اذهب الي المحتوي
منتدى العقاب

أردوغان يكشف لنا الفئران الميتة.بقلم الشيخ ابا الحسن


طارق

Recommended Posts

أردوغان يكشف لنا الفئران الميتة

هل سأخطئ لو شكرت أردوغان على هذا الفوز الذي كشف لنا الكثير؟

لن أتكلم عن أردوغان، فهو معروف لدى الجميع، معروف بعقليته وبطريقة حكمه وبعلمانية دولته، ولن أتهمه نظرياً بما تبرأ منه عملياً، وأرى أنه من السطحية وتضييع الوقت أن أستغفل القارئ وأزعم بأن أردوغان يحكم بما أنزل الله وأن تركيا عادت كما يدّعي الكثيرون عن علمانيتها إلى إسلاميتها.

حديثي هو عن هذا التدني الذي وصل إليه المسلمون عوامهم وخواصهم في مقياسهم للأمور، وبخاصة تلك التي تتعلق بدينهم، ونافلة حديثي عن أولئك الذين يتهمون الإخوان المسلمين بأنهم الوحيدون الفرحون بفوز أردوغان وكأنهم هم الذين انتخبوه فقط، وكأن باقي المسلمين واعون على حقيقة الأمر ويحسنون استخدام مقياس الإسلام في النظر إليه.

الذين يقيسون فوز أردوغان بمقياس الحياة المرفهة وحقوق المواطن والارتفاع الاقتصادي وسداد الديون، هم الذين جعلوا من هذه كلها زوايا ينظرون من خلالها إلى الواقع، ومثل هؤلاء يرد عليهم بمقارنة كل هذه الزوايا بأي دولة مرفهة ناهضة اقتصادية ومقارنتها بتركيا كبعض دول أوروبا على سبيل المثال، وهنا تسقط تركيا أمام واحدة من هذه الدول.

أما الذين يقيسون فوزه بمقياس العلمانية الإسلامية، فأقول لهم هاتوا تركيا وقارنوها بأية دولة من دول البلاد الإسلامية وانظروا إلى إسلاميتها ما دمتم قد قبلتم بهذا المقياس، وانظروا، فستجدون مصر والسعودية والكويت وماليزيا وبروناي أكثر إسلامية من تركيا. فحددوا مقياسكم بلا خداع.

فإما أن تقيسوا الواقع بالمصلحة الدنيوية بعيداً عن الإسلام، ولكم ذلك ما دمتم قد تخليتم عن مقياس الإسلام وعليكم أن تتحملوا نتيجة هذا التخلي.

وإما أن تقيسوا بمقياس الإسلام الصحيح وليس بمقياسكم الأعوج الذي جعلتم من خلاله هذا الفوز وكأنه انتصار عظيم وفتح كبير.

مقياس الإسلام تجدونه في قوله تعالى: {وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللّهُ إِلَيْكَ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيراً مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ} مقياس الإسلام هو أن يعيش المسلمون تحت حكم الله تعالى فترضى نفوسهم به وتسلم له: {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً} حتى لو كانوا في فقر وعوز وتدني في الحياة المدنية، هذا المقياس الذي يجب ألا يغيب عن الأذهان وخاصة في غمرة الفرح بفوز هذا أو ذاك.

أما عوام المسلمين فهم تبع لقياداتهم وعلمائهم ومثقفيهم، وقد عاشوا حياة من البؤس والشقاء والتدني على اختلاف بلادهم جعلتهم يعلقون بهذا الفوز كل آمالهم وينتظرون منه الخير، وهم في هذا مخدوعون بأولئك الذين مسخوا المقياس عندهم.

أما القادة والعلماء والمثقفون والإسلاميون (كما يحلو لكل واحد منهم تسمية نفسه) فهم العلمانيون الإسلاميون الجدد الذين يريدون أن يحولوا المقياس عند الأمة من مقياس يقوم على أساس العقيدة تنظر من خلاله إلى كل واقع فتفسره حسب عقيدتها ومسئوليتها عن دينها تجاه ربها وتجاه كل الأمم مصداقاً لقوله تعالى: {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ} فتدرك أن خيريتها هي في الحكم بما أنزل الله تعالى وفي الدعوة إلى دين الله تعالى، حولوه إلى مقياس منحط غايته مثل هذا الفوز، ولذلك تجدهم (القادة والمثقفون) قد فقدوا توازنهم وبدأوا يتصرفون بغباء مفرط فهذا يعتبر صلاة أردوغان في مسجد كذا انتصاراً للإسلام وذاك يعتبر فوزه هزيمة راشدة للعلمانية، والآخر يقول لماذا لا ندعو له بالصلاح، ولا أعرف كيف يتجرأ هؤلاء على ادعاء أنهم يقودون أمتهم للخيرية؟ وكيف يتبعهم الناس أصلاً؟ فأردوغان مسلم يصلي ويصوم ويتعبد الله، ما علاقة كل هذا بموضوع الحكم بما أنزل الله، وهل اختلف عن حكامكم الذين تبرأتم منهم وجعلتموه سيداً لهم؟ فحكامكم أيضاً مسلمون يصلون ويصومون، ثم أية هزيمة للعلمانية إذا كانت الدولة علمانية أصلاً سواء حكمها أردوغان المسلم أو فلان الملحد، وأخيراً ادعو له ما شئتم بالصلاح والهداية وأن يوفقه الله لخير الدين، ولكن ما علاقة هذا أيضاً بالواقع الموجود.

تراهم يتخبطون في أطروحاتهم، ويتبرأون من ماضيهم الذي قضوه في الدعوة إلى الحكم بما أنزل الله وترك الدساتير الوضعية والحرب على العلمانيين، فيتحولون إلى علمانيين يضفون الشرعية الدينية على علمانية الدولة بحجة إسلام وصلاح رئيسها، أية جريمة أعظم من هذه الجريمة؟

إن الحكم بالإسلام كما أنزله الله على رسوله صلى الله عليه وسلم وخيرية الأمة الإسلامية ومسئوليتها في الدعوة إلى دين الله، خطوط مضيئة في هذه الأمة تضيء لها الأنفاق المظلمة وهي في أسوأ حالاتها، وكان الأصل بكم لو كنتم قادة لها بحق ألا تُنسوها هذه الخطوط المضيئة وأن تجعلوها نبراساً فوق رأس كل مسلم ولو لم تعملوا بها ولها، ولكن أن تخمدوها وتستبدلوها بعلمانيتكم الجديدة فهذه قمة الفشل إن أحسنّا الظن

رابط هذا التعليق
شارك

Join the conversation

You can post now and register later. If you have an account, sign in now to post with your account.

زوار
اضف رد علي هذا الموضوع....

×   Pasted as rich text.   Paste as plain text instead

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   Your previous content has been restored.   Clear editor

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.

جاري التحميل
×
×
  • اضف...