اذهب الي المحتوي
منتدى العقاب

إنَّ هذا الدين أمانة فلا تخونوا أماناتكم


فريد سعد

Recommended Posts

إنَّ هذا الدين أمانة فلا تخونوا أماناتكم

 

يعيش العالم المعاصر أدنى مستويات الإنحطاط الأخلاقي، و يرجع ذلك و دون شك إلى النظام العالمي المطبق عليه قهرا و ظلما، و إلى إتباع الشهوات و الإبتعاد عن الطريق السوي، فعمَّ الظلم و انتشر حتى وصل درجة القهر، فاستبيحت الحرمات، و انتهكت المقدسات، و ضاعت الأمانات و أولها أمانة هذا الدين التي استأمن الله  عليها الناس أجمعين، يقول المولى عزَّ و جل في محكم التنزيل:" إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ ۖ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا" و يذكر ابن كثير عن بن عباس رضي الله عنه قال:"‏ يعني بالأمانة: الطاعة، عرضها عليهم قبل أن يعرضها على آدم فلم يطقنها، فقال لآدم‏:‏ إني قد عرضت الأمانة على السماوات والأرض والجبال فلم يطقنها، فهل أنت آخذ بما فيها‏؟‏ قال‏:‏ يا رب وما فيها‏؟‏ قال‏:‏ إن أحسنت جزيت، وإن أسأت عوقبت، فأخذها آدم فحملها، فذلك قوله تعالى‏:‏ ‏{ ‏وحملها الإنسان إنه كان ظلوماً جهولاً‏} 

فهذه الأمانة هي الطاعة و هي تبعة ثقيلة و مآلها إمَّا جنة عرضها السموات و الأرض أو نار_ و العياذ بالله_ قعرها بعيد و حرّها شديد. و من أجل تحمل هذه الأمانة سخر الله لبني آدم السموات و الأرض و الجبال و منحه نعمة العقل، فالإنسان مخلوق من عقل و شهوة، فإن سما بعقله على شهوته، أدى الأمانة، و فاز برضوان الله و حقٌّق مناط تكريم الله له، أما إن طغت شهوته على عقله، خان الأمانة، و استحق عقاب الله.

فالإنسان في هذه الحياة مكلف بأداء الأمانة، ألا و هي طاعة الله تعالى و التي تعم جميع وظائف الدين، كما بين ذلك القرطبي رحمه الله فقال:" الأمانة تعم جميع وظائف الدين على الصحيح من الأقوال، وهو قول الجمهور " ."الجامع لأحكام القرآن" (14 / 252)، و كما بين ذلك النبي صلى الله عليه وسلم حين قال :"إن دين الله لن ينصره إلا من حاطه من جميع جوانبه" و هو حديث حسَّن إسناده ابن حجر، و هذه الإحاطة بالدين من كل جوانبه، هي ما ينقص المسلمين في عصرنا هذاـ إلا من رحم الله ـ، و ذلك جراء التغريب الفكري الذي مورس عليهم منذ أن غاب عنهم حكم الله تعالى بسقوط دولتهم، فأصبح الدين في نظر الكثير منهم عبارة على طقوس و عادات، و لا يتعدى أن يكون علاقة عمودية بينهم و بين خالقهم، يحاكون بذلك العقيدة الرأسمالية التي حكمتهم منذ عقود و لا زالت، ففصلوا الدين عن الحياة و ردّدوا شعار أعدائهم "دع ما لقيصر لقيصر، وما لله لله!" و التي  تخالف نصوص القرآن صراحة: "قُلْ إِنَّ الأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ) " آل عمران:154"أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ) "الأعراف:54) ،فرضوا بدساتير وضعية تقصي دينهم عن الحياة، و عادوا الأوس و الخزرج، يقتل بعضهم بعضا، فاستبيحت أعراضهم و سفكت دمائهم، و انتهكت حرماتهم، و ضاعت الأمانة.

و هذه الأمانة لا تتحقق إلا إذا عاد لهذا الدين صفائه و نقائه في قلوب المسلمين، و عاد له عزّه و مجده: دين و منه الدولة، دولة يعزّ بها الله كلّ عزيز و يذل بها كلّ ذليل، تحقق للناس سعادة الدنيا و الآخرة، و تأخذ بيدهم لتحمل أعباء هذه الأمانة التي سيسألون عنها، فكل الناس موقوفون على الصراط حتى يثبت أداؤهم لهذه الأمانة!!!

 و لتحقيق ذلك على المسلمين العودة إلى المنهج الإلهي، و الذي تجسد عمليا في سيرة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم، و هذا المنهج لا يتحقق إلا إذا حملته مجموعة من البشر، تؤمن به إيمانا جازما، تجعله حكما على واقعها، و مقياسا لأعمالها، لا تستبدله بالذي هو أدنى، و تجعل رضوان الله غايتها، و منهجه طريقتها، و تدرك أن نصر الله قريب، و أن ما عند الله لا يُدرك بمعصية الله.

  

 فريد سعد

 

 

رابط هذا التعليق
شارك

Join the conversation

You can post now and register later. If you have an account, sign in now to post with your account.

زوار
اضف رد علي هذا الموضوع....

×   Pasted as rich text.   Paste as plain text instead

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   Your previous content has been restored.   Clear editor

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.

جاري التحميل
×
×
  • اضف...