اذهب الي المحتوي
منتدى العقاب

علي البدري

الأعضاء
  • Posts

    13
  • تاريخ الانضمام

  • تاريخ اخر زياره

  • Days Won

    4

علي البدري last won the day on September 28 2018

علي البدري had the most liked content!

اخر الزوار

بلوك اخر الزوار معطل ولن يظهر للاعضاء

علي البدري's Achievements

  1. قال أبو الوليد بن هشام بن يحيى الكناني: غزونا أرض الروم، وكنا نتناوب الخدمة والحراسة، وكان معنا رجل يقال له سعيد بن الحارث، قد أعطي حظًا من العبادة؛ بحيث لا تراه إلا صائمًا، أو قائمًا، أو ذاكرًا لله، أو قارئًا للقرآن، فكنت أعاتبه على كثرة اجتهاده وأقول له: أرفق بنفسك، فكان يقول: «يا أبا الوليد، إنما هي أنفاس تُعَدُّ، وعمر يفنى، وأيام تنقضي، وما ننتظر إلا الموت… ». قال أبو الوليد: فنام سعيد بن الحارث يومًا في خباء، وأنا في الحراسة. فسمعت كلامًا داخل الخباء، فدخلته.. فإذا بسعيد يتكلم في منامه ويضحك!!.. ويقول وهو نائم: «ما أحب أن أرجع… ما أحب أن أرجع»!! ثم مد يده اليمنى وكأنه يتناول شيئًا… ثم ردها إلى صدره ردًا رفيقًا وهو يضحك… ثم وثب من نومه يرتعد… فأتيته، واحتضنته إلى صدري وهو يلتفت يمينًا وشمالًا حتى سكن.. ثم جعل يهلِّل ويكبِّر ويحمَد الله. فقلت له: مالك يا سعيد؟ ما شأنك؟! وحكيت له ما رأيت من حاله في المنام… فقال: يا أبا الوليد، أسألك بالله أن تكتم علي ما أحدثك به ما دمت حيًا… فأعطيته العهد ألا أخبر بحديثه ما دام حيًا… فقال لي: يا أبا الوليد، رأيت في منامي هذا كأن القيامة قد قامت، وخرج العباد من قبورهم شاخصة أبصارهم، ثم أتاني رجلان لم أرَ مثلهما قطُّ حسنًا وكمالًا، فقالا لي: يا سعيد بن الحارث، أبشر، أبشر… فقد غفر الله ذنبك، وشكر سعيك، وقبل منك عملك، فانطلق معنا حتى نريَك ما أعدَّ الله لك من النعيم المقيم، والرضوان العظيم. قال سعيد: فانطلقت معهما على خيل كالبرق الخاطف حتى أتينا إلى قصر عظيم، لا يقع الطرف على أوله ولا آخره ولا ارتفاعه، كأنه نور يتلألأ، فانفتح لنا، فإذا فيه من الحور الحسان ما لا يصفه واصف؛ فإذا بهن يقلن: هذا ولي الله! جاء حبيب الله! مرحبًا بولي الله!!. قال: فسرنا حتى انتهينا إلى مجالس ذات أسرة من ذهب، مكللة بالجواهر، وإذا على كل سرير جارية حسناء لا أستطيع وصفها، وفي وسطهن حوراء عالية عليهن، يحار في حسنها الطرف، ووثب الجواري نحوي بالترحيب والحفاوة، كما يصنع أهل الغائب بغائبهم إذا قدم عليهم، فأخذنني، وأجلسنني إلى جانب تلك الحوراء وقلن لي: هذه هي زوجتك، ولك مثلها معها!!. قال سعيد: فقلت لها: أين أنا؟! قالت: في جنة المأوى، قلت: من أنت؟ قالت: أنا زوجتك الخالدة. قلت: فأين الأخرى؟! قالت: في قصرك الآخر. قلت: فإني أقيم عندك الليلة، ثم أتحول إلى تلك في غدٍ، ومددت يدي نحوها، فردتها إلى صدري ردًا رفيقًا وقالت: أما اليوم فلا، إنك راجع إلى الدنيا فقلت: ما أحب أن أرجع، ما أحب أن أرجع!! فقالت: لابد، وستقيم ثلاثًا، ثم تفطر عندنا في الثالثة إن شاء الله، ثم قامت وتركتني. فقمت لقيامها فزعًا مبهورًا!. قال أبو الوليد: ويأتي اليوم الأول بعد هذه الرؤيا، فيقوم سعيد بن الحارث ويغتسل ويمس طيبًا ويصبح صائمًا، ثم أخذ يقاتل العدو إلى الليل، والناس يعجبون من إقحامه نفسه في المهالك. وفي اليوم الثاني يصنع صنيعه بالأمس. حتى إذا أتى اليوم الثالث؛ قام فاغتسل وتطيب وأصبح صائمًا، ثم شرع في القتال كأشجع ما يكون الرجال، حتى إذا أوشكت الشمس للغروب، رماه أحد الأعداء بسهم في نحره.. فسقط صريعًا إلى وجهه. قال أبو الوليد: فأسرعت إليه، وابتدرته وأنا أقول: يا سعيد، هنيئًا لك ما تفطر عليه الليلة!! يا ليتني كنت معك!! قال: فأوما إلي بطرفه، وعض شفته السفلى، وهو يضحك، يذكِّرني ما عاهدته عليه من الكتمان. ثم نظر إلى السماء وتبسم وهو يقول: «الحمد لله الذي صدقنا وعده». فوالله ما تكلم بكلمة غيرها حتى مات.
  2. يقول الله تعالى: )إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آَمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ(، ويقول: (وكان حقاً علينا نصر المؤمنين)، ويقول: )إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ(. ونحن نرى أفراداً وجماعات يظهر عليهم الإيمان، ويظهر عليهم أنه يعملون لنصرة دين الله ومع ذلك نرى أنهم غير منتصرين، فكيف نفسر ذلك: هل يمكننا أن نستنتج أنهم غير مؤمنين، أو أنهم غير مخلصين لله في عملهم؟ دعونا ننظر أولاً في سيرة بعض المرسلين وبعض المؤمنين الذين شهد الله لهم بالإيمان والعمل الصالح. نصر الله للمرسلين والمؤمنين هذا سيدنا نوح عليه السلام كان رسولاً من أولي العزم، وقد قال الله تعالى مخبراً عنه: )وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا(، وكانت النتيجة كما قال تعالى: (كذبت قبلهم قوم نوح فكذبوا عبدنا وقالوا مجنون وازدجر فدعا ربه إني مغلوب فانتصر) وكان انتصار الله لنوح عليه السلام بإغراق قومه بالطوفان انتقاماً منهم. وما آمن معه إلا قليل. وهذا سيدنا عيسى عليهم السلام كان رسولاً من أولي العزم مثل نوح، ولم يؤمن معه إلا نفر قليل هم الحواريون. وحاول اليهود صلبه فنجاه الله منهم ورفعه إليه. ويقول بعض العلماء بأن انتصار عيسى لم يحصل بعد، وسيكون انتصاره عند نزوله من السماء في آخر الزمان. وهذا أيوب عليه السلام لم يذكر لنا القرآن أنه حقق انتصاراً، بل أصابه المرض ثم شفاه الله من مرضه بعد سنوات عدة. قال تعالى: )وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ @ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآَتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ(. ونفهم من الآيات أن كشف الضر عنه وإرجاع أهله إليه ومثلهم معهم هو نصر نصر الله له. وهذه امرأة فرعون التي قال الله عنها: )وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آَمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ(. امرأة فرعون هذه مؤمنة، فما هو نوع النصر الذي حققه الله لها؟ هذا النصر هو الثواب في الجنة، هو البيت الذي طلبته عند الله في الجنة. ولم يتحقق لها النصر أثناء حياتها لأنها ماتت تحت التعذيب. ولكن الله نصرها في الدنيا بعد مماتها بإهلاكه فرعون وجنوده. ومثلها سمية زوجة ياسر رضي الله عنهم أجمعين. وهؤلاء سحرة فرعون الذين آمنوا مع موسى عليه السلام، والذين قال الله فيهم: )فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّدًا قَالُوا آَمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى @ قَالَ آَمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آَذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَابًا وَأَبْقَى @ قَالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا @ إِنَّا آَمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى (. وقد نفذ فرعون فيهم وعيده، قال ابن عباس رضي الله عنه: (كانوا أول النهار سحرة وفي آخر النهار شهداء بررة). فما هو نوع النصر الذي حققه الله لهؤلاء المؤمنين؟ إنه الثواب في الجنة، وانتقام الله لهم في الدنيا بإهلاك فرعون وجنوده. معنى نصر الله لنعد الآن إلى قوله تعالى: )إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آَمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا(. قال ابن كثير في تفسيره: ]قد أورد أبو جعفر ابن جرير رحمه الله تعالى عند قوله تعالى: )إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آَمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا( سؤالاً فقال قد علم أن بعض الأنبياء عليهم الصلاة والسلام قتله قومه بالكلية كيحيى وزكريا وشعيباً، ومنهم من خرج من بين أظهرهم إما مهاجراً كإبراهيم، وإما إلى السماء كعيسى، فأين النصرة في الدنيا؟ ثم أجاب عن ذلك بجوابين، أحدهما: أن يكون الخبر خرج عاماً والمراد به البعض، قال: وهذا سائغ في اللغة، الثاني: أن يكون المراد بالنصر الانتصار لهم ممن أذاهم، وسواء كان ذلك بحضرتهم أو في غيبتهم أو بعد موتهم، كما فعل بِقتلَة يحيى وزكريا وشعيباً سلط عليهم من أعدائهم من أهانهم وسفك دماهم. وقد ذكر أن النمرود أخذه الله تعالى أخذ عزيز مقتدر] 1.هـ وقال القرطبي في تفسيره: )إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا( المراد موسى عليه السلام، )وَالَّذِينَ آَمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا( المراد المؤمن (مؤمن آل فرعون). وقيل هو عام في الرسل والمؤمنين، ونصرهم بإعلاء الحجج وإفلاحها، في قول أبي العالية، وقيل الانتقام من أعدائهم… فصاروا منصورين في الحياة الدنيا وإن قتلوا] 1.هـ وقال الطبرسي في تفسيره: [)إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آَمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا( أي ننصر بوجوده النصر، فإن النصر قد يكون بالحجة، ويكون أيضاً بالغلبة في المحاربة، وذلك بحسب ما تقتضيه الحكمة ويعلمه سبحانه من المصلحة، ويكون أيضاً بالألطاف والتأييد وتقوية القلب، ويكون بإهلاك العدو] 1.هـ وقد جاءت كلمة )نَصْرُ( في القرآن بمعانٍ كثيرة: فجاءت بمعنى ساعد، كما في قوله تعالى: )وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ(. وجاءت بمعنى ساعد وحقق الغلبة، كما في قوله تعالى: )وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ (. وجاءت بمعنى وقف مع، كما في قوله تعالى: )إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ (. وجاءت بمعنى حفظ، كما في قوله تعالى: )فَمَنْ يَنْصُرُنَا مِنْ بَأْسِ اللَّهِ إِنْ جَاءَنَا ( وقوله: )وَنَصَرْنَاهُ مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا(. وجاءت بمعنى أباح الثأر، كما في قوله تعالى: )ذَلِكَ وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ(. وجاءت بمعنى أنقذ، كما في قوله تعالى: )وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ(. وجاءت بمعنى سيطرة المبدأ، كما في قوله تعالى: )إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (. وجاءت بمعنى الانتقام، كما في قوله تعالى: )فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ(. وجاءت بمعنى أثاب، كما في سياق قوله تعالى: )وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ(. من هذا نفهم بوضوح أن نصر الله قد يتأخر كثيراً كما حصل لسيدنا نوح عليه السلام. وقد يأتي بعد موت من ينصره الله كما حصل لزكريا ويحيى عليهما السلام، وكما حصل لامرأة فرعون وآل ياسر وسحرة فرعون رضي الله عنهم. وقد يكون نصر الله بالنجاة من الظالمين كما أنجى الله سيدنا عيسى برفعه إليه. وقد يكون بالعون على الصبر والمعافاة من الضر كما حصل لسيدنا أيوب عليه السلام. وقد يكون بظهور الحجة على الخصم دون حصول الغلبة عليه بالقهر كما حصل بين النمرود وسيدنا إبراهيم عليه السلام )فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ( وليس النصر محصوراً بحصول الغلبة والقهر فوق الخصم، كما يتوقع بعض الناس. هذه بعض من معاني كلمة «النصر»، ولكن وردت في سورة النور آية كريمة عبرت عن معنى محدد من معاني النصر، قال تعالى: )وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا(، هذا النوع الموصوف والمحدد من النصر، وإن لم تستعمل فيه لفظة النصر، هو وعد من الله لأمة محمد صلى الله عليه وسلم، وهو موصوف ومحدد بأنه استخلاف في الأرض، وبأنه تمكين لدين الإسلام، وبأنه سيحل عليهم الأمن بدل الخوف. فهل هذا محقق الآن؟ وإذا لم يكن كذلك، فهل يمكننا أن نستنتج أن الأمة الإسلامية لا يوجد فيها الآن، ومن زمن طويل، فئة مؤمنة تعمل الصالحات، تستأهل أن ينجز الله لها وعده بالاستخلاف والتمكين والأمن؟ لِنرَ كيف فهم علماء المسلمين هذه المسألة: القرطبي في تفسيره لم يرَ أن الآية تفيد العموم وإن جاءت بلفظ العموم، فهي من العام الذي يراد به الخاص. فعبارة )الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ( المقصود بها أبو بكر وعمر، كما نقله عن مالك، ثم أضاف: (قال بعضهم: تشمل خلافة الخلفاء الأربعة من قوله عليه السلام: «الخلافة بعدي ثلاثون سنة ثم تكون ملكاً عضوضاً»). وحسبوا خلافة أبي بكر سنتين وخلافة عمر عشر سنوات وخلافة عثمان اثنتي عشرة سنة وخلافة علي ست سنوات، رضي الله عنهم جميعاً، فكانت ثلاثين سنة. ابن كثير في تفسيره: (هذا وعد من الله تعالى لرسوله صلوات الله وسلامه عليه بأنه سيجعل أمته خلفاء الأرض أي أئمة الناس والولاة عليهم، وبهم تصلح البلاد وتخضع لهم العباد. وليبدلنهم من بعد خوفهم من الناس أمناً وحكماً فيهم. وقد فعله تبارك وتعالى وله الحمد والمنّة). ثم أضاف: (فالصحابة رضي الله عنهم لما كانوا أقوم الناس بعد النبي صلى الله عليه وسلم بأوامر الله عز وجل وأطوعهم لله، كان نصرهم بحسبهم: أظهروا كلمة الله في المشارق والمغارب، وأيدهم تأييداً عظيماً، وحكموا في سائر العباد والبلاد، ولما قصَّر الناس بعدهم في بعض الأوامر نقص ظهورهم بحسبهم). أي أن ابن كثير لم يجعلها خاصة بالخلفاء الأربعة أو بخليفتين بل جعلها عامة في الأمة. ونفهم من عبارته الثانية أنه يعتبر حرف الجر «من» للبيان وليس لتبعيض. أي لا يحقق الله هذا الوعد لمجرّد قيام طائفة قليلة بالإيمان والعمل الصالح بل لا بد أن تكون غالبية الأمة كذلك. النسفي في تفسيره أورد الرأيين، قال: (الخطاب للنبي عليه الصلاة والسلام ولمن معه. «ومنكم» للبيان. وقيل المراد به المهاجرون «ومن» للتبعيض). الشوكاني في تفسيره قال: (يعمّ جميع الأمة وليس فقط الخلفاء الأربعة أو المهاجرين). وأضاف في شرحه لمعنى )الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ(: كل من استخلفه الله في أرضه فلا يخص بني اسرائيل ولا أمة من الأمم دون غيرها). مع أن غالبية المفسرين خصوها ببني إسرائيل، أي: يستخلف الصالحين من هذه الأمة كما استخلف بني إسرائيل بعد إهلاك فرعون. الرأي الأقوى بعد هذا العرض السريع لآراء بعض العلماء نستطيع أن نرجّح الرأي الأقوى، وهو أن هذه الآية عامّة تشمل الأمة الإسلامية إلى قيام الساعة، وقد اتفق العلماء على معنى الاستخلاف والتمكين والأمن. واختلفوا في معنى)الأرض(: هل هي أرض مكة أو جزيرة العرب أو العالم بأسره. والمعنى الأرجح هو أنها العالم كله لقوله صلى الله عليه وسلم: »إن الله زوى لي الأرض مشارقها ومغاربها، وسيبلغ ملك أمتي ما زوي لي منها». و )منكم( هي للبيان وليست للتبعيض. وشرح ابن كثير رحمه الله دقيق جداً. أي أنه لا يكفي وجود فئة مؤمنة تعمل الصالحات وتخلص عبادتها لله من أجل أن ينجز الله هذا الوعد، بدليل أن مثل هذه الفئة موجودة الآن وكانت موجودة من قبل وستبقى موجودة إلى قيام الساعة. فقد ثبت في الصحيحين وغيرهما من وجوه كثيرة عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: «لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم إلى يوم القيامة». وفي رواية: «حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك»، وفي رواية: «حتى يقاتلوا الدجال» وفي رواية: «حتى ينزل عيسى بن مريم وهم ظاهرون». وكل هذه الروايات صحيحة ولا تعارض بينها. أمة مؤمنة مخلصة وإذا أردنا أن ينجز الله لنا هذا الوعد، علينا أن نجعل الأمة الإسلامية بغالبيتها، إن لم يكن بأجمعها، أمة مؤمنة مخلصة لله تعمل الصالحات وتنتهي عن المحرمات. عند ذلك تصبح الأمة أملاً لإنجاز وعد الله، الأمر ليس فيه مغيبات، بل هو ربط للأسباب بالمسببات، وهذه هي سنة الله في التغيير. الأمر ليس سهلاً بل يحتاج إلى مجهود عظيم، وتضحيات جليلة، وصبر جميل، وتوفيق الله خير حليف. ولا ينبغي للمؤمن أن يجزع ويفقد صبره إذا اقتضت حكمة الله أن يتأخر النصر. وتأخر النصر ليس دليلاً على أن المرء ليس مؤمناً أو ليس مخلصاً في طاعته لله، فهذا هو نوح عليه السلام. ووقوع المصائب والإبتلاء ليس دليلاً على غضب الله، فهذا هو أيوب عليه السلام. والرسول عليه السلام يقول: «أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الصالحون ثم الأمثل فالأمثال». وإحراز النصر بالغلبة والقهر والملك ليس دليلاً على محبة الله، فهذا النمرود ملك رقعة واسعة من العالم زمناً طويلاً، وهذا فرعون ملك مصر زمناً طويلاً، وهذه الدول العظمى هذه الأيام تتحكم بالعالم من زمن طويل، قال تعالى: )وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ(. فمن أراد أن يختبر صدق إيمانه أو إيمان غيره فإنه لا ينظر إلى فقره أو غناه، ولا ينظر إلى قوته أو ضعفه، ولا إلى كونه معافى من المصائب أو مرمياً بها، ولا إلى مدى شوكته أو فقدانه الشوكة والسلطان. وإنما ينظر إلى ما وقر في صدره من عقيدة، وما حمل في رأسه من أفكار. هل هي مأخوذة من كتاب الله وسنة رسوله، وهل هي خالصة من كل شائبة غريبة، وهل هي راسخة لا تتزعزع، وشامخة بحيث تعلو ولا يعلى عليها، وهل تؤتي ثمارها من آداء الطاعات لله، والبعد عن محارمه؟ فمن وجد هذا فليحمد الله، فإنه علامة الإيمان، ومن وجد غير ذلك، فليسأل الله العافية، وليسارع بنفسه إلى النجاة فإنه خطر. اللهم إنا نسألك الهدى والتقى والإيمان الصادق والعمل الخالص لوجهك الكريم، ونسألك نصرك العزيز والأمن والتمكين وحسن الختام.□
  3. الخطوط السياسية مصطلح جديد يعني به قائلوه الولاءات السياسية المتعددة الموجودة في بلدٍ ما أو في بلدان متعددة محلياً ودولياً. وإذا دققنا في الخطوط السياسية والولاءات المتعددة التي تنتمي إليها المجموعات السياسية المحلية يمكن القول: إن هناك ولاءات متعددة، وعمالة متنوعة، وخطوطاً ملونة من رأس الهرم إلى قاعدته، وفي كل المؤسسات الرسمية والخاصة، ويمكن تشبيه ذلك بقطع الأرض المفروزة للبيع، فبيع بعضها وبقي البعض الآخر برسم البيع. هناك زعماء ينتمون إلى خطوط سياسية دولية وهناك بعض المفكرين والمشايخ والشعراء والفلاسفة ورجال القانون والصحف والمجلات والإذاعات والتلفزيونات (الأرضية والفضائية) والجامعات والمعاهد والمدارس والنوادي…الخ. ولا يخفى على البعض أن غالبيةالمنتمين إلى بعض المؤسسات«محسوبون على الخط الفلاني»وغالباً ما تتردد على ألسنة الناس بشكل عفوي بعض العبارات التي تحدد التبعية للشخص أو المؤسسة فيقال مثلاً: فلان محسوب على خطفلان أو فلان محسوب على الخطالأميركي، أو المؤسسة الفلانيةمحسوبة على الخط الفلاني، أو فلان ينتمي إلى الخط المعارض أو الموالي، والخط المعارض أيضاً محسوب على خط خارجي، وكذلك الخط الموالي وهكذا… إذن الكل محسوب على جهة محلية أو دولية والمحلية هي بدورها محسوبة على جهة خارجية وتتقاطع الخطوط والمصالح وتتضارب فتحصل المشاكل والمواجهات السياسية وقد تتحول إلى مواجهات عسكرية فتسيل الدماء فداءً لأصحاب القرار في عواصم القرار العالمية ويحسب المتقاتلون أنهم يخدمون أهدافاً محلية يتخذون إزاءها قرار الحياة أو الموت بوصفها قضية مصيرية، فإذا بالمصير الذي يتحدثون عنه هو تكريس تبعية البلد بأكمله إلى الجهة الدولية التي أشعلت الحريق لتحقق الهيمنة على القوى السياسية في البلد وتحويل الخطوط المتقاطعة إلى خطوط ذات اتجاه واحد ولون واحد من مستوى مختار، مروراً بمستوى عضو بلدية إلى نائب إلى أعلى قمة في الهرم السياسي. إن ما يثير الشفقة على هؤلاء، أن بينهم العارف بكل الملابسات، فيخوض اللعبة السياسية القذرة عن تصميم وسبق إصرار، ومن بينهم من تخدعه الشعارات، فيصدق أنه «يناضل» من أجل قضية «وطنية أوقومية» حسب زعمه، ويعتبر نفسهمن المخلصين العاملين للوقوف فيوجه العدو الخارجي، فإذا به يصبح حجراً ضمن الأحجار التي يتلاعب بها الكبار لتحقيق مصالحهم ومآربهم الخبيثة، وهيهات أن يصحو هؤلاء من غفلتهم وبلادتهم الساذجة .
  4. نشرت أميركا بعض وثائقها السرية. وكشفت هذه الوثائق أن أطباء وخبراء أميركيين كانوا يجرون تجارب إشعاعية خطرة على الناس بأمر من السلطة دون إعلام هؤلاء الناس. فقد كانوا يعطون الحوامل أقراصاً مشبعة بالإشعاعات النووية ليعرفوا مدى تأثير ذلك على الجنين وأمه. وكانوا يعرّضون الذين يفحصونهم إلى الأشعة السينية (X-Ray) الشديدة ليعرفوا أيضاً مدى الضرر على الأجسام. وكانوا يعطون شهادة للمصابين بالأمراض الزهرية بأنهم تعافوا من أجل أن يمارسوا الجنس مع الأصحاء ليدرسوا قوة انتقال المرض من المريض إلى السليم. كل ذلك دون أن يعلم الذي جاءهم للعلاج أنهم يجرون عليه أخطر التجارب! هذا نزر يسير تكشفه أميركا عن نفسها الآن (والمخفي أعظم). وإذا كانت أميركا تجري هذه التجارب القاتلة على مواطنيها فكيف تفعل بالشعوب الأخرى وخاصة ما يسمونه بشعوب العالم الثالث؟ ونريد أن نهمس في آذان الذين يذهبون للطبابة والاستشفاء في أميركا وأوروبا: احذروا، فالحضارة الغربية لا أخلاق لها، وأتباع الحضارة الغربية لا يعرفون إلا النفعية. الإنسان عندهم (وخاصة من غير شعبهم) لا يزيد عن حيوان، وهو حقل للتجارب الخطرة. وقد غدا التطبيب عندهم غير مأمون العواقب حتى على شعبهم وكبار رجالاتهم. فقد نشرت وسائل الإعلام ومنها إذاعة لندن (منذ شهر تقريباً) أن البابا أصيب بمرض الإيدز، وأن ذلك حصل جاء العملية التي أجريت له ودخل فيها أدوات ملوثة ودم ملوث....
  5. وافق وزراء دفاع حلف شمال الأطلسي، يوم الخميس 15 شباط/فبراير، على توسيع مهمة "التدريب والمشورة" بالعراق، بطلب من أمريكا. وكان وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس قد بعث برسالة إلى رئاسة الحلف في كانون الثاني/يناير الماضي، يطالب فيها ببعثة رسمية لحلف الـناتو في العراق بقيادة دائمة أو شبه دائمة لتدريب القوات العراقية. فقد ذكر أمين عام الناتو ينس ستولتنبرغ، أن البعثة المقرر إرسالها للعراق "لن تكون قتالية، وإنما ستكون ذات طابع تدريبي" بهدف المساعدة في رفع كفاءة القوات العراقية وإنشاء بنى تحتية وهياكل عسكرية متطورة. حيث صدر القرار في نهاية اجتماع وزراء الدفاع الذين أكدوا أن تدريب القوات العراقية وقتا طويلا يحول دون عودة القوات القتالية إلى الميدان. وذكر أمين عام الناتو "إن الدروس التي تم استخلاصها من العراق أكدت أن الانسحاب المبكر قد يضطرنا إلى إعادة إرسال قوات قتالية. يجب أن نظل هناك الوقت الضروري كي لا نضطر إلى العودة". وأوضح ينس ستولتنبرغ أن الوزراء أوصَوا بالبَدءِ في التخطيط لمهمة التدريب، على أن تُطلق المهمة رسمياً في اجتماع القمة الأطلسية في تموز/يوليو المقبل في بروكسل. وستشمل تدريب الضباط، وإنشاء أكاديمية عسكرية، والطب العسكري، وتفكيك الألغام والقنابل والقذائف التي لم تنفجر والتي خلفها تنظيم الدولة، لكنه لن يرسل عسكريين لمهام قتالية. علماً أن للحلف حالياً مهمة تدريب محدودة في بغداد رغم مقاومة الأعضاء الأوروبيين في الحلف منذ فترة طلب واشنطن في توسيع مهامها في العراق؛ خشية الدخول في مهمة عسكرية أخرى مفتوحة، بعد أكثر من عشرة أعوام في أفغانستان. الضغط الأمريكي جزء من مطلب ترامب على أن يتجاوز التحالف الغربي مهمته الأساسية المتمثلة في الدفاع عن أراضي دوله ويساعد في وقف التشدد الإسلامي. وكان ترامب وجه تعنيفا للحلفاء في أيار/مايو الماضي في قمة عقدت في بروكسل حذر فيها من وقوع مزيد من الهجمات في أوروبا إذا لم يبذل حلف الأطلسي المزيد لوقف المتشددين، كما أن رئيس أمريكا السابق أوباما كان يسعى لدور أكبر للحلف في الشرق الأوسط حيث ترى أمريكا أن خبرة الحلف الطويلة في أفغانستان تجعله في وضع مثالي لتأهيل القوات العراقية بعد استعادة الأراضي التي سيطر عليها تنظيم الدولة، فقد ذكر دبلوماسي كبير في الحلف مشترطا عدم الكشف عن هويته "أمريكا تضغط بشدة من أجل دور لحلف شمال الأطلسي في العراق، ليس دورا قتاليا بل مهمة طويلة الأجل". وأضاف الدبلوماسي "هذا الأمر يبدو مثيرا للريبة مثل أفغانستان"، مشيرا إلى أن الحلفاء يدركون جيدا الانتقادات التي أثارها ترامب خلال حملته الانتخابية عام 2016 أن الحلف "عتيق" لأنه لا يبذل جهدا أكبر للتصدي للمتشددين الإسلاميين. أما من جانب العراق فقد ذكر المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء، حيدر العبادي، في بيان نشر بتاريخ 23 كانون الثاني/يناير 2018، أن العبادي تلقى مكالمة هاتفية من أمين عام حلف الناتو ينس ستولتنبرغ، حيث بحث الجانبان زيادة وتسريع تدريب القوات العراقية بمختلف صنوفها، فضلا عن تطوير المنهج التعليمي العسكري الجديد ليشمل المشاة والاستخبارات وغيرها من الصنوف مع بناء قدرات وزارة الدفاع. يشار إلى أن مسؤولين ضمن الناتو أكدوا لرويترز، صعوبة تحقيق المساعي الأمريكية وإن كانت تحظى بدعم وموافقة العبادي، مرجعين ذلك إلى التكلفة العالية للمهمات العسكرية في بلدان أجنبية، بالإضافة إلى أنها غير محببة للعامة وفي العادة خطيرة على حياة الجنود، مضيفين، بأن ذلك لا يتوقف عند ذلك الحد، بل يجب تحديد حجم تلك القوة والدول التي ستشارك بها والتمويل المطلوب لها، ومن سيوفر الحماية لتلك القوات في العراق، مشددين أيضا، على أن الناتو لا يمكن أن يتحرك حتى تحت الضغوط الأمريكية، إن لم تقدم بغداد طلبا رسميا بذلك للناتو، الأمر المستبعد، لاقتراب الانتخابات، وتباين الوضع السياسي الداخلي. يتضح من الضغوطات التي تمارسها الإدارة الأمريكية على حلف الناتو في مناطق الصراع بأنها لا تريد أن تواجه المنطقة بمفردها، بل تريد أن تحمل أوروبا معها حيث رحلت، ولكن تحت إمرة أمريكا وقيادتها. وذلك حتى تتلافى التكاليف الباهظة لدور الشرطي العالمي. وكذلك حتى لا تثير العالم والشعوب ضدها. فهي تريد أن تبقى وتفرض سيطرتها على الجميع بأقل التكاليف المادية والمعنوية. وما جاء في الاستراتيجية العسكرية الأمريكية من تكوين قوة للتدخل السريع بشكل فعال ومؤثر، ومن إعادة توزيع القوات وتركيزها على المناطق الجنوبية الغربية والجنوبية الشرقية للحلف، ومن محاولة إخراج الحلف من ثوبه العسكري إلى أن يكون منظمة سياسية يدل على أن الناتو بات أداة بيد أمريكا. فمخطط ترامب يقتضي البقاء في العراق إلى وقت غير محدد والزج بالأوروبيين في ورطة جديدة تحت ذرائع التصدي للتهديدات (الإرهابية) التي ستنطلق من العراق وكذلك المساهمة في إعادة إعماره، ما يعد بوابتين أساسيتين للانطلاق نحو ترسيخ الاحتلال الأمريكي، وكل ذلك يتم من دون أن يحظى بموافقة أهل العراق. أمريكا تدرك جيداً أنها تحتاج إلى تفتيت الشعب العراقي وقلبه على بعضه بعضاً وإحداث انقسامات بين مكوناته - وهو ما تعمل عليه - وبالتالي تكون الفرصة مواتية لبقاء القوات الأمريكية أطول فترة ممكنة تحت عناوين "توفير الحماية" و"منع عودة الإرهابيين" وبهذه الأجواء تضمن واشنطن السيطرة الكاملة على العراق وثرواته المائية والنفطية وخيراته الأخرى. في هذا الإطار وبهذا الإدراك الصحيح للواقع يجب أن ننظر إلى أي تحالفات أمنية، أو مباحثات مع أحلاف عسكرية، ومثل ذلك التدريبات المشتركة والتسهيلات والقواعد العسكرية، والتي تعتبر عوناً لأعداء الإسلام في إعدادهم لحرب المسلمين. إن ما تقوم به الأحلاف العسكرية على أرض المسلمين من تدريبات عسكرية وما تعقده من اتفاقيات أمنية وعسكرية كتأجير القواعد والمطارات والموانئ يكسبها خبرة عملية ذات أهمية بالغة تنعكس نتائجها على أرواح ودماء وحرمات المسلمين، ويجعل لدول الكفر سلطاناً على أرض الإسلام مما يؤدي إلى انتقاص سيادة الدولة على أراضيها، وذلك لا يجوز شرعاً لأنه يجعل للكافرين سبيلاً أي سلطاناً على المسلمين، وهذا ما تحرمه الآية الكريمة: ﴿وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً﴾، وسيادة الدولة هي قدرتها على أن تتصرف بكامل إرادتها واختيارها استناداً إلى سلطانها الخاص وحده في كافة شؤونها الداخلية والخارجية، وكل نقص في هذه السيادة يؤثر على وجود الدولة بوصفها دولة، مما يستوجب الحرب لحفظ هذه السيادة وحمايتها، ولذا كانت السيادة بالنسبة للدولة أهم المسائل السياسية وأعلاها. وتقديراً لذلك الواقع وجدنا فقهاء المسلمين قديماً وحديثاً يشترطون أن يكون أمان دار الإسلام بأمان المسلمين، أي جعل سيادة الدولة بقوة أبنائها وحمايتهم داخلياً وخارجياً. والسؤال المطروح ما الذي ستُحاربه أمريكا وأحلافها العسكرية والغربُ معها عندَ المسلمين، وكلُّ بلادِ المسلمين تُحْكَم بأنظمةٍ وحكام راكعين لها في غاية الخنوع والخضوع؟! بل لماذا يحاربون بلاداً هي عمليَّا تحت حكمهم وتحت سيطرتهم؟! والجواب على ذلك لأنهم يدركون أن الأنظمة التي أقاموها لا بد أن تزول بعد أن ظهر عوارها وعفنها وعجزها المهين، فالمسألة مسألة وقت ليس غير، ولذا فإنهم يُعدّون أنفسهم منذ الآن للعدوان العسكري على أهل المنطقة برمتها حين يأذن المولى تبارك وتعالى بالتغيير ويمن على عباده بإقامة الخلافة على منهاج النبوة، فتتساقط حينها أكياس الرمل التي يحتمي بها الكفار، والتي تتمثل في الحكام والمنافقين والمفكرين المضبوعين بالثقافة الأجنبية والظلاميين الذين ألفوا العيش في ظلام الأنظمة الوضعية العلمانية وارتبطت مصالحهم بالأجنبي الكافر المستعمر. بقلم: الأستاذ علي البدري
  6. حمد طبيب – بيت المقدس ما زالت المؤسسة العسكرية في بلاد المسلمين تلتزم الصمت، وتقف موقف المتفرج على ما يجري لخيار الناس، ممن ينشدون الانعتاق من ربقة الاستعمار، ومن عملاء الاستعمار من الحكام، ومن أولياء الحكام من المنافقين والمنتفعين المارقين … فلماذا هذا الصمت؟! ألا تكفي هذه الدماء الزكية الطاهرة علامة صدقٍ من هؤلاء الأخيار للأغيار أصحاب الغيرة على دينهم وأمتهم، من أهل القوة والمنعة في المؤسسات العسكرية في بلاد المسلمين؟!.. ألا يكفي هذا الإجرام بحقّ المسلمين ومقدراتهم، من قبل هؤلاء الحكام لتتحرك النخوة والغيرة للنجدة؟!.. ألا تكفي سنوات الذلّ والهوان واستعمار البلاد والعباد من قبل الكفار من الغرب، أمريكا وروسيا، عن طريق هؤلاء الرويبضات من الحكام، لتحرّك الدماء في عروق الأغيار المخلصين؛ من قادة وضباط الجيش في بلدٍ واحد من بلاد المسلمين؟! ماذا ينتظر هؤلاء القادة الضباط؟! هل ينتظرون قيام الشعب بأكمله على هؤلاء الحكام، ليحاصروهم في عقر قصورهم وقلاعهم، دون أن تتدخّل المؤسسة العسكرية بشيءٍ تجاه هؤلاء الناس؟!..هل ينتظرون قتل الآلاف الآلاف من الأبرياء حتى تتحرك فيهم النخوة والغيرة؟!.. هل بقاء هؤلاء القادة الضباط حراسًا لهؤلاء الحكام، وحراسًا لخياناتهم خدمةً لأمريكا ولكيان يهود هو خيرٌ، أم انحيازهم إلى أحضان أمتهم وانعتاقهم من هذا الذل والهوان الذي يأنفه حتى الذل هو الخير لهم ولأمتهم ولدينهم في دنياهم وآخرتهم؟! أولستم أيها القادة أحفاد حمزة بن عبد المطلب؛ الذي وقف بسيفه يتحدّى صناديد قريش من أهل مكة، ويعلنها مدويةً بين هؤلاء الصناديد: “إنني على دين محمد، ومن يؤذيه بعد اليوم فإنه يؤذيني”؛ وذلك عندما آذى نفرٌ من هؤلاء السفهاء رسول الله r؟! أولستم أحفاد صلاح الدين الأيوبي، الذي أقسم ليذبحنّ حاكم الكرك بحدّ سيفه، عندما علم أنه قد اعتدى على نساء المسلمين في قافلة الحج، وفعلاً بر بقسمه في معركة حطين الفاصلة؟! أولستم أحفاد المعتصم بالله العباسيّ، الذي لبّى استغاثة امرأة صاحت من آخر حدود الدولة، فأثارت غيرته على بني دينه وجلدته، فلبّى نداءها بجيشٍ جرار؛ أوله عند حدود الروم وآخره في بغداد، وهو يزأر كالأسد الهزبر: لبّيك أيتها المرأة؟! إنكم أيها القادة الضباط حراسٌ على دماء الأمة ومقدراتها وممتلكاتها، فأنتم الأغيار ممن يعينون الناس وينفعونهم وقت الشدائد، وأنتم من يغارون على أعراضهم ودمائهم، وهؤلاء الحكام ممن يُلقون إليكم الأوامر لحراستهم، والبطش بالأخيار من أهلكم هم الأشرار والفجّار، بل الكفار في كثير من بلاد المسلمين!! فانحازوا يرحمكم الله لأمتكم ودينكم تفوزوا بخير الدارين إن شاء الله. إنكم قد أقسمتم أيمانًا مغلظةً أن تكونوا حراسًا للأمة، خدّامًا لها ولدينها، لا تنحازون لمخططات أمريكا ولا أوروبا ولا كيان يهود، وها هو قد جاء موعد البَرّ بهذا القسم المغلّظ، وإن لم تفعلوا فإنكم ستندمون في وقت لا ينفع فيه ندمٌ ولا حسرة، وذلك عندما تجرف الأمة بسيلها العارم الحازم هذه النجاسات من الحكام، وتلقي بهم في مزبلة التاريخ بعيدًا عن طهارة الأمة وعفّتها!! .. إنّنا نناشدكم أيها القادة الضباط، وكلّنا أمل في غيرتكم، وفي إخلاصكم ونقائكم وصفائكم أن تنحازوا إلى صفّ الأمة لتنقذوها مما هي فيه من ويلاتٍ وشرورٍ عظامٍ يصنعها هؤلاء الحكام غبر آبهين بالدماء الزكيّة التي تسيل غزيرةً في كل يوم!! … نناشدكم أن تنقذوا أبناء دينكم وأبناء جلدتكم من مخططات الاستعمار الرهيبة في تضليل الأمة، وحرفها عن جادة الحق والصواب، وإشعال الفتن بين صفوفها كما هو حاصلٌ في ليبيا واليمن وذلك لإلجائها وإجبارها على طلب النجدة منهم عن طريق التدخل العسكري، أو عن طريق طرح المشاريع السياسية لإنقاذهم!! .. فمن أقرب ومن أولى أيها القادة الضباط الأغيار بالأخيار من أمتكم أنتم أم أمريكا ودول أوروبا؟! إنكم أيها الأغيار من أمة الخير التي قال فيها الحق تبارك وتعالى:]كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ[. فأنتم أهل تغيير المنكر وأهل الإيمان، من أتباع هذه الأمة المجيدة الكريمة، وإنكم أيها الأغيار كالغيث الذي ينفع الأرض بعد طول انقطاع وعطش، لأنكم من أمة الغيث التي قال فيها رسولكم عليه الصلاة والسلام: «أُمَّتِي كَالْغَيْثِ لَا يُدْرَى أَوَّلُهُ خَيْرٌ أَمْ آخِرُهُ» فأنتم من تغيثون أمتكم وقت الشدائد، والمصائب والأزمات!!. قوموا أيها القادة الضباط كما قامت أمتكم فأنتم جزءٌ منها، وما يصيبكم يصيبها ولو كان وخز شوكة تدمي منكبها … قوموا أيها القادة الضباط وسجّلوا موقفًا يحبه الله ورسوله تمامًا كموقف الأنصار وهم يؤوون ويؤازرون رسول الله r في ساعة العسرة والضيق … قوموا وحطّموا عروش هؤلاء الطواغيت فإنهم لا يرقبون فيكم ولا في الأمة إلاً ولا ذِمّة، لأن ذمتهم وولاءهم هو من ولاء وذمة اليهود والنصارى!!… قوموا وازأَرُوا وكبّروا بأعلى صوتكم «الله أكبر والعزة للإسلام ولأمة الإسلام»… وأعلنوها دون خوف ولا وجل “إننا أتباع هذا الدين العظيم وأحفاد القادة العظام ممن سبقونا بإحسان”… أعلنوها أيها القادة ولا تخافوا ولا تهنوا ولا تحزنوا فأنتم الأعلون بإذن الله بإيمانكم، وحبكم لله ولرسوله وللمؤمنين من أمتكم … أعلنوها خلافةً إسلامية على منهاج النبوة كما أرادها ربكم بقوله: ]وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ[ وكما أرادها رسولكم عليه الصلاة والسلام: «ثُمَّ تَكُونُ خِلاَفَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ» أيُّها الأغيار كونوا للأخيار من حملة الدعوة الإسلامية الصادقة الذين يدعون بإخلاص وبإيمان إلى إقامة الخلافة الراشدة الثانية التي تكون على منهاج النبوة سندًا وظهرًا وأولياء نصرة لهم. فنعم الدعوة دعوتهم ونعم النصرة نصرتكم. فاصدقوا الله في نصرتكم لدينكم بنصرتهم يصدقكم الله وعده. أيُّها القادة الضباط إننا لكم منتظرون فهل أنتم مجيبون؟! اللهم افتح قلوبهم للإجابة قال تعالى: ]يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ[ وقال تعالى: ]الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِن بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ[
  7. – أخرج البخاري عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَطَاءُ بْنُ يَزِيدَ اللَّيْثِيُّ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ أَخْبَرَهُ أَنَّ أُنَاسًا مِنْ الأَنْصَارِ سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله وسلم) فَلَمْ يَسْأَلْهُ أَحَدٌ مِنْهُمْ إِلاَّ أَعْطَاهُ حَتَّى نَفِدَ مَا عِنْدَهُ، فَقَالَ لَهُمْ حِينَ نَفِدَ كُلُّ شَيْءٍ أَنْفَقَ بِيَدَيْهِ: «مَا يَكُنْ عِنْدِي مِنْ خَيْرٍ لاَ أَدَّخِرْهُ عَنْكُمْ، وَإِنَّهُ مَنْ يَسْتَعِفَّ يُعِفَّهُ اللَّهُ، وَمَنْ يَتَصَبَّرْ يُصَبِّرْهُ اللَّهُ، وَمَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ اللَّهُ، وَلَنْ تُعْطَوْا عَطَاءً خَيْرًا وَأَوْسَعَ مِنْ الصَّبْرِ». – أخرج البخاري عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ (رضي الله عنه) قَالَ: مَرَّ النَّبِيُّ (صلى الله عليه وآله وسلم) بِامْرَأَةٍ تَبْكِي عِنْدَ قَبْرٍ فَقَالَ: اتَّقِي اللَّهَ وَاصْبِرِي، قَالَتْ: إِلَيْكَ عَنِّي فَإِنَّكَ لَمْ تُصَبْ بِمُصِيبَتِي، وَلَمْ تَعْرِفْهُ، فَقِيلَ لَهَا إِنَّهُ النَّبِيُّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ، فَأَتَتْ بَابَ النَّبِيِّ (صلى الله عليه وآله وسلم) فَلَمْ تَجِدْ عِنْدَهُ بَوَّابِينَ فَقَالَتْ: لَمْ أَعْرِفْكَ، فَقَالَ: إِنَّمَا الصَّبْرُ عِنْدَ الصَّدْمَةِ الأُولَى. – أخرج البخاري من حديث أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ (رضي الله عنه) قال: اشْتَكَى ابْنٌ لأَبِي طَلْحَةَ قَالَ فَمَاتَ وَأَبُو طَلْحَةَ خَارِجٌ، فَلَمَّا رَأَتْ امْرَأَتُهُ أَنَّهُ قَدْ مَاتَ هَيَّأَتْ شَيْئًا وَنَحَّتْهُ فِي جَانِبِ الْبَيْتِ، فَلَمَّا جَاءَ أَبُو طَلْحَةَ قَالَ: كَيْفَ الْغُلامُ؟ قَالَتْ: قَدْ هَدَأَتْ نَفْسُهُ، وَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ قَدْ اسْتَرَاحَ، وَظَنَّ أَبُو طَلْحَةَ أَنَّهَا صَادِقَةٌ، قَالَ: فَبَاتَ فَلَمَّا أَصْبَحَ اغْتَسَلَ، فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ أَعْلَمَتْهُ أَنَّهُ قَدْ مَاتَ، فَصَلَّى مَعَ النَّبِيِّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ثُمَّ أَخْبَرَ النَّبِيَّ (صلى الله عليه وآله وسلم) بِمَا كَانَ مِنْهُمَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله وسلم) لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يُبَارِكَ لَكُمَا فِي لَيْلَتِكُمَا، قَالَ سُفْيَانُ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الأَنْصَارِ فَرَأَيْتُ لَهُمَا تِسْعَةَ أَوْلادٍ كُلُّهُمْ قَدْ قَرَأَ الْقُرْآنَ. – أخرج البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ (رضي الله عنه) عَنْ النَّبِيِّ (صلى الله عليه وآله وسلم) قَالَ: «مَا يُصِيبُ الْمُسْلِمَ مِنْ نَصَبٍ وَلا وَصَبٍ وَلا هَمٍّ وَلا حُزْنٍ وَلا أَذًى وَلا غَمٍّ، حَتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا، إِلا كَفَّرَ اللَّهُ بِهَا مِنْ خَطَايَاهُ». – أخرج ابن ماجه بسند صحيح عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله وسلم): «الْمُؤْمِنُ الَّذِي يُخَالِطُ النَّاسَ وَيَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ أَعْظَمُ أَجْرًا مِنْ الْمُؤْمِنِ الَّذِي لا يُخَالِطُ النَّاسَ وَلا يَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ».
  8. – عن هِلَالُ بْنُ يَسَافٍ قَال: كُنَّا قُعُودًا عِنْدَ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ، فَذَكَرُوا الْأَوْجَاعَ، فَقَالَ أَعْرَابِيُّ: مَا اشْتَكَيْتُ قَطُّ، فَقَالَ عَمَّارٌ: «مَا أَنْتَ مِنَّا، أَوْ لَسْتَ مِنَّا، إِنَّ الْمُسْلِمَ لَيُبْتَلَى بِبَلَاءٍ؛ فَتُحَطُّ عَنْهُ ذُنُوبُهُ كَمَا يُحَطُّ الْوَرَقُ مِنَ الشَّجَرِ. وَإِنَّ الْكَافِرَ، أَوْ قَالَ الْفَاجِرَ، يُبْتَلَى بِبَلَاءٍ، فَمَثَلُهُ مَثَلُ بَعِيرٍ أُطْلِقَ فَلَمْ يَدْرِ لِمَ أُطْلِقَ، وَعُقِلَ فَلَمْ يَدْرِ لِمَ عُقِلَ». – قَالَ أَبُو مَعْمَرٍ الْأَزْدِيُّ: كُنَّا إِذَا سَمِعْنَا مِنِ ابْنِ مَسْعُودٍ شَيْئًا نَكْرَهُهُ سَكَتْنَا حَتَّى يُفَسِّرَهُ لَنَا، فَقَالَ لَنَا ذَاتَ يَوْمٍ: «أَلَا إِنَّ السَّقَمَ لَا يُكْتَبُ لَهُ أَجْرٌ» فَسَاءَنَا ذَلِكَ وَكَبُرَ عَلَيْنَا، قَالَ: «وَلَكِنْ يُكَفَّرُ بِهِ الْخَطَايَا»، قَالَ: فَسَرَّنَا ذَلِكَ وَأَعْجَبَنَا. – عَنْ يَزِيدَ بْنِ مَيْسَرَةَ، قَالَ: «إِنَّ الْعَبْدَ لَيَمْرَضُ الْمَرَضَ مَا لَهُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ خَيْرٍ، فَقَدْ كَرِهَ اللَّهُ بَعْضَ مَا سَلَفَ مِنْ خَطَايَاهُ، فَيَخْرُجُ مِنْ عَيْنِهِ مِثْلُ رَأْسِ الذُّبَابِ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ فَيَبْعَثُهُ اللَّهُ إِنْ بَعَثَهُ اللَّهُ أَوْ يَقْبِضَهُ إِنْ قَبَضَهُ عَلَى ذَلِكَ». – عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: كَانُوا يَرْجُونَ فِي حُمَّى لَيْلَةٍ كَفَّارَةً لِمَا مَضَى مِنَ الذُّنُوبِ. – عَنْ عَطِيَّةَ بْنِ قَيْسٍ قَالَ: مَرِضَ كَعْبٌ فَعَادَهُ رَهْطٌ مِنْ أَهْلِ دِمَشْقَ فَقَالُوا: كَيْفَ تَجِدُكَ يَا أَبَا إِسْحَاقَ؟ قَال: «بِخَيْرِ جَسَدٍ أُخِذَ بِذَنْبِهِ إِنْ شَاءَ رَبُّهُ عَذَّبَهُ، وَإِنْ شَاءَ رَحِمَهُ، وَإِنْ بَعَثَهُ بَعَثَهُ خَلْقًا جَدِيدًا لَا ذَنْبَ لَهُ». – عَنْ ثَابِتٍ، قَالَ: دَخَلْنَا عَلَى رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ نَعُودُهُ وَهُوَ ثَقِيلٌ فَقَالَ: «إِنَّهُ مَنْ كَانَ فِي مِثْلِ حَالِي هَذِهِ مَلَأَتِ الْآخِرَةُ قَلْبَهُ، وَكَانَتِ الدُّنْيَا أَصْغَرَ فِي عَيْنِهِ مِنْ ذُبَابٍ». – عن حَبِيبٍ أَبي مُحَمَّدٍ الْهَرَّانِيِّ قَالَ: عَادَنِي الْحَسَنُ فِي مَرَضٍ فَقَالَ لِي: «يَا حَبِيبُ، إِنَّا إِنْ لَمْ نُؤْجَرْ إِلَّا فِيمَا نُحِبُّ قَلَّ أَجَرُنَا، وَإِنَّ اللَّهَ كَرِيمٌ يَبْتَلِي الْعَبْدَ وَهُوَ كَارِهٌ، وَيُعْطِيهِ عَلَيْهِ الْأَجْرَ الْعَظِيمَ». – عن طَاوُسٍ قال: «خَيْرُ الْعِيَادَةِ أَخَفُّهَا». وَقَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ: «مَا أَرْفَقَ الْعَرَبَ! لَا تُطِيلُ الْجُلُوسَ عِنْدَ الْمَرِيضِ، فَإِنَّ الْمَرِيضَ قَدْ تَبْدُو لَهُ حَاجَةٌ فَيَسْتَحِي مِنْ جُلَسَائِهِ». – عن عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي صَالِحٍ قَالَ: دَخَلَ عَلَيَّ طَاوُسٌ وَأَنَا مَرِيضٌ فَقُلْتُ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ ادْعُ لِي قَالَ: «ادْعُ لِنَفْسِكَ فَإِنَّهُ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ». – عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: إِذَا مَرِضَ الْمُؤْمِنُ يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى لِلْمَلَائِكَةِ: «اكْتُبُوا لِعَبْدِي هَذَا الَّذِي فِي وَثَاقِي مِثْلَ مَا كَانَ يَعْمَلُ فِي صِحَّتِهِ».
  9. فكرة الكنفدرالية مع الأردن والتي تكلم عنها رئيس السلطة، هي فكرة رفضها وما زال يرفضها عباس والنظام الأردني، حيث أن أمريكا طرحتها قبل حوالي عشر سنوات، وبعدها بدأ ملك الأردن يطالب بحل الدولتين وانه مع الكنفدرالية بعد اقامة دولة فلسطينية وتثبيت حدودها. بل أخذ يطالب بحل الدولتين أكثر من عباس نفسه، واصطنع النظام الأردني عدة أعمال من بينها اثارة التوتر والنعرات بين الفلسطينيين في الأردن والأردنيين الأصليين وذلك مثل التوترات التي كانت تصحب مباريات نادي الفيصلي و الوحدات، وذلك من أجل خلق رأي عام أن الأردني أردني والفلسطيني فلسطيني. وعلى سبيل المثال، فانه وفي يوم صفقة التبادل بين الأسرى وشاليط والتي تضمنت ترتيبات اقليمية من ضمنها اتفاق القاهرة والمصالحة، والأهم هنا في هذا المقام هو خروج خالد مشعل من سوريا واقامته في الأردن، بل وفي ذات يوم التبادل اتصل اسماعيل هنية برئيس وزراء الأردن وشدد على رفض فكرة الوطن البديل. أي لطمأنة الأردن بأن الأمر ليس في وارد حماس. ورغم ذلك فان الأردن رفض هذه الفكرة تماما وحتى عندما سمح الأردن بزيارة مشعل، الا أنه وجه له عدة رسائل رسمية وشعبية بأنه غير مرغوب به، وفي النهاية استقر المقام له في قطر. والشاهد هنا هو أن مجرد وجود مشعل في الأردن سيحيي فكرة الوطن البديل. ففي النهاية هو كما يقال فلسطيني في بلد به عدد كبير من الفلسطينين سواء الحاصلين على الجنسية الأردنية أو غير الحاصلين عليها. المهم أن هذه الفكرة أي فكرة الكنفدرالية قبل اقامة ما يعرف بالدولة الفلسطينية تلتقي تماما مع فكرة الوطن البديل، ومع مخططات حزب الليكود ومبادئه، والأهم أمريكيا هو أنها تفتح المجال عاليا أمام أمريكا للضغط على النظام وتحويله من نظام ملكي انجليزي الولاء والنشأة الى نظام تابع لها، بحكم واقع الأردن الاقتصادي وبحكم بعض ممن يمكن تجنيدهم لصالح أمريكا، فان كان الأردن بوضعه الحالي يواجه كل هذه الأزمات، فكيف الحال بانضمام أهل الضفة له، أو حتى بضم العرب داخل ما يعرف بالخط الأخضر له، نتيجة تطبيق فكرة تبادل الأراضي بنسبة 5 الى واحد، وهي بالمناسبة أحد أفكار صفقة القرن. بينما يصر الأردن على اقامة دولة فلسطينية على حدود 67 وتواجد قوات فلسطينية في منطقة الغور لتمثل الحدود بين الأردن وفلسطين، وهو ما يرفضه كيان يهود بشكل قاطع، والأمريكان لهم مقترحات بالتواجد في هذه المنطقة، وأيضا كيان يهود يرفض هذه الفكرة أيضا. أما كيف سؤثر هذه الفكرة على الأردن، فهو بكل بساطة من خلال تحويل حياة أهل الضفة الى جحيم، فمدن الضفة مقطعة ومحاطة بالمستوطنات والطرق الالتفافية، و بكبسة زر يمكن حصار هذه المدن وتحويل حياة أهلها الى جحيم، معه يتجهون باتجاه الأردن رويدا رويدا، ناهيك عن هجمات المستوطنين. ناهيك عن أن دولة صفقة القرن، ليست على حدود 67 بل على ما وجدت عليه السلطة كما هي حاليا وبقاء المستوطنات، وبالتالي فان هذا الحال سيشجع الفكرة الأصيلة عند كيان يهود والليكود وهي فكرة الترانسفير لأهل الضفة باتجاه الأردن ولكن دون مجازر ، بل بحواجز. ونعود الى كلام عباس، الموجه لليهود، والذي يحمل رسالة بأنني أنا خياركم الوحيد، فلا تسقطوا التنسيق الأمني من يدي، ولا تلتفوا باتجاه حماس عبر اتفاق أو تهدئة أو تعتبروها هي الممثل عن أهل فلسطين. وكلامه حول قبوله بالكنفدرالية، عند التدقيق فيه، يفهم منه أن يتذاكى على اليهود "أو يستهبل عليهم كما يقال"، حيث قال بأنه مع الكنفدرالية بشرط انضمام اسرائيل لها، وهو ما يعني أنه يريد التعايش الكامل بين الكيانات، وهو الأمر الذي يرفضه كيان يهود بالمطلق، فكيان يهود لا يسمح لابن نابلس أو الخليل أو طولكرم بدخول الخط الأخضر، فهل سيسمح لابن الزرقا والطفيلة والكرك وعمان واربد !!!!! لذلك ومع انتشار خبر قبول عباس للكنفدرالية، سواء بسبب السطحية في فهم التصريحات، أو بسبب لعبة تلبيس الطرابيش عند بعض الوسائل، الا أن نظام الأردن قد أعلن بشكل واضح عن رفضه تماما لفكرة الكنفدرالية. والخلاصة: أن عباس يوجه رسائل التغزل لكيان يهود وهو يقول لهم أنا منكم وأنتم مني، ولا تنسوا خدماتي لكم وتستبدلوني بحماس أن الرفض لبصقة القرن من قبل السلطة والأردن هو بسبب التخوف على مستقبلهم وعلى مصالح الأوروبيين والأنجليز خصوصا، وليس شرفا أو رفعة أو تمسكا بثوابت هلامية عندهم، بقدر ما هو حفاظ على ما تبقى لأسيادهم من بعض نفوذ. أما فكرة الدولة الواحدة وطرح موضوع الابارتهايد فانه لارسال رسالة بأن الأردن لن يقبل بالكنفدرالية بسبب التاثير عليه، وأنه يعمل على اثارة فكرة الابارتهايد من أجل تحميل كيان يهود مسؤلية أهل الضفة وعدم تحميلها للأردن. فمن عجيب القدر أن يتمسك الأوروبييون ورجالهم بحل الدولتين على حدود 67 هو الحل الأمريكي عندما تتخلى عنه أمريكا وتستبدله بصفقة قرن تقيم شبه دولة تشبه الجبنة السويسرية. واللافت هو حجم الاثارة حول الموضوع والتي اما أنها للتغطية على تصريحات عباس وقوله أنه متفق مع رئيس الشاباك بنسية 99% أو انها رد على قرارات أمريكا بوقف تمويل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين في الوقت الذي يتعهد الأردن بالعمل على جمع التبرعات لصالح هذه الوكالة بل وتتعهد كل من بريطانيا وألمانيا على ابقائها ليس محبة في أهل فلسطين وانما جزء من صراع دولي بين طرفين نجسين مستعمرين ولكل منهما أذناب. وفي الختام ... افهموها من كلمة: لم ينزل الله القرآن الكريم، ولم يبعث نبيه سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام من أجل تتحكم بنا أمريكا وأوروبا وكافة مجرمي العالم. بل ان دولة الخلافة ستحرر الأمة من الكفار المستعمرين ومن الطواغيت النواطير لهؤلاء الكفار وستكنسهم كنسا ومعهم كيان المضغوب عليهم فهلا عملتم من أجل الخلافة كي نقول بحق لا للضالين ولا للمغضوب عليهم بل نعم لصراط الله المستقيم اللهم آمين. حسن المدهون
  10. – قيل إن الفرق بين الخشية والخوف، أن الخشية من عظمة المـَخشيِّ، وأن الخوف من ضَعف الخائف. – المـُخطئ من أراد الصواب إلى غيره، والخاطئ هو من تعمَّد ما لا يجوز. – يقال (امرأة حامل) بحذف الهاء؛ لأن الرجل لا يشركها في حمل البطن، ويقال (امرأة حاملة) بالهاء؛ إذا حملت شيئًا على ظهرها؛ لأن الرجل يشركها في الحمل. – يقال للقائم (اُقْعُدْ) وللنائم أو الساجد (اِجْلِسْ)؛ لأن القعود هو الانتقال من عُلْوٍ إلى سُفْلٍ، والجلوس هو الانتقال من سُفْلٍ إلى عُلْوٍ… وليسا سَيَّيْنِ في المعنى. – الضَعفُ بفتح الضاد يكون في العقل والرأي، نحو: (آفة فلان ضَعف عقله). أما الضُعفُ بضم الضاد فيكون في البدن، نحو: (بجسم فلان ضُعفٌ). – (الرؤيا) ما يراه الإنسان في نومه. و(الرؤية) ما يراه في يقظته. – (العمى) في البصر والبصيرة، قال تعالى: ( أَفَلَمۡ يَسِيرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَتَكُونَ لَهُمۡ قُلُوبٞ يَعۡقِلُونَ بِهَآ أَوۡ ءَاذَانٞ يَسۡمَعُونَ بِهَاۖ فَإِنَّهَا لَا تَعۡمَى ٱلۡأَبۡصَٰرُ وَلَٰكِن تَعۡمَى ٱلۡقُلُوبُ ٱلَّتِي فِي ٱلصُّدُورِ ). أما العمه فمختص بالبصيرة، قال تعالى: ( ٱللَّهُ يَسۡتَهۡزِئُ بِهِمۡ وَيَمُدُّهُمۡ فِي طُغۡيَٰنِهِمۡ يَعۡمَهُونَ ) – (العِوَج) بكسر العين وفتح الواو، اسم من (عَوِجَ) ويستعمل في المعاني، نحو (فلان في خلقه عِوَجٌ. وإذا استعمل في الأجسام ونحوها كان مفتوح العين نحو (زيدٌ في قامته عًوَج). – من الخطأ أن يقال (عضوة) عن المرأة، لفظ (عضو) لا مؤنث لا؛ لذلك لا يقال: (عُيِّنت فلانة عضوة في المجلس البلدي). ويقال عن الأذن هي عضو السمع، والعين هي عضو البصر. – لا يقال (مائدة) حتى يكون عليها طعام؛ وإلا فاسمها (خِوان). ولا تسمى (الكأس) كأسًا حتى يكون فيها شراب؛ وإلا قيل (قدح) أو زجاجة. ولا يقال (خاتم) إلا إذا كان فيه فَصٌّ؛ وإلا فهو (فتخة). ولا يقال (نفق) إلا إذا كان له منفذ؛ وإلا فهو (سَرْب). ولا يقال (خِدر) إلا إذا كان فيه امرأة؛ وإلا فهو (سِتْرٌ). ولا يقال (ثَرَى) إلا إذا كان نديًّا؛ وإلا فهو تراب. ولا يقال للمجلس (النادي) إلا ما دام فيه المجتمعون. ولا يقال للجوع (سَغَبٌ)؛ إلا إذا كان معه تعب. ولايقال رجل (أبكم)؛ إلا إذا اجتمع فيه الخَرَس والبَلَه. وإذا توفي زوج امرأة فلبست الحِداد يقال (امرأة حادٌّ) ولا يقال حادَّة..
  11. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه: «الْمُؤْمِنُ الْقَوِىُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ، وَفِى كُلٍّ خَيْرٌ، احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ وَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ، وَلاَ تَعْجِزْ، وَإِنْ أَصَابَكَ شَيءٌ فَلاَ تَقُلْ: لَوْ أَنِّي فَعَلْتُ كَانَ كَذَا وَكَذَا، وَلَكِنْ قُلْ قَدَرُ اللَّهِ وَمَا شَاءَ فَعَلَ، فَإِنَّ (لَوْ) تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ» [رواه مسلم]. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن من الذنوب ذنوبًا لا يكفرها الصلاة ولا الصيام ولا الحج ولا العمرة، قالوا: فما يكفرها يا رسول الله؟ قال: الهموم في طلب المعيشة».[رواه الطبراني في الأوسط، والديلمي في مسند الفردوس، وأبو نعيم في الحلية بألفاظ مختلفة متقاربة] قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما أكل العبد طعامًا أحب إلى الله من كدِّ يَدِهِ ومن بات كالًا من عمله بات مغفورًا له». [الجامع الصغير]. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لاَ يَغْرِسُ مُسْلِمٌ غَرْسًا وَلاَ يَزْرَعُ زَرْعًا فَيَأْكُلَ مِنْهُ إِنْسَانٌ وَلاَ دَابَّةٌ وَلاَ شيء إِلاَّ كَانَتْ لَهُ صَدَقَةٌ» [رواه مسلم]. عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن قامت الساعة، وفي يد أحدكم فسيلة، فإن استطاع أن لا تقوم حتى يغرسها فليغرسها» [رواه البخاري]. عن أبي عبد الله الزبير بن العوام رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لأن يأخذ أحدكم أحبُلةُ ثم يأتي الجبل، فيأتي يحُزمة من حطب على ظهره فيبيعها، فيكف الله بها وجههُ، خير له من أن يسأل الناس، أعطوه أو منعوه» [رواه البخاري]. عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «كان زكريا عليه السلام نجارًا”» [رواه مسلم]. عن المِقدامِ بن معدي كرب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما أكل أحد طعامًا قط خيرًا من أن يأكُل من عمل يديه، وإن نبي الله داود صلى الله عليه وسلم كان يأكل من عمل يده» [رواه البخاري]. عن ابن عمر رضي الله عنهما، أن عمر قال: كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يعطيني العَطَاءَ، فأقول: أعْطِهِ مَنْ هُوَ أَفْقَر إليه مِني قال: فقال عليه الصلاة والسلام: «خذه، وإذا جاءك من هذا المال شيء وأنت غير مُشْرِف ولا سائل، فَخُذه فَتَمَوَّله فإن شئتَ كُلْه، وإن شئتَ تصَدَّقْ به وما لا وما لم يكن كذلك فلا تُتْبِعّهُ نَفْسَك، قال سالم بن عبد الله فلأجل ذلك كان عبد الله لا يسألُ أحدًا شيئًا ولا يرُدّ شيئًا أعْطِيَهُ». [متفق عليه]
  12. قال الله تعالى: (الم @ غُلِبَتِ الرُّومُ @ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ @ فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ) وقد أخرج ابن أبي حاتم عن ابن شهاب قال: بلغَنا أن المشركين كانوا يجادلون المسلمين وهم بمكة قيل أن يخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيقولون: (الروم يشهدون أنهم أهل كتاب وقد غلبتهم المجوس، وأنتم تزعمون أنكم ستغلبوننا بالكتاب الذي أُنزل على نبيِّكم. فكيف غلب المجوس الروم وهم أهل كتاب؟ فستغلبكم كما غلب فارس الروم. فأنزل الله تعالى: ]الم @ غُلِبَتِ الرُّومُ[ الآية. ويروى أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه عند نزول هذه الآية راهن المشركين على أن الروم سيَغلِبون، وأخبر الرسول صلى الله عليه وسلم بذلك فأقرَّه على هذا، وطلب منه أن يمدِّد الأجل، وأنه شريكه في الرهان، (وكان ذلك قبل أن ينزل الأمر بتحريم الرهان). فهذا يدل على أن المسلمين في مكة، حتى قبل إقامة الدولة الإسلامية، كانوا يجادلون الكفَّار في أنباء العلاقات الدولية، وأخبار الدول، وخصوصاً الدولتين العظيمتين: فارس والروم. والعلم بحال دول العصر وما بينها من علاقات اهتمَّ بها المسلمون واشتغلوا فيه، وأقرَّهم النبي صلى الله عليه وسلم. بل قد بلغ من اهتمامهم بهذا الأمر أنهم كانوا يجادلون المشركين ويناقشونهم فيه، ورهان أبي بكر رضي الله عنه يدلّ على مدى اهتمامهم وهم في مكة وقبل إقامة الدولة الإسلامية بالأمور الدوليَّة والعلاقات بين الدول. حمل الدعوة إلى العالم على أن الله تعالى أمر المسلمين بتبليغ دعوته، وإيصالها إلى العالم. قال تعالى: ]كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ[. وقد علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الدولة الإسلامية إنما سياستها الخارجية هي حمل الدعوة إلى الإسلام. والأمّة التي تحمل الدعوة الإسلامية إلى العالم لا يتسنىّ لها ذلك إلا إذا كانت عارفة بسياسة العالم، مدركة للواقع الدولي والقوى التي تسيّره. ولا يتيسرّ حمل الدعوة إلى أمة معينة أو إلى شعب معيّن إذا لم تكن الأمّة الإسلامية عارفة بسياسة حكومة الدولة التي تحكم هذا الشعب. ولذلك كانت معرفة سياسة العالم بشكل عام. وسياسة كل دولة تحمل دعوة الإسلام إليه فرض كفاية على المسلمين، وكذلك معرفة سياسة الدول التي يردّ كيدها عن المسلمين فرض كفاية على المسلمين أيضاً. فحمل الدعوة الإسلامية فرض، ودفع كيد الأعداء عن الأمة كذلك فرض، وهذان الفرضان لا يمكن الوصول إليهما إلا بمعرفة الواقع الدولي. وبمعرفة الواقع الإقليمي للدولة المقصودة، وبواقعها الداخلي. إذ كيف يمكن التأثير على الرأي العام فيها، وإيجاد أثر الإسلام في تلك الدولة، أو إشغال أو منع هذه الدولة من تهديد المسلمين، كيف يتأتّى ذلك من دون إلمام كامل بأحوال تلك الدولة السياسية. وبما أن القاعدة الشرعية «ما لا يتم الواجب إلاّ به فهو واجب»، فإن الاشتغال بالسياسة الدولية فرض على المسلمين لحمل الدعوة ولردّ كيد الكفّار. أجدر الناس بالسياسة الدولية فعلى الأمّة الإسلامية الاتصال بالعالم اتصالاً واعياً مدركاً لمشاكله، عارفاً بدوافع دوله وشعوبه، متتبّعاً الأعمال السياسية التي تجري فيه، ملاحظاً الخطط السياسية للدول في أساليب تنفيذها وأهدافها القريبة والبعيدة، وفي كيفية علاقة بعضها ببعض، وفي المناورات السياسية التي تقوم بها هذه الدول. فإذا كانت الدول الأمم الاستعمارية تشتغل بالسياسة الدولية، وتدرك الوقع الدولي وتؤثِّر فيه، فإن الأمّة الإسلامية أجدر بالاشتغال بالسياسة الدولية، والتأثير فيها، حتى تسترجع هيبتها ومكانتها بين الأمم، ولكي تنتشر الدعوة إلى الإسلام في أرجاء العالم. وهذا يتطلّب أن يشتغل المسلم بالسياسة، فيهتمّ بالواقع الدولي، ويلمَّ بسياسة الدول المؤثرة، ويعي على مناوراتها وخططها السياسية، وعندما تقوم الدولة الإسلامية، فإن كيد هذه الدول لا يمكن أن يصيب الأمة لوعيها، بل الأمة تفرض الإسلام في الساحة الدولية. المسلم كيّس فطن، وليس ساذجاً أو (درويشاً)، ولقد انتشر بين المسلمين رأي يقول بعدم التعاطي بالسياسة مطلقاً. وعدم الاهتمام بها، وهذا لا يليق بمسلم فضلاً عن أنه رأي مخالف للشرع الذي يوجب على المسلم عكس ذلك. وهذا يؤدي إلى أن نترك الاشتغال بالسياسة للكفّار الذين يكيلون لنا وللفقراء من الشعوب، ونطلق أيديهم في العالم. فرض على الكفاية إن الاشتغال بالسياسة الدولية، وإدراك حقيقة الموقف في العالم الإسلامي على ضوء فهم الواقع الدولي فرض كفاية على المسلمين، ليتسنى لهم أن يتبيّنوا أسلوب العمل لإقامة دولتهم وسط هذا الواقع الدولي الصاخب، وليتمكنوا من حمل دعوتهم إلى العالم. ولذلك كان من فروض الكفاية كذالك على المسلمين معرفة الموقف الدولي معرفة تامة متلاحقة، ومعرفة التفاصيل المتعلقة به معرفة يومية بتتبع واهتمام، والإحاطة بموقف الدول التي لها شأن يذكر في الموقف الدولي العام، مثل أميركا والاتحاد السوفييتي وبريطانيا وغيرها. فإذا خلت بلاد المسلمين ممن يشتغل بالسياسة الدولية ويعرف بالسياسة العالمية والمحليّة أثموا جميعاً، تماماً كما إذا خلا المسلمون من الجهاد. فالاشتغال بالسياسة الدولية كالجهاد سواء بسواء. أفضل الجهاد هذا بالنسبة للسياسة الدولية، أما بالنسبة للسياسة المحليّة، فإن الاشتغال بالسياسة يعني الاشتغال بأمور المسلمين العامة، والاهتمام بحالة المسلمين من حيث إدارة الحكم والسلطان لهم. وهذا أمر فرضه الله عليهم، وحرَّم عليهم تركه. فقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من أصبح ولم يهتمَّ بأمر المسلمين فليس منهم». وأخرج ابن ماجة عن أبي أمامة قال: عرض لرسول الله صلى الله علية وسلم رجل عند الجمرة الأولى فقال: يا رسول الله، أيّ الجهاد أفضل، فسكت عنه، فلما رمى الجمرة الثانية سأله فسكت عنه. فلما رمى جمرة العقبة ووضع رجله في المغرز ليركب قال: «أين السائل»، قال: أنا يا رسول الله، قال: «كلمة حق تقال عند ذي سلطان جائر». وفي رواية أبي داود عن أبي سعيد مرفوعاً بلفظ »أفضل الجهاد كلمة حق تقال عند سلطان جائر» أو «أمير جائر». فقد بلغ من حثّ الرسول صلى الله عليه وسلم المسلمين على الاهتمام بأمر المسلمين أنه اعتبر من لم يقم به كأن ليس منهم، وقد جعل كلمة الحق لدى الحاكم الجائر أفضل الجهاد. وكلمة الحق هذه تعني الاشتغال بأمور المسلمين العامّة والاهتمام بشؤونهم. ولذلك جاء في الحديث الشريف: «من رأى سلطاناً جائراً مستحلاً لحرم الله، ناكثاً لعهد الله، عاملاً بعباد الله بالإثم والعدوان ولم يغيِّر عليه بقول أو فعل كان على الله أن يدخله مُدْخَله». والتغيير عليه بقول هو الاشتغال بالسياسة المحلية. ومنه يتبين فرضية الاشتغال بالسياسة المحلية. ومن ذلك كله يتبينّ أن السياسة فرض كفاية على المسلمين، سواء السياسة الدولية أو السياسة المحلية، لأن السياسة هي رعاية شؤون الأمة داخلياً وخارجياً، فيجب على المسلمين ولا سيما منهم الأتقياء العاملون للإسلام والمخلصون له أن يشتغلوا بالسياسة الدولية والمحلية، فيكونوا قادة لهذه الأمة وأهل حلٍّ وعقد فيها، وبدون ذلك لا يمكن رد كيد الكفار المستعمرين، ولا يتأتى حمل الدعوة إلى العالم.1
×
×
  • اضف...