اذهب الي المحتوي
منتدى العقاب

يوسف الساريسي

الأعضاء
  • Posts

    251
  • تاريخ الانضمام

  • تاريخ اخر زياره

  • Days Won

    29

سجل تطورات نقاط السمعه

  1. Like
    يوسف الساريسي تلقي نقاط سمعه أم لقمان في التفكير المنتج   
    رابعا: فردية طريقة التفكير المنتجة وجماعيتها
     
    ان طريقة التفكير المنتجة هي منهج في البحث بمواصفات وقواعد محددة. وعليه، فان اية جهة تفكر بناء على تلك القواعد والضوابط فانها تكون بذلك قد حازت على طريقة التفكير المنتجة واكتسبتها سواء كانت هذه الجهة فردا او جماعة او شعب او امة. بيد ان من الاهمية بمكان الاشارة الى ان هذه الصفة لا توصف بها جهة كأن تقول ان فلانا من الناس او جماعة كذا او امة كذا تمتلك طريقة تفكير منتجة هكذا جزافا او حتى لان ذلك الفرد او الجماعة او الامة قد وجدت لديهم تلك الطريقة مرة او حتى مرات. والمقصود ان "طريقة التفكير المنتجة كـ "صفة" او كـ "شهادة" لا تعطى الا لمن ثبتت لديه هذه الطريقة واصبحت ملكة لديه فيكون بمعظم سلوكه يرتبط ويتبنى هذا المنهج. وبكلمة اخرى، فيجب ان يستخدم الفرد او الجماعة او الامة هذه المنهج في مرارا وتكرارا في حياته اليومية فيتصدى للمستجدات والمشكلات باستمرار من خلال طريقة التفكير المنتجة ويتقيد بقواعدها وضوابطها دائما حتى تصبح سجية منم سجاياه، وعند ذلك فقط يمكن ان نطلق عليه بانه يمتاز بطريقة التفكير المنتجة.
     
    فمثلا: من يريد بناء بيت صغير فيقوم بوضع المخطط الهندسي له, ثم يحسب ما سيجابهه أثناء البناء وبعد البناء فيحضر كافة الأوراق الثبوتية والمستندات واللوازم كتمديد الكهرباء والماء, ومن ثم الاتفاق مع مقاول إلى غير ذلك من الأعمال حتى معرفة جيرانه وكيف سيتعامل معهم. كما تبنى الحزب هذا المنهج حينما درس مشكلة المسلمين وحدد الغاية له بانها استئناف الحياة الاسلامية, وووضح طريقته, وتبنى من الأفكار والآراء والأحكام ما يبين كيان الدولة وأجهزتها والنظم التي تقوم عليها كنظام الحكم والاقتصاد والاجتماع وعلاقة الأمة بغيرها من الأمم. لذلك وضع الحزب كتاب نظام الإسلام ووضع كتاب النظام الاقتصادي وكتاب النظام الاجتماعي وكتاب نظام الحكم وكتاب مقدمة الدستور…. وغيرها من الكتب.وقد غلب على كتب الحزب هذه السمة (الطابع الفكري) بشكل ظاهر وتعد هذه الريادة في للحزب ولم يسبقه أي تكتل في ذلك.
     
    ويلاحظ ان وجود الافراد النابهين الذين يمتلكون هذه "النعمة" و" الخاصية" والتي هي طريقة التفكير المنتجة يمكن ان يكونوا النقطة التي تحرك "بركة" الامة. الا ان وجود جماعة تتبنى هذه الطريقة وتلتزمها لتكون اكثر فاعلية في التأثير في المجتمع بصفتها كيانا فاعلا وبصفة المجتمع كيانا منفعلا. ولا بد من المران والتدريب والتكرار والدربى حتى تمتلم الجماعة كلها والمجتمع برمته هذه الصفة بان يكون لديها طريقة تفكير منتجة. ويجدر التحذير بان امتلاك طريقة التفكير المنتجة في وقت عند جهة ما (فرد او جماعة او امة) لا يعني الركون والقول الى ان طريقة التفكير المنتجة موجودة وكفى الله المؤمنين شر القتال، بل يمكن لمستوى ومدى ومنسوب طريقة التفكير لدى الفرد والجماعة والامة ان يتذبذب قوة وضعفا بين وقت واخر، والنتيجة الاهم هي انه لا سبيل الا الاصرار على استخدام هذه الطريقة مهما بلغت الصعوبات لتصبح ديدن الافراد والجماعات والامة.
     
    ان طريقة التفكير المنتجة ليست خاصة بقوم معين او امة خاصة، بل هي ملك لكل من التزم بحيثياتها وقواعدها ونواظمها وضوابطها كائنا من يكون. وبالرغم من ذلك، فان النصوص الشرعية الاسلامية التي اكدت على السنن التاريخية والعلاقات السببية وربط الاسباب بمسبباتها ونحوه لتبعث "طريقة التفكير المنتجة" في المسلمين بشكل اقوى من غيرهم لولا الضعف الشديد الذي طرأ على الاذهان في فهم الاسلام.
     
    يتبع إن شاء الله
  2. Like
    يوسف الساريسي تلقي نقاط سمعه أم لقمان في التفكير المنتج   
    اولا : في بناء المفهوم
     
    بداية، لا بد من الاشارة اولا الى ان هذا المصطلح: "طريقة التفكير المنتجة" هو احد مفردات الجهاز المفاهيمي الذي لجأ اليه الشيخ الامام المرحوم ابو ابراهيم النبهاني في توصيف وتشخيص حال الامة واثناء جهده في صياغة المنظومة الفكرية التي قام عليها الحزب تاليا ضمن مخطط هندسي شديد الاحكام والوضوح لينقل الاسلام من مستوى الوجود النظري الى الواقع العملي من خلال طرحه بقالب جديد سماه البعض "الطابع الفكري للحزب" . فاول ما يلاحظ هو ان هذا المصطلح هو حكر على الحزب واحد مفاهيمه واحد مفردات جهازه المفاهيمي التي توسل به التقاط الحال وتشخيص الواقع.
     
    يتكون المصطلح من مقطعين: الاول طريقة التفكير والثاني المنتجة كصفة لهذه الطريقة. وكان عرفت طريقة التفكير في كتاب التفكير بانها: "منهج معين في البحث يسلك للوصول الى الحقائق" . وبكلمة اخرى هي نموذج معين وفق قواعد محددة يقوم بها الانسان من اجل الحكم على الواقع وفهمه حتى يكون هذا الحكم على ذلك الواقع طبقا لما هو عليه ذلك الواقع، اي موافقا لحقيقته وعاكسا جوهره ومفسرا وجوده. ومن هذا المنطلق في تحديد وتعريف "طريقة التفكير" جاء الاختلاف والتباين بين نوعين من الوقائع التي يمكن ان يجري فيهما التفكير : احدهما المادة وصفاتها وخواصها وهذه لها ما يعرف بنموذج معين او منهج معين او ان شئت طريقة معينة في البحث بقواعد معينة اطلق عليه "الطريقة العلمية" فيما بقية الامور التي لها علاقة بالحوادث كالتاريخ والعقائد ونحوه لها بدورها منهجا معينا اخر بقواعد مختلفة وضوابط مغايرة اطلق عليها "الطريقة العقلية". ومن المهم التنويه بان هذا التفريق حاسم ويساعد كثيرا في فرز المواضيع لانه مبني على امر سبقه وهو تعريف التفكير او الادراك او العقل.
     
    واذن، فمعنى القسم الاول من المفهوم والذي هو :"طريقة التفكير" هو منهج معين في البحث بقواعد ثابتة وضوابط محددة يسلكه الذي يقوم بعملية التفكير للوصول الى اصدار احكام على وقائع والتوصل الى الحقائق. واما المقطع الثاني من المصطلح : "المنتجة" فان الانتاج هو الوصول بهذه العملية من خلال ذلك المنهج الى النتائج المرجوة، اي الوصول الى الثمرة والتي هي الغاية من وراء اجراء عملية التفكير تلك حتى لا يكون العمل العقلي عبثا ولاخراج التخريفات والاوهام التي هي نتاج اي عملية تفكير لا تتم طبقا لضوابط التفكير وقواعده، اي لا تتم في المحسوس المدرك.
     
    الا ان هذا التفسير لمعنى "طريقة التفكير المنتجة" من خلال الفصل بين طريقة التفكير وصفتها وهو ما تم سابقا ربما لا يكون موفقا مع فائدته تماما مثل محاولة تعريف اي مصطلح اخر مثل اصول الفقه، اذ لا بد من محاولة اعطاء المفهوم الذهني لهذا المصطلح وتحديد محتواه ووضع الاصبع عليه لبلورته، اقصد محاولة تعريف "طريقة التفكير المنتجة" بنفس المضمون والمحتوى الذي يجب ان يتبادر الى الذهن فور سماعه. وللتصدي لذلك يمكن القول بان تعريف "طريقة التفكير المنتجة" هو : منهج معين في البحث يسلك لفهم الواقع القائم واطلاق الاحكام الصادقة على الوقائع والمشكلات الجارية باستخدام الطريقة العقلية بهدف الوصول الى معالجة (غاية) محددة باستخدام الوسائل والاليات والاساليب التي تنسجم مع عقيدة الذي يقوم بتلك العملية.
     
    فطريقة التفكير المنتجة هي منهج معين لفهم وتحليل وتشخيص الواقع وفق العلاقة السببية بين متغيرات هذا الواقع حيث يتم التعرف على أسباب المشكلات، كما تتم دراسة الأولويات والبدائل لحل المشكلات مع انتقاء الاساليب والوسائل الناجعة في العلاج الامر الذي يتطلبه توفر الكفاءات اللازمة والثروة والمعرفة الفنية والأدوات والوسائل المناسبة. فتتوجه الطاقات والجهود نحو تحقيق أهداف معينة بناء على تخطيط محكم للحاجات والاولويات والمتطلبات بناء على تفكير ذاتي تدرس فيه المشكلات
     
    والاهم من ذلك توفر النظام والمناخ الذي يساعد على الوصول إلى الأهداف من قبل الدولة نفسها ومن قبل أفرادها وتعين الجميع على الإبداع وتبني المبدعينومن ثم يتم تبني طريقة معالجة لها مأخوذة من مبدأ الأمة وهو الإسلام، وفي طريقة التفكير. وبهذا تنتج الثروة وتتراكم ويتحقق للمجتمع الرفاهية ويبتعد عنه هاجس الفقر والدَيْن وكل ذلك بفضل وجود طريقة التفكير المنتجة في الأمة والدولة. فطريقة التفكير المنتجة هي أن يكون للتفكير ثمارا صالحة، والانتاج هنا يعني انتاج الغايات والاهداف.
    فكل غاية حتى تتحقق لا بد من استخدام العقل والتفكير بالطريقة المثلى لتحقيقها وذلك بالقيام بأعمال محددة واستخدام وسائل وأساليب للتنفيذ. فإذا تم تحقيق نتائج مطابقة للهدف والغاية التي كانت متصورة في الذهن قبل القيام بالعمل يكون حينها التفكير منتجا ومثمرا. غير أن الطريقة المثلى لتحقيق الأهداف باستخدام الفكر لا يمكن أن يكون جديا ومثمرا إلا إذا كان مبنيا على قاعدة فكرية (عقيدة عقلية) وتحولت هذه القاعدة لدى صاحبها إلى قيادة فكرية ، وبكلمات أخرى لا بد أن يكون التفكير على أساس مبدأ يوجه التفكير بطريقة محددة لإنتاج وتحقيق الاهداف وفق ضوابط ومقاييس معينة وربط للأسباب بمسبباتها الصحيحة وذلك بادراك القوانين والسنن التي تربط الافعال الانسانية بالنتائج .
     
    وتقتضي طريقة التفكير المنتجة القيام بإدراك واقع المشكلات وتحديد المشكلة المحورية بواسطة تطبيق قاعدة العلاقة السببية من خلال إدراك المسببات (نتائج المشكلة) أولا ثم البحث المستنير عن أسبابها ثم الانتقال إلى تحديد الأهداف وتطبيق قاعدة السببية في الوصول إلى المعالجات وقياس المعالجات إلى القاعدة الفكرية ووجهة النظر عن الحياة لاختيار المعالجة الصحيحة وتحديد طريقة تنفيذ العلاج واختيار الوسائل والأساليب اللازمة للقيام بالأعمال وذلك باستخدام الفكر المستنير، ومن ثم القيام بالمتابعة اللازمة أثناء التنفيذ لإدراك الخطوة التالية حسب الخطط المرسومة واتخاذ الإجراءات الملائمة في حالات ضعف الأداء أو الانحراف عن الأهداف, حتى الوصول إلى تحقيق الغايات والنتائج المرجوة.
     
     
    ثانيا: علاقة الطريقة العقلية والطريقة العلمية بطريقة التفكير المنتجة
     
    لا يوجد علاقة بين الطريقة العلمية وبين طريقة التفكير المنتجة، فطريقة التفكير المنتجة مبنية تماما على الطريقة العقلية، بل هي مجرد تطبيق للطريقة العقلية في التفكير. واساس ذلك هو ان طريقة التفكير المنتجة تبحث في المشكلات الانسانية والمستجدات البشرية والوقائع اليومية لمفردات الحياة للناس لتشخيصها بهدف الوصول الى حلول لها مبنية على قاعدة العقيدة حتى لا تخالف الحلول النظام المنبثق عن تلك العقيدة. فلا تختص طريقة التفكير المنتجة بالمواد وخصائصها. ان الخليفة الفاروق عمر ابن الخطاب، مثلا، عندما وجدت مشكلة عدم "وجود سيولة بايدي الرعية" حلل المشكلة فاصدر اوراقا كانت بمثابة صك دين ليتبادل الناس تلك الصكوك مقابل السلع والخدمات والتي عادت اخيرا اي الصكوك الى بيت المال. هذا مثال رائع على استخدام طريقة التفكير المنتجة في حل المستجدات ومواجهة الملمات والمشكلات. اما تلك الصكوك او القطوط وصناعتها ونوع الحبر الذي كتبت به والتواقيع ومنع التزوير فيها وكيفية اصدارها وشكلها فهو خارج الموضوع. وكذا الحال في فتح القسطنطينية حيث لا يرد بالبال انواع الادوات والاسلحة التي استخدمها محمد الفاتح، وهلم جرا.
     
    ثالثا: علاقة طريقة التفكير المنتجة بالفكر العميق وما علاقتها بالفكر المستنير
     
    من خلال تعريف الفكر المستنير، فان من المحسوم به ارتباط طريقة التفكير المنتجة بالفكر المستنير لان العمق فيها لا يكفي الى الوصول الى النتائج الصادقة، كما ان عمق التفكير لا يسد حاجة "طريقة التفكير المنتجة" الى البحث في المشكلة وملابساتها وعلائقها وارتباطاتها ومحيطها واثارها القريبة والبعيدة والتي هي من اركان الفكر المستنير . فطريقة التفكير المنتجة ملتحمة صميميا مع الفكر المستنير لان الاستنارة هي مقتضياتها وشرطها.
     
    يتبع بإذن الله
  3. Like
    يوسف الساريسي تلقي نقاط سمعه أم لقمان في التفكير المنتج   
    سأل بعض الإخوة عن طريقة التفكير المنتجة فأحببت أن أضع بين ايديهم هذا البحث حول الموضوع:
     
     
     
     
     

    بسم الله الرحمن الرحيم


     

    طريقة التفكير المنتجة


     
    ذكرت طريقة التفكير المنتجة في مقدمة كتاب النظام الاقتصادي في الإسلام قي معرض الحديث عن الثروة التي يتسلمها الجيل من سلفه. واعتبر الشيخ العلامة المرحوم تقي الدين رحمة الله عليه أن أعظم ثروة ليست هي الثروة المادية ولا الثروات الهائلة في باطن الأرض ولكن الثروة الفكرية. ذلك أن التاريخ أثبت لنا، وما زال يثبت أن أصحاب الثروات المادية ممن هم فاقدي أية طريقة تفكير منتجة سرعان ما يستنفدون ما في أيديهم من ثروة مادية ويعودون إلى الفقر من جديد وهذا ما هو حاصل للبلاد الإسلامية .
     
    فمع وجود الثروات النقطية الهائلة، الا ان مجموع إنتاج الدول العربية مجتمعة لا يصل إلى إنتاج دولة أوروبية واحدة تعتبر فقيرة هناك كأسبانيا، والسبب كما هو واضح وجود أو فقدان طريقة منتجة للتفكير. وقد قال الشاعر قديما:
     
    العلم يبني بيوتاً لا عماد لها والجهل يهدم بيوت العز والكرم.
     
    ولكن تقفز حزمة اسئلة فورا الى الذهن مفادها:
    ماذا يقصد بهذا المصطلح "طريقة التفكير المنتجة"؟ وتنتج ماذا؟
    ما علاقة الطريقة العقلية والطريقة العلمية بطريقة التفكير المنتجة؟
    ما علاقة طريقة التفكير المنتجة بالفكر العميق وما علاقتها بالفكر المستنير؟
    هل هذه الطريقة خاصة بالافراد فيوصف بها الافراد بان عندهم طريقة تفكير منتجة ام هي صفة يمكن اطلاقها على الامة او على حزب فيها؟ ؟
    كيف نحكم على شخص او على امة او على شعب او على حزب بانه يمتلك طريقة تفكير منتجة؟
    هل طريقة التفكير المنتجة خاصة بالمسلمين ام تختص بهم وبغيرهم؟
    ما علاقة طريقة التفكير المنتجة بالاجتهاد وبالناحية التشريعية؟
    ما علاقة طريقة التفكير المنتجة بالعلاقة السببية؟

  4. Like
    يوسف الساريسي تلقي نقاط سمعه جلمود صخر في التفكير المنتج   
    السلام عليكم
     
    نعم أخي "جلمود" فالموضوع هو جواب لسؤالك إن شاء الله، وأرجو أنك قد تلقيت إجابة شافية
     
    بالنسبة لاستفسار الأخ "عماد" حول الاجتهاد وعلاقته بطريقة التفكير المنتجة فأود أن اوضح بأن طريقة التفكير المنتجة هي طريقة التفكير العقلية وهي تصلح للتفكير في كل مجالات الحياة وهذا هو الأساس.
     
    إلا أن كونها منتجة فهذا أمر إضافي أضفناه على طريقة التفكير العقلية، والذي جعلها منتجة هو كونها تستند إلى قيادة فكرية منتجة للنهضة والارتقاء في جميع مجالات الحياة الفكرية والسياسية والاقتصادية والتعليمية والصناعية وغيرها.
    والفكر المنتج للنهضة هو الفكر الذي يقود للارتقاء، وهذا يكون بالاستناد على قاعدة فكرية راقية، أي على مبدأ شامل لجميع شؤون الحياة، والمبدأ يعالج جميع مشاكل الحياة بالاستناد إلى مقياس للأعمال
     
    والإسلام كونه أكبر من مبدأ، فهو ينهض الأمة ويحل جميع مشاكلها بالأحكام الشرعية المنبثقة عن العقيدة أي عن قيادته الفكرية الصحيحة المنهضة.
    والأحكام الشرعية تعالج مشاكل الحياة بأن تعطيك العلاج لكل مشكلة وإذا لم يكن الحكم الشرعي للمشكلات المستجدة موجودا ومتوفرا كان لا بد من قيام المجتهدين بالاجتهاد الشرعي لاستنباط الحل من مصادره الشرعية بالاعتماد على أدلة الفقه.
    وهذا معنى القول بشرعية الفعل كما ترى في النقطة الرابعة من عناصر العمل المنتج، أي يجب أن يكون الفعل المراد القيام به لعلاج الواقع منبثقا من الأحكام الشرعية، وإذا لم يكن هناك حكم شرعي متعلق بهذا الواقع كان لا بد من اجتهاد شرعي وهذه هي العلاقة بين الاجتهاد وطريقة التفكير المنتجة
    وبهذا يتضح الفارق بين الاجتهاد الشرعي وطريقة التفكير المنتجة حيث أن الاجتهاد هو مما يلزم لإعطاء الحل للمشكلات التي تواجه الأفراد والأمة والدولة الإسلامية.
     
    أما بشأن المعلومات السابقة فهي ليست القاعدة الفكرية، فالقاعدة الفكرية هي الأساس الذي تبنى عليه الأفكار التي تشكل وجهة النظر في الحياة، فهناك معلومات سابقة تتعلق بكل شيء في الدنيا وما له علاقة بالقاعدة الفكرية هو بعضها والكثير منها لا علاقة له مباشرة.
     
    فالسياسي مثلا ينطلق من هذه القاعدة وعنده طريقة تفكير منتجة فيعالج المشكلة من خلال الأحكام الشرعية المتعلقة بها ويستخدم طبعا المعلومات السابقة وتكون لديه منظومة فكرية تؤهله للفهم السياسي والعمل السياسي،
     
    وعالم الذرة عندما يبدع فإنه ينطلق من طريقة تفكير منتجة يحاول من خلال ابداعه المساعدة على القيام باستبناط وسائل واساليب علمية وتكنولوجية تساعد على تحقيق الأهداف وعلاج المشكلات، فيخترع جهازا لينتج الطاتقة الكهربائية من الطاقة الذرية والتي تستخدم في تدوير الآلات وتشغيل المصانع وإنارة البيوت باستخدام طاقة رخيصة وآمنة وغير مضرة بالبيئة، وهو بهذا يخدم صانع القرار السياسي وراعي الشؤون في الدولة عندما تحتاج الدولة إلى الطاقة الكهربائية الدائمة والرخيصة وعليه دائما أن يربط أفعاله بالأحكام الشرعية ذات العلاقة.
     
    ومهندس المياه يعالج شح المياه في منطقة ما من خلال وسائل وأساليب هندسية متطورة لاستخراج المياه من مصادرها، بحيث تتوفر للمنتفعين بكميات كافية ونوعية جيدة نافعة، فإذا وجد في الماء المستخرج شوائب أو مواد ضارة سارع إلى ابداع وسائل وأساليب لعلاج هذه المياه في محطات تنقية تزيل الشوائب والأضرار وتصفي المياه وتزودها للمنتفعين بشكل صحي وسليم وكل ذلك ينطلق من قاعدة فكرية منتجة تعالج المشكلات من خلال الأحكام الشرعية. وهكذا
     
    فقضية التفكير المنتج ليس هو الاختراع وإن كان ذلك مما يلزم له ولكنه بالأساس موجه لحل المشكلات وسد حاجات الناس الناقصة، من خلال فكر منتج للنهضة، فإذا دعته الحاجة إلى توفير طاقة كهربائية رخيصة وآمنة بادر إلى الابداع وانتاج مصانع وآلات تنتج ذلك، وكل الأمور يجب أن تصب في خدمة الهدف وعلاج المشكلة.
    فمثلا إذا واجهت مهندس المياه مشكلة في توفير كميات مياه كافية للناس فكر في وسائل وأساليب لزيادة كميات المياه فيفكر باستخراج المياه من الأحواض الجوفية للمياه وإذا لم يجد يفكر بتحلية المياه المالحة المتوفرة حوله أو تحلية مياه البحر أو جر المياه من الأنهار البعيدة أو الجبال الثلجية أو صيد الندى أو وسائل جديدة يكتشفها هذا الباحث من مخلوقات الله الصغيرة التي أودع فيها أسرارا عظيمة كتلك الكائنات التي تعيش في المناطق الجافة.
    وهكذا يكون عمل هذا المهندس مكملا لعمل السياسي والحاكم راعي الشؤون ويكون المجتهد الذي يعطي الحكم الشرعي مشاركا في حل المشكلات، فإذا قال أحدهم لمهندس المياه أن أحد مصادر الحصول على المياه هو تنقية مياه المجاري ووجد ذلك ممكنا علميا وتقنيا، فعليه قبل تبني هذا الحل السؤال عن الحكم الشرعي في الانتفاع من مياه المجاري المعالجة بسؤال المجتهد وتوضيح مناط الحكم له بشكل صحيح وبهذا يكون تفكيره وتفكير هذه المجموعة التي تعاونت لحل المشكلة تفكيرا منتجا.
     
    أرجو أن يكون الأمر الآن واضحا أخي الكريم
    مع تحياتي
  5. Like
    يوسف الساريسي تلقي نقاط سمعه أم لقمان في التفكير المنتج   
    خامسا: علاقة طريقة التفكير المنتجة بالاجتهاد وبالناحية التشريعية
     
    لا تتناظر طريقة التفكير المنتجة مع الاجتهاد، فهما ليسا شيئا واحدا، وان كانت طريقة التفكير المنتجة تحتاج الى الاجتهاد خاصة في اقتراح البدائل واختيار الحلول. صحيح ان الاجتهاد من حيث كونه اعطاء الحكم الشرعي في الوقائع المستجدة والنوازل المستحدثة يقوم على تشخيص الواقع المبحوث والمشكلة التي تكون مبسوطة على طاولة البحث شأن الاجتهاد في هذا شأن طريقة التفكير المنتجة، وصحيح ايضا ان اعطاء الحكم الشرعي والوصول اليه جزء اصيل في الجهتين طريقة التفكير المنتجة والاجتهاد سواء بسواء، ومع ذلك كله، فان طريقة التفكير المنتجة اشمل واعم من الاجتهاد ولو ان الاجتهاد ركن اصيل فيها. فان يقوم مجتهد ما باعطاء الحكم الشرعي في الصلاة على القمر او بالاستنساخ مثلا لا علاقة له بطريقة التفكير المنتجة حسب ما المعنا اليه سابقا.
     
    سادسا: طريقة التفكير المنتجة والعلاقة السببية
     
    اتضح ان "العلاقة السببية" هي ذات أهمية خاصة في طريقة التفكير المنتجة، فكان لا بد من البحث والتعمق فيها لبلورتها بشكل واضح يعطي الآلية الملائمة لكيفية تطبيق طريقة التفكير المنتجة. وبالتالي فلا بد من بحث جاد في السببية في أسسها الفكرية التي تقوم عليها ومن ثم تناول تطبيقاتها في الحياة العملية من خلال الأعمال السببية التي تتناول مسألة الدوافع والأهداف والنتائج. فكل عمل سببي إنساني يجب أن تكتمل فيه العناصر التالية:
    دوافع 2- أهداف 3- نتائج 4- شرعية الفعل 5- طريقة تنفيذ 6- خطة 7- أسلوب ووسيلة

    ودافع العمل هو الطاقة السببية المحركة له ويراد منه تحقيق نتائج وثمار معينة تكون متصورة في ذهن الفاعل قبل إقدامه على الفعل وهي الأهداف، والعلاقة بين السبب وهو العمل الإنساني وبين المسبَّب وهو النتيجة المراد تحقيقها هي علاقة سببية سواء أكان هذا الفعل فرديا أم جماعيا.
     
    والعلاقة السببية تجري وفق قوانين وسنن محددة وضعها الله وقدرها في جميع الأشياء وتخضع لها الحياة البشرية جبرا عنها، فلا بد للمسلم عند إرادته القيام بعمل معين أن يدرك الدافع له ليستطيع مقدار ومستوى الطاقة السببية المطلوبة لتحريك العمل لتكون النتيجة المطلوبة متلائمة مع الهدف، وحتى يصل المسلم إلى هدفه يجب عليه إدراك العلاقة السببية بين الهدف والنتيجة وذلك بتحديد الفعل السببي المؤدي إلى إحداث المسبب وهو النتيجة.
     
    ولكم سلامي وتحياتي
  6. Like
    يوسف الساريسي تلقي نقاط سمعه أبو مالك في التفكير المنتج   
    رابعا: فردية طريقة التفكير المنتجة وجماعيتها
     
    ان طريقة التفكير المنتجة هي منهج في البحث بمواصفات وقواعد محددة. وعليه، فان اية جهة تفكر بناء على تلك القواعد والضوابط فانها تكون بذلك قد حازت على طريقة التفكير المنتجة واكتسبتها سواء كانت هذه الجهة فردا او جماعة او شعب او امة. بيد ان من الاهمية بمكان الاشارة الى ان هذه الصفة لا توصف بها جهة كأن تقول ان فلانا من الناس او جماعة كذا او امة كذا تمتلك طريقة تفكير منتجة هكذا جزافا او حتى لان ذلك الفرد او الجماعة او الامة قد وجدت لديهم تلك الطريقة مرة او حتى مرات. والمقصود ان "طريقة التفكير المنتجة كـ "صفة" او كـ "شهادة" لا تعطى الا لمن ثبتت لديه هذه الطريقة واصبحت ملكة لديه فيكون بمعظم سلوكه يرتبط ويتبنى هذا المنهج. وبكلمة اخرى، فيجب ان يستخدم الفرد او الجماعة او الامة هذه المنهج في مرارا وتكرارا في حياته اليومية فيتصدى للمستجدات والمشكلات باستمرار من خلال طريقة التفكير المنتجة ويتقيد بقواعدها وضوابطها دائما حتى تصبح سجية منم سجاياه، وعند ذلك فقط يمكن ان نطلق عليه بانه يمتاز بطريقة التفكير المنتجة.
     
    فمثلا: من يريد بناء بيت صغير فيقوم بوضع المخطط الهندسي له, ثم يحسب ما سيجابهه أثناء البناء وبعد البناء فيحضر كافة الأوراق الثبوتية والمستندات واللوازم كتمديد الكهرباء والماء, ومن ثم الاتفاق مع مقاول إلى غير ذلك من الأعمال حتى معرفة جيرانه وكيف سيتعامل معهم. كما تبنى الحزب هذا المنهج حينما درس مشكلة المسلمين وحدد الغاية له بانها استئناف الحياة الاسلامية, وووضح طريقته, وتبنى من الأفكار والآراء والأحكام ما يبين كيان الدولة وأجهزتها والنظم التي تقوم عليها كنظام الحكم والاقتصاد والاجتماع وعلاقة الأمة بغيرها من الأمم. لذلك وضع الحزب كتاب نظام الإسلام ووضع كتاب النظام الاقتصادي وكتاب النظام الاجتماعي وكتاب نظام الحكم وكتاب مقدمة الدستور…. وغيرها من الكتب.وقد غلب على كتب الحزب هذه السمة (الطابع الفكري) بشكل ظاهر وتعد هذه الريادة في للحزب ولم يسبقه أي تكتل في ذلك.
     
    ويلاحظ ان وجود الافراد النابهين الذين يمتلكون هذه "النعمة" و" الخاصية" والتي هي طريقة التفكير المنتجة يمكن ان يكونوا النقطة التي تحرك "بركة" الامة. الا ان وجود جماعة تتبنى هذه الطريقة وتلتزمها لتكون اكثر فاعلية في التأثير في المجتمع بصفتها كيانا فاعلا وبصفة المجتمع كيانا منفعلا. ولا بد من المران والتدريب والتكرار والدربى حتى تمتلم الجماعة كلها والمجتمع برمته هذه الصفة بان يكون لديها طريقة تفكير منتجة. ويجدر التحذير بان امتلاك طريقة التفكير المنتجة في وقت عند جهة ما (فرد او جماعة او امة) لا يعني الركون والقول الى ان طريقة التفكير المنتجة موجودة وكفى الله المؤمنين شر القتال، بل يمكن لمستوى ومدى ومنسوب طريقة التفكير لدى الفرد والجماعة والامة ان يتذبذب قوة وضعفا بين وقت واخر، والنتيجة الاهم هي انه لا سبيل الا الاصرار على استخدام هذه الطريقة مهما بلغت الصعوبات لتصبح ديدن الافراد والجماعات والامة.
     
    ان طريقة التفكير المنتجة ليست خاصة بقوم معين او امة خاصة، بل هي ملك لكل من التزم بحيثياتها وقواعدها ونواظمها وضوابطها كائنا من يكون. وبالرغم من ذلك، فان النصوص الشرعية الاسلامية التي اكدت على السنن التاريخية والعلاقات السببية وربط الاسباب بمسبباتها ونحوه لتبعث "طريقة التفكير المنتجة" في المسلمين بشكل اقوى من غيرهم لولا الضعف الشديد الذي طرأ على الاذهان في فهم الاسلام.
     
    يتبع إن شاء الله
  7. Like
    يوسف الساريسي تلقي نقاط سمعه أبو مالك في التفكير المنتج   
    اولا : في بناء المفهوم
     
    بداية، لا بد من الاشارة اولا الى ان هذا المصطلح: "طريقة التفكير المنتجة" هو احد مفردات الجهاز المفاهيمي الذي لجأ اليه الشيخ الامام المرحوم ابو ابراهيم النبهاني في توصيف وتشخيص حال الامة واثناء جهده في صياغة المنظومة الفكرية التي قام عليها الحزب تاليا ضمن مخطط هندسي شديد الاحكام والوضوح لينقل الاسلام من مستوى الوجود النظري الى الواقع العملي من خلال طرحه بقالب جديد سماه البعض "الطابع الفكري للحزب" . فاول ما يلاحظ هو ان هذا المصطلح هو حكر على الحزب واحد مفاهيمه واحد مفردات جهازه المفاهيمي التي توسل به التقاط الحال وتشخيص الواقع.
     
    يتكون المصطلح من مقطعين: الاول طريقة التفكير والثاني المنتجة كصفة لهذه الطريقة. وكان عرفت طريقة التفكير في كتاب التفكير بانها: "منهج معين في البحث يسلك للوصول الى الحقائق" . وبكلمة اخرى هي نموذج معين وفق قواعد محددة يقوم بها الانسان من اجل الحكم على الواقع وفهمه حتى يكون هذا الحكم على ذلك الواقع طبقا لما هو عليه ذلك الواقع، اي موافقا لحقيقته وعاكسا جوهره ومفسرا وجوده. ومن هذا المنطلق في تحديد وتعريف "طريقة التفكير" جاء الاختلاف والتباين بين نوعين من الوقائع التي يمكن ان يجري فيهما التفكير : احدهما المادة وصفاتها وخواصها وهذه لها ما يعرف بنموذج معين او منهج معين او ان شئت طريقة معينة في البحث بقواعد معينة اطلق عليه "الطريقة العلمية" فيما بقية الامور التي لها علاقة بالحوادث كالتاريخ والعقائد ونحوه لها بدورها منهجا معينا اخر بقواعد مختلفة وضوابط مغايرة اطلق عليها "الطريقة العقلية". ومن المهم التنويه بان هذا التفريق حاسم ويساعد كثيرا في فرز المواضيع لانه مبني على امر سبقه وهو تعريف التفكير او الادراك او العقل.
     
    واذن، فمعنى القسم الاول من المفهوم والذي هو :"طريقة التفكير" هو منهج معين في البحث بقواعد ثابتة وضوابط محددة يسلكه الذي يقوم بعملية التفكير للوصول الى اصدار احكام على وقائع والتوصل الى الحقائق. واما المقطع الثاني من المصطلح : "المنتجة" فان الانتاج هو الوصول بهذه العملية من خلال ذلك المنهج الى النتائج المرجوة، اي الوصول الى الثمرة والتي هي الغاية من وراء اجراء عملية التفكير تلك حتى لا يكون العمل العقلي عبثا ولاخراج التخريفات والاوهام التي هي نتاج اي عملية تفكير لا تتم طبقا لضوابط التفكير وقواعده، اي لا تتم في المحسوس المدرك.
     
    الا ان هذا التفسير لمعنى "طريقة التفكير المنتجة" من خلال الفصل بين طريقة التفكير وصفتها وهو ما تم سابقا ربما لا يكون موفقا مع فائدته تماما مثل محاولة تعريف اي مصطلح اخر مثل اصول الفقه، اذ لا بد من محاولة اعطاء المفهوم الذهني لهذا المصطلح وتحديد محتواه ووضع الاصبع عليه لبلورته، اقصد محاولة تعريف "طريقة التفكير المنتجة" بنفس المضمون والمحتوى الذي يجب ان يتبادر الى الذهن فور سماعه. وللتصدي لذلك يمكن القول بان تعريف "طريقة التفكير المنتجة" هو : منهج معين في البحث يسلك لفهم الواقع القائم واطلاق الاحكام الصادقة على الوقائع والمشكلات الجارية باستخدام الطريقة العقلية بهدف الوصول الى معالجة (غاية) محددة باستخدام الوسائل والاليات والاساليب التي تنسجم مع عقيدة الذي يقوم بتلك العملية.
     
    فطريقة التفكير المنتجة هي منهج معين لفهم وتحليل وتشخيص الواقع وفق العلاقة السببية بين متغيرات هذا الواقع حيث يتم التعرف على أسباب المشكلات، كما تتم دراسة الأولويات والبدائل لحل المشكلات مع انتقاء الاساليب والوسائل الناجعة في العلاج الامر الذي يتطلبه توفر الكفاءات اللازمة والثروة والمعرفة الفنية والأدوات والوسائل المناسبة. فتتوجه الطاقات والجهود نحو تحقيق أهداف معينة بناء على تخطيط محكم للحاجات والاولويات والمتطلبات بناء على تفكير ذاتي تدرس فيه المشكلات
     
    والاهم من ذلك توفر النظام والمناخ الذي يساعد على الوصول إلى الأهداف من قبل الدولة نفسها ومن قبل أفرادها وتعين الجميع على الإبداع وتبني المبدعينومن ثم يتم تبني طريقة معالجة لها مأخوذة من مبدأ الأمة وهو الإسلام، وفي طريقة التفكير. وبهذا تنتج الثروة وتتراكم ويتحقق للمجتمع الرفاهية ويبتعد عنه هاجس الفقر والدَيْن وكل ذلك بفضل وجود طريقة التفكير المنتجة في الأمة والدولة. فطريقة التفكير المنتجة هي أن يكون للتفكير ثمارا صالحة، والانتاج هنا يعني انتاج الغايات والاهداف.
    فكل غاية حتى تتحقق لا بد من استخدام العقل والتفكير بالطريقة المثلى لتحقيقها وذلك بالقيام بأعمال محددة واستخدام وسائل وأساليب للتنفيذ. فإذا تم تحقيق نتائج مطابقة للهدف والغاية التي كانت متصورة في الذهن قبل القيام بالعمل يكون حينها التفكير منتجا ومثمرا. غير أن الطريقة المثلى لتحقيق الأهداف باستخدام الفكر لا يمكن أن يكون جديا ومثمرا إلا إذا كان مبنيا على قاعدة فكرية (عقيدة عقلية) وتحولت هذه القاعدة لدى صاحبها إلى قيادة فكرية ، وبكلمات أخرى لا بد أن يكون التفكير على أساس مبدأ يوجه التفكير بطريقة محددة لإنتاج وتحقيق الاهداف وفق ضوابط ومقاييس معينة وربط للأسباب بمسبباتها الصحيحة وذلك بادراك القوانين والسنن التي تربط الافعال الانسانية بالنتائج .
     
    وتقتضي طريقة التفكير المنتجة القيام بإدراك واقع المشكلات وتحديد المشكلة المحورية بواسطة تطبيق قاعدة العلاقة السببية من خلال إدراك المسببات (نتائج المشكلة) أولا ثم البحث المستنير عن أسبابها ثم الانتقال إلى تحديد الأهداف وتطبيق قاعدة السببية في الوصول إلى المعالجات وقياس المعالجات إلى القاعدة الفكرية ووجهة النظر عن الحياة لاختيار المعالجة الصحيحة وتحديد طريقة تنفيذ العلاج واختيار الوسائل والأساليب اللازمة للقيام بالأعمال وذلك باستخدام الفكر المستنير، ومن ثم القيام بالمتابعة اللازمة أثناء التنفيذ لإدراك الخطوة التالية حسب الخطط المرسومة واتخاذ الإجراءات الملائمة في حالات ضعف الأداء أو الانحراف عن الأهداف, حتى الوصول إلى تحقيق الغايات والنتائج المرجوة.
     
     
    ثانيا: علاقة الطريقة العقلية والطريقة العلمية بطريقة التفكير المنتجة
     
    لا يوجد علاقة بين الطريقة العلمية وبين طريقة التفكير المنتجة، فطريقة التفكير المنتجة مبنية تماما على الطريقة العقلية، بل هي مجرد تطبيق للطريقة العقلية في التفكير. واساس ذلك هو ان طريقة التفكير المنتجة تبحث في المشكلات الانسانية والمستجدات البشرية والوقائع اليومية لمفردات الحياة للناس لتشخيصها بهدف الوصول الى حلول لها مبنية على قاعدة العقيدة حتى لا تخالف الحلول النظام المنبثق عن تلك العقيدة. فلا تختص طريقة التفكير المنتجة بالمواد وخصائصها. ان الخليفة الفاروق عمر ابن الخطاب، مثلا، عندما وجدت مشكلة عدم "وجود سيولة بايدي الرعية" حلل المشكلة فاصدر اوراقا كانت بمثابة صك دين ليتبادل الناس تلك الصكوك مقابل السلع والخدمات والتي عادت اخيرا اي الصكوك الى بيت المال. هذا مثال رائع على استخدام طريقة التفكير المنتجة في حل المستجدات ومواجهة الملمات والمشكلات. اما تلك الصكوك او القطوط وصناعتها ونوع الحبر الذي كتبت به والتواقيع ومنع التزوير فيها وكيفية اصدارها وشكلها فهو خارج الموضوع. وكذا الحال في فتح القسطنطينية حيث لا يرد بالبال انواع الادوات والاسلحة التي استخدمها محمد الفاتح، وهلم جرا.
     
    ثالثا: علاقة طريقة التفكير المنتجة بالفكر العميق وما علاقتها بالفكر المستنير
     
    من خلال تعريف الفكر المستنير، فان من المحسوم به ارتباط طريقة التفكير المنتجة بالفكر المستنير لان العمق فيها لا يكفي الى الوصول الى النتائج الصادقة، كما ان عمق التفكير لا يسد حاجة "طريقة التفكير المنتجة" الى البحث في المشكلة وملابساتها وعلائقها وارتباطاتها ومحيطها واثارها القريبة والبعيدة والتي هي من اركان الفكر المستنير . فطريقة التفكير المنتجة ملتحمة صميميا مع الفكر المستنير لان الاستنارة هي مقتضياتها وشرطها.
     
    يتبع بإذن الله
  8. Like
    يوسف الساريسي تلقي نقاط سمعه ابو محمد 1924 في التفكير المنتج   
    سأل بعض الإخوة عن طريقة التفكير المنتجة فأحببت أن أضع بين ايديهم هذا البحث حول الموضوع:
     
     
     
     
     

    بسم الله الرحمن الرحيم


     

    طريقة التفكير المنتجة


     
    ذكرت طريقة التفكير المنتجة في مقدمة كتاب النظام الاقتصادي في الإسلام قي معرض الحديث عن الثروة التي يتسلمها الجيل من سلفه. واعتبر الشيخ العلامة المرحوم تقي الدين رحمة الله عليه أن أعظم ثروة ليست هي الثروة المادية ولا الثروات الهائلة في باطن الأرض ولكن الثروة الفكرية. ذلك أن التاريخ أثبت لنا، وما زال يثبت أن أصحاب الثروات المادية ممن هم فاقدي أية طريقة تفكير منتجة سرعان ما يستنفدون ما في أيديهم من ثروة مادية ويعودون إلى الفقر من جديد وهذا ما هو حاصل للبلاد الإسلامية .
     
    فمع وجود الثروات النقطية الهائلة، الا ان مجموع إنتاج الدول العربية مجتمعة لا يصل إلى إنتاج دولة أوروبية واحدة تعتبر فقيرة هناك كأسبانيا، والسبب كما هو واضح وجود أو فقدان طريقة منتجة للتفكير. وقد قال الشاعر قديما:
     
    العلم يبني بيوتاً لا عماد لها والجهل يهدم بيوت العز والكرم.
     
    ولكن تقفز حزمة اسئلة فورا الى الذهن مفادها:
    ماذا يقصد بهذا المصطلح "طريقة التفكير المنتجة"؟ وتنتج ماذا؟
    ما علاقة الطريقة العقلية والطريقة العلمية بطريقة التفكير المنتجة؟
    ما علاقة طريقة التفكير المنتجة بالفكر العميق وما علاقتها بالفكر المستنير؟
    هل هذه الطريقة خاصة بالافراد فيوصف بها الافراد بان عندهم طريقة تفكير منتجة ام هي صفة يمكن اطلاقها على الامة او على حزب فيها؟ ؟
    كيف نحكم على شخص او على امة او على شعب او على حزب بانه يمتلك طريقة تفكير منتجة؟
    هل طريقة التفكير المنتجة خاصة بالمسلمين ام تختص بهم وبغيرهم؟
    ما علاقة طريقة التفكير المنتجة بالاجتهاد وبالناحية التشريعية؟
    ما علاقة طريقة التفكير المنتجة بالعلاقة السببية؟

  9. Like
    يوسف الساريسي تلقي نقاط سمعه أبو مالك في إثبات أن القرآن من عندالله   
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


     

    حياكم الله جميعا أغلى وأجمل تحية


     

    في الحقيقة أخي أبا مالك فإنني لم انقطع تماما وقد كنت أدخل إلى المنتدى بين الفينة والأخرى، وكنت اتابع أحيانا انتاجكم الفكري



    لكني وقبل حوالي اسبوعين تقريبا قلقلت بسبب إغلاق المنتدى لفترة طويلة



    وعندما عاد بحلته الجديدة المباركة أحببت أن أسجل وأعود للمشاركة حسب ما يتيسر لي


     

    على كل حال فإني مسرور بكم وأدعو الله أن أكون عند حسن ظنكم


     

    بالنسبة للموضوع الذي عقب الإخوة عليه حول بعض الشبهات عن القرآن الكريم فهي -كما ذكر- لا ترقى لمستوى أكبر من شبهات لأن قائلها لا حظ له من العلم إلا التشكيك المعهود لدى من يدعون حرية الفكر من اتباع الحضارة الغربية ومن يسمون انفسهم بالليبراليين والمتنورين وهم في الحقيقة أجهل الناس بالإسلام وحضارته


     

    وأحببت أن أقول لأخي "التحريري المبتدئ" بأن بعض الكلام لا يرد عيله لأنه كما يقال في المثل: "قلة الرد رد" فهذا الجاهل الذي يدعي أن القرآن من عند جبريل عليه السلام لم نكن لنرد على تفاهات كهذه لولا أن بعض الإخوة أحب الرد للتوضيح


     

    أما موضوع الأحرف السبعة والقراءات السبع فاختلف العلماء فيها، والراجح -والله أعلم- أن الباقي هو حرف واحد وهو لغة قريش والبقية تركت باجماع الصحابة زمن سيدنا عثمان رضي الله عنه، والقراءات السبع هي قراءات متواترة للغة أو حرف قريش


     

    وسبب وجود الأحرف السبعة هو أن القرآن نزل بلغة العرب وكانت العرب قديما تتكلم بلسان عربي مع اختلاف بينهم، واشتهر من هذه اللهجات الفصيحة سبع ومنها لهجة قريش ، فكون القرآن نزل بلسان العرب فقد أنزله الله بلهجاتهم جميعا، والروايات في ذلك مشهورة كاختلاف سيدنا عمر مع أحد الأعراب في قراءة القرآن وقول النبي عليه السلام لسيدنا عمر هكذا انزل وقوله للأعرابي هكذا أنزل. ولكن هذه الأحرف ذهبت وما بقي الآن هو لغة أو لهجة أو حرف قريش


     

    وجملة أخيرة أود قولها ألا وهي أن البعض قد يدعي ما يشاء مما يراه منطقيا، ولكن المنطق أحيانا وكثيرا ما يخادع الواقع ، فالمنطق أحيانا يريد أن يتحكم في الواقع بفهم معين، ولكن الواقع أوسع من المنطق وأكثر تفصيلا، لذلك كان إدراك الواقع المحسوس يلزمه وجود الواقع ونقل الإحساس به إلى الدماغ مع ربطه بالمعلومات السابقة، وليس فقط محاكمته باستخدام العقل المجرد (المنطق)



    وأخطر شيء في استخدام المنطق يكون في التشريع والسياسة كما ذكر ذلك الشيخ تقي الدين رحمه الله تعالى في كتاب التفكير.ـ


     

    ولكم تحياتي


  10. Like
    يوسف الساريسي تلقي نقاط سمعه عاطف الجلاصي في إثبات أن القرآن من عندالله   
    بسم الله الرحمن الرحيم



    السلام عليكم ورحمة الله


     
    حياك الله أخي الكريم وأشكرك على حسن الظن بي
     
    أما وقد وضح الأمر من طرفك فنحن هنا نناقش ونوضح لك، لا بهدف الرد على ذلك المشكك ولكن لإزالة الشبهة التي قد ترد عند البعض، فاقول وبالله التوفيق:
     
    بالنسبة للنقطة الأولى حول اثبات أن الله يتكلم فهذه من الأمور التي اختلف فيها المسلمون قديما، وكانت من أوائل المسائل التي مهدت لظهور علم الكلام وظهور الفرق في العقيدة كفرقة المعتزلة والأشاعرة من أهل السنة وغيرهم. والشيعة الإمامية يتبنون عقيدة المعتزلة في العقيدة لذلك فهذه الأمور من القضايا التي اختلفوا فيها مع غيرهم ويثيرونها ويقولون بأن القرآن مخلوق.
    أما اثبات الكلام لله تعالى فهذا من الأمور التي تتعلق بصفات الله تعالى، وهي من الصفات التي لا يقع الحس عليه لأن ذات الله غير محسوسة حتى يمكن بحث الأمور فيها عقلا إثباتا ونفيا، وهي تعامل مثل باقي الصفات المتعلقة بذات الله تعالى والتي موضوعها غير محسوس.
    فإثبات وجود الله وبعض صفاته يقع عليها الحس، وبالتالي يمكن إثباتها عقلا ياستخدام الدليل العقلي كالاحتياج والمحدودية، ومنها ومن غيرها نصل إلى أن الله تعالى واجب الوجود وأن ذات الله تعالى غير محتاجة وغير محدودة وغير ناقصة وغير عاجزة وتتصف بجميع صفات الكمال كالقدرة والعلم
    أما باقي الصفات التي لا تدرك بالحس كالحياة والكلام والسمع والبصر والاستواء على العرش فهي مما لا يدركه العقل ولا يستطيع أن يحيط به، لذلك لا نستطيع نفيها ولا إثباتها عقلا. بل تؤخذ بطريقة أخرى وهي الدليل السمعي أو النقلي أي عن طريق كلام الله أي القرآن الكريم.
    والقرآن القطعي الثبوت القطعي الدلالة أخبرنا أن الله يتكلم وأن القرآن كلام الله ونقف عند هذه النصوص دون محاولة البحث عن الكيف، أي البحث في كيف يتكلم الله وكيف يسمع وكيف يبصر؟ فهذا مما لا يجوز الخوض فيه قطعا بل نؤمن بهذه الصفات (ومنها كلام الله) مما أخبرنا الله به عن نفسه دون تشبيه لذات الله بمخلوقاته في كيفية الكلام أي دون قياس الله على الإنسان في الكلام.
    أما التذرع بذرائع واهية للبحث في الموضوع فهذا لا يفيد ولا ينفع، والبحث في صفات الله قد أودى بالكثير من الفرق الإسلامية إلى الخروج بآراء غريبة ومستنكرة وأخرجت البعض منهم عن الملة، فالأصل الوقوف عند النصوص المتعلقة بصفات الله وفهمها حسب مقتضيات اللغة العربية، وليس حسب مقتضيات الفلاسفة والمناطقة وبعض علماء الكلام، وهذا أصل المشكلة.
     
    أما بشأن السؤال الثاني حول اثبات أن هذا الكتاب كلام الله وليس كلام جبرائيل، فهذا عجيب غريب حقا، وإجابته تقتضي منا الرجوع إلى الجذور وإلى أساس العقيدة ومبتدئها.
    فنحن عندما نبحث عن أصل خلق الكون والإنسان والحياة لحل العقدة الكبرى (من أين؟ وإلى أين؟ ولماذا؟)، إنما نبحث عن إجابات عن الأصل والمصير والهدف من الحياة وهذا يرشدنا إلى أن الكون والإنسان والحياة محدودة وعاجزة وناقصة ومحتاجة، وبالتالي فهي مخلوقة وخالقها هو الله تعالى، وللإجابة عن السؤال الثاني والثالث من أسئلة العقدة الكبرى حول مصير الإنسان بعد الموت وعن غاية خلق الله لنا، وكذلك للإجابة عن أمر آخر عن السؤال الرابع المتولد من فطرة التدين (أين المعبود الذي نستعين به؟)، فهذا يحتاج إلى أن يخبرنا الله تعالى عنه من خلال رسالة تخبر الناس به وتحدد لهم منهج العبادة لخالقهم وهذا يعتبر جزءا من أدلة إرسال الرسل.
    وبالتالي يكون دور العقل بعد ذلك هو في البحث عن رسالة ورسول، بعثه الله إلينا يخبرنا عن الأمور أعلاه، فإذا جاءنا من يدعي أنه رسول أرسله الله، طالبناه بالدليل على أنه مرسل وعلى أن الرسالة من الله، أي أننا نطلب من مدعي النبوة أن يثبت لنا أن ما ارسل به هو من عند الله وليس من عند نفسه، وهذا يتطلب منه أن يعطينا علامة أو آية أو دليلا يشير إلى أن المرسل (بكسر السين) هو الله، كمن يرسل رسالة ويمهرها بختمه وتوقيعه وما يشير إلى ان الرسالة من الشخص الفلاني كالملك والحاكم والرئيس، فإذا أتى مدعي النبوة بما يثبت أن رسالته من عند الله يجب علينا أن نؤمن به.
    وقد اراد الله أن يرسل رسلا من البشر وليس من غيرهم وأن تكون رسالاتهم كلاما وقولا من عند الله، يخبرهم لماذا خلقهم وما هو مصيرهم بعد الموت وكيف يعبدونه ليرضى عنهم ويعينهم،
    وأراد الله تعالى أن يدل الناس على أن النبي لا يقول من عند نفسه من خلال دليل عقلي، ألا وهو المعجزة التي لا يستطيع البشر أن يأتوا بمثلها، لتدل الناس على أن الرسالة والرسول مرسل من الله، فكانت معجزات الأنبياء السابقين كموسى وعيسى حسية، أما معجزة محمد فهي القرآن الكريم الذي أعجز العرب والناس جميعا.
    أما البحث في جبريل وباقي الملائكة فأصلا لا يرد ابتداء، فلا يمكن القول عقلا أن يكون هناك احتمال أنه كلامهم لأن وجود الملائكة أصلا غير محسوس وهو غير ثابت بالدليل العقلي المباشر بل إثبات وجودهم يأتي بالدليل النقلي بإخبار الله تعالى لنا عن وجودهم وعن وظائفهم، وقد أخبرنا الله تعالى عن جبريل بأنه من أنزله الله بالقرآن فهو فقط أمين للوحي ولا يتكلم من عند نفسه، ودوره فقط دور الوسيط بين الله والبشر، لأن البشر لا يستطيعون الاتصال بالله مباشرة في الدنيا فذات الله محجوبة عنهم، لذلك أرسل الله جبريل بالقرآن وعلمه جبريل عليه السلام لمحمد عليه السلام
    لذلك فالقول بأن القرآن من عند جبريل غير وارد لا عقلا ولا نقلا، لأن الملائكة عباد لله لا يملكون حرية الاختيار بل هم مأمورون، لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون.
    فمن أدعى بأنه كلام من عند جبريل فعليه الاتيان بدليل عقلي على وجود جبريل وهذا غير ممكن، وإذا اراد دليلا نقليا فعليه الاتيان به وهو ما لا يملكه أي أحد، لأن محمد الرسول عليه الصلاة والسلام أخبر بأن هذا القرآن كلام الله كما أخبره جبريل ايضا بذلك عن ربه. وغير هذا الكلام ساقط عقلا ونقلا.
     
    أما باقي الأسئلة فقد أشرت إليها اخي الكريم وأجبت على جانب منها فجزاك الله خيرا
     
    والله المستعان وعليه التكلان
  11. Like
    يوسف الساريسي تلقي نقاط سمعه أبو مالك في إثبات أن القرآن من عندالله   
    بسم الله الرحمن الرحيم



    السلام عليكم ورحمة الله


     
    حياك الله أخي الكريم وأشكرك على حسن الظن بي
     
    أما وقد وضح الأمر من طرفك فنحن هنا نناقش ونوضح لك، لا بهدف الرد على ذلك المشكك ولكن لإزالة الشبهة التي قد ترد عند البعض، فاقول وبالله التوفيق:
     
    بالنسبة للنقطة الأولى حول اثبات أن الله يتكلم فهذه من الأمور التي اختلف فيها المسلمون قديما، وكانت من أوائل المسائل التي مهدت لظهور علم الكلام وظهور الفرق في العقيدة كفرقة المعتزلة والأشاعرة من أهل السنة وغيرهم. والشيعة الإمامية يتبنون عقيدة المعتزلة في العقيدة لذلك فهذه الأمور من القضايا التي اختلفوا فيها مع غيرهم ويثيرونها ويقولون بأن القرآن مخلوق.
    أما اثبات الكلام لله تعالى فهذا من الأمور التي تتعلق بصفات الله تعالى، وهي من الصفات التي لا يقع الحس عليه لأن ذات الله غير محسوسة حتى يمكن بحث الأمور فيها عقلا إثباتا ونفيا، وهي تعامل مثل باقي الصفات المتعلقة بذات الله تعالى والتي موضوعها غير محسوس.
    فإثبات وجود الله وبعض صفاته يقع عليها الحس، وبالتالي يمكن إثباتها عقلا ياستخدام الدليل العقلي كالاحتياج والمحدودية، ومنها ومن غيرها نصل إلى أن الله تعالى واجب الوجود وأن ذات الله تعالى غير محتاجة وغير محدودة وغير ناقصة وغير عاجزة وتتصف بجميع صفات الكمال كالقدرة والعلم
    أما باقي الصفات التي لا تدرك بالحس كالحياة والكلام والسمع والبصر والاستواء على العرش فهي مما لا يدركه العقل ولا يستطيع أن يحيط به، لذلك لا نستطيع نفيها ولا إثباتها عقلا. بل تؤخذ بطريقة أخرى وهي الدليل السمعي أو النقلي أي عن طريق كلام الله أي القرآن الكريم.
    والقرآن القطعي الثبوت القطعي الدلالة أخبرنا أن الله يتكلم وأن القرآن كلام الله ونقف عند هذه النصوص دون محاولة البحث عن الكيف، أي البحث في كيف يتكلم الله وكيف يسمع وكيف يبصر؟ فهذا مما لا يجوز الخوض فيه قطعا بل نؤمن بهذه الصفات (ومنها كلام الله) مما أخبرنا الله به عن نفسه دون تشبيه لذات الله بمخلوقاته في كيفية الكلام أي دون قياس الله على الإنسان في الكلام.
    أما التذرع بذرائع واهية للبحث في الموضوع فهذا لا يفيد ولا ينفع، والبحث في صفات الله قد أودى بالكثير من الفرق الإسلامية إلى الخروج بآراء غريبة ومستنكرة وأخرجت البعض منهم عن الملة، فالأصل الوقوف عند النصوص المتعلقة بصفات الله وفهمها حسب مقتضيات اللغة العربية، وليس حسب مقتضيات الفلاسفة والمناطقة وبعض علماء الكلام، وهذا أصل المشكلة.
     
    أما بشأن السؤال الثاني حول اثبات أن هذا الكتاب كلام الله وليس كلام جبرائيل، فهذا عجيب غريب حقا، وإجابته تقتضي منا الرجوع إلى الجذور وإلى أساس العقيدة ومبتدئها.
    فنحن عندما نبحث عن أصل خلق الكون والإنسان والحياة لحل العقدة الكبرى (من أين؟ وإلى أين؟ ولماذا؟)، إنما نبحث عن إجابات عن الأصل والمصير والهدف من الحياة وهذا يرشدنا إلى أن الكون والإنسان والحياة محدودة وعاجزة وناقصة ومحتاجة، وبالتالي فهي مخلوقة وخالقها هو الله تعالى، وللإجابة عن السؤال الثاني والثالث من أسئلة العقدة الكبرى حول مصير الإنسان بعد الموت وعن غاية خلق الله لنا، وكذلك للإجابة عن أمر آخر عن السؤال الرابع المتولد من فطرة التدين (أين المعبود الذي نستعين به؟)، فهذا يحتاج إلى أن يخبرنا الله تعالى عنه من خلال رسالة تخبر الناس به وتحدد لهم منهج العبادة لخالقهم وهذا يعتبر جزءا من أدلة إرسال الرسل.
    وبالتالي يكون دور العقل بعد ذلك هو في البحث عن رسالة ورسول، بعثه الله إلينا يخبرنا عن الأمور أعلاه، فإذا جاءنا من يدعي أنه رسول أرسله الله، طالبناه بالدليل على أنه مرسل وعلى أن الرسالة من الله، أي أننا نطلب من مدعي النبوة أن يثبت لنا أن ما ارسل به هو من عند الله وليس من عند نفسه، وهذا يتطلب منه أن يعطينا علامة أو آية أو دليلا يشير إلى أن المرسل (بكسر السين) هو الله، كمن يرسل رسالة ويمهرها بختمه وتوقيعه وما يشير إلى ان الرسالة من الشخص الفلاني كالملك والحاكم والرئيس، فإذا أتى مدعي النبوة بما يثبت أن رسالته من عند الله يجب علينا أن نؤمن به.
    وقد اراد الله أن يرسل رسلا من البشر وليس من غيرهم وأن تكون رسالاتهم كلاما وقولا من عند الله، يخبرهم لماذا خلقهم وما هو مصيرهم بعد الموت وكيف يعبدونه ليرضى عنهم ويعينهم،
    وأراد الله تعالى أن يدل الناس على أن النبي لا يقول من عند نفسه من خلال دليل عقلي، ألا وهو المعجزة التي لا يستطيع البشر أن يأتوا بمثلها، لتدل الناس على أن الرسالة والرسول مرسل من الله، فكانت معجزات الأنبياء السابقين كموسى وعيسى حسية، أما معجزة محمد فهي القرآن الكريم الذي أعجز العرب والناس جميعا.
    أما البحث في جبريل وباقي الملائكة فأصلا لا يرد ابتداء، فلا يمكن القول عقلا أن يكون هناك احتمال أنه كلامهم لأن وجود الملائكة أصلا غير محسوس وهو غير ثابت بالدليل العقلي المباشر بل إثبات وجودهم يأتي بالدليل النقلي بإخبار الله تعالى لنا عن وجودهم وعن وظائفهم، وقد أخبرنا الله تعالى عن جبريل بأنه من أنزله الله بالقرآن فهو فقط أمين للوحي ولا يتكلم من عند نفسه، ودوره فقط دور الوسيط بين الله والبشر، لأن البشر لا يستطيعون الاتصال بالله مباشرة في الدنيا فذات الله محجوبة عنهم، لذلك أرسل الله جبريل بالقرآن وعلمه جبريل عليه السلام لمحمد عليه السلام
    لذلك فالقول بأن القرآن من عند جبريل غير وارد لا عقلا ولا نقلا، لأن الملائكة عباد لله لا يملكون حرية الاختيار بل هم مأمورون، لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون.
    فمن أدعى بأنه كلام من عند جبريل فعليه الاتيان بدليل عقلي على وجود جبريل وهذا غير ممكن، وإذا اراد دليلا نقليا فعليه الاتيان به وهو ما لا يملكه أي أحد، لأن محمد الرسول عليه الصلاة والسلام أخبر بأن هذا القرآن كلام الله كما أخبره جبريل ايضا بذلك عن ربه. وغير هذا الكلام ساقط عقلا ونقلا.
     
    أما باقي الأسئلة فقد أشرت إليها اخي الكريم وأجبت على جانب منها فجزاك الله خيرا
     
    والله المستعان وعليه التكلان
×
×
  • اضف...