شبهها، مصابيح النور في أفواههم تزهو، وألسنتهم بحجج الكتاب تنطق، ركبوا منهج السبيل، وقاموا على العلَم الأعظم هم خصماء الشيطان الرجيم، بهم يصلح الله البلاد، ويدفع عن العباد، طوبى لهم وللمستصبحين بنورهم، وأسأل الله أن يجعلنا منهم.)[4]
    02. وردت أحاديث عدة في الصحاح يذم الرسول صلى الله علية وسلم المتنطعين والمتفيقهين والمختالين والمنافقين....... ويبشرهم بالهلاك وسوء الحال، وكذا فقد ذمّ الله تعالى من يُخالف سلوكه ما يحمل ويدعو له من فكر في قوله تعالى: ( يا أيها الذين آمنوا لِمَ تقولون ما لا تفعلون، كَبُرَ مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون)[5] لذا فإن وجود أمثال تلك النوعيات بين حملة الدعوة يكون من المعوقات والموانع، ووجب أن يُحال بين تلك النوعيات وبين الانتظام في التكتل، لأنهم سَيَكونونَ عالة عَليه ما داموا على فسادِهِمْ وانحِرافِهم، معوقين للنصر والوصول إلى الهدف، ووجب أن ينقى التكتل منهم كما ينقي الكير الحديد.
    03. من المعلوم من الدين بالضرورة أن العقوبات جوابر وزواجر في الحياة العملية، أما في التكتل فبها ينقى التكتل مما علق به من الأدران والشوائب، ومن البديهي أن التقاعس في ذلك يكون من معوقات الوصول للهدف، لذا وجب أن يُحاسِب حامل الدعوة نفسه بعرض سلوكه على ألأحكام الشرعية وتصحيح المُعوَج منها، وإلا فعلى التكتل أن يعالج ذلك بالتنبيه أولاَ، وإلا فيعاقبه بما يستحق من أنواع المحاسبة، بما في ذلك الحرمان من الثواب بالطرد من التكتل، وبهذا يتم المحافظة على دوام أن يكون شبابه الصفوة المختارة والشامة التي لا تغيب عن البصر.
    04. من البديهي أن أي تكتل سيكون وبالاً على الأمة إذا وصل إلى قيادتها وبينه وخاصة في قياداته من يشك في إخلاصه وتقواه وورعه، لذا فأرى الحذر الشديد في اختيار الأفراد والمسؤلين على السواء، ومراجعة وضع كل من ينبه لمخالفاته وسلوكياته، وقد عزل الرسول والخلفاء من بعده الولاة لمجرد الشكوى منهم. ويسمي الحزب قيادة الأمه بمن في نفوسهم مرض من أمثال من ذكرت في كتاب " التكتل الحزبي " بالخطر الطبقي الذي يتسرب إلى رجال الحزب، لا الأمة. [6]
    05. يجب التفريق بين الشخصية الإسلامية وبين حامل الدعوة، إذ الثاني حامل لواء تغيير، فلا يسري عليه ما يسري على الأول، بمعنى أن الثغرات في السلوك غير مستهجن وجودها في الأول لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم: " كل بني آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون " ولقوله تعالى: " قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله، إن الله يغفر الذنوب جميعاً " أما في الثاني فيُستهجَنُ وُجودها لمفهوم آية لقمان الواردة، ولأن فاقد الشئ لا يُعطيه، فلا يكون بين حملة الدعوة كاذب ولا منافق ولا خائن أمانة ولا من لا يراعي تقوى الله في سلوكه الشخصي، ولا مرتكب أي نوع من أنواع المخالفات الشرعية مهما كان نوعه، والناس لا يستهجنون المخالفات الشرعية أو السلوك المنحرف في أي شريحة من شرائح المسلمين: لا يستهجنوها في المشايخ ولا في أفراد التكتلات الأخرى حتى في تلك المنتسبة اسماً للإسلام، بل يستهجنون ذلك في شباب الحزب، وذلك طبيعي لأن غالبية المسلمين يُدرِكونَ أن حزبنا هو الوحيد الصالح للتغيير، وأن أفكارنا هي أرقى أفكار وُجدت، فيستهجنون في من يحمل تلك الأفكار كيف ينحرف!! مثالُ ذلكَ: عِندَما اقترف أحد الشباب معصية عَرّفهُ أحدهم لزميله: ألا تعرفه ؟ إنه صاحب فرضية الدعوة.
    06.في قول لأحد الفقهاء " إذا رأيتموني أنازع جاراً أو قريباً فاشهدوا لي بالجنون واكووا رأسي بالنار " وهذا القول يعني مدى فهم ذلك الفقيه لمعنى الجوار في الإسلام، ولمعنى صلة الرحم في الإسلام، ويعكس لنا مدى تقدير ذلك الفقيه لمركزه كفقيه ينظر إليه الناس بتلك ألصفه ألمميزه، فكيف يأخذ الناس علمهم من فقيه دَعِيٌ منحرف أو صاحب مشاكل؟. وبناء عليه فلا مكان في التكتل لدائم الخلاف مع أهله وجيرانه وزبائنه، ولا مكان في التكتل لصاحب المشاكل مع المتعاملين معه، ثبتت عليه المخالفة أم لم تثبت، لأن كثرة مشاكله تعني انحرافه بتواتر المعنى، وتعني بالتالي أن أمثال هذا يشكل مسبة في جبين التكتل.
    07. ليس المقصود بالحالات التي سقتها شخصاً بعينه أو أشخاص مشخصين، بل حالات وجدت أو أمكن وجودها بين البشر، بعد دراسة مستفيضة لنفسيات البشر، وباستعراض بعض الحالات التي مرت في تاريخ التكتلات، كما أنبه أن لا يتبادر إلى الذهن أن المخالفات والسلوك المعوج هي صفة ملازمة لشبابنا، فشبابنا والحمد لله تعالى هم الصفوة المختارة من الأمة، والشّامة التي لا تغيب عن البصر، مصابيح النور في أفواههم تزهو، وألسنتهم بحجج الكتاب تنطق، تلاميذ مجدد الفكر الإسلامي في القرن العشرين سماحة الشيخ تقي الدين النبهاني، وصاحبه وخلفه سماحة الشيخ عبد القديم زلوم، وإخوان صوت الحق تحت قبة البرلمان، رافض الثقة بالحكام ورافض سن أنظمة وأحكام الكفر، سماحة الشيخ أحمد الداعور، حاملوا لواء التغيير بقيادة أميرهم وقائدهم فضيلة الشيخ عطا أبو الرشته، الذين ركبوا منهج السبيل، خصماء الشيطان الرجيم وطواغيته في الأرض، بهم سيصلح الله البلاد إن شاء الله، ويدفع عن العباد، وبهم من شابه الصحابة وأصحاب عيسى بن مريم الذين نشروا بالمناشير وحملوا على الخشب. صبروا على البلاء والعذاب وقطع الأرزاق والأعناق، فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا، أنهم أمل الأمة ورجائها وقادتها للخير والنصر أن شاء الله. إلا أنّ وجود المنحرفين بينهم ـ وآمل أن لا يوجد ـ يسئ للحزب وجودهم داخل تكتله، لا بل يُستهجن وجودهم داخل التكتل لأنهم ليسوا من نوعية حاملي هذا الفكر. هذا مع العلم أن الحكم الشرعي قد أوجب علينا عدم التفتيش عن سلوك الناس وأسرارهم والبحث عن مخالفاتهم وانحرافاتهم، فالمقصود هنا من اشتهر بين الناس بسلوك منحرف ومخالفات شرعية، أو من يُنبه لانحرافه السلوكي.
    08. أنه من البديهي أن عمل حامل الدعوة الأول والأهم هو أعمال الدعوة، لذا وجب أن يبرز الشباب في المجتمع بصفتهم الحزبية، من الامتثال والتقيد التام بالأحكام الشرعية وكل ما يفرضه بالضرورة انضمامه لهذا التكتل، فيكون حكمه على الوقائع الجارية في مجتمعة منسجماً مع ما يحمل من فكر، ومن البديهي أن أعماله جميعاً ستكون منطبقة ومتوافقة مع فكره، ويجب أن يبرز ذلك فيه، وأن يبرز الشاب في مجتمعة بصفته حامل دعوة وليس بأي صفة أخرى. ومما هو معلوم بالضرورة حتمية أخذ كل شاب الدور القيادي الرائد في تبني مصالح الوسط الموجود به من عائلته إلى الحي القاطن به وصولاً للبلد والولاية التي هو بها، وأن يُراعى في ذلك أن يكون هذا الدور منسجما مع فكره، وأن يعطى الانطباع لدى الناس أن تحرك هذا الشاب هو بصفته الحزبية وليس بصفته الشخصية، وينطبق ذلك على أعمال " رجال الإصلاح " من شبابنا الذين يتبنون حل المشاكل العشائرية بين الناس، فهم أولى شبابنا في تحري الحق والحق وَحدَه في حلّ المشاكل، وعدم مخالفة طريقة الإسلام بتاتاً في ذلك مهما كانت الظروف، ولا ينسوا بتاتاً ما ورد ورُكِز عَليه في كتاب " التكتل الحزبي" [7]من أننا يجب أن نعمل على تغيير الواقع بما نحمل من أفكار لا أن نكون من جنسِ الواقع، فنقوم بتغيير قوانين وأعراف وعادات المجتمع الفاسدة بفكرنا لا العكس، وأن يَبرُزَ بين الناس أن توجههم هذا هو بصفتهم الحزبية وليس الشخصية. ومن البديهي أن حامل الدعوة متحدٍ سافر يتحدى أفكار المجتمع المغلوطة، وعاداته الفاسدة، وشرائعه وعقائده الكافرة، لا يُداجي في ذلك ولا يُهادن، وليس من طريقته التدرج في تطبيق الأحكام أو التكيف مع المجتمع وواقعه المخالف لفكره، وخلاف ذلك يكون غير أهل للانتظام في تكتل حزبي انقلابي، وحبذا لو جلس في بيته فأراح واستراح.والمراد من ذلك كثرة الإنتقادات التي توجه لبعض رجال الاصلاح من انتهاج أساليب خاطئة وممجوجة في أثناء قيامهم بحل مشاكل الناس، من ضغط على الضعيف لصالح القوي، مع القناعة بأن الضعيف هو صاحب الحق، وأحيانا سكوت عن منكر وكذب ونفاق بحجة إسكات فتنة. سالكين طريق " نبل الغاية يبرر نوع الوسيلة " مخالفين قاعدة " الوسيلة إلى الحرام حرام ".
    09.بالرغم من كل ما سبق من ضرورة تنقية التكتلات السياسية القائمة على أساس الإسلام، والسائرة نحو هدف إجتثاث الفساد من المجتمع وقيام مجتمع اسلامي خلاق ومبدع على أنقاضه، تنقيتهم من كل الأفراد الذين يشكل وجودهم فيه ضررا على التكتل ونقائه، إلا أني أرى أن واجب التكتل هو المعالجة والتقويم قبل الكسر، وكما أن الكي آخر العلاج، فالبتر هو آخر الطرق التي ينبغي أن يسبقها محاولة التقويم والمثابرة عليها، فتكتل يسعى لإصلاح أوضاع مجتمع لا نسفه، أحرى به أن يقوِمَ اعوجاج أفراده لا كسرهم وتعقيدهم وإعانة الشيطان عليهم، وتحويلهم إلى خصوم وأعداء. وكما أن الله تعالى قد جعل التوبة ماسحة للذنوب، فوجب علينا أن نقبل من أكثر الشباب اعوجاجا توجههم نحو الصلاح وانصلاح الأحوال، لا بل من واجبنا دفعهم لذلك ومساعدتهم فيه. فغير مقبول من التكتل أن من كان مظنة اعوجاج أو انحراف أو سوء سلوك أن يُعْمَلَ على بتره وتعقيده وإبقاء المجهر مسلط عليه والسيف مشهر في وجهه والنطع جاهز لاستقبال رأسه، إن أبدى الرغبة في إصلاح حاله وتقويم اعوجاجه. وأشير هنا أنه حتى كل من كان مظنة سوء من أفراد التكتل بقي في صفوف التكتل ولم توقع عليه عقوبة ما لأي سبب من الأسباب فانه محسوب على التكتل ما دام فيه، له عليه واجب الاحترام والرعاية الكاملة ما دام في التكتل، فلا تلصق على ظهره يافطة المتهم طيلة حياته، ولا يجوز بأي حال من الأحوال النظر إليه كمشبوه ومعاملته من هذا المنطلق، ليبقى بين صفوف التكتل قلقا طريدا منبوذا خائفا مرعوبا يشكو إلى الله ظلم مَن مِنَ المفروض أنهم أهله وإخوانه ورعاته وأمرائه !!!!!! فإما فرد من الأفراد له كامل الحقوق والاحترام، وإما ليس من التكتل وخارج صفوفه ليس له عليه الواجب المكتسب. أما العضو الناقص العضوية فهي حالة نشاز معيبة في ذاتها وغير مسموح بها في التكتلات.
    10.إن من المخالفات ما لا ينطبق عليها البند السابق ولا تندرج في نطاقه، فالشباب الذين تمردوا على التكتل أو عملوا على هدمه أو الإساءة إليه أو عملوا أو تبنوا أو حملوا خلاف متبنياته، لا مكان لهم في التكتل، وبالتالي الاحترام الواجب، وكذا مرتكب المخالفات الشرعية التي تخرج الشاب عن صفة الشخصية الإسلامية من شباب التكتل أو تبعده عنها أو تخالف صفته كحامل لواء التغيير وأصحاب السلوك المعوج الذين لا أمل في صلاحهم ومرتكبو الفواحش.
    11.إن من الخطورة البالغة قيام المسئول بألكيل بمكيالين، بالتفريق في التعامل بين الشباب، بحيث يتم التهاون في التعامل مع مخالفات نوعيات وتبرير مخالفاتهم، مع التشديد في معاملة مخالفات شباب آخرين، وهذه الحالة توجدُ في الحزب مراكز قوى وأتباع ومحاسيب، وتحرف العمل الحزبي عن مساره. وقد عانينا من هذه المسألة سابقا أشد المعاناة قبل عاصفة النكث، وربما كانت تلك المسألة بالذات من عوامل شدة تأثير النكث.... كما يفضل انتهاج آليــــــة سليمة ودقيقة في التعامل مع المخالفات وطريقة التحقيق فيها بحيث يراعى فيها الكياسة والفطنة والرغبة في الوصول إلى الحقيقة بغض النظر عن وجهة نظر المتحقق في الشخص المحقق معه والتجرد التام من قناعته الشخصية، وحتى التجرد من المعلومات السابقة.
    12.قال تعالى:( محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم )، ومن مفهوم الآية الشريفة نرى أنه يُحظر على المسئول معاملة الشباب بفوقية وتعالي أو بفظاظة مهما كانت الحالات، وذلك أكثر ما يباعد بين الشباب وبين المسئولين ويخلخل الثقة والود بينهم ، ويبعد التعاون المنتج ويشكل حائلا أمام المصارحة المطلوبة المنتجة للتعاون. وقد يحول المسئول إلى شخص مرعب مرهوب الجانب، في حين أن المفروض أنه أخ وراعٍ ومقوم، مما يعيق العمل ويحرفه عن اتجاهه الصحيح. وأرى في مثل تلك الحالة أحد مقاصد ما ورد في كتاب التكتل الحزبي صفحة 53 : بالخطر الطبقي الذي يتسرب إلى رجال الحزب لا الأمة . كما أِشير إلى أن ثقة الأمة بالحزب وتقديرها له، ومدى الكسب الذي كسبناه على مدى سنين بما في ذلك كسب ثقة الناس واحترامهم وتأييدهم لنا ولفكرنا قد تحقق على يد أناس أشداء على الكفار رحماء بينهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم في وجوههم من أثر السجود.
    13. لدى استعراض الأحكام الشرعية نجد أن الشرع قد خطّ معادلة دقيقة في كيفية التعامل بين الأفراد ومسئوليهم عموما في المجتمع والتكتل، وبيّن أن فساد المسئول أو انحرافه أو أخطائه في معالجة الأمور تشكل خطورة في سير الدعوة، لذا فيجب تمكين أفراد التكتل من محاسبة المسئول وتنبيهه إلى ما قد يصدر عنه من أخطاء في معالجاته أو طريقة تعامله مع شبابه، مع انتهاج أسلوب الأدب البالغ في التخاطب، بحيث تكون المحاسبة بقصد تقويم الاعوجاج وتصحيح الأخطاء، ويحظر أن يكون ذلك بالأسلوب الفظ وبغاية كسب المواقف والاحراج، أي يجب أن يكون ذلك من واجب النصيحة والحرص على الدعوة وسيرها، والاخلاص يوجب الطاعة الكاملة غير المنقوصة، ولا يجوز لأي من أفراد التكتل نزع يدٍ من طاعة أخذ برأيه ونصحه أم لا. رأى أن المسئول قد أحسن إليه أم أساء، أكرم أخوته أم جلد ظهره بالسياط، فرش له النمارق أم أعد له النطع، فله عليه واجب الرعاية والأخوة وتمكينه من المحاسبة، ولهم عليه واجب الطاعة الكاملة، فإن الله سائلهم يوم القيامة عما استرعاهم وعما ائتمنهم عليه.


     
     
     
     
    [1] الفتح 29.
     
    [2] لقمان 13 .
     
    [3] لقمان 16 – 19.
     
    [4] ابن عبد ربه الأندلسي – العقد الفريد.
     
    [5] الصف 2 – 3.
     
    [6] - التكتل الحزبي – حزب التحرير ، صفحة 53 .
     
    [7] التكتل الحزبي صفحة 48.
  16. Like
    طالب عوض الله تلقي نقاط سمعه عماد النبهاني في اللهم اني ناصح أمين   
    نعم أخوتنا في الله
    ما أردته من نشر هذا البحث ونتائجه، وتقديمي النصح لكم الا من باب القيام بواجب النصح ولأذكركم أن ما قام به حزب التحرير لم يكن نزهة بل مسيرة دموع وجدّ ومعاناة وتحدي للشرك والكفر والباطل وسفور بالحق وتصميم على سلامة الفكرة وشرعية الطريق ونظافة التكتل ووعي سياسي ، فقد قام أميرنا المؤسس رحمه الله بهز الشجرة مراراً وتكراراً ليسقط النفل عنها، وليجهض الحمل الكاذب، وأتت محنة الثبات على المبدأ ، والتي يحلو لبعض الشيوخ بوصفها بمحنة الهالك عبد الناصر لا رحمه الله، تلك المحنة التي كان من آثارها أن عادانا الجميع وحاربونا ، وامتد ذلك للأذى الشخصي، والكارثة أنّ الحزب صار يرى تساقط رجاله الواحد تلو الآخر، يتركون الدعوة الواحد تلو الآخر،حتى لم يبق منهم إلا ما يقارب الربع مما كان. لم تكن نزهة أورثت من أتى بعدهم جنة نعيم، بل كفاح ونزاع وجهاد نفس وآهات ودموع وتعذيب وقطع أرزاق وتشريد ومهانة وذل وسهد ليالٍ ومهانة نهار، كلّ ذلك احتمله رجال عمالقة لم يحنوا هاماتهم لظالم، ولم يسجدوا ألا للخالق العظيم، ...... نعم المواقف هي مواقف الرجال، ولكي نسير على درب العزة الذين ساروا عليه، وللفت النظر أنّ أمجاد الصحابة ممكن أن تتكرر في رجال هم بمنزلة الصحابة في الصبر، لابل بمنزلة أيوب عليه السلام، وبمنزلة الصحابة في الفكر والعقيدة وحسن الالتزام، فسلام الله عليهم وعلى من سار على رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يوم الدين.
    إنّهم من عاهد الله تعالى على العمل الجاد لتحقيق إقامة الخلافة الاسلامية فرض الفروض وتاجها، فأنبرى لإخراسهم وإسكاتهم والقضاء على دعوتهم مجرمون عتاة لا يرقبون فينا إلاً ولا ذمة، فتحوا السجون والمعتقلات، وأعملوا في الظهور السياط، عذبوا وفتنوا شباب لم تهن لهم قناة صدقوا الله ما عاهدوا عليه، فمنهم من قضى نحبه في سجون الطغاة من هول التعذيب ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا، وفي محاولات الطغاة لإطفاء شعلة نور بزغ من المسجد الأقصى، استعانوا بأصحاب التقوى الضائعة، والنفوس الفاجرة من شيوخ سلطان وعملاء لا يتقون الله في أحباب الله، لينبروا للفتنة وصد الناس عن كلمة الحق، فالفوا في محاولات الصد عن الدعوة الكتب المخابرتيية، وفبركوا الفتاوى الضالة، وتخصصت منتديات ومواقع على الشبكة العنكبوتية بل مستنقعات آسنة الرائحة للنيل من حملة الدعوة تكذيباً وتكفيراً، وكيف يرضى الله لأحبابه الفتنة وقهر الرجال، لا لن يقبل الله ذلك:
    ﴿وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مؤمنين. وَلَا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِرَاطٍ تُوعِدُونَ وَتَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِهِ وَتَبْغُونَهَا عِوَجًا وَاذْكُرُوا إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلًا فَكَثَّرَكُمْ وَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ. وَإِنْ كَانَ طَائِفَةٌ مِنْكُمْ آمَنُوا بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ وَطَائِفَةٌ لَمْ يُؤْمِنُوا فَاصْبِرُوا حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَنَا وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ.﴾ ( 1)
    (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (2 )
     
     
     

    اللهم فاشهد وأنت خير الشاهدين بأني قد نصحت
    اللهم فأشهد وأنت خير الشاهدين بأني قد حذرت
    اللهم فأشهد وأنت خير الشاهدين بأني قد بلغت
    والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    طالب عوض الله


    ________________
    1 - سورة الأعراف ( 58 )
    2 - آل عمران ( 104 )
  17. Like
    طالب عوض الله تلقي نقاط سمعه ابو ياسر في اللهم اني ناصح أمين   
    وأهديهم نصيحتي :


     
    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة وتركها على المحجة البيضاء لا يزيغ عنها إلا هالك.
    الحمد لله الذي هدانا لهذا الدين وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، وصلى الله على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه ومن والاه وتبعهم بإحسان إلى يوم الدين. وبعد.
    وبعد اخوتي بالله :فإن الله سبحانه وتعالى خلق البشرية لغاية أرادها فقال: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ)(1 ) ومن أجل ذلك ميز الله سبحانه وتعالى الإنسان عن بقية المخلوقات وجعله مناط التكليف، فوهب له العقل المفكر وأعطاه السمت الحسن، وجعله في أحسن تقويم، قال سبحانه وتعالى: (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً)(2 )
    ثم إن الله سبحانه وتعالى بين للإنسان طريق الهدى والرشاد ودعاه إليها وكشف له عن طريق الضلال والفساد وحذره منها. فقال سبحانه وتعالى: ( إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً)(3 ) وقال تعالى: (وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ).(4 )
    وبهذا كله أرسل الرسل مبشرين ومنذرين وأعطى الإنسان حرية التفكير والإتباع حتى يكون مناط التكليف- فانقسمت البشرية إلى فريقين:- فريق مؤمن ومتبع ما جاء به الرسل من عند الله، وفريق اتبع هواه وما توسوس به نفسه... فكان نتيجة ذلك صراع دائم بين الحق الباطل وحتى يقطع الله الحجج عن بني آدم ختم الرسالات كلها برسالة الإسلام واختاره لعباده المؤمنين وختم الأنبياء بمحمد صلى الله عليه وآله وسلم ..
    قال سبحانه وتعالى: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً)(5 ) وقال سبحانه وتعالى (مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً)(6 ) فكان دين الإسلام هو الدين عند الله وبه يعالج علاقات الإنسان كلها : علاقته بربه نظمتها العبادات وعلاقته بنفسه فنظمتها أحكام المطعومات والمشروبات والملبوسات والأخلاق، وعلاقته بغيره فنظمتها أحكام المعاملات والحكم والعقوبات.
    وقد جعل سبحانه وتعالى ملاك ذلك كله دولة تحكم بما أنزل الله، فتقيم العدل وترفع الجور والظلم وتنشر الخير والفضيلة وتحمل رسالة الإسلام إلى الناس كافة .. قال سبحانه وتعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ)(7 )، وقال سبحانه وتعالى: (إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلاَ تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ)( 8) وقال تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ)( 9) وقال سبحانه (وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللّهُ إِلَيْكَ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيراً مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ)(10 ).
    فحقق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ذلك كله، حقق كل ما أمره الله بتبليغه وأقام دولة الإسلام، وتابع صحابته رضوان الله عليهم فعله، فأقاموا دولة الخلافة الراشدة وساحوا في الأرض استجابة لأوامر الله تعالى ينشرون العدل ويقيمون القسط ويرعون العباد برعاية الإسلام...وامتد سلطان الخلافة الإسلامية فدخل معظم الأقطار المعروفة في ذلك الحين ما بين غربي أوروبا إلى شرقي آسيا وشمالي إفريقيا.
    لكن الصراع بين الكفر والإيمان، بين المسلمين والكفار صراع دائم سواء كان صراعا فكريا أم ماديا....
    وكثيرا ما وقفت دول الكفر في وجه دولة الإسلام .. وكثيرا ما كان يقع الصراع المادي بينهما.. وربما اخذ هذا الصراع المادي صراع دولة واحدة ضد دولة الخلافة، وربما اخذ هذا الصراع المادي صراع مجموعة دول من دول الكفر ضد دولة الإسلام.. وأبرز ما كان في العهود السابقة الحروب الصليبية التي تداعت لها دول الغرب الكافر استجابة لنداء البابا "اريان الثاني" و "بطرس الناسك" لتخليص بيت المقدس وكنائس النصارى من أيدي المسلمين الكفرة في زعمهم .. وقد رافق رغبة البابا هذه رغبة أخرى تدور حول سيطرة الكنيسة الكاثوليكية على الكنيسة الشرقية الأرثوذكسية ليكون العالم النصراني تحت سلطة حكومة دينية واحدة رئيسها البابا الكاثوليكي.. وهذا دلالة بينة على الفساد بينهم جميعا.. ومن الأمر الطبيعي كذلك أن يرافق هذه الرغبة رغبات أخرى مادية دنيوية تتمثل في الغنائم والديار التي يستولون عليها.
    ومما يدل دلالة واضحة عن أن غرض هذه الحملات الصليبية إنما كان للقضاء على الإسلام والمسلمين لاسترداد كنائسهم وأماكن عبادتهم، إن شعار حملاتهم كان الصليب الذي حملوه وحمله كل جندي منهم.. ومما يؤكد على الحقد في قلوبهم ما فعلوه بالمسلمين في ساحة مسجد بيت المقدس عشية استيلائهم على القدس. فقد ذبحوا سبعين ألفا في ساحة المسجد الأقصى. ولم يرف لهم جفن ولم تنزل لهم عبرة.
    صحيح أن أوضاع المسلمين في ذاك الحين كانت أوضاعا سيئة فتمكن الصليبيون قرابة مائة عام من الحكم والتحكم في ديار المسلمين التي استطاعوا الاستيلاء عليها... لكن الله كان لهم بالمرصاد فهيأ قائدا ربانيا مسلما جمع شتات المسلمين في ديار الشام ومصر وحارب الصليبين بخلق القائد المسلم حتى هزمهم واضطرهم للعودة خائبين إلى ديارهم.. ذاك هو صلاح الدين الأيوبي. فاستقر أمر المسلمين بعد ذلك طيلة الخلافة العثمانية حتى ضعف آخرهاا حين أهملت قواعد في الإسلام لا بد منها فأهملت اللغة العربية لغة القرآن والسنة فابتعدوا بذلك عن فهم الإسلام فهما صحيحا يحل مشاكلهم ويبنى أمرهم.
    هنا استغل الغرب الكافر بعد ثورته الصناعية، استغلّ هذه الظروف وأدرك ان سر قوة المسلمين يكمن في وضوح عقيدتهم وبيان شريعتهم فشنوا اولا الحملات التبشيرية واستطاعوا أن يشتروا عملاء وأبواق لهم ممن أضلهم الله من المسلمين وأشاع هؤلاء العملاء دعوة القومية والوطنية بين المسلمين حتى وجد التناحر والتباغض... فقام الغرب الكافر بغزوته العسكرية واستطاع بمعونة عملائه وأبواقه القضاء على دولة الخلافة وتقطيع أوصال العالم الإسلامي إلى نيف وخمسين كياناً هزيلاً.
    وفي أواخر الأربعينات من القرن العشرين تمكن اليهود بدعم الكفار المستعمرين لهم, وبدعم من عملاء العرب من حكام وغيرهم من إقامة دولتهم دولة يهود في جزء عزيز مقدس عند المسلمين – فلسطين- فاغتصبوا البلاد وشردوا العباد لاجئين في البلاد العربية والمنافي البعيدة.
    لقد تمكن الكفار عن طريق الغزو الثقافي لبلاد المسلمين ان غيروا مفاهيم الإسلام في نفوس أبنائه خاصة من الطبقة المثقفة، وأحلّوا بدلا منها افكار الكفر ومفاهيمه.. فغرست افكار القومية وأفكار الوطنية وكلها أفكار بدائية للإنسان وراجت هذه الأفكار والمفاهيم.. ونجح الكفار في جعل الإسلام وأفكاره طقوساً دينية وعبادات لا توجد نهضة ولا توجد رقياً، فانزوى المتدينون في المساجد وأكثَرَ الناس من القيام بالنوافل بدل الفرائض.. وبذلك نجح الكفار في جعل الولاء لدى المسلمين للوطنية والقومية وربما الاشتراكية بدلاً من ولائهم للإسلام... وبهذا فقد تغير مفهوم النهضة عند المسلمين.. فبدلا أن تكون النهضة هي الارتقاء على أساس الإسلام صارت النهضة هي الاعتزاز بالوطنية أو القومية أو العشائرية.. وصار التغيير ينصب على الدعوات للوطن أو القومية.. فوجدت الأحزاب تعمل على هذا الأساس.
    هذا الواقع الجديد دفع المفكرين وفائقي الإحساس إلى البحث في هذا الواقع وكيفية الخلاص منه وكيفية عودة المسلمين إلى الواقع الذي كانوا عليه قبل ذلك منذ عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى أن هدمت الخلافة.
    اختلفت الرؤى واختلف العلاج فلم تحدد المشكلة بشكل لا لبس فيه ولم يحدد العلاج المناسب فكان الاختلاف بين المفكرين حيث رأى بعضهم أن الوحدة والنهضة إنما تقوم على أساس القومية أو الوطنية.. فلا بد من تأسيس أحزاب تنادي بهذه الأفكار وتدعو لها واشتهر من هذه الأحزاب حزب البعث والقوميين العرب والحزب الناصري. وهؤلاء جميعا اتخذوا عقيدة فصل الدين عن الدنيا أي فصل الدين عن الحكم... ورأى البعض الآخر أن السبب من هذا الواقع السيئ هو البعد عن الإسلام فدعوا إليه بشكل عام ومفتوح لم تحدد أسسه وقواعده وأركانه... ودعا بعضهم إلى الأخلاق ودعا بعضهم إلى إقامة الجمعيات الخيرية والرعاية الاجتماعية ودعا بعضهم إلى إقامة المساجد وكفالة الأيتام أو بناء المدارس التي سموها مدارس إسلامية وليس لها من الإسلام إلا الاسم فهي تلتزم مناهج الكفر وأفكاره وأنظمته... وقصرت فئات كثيرة دعوتها على الالتزام بالعبادات خاصة وكأن أحكام الإسلام تقتصر على العبادات وحدها فأكثروا من النوافل والروحانيات.
    في هذا الواقع السيئ الذي انحدر فيه المسلمون إلى سلم الهاوية هدى الله سبحانه وتعالى عالما من علماء المسلمين الأفذاذ فحدد مشكلة العالم الإسلامي وبين طريق علاجها كل ذلك من شريعة الله ودين الإسلام ذاك هو الشيخ تقي الدين النبهاني رحمه الله مؤسس حزب التحرير وأميره الأول.
    وحزب التحرير هو حزب سياسي مبدؤه الإسلام. فالسياسة عمله، والإسلام مبدؤه، وهو يعمل بين الأمة ومعها لتتخذ الإسلام قضية لها، وليقودها لإعادة الخلافة والحكم بما أنزل الله إلى الوجود. وهو تكتل سياسي، وليس تكتلاً روحياً، ولا تكتلاً علمياً، ولا تعليمياً، ولا تكتلاً خيرياً، والفكرة الإسلامية هي الروح لجسمه، وهي نواته وسرّ حياته.
    وقيام حزب التحرير كان استجابة لقوله تعالى: ] وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ  [.11 بغية إنهاض الأمة الإسلامية من الانحدار الشديد، الذي وصلت إليه وتحريرها من أفكار الكفر وأنظمته وأحكامه، ومن سيطرة الدول الكافرة ونفوذها, بغية العمل لإعادة دولة الخلافة الإسلامية إلى الوجود، حتى يعود الحكم بما أنزل الله.
     
    -________________________
    1 - الذاريات (56)
    2- الاسراء (70)
    3 - الانسان (3)
    4- البلد (10).
    5 - المائدة (3).
    6- الأحزاب (40).
    7 - سبأ (28)
    8 - البقره ( 119)
    9 - الأنبياء ( 107 )
    10- المائده (49)
    11 - آل عمران (104)
  18. Like
    طالب عوض الله تلقي نقاط سمعه ابو ياسر في اللهم اني ناصح أمين   
    اللهم إني ناصح أمين


    طالب عوض الله
    يقول الله عز وجل في كتابه العزيز:
    {قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ }(1 ) {وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ }( 2) {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ }( 3) {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً }( 4) وقال تعالى :(فَمَنْ يُرِدْ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا. (( 5) (فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا)(6 ). وقال سبحانه وتعالى : ( قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي * وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي * وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي* َيفْقَهُوا قَوْلِي( (7 )
    وفي الحديث الشريف:عن حذيفة قال رسول الله r: تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها ثم تكون خلافة على منهاج النبوة فتكون ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها ثم تكون ملكا عاضا فيكون ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها ثم يكون ملكا جبرية فتكون ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها ثم تكون خلافة على منهاج النبوة ثم سكت . ( 8).
    ومن منطلق مفهوم ما روي عن تميم بن أوس الداري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( الدين النصيحة ثلاثا قلنا لمن يا رسول الله قال لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم )( 9).فقد هداني الله لهذا البحث في واقع جماعة الاخوان المسلمين منهجا وخط مسير مستعينا بما ورد في مصادرهم، وتمّ بناء على هذا الفهم مناقشة منهج وخط مسير الجماعة على ضوء نصوص الشريعة الغراء، متضمنا ذلك أشهر ما كتب عن الجماعة من المأيدين لها والمعارضين، موثقا كل ذلك ببيان المصادر التي تمّ النقل عنها، وقد هالني أنّ بعض ما كتب عن الجماعة من خصومهم قد تجاوز أصول النقد البناء بلجوء أصحابه للشتيمة والتجريح الشخصي والتجني مما يخالف أخلاق المسلمين وآدابهم، وفي محصلة البحث توصلت لأسباب فشل الجماعة وعدم تقيدها بالطريقة الشرعية في التغيير.
    فقد قلنا أن الفلسفة الحقيقية للنهضة هي مبدأ يجمع الفكرة والطريقة معا . وهما لا بد من تفهمهما لكل تكتل يهدف إلى القيام بعمل جدي يؤدي إلى النهضة، ومتى وضح المبدأ وصار تفهمه لأجل التكتل متيسرا . ولذلك فالطبيعي بعد ذلك البيان الشافي للمبدأ ، أن يكون التكتل المسبوق بهذا التفهم تكتلا مؤثرا ، إنشائيا ارتقائيا ، جديرا بأن يحتضنه المجتمع ويتكفله ، وأن يضطلع بأعبائه ، لأنه تكتل هاضم لفكرته ، مبصر لطريقته ، فاهم لقضيته .
    وفي بعض الحركات المنتسبه للاسلام تجد اطلاق للشعارات والأمنيات المناقض جوهرها لبعضها مع البعض الآخر، علاوة على مخالفة بعضها صراحة لمبدا الاسلام
    ، وعدم انتهاج طريقة ثابتة واضحة المعالم وتغير الثوابت لا بل والنكول عنها ومخالفتها، وانتهاج التبريرات الواهية لتلك المخالفات، مع اعتماد الأدلة العقلية لا الشرعية في أعمالهم، معتمدين مبدأ المصلحة في ذلك مع مراعاة الطريقة الفردية في الدعوة منسجمة مع نهجهم الترقيعي المسمى " الطريقة الاصلاحية " والمناداة بما يخالف الاسلام من التشريعات من مثل ( الشعب مصدر السلطات ) والاشتراك في أنظمة الحكم القائمة والتي تخالف نظام الاسلام في أصولها وفروعها.
    وغالبية تلك الحركات والجماعات هي دعوات اصلاح فردية تعتمد على تسلسل: اصلح الفرد تصلح الأسرة فيصلح المجتمع، وهي طريقة سقيمة لا تنتج نتائج بل يدور صاحبها في حلقة مفرغة في نهايتها سينتهي حيث بدأ، وطريق النهضة الآن يجب أن يترسم خطوات الرسول صلى الله عليه وسلّم، فطريقة الرسول التي أدّى بها الرسالة هو أنه بدأ بالأفراد بوصفهم أجزاء في المجتمع رجالاً ونساء، فعلمهم وثقفهم بالإسلام، وهيأهم بعقائده، وغيّر مفاهيمهم المغلوطة بمفاهيم صحيحة. أخذ الإسلام هؤلاء لا ليربيهم تربية فردية كتربية المدارس وإنّما ليربيهم تربية جماعية جذرية. لإنّ طريق النهضة الصحيحة هي الحركة التي تعالج مشاكل الإنسان كلها، وتنظر للإنسان كلاً لا يتجزأ ، لذلك فهي تعالج مشاكله بطريقة واحدة، هي التي بُني نظام الإسلام عليها، فقد بُنِيَ نظام الإسلام على أساس روحي، هو العقيدة ، فكانت الناحية الروحية هي أساس حضارته، وهي أساس شريعته، وأساس دولته. ومع أنّ الشريعة الإسلامية فصّلت الأنظمة تفصيلاً دقيقاً كأنظمة المعاملات والعقوبات والعبادات، فإنّها لم تجعل للإخلاق نظاماً مفصلاً، وإنّما عالجت أحكام الأخلاق باعتبارها أوامر ونواه من الله تعالى.
    لقد أنتهجت تلك الجماعات نهج الاصلاح الفردي الترقيعي المخالف للطريقة الشرعية المستنبطة من سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وما ورد من الأدلة الشرعية، فلم تر ضيرا في السير في ركاب الحكام وفي المشاركة في وزارات الأنظمة القائمة وجميعها جاهلية طاغوتية، فنادت بالديموقراطية والتقيد برأي الأغلبية، وأكثر من هذا فقد شاركت في التشريع والاشتراك في المجالس التشريعية المتحاكمة للطاغوت، بل وأبلغ من هذا فقد شاركت بالحكم بغير ما أنزل الله تعالى.وبالتالي فإنّ الفشل الذريع الذي منيت به تلك الجماعات كان أهم أسبابه مخالفة الحكم الشرعي للطريقة مما جعلها غير مبرئة لذمة المنتسبين لها، .
    لم يكن من دواعي وغايات هذا البحث التجريح أو بيان فساد، فمعاذ الله تعالى أن يكون هذا من مقاصدي، غير أني وقد قمت ببحث في واقع مدرك خطورته لكل باحث ومفكر، ومع هذا آثرت أن أقوم به فأهديه لأخوة لنا في الدين مبينا خطأ مسيرات بدأ بعضها منذ زوال نجم الخلافة ولم تفلح في احداث أي تغيير بل أنها كانت أحد العوامل التي أثرت بصورة أو أخرى على نجاح مسيرة قيام دولة الخلافة الراشدة.لذا كان بحثي هذا مُعينا لهم في مراجعة النفس وإعادة النظر في مسيرة فشلت لفساد خط مسيرتها ومخالفته لشرع الله، وبناء عليه أن أهديهم نصيحة مخلصة أدعو الله تعالى أن يدرسوها ويعملوا بها.
    يتبع
    ____________________________
    1 - يوسف (108).
    2 - الأنعام (153).
    3 - الحشر (7).
    4 -الأحزاب (21 ).
    5 - سورةالأنعام(125)
    6- الكهف(6)
    7- طه ( 25-28 )
    8 - رواه ألإمام أحمد والطبراني
    9 - رواه مسلم
  19. Like
    طالب عوض الله تلقي نقاط سمعه بيان الحق في قالوا عني معاق   
    قالوا عني معاق



     
     


     
    قالوا عني معاق ...فهل أبكي ؟
    قالوا عني معاق ...إن كان: فما ذنبي ؟
    ولدت وهكذا قدري
    فهل أحكم على نفسي بحفر لحدي ؟
    وهل أقدر أن أغير خلقي ؟
     
    أتيت لهذه الدنيا كي ألقي العبر
    كي أقتل اليأس والمرض أقهر
     
    نسجت مما لدي بساطاً من الأمل
    نسجت من ايماني قدرة ينميها الأمل
    أسير عليه في عيشي
    نورا يُنير ظلام دربي
    أتابع رحلة عمري
    لا شيء يدفعني
    اللهم إلا الايمان يوجهني
    للصبر والإصرار والجد يدفعني
    للحق والسفور والجلد يلهمني
     
    ساعات وأيام وأزمان من الصبر
    كي ألحق الركب
    فأنتم تعيشون
    ومن حقي طيب العيش كما تعيشون
     
    فهل تنتظرون مني أن أبكي ؟
    وأنتم تشيحون بأنظاركم عني
     
    لا .. لن أحكم بالموت على نفسي
    ولن تسيل دموعي من يأسي
    لا .. وألف لا .. لن أبكي
     
    سأواصل العيش بلا بكاء
    أعمل وأسعى بهمة ورجاء
    سأعبد ربي وأمتثل أمره
    وأحفظ قرآني وأمتثل شرعه
    وأسعى لإعادة الإسلام ومجده
     
    لن يكون العويل والبكاء من طبعي
    لن يكون الضجر والملل عنواني
    بل أمل ورجاء وعملي وايماني
     
    بايماني بالله ..... بالله ايماني
    بأحكام شرعي وعملي وتصميمي
    لن أبقى معاق ... سأقاوم مرضي
    سأعالج مرضي ... وشفائي على ربي
    سأعيد الفاروق والصديق والفاتح
    والشافعي والحنفي وأيوبٌ الصالح
    وعبد الحميد وسلطان المسلمين
    وابن الوليد والخنساء وصلاح الدين
    وبلاط الشهداء وبدر واليرموك وحطين
    والبخاري والشاطبي ومالك وابن سيرين
    سنحرر الأقصى الحزين واندلس سليب
    بسواعدي وهمتي وايماني وأمل نجيب
    المعاق تعافى وساعده اليوم من حديد
    المعاق تعافى ويعمل لبزوغ فجر وليد
    فالشمس تشرق كل يوم بفجر جديد
     
    والفجر يأتي في نهاية ليل وتقاعس من قادر
    والأمل بالله دافع لتحقق وعد وبشائر
    ونصر الله والفتح قادم بهمتي وعون الله القادر
    ونصر الله لن يأتي لمختال ولا لجبان خائر
    بل لتقي مؤمن آمل بنجاز الوعد صابر
    وقهر الأعداء آت بعون صاحب الجيروت القاهر
     
    عندها ..... نعم عندها سأسبح وأكبر
    سأسبح وأشكر الله وأكبر
    سأسبح ثم أهلل وأكبر
    سأواصل التسبيح والتهليل ... وأكبر
    الله أكبر لست مُعاقٌ سأكبر
    الله أكبر أمة الاسلام حية ..... سأكير
    الله أكبر فالكف ناطَحَ المخرز .... سأكبر
    الله أكبر جاء نصر الله والفتح .... سأكبر
    الله أكبر فُتحَتْ روما ..... سأسبح وأكبر
    رايات العقاب ترفرف فوق الهامات سأكبر
    الله أكبر لست كسولأ سأكبر
    الله أكبر لست مريضاً سأكبر
    الله أكبر لست مُعاقاً .....سأكبر
    الله أكير ... للنصر والفتح سأكبر
    الله أكبر ... أنجز الوعد سأكبر


     




    منقول عن : منتدى الزاهد
    http://www.sharabati...amp;postid=1043
  20. Like
    طالب عوض الله تلقي نقاط سمعه مؤذن النصر في قالوا عني معاق   
    قالوا عني معاق



     
     


     
    قالوا عني معاق ...فهل أبكي ؟
    قالوا عني معاق ...إن كان: فما ذنبي ؟
    ولدت وهكذا قدري
    فهل أحكم على نفسي بحفر لحدي ؟
    وهل أقدر أن أغير خلقي ؟
     
    أتيت لهذه الدنيا كي ألقي العبر
    كي أقتل اليأس والمرض أقهر
     
    نسجت مما لدي بساطاً من الأمل
    نسجت من ايماني قدرة ينميها الأمل
    أسير عليه في عيشي
    نورا يُنير ظلام دربي
    أتابع رحلة عمري
    لا شيء يدفعني
    اللهم إلا الايمان يوجهني
    للصبر والإصرار والجد يدفعني
    للحق والسفور والجلد يلهمني
     
    ساعات وأيام وأزمان من الصبر
    كي ألحق الركب
    فأنتم تعيشون
    ومن حقي طيب العيش كما تعيشون
     
    فهل تنتظرون مني أن أبكي ؟
    وأنتم تشيحون بأنظاركم عني
     
    لا .. لن أحكم بالموت على نفسي
    ولن تسيل دموعي من يأسي
    لا .. وألف لا .. لن أبكي
     
    سأواصل العيش بلا بكاء
    أعمل وأسعى بهمة ورجاء
    سأعبد ربي وأمتثل أمره
    وأحفظ قرآني وأمتثل شرعه
    وأسعى لإعادة الإسلام ومجده
     
    لن يكون العويل والبكاء من طبعي
    لن يكون الضجر والملل عنواني
    بل أمل ورجاء وعملي وايماني
     
    بايماني بالله ..... بالله ايماني
    بأحكام شرعي وعملي وتصميمي
    لن أبقى معاق ... سأقاوم مرضي
    سأعالج مرضي ... وشفائي على ربي
    سأعيد الفاروق والصديق والفاتح
    والشافعي والحنفي وأيوبٌ الصالح
    وعبد الحميد وسلطان المسلمين
    وابن الوليد والخنساء وصلاح الدين
    وبلاط الشهداء وبدر واليرموك وحطين
    والبخاري والشاطبي ومالك وابن سيرين
    سنحرر الأقصى الحزين واندلس سليب
    بسواعدي وهمتي وايماني وأمل نجيب
    المعاق تعافى وساعده اليوم من حديد
    المعاق تعافى ويعمل لبزوغ فجر وليد
    فالشمس تشرق كل يوم بفجر جديد
     
    والفجر يأتي في نهاية ليل وتقاعس من قادر
    والأمل بالله دافع لتحقق وعد وبشائر
    ونصر الله والفتح قادم بهمتي وعون الله القادر
    ونصر الله لن يأتي لمختال ولا لجبان خائر
    بل لتقي مؤمن آمل بنجاز الوعد صابر
    وقهر الأعداء آت بعون صاحب الجيروت القاهر
     
    عندها ..... نعم عندها سأسبح وأكبر
    سأسبح وأشكر الله وأكبر
    سأسبح ثم أهلل وأكبر
    سأواصل التسبيح والتهليل ... وأكبر
    الله أكبر لست مُعاقٌ سأكبر
    الله أكبر أمة الاسلام حية ..... سأكير
    الله أكبر فالكف ناطَحَ المخرز .... سأكبر
    الله أكبر جاء نصر الله والفتح .... سأكبر
    الله أكبر فُتحَتْ روما ..... سأسبح وأكبر
    رايات العقاب ترفرف فوق الهامات سأكبر
    الله أكبر لست كسولأ سأكبر
    الله أكبر لست مريضاً سأكبر
    الله أكبر لست مُعاقاً .....سأكبر
    الله أكير ... للنصر والفتح سأكبر
    الله أكبر ... أنجز الوعد سأكبر


     




    منقول عن : منتدى الزاهد
    http://www.sharabati...amp;postid=1043
  21. Like
    طالب عوض الله تلقي نقاط سمعه رضا المهملي في الخطر الطبقي   
    حذار من بذور شرورهم



    الموصلة للطبقية البغيضة


    إِنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ (11)لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُّبِينٌ (12) لَوْلَا جَاؤُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاء فَأُوْلَئِكَ عِندَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ (13)وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (14) إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُم مَّا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ (15) وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُم مَّا يَكُونُ لَنَا أَن نَّتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ (16) يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَن تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (17) وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (18) إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (19) وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّه رَؤُوفٌ رَحِيمٌ (20) سورة النور
     
    جاء في تفسير الطبري:
    الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَة مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْر لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْم وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْره مِنْهُمْ لَهُمْ عَذَاب عَظِيم } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْكَذِبِ وَالْبُهْتَان { عُصْبَة مِنْكُمْ } يَقُول : جَمَاعَة مِنْكُمْ أَيّهَا النَّاس . { لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْر لَكُمْ } يَقُول : لَا تَظُنُّوا مَا جَاءُوا بِهِ مِنَ الْإِفْك شَرًّا لَكُمْ عِنْد اللَّه وَعِنْد النَّاس , بَلْ ذَلِكَ خَيْر لَكُمْ عِنْده وَعِنْد الْمُؤْمِنِينَ ; وَذَلِكَ أَنَّ اللَّه يَجْعَل ذَلِكَ كَفَّارَة لِلْمَرْمِيِّ بِهِ , وَيُظْهِر بَرَاءَته مِمَّا رُمِيَ بِهِ , وَيَجْعَل لَهُ مِنْهُ مَخْرَجًا . وَقِيلَ : إِنَّ الَّذِي عَنَى اللَّه بِقَوْلِهِ : { إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَة مِنْكُمْ } : جَمَاعَة , مِنْهُمْ حَسَّان بْن ثَابِت , وَمِسْطَح بْن أُثَاثَة , وَحَمْنَة بِنْت جَحْش . كَمَا : 19548 - حَدَّثَنَا عَبْد الْوَارِث بْن عَبْد الصَّمَد , قَالَ : حدثنا أَبِي , قَالَ : حدثنا أَبَان الْعَطَّار , قَالَ : حدثنا هِشَام بْن عُرْوَة , عَنْ عُرْوَة : أَنَّهُ كَتَبَ إِلَى عَبْد الْمَلِك بْن مَرْوَان : كَتَبْت إِلَيَّ تَسْأَلنِي فِي الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ , وَهُمْ كَمَا قَالَ اللَّه : { إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَة مِنْكُمْ } وَأَنَّهُ لَمْ يُسَمَّ مِنْهُمْ أَحَد إِلَّا حَسَّان بْن ثَابِت , وَمِسْطَح بْن أُثَاثَة , وَحَمْنَة بِنْت جَحْش , وَهُوَ يُقَال فِي آخَرِينَ لَا عِلْم لِي بِهِمْ ; غَيْر أَنَّهُمْ عُصْبَة كَمَا قَالَ اللَّه . 19549 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : حدثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَة مِنْكُمْ } هُمْ أَصْحَاب عَائِشَة . قَالَ ابْن جُرَيْج : قَالَ ابْن عَبَّاس : قَوْله : { جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَة مِنْكُمْ } . .. الْآيَة , الَّذِينَ افْتَرَوْا عَلَى عَائِشَة : عَبْد اللَّه بْن أُبَيّ , وَهُوَ الَّذِي تَوَلَّى كِبْره , وَحَسَّان بْن ثَابِت , وَمِسْطَح , وَحَمْنَة بِنْت جَحْش .
     
    19550 - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : { الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَة مِنْكُمْ } الَّذِينَ قَالُوا لِعَائِشَة الْإِفْك وَالْبُهْتَان . 19551 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : { إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَة مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْر لَكُمْ } قَالَ : الشَّرّ لَكُمْ بِالْإِفْكِ الَّذِي قَالُوا , الَّذِي تَكَلَّمُوا بِهِ , كَانَ شَرًّا لَهُمْ , وَكَانَ فِيهِمْ مَنْ لَمْ يَقُلْهُ إِنَّمَا سَمِعَهُ , فَعَاتَبَهُمْ اللَّه , فَقَالَ أَوَّل شَيْء : { إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَة مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْر لَكُمْ } ثُمَّ قَالَ : { وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْره مِنْهُمْ لَهُ عَذَاب عَظِيم } . وَقَوْله : { لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْم } يَقُول : لِكُلِّ امْرِئٍ مِنَ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ جَزَاء مَا اجْتَرَمَ مِنَ الْإِثْم , بِمَجِيئِهِ بِمَا جَاءَ بِهِ , مِنَ الْأُولَى عَبْد اللَّه . وَقَوْله : { وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْره مِنْهُمْ } يَقُول : وَالَّذِي تَحَمَّلَ مُعْظَم ذَلِكَ الْإِثْم وَالْإِفْك مِنْهُمْ هُوَ الَّذِي بَدَأَ بِالْخَوْضِ فِيهِ . كَمَا : 19552 - حَدَّثَنَا عَنِ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : { وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْره مِنْهُمْ } يَقُول : الَّذِي بَدَأَ بِذَلِكَ . 19553 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : حدثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : حدثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : حدثنا الْحَسَن , قَالَ : حدثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { عُصْبَة مِنْكُمْ } قَالَ : أَصْحَاب عَائِشَة ; عَبْد اللَّه بْن أُبَيّ ابْن سَلُول , وَمِسْطَح , وَحَسَّان . قَالَ أَبُو جَعْفَر : لَهُ مِنَ اللَّه عَذَاب عَظِيم يَوْم الْقِيَامَة .
     
    والإفك هو الكذب، وهو بهتان عظيم، وبه نقل للأخبار بصورة كاذبة، وبه تشويه للحقائق ودس بين، وإيقاع لبذور الشر والإفساد في القوم والجماعة، فهو في جوهره وفساد وإفساد. لقد كان الإفك في مجتمع الرسول صلى الله عليه وسلم تناول أهل بيته وإحدى أشهر أمهات المسلمين، أي أنّه استهدف الطهر والعفاف وبيت التقوى وقمة المجتمع بيت رسول الله حاكم المسلمين وقائده، ومن قام به كان من صفوة المجتمع ومن البرازين فيه وليس من المغمورين والمجهولين.
     
    لقد كان الإفك بذر لدواعي الفساد والإفساد في المجتمع وتنظير على الصفوة فيه حسداً وغيرةً وعجزاً عن الوصول لما وصلوا إليه، والقائم على التنظير في المجتمع يكون في الأعم الأغلب قوم منه وصلوا بليل لمراتب في المجتمع ليسوا على مستواها ولا أهلاً لها. وقدمهم المجتمع كقادة ومتنفذين أو أشباه قادة ومتنفذين، فأسند لهم المناصب للعمل، وقدمهم للناس على تلك الصفة، فرأوا في أنفسهم الكبر، وظنوا في أنفسهم أنهم الرواد والقاده وأنهم يجب أن يأمروا فيطاعوا ويقدموا في المجتمع دون خلق الله تعالى، فما رأوا تحركاً صادقاً في المجتمع إلا وقاوموه خوفاً وظناً منهم أنه يستهدف مراكزهم ومناصبهم، فقاوموا بذور الخير القائم فيها غيرهم وجرحوه وسفوه وسفهوا من قام عليه، ووصموهم بكل الصفات القبيحة.
     
    هؤلاء المنظرون المفسدون هم المتنطعون المتفيهقون المغرورون، إنهم عنوان ومظهر الطبقية البغيضة في المجتمع، بل بذرة الشر والكابوس القاتل المستهدف كل خير في المجتمع، بهدف حصر الرياسة والريادة في طبقتهم الساعية للسيطرة والتسلط على المجتمع، وإبعاد كل من لا يدخل في طبقيتهم وحاشيتهم والولاء لهم ولو كان مخلصاً تقياً. أنهم موجودون في المجتمع وكل مجتمع منذ خلق الله الأرض ومن عليها، فهوس الزعامة والأثرة من مكنون النفوس الشريرة العديمة التقوى والموغلة في الكبر والرياء وزعامة الجاه.
    هم موجودون في المجتمع، وفي أجهزة الدولة وفي داخل التكتلات والأحزاب.
     
    في البيت تحرص الزوجة على نيل الحظوة والإيثار لدى الزوج فتحاول أن تفسد علاقته بزوجاته الأخريات بالإيقاع والإفساد والإفك وكل الوسائل الشيطانية. وفي الشركة يسعى الموظف على إيغار صدر مديره على زملائه مسفهاً كل عمل جيد عملوه لينال الحظوة لدى المدير من دون زملائه، وفي الدائرة والوظيفة ومجلس المنطقة ومجلس العائلة، وهكذا.
     
    وأخطر أنواع بذور الطبقية البغيضة هذه يكون في التكتلات السياسية والأحزاب المستهدفة التغيير والإصلاح، فيدخل في قياداتها أو في مراكزها رجال ليسوا على المستوى اللازم، فيقدموا في المجتمع كقادة أو زعماء للتكتل والحزب، يقولون باسم التكتل ويصرحون باسمه، ويظهرون في المناسبات العامة بتلك الصفة، ويخص التكتل هؤلاء الفارهون دون غيرهم بذلك، فإن تقدم غيرهم بعمل جيد يخدم قضية التكتل، انبرى هؤلاء لتسفيه العمل وتسفيه من قام به، بهدف الإبقاء على سيطرتهم المنفردة واستئثارهم بالمراكز، وخوفاً أن لا ينافسهم هؤلاء في ذلك، أو ظناً منهم أنه لا يستطيع القيام بالعمل إلا هم وطبقتهم حيث بلغ بهم الرياء مبلغه.
     
    لذا وجب على كل من له مركز في مجتمع أو شركة تجارية أو مؤسسة أو تكتل أو حزب أو أي من مجالس المجتمع أن ينتبهوا لبذرة الفساد المتمثلة بالطبقية وشبيهاتها ويحولوا دون وجودها أو أن تستشري في جسم مؤسساتهم أو أحزابهم فتنخر فيه وتكون ورماً خبيثاً قاتلاً يجب القضاء عليه.
     
     
     

    ‏أَخْبَرَنَا ‏ ‏مُحَمَّدُ بْنُ قُدَامَةَ ‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏أَبُو أُسَامَةَ ‏‏عَنْ ‏ ‏مِسْعَرٍ ‏ ‏قَالَ ‏
    ‏أَخْرَجَ إِلَيَّ ‏ ‏مَعْنُبْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ‏ ‏كِتَابًا فَحَلَفَ لِي بِاللَّهِ إِنَّهُ خَطُّ ‏‏أَبِيهِ ‏ ‏فَإِذَا فِيهِ ‏ ‏قَالَ ‏ ‏عَبْدُ اللَّهِ ‏ ‏وَالَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ ‏ ‏مَا رَأَيْتُ أَحَدًا كَانَ أَشَدَّ عَلَى ‏‏الْمُتَنَطِّعِينَ‏ ‏مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏وَمَا رَأَيْتُ أَحَدًا كَانَ أَشَدَّ عَلَيْهِمْ مِنْ ‏‏أَبِي بَكْرٍ ‏ ‏وَإِنِّي ‏ ‏لَأَرَى ‏ ‏عُمَرَ ‏ ‏كَانَ أَشَدَّ خَوْفًاعَلَيْهِمْ أَوْ لَهُمْ ‏


    ‏حدثنا ‏ ‏أبو بكر بن أبي شيبة ‏ ‏حدثنا ‏ ‏حفص بن غياث ‏ ‏ويحيى بن سعيد ‏ ‏عن ‏‏ابن جريج ‏ ‏عن ‏ ‏سليمان بن عتيق ‏ ‏عن ‏ ‏طلق بن حبيب ‏ ‏عن ‏ ‏الأحنف بن قيس ‏‏عن ‏ ‏عبد الله ‏ ‏قال ‏
    ‏قال رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏هلك ‏‏المتنطعون‏ ‏قالها ثلاثا
  22. Like
    طالب عوض الله تلقي نقاط سمعه رضا المهملي في الخطر الطبقي   
    وأنوه في هذا المقام أن حزب التحرير قد خالف جميع التنظيمات السياسية والفكرية في العالم الإسلامي بل في العالم أجمع في كيفية الانضمام لصفوفه حيث حارب "الطبقيـة " في تشكيلته، فلم يقتصر في دعوته على المثقفين والمتعلمين وأصحاب الشهادات ومشاهير وقادة الناس في المجتمع، الذين بذل الجهد الجهيد في دعوتهم، بل حرص كل الحرص على بذل الجهد في ضم بسطاء الناس وعامتهم وأصحاب المهن لصفوفه، وفي الأعمال الحزبية المختلفة والمواقع فقد أوكل لأفراده التكاليف الحزبية المنوعة باعتبار تفاعل الشخص مع الدعوة كائناً من كان بغض النظر عن موقعه في المجتمع.
    أما المثقفون والمتعلمون، فقد التحق بالحزب حال تأسيه كمٌ هائل من المعلمين ومثلهم من تلاميذ المراحل الإعدادية والثانوية، الذين انطلقوا ينشرون أفكار الحزب داخل مدارسهم، ويحاولون الكسب من داخل المدارس، مما أثار حفيظة الجنرال جون كلوب ( الرئيس الإنجليزي الجيش العربي والحاكم الفعلي للأردن ) فأصدر أمراً بمنع السياسة في المدارس، وقد واظب مدير معارف الخليل الحاقـد " الشيخ علي حسن عوده [1] الذي أعلن نفسه من البداية كعدو حاقد للحزب، واظب على ترك مكتبه والدوام في " مدرسة الحسين بن علي الثانوية " لينطلق منها بتهديد ومعاقبة طلاب الحزب بها، ولمـا استفحل الأمر ولم تجدي محاولات وضغوطات مفتـش المعارف ومدير المدرسة " طلعت الصيفي "[2] لجئوا لنقل المعلمين من شباب الحزب إلى مناطق أخرى كعقوبة، فعلى سبيل المثال تم نقل الشيخ عبد القديم للشـوبك، وأسعد بيوض للكرك، ويعقوب القيسي لكفر نعمه قضاء رام الله، وعيد حامد بدر إلى العبيدية قضاء بيت لحم، ومصطفى الجعبري لقرية عرب التعامره في قضاء بيت لحم، ونفي عبد القادر زلوم إلى قريـة عنجـره بقضاء عجلون بعد سجنه وطرده من وظيفته، ونفي المعلم يوسف أحمد السباتين ( معلم ) من مخيم عقـبة جبر إلى ألخليل.
     
     
    وعندما تزوج الملك حسين بالملكة دينا عبد الحميد فرض على جميع طلاب المملكة الاشتراك في هدية العروسين بجباية قرش واحد من كل طالب، وقد رفض الطالب " خليل زيادة " دفع تلك الإتاوة، فأعلم مدير المدرسة " طلعت الصيفي " مدير المعارف بذلك، الذي قام بدوره بنقل الخبر الخطير والمخل بأمن الدولة لمتصرف اللواء الذي استدعى الطالب، وعبثاً حاول إقناعه بدفع القرش، وعندما فشل في إقناعه، صدر القرار بعقوبته بنقله للدراسة في مدارس مدينة بيت لحم.
     
     
     
    ______________________________________
     
    [1] - الشيخ علي حسن عودة – مدير المعارف في الخليل وبيت لحم، ووزير المعارف فيما بعد، شيخ أزهري من مدينة قلقيلية، وكان من أحقد الناس على حزب التحرير، قاوم الدعوة بضراوة من البداية وكانت له مواقف عديدة في ذلك من خلال وظيفته.
     
     
    [2]- طلعت الصيفي – مدير مدرسة الحسين بن علي الثانوية بالخليل، والملحق الثقافي في السفارة الأردنية بدمشق بعد ذلك.
  23. Like
    طالب عوض الله تلقي نقاط سمعه رضا المهملي في الخطر الطبقي   
    لقد كان من أوائل من انتظم في صفوف الحزب عدد كبير من الأسـاتذة الذين يُدَرِسونَ في مدارس المعارف وعلماء أفاضل وقضاه شرعيين، كما كان منهم عدد هائل من التلاميذ من طلاب المراحل الإعدادية والثانوية، أمير الحزب الحالي الشيخ عطا أبو ألرشته التحق بالحزب وهو طالب في المرحلة الإعدادية حيث كان يسكن في مخيم الفوار للاجئين قرب الخليل، ويجدر الإشارة أنه كان للمرحوم الأستاذ عبد الفتاح الحسنات الفضل في كسبه للدعوة....... لقد كان من مشاهير الحزبيين الأوائل الفران الأمي والترزي والتاجر ورجل الأعمال وضابط الجيش والمهندس والطبيب والمحامي والقاضي الشرعي والخطيب والمدرس والطالب والمزين والقصاب وسائق الشاحنات والفرّاء والفكهاني والحجّار والعامل الأمي البسيط، انطلق الحزب لطرق باب المجتمع بتلك التركيبة التي تضم جميع أطياف المجتمع، ومما يلاحظ أنه كان للصناع والعمال وأصحاب المهن أثر كبير في نشر الدعوة وكسب الناس لها، فلم يقتصر نشاط الحزب على طبقـة المثقفيـن مع أنه كان في صفوفه العدد الوفير منها، ولا أبالغ في القول أن بعض البسطاء من العمال والصناع كان لنشاطه في حمل الدعوة الأثر الأهم والأبلغ من زملائه المثقفين والمتعلمين.
     
    وقد كان واضحاً للعيان بشكل جلي لجميع الناس قدرة هؤلاء العمال البسطاء وبعضهم أمي يوقع ببصمة إبهامه على نقاش المشايخ ورجال العلم في دروس العلم في المساجد وإفحامهم سواء في الأحكام الشرعية أو في الأمور الفكرية والتحاليل السياسية، مما أثار حفيظة بعض المشايخ الظلاميين على الحزب فانبروا لمحاربته ومحاولة إبعاد الناس عن الانتساب إليه بكل الوسائل الممكنـة.
    وكمثال على ذلك كان بين حملة الدعوة في الخليل عامل بسيط متقدم بالسن، أمي لا يستطيع القراءة والكتابة يدعى " ياسين محمود الجنيدي " أراد أحد المثقفين في البلد أن يسخر منه أمام زملائه، فطرح عليه التحية بقوله: مرحباً يا سياسي !!! فترك الرجل عمله وتوجه للمثقف مدير المدرسة بكل أدب قائلاًُ: لقد وصفتني يا أستاذ بالسياسي، فأعلمني ما هي السياسة من فضلك؟ فهز الرجل رأسه وطربوشه الأحمر مجيباً: السياسة يا ابني لا أعرفها لا أنا ولا أنت لأن لها أناساً مخصوصين. فانتفض الرجل مستنكراً ومجيباً الأستاذ أبلغ جواب: لا يا أستاذ، لا تُحَقـِرَني في عرواك، إن كنتَ جاهلاً فلستُ كذلك، اسمع أعلمك يا أستاذ، السياسة هي رعاية شئون الأمة في الداخل والخارج، وأنا أفخر أنني سياسي في صفوف حزب التحرير، فأسقط في يد الرجل الذي لم يكن ليتوقع هذا الموقف العنيف...
    وفي الحملة الانتخابية سنة 1954 كان أحد المرشحين في الخليل المحامي الشهير " عبد الخالق حسين يغمور " الذي أقام مهرجاناً للدعاية الانتخابية كان أبرز شعاراته الدعوة للقومية العربية والديموقراطية، رافعا لافتات في جوانب القاعة " الأمة مصدر السلطات " فـانـبرى له ياسين الجنيدي مناقشاً وابتدره بالقول: إني ارثي لحالك يا أسـتاذ أبو فاروق وأنت تتحدى الله وشريعته وتطالب بإحلال الناس مكان خالقهم في حق التشريع، هل أرسـلك والدك إلى الجامعة لترجع منها شيوعياً شائعاً يحمل ألمترك وآخرته إتـرك، يُطالب الناس بالكفر ؟ بالنهايـة لم يستطع الأستاذ المحامي الصمود أمام هذا العامل الأمي البسيط.
     
     

    وفي جعبتي عشرات المواقف المشابهة لهُ ولشباب أميين مثله. ومن طريف ما يروى في هذا المجال أن المحامي عبد الخالق يغمور في احدى مهرجاناته الانتخابية قد منع الشباب من توجيه الأسئلة أثناء المحاضرة، وعبثاً حاولوا، فقام شاب من المشهورين بصلابتهم طالباً توجيه سؤال، فأمهله المحاضر إلى ما بعد انتهاء المحاضرة، فوقف أمام الطاولة مانعاً المحاضر من إتمام محاضرته حتى يسمح له بالسؤال، وعندما فاض به سمح له بالسؤال، ولم يكن لديه سؤال فسحب أحد الشـباب من مكانه قائلاً: قُم اسأل يا إبراهيم......
     
    وأنوه في هذا المقام أن حزب التحرير قد خالف جميع التنظيمات السياسية والفكرية في العالم الإسلامي بل في العالم أجمع في كيفية الانضمام لصفوفه حيث حارب "الطبقيـة " في تشكيلته، فلم يقتصر في دعوته على المثقفين والمتعلمين وأصحاب الشهادات ومشاهير وقادة الناس في المجتمع، الذين بذل الجهد الجهيد في دعوتهم، بل حرص كل الحرص على بذل الجهد في ضم بسطاء الناس وعامتهم وأصحاب المهن لصفوفه، وفي الأعمال الحزبية المختلفة والمواقع فقد أوكل لأفراده التكاليف الحزبية المنوعة باعتبار تفاعل الشخص مع الدعوة كائناً من كان بغض النظر عن موقعه في المجتمع.
     
    ويحضرني في هذا المقام رجل آخر هو ربيع بركات الأشهب من أوائل من أنضم للحزب بالخليل لم يحصل من تعليم المدارس الا النذر اليسير لضيق الحال عند عامة الناس فترك المدرسة وعمل خبازا بالمدينة، وكان ممن ترك جماعة 313 وانضم للحزب مبكرا، تدرج في المناصاب من دارس لحزبي يشرف على حلقات لعضو محلية ومنها لنقيب محلية، ونترك زميله الحاج يعقوب أبو ارميلة يكمل الرواية:
     
     
    عندما يُذكرُ الشيخُ (ربيع الأشهب) _رحمِه الله_ في مجلس ٍ, لم تنتَهِ الألسُنُ من التَّرَحُّم عليه والدعوة له ممَّن عرفه أو عايشه؛ فتزدادَ أُذُنُكَ, شوقا؛ لتسمعَ عنه وعن مواقفه. فإذا ما سمعت موقفا من مواقفه, يطير بك خلدُك إلى سيرة أولئك الغرِّ الميامين من صحابة رسول اللهصلى الله عليه وآله وسلم, وكأنك أمامَ شاهد ٍمن شواهدهم, أو صورةٍ من صور أحدهم, كيف لا والإيمانُ يختلج صدرَه, وثبوتُه ثبوتُ الجبال الرواسي وهو يحمل الدعوة, واثقٌ بصدق ما يحمل, جادٌّ مجتهدٌ في سَيْرِهِ؟
    لقد كان شيخُنا الجليل_رحمه الله_سريعَ البديهة, يُجري اللهُ الحقَّ على لسانه, هذا ما يؤكده الشيخُ يعقوبُ_أحدُ حملة الدعوة, وما يزال_وهو يتحدث عن شيخنا_رحمه الله_لِغَيْرِهِ من حملة الدعوة. يقول الشيخُ يعقوب عندما سُئلَ عن بعض مواقف شيخنا: نعم, كُنْتُ شاهدا على أحد مواقف هذا الرجل, وتبدأُ الكلماتُ تخرج, وتبدأ معها العيونُ بالتحرك يمنةً ويسرةً حتى يلمعَ بريقُها, وتأبى الدمعة ُأن تخرجَ, حياءً من الحاضرين, ولكنَّ (الآهَ) تخرج من قَعْرِ قَعْرِ القلب, تحِّلُ_أي كلمة ُ(الآه)_ مَحِّلَ ألف كلمة دالة ٍعلى عظمة هذا الرجل, إنْ وعِيَها من سمعَها, ثم يردِفُ قائلا:ً واللهِ رجال. كان ذلك في وسط الخمسينات من القرن الماضي, أي عندما أصدرَ النظام الأردني قانون(الوعظ والإرشاد), والذي بموجبه تُحْصَرُ الخِطابةُ وتَقْتَصِرُ في المساجد لموظفي دائرة الأوقاف, وقد أصدر النظام الأردني هذا القانون بعد أن شعر بمدى تأثير شباب حزب التحرير على الناس في خطبهم ودروسهم الدالة الموضحة لعوار هذا النظام وإجرامه, ووجوبِ العمل على تغييره, وتحكيمِ ِشرع الله.
    ردَّ شباب حزب التحرير على هذا القانون ردا سريعا جريئا, متحديا النظام فيه؛ إذ إنه كلَّف شابا في كل مدينة من كبار المدن في المملكة والضفة بالتدريس بعد خُطبة وصلاة الجمعة؛ ليكون في آن ٍ واحد ٍدرسُ الشباب, فكان من نصيب الشيخ ربيع الأشهب درسٌ في المسجد الإبراهيمي في خليل الرحمن. وبالفعل قد جرى ما جرى, فما أن ِ انتهت ِالصلاة ُحتى وثب شيخُنا كالأسد المغوار, واعتلى المِصْطَبَةَ ( مصطبة المؤذنين ) المقابلة لمنبر المسجد الإبراهيمي, ويقف كالطود الأشم رغم ما يكتنف الأمر من مخاطرَ يعلمها, وما أن بدأ بالحمد لله والثناء عليه, فتعالتْ أصوات زبانية النظام من المخابرت من تحته تأمره بالنزول عن المصطبة, متوعدة ً مهددة ً, فأجابهم وبكل جرأة تمتلئ بالإستهزاء والإزدراء بهم وبتهديداتهم: (سأنزل, وسأُسْلِمُكُم نفسيَ, ولكنْ بعدَ أنْ ألْقيَ على مسامع الناس درسي), فبدأت تتناثر الكلمات الموجعة للنظام وأزلامه من فيه, حتى نزل وأوفى بوعده, فأسلم للمخابرات نفسه, ويردف الحاجّ ُ يعقوب قائلا: هذا ما أعرفه في ذلك اليوم من أمر الشيخ ربيع ٍحتى كان يوم المحكمة.
     
    لقد اكتظت ِ المحكمة من الناس, وخصوصاً حملة الدعوة يوم محكمة شيخنا الجليل, فظهر على الناس بقفص الإتهام, ناظرا للناس على أنهم هم الأسرى المسجونون, وهو الحرّ ُالطليق, فهو لم يأبه بالمحكمة ولا بحكامها وكأنه يستَعْذبُ العذابَ في سبيل الله.
     
    بدأت جلسة المحكمة بين أخذ ورد, لتتقهقر أسئلة القاضي أمام جيش الأجوبة العرمْرَمِ من شيخنا الجليل, بأجوبة مقنعة مفحمة جعلت القاضي كالأسد المكبل الذي لا حراك فيه ولا كلام, هنا نظر الشيخ ربيع نحو الحضور, مبتسما, ولسان حاله يقول لهم: هؤلاء هم حكامكم, لا حيلة لهم أمام قول الحق؛ ليغتاظ القاضي من إبتسامته؛ فحكمه ثلاثة أيام على هامش الحكم, معتبرا ذلك استهزاء بالمحكمة.
     
    فلم يأبه شيخنا بذلك, بل أكمل ليسأل القاضي عن قانون(الوعظ والإرشاد), هل هو مقتصر على المساجد فقط, أم على المساجد والكنس والكنائس؟ فأجابه القاضي: إن الأمر مقتصر على المساجد, عندها التفت الشيخ بسرعة نحو الحضور قائلا: يا شبابُ, صلاةُ الجمعة القادمةِ في كنيسة(المَسْ كُوبيَّة), وأمام انبهار الحضور من فطنة الشيخ ربيع, يقول الشيخ يعقوب: لم يقف الأمر عند هذا الحد, بل جرَّ الشيخ ربيعٌ القاضيَ بذكائه ليُضْحِكَهُ حتى سُمِعَ له صوت قهقرة, فماكان من الشيخ ربيع إلا أن قال: أرجو من المحكمة أن تحكمَ نفسَها؛ لأنها استهزأتْ بوقارِ المحكمة. فحملتْ سرعةُ بديهة ِالشيخ ربيع وجرأتُه القاضي َعلى أن يعرضَ صفقة ًيتمّ ُخلالها تنازلُ القاضي عن ثلاثة الأيام التي حَكَمَ بها شيخَنَا الجليل على أن لا تحكمَ المحكمة ُنفسَها, وهكذا كان. لقد أرادت مشيئة الله_سبحانه_أن يَمْثُلَ الشيخ ربيع أمام محكمة مَدَنِيَّةٍ وليست عسكريةًً ً, كما أصبحت فيما بعد لمثل هذه القضايا, فكان الحكم مُيَسَّرًا.
    استمر الشيخ ربيع الأشهب في الدعوة, حاملا لواء الحق, لا يخشى في الله لومة لائم, نبراسُه قولَه تعالى:{الذينَ قَالَ لهمُ النَّاسُ: إِنَّ النَّاسَ قدْ جَمعوا لكمْ فاخشوْهُمْ؛ فزادِهُم إيماناٍ, وقالوا: حسْبُنا اللهُ ونِعْمُ الوكيل}, متمنِّيا أن تكْتَحل عيناه برؤية الخلافة, دولة الإسلام؛ ليبايعَ أميرَ المؤمنين على السمع والطاعة في المكره والمنشط, والعسر واليسر. لكنَّ قضاء الله سبق, وتوفي الشيخ ربيع, مبتغياً عزَّ الدارين: الدنيا, والآخرة, وستظل ذكراه تشد آذانَ السامعين, فقد صدق عهدَه مع الله حتى قضى نحبه, {مِنَ المُؤمنينَ رِجالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عليهِ, فمنْهُم مَنْ قَضَى نحبَهُ ومنْهُم مَنْ يَنْتَظِرُ وما بدَّلوا تَبْدِيلا}. فإن مات ولم يَرَ الخلافة واقعا, فقد رآها في عيون العاملين لها, معه وبعده. رحم الله الشيخ ربيعا, وجمعنا وإياه في مستقر رحمته, وأوردنا معه حوض نبيه عليه أفضلُ صلاة ٍوأتمّ ُتسليمٍ, اللهم آمين.
  24. Like
    طالب عوض الله تلقي نقاط سمعه النظار في الخطر الطبقي   
    جاء في كتاب " بزوغ نور من المسجد الأقصى - انطلاق مسيرة حزب التحرير :
     
     
    وباستعراض الأسماء الواردة ومهنهم نرى أنّ حزب التحرير قد حارب الطبقية قولا وعملا
  25. Like
    طالب عوض الله تلقي نقاط سمعه النظار في الخطر الطبقي   
    لقد كان من أوائل من انتظم في صفوف الحزب عدد كبير من الأسـاتذة الذين يُدَرِسونَ في مدارس المعارف وعلماء أفاضل وقضاه شرعيين، كما كان منهم عدد هائل من التلاميذ من طلاب المراحل الإعدادية والثانوية، أمير الحزب الحالي الشيخ عطا أبو ألرشته التحق بالحزب وهو طالب في المرحلة الإعدادية حيث كان يسكن في مخيم الفوار للاجئين قرب الخليل، ويجدر الإشارة أنه كان للمرحوم الأستاذ عبد الفتاح الحسنات الفضل في كسبه للدعوة....... لقد كان من مشاهير الحزبيين الأوائل الفران الأمي والترزي والتاجر ورجل الأعمال وضابط الجيش والمهندس والطبيب والمحامي والقاضي الشرعي والخطيب والمدرس والطالب والمزين والقصاب وسائق الشاحنات والفرّاء والفكهاني والحجّار والعامل الأمي البسيط، انطلق الحزب لطرق باب المجتمع بتلك التركيبة التي تضم جميع أطياف المجتمع، ومما يلاحظ أنه كان للصناع والعمال وأصحاب المهن أثر كبير في نشر الدعوة وكسب الناس لها، فلم يقتصر نشاط الحزب على طبقـة المثقفيـن مع أنه كان في صفوفه العدد الوفير منها، ولا أبالغ في القول أن بعض البسطاء من العمال والصناع كان لنشاطه في حمل الدعوة الأثر الأهم والأبلغ من زملائه المثقفين والمتعلمين.
     
    وقد كان واضحاً للعيان بشكل جلي لجميع الناس قدرة هؤلاء العمال البسطاء وبعضهم أمي يوقع ببصمة إبهامه على نقاش المشايخ ورجال العلم في دروس العلم في المساجد وإفحامهم سواء في الأحكام الشرعية أو في الأمور الفكرية والتحاليل السياسية، مما أثار حفيظة بعض المشايخ الظلاميين على الحزب فانبروا لمحاربته ومحاولة إبعاد الناس عن الانتساب إليه بكل الوسائل الممكنـة.
    وكمثال على ذلك كان بين حملة الدعوة في الخليل عامل بسيط متقدم بالسن، أمي لا يستطيع القراءة والكتابة يدعى " ياسين محمود الجنيدي " أراد أحد المثقفين في البلد أن يسخر منه أمام زملائه، فطرح عليه التحية بقوله: مرحباً يا سياسي !!! فترك الرجل عمله وتوجه للمثقف مدير المدرسة بكل أدب قائلاًُ: لقد وصفتني يا أستاذ بالسياسي، فأعلمني ما هي السياسة من فضلك؟ فهز الرجل رأسه وطربوشه الأحمر مجيباً: السياسة يا ابني لا أعرفها لا أنا ولا أنت لأن لها أناساً مخصوصين. فانتفض الرجل مستنكراً ومجيباً الأستاذ أبلغ جواب: لا يا أستاذ، لا تُحَقـِرَني في عرواك، إن كنتَ جاهلاً فلستُ كذلك، اسمع أعلمك يا أستاذ، السياسة هي رعاية شئون الأمة في الداخل والخارج، وأنا أفخر أنني سياسي في صفوف حزب التحرير، فأسقط في يد الرجل الذي لم يكن ليتوقع هذا الموقف العنيف...
    وفي الحملة الانتخابية سنة 1954 كان أحد المرشحين في الخليل المحامي الشهير " عبد الخالق حسين يغمور " الذي أقام مهرجاناً للدعاية الانتخابية كان أبرز شعاراته الدعوة للقومية العربية والديموقراطية، رافعا لافتات في جوانب القاعة " الأمة مصدر السلطات " فـانـبرى له ياسين الجنيدي مناقشاً وابتدره بالقول: إني ارثي لحالك يا أسـتاذ أبو فاروق وأنت تتحدى الله وشريعته وتطالب بإحلال الناس مكان خالقهم في حق التشريع، هل أرسـلك والدك إلى الجامعة لترجع منها شيوعياً شائعاً يحمل ألمترك وآخرته إتـرك، يُطالب الناس بالكفر ؟ بالنهايـة لم يستطع الأستاذ المحامي الصمود أمام هذا العامل الأمي البسيط.
     
     

    وفي جعبتي عشرات المواقف المشابهة لهُ ولشباب أميين مثله. ومن طريف ما يروى في هذا المجال أن المحامي عبد الخالق يغمور في احدى مهرجاناته الانتخابية قد منع الشباب من توجيه الأسئلة أثناء المحاضرة، وعبثاً حاولوا، فقام شاب من المشهورين بصلابتهم طالباً توجيه سؤال، فأمهله المحاضر إلى ما بعد انتهاء المحاضرة، فوقف أمام الطاولة مانعاً المحاضر من إتمام محاضرته حتى يسمح له بالسؤال، وعندما فاض به سمح له بالسؤال، ولم يكن لديه سؤال فسحب أحد الشـباب من مكانه قائلاً: قُم اسأل يا إبراهيم......
     
    وأنوه في هذا المقام أن حزب التحرير قد خالف جميع التنظيمات السياسية والفكرية في العالم الإسلامي بل في العالم أجمع في كيفية الانضمام لصفوفه حيث حارب "الطبقيـة " في تشكيلته، فلم يقتصر في دعوته على المثقفين والمتعلمين وأصحاب الشهادات ومشاهير وقادة الناس في المجتمع، الذين بذل الجهد الجهيد في دعوتهم، بل حرص كل الحرص على بذل الجهد في ضم بسطاء الناس وعامتهم وأصحاب المهن لصفوفه، وفي الأعمال الحزبية المختلفة والمواقع فقد أوكل لأفراده التكاليف الحزبية المنوعة باعتبار تفاعل الشخص مع الدعوة كائناً من كان بغض النظر عن موقعه في المجتمع.
     
    ويحضرني في هذا المقام رجل آخر هو ربيع بركات الأشهب من أوائل من أنضم للحزب بالخليل لم يحصل من تعليم المدارس الا النذر اليسير لضيق الحال عند عامة الناس فترك المدرسة وعمل خبازا بالمدينة، وكان ممن ترك جماعة 313 وانضم للحزب مبكرا، تدرج في المناصاب من دارس لحزبي يشرف على حلقات لعضو محلية ومنها لنقيب محلية، ونترك زميله الحاج يعقوب أبو ارميلة يكمل الرواية:
     
     
    عندما يُذكرُ الشيخُ (ربيع الأشهب) _رحمِه الله_ في مجلس ٍ, لم تنتَهِ الألسُنُ من التَّرَحُّم عليه والدعوة له ممَّن عرفه أو عايشه؛ فتزدادَ أُذُنُكَ, شوقا؛ لتسمعَ عنه وعن مواقفه. فإذا ما سمعت موقفا من مواقفه, يطير بك خلدُك إلى سيرة أولئك الغرِّ الميامين من صحابة رسول اللهصلى الله عليه وآله وسلم, وكأنك أمامَ شاهد ٍمن شواهدهم, أو صورةٍ من صور أحدهم, كيف لا والإيمانُ يختلج صدرَه, وثبوتُه ثبوتُ الجبال الرواسي وهو يحمل الدعوة, واثقٌ بصدق ما يحمل, جادٌّ مجتهدٌ في سَيْرِهِ؟
    لقد كان شيخُنا الجليل_رحمه الله_سريعَ البديهة, يُجري اللهُ الحقَّ على لسانه, هذا ما يؤكده الشيخُ يعقوبُ_أحدُ حملة الدعوة, وما يزال_وهو يتحدث عن شيخنا_رحمه الله_لِغَيْرِهِ من حملة الدعوة. يقول الشيخُ يعقوب عندما سُئلَ عن بعض مواقف شيخنا: نعم, كُنْتُ شاهدا على أحد مواقف هذا الرجل, وتبدأُ الكلماتُ تخرج, وتبدأ معها العيونُ بالتحرك يمنةً ويسرةً حتى يلمعَ بريقُها, وتأبى الدمعة ُأن تخرجَ, حياءً من الحاضرين, ولكنَّ (الآهَ) تخرج من قَعْرِ قَعْرِ القلب, تحِّلُ_أي كلمة ُ(الآه)_ مَحِّلَ ألف كلمة دالة ٍعلى عظمة هذا الرجل, إنْ وعِيَها من سمعَها, ثم يردِفُ قائلا:ً واللهِ رجال. كان ذلك في وسط الخمسينات من القرن الماضي, أي عندما أصدرَ النظام الأردني قانون(الوعظ والإرشاد), والذي بموجبه تُحْصَرُ الخِطابةُ وتَقْتَصِرُ في المساجد لموظفي دائرة الأوقاف, وقد أصدر النظام الأردني هذا القانون بعد أن شعر بمدى تأثير شباب حزب التحرير على الناس في خطبهم ودروسهم الدالة الموضحة لعوار هذا النظام وإجرامه, ووجوبِ العمل على تغييره, وتحكيمِ ِشرع الله.
    ردَّ شباب حزب التحرير على هذا القانون ردا سريعا جريئا, متحديا النظام فيه؛ إذ إنه كلَّف شابا في كل مدينة من كبار المدن في المملكة والضفة بالتدريس بعد خُطبة وصلاة الجمعة؛ ليكون في آن ٍ واحد ٍدرسُ الشباب, فكان من نصيب الشيخ ربيع الأشهب درسٌ في المسجد الإبراهيمي في خليل الرحمن. وبالفعل قد جرى ما جرى, فما أن ِ انتهت ِالصلاة ُحتى وثب شيخُنا كالأسد المغوار, واعتلى المِصْطَبَةَ ( مصطبة المؤذنين ) المقابلة لمنبر المسجد الإبراهيمي, ويقف كالطود الأشم رغم ما يكتنف الأمر من مخاطرَ يعلمها, وما أن بدأ بالحمد لله والثناء عليه, فتعالتْ أصوات زبانية النظام من المخابرت من تحته تأمره بالنزول عن المصطبة, متوعدة ً مهددة ً, فأجابهم وبكل جرأة تمتلئ بالإستهزاء والإزدراء بهم وبتهديداتهم: (سأنزل, وسأُسْلِمُكُم نفسيَ, ولكنْ بعدَ أنْ ألْقيَ على مسامع الناس درسي), فبدأت تتناثر الكلمات الموجعة للنظام وأزلامه من فيه, حتى نزل وأوفى بوعده, فأسلم للمخابرات نفسه, ويردف الحاجّ ُ يعقوب قائلا: هذا ما أعرفه في ذلك اليوم من أمر الشيخ ربيع ٍحتى كان يوم المحكمة.
     
    لقد اكتظت ِ المحكمة من الناس, وخصوصاً حملة الدعوة يوم محكمة شيخنا الجليل, فظهر على الناس بقفص الإتهام, ناظرا للناس على أنهم هم الأسرى المسجونون, وهو الحرّ ُالطليق, فهو لم يأبه بالمحكمة ولا بحكامها وكأنه يستَعْذبُ العذابَ في سبيل الله.
     
    بدأت جلسة المحكمة بين أخذ ورد, لتتقهقر أسئلة القاضي أمام جيش الأجوبة العرمْرَمِ من شيخنا الجليل, بأجوبة مقنعة مفحمة جعلت القاضي كالأسد المكبل الذي لا حراك فيه ولا كلام, هنا نظر الشيخ ربيع نحو الحضور, مبتسما, ولسان حاله يقول لهم: هؤلاء هم حكامكم, لا حيلة لهم أمام قول الحق؛ ليغتاظ القاضي من إبتسامته؛ فحكمه ثلاثة أيام على هامش الحكم, معتبرا ذلك استهزاء بالمحكمة.
     
    فلم يأبه شيخنا بذلك, بل أكمل ليسأل القاضي عن قانون(الوعظ والإرشاد), هل هو مقتصر على المساجد فقط, أم على المساجد والكنس والكنائس؟ فأجابه القاضي: إن الأمر مقتصر على المساجد, عندها التفت الشيخ بسرعة نحو الحضور قائلا: يا شبابُ, صلاةُ الجمعة القادمةِ في كنيسة(المَسْ كُوبيَّة), وأمام انبهار الحضور من فطنة الشيخ ربيع, يقول الشيخ يعقوب: لم يقف الأمر عند هذا الحد, بل جرَّ الشيخ ربيعٌ القاضيَ بذكائه ليُضْحِكَهُ حتى سُمِعَ له صوت قهقرة, فماكان من الشيخ ربيع إلا أن قال: أرجو من المحكمة أن تحكمَ نفسَها؛ لأنها استهزأتْ بوقارِ المحكمة. فحملتْ سرعةُ بديهة ِالشيخ ربيع وجرأتُه القاضي َعلى أن يعرضَ صفقة ًيتمّ ُخلالها تنازلُ القاضي عن ثلاثة الأيام التي حَكَمَ بها شيخَنَا الجليل على أن لا تحكمَ المحكمة ُنفسَها, وهكذا كان. لقد أرادت مشيئة الله_سبحانه_أن يَمْثُلَ الشيخ ربيع أمام محكمة مَدَنِيَّةٍ وليست عسكريةًً ً, كما أصبحت فيما بعد لمثل هذه القضايا, فكان الحكم مُيَسَّرًا.
    استمر الشيخ ربيع الأشهب في الدعوة, حاملا لواء الحق, لا يخشى في الله لومة لائم, نبراسُه قولَه تعالى:{الذينَ قَالَ لهمُ النَّاسُ: إِنَّ النَّاسَ قدْ جَمعوا لكمْ فاخشوْهُمْ؛ فزادِهُم إيماناٍ, وقالوا: حسْبُنا اللهُ ونِعْمُ الوكيل}, متمنِّيا أن تكْتَحل عيناه برؤية الخلافة, دولة الإسلام؛ ليبايعَ أميرَ المؤمنين على السمع والطاعة في المكره والمنشط, والعسر واليسر. لكنَّ قضاء الله سبق, وتوفي الشيخ ربيع, مبتغياً عزَّ الدارين: الدنيا, والآخرة, وستظل ذكراه تشد آذانَ السامعين, فقد صدق عهدَه مع الله حتى قضى نحبه, {مِنَ المُؤمنينَ رِجالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عليهِ, فمنْهُم مَنْ قَضَى نحبَهُ ومنْهُم مَنْ يَنْتَظِرُ وما بدَّلوا تَبْدِيلا}. فإن مات ولم يَرَ الخلافة واقعا, فقد رآها في عيون العاملين لها, معه وبعده. رحم الله الشيخ ربيعا, وجمعنا وإياه في مستقر رحمته, وأوردنا معه حوض نبيه عليه أفضلُ صلاة ٍوأتمّ ُتسليمٍ, اللهم آمين.
×
×
  • اضف...