اذهب الي المحتوي
منتدى العقاب

الطائفة الظاهرة


Recommended Posts

الطائفة الظاهرة

1

بسم الله الرحمن الرحيم

في أوائل الخمسينيات من هذا القرن الميلادي - أي عقب مرور ثلاثين عاماً على سقوط الخلافة العثمانية - نهض الشيخ تقي الدين النبهاني بمهمة العمل لاستئناف الحياة الإسلامية وإعادة الخلافة ، فأنشأ في بلاد الشام في مدينة بيت المقدس حزباً سمّاه " حزب التحرير " يقوم على مبدأ الإسلام ، يلتزم العقيدة الإسلامية وما ينبثق عنها من أفكار ، ويتبنى أحكاماً شرعية استنبطها باجتهاد صحيح ، ووقف على طريقة رسول الله صلى الله عليه وسلم في إقامة الدولة الإسلامية فتبناها طريقة له يسير عليها في عمله لإعادة الخلافة ، وهو ما لم يفطن له ولا التزم به القائمون على العمل الإسلامي في هذه الفترة .

وقد قام الحزب في مرحلته الأولى بتثقيف طائفة من الناس استجابوا لحمل الدعوة معه ، حتى إذا نضجوا بالثقافة الإسلامية وتمثل الإسلام فيهم فكراً وسلوكاً دفعهم لحمل الدعوة إلى الناس ، فدخلوا في المجتمع في صراع فكري وسياسي يهاجمون ما عليه المجتمع من أفكار فاسدة وآراء خاطئة ، وينشرون الفكر الإسلامي الصحيح والآراء السياسية الصائبة ، فوقف الحكام من هذا الحزب موقف المناوأة والمقاومة والعداء الشديد تمثل في اعتقال شبابه وسجنهم وتعذيبهم ، والتضييق عليهم في سبل العيش ومحاربتهم في أرزاقهم ، ولكن الشباب المؤمنين المخلصين الأقوياء ثبتوا في هذا الصراع إلا مجموعة ممن كانوا دون ذلك لم يقووا على الصمود وآثروا السلامة فتركوا حمل الدعوة معه ، وقد تصدّى شباب الحزب لمناوأة هؤلاء الحكام وحدهم دون أن يجدوا لهم أنصاراً وأعواناً ، ولم يضعفوا بل استمروا في حمل الدعوة بقوة ، وواصلوا مقارعة الحكام وأعوانهم ، وكشفوا سياساتهم ومخططاتهم ، وكيدهم للإسلام وأهله ، وغذوا الخطى في نشر الأفكار الصحيحة بين الناس ومهاجمة فكر المجتمع الفاسد المخالف للإسلام ، وضرب العلاقات المعارضة للإسلام بين الناس السائدة في المجتمع ، وجعل الحزب من نفسه قوّاماً على فكر المجتمع وحسّه ، فخالفه الناس الذين استمرأوا الأفكار السائدة والذين جمدوا على القديم فرفضوا التغيير ، خالفوه في وجوب الالتزام بطريقة رسول الله r لإقامة الدولة الإسلامية ، وخالفوه في الوصول إلى الحكم عن طريق الفكر دون اللجوء إلى العنف أو الأعمال المادية ، وخالفوه في مهاجمة الحكام وكشف سياساتهم ومخططاتهم ، وعدم مصانعتهم ومداراتهم تحقيقاً للمصلحة حسب زعمهم ، ولكن الحزب لم يأبه بهذا الخلاف كما لم يأبه بخذلان الناس الذين خذلوه في حلبة الصراع ، وواصل سيره متمسكاً بفكرته ملتزماً بطريقته ، معتقداً أن النصر مع الثبات على الحق والظهور على أمر الله سبحانه ، ولا يزال الحزب وسيبقى ، إن شاء الله ، ثابتاً على الحق ظاهراً على الدين معلناً نفسه وأفكاره ، قائماً على أمر الله سبحانه ، قوّاماً على فكر المجتمع وحسّه ، لا يثنيه عن مواصلة سيره ولا يضرّه مناوأة الحكام له وتضييقهم سبل العيش على شبابه ومحاربتهم في أرزاقهم ، كما لا يضرّه خذلان الخاذلين ولا خلاف المخالفين ، ولا ما يعترض طريقه من عقبات وصعوبات إلى أن يكرمه الله وجميع المسلمين بنصره العزيز وإقامة الخلافة الراشدة .

هذا هو " حزب التحرير " في منشأه وفكرته وطريقته وغايته والعقبات التي تعترض طريقه .

روى الترمذي بسند حسن عن أبي سعيد الخدري قال : " صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً صلاة العصر بنهار ، ثم قام خطيباً فلم يدع شيئاً يكون إلى قيام الساعة إلا أخبرنا به ، حفظه من حفظه ، ونسيه من نسيه ... " ، وعن حذيفة قال : " قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم قائماً فما ترك شيئاً يكون في مقامه ذلك إلى قيام الساعة إلا حدّثه ، حفظه من حفظه ، ونسيه من نسيه ، قد علمه أصحابه هؤلاء ... " رواه أبو داود وابن حبان . فنتساءل : هل أشار رسول الله صلى الله عليه وسلم - وهو الحريص على أمته الناصح لها - إلى هذا الحزب في خطبته تلك ، وهل ذكره عليه الصلاة والسلام بالاسم أو بالصفة ؟

إننا لم نجد فيما اطلعنا عليه من الأحاديث النبوية الشريفة تصريحاً باسم " حزب التحرير " ، ولكننا وجدنا عدداً من الأحاديث تذكر مجموعة أوصاف لطائفة نحسبها ونرجو أن تكون قد عنت " حزب التحرير " ، لأن هذه الأوصاف نراها تنطبق تماماً على هذا الحزب ، ولم نستطع تطبيقها على أية طائفة أو حزب غيره في الواقع المشاهد ، فذكرُ ما يتعرض له من مناوأة ، وخذلان الخاذلين ، وخلاف المخالفين ، وعدم تضرّره بهم ، وقوامته وقيامه على أمر الله سبحانه ، وذكر تمسّكه بالحق وظهوره على الدين ، وتحديد مكان وجوده ونشأته ، وأنه سينتصر ويقيم دولة تقاتل الأعداء في آخر الزمان يجعلنا نحسب ونرجو أن تكون هذه الأوصاف دالّة بالفعل على " حزب التحرير " .

وقد وردت هذه الأوصاف في العديد من الأحاديث ، نذكر منها ما يلي :

1 - روى البخاري ومسلم وأحمد عن معاوية قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : " لا يزال من أمتي أمة قائمة بأمر الله لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك " قال عمير فقال مالك بن يُخامِر قال معاذ : وهم بالشام ، فقال معاوية ، هذا مالك يزعم أنه سمع معاذاً يقول : وهم بالشام .

2 - روى أحمد والطبراني بسند رجاله ثقات عن أبي أمامة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تزال طائفة من أمتي على الدين ظاهرين ، لعدوهم قاهرين ، لا يضرهم من خالفهم إلا ما أصابهم من لأْواء حتى يأتيهم أمر الله وهم كذلك " قالوا يا رسول الله وأين هم ؟ قال : " ببيت المقدس وأكناف بيت المقدس " .

3 - روى أحمد وأبو داود عن ثوبان قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ... ولا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله عز وجل " . وفي رواية أخرى لأحمد ومسلم والترمذي عنه بلفظ " لا يضرّهم من خذلهم " .

4 - روى مسلم والبخاري عن معاوية قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " لا تزال طائفة من أمتي قائمة بأمر الله لا يضرهم من خذلهم أو خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم ظاهرون على الناس " .

5 - روى ابن ماجة عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لا تزال طائفة من أمتي قَوّامةً على أمر الله لا يضرها من خالفها " .

6 - روى الحاكم بسند صحيح عن عمر بن الخطاب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق حتى تقوم السّاعة " .

7 - روى البزار بسند جيد عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لا يزال هذا الأمر أو على هذا الأمر عصابة من أمتي لا يضرهم خلاف من خالفهم حتى يأتيهم أمر الله " .

8 - روى الدارمي عن المغيرة بن شعبة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا يزال قوم من أمتي ظاهرين على الناس حتى يأتي أمر الله وهم ظاهرون " .

فقوله عليه الصلاة والسلام : طائفة ، وأمة ، وعصابة ، وقوم ، يدّل على حزب ، ولا تدل هذه الألفاظ على أهل الشام كلهم كما فسّرها معاوية لدعم موقفه من عليّ رضي الله عنه .

وقوله صلى الله عليه وسلم : قائمة ، قوّامة على أمر الله ، يشير إلى قيام الحزب وتمسكه بالإسلام وقوامته على فكر المجتمع وحسّه .

وقوله صلى الله عليه وسلم : لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم ، يدّل على خذلان الخاذلين له ، وخلاف المخالفين له ، وأن الحق مع الحزب وليس مع هؤلاء ، وأن الخذلان والخلاف لا تلحق الضرر بالحزب كما هو حاصل فعلاً مع " حزب التحرير " .

رابط هذا التعليق
شارك

2

وقوله عليه الصلاة والسلام : لا يزال ، ولا تزال ، حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك ، يدل على استمرارية الحزب في سيره وعدم توقفه ، كما يدل على ذلك قوله في حديث الحاكم : حتى تقوم الساعة .

وقوله صلى الله عليه وسلم : على الدين ظاهرين ، على الحق ظاهرين ، يدل على تمسك الطائفة أو الحزب بالدين والحق وعدم حيده عنه ، وأن ذلك ظاهر معلن على الناس .

وقوله عليه الصلاة والسلام : إلا ما أصابهم من لأْواء ، يدل على ما يصيب أعضاء هذه الطائفة أو الحزب من عنت بسبب شظف العيش ، والضيق في الرزق .

وأخيراً يدل قوله صلى الله عليه وسلم : وهم بالشام ، ببيت المقدس وأكناف بيت المقدس ، على مكان نشأة الحزب هذا ، أي "حزب التحرير"، إذ لم يُعرف أن حزباً هذه أوصافه قد نشأ في مدينة القدس وما حولها سوى " حزب التحرير " .

هذه هي أوصاف الطائفة أو الحزب ، وهذا هو مكان نشأته ، وهي كلها دون استثناء تنطبق على " حزب التحرير " .

أما قول الإمام أحمد : "إن لم يكونوا أهل الحديث فلا أدري من هم " ، وقول البخاري : هم أهل العلم ، وقول القاضي عياض : هم أهل السنة والجماعة ، وقول على بن المديني : هم العرب ، فأقوال ظاهرة الخطأ ، فأهل الحديث المشتغلون بعلم الحديث وروايته ، وأهل العلم لا يستطيع أحد الادّعاء بأنهم يقطنون في بيت المقدس وأكناف بيت المقدس فحسب ، إضافة إلى عدم انطباق صفات أخرى على هؤلاء . وأهل السنة والجماعة معلوم بداهة أنهم لا يقطنون فحسب في الشام ، إضافة إلى أنهم ليسوا طائفة ، أو عصابة كما ورد في الأحاديث ، وأما القول إنهم العرب فباطل لا شك فيه وظاهر ظهور الشمس ، وأن عذر هؤلاء أنهم عاشوا قبل أن يدركوا مناط هذه الأحاديث ، وهو " حزب التحرير " ، وإلا فلربما كان لهم رأي آخر ، والملامة على من أدركوا هذا الحزب وعرفوه ووقفوا على صفاته ومكان نشأته ثم بقوا على آراء من سبقوهم .

ولم تقف الأحاديث النبوية الشريفة عند ذكر هذه الأوصاف ، بل تعدتها إلى ذكر أوصاف أخرى تدل على قيام الدولة على يد هذه الطائفة أو الحزب ، فقد :

1 - روى مسلم وأبو داود وابن ماجة وأحمد عن جابر قال : سمعت النبي r يقول : " لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة ، قال فينزل عيسى بن مريم r فيقول أميرهم تعال صلّ لنا فيقول لا ، إن بعضكم على بعض أمراء تكرمةَ الله هذه الأمة " .

2 - وروى مسلم عن عقبة بن عامر قال : سمعت رسول الله r يقول : " لا تزال عصابة من أمتي يقاتلون على أمر الله قاهرين لعدوهم ، لا يضرهم من خالفهم حتى تأتيهم السّاعة وهم على ذلك " .

3 - وروى أحمد عن سلمة بن نفيل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " جاء القتال ، لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الناس يرفع الله قلوب أقوام فيقاتلونهم ويرزقهم الله منهم حتى يأتي أمر الله عز وجل وهم على ذلك ، ألا إن عقر دار المؤمنين الشام ، والخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة " .

فقوله صلى الله عليه وسلم : يقاتلون على الحق ، يقاتلون على أمر الله ، جاء القتال ... فيقاتلونهم ويرزقهم الله منهم ، يدل دلالة صحيحة على أن هذه الطائفة سيكون لها دولة تعلن الجهاد والقتال وتنتصر على الأعداء ، وهذه هي الغاية التي يسعى إليها " حزب التحرير " منذ نشأته ، وهي إعادة الخلافة الراشدة .

 

 

بقيت صفة أخيرة لا أحسبها تنطبق إلا على هذه الطائفة الظاهرة على الدين القائمة على أمر الله ، وهي صفة الغربة والاغتراب في مجتمع سيء تكثر فيه المعاصي وينتشر فيه الفساد كما هو حال المجتمع في العالم الإسلامي حالياً ، وتقوم هذه الطائفة الغريبة عن المجتمع في حال غربة الإسلام وغروبه بإصلاح فساد الأفكار التي يدّعي أصحابها أنها إسلامية ، وما هي بإسلامية ، بل هي أفكار كفر تسربت إلى المسلمين عبر الغزو الثقافي الغربي كفكرة الديمقراطية والعدالة الاجتماعية والحريات وأمثالها ، هذه الصفة أيضاً وردت في الحديث النبوي الشريف ، فقد روى مسلم وأحمد عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " بدأ الإسلام غريباً وسيعود كما بدأ فطوبى للغرباء " ، وروى أحمد والبزار وأبو يعلى بسند رجاله رجال الصحيح عن سعد بن أبي وقاص قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إن الإيمان بدأ غريباً وسيعود غريباً كما بدأ فطوبى يومئذ للغرباء إذا فسد الناس " ، وفي رواية لأحمد من طريق عبد الرحمن بن سنة بلفظ : " بدأ الإسلام غريباً ثم يعود غريباً كما بدأ ، فطوبى للغرباء ، قيل يا رسول الله ومن الغرباء ، قال الذين يصلحون إذا فسد الناس ... " .

فقد وصفت هذه الأحاديث الثلاثة المجتمع أو الناس بالفساد ، ووصفت الإسلام بالغربة والاغتراب ، ووصفت المتمسكين بالدين بأنهم غرباء وبأنهم صالحون ، ولكن هذه الأوصاف لا تكفي للدلالة الواضحة على هذه الطائفة التي أشرنا إليها ، إذ قد يتمسك بأحكام الشرع شخص أو بضعة أشخاص في زمن الفساد ، فيطلق عليه أو عليهم صفة الغربة ، وصفة الصلاح ، فكيف يصح القول إنّ الغرباء هم هذه الطائفة ؟ والجواب على ذلك هو فيما رواه الترمذي وحسّنه عن عمرو بن عوف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن الدين بدأ غريباً ويرجع غريباً ، فطوبى للغرباء الذين يُصلحون ما أفسد الناسُ من بعدي من سنتي " . فهذا الحديث يدل دلالة واضحة على نفي الغربة عن مجرد ناسٍ متمسكين بأحكام الشرع في زمن الفساد إلا أن يكونوا عاملين على إصلاح ما أفسد الناس من الأفكار والأحكام الشرعية كما أشرنا إلى ذلك ، والمعلوم بداهة أن شخصاً أو بضعة أشخاص متناثرين هنا وهناك لا يقدرون على إصلاح ما فسد في المجتمع إلا أن يكونوا طائفة أي حزباً يتولى هذه المهمة الصعبة ، فلكي ينطبق على المسلم ما جاء في هذه الأحاديث الأربعة يجب أن يكون ضمن طائفة أو حزب يعمل على إصلاح فساد الأفكار والأحكام في المجتمع ، وبدون الطائفة أو الحزب فإنه لا يستطيع فعل ذلك قطعاً ، فوجب صرف الثناء الوارد في هذه الأحاديث إلى كل مسلم ينتمي إلى الطائفة أو الحزب الذي يتولى مهمة إصلاح الفساد في المجتمع .

وحيث أن الأحاديث قد نوهت بالطائفة أو العصابة الظاهرة على الدين القائمة على أمر الله ، وأنها ستقيم دولة تقاتل الكفار ، فإن وصف الغرباء الذين يصلحون ما أفسد الناس من سنة محمد صلى الله عليه وسلم - والسنة هنا تعني الشريعة ، أي الدين - ينبغي أن يصرف إلى أعضاء هذه الطائفة أو الحزب ، الذي واقِعُ أعضائه أنهم فعلاً غرباء في المجتمع المعاصر ، وعلى ذلك فإن الغرباء الذين لهم طوبى هم أعضاء الطائفة أو الحزب الذي نوهنا به ، والذي جاء ذكره في العديد من الأحاديث .

رابط هذا التعليق
شارك

إن الله سبحانه بيده الفضل يسبغه على من يشاء من عباده ، وإن المسلم الذي يكرمه الله بفضله يجب عليه أن يحمده ويشكره ويكثر من ذكره وعبادته ، ويزيد من نشاطه في الدعوة إلى الخير ، ولا شيء أعظم وأفضل من التأسّي بالنبي صلى الله عليه وسلم في حمل الدعوة ، وتحمّل ما يلقاه حامل الدعوة بصبر واحتساب ، لأن بحمل الدعوة تكون عودة الإسلام إلى الحياة بعد غربته ، وبحمل الدعوة تكون نهضة هذه الأمة ، وبحمل الدعوة يكون التخلص من فساد الأفكار والأحكام والتشريعات والقوانين المطبقة على المسلمين بكرهٍ منهم ، وبحمل الدعوة كما حملها رسول الله صلى الله عليه وسلم تقوم الدولة الإسلامية ، دولة الخلافة الراشدة ، مصداقاً لما جاء في الحديث الذي رواه أحمد من طريق حذيفة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون ، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها ، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة ، فتكون ما شاء الله أن تكون ، ثم يرفعها إذا شاء الله أن يرفعها ، ثم تكون ملكاً عاضاً ، فيكون ما شاء الله أن يكون ، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها ، ثم تكون ملكاً جبرية ، فتكون ما شاء الله أن تكون ، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها ، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة . ثم سكت " .

إن من يعملون لإعادة الخلافة الراشدة ، الخلافة على منهاج النبوة ، ليستحقون من رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الثناء العظيم ، ولكنّ هذا الاستحقاق يحتاج إلى إيمان راسخ ، وإخلاص خالص ، وقوة وعزيمة ، وثبات وصبر ، والله سبحانه غالب على أمره .

عن كتاب :

حمل الدعوة - واجبات وصفات

- محمود عبد اللطيف عويضة

 

 

رابط هذا التعليق
شارك

Join the conversation

You can post now and register later. If you have an account, sign in now to post with your account.

زوار
اضف رد علي هذا الموضوع....

×   Pasted as rich text.   Paste as plain text instead

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   Your previous content has been restored.   Clear editor

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.

جاري التحميل
×
×
  • اضف...