اذهب الي المحتوي
منتدى العقاب

الوعي السياسي

الأعضاء
  • Posts

    72
  • تاريخ الانضمام

  • تاريخ اخر زياره

  • Days Won

    2

سجل تطورات نقاط السمعه

  1. Like
    الوعي السياسي اعطي نقاط سنعه للعضو واعي واعي في العلاقات الصينية الأمريكية التجارية #إلى_أين؟!   
    بسم الله الرحمن الرحيم
    العلاقات الصينية الأمريكية التجارية #إلى_أين؟!
    - للإستماع◄http://www.hizb-ut-tahrir.info/…/18…/2018_12_18_TLK_2_OK.mp3

    #الخبر:
     
    في خطوة ترمي إلى مزيد من التهدئة للحرب التجارية، أعلنت الحكومة الصينية اليوم أنها ستُعلق في الأول من كانون الثاني/يناير 2019م لمدة ثلاثة أشهر الرسوم الجمركية الإضافية التي فُرضت على السيارات وقطع الغيار المستوردة من #أمريكا.
     
    وجاء في بيان لوزارة #المال الصينية نشرته عبر موقعها الإلكتروني، أن تعليق فرض رسوم نسبتها 25٪ يشمل 144 صنفا من السيارات ومكوناتها، 5% على 67 صنفاً.
     
    #التعليق:
     
    لقد أتت أمريكا برئيس جديد يعرف عنه أنه رجل الصفقات، ففي عام 1987م نشر رجل الأعمال الأمريكي دونالد ترامب والذي أصبح في ما بعد الرئيس الخامس والأربعين لأمريكا كتابه "فن الصفقة" (Trump: The Art of the Deal) بالتعاون مع الصحفي توني شوارتز، مستعرضاً بين صفحاته أفكاره وفلسفته في إدارة أعماله، وعقد صفقاته الضخمة التي جعلته واحداً من أكبر رجال الأعمال والأثرياء في أمريكا والعالم.
     
    هذه حقيقة #الرئيس الأمريكي الذي يتعامل مع الأمور من خلال مهنته؛ حيث يعمد إلى تضخيم الأمور والوصول مع الطرف الآخر إلى أقصى الأمور مستخدماً ما تملكه دولته من إمكانيات وتهديدات قادرة على إيذاء الطرف الآخر من أجل تقديم أفضل العروض، وهذا ما فعله ويفعله #ترامب مع الدول خاصة الصين، من حيث رفع الرسوم الجمركية والتهديد بزيادتها، والتهديد بصين أخرى، وتحريك أدواتها في المنطقة لاحتواء الخطر الصيني، وإدخال الهند في الصراع واستفاد كل الإمكانيات في الحرب التجارية من أجل الوصول لما تريده أمريكا في الوقت الراهن، لذا لا ينظر إلى الأمور أنها ستصل إلى الحرب الحقيقية سواء عسكرية أو تجاربة وإنما استخدام كل الأدوات في #الصراع من أجل الوصول لما يريد، والصين فيما يبدو تدرك هذا، وتدرك أنها لن تستطيع مع إمكانيات أمريكا الصبر في النزاعات التجارية؛ لذا أقدمت على تنازلات كبيرة، ولكن لهذه التنازلات سقف معين كدولة مستقلة وتريد مقابل هذه التنازلات بعض الضمانات والاتفاقيات التي تحفظ لها مصالحها، ظناً منها أن الإدارة الأمريكية ستلتزم بتعهداتها مع الآخرين، مع أن الحقيقة أمام الجميع أن أمريكا تلغي وترفض ما وقعته بالأمس القريب، فكيف بالبعيد؟! لأن بعض الاتفاقيات في نظر أمريكا إنما وقعتها بسبب ظروف سياسية معينة أو التزامات معينة أو إعطاء امتيازات لدول من أجل القيام بدور معين، ثم لا تلبث بعد تحقيق هذه المصالح أن تعيد النظر في ما وقعت عليه بالأمس القريب.
     
    إن سياسة أمريكا تجاه الصين هي الاحتواء، وتعني سياسة الاحتواء في نظر أصحابها "التعهد الشامل لمقاومة الطرف الآخر أنّى وُجد، لذا ستبقى العلاقات بين الطرفين بين أخذ ورد، حتى تتمكن أمريكا من تحقيق هدفها باحتواء الصين، أو تثبت الصين إخفاق سياسة الاحتواء معها، خاصة وأن هذه السياسة منذ زمن بعيد ولم تتحقق ولم تتنازل أمريكا ولن تتنازل عنها، لذا فالصراع طويل وطويل جداً وتضع أمريكا في خططها السياسية سياسة الصبر الاستراتيجي، فيما تحاول الصين عدم وصول الأمور إلى حد الأزمة الحقيقية، فتقدم بعض التنازلات من أجل إرضاء غرور أمريكا حسب قراءة المرحلة الحالية، إلا إذا تغيرت الأمور وتغير الواقع والاهتمام وأهمية الخطر، أو تغيرت الإمكانيات قوة وضعفاً، وهذا يحتاج إلى متابعة حثيثة وقوية.
     
    كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
    حسن حمدان
       
  2. Like
    الوعي السياسي تلقي نقاط سمعه واعي واعي في الديون الأميركية وحجة «الضرورة» القانونية   
    الديون الأميركية وحجة «الضرورة» القانونية
    من أكثر الأساطير انتشاراً حول الولايات المتحدة أن الحكومة الفيدرالية لم تتخلف قط عن سداد ديونها. وفي كل مرة تُطرَح قضية سقف الديون للمناقشة في الكونغرس، ينفض الساسة والصحافيون الغبار عن عبارة مجازية: «الولايات المتحدة لا تسيء معاملة دائنيها».
    لكن هناك مشكلة واحدة، هذا غير صحيح. فذات يوم، قبل عقود من الزمن، عندما كانت تصرفات الولايات المتحدة أقرب إلى تلك التي نشهدها في «جمهوريات الموز» وليس الاقتصادات المتقدمة، كانت تعيد هيكلة الديون من جانب واحد وبأثر رجعي. وبرغم أن قِلة من الناس يتذكرون هذه الفترة الحرجة من التاريخ الاقتصادي، فإنها تحمل دروساً قيّمة لقادة اليوم.
    في أبريل من عام 1933، وفي محاولة لمساعدة الولايات المتحدة على الهروب من الكساد العظيم، أعلن الرئيس فرانكلين روزفلت عن خطط لإخراج الولايات المتحدة من معيار الذهب وخفض قيمة الدولار، لكن هذا لم يكن سهلاً كما تصور روزفلت، ذلك أن أغلب عقود الدين في ذلك الوقت كانت تشمل «فقرة الذهب» التي كانت تقضي بأن يدفع المدين بالعملة الذهبية أو ما يعادل الذهب. وجرى تقديم هذه الفقرات أثناء الحرب الأهلية وسيلةً لحماية المستثمرين من زيادة تضخمية محتملة، ولكن من منظور روزفلت، كانت فقرة الذهب تمثل عقبة أمام خفض قيمة العملة. فإذا جرى خفض قيمة العملة من دون معالجة القضية التعاقدية، فإن قيمة الديون بالدولار سوف تزداد تلقائياً للتعويض عن سعر الصرف الأضعف، فيفضي هذا إلى حالات إفلاس ضخمة وزيادات هائلة في الدين العام.
    لحل هذه المشكلة، أصدر الكونغرس قراراً مشتركاً في الخامس من يونيو 1933، قضى بإلغاء كل فقرات الذهب في العقود السابقة والجديدة في المستقبل. وصار الباب مفتوحاً أمام خفض قيمة العملة ــ ومعركة سياسية. وكان الجمهوريون في غاية الإحباط والغضب إزاء تعريض سمعة البلاد للخطر، في حين زعمت إدارة روزفلت أن القرار لا يرقى إلى «فسخ العقود».
    في الثلاثين من يناير 1934، جرى خفض قيمة الدولار رسمياً. وارتفع سعر الذهب من 20.67 دولاراً للأونصة ــ وهو السعر الذي ظل سارياً منذ عام 1834 ــ إلى 35 دولاراً للأونصة. ولم يكن من المستغرب أن يزعم أولئك الذين كانوا يحملون أوراقاً مالية محمية بفقرة الذهب أن الإلغاء غير دستوري. وأقيمت الدعاوى القضائية، ووصلت أربع منها إلى المحكمة العليا في نهاية المطاف، وفي يناير 1935، نظر القضاة قضيتين تتعلق كل منهما بديون خاصة، وقضيتين تتعلقان بالتزامات حكومية.
    وكان السؤال الأساسي في كل قضية هو ذاته في الأساس: هل يملك الكونغرس سلطة تغيير العقود بأثر رجعي؟
    في الثامن عشر من فبراير 1935، أعلنت المحكمة العليا قراراتها. وفي كل قضية حكم القضاة بواقع 5 إلى 4 لمصلحة الحكومة ــ وضد المستثمرين الساعين إلى الحصول على التعويض. وبموجب رأي الأغلبية، تمكنت إدارة روزفلت من استحضار «الضرورة» كمبرر لإلغاء العقود إذا كان ذلك ليساعد على تحرير الاقتصاد من الكساد العظيم.
    وكتب القاضي جيمس كلارك ماك رينولدز، المحامي الجنوبي الذي كان النائب العام خلال ولاية الرئيس وودرو ويلسون الأولى، رأياً مخالفاً ــ رأياً واحداً للقضايا الأربع. وفي خطاب مقتضب، تحدث عن قدسية العقود، والالتزامات الحكومية، وفسخ العقود تحت ستار القانون. وأنهى عرضه بكلمات قوية: «عار علينا ومذلة. والآن نستطيع أن نتوقع الفوضى الأخلاقية والمالية بقدر كبير من الثقة».
    لقد نسي أغلب الأميركيين هذا الحدث، حيث غطى فقدان الذاكرة الجمعية على حدث يتناقض مع صورة دولة يسود فيها حكم القانون وتُقَدَّس العقود، لكن المحامين المخضرمين ما زالوا يتذكرونها، وهم يستحضرون اليوم الحكم الصادر في عام 1935 عندما يدافع المحامون عن دول تخلفت عن سداد ديونها (مثل فنزويلا). وفي حين تتصدى حكومات متزايدة لمخاطر جديدة مرتبطة بالديون ــ مثل المطلوبات غير الممولة المرتبطة بالتزامات التقاعد والرعاية الصحية ــ فربما نرى هذه الحجة تعود إلى الظهور بشكل أكثر تكراراً.
    وفقاً لتقديرات حديثة، تعادل المطلوبات غير الممولة المستحقة على حكومة الولايات المتحدة نسبة مذهلة بلغت 260% من الناتج المحلي الإجمالي ــ ولا يشمل هذا الديون الفيدرالية التقليدية والالتزامات غير الممولة المستحقة على الولايات والحكومات المحلية. ولا تتفرد أميركا بهذه المشكلة، ففي العديد من الدول تتزايد الالتزامات المرتبطة بمعاشات التقاعد والرعاية الصحية، في حين تتضاءل القدرة على تغطية هذه الالتزامات.
    السؤال الأساسي إذاً هو ما إذا كانت الحكومات الساعية إلى تعديل العقود بأثر رجعي قد تستحضر مرة أخرى حجة «الضرورة» القانونية. الواقع أن إلغاء فقرة الذهب في عام 1933 يوفر أسباباً قانونية واقتصادية وفيرة للنظر في هذا الاحتمال. وقد وافقت المحكمة العليا في الولايات المتحدة على حجة «الضرورة» من قبل. وليس من المستبعد أن نتصور إمكانية حدوث ذلك مرة أخرى.
    المصدر : البيان 
  3. Like
    الوعي السياسي تلقي نقاط سمعه واعي واعي في سياسة ترامب.. هل تُنهي عصر الدولار القوي؟   
    سياسة ترامب.. هل تُنهي عصر الدولار القوي؟
    دول عدة مهَّدت الطريق لتقليل الاعتماد على الدولار(فرانس برس)
    سهام معط الله
    مواقف
     14   
    18 سبتمبر 2018
     
    يُعتبر الدولار العملة الأكثر استخداماً في العالم، حيث تحتفظ العديد من الحكومات والبنوك المركزية بجزء كبير من احتياطياتها النقدية بالدولار، كما يتمّ تسعير النفط الخام والعديد من السلع بالدولار، بالإضافة إلى ذلك تتمّ العديد من الصفقات التجارية في جميع أنحاء العالم بالدولار.
    واستغلَّت أميركا هيمنة الدولار أحسن استغلال في الضغط على منافسيها والحكومات التي تعاديها، لذلك أعلنت دول مثل روسيا، تركيا، إيران والصين عن التَّخلِّي عن الدولار في معاملاتهم التجارية والتعامل بعملاتهم الوطنية كطريقة لتجنُّب الضربات الموجعة للعقوبات والسياسات الأميركية، وإن حذت دول أخرى حذو هذه الدول سيفقد الدولار حتماً مكانته كأهمّ عملة احتياطية في العالم والتي حافظ عليها لعدّة عقود من الزمن.
    الحرب التجارية تتحوُّل إلى حرب عملات
    شنّت أميركا حرباً تجارية على الصين، ولم يتردَّد رئيسها ترامب في اتهام الصين بالتلاعب بعملتها بهدف التقليل من تنافسية الصادرات الأميركية، وعبَّر ترامب عن غضبه الشديد إزاء قيام التجار الصينيين بجني المال بسهولة تامة نظراً لانخفاض قيمة عملتهم مقابل الدولار، وهكذا حوَّلت الصين تلك الحرب التجارية إلى حرب عملات خطيرة من خلال قيامها بتخفيض قيمة اليوان أو الرنمينبي وهذا ما يمقته ترامب الذي يتلهَّف لتحقيق فائض تجاري كبير، وكل ذلك من أجل تلميع صورته وتعظيم إنجازاته خلال فترته الرئاسية.
    وإلى جانب ذلك، يستمرّ ترامب في انتقاد وإلقاء اللوم على مجلس الاحتياط الفدرالي (البنك المركزي الأميركي) والذي رفع أسعار الفائدة التي عزَّزت بدورها من قيمة الدولار، مُتناسياً أثر التخفيضات الضريبية التي أقرَّها في رفع قوّة الدولار.
    وعلى عكس الوضع في أميركا، يتحكَّم بنك الصين الشعبي (البنك المركزي الصيني) بشكل مباشر في قيمة العملة؛ كما وجَّهت الصين ضربة قويّة إلى الدولار في سوق الطاقة العالمي من خلال قيامها بإطلاق العقود النفطية الآجلة المُقوَّمة باليوان.
    وتسعى الصين، القوّة الاقتصادية الصاعدة، جاهدة للحدّ من الاعتماد الدولي على الدولار وتقوم بإغراء شركائها من الدول للتعامل بالعملة الصينية الحمراء، لأنّها تعلَّمت درساً مهماً من اليابان التي استسلمت للضغوط والشروط الأميركية، لذلك فهي تعمل بكل ما أوتيت من قوّة على تحقيق هدفها المتمثل في الاستقلال عن السيطرة الاقتصادية الأميركية والحصول على مزيد من النفوذ العالمي.

    الاستنفار الروسي، الإيراني والتركي
    فرضت أميركا بشكل عُدوانيّ عدّة عقوبات على إيران، تركيا وروسيا، والتي ردت على ذلك بالإعلان عن التعامل بعملاتها الوطنية في تعاملاتها التجارية المتبادلة، فقد دخلت الاتفاقيات الروسية الصينية بشأن التجارة المباشرة بالروبل الروسي واليوان حيّز التنفيذ في ديسمبر 2014، وهذا ما يعني عدم مشاركة البنوك الأميركية، البريطانية والأوروبية في المعاملات التجارية الثنائية بين روسيا والصين.
    وتدرس الحكومة الروسية إمكانية التعامل بالروبل في تجارتها النفطية مع إيران وتركيا نظراً لتصاعد التوتُّر مع الولايات المتحدة.
    كما تخلَّت إيران عن التعامل بالعملة الأميركية الخضراء وبدأت التعامل باليورو مع دول العالم وقرَّرت التعامل تجارياً مع روسيا والصين والهند وتركيا بالعملات الوطنية بدلاً من الدولار، وتُخطِّط تركيا للتَّخلِّي عن العملة الأميركية وتحوَّلت بالفعل إلى التعامل بعملتها الليرة مع إيران.
    وهكذا لجأت هذه الدول إلى التخلُّص من التعامل بالدولار في تجارتها وهي أفضل طريقة للتَّغلُّب على العقوبات الأميركية التي أدَّت إلى تعقيد معاملات تلك الدول بالدولار نظراً لضرورة معالجتها من خلال النظام المالي الأميركي.
    تقف الصين إلى جانب تلك الدول في تجاوز الدولار في تجارتها الدولية لأنّ أميركا بالغت كثيراً في استخدام عملتها كوسيلة للإكراه السياسي والاقتصادي.
    على العموم، دول كروسيا وتركيا وإيران ليست قويّة بما فيه الكفاية لتحدِّي هيمنة الدولار، لكن عند إضافة الصين إلى المعادلة سيختلف الأمر كثيراً، فالصين هي الدولة الوحيدة، ذات النفوذ الاقتصادي وحجم الصادرات المُنافِس لنظيره الأميركي، التي يُمكن لها تغيير قواعد اللعبة وتقويض الدولار، ولديها ما يكفي من المال للتعامُل مع ارتفاع تكاليف المعاملات الناتجة عن تجنُّب التعامل بالدولار.
    هل يُمكن لليوان أن يحلّ محلَّ الدولار؟
    يُمكن لليوان أوالرنمينبي سحب البساط من تحت الدولار واحتلال الصَّدارة كأكبر عملة احتياطية في العالم فقط إذا أصبحت الصين أقوى اقتصاد في العالم وحصلت على إجماع من القوى الاقتصادية العالمية.
    وهناك اعتبارات أخرى، فحجم التجارة ليس السبب الوحيد الذي يقف وراء هيمنة الدولار، فقد ساهمت شفافية الأسواق المالية في أميركا واستقرار سياستها النقدية في غرس الثقة وتمكين الدولار من التفوُّق على باقي العملات، ويعتبر الاستقرار أحد المزايا التي يقدِّمها الدولار للمستوردين والمصدرين.
    لذلك سيستغرق تَحقُّق طموح الصين بجعل اليوان عملة العالم الأولى وقتاً طويلاً، وتجدر الإشارة إلى أنّ البنك المركزي الصيني يمتلك 5 تريليونات دولار والتي يمكن أن يتمّ تحويلها إلى اليوان، وإلى جانب قيام الصين بتعزيز مبادلاتها مع باقي أنحاء العالم وضمان استقرار عملتها، ستنفتح شهيّة دول العالم شيئاً فشيئاً للتعامل باليوان.
    ما الذي يُمكن استنتاجه؟
    يعتبر اتِّجاه كل من الصين، روسيا، تركيا وإيران للتعامل بعملاتها المحلية خياراً صائباً لا سيَّما في ظلّ العقوبات والقرارات الأميركية التي أصبحت فُجائيّة بعد تولِّي ترامب رئاسة أميركا والذي يهدف بالدرجة الأولى من خلال قراراته إلى عزل تلك الدول.
    لذلك مهَّدت تلك الدول الطريق لتقليل الاعتماد على الدولار وستصبح سنوات هذه العملة الخضراء، كأقوى عملة احتياط عالمية، معدودة إن استمرَّت الإدارة الأميركية باستخدامها العنيف للعقوبات والرسوم.
    لكن هل يُعقل أن ترامب يجهل ذلك، أم أنّه فعلاً يقصد، فمن المعلوم أنّه عندما تصبح عملة بلد ما أكبر عملة احتياط عالمية فسيتحمَّل ذلك البلد عجزاً في الحساب الجاري نظراً لاعتماد باقي دول العالم على عملته التي تخرج منه باستمرار.
    ولا ننسى أنّ الدولار قد حلّ محلّ الجنيه الإسترليني كأقوى عملة احتياط عالمية في عشرينيات القرن الماضي بعد معاناة بريطانيا من عجز كبير في الحساب الجاري، والآن أميركا تعاني منه، وقد أعلن ترامب صراحة أنّه يرغب بأن يُحقِّق بلده فائضاً كبيراً في الميزان التجاري والحساب الجاري من أجل كسب رضا الشعب الأميركي، وبالتالي فهو يدفع العديد من الدول لوقف تعاملها بالدولار من خلال قراراته حتى يستعيد ميزان المدفوعات الأميركي عافيته.

    لكن ترامب يقف الآن في مفترق طرق ويجب عليه أن يختار، إمّا الاستمرار في حربه التجارية وتحمُّل القيمة المرتفعة للدولار الناتجة عن ذلك، وإمّا وقف ارتفاع قيمة الدولار بغية تعزيز تنافسية الصادرات الأميركية من خلال تراجعه عن سياسة حافة الهاوية في حربه التجارية هذه، لأنّه لن يستطيع فعل الأمرين معاً، أي شنّ حرب تجارية وخفض قيمة الدولار معاً، أو مثلاً تحقيق فائض كبير في الحساب الجاري وبقاء الدولار كأقوى عملة احتياطية عالمية في آن واحد.
  4. Like
    الوعي السياسي تلقي نقاط سمعه واعي واعي في إستراتيجية الولايات المتحدة الأمريكية فى منطقة آسيا والمحيط الهادئ – إستراتيجية احتواء الصين   
    
    إستراتيجية الولايات المتحدة الأمريكية فى منطقة آسيا والمحيط الهادئ – إستراتيجية احتواء الصين
    اعداد : د . محمد الأمير أحمد عبدالعزيز - باحث فى التاريخ الحديث والمعاصر – مصر
     
     
    تعد منطقة آسيا والمحيط الهادئ من المناطق ذات الأهمية الحيوية للولايات المتحدة الأمريكية، وتزداد تلك الأهمية فى ضوء تنامى المد الصينى فى تلك المنطقة سياسياً واقتصاديا وعسكرياً.
    ولا شك أن العلاقات الصينية الأمريكية هى علاقات معقدة تتراوح بين التقارب حين والتصارع حين أخر ويرجع ذلك لاختلافات مصالح كل منهما عن الأخرى، ونجد الولايات المتحدة ترى أن صعود الصين يهدد مصالحها الحيوية وأمنها القومى، وترى الصين ضرورة التوجه نحو عالم متعدد الأقطاب لا تكون فيه هيمنة أمريكية بل توازن بين القوى المختلفة .
    على أية حال يمكن القول بأن الإستراتيجية الأمريكية في آسيا هدفها الرئيسي هو تطويق الصين من خلال تواجد للقوات الأمريكية في مناطق العمق الإستراتيجي للصين، وتطويقها سياسياً واقتصادياً فيما يعرف باسم إستراتيجية “احتواء الصين " .
    ويمكن تقسيم هذه الإستراتيجية الى ثلاث محاور:-
    المحور الأمنى والعسكرى:
    سعت الولايات المتحدة فى السنوات الأخيرة إلى تقوية تواجدها العسكرى فى منطقة شرق آسيا فعمدت إلى التحالف العسكرى مع عدد من الدول كاليابان وكوريا الجنوبية واستراليا ، كما عمدت واشنطن إلى الحد من قدرة الصين من خلال إبرام الاتفاقيات الدفاعية مع اليابان ، بالإضافة إلى تهديدات أمريكا المستمرة للصين واعتراضها على بناء الصين للجزر الصناعية واتهام بكين بعدم الاهتمام بأمن دول الجوار .
    وتقيم الولايات المتحد علاقات عسكرية وثيقة مع تايوان هذه الجزيرة التى تمتاز كمنصة إستراتيجية للعمليات العسكرية ضد الصين وأمنها فى الطاقة .
    بالإضافة إلى قيام الولايات المتحدة بالمناورات البحرية الكبرى بمشاركة دول الإقليم والتى كان أهمها التدريبات العسكرية الأمريكية فى خان كويست بمنغوليا على الحدود الشمالية للصين فى عهد إدارة الرئيس الأمريكي أوباما، بما عد تحديا مباشرا للصين فى محيطها الإقليمي .
    كما تحتفظ الولايات المتحدة حاليا بخمسين سفينة بشكل ثابت غرب المحيط الهادئ، فيما تتمركز حاملة الطائرات جورج واشنطن فى اليابان، ومحاولة واشنطن إعادة توزيع 60 % من قواتها البحرية بالمنطقة والاتفاق على وجود 2500 من قوات المارينز الأمريكية فى استراليا ونشر أربع سفن قتالية فى سنغافورة .
    المحور الاقتصادي:
    سعت الولايات المتحدة من أجل العمل على إيجاد نفوذ اقتصادي قوى لها داخل القارة الآسيوية من خلال بناء علاقات اقتصادية مع دول المنطقة لتحجيم الدور الاقتصادي للصين وتقليل نموها، ووقف تعاظم دور الصين فى منطقة آسيا والمحيط الهادئ، مثال ذلك التوقيع على اتفاقيةالشراكة عبر الباسيفيك ( TPP ) مع 11 دولة من دول المنطقة ( استراليا، وبروناى، وكندا، وتشيلى، واليابان،والمكسيك، وبيرو، ونيوزيلندا، وسنغافورة، وفيتنام، وبروناى) واستثناء الصين منها، وقد رأت الولايات المتحدة أن هذه الاتفاقية ستسمح لها وليس الصين بوضع خريطة اقتصاديةللقرن الحادى والعشرين .
    وبالرغم من إعلان إدارة الرئيس الأمريكي ( ترامب ) انسحابه من هذه الاتفاقية فى يناير 2017، إلا أن ذلك لا يعد تخلياً عن إستراتيجية سلفه الاقتصادية إزاء الصين، بل جاء انسحاب ترامب لاعتقاده بان هذه الشراكة تضر مصالح العمال الأمريكيين .
    كما تحاول الولايات المتحدة قطع جميع الطرق التى تزود الصين بالنفط من خلال التعاون النفطى عبر الآسيوي والتى تصل مباشرة إلى الصين من خارج الممرات البحرية التقليدية المراقبة من جانب البحرية الأميركية .
    المحور السياسى والدبلوماسى:
    ولتحقيق أهداف إستراتيجيتها، تعمل واشنطن على تقوية التعاون مع حلفائها التاريخيين كاستراليا واليابان ونيوزيلندا وكوريا الجنوبية وتايلاند، كما تسعى لإقامة شراكات وتحالفات مع الدول المناوئة لها فى جنوب شرق آسيا، أو إثارة الاضطرابات فى الدول التى تتمثل أهمية للصينمثل ميانمار ، أو حتى التورط فى إثارة الاضطرابات داخل الصين نفسها من خلال دعم حركة – احتلوا وسط المدينة – فى هونج كونج .
    وبدأت الولايات المتحدة فى تكوين نواة لتحالف إقليمي جديد مناوئ للصين بتدشين حوار استراتيجي ثلاثى بين الولايات المتحدة واليابان والهند ومن غير المستبعد أن تبدأ الولايات المتحدة فى توسيع نطاق هذا التحالف مستقبلا .
    وقيام الولايات المتحدة الأمريكية بتعزيز وجودها الدبلوماسي هناك من خلال زيارات لكبار المسئولين الأمريكيين ركزت على اليابان وكوريا الجنوبية وفيتنام وغيرهم المجاورين للصين كما سعت واشنطن للعب دور اكبر فى المنظمات الإقليمي فقد استضاف قم منظمة التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادئ .
    واعتماد دبلوماسية الانتشار إلى الإمام والتى تعتمد على إيفاد جميع الأدوات الدبلوماسي الى كل ركن وبلد فى منطق آسيا والمحيط الهندى .
    ولاشك أن الولايات المتحدة لن تتخلى عن إستراتيجيتها تجاه الصين، خاصة أنها ترى فى الصين العدو الأوحد فى منطقة أسيا والمحيط الهندى، التى تستطيع منافستها وزعزعة الوجود الأمريكي فى تلك المنطقة فى ظل الصعود الملحوظ للصين فى شتى المجالات .
  5. Like
    الوعي السياسي تلقي نقاط سمعه واعي واعي في كيف يهدد انهيار العملة في تركيا أوروبا؟   
    تابعونا بيان الخصوصية شروط الخدمة الإعلانات © 2018Cable News Network. Turner Broadcasting System, Inc. All Rights Reserved. كيف يهدد انهيار العملة في تركيا أوروبا؟
    اقتصاد نشر الجمعة، 10 اغسطس / آب 2018   كيف يهدد انهيار العملة في تركيا أوروبا؟
    لندن (CNN)-- أثارت مخاوف ضعف الاقتصاد التركي، ومخاطر انتقال الأمر إلى أوروبا، قلق المستثمرين، خاصة بعدما هوت الليرة التركية، الجمعة، إلى مستوى قياسي أمام الدولار الأمريكي.
    فالعملة التركية انخفضت بنسبة 17٪ مقابل الدولار، ما يعكس مجموعة من المخاوف تشمل التوترات مع الولايات المتحدة على خلفية قضية القس آندرو برونسون، بالإضافة إلى عدم رغبة السلطات التركية في رفع أسعار الفائدة.
     وأمر الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بزيادة تعريفة الصلب والألومنيوم التركي، بعد أن فرض عقوبات على كبار المسؤولين الأتراك، في وقت سابق من هذا الشهر، لدورهم في احتجاز القس برونسون.
    وجاء رد فعل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان متحديا، إذ قال : "لا تنسوا هذا: إذا كان لديهم دولارات ، فلدينا شعبنا وعدالة الله، وسوف نخرج من الحرب الاقتصادية بنجاح."
    لكن خطاب أردوغان، لم يفعل الكثير لتهدئة الأسواق، إذ استأنفت الليرة طريق الهبوط، لتصل خسائرها إلى 40٪ تقريبًا مقابل الدولار منذ بداية 2018.
    وقال رودريجو كاتريل ، كبير محللي العملات في بنك أستراليا الوطني في سيدني، إن المستثمرين يشعرون بقلق متزايد بشأن ارتفاع التضخم، وقدرة البنك المركزي التركي، (الذي شكك المستثمرون في استقلاله)، في القيام بأي شيء حيال ذلك.
    وحافظ البنك المركزي تحت ضغط من أردوغان،  على أسعار الفائدة منخفضة على الرغم من التضخم الذي تجاوز 15٪ في يوليو/ تموز.
    وجاءت الخطة على عكس توقعات السوق، وترك السياسة دون تغيير في اجتماعه الأخير، لكن الاقتصاديين يقولون إن البنك المركزي من المحتمل الآن أن يضطر إلى اتخاذ إجراءات طارئة.
    ويليام جاكسون، كبير اقتصاديي الأسواق الناشئة في كابيتال إيكونوميكس، قال: "هناك أسباب تدفعنا إلى الاعتقاد بأن ارتفاع أسعار الفائدة في حالات الطوارئ خلال أزمة العملة الحالية قد لا يؤدي إلا إلى مسكن عابر".
    وأضاف: "ليس من الواضح أن تركيا ستكون قادرة على التراجع عن حافة الهاوية هذه المرة".
    وخفضت الحكومة التركية بالفعل توقعاتها للنمو لهذا العام إلى 4 ٪ من 5.5 ٪، ولكن الاقتصاديين يحذرون من أن الركود سيكون أسوأ بكثير إذا لم يتم استعادة الثقة بسرعة.
    بدوره، قال كارستن هيس، الاقتصادي الأوروبي في بيرنبرغ: "لا يمكن استبعاد الركود وأزمة الديون التي من شأنها أن تفرض على تركيا تطبيق ضوابط مالية وطلب إنقاذ من صندوق النقد الدولي".
    وحث اردغان، الجمعة، الشعب التركي على استبدال الدولار واليورو بالليرة التركية للدفاع عن العملة، فيما زاد ترامب الضغط عبر تغريدة قال فيها إنه سيزيد الضرائب على الألومنيوم والصلب فيما يتعلق بالمعاملات مع تركيا.
    وقال في التغريدة: "لقد سمحت للتو بمضاعفة التعريفة الجمركية على الصلب والألمنيوم فيما يتعلق بتركيا.. الليرة التركية، تنزلق سريعاً نحو الانخفاض مقابل الدولار القوي جداً! ستكون تعريفة الألومنيوم الآن 20٪ والصلب 50٪. علاقاتنا مع تركيا هي ليس جيدًة في هذا الوقت". 
    وأفادت صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية بأن البنك المركزي الأوروبي قلق بشأن مصير بنوك منطقة اليورو التي تتعامل مع تركيا بسبب أزمة الليرة الخانقة.
    وبشأن هذا الأمر رفض البنك المركزي الأوروبي التعليق على الأمر، فيما تظهر بيانات بنك التسويات الدولية أن بنوك منطقة اليورو لديها قروض تزيد قيمتها عن 150 مليار دولار في تركيا. وتعد البنوك الإسبانية والفرنسية والإيطالية هي الأكثر تعرضاً لتلك الأزمة.
    وتعرضت أسهم بعض أكبر البنوك في أوروبا لضربة قوية، الجمعة. وانخفض UniCredit إيطاليا 5.6٪ وانخفض BBVA الإسباني 5.5 ٪، وانخفض مؤشر BNP Paribas الفرنسي بنسبة 4.3٪، وانخفض سهم Deutsche Bank بنسبة 5.3٪.
    وتوسع الاقتصاد التركي بسرعة هذا العام مقارنة مع عام 2017، لكن نموه في السنوات الأخيرة كان مدفوعًا بقطاع البناء الذي يموله المستثمرون الأجانب إلى حد كبير.
    والمستثمرون لديهم قلق من قدرة تركيا على جلب النقود خلال الأوقات الصعبة لتسديد ديونها. فيما قال هيس إن "التراجع في الليرة التركية وارتفاع تكاليف الاقتراض يتسبب في صداع كبير للعديد من الشركات التركية، لأنها اقترضت بالعملات الاجنبية رغم تلقي إيرادات بالعملة المحلية".
  6. Like
    الوعي السياسي تلقي نقاط سمعه واعي واعي في العلاقة بين أمريكا والصين، واتهام ترامب الصين بعرقلة جهوده مع كوريا الشمالية   
    alraiah.net
    العلاقة بين أمريكا والصين، واتهام ترامب الصين بعرقلة جهوده مع كوريا الشمالية
    حسن حمدان
     
    كانت شبه الجزيرة الكورية ضحية لعملية تقسيم نفوذ بين العملاقين المنتصرين الأمريكي والسوفياتي بعد الحرب العالمية الثانية، وحصل السوفيات آنذاك على الجزء الشمالي من البلاد، في حين حاز الأمريكيون على الشق الجنوبي، لكن الحقائق الجيوسياسة كانت شديدة التباين، فقد أسفرت عن تشكيل دولتين تختلفان عن بعضهما بشكل كبير، حيث حظي الشمال بنصيب أقل في كل شيء - باستثناء المساحة فإنها كانت متقاربة - بداية من القدرات البشرية وليس انتهاءً بالسهول الزراعية، ما يعني مثلًا أن كوريا الشمالية ظلت منذ نشأتها بلدًا غير قادر على إنتاج كفايته من الغذاء.
    بدأت كوريا السوفياتية (الشمالية) مباشرة في استقطاب القادة الشيوعيين المنفيين منذ الحرب اليابانية، قبل التقسيم الأمريكي السوفياتي، والمتوافدين من الصين وروسيا وحتى من ولايات الجنوب الأمريكي، للدولة الكورية الجديدة. وكان أحد هؤلاء المنفيين هو كيم إل سونغ الذي نُصب حاكمًا للشمال بعد 25 عامًا قضاها في المنفى في روسيا، في حين نصبت أمريكا حكومة منتخبة في الجنوب. وفي عام 1950، قرر إل سونغ، بإيعاز سوفيتي، توحيد الكوريتين تحت حكمه، فقام بغزو كوريا الجنوبية ما تسبب بتدخل أمريكي قامت على إثره الحرب الدموية الشهيرة بين الشطرين. وقد تدخلت الصين لمساعدة الجيش الكوري الشمالي الذي انسحب في نهاية المطاف إلى خط التقسيم، قبل أن يتم توقيع اتفاق وقف إطلاق للنار بعد ثلاث سنوات من الحرب، مُدخلًا البلدين في هدنة طويلة مع منطقة عازلة بطول الحدود حول خط عرض 38، ولكن الدولتين لم توقعا أبدًا على أي اتفاق سلام نهائي إلى اليوم.
    بعد انهيار الاتحاد السوفياتي تعمقت أزمة كوريا الشمالية، حيث شعرت أنها فقدت حاميها الرئيس وخط الدفاع الأول عن الدول الشيوعية، ورغم أن الصين دخلت على الخط لسد هذه الفجوة بشكل كبير، لكنها لم تقم بهذا الدور، من باب الناحية المبدئية، من أجل وقوف الشيوعية في وجه الرأسمالية، وإنما كانت مساعدتها لكوريا الشمالية خدمة لمصالحها، ورغبة في أن تكون دول الجوار خادمة لها، ومنطقة استقرار للحدود بعدم وجود عدو بيد الغرب يقض مضاجعها، فالصين لا ترغب أن يتكرر سيناريو فيتنام التي انقلبت علاقتها معها إلى العداء بعد انتهاء الحرب الفيتنامية والتوحد، على الرغم من مساعدة الصين الكبيرة لفيتنام في هذه الحرب، فالمسألة إذن ليست مبدئية وإنما مسألة دفاع عن حدود الصين، وأن تكون كوريا الشمالية خط دفاع عن بكين في ظل سياسة أمريكا لاحتواء الصين.
    ومسألة كوريا تقلق أمريكا نوعا ما، وجعلت أمريكا تصف كوريا الشمالية بالدولة المارقة لامتلاكها السلاح النووي والصواريخ العابرة للقارات، خاصة أن هذه الصواريخ قادرة على الوصول للبر الأمريكي، فضلا عن جزيرة غوام التي تحتل القواعد الأمريكية ثلث مساحتها؛ فقاعدة أندرسون الجوية تعد أكبر مستودع للأسلحة والقذائف الاستراتيجية لتزويد العمليات الأمريكية حول العالم، بالإضافة لقاعدة أبرا البحرية الاستراتيجية التي تلعب دورا حيويا في ربط القواعد الأمريكية في المحيط الهادئ، ولما تمثله أيضا من إزعاج لحلفاء أمريكا في المنطقة، ولكن علاقة الصين بدول الجوار لم تكن علاقة مبدئية، فهي تبني علاقتها مع الجوار والدول الأخرى خدمة لكيانها وليس دفاعا عن المبدأ، ومن هنا نستطيع أن نفهم علاقة الصين بكوريا وعلاقة الصين بأمريكا من خلال كوريا الشمالية.
    أما بالنسبة لسياسة أمريكا مع الصين، فمما لا شك فيه أن الصين هي أهم أولويات أمريكا والأكثر خطورة لديها في الوقت الحالي، ومن هنا يفهم وجود الجار الكوري الشمالي ضمن حلبة الصراع بين الصين وأمريكا، فقد استدارت أمريكا نحو منطقة آسيا المحيط الهادي لما تمثله من خطر حقيقي قادم على الزعامة والقيادة العالمية، ولما تمثله من خطر كبير في منطقة من العالم تحوي دولا كبرى وأسلحة نووية وطموحات مرحلية إقليمية، وقد سعت أمريكا لتطويق الصين تطبيقا لسياسة الاحتواء الاستراتيجية، واستعملت في ذلك أساليب عديدة سواء من خلال الدخول في تحالفات مع الدول المناوئة لها في جنوب شرق آسيا، أو إثارة الاضطرابات في الدول التي تمثل أهمية استراتيجية للصين مثل ميانمار، أو حتى التورط في إثارة الاضطرابات داخل الصين.
    فقد قامت أمريكا في أوائل تشرين الأول/أكتوبر 2015، هي وإحدى عشرة دولة مطلة على المحيط الهادئ، وهي: أستراليا، بروناي، كندا، شيلي، اليابان، ماليزيا، المكسيك، نيوزيلندا، بيرو، سنغافورة، فيتنام، بتوقيع اتفاقية الشراكة الاقتصادية الاستراتيجية عبر المحيط الهادي، وهي اتفاقية تجارة حرة متعددة الأطراف تهدف إلى زيادة تحرر اقتصادات منطقة آسيا والمحيط الهادئ، وصرح الرئيس الأمريكي باراك أوباما بالقول "إن واشنطن لن تسمح لبلدان مثل الصين أو غيرها بكتابة قواعد الاقتصاد العالمي"، كما قال: "عندما يعيش ما يزيد على 95% من مستهلكينا المحتملين خارج حدودنا، فلا يمكن أن نجعل دولا كالصين تكتب قواعد الاقتصاد العالمي"، وأضاف: "ينبغي لنا أن نكتب هذه القواعد، وأن نفتح أسواقا جديدة للمنتجات الأمريكية في الوقت الذي نرسي فيه معايير عالية لحماية عمالنا إلى جانب الحفاظ على بيئتنا".
    وسعيا لتحجيم الصين وكبح طموحاتها الاقتصادية والعسكرية، تواصل أمريكا منذ عدة شهور محادثات مع روسيا لإقحامها في الجهود التي تبذلها لاحتوائها. ولتحفيز روسيا على الانخراط في جهود الاحتواء، تحاول أمريكا تقديم بعض الإغراءات لها كعقد الصفقات، وعلى الجانب الآخر التهديد بالعقوبات ضدها لجعلها تخضع للمحاولة الأمريكية في استخدامها لاحتواء الصين.
    وبسبب الغموض الذي أحاط المحادثات مع روسيا وقطعا للشائعات، بثت وكالة الصين الرسمية للأنباء بيانا نشرته صحيفة الحزب الشيوعي الصيني الواسعة الانتشار (Global Times) في 30/10/2012 نفت فيه استجابة روسيا لضغوط أمريكا لاحتواء الصين، ولكن في الوقت نفسه لا توجد أية مؤشرات تدل على وصول المحادثات بين الدولتين إلى طريق مسدود. واستكمالا لتنفيذ عمليات احتواء الصين تجري أمريكا محادثات مع الهند المجاورة للصين مستغلة العداء التاريخي بينهما لأجل ضمها إلى قائمة الدول التي تقف مع أمريكا ضد الصين. والأمر لا يقف عند هذه الدول بل تحاول أمريكا إشراك جميع الدول في تلك المنطقة، وتستخدم جميع الأدوات لاحتواء الصين الذي بات يعرف باستراتيجية توازن القوى من أجل تحقيق الهدف المنشود لأمريكا.
    والصين تدرك تمام الإدراك هذه السياسة والأدوات التي تستخدمها أمريكا في ذلك، وتحاول إيجاد سياسة واستراتيجية مضادة لعرقلة المساعي الأمريكية، أما من ناحية إدراك الصين لهذه السياسة فقد جاء في المقال الذي كتبه الجنرال لو يوان "إن الولايات المتحدة تنشر قواتها في شتى أرجاء منطقة آسيا والمحيط الهادئ من أجل احتواء صعود الصين". وأضاف الجنرال لو يوان "إن الادعاءات التي ساقتها واشنطن في الأسبوع الماضي من أن هذه الاستراتيجية ليست موجهة ضد الصين جعل النوايا الأمريكية أكثر وضوحا". وتحدث الجنرال لو في مقاله أيضا "لو نظرنا إلى ما حولنا سنجد أن أمريكا تعزز التحالفات العسكرية الخمسة التي تنخرط فيها في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، وتعدل مواقع تجمعات قواعدها العسكرية الخمسة في المنطقة بينما تطالب بزيادة هذه القواعد في البلدان المحيطة بالصين". وقال مخاطبا الأمريكيين "من يصدق أنكم لا تستهدفون الصين؟ أليست هذه عودة إلى عقلية الحرب الباردة؟". ويذكر أن الجنرال لو معروف بآرائه ومواقفه المتشددة التي ينشرها في الصحف الصينية الشعبية، ولكن ظهور مقاله هذا في الصحيفة الرسمية للجيش الصيني يشير إلى أن الآراء التي عبر عنها تتمتع بقدر من الدعم الرسمي.
    ومن ناحية الإجراءات التي تقوم بها الصين سعيا لإفشال مساعي أمريكا في سياسة احتوائها، فهي تحاول منع استخدام دول الجوار كمخلب ضدها، وذلك من خلال المعاهدات، وتأمين الحدود، وسياسة عدم الاعتداء، والتقارب كما حدث مع الهند العدو التقليدي، والعلاقات التجارية والاقتصادية وشراء الغاز كما هو مع روسيا مثلا، وبعض العلاقات الاقتصادية مع دول الجوار، خاصة في استراتيجية طريق الحرير البري؛ مبادرة "الحزام والطريق" لإدراك الصين حجم القوة البحرية الأمريكية وسيطرة أمريكا على طرق الملاحة والبحار وقدرتها العملاقة على الوصول والحركة.
    إن العلاقة بين الصين وأمريكا هي علاقة تنافس، تحكمها سياسة الاحتواء الأمريكية تجاه الصين، وسياسة النفس الطويل والسياسة الناعمة من الصين، وعدم الاحتكاك في المرحلة الحالية إدراكا من الصين لحجم الفارق بينها وبين أمريكا، وكثرة الأدوات بيدها.
  7. Like
    الوعي السياسي تلقي نقاط سمعه واعي واعي في الصراع مع أميركا» حجة إردوغان للتنصل من تسببه بالأزمة الاقتصادية التركية   
    الصراع مع أميركا» حجة إردوغان للتنصل من تسببه بالأزمة الاقتصادية التركية عدد من الاقتصاديين حذرو قبل أشهر من الكارثة... لكن الرئيس التركي لم يستجب الاقتصاد A  A  لندن: «الشرق الأوسط» يذهب أغلب المحللون والمراقبون الدوليون إلى أن أزمة الليرة التركية الأخيرة ليست إلا بمثابة رأس جبل الجليد، بينما جذورها تمتد إلى سنوات طويلة مضت، موضحين أن الخلاف الأميركي التركي الأخير لم يكن بدوره سببا أساسيا في التدهور الحاصل في تركيا؛ بل السبب الأبرز هو سياسات الرئيس التركي نفسه، والذي يحاول التنصل من ذلك عبر إلقاء اللوم على الآخرين. وقالت مجلة «فورين بوليسي» الأميركية إن تركيا تخوض معركة اقتصادية خاطئة حين تعتبر أزمة الليرة المتفاقمة منذ أشهر نتاجا صرفا للنزاع الدبلوماسي الأخير مع واشنطن، بينما ساهمت عوامل كثيرة في التدهور غير المسبوق لعملة البلاد. وبحسب التقرير، فإن تدهور العملة سيؤثر بشكل كبير على الشركات التركية التي تتلقى عائداتها بالليرة أو تملك أصولا بالعملة نفسها، إذ ارتفعت ديونها بشكل لافت على اعتبار أنها ستسدد ما بذمتها بكل من الدولار واليورو. وفي المقابل، لن تتأثر شركات تركية محدودة بفضل اعتمادها على استثمارات في الخارج. وفقدت العملة التركية ما يقارب الثلث من قيمتها في غضون شهر، وتراجعت بصورة لافتة بعدما فرضت الولايات المتحدة عقوبات اقتصادية على أنقرة ولوحت بإجراءات عقابية جديدة في حال لم تفرج أنقرة عن القس الأميركي أندرو برانسون. وأثرت الأزمة على البنوك التركية وسط مخاوف أن تؤدي إلى موجة إفلاس، ولم تقف الآثار عند هذا الحد، إذ أرخى هبوط الليرة بظلاله على أسواق مالية صاعدة، كما أثر على قيمة أسهم في كل من نيويورك ولندن. ويتوافق التنبيه الذي قدمته «فورين بوليسي» مع تحذير سابق من المعارضة التركية، إذ قال زعيم حزب الشعب الجمهوري، كمال كيليجدار أوغلو، مؤخرا، إن الرئيس إردوغان، يستخدم قضية القس لأجل تحقيق مآربه وإخفاء فشله الاقتصادي، حسب ما نقلته «سكاي نيوز». ويرى كيليجدار أن أزمة الليرة ليست ناجمة عن أزمة واشنطن وأنقرة الأخيرة، ويوضح أن عددا من الاقتصاديين حذروا قبل أشهر من الكارثة، لكن الرئيس التركي لم يستجب وفضل عدم الإنصات. وترى المجلة أن جذور أزمة الليرة التركية تعود بالأساس إلى السياسات التي انتهجها إردوغان لأجل استمالة الناخبين وكسب الانتخابات على مدى أعوام طويلة، واستطاعت أنشطة بناء واسعة قامت بها شركات قريبة من الحكومة أن تقود إلى نسبة نمو بلغ متوسطها 6.8 في المائة خلال هذا العقد، أما حجم الاقتصاد التركي فوصل إلى 880 مليار دولار. ويقول المستثمر هارون ميسيت: «كان من الواضح أن انهيارا سيحصل، لقد طلبت مرارا من أصدقائي طيلة سنوات أن يتوقفوا عن منافسة بعضهم البعض في مجال البناء»، لكنهم لم يفعلوا والنتيجة أن هناك ما يقارب 800 ألف بيت لم يجر بيعه بعدما تعرضت سوق العقار لإغراق كبير. وتقول «فورين بوليسي» إن تركيا تحولت إلى ما يشبه ورش بناء، ولذلك صارت صناعة البناء تشكل قرابة عشرة في المائة من الإنتاج في البلاد، ومنذ سنة 2001. تجاوزت واردات تركيا من مواد البناء ومنتجات أخرى صادرات البلاد. وبسبب ذلك ارتفع عجز الحساب الجاري لتركيا إلى 50.2 مليار دولار، بينما لجأت الحكومة التركية وشركات وبنوك ومصانع ومطاعم أخرى في البلاد إلى تلقي قروض خارجية بنسب فائدة مشجعة، وتبعا لذلك، ارتفعت الديون إلى 460 مليار دولار أي ما يزيد عن نصف ناتج تركيا المحلي. ورغم تفاقم الأزمة، لم تتخذ تركيا إجراءات كفيلة ببث الطمأنينة في نفوس المستثمرين والمؤسسات الدولية، وقبل أيام قليلة، أعلنت مؤسسة «ستانرد آند بورز» خفض تصنيف تركيا الائتماني وتوقعت أن تؤدي أزمة الليرة إلى انكماش في الاقتصاد خلال العام المقبل، بينما يقول إردوغان إن بلاده ستفوز فيما يسميها بـ«حرب اقتصادية» على بلاده. وتورد «فورين بوليسي» أن السوق التركية لم تقتنع بالخطوات التي تم إعلانها لأجل دعم الليرة مثل تعهد قطر باستثمار 15 مليار دولار، وتأكيد كل من فرنسا وألمانيا دعمها لأنقرة في ظل الوضع الاقتصادي الصعب الذي تجتازه في الفترة الأخيرة، ويحاول إردوغان ربط الأزمة بالولايات المتحدة حتى يكسب تأييدا شعبيا وسط الإحباط والقلق. ولم يقتصر تحليل الوضع التركي على «فورين بوليسي»، إذ ذهب محللون آخرون تحدثوا لوكالة الصحافة الفرنسية إلى ذات التصور. وقالوا إن الرئيس التركي يستغل الخلاف المرير بين بلاده والولايات المتحدة لإلقاء اللوم في المشاكل الكبيرة التي يواجهها الاقتصاد التركي على «عدو خارجي» وليس على المشاكل داخل بلاده. وخلال الأشهر الأخيرة حذر محللون بأن الاختلالات الاقتصادية تعني أن اقتصاد تركيا سيواجه مشاكل كبيرة، حتى قبل العقوبات التي أعلنها ترمب وأدت إلى انخفاض حاد في سعر الليرة التركية. إلا أن الإجراءات التي اتخذتها إدارة ترمب سمحت لإردوغان بإلقاء اللوم في المشاكل الاقتصادية وانهيار الليرة على البيت الأبيض، واللعب على المشاعر المناهضة للولايات المتحدة المنتشرة في مختلف فئات المجتمع التركي. قال سونر كاغابتاي، مدير «برنامج الأبحاث التركي» في معهد واشنطن، إن سيطرة إردوغان على الإعلام التركي، والتي عززها بعد التغييرات الأخيرة في ملكيتها، سمحت للسلطات وبسهولة برسم الولايات المتحدة في صورة الشرير. وأضاف: «أعتقد أن إردوغان قرر أنه رغم أنه لم يكن يريد للأزمة مع الولايات المتحدة أن تصل إلى ما وصلت إليه، إلا أنه قرر كذلك استغلالها... إردوغان يستطيع أن يحدد شكل روايته للأزمة لأنه يسيطر على 90 في المائة من الإعلام. ويستطيع الآن أن يربط الأزمة الاقتصادية في تركيا والناجمة عن سياساته، بالعقوبات الأميركية فقط». وقبل أن يتسبب ترمب في انهيار الليرة من خلال تغريدة في العاشر من أغسطس (آب) الجاري، أعلن فيها عن مضاعفة الرسوم على واردات بلاده من الصلب والألمنيوم التركي، كانت السحب تتجمع فوق الاقتصاد التركي بعد ارتفاع التضخم ليبلغ 16 في المائة وتوسع العجز في الحساب الجاري. كما تسبب إردوغان في تقويض الثقة في العملة من خلال تصريحاته المتكررة التي اعتبرها بعض اللاعبين في السوق بأنها مربكة. فقد وصف معدلات الفائدة بأنها «أب وأم كل الشرور»، وقال إن البلاد بحاجة إلى معدلات الفائدة المنخفضة لخفض التضخم. وبعد شهر من الفوز بصلاحيات جديدة في الانتخابات، أدهش إردوغان المراقبين بتعيين صهره براءت البيرق، وزير الطاقة السابق، على رأس وزارة المالية الجديدة الموسعة، رغم أنه يفتقر إلى الخبرة في الأسواق المالية. وفور أن أطلق ترمب الأزمة بشأن احتجاز السلطات التركية للقس الأميركي أندرو برانسون، سارع إردوغان إلى التنديد بـ«مؤامرة» تهدف إلى «تركيع» تركيا. واصطف الإعلام الرسمي وراء إردوغان في التنديد بما وصفه بأنه «انقلاب اقتصادي»، وقارن بينه وبين المحاولة الانقلابية للإطاحة بإردوغان في 2016. وقال سنان أولغين، رئيس مركز الاقتصاد والسياسة الخارجية، إن استراتيجية إردوغان «تهدف في الأساس إلى حشد الدعم الشعبي في وقت الأزمة الاقتصادية». ويجد خطاب إردوغان صدى واسعاً في المجتمع التركي الذي تنتشر فيه مشاعر قوية مناهضة للولايات المتحدة تفاقمت بعد المحاولة الانقلابية الفاشلة. ويعيش فتح الله غولن الداعية الإسلامي الذي تتهمه أنقرة بأنه وراء المحاولة الانقلابية، في منفاه الاختياري في بنسلفانيا منذ 1999. وقد قاد ذلك الكثيرين ومن بينهم مسؤولون أتراك كبار، إلى الاعتقاد بأن للولايات المتحدة يداً في المحاولة الانقلابية. ورفضت الولايات المتحدة تلك المزاعم، فيما أكد غولن أنه ليس له أي يد في المحاولة الانقلابية. ولكن الخطاب المناهض للولايات المتحدة يلقى صدى قوياً في تركيا رغم أن أنقرة وواشنطن عضوان في حلف شمال الأطلسي منذ 1952. وبحسب استطلاع أجراه مركز «سنتر فور أميركان بروغريس» في وقت سابق من العام، فإن 10 في المائة فقط من الأتراك ينظرون إلى واشنطن بعين الرضا، بينما عبر 83 في المائة منهم عن آراء غير جيدة تجاهها. وأعلن إردوغان، الذي يستخدم أجهزة شركة أبل الأميركية، أن تركيا ستقاطع هواتف آيفون وأجهزة الشركة العملاقة. وسرعان ما ظهرت صور على مواقع التواصل الاجتماعي لأنصار إردوغان وهم يحطمون هواتفهم الآيفون. كما تعرضت السفارة الأميركية في أنقرة الاثنين إلى إطلاق نار، وسارعت الحكومة إلى إدانة الحادث ووصفته بأنه «استفزاز» وتعهدت بمحاسبة مرتكبيه. وقال دبلوماسي أوروبي طلب عدم الكشف عن هويته إنه «من خلال تصرفاته، فإن دونالد ترمب يخفي الأشخاص المسؤولين حقاً عن الوضع الاقتصادي في تركيا». وأضاف: «هناك شخص واحد فقط هو من يمنع البنك المركزي من التصرف، ويمنع وزير المالية من اتخاذ الإجراءات الضرورية»، محذرا من أن تركيا مخطئة إذا كانت تعتقد أنها «يمكن أن تحمل الولايات المتحدة... وبخاصة الرئيس دونالد ترمب المسؤولية». وعلى شاشات التلفزيون وفي الصحف لا يوجد من يخرج عن خط الحكومة، ويلجأ خبراء الاقتصاد الذين لهم رأي مختلف إلى بث آرائهم على «تويتر». ويرى سنان أولغين أنه إذا لم يتم رفع أسعار الفائدة؛ فإن «قدرة البنك المركزي ووزارة المالية على طمأنة الأسواق ستضعف بشكل كبير».
  8. Like
    الوعي السياسي تلقي نقاط سمعه واعي واعي في الجنوب الليبي والأزمة المتجددة   
    الاثنين - 27 أغسطس 2018 مـ
    الجنوب الليبي والأزمة المتجددة
    الرأي
    A  A

    د. جبريل العبيدي
    * كاتب وباحث ليبي
    عملية فرض القانون في الجنوب، التي أطلقتها القيادة العامة للجيش الليبي ضد الجماعات الإرهابية وعصابات الاتجار بالبشر والهجرة غير القانونية، سيكون لها أثر كبير في تحقيق الاستقرار في هذا الإقليم المضطرب، لأسباب محلية وخارجية متعددة، حيث تعتبر هذه المنطقة البوابة الرئيسية للمهاجرين الأفارقة، بسبب ضعف وصعوبة مراقبة الحدود الممتدة لآلاف الكيلومترات في أعماق الصحراء، وتتشارك فيها أربع دول، بعضها لا يشارك ولا يبذل أي مجهود في كبح حدوده، بل هناك من يتساهل مع المهربين لدخول عناصر «داعش» الهاربة من سوريا والعراق عبر السودان بتمويل قطري إلى الجنوب الليبي.
    في ظل أزمة الجنوب الليبي المتجددة، دفع الجيش الليبي بتعزيزات عسكرية لفرض الأمن والاستقرار في الجنوب، في مقابل أنباء عن تحركات وتعزيزات عسكرية للقوات التشادية الرسمية قرب الحدود الليبية التشادية، الأمر الذي إن جرى بالتنسيق مع الجيش الليبي سيكون أكثر فعالية، بحيث يتم سحق المرتزقة التشادية التي تتخذ من الجنوب الليبي قاعدة لها.
    الجنوب الليبي، حيث تتجمع سرايا المتطرفين وبقايا «القاعدة» الهاربين من بنغازي «سرايا الدفاع»، التي يتزعمها المطلوب لـ«الرباعية» إسماعيل الصلابي الأخ الأصغر لعراب الجماعات الإسلامية علي الصلابي، والمطلوب الآخر لـ«الرباعية العربية»، والضابط المفصول من الخدمة العسكرية مصطفى الشركسي؛ السرايا التي يتم تمويلها قطرياً بالسلاح والمال والعتاد، وحتى شراء المرتزقة عبر عميل قطر المتمرد التشادي تيمان أرديمي، زعيم المعارضة التشادية، وإن كان لا يحظى بقبول جميع فصائل المعارضة التشادية، ويعتبرونه صنيعة النظام التشادي، وأنه عميل مزدوج. أرديمي ذو النزعة المتطرفة، أصبح رجل الدوحة الذي تراهن عليه لتحقيق أجندتها، والذي شكل ميليشيا مسلحة من أبناء قبيلته الزغاوة، وضم إليها مرتزقة آخرين، تستخدمهم قطر في الجنوب الليبي بالتعاون مع ميليشيات «سرايا القاعدة» الإرهابية بقيادة الصلابي والشركسي، المتمركزة في الجنوب الليبي، خصوصاً بعد أن حذر المبعوث الأممي غسان سلامة من أن ثمة عناصر من المرتزقة الأجانب توجد في ليبيا، يعتبر التحرك العسكري لسحقها خطوة مهمة لتحقيق الاستقرار، وإعادة سلطة الدولة على الجنوب المستباح.
    استغلال أزمة الجنوب دفع بعض الدول مثل إيطاليا لمحاولة إنشاء قاعدة عسكرية لها قرب مدينة غات الليبية أقصى الجنوب، ولهذا حذرت القيادة العامة للجيش الوطني من محاولة بعض الأطراف الدولية إنشاء وجود عسكري لها في مناطق الجنوب تحت حجة التصدّي للهجرة غير القانونية.
    الجنوب الليبي الغني بالثروات يعتبر منجماً خصباً، لم يستثمر بعد، دفع بالعديد من الأطراف إلى التدخل فيه عقب إسقاط الدولة، وليس فقط النظام، في فبراير (شباط) 2011، لتسهيل نهب الثروات، من ذهب ويورانيوم وفوسفات ونفط، واستخدام الجنوب بوابة لتهريب البشر والسلاح والمخدرات من وإلى أفريقيا، ولهذا تسعى بعض الدول الأجنبية إلى عزل الجنوب الليبي، وتحويله إلى إمارة معزولة عن سلطة الدولة تستخدم لتجارة السلاح والتهريب والإرهاب، من خلال حركات التمرد الأفريقية التي أقامت قواعد لها في جنوب ليبيا.
    «الجنوب الليبي أصبح قاعدة لحركات التمرد الأفريقية»، تصريح لوزير خارجية حكومة «الوفاق» غير الدستورية محمد سيالة عقب اجتماعه في أنجامينا، بعد التوقيع على اتفاق رباعي للتعاون الأمني مع دول الجوار جنوب ليبيا، استاء منه البعض لكونه يسمح لدول الجوار بالدخول إلى الأراضي الليبية، وملاحقة العناصر الفارة دون طلب الإذن من السلطات الليبية، الأمر الذي يعتبر تنازلاً قدمته حكومة «الوفاق» لشرعنة انتهاك السيادة الليبية، ويعتبر معالجة خاطئة من حكومة «الوفاق» التي لم يتوافق عليها أحد.
    الجنوب الليبي وملف الهجرة غير القانونية، التي معبرها الجنوب الليبي، في ظل وجود إحصاءات أعلنتها المنظمة الدولية للهجرة، عن أعداد المهاجرين العالقين في ليبيا؛ قدرت أعدادهم بنحو «ستمائة ألف» مهاجر، في حين أن السلطات الليبية لا تؤكد الرقم، ومع هذا تركت ليبيا تعاني همها وهمهم، في ظل فوضى السلاح وانتشار الميليشيات وتقارير عن حالات الاستعباد وممارسة تجارة الرقيق، دون أي مساعدة حقيقية سوى إجراءات اتخذتها السلطات الإيطالية بترك المهاجرين عالقين في البحر، حتى بعد أن تم إنقاذ بعضهم، ومنعت السفن المنقذة من الرسو في موانئها في سابقة غير إنسانية، في حين تهدد ليبيا وتطلب منها إنشاء مراكز إيواء في مقدمة لتوطين المهاجرين والعبث بالديمغرافيا الليبية، وهي بلد عبور وضحية أيضاً، وليست بلد منشأ.
    الجنوب الليبي يعاني في الأصل من صراعات قبلية تسببت فيها الولاءات السياسية، التي لعبت دوراً كبيراً في تعميق تفكيك النسيج الاجتماعي بين السكان، وأذكت النعرات القبلية والإثنية، حتى أصبح الجنوب في حالة صراع دائم بين قبائل التبو والطوارق، التي في أغلبها صراعات سياسية وليست قبلية، يتم الاحتكام فيها إلى السلاح لتحقيق المغالبة والاستقواء بالمناصرين، ولو كانوا من خارج الحدود، نظراً لأن أغلب السكان المحليين من قبائل التبو والطوارق لهم امتدادات قبلية في دول الجوار تشاد والنيجر.
    لذا فإن الجيش من خلال تصريحات المسؤولين فيه، يكثف الآن جهوده واستعداداته لتأمين الجنوب بكامله بالتنسيق مع الدول المعنية والتي لها حدود مع ليبيا في الجنوب، لكبح الهجرة غير المشروعة وسحق الإرهابيين القتلة.
  9. Like
    الوعي السياسي تلقي نقاط سمعه منصف الرياحي في أزمة النقد   
    #أزمة_النقد
     
    في ليلة الأحد 15 آب 1971 ظهر الرئيس نيكسون على شاشة التلفزيون بعد خلوة استغرقت 48 ساعة في "كامب ديفيد" ليقول للأمريكيين إن الدفاع عن الدولار ومكافحة البطالة وتحسين وضع الميزان التجاري وميزان المدفوعات هي كلها عناصر أساسية لسياسة اقتصادية جديدة، الغاية منها حفظ مركز الولايات المتحدة كأول دولة اقتصادية في العالم" ثم أردف قائلاً: "هل سيبقى هذا البلد القوة الاقتصادية الأولى في هذا العالم، أم أننا سنستسلم ونقبل بأن نكون الدولة الثانية أو الثالثة أو الرابعة؟ هل سنحافظ على القوة التي جعلت الحرية والسلام ممكنين في العالم أم أننا سنتقهقر؟ كل ذلك رهن بروح المناقشة التي ستظهرونها. يجب علينا أن نعيد لهذا البلد الإيمان الذي ساعدنا على بناء أمّة كبيرة في الماضي والذي سيساعدنا على أن نقولب عالم المستقبل". بهذه الكلمات أعلن الرئيس الأمريكي سياسته الاقتصادية لمواجهة الأزمة النقدية العارمة التي كادت أن تقصم ظهر الاقتصاد الغربي برمّته، وتجر معها البلدان التابعة للغرب. فكانت خطة نيكسون لطمة للعالم الحر قلبت مقاييس التجارة الدولية، وزرعت الفوضى في بورصات العالم الغربية، ثم جعلت عملات البلدان الصناعية تتراقص. وقبل أن نتطرق إلى الأزمة ثم إلى الخطة التي أنقذت الدولار الأمريكي من الانهيار، يجدر بنا أن نلقي ضوءاً على تاريخ نظام النقد العالمي منذ نشأته على أساس الذهب إلى أن تغير باتفاقية "بريتون وودز" عام 1944 حين وضع النظام الحالي الذي كان سبباً أساسياً ولا يزال في توالي ما أصاب النقد الدولي من أزمات ومشاكل لا يزال العالم يستعر بأوارها، حتى يعاد الذهب ليكون الأساس الذي تقيّم به جميع العملات الدولية، ومن ثم يعود الاستقرار ليخيم على العلاقات الاقتصادية بين الأمم.
    أمّا نظام الذهب فيعود تاريخه إلى قدم الأمم، وسار عليه العالم منذ أن عرف النقد حتى الحرب العالمية الأولى (ومعه نظام الفضة) حيث عمدت الدول المتحاربة إلى اتخاذ إجراءات جعلت نظام الذهب يضطرب، فمنها من أوقف قابلية تحويل عملاتها إلى ذهب، ومنها من فرض القيود الشديدة على تصديره، ومنها من صار يعرقل استيراده، فاختل النظام النقدي، وتقلبت أسعار الصرف. ومنذ ذلك التاريخ حتى اليوم تعرضت الحياة النقدية في العالم إلى عدة أزمات دولية، وأصبح النقد وسيلة من وسائل الاستعمار بيد الدول الكبرى تحاول ضرب أعدائها عن طريقه.
    وفي عام 1944 عقد ممثلو 44 دولة تمثل العالم الرأسمالي في "بريتن وودز" بولاية نيوهامبشير الأمريكية اجتماعاً انتهوا فيه إلى قبول الدولار -بعد أن كانت دول كثيرة قد فصلت عملاتها عن الذهب- أساساً لتحديد قيمة العملات المختلفة. وطبقاً لقواعد صندوق النقد الدولي الذي اتفق آنذاك على إنشائه، لا تتغير قيمة عملة ما إلاّ في حدود ضيقة جداً لا تتجاوز 1% منقيمتها صعوداً أو هبوطاً حسب العرض والطلب، أمّا إذا رأت دولة بسبب نقص شديد أو زيادة هائلة في ميزانها التجاري، أن تغيّر قيمة عملتها برفعها أو خفضها، فلا يمكن أن يتم ذلك إلاّ بعد مشاورات دولية واسعة وفي حالة الضرورة القصوى، ويمكن لصندوق النقد الدولي أن يقـدم لأعضائه البالغ عـددهم حتى عام 1968 (109) دول مساعدات لسد العجز في الميزان التجاري للدولة التي تطلب ذلك تحقيقاً لقدر معقول من الاستقرار في أسعار العملات الدولية المختلفة. وبموجب هذا النظام وافقت الدول الصناعية الكبرى العشر على وضع سعر معين لنقدها الوطني بالاستناد إلى الدولار الأمريكي. وكذلك اتفقت أمريكا بالمقابل على ربط الدولار الأمريكي بقاعدة الذهب (35 دولاراً للأونصة الواحدة) من تبديل الدولارات المقدمة من المصارف المركزية الأجنبية بسعر ثابت للدولار المرتبط بالذهب. ومن هنا جاء الارتباط بين عملات معظم الدول في العالم الرأسمالي بما فيها الدول القائمة في العالم الإسلامي، إذ اعتمدت هذه الدول الدولار الأمريكي في مقدمة الأرصدة الاحتياطية لدى بنوكها المركزية، كأساس لقيمة نقدها وكغطاء لعملتها. ونتيجة للهزة التي أصيب بها الدولار أساس العملة العالمية، التي أدت إلى انخفاض في قيمه ستلحق خسارة فادحة بمعظم الدول التي اعتمدت هذا الأساس، بنقصان في احتياطيها الذي هو معظمه من الدولار بالإضافة إلى نسبة من الذهب وبقية العملات الأجنبية المعتبَرة والتي يطلق عليها العملة النادرة أو الصعبة. ولهذا كان من الطبيعي أن يتأثر الين الياباني نتيجة لأزمة النقد هذه، حيث تشكل أمريكا وأوروبا الأسواق الاستهلاكية الرئيسية للصادرات اليابانية في العالم، إذ بلغت نسبة ما تشتريه أمريكا من مجموع صادرات اليابان 30%، وكذلك الحال مع ألمانيا الغربية، بعد أن أصبحت اليابان القوة الصناعية الثانية في العالم الرأسمالي تليها ألمانيا الغربية.
    أمّا تاريخ الأزمات النقدية فيبدأ منذ الحرب العالمية الثانية حين تأسست الطريقة الحالية المعاصرة للنقد في العالم الرأسمالي. والجدير بالذكر أن عجز ميزان المدفوعات يقع عادة دون أن يسبب أزمة، ولكن هذه المرة لم يعد بالإمكان تحاشي الأزمة الكارثة لأن الأمريكيين بالغوا جداً في عجز ميزان مدفوعاتهم.
    إن ميزان المدفوعات يعني حساب الدولة الدولي الخارجي، ويقع هذا العجز في الحساب عندما تصرف الدولة من هذا الحساب أكثر مما ينبغي عليها أن تصرف في خارج بلادها طبعاً، وكانت أمريكا تصرف من هذا الحساب أكثر مما ينبغي عليها منذ أكثر من عشرين سنة. هذا وعندما تقع المشكلة تعتمد الدولة على تغيير قيمة عملتها. إلاّ أن الأمر يختلف بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية لأن الدولار يستمد قوته الشرائية من قوة موطنه الأمريكي منذ الحرب العالمية الثانية، أي منذ أن تأسس نظام النقد العالمي الذي أصبح يتأرجح الآن كي يقع فيما بعد ليعم الخير كل العالم بعد رجوع نظام الذهب بإذن الله. وكان الناس يعلمون أنه حتى عام 1960 يستطيعون إبدال دولارهم بالذهب بالسعر الرسمي أي 35 دولاراً مقابل كل أوقية من الذهب، ولكن استمرار ضعف ميزان المدفوعات بتأثير الإنفاق الخارجي أدى إلى ضعف احتياطي الذهب الأمريكي وأخذ ينقص 1961-1970 إلى ما يقرب من خمسة بلايين دولار، وبعبارة أخرى أن الأزمة تتمثل في أن تزايد عرض الدولار في الأسواق العالمية بالقدر الذي أدى بالتبعية إلى استنزاف نصف احتياطي الذهب الأمريكي أي ما يعادل 10 بلايين دولار إلى جانب امتصاص الإنتاج الأمريكي من الذهب الذي يتراوح بين 50-60 مليون دولار سنوياً. وقد كانت محصلة هذا الوضع أن تغيرت النسبة المئوية للعلاقة بين الذهب والالتزامات الخارجية الأمريكية السائلة، أي أن نسبة الغطاء النقدي من الذهب لعملة الدولار القابلة للتحويل إلى الذهب قد انحدر إلى ثلث ما كانت عليها في خلال عشر سنوات، رغم الضغوط التي تبذلها حكومة الولايات المتحدة على بعض الدول مثل ألمانيا الغربية، لجعل معظم احتياطياتها في شكل دولارات والاكتفاء بقدرٍ فيه يكاد يكون ثابتاً منذ مطلع الستينات وهو أربعة بلايين دولار تقريباً، أي أنه لو أقدمت دولة واحدة وهي ألمانيا الغربية على استبدال احتياطياتها من العملات الأجنبية بالذهب لأتت على الرصيد الباقي من احتياطي الذهب الأمريكي.
    وبهذا العجز في ميزان المدفوعات الأمريكية لم تعد أمريكا تستطيع أن تدفع ما يعادل ثمنه من ذهب رغم أن أمريكا لم تقل هذا صراحة، ولكن إنقاذ تحويل الدولار إلى ذهب ضمن إجراءات نيكسون الأخيرة لحماية الدولار يعني عدم مقدرتها على الالتزام بالسعر الرسمي المعلن للدولار لحاملي الأرصدة الدولارية الهائلة خارج الولايات المتحدة الأمريكية، وهذا كله كان الدافع الأساسي لرفع الستار عن الأزمة التي كانت خفية.
    والمتتبعون لمركز الدولار يعرفون أن أزمته الحاضرة تعتبر امتداداً لأزمات سابقة توالت منذ سنة 1964- سنة 1965 عندما أسفر ميزان المدفوعات الأمريكي عن عجز فادح اضطر معه الرئيس جونسون آنذاك إلى رجاء البنوك الأمريكية في الخارج ولا سيما في أوروبا بأن تحوّل إلى أمريكا ما تستطيع تحويله من الدولارات التي تمتلكها حتى يمكن تغطية العجز، ومرت الأزمة بسلام إلى حين، فإنه لم تكد تنقضي ثلاث سنوات حتى واجه الدولار الأمريكي أزمته الثانية حين قام ولسون رئيس وزراء بريطانيا وزعيم حزب العمال فيها في نوفمبر عام 1967 بتوجيه ضربة إلى الدولار بالتواطؤ مع فرنسا بزعامة ديغول آنذاك بتخفيض الاسترليني إلى جانب ما قصده بالدرجة الأولى تنشيط الصادرات البريطانية الخارجية، فقد تقرر عقب ذلك إيقاف تحويل الدولار بالذهب في الأسواق الحرة بالسعر الرسمي المشار إليه مع استمرار قابليته للتحويل في الأسواق الرسمية (أي بين الحكومات والبنوك المركزية لتسوية المدفوعات الدولية). ومن المعروف أن هذا الاجراء يعتبر بمثابة إيقاف كامل لحرية تبادل الدولار بالذهب، لأن الحكومات والبنوك المركزية لا تطلب التحويل إلاّ بعد الاتفاق مع الحكومة الأمريكية التي تتفاهم عادة مع البنوك المركزية على إيقاف التحويل).
    تُرى ما هي الأسباب والعوامل وراء ذلك كله، أي وراء أزمة النقد الدولية الحالية التي تتمثل بالعملة الدولية، الدولار الأمريكي؟ والجواب على ذلك أولاً: يكمن السبب الرئيسي في نفس النظام العالمي للنقد الذي عليه منذ اتفاقية "بريتون وودز" المذكورة منذ الحرب العالمية الثانية الذي نتج عنه ربط عملات العالم، ما عدا دول العالم الاشتراكي، بالدولار الأمريكي الذي تعرض ويتعرض دائماً للهزات مما جعل تلك العملات تحت رحمة زعيمة الاستعمار الولايات المتحدة الأمريكية التي تحاول أن تمتص خيرات شعوب الأرض بأقدامها الأخطبوطية الخبيثة. وثانياً: أمّا السبب المباشر لهذه الأزمة هو في عدة أمور سببت عجزاً كثيراً في ميزان المدفوعات الأمريكي وبالتالي عدم توفر احتياطي الذهب في أمريكا. وهذه الأمور هي:
    1- مواصلة حرب فيتنام التي تعتبر نزيفاً مالياً يرهق ميزان المدفوعات الأمريكي حتى بلغ الإنفاق عليها ثمانية مليارات دولار سنوياً.
    2- صرف الإعانات الدولية للدول الموالية لها كسباً لتأييدها.
    3- أنها عمدت إلى شراء مزيد من القواعد الدولية التي أنفقت عليها مبالغ طائلة في شتى أنحاء العالم وذلك دعماً لموقفها العسكري، وحماية لاستثماراتها الاستعمارية في الخارج مثل شراء قواعد ألاسكا، وإقامة أحلاف الأطلنطي، وجنوب شرق آسيا وغيره.
    4- تدفع الدولارات بمبالغ هائلة على شكل مساعدات أو استثمارات إلى الخارج لا سيما إلى أوروبا، وخاصة ألمانيا الغربية بعد الحرب العالمية الثانية لمساعدتها وللوقوف في وجه روسيا.
    5- وكذلك الإنفاق الواسع على الفضاء.
    6- ثم أخيراً الإنفاق الهائل للسياح الأمريكان خارج الولايات المتحدة.
    فهذه الإنفاقات الموسعة في خارج أمريكا للدولار، العملة التي تقوم عليها سائر العملات، دون أن يفطن العالم إلى ضرورة وجود رقابة دولية عليها، ودون أن تتحمل أمريكا عبئاً مالياً فورياً وقت إنفاقها، فهي لم تحتفظ بما يوازي قيمة الدولارات الخارجية من أمريكا من الاحتياطي الذهبي الكامل، أي أنها في الواقع تعتبر مقترضة من الدول لهذه الأموال ما دامت الدول تحتفظ بالدولار في خزائنها باعتباره في مقام الذهب. فلما انفجرت أزمات الدولار الواحدة بعد الأخرى، وجدت البنوك المركزية المحتفظة بالدولار نفسها ضحية له، وأنها مضطرة إلى مساندة أمريكا حتى لا تواجه كارثة. وكانت تتم هذه المساندة بشكل قروض لأمريكا أو تعهد بالصرف بالذهب أو بعملاتها مقابل الدولار.
    وكانت أهم آثار هذه الأزمة النقدية ركود عام في التجارة الدولية إلى حد كبير ثم قلق واضطراب لدى المنتجين في العالم بسبب الخوف من الخسارة التي ستلحق بهم لعدم استقرار سعر الصرف في العملات الدولية وذلك اختلال في المقياس العام لقيمة النقد العالمي، أي الدولار الأمريكي. ولا يزال العالم يعاني هذه الآثار رغم ما بذل ويبذل من تدابير واحتياطات دولية لتجنب كل ذلك.
    مما سبق يتبين لنا مقدار عظمة الإسلام وروعته في نظرته إلى النقود وجعله الذهب والفضة فقط أساساً للعملة عند المسلمين وفي معاملتهم مع الناس خارج حدود الخلافة بما يحققه هذا النظام النقدي من استقرار ورخاء عام في الشؤون الاقتصادية للرعية في الداخل ويجنبها كل سوء ويحميها من تحكم الكافر الخبيث في مقدرات المسلمين كما هو عليه الحال حتى الآن.
    16/8/1971
  10. Like
    الوعي السياسي اعطي نقاط سنعه للعضو وليد ابو خالد في رسوم ترامب: تكتيك تفاوضي أم محاولة لاستعادة هيمنة أميركا؟   
    يبدو والله أعلم أن هناك تخوف أمريكي حقيقي من تنامي القدرات الاقتصادية والتكنولوجية للصين، وذلك وفقاً للمؤشرات المختلفة.
    ثم أضف إلى ذلك أن أمريكا تعاني من مشكلة تعاظم الدين وعجز الميزانية، فكان ذلك في أول فترة أوباما يعادل ١٤ تريليون دولار. والآن بلغ ٢٠ تريليون. وهذا مصدر قلق كبير لأمريكا، وهي ربما ترى أن الصين تساهم في ذلك العجز بسبب الإقبال على بضائعها على حساب البضائع الأمريكية، فيزيد من البطالة وكساد تجارتها.
    ومما يؤكد على هذا التخوف الأمريكي، تركيز ترمب على الناحية المالية في معظم تعاملات أمريكا مع دول العالم، ابتداءا مع السعودية ثم طلبه من دول حلف النيتو زيادة نفقاتهم العسكرية في الحلف ثم انسحابه من اتفاقية المناخ والتي تزيد من عبيء الشركات الأمريكية المالية وغيرها الكثير.
  11. Like
    الوعي السياسي تلقي نقاط سمعه وليد ابو خالد في رسوم ترامب: تكتيك تفاوضي أم محاولة لاستعادة هيمنة أميركا؟   
    رسوم ترامب: تكتيك تفاوضي أم محاولة لاستعادة هيمنة أميركا؟
    ترامب يواصل ادهاش العالم (Getty)
    لندن ــ موسى مهدي
    اقتصاد عالمي
     1   
    4 يوليو 2018

    تتملك الحيرة صناع السياسة ورجال المال في العالم، حول ما الذي يريد فعله الرئيس الأميركي دونالد ترامب عبرالرسوم الجمركية على البضائع الصينية والأوروبية وخروج أميركا من منظمة التجارة العالمية ومؤسسات دولية أخرى. 
    هل يريد ترامب حقيقة تنفيذ برنامج "أميركا أولاً" الذي روج له في برنامجه الإنتخابي، وبالتالي عزل أميركا من المحيط العالمي بهدف تقوية اقتصادها وبناء نظام عالمي جديد على أنقاض النظام العالمي القائم منذ الحرب العالمية الثانية، ومن ثمة إعادة هيمنة بلاده الدولية، دون أن تكون هنالك مرجعيات قانونية تردع تحركاته السياسية والتجارية، أم أنه يستخدم الرسوم الجمركية ك"تكتيك تفاوضي"سياسياً وتجارياً للإبتزاز والحصول على تنازلات ضمن استراتيجية إرباك التمدد الاقتصادي الصيني والتقدم التقني العسكري؟
    ويرى ترامب أن الصين أصبحت مهيمنة من الناحية التجارية على الاقتصاد العالمي وتقترب من التفوق التقني على أميركا، عبر استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي وسرقة حقوق الميلكية الفكرية. 
    وفي كلا الحالين، فإن خبراء بجامعة هارفارد ومعهد بيترسون للدراسات، يرون أن فترته الانتخابية لن تسمح لهبذلك حتى وإن امتدت لثماني سنوات.
    في هذا الصدد، يرى الخبير البريطاني بشركة "فينبل أل أل بي"، بيتر آشلي، في تعليقات لصحيفة "أساهي شيمبون" اليابانية، أن الصراع التجاري حقيقي وليس تكتيكاً، وأنه سيتطور إلى حرب تجارية خلال الفترة المقبلة. 
    وفي ذات الاتجاه يحذر مصرف "بانك أوف أميركا ـ ميريل لينش"، في دراسة تحليلية، من أن الحرب التجارية ستحدث بين أميركا والصين وربما تستمر لفترة عام بأكمله. 
    وما يخيف ترامب حقيقة هو التقدم التقني أكثر من التمدد الاقتصادي، لأن ترامب اعترف في إحدى تغريداته بأن الصين كسبت الحرب التجارية منذ سنوات بسبب غباء القيادات الأميركية، بحسب زعمه، وبالتالي فهو يتخوف حقيقة من تفوق صيني وهيمنة تقنية، حيث وصلته الكثير من التحذيرات من بعض رجالات البنتاغون.

    وكانت الصين قد أعلنت عن صفقات اندماج واستحواذ تزيد قيمتها على 110 مليارات دولار في مجال التقنية، وذلك وفقاً لخبراء أميركيين، ما أثار مخاوف الأمن القومي بسبب دور بكين في بعض الصفقات.
    كما أعلنت بكين عن خطة برنامج "صنع في الصين 2025"، التي وصفها رئيس مؤسسة تكنولوجيا المعلومات والابتكار الأميركي، روبرت أتكينسون، في رسالة إلى الكونغرس في كانون الثاني/ يناير الماضي، بأنها "استراتيجية تقنية متطورة تنطوي على التلاعب في السوق والسرقة المتعمدة والنقل الإجباري للمعرفة الأميركية". 
    وكان أحد خبراء الجيش الأميركي قد ذكر في محاضرة بهذا الشأن، أن أميركا إن لم توقف التقدم التقني الصيني في مجال الذكاء الاصطناعي، فإن بكين ربما تتفوق على أميركا عسكرياً خلال عامين وتكون صاحبة "الضربة الأولى" في أية حرب عالمية مقبلة. وهذه البرامج الصينية التقنية التي تنفذها الصين في مجال العلوم نشأت من حملة لتحديث الجيش والبحرية، حتى تتمكن من مواكبة الولايات المتحدة وروسيا. 
    ويميل الرئيس الصيني شي جين بينغ إلى منافسة أميركا على مكانة "الدولة الأولى في العالم" عبر مجموعة من البرامج والاستراتيجيات من بينها استراتيجية "الطريق والحزام"، التي رصدت لها الصين 10 ترليونات دولار، أنفقت منها حتى الآن قرابة ترليون دولار. 
    وتستهدف هذه الاستراتيجية ربط أسواق أوروبا وآسيا وأفريقيا والمنطقة العربية بالبضائع الصينية، عبر التصدير مباشرة بالقطارات والسفن وإنشاء شبكة متكاملة من الطرق والخطوط البحرية والموانئ عبر الفضاء التجاري الصيني المتصور في استراتيجية الحزام والطريق.
    وفي المقابل، فإن واشنطن تجري دراسة للأمن القومي قد تفضي إلى فرض رسوم على واردات السيارات ومكوناتها ومن المتوقع أن تستكمل خلال الشهر الحالي وقد تشمل حظر العديد من شركات التقنية والاتصالات الصينية وتزيد من حدة العقوبات التجارية. 
    وذلك ببساطة، لأن إدارة ترامب تعالج القضايا التجارية من منطلق الأمن القومي الأميركي الذي يتناول تقنيات الدفاع والتصنيع وليس فقط مسألة منافسة تجارية وعجز تجاري، وذلك بحسب رؤية خبراء. 
    وبالتالي، على الرغم من القلق الذي يبديه رجال الأعمال والشركات المعتمدة على السوق الصيني، وإعراب شركاء تجاريين كبار للولايات المتحدة من بينهم الاتحاد الأوروبي واليابان عن قلقهم من احتمال فرض واشنطن رسوماً جمركية إضافية على واردات السيارات ومكوناتها وتصعيد النزاع التجاري مع بكين، فإن ترامب يواصل الحرب التجارية، (فرانس برس).
    من جانبها، حذرت وكالة "فيتش" للتصنيف الائتماني، يوم الثلاثاء، من أن تصاعد التوترات التجارية بين الولايات المتحدة وشركائها التجاريين سيكبد الاقتصاد الأميركيخسائر فادحة. 
    وقالت الوكالة في تقرير، تضمن سيناريوهات مختلفة لتطور النزاع التجاري، إن واشنطن ستواجه "سيناريو الصدمة" في حال تبادلت فرض الرسوم الجمركية مع شركائها التجاريين.
    وتوقعت الوكالة ارتفاعاً يراوح بين 35% و40% في أسعار البضائع الواردة إلى أميركا، وتأثيراً سلبياً في نمو الناتج المحلي الإجمالي في الولايات المتحدة بنسبة حوالي 0.5%. 
    وقال كبير الاقتصاديين في وكالة "فيتش"، بريان كولتون، إن التوترات التجارية المتصاعدة زادت من خطر اتخاذ إجراءات جديدة وسيكون لها تأثير في النمو الاقتصادي العالمي أكثر بكثير من التوقعات.
    وأوضح تقرير فيتش، أنه مع فرض الولايات المتحدة ضرائب على السيارات المستوردة بنسبة 25%، ورسوماً إضافية على بعض السلع من الصين، والرد الانتقامي المتوقع للدول من شأنه أن يؤثر في ما يقرب من ترليوني دولار من التدفقات التجارية العالمية.
  12. Like
    الوعي السياسي تلقي نقاط سمعه وليد ابو خالد في انهيار الغرب   
    انهيار الغرب
          WhatsApp  
      خافيير سولانا
    الممثل الأعلى لشؤون السياسة الخارجية والأمن لدى الاتحاد الأوروبي سابقا
     
     
    استمع بعد قمة مجموعة السبع الأخيرة في كيبيك (كندا)؛ لم يعد هناك أي شك في أن الغرب يمر بأزمة. نعم، غالباً ما تتبع الدول "الغربية" سياسات خارجية متباينة (حرب العراق مثلا)، ويعد "الغرب" مفهوما غامضا بحد ذاته. لكن ذلك يعتمد على مجموعة من الأعمدة الأيديولوجية المشتركة، التي بدأت تنهار الآن تحت ثقل سياسة الرئيس الأميركي دونالد ترامب"أميركا أولاً".
    إن انتقادات ترامب المتواصلة لحلفائه واضحة للغاية إذ تتمثل في قوله: "لا يمكننا السماح لأصدقائنا باستغلالنا باسم التجارة". وبغض النظر عن دعمه غير المشروط للمملكة العربيةالسعودية وإسرائيل؛ يبدو أن ترامب مستعد لتدمير الفهم الإستراتيجي الأساسي الذي طالما حافظت عليه الولايات المتحدة تجاه حلفائها.
    قبل بضع سنوات فقط؛ كان من المستحيل أن ترفض الولايات المتحدة التوقيع على بيان مشترك لمجموعة السبع. كما لم يخطر ببال أحد أن الإدارة الأميركية قد تهاجم زعيمًا كنديًا مستخدمة اللهجة التي تحدث بها ترامب ومستشاره التجاري بيتر نافارو مؤخراً مع رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو، واصفا إياه بأنه "شخص ضعيف وغير صادق".

    بعد لقائه مع الدكتاتور الكوري الشمالي كيم جونغ أون في سنغافورة؛ أكد ترامب أنه يتمتع "بعلاقة جيدة" مع ترودو. وأضاف بعد ذلك أنه يتمتع "بعلاقة جيدة جدا مع الرئيس كيم في الوقت الحالي". وقوله إن العلاقات الأميركية مع هذين الزعيمين قابلة للمقارنة ليس فقط غير ملائم، بل إنه أمر مضحك حقا، ويعكس انعدام الرؤية لدى ترامب.
    إذا كانت الأخلاق السيئة هي المشكلة الوحيدة مع إدارة ترامب فهذا مطمئن، لكن هذه الإدارة تسعى أيضا إلى سياسات ملموسة تقوّض أهم تحالفات أميركا. إن الرسوم الأميركية على واردات الصلب والألمنيوم من كندا والاتحاد الأوروبي جعلت التوصل إلى إجماع في قمة مجموعة السبع الأخيرة مستحيلاً.
    لن تضر هذه التعريفات الجمركية -التي فرضها ترامب- بالمُصدرين الأجانب فقط، بل أيضا بالعمال والشركات الأميركية في القطاعات التي تعتمد على الفولاذ والألمنيوم. ومع ذلك؛ يبدو ترامب غير مكترث للحقائق والمنطق الاقتصادي.
    ولتبرير سياساته المدمرة؛ يختار ترامب حالات معزولة -مثل التعريفات الجمركية المرتفعة على منتجات الألبان في كندا- ويقدمها دون أي سياق، متغاضيا عن حقيقة أن متوسط معدل الرسوم الجمركية في الولايات المتحدة أعلى فعلا من معدل الاتحاد الأوروبي واليابان وكندا.
    وفي حين عمدت قمة مجموعة السبع إلى تبادل الاتهامات؛ تم عقد اجتماع آخر ذي أهمية كبيرة في مدينة تشينغداو الصينية، حيث عقدت منظمة شنغهاي للتعاون -التي تضم الصينوالهند وكزاخستان وقيرغيزستان وباكستانوروسيا وطاجيكستان وأوزبكستان- قمتها السنوية.
    وأشارت الصحيفة الرسمية الرئيسية للحزب الشيوعي الصيني إلى أن اللقاء بين الرئيس الصيني شي جين بينغ والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، كان أكثر ودية من اللقاء بين ترامب وقادة مجموعة السبع الآخرين.
    ومن الواضح أن ترامب لم ينجح في اقتراح عودة روسيا إلى مجموعة السبع، التي تم إخراجها بعد ضمها لشبه جزيرة القرم عام 2014. ومع ذلك، كان يشير إلى شيء لم يعد من الممكن تجاهله: التقسيم المفرط للأندية الجيوسياسية.
    إن انقسام الحكم العالمي يعارض على نحو متزايد المصالح الغربية، وبدلا من التوجه نحو العزلة وتقليص النفوذ على المستوى العالمي؛ يجب على القادة الغربيين توسيع نطاق التعاون في البحث عن حلول مستدامة للمشاكل العالمية. وتحقيقا لهذه الغاية، يجب عليهم خلق منتديات للحوار -مثل مجموعة العشرين- التي تجمع بين القوى الكبرى اليوم.
    لكن نهج ترامب التصالحي مع روسيا يواجه عقبات طويلة الأمد؛ فقد أصبحت سياسة بوتين الخارجية عدوانية بشكل متزايد فيما يتعلق بالترتيبات الأمنية الغربية، وأدت علاقة ترامب مع الكرملينإلى إثارة مخاوف جدية محليا ودوليا. وقد تفاقم هذا بسبب غروره تجاه حلفاء أميركا الأوروبيين.

    بعد التفكير؛ أكد ترامب التزامه بالدفاع المشترك لحلف الناتو في العام الماضي، لكن هذا لا يعني أن التوترات قد تلاشت: فقد واصل ترامب مطالبة أعضاء آخرين في الناتو بزيادة إنفاقهم العسكري.
    لكن يبدو أن ترامب لا يدرك أن مثل هذه الزيادة في الإنفاق لن تذهب إلى ميزانية حلف الناتو، أو لدفع أموال لأميركا من أجل حمايتها؛ وإنما لتعزيز القدرات الدفاعية لكل بلد.
    وفي الواقع، أنشأ الاتحاد الأوروبي فعلا ما يسمى "التعاون المنظم الدائم"، لزيادة موارد الأمن والدفاع واستخدامها بطريقة جماعية وأكثر كفاءة، ويجب أن ترحب إدارة ترامب بمثل هذه الإجراءات. ومع ذلك؛ يبدو أنها تشكك في كل مبادرة مشتركة يطلقها الاتحاد الأوروبي.
    خلال حملة الرئاسة الأميركية لعام 2016؛ أيد ترامب محاولة المملكة المتحدة للانسحاب من الاتحاد الأوروبي. ومنذ توليه منصبه؛ لم تتردد إدارته في إضعاف الكتلة كلما أمكنها ذلك.
    ومنذ بضعة أيام؛ قال سفير الولايات المتحدة فيألمانيا ريتشارد غرِنِل إنه يعمل على "تمكين المحافظين الآخرين في أوروبا"، وهو خروج واضح عن البروتوكول الدبلوماسي. وبطبيعة الحال؛ فإن الأوروبيين الذين سيدعمهم ترامب وغرِنِل ليسوا محافظين حقاً، بل هم رجعيون. هدفهم عكس التقدم الذي حققناه نحن الأوروبيين في دفع مشروعنا المشترك إلى الأمام.
    من الواضح أن ترامب يشعر بارتياح أكبر في التفاعل مع الدول الأخرى بشكل ثنائي. وليس من المستغرب إذن أن الاتحاد الأوروبي (معقل التعددية) لا يحظى بإعجابه.
    لكن أوروبا وأميركا كانتا دائمًا أكثر نجاحًا عندما دعمتا بعضهما بعضا، وعملتا في إطار مؤسسي قائم على معايير مشتركة؛ وإن تفضيل ترامب لإستراتيجية "فرّق تَسُد" سيكون سببا في خسارة الغرب والعالم بشكل عام.
  13. Like
    الوعي السياسي تلقي نقاط سمعه واعي واعي في #الحرب التجارية حرب الوحوش   
    جزاكم الله خيرا
  14. Like
    الوعي السياسي تلقي نقاط سمعه أبو مالك في المصالح والمطامح الفرنسية في ليبيا   
    المصالح والمطامح الفرنسية في ليبيا
    Jun 05, 2018
    رمزي الزائري- 
    عام مضى على وجود الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون القادم من عالم البنوك إلى وزارة الاقتصاد والصناعة والاقتصاد الرقمي، في قصر الإليزيه، عام لم يستطع خلاله هذا السياسي الطارئ الذي شكّل صعوده المفاجئ وفوزه غير المتوقّع، صدمة لدى قادة ورموز الأحزاب الفرنسية "العريقة"، على إنعاش الاقتصاد الفرنسي، الأمر الذي يبدو أنه كان الدافع كي يولي أهمية استثنائية لملفات السياسة الخارجية، على رأسها ليبيا.
    ورغم فشل محاولة ماكرون الأولى التي بدأت بعد شهرين فقط من تسلمه منصبه لحل الأزمة الليبية، عندما جمَع الجنرال خليفة حفتر ورئيس حكومة الوفاق الوطني فائز السراج في تموز 2017، إلا انه لم ييأس – في ما يبدو – حيث دعا الى مؤتمر دولي في باريس (29/05/2018)، بمشاركة 20 دولة معنية بالملف الليبي، بينها دول الجوار، وإيطاليا، والدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن، وبإشراف رئيس بعثة الأمم المتحدة في ليبيا غسان سلامة.
    وتعمل فرنسا، في الوقت الراهن، على تطوير مقترح للحل السياسي في ليبيا، شهد سبعة إصدارت، جديدها المسودة السابعة (22 مايو/ أيار 2018)، ويلاحظ أن العوامل المشتركة يينها تقوم على عدد من النقاط، أبرزها ‎تنظيم انتخابات برلمانية ورئاسية بحلول نهاية عام 2018، وإعادة فتح سجل الناخبين لإتاحة الفرصة لتسجيل ناخبين آخرين، واحترام نتائج الانتخابات.
    ماكرون يسعى لاستعادة الدور الفرنسي في المنطقة، وهو يرى بحسب مراقبين في اللعب على الساحة الدولية فرصة، يمكنه من خلالها الحصول على مكاسب سياسية وأخرى اقتصادية عبر البحث عن أسواق ودفع استثمارات متوقفة، واحتمالات نجاحه في الأخيرة تبدو مرتبطة على نحو وثيق بالمآلات التي ستنتهي إليها الأزمة الليبية.
    سوق إعمار ليبيا يغري الشركات الفرنسية:
    بعد أشهر قليلة على سقوط نظام العقيد الراحل معمر القذافي، سارع اتحاد أرباب العمل الفرنسي 'ميداف' في أيلول/سبتمبر 2011، إلى تقدير، تكلفة إعادة بناء ليبيا بنحو 200 مليار دولار على الأقل على مدى عشر سنوات، وأعرب الاتحاد -الذي يمثل مصالح كبرى الشركات الفرنسية في الخارج- عن الأمل في أن يكون لفرنسا التي لعبت دورا في دعم (الثوار الليبيين) نصيب كبير في الاستثمارات بليبيا، وهو ما يسعى فريق إدارة ماكرون إلى تحقيقه فعليا.
    وفي إطار التباحث في مستقبل الاستثمارات الفرنسية بليبيا، التقى 400 مسؤولا كبيرا من شركات فرنسية كبرى -مثل توتال النفطية وجيدياف سويس للطاقة وبيجو لصناعة السيارات- في مقر الاتحاد بباريس، متطلعين للفوز بنصيب كبير من المشاريع على الأرض الليبية، فدمار ليبيا يمثل مركز جذب لكثير من الجهات، من بينها فرنسا التي تبحث دون شك، عن موطئ قدم لها في المشروعات المرتقبة، سواء على صعيد إدارة الموارد الاقتصادية، أو الفائدة المادية المباشرة.
    اعتبر مراقبون أن إقبال الشركات الفرنسية على الاستثمار في ليبيا حاليا أكبر بكثير مقارنة مع حقبة القذافي، حينما كانت هناك أقل من 50 شركة فرنسية تعمل، في حين رجح المدير العام لاتحاد أرباب العمل تييري كورتيني أن تكون هناك منافسة حادة على السوق الليبية سيشارك فيها الإيطاليون والأميركيون والبريطانيون، حاثا أرباب العمل الفرنسيين على استهداف الفرص الجيدة والإعداد المناسب لها.
    وصرّح وزير التجارة الفرنسي بيير لولوش إن الشركات الفرنسية تضع مع الحكام الجدد في ليبيا التفاصيل بشأن الدور الذي يمكن أن تؤديه في إعمار البلاد، والتقى مسؤولو نحو 80 شركة فرنسية من بينها "توتال" النفطية الكبرى وصانعة الاسمنت "لافارج" والمجموعة الهندسية "ألستوم" مع وزراء ومسؤولين ومديري شركات ليبيين خلال زيارة لطرابلس.
    وتسعى شركات النفط الفرنسية إلى مقارعة "كونوكو فيلبس" و"ماراتون أويل" الأمريكيتين، وهما الشريكان الرئيسيان لشركة النفط الوطنية الليبية، إضافة إلى "بريتش بتروليوم" التي عادت الى ليبيا بعد زيارة رئيس الوزراء البريطاني لطرابلس ولقائه العقيد القذافي.
    مصالح اقتصادية مباشرة:
    يلاحظ الكاتب الأمريكي “جايسُون بَاك" أن الاستراتيجية القديمة كانت ترك الملف الليبي اقليميا ولكنه صار اوربيا بصفة كبيرة“. استبقت فيه فرنسا حالة الارتخاء السياسي الدولي بشانه، ومتجاوزة للتحالف المصري -فرنسي -اماراتي القديم في الشرق الليبي، فسارع “ايمانويل ماكرون”، الذي تضاءلت شعبيته، باقتناص الفرصة، ليكون رائدا في قضية هامة وحارقة، وهي موضوع الهجرة، محل النزاع الأوربي نتيجة لتوزيع حصص المهاجرين، الذي نزل بثقله على عاتق إيطاليا.
    هي واحدة من الإشكالات الأوربية، إذ أن فرنسا تريد أن تبعث بالمهاجرين إلى ايطاليا بسبب وجود مكاتب الحجز هنالك، ومحاولة ضمان نفوذها في افريقيا ومصالحها في الجنوب الليبي مما دفعها الى الاسراع والإِرقَال لمحاولة احتواء الملف. فزعيمة القارة العجوز سياسيا، فرنسا، تملك وجودا عسكريا في مالي والنيجر والتشاد. والخطوة الفرنسية تسعى الى التموقع في السوق الليبية المقبلة على مرحلة الاعمار بمليارات الدولارات. فلفرنسا نصيب مما تركت الحرب والمتصارعون، والعلاقة التي تعود الى عهد القذافي، تعودت فيها على مربع الحسابات والتسويات.
    بالتوازي مع ذلك تسعى فرنسيا إلى تفعيل الاتفاقيات النووية القديمة والتي تعود إلى سنة 2007 حين وقع اتفاق بين القذافي والرئيس الفرنسي ساركوزي على تفعيل منشات نووية في الجنوب الليبي، إذ ان ثلثي الطاقة النووية الفرنسية في الكهرباء متاتية من اليورانيوم الموجود في التشاد والنيجر التي تعد ليبيا بوابة اليهما، كما أنها ترغب في تامين طريق الغاز المستمر من النيجر الى الجزائر الى اوربا و تامين التبادل التجاري، ف 60 من الصادرات لأوربا تمر بشمال افريقيا.
    تسعى فرنسا إلى الاستفادة بأفضلية تجارية واسعة مقابلة تدخلها في الثورة الليبية، فهناك اتفاقات مازالت قيد التفاوض في مجالات النفط والملاحة الجوية، بالإضافة إلى توريد طائرات إيرباص "ايه 320". 
    والأمر الآخر الذي يجذب أطماع فرنسا إمكانية كبيرة لاستغلال خامات الحديد، وهذا "يعكس اللعبة الاقتصادية الانتهازية لفرنسا في هذه الحرب: أن تصبح مرة أخرى مستثمرا متميزا في ليبيا"، على حد قول الباحثة في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية.
    وأكدت أنه لأجل كل هذا، تجاوزت الحكومة الفرنسية حدود القرار 1973، وترجم ذلك بسلسلة من الانتهاكات الصارخة مثل تسليح المجلس الانتقالي من قبل فرنسا على الرغم من الحظر المفروض على توريد الأسلحة. وكذلك بوجود عناصر من المخابرات الفرنسية على الأرض أو حتى إطلاق القوات الجوية النار في منطقة الحظر الجوي شرق البلاد. وهذا يفسر ما قاله وزير الخارجية الفرنسي السابق، آلان جوبيه "إنه استثمار للمستقبل".
    الجنوب الليبي خط الاقتصاد الفرنسي:
    تعتبر فرنسا من أكثر الدول الفاعلة من الأزمة الليبية ولديها مصالح فى الجنوب وتسعى إلى تأمينها بين الحين والآخر سواء عبر التحركات التى تقودها عبر سفاراتها فى ليبيا أو عبر قوى وقبائل ليبية تحظى بدعم كامل وسرى من الإليزيه، وهو ما يفسر سبب الهيمنة الفرنسية فى جنوب ليبيا.
    ومع تطورات الأحداث الراهنة فى الساحة الليبية، أيقنت فرنسا أنه لا بديل عن التحرك فى الشمال والغرب والشرق الليبى لتأمين مصالحها فى الجنوب الليبى، وهو ما أغضب إيطاليا والولايات المتحدة الأمريكية، ففرنسا لم تراع مصالح الدول الأخرى فى إيطاليا، وبات التغول الفرنسى محل قلق وشك من الجانب الإيطالى والولايات المتحدة الأمريكية التى ترفض التحرك الذى تقوده فرنسا والذى يهمش دور البعثة الأممية وتسخير غسان سلامة لتحقيق مصالحها كونه مواطنا فرنسيا.
    مع بداية العام 2017 أصبح لدولة ليبيا التزامات مضمونة من بعض أكبر شركات الطاقة فى العالم بما فى ذلك شركة «توتال» الفرنسية التى وقعت ثلاثة عقود جديدة على الأقل، وضخ استثمارات بقيمة 450 مليون دولار فى الحقول الليبية.
    وارتفعت الشحنات من ليبيا، صاحبة أكبر احتياطيات نفطية فى أفريقيا، الشهر الماضى، إلى 1.19 مليون برميل يومياً، وهو أعلى مستوى منذ أن بدأت وكالة «بلومبرج» تتبع ناقلات البترول من البلاد فى يوليو 2014، وارتفع الإنتاج إلى أعلى مستوى له فى عام ونصف العام.
    وقال أوليفييه جاكوب، المحلل فى شركة «بتروماتريكس» بسويسرا، إن هناك دائماً بعض القضايا، ولكن إذا نظرتم إلى مصطلح العقود الموقعة، فإن «توتال» تعود بقوة إلى ليبيا، وسوف تزيد إنتاجها على المدى المتوسط.
    وارتفعت صادرات ليبيا من 969 ألف برميل يومياً، فى يناير الماضى، ومن المتوقع أن تتجاوز تدفقات الإنتاج فى فبراير؛ حيث بلغت 1.05 مليون برميل يومياً، وهو أعلى مستوى منذ يونيو 2013.
    لا يهمها استقرار ليبيا
    الدول الاستعمارية لا يهمها استقرار ليبيا’ يعلّق عضو مجلس النواب الليبي جاب الله الشيباني، على المبادرة الفرنسية والتي جمعت الفرقاء الليبيين في باريس، بدعوة من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في مؤتمر دولي برعاية الأمم المتحدة حضره ممثلو 20 دولة معنية بالملف الليبي، بينها دول الجوار، وإيطاليا، والدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن، وبإشراف رئيس بعثة الأمم المتحدة في ليبيا غسان سلامة.
    يرى الشيباني، إن "مبادرة باريس تعد لشرعنة السراج ومجلس الدولة الذين لم يعترف بهما البرلمان وإلغاء الأجسام الموازية ومنها الحكومة المؤقتة والمصرف المركزي بالبيضاء "، فالدول الاستعمارية بحسب الشيباني "لا يهمها استقرار ليبيا طالما أن النفط والغاز يتدفقان إليهم وانخفاض معدل الهجرة غير الشرعية إلى شواطئهم".
    ينسحب رأي الشيباني المتوجس من الدور الفرنسي في بلاده، على كثير من المراقبين والسياسيين والنشطاء، يصل لدى بعضهم حد الاتهام والتخوين، إذ يصف الكاتب والمحلل السياسي، عصام الزبير، التدخل الفرنسي في الشأن الداخلي الليبي لمنع وصول ليبيا إلى الاستقرار، طمعًا في ثروات الجنوب، والذي تعتبره جزء من مستعمراتها – بحسب قوله-، وأيضًا لقربه من مالي والنيجر، موضحًا أن الجنوب لو أحسن استغلاله سوف يكون سلة الغذاء والثروات لليبيا.
    وأردف قائلًا: ”إن فرنسا تعي جيدًا حجم الإنتاجية الضخم لحقل الشرارة النفطي وتطمع فيه، لذلك تحاول التواجد في الجنوب”، مشيرًا إلى تقارير كانت قد سُربت بعد أحداث فبراير 2011، تفيد بقيام فرنسا بالمساعدة على دخول المهاجرين غير الشرعيين إلى ليبيا، واصفًا المخطط الفرنسي بـ “اللعبة القذرة”، التي تستهدف إحداث انقسام في الجنوب، عن طريق الدفع ببعض الشخصيات في الجنوب بالدعوة إلى الفيدرالية.
    تعافي الاقتصاد الليبي:
    تبدو مؤشرات التعافي الاقتصادي في ليبيا مغرية للعديد من الدول التي تنظر إلى هذا البلد باعتباره طوق نجاة لإنعاش اقتصادياتها المتعبة، بما في ذلك فرنسا، وأعلن مصرف ليبيا المركزي في الخامس من شهر فيفري/ فبراير 2018، أنه في صدد وضع برنامج متكامل للمساهمة في تحريك عجلة التنمية الاقتصادية بالتنسيق مع المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق، للخروج من حالة الركود الاقتصادي بتوفير المخصصات اللازمة للمشاريع الإنتاجية والخدمية في قطاعات الإسكان والكهرباء والحديد والصلب والإسمنت والصناعات المختلفة والاتصالات والمواصلات، والمساهمة في تطوير أدائها وعوائدها وتوفير المزيد من فرص العمل للمواطنين.
    بالتوازي مع ذلك توقع البنك الدولي أن يقفز معدل النمو في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى 3% العام 2018 من 1.8% العام 2017. وقال إن الإصلاحات التي تشهدها المنطقة ستكتسب قوة الدفع اللازمة، وإن القيود المالية ستخف حدتها مع ثبات أسعار النفط. 
    تحاول فرنسا التعامل مع ليبيا بنفس سيناريو التعامل مع دول المغرب العربى وهو السيناريو الذى يصعب تحقيقه فى ليبيا لأنها تختلف عن الأوضاع فى الجزائر وتونس والمغرب، الرغبة الفرنسية الجامحة التى يقودها الرئيس الشاب للتعامل مع ليبيا وفقا للنموذج المغربى تدعمه قيادات المغرب وتونس والجزائر وهو ما يفسر التمثيل رفيع المستوى الذى تشارك به الدول الثلاث فى اجتماع باريس.
     
    *الفقرات الجانبية:
    تعتبر فرنسا من أكثر الدول الفاعلة من الأزمة الليبية ولديها مصالح فى الجنوب تسعى إلى تأمينها بين الحين والآخر سواء عبر التحركات التى تقودها عبر سفاراتها فى ليبيا أو عبر قوى وقبائل ليبية تحظى بدعم كامل وسرى من الإليزيه.
    لا يمكن تجاهل الدوافع الاقتصادية للتدخل الفرنسي في ليبيا، فإذا كانت إيطاليا هي الشريك التجاري الأول لليبيا، فإن الحضور الفرنسي لم يكن بنفس القوة لأنها تحتل المرتبة السادسة خلف بريطانيا العظمى وألمانيا.
    تبدو مؤشرات التعافي الاقتصادي في ليبيا مغرية للعديد من الدول التي تنظر إلى هذا البلد باعتباره طوق نجاة لإنعاش اقتصادياتها المتعبة.
    تحاول فرنسا التعامل مع ليبيا بنفس سيناريو التعامل مع دول المغرب العربى وهو السيناريو الذى يصعب تحقيقه فى ليبيا لأنها تختلف عن الأوضاع فى الجزائر وتونس والمغرب.
  15. Like
    الوعي السياسي تلقي نقاط سمعه أبو مالك في قراءة في قرار دونالد ترامب حول الرسوم الجمركية الجديدة   
    قراءة في قرار دونالد ترامب حول الرسوم الجمركية الجديدة
     صخري محمد   
     إن ما تشهده التجارة العالمية مؤخرا من حرب تجارية بين الولايات المتحدة الأمريكية و الإتحاد الأوروبي من جهة و كندا و المكسيك من جهة أخري تعد تطورا خطيرا علي صعيد العلاقات الدولية العالمية. إذ من المعروف أن التبادل التجاري يعد أهم عنصر في الإقتصاد العالمي و المبادلات التجارية العالمية بين الدول و الحلفاء و الشركاء الدائمين. كما أن هذه الإجراءات الجمركية لم تكن الأولي في العلاقات التجارية العالمية بين الولايات المتحدة الأمريكية و شركائها.
    إذ منذ مطلع الثمانينات شهدت العلاقات الأمريكية التجارية مع اليابان توترا حادا خاصة حول التبادل التجاري في قطاع السيارات و ذلك في إطار نفس الموضوع الزيادة في نسبة الضرائب علي الواردات. إذ تسعي الولايات المتحدة الأمريكية دائما في فرض قيود جمركية لحماية قطاعها الصناعي المحلي من المنافسات الأجنبية و فرض إجراءات تحفيزية ذات نجاعة اقتصادية علي التجارة الداخلية مقابل التجارة الخارجية. كما يمثل التبادل التجاري الأمريكي مع الدول التي تجمعها علاقة اندماج في تكتلات أو فضاءات إقتصادية أهم مصدر لزيادة المداخيل المالية للخزينة العامة الأمريكية.
    كذلك نذكر في نفس السياق تدهور العلاقات التجارية الأمريكية مع بعض الدول الغربية سنة 2002 و ذلك أيضا حول الضرائب علي واردات الفولاذ و هذا يعود للسياسة الحمائية التي تتبعها السياسة التجارية قصد زيادة مداخيل المالية العمومية من العوائد التجارية. إذ بلغت آنذاك الضريبة علي واردات الفولاذ نسبة 30% في عهد الرئيس السابق جورج ولكر بوش. إلا أن العواقب كانت وخيمة حيث غيرت بعض الدول وجهة وارداتها من الولايات المتحدة الأمريكية نحو دول أخري تتوفر فيها تسهيلات جمركية و حوافز مالية و صفقات ربحية و أسواق تجارية مغرية خاصة منها الإفريقية.
    أما التطور الجديد علي الساحة العالمية كان قرار دونالد ترامب مؤخرا حول فرض قيود علي الرسوم الجمركية أكثر صرامة. إذ تم فرض نسبة 25% ضريبة علي واردات الفولاذ و 10% ضريبة جديدة علي واردات الألمنيوم و ذلك قصد زيادة الربح الجبائي من التجارة العالمية. إذ للتذكير بإتفاقية التجارة الحرة لدول شمال القارة الأمريكية التي أبرمت بالأساس لرفع القيود الجمركية و تسهيل عملية الحركية و تبادل البضائع بين البلدان المندمجة في هذا الفضاء التجاري الموحد قصد رفع نسق التبادل التجاري و تحفيز الإستثمار في التجارة العالمية خاصة في مجال المواد الأولية مثل الصلب و الحديد كالفولاذ و الألمنيوم. إلا أن القرار الأخير لرجل الأعمال الأمريكي ترامب جاء لينسف هذه الإتفاقية و يضع الدول الشريكة أمام الأمر الواقع, إما أن تدفع أكثر أو لا مبيعات. فهذا القرار جاء مخالفا لجميع الإلتزامات التجارية السابقة للولايات المتحدة الأمريكية التي هي ملزمة بتعهد اتفاقية إندماج تجاري حر لا يفرض قيود و إنما يسهل عملية التبادل التجاري. إن أطماع زيادة الأرباح من صادرات الولايات المتحدة من الفولاذ و الألمنيوم سيعقد الأمور علي الدول المستوردة مثل الإتحاد الأوروبي و كندا و المكسيك التي لا تتحمل عبء إضافي الذي سيثقل فاتورة مدفوعاتها و بالتالي يخلق عجز تجاري محلي. إذ في هذا الإطار سارعت بعض الدول في إيجاد طرق لردع قرار ترامب من خلال فرض عقوبات تجارية جديدة مثل كندا التي ألغت صفقة تقدر بما يقارب 16 مليون دولار من واردات الخمور الفاخرة و بعض المواد الإستهلاكية المتأتية من الولايات المتحدة الأمريكية. أما الإتحاد الأوروبي فهو في إجتماع وزاري متواصل خاصة من قبل وزراء المالية و الإقتصاد و أيضا البرلمان الأوروبي قصد معاقبة الولايات المتحدة عن هذا القرار الأخير من جانب واحد حول الرسوم الجمركية الجديدة.
    إن التجارة العالمية ملزمة بالاتفاقيات و التعهدات العالمية التي ينظمها القانون الدولي طبقا لبنود منظمة التجارة العالمية و كل مخالفة في إحدي بنود كل إتفاقية اندماج في فضاء تجاري حر يلزم المتضرر بتعويضات مادية. إلا أن الولايات المتحدة اختارت نهج الحمائية للإنتاج المحلي بفرض قيود جمركية عبر الرفع في نسبة الضرائب علي الواردات لجني أرباح مالية أكبر و فرض القوة الأمريكية علي المبادلات التجارية. بالتالي هنا سيعقد الأمور حول تسهيل عملية الواردات خاصة في إطار الإتحاد الجمركي المشترك و ذلك بتقليص نسبة الإستيراد أو البحث عن أسواق جديدة تبيع بأسعار تفاضلية و بأقل قيود جمركية و هي بالأساس بعض الدول الأفريقية.
    إن دونالد ترامب يعد من أبرز رؤساء الولايات المتحدة الأمريكية تهورا في إتخاذ قرارات غريبة و صارمة تخالف جميع المبادئ و التعهدات و الاتفاقيات الدولية و تضرب بعرض الحائط جميع الالتزامات الإقتصادية, التجارية و السياسية مع جميع الدول و الحلفاء و الأصدقاء نذكر منها خاصة قرار إعلان القدس عاصمة إسرائيل, نقل السفارة الأمريكية إلي القدس, الانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني و أخيرا الانسحاب من الاتفاقيات التجارية لدول شمال أمريكا و مع الإتحاد الأوروبي و فرض قيود و رسوم جمركية جديدة أكثر صرامة.
       
  16. Like
    الوعي السياسي تلقي نقاط سمعه أبو مالك في نبتة الجاتيوفا ثروة إفريقيا البترولية بواسطة المركز   
    نبتة الجاتيوفا ثروة إفريقيا البترولية
    بواسطة المركز الديمقراطى العربى اعداد : فؤاد الصباغ - باحث اقتصادي دولي - المركز الديمقراطي العربي
     
    تعد نبتة الجاتيوفا أهم نبتة صحراوية و التي تنبت بشكل سريع في المناطق الاستوائية الجافة نظرا للخصائص و المزايا المتعددة التي تتوفر فيها بحيث يمكن مقارنتها بالذهب الأسود.
    أولا: المكان الأم لنبتة الجاتيوفا هي دولة المكسيك و بعض دول أمريكا اللاتينية نظرا لتوفر المناخ الاستوائي الجاف بها. بالإضافة إلي ذلك تتمثل ثمرة الجاتيوفا في حبات تشبه المشمش و التي تنبت في شجيرات صغيرة تشبه نبتة الفول. إلا أنها تنتشر بسرعة في المناطق الصحراوية القاحلة و بإرتفاع متوسط و بجذور عميقة في التربة الصحراوية. إن الجاتيوفا تعد شجرة مباركة لأنها تشكل تغطية زراعية للمناطق الصحراوية و يمكن الإستفادة من مزاياها الخاصة و الهامة. كما تعد هذه النبتة ثروة في مجال التنمية الزراعية و لإنتاج الطاقات البديلة الصديقة للبيئة. و للتذكير يشكل المناخ الإفريقي أفضل مناخ استوائي جاف لإنتاج هذه النبتة و ذلك عبر إستغلال الأراضي الصحراوية الشاسعة التي تعتبر في مجملها مهملة.
    ثانيا: نذكر تجربة دولة السودان في هذا المجال الزراعي لنبتة الجاتيوفا, بحيث تحول هذا البلد الإفريقي لأكبر منتج للبيترول الحيوي تحت شعار "زراعة البيترول بالسودان". إذ في هذا الإطار تم زرع قرابة مليار شجرة جاتيوفا و ذلك بإستغلال قرابة مليون فدان من الأراضي الزراعية التي خصصت لإنتاج هذه النبتة المباركة و التي يمكن مقارنتها ببراميل النفط التي تنتجها بعض الدول النفطية الخليجية. بالتحديد تنتج هذه النبتة زيت طبيعي بكميات ضخمة و بعد معالجتها يتم الإستخراج منها البيوديزال و المعروف بالبيترول البيوطبيعي, بحيث ينتج 100 لتر من ثمرة الجاتيوفا 100 لتر بيوديزال و هذه الكمية تعد ممتازة جدا في الإنتاج. كما يعد هذا النوع من البترول الحيوي الطبيعي صديق للبيئة لأنه لا يحتوي علي ثاني أكسيد الكربون المتسبب في التلوث البيئي و الإحتباس الحراري. أيضا يساهم هذا الديزال الحيوي في المحافظة علي محركات السيارات و الآلات التي تشتغل بهذا النوع من الطاقة الحيوية. إن دولة السودان من خلال زراعة هذه الكميات الكبري من نبتة الجاتيوفا تراهن علي تحقيق إكتفائها الذاتي و التوجه نحو الأسواق الأوروبية لتصدير هذا النوع من الديزال الطبيعي الذي يحظي بإهتمام كبير لدي دول الإتحاد الأوروبي نظرا لمحفظاته علي البيئة و يقلل من نسبة إنبعاثات الغازات السامة الملوثة للطبيعة مع أداء مهامه بطريقة فعالة و جودة عالية. أما من ناحية كلفة إنتاج هذا النوع من البيوبيترول يعد ذات تكلفة منخفضة جدا مقارنة مع حفر آبار نفطو تجهيز محولات تكرير للنفط. إذ تختصر عملية الإنتاج في إيجاد مناطق صحراوية جافة و التي تعد مناطق زراعية مهملة غير صالحة للزراعة الغذائية نظرا لطبيعتها الاستوائية الجافة ثم إيجاد قنوات مياه صرف صحي يتم تصفيتها و معالجتها, لأن هذه النبتة تحبذ هذا النوع من المياهأو أيضا توفير قنوات مياه بحار يقع تحليتها نظرا لعملية إمتصاص هذه النبتة كميات كبيرة من الأملاح.
    بالتالي يمكن إستغلال المناطق الصحراوية الكبري في إفريقيا خاصة في السودان و الصومال و التشاد و بعض الدول الإفريقية الأخرى لتحويل الصحراء إلي خضراء و مناطق زراعية بترولية شاسعة تساهم في مداخيل مالية محترمة لميزانية الدولة من خلال تصدير الديزال الحيوي نحو الدول الأوروبية. أما بخصوص توفير المياه لهذه النبتة الصحراوية فإن مجاري مياه الصرف الصحي بعد معالجتها أو مياه البحار بعد معالجتها يمكن أن تكون البديل و تمثل أهم مصدر سقوي لهذه النوعية من الزراعة.
    ثالثا: نذكر التجربة المصرية الرائدة في مجال زراعة نبتة الجاتيوفا خاصة في مدينة الأقصر, حيث تتميز هذه الزراعة بإهتمام كبير في تلك المنطقة و التي تعد مصدر رزق و دخل مالي محترم لعديد المزارعين. إذ من أهم منتجات تلك النبتة المباركة هو بالأساس إستخراج الزيوت الطبيعة بكميات هائلة و معالجتها في مصانع ضخمة لتكرير البيوديزال الطبيعي و إنتاج العديد من البراميل البيترولية الطبيعية المستخرجة بعد المعالجة الطبيعية. كذلك تمثل هذه النبتة كنز في مجال إستخراج الأدوية الطبيعية حيث تتحول جذورها إلي زيوت تستخرج منها أدوية طبيعية مضادة للدغة الثعبان السامة و أيضا دواء الروماتيزم و بعض الأدوية البيوطبيعة الأخرى. بالإضافة إلي ذلك يمكن تحويل تلك النبتة إلي أجود أنواع الصابون علي الصعيد العالمي.
    إن قارة إفريقيا تحتوي علي أراضي شاسعة غير مستغلة للزراعة و نظرا للمناخ الاستوائي الجاف و الصحراوي الذي يمثل عائق أمام الزراعات الغذائية فإن نبتة الجاتيوفا المنتجة للبيترول الطبيعي يمكن أن تكون البديل للزراعة التقليدية الغذائية و بالتالي تمثل الزراعة العصرية الحديثة و ذلك عبر إنتاج البيوديزال. كما يمكن أن تتحول هذه الدول إلي دول بيوبترولية و أكبر مصدر لهذه الطاقة البديلة الصديقة للبيئة نحو الإتحاد الأوروبي.
    عموما حسب التجربة في دولة السودان و مصر و بعض الدول الإفريقية الأخرى و الدراسات العلمية الإستراتيجية تعد التكاليف الإنتاجية منخفضة بكثير عن إنتاج البيترول عبر التنقيب و التكرير و غيرها. إذ يمكن تحديد المناطق الزراعية المستهدفة خاصة منها الأراضي الصحراوية الجافة و كذلك دراسة العواصف الرملية و غيرها. و بعد تحديد المنطقة الزراعية يمكن النسج علي المنوال السوداني بزراعة ما يقارب مليار شجرة من الجاتيوفا. أما بخصوص مصدر المياه السقوية يمكن النسج علي منوال التجربة المصرية بتحويل مياه مجاري الصرف الصحي بعد تصفيتها و معالجتها أو تجربة المملكة العربية السعودية بتحويل مياه البحر إلي مياه سقوية بعد تحليتها.
    أما بخصوص مصانع الإنتاج فيمكن للمستثمرين الأجانب أو حكومات الدول الإفريقية الإستثمار في هذا المجال الزراعي التنموي بالتنسيق مع برامج البنك الدولي للتنمية عبر إنشاء مناطق صناعية ضخمة لإنتاج البيوديزال الطبيعي المستخرج من نبتة الجاتيوفا و تكريرها ثم تصديرها. أيضا يمكن إستغلال هذه النبتة في إنتاج أجود أنواع الصابون و الأدوية البيوطبيعية و التوجه بهذه المنتجات نحو الأسواق الأجنبية و خاصة منها الأسواق الأوروبية للتصدير. تساهم هذه النبتة في خلق العديد من مواطن الشغل في المناطق النائية كما تشكل دخل مادي هام للمزارعين و عوائد مالية للميزانية من خلال التصدير بالعملة الأجنبية الصعبة مثل اليورو أو الدولار. بالتالي تساهم هذه الزراعة التنموية إيجابيا في رفع نسبة النمو الإقتصادي و تحفيز نسق التنمية الإقتصادية بالبلدان الإفريقية.
  17. Like
    الوعي السياسي تلقي نقاط سمعه أبو مالك في واقع سياسات التنافس الدولي في إفريقيا   
    واقع سياسات التنافس الدولي في إفريقيا
     صخري محمد   17 فبراير، 2017  090٬256  19 دقائق     مقدمة:
    لا مراء في أن القارة الأفريقية كانت أكثر مناطق العالم تهميشاً واستبعاداً على طول مراحل العولمة المختلفة. ومنذ نهاية الحرب الباردة، وتدشين ما يسمى النظام العالمي الجديد عام 1991م عانت الدول الأفريقية من مزيد من التهميش؛ بحيث أضحت غير مشاركة في الاقتصاد العالمي، وإنما معتمدة عليه بصورة متزايدة، اتضح ذلك بجلاء من النمو الاقتصادي المتدني للقطاعات الإنتاجية، وزيادة عبء الديون الخارجية، وتدهور الظروف الاجتماعية والسياسية، حتى إنه توجد في أفريقيا وحدها (33) دولة من بين (47) دولة وصفتها الأمم المتحدة بأنها الأقل تنمية في العالم.
    وعلى الرغم من التحولات السياسية والاقتصادية التي شهدتها القارة منذ أواخر القرن الماضي، والتي وصفت في الدوائر الغربية بأنها تسير وفق معايير التحرر السياسي والاقتصادي بالمفهوم الغربي إلا أن هذه التحولات أفضت إلى نمط أفريقي جديد في الحكم هو: «الأفروقراطية» الجديدةNewAfrocracy، وهو نمط جديد للحكم يحافظ على تراث الحكم الفردي الشمولي، وإن كان يسمح في الوقت نفسه ببعض ملامح الديموقراطية الليبرالية. وليس بخافٍ أن الغرب الرأسمالي يغضّ الطرف عن هذه الأشكال السلطوية الجديدة للحكم في أفريقيا، طالما أنها لا تتعارض مع تحقيق مصالحه الاستراتيجية في القارة.  
    ويشير كثير من الباحثين إلى أن تناقص مصالح روسيا في القارة الأفريقية من الناحيتين الاستراتيجية والأيديولوجية صاحبها فقدان الاهتمام الغربي بأفريقيا؛ فالاتحاد الأوروبي بدأ يركز اهتمامه في مناطق الجوار الجغرافي، مثل: دول حوض المتوسط، ودول أوروبا الشرقية، وحتى بعض مناطق النمو في أمريكا اللاتينية. على أن هذا القول وإن بدا صحيحاً في ظاهره إلا أنه لا يخفي حقيقة الأطماع الدولية في القارة الأفريقية، والتي ظلت تمثل دائماً محور سياسات التكالب الاستعماري على القارة. ويكفي أن نشير إلى بعض الأرقام ذات الدلالة الواضحة: فأفريقيا تحتفظ بنحو 3% من إجمالي احتياطي البترول في العالم، وبها 5% من احتياطي الغاز، ونحو ثلث احتياطي اليورانيوم، ونحو (70%) من الفسفور، و(55%) من الذهب، و(87%) من الكروم، و(57%) من المنجنيز، و(42%) من الكوبالت… إلخ. ناهيك عن ثراء القارة في مواردها الطبيعية الأوفر، مثل: المياه، والزراعة.
    وعليه سوف نحاول في هذه الدراسة أن نشير إلى تطور سياسات التنافس الدولي في أفريقيا، منذ بداية الاحتكاك الأوروبي وتخاطف أفريقيا، وحتى عصر الهيمنة الأمريكية على العالم، ولا سيما بعد أحداث 11 سبتمبر، كما أننا سوف نحاول طرح بعض قضايا التنافس الدولي في القارة، مثل: أزمة دارفور، والمشكلة السودانية بوجه عام، وأخيراً نطرح صورة المستقبل الأفريقي في ظل التنافس الدولي، وذلك على النحو التالي:
    أولاً: التنافس الأوروبي من أجل السيطرة والنفوذ في أفريقيا (مرحلة تخاطف أفريقيا):
    من المعلوم أن الاحتكاك الأوروبي بأفريقيا عن طريق المستكشفين، والتجار، والبعثات التبشيرية قد بدأ منذ القرن الخامس عشر؛ إذ أبحرت السفن البرتغالية الأولى إلى سواحل غرب أفريقيا في عام (1418م)، ووصلت بالفعل إلى منطقة الغابات المطيرة قبل أن يتوفى (هنري الملاح) عام (1460م). وقد أنشأ البرتغاليون عدداً من الحصون الساحلية مارسوا من خلالها تجارة مربحة في الذهب والعاج، وكذلك العبيد، ولا سيما خلال القرن السابع عشر.
    وقد ازدهرت حركة تجارة العبيد التي اشترك فيها التجار الهولنديون، والبريطانيون، والفرنسيون إلى جانب البرتغاليين، وقد أطلق على هذه الحركة التجارية اسم (مثلث الأطلنطي للتجارة)؛ إذ كانت تجارة العبيد تشمل نطاقاً ثلاثياً للتبادل:
    فأولاً: كان التجار الأوروبيون (وخاصة البريطانيين) يستبدلون السلع التي هي في الغالب الأسلحة الرديئة والملابس بالعبيد الأفارقة، الذين يقدمهم لهم الشيوخ المحليون من البلدان المحيطة بخليج غينيا في غرب أفريقيا بصورة رئيسة.
    وثانياً: يتم نقل العبيد كحمولة في السفن عبر المحيط الأطلسي، لكي يباعوا كعبيد للزراعة في جزر البحر الكاريبي، والأراضي الأمريكية.
    وأخيراً: يملأ التجار سفنهم بالمحاصيل الزراعية، ويبيعونها لدى عودتهم إلى أوروبا.
    وطبقاً لبعض المصادر فإن عدد الأفارقة الذين نقلوا عبر الأطلسي في الفترة من (1650م) وحتى (1850م) يقدر بحوالي تسعة ملايين نسمة تتراوح أعمارهم بين الخامسة عشرة والخامسة والثلاثين، ونتيجة سوء المعاملة، وقسوة الرحلة فُقد نحو مليونين منهم في الطريق.
    وقد تركت تجارة الرقيق آثاراً بالغة على القارة الأفريقية؛ فإذا كانت قد أسهمت في تنمية العالم الجديد فإنها أضرت بالقارة الأفريقية إضراراً كبيراً؛ حيث إنها أفضت إلى تغيير جذري في توزيع الأجناس البشرية في القارة، وكان الهدف الأسمى وراء هذه العملية غير الأخلاقية: هو تحقيق رفاهية المجتمع الغربي، وخدمة اقتصاده، وعلى صعيد آخر فقد أدت هذه التجارة إلى إشعال الحروب القبلية، وخلق جوّ من التشاحن والبغضاء بين القبائل الأفريقية، وهو ما أفضى في النهاية إلى خلخلة النظم القبلية التي أصيبت بهزات عنيفة.
    ومع ذلك فقد ترتب على عملية تهجير الأفارقة، واقتلاعهم من جذورهم، ونقلهم إلى العالم الجديد إلى شعورهم بالاغتراب، والحنين إلى الوطن. ومِنْ ثَمّ نمَتْ لدى هؤلاء العبيد أحاسيس جارفة بالشخصية الأفريقية، واتجاه أكيد نحو الجامعة الأفريقية Pan Africanism، يعني ذلك بعبارة أخرى أن أحد الآثار التي ترتبت على حركة مثلث الأطلنطي لتجارة العبيد: هو نمو الشعور بالوحدة لدى هؤلاء الزنوج في المنفى، وبدء إرهاصات الجامعة الأفريقية في العالم الجديد.
    ومن الملاحظ أنه حتى القرن التاسع عشر تعامل التجار البرتغاليون، وغيرهم من الأوروبيين في محطاتهم وحصونهم التجارية الساحلية مع الوسطاء الأفارقة بشكل رئيس؛ أي أن هؤلاء التجار نجحوا في تحويل طريق التجارة الأفريقية بعيداً عن الطريق المعهود عبر الصحراء، والذي كان يربط أفريقيا بالمغرب، أفضى ذلك إلى تدعيم قوة، وثورة الدول الساحلية، وذلك على حساب دول السودان الغربي. بيد أن هذا النمط من التجارة الساحلية بدأ يتغير مع ذلك، حينما ألغيت تجارة الرقيق، وأضحى المستكشفون والإرساليون يزحفون إلى مختلف أصقاع القارة، وهو الأمر الذي أدى في نهاية المطاف إلى بناء إمبراطورية أوروبية في أفريقيا؛ فخلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر تدافع البريطانيون، والفرنسيون، والهولنديون، والبرتغاليون، وغيرهم من الأوروبيين من أجل بسط هيمنتهم الاقتصادية والتجارية في أفريقيا، وقد قام هؤلاء ببناء الحصون والقلاع، ولا سيما على طول سواحل غرب أفريقيا؛ وذلك بهدف حماية مصالحهم التجارية وتنميتها.
    وثمة مجموعة من العوامل التي أسهمت في التعجيل بعملية التكالب الاستعماري على أفريقيا: من بينها طموح الملك (ليوبولد الثاني) ملك بلجيكا في بناء إمبراطورية له تشمل منطقة حوض الكونغو، وقيام ألمانيا بضم الكاميرون، وشرق أفريقيا، وجنوب غرب أفريقيا وتوجولاند؛ وعليه فقد دعا المستشار الألماني بسمارك في عام (1884م) إلى عقد مؤتمر دولي لتخفيف حدة التنافس بين الدول الأوروبية في أفريقيا، وقد انتهى هذا المؤتمر إلى وضع قواعد عامة لتأسيس مناطق الهيمنة التجارية. على أن هذا المؤتمر باعترافه بقيام دولة (الكونغو الحرة) قد أعطى كلاً من فرنسا، وبريطانيا الحافز لتوسيع مجال سيطرتها من خلال إنشاء مستعمرات ومحميات جديدة، وليس بخافٍ أن أساس الحدود بين هذه المستعمرات كان مصطنعاً لا يتفق وحقائق الأوضاع الجغرافية والديموغرافية، والاجتماعية والاقتصادية للشعوب الأفريقية؛ إذ إنه خطط بشكل تعسفي، وبما يخدم المصالح الاستعمارية؛ وعلى ذلك فقد تم تقسيم إقليم (باكونجو) بين الكونغو الفرنسية والكونغو البلجيكية وأنجولا.
    وقد اعتقد كثير من الأفارقة في بداية المرحلة الاستعمارية أن توقيع المعاهدات مع الأوروبيين: هو نوع من التحالف، أو تدعيم أواصر الصداقة أكثر من كونه عملاً من أعمال الاحتلال والسيطرة؛ وعليه فإن ممالك أفريقية مثل: (التيف، وبورتو نوفو، ودوالا) دخلت في اتفاقات مع دول أوروبية، وقد اشتكى ملوك هذه الأمم الأفريقية بمرارة، حينما انتهكت هذه الاتفاقات، وربما أثرت الشعارات التي رفعها الأوروبيون لتغطية أهدافهم الاستعمارية الحقيقية على وجود هذا الاعتقاد الزائف، ويطرح (جومو كينياتا) بُعداً آخر لسوء الفهم الذي واكب بدايات عملية تخاطف أفريقيا؛ حيث يؤكد على أن «شعب الكيكويو أعطى الأوروبيين حقوق البناء، والإقامة في مناطق مثل: داجورتي، وفورت سميث، وغيرها، دون أن يكون لديهم أدنى فكرة عن النوايا الحقيقية الكافية خلف قوافل التجارة؛ إذ اعتقد هؤلاء أن الأمر ليس مجرد عمل تجاري وحسب، إنهم لم يدركوا أن هذه الأماكن استخدمت للإعداد من أجل انتزاع هذه الأراضي، لقد أقاموا علاقات ودية مع الأوروبيين، وأمدّوهم بالطعام اللازم لقوافلهم، وكانوا يسلمون بأن هؤلاء المغامرين البيـض عائـدون لا محالة إلى بلادهم؛ إذ لا يعقل أن يستوطنوا بشكل دائم أرضاً أجنبية؛ فسرعان ما يغالبهم الحنين للوطن بعد فراغهم من بيع ما لديهم من سلع، ويدفعهم للعودة إلي العيش بين ظهراني أهليهم، وعشيرتهم».
    وأيّاً كان الأمر فإن القوى الأوروبية المختلفة التي تدافعت على أفريقيا (خلال الربع الأخير من القرن التاسع عشر لتأسيس مستعمراتها) قد نظرت إلى نفسها على أنها تحمل مشعل الحضارة والمدنية إلى كافة مناطق العالم المتخلف. على أن (والتر رودني) يكشف عن حقيقة استعمار أفريقيا، ويرى أنه السبب الرئيس لتخلفها؛ إذ يرى أن «الاستعمار لم يكن مجرد نظام للاستغلال، ولكنه نظام هدفه الرئيس أن يعيد الأرباح إلى ما يسمى البلد الأم، ويعتبر ذلك من وجهة نظر أفريقيا بمثابة نزح مستمر للفائض الناتج عن عمل أفريقي بموارد أفريقية، ويعني في الوقت نفسه تطور أوروبا كجزء من العملية الجدلية نفسها التي أحدثت التخلف بأفريقيا».
    ويمكن القول بصفة عامة: إن القوى الاستعمارية الأوروبية جميعها تدافعت على أفريقيا؛ بهدف تأسيس إمبراطوريات استعمارية، وهي العملية التي أطلق عليها في نهاية القرن التاسع عشر اسم «التكالب الاستعماري على أفريقيا» The Scramble for Africa، ومع اختلاف النظم والسياسات الاستعمارية فإن ثمة مجموعة من الملامح العامة مثلت قاسماً مشتركاً للحركة الاستعمارية في أفريقيا، لعل من أبرزها:
    1 – أن جميع الدول الاستعمارية رفعت شعار الأبوية السياسية Political Paternalism؛ أي أنها جاءت إلى أفريقيا من أجل مهمة عالمية حضارية، وهي نشر المدنية بين الأفارقة، ويبدو أن البعثات التبشيرية أسهمت بشكل بارز في تعضيد هذا الاعتقاد، لقد نشرت إحدى البعثات التبشيرية بياناً حماسياً لأعضائها في إحدى جرائد ساحل الذهب جاء فيه: «إلى الأمام يا جنود المسيح حيث بلاد الكفر والوثنية، كُتُب الصلوات في جيوبكم ما هي إلا بنادق في أيديكم، خذوا البشرى السعيدة حيث أماكن التجارة، انشروا الإنجيل مع البندقية!».
    وحينما تحولت المحميات الأفريقية إلى مستعمرات فإن الدول الأوروبية لم تأخذ هذا الشعار بمحمل الجد؛ حيث أفصحت عن وجهها الحقيقي في استغلال ثروات وخيرات القارة الأفريقية، ويبدو أن فرنسا كانت أكثر الدول الأوروبية جدية في رفع هذا الشعار؛ ففي وقت مبكر من عام (1884م) تمّ تأسيس الأليانس فرانسيز أو (التحالف الفرنسي) كأداة للهيمنة التعليمية الثقافية، وقد دعمته الحكومة الفرنسية على أن الفرنسيين ركّزوا في الواقع على انتقاء أقلية صغيرة من الأفارقة يمكن إخضاعها بالكامل لعملية الاستيعاب الثقافي؛ كي تصبح مؤهلة لمساعدة فرنسا في إدارة المستعمرات الشاسعة التي تمتلكها في أفريقيا.
    2 – إن الحركة الاستعمارية في أفريقيا واجهت – بعد انكشاف أهدافها الحقيقية – مقاومة عنيفة من الأفارقة؛ ففي غرب أفريقيا لم يتمكن الاحتلال الفرنسي من التوسع عبر غامبيا، وكازامانس بعد القضاء على مقاومة مامادو لامين (1885م -1887م) كما أن (شعب آبي) في شرقي ساحل العاج عبّر عن مقاومته للاحتلال بشكل بطولي استمر نحو (27) عاماً خلال الفترة (1891- 1918م)، وفي شرق أفريقيا اندلعت ثورة الماجي ماجي عام (1890م)، وقد شاركت في هذه الحركة الشعبية جماعات شتى من بينها العرب، والسواحيلي، أضف إلى ذلك أن السوزو، والزولو (بزعامة شاكا) قاومت بشكل عنيف كافة مظاهر الهيمنة الاستعمارية في الجنوب الأفريقي خلال أعوام الثمانينيات من القرن التاسع عشر.
    3 – لقد أفضت عملية التدافع الأوروبي على احتلال أفريقيا إلى خلق ظاهرة الدولة الحديثة؛ إذ سعت الدولة الأوروبية إلى وضع أسس السلطة الاستعمارية فأنشأت الهياكل الإدارية، والبنى الأساسية اللازمة لتحقيق هذا الغرض، ومِنْ ثَمّ فإن الدولة الأفريقية المعاصرة في معظم الحالات: هي نتاج استعماري؛ إي أن أساسها مصطنع، ولا تعبّر عن واقع اجتماعي، واقتصادي، وسياسي وفقاً لمفهوم الدولة القومية؛ فالإقليم وهو وعاء الدولة ليس إلا نتاج تحديد تعسفي من السلطة الاستعمارية في إطار منظومة توازن القوى التي حكمت عملية تخاطف أفريقيا، ومجتمع الدولة يموج بالعديد من الجماعات المتمايزة في ثقافتها ولغاتها وأديانها، ومِنْ ثَمّ انتفت إرادة التعايش الجماعي في سياق هذه الدولة المصطنعة؛ ولذلك فإن ظاهرة الدولة الأفريقية التي أنشأها الاستعمار: هي تعبير قانوني أكثر من كونها حقيقة واقعية واجتماعية.
    4 – ارتبط بمحاولات الدولة الأوروبية الاستعمارية خلق الهياكل الإدارية والبنى الأساسية السابقة الإشارة إليها ظهور دولة مصطنعة Artificial State، وبحدود مصطنعة، لقد رسمت حدود المستعمرات على خرائط في أوروبا بما يتمشى مع المصالح الاستعمارية، ومِنْ ثَمّ فإنها لم تراع الظروف الطبيعية والاقتصادية والاجتماعية للمجتمعات الأفريقية؛ ولذلك فإن مشكلات الحدود الأفريقية تعتبر من مواريث الحكم الاستعماري.
    5 – أدى الغزو الاستعماري لأفريقيا إلى تنامي الروح الوطنية الأفريقية؛ فمنذ المراحل الأولى لغزو القارة عبّرت روح المقاومة الوطنية الأفريقية عن نفسها دائماً، ودون انقطاع تحت أشكال مختلفة، جانبها التوفيق أحياناً، ولفّها غموض الرؤية أحياناً أخرى، ولكنها بقيت متأججة، حتى عاد لأفريقيا الاستقلال الذي فقدته، ومِنْ ثَمّ ليس صحيحاً ما رددته الأدبيات الاستعمارية من انعدام الشعور الوطني لدى الأفارقة.
    أيّاً كان الأمر فإن الحكم الاستعماري في أفريقيا كانت له جوانب سلبية عديدة، كما أن المآسي المترتبة عليه أكثر من أن تحصى، يكفي أن نذكر على سبيل المثال أنه في عام (1905م) قام اثنان من رجال الإدارة الاستعمارية الفرنسية بنسف عامل أفريقي بالديناميت في مدينة برازافيل لمجرد اللهو والتسلية، ومع ذلك يذكر بعضهم أن ثَمّة جوانب إيجابية للاستعمار في أفريقيا، ومن ذلك على سبيل المثال: ضبط الصراعات القبلية، وتأسيس إطار للوحدة الأفريقية، وبناء شبكات الطرق الممهدة، وخطوط السكك الحديدية، والموانئ، وغيرها من أركان البنية الأساسية، مثل: إقامة المدارس، والمستشفيات، والكنائس، والسيطرة على أمراض الماشية من خلال استخدام التحصينات البيطرية اللازمة.
    ثانياً: التنافس الدولي في أفريقيا بعد الحرب الباردة (جدلية الهيمنة والتهميش):
    بعد حصول الدول الأفريقية على استقلالها، وتحقيق المملكة السياسية على حد تعبير (كوامي نكروما) اتخذ التكالب الأوروبي على موارد القارة الطبيعية شكلاً آخر يتفق مع طبيعة النظام الدولي السائد: ففي إطار سياسات الحرب الباردة، والمواجهة الأيديولوجية بين المعسكرين الرأسمالي والاشتراكي كانت القارة الأفريقية هي الضحية. وقد عبّر عن ذلك الموقف المثل الأفريقي القائل: «إذا تصارع فيلان فإن الذي يُعاني هي الحشائش من تحت أقدامهما»، ويعكس ذلك المعاناة الأفريقية في إطار مرحلة الحرب الباردة.
    وبعد أن وضعت الحرب الباردة أوزارها، وظهرت العولمة الجديدة في ثياب أمريكية تكالبت القوى الكبرى مرة أخرى على مناطق الثروة والنفوذ في القارة الأفريقية. وعندما وقعت أحدث 11 سبتمبر في الولايات المتحدة باتت أفريقيا تُشكّل أهمية محورية في التفكير الاستراتيجي الأمريكي الجديد.
    وسوف نحاول في هذا الجزء إبراز سياسات التنافس الأمريكي الأوروبي في أفريقيا؛ وذلك على النحو التالي:
    التنافس الأمريكي الأوروبي:
    على الرغم من التغير الذي يبدو لأول وهلة في توجهات السياسة الأمريكية تجاه أفريقيا منذ عام 1989م فإن الأهداف الأمريكية الاستراتيجية في أفريقيا ظلت ثابتة لم تتزحزح؛ إذ إنها تسعى إلى:
    • حماية خطوط التجارة البحرية.
    • الوصول إلى مناطق التعدين والمواد الخام.
    • فتح الأسواق أمام حركة التجارة، والاستثمارات الأمريكية.
    • دعم ونشر قيم الليبرالية، ولا سيما تلك الخاصة بالديمقراطية، وحقوق الإنسان، ولو من الناحية البلاغية.
    ومع ذلك؛ فإن المتغيرات الدولية التي سارت باتجاه العولمة الأمريكية أدت إلى إعادة توجيه السياسة الأمريكية نحو أفريقيا عبر التركيز على دبلوماسية التجارة كأداة للاختراق، بالإضافة إلى دعم قادة أفارقة جُدد.
    مرتكزات السياسية الأمريكية تجاه أفريقيا:
    وقد اتضحت ملامح هذه السياسة منذ بداية عام 1998م؛ إذ سعت إدارة كلينتون إلى تأسيس شراكة أمريكية أفريقية جديدة. على أن رفع شعار اندماج أفريقيا في الاقتصاد العالمي لن يكفي وحده لإنهاء عمليات تهميش القارة الأفريقية؛ ولذلك فإن السياسة الأفريقية للولايات المتحدة تعتمد على المرتكزات الأساسية التالية:
    1- التركيز على مناطق إقليمية معينة، واختيار دولة أو أكثر تمارس دور القيادة مثل: جنوب أفريقيا في الجنوب، ونيجيريا والسنغال في الغرب، وإثيوبيا في الشرق.
    2- طرح قضايا معينة ووضعها على قائمة السياسة الأفريقية للولايات المتحدة، مثل: الإرهاب والتطرف، وتدفق المخدرات، والجريمة الدولية، وحماية البيئة، وحقوق المرأة الأفريقية، و… وهلم جرّاً.
    3- المحافظة على الأمن والاستقرار عن طريق إنشاء قوة أفريقية لمواجهة الأزمات، وهنا يقتصر الدور الأمريكي على التمويل والتدريب.
    4- العمل على محاصرة النظم غير الموالية، والتي تدعم التطرف والإرهاب من وجهة النظر الأمريكية، مثلما كان عليه الحال مع السودان وليبيا.
    5- تأمين وتعزيز فرص الاستثمار والتجارة في المنطقة، وهو ما يؤكد عليه مبدأ التجارة بدلاً من المساعدات.
    ومن الملاحظ أن الولايات المتحدة قد تركت لفرنسا ولعقود طويلة إبّان الحرب الباردة المجال في أفريقيا للقيام بمهمة الشرطي. وتحاول فرنسا اليوم إيجاد صيغة جديدة للشراكة مع أفريقيا؛ لكي تخرج من الموقف المعقّد الذي وصفه وزير التعاون الدولي الفرنسي (شارل جوسلين) بأن: «فرنسا توفر معظم المساعدات، وتحصل أمريكا على معظم الفوائد الاقتصادية».
    وفي أول جولة أفريقية له عام 1996م أكد وزير الخارجية الأمريكية آنذاك (وارن كريستوفر) بأن الحقبة التي كانت تقسم فيها أفريقيا إلى مناطق للنفوذ قد ولّت، وفات أوانها.
    أفريقيا والحرب على الإرهاب:
    احتلت أفريقيا مكانة مهمة في التفكير الاستراتيجي الأمريكي الخاص بمحاربة الإرهاب، وربما يُعزى ذلك إلى عدة أسباب، لعل من أبرزها:
    1- تنامي المشاعر المعادية للولايات المتحدة في كثير من المناطق الأفريقية، ولا سيما منطقة القرن الأفريقي. وطبقاً لبعض المعلومات الاستخبارية الغربية؛ فإن الصومال بعد انهيار الدولة فيها في أعقاب الإطاحة بالرئيس سياد بري أضحت ملاذاً آمناً لبعض الجماعات والتنظيمات التي تضعها الولايات المتحدة على لائحة الإرهاب. وعليه فإنه لا يمكن التغاضي عن أهمية الصومال ومنطقة القرن الأفريقي في إطار الحملة الأمريكية على الإرهاب.
    2- أهمية بعض الدول، مثل: السودان في إطار بناء التحالف الدولي الموالي للولايات المتحدة؛ بهدف محاربة الإرهاب. ومن المعلوم أن أسامة بن لادن قد أقام في السودان، كما أن هناك ارتباطات ثقافية بالتجمعات الإسلامية في دول الجوار الجغرافي للسودان.
    3- تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في القارة الأفريقية يجعلها بيئة خصبة لنمو المشاعر المعادية للغرب. وطبقاً لبعض الباحثين: «تعد أفريقيا الحلقة الأضعف في سلسلة الإرهاب الدولي؛ فالحدود يسهل اختراقها ومؤسسات فرض النظام والقانون ضعيفة، والموارد الطبيعية وفيرة، ومناطق الصراع متعددة، والدولة الوطنية إما هشّة أو ضعيفة أو تحتضر.. كل ذلك يجعل من بعض الدول الأفريقية ملاذاً آمناً لبعض الجماعات والتنظيمات (الإرهابية)».
    4- أضف إلى ذلك التجارة غير المشروعة في الألماس في مناطق حوض نهر مانو، ومنطقة البحيرات العظمى.
    وعليه فقد اهتمت الإدارة الأمريكية بدعم العلاقات الأمنية والعسكرية مع الدول الأفريقية في إطار ما يسمى (الحرب على الإرهاب). ففي يونيو عام 2003م أعلن الرئيس بوش عن مبادرة أمريكية قيمتها (100) مليون دولار لزيادة قدرة دول شرق أفريقيا على محاربة الارهاب.
    تأمين الواردات الأمريكية من النفط الأفريقي:
    في السنوات الأخيرة بدت الولايات المتحدة أكثر اهتماماً بمصادر البترول الأفريقي كبديل عن بترول الشرق الأوسط. وعليه فإن الإدارة الأمريكية تنظر الآن إلى النفط في أفريقيا باعتباره مصلحة قومية استراتيجية، وعليه تصبح بعض الدول مثل: نيجيريا، وأنجولا، والجابون مصادر مهمه لتوفير النفط.
    في الوقت الراهن توفر أفريقيا جنوب الصحراء خُمْس واردات الولايات المتحدة من النفط. وتتوقع بعض المصادر أن تزيد واردات أمريكا من نفط غرب أفريقا بنسبة 25% بحلول عام 2015م.
    يعني ذلك أن واردات أمريكا من البترول الأفريقي سوف تفوق وارداتها النفطية من الخليج العربي. وعليه فإن الولايات المتحدة ستبذل أقصى ما في وسعها لتأمين مصادر البترول في غرب أفريقيا.
      توجهات السياسية الفرنسية إزاء أفريقيا:
    أيّاً كان الأمر فإن السياسة الأفريقية لفرنسا شأنها شأن السياسة الأفريقية للولايات المتحدة قد شهدت تغيرات وتحولات راديكالية، وهو ما أكده الرئيس جاك شيراك يوم 27/8/1997م، حينما أشار إلى عزم بلاده على عدم التدخل عسكرياً أو سياسياً في الدول الفرنكفونية الأربع عشرة المتعاملة بالفرنك في أفريقيا. وقد اشتمل التغير في توجهات السياسة الفرنسية تجاه أفريقيا على ما يلي:
    1- تسعى فرنسا إلى توسيع دائرة علاقاتها السياسية والتجارية لتشمل باقي دول القارة؛ أي أن جل مساعداتها المالية لن يقتصر على مستعمراتها السابقة إنما تستهدف باقي دول القارة.
    2- تعتزم فرنسا التخلي عن دورها العسكري من منطقة الفرنك، وهو ما أكدته عملية إغلاق قاعدتين عسكريتين في جمهورية أفريقيا الوسطى، والتي انطلقت فرنسا عن طريقهما للتدخل في العديد من المواقف، والأزمات التي شهدتها مستعمراتها السابقة، كما أن حوالي 1800 جندي فرنسي تقررت عودتهم من قواعدهم الأفريقية.
    ويبدو أن السياسة الفرنسية بتركيزها على المحور الأوروبي، ولا سيما قضية الانضمام للاتحاد المالي والاقتصادي الأوروبي لا تغفل في الوقت نفسه مصالحها التجارية مع أفريقيا، ولا سيما مع دول معينة مثل: نيجيريا، وجنوب أفريقيا.
    التنافس الخفي بين فرنسا والولايات المتحدة:
    ويبدو أن التوجهات الجديدة لكل من الولايات المتحدة، وفرنسا إزاء أفريقيا في مرحلة ما بعد الحرب الباردة قد أبرزت – ولو من طرف خفي – تنافساً حقيقياً بين البلدين. ويمكن للمرء أن يدرك ذلك في الحرب الأهلية الرواندية؛ حيث كانت القوات الفرنسية هي الأسبق والأكثر عدداً، وهو الأمر الذي دفع بالإعلام الأمريكي إلى التركيز على المشكلة وعلى الدور الفرنسي في تزويد نظام هابياريمانا السابق بالأسلحة والمعدات.
    كما أن الدور الأمريكي في إعادة رسم خريطة التوازن الإقليمي بمنطقة البحيرات العظمى لا يتفق مع المصالح الفرنسية، ومع ذلك فإن ثمة قدراً من التعاون والتنسيق بين الأطراف الأوروبية والأمريكية في مواقفها تجاه قضايا أفريقيا.
    ففي أعقاب التورط الأمريكي في الصومال، والتورط الفرنسي في الأزمة الرواندية اقتنع الطرفان بضرورة ترك مهام حفظ السلام للأفارقة أنفسهم. وبناء على ذلك تم الاتفاق في مايو/أيار 1997م بين كل من فرنسا، والمملكة المتحدة، والولايات المتحدة على تقديم مشروع إلى الأمم المتحدة، ومنظمة الوحدة الأفريقية بشأن تنسيق الجهود الدولية المتعلقة بحفظ السلام في أفريقيا.
    أثر التنافس الفرنسي الأمريكي في العلاقات العربية الأفريقية:
    أيّاً كانت الأهداف والمصالح وراء التنافس الأوروبي الأمريكي في القارة الأفريقية فإنه يقف حجر عثرة أمام تطوير العلاقات العربية الأفريقية؛ وذلك لأكثر من متغير واحد:
    فأولاً: تركز هذه الدول على مناطق إقليمية معينة، وتدعم قادة موالين لها؛ فالسلوك الأنغلو – أمريكي يدعم الأقليات الحاكمة في كل من رواندا، وبوروندي، وأوغندا، والحرص على خلق مناطق نفوذ في منطقة القرن الأفريقي الكبير يعرض المصالح العربية للخطر. وينبغي أن نشير في هذا السياق إلى قضية المياه واستخدامها كورقة ضغط في مواجهة كل من مصر والسودان.
    وثانياً: أن الوجود الأمريكي يرتبط دوماً بالوجود الإسرائيلي؛ حيث تسعى الدولة العبرية من جراء خططها المتعلقة بالبحيرات العظمى، ومنابع النيل عموماً إلى فتح ثغرة في خطوط الأمن القومي والمائي العربيين، وكذلك جعل أبواب المنطقة مشرعة أمام المصالح الأمريكية.
    وثالثاً: أن هذه القوة الأجنبية تثير قضايا الفرقة والنزاع بين العرب والأفارقة، ويتضح ذلك جليّاً في الموقف الأمريكي والأوروبي من قضية الإسلام السياسي التي يتم وصفها بالإرهاب، ومن هنا كان التبرير الأمريكي لقصف مصنع الشفاء للأدوية بالخرطوم بأنه عمل مشروع لمكافحة الإرهاب، وعزل الدولة الراعية له. ونظراً لأن هذه الحركات الإسلامية تنتشر في العديد من الدول الأفريقية غير العربية مثل: كينيا، ونيجيريا، وجنوب أفريقيا فإن ثمة محاولات حثيثة لترويع هذه الدول من محاولات الاختراق، وزعزعة أمنها من جانب بعض الحكومات والجماعات الأصولية في العالم العربي.
    ولعل موقف الولايات المتحدة من الصراع الدائر في جنوب السودان، ودعمها مبادرة إيغاد (IGAD) الأفريقية، وليس المبادرة المصرية الليبية لتسوية الأزمة السودانية لهو من قبيل بث روح الانقسام بين العرب والأفارقة.
    التغلغل الإسرائيلي في أفريقيا:
    لقد أسهمت مجموعة من المتغيرات الدولية والإقليمية في توجيه الأنظار الإسرائيلية صوب أفريقيا، ومن ذلك انعقاد مؤتمر باندونغ عام 1955م بغياب إسرائيل، ثم حصول عدد كبير من الدول الأفريقية على استقلالها في الستينيات، وزيادة قدرتها التصويتية في الأمم المتحدة، إضافة إلى إنشاء منظمة الوحدة الأفريقية عام 1963م، وتمتع الدول العربية الأفريقية بعضويتها، كل ذلك أفضى إلى هجمة دبلوماسية إسرائيلية على أفريقيا، حتى إنه بحلول عام 1966م كانت إسرائيل تحظى بتمثيل دبلوماسي في كافة الدول الأفريقية جنوب الصحراء، باستثناء كل من الصومال، وموريتانيا.
    ومع التغيرات التي شهدها النظام الدولي في أعوام التسعينيات، وسقوط النظم الشعبوية والماركسية اللينينية، والدخول في عملية التسوية السلمية في الشرق الأوسط تسارعت عودة العلاقات الإسرائيلية الأفريقية، حتى إنه في عام 1992م وحده قامت ثماني دول أفريقية بتطبيع علاقاتها مع إسرائيل؛ لتعزيز سياستها الأفريقية بدرجة تفوق طموحاتها خلال عقد الستينيات وأوائل السبعينيات، وبالفعل توجد إسرائيل اليوم في نحو 48 دولة أفريقية.
    وأيّاً كان الأمر فإن إسرائيل تسعى في مرحلة ما بعد الحرب الباردة إلى تحقيق أهدافها التوسعية بحسبانها قوة إقليمية، وذلك على حساب النظام الإقليمي العربي.
    ثالثاً: التنافس الدولي حول دارفور:
    يتألف إقليم دارفور الذي يقع في أقصى غرب السودان من عرقيات وإثنيات عربية وأفريقية متعددة، لعل من أِشهرها: الفور، والزغاوة، والمساليت، والرزيقات. وتمتد جذور بعض هذه الجماعات العرقية إلى دول الجوار، ولا سيما تشاد وأفريقيا الوسطى، وهو ما يضفي على النزاع في الإقليم بُعداً إقليمياً مهماً. وقد تأثر الإقليم الدارفوري بالثقافة الإسلامية منذ زمن بعيد؛ حيث أقيمت المدارس، وتم إرسال الوفود الدراسية للتعلم في الأزهر الشريف، وهو ما يتضح من وجود رواق خاص بهم. وعليه فقد أضفت هذه الثقافة الإسلامية المشتركة بالإضافة إلى عمليات التزاوج بين الجماعات العرقية المختلفة روحاً من التعايش السلمي بين جميع سكان دارفور.
    ونظراً لوجود اختلافات في أنماط الحياة بين القبائل البدوية الرُّحل، والتي تنتمي معظمها للأصل العربي، والقبائل الزراعية المستقرة، والتي تنتمي في معظمها للأصل الأفريقي؛ فقد حدثت مناوشات ونزاعات بسبب محاولات السيطرة على مصادر المياه والكلأ. ولعل أشهر هذه المناوشات ما حدث عام 1967م بين عرب الرزيقات وقبائل المعاليه، ولكن تم الاتفاق على تسوية هذه النزاعات وفقاً للآليات التقليدية والأعراف السائدة. على أن موجات التصحر والجفاف كانت تضفي على هذه النزاعات بُعداً خطيراً. غير أن هذه الأوضاع بدأت في التغير إلى الأسوأ نتيجة لانعكاسات الحرب الأهلية في تشاد خلال السبعينيات والثمانينيات من القرن المنصرم، والتي تربطها مع دارفور علاقات واسعة عبر الحدود المشتركة. ونظراً لمساحة الإقليم الشاسع (يعادل مساحة فرنسا نفسها)، وضعف الحكومات المركزية في الوقت نفسه الذي اشتدت فيه أوزار الحرب في الجنوب، أصبح إقليم دارفور ساحة خلفية لتهريب الأسلحة، والتي استخدمتها القبائل فيما بعد لحسم خلافاتها القبلية. أضف إلى ذلك فإن ميليشيات الجنجويد المسلحة، والتي زعم أن الحكومة السودانية تساندها قد لعبت دوراً رئيساً في مأساة إقليم دارفور.
    وأيّاً كان الأمر فإن الإدارة الأمريكية سارعت إلى إدانة ما يحدث في دارفور، باعتبارها كارثة إنسانية. وفي يونيو 2004م أصدر الكونجرس قراراً يصف فيه أزمة دارفور بأنها إبادة جماعية. كما أن وزير الخارجية الأمريكي (كولن باول) قام بزيارة الإقليم، وأدان حكومة الخرطوم لعدم وفائها بتعهداتها الخاصة بنزع سلاح ميليشيات الجنجويد، ومحاكمة قادتها. وتحركت الإدارة الأمريكية كذلك باتجاه استصدار قرار من مجلس الأمن؛ بغرض فرض عقوبات اقتصادية على السودان.
    وبالفعل أصدر مجلس الأمن قراراً في يوليو 2004م أنذر فيه الحكومة السودانية باتخاذ تدابير معينة بموجب المادة (41) من الفصل السابع لميثاق الأمم المتحدة؛ إذا لم تسارع الخرطوم في غضون ثلاثين يوماً بنزع سلاح الجنجويد، وتحسين أوضاع اللاجئين والمشردين.
    لكن ماهي دوافع توقيت الحملة الأمريكية تجاه أزمة دارفور؟ نستطيع أن نشير إلى أكثر من اعتبار واحد:
    الاعتبار الأول: الخروج من المستنقع الآسيوي (الأفغاني والعراقي)، ومحاولة تضخيم جانب «التدخل الإنساني» في دارفور، وفي هذه الحالة لمصلحة المسلمين؛ حيث أن طرفي الصراع هناك من المسلمين يعني ذلك محاولة «تجميل» السياسة الخارجية الأمريكية، ودرء التهم عنها بأنها في حالة حرب ضد الإرهاب، تستهدف المسلمين في المقام الأول.
    الاعتبار الثاني: التدخل في الحالة السودانية عمل مأمون الجانب؛ لأنه سوف يتم من خلال قوات أفريقية وتحت مظلة الاتحاد الأفريقي؛ حيث إن مجلس الأمن والسِلْم الأفريقي التابع له يسمح بالتدخل لحفظ السلم، وإيقاف جرائم الحرب، والجرائم ضد الإنسانية. وتجدر الإشارة هنا إلى أن الولايات المتحدة قد أقرت منذ عام 1997م بالتزاماتها اللوجستية لدعم وتدريب قوات حفظ سلام أفريقية، وهو مايمكن تطبيقه في الحالة السودانية.
    الاعتبار الثالث: يرتبط بالصراع على النفوذ بين الولايات المتحدة الأمريكية والقوى الغربية الكبرى، ولا سيما فرنسا. إذ تبدو رائحة البترول في غرب السودان قوية، ومواجهة النفوذ الفرنسي التقليدي في تشاد ومنطقة الفرنكفون المجاورة. فهل يشهد سيناريو التدويل للأزمة في دارفور توقيع اتفاق فاشودة آخر على غرار الاتفاق الودي بين بريطانيا وفرنسا عام 1904م لتقسيم المصالح، والنفوذ في الشمال الأفريقي؟ لكن هذه المرة بين الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا.
    الصراع من أجل السيطرة على النفط في السودان:
    في عام 1980م حصلت فرنسا على حق التنقيب على النفط، وإنتاجه في مساحة تبلغ (120.000) كم2 بين ملكال وبور. وقد أظهرت تقديرات المهندسين الفرنسيين أن المنطقة المستهدفة تمتلك مخزوناً ضخماً من النفط. ويعتقد أن السودان تملك أكبر احتياطات غير مستغلة من النفط في أفريقيا وأوروبا تفوق تلك الموجودة في خليج غينيا. ويُشكّل النفط نحو (70%) من إجمالي الناتج المحلي في السودان. ومع ذلك فقد اضطرت فرنسا في عام 1985م إلى تعليق عملياتها في التنقيب عن النفط في السودان؛ وذلك تحت وطأة الحرب في جنوب السودان. وقد احتفظت فرنسا بعلاقات وثيقة مع نظام الحكم في الخرطوم؛ حيث وفّرت له الدعم اللوجستي والعسكري.
    وبالمقابل فإن الولايات المتحدة وفي إطار سياستها الرامية إلى عزل نظام الإنقاذ قدمت العون والدعم لجماعات التمرد السودانية في كل من أوغندا، وإريتريا، وإثيوبيا. وحاولت الإدارة الأمريكية جاهدة منع الشركات غير الأمريكية من استغلال النفط السوداني، فمارست ضغوطاً على شركة تاكسمان الكندية، حتى إنها تواجه تُهماً جنائية بالمشاركة في أعمال التطهير العراقي أمام أحد المحاكم الأمريكية.
    وإزاء العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة على السودان عام 1997م، أصبح المجال واسعاً أمام الصين، وبعض القوى الآسيوية الأخرى للاستثمار في مجال النفط السوداني. لقد أضحت الصين تستورد نحو (6%) من إجمالي احتياجاتها النفطية من السودان. وتمتلك شركة البترول الوطنية الصينية نحو (40%) من أسهم شركة بترول أعالي النيل، والتي تسيطر على اثنين من أهم حقول البترول في ولاية أعالي النيل.
    رابعاً: ما العمل؟ (مستقبل أفريقيا في عصر الهيمنة الأمريكية):
    يرى المفكر الافريقي الأبرز (علي مزروعي) أن تاريخ العولمة مرتبط بنهب واستغلال ثروات أفريقية. وعليه فإن الأفارقة مطالبون باتخاذ الإجراءات التالية لمواجهة ظاهرة تغوّل العولمة، ومقاومة تهميش القارة الأفريقية:
    • إقامة ودعم المؤسسات الأفريقية بما يعزز من عملية التكامل الإقليمي؛ وذلك بهدف تحقيق الاعتماد الجماعي على الذات.
    • تشجيع التوجهات الوطنية نحو تحقيق الديموقراطية بما تعنيه من سيادة قيم الشفافية والمساءلة.
    • إقامة تحالف دولي جديد؛ بهدف دعم جهود التنمية الأفريقية؛ بحيث يضم دولاً مانحة، مثل: اليابان وتايوان، والصين وكوريا الجنوبية. ويمكن للمجتمع الدولي أن يساهم في توفير الدعم اللازم لتحقيق النهضة الأفريقية. وغني عن البيان في هذا السياق أن (النيباد) تمثّل خطوة مهمة في إمكانية بناء هذا التحالف الدولي.
    خلاصة القول:
    فإنه يتضح مما سبق أنه مع انتهاء الحرب الباردة ساد منطق التنافس الدولي على القارة الأفريقية مرة أخرى بين الأقطاب الرئيسة للنظام الدولي (الولايات المتحدة، وأوروبا، واليابان، والصين)؛ وذلك بهدف استغلال ثروات وموارد القارة الطبيعية. وإذا كانت الدراسة تشير إلى حقيقة التنافس بين الولايات المتحدة وبعض القوى الأوروبية، ولا سيما فرنسا على اكتساب مناطق النفوذ، والسيطرة في أفريقيا؛ فإن واقع الأمر يشير إلى حدوث نوع من التفاهم بين هذه القوى، كما يتضح من التعاون الفرنسي الأمريكي في مجال محاربة الإرهاب في أفريقيا.
    وعليه فإنه لا سبيل أمام أفريقيا لمواجهة عمليات التهميش، والهيمنة التي تمارس ضدها من جانب قوى العولمة الجديدة سوى تكريس سياسات الاعتماد الجماعي على الذات، ودعم مؤسسات الاتحاد الأفريقي بما يحقق في نهاية المطاف شروط النهضة الأفريقية. عندئذ يتحول الوهن الأفريقي إلى قوة فاعلة في النظام الدولي!
  18. Like
    الوعي السياسي تلقي نقاط سمعه أبو مالك في خطاب علي بن أبي طالب إلى الأشتر النخعي حين بعثه إلى مصر والياً:   
    قال سيدنا علي رضي الله عنه في خطاب إلى الأشتر النخعي حين بعثه إلى مصر والياً:
     (وليكن نظرُك في إعمار الأرض أبلغَ من نظرك في استجلاب الخراج , لأن ذلك يُدَركُ بالعمارة ومن طلب الخراج بغير عمارة أضر بالبلاد وأهلك العباد ولم يستقم أمره إلا قليلاً، فإن شكوا ثقلاً أو علة أو انقطاع شرب, أو إحالة أرض اغتمرها غرق, أو أجحف بها عطش, خفَفتَ عنهم بما ترجوا أن يصلح به أمرهم. فإن العمران محتمل ما حملته, وإنما خراب الأرض من إعواز[25] أهلها وإنما إعوازها أهلها لإشراف أنفس الولاة على الجمع وسوء ظنهم بالبقاء وقلة انتفاعهم بالعِبر..
  19. Like
    الوعي السياسي تلقي نقاط سمعه ابو قصي في استئناف النشاط على منتدى العقاب من جديد   
    السلام عليكم ورحمة الله 
    ابارك لكم إعادة العقاب والمنتدى وآمل من الله ان يكون فاتحة خير وبركة 
  20. Like
    الوعي السياسي اعطي نقاط سنعه للعضو أبو مالك في «القيادة الأميركية لمنطقة الهند والمحيط الهادي»   
    بارك الله فيك أخي حسن، وجزاك كل خير، ما شاء الله، في المنتدى ثروة فكرية سياسية تثريه بخبراتها السياسية والفكرية، أكرمكم الله تعالى ونفع بكم
  21. Like
    الوعي السياسي تلقي نقاط سمعه أبو مالك في استئناف النشاط على منتدى العقاب من جديد   
    السلام عليكم ورحمة الله 
    ابارك لكم إعادة العقاب والمنتدى وآمل من الله ان يكون فاتحة خير وبركة 
  22. Like
    الوعي السياسي تلقي نقاط سمعه أبو مالك في سؤال عن واقع الجنرال ميشيل عون؟   
    عون كان عميلا فرنسيا ثم تحول إلى العمالة الأمريكية 
  23. Like
    الوعي السياسي اعطي نقاط سنعه للعضو عماد النبهاني في معلومات .. تاريخ الدوله الاسلاميه من البناء الى الهدم   
    تاريخ الدولة الاسلامية


     
     
    الدوله الاسلاميه الاولى( 622-632)م بدأت من هجرة النبي (صلى الله عليه وسلم) من مكة إلى المدينة في العام الثالث عشر من البعثة و كانت بمثابة إعلان وقيام دولة الإسلام التي سعى الرسول(صلى الله عليه وسلم)وأصحابه رضوان الله عز وجل عليهم لتأسيسها وقيامها وذلك بعد اعطاء النصره من قبل اهل المدينه الاوس والخزرج للنبي واصحابه حتى انتهت بوفاة عليه السلام في السنه العاشره للهجره
     
     
    الخلفاء الراشدون الخلافه الراشده(662-632) هم الحكام المسلمون الأربعة الأوائل بعد وفاة النبي محمد من 11هجري حتى 40 هجري وهم ابوبكر وعمر وعثمان وعلي
     
    بعد و فاة النبي محمد صلى الله عليه وسلم اجتمع المهاجرون والأنصار, واتفقوا على أن تكون الخلافة في المهاجرين وكان اجتماعاً تسوده المودة والحب فبايعوا أبا بكر رضي الله عنه فى سقيفة بني ساعدة, فكانت توليته خليفة لرسول الله شورى بين المسلمين, وكان يلقب بخليفة رسول الله. واستمرت من ابوبكر الصديق الى اخر خليفه راشد علي ابن ابي طالب رضي الله عنهم اجمعين
     
     
    الدولة الأموية أو الخِلافَةُ الأُمَوِيَّةُ أو دولة بني أمية ( 662 - 750 هي ثاني خلافة في تاريخ الإسلام، وأكبر دولة في تاريخ الإسلام. كان بنو أمية أولى الأسر المسلمة الحاكمة، إذ حكموا من سنة 41 هـ (662م) إلى 132 هـ (750م)، وكانت عاصمة الدولة في مدينة دمشق. بلغت الدولة الأموية ذروة اتساعها في عهد الخليفة العاشر هشام بن عبد الملك، إذ امتدت حدودها من أطراف الصين شرقاً حتى جنوب فرنسا غرباً، وتمكنت من فتح إفريقية والمغرب والأندلس وجنوب الغال والسند وما وراء النهر.
    بعد مقتل علي مُباشرة بايع أهل العراق ابنه الحسن على الخلافة، غير أن أهل الشام بايعوا بدورهم معاوية بن أبي سفيان. وهُنا حشد معاوية جيوشه وسار إلى الحسن،غير أن الحسن رفضَ القتال، وراسل معاوية للصُّلح، فسر هذا سروراً كبيراً بالعرض ووافق عليه، وعُقد الصلح في شهر ربيع الثاني سنة 41 هـ (أغسطس سنة 661م)، وهكذا تنازل الحسن عن الخلافة لمعاوية، وسُمّي ذلك العام بعام الجماعة لأن المسلمين اتفقوا فيه على خليفة لهم بعد خلاف طويل دام سنوات.[
     
    تأسست الدولة الأموية على يد معاوية بن أبي سفيان، الذي كان والي الشام في عهد الخليفة عمر بن الخطاب، ثم نشب نزاع بينه وبينعلي بن أبي طالب بعد فتنة مقتل عثمان، حتى تنازل ابنه الحسن عن الخلافة لمعاوية بعد مقتل أبيه، فتأسست الدولة بذلك. وقد عين معاوية ابنه يزيد ولياً للعهد، لكن بعد وفاة يزيد اضطربت الأمور، فطالب ابن الزبير بالخلافة، ثم تمكن عبد الملك بن مروان بن الحكم من هزمه وقتله في مكة سنة 73 هـ، فاستقرت الدولة مجدداً.
    استطاع العباسيون أن يزيحوا بني أمية من دربهم ويستفردوا بالخلافة، وقد قضوا على تلك السلالة الحاكمة وطاردوا أبنائها حتى قضوا على أغلبهم ولم ينج منهم إلا من لجأ إلى الأندلس، وكان من ضمنهم عبد الرحمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك بن مروان بن الحكم، فاستولى على شبه الجزيرة الأيبيرية، وبقيت في عقبه لسنة 1029م.
     
     
    الدولة العباسية أو الخلافة العباسية أو العباسيون هو الاسم الذي يُطلق على ثالث خلافة إسلامية في التاريخ، تأسست الدولة العباسية عام 750م حتى 1519
     
    على يد المتحدرين من سلالة أصغر أعمام نبي الإسلام محمد بن عبد الله، ألا وهو العباس بن عبد المطلب، وقد اعتمد العباسيون في تأسيس دولتهم على الفرس الناقمين على الأمويين لاستبعادهم إياهم من مناصب الدولة والمراكز الكبرى، واحتفاظ العرب بها، كذلك استمال العباسيون الشيعة للمساعدة على زعزعة كيان الدولة الأموية. نقل العباسيون عاصمة الدولة، بعد نجاح ثورتهم، من دمشق العربية الشاميّة، إلى بغداد العراقية الإسلامية، التي ازدهرت طيلة قرنين من الزمن، وأصبحت إحدى أكبر مدن العالم وأجملها، وحاضرة العلوم والفنون حتى أخذ نجمها بالأفول مع بداية غروب شمس الدولة العباسية ككل
     
    ومن العوامل الداخلية التي التي ادت لضعفها الحركات الانفصالية و إتساع رقعة الدولة العبّاسية، ذلك أن بعد العاصمة والمسافة بين أجزاء الدولة وصعوبة المواصلات في ذلك الزمن، جعلا الولاة في البلاد النائية يتجاوزون سلطاتهم ويستقلون بشؤون ولاياتهم دون أن يخشوا الجيوش القادمة من عاصمة الخلافة لإخماد حركتهم الانفصالية والتي لم تكن تصل إلا بعد فوات الأوان، ومن أبرز الحركات الانفصالية عن الدولة العباسية: حركة الأدراسة وحركة الأغالبة، والحركة الفاطمية.
     
    انتهى الحكم العباسي في بغداد سنة 1258 عندما أقدم هولاكو خان التتري على نهب وحرق المدينة وقتل أغلب سكانها بما فيهم الخليفة وأبنائه. انتقل من بقي على قيد الحياة من بني العباس إلى القاهرة بعد تدمير بغداد، حيث أقاموا الخلافة مجددًا في سنة 1261م، وبحلول هذا الوقت كان الخليفة قد أصبح مجرد رمز لوحدة الدولة الإسلامية دينيًا، أما في الواقع فإن سلاطين المماليك المصريين كانوا هم الحكّام الفعليين للدولة. استمرت الخلافة العباسية قائمة حتى سنة 1519 في القاهره ثم
    عندما اجتاحت الجيوش العثمانية بلاد الشام ومصر وفتحت مدنها وقلاعها، فتنازل آخر الخلفاء عن لقبه لسلطان آل عثمان، سليم الأول، فأصبح العثمانيون خلفاء المسلمين، ونقلوا مركز العاصمة من القاهرة إلى القسطنطينية.
     
     
    الدولة العثمانية هو الاسم الذي يطلق على رابع خلافه اسلاميه أسسها عثمان الأول بن أرطغرل، واستمرت قائمة لما يقرب من 600 سنة، وبالتحديد منذ حوالي 1299 حتى 1923
     
    بلغت الدولة العثمانية ذروة مجدها وقوتها خلال القرنين السادس عشر والسابع عشر، فامتدت أراضيها لتشمل أنحاء واسعة من قارات العالم القديم الثلاثة: أوروبا وآسياوأفريقيا، حيث خضعت لها كامل آسيا الصغرى وأجزاء كبيرة من جنوب شرق أوروبا، وغربي آسيا، وشمالي أفريقيا وصل عدد الولايات العثمانية إلى 29 ولاية، وكان للدولة سيادة اسمية على عدد من الدول والإمارات المجاورة في أوروبا، التي أضحى بعضها يُشكل جزءًا فعليًا من الدولة مع مرور الزمن، بينما حصل بعضها الآخر على نوع من الاستقلال الذاتي.
     
    كان للدولة العثمانية سيادة على بضعة دول بعيدة ، إما بحكم كونها دولاً إسلامية تتبع شرعًا سلطان آل عثمان كونه يحمل لقب "أمير المؤمنين" و"خليفة المسلمين"، كما في حالة سلطنة آتشيه السومطرية التي أعلنت ولاءها للسلطان في سنة 1565 أو عن طريق استحواذها عليها لفترة مؤقتة، كما في حالة جزيرة "أنزاروت" في المحيط الأطلسي، والتي فتحها العثمانيون سنة 1585
     
    أضحت الدولة العثمانية في عهد السلطان سليمان الأول "القانوني"حكم منذ عام 1520 حتى عام 1566 قوّة عظمى من الناحيتين السياسية والعسكرية، وأصبحت عاصمتها القسطنطينية تلعب دور صلة الوصل بين العالمين الأوروبي المسيحي والشرقي الإسلامي، وبعد انتهاء عهد السلطان سالف الذكر، الذي يُعتبر عصر الدولة العثمانية الذهبي، أصيبت الدولة بالضعف والتفسخ وأخذت تفقد ممتلكاتها شيءًا فشيئًا، على الرغم من أنها عرفت فترات من الانتعاش والإصلاح إلا أنها لم تكن كافية لإعادتها إلى وضعها السابق.
     
    انتهت الدوله العثمانيه فعليا عام 1924 م على يد مصطفى كمال ( جنرال عميل في الجيش) ومن خلفه بريطانيا واعلن قيام الجمهوريه التركية العلمانيه وبذلك انتهى الحكم الاسلامي من الوجود الى يومنا هذا
     
    فصلوات الله ورحماته على الباني ولعنات الله وغضبه على الهادم
  24. Like
    الوعي السياسي اعطي نقاط سنعه للعضو عودة الخلافة في التدرج وحكمه وما يتعلق به   
    موقع أمير حزب التحرير


     


    http://www.hizb-ut-t.../QAsingle/2528/

     


    بسم الله الرحمن الرحيم


     


    جواب سؤال


     


    التدرج في تطبيق الأحكام


     
     
     
    السؤال:
     
    نحن نعلم أن التدرج في تطبيق الأحكام لا يجوز، فلا يجوز تطبيق جزء من الأحكام وترك جزء آخر، بل مطلوب تطبيق أحكام الإسلام كلها، فكيف نفهم الحديثين التاليين اللذين يوردهما دعاة التدرج، ويقولون بجواز تطبيق جزء من الأحكام وترك تطبيق جزء آخر؟ وبمعنى آخر هل يُرَدُّ الحديثان أو يمكن الجمع بينهما، وبين أدلة عدم جواز التدرج ووجوب تطبيق أحكام الإسلام كلها؟ والحديثان هما:
    1 - حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه: عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ حِينَ بَعَثَهُ إِلَى الْيَمَنِ إِنَّكَ سَتَأْتِي قَوْمًا أَهْلَ كِتَابٍ فَإِذَا جِئْتَهُمْ فَادْعُهُمْ إِلَى أَنْ يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لَكَ بِذَلِكَ فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ فَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لَكَ بِذَلِكَ فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ فَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ فَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لَكَ بِذَلِكَ فَإِيَّاكَ وَكَرَائِمَ أَمْوَالِهِمْ وَاتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ فَإِنَّهُ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ.
     
    2 - حديث عثمان بن أبي العاص: عَنِ الْحَسَنِ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ أَنَّ وَفْدَ ثَقِيفٍ قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَنْزَلَهُمْ الْمَسْجِدَ لِيَكُونَ أَرَقَّ لِقُلُوبِهِمْ فَاشْتَرَطُوا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ لَا يُحْشَرُوا وَلَا يُعْشَرُوا وَلَا يُجَبُّوا وَلَا يُسْتَعْمَلَ عَلَيْهِمْ غَيْرُهُمْ قَالَ فَقَالَ إِنَّ لَكُمْ أَنْ لَا تُحْشَرُوا وَلَا تُعْشَرُوا وَلَا يُسْتَعْمَلَ عَلَيْكُمْ غَيْرُكُمْ وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا خَيْرَ فِي دِينٍ لَا رُكُوعَ فِيهِ قَالَ وَقَالَ عُثْمَانُ بْنُ أَبِي الْعَاصِ يَا رَسُولَ اللَّهِ عَلِّمْنِي الْقُرْآنَ وَاجْعَلْنِي إِمَامَ قَوْمِي.
     


    الجـواب:
     
    قبل الإجابة عن الحديثين المذكورين في موضوع التدرج بتطبيق جزء من الأحكام وترك جزء، أبيَّن ما يلي:
    1 - عند استنباط حكم شرعي لمسألة، يدرس واقعها جيداً ثم تجمع الأدلة المتعلقة بهذا الواقع، وتدرس هذه الأدلة دراسة أصولية ليستنبط الحكم الشرعي.
     
    2 - يُبذَل الوسع أولاً للجمع بين الأدلة فإعمال الدليلين أولى من إهمال أحدهما.
     
    3 - فإذا تعذر الجمع عُمد إلى الترجيح وفق أصوله المتبعة: فالمحكم قاضٍ على المتشابه، والقطعي قاضٍ على الظني، وإذا اجتمع ظني وظني فتدرس قوة الدليل من حيث السند ومن حيث العموم، فقويُّ السَّند يُرَجَّح على الأقل قوة، والخاص يرجح على العام، والمقيد على المطلق، والمنطوق على المفهوم ...الخ كما هو مفصل في بابه.
    والآن لنناقش موضوع التدرج وتطبيق جزء من الأحكام وترك جزء آخر، ثم نرى كيف يفهم الحديثان:
     
    1 - التدرج وتطبيق جزء وترك آخر لا يجوز وأدلته قطعية الثبوت، قطعية الدلالة، نذكر بعضها:
    قال تعالى: { َأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللّهُ إِلَيْكَ }.
    فهذا أمر جازم من الله لرسوله، وللحكام المسلمين من بعده بوجوب الحكم بجميع ما أنزل الله من الأحكام، أمراً كانت أم نهياً، لأن لفظ (ما) الوارد في الآية هو من صِيَغ العموم، فتشمل جميع الأحكام المنـزلة.
    وقد نهى الله رسـوله، والحكام المسـلمين من بعده عن اتباع أهواء الناس، والانصياع لرغباتهم، حيث قال: { وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ }.
    كمـا حـذر الله رسـوله والحكام المسـلمـين من بعده أن يفتنه الناس، وأن يصرفوه عن تطبيق بعض ما أنزل الله إليه من الأحكام، بل يجب عليه أن يطبق جميع الأحكام التي أنزلها الله عليه، أوامر كانت أم نواهي، دون أن يلتفت إلى ما يريده الناس. حيث قال: { وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللّهُ إِلَيْكَ }، وقال تعالى: { وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ }، وفي آية ثانية قال تعالى: { فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}، وفي آية ثالثة قال تعالى: {فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ }، فجـعل الله في هذه الآيات الثلاث مَن لم يحكم بجميع ما أنزل الله من أحكام، أوامر كانت أو نواهي كافـراً، وظـالماً، وفاسـقـاً. لأن (ما) الواردة في الآيات الثلاث من صـيغ العموم، فتشمل جميع الأحكام الشرعية التي أنزلها الله، أوامر كانت أو نواهي.
    وهذا ما كان عليه الخلفاء الراشدون في تطبيق أحكام الإسلام على البلاد المفتوحة وهم أعرف الناس بكتاب الله سبحانه وبكيفية تطبيق رسول الله صلى الله عليه وسلم للأحكام، فقد كان تطبيقهم للأحكام رضي الله عنهم دفعةً واحدةً، دون تأخير أو تسويف أو تدرج. فلم يكونوا يسمحون لمن دخل في الإسلام أن يشرب الخمر أو يزني سنة مثلاً ثم بعد ذلك يُمنع ... بل كانت الأحكام تطبق كلها. وهذا متواتر مستفيض في تطبيق الأحكام على البلاد المفتوحة.
     
    وعليه فإنه لا يؤثر أي دليل ظني في هذا الحكم فتحريم التدرج، ووجوب تطبيق أحكام الإسلام كلِّها ثابتان بالنص القطعي.
     
    2 - وهذا يعني أن أي دليل ظني فيه شبهة الدلالة على النقيض من القطعي، فإن القطعي قاضٍ عليه، أي أن الظني يجب أن يُفهم بما لا يعارض القطعي، بمعنى آخر يُعمد إلى إعمال الدليلين بفهم الظني بما لا يتعارض مع القطعي إذا أمكن، وإلا عُمِد إلى الترجيح أي الأخذ بالقطعي وردَّ الظني.
     
    3 - والآن هل يمكن إعمال الدليلين، أي هل يمكن فهم الظني بما لا يتعارض مع القطعي؟
    لنبدأ بالحديث الأول: حديث معاذ بن جبل:
    (... فادعهم إلى أن يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، فإن هم أطاعوا لك فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم خمس صلوات ... فإن هم أطاعوا لك بذلك فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم صدقة ... فإن هم أطاعوا لك بذلك فإياك وكرائهم أموالهم واتق دعوة المظلوم ...):
    أ - الحديث صحيح من حيث السند وكذلك من حيث المتن فلا اضطراب فيه فقد أخرجه البخاري.
    ب - لا يصح أن يفهم منه جواز التدرج في الأحكام وإلا ناقض القطعي، وهذا لا يصح، لأن تحريم التدرج ثابت بالقطعي، وبهذا عمل الصحابة عند الفتح فطبقوا الإسلام كاملاً على البلاد المفتوحة، وهو أمر متواتر مستفيض.
    ج - الحديث نص في الصلاة والزكاة، ولم يستدل أحد من الفقهاء به في جواز الطلب بالصلاة دون الزكاة، أي أن الذين يقولون بالتدرج لا يقولون بالتفريق بين الصلاة والزكاة فلا يجيزون للمسلم الصلاة وترك الزكاة، بل هم يقيسون على (مفهوم) الحديث المتعلق بالصلاة والزكاة، يقيسون عليه التدرج في تطبيق الأحكام الأخرى وهذا باطل لأن حكم الأصل الذي قاسوا عليه غير معمول به عندهم فهم لا يقولون بالتدرج في الصلاة والزكاة ولكن يقولون بالتدرج في تطبيق فروع الأحكام الأخرى، علماً بأن الحديث نص في الصلاة والزكاة.
    د - ولذلك فالحديث غير صالح للاستدلال به على التدرج لأن الأصل المذكور فيه (التدرج في الصلاة والزكاة) غير معمول به عند أحد، حتى عند الذين يستدلون بالحديث على التدرج.
    هـ - وعليه فلا يصح بحال أن يفهم من الحديث جواز التدرج بتطبيق جزء وترك جزء من االأحكام لأنه عندها يتعارض مع القطعي الذي يحرم التدرج هذا أولاً، وثانياً لا يقاس عليه لأن الأصل (التدرج في الصلاة والزكاة) غير معمول به.
    و - إذن هل يُرَدّ أو يمكن إعماله بما لا يتعارض مع القطعي؟ الجواب يمكن فهمه على النحو التالي:
    منطوق الحديث لا يدل على التدرج بتطبيق جزء من الأحكام وترك جزء، بل المفهوم هو الذي يدل. فنص الحديث:
    «... فادعهم إلى ان يشهدوا ... فإن هم أطاعوا لك فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم خمس صلوات ... فإن هم أطاعوا لك بذلك فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم صدقة ...».
    فالمنطوق يفيد أن تدعوهم للإيمان فإذا آمنوا فادعهم إلى الصلاة فإذا صلوا ادعهم إلى الزكاة. ولكن ليس في المنطوق فإذا لم يؤمنوا لا تدعهم إلى الصلاة وإذا لم يصلوا فلا تدعهم للزكاة. بل هذه فهمت من مفهوم المخالفة بالشرط أي إذا لم يؤمنوا فلا تدعهم للصلاة، وإذا لم يصلوا فلا تدعهم للزكاة.
    ومفهوم الشرط في نص ما يعطَّل إذا خالف المنطوقَ في نص آخر مقطوع أو مظنون لأن المنطوق مقدَّمٌ على المفهوم، أي ليس فقط إذا عارض منطوق القطعي بل حتى إذا خالف منطوق الظني فإن المفهوم يعطل ولا يعمل به.
    ولذلك فيفهم الحديث بمنطوقه ويوقف عنده، ولا يعمل بمفهوم المخالفة لمعارضته منطوق الأدلة الصريحة بوجوب الأخذ بأحكام الإسلام كاملةً.
    وتعطيل مفهوم المخالفة بالمنطوق أمر ثابت في الأصول، ومتفق عليه عند الذين يعملون بالمفهوم وعند الذين لا يعملون به.
    فمثلاً: قوله تعالى: {وَلاَ تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا}، فالمنطوق تحريم إكراههن على الزنا إن أردن العفاف، ومفهوم المخالفة نتيجة الشرط هو أن يُكْرهن إذا لم يُردن العفاف، لكن هذا معطل بمنطوق الآية (وَلاَ تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيل) ولذلك لا يعمل بمفهوم المخالفة في الآية {إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا} ويوقف في الآية عند منطوقها فقط أي منطوقها يُعمل به فلا يُكرهن على الزنا إن أردن العفاف، وأما الحكم في حالة عدم إرادتهن العفاف فلا يؤخذ من مفهوم هذه الآية بل من الأدلة الأخرى التي تحرم الزنا تحريماً مطلقاً.
    ومثلاً قوله تعالى: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاَةِ إِنْ خِفْتُمْ ...} فإن منطوقها القصر في حالة الخوف، ومفهوم الشرط أَنْ لا قصر إن لم تخافوا، لكن هذا المفهوم معطل بمنطوق الحديث الذي أجاب فيه الرسول صلى الله عليه وسلم السائل عن جواز القصر في حالة الأمن في حين أن الآية ذكرت الشرط {إِنْ خِفْتُمْ}، فقال صلى الله عليه وسلم «صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته». لذلك فيعمل بمنطوق الآية أي القصر في حالة الخوف، وأما القصر في حالة الأمن فلا يؤخذ من مفهوم الآية بل من أدلة أخرى، أي من حديث الرسول صلى الله عليه وسلم المذكور الذي بين جواز القصر في الخوف والأمن، حيث القصر صدقة تصدق الله سبحانه على عباده.
    وهكذا يقال في حديث معاذ أن منطوق الحديث يعمل به ولكن لا يعمل بمفهوم الشرط فيه بل يؤخذ حكم الزكاة إن لم يؤدوا الصلاة من أدلة أخرى، وهي التي توجب فرض الزكاة فرضاً عاماً مطلقاً سواء أدى الصلاة أم لم يؤدها.
    أي أن أدلة تحريم التدرج بتطبيق جزء من الأحكام وترك جزء يُعمَل بها منطوقاً ومفهوماً، وحديث معاذ يُعمَل به منطوقاً ولا يُعمَل بمفهومه. وهكذا يجمع في العمل بالأدلة وفق الأصول الفقهية المتبعة.
     
    أما الحديث الثاني:
    حديث عثمان بن أبي العاص: عَنِ الْحَسَنِ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ أَنَّ وَفْدَ ثَقِيفٍ قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَنْزَلَهُمْ الْمَسْجِدَ لِيَكُونَ أَرَقَّ لِقُلُوبِهِمْ فَاشْتَرَطُوا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ لَا يُحْشَرُوا وَلَا يُعْشَرُوا وَلَا يُجَبُّوا وَلَا يُسْتَعْمَلَ عَلَيْهِمْ غَيْرُهُمْ قَالَ فَقَالَ إِنَّ لَكُمْ أَنْ لَا تُحْشَرُوا وَلَا تُعْشَرُوا وَلَا يُسْتَعْمَلَ عَلَيْكُمْ غَيْرُكُمْ وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا خَيْرَ فِي دِينٍ لَا رُكُوعَ فِيهِ قَالَ وَقَالَ عُثْمَانُ بْنُ أَبِي الْعَاصِ يَا رَسُولَ اللَّهِ عَلِّمْنِي الْقُرْآنَ وَاجْعَلْنِي إِمَامَ قَوْمِي. هذا اللفظ لأبي داود. لا يجبّوا من التجبية أي الركوع وقد أطلقت مجازاً عن الصلاة.
    ونقول في هذا الحديث:
    أ - هذا الحديث يؤخذ به وإن كان المنذري قد قال عنه (وقد قيل إن الحسن البصري لم يسمع من عثمان بن أبي العاص) لكن القول هنا بصيغة المجهول، لذلك يمكن الاحتجاج به.
    وبالطريقة نفسها التي تحدثنا فيها عن الحديث الأول، نقول في هذا الحديث:
    - لا يصح أن يُفهَم منه جواز التدرج بتطبيق جزء من الأحكام وترك جزء لأن الأدلة القطعية ثابتة على تحريم التدرج في تطبيق الأحكام.
    - وإذن إما أن يُفهم الحديث بما لا يتعارض مع الأدلة القطعية أي يعمل بالدليلين: القطعي والدليل الظني، وإما أن يعمل بالدليل القطعي ويرد الظني إذا لم يمكن إعمال الدليلين. أي يُعمد إلى الجمع بين الأدلة إن أمكن أو يُعمد إلى الترجيح، ومعلوم أن القطعي قاضٍ على الظني.
    - في هذا الحديث، قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم من وفد ثقيف أن (لا تحشروا ولا تعشروا ولا يستعمل عليكم غيركم) ولكن لم يقبل منهم ترك الصلاة. أما عدم استعمال غيرهم عليهم أي أن يكون الوالي على ولايتهم من أهل الولاية، فلا شيء فيه، وهذا جائز في البداية إن وجد الكفؤ من بينهم، لكن ما معنى (أن لا تحشروا ولا تعشروا)؟ قال في اللسان عن معنى لا يحشرون: (أي لا يندبون للمغازي ولا تضرب عليهم البعوث ... وقيل لا يحشرون إلى عامل الزكاة ليأخذ صدقة أموالهم). وجاء في اللسان كذلك عن معنى لا يعشرون: (أي لا يؤخذ عشر أموالهم وقيل أرادوا به الصدقة الواجبة). ولذلك فإنه يمكن فهم هذا الحديث بأن يؤخذ معنى (أن لا يحشروا) أي أن لا يحشروا إلى عامل الزكاة فيدفعوا زكاتهم عنده بل في أماكنهم أي أنه هو يأتيهم إلى أماكنهم ويأخذ زكاتهم، وهذا هو أحد معاني (يحشرون). وأن يؤخذ معنى (أن لا يعشروا) أي لايؤخذ عشر أموالهم، وهذا المعنى هو أحد معاني (يعشروا).
    وهكذا يكون ما اشترطوه ووافقهم الرسول صلى الله عليه وسلم عليه هو أن يدفعوا زكاة مالهم في أماكنهم، وأن لا يؤخذ منهم العشر بل الزكاة فقط. ويجوز لمن يريد الإسلام أن يشترط دفع زكاته في مكانه، وأن لا يؤخذ منه عشر بل زكاة فقط. وهذا جائز ولا شىء فيه. وبذلك يتم الجمع بين الحديث والأدلة القطعية. غير أن هناك رواية ثانية لأبي داوود من طريق وهب: «قال سألت جابراً عن شأن ثقيف إذ بايعت قال اشترطت على النبي صلى الله عليه وسلم أن لا صدقة عليها ولا جهاد، وأنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: سيتصدقون ويجاهدون إذا أسلموا». مما يرجح أن معنى لا يحشرون أي لا يندبون للمغازي أي (لا يجاهدون)، ومعنى لا يعشرون أي لا يُزكُّون.
    وفي هذه الحالة يكون الحديث خاصاً بوفد ثقيف، وأن قبول عدم جهادهم وعدم زكاتهم هو نص خاص فيهم لا يتعداهم لغيرهم، لأن الحكم الخاص لا يتعدى صاحبه. والحكم الخاص يحتاج إلى قرينة لخصوصيته حتى لا يتعداه، والقرينة هنا هي إخبار الرسول صلى الله عليه وسلم بأنهم إن أسلموا فسيتصدقون ويجهادون، ويكون شرطهم لا واقع له، وعِلْم الغيب لا يتأتى لغير الرسول صلى الله عليه وسلم ، فهي قرينة على أن هذا الحكم خاص.
    والأحكام الخاصة واردة فمثلاً: شهادة خزيمة التي اعتبرها الرسول صلى الله عليه وسلم له بشهادة رجلين فهي خاصة به ولا تتعداه إلى غيره، وكذلك أضحية أبي بردة بجذعة من المعز أي التي بلغت ستة شهور فهي خاصة به لا تتعداه إلى غيره، لأن الأضحية من المعز تجب ببلوغها السنة.
    وهكذا يعمل بالدليلين: يحرم التدرج في تطبيق الأحكام، وذلك وفق الأدلة القطعية، وتدرُّج الجهاد والزكاة خاص بوفد ثقيف لعلم الرسول صلى الله عليه وسلم أنهم إن أسلموا سيجاهدون ويزكون.
     
    والخلاصة:
     
    - يَحْرُم التدرج بتطبيق جزء من الأحكام وترك آخر للأدلة القطعية في ذلك.
    - حديث معاذ بن جبل يعمل بمنطوقه ولا يعمل بمفهوم المخالفة للشرط المذكور.
    - وحديث أبي داوود بروايتيه حيث لم يوافقهم الرسول صلى الله عليه وسلم على ترك الصلاة، وقبل اشتراطهم عدم الجهاد والزكاة، هو حكم خاص بذلك الوفد لأن الرسول صلى الله عليه وسلم علم بالوحي أن شرطهم لن يكون له واقع فهم عندما يسلمون سيجاهدون ويزكون.
    أي أن الحديثين لا يُردَّان بل يُجمع بينهما وبين الأدلة القطعية الدالة على تحريم التدرج بتطبيق جزء وترك جزء من الأحكام ، وذلك على النحو الذي بيناه.


     


     
    ..........................................................................................................................................................................................................................................................................
     
    السؤال:
     
    أرسل أحد الشباب تعقيباً على جوابنا حول التدرج بتاريخ 11/02/2006م وطلب توضيحاً لتعقيبه. (ولطول السؤال فلم نسجله هنا ولكن أثبتنا المهم منه في الجواب).
     
    الجواب:
     
    كأنَّ الأمر التبس عليك، فأنت تقول: (حديث معاذ: إذا كان مفهوم الشرط للحديث معطل ... وكذلك منطوق الحديث لم يستدل به أحد ...)، من أين عرفت أن المنطوق لم يقل به أحد؟ إن الذي ورد في الجواب «الحديث نص في الصلاة والزكاة ولم يستدل أحد من الفقهاء به في جواز الطلب بالصلاة دون الزكاة ...) فالكل يعمل بالمنطوق أي إذا آمن، ادعه للصلاة، وإذا صلى ادعه إلى الزكاة ... . لكن الذي لا يُعمل به مفهوم المخالفة بالشرط، أي إذا لم يصلِّ لا تَدْعُه للزكاة ..، فالذي لا يَعمل به أحدٌ هو التدرج في الصلاة والزكاة، أي لا يأمره بالزكاة إلا بعد أن يصلي، هذا هو الذي لا يَعمل به أحد. لكن القائلين بالتدرج يقيسون على هذا الذي لا يعملون به. فهم يقولون الحديث يقول ادعُه إلى الصلاة ثم إذا صلى ادعُه إلى الزكاة، ويضيفون وهذا يعني التدرج في الأحكام، عندها تسألهم كيف فهمت ذلك؟ يقول قياساً على الحديث فهو يطلب الصلاة فإذا صلى تطلب الزكاة فتسأله عندها: أي أنك تقول بعدم دعوته للزكاة إلا إذا صلى؟ عندها يسكت، لأنه يجد الأمر ثقيلاً أن يفرِّق بين الصلاة والزكاة، فهو يقيس التدرج في غيرها من الأحكام على ما ورد في الحديث من ذكر الصلاة والزكاة، في حين أنه لا يفرِّق بين الصلاة والزكاة. هذا هو الموضوع.
     
    أما منطوقه فيُعمل به، فالأمر صحيح أن تدعوه للزكاة إذا صلى هذا من منطوق الحديث، وتدعوه للصلاة والزكاة، من نصوص أخرى.
     
    فجائز أن تدعو رجلاً بالزكاة بعد أن يستجيب للصلاة ويصلي، وحتى تدرك ذلك، اسأل نفسك:
    لو دعوت رجلاً للصلاة دون أن تذكر له الزكاة أيجوز أم لا؟ إنه يجوز أن تدعوه للصلاة، ويجوز أن تدعوه للصلاة والزكاة.
     
    ولو رأيته صلّى فدعوته للزكاة، أيجوز أم لا يجوز؟ إنه يجوز أن تدعوه للزكاة بعد أن يصلي وقبل أن يصلي. لكن الذي لا يجوز هو أن لا ترى جواز دعوته للزكاة إلا إذا صلى أولاً فإن لم يصلِّ لا تجوز دعوته للزكاة.
     
    أي مفهوم المخالفة للشرط هو الذي لا يصح.
    فمنطوق الحديث يُعمل به ولا شيء في ذلك، وإنما مفهوم الشرط معطَّل كما ذكرنا في الجواب. أما الذي لا يَعْمل به أحد فهو العمل بمفهوم الشرط في التفريق بين الصلاة والزكاة، فكان الواجب أن لا يقاس عليه التدرج في الأحكام الأخرى ما دام لا يُعمل بالتدرج في الصلاة والزكاة. أما أن لا يُفرِّق بين الصلاة والزكاة، مع أن الحديث نصٌّ فيهما، ثم يجيز التدرج في الأحكام الأخرى قياساً على مفهوم الحديث فهذا الذي قلنا إنه خطأ، ولا يصح القياس فيه لأن الأصل (تفريق الصلاة عن الزكاة) غير معمول به.
     
    2 - كيف تقول: يبدو أن الذين يستدلون بالحديث يستدلون بمفهومه ولا يستدلون بمنطوقه ولا بمفهوم المخالفة للشرط! كيف تقول ذلك:
    كيف تقول يستدلون بمفهومه ولا يستدلون بمفهوم المخالفة للشرط؟
     
    وهل له مفهوم غير الشرط؟ فليس في الحديث وصف مفهم للعلية مثل «لا يقضي القاضي وهو غضبان» فالغضب وصف مفهم لعلية منع القاضي من القضاء في حالة الغضب، أما طلب الصلاة أولاً ثم الزكاة الواردة في الحديث فلا تحتوي علة أي أن لفظ الصلاة ولفظ الزكاة ليس وصفاً مفهماً لعلية التفريق بينهما. وليس في الحديث غاية مثل {ثم أتموا الصيام إلى الليل} فيكون لها مفهوم أي أن الليل لا صيام فيه.
     
    وليس في الحديث عدد. مثل: {والزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مئة جلدة} فيكون لها مفهوم أي لا أكثر ولا أقل.
     
    وهذه التي يعمل بمفهوم المخالفة.
    وكذلك ليس بالحديث مفهوم موافقة بالأدنى إلى أعلى (ولا تقل لهما أفٍّ) فلا تقل أكثر من أف كذلك، أو الأعلى إلى الأدنى (ومنهم من إن تأمنه بقنطار يؤده إليك) أي تأمنه بأقل كذلك. أو الموافقة بالعلاقة اللازمة مثل «احفظ عفاصها ووكاءها».
     
    فكيف تقول يعملون بمفهومه ولكن ليس بمفهوم الشرط؟!
    على كلٍّ لم يمر علي أنهم يعملون كما قلت، وإن كان (جدلاً) ففهمهم خطأ، لا هو منطوقاً ولا هو مفهوماً.
     
    3 - أما سؤالك الافتراضي أنه لو عمل أحد بتدرج الصلاة والزكاة، فهل يعني ذلك جواز الاستدلال بالحديث على جواز التدرج؟
     
    إذا صحَّ العمل بالأصل (وهو هنا تدرج الصلاة والزكاة من مفهوم الشرط للحديث)، نعم يمكن القياس على هذا الأصل وفق الأصول.
     
    وهذا القول يصح على افتراض أن مفهوم الشرط معمول به هنا، أي يجوز للإنسان أن يصلي، وبعد مدة يزكي ولا إثم عليه. فإن صح العمل بهذا المفهوم، فنعم يقاس عليه. وأنت ترى أن هذا المفهوم معطَّل بنصوص كثيرة التي تدل دلالةً قاطعةً على أن المرء لا يعفى من الزكاة إلا إذا صلى أولاً، بل هو مسئول عن الزكاة سواء أصلى أم لم يصل، فالصلاة ليست شرط صحة للزكاة.
     
    فالسؤال افتراضي لأن عدم الإثم في الزكاة إلا أن تؤدى الصلاة، هذا غير صحيح بأدلة كثيرة، فمفهوم الشرط معطل.
     
    لكن لنفترض جدلاً أنه غير معطل وأنه غير مخاطب ولا مكلف بالزكاة إلا بعد أن يصلي، ولو كان هذا الفرض صحيحاً فإنه يقاس عليه التدرج في باقي الأحكام فيصبح المرء يأخذ حكماً فيطبقه، وبعد فترة استراحة يأخذ حكماً آخر فيطبقه وهكذا!! وواضح أن هذا بالقطع غير صحيح.
     
    4 - أما ما ذكرته من فهم للحديث (أ، ب، ت) فهو فهم للمنطوق وهو صحيح: ادعهم إلى الإسلام ... ادعهم للصلاة ... ادعهم للزكاة ... وقد بينت لك هذا الأمر في (1)،
    المشكلة ليست في محاولة الفهم من المنطوق سواء اختصرت هذا الفهم أو أطلت، المشكلة في المفهوم أي:
     
    تقول في كلامك أ (... فأخبرهم أن الله قد فرض خمس صلوات، فإن أطاعوا لك فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم صدقةً ...، مهما فسَّرت أخبرهم، وفسرت أطاعوا كلها تبقى بحثاً في المنطوق ولا شيء في ذلك، لكن السؤال في المفهوم، فأنا أسألك: المنطوق يفيد بعد أن يسلموا، تخبرهم بفرض الصلاة، فإن هم اطاعوا تخبرهم بفرض الصدقة والمفهوم أن لا تخبرهم بفرض الصدقة إن لم يطيعوا لك في الصلاة، هل هذا صحيح؟ ومعنى يطيعوا واضح أنها عن التنفيذ وليس الإنكار لأن هذا تم بعد أن دخلوا في الإسلام فالمفهوم يعني أن لا تطلب من المسلم الزكاة إلا بعد الطلب منه الصلاة .. وهذا لا يصح مهما فسرت المنطوق.
     
    أما موضوع رد الحديث وعدم رده فهو أبسط مما ذهبتَ إليه، فنحن لم نرد الحديث بل عملنا بمنطوقه دون مفهومه لأنه معطل بنصوص أخرى.
     
    وتعطيل مفهوم الحديث لا يعني ردَّه ما دام منطوقه لا يعارض نصاً مقطوعاً بل يمكن جمعه معه كما بينا في جواب السؤال.
     
    أما الحديث الذي رواه البخاري «فَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَاجْتَنِبُوهُ وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ»
    فالأمر هنا يعني حكماً واحداً من أحكام الإسلام أي مثلاً: الصلاة، الصيام ... وقد ورد ما يؤكد ذلك في روايات أخرى: (وإذا أمرتكم بشيء) في رواية مسلم، (وما أمرتكم به) في رواية أخرى لمسلم.
     
    وواضح منها أن المأمور به حكم واحد، وليست أحكام الإسلام جملةً.
     
    ولذلك فلم يقل مجتهد، كما أعلم، أن الحديث يفيد أن يصوم المرء إذا لم يستطع الصلاة، أو أن يزكي إذا لم يستطع الصيام ... فليست استطاعة الصوم شرطاً في أداء الصلاة، ولا استطاعة الصلاة شرطاً في أداء الصوم، ولا استطاعة الزكاة شرطاً في أداء الصيام ولا استطاعة الصيام شرطاً في أداء الزكاة، بل إن الاستطاعة شرط في أداء الحكم نفسه، أي هو أن يقضي الصيام إذا لم يستطعه أداءً، ويصلي جالساً إن لم يستطعها قياماً، ويتيمم إن لم يستطع الوضوء بالماء ...
     
    وأنت تلاحظ هنا أن لا بد من القيام بالحكم على وجهه حسب الاستطاعة، وان الاستطاعة مبينة شرعاً بالأدلة وليست وفق ما نريد. فإذا أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بحكم ننفذه على وجهه وفق الاستطاعة المبينة بوضوح بالأدلة الشرعية.
     
    فالأداء للحكم لا بد، والاستطاعة كما بينها الشرع ولا بد، أي ليست كما نريد.
     
    وهكذا فإن الحديث لا يدل على التدرج في تطبيق الصلاة هذه السنة ثم بعد سنة الزكاة وبعد سنة الامتناع عن الربا ... بحجة عدم الاستطاعة، فالاستطاعة هنا غير واردة
     
    14/04/2006


     





    في الثاني عشر من محرم 1427هـ.


     

    11/02/2006م.


  25. Like
    الوعي السياسي اعطي نقاط سنعه للعضو عودة الخلافة في التدرج وحكمه وما يتعلق به   
    بسم الله الرحمن الرحيم


     

    التدرّج


     
    إن الدعوة إلى التدرج ليست من الإسلام في شيء، فهي فكرة مستحدثة وجدت لدى المسلمين نتيجة تأثرهم بالفكر الغربي. أما تبرير الدعوة إليها عند الداعين لها فهو عدم القدرة على التطبيق الكامل للإسلام، أو عدم ملاءمة الظروف الحالية لتطبيقه، أو لأن الرأي العام العالمي لا يقبل بتطبيقه، أو لأن الدول الكبرى لا تترك لنا مجالاً لتطبيقه، أو غير ذلك من الذرائع الواهية غير الشرعية التي يعتبر العمل بها طاعة للغرب ومعصية لله سبحانه وتعالى. إن القول بالتدرّج فيه مخالفة لطبيعة الإسلام، ولطريقة القرآن، ولسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم في تبليغ الإسلام وفي الدعوة إليه، ولِما كان عليه الخلفاء الراشدون والسلف الصالح المشهود لهم بالخير من رسول الله صلى الله عليه وسلم .
     
    أما مخالفته لطبيعة الإسلام، فذلك أن طبيعة الإسلام أول ما تقوم على الإيمان بالله تعالى أنه وحده الخالق المدبّر،أي أن له وحده الخلق والأمر. ومن مستلزمات هذا الإيمان عند المسلم أنه كإنسان لا يستطيع أن يشرّع لنفسه التشريع الصحيح. على هذا الأساس يطيع المسلم ربّه عندما يَحكُم، قال تعالى: ( فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ) وعندما يُحكَم، قال تعالى: ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آَمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ )؛ ولهذا كان لا يجوز أن يخرج المسلم عن هذا التلازم بين الإيمان والطاعة أدنى خروج، خاصة بعدما اكتمل نزول الإسلام وأصبح المسلم مسؤولاً عنه كاملاً في الإيمان والالتزام والتطبيق والدعوة له...
     
    أما مخالفته لطريقة القرآن، فالقرآن أمر المسلمين أن يتبعوا بإحسان ما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم ومن معه من المهاجرين والأنصار، قال تعالى) :وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ). والقرآن أمر المسلمين أن يحكموا بالإسلام كل الإسلام، وحذرهم من ترك أحكام الإسلام ولو كان حكماً واحداً، قال تعالى: (وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ). والقرآن أمر المسلمين أن يكونوا على ما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم في دعوته، قال تعالى: ( قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي)
     
    أما مخالفته لسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم في تطبيق الإسلام وتبليغه، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «مَنْ عَمِلَ عَمَلاً لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ».متفق عليه. وحياة الرسول صلى الله عليه وسلم في تطبيق الإسلام وتبليغه وحمل دعوته كانت مطابقة لهذا التوجه الذي فرضه الإسلام. فهو في حياة دعوته مرّ بظروف ضاغطة جداً فلم يخضع لها، وعرضت عليه العروضات المغرية فلم يستجب لها. وودّ الكافرون لو يدهن صلى الله عليه وسلم في دعوته فأبى ذلك كل الإباء، وقال وهو في أشد حاجته للنصرة لوفد بني عامر بن صعصعة حين عرضوا عليه صلى الله عليه وسلم أيكون لهم الأمر من بعده: «الأمر لله يضعه حيث يشاء» فلم يتنازل ولم يداهن... ورفض المال والجاه وحتى الملك بعيداً عن الحكم بالإسلام. ثم إنه صلى الله عليه وسلم لم يتعامل مع البلاد التي فتحها وتغلّب عليها وطبق الإسلام فيها إلا بالإسلام، فرفض أن يترك لبعضهم صنمهم ليعبدوه، ورفض أن يعفي أحداً منهم من الصلاة...
     
    أما مخالفته لسنة الخلفاء الراشدين الذين أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نعضّ عليها بالنواجذ، ولما كان عليه السلف الصالح المشهود لهم بالخيرية، فإن حياتهم كانت قائمة على الجهاد وفتح البلاد وإدخال الناس في دين الله، فإذا فتحوا بلداً طبقوا الإسلام كاملاً عليه، فلا يسمحون له بشرب الخمر سنة أو شهراً، بل ولا ساعة من نهار، فالفرض يُنفذ فوراً، والحرام يُمنع فوراً، وتقام الحدود وتطبق الأحكام دونما تدرج أو "فترة سماح"!
     
    أيها المسلمون:
     
    لقد فوجئ الغرب بالثورات الشعبية في بلاد المسلمين، وفوجئ أكثر بالمشاعر الجياشة للمسلمين المنادية بتحكيم شرع الله، وبدء تحركاتهم من المساجد، وتكبيراتهم المتصاعدة إلى عنان السماء، فأوجس في نفسه خيفة من وصول الإسلام للحكم، وهو يدرك أن في هذا هلاكه، فصار يجد ويجتهد لمنع ذلك بأساليب خبيثة ملتوية أمام مشاعر المسلمين، وكان من هذه الأساليب فكرة التدرج، حيث وجد فيها ضالته، فهي تجيز لحاملها ترك حكم وتطبيق حكم... فيسهل بها التنازل عن أحكام الإسلام خطوة خطوة، بل خطوات متراكمة! وساعده في ذلك من يسمَّون المسلمين المعتدلين، فهم أيضاً وجدوا ضالتهم في فكرة التدرج حيث هم بها يجدون مخرجاً أمام العامة الذين انتخبوهم، فإذا قالوا لهم لماذا لا تطبقون الإسلام وقد انتخبناكم من أجله؟ أجابوهم نحن سنطبقه ولكن بالتدريج فأمهلونا! وظنوا أنهم بذلك قد وجدوا مخرجاً في الوقت الذي هم فيه قد خرجوا من الحرام بعدم تطبيق الإسلام إلى الحرام بالقول بالتدرج!!
     
    إن هذه الثورات كما كشفت حقد الغرب بزعامة أمريكا على الإسلام المسلمين، فهي كذلك قد كشفت من يسمَّون "المسلمين المعتدلين" الذين أصبحوا في واجهات الحكم بأنهم لا يريدون تطبيق أحكام الإسلام كما فرضها الله سبحانه، بل هم غير قادرين على تطبيق أحكام الإسلام لأن هؤلاء طوال سنيّ حياتهم لم يهيئوا أنفسهم لتطبيق أحكام الإسلام، فشكْلُ الحكم في الإسلام وأنظمة الحكم فيه من اقتصاد واجتماع وسياسة وتعليم وسياسة خارجية لم تكن في مفكرتهم أبداً؛ لذلك وجدوا ضالتهم في فكرة التدرج يخادعون الناس بها وما يخدعون إلا أنفسهم... إن الواجب على الأمة وقد وعت على هؤلاء أن تُقبِل على الجماعة التي تملك طريقة الفهم الصحيح للإسلام، وتملك الأحكام الشرعية المتعلقة بالحكم، وتملك الخبرة السياسية في العمل، وعندها التتبع السياسي والإلمام بالسياسة الدولية وفضحها، والأفكار الغربية الكافرة ودحضها، وعندها مشروع دستور أعدّته وبقيت تنقّحه حتى وصلت إلى ما يمكّنها به إقامة الحكم بما أنزل الله عن طريق دولة الخلافة الراشدة، وهذه الجماعة هي حزب التحرير.
     
    أيها المسلمون في سوريا وفي كل العالم الإسلامي:
     
    إن حزب التحرير يهيب بالمسلمين أن يضعوا أمامهم مرضاة ربهم وإقامة شرعه. وإنه يحذر المسلمين وخاصة المخلصين منهم من الوقوع في فخ دعوات الغرب الكافر من مثل الدعوة إلى التدرج. والحزب يعلن لأهل سوريا ومن ورائهم كل المسلمين أنه يستطيع بكل أمانة وبعون الله أن يقود هذه المرحلة. على طريقة الإسلام الصحيحة في الفهم والتطبيق والدعوة ونشر الإسلام، ويحمّل المسؤولية أمام الله سبحانه وتعالى كلَّ من يتخلّف من المخلصين منهم عن هذه الدعوة؛ فيقبل أن يمد يده للغرب، ويسير على طريقة الغرب في فهم الإسلام، ويترك الفهم الصحيح والقائمين عليه.
     
    إن حزب التحرير كان وسيبقى بإذن الله تعالى رائد الدعوة إلى الخلافة الراشدة ويطمح أن يكون صاحب وعد رسول الله في حديثه الصحيح الذي رواه أحمد: «ثُمَّ تَكُونُ خِلاَفَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ» بعد هذا الحكم الجبري الذي نشهد مرحلة الخلاص منه. وهو يدعو المسلمين لأن يكونوا معه في هذه الدعوة المباركة، دعوة الحق التي تنهضهم النهضة الصحيحة، وتعيدهم خير أمة أخرجت للناس كما أراد الله سبحانه لهم أن يكونوا في محكم آياته (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ )
     

     
    29 من رجب 1433
    الموافق 2012/06/19م
     

    حزب التحرير



    ولاية سوريا
     
     




    المكتب الإعلامي لحزب التحرير



    ولاية سوريا


     


    http://khilafah-syri.../86-التدرج.html

×
×
  • اضف...