اذهب الي المحتوي
منتدى العقاب

الانتحار السياسي


Recommended Posts

موضوع منقول من قبل خمس سنوات ينطبق على الواقع
 

الانتحار السياسي



مما لا شك فيه أن الانتحار- قتل النفس عمداً - يعتبر كبيرة من كبائر الذنوب، وإثم من أعظم الآثام وهو حكم معلوم من الدين بالضرورة لا يختلف فيه اثنان من المسلمين قال تعالى : (وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا ) ويقول المصطفى علية الصلاة والسلام : (( مَن قتل نفسه بشيء في الدنيا عذب به يوم القيامة)) رواه البخاري ،وهو فوق حرمته أمر مخالف للفطرة ولما هو مركوز في الإنسان من غريزة حب البقاء ولذلك كان الإقدام على الانتحار إحدى الاشباعات الشاذة لهذه الغريزة وهو أمر نادر الوقوع في بلاد المسلمين رغم سوء أوضاعهم في كافة الميادين سياسيا واقتصاديا وامنيا ...الخ. أما الانتحار السياسي فهو منتشر حتى يكاد يكون ظاهرة و يمارس من بعض السياسيين والحكام والحركات في البلاد الإسلامية وبشيء من الاستحسان وصار كثير من الناس لا ينظر إلى مرتكبيه بعين الغضب والاستقباح فما هو الانتحار السياسي وما هي أسبابه ودوافعه وما هي نتائجه ؟

تعتبر الاستعانة بالأجنبي ماليا أو عسكريا أو سياسيا أو بأي صورة من صور الاستعانة أو تسليمه قضية من قضايانا ليكون فيها قاضيا ومحكما انتحارا سياسيا فالعدو يستعدى ولا يستعان به وقد حذرنا المصطفى عليه الصلاة والسلام من ذلك فقال ( إنا لا نستعين بكافر ) وقال : ( لا تستضيئوا بنار المشركين ) وتعتبر الاستعانة بالأجنبي انتحارا لان فيها قتلا للقضية المستعان به من اجلها بل قد توصل الاستعانة إلى رهن إرادة البلد المستعين ومقدرتاه لتصبح في يد هذا العدو فتصبح البلد تحت نفوذه وسيطرته ويصبح هذا الأجنبي صاحب الكلمة والسلطان وصاحب السيادة في هذه القضية أن لم يكن في البلد ككل، وانه إذا كان قتل النفس لا تتعدى آثاره ونتائجه فاعله والمقربين منه فان الانتحار السياسي يتعدى مرتكبه ليصيب شعبه أو أمته أو قضيته في مقتل ولذلك كان الانتحار السياسي أكثر خطورة واكبر مصيبة من حالات الانتحار الفردية .

يعود السبب في انتشار فكرة بل وتفشي ظاهرة الانتحار السياسي وممارستها من قبل "محترفي" موظفي السياسة في بلاد المسلمين من حكام وأوساط سياسية فاسدة وأحزاب علمانية وحتى (إسلامية) ناتج عن سياسة التلويث الفكري التي مورست على الأمة الإسلامية منذ عقود. فبعد إن أزيلت الدولة الإسلامية من الوجود سنة 1924 -وبسياسة ومنهجية الانتحار السياسي- ومع سيطرة الكافر المستعمر المباشرة على بلاد المسلمين , حاول الغرب الكافر المستعمر تسميم الأفكار الإسلامية بإحلال ثقافته وأفكاره الهدامة ومفاهيمه المغلوطة محل الأفكار الإسلامية, وجعل حضارته ومفاهيمه ومكونات بلاده وتاريخه وبيئته المصدر الأساسي لما نحشو به أدمغتنا ،ولم يكتف بذلك بل عمد إلى تسميم الأجواء بأفكاره وآراءه السياسية والفلسفية فافسد بها وجهة النظر الصحيحة عند المسلمين, وافسد بها الجو الإسلامي وجعل شخصيته مركز دائرة الثقافة والفكر, وموضع الاتجاه والبوصلة وقِبلة أنظار السِّياسيين أو محترفي السياسة فأصبحت فكرة الاستعانة بالأجنبي والاتكال عليه نهجا وسياسة متبعة، دون إدراك أن ربط قضيتنا بغيرنا وبغير عقيدتنا ومبدئنا هو انتحار سياسي يصيب الأمة الإسلامية في مقتل.. ولذلك فان أي حركة تستعين بالكافر المستعمر تكون قد تسممت بالفكر الأجنبي مسبقا, وتكون قد فسدت نظرتها عن الحياة ولذلك فان تبني فكرة الاستعانة بالأجنبي كفكرة وكمنهج سياسي هو نتيجة للتسمم الفكري ونتيجة الافتتان بثقافة الغرب والانضباع بحضارته ومفاهيمه .

ولو عدنا إلى التاريخ نقلب بعض صفحاته السوداء لنرى ماذا حدث للأمة الإسلامية عندما استعان بعض أبناءها بالأجنبي. فمثلا تعتبر حادثة (ابن العلقمي) صاحب الجريمة النكراء، في ممالأة "هولاكو" على غزو بغداد مثلا تاريخيا لخطورة سياسة الاستعانة بالأجنبي، بل والتصقت به حتى صار إذا ذكر ابن العلقمي ذكرت الخيانة وإذا ذكرت الخيانة ذكر ابن العقلمي. فهذا الرجل الوزير استعان بالتتار لإسقاط حكم العباسيين في بغداد عام 656 هجريه 1258 م. والكل يعرف ما نتج عن ذلك من قتل الخليفة والقضاةِ والفقهاءِ والأمراءِ والأعيانِ و قوادِ الأمةِ وطلائعها بدونِ أي جهدٍ من التترِ، ثم مالوا على البلدِ فقتلوا جميعَ من قدروا عليه من الرجالِ والنساءِ والولدان والمشايخِ والكهولِ والشبانِ وقد قتلوا من المسلمين ما يقالُ إنهُ بضعةُ عشر ألفِ ألفِ إنسانٍ أو أكثر أو أقل وقتل الخطباءُ والأئمةُ، وحملةُ القرآنِ، وتعطلت المساجدُ والجماعاتُ والجمعاتُ مدة شهورٍ ببغداد.

ومثال تاريخي آخر من أمثلة الانتحار السياسي الفعلة الشنعاء والجريمة النكراء للخائن "الشريف"حسين بن علي فقد كان القضاء على الخلافة العثمانية هدفا استعماريًا استراتيجيا وتمزيق الأمة إلي دويلات كرتونية هزيلة تابعة له فتعاون حسين بن علي مع الانجليز في ذلك الوقت وقاد ما يسمى بالثورة العربية الكبرى التي أجهزت على الخلافة الإسلامية على أمل أن يقيموا له دولة عربية واحدة يتوج ملكا عليها فلا ملكا صار ولا خلافة أبقى وكانت هذه اكبر مصيبة حلت بالمسلمين في التاريخ ما زالت الأمة الإسلامية تعيش نتائجها المدمرة وآثارها المزلزلة والحال يغني عن المقال .

وهناك أمثلة أخرى حية من الانتحار السياسي ما فعلته القوى والأحزاب السياسية في العراق حين استعانت بالغرب وأمريكا للتخلص من ظلم أصابهم وإذا بهم يقعون ويوقعون أهل العراق تحت نير الاحتلال الأمريكي وصار البلد كله بمقدراته وخيراته وثرواته تحت سيطرة ونفوذ الأمريكان ونهبه لهم وعاد العراق إلى الوراء عشرات السنين وبدل التخلص من الظلم إذا بهم يعيشون الآن ظلمات بعضها فوق بعض فكان حالهم تماما كالمستجير من الرمضاء بالنار .

وإذا نظرنا إلى ما جري في ليبيا حين ربط المجلس الانتقالي في ليبيا الخائن للثوار مصير البلد بالغرب والاستعانة به وجلبه لإسقاط نظام السفاح القذافي رأينا فظاعة المصير المنتظر لليبيا وأهلها. لهذا استطعنا الحكم على الثورة في ليبيا بالانتحار السياسي قبل أن تكتمل فصولها وحلقاتها. فإذا ما تم لهم ما أرادوا وتخلصوا من السفاح القذافي – صنيعة الانجليز – فإنهم صاروا مربوطين بالغرب ربطا محكما لا فكاك منه، ولو أراد الغرب أن يتخلص من القذافي لتخلص منه في يوم بل في ساعات لكنه – وعلى لسان قادة المجلس – يتباطأ وذلك حتى يحكم قبضته على الثوار ويكون وجوده في البلد مطلبا جماهيريا وهدفا يبتغى، وهذا ما نراه اليوم حاصلا في ليبيا. 

ولننظر إلى قضية المسلمين في فلسطين وما حل بها وما وصلت إليه كيف تقزمت من قضية إسلامية إلى قضية عربية إلى قضية فلسطينية إلى قضية فصائل ومنظمات إلى تقسيمات 67 و 48 ثم إلى قضية مستوطنات وجدار وحصار ...الخ وذلك بسبب سياسات الانتحار السياسي واللجوء إلى الأجنبي للاستعانة به في حل القضية حتى صارت قراراته الجائرة مطلبا تنادى به القوى والفصائل الفلسطينية التي اختطفت القضية من أصحابها الشرعيين( الأمة الإسلامية ) فمذ أدخلت القضية أروقة الأمم المتحدة ودهاليز مجلس الأمن و خرائط طرق المستعمرين ضاعت القضية فلا دولة فلسطينية – مسخا - أقاموا ولا قضية ابقوا ولاحقوهم في لقمة العيش حتى تحولت "المنح" المالية للسلطة إلى محن وابتلاءات لترويض أهل فلسطين للقبول بالحلول السلمية والمشاريع الاستعمارية لحل القضية وتصفيتها .

إنّ مجرد التفكير بالاستعانة بالأجنبي في أي بلد إسلامي وفي أي قضية مهما صغرت يعتبر جريمة يحرمها الإسلام فضلا عن كونه انتحارا سياسيا. فالأجنبي يضرب بالنعال وبالنبال ولا يستعان به فهو عدو وليس له صديق تماما كالأفعى ليس لها صديق إنما صديقتها فريستها وتحرم موالاة الكافر أو الاستعانة به قال تعالى : ( يا أيها الذين امنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة وقد كفروا بما جاءكم من الحق ) الممتحنة 1 وقال ( ان الشيطان لكم عدوا فاتخذوه عدوا ) فاطر 6 وكل من يستعين او ينادي بالاستعانة بالأجنبي يعتبر خائنا لله ولرسوله وللمسلمين قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} (الأنفال:27)

 

http://naqed.info/forums/index.php?showtopic=4584&st=0&gopid=16461&&fbclid=IwAR2p8P9_QalviXwi95YABn3P1xeQA4hmCLGpbUxIfRpdSM5IMlFteZQvXVE#entry16461

رابط هذا التعليق
شارك

Join the conversation

You can post now and register later. If you have an account, sign in now to post with your account.

زوار
اضف رد علي هذا الموضوع....

×   Pasted as rich text.   Paste as plain text instead

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   Your previous content has been restored.   Clear editor

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.

جاري التحميل
×
×
  • اضف...