اذهب الي المحتوي
منتدى العقاب

مع الحديث الشريف / سلسلة من المكتب الإعلامي لحزب التحرير


Recommended Posts

بسم الله الرحمن الرحيم

 

مع الحديث الشريف

باب ما جاء في صيام ستة أيام من شوال

 

 

نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

جاء في تحفة الأَحْوَذِيِّ، في شرح جامع الترمذي "بتصرف" في" باب ما جاء في صيام ستة أيام من شوال ".

 

حدثنا أحمدُ بنُ مَنِيْعٍ حدثنا أبو مُعاويةَ حدثنا سعدُ بنُ سَعِيْدٍ، عن عُمَرَ بنِ ثابتٍ عن أبي أيوبَ قالَ:

 

قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ صَامَ رمضانَ ثم أتبعَهُ سِتاً من شَوَّال، فذلك صيامُ الدهرِ".

 

 

 

أيها الكرام:

 

يُنْدَبُ للمسلمِ بعدَ أنْ يَفْرُغَ من صيامِ رَمضانَ، ويُفْطِرَ يومَ عيدِ الفطرِ أنْ يستأنفَ الصيامَ في شوال، فيصومَ ستةَ أيامٍ منه، فمن فعل ذلك كلَّ عام، فكأنما صام الدهرَ، وذلك أن الحسنةَ بِعَشْرِ أمثالِها، واليومُ بعَشَرَةِ أيام، فرمضانُ بعَشَرَةِ أشْهُرٍ، وستةُ أيامٍ بستينَ يوماً، أي بشهرينِ، فيكونُ بصيامِه ستةً من شوال بعد صيامِه رمضانَ، كأنما صام عَشَرَةَ أشهر، ثم صام شهرين، وهي عدد أيام السنة.

 

ولا يجبُ صومُ هذه الأيامِ الستةِ عَقِبَ العيدِ مباشرةً، كما لا يجبُ صومُها مجتمعةً متصلةً، وإنما يتحققُ المطلوبُ بصومِ ستةٍ من شوال، بأيةِ ستةٍ منه.

 

هذا من فضل الله على عباده المؤمنين، أن فتح لهم أبوابا من الخير والحسنات المضاعفة، حتى يصلوا إلى رحمته. اللهم أكرمنا برحمتك الواسعة، اللهم آمين آمين.

 

أيها الكرام، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركات.

 

 

03 من شوال 1433

الموافق 2012/08/21م

 

 

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

 

مع الحديث الشريف

 

كنا في عهد رسول الله نسمى السماسرة

 

 

نحييكم جميعا أيها الأحبة، في حلقة جديدة من برنامجكم "مع الحديث الشريف" ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

روى أبو داوود في سننه قال :

 

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي غَرَزَةَ قَالَ

 

كُنَّا فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نُسَمَّى السَّمَاسِرَةَ فَمَرَّ بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَمَّانَا بِاسْمٍ هُوَ أَحْسَنُ مِنْهُ فَقَالَ يَا مَعْشَرَ التُّجَّارِ إِنَّ الْبَيْعَ يَحْضُرُهُ اللَّغْوُ وَالْحَلْفُ فَشُوبُوهُ بِالصَّدَقَةِ

 

 

قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :

 

( نُسَمَّى ) : بِصِيغَةِ الْمَجْهُول . ( السَّمَاسِرَة ) : بِالنَّصْبِ عَلَى أَنَّهُ مَفْعُول ثَانٍ وَهُوَ بِفَتْحِ السِّين الْأُولَى وَكَسْر الثَّانِيَة جَمْع سِمْسَار . قَالَ فِي النِّهَايَة : السِّمْسَار الْقَيِّم بِالْأَمْرِ الْحَافِظ لَهُ ، وَهُوَ اِسْم الَّذِي يَدْخُل بَيْن الْبَائِع وَالْمُشْتَرِي مُتَوَسِّطًا لِإِمْضَاءِ الْبَيْع ، وَالسَّمْسَرَة ، الْبَيْع وَالشِّرَاء اِنْتَهَى .

 

( فَسَمَّانَا بِاسْمِ هُوَ أَحْسَن مِنْهُ ): أَيْ مِنْ اِسْمنَا الْأَوَّل . قَالَ أَبُو سُلَيْمَان الْخَطَّابِيُّ : السِّمْسَار أَعْجَمِيّ ، وَكَانَ كَثِير مِمَّنْ يُعَالِج الْبَيْع وَالشِّرَاء فِيهِمْ عُجْمًا فَتَلَقَّوْا هَذَا الِاسْم عَنْهُمْ فَغَيَّرَهُ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى التِّجَارَة الَّتِي هِيَ مِنْ الْأَسْمَاء الْعَرَبِيَّة ، وَذَلِكَ مَعْنَى قَوْله فَسَمَّانَا بِاسْمٍ هُوَ أَحْسَن مِنْهُ اِنْتَهَى .

 

( إِنَّ الْبَيْع يَحْضُرهُ اللَّغْو ) : أَيْ غَالِبًا وَهُوَ مِنْ الْكَلَام : مَا لَا يُعْتَدّ بِهِ ، وَقِيلَ هُوَ الَّذِي يُورِد : لَا عَنْ رَوِيَّة وَفِكْر , فَيَجْرِي مَجْرَى اللَّغْو , وَهُوَ صَوْت الْعَصَافِير . ذَكَرَهُ الطِّيبِيُّ . قَالَ الْقَارِيّ : وَالظَّاهِر أَنَّ الْمُرَاد مِنْهُ مَا لَا يَعْنِيه وَمَا لَا طَائِل تَحْته وَمَا لَا يَنْفَعهُ فِي دِينه وَدُنْيَاهُ اِنْتَهَى .

 

( وَالْحَلِف ) : أَيْ إِكْثَاره أو الْكَاذِب مِنْهُ

 

( فَشُوبُوهُ ) : بِضَمِّ أَوَّله أَيْ اِخْلِطُوا مَا ذُكِرَ مِنْ اللَّغْو وَالْحَلِف قَالَهُ الْقَارِيّ . وَيُحْتَمَل أَنْ يَرْجِع الضَّمِير الْمَنْصُوب إلى الْبَيْع

 

( بِالصَّدَقَةِ ) : فإنهَا تُطْفِئ غَضَب الرَّبّ

الإخوة الكرام:

 

من الأعمال التي يكسب منها العامل كسبا مباحا والتي دل عليها حديثنا لهذا اليوم ....السمسرة

 

والسمسار هو الذي يتوسط بين البائع والمشتري لإمضاء البيع مقابل أجر من أحدهما ( البائع أو المشتري) فهو في واقعه وكيل عن أحد طرفي البيع

 

إذ السمسار يتوكل ببيع سلعة لأحدهم نيابة عنه مقابل أجر معين ..... أو يتوكل بشراء سلعة لأحدهم مقابل أجر معين

 

ويشترط في عمل السمسار أن يكون العمل الذي استؤجر له سواء للبيع أو الشراء معلوما إما بالمدة أو بالسلعة

 

وبالمدة كأنْ يستأجره ليبيع له أو يشتري له مدة يوم أو شهر أو أسبوع ....

 

وبالسلعة كأن يستأجره ليبيع أو يشتري له سلعة معينة بيتا أو سيارة أو ما شابه

 

أما أن يستأجر على عمل مجهول فلا يجوز ....

 

ولا بد لي من ذكر معامله محرمة يتعامل بها بعض الأجراء في هذا الزمان الذي غابت فيه أحكام الإسلام عن الحياة فضعف فهمها والالتزام بها خاصة المعاملات المالية ....

 

ذلك أن بعض الأجراء يرسلهم صاحب عملهم لشراء بضاعة ....فيشترون من تاجر ما ويعطيهم التاجر أجراً لأنهم اشتروا منه ..فيأخذونه باعتباره سمسرة .....

فليحذر من يفعل ذلك من الأجراء ....فهذا ليس سمسرة وما أخذه من التاجر هو مال حرام ....وكذلك لو خفض له التاجر من ثمن البضاعة فالفرق في الثمن هو من حق صاحب العمل وليس من حق الأجير لأن هذا أيضاً ليس من السمسرة في شيء

 

وبعبارة أخرى ....لا يجوز للأجير عند تأجر معين أن يعمل سمسارا لتاجر آخر تعامل مع رب عمله بيعا أو شراء ....فهو يأخذ أجره من صاحب عمله حلالا ...فإن أخذ أجرة من الطرف الآخر كان مالا حراما وليس حلالا .

 

كم حري بنا أن نعود إلى ديننا ونتعلم أحكام ربنا خاصة في المعاملات فهي غائبة عن الكثير منا ...مع أن الحساب عليها يوم القيامة عسير . فالحري بنا إذا أن نعمل على إعادة دولة الإسلام التي تعيد حكم الله إلى الحياة , ليتعلمه ويلتزمه المسلمون فيقون أنفسهم من حساب يوم تشخص فيه الأبصار .

 

وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

 

05 من شوال 1433

الموافق 2012/08/23م

 

 

 

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

 

مع الحديث الشريف

 

الصيد

 

 

نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم "مع الحديث الشريف" ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

روى أبو داوود في سننه قال :

 

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ هَمَّامٍ عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ :

 

سَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْتُ إِنِّي أُرْسِلُ الْكِلَابَ الْمُعَلَّمَةَ فَتُمْسِكُ عَلَيَّ أَفَآكُلُ قَالَ إِذَا أَرْسَلْتَ الْكِلَابَ الْمُعَلَّمَةَ وَذَكَرْتَ اسْمَ اللَّهِ فَكُلْ مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكَ قُلْتُ وَإِنْ قَتَلْنَ قَالَ وَإِنْ قَتَلْنَ مَا لَمْ يَشْرَكْهَا كَلْبٌ لَيْسَ مِنْهَا قُلْتُ أَرْمِي بِالْمِعْرَاضِ فَأُصِيبُ أَفَآكُلُ قَالَ إِذَا رَمَيْتَ بِالْمِعْرَاضِ وَذَكَرْتَ اسْمَ اللَّهِ فَأَصَابَ فَخَرَقَ فَكُلْ وَإِنْ أَصَابَ بِعَرْضِهِ فَلَا تَأْكُلْ.

 

 

قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :

 

( إِنِّي أُرْسِل الْكِلَاب الْمُعَلَّمَة ) : بِفَتْحِ اللَّام الْمُشَدَّدَة ، وَالْمُرَاد مِنْ الْكَلْب الْمُعَلَّم أَنْ يُوجَد فِيهِ ثَلَاث شَرَائِط إِذَا أُشْلِيَ اِسْتَشْلَى ، وَإِذَا زُجِرَ اِنْزَجَرَ ، وَإِذَا أَخَذَ الصَّيْد أَمْسَكَ وَلَمْ يَأْكُل ، فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ مِرَارًا وَأَقَلّه ثَلَاث كَانَ مُعَلَّمًا يَحِلّ بَعْد ذَلِكَ قَتِيله.

 

( فَتُمْسِك عَلَيَّ ) : أَيْ تَحْبِس الْكِلَاب الصَّيْد لِي . ( أَفَآكُل ) : أَيْ الصَّيْد.

 

( قَالَ إِذَا أَرْسَلْت الْكِلَاب الْمُعَلَّمَة وَذَكَرْت اِسْم اللَّه فَكُلْ ) : فِيهِ دَلِيل عَلَى أَنَّ الْإِرْسَال مِنْ جِهَة الصَّائِد شَرْط حَتَّى لَوْ خَرَجَ الْكَلْب بِنَفْسِهِ فَأَخَذَ صَيْدًا وَقَتَلَهُ لَا يَكُون حَلَالًا . وَفِيهِ بَيَان أَنَّ ذِكْر اِسْم اللَّه شَرْط فِي الذَّبِيحَة حَالَة مَا تُذْبَح وَفِي الصَّيْد حَالَة مَا يُرْسِل الْجَارِحَة أَوْ السَّهْم.

 

( مَا لَمْ يَشْرَكهَا كَلْب لَيْسَ مِنْهَا ) : فِيهِ تَصْرِيح بِأَنَّهُ لَا يَحِلّ إِذَا شَارَكَهُ كَلْب آخَر ، وَالْمُرَاد كَلْب آخَر اِسْتَرْسَلَ بِنَفْسِهِ أَوْ أَرْسَلَهُ مَنْ لَيْسَ هُوَ مِنْ أَهْل الذَّكَاة أَوْ شَكَكْنَا فِي ذَلِكَ فَلَا يَحِلّ أَكْله فِي هَذِهِ الصُّوَر فَإِنْ تَحَقَّقْنَا أَنَّهُ إِنَّمَا شَارَكَهُ كَلْب أَرْسَلَهُ مَنْ هُوَ مِنْ أَهْل الذَّكَاة عَلَى ذَلِكَ الصَّيْد حَلَّ . قَالَهُ النَّوَوِيّ.

 

( بِالْمِعْرَاضِ ) : بِكَسْرِ الْمِيم وَبِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَة وَهِيَ خَشَبَة ثَقِيلَة أَوْ عَصًا فِي طَرَفهَا حَدِيدَة وَقَدْ تَكُون بِغَيْرِ حَدِيدَة وَهَذَا هُوَ الصَّحِيح فِي تَفْسِيره وَقَالَ الْهَرَوِيُّ : هُوَ سَهْم لَا رِيش فِيهِ وَلَا نَصْل . ذَكَرَهُ النَّوَوِيّ.

 

( فَخَزَقَ ) : بِالْخَاءِ وَالزَّاي الْمُعْجَمَتَيْنِ أَيْ نَفَذَ.

 

( بِعَرْضِهِ ) : أَيْ بِغَيْرِ طَرَفه الْمُحَدَّد . وَفِيهِ أَنَّهُ إِذَا اِصْطَادَ بِالْمِعْرَاضِ فَقَتَلَ الصَّيْد بِحَدِّهِ حَلَّ ، وَإِنْ قَتَلَهُ بِعَرْضِهِ لَمْ يَحِلّ ، وَهُوَ مَذْهَب الْجُمْهُور وَقَالَ مَكْحُول وَالْأَوْزَاعِيُّ وَغَيْرهمَا مِنْ فُقَهَاء الشَّام : يَحِلّ مُطْلَقًا .

 

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ وَمُسْلِم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيُّ وَابْن مَاجَهْ .

 

يبين الحديث الشريف أن الصيد من أسباب التملك التي أباحها الشرع. فقوله عليه الصلاة والسلام: "كل" . يفيد إباحة أكل الصيد ويفيد تملكه فإباحة الأكل تدل على تملكه لما اصطاده.

 

وقد بين الحديث متى يحق لك أن تملك ما تصطاد :

 

أولها : أن تسمي الله على الصيد حال إطلاقك السهم أو حال إطلاقك كلبَكَ الْمُعَلَّمَ (أي المدرب), إذ حينها فإن الصيد يكون مملوكاً لك ملكا شرعيا سواء أدركته حياً أم مفارقاً للحياة.

 

وثانيها : أن تُذَكِّيَ الصيدَ الذي أمسكه الكلب غير المعلم ووصلت إليه وهو على قيد الحياة, فإن لم تدركه حياً فهو ميتةٌ ولا يحل لك التصرف فيه.

 

وإباحة العمل بالصيد تشمل صيد البحر كما يشمل صيد البر، يقول تعالى في كتابه العزيز :" أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ".

 

وصيد البحر لا يقتصر على الأسماك والحيتان فهناك اللؤلؤ والمرجان والإسفنج وغيرها مما يحويه البحر.

 

فالعمل بالصيد فيه من المنافع ما لا يخفى على الناس فهو يزودهم بالغذاء والمواد الخام, ويوفر مجالا واسعا للعمل فيسهم في محاربة البطالة, وإغناء الدولة خاصة مع تطور أساليب الصيد ووسائله.

 

فإلى من يَدَّعون أَن إقفال أبواب البلاد أمام السياح الأجانب أو التضييق عليهم بمنع المنكرات التي يطلبونها أو يمارسونها ...فيه إضرار باقتصاد البلد ... أقول : أما ترون ما وهبنا الله إياه من بحار كثيرة وشواطئ واسعة, يمكن أن تكون مصدرا كريما حلالا للدخل للفرد والدولة ..... لكنكم رضيتم بمتابعة الغرب واستمرأتم التبعية, فبئس ما تدعون.

 

اللهم عجل لنا بدولة الخلافة التي ستفتح مجالات الأعمال المباحة وتغلق مجالات العمل المحرمة ......فتنقذ الأمة من الذل والهوان في الدنيا والآخرة.

 

احبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

06 من شوال 1433

الموافق 2012/08/24م

 

 

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

 

مع الحديث الشريف

قالت الأنصار للنبي اقسم بيننا وبين إخواننا

 

 

نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم "مع الحديث الشريف" ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

 

روى البخاري في صحيحه قال:حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَتْ الْأَنْصَارُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إقْسِمْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ إِخْوَانِنَا النَّخِيلَ . قَالَ : لَا . فَقَالُوا : تَكْفُونَا الْمَئُونَةَ وَنَشْرَكْكُمْ فِي الثَّمَرَةِ , قَالُوا : سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا

 

 

قَوْله : ( قَالَتْ الْأَنْصَار )

 

أَيْ حِين قَدِمَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَة ، وَسَيَأْتِي فِي الْهِبَة مِنْ حَدِيث أَنَس قَالَ : " لَمَّا قَدِمَ الْمُهَاجِرُونَ الْمَدِينَة قَاسَمَهُمْ الْأَنْصَار عَلَى أَنْ يُعْطُوهُمْ ثِمَار أَمْوَالهمْ وَيَكْفُوهُمْ الْمَئُونَة وَالْعَمَل " الْحَدِيث .

 

قَوْله : ( النَّخِيلَ )

 

فِي رِوَايَة الْكُشْمِيهَنِيِّ " النَّخْل " وَالنَّخِيل جَمْع نَخْل كَالْعَبِيدِ جَمْع عَبْد وَهُوَ جَمْع نَادِر .

 

قَوْله : ( الْمَئُونَة )

 

أَيْ الْعَمَل فِي الْبَسَاتِين مِنْ سَقْيهَا وَالْقِيَام عَلَيْهَا ، قَالَ الْمُهَلَّب : إِنَّمَا قَالَ لَهُمْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " لَا " لِأَنَّهُ عَلِمَ أَنَّ الْفُتُوح سَتُفْتَحُ عَلَيْهِمْ فَكَرِهَ أَنْ يَخْرُج شَيْء مِنْ عَقَار الْأَنْصَار عَنْهُمْ ، فَلَمَّا فَهِمَ الْأَنْصَار ذَلِكَ جَمَعُوا بَيْن الْمَصْلَحَتَيْنِ : اِمْتِثَال مَا أَمَرَهُمْ بِهِ ، وَتَعْجِيل مُوَاسَاة إِخْوَانهمْ الْمُهَاجِرِينَ ، فَسَأَلُوهُمْ أَنْ يُسَاعِدُوهُمْ فِي الْعَمَل وَيُشْرِكُوهُمْ فِي الثَّمَر . قَالَ : وَهَذِهِ هِيَ الْمُسَاقَاة بِعَيْنِهَا

 

في هذا الحديث الشريف نتعرف على أحد الأعمال التي جعلها الشرع سبباً من أسباب التملك الشرعية .....إنه المساقاة . وهي أن يدفع أحدٌ أرضه المغروسةَ شجراً لآخر ليسقيها ويعتني بها مقابل جزء معلوم من الثمر.

 

وهو عمل مباح بدلالة الحديث.

والمساقاة غير المزارعة.

 

فالمزارعة : أن يدفع أحدٌ أرضه الملساءَ (غيرَ المزروعة) لآخر ليزرعها زراعة موسمية مقابل جزء من ناتج الأرض أو مبلغ من المال ....

 

وفي حين أن المساقاة من الأعمال المباحة شرعاً فإن المزارعة من الأعمال المحرمة, فقد جاء في صحيح البخاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من كانت له أرض فليزرعها أو ليمنحها أخاه, فإن أبى فليمسك أرضه.

 

وجاء في صحيح مسلم : " نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يؤخذ للأرض أجر أو حظ"

 

فلننتبه إخوتي الكرام في تعاملنا مع ما تحت أيدينا من أراض, فما كانت شجرية فإنه يجوز تأجيرها مقابل جزء من ناتجها أو مقابل كمية من المال أو النقود لا فرق، فكلها كسب مباح وملكه شرعي بلا خلاف.

 

أما ما كانت ملساء تزرع موسميا فإنه يحرم تأجيرُها سواء مقابل جزء من ناتجها أو مقابل مبلغ من المال أو أي شيء آخر.

 

إن مثل هذه الأحكام يغفل عنها الكثيرون أو لا يعرفونها بسبب غياب أحكام الإسلام عن رعاية شؤوننا ....لكن عندما تعود دولة الإسلام قريبا بإذن الله وتعيد تطبيق شرع الله فلن تعود مثل هذه الأحكام مجهولة عند المسلمين خاصة المزارعين منهم, لأنه لا يقتصر أثرها على حياتهم في الدنيا بل يمتد ليؤثر على مصيرهم في الآخرة.

 

الإخوة الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

 

07 من شوال 1433

الموافق 2012/08/25م

 

 

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

 

مع الحديث الشريف

 

 

أنت مع من أحببت

 

 

نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم "مع الحديث الشريف" ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

عن أنس رضي الله عنه أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الساعة فقال: متى الساعة؟ قال: وماذا أعددت لها ؟ قال: لا شيء إلا أني أحب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم فقال: " أنت مع من أحببت ". قال أنس: فما فَرِحْنا بشيءٍ فَرَحَنا بقولِ النبي صلى الله عليه وسلم: " أنت مع من أحببت "، قال أنس: فأنا أحب النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر، وأرجو أن أكون معهم بحبي إياهم وإن أعمل بمثل أعمالهم.

 

 

شرح الحديث :

 

قوله: وماذا أعددت لها، أي ما العمل الصالح الذي أعددته لتلقى جزاءه إذا قامت الساعة؟ قال الحافظ: قال الكرماني: سلك مع السائل أسلوب الحكيم وهو تلقى السائل بغير ما يطلب مما يهمه أو هو أهم.

 

قوله: أنت مع من أحببت، قال الحافظ في الفتح: أي ملحق بهم حتى تكون من زمرتهم وبهذا يندفع إيراد أن منازلهم متفاوتة فكيف تصح المعية؟ فيقال: إن المعية تحصل بمجرد الاجتماع في شيء ما ولا تلزم في جميع الأشياء، فإذا اتفق أن الجميع دخلوا الجنة صدقت المعية وإن تفاوتت ا لدرجات.

 

قول أنس رضي الله عنه: فما فَرِحْنا بشيءٍ فَرَحَنا بقول النبي أنت مع من أحببت، وفي صحيح مسلم قال أنس: فما فرحنا بعد الإسلام فرحا أشد من قول النبي صلى الله عليه وسلم: فإنك مع من أحببت.

 

قوله: فأنا أحب النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر، جمع أنس رضي الله عنه بين النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبيه في المحبة، ومحبتهما رضي الله عنهما من محبة الرسول لأن المحبة الصادقة تقتضى موافقة المحبوب في محبة ما يحبه وبغض ما يبغضه، وأبو بكر وعمر رضي الله عنهما حبيباه وصاحباه رضي الله عنهما، وقد قال الله تعالى: { قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ } وقد جمع الله بين النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبيه رضي الله عنهما في الدنيا وفي التربة في البرزخ وهما معه في الجنة، وهما أفضلُ مَنْ وَلَدَتْهُ النساءُ بعد الأنبياء والمرسلين، وأفضلهما الصديق رضي الله عنه وبعد عمر في الفضل عثمان رضي الله عنه، ثم على رضي الله عنه وعن سائر الصحابة أجمعين.

 

ونحن اخي الحبيب ماذا أعددنا لآخرتنا؟

 

فإن أجبنا كما أجاب الأعرابيُّ رسولَ الله ، أعددنا لها محبةَ اللهِ ورسولهِ

 

أجبنا أن المحبةَ الصادقةَ تقتضي موافقةَ المحبوبِ في محبةِ ما يُحبُّهُ وبُغْضِ ما يُبْغِضُهُ،

 

فهل نحن نُحِبُّ مَا يُحِبُّ اللهُ ورسولُهُ؟

 

وهل نتبعُ رسولَ الله حتى نستحقَ محبةَ اللهِ سبحانه؟

 

فإذا أردنا أن نَرِثَ هذه الدرجةَ وهذه المحبةَ فلا بد لنا أن نَصِلَ ليلَنا بنهارِنا في طاعةِ الله وطاعةِ رسولِه صلى الله عليه وسلم، ونعملَ لإعادة الإسلامِ إلى الحياة كما عملَ صلى الله عليه وسلم، فأقامَ دولة الإسلامِ، وطبقه وحمله إلى الناس، ونموتَ على مات عليه الحبيبُ محمدُ ونعملَ جاهدين من أجل استعادة ميراث رسول الله صلى الله عليه وسلم خلافةً راشدةً على منهاج النبوة فنستحقَّ بذلكَ محبةَ اللهِ ومحبةَ رسولِهِ صلى الله عليه وسلم.

 

 

احبتنا الكرام، والى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

08 من شوال 1433

الموافق 2012/08/26م

 

 

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

 

مع الحديث الشريف

 

"باب قول النبي صلى الله عليه وسلم بني الإسلام على خمس"

 

 

نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم "مع الحديث الشريف" ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

جاء في فتح الباري شرح صحيح البخاري لابن حجر العسقلاني بتصرف في " باب قول النبي صلى الله عليه وسلم بني الإسلام على خمس".

 

حدثنا عبيد الله بن موسى قال أخبرنا حنظلة بن أبي سفيان عن عكرمة بن خالد عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " بني الإسلام على خمس، شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والحج وصوم رمضان".

 

أيها الإخوة الكرام:

 

منذ نعومة أظافرنا، ومنذ وعينا على هذه البسيطة، ونحن نردد هذا الحديث. إلا أننا - وللأسف - لم نفقهه إلا مجموعة من الكلمات المرتبة، فحفظناها وسعدنا بترديدها، بعيدا عن الواقع. فالحديث الشريف يتحدث عن الإسلام وعن أركان الإسلام. وبالتدقيق، نرى أن الإسلام يشملُ أركانه وغير أركانه. وبما أن الإسلام دين عملي، فإننا نرى أن أركان الإسلام غير مطبقة في واقع الحياة، فما بالكم - أيها المسلمون- بالإسلام نفسه؟ فأين ركن الصلاة في حياة الأمة ؟ من شاء فليصلِ ومن شاء فلا. أين ركن الزكاة؟ هناك ضرائب فرضتها الدولة وهي تكفي. أين ركن الصوم؟ من يستطيع أن يجبر مسلما على الصوم؟ أين ركن الحج؟ هناك أعداد معينة لكل دولة كل عام. لا بل هناك من الحكام من يحاسب أبناء الأمة إن أقامت الصلاة والصيام في حياتها، ولا عجب. ولكن الغريب العجيب، أن نسمع من شيوخ وعلماء هذه الأمة، وقادة الحركات التي تدعي أنها تعمل للإسلام في هذا الزمان، أن الأمور تسير على ما يرام، وأن الحياة التي نعيش، حياة إسلامية، وفيها بعض التقصير من بعض الحكام. بالله عليكم،-أيها المسلمون- هل يُقبل هذا الكلام من عدو، فضلا عن أن يقبل ممن يعدّ عالماً في الإسلام؟ كيف يمكن أن نعيش مع هذه السموم؟ أهكذا هو الإسلام؟ أليس هذا الظلم بعينه للإسلام وللمسلمين وللعاملين لإعادة الإسلام من جديد؟ نسأل الله العظيم، رب العرش العظيم، أن يكحل أعيننا برؤية الإسلام مطبقاً في واقع الحياة، في دولة تحميه وتسهر على تطبيقه، ودولة تحقق العدل بأحكام الإسلام، إنها دولة الخلافة، التي نعيش في الذكرى الحادية والتسعين لهدمها، دولة العدل والخير. اللهم اهدِ قومي فإنهم لا يعلمون.

 

والى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

 

09 من شوال 1433

الموافق 2012/08/27م

 

 

 

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

مع الحديث الشريف

 

ما أكل أحد طعاما قط

 

 

أيها الأحبة في كل مكان، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

روى البخاري في صحيحه :

" حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ عَنْ ثَوْرٍ عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ عَنْ الْمِقْدَامِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ

 

عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَا أَكَلَ أَحَدٌ طَعَامًا قَطُّ خَيْرًا مِنْ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ وَإِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَام كَانَ يَأْكُلُ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ " .

 

ورد في فتح الباري لابن حجر في شرح هذا الحديث :

 

قَوْلُهُ : ( مَا أَكَلَ أَحَدٌ )

زَادَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ " مِنْ بَنِي آدَمَ " .

قَوْله : ( طَعَامًا قَطُّ خَيْرًا مِنْ أَنْ يَأْكُل مِنْ عَمَلِ يَده )

 

فِي رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ " خَيْرٌ " بِالرَّفْعِ وَهُوَ جَائِزٌ ، وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ مِنْ " كَدِّ يَدَيْهِ " وَالْمُرَاد بِالْخَيْرِيَّةِ مَا يَسْتَلْزِمُ الْعَمَلَ بِالْيَدِ مِنْ الْغِنَى عَنْ النَّاس . وَلِابْنِ مَاجَهْ مِنْ طَرِيق عُمَر بْن سَعْد عَنْ خَالِد بْن مَعْدَان عَنْهُ " مَا كَسَبَ الرَّجُلُ أَطْيَبَ مِنْ عَمَل يَدَيْهِ " وَلِابْنِ الْمُنْذِر مِنْ هَذَا الْوَجْه " مَا أَكَلَ رَجُلٌ طَعَامًا قَطُّ أَحَلَّ مِنْ عَمَلِ يَدَيْهِ " وَفِي فَوَائِد هِشَام بْن عَمَّار عَنْ بَقِيَّة حَدَّثَنِي عُمَر بْن سَعْد بِهَذَا الْإِسْنَاد مِثْل حَدِيث الْبَاب وَزَادَ " مَنْ بَاتَ كَالًّا مِنْ عَمَلِهِ بَاتَ مَغْفُورًا لَهُ " انتهى

 

أيها الكرام:

 

لا شك أن كسب المال هو هَمُّ كلِّ إنسان فبدون المال لا يمكن للإنسان أن يحصل على حاجاته أساسية أو كمالية لأجل الحياة ....وقد عالج الإسلام مشكلة الكسب أو التملك بأن شرع أسباباً للتملك وهي محصورة في:

 

  • العمل
  • الإرث
  • الحاجة إلى المال لأجل الحياة
  • إعطاء الدولة من أموالها للرعية
  • الأموال التي يأخذها الأفراد دون مقابل مال أو جهد

 

 

والرسول الكريم في هذا الحديث الشريف يحث على السبب الأول من أسباب التملك وهو العمل وسواء أكان العمل باليد أو بالفكر فالمهم أن يعمل على كسب قوته بنفسه ولا يتكل على غيره , وسواء أكان العمل بالزراعة أو بالصناعة أو بالتجارة أو بالخدمات فكله عمل مقبول وممدوح بشرط أن يكون عملاً حلالاُ ليكون الكسب حلالا طيبا. فقد حرم الإسلام الانتفاع بشيء محرم كالميتة والخمر فحرم العمل بصناعتها أو الاتجار بها, كما حرم الانتفاع بجهد محرم كالبغاء والرقص فحرم العمل بالبغاء والرقص وامثالها.

 

والحديث الشريف إذ يمدح الذي يعمل بيده ويكسب من كده فإن ذلك ليعلم الناس النشاط والطموح, والحفاظ على العزة والكرامة وينهاهم عن الخمول والكسل وإراقة ماء الوجه بالاتكال على الآخرين في الحصول على المال ....

 

فعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :

والذي نفسي بيده لأن يأخذ أحدكم حبله فيذهب إلى الجبل فيحتطب ثم يأتي به فيحمله على ظهره فيبيعه فيأكل، خيرٌ له من أن يسأل ولأن يأخذ ترابا فيجعله في فيه خير له من أن يجعل في فيه ما حرم الله عليه

 

أيها الكرام:

 

إن العمل عبادة يتقرب بها الإنسان إلى الله حيث يكسب ما يمكنه من الإنفاق على نفسه وعياله و يستغني عن الآخرين فيحفظ ماء وجهه وفوق ذلك فإنه يخدم أمته ومجتمعه فينال حب الله ورسوله .

 

اللهم ارزقنا حبك وحب رسولك واجمعنا معه يوم القيامة على حوضه الشريف ليسقينا من يده الشريفة شربة لا نظمأ بعدها أبدا ....اللهم امين

 

 

أيها الكرام، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

10 من شوال 1433

الموافق 2012/08/28م

 

 

http://www.hizb-ut-tahrir.info/info/index.php/contents/entry_19529

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

مع الحديث الشريف

 

 

وفي الرَّكازِ الْخُمُس

 

 

 

 

 

 

روى النسائي في السنن الكبرى فقال :

أنبأ قتيبة بن سعيد قال ثنا أبو عوانة عن عبيد الله بن الأخنس عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن اللقطة فقال ما كان في طريق مأتي أو قرية عامرة فَعَرِّفْها سنةً فإن جاء صاحبها وإلا فلك وما لم يكن في طريق مأتي ولا في قرية عامرة ففيه وفي الركاز الخمس.

حَاشِيَةُ السِّنْدِيِّ : شرح سنن النسائي

قَوْله ( فِي طَرِيق مَأْتِيٍّ ) : كَمَرْمِيٍّ أي مَسْلُوك. ( فَعَرِّفْهَا ) : أَمْر مِنْ التَّعْرِيف

( فإن جَاءَ صَاحِبُهَا ) : أي فَهُوَ الْمَطْلُوبُ. ( وَإِلَّا ) : أي وَإِنْ لَمْ يَجِئْ.

( فَلَك ) : أي فَهِيَ لَك. قَالَ السُّيُوطِيّ نَقْلًا عَنْ اِبْن مَالِك فِي هَذَا الْكَلَام حَذْفُ جَوَابِ الشَّرْطِ الْأَوَّلِ وَحَذْف فِعْلِ الشَّرْطِ بَعْد إِلَّا وَحَذْف الْمُبْتَدَأِ مِنْ جُمْلَةِ الْجَوَابِ لِلشَّرْطِ الثَّانِي وَالتَّقْدِير فإن جَاءَ صَاحِبُهَا أَخَذَهَا وَإِلَّا يَجِئْ فَهِيَ لَك. وَظَاهِر الْحَدِيث أَنَّهُ يَمْلِكهَا الْوَاجِد مُطْلَقًا وَقَدْ يُقَال لَعَلَّ السَّائِل كَانَ فَقِيرًا فَأَجَابَهُ عَلَى حَسْب حَاله فَلَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْغَنِيَّ يَمْلِكُ وَفِيهِ أَنَّهُ كَمْ مِنْ فَقِيرٍ يَصِير غَنِيًّا فَالْإِطْلَاقُ فِي الْجَوَابِ لَا يَحْسُنُ إِلَّا عِنْد إِطْلَاق الْحُكْم فَلْيَتَأَمَّلْ.

( وَمَا لَمْ يَكُنْ فِي طَرِيقٍ مَأْتِيّ إِلَخْ ) : قَالَ الْخَطَّابِيُّ يُرِيد الْعَادِي الَّذِي لَا يَعْرِف مَالِكه

( وَفِي الرِّكَاز ) بِكَسْرِ الرَّاء وَتَخْفِيف الْكَاف آخِره زَاي مُعْجَمَة مِنْ رَكَزَهُ إِذَا دَفَنَهُ وَالْمُرَاد الْكَنْز الْجَاهِلِيّ الْمَدْفُون فِي الْأرض وَإِنَّمَا وَجَبَ فِيهِ الْخُمُسُ لِكَثْرَةِ نَفْعِهِ وَسُهُولَةِ أَخْذِهِ

هذا نوع آخر من الأعمال التي جعلها الشرع سببا للتملك

إنه استخراج ما في باطن الأرض , والذي نص عليه الحديث بقوله : وفي الركاز الخمس....

والركاز هو الذهب المدفون في الأرض من قديم الزمان.... وهو ما نسميه اليوم الكنوز....فإن من يجدها يملك أربعةَ أخماسها حلالا زلالا بحكم الشرع, أما الخمس الباقي فهو للدولة تضعها في بيت المال وتنفقها في مصالح المسلمين حسب رأي الخليفة واجتهاده.

ويلحق بالركاز استخراج ما في باطن الأرض من معادن بشرطين:

1- أن تكون كميتها محدودة أي لا تعتبر كمية كبيرة بالنسبة للفرد، أي ليس من العِدّ الذي لا ينفد.

2- أن تكون الأرض التي استخرج منها الركاز أو المعدن هي ملك له أو ليست ملكاَ لِأحد كالطرق الخارجية والقِفار وما أشبه.

فإن كان معدنا محدود الكمية واستخرجه من أرضه هو أو من أرضٍ لا مالك لها فإنه يكون ملكاً له.

أما إن كان المعدن المستخرج غير محدود الكمية فإنه لا يملك ملكا فرديا بل يكون ملكية عامة لما روى الترمذي عن أبيضَ بْنِ حَمَّالٍ: "أنه وفد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستقطعه الملح فقطع له, فلما أن ولَّى قال رجل من المجلس: أتدري ما قطعت له ؟ إنما قطعت له الماءَ العِدَّ , قال : فانتزعه منه ".

ويلحق بأنواع استخراج ما في باطن الأرض استخراج ما في الهواء..كأن يستخرج الأكسجين والأزوت وغيرها من الغازات الضرورية للطب أو الزراعة أو الصناعة أو استخراج أي شيء أباحه الشرع مما خلقه الله وأباح الانتفاع به مطلقاً.

 

 

 

 

11 من شوال 1433

الموافق 2012/08/29م

 

 

 

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

 

مع الحديث الشريف

من طلب الدنيا حلالا

 

 

نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم "مع الحديث الشريف" ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

 

روى ابن أبي شيبة في مصنفه قال :

 

حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، قَالَ : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ حَجَّاجِ بْنِ فُرَافِصَةَ ، عَنْ رَجُلٍ ، عَنْ مَكْحُولٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَنْ طَلَبَ الدُّنْيَا حَلَالًا اسْتِعْفَافًا عَنِ الْمَسْأَلَةِ ، وَسَعْيًا عَلَى أَهْلِهِ ، وَتَعَطُّفًا عَلَى جَارِهِ ، لَقِيَ اللَّهَ وَوَجْهُهُ كَالْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ , وَمَنْ طَلَبَ الدُّنْيَا حلالا مُكَاثِرًا ، مُرَائِيًا ، لَقِيَ اللَّهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ "

 

جاء في كتاب مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح في شرح هذا الحديث:

 

قوله : (من طلب الدنيا حلالا) : أي من طريق حلال .

 

( استعفافاً ) : أي لأجل طلب العفة عن المسألة : ففي النهاية الاستعفاف طلب العفاف والتعفف , وهو الكف عن الحرام والسؤال من الناس .

 

(وسعيا على أهله) أي : لأجل عياله ممن يجب عليه مؤنةُ حاله .

 

( وتعطفاً على جاره ) : إحسانا عليه بما يكون زائدا لديه .

 

( لقي الله تعال يوم القيامة ووجهه) أي : والحال أن وجهه من جهة كمال النور وغاية السرور ( مثل القمر ليلة البدر ) : قيد به لأنه وقت كماله .

 

( ومن طلب الدنيا حلالاً ) : أي فضلا عن أن يطلبها حراما

 

( مكاثرا ) : أي حال كونه طالبا كثرة المال لأحسن الحال ولا صرفه في تحسين المآل . (مفاخراً ) :أي على الفقراء كما هو دأب الأغبياء من الأغنياء .

 

(مرآئياً ) : أي إن فرض عنه صدور خير أو عطاء .

 

( لقي الله تعالى وهو عليه غضبان ):

 

ولعله صلى الله عليه وسلم لم يذكر من طلب الحرام, إما اكتفاء بما يفهم من فحوى الكلام , وإما إيماءً إلى أنه ليس من صنيع أهل الإسلام أو إشعارا بأن الحرام أكله وقربه حرام, ولو لم يكن هناك طلب ومرام .

 

قال الطيبي رحمه الله : وفي الحديث معنى قوله تعالى ( يوم تبيض وجوه وتسود وجوه ) وهما عبارتان عن رضى الله تعالى وسخطه , فقوله : ووجهه مثل القمر مبالغة في حصول الرضا بدلالة قوله في مقابلته : وهو عليه غضبان ( رواه البيهقي في شعب الايمان , وأبو نعيم في الحلية ) انتهى

الإخوة الكرام

 

في هذا الحديث الشريف يبين الرسول صلى الله عليه وسلم أن الإسلام كما حث على العمل الحلال حث كذلك على الإنفاق في الحلال وحرم كنز المال أو إنفاقه مراءاةً وزهواً وتكبراً .

 

فدوافع العمل أي السعي للكسب ( طلب الدنيا ) عند الناس كما بين الحديث الشريف تتراوح بين أمرين:

 

سعيٍ في طاعة

 

وسعيٍ في معصية

 

فأما الطلب في الطاعة فأن يعمل الرجل لكسب قوته حتى لا يضطر لسؤال الناس فهو يريد أن يحفظ ماء وجهه ويقي نفسه ذل المسألة .

 

أو من أجل كسب نفقة عياله وهو من التكاليف التي أمره بها الشرع الحنيف وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب لذا كان عمله هذا واجباً.

 

أو من أجل تكثير ماله لإعانة المحتاج وإغاثة الملهوف فهو عمل يتجلى فيه الشعور بالمسؤولية. والحرص على أداء حق الأخوة في الإسلام .

 

وهي دوافع يريدها الإسلام ويرضى عنها الرحمن لذا فقد كان ثوابها مميزاً, وعظيماً .......فالقمر ليلة البدر يكون في كامل ضيائه وبهائه . وهذا حال من نال رضوان الله ومحبتَه.

 

أما طلب الدنيا في المعصية كما جاء في الحديث فهي أن يطلبها حلالا لكن لغاية محرمة

 

فجمع المال وتكثيره دون أن ينفقه يعتبر كنزا للمال وقد حرم الله كنز المال قال تعالى "والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم"

 

وكذلك جمع المال من أجل إنفاقه مراءاة للناس وزهواً وتكبراً عليهم فإنه حرام أيضا

 

وفاعله يبوء بغضب الله وبئس المصير.

 

اللهم اجعلنا من المنفقين بالمعروف ولا تجعلنا من البخلاء أو المرائين

 

آمين

وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

 

 

13 من شوال 1433

الموافق 2012/08/30م

 

 

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

 

مع الحديث الشريف

 

من أصبح آمنا في سربه

 

 

نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم "مع الحديث الشريف" ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

 

روى الترمذي في سننه، قال: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مَالِكٍ وَمَحْمُودُ بْنُ خِدَاشٍ الْبَغْدَادِيُّ قَالَا حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي شُمَيْلَةَ الْأَنْصَارِيُّ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مِحْصَنٍ الْخَطْمِيِّ عَنْ أَبِيهِ وَكَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ مُعَافًى فِي جَسَدِهِ عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا ".

 

 

قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ مَرْوَانَ بْنِ مُعَاوِيَةَ وَحِيزَتْ جُمِعَتْ حَدَّثَنَا بِذَلِكَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَعِيلَ حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ نَحْوَهُ وَفِي الْبَاب عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَوْلُهُ : ( مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ ): أَيْ أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ . ( آمِنًا ): أَيْ غَيْرَ خَائِفٍ مِنْ عَدُوٍّ . ( فِي سِرْبِهِ ): لِمَشْهُورِ كَسْرِ السِّينِ أَيْ فِي نَفْسِهِ ، وَقِيلَ : السِّرْبُ الْجَمَاعَةُ ، فَالْمَعْنَى فِي أَهْلِهِ وَعِيَالِهِ ، وَقِيلَ بِفَتْحِ السِّينِ أَيْ فِي مَسْلَكِهِ وَطَرِيقِهِ ، وَقِيلَ : بِفَتْحَتَيْنِ أَيْ فِي بَيْتِهِ . كَذَا ذَكَرَهُ الْقَارِي عَنْ بَعْضِ الشُّرَّاحِ . وَقَالَ التُّورْبَشْتِيُّ رح أَبَى بَعْضُهُمْ إِلَّا السَّرَبَ بِفَتْحِ السِّينِ وَالرَّاءِ أَيْ فِي بَيْتِهِ وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ رِوَايَةَ : وَلَوْ سَلِمَ لَهُ قَوْلُهُ أَنْ يُطْلَقَ السَّرَبَ عَلَى كُلِّ بَيْتٍ كَانَ قَوْلُهُ هَذَا حَرْبًا بِأَنْ يَكُونَ أَقْوَى الْأَقَاوِيلِ إِلَّا أَنَّ السَّرَبَ يُقَالُ لِلْبَيْتِ الَّذِي هُوَ فِي الْأَرْضِ . وَفِي الْقَامُوسِ : السَّرْبُ الطَّرِيقُ وَبِالْكَسْرِ الطَّرِيقُ وَالْبَالُ وَالْقَلْبُ وَالنَّفْسُ وَالْجَمَاعَةُ ، وَبِالتَّحْرِيكِ جُحْرُ الْوَحْشِيِّ وَالْحَفِيرُ تَحْتَ الْأَرْضِ ، اِنْتَهَى . فَيَكُونُ الْمُرَادُ مِنْ الْحَدِيثِ الْمُبَالَغَةَ فِي حُصُولِ الْأَمْنِ وَلَوْ فِي بَيْتٍ تَحْتَ الْأَرْضِ ضَيِّقٍ كَجُحْرِ الْوَحْشِ أَوْ التَّشْبِيهِ بِهِ فِي خَفَائِهِ وَعَدَمِ ضَيَاعِهِ.

 

( مُعَافًى ): اِسْمُ مَفْعُولٍ مِنْ بَابِ الْمُفَاعَلَةِ أَيْ صَحِيحًا سَالِمًا مِنْ الْعِلَلِ وَالْأَسْقَامِ .( فِي جَسَدِهِ ): أَيْ بَدَنِهِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا.

 

( عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ ): أَيْ كِفَايَةُ قُوتِهِ مِنْ وَجْهِ الْحَلَالِ.(فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ), بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ مِنْ الْحِيَازَةِ وَهِيَ الْجَمْعُ وَالضَّمُّ.

 

( لَهُ ): الضَّمِيرُ عَائِدٌ لِمَنْ , رَابِطٌ لِلْجُمْلَةِ أَيْ جُمِعَتْ لَهُ( الدُّنْيَا ).

 

وَزَادَ فِي الْمِشْكَاةِ بِحَذَافِيرِهَا . قَالَ الْقَارِي أَيْ بِتَمَامِهَا وَالْحَذَافِيرُ الْجَوَانِبُ ، وَقِيلَ الْأَعَالِي وَاحِدُهَا حِذْفَارٌ أَوْ حُذْفُورٌ . وَالْمَعْنَى فَكَأَنَّمَا أُعْطِيَ الدُّنْيَا بِأَسْرِهَا اِنْتَهَى .

 

هذا الحديث الشريف من جوامع الكلم التي بينت لنا غاية ما يحتاجه الانسان في هذه الحياة الدنيا من اساسيات لا تستقر حياته بدونها وهي :

 

1- الامن الذي يعني الطمأنينة على النفس والمال والولد والعرض وهذا يوفره المسكن المناسب الذي يقي الحر والقر وغائلة الدهر...فالمسكن المريح من اهم حاجات الانسان التي يسعى للحصول عليها . وحق له ذلك.

 

2- الصحة البدنية والعقلية والنفسية التي تجعل صاحبها قادرا على خوض غمار الحياة ... وتجعل عقله قادرا على التفكر في معضلاتها...فيقبل على العمل نشيطا قويا ليكسب رزقه ورزق من يعول , ويقبل على العبادة بهمة ونشاط , فينال من الله باذنه القبول ....ويحمل هم نفسه واسرته بل وهم امته كما كلفه به رب العالمين.

 

3- القوت : والقوت : ما يقوم به بدن الانسان من الطعام كما جاء في المعجم الوسيط .وكما عرفها النبي صلى الله عليه وسلم حين قال : بحسب مرء لقيمات يقمن صلبه.

 

فحاجات الانسان الاساسية هذه يجب توفرها لكل فرد حتى يستطيع العيش الكريم ويكون انسانا صالحا قادرا على القيام بتكاليف الحياة ....

 

فهل هذه الاشياء متوفرة لكل انسان في هذا العصر ....ان نظرة واسعة الى العالم ترينا الجياع والعراة والمرضى والخائفين يملأون الارض من افرقيا الى اسيا الى اوروبا وامريكا فحتى هذه البلاد التي تدعي المحافظة على حقوق الانسان ....فان الفاقة والمرض والخوف وانعدام الامن ينتشر بين شعوبها.

 

العالم بحاجة الى نظام مسؤول ودولة حانية راعية تطبق احكامه وترعى افرادة وتحميهم وتوفر لكل فرد فيهم الحاجات الاساسية من امن وصحة وقوت ...وتمكنه من الحصول على الرفاهية والكماليات بقدر ما يستطيع...هذا النظام الذي يفتقده العالم ليس الا نظام الاسلام وهذه الدولة هي دولة الاسلام دولة الخلافة التي يفتقدها المسلمون بل تفتقدها الانسانية ....فهلا غذذنا الخطى لاعادتها من جديد ليعود العالم ينعم بالكفاية والامن من جديد ؟

 

احبتنا الكرام، والى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

 

15 من شوال 1433

الموافق 2012/09/02م

 

 

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الحديث الشريف

 

أجرة الأجير

 

 

 

نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم "مع الحديث الشريف" ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

 

أعْطوا الأجيرَ أجرَهُ

 

روى ابن ماجة في سننه قال :

 

حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ الدِّمَشْقِيُّ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ عَطِيَّةَ السَّلَمِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْطُوا الْأَجِيرَ أَجْرَهُ قَبْلَ أَنْ يَجِفَّ عَرَقُهُ

 

 

جاء في حاشية السندي على ابن ماجه :

 

قَوْله ( أَعْطُوا الْأَجِير ) : أَيْ يَنْبَغِي الْمُبَادَرَةُ فِي إِعْطَاء حَقّه بَعْد الْفَرَاغ مِنْ الْحَاجَة

قَوْله ( قَبْل أَنْ يَجِفَّ عَرَقه : اي الْحَاصِل بِالِاشْتِغَالِ بِالْحَاجَةِ

 

الإخوة الكرام :

 

يدل هذا الحديث على اهمية المبادرة في اعطاء الاجير اجره حال انتهائه من عمله وعدم التسويف في اعطاء الاجرة كما يفعل الكثيرون من اصحاب الاعمال في زمننا الحالي ......فكم يؤجل صاحب العمل دفع الاجرة للعمال او الموظفين لديه .....بحجج مختلفة كل حجة هي أوهى من اختها ....ولم لا يفعلون وحكوماتهم تمارس التأجيل في دفع رواتب الموظفين لديها الشهور العديدة ...مع ان الموظفين يكونون في امس الحاجة لتلك الرواتب ......فالاجير او الموظف الذي ليس لديه دخل سوى اجرته من عمله يضطر للاستلاف من هذا وذاك الى ان يستطيع استنقاذ اجرته بشق النفس مع انه ادى مهمته وقام بوظيفته على الفور ودون تاخير ....والشرع يأمرنا باداء الامانات التي عندنا واعطاء الحقوق لاصحابها .....فما الذي حل بنا لنصبح هاضمين للحقوق .... آكلين لجهود الاخرين ظلما وعدوانا .....الا يعلم من يؤجل دفع اجرة اجيره ليشتغل بها ويستثمرها في تنميه ماله انه يأكل مالا حراما لانه حال انهاء الاجير لعمله اصبح اجره ملكا له وليس لصاحب العمل فيه اي حق ......فإن ماطل في دفع الاجرة للاجير واستعملها في تنمية ماله وقضاء مصالحه فانه يأكل مالا حراما ليس له فيه اي حق ؟

 

رحم الله علي ابن ابي طالب حين قال للخليفة عمر الفاروق عففت فعفوا ولو رتعت لرتعوا .....وهذا حالنا اليوم ...رتع حكامنا واستحلوا الحرمات فرتع معهم كل ظالم لنفسه وموردها موارد الهلاك

 

جاء في الحديث الذي يروي قصة الثلاثة الذين اغلق عليهم باب الغار بصخرة لم يستطيعوا دفعها , انهم استجاروا الله بصالح اعمالهم فكان من امر الثالث منهم انه قال :

 

اللَّهُمَّ إِنِّي اسْتَأْجَرْتُ أُجَرَاءَ فَأَعْطَيْتُهُمْ أَجْرَهُمْ غَيْرَ رَجُلٍ وَاحِدٍ تَرَكَ الَّذِي لَهُ وَذَهَبَ فَثَمَّرْتُ أَجْرَهُ حَتَّى كَثُرَتْ مِنْهُ الْأَمْوَالُ فَجَاءَنِي بَعْدَ حِينٍ فَقَالَ يَا عَبْدَ اللَّهِ أَدِّ إِلَيَّ أَجْرِي فَقُلْتُ لَهُ كُلُّ مَا تَرَى مِنْ أَجْرِكَ مِنْ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ وَالرَّقِيقِ فَقَالَ يَا عَبْدَ اللَّهِ لَا تَسْتَهْزِئُ بِي فَقُلْتُ إِنِّي لَا أَسْتَهْزِئُ بِكَ فَأَخَذَهُ كُلَّهُ فَاسْتَاقَهُ فَلَمْ يَتْرُكْ مِنْهُ شَيْئًا اللَّهُمَّ فَإِنْ كُنْتُ فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ فَافْرُجْ عَنَّا مَا نَحْنُ فِيهِ فَانْفَرَجَتْ الصَّخْرَةُ فَخَرَجُوا يَمْشُون

 

فمن لنا بمثل هذا الرجل الامين الذي عرف حق الاجير فحفظه واستثمره لمصلحة صاحبه .....حتى وردت قصته على لسان نبينا الكريم تعلمنا وتهدينا .....والرسول اليوم ليس بين ظهرانينا , لكنه ترك لنا ما ينوب عنه في تعليمنا وهدايتنا قال صلى الله عليه وسلم : (تركت فيكم ما ان تمسكتم به لن تضلوا بعدي ابدا : كتاب الله وسنتي ) . وقد ضيع الجهلاء كتاب الله وسنة نبيه اذ ابعدوهما عن الحكم والسلطان .....فضاعت حقوق العمال والاجراء كما ضاعت حقوق الامة جمعاء واستحل الجشعون والظلمة حرمات الله بغياب الحارس الامين ....فلنغذ السير في اعادة حارسنا وحامينا لتعود الحقوق الى اهلها وينتشر العدل والنور من جديد .....وما ذلك على الله ببعيد .

 

والى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

 

 

 

19 من شوال 1433

الموافق 2012/09/06م

 

 

 

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الحديث الشريف

 

إعطاء الدولة من أموالها للرعية

 

 

نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم "مع الحديث الشريف" ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

روى الترمذي في سننه :

 

1301 - قَالَ قُلْتُ لِقُتَيْبَةَ بْنِ سَعِيدٍ حَدَّثَكُمْ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ قَيْسٍ الْمَأْرِبِيُّ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ ثُمَأمة بْنِ شَرَاحِيلَ عَنْ سُمَيِّ بْنِ قَيْسٍ عَنْ سُمَيْرٍ عَنْ أَبْيَضَ بْنِ حَمَّالٍ أَنَّهُ وَفَدَ إلى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاسْتَقْطَعَهُ الْمِلْحَ فَقَطَعَ لَهُ فَلَمَّا أَنْ وَلَّى قَالَ رَجُلٌ مِنْ الْمَجْلِسِ أَتَدْرِي مَا قَطَعْتَ لَهُ إِنَّمَا قَطَعْتَ لَهُ الْمَاءَ الْعِدَّ قَالَ فَانْتَزَعَهُ مِنْهُ.

 

1301 - قَوْلُهُ : ( قُلْت لِقُتَيْبَةَ بْنِ سَعِيدٍ حَدَّثَكُمْ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنُ قَيْسٍ )

 

قَرَأَ التِّرْمِذِيُّ هَذَا الْحَدِيثَ عَلَى شَيْخِهِ قُتَيْبَةَ بِالْقِرَاءَةِ عَلَيْهِ وَهَذَا أحد وُجُوهِ التَّحَمُّلِ . قَالَ السُّيُوطِيُّ فِي تَدْرِيبِ الرَّاوِي : وَإِذَا قَرَأَ عَلَى الشَّيْخِ قَائِلًا أَخْبَرَك فُلَانٌ أو نَحْوُهُ كَمَا قُلْت أَخْبَرَنَا فُلَانٌ وَالشَّيْخُ مُصْغٍ إِلَيْهِ فَاهِمٌ لَهُ غَيْرُ مُنْكِرٍ وَلَا مُقِرِّ لَفْظٍ صَحَّ السَّمَاعُ ، وَجَازَتْ الرِّوَايَةُ بِهِ اِكْتِفَاءً بِالْقَرَائِنِ الظَّاهِرَةِ

( الْمَأْرِبِيُّ )

 

مَنْسُوبٌ إلى مَأْرِبَ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ وَقِيلَ بِفَتْحِهَا مَوْضِعٌ بِالْيَمِينِ

 

( وَفَدَ ) : أي قَدِمَ . ( اِسْتَقْطَعَهُ ) : أي سَأَلَهُ أَنْ يُقْطِعَ إِيَّاهُ

( الْمِلْحَ ) : أي مَعْدِنَ الْمِلْحِ .

( فَقَطَعَ لَهُ ) : لِظَنِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ يُخْرِجَ مِنْهُ الْمِلْحَ بِعَمَلٍ وَكَدٍّ

( فَلَمَّا أَنْ وَلَّى ) : أي أَدْبَرَ

( قَالَ رَجُلٌ مِنْ الْمَجْلِسِ ) : هُوَ الْأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ التَّمِيمِيُّ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الطِّيبِيُّ ، وَقِيلَ إِنَّهُ الْعَبَّاسُ بْنُ مِرْدَاسٍ

( الْمَاءَ الْعِدَّ ) : بِكَسْرِ الْعَيْنِ وَتَشْدِيدِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ ، أي الدَّائِمُ الَّذِي لَا يَنْقَطِعُ وَالْعِدُّ الْمُهَيَّأُ

قَوْلُهُ : ( فَأَقَرَّ بِهِ وَقَالَ نَعَمْ )

 

هَذَا مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ قُلْت لِقُتَيْبَةَ بْنِ سَعِيدٍ حَدَّثَكُمْ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى إِلَخْ أي قَالَ التِّرْمِذِيُّ لِشَيْخِهِ قُتَيْبَةَ حَدَّثَكُمْ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى إِلَخْ فَأَقَرَّ بِهِ قُتَيْبَةُ ، وَقَالَ : نَعَمْ .

في هذا الحديث دليل على إباحة إعطاء الدولة من أموالها للرعية , فأبيض بن حمال قد طلب من الرسول صلى الله عليه وسلم أن يقطعه أرضاً من أملاك الدولة فأعطاه الرسول صلى الله عليه وسلم تلك الأرض ....ولولا أن الأرض كانت تحوي الملح بكميات كبيرة غير منقطعة لما تراجع الرسول صلى الله عليه وسلم عن عطائه ....فالمعدن غير المنقطع لا يصح أن يملك ملكية فردية بل تكون ملكيته ملكية عامة .....لذا فإن الرسول صلى الله عليه وسلم امتنع عن إقطاع أرض الملح لأنها ملكية عأمة .

 

أما حين كانت الأرض للدولة فقد أقطع رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قدم المدينة أبا بكر وعمر كما أقطع الزبيرَ أرضاً واسعة .

 

إن إعطاء الدولة من أموالها للرعية سواء أكان المال نقداً أو أرضاً أو سلعاً أو أي شكل آخر من أشكال المال هو مباح بدلالة هذا الحديث, وهذا العطاء هو سبب من أسباب التملك الشرعية للمال.

 

فللخليفة أو من ينوب عنه من معاونين أو ولاة أو عمالٍ، أن يعطوا من أموال الدولة لأفراد الرعية لسد حاجاتهم أو للانتفاع بملكيتهم.

 

ومن الأمثلة على سد الحاجات : أن تعطي الدولة للأفراد أموالا لسد ديونهم ... أو تعطي المزارعين أموالا لزراعة أراضيهم.

 

أما الأمثلة على الانتفاع بملكيتهم : فأن تُمَلِّكَ الدولةُ أفراداً من الأمة من أملاكها وأموالها المعطلة المنفعة, كأن تقطعَهم بعضَ الأرض ليعملوا فيها فيكسبون المال الحلال ويفيدون المجتمع بإنتاجهم, فهذا الذي تقطعه الدولة للفرد يصبح ملكا له بهذا الإقطاع.

 

أما نتائج إعطاء الدولة من أموالها للرعية فإنه تنشيط الحركة الاقتصادية وتوفير المواد الزراعية والصناعية اللازمة للمجتمع .....فالأرض المُقْطَعَة تكون معطلة لا فائدة منها لكن حين تُعْطَى لأحدهم فإنه سيعمل فيها ويحولها إلى أرض منتجة صالحة فيخدم نفسه بأن يجد مصدراً للكسب ويخدمَ المجتمع بإنتاج بعض ما يحتاجه من السلع أو الطعام ....وهي من طرق القضاء على البطالة, واستثمار الأرض, واستصلاحها وفوق ذلك فإنها تقوي العلاقة بين الدولة والرعية اذ يُظهِر متابعة الدولة لرعاياها وحرصها على مصالحهم وتوفيرها لاحتياجاتهم مما يعود بالفائدة والمصلحة على المجتمع عامته.

 

ويلحق بما تعطيه الدولة للأفراد ما توزعه على المحاربين من غنائم وما يأذن به الإمام بالاستيلاء عليه من الأسلاب فكلها أموال مباحة وملكها شرعي. وهي وإن كان ليس لها واقع الآن إلا أن المستقبل القريب سيعيد واقعها إلى حياة الأمة ....فحين قيام دولة الخلافة قريبا باذن الله من جديد ستعيد سيرة الخلافة الماضية تحمل مشعل الجهاد وتفتح البلاد وتوزغ الغنائم على المجاهدين في سبيل الله.

 

اللهم اجعل هذا اليوم قريباً ......اللهم آمين

 

احبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

 

20 من شوال 1433

الموافق 2012/09/07م

 

 

 

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

 

مع الحديث الشريف

 

اجارة الاجير

 

 

نبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

روى البخاري في صحيحه قال :

 

حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ قَالَ اللَّهُ تَعَإلى ثَلَاثَةٌ أَنَا خَصْمُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ رَجُلٌ أَعْطَى بِي ثُمَّ غَدَرَ وَرَجُلٌ بَاعَ حُرًّا فَأَكَلَ ثَمَنَهُ وَرَجُلٌ اسْتَأجر أجيرا فَاسْتَوْفَى مِنْهُ وَلَمْ يُعْطِهِ أجرهُ.

 

 

جاء في فتح الباري لابن حجر في شرح هذا الحديث :

 

قَوْلُهُ : ( ثَلَاثَةٌ : أَنَا خَصْمُهُمْ )

 

زَادَ اِبْنُ خُزَيْمَةَ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْإِسْمَاعِيلِيُّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ " وَمَنْ كُنْت خَصْمَهُ خَصَمْته " قَالَ اِبْنُ التِّينِ : هُوَ سُبْحَانَهُ وَتَعَإلى خَصْمٌ لِجَمِيعِ الظَّالِمِينَ إِلَّا أَنَّهُ أَرَادَ التَّشْدِيدَ عَلَى هَؤُلَاءِ بِالتَّصْرِيحِ، وَالْخَصْمُ يُطْلَقُ عَلَى الْوَاحِدِ وَعَلَى الِاثْنَيْنِ وَعَلَى أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، وَقَالَ الْهَرَوِيُّ الْوَاحِدُ بِكَسْرِ أَوَّلِهِ، وَقَالَ الْفَرَّاءُ الْأَوَّلُ قَوْلُ الْفُصَحَاءِ، وَيَجُوزُ فِي الِاثْنَيْنِ خَصْمَانِ وَالثَّلَاثَةِ خُصُومٌ.

 

قَوْلُهُ : ( أَعْطَى بِي ثُمَّ غَدَرَ )

 

كَذَا لِلْجَمِيعِ عَلَى حَذْفِ الْمَفْعُولِ وَالتَّقْدِيرُ أَعْطَى يَمِينَهُ بِي أَيْ عَاهَدَ عَهْدًا وَحَلَفَ عَلَيْهِ بِاللَّهِ ثُمَّ نَقَضَهُ.

 

قَوْلُهُ : ( بَاعَ حُرًّا فَأَكَلَ ثَمَنَهُ )

 

خَصَّ الْأَكْلَ بِالذِّكْرِ لِأَنَّهُ أَعْظَمُ مَقْصُودٍ، وَوَقَعَ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا " ثَلَاثَةٌ لَا تُقْبَلُ مِنْهُمْ صَلَاةٌ " فَذَكَرَ فِيهِمْ " وَرَجُلٌ اِعْتَبَدَ مُحَرَّرًا " وَهَذَا أَعَمُّ مِنْ الْأَوَّلِ فِي الْفِعْلِ وَأَخَصُّ مِنْهُ فِي الْمَفْعُولِ بِهِ، قَالَ الْخَطَّابِيُّ : اِعْتِبَادُ الْحُرِّ يَقَعُ بِأَمْرَيْنِ : أَنْ يَعْتِقَهُ ثُمَّ يَكْتُمَ ذَلِكَ أَوْ يَجْحَدَ، وَالثَّانِي أَنْ يَسْتَخْدِمَهُ كُرْهًا بَعْدَ الْعِتْقِ، وَالْأَوَّلُ أَشَدُّهُمَا. قُلْت : وَحَدِيثُ الْبَابِ أَشَدُّ لِأَنَّ فِيهِ مَعَ كَتْمِ الْعِتْقِ أَوْ جَحْدِهِ الْعَمَل بِمُقْتَضَى ذَلِكَ مِنْ الْبَيْعِ وَأَكْلِ الثَّمَنِ فَمِنْ ثَمَّ كَانَ الْوَعِيدُ عَلَيْهِ أَشَدَّ، قَالَ الْمُهَلَّبُ : وَإِنَّمَا كَانَ إِثْمُهُ شَدِيدًا لِأَنَّ الْمُسْلِمِينَ أَكْفَاءُ فِي الْحُرِّيَّةِ، فَمَنْ بَاعَ حُرًّا فَقَدْ مَنَعَهُ التَّصَرُّفَ فِيمَا أَبَاحَ اللَّهُ لَهُ وَأَلْزَمَهُ الذُّلَّ الَّذِي أَنْقَذَهُ اللَّهُ مِنْهُ. وَقَالَ اِبْنُ الْجَوْزِيِّ : الْحُرُّ عَبْدُ اللَّهِ، فَمَنْ جَنَى عَلَيْهِ فَخَصْمُهُ سَيِّدُهُ.

 

قَوْلُهُ : ( وَرَجُلٌ اِسْتَأجر أجيرا فَاسْتَوْفَى مِنْهُ وَلَمْ يُعْطِهِ أجرهُ )

 

هُوَ فِي مَعْنَى مِنْ بَاعَ حُرًّا وَأَكَلَ ثَمَنَهُ لِأَنَّهُ اِسْتَوْفَى مَنْفَعَتَهُ بِغَيْرِ عِوَضٍ وَكَأَنَّهُ أَكَلَهَا، وَلِأَنَّهُ اِسْتَخْدَمَهُ بِغَيْرِ أجرةٍ وَكَأَنَّهُ اِسْتَعْبَدَهُ.

 

أيها الكرام:

 

الإجارة هي من متطلبات الحياة الإنسانية في كل العصور فليس هناك إنسان قادر على توفير كل ما يحتاجه بنفسه وبقواه الفردية بل الكل محتاج للكل وهذه حقيقة محسوسة ملموسة.

 

لقد خلق الله البشر متنوعين في ميولهم ورغباتهم متفاوتين في قدراتهم , حتى يكون التكامل بينهم طبيعياً وحتمياً.

 

فمن لا يجيد العمل البدني يجيد العمل الذهني , ومن لا يقدر على العمل الشاق يستطيع العمل السهل , ومن لا يملك المال لإقامة مشروع تجاري ربحي, شرع له الله وسائل للحصول على المال .... منها الاقتراض, والمضاربة, ومن لا يملك إلا جهده ولا يجيد إدارة عمل وحده, أباح له الشرع أن يعمل لدى الناس بأجر.

هذه وغيرها هي إعمال مشروعة أحلها الشرع وأحل الكسب عن طريقها.

 

والذي يعمل بأجر هو الأجير وهو نوعان :

 

1- الأجير الخاص: وهو الذي يتم التعاقد معه على منفعة جهده هو نفسه, ومثال عليه: الخدم, والعمال في المصانع والمزارع والمحلات التجارية وما شاكل , كما يشمل موظفي القطاع العام (موظفي الدولة), وموظفي القطاع الخاص (المؤسسات التجارية والخدمية) غير الحكومية.

 

2- والأجير العام أو الأجير المشترك : وهو الذي يتم التعاقد معه على منفعة عمله وليس جهده, فهو يعمل عملا معيناً لجميع الناس بأجرة معينة عما يعمل سواء أقام بالعمل بنفسه أم قام به غيره, إلا إن كان من شروط العقد أن يقوم بالعمل بنفسه فإن عليه أن يعمله بنفسه ولا يجوز أن يقوم به غيره. ومثال عليه: أصحاب الحرف كالخياط , والحذاء. والنجار والحداد والمهندس والطبيب والمحامي وأمثالهم.

 

فكل أولئك أجراء يعملون للغير مقابل أجر.....

 

مما سبق نلاحظ أهمية وجود الأجراء وضرورتهم في المجتمع....فهي سنة الله في الخلق أن يجعل بعضنا لبعض سخريا كما قال تعالى في سورة الزخرف :

 

أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ (32)

 

وهذا التسخير من الله للعباد لم يجعله مُشْرَعَ الأبواب دون ضوابط وأحكام بل جعل للإجارة أحكاما تبين حقوق وواجبات الأجير والمستأجر ,

 

حتى لا يَحِيْفَ بعضُهم على بعضٍ فينتشرَ الظلمُ ويعم الاستعباد....

 

فماذا عن الذين يستوفون المنفعة من الأجير ولا يقدمون له أجره عوض ما قدمه لهم من منفعة....وكأني بهم يعودون بالإنسانية إلى عهود الرق والاستعباد حيث الحقوق ضائعة مهضومة ولا رقيب ولا حسيب, كما كان يفعل الأقدمون في زمن الجاهلية الأولى, يستعبدون الناس ويسخرونهم لخدمتهم دون التزام بتقديم أجر لهم أو عوض, وكما فعل الفراعنة مع من بنوا لهم الأهرام, أو ما فعله سعيد باشا وإسماعيل باشا مع من حفر قناة السويس من المصريين.

 

لكن الإسلام العظيم لم يرض للإنسان أن يهان أو تنتهك حقوقه دون أن يعطيه القوة لأخذها وحمايتها والدفاع عنها....فشرع الأحكام التي تبين حقوق العامل ( الأجير ) وصاحب العمل, وأحكاما تبين شروط صحة العقود وشروط انعقادها حتى يمنع الخصومات من أن تنتج عن تلك العقود كما وضع أحكاما لفصل الخصومات التي قد تحدث بين المتعاقدين فالناس بشر معرضون للخطأ والزلل والطمع ومتابعة هوى النفوس الأمَّارة بالسوء.

 

فجاءت النصوص قرآنيةً أو نبويةً تحذر من مخالفة أحكام الله ومن لا ينزجر بالتحذير يرغم على الخضوع للشرع كرها بحكم من القضاء وقوة السلطان, السلطان الذي لا نرى له اليوم أثرا ولا ظلا, لأن أحكام الإسلام غائبة عنا, والناس في هذا الهرج بين اثنين: مستغلٍ غياب سلطان الإسلام ينشر الظلم والرعب بين الناس , ومنتظرٍ للفرج المبين والفتح العظيم....لكن من عمل لإعادة سلطان الإسلام والقضاء على الظلم والطغيان هو الذي سيفوز فوزا عظيما.

 

فيا من تستهينون بالأجير وتستبيحون جهده وكده مستغلين غياب سلطان الإسلام اتقوا الله حق تقاته. ولا تجعلوا الله خصمكم يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى اللهَ بقلب سليم.

 

أيها الكرام، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

 

21 من شوال 1433

الموافق 2012/09/08م

 

 

 

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

 

مع الحديث الشريف

 

إعطاء الدولة للأفراد

 

 

نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم "مع الحديث الشريف" ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

ما كان لي ولبني عبد المطلب فهو لكم

 

روى النسائي في سننه قال :

 

أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ يَزِيدَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أبي عَدِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَقَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أبيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ : كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ أَتَتْهُ وَفْدُ هَوَازِنَ فَقَالُوا يَا مُحَمَّدُ إِنَّا أَصْلٌ وَعَشِيرَةٌ وَقَدْ نَزَلَ بِنَا مِنْ الْبَلَاءِ مَا لَا يَخْفَى عَلَيْكَ فَامْنُنْ عَلَيْنَا مَنَّ اللَّهُ عَلَيْكَ فَقَالَ اخْتَارُوا مِنْ أموالكُمْ أو مِنْ نِسَائِكُمْ وَأَبْنَائِكُمْ فَقَالُوا قَدْ خَيَّرْتَنَا بَيْنَ أَحْسَابِنَا وَأموالنَا بَلْ نَخْتَارُ نِسَاءَنَا وَأَبْنَاءَنَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَّا مَا كَانَ لِي وَلِبَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَهُوَ لَكُمْ فَإِذَا صَلَّيْتُ الظُّهْرَ فَقُومُوا فَقُولُوا إِنَّا نَسْتَعِينُ بِرَسُولِ اللَّهِ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أو الْمُسْلِمِينَ فِي نِسَائِنَا وَأَبْنَائِنَا فَلَمَّا صَلَّوْا الظُّهْرَ قَامُوا فَقَالُوا ذَلِكَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَا كَانَ لِي وَلِبَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَهُوَ لَكُمْ فَقَالَ الْمُهَاجرُونَ وَمَا كَانَ لَنَا فَهُوَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَتْ الْأَنْصَارُ مَا كَانَ لَنَا فَهُوَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .

 

جاء في حَاشِيَةُ السِّنْدِيِّ :

قَوْله ( إِنَّا أَصْلٌ )

أَيْ أَصْل مِنْ أُصُول الْعَرَب

( وَعَشِيرَة )

أَيْ قَبِيلَة مِنْ قَبَائِلهمْ

( مَنَّ اللَّهُ عَلَيْك )

الظَّاهِر أَنَّهَا جُمْلَة دِعَائِيَّة وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ مَصْدَر أَيْ كَمَنَّ اللَّه تَعَالى عَلَيْك فَهُوَ قَرِيب مِنْ قَوْله تَعَالى أَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّه إِلَيْك

( مِنْ أموالكُمْ )

لَعَلَّهُ زَادَ مِنْ لِلدَّلَالَةِ عَلَى أَنَّهُ يَرُدُّ عَلَيْهِمْ مِنْ أموالهِمْ أو نِسَائِهِمْ مَا يَتَيَسَّرُ رَدُّهُ إِذْ الْعَادَة أَنَّهُ لَا يَتَيَسَّرُ رَدُّ الْكُلِّ

( أَمَّا مَا كَانَ لِي إِلَخْ )

 

كَأَنَّهُ أخذ مِنْهُ هِبَة الْمُشَاع لَكِنْ الظَّاهِر أَنَّ الْمَوْهُوبَ هَاهُنَا وَإِنْ كَانَ مُشَاعًا نَظَرًا إلى ظَاهِرِ الْكَلَام بَيْن الْوَاهِب وَغَيْره لَكِنْ بِالتَّحْقِيقِ نَصِيب كُلِّ مُمْتَاز عَنْ نَصِيب غَيْرِهِ فَلَا شُيُوعَ ثُمَّ لَا شُيُوع بِالنَّظَرِ إلى الْمَوْهُوب لَهُ بَلْ الْكُلُّ هِبَة لَهُمْ عَلَى التَّوْزِيع بِأَنْ يَكُونَ لِكُلِّ زَوْجَته وَأَوْلَاده إِلَّا أَنْ يَعْتَبِرَ صُورَة الشُّيُوع فِي الطَّرَفَيْنِ أو أحدهمَا فَلْيُتَأَمَّلْ.

كانت هوازن قد حاربت المسلمين في معركة حنين فهزمها الله تعالى وأفشل سعيها للقضاء على الإسلام, وجعل أموالها ونساءها وأَبناءها غنيمة للمسلمين. ثم إِن هوازن أَسلمت وجاء رجالها إلى الرسول صلى الله عليه وسلم يطلبون أن يَمُنَّ عليهم بإعادة أموالهم ونسائهم وأبنائهم ......فكان ما كان مِنْ مَنِّ رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم, حيث وهبهم حصته وحصة بني عبد المطلب من نسائهم وأبنائهم ثم تبعه المهاجرون والأنصار في هبة باقي النساء والأطفال إلى أهليهم.

 

هذا الحديث فيه دلالة على مشروعية إعطاء أو أخذ الأفراد مالاً دون مقابل مال أو جهد فالرسول صلى الله عليه وسلم قد وهب حصته وحصة أهله من غنائم حنين لوفد هوازن دون أن يأخذ فداء منهم, وهوازن قد أخذت نساءها وأبناءها دون أن تدفع مالا أو جهدا مقابل استعادتهم.

 

ولقد شرع الإسلام أخذ الفرد للمال دون مقابل مال أو جهد في خمس حالاتٍ هي :

 

1- الصلة :

 

سواء أكانت الصلة في حياة الواصل أو بعد مماته.

 

ففي حياته تتمثل في حالتين :الهبة ودليلها حديثنا لهذا اليوم

 

والهدية لقوله عليه الصلاة والسلام : " تهادوا تحابوا "

 

أما بعد وفاته فتتمثل بالوصية , ودليلها ما رواه البخاري عن سعد بن أبي وقاص قال : " مَرِضْتُ بِمَكَّةَ مَرَضًا فَأَشْفَيْتُ مِنْهُ عَلَى الْمَوْتِ فَأَتَانِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعُودُنِي فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لِي مَالًا كَثِيرًا وَلَيْسَ يَرِثُنِي إِلَّا ابْنَتِي أَفَأَتَصَدَّقُ بِثُلُثَيْ مَالِي قَالَ لَا قَالَ قُلْتُ فَالشَّطْرُ قَالَ لَا قُلْتُ الثُّلُثُ قَالَ الثُّلُثُ كَبِيرٌ إِنَّكَ إِنْ تَرَكْتَ وَلَدَكَ أغنياء خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَتْرُكَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ " .

 

فالإنسان يملك الهبة الموهوبة له, والهدية المهداة اليه, كما يملك الوصية لموصاة له ملكاً شرعياً ولا شك.

 

2- استحقاق المال عوضاً عن ضرر من الأضرار التي تلحق بالفرد, ومثالها: دية القتل, وديات الجروح :

 

أما دليلها : فدليل دية القتل قوله تعالى : " وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنَاً خَطَاً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةُ إلى أهْلِهِ ".

ودليل ديات الجروح : ما رواه النسائي عن الزهري عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جده أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَتَبَ إلى أَهْلِ الْيَمَنِ كِتَأبا فِيهِ الْفَرَائِضُ وَالسُّنَنُ وَالدِّيَاتُ وَبَعَثَ بِهِ مَعَ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ . وقد جاء في الكتاب : " وَفِي الْأَنْفِ إِذَا أُوعِبَ جَدْعُهُ الدِّيَةُ وَفِي اللِّسَانِ الدِّيَةُ وَفِي الشَّفَتَيْنِ الدِّيَةُ وَفِي الْبَيْضَتَيْنِ الدِّيَةُ وَفِي الذَّكَرِ الدِّيَةُ وَفِي الصُّلْبِ الدِّيَةُ وَفِي الْعَيْنَيْنِ الدِّيَةُ وَفِي الرِّجْلِ الْوَاحدةِ نِصْفُ الدِّيَةِ وَفِي الْمَأْمُومَةِ ثُلُثُ الدِّيَةِ وَفِي الْجَائِفَةِ ثُلُثُ الدِّيَةِ وَفِي الْمُنَقِّلَةِ خَمْسَ عَشْرَةَ مِنْ الْإِبِلِ وَفِي كُلِّ أُصْبُعٍ مِنْ أَصَابِعِ الْيَدِ وَالرِّجْلِ عَشْرٌ مِنْ الْإِبِلِ وَفِي السِّنِّ خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ وَفِي الْمُوضِحَةِ خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ وَأَنَّ الرَّجُلَ يُقْتَلُ بِالْمَرْأَةِ وَعَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ أَلْفُ دِينَارٍ" .

 

وهذه الديات هي ملك شرعي لصاحب الحق.

 

3- استحقاق المهر وتوابعه بعقد النكاح :

 

ودليلها قوله تعالى: " وءَاتوا النساءَ صَدُقاتِهِنَّ نِحْلَةً " .

 

فالصداق هو المهر, ونحلة اي عطية, فالمهر ليس بدل البضع كما يتوهم البعض بل هو هدية تقدم إلى المرأة ويجب أن تكون عن طيب نفس من الزوج لأنها فريضة من الله تعالى, والمرأة تملك هذا المهر على الوجه المفصل في أحكام الزواج.

 

4- اللقطة :

 

ودليلها : قوله صلى الله عليه وسلم حين سئل عن اللقطة : " ما كان منها في الطريق المِيتاء ( اي المسلوكة ) أو القرية الجامعة, فعرفها سنة, فإن جاء طالبها فادفعها إليه, وإن لم يأت فهي لك, وما كان في الخراب , يعني ففيها وفي الركاز الخمس "

 

5- تعويض الخليفة :

 

ودليله: " أن أبا بكر رضي الله عنه أخذ مالا تعويضاً عن حبسه عن التجارة حين طُلِبَ منه أن يتفرغ لشؤون المسلمين وأقره الصحابة على ذلك, فما يأخذه الخليفة من نفقة من بيت المال ليس أجرة له على عمله لأنه ليس أجيرا عند الأمة بل هو نائب عنها في تطبيق شرع الله , وما يأخذه من بيت المال إنما هو نفقة له بسبب حبسة عن القيام بعمل يكسب منه قوته وقوت عياله لانشغاله برعاية مصالح الأمة ..... " .

 

حرص الإسلام على تداول المال بين الناس وعدم إبقائه في أيدي فئة قليلة من الأغنياء , في حين يحرم منه القطاع الأوسع من الناس, فجاء بأحكام تحدد أسباب التملك لتفتح الآفاق أمام الأفراد للسعي في طلب الرزق وتتيح للضعفاء من الأطفال وكبار السن والمرضى وأصحاب الاحتياجات الخاصة والبسطاء من الناس أن يعيشوا حياة كريمة سواء بكدهم أو بما شرع لهم من أسباب يحصلون على الرزق منها كالإرث والأموال التي تعطيها الدولة للناس والأموال التي يحتاجها الأفراد لأجل الحياة والأموال التي يأخذها الأفراد دون مقابل مال أو جهد ........ فهي أسباب لم تبق أحداً محتاجا أو محروما... فأين هذه الأحكام من حياة البشرية التي تئن من الجوع والحرمان, وتشكو صباح مساء من بطر الأغنياء وبلادة إحساسهم بالفقراء والمعدمين ومن يقتاتون على حاويات النفايات, وتبكي دما على الطفولة البريئة التي تقضي بسبب الجوع والحرمان وجيوب الأغنياء وخزناتهم تنوء مما فيها من الملايين التي لا يدرون متى وأين وكيف ينفقونها .....فعجل اللهم لنا بدولة الخلافة لتطبق علينا أحكام ديننا العظيم .....دين الهداية والرعاية والرحمة ....فلا يبقى على الأرض سائل ولا فقير ولا محروم ....

 

احبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

 

 

22 من شوال 1433

الموافق 2012/09/09م

 

 

 

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

 

مع الحديث الشريف

 

الاجارة على المنافع العامة والعبادات

 

 

 

نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم "مع الحديث الشريف" ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

إن أحق ما أخذتم عليه أجرا

 

روى البخاري في صحيحه :

حَدَّثَنِي سِيدَانُ بْنُ مُضَارِبٍ أَبُو مُحَمَّدٍ الْبَاهِلِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو مَعْشَرٍ الْبَصْرِيُّ هُوَ صَدُوقٌ يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ الْبَرَّاءُ قَالَ حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْأَخْنَسِ أَبُو مَالِكٍ عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ نَفَرًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرُّوا بِمَاءٍ فِيهِمْ لَدِيغٌ أَوْ سَلِيمٌ فَعَرَضَ لَهُمْ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْمَاءِ فَقَالَ هَلْ فِيكُمْ مِنْ رَاقٍ إِنَّ فِي الْمَاءِ رَجُلًا لَدِيغًا أَوْ سَلِيمًا فَانْطَلَقَ رَجُلٌ مِنْهُمْ فَقَرَأَ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ عَلَى شَاءٍ فَبَرَأَ فَجَاءَ بِالشَّاءِ إِلَى أَصْحَابِهِ فَكَرِهُوا ذَلِكَ وَقَالُوا أَخَذْتَ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ أَجْرًا حَتَّى قَدِمُوا الْمَدِينَةَ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخَذَ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ أَجْرًا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " إِنَّ أَحَقَّ مَا أَخَذْتُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا كِتَابُ اللَّهِ "

 

 

(1) رقاه : عَوَّذه

 

(2) الشاء : جمع شاة وهي الواحدة من الضأن أو الماعز

(3) بَرَأَ أو بَرِئ : شفي من المرض

 

الإخوة الكرام :

 

هذا الحديث يبين أن إباحة الإجارة تشمل الإجارة على العبادات ...فهذا الرجل قد رقى مريضاً بالقرآن (الفاتحة) وأخذ أجرة على فعله فلم ينهه الرسول عن ذلك بل أخبر بأن الإجارة على قراءة القرآن شيء مستحب ....والإجارة على الكتاب لا تكون فقط بالرقية بل بالتعليم أيضاً فمن عمل في تعليم القرآن كان أجره حلالا زلالا بإذن الله ...ولقد عين عمر معلمين للقرأن ورزقهم من بيت المال وفي هذا دليل آخر على إباحة الإجارة على العبادات ...كما فيه دلالة على أن المنافع العامة أيضاً هي مما يجوز الإجارة عليها ....فتعليم القرآن هي مصلحة عامة للمسلمين عين لها الخليفة عمر مدرسين وعين لهم أجرا من بيت المال.

 

ورد في مصنف ابن أبي شيبة :

 

حدثنا أبو بكر قال حدثنا وكيع عن صدقة بن موسى الدمشقي عن الوضين بن عطاء قال : كان بالمدينة ثلاثة معلمين يعلمون الصبيان، فكان عمر بن الخطاب يرزق كل واحد منهم خمسة عشر كل شهر.

 

....كما أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد جعل فداء من لا يملك مالا من أسرى بدر تعليم عشرة من أبناء المسلمين القراءة والكتابة ....والتعليم هو من مصالح المسلمين والرسول قد أعطى من قام بهذه المصلحة من الأسرى أجرة على عمله .....وهي التحرر من الأسر ....ومن المعلوم أن فداء الأسرى هو من الغنائم التي هي حق للمسلمين فكان جعلها أجرة لمعلمي الأطفال يدل على أنه يجوز الإجارة على المصالح والمنافع العامة. ومن المنافع العامة التي تستحق استئجار الأجراء لتوفيرها التطبيب ...ولقد جعل رسول الله طبيباً لمعالجة مرضى المسلمين وهكذا .

 

ومصالح الناس في المجتمع كثيرة منها توفير الكهرباء والماء وطرق المواصلات ووسائل المواصلات والاتصالات والمدارس والمستشفيات ونظافة الأماكن العامة والمؤسسات وحماية الأملاك والأموال وغيرها الكثير وكلها يجوز بل يجب استئجار من يقوم عليها لأنها مصالح للناس لا تستقيم حياتهم بدونها فكان واجبا على الدولة توفير هذه المصالح وتسييرها والقيام عليها لتيسير الحياة على الناس, فما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.

 

هكذا علمنا الإسلام ورسول الإسلام وإنه وإن لم يكن هذا الاهتمام بالمصالح العامة ملحوظاً في أيامنا فليس ذلك لأن هذا ليس من وظيفة الدولة، بل لأن دولة الإسلام غائبة ومنهجه معطل. أما حين كان للإسلام دولة تضع أحكامه موضع التطبيق فقد قرأنا لعمر بن الخطاب الخليفة الراشد قولة نقشت على جدار الدهر بحروف لم ولن تمحى أبدا ....إنها قولته الشهيرة : لو عثرت ناقة في أرض العراق لخفت أن يسألني الله لِمَ لَمْ اُسوِّ لها الطريق ....ناقة أيها الإخوة وليس إنسانا ويخاف خليفة المسلمين أن يحاسبه الله إن قصر في رعايتها...ولكم أن تتصوروا بعدها كيف كان اهتمام الخلفاء بالإنسان .....

 

أما يحرك مثل هذا القول شوقنا لرعاية خليفة يخشى الله فينا يرعى مصالحنا ويعين الموظفين الأكفاء لتسييرها وتيسيرها ولا منة ولا فضل.... بل خوفا من غضب الله وطمعا في رضوانه.

 

وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

 

 

 

23 من شوال 1433

الموافق 2012/09/10م

 

 

 

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

 

ومع الحديث الشريف

لعن الله آكل الربا

 

 

 

روى ابن ماجة قال:

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا سِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يُحَدِّثُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَعَنَ آكِلَ الرِّبَا وَمُؤْكِلَهُ وَشَاهِدِيهِ وَكَاتِبَهُ

 

 

في هذا الحديث بيان لحرمة التعامل بالربا فالتحريم لم يقتصر على آكل الربا بل شمل الطرف الآخر من المعاملة ....وهو دافع الربا ومن يشهد على هذه المعاملة المحرمة بل ومن يكتبها ......رغم أن الكاتب قد لا يكون طرفاً في المعاملة ...أي قد لا يكون أحد طرفي المعاملة آكل الربا أو مؤكله بل قد يكون أجيرا أو موظفاً .....ومع هذا شمله اللعن الذي هو الطرد من رحمة الله. فلا ينجو الأجير من إثم الربا بحجة أنه ليس صاحب مصلحة .....كلا بل إن الإجارة على العمل المحرم محرمة هي أيضاً . والموظف أو الأجير الذي يشارك فيها أثم مهما كان العمل الذي قام به، سواء كان كتابه العقد أو ايصال المال أو استلامه أو استقبال المراجعين أو أي عمل متعلق بالمعاملة الربوية فهو معرض للعنة الله، ولو كان عمله جزئيا ورآه الأجير بسيطا أو بسطه له صاحب عمله ........

فليحذر الذين يعملون في مؤسسات تتعامل بالربا كالبنوك والشركات فان عملهم هذا حرام ما دام يتعلق بالربا ....وليتركوه حالا ويبحثو عن عمل آخر ليس فيه تعرض لنقمة الله وسخطه ... فالأعمال المباحة كثيرة ومتنوعة وما عليه إلا أن يبحث ويتحرى الحلال ....وحتى أن لم يجد عملا فليصبر على البطالة إلى أن ياتيه الفرج ولا يوقع نفسه بالمعصية بحجة عدم توفر فرص كثيرة للعمل .....فالرزق مصدره الله تعالى وليس العمل...بل العمل هو سبب من الأسباب التي يتحصل فيها الرزق ....وقد يحصل منها الرزق وقد لا يحصل ....إذ الرزق بيد الله يهبه لمن يشاء وبقدر ما يشاء ....لا مانع ولا معقب لحكمه وهو الرزاق الكريم

وكما أن الاعمال المحرمة تحرم الاجارة عليها فكذلك المنافع المحرمة تحرم الإجارة عليها فتحرم الإجارة على الميتة والخمرة والخنزير وأي صنف آخر من المحرمات

لما رواه ابو داوود في سننه قال :

حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِي عَلْقَمَةَ مَوْلَاهُمْ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْغَافِقِيِّ أَنَّهُمَا سَمِعَا ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَعَنَ اللَّهُ الْخَمْرَ وَشَارِبَهَا وَسَاقِيَهَا وَبَائِعَهَا وَمُبْتَاعَهَا وَعَاصِرَهَا وَمُعْتَصِرَهَا وَحَامِلَهَا وَالْمَحْمُولَةَ إِلَيْهِ .

فالحديث فيه دلالة على تحريم الخمر وتحريم العمل بها كالإجارة على عصرها أو نقلها أو تسويقها أواسقائها للزبائن أو أي معاملة تتعلق بها .

وقد يقول قائل أن مثل هذه المعاملات لا يستطيع الإنسان التحرز منها لأنها عامة وطامة .....والتحريم يحتاج إلى أن يتبع بالمنع والمحاسبة والعقوبة لمن لم يرتدع ........

وأقول أن هذا بسبب النظام الوضعي المطبق علينا من قبل حكام رويبضات طائعين للغرب عاصين لله .....أما لو كان لنا دولة راعية وحاكما حانا رشيدا لما وجدنا تلك الأعمال رائجة ولا تلك المعاملات متاحة , واذن لأعفينا ضعاف النفوس من الوقوع في إثم استحلال حرمات الله , وإغواء البسطاء للمشاركة في تلك الاعمال المقيتة

فلنحذر إخوتي الكرام من العمل في أي عمل محرم أو في أي منفعة محرمة لأنها ما كانت لتزيد في رزقنا شيئا , اللهم إلا انقاصاً للمال وذهابا لبركته بل وَمَحْقَهُ .... هذا في الدنيا , أما في الآخرة فغضب ولعن من الله شديد ....اللهم إنا نعوذ بك من سخطك وغضبك ونسألك العافية من كل إثم والسلامة من كل بر , ولا حول ولا قوة إلا بك. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

24 من شوال 1433

الموافق 2012/09/11م

 

 

 

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الحديث الشريف

 

وارث من لا وارث له

 

 

روى ابو داوود في سنه قال :

حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ بُدَيْلٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ رَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِي عَامِرٍ الْهَوْزَنِيِّ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ لُحَيٍّ عَنْ الْمِقْدَامِ قَالَ

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ تَرَكَ كَلًّا فَإِلَيَّ وَرُبَّمَا قَالَ إِلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِهِ وَمَنْ تَرَكَ مَالًا فَلِوَرَثَتِهِ وَأَنَا وارث مَنْ لَا وارث لَهُ أَعْقِلُ لَهُ وارثهُ وَالْخَالُ وارث مَنْ لَا وارث لَهُ يَعْقِلُ عَنْهُ وَيَرِثُهُ.

 

 

قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :

( مَنْ تَرَكَ كَلًّا ) : بِفَتْحِ الْكَاف وَتَشْدِيد اللَّام أَيْ ثِقَلًا وَهُوَ يَشْمَل الدَّيْن وَالْعِيَال ،

وَالْمَعْنَى إِنْ تَرَكَ الْأَوْلَاد فَإِلَيَّ مَلْجَؤُهُمْ وَأَنَا كَافِلهمْ ، وَإِنْ تَرَكَ الدَّيْن فَعَلَىَّ قَضَاؤُهُ

( أَعْقِل لَهُ ) : أَيْ أُؤَدِّي عَنْهُ مَا يَلْزَمهُ بِسَبَبِ الْجِنَايَات الَّتِي تَتَحَمَّلهُ الْعَاقِلَة

( وارثهُ ) : أَيْ مَنْ لَا وارث لَهُ .

قَالَ الْقَاضِي رَحِمَهُ اللَّه : يُرِيد بِهِ صَرْف مَاله إِلَى بَيْت مَال الْمُسْلِمِينَ ، فَإِنَّهُ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ

( وَالْخَال وارث مَنْ لَا وارث لَهُ )

: فِيهِ دَلِيل لِمَنْ قَالَ بِتَوْرِيثِ ذَوِي الْأَرْحَام

( يَعْقِل عَنْهُ ) : أَيْ إِذَا جَنَى اِبْن أُخْته وَلَمْ يَكُنْ لَهُ عَصَبَة يُؤَدِّي الْخَال عَنْهُ الدِّيَة كَالْعَصَبَةِ ( وَيَرِثهُ ) : أَيْ الْخَال إِيَّاهُ

ايها الكرام :

إن الإرث من أسباب تملك المال, فالورثة يملكون ما تركه مورثهم من مال يتقاسمونه حسب الأنصبة التي حددها الشرع الحنيف.

وقد بين الشرع نصيبَ كلٍّ من أصحاب الفروض كما بين كيفية توزيع ما يتبقى من المال على العصبة إن زاد المال الموروث عن أنصبة أصحاب الفروض.

فالإرث حق للوارث في مال المتوفى لا يمنعه منه إلا مانع شرعي .

وهو طريقة عملية لتفتيت الثروة ومنع انحصارها في أيدٍ قليلة تتداولها وتحرم منها باقي أفراد المجتمع, فبتوزيع الإرث على الورثة يتوزع المال الذي جمعه الفرد في حياته يتوزع بين ورثته جميعا ولا يبقى في يدِ أحدهم ويحرم منه الباقون, وبذلك يتداوله قطاع عريض من أفراد المجتمع ويمنع انقسام المجتمع إلى طبقات: مالكة ومُعْدَمَة . فالإسلام خير من ينظم المجتمع ويمنع إفساده بأي وسيلة من وسائل الإفساد

وكما شرع الإسلام الإرث فقد منع الوارث من هذا الحق في حالتين هما :

الأولى : اختلاف الدين

روى النسائي في سننه الكبرى

عن أسامة بن زيد قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا يرث الكافر المسلم ولا يرث المسلم الكافر

وورد في مصنف ابن ابي شيبة :

عن أسامة بن زيد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تتوارث الملتان المختلفتان ".

والثانية : قتلُ الوارثِ للمُوَرِّثِ

روى الترمذي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْقَاتِلُ لَا يَرِث

 

اما في غير هاتين الحالتين فلا يحق لأحد أن يمنع وارثاً من الحصول على حقه الذي أعطاه إياه الشرع, أيا كان ذلك الشخص فلا صاحب المال ولا الورثة ولا الحاكم يحق له أن يمنع وارثاً من حقه, فإن فعل فقد احتمل إثماً عظيماً

جاء في صحيح البخاري

عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ

جَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعُودُنِي وَأَنَا بِمَكَّةَ وَهُوَ يَكْرَهُ أَنْ يَمُوتَ بِالْأَرْضِ الَّتِي هَاجَرَ مِنْهَا قَالَ يَرْحَمُ اللَّهُ ابْنَ عَفْرَاءَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أُوصِي بِمَالِي كُلِّهِ قَالَ لَا قُلْتُ فَالشَّطْرُ قَالَ لَا قُلْتُ الثُّلُثُ قَالَ فَالثُّلُثُ وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ إِنَّكَ أَنْ تَدَعَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَدَعَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ فِي أَيْدِيهِمْ وَإِنَّكَ مَهْمَا أَنْفَقْتَ مِنْ نَفَقَةٍ فَإِنَّهَا صَدَقَةٌ حَتَّى اللُّقْمَةُ الَّتِي تَرْفَعُهَا إِلَى فِي امْرَأَتِكَ وَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَرْفَعَكَ فَيَنْتَفِعَ بِكَ نَاسٌ وَيُضَرَّ بِكَ آخَرُونَ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ يَوْمَئِذٍ إِلَّا ابْنَةٌ

 

فسعد هنا أراد أن يوصيَ بماله كله مع أن له ابنةً واحدةً, فنهاه الرسول صلى الله عليه وسلم عن فعل ذلك لما في هذه الوصية من ظلم لابنته التي لن يتبقى لها من مال ترثه إن أوصى بماله كله أو حتى بنصفه حتى إنه حين سمح بالوصية بثلث المال جعلها أعلى نسبة يمكن أن يوصى بها ....فأين الذين يحرمون بناتِهم من أخذ حقهن في ميراث آبائهن ليتدبروا هذه الأحاديث الشريفة ليعرفوا أن ما تأخذه المرأة من الإرث هو حق لها وملك شرعي منحه لها الشرع وليس منةً من إخوتها أو من أهلها يُعطونه لها إن أرادوا ويمنعوها منه إن أرادوا . لا ليس كذلك فها هو الرسول يبين متى يحرم الوارث من إرثه , وليس كون الأنثى متزوجة أو قد تتزوج من رجل غريب عن العائلة بسبب لمنعها من الحصول على حقها من إرث أبويها أو من لها حق في إرثه

 

ايها الكرام :

إن أحكام الله إنما أنزلها على نبيه لتوضع موضع التطبيق, فينتفع بها المسلمون, لكن هذا الانتفاع معدوم الآن ومحروم منه كثيرٌ من المسلمين, مع غياب دولة الإسلام التي تضع أحكام الله موضع التطبيق. فيا أيتها المرأة المسلمة إنك لصاحبة مصلحة ملحة في إعادة حكم الله, لأنك أكبر المتضررين من تعطيله. فغياب الإسلام أفقدك الكثير من حقوقك المالية التي شرعها لك رب العالمين ......ولو كانت دولة الخلافة قائمة لتمتعت بها ولما عانيت الذل والإهانة في سبيل حصولك عليها.

وإنك فوق ذلك مخاطبة بالعمل لاستئناف الحياة الإسلامية .... فكنت بذلك صاحبة مصلحتين في هذا السبيل :

 

مصلحة روحية : وهي إجابة أمر الله في العمل لتحكيم شرعه.

 

ومصلحة مادية : وهي تحقيق مصالح مالية ودنيوية أعطاك الشرع إياها وحرمك منها المجتمع الفاسد الظالم.

 

فحَرِيٌّ بك أن تهبي للالتحاق بركب الخير الذي يعمل لاستئناف الحياة الإسلامية وإعادة دولة الخلافة لتعيدي حقوقك المسلوبة وترضي من منحك هذه الحقوق. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

25 من شوال 1433

الموافق 2012/09/12م

 

 

 

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

 

مع الحديث الشريف

 

الحاجة للمال من اجل الحياة

 

 

نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم "مع الحديث الشريف" ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

روى ابنُ أبي شيبةَ في مُصَنَّفِهِ قال :

 

أنبأنا يزيدُ بنُ هارونَ قال أخبرنا الأصْبَغُ بنُ زيدٍ الوَرَّاقُ قال أنبأنا أبو الزاهريةِ عن كُثَيِّرِ بنِ مُرَّةَ الحضرميِّ عن ابنِ عمرَ عن النبيِّ عليه السلامُ قال: " من احتكر طعاماً أربعين ليلة فقد برئ من الله وبرئ الله منه، أّيُّمَا أهلِ عَرْصَةٍ ظل فيهم امْرُؤٌ جائعٌ فقد برئت منهم ذمة الله " .

 

 

الإخوة الكرام :

 

إن الله قد كلف الفرد بالنفقة على نفسه وأهله , فإن لم يملك ما ينفقه وجب عليه العمل لكسب قوته وقوت عياله, فإن لم يجد عملاً وجب على الدولة أن توفر له العمل المناسب فالدولة ممثلة بالخليفة هي الراعي وهي مسؤولة عن رعيتها، لقوله عليه السلام : " والإمام الذي على الناس راع وهو مسؤول عن رعيته "

لكن هناك حالات لا يستطيع فيها الإنسان العمل بسبب المرض أو الهرم أو أي سبب آخر ...أو لعله يعمل لكن ما يكسبه لا يكفي لاحتياجاته الأساسية، إن مثل هذا الإنسان يستحق أن يعطى من المال ما يشبع حاجاته الأساسية إشباعا كليا .....وهذا فرض على من أوجب عليهم الشرع الإنفاق عليه من أقربائه, فإن لم يوجدوا أو وجدوا ولكن كانوا غير قادرين على النفقة عليه انتقل الفرض إلى المسلمين جميعاً الأقرب فالأقرب وتنوب الدولة عن المسلمين جميعاً في أداء حقوق هؤلاء الفقراء والمساكين وابن السبيل ومن هو على شاكلتهم، فتنفق عليهم الدولة من بيت المال، وإنَّ حقهم لا يقف عند أموال الدولة من خراج وغنائم وغيرها .....بل في الزكاة وفي أموال الملكية العامة.

 

فإن قصرت الدولة في رعاية هؤلاء وقصر المسلمون في محاسبتها وفي كفالة المحتاجين (مع أن هذا الأمر مستبعدٌ) لكنه يبقى احتمالاً وارداً؛ حينها كان لهذا المحتاج أن يأخذ ما يقيم أوده من أي مكان يجده حلالاً طيباً سواء أكان ملكا لأفراد أم ملكا للدولة ولا يحتاج إلى إذن, فالعيش سبب من أسباب الحصول على المال لأنه على المال يتوقف بقاء الإنسان على قيد الحياة.

 

ويشهد لهذا الحديث الحديثُ الآخر : ما آمن به من بات شبعان وجاره جائع إلى جنبه وهو يعلم . رواه ابن أبي شيبة والبزار والطبراني وحسنه الألبانيُّ.

 

وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

 

 

 

26 من شوال 1433

الموافق 2012/09/13م

 

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

 

مع الحديث الشريف

القسامة

 

حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُسَافِرٍ التِّنِّيسِيُّ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ حَدَّثَنَا الزَّمْعِيُّ عَنْ الزُّبَيْرِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُرَاقَةَ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَوْبَانَ أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِيَّاكُمْ وَالْقُسَامَةَ قَالَ فَقُلْنَا وَمَا الْقُسَامَةُ قَالَ الشَّيْءُ يَكُونُ بَيْنَ النَّاسِ فَيَجِيءُ فَيَنْتَقِصُ مِنْهُ.

 

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ الْقَعْنَبِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ يَعْنِي ابْنَ مُحَمَّدٍ عَنْ شَرِيكٍ يَعْنِي ابْنَ أَبِي نَمِرٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَهُ قَالَ الرَّجُلُ يَكُونُ عَلَى الْفِئَامِ مِنْ النَّاسِ فَيَأْخُذُ مِنْ حَظِّ هَذَا وَحَظِّ هَذَا:

 

قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :

( إِيَّاكُمْ وَالْقُسَامَة )

 

قَالَ الْخَطَّابِيُّ : الْقُسَامَة مَضْمُومَة الْقَاف اِسْم لِمَا يَأْخُذهُ الْقَسَّام لِنَفْسِهِ فِي الْقِسْمَة كَالْفُضَالةِ لِمَا يَفْضُل ، وَالْعُجَالَة لِمَا يُعَجَّل لِلضَّيْفِ مِنْ الطَّعَام ، وَلَيْسَ فِي هَذَا تَحْرِيم لِأجرة الْقَسَّام إذا أَخَذَهَا بِإِذْنِ الْمَقْسُوم لَهُمْ ، وَإِنَّمَا جَاءَ هَذَا فِيمَنْ وَلِيَ أَمْر قَوْم وَكَانَ عَرِيفًا أَوْ نَقِيبًا ، فَإِذَا قَسَمَ بَيْنهمْ سِهَامهمْ أَمْسَكَ مِنْهَا شَيْئًا لِنَفْسِهِ يَسْتَأْثِر بِهِ عَلَيْهِمْ . وَقَدْ جَاءَ بَيَان ذَلِكَ فِي الْحَدِيث الْآخر أَيْ الَّذِي يَأْتِي بَعْد هَذَا . وَقَالَ فِي النِّهَايَة : هِيَ بِالضَّمِّ مَا يَأْخُذهُ الْقَسَّام مِنْ رَأْس الْمَال مِنْ أجرته لِنَفْسِهِ كَمَا يَأْخُذهُ السَّمَاسِرَة رَسْمًا مَرْسُومًا لَا أجراً مَعْلُومًا ، كَتَوَاضُعِهِمْ أَنْ يَأْخُذُوا مِنْ كُلّ أَلْف شَيْئًا مُعَيَّنًا وَذَلِكَ حَرَام اِنْتَهَى.

 

( يَكُون بَيْن النَّاس ): لِلْقِسْمَةِ . ( فَيَنْتَقِص ) : الْقَسَّام ( مِنْهُ ) : أَيْ مِنْ ذَلِكَ الشَّيْء فَيَأْخُذ مِنْ حَظّ هَذَا وَحَظّ هَذَا لِنَفْسِهِ .

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : فِي إِسْنَاده مُوسَى بْن يَعْقُوب الزَّمْعِيّ وَفِيهِ مَقَال .

( نَحْوه ) :

أَيْ نَحْو الْحَدِيث السَّابِق

 

( الرَّجُل يَكُون عَلَى الْفِئَام )

 

: قَالَ الْخَطَّابِيُّ : الْفِئَام الْجَمَاعَات . قَالَ الْفَرَزْدَق : فِئَام يَنْهَضُونَ إلى فِئَام .

 

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : هَذَا مُرْسَل .

 

إن الإجارة لها أحكامها الشرعية التي تمنع الخلافات وتحفظ الحقوق.

 

ومن أحكام الإجارة التي وردت في الحديث الشريف حرمة مقاسمة الأجير أجره , وهذا من الأحكام التي يجب أن يفقهها أصحاب الأعمال .

 

فإن اتفق شخص مع صاحب عمل على القيام بعمل من الأعمال على أجر معين ثم أعطاه ذلك الشخص لآخر مقابل أجر أقل, وربح الباقي فهذا جائز, إذا كان الاتفاق بينهما على عمل موصوف بالذمة ولم يكن على شخصه هو.

 

مثال ذلك خياط يتفق مع شخص على خياطة ثوب له مقابل أجرة معينة. ثم يعطي ذلك الخياط العمل إلى خياط آخر مقابل أجر أقل ويربح الباقي.

 

وإن يتفق شخص مع صاحب عمل على أن يحضر له عمالاً للقيام بعمل معين ويأخذ أجره من صاحب العمل فجائز لا شيء فيه, فهو من باب الوكالة التي يستحق عليها الأجر.

 

وكذلك أن يتفق مقاول مع صاحب عمل على أن يحضر له عمالاً مقابل مبلغ من المال دون أن يحدد أجرة العامل الواحد, فأعطى المقاول العمال أجراً أقل من المقاولة واحتفظ بالباقي لنفسه فهو جائز, لأنه لم ينتقص من أجرهم إذ لم يتفق مع صاحب العمل على أجر معين للعمال, بل كان هو صاحب صلاحية تحديد أجرة العامل.

 

أما أن يتفق معه على ان يحضر عدداً معيناً من العمال, ويحدد له أجراً معيناً لكل عامل ثم يعطي المقاول العمال أجراً أقل مما اتفق مع صاحب العمل ليحتفظ لنفسه بباقي المبلغ المعين للعمال فلا يجوز. وهو ما يستفاد من هذا الحديث إذ إنه يكون قد قاسم العمال في أجورهم إذ أنقص من أجر كل واحد منهم وأخذه لنفسه ....وهذا حرام كما دل عليه الحديث.

 

ومثال آخر: أن يعين صاحب العمل شخصاً مشرفاً على عمال عنده ويكون أجره مقتطعاً من أجور العمال, أي يقتطع جزءاً من أجر كل عامل ويعطيه للمشرف مقابل إشرافه عليهم فهذا حرام بنص الحديث.

 

إن أحكام الإسلام التي شملت نواحي حياة الناس المختلفة, حفظت حقوق الأفراد, ورفعت الشقاق والخلافات, وضمنت للإنسان الرفاه والسعادة.

 

فإلى متى نظل نعاني من أحكام الأنظمة الوضعية المرهقة الظالمة ..ونسكت عن إبقاء أحكام الله معطلة, فلا نعمل على إعادتها إلى الحياة ولا نعيد دولة الخلافة التي ستضعها موضع التطبيق؟

 

احبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

27 من شوال 1433

الموافق 2012/09/14م

 

 

 

http://www.hizb-ut-tahrir.info/info/index.php/contents/entry_19799

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

 

مع الحديث الشريف

" باب الحكمُ فيمن سَبَّ النبيَّ صلى اللهُ عليه وسلم "

 

 

 

نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم "مع الحديث الشريف" ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

جاء في سنن أبي داود كتابِ الحدود بابِ الحكمُ فيمن سَبَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم "

حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ مُوسَى الْخُتَّلِيُّ أَخْبَرَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ الْمَدَنِيُّ عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ عُثْمَانَ الشَّحَّامِ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ عَبَّاسٍ أَنَّ أَعْمَى كَانَتْ لَهُ أُمُّ وَلَدٍ تَشْتُمُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَقَعُ فِيهِ فَيَنْهَاهَا فَلَا تَنْتَهِي وَيَزْجُرُهَا فَلَا تَنْزَجِرُ قَالَ فَلَمَّا كَانَتْ ذَاتَ لَيْلَةٍ جَعَلَتْ تَقَعُ فِي النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَشْتُمُهُ فَأَخَذَ الْمِغْوَلَ فَوَضَعَهُ فِي بَطْنِهَا وَاتَّكَأَ عَلَيْهَا فَقَتَلَهَا فَوَقَعَ بَيْنَ رِجْلَيْهَا طِفْلٌ فَلَطَّخَتْ مَا هُنَاكَ بِالدَّمِ فَلَمَّا أَصْبَحَ ذُكِرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَمَعَ النَّاسَ فَقَالَ أَنْشُدُ اللَّهَ رَجُلًا فَعَلَ مَا فَعَلَ لِي عَلَيْهِ حَقٌّ إِلَّا قَامَ فَقَامَ الْأَعْمَى يَتَخَطَّى النَّاسَ وَهُوَ يَتَزَلْزَلُ حَتَّى قَعَدَ بَيْنَ يَدَيْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَا صَاحِبُهَا كَانَتْ تَشْتُمُكَ وَتَقَعُ فِيكَ فَأَنْهَاهَا فَلَا تَنْتَهِي وَأَزْجُرُهَا فَلَا تَنْزَجِرُ وَلِي مِنْهَا ابْنَانِ مِثْلُ اللُّؤْلُؤَتَيْنِ وَكَانَتْ بِي رَفِيقَةً فَلَمَّا كَانَ الْبَارِحَةَ جَعَلَتْ تَشْتُمُكَ وَتَقَعُ فِيكَ فَأَخَذْتُ الْمِغْوَلَ فَوَضَعْتُهُ فِي بَطْنِهَا وَاتَّكَأْتُ عَلَيْهَا حَتَّى قَتَلْتُهَا فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلَا اشْهَدُوا أَنَّ دَمَهَا هَدَرٌ .

شرح الحديث:

أُمُّ وَلَدٍ : أَيْ غَيْرُ مُسْلِمَةٍ وَلِذَلِكَ كَانَتْ تَجْتَرِئُ عَلَى ذَلِكَ الْأَمْرِ الشَّنِيعِ

وَتَقَعُ فِيهِ : يُقَالُ وَقَعَ فِيهِ إِذَا عَابَهُ وَذَمَّهُ

وَيَزْجُرُهَا : أَيْ يَمْنَعُهَا

فَلَا تَنْزَجِرُ : أَيْ فَلَا تَمْتَنِعُ

فَلَمَّا كَانَتْ ذَاتَ لَيْلَةٍ : قَالَ السِّنْدِيُّ : يُمْكِنُ رَفْعُهُ عَلَى أَنَّهُ اسْمُ كَانَ وَنَصْبُهُ عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ كَانَ أَيْ كَانَ الزَّمَانُ أَوِ الْوَقْتُ ذَاتَ لَيْلَةٍ ، وَقِيلَ يَجُوزُ نَصْبُهُ عَلَى الظَّرْفِيَّةِ أَيْ كَانَ الْأَمْرُ فِي ذَاتِ لَيْلَةٍ ثُمَّ ذَاتُ لَيْلَةٍ قِيلَ مَعْنَاهُ سَاعَةٌ مِنْ لَيْلَةٍ وَقِيلَ مَعْنَاهُ لَيْلَةٌ مِنَ اللَّيَالِي وَالذَّاتُ مُقْحَمَةٌ

(فَأَخَذَ : أَيِ الْأَعْمَى

الْمِغْوَلَ : بِكَسْرِ مِيمٍ وَسُكُونِ غَيْنٍ مُعْجَمَةٍ وَفَتْحِ وَاوٍ مِثْلَ سَيْفٍ قَصِيرٍ يَشْتَمِلُ بِهِ الرَّجُلُ تَحْتَ ثِيَابِهِ فَيُغَطِّيهِ ، وَقِيلَ حَدِيدَةٌ دَقِيقَةٌ لَهَا حَدٌّ مَاضٍ ، وَقِيلَ هُوَ سَوْطٌ فِي جَوْفِهِ سَيْفٌ دَقِيقٌ يَشُدُّهُ الْفَاتِكُ عَلَى وَسَطَهِ لِيَغْتَالَ بِهِ النَّاسَ

وَاتَّكَأَ عَلَيْهَا : أَيْ تَحَامَلَ عَلَيْهَا

فَوَقَعَ بَيْنَ رِجْلَيْهَا طِفْلٌ : لَعَلَّهُ كَانَ وَلَدًا لَهَا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَمْ يَمُتْ

فَلَطَّخَتْ : أَيْ لَوَّثَتْ

مَا هُنَاكَ : مِنَ الْفِرَاشِ

ذُكِرَ بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ

ذَلِكَ : أَيِ الْقَتْلُ

فَقَالَ أَنْشُدُ اللَّهَ رَجُلًا : أَيْ أَسْأَلُهُ بِاللَّهِ وَأُقْسِمُ عَلَيْهِ

فَعَلَ مَا فَعَلَ : صِفَةٌ لِرَجُلٍ وَمَا مَوْصُولَةٌ

لِي عَلَيْهِ حَقٌّ : صِفَةٌ ثَانِيَةٌ لِرَجُلٍ أَيْ مُسْلِمًا يَجِبُ عَلَيْهِ طَاعَتِي وَإِجَابَةُ دَعْوَتِي

يَتَزَلْزَلُ : أَيْ يَتَحَرَّكُ

بَيْنَ يَدَيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَيْ قُدَّامَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

مِثْلَ اللُّؤْلُؤَتَيْنِ : أَيْ فِي الْحُسْنِ وَالْبَهَاءِ وَصَفَاءِ اللَّوْنِ

أَلَا : بِالتَّخْفِيفِ

إِنَّ دَمَهَا هَدَرٌ : لَعَلَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِمَ بِالْوَحْيِ صِدْقَ قَوْلِهِ ، وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الذِّمِّيَّ إِذَا لَمْ يَكُفَّ لِسَانَهُ عَنِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَلَا ذِمَّةَ لَهُ فَيَحِلُّ قَتْلُهُ ، قَالَهُ السِّنْدِيُّ .

أيها الكرام:

هكذا فقطْ تكونُ نصرةُ الحبيبِ صلى اللهُ عليه وسلم ، لا بالشجبِ والاستنكارِ على استحياءٍ ، ولا بمقاطعةِ المنتجاتِ فَحَسْبُ ، بل تكونُ بقتلِ مَنْ تَجَرَّأَ على النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا يكونُ القتلُ لِمَنْ هَجَا النبيَّ فقط ، بلْ لكلِّ مَنْ يساعدُ ويَحمِيْ ويُوَفِّرُ الأمانَ لِمَنْ يَهْجُوْهُ.

ولقد جرت سنةُ الله فيمن افترى على رسولِه صلى الله عليه وسلم أن يقصمَه ويعاقبَه عقوبةً خارجةً عن العادة ليتبينَ للناسِ كذبُه وافتراؤُه، فقد روى الإمامُ مسلمٌ عن أنسٍ رضي الله عنه قال: كان منا رجلٌ من بني النجارِ قد قرأَ البقرةَ وآلَ عمرانَ، وكان يكتبُ للنبي صلى الله عليه وسلم فانطلق هاربًا حتى لَحِقَ بأهلِ الكتاب، قال: فَعَرَفُوْهُ، قالوا: هذا كانَ يكتبُ لمحمدٍ فأُعْجِبُوا به، فما لَبِثَ أنْ قَصَمَ اللهُ عُنُقَهُ فيهم، فَحَفَرُوا له فَوَارَوْهُ، فأصبحتِ الأرضُ قدْ نَبَذَتْهُ على وَجْهِها، ثم عادوا له فحفروا له فَوَارَوْهُ؛ فأصبحتِ الأرضُ قدْ نَبَذَتْهُ على وَجْهِها، وهكذا في الثالثةِ، فتركوه منبوذًا.

قال ابنُ تيمية رحمه الله: فهذا الملعونُ الذي افترى على النبي صلى الله عليه وسلم أنه ما كان يدريْ ما كُتِبَ له، قَصَمَهُ اللهُ وفَضَحَهُ بأنْ أخرجَهُ من القبر بعد أن دُفن مِراراً، وهذا أمرٌ خارجٌ عن العادةِ، يدلُّ كُلَّ أحدٍ على أن هذا عقوبةٌ لِمَا قاله، وأنه كان كاذباً؛ إذْ كان عامةُ الموتى لا يصيبُهم مثلُ هذا، وأن هذا الْجُرْمَ أعظمُ من مجردِ الارتدادِ؛ إذْ كان عامةُ المرتدين يموتونَ ولا يصيبُهم مثلُ هذا، وأنَّ اللهَ منتقمٌ لرسولِهِ ممنْ طَعَنَ عليه وسَبَّهُ، ومُظْهِرٌ لدينِهِ ولِكَذِبِ الكاذبِ؛ إذا لم يتمكنِ الناسُ أن يقيموا عليه الحد.

قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً مُهِيناً} (الأحزاب:57)

ومن عجيب الأمر أن المسلمين كانوا في جهادهم إذا حاصروا حصنًا أو بلدة فسمعوا من أهلها سبًّا لرسول الله صلى الله عليه وسلم استبشروا بقرب الفتح مع امتلاء القلوب غيظًا عليهم بما قالوه.

 

واليومَ نرى هبةَ الأمة وثورتَها على الأنظمة الوضعية ، وتزامنَ الإساءاتِ المتكررةِ على النبي صلى الله عليه وسلم والتي تدلُّ على تواطؤِ الأنظمةِ وخنوعِها في كلِّ بلادِ الإسلام. فعلى الأمةِ ألاّ تَسْمَحَ لحكامِها بسلبِ ثوراتِها وحَرْفِها ، وإنْ نُصِّبَ عليهم حكامٌ يدّعون الحكم بالإسلام ، فها نحن نشاهدُ ونسمعُ تصريحاتِهم التي يَنْدَى لها الجبينُ من خِزْيِ ما حَوَتْهُ من مواقفَ وتعليقاتٍ، فالوضعُ والموقفُ كما كان الحالُ في الأنظمةِ السابقة.

إن هذه الحوادثَ المسيئةَ للإسلامِ ورسولِهِ والقرآنِ الكريم لا بد أن تدفعَ المسلمين لأنْ يُعيدوا النظرَ بجديةٍ في غضبتِهم ووِجهةِ حركتِهم ومطالبتِهم بالحلولِ الجذريةِ واستئنافِ الحياةِ الإسلامية ، ويطالبوا بكيان سياسي مخلص يرعى المسلمين وإسلامهم .

عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إنما الإمام جُنَّةٌ يُقاتلُ مِنْ ورائِه ويُتَّقَى به فإنْ أمرَ بتقوى الله عز وجل وعَدَلَ كان له بذلك أجرٌ وإنْ يأمرْ بغيرِه كانَ عليه منه" رواهُ مسلم

وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

 

28 من شوال 1433

الموافق 2012/09/15م

 

 

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

 

مع الحديث الشريف

 

باب الحكم فيمن سب النبي صلى الله عليه وسلم

 

 

 

نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم "مع الحديث الشريف" ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

جاء في سنن أبي داود كتابِ الحدود بابِ الحكمُ فيمن سَبَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم " حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ مُوسَى الْخُتَّلِيُّ أَخْبَرَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ الْمَدَنِيُّ عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ عُثْمَانَ الشَّحَّامِ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ عَبَّاسٍ أَنَّ أَعْمَى كَانَتْ لَهُ أُمُّ وَلَدٍ تَشْتُمُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَقَعُ فِيهِ فَيَنْهَاهَا فَلَا تَنْتَهِي وَيَزْجُرُهَا فَلَا تَنْزَجِرُ قَالَ فَلَمَّا كَانَتْ ذَاتَ لَيْلَةٍ جَعَلَتْ تَقَعُ فِي النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَشْتُمُهُ فَأَخَذَ الْمِغْوَلَ فَوَضَعَهُ فِي بَطْنِهَا وَاتَّكَأَ عَلَيْهَا فَقَتَلَهَا فَوَقَعَ بَيْنَ رِجْلَيْهَا طِفْلٌ فَلَطَّخَتْ مَا هُنَاكَ بِالدَّمِ فَلَمَّا أَصْبَحَ ذُكِرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَمَعَ النَّاسَ فَقَالَ أَنْشُدُ اللَّهَ رَجُلًا فَعَلَ مَا فَعَلَ لِي عَلَيْهِ حَقٌّ إِلَّا قَامَ فَقَامَ الْأَعْمَى يَتَخَطَّى النَّاسَ وَهُوَ يَتَزَلْزَلُ حَتَّى قَعَدَ بَيْنَ يَدَيْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَا صَاحِبُهَا كَانَتْ تَشْتُمُكَ وَتَقَعُ فِيكَ فَأَنْهَاهَا فَلَا تَنْتَهِي وَأَزْجُرُهَا فَلَا تَنْزَجِرُ وَلِي مِنْهَا ابْنَانِ مِثْلُ اللُّؤْلُؤَتَيْنِ وَكَانَتْ بِي رَفِيقَةً فَلَمَّا كَانَ الْبَارِحَةَ جَعَلَتْ تَشْتُمُكَ وَتَقَعُ فِيكَ فَأَخَذْتُ الْمِغْوَلَ فَوَضَعْتُهُ فِي بَطْنِهَا وَاتَّكَأْتُ عَلَيْهَا حَتَّى قَتَلْتُهَا فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلَا اشْهَدُوا أَنَّ دَمَهَا هَدَرٌ " .

 

 

شرح الحديث :

 

أُمُّ وَلَدٍ : أَيْ غَيْرُ مُسْلِمَةٍ وَلِذَلِكَ كَانَتْ تَجْتَرِئُ عَلَى ذَلِكَ الْأَمْرِ الشَّنِيعِ

وَتَقَعُ فِيهِ : يُقَالُ وَقَعَ فِيهِ إِذَا عَابَهُ وَذَمَّهُ

وَيَزْجُرُهَا : أَيْ يَمْنَعُهَا

فَلَا تَنْزَجِرُ : أَيْ فَلَا تَمْتَنِعُ

 

فَلَمَّا كَانَتْ ذَاتَ لَيْلَةٍ : قَالَ السِّنْدِيُّ : يُمْكِنُ رَفْعُهُ عَلَى أَنَّهُ اسْمُ كَانَ وَنَصْبُهُ عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ كَانَ أَيْ كَانَ الزَّمَانُ أَوِ الْوَقْتُ ذَاتَ لَيْلَةٍ ، وَقِيلَ يَجُوزُ نَصْبُهُ عَلَى الظَّرْفِيَّةِ أَيْ كَانَ الْأَمْرُ فِي ذَاتِ لَيْلَةٍ ثُمَّ ذَاتُ لَيْلَةٍ قِيلَ مَعْنَاهُ سَاعَةٌ مِنْ لَيْلَةٍ وَقِيلَ مَعْنَاهُ لَيْلَةٌ مِنَ اللَّيَالِي وَالذَّاتُ مُقْحَمَةٌ.

 

فَأَخَذَ : أَيِ الْأَعْمَى

الْمِغْوَلَ : بِكَسْرِ مِيمٍ وَسُكُونِ غَيْنٍ مُعْجَمَةٍ وَفَتْحِ وَاوٍ مِثْلَ سَيْفٍ قَصِيرٍ يَشْتَمِلُ بِهِ الرَّجُلُ تَحْتَ ثِيَابِهِ فَيُغَطِّيهِ ، وَقِيلَ حَدِيدَةٌ دَقِيقَةٌ لَهَا حَدٌّ مَاضٍ ، وَقِيلَ هُوَ سَوْطٌ فِي جَوْفِهِ سَيْفٌ دَقِيقٌ يَشُدُّهُ الْفَاتِكُ عَلَى وَسَطَهِ لِيَغْتَالَ بِهِ النَّاسَ

وَاتَّكَأَ عَلَيْهَا : أَيْ تَحَامَلَ عَلَيْهَا

فَوَقَعَ بَيْنَ رِجْلَيْهَا طِفْلٌ : لَعَلَّهُ كَانَ وَلَدًا لَهَا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَمْ يَمُتْ

فَلَطَّخَتْ : أَيْ لَوَّثَتْ

مَا هُنَاكَ : مِنَ الْفِرَاشِ

ذُكِرَ بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ

ذَلِكَ : أَيِ الْقَتْلُ

فَقَالَ أَنْشُدُ اللَّهَ رَجُلًا : أَيْ أَسْأَلُهُ بِاللَّهِ وَأُقْسِمُ عَلَيْهِ

فَعَلَ مَا فَعَلَ : صِفَةٌ لِرَجُلٍ وَمَا مَوْصُولَةٌ

لِي عَلَيْهِ حَقٌّ : صِفَةٌ ثَانِيَةٌ لِرَجُلٍ أَيْ مُسْلِمًا يَجِبُ عَلَيْهِ طَاعَتِي وَإِجَابَةُ دَعْوَتِي

يَتَزَلْزَلُ : أَيْ يَتَحَرَّكُ

بَيْنَ يَدَيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَيْ قُدَّامَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

مِثْلَ اللُّؤْلُؤَتَيْنِ : أَيْ فِي الْحُسْنِ وَالْبَهَاءِ وَصَفَاءِ اللَّوْنِ

أَلَا : بِالتَّخْفِيفِ

إِنَّ دَمَهَا هَدَرٌ : لَعَلَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِمَ بِالْوَحْيِ صِدْقَ قَوْلِهِ ، وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الذِّمِّيَّ إِذَا لَمْ يَكُفَّ لِسَانَهُ عَنِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَلَا ذِمَّةَ لَهُ فَيَحِلُّ قَتْلُهُ ، قَالَهُ السِّنْدِيُّ .

 

هكذا فقطْ تكونُ نصرةُ الحبيبِ صلى اللهُ عليه وسلم ، لا بالشجبِ والاستنكارِ على استحياءٍ ، ولا بمقاطعةِ المنتجاتِ فَحَسْبُ ، بل تكونُ بقتلِ مَنْ تَجَرَّأَ على النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا يكونُ القتلُ لِمَنْ هَجَا النبيَّ فقط ، بلْ لكلِّ مَنْ يساعدُ ويَحمِيْ ويُوَفِّرُ الأمانَ لِمَنْ يَهْجُوْهُ.

 

ولقد جرت سنةُ الله فيمن افترى على رسولِه صلى الله عليه وسلم أن يقصمَه ويعاقبَه عقوبةً خارجةً عن العادة ليتبينَ للناسِ كذبُه وافتراؤُه، فقد روى الإمامُ مسلمٌ عن أنسٍ رضي الله عنه قال: كان منا رجلٌ من بني النجارِ قد قرأَ البقرةَ وآلَ عمرانَ، وكان يكتبُ للنبي صلى الله عليه وسلم فانطلق هاربًا حتى لَحِقَ بأهلِ الكتاب، قال: فَعَرَفُوْهُ، قالوا: هذا كانَ يكتبُ لمحمدٍ فأُعْجِبُوا به، فما لَبِثَ أنْ قَصَمَ اللهُ عُنُقَهُ فيهم، فَحَفَرُوا له فَوَارَوْهُ، فأصبحتِ الأرضُ قدْ نَبَذَتْهُ على وَجْهِها، ثم عادوا له فحفروا له فَوَارَوْهُ؛ فأصبحتِ الأرضُ قدْ نَبَذَتْهُ على وَجْهِها، وهكذا في الثالثةِ، فتركوه منبوذًا.

 

قال ابنُ تيمية رحمه الله: فهذا الملعونُ الذي افترى على النبي صلى الله عليه وسلم أنه ما كان يدريْ ما كُتِبَ له، قَصَمَهُ اللهُ وفَضَحَهُ بأنْ أخرجَهُ من القبر بعد أن دُفن مِراراً، وهذا أمرٌ خارجٌ عن العادةِ، يدلُّ كُلَّ أحدٍ على أن هذا عقوبةٌ لِمَا قاله، وأنه كان كاذباً؛ إذْ كان عامةُ الموتى لا يصيبُهم مثلُ هذا، وأن هذا الْجُرْمَ أعظمُ من مجردِ الارتدادِ؛ إذْ كان عامةُ المرتدين يموتونَ ولا يصيبُهم مثلُ هذا، وأنَّ اللهَ منتقمٌ لرسولِهِ ممنْ طَعَنَ عليه وسَبَّهُ، ومُظْهِرٌ لدينِهِ ولِكَذِبِ الكاذبِ؛ إذا لم يتمكنِ الناسُ أن يقيموا عليه الحد.

 

قال تعالى: { إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً مُهِيناً } (الأحزاب:57).

ومن عجيب الأمر أن المسلمين كانوا في جهادهم إذا حاصروا حصنًا أو بلدة فسمعوا من أهلها سبًّا لرسول الله صلى الله عليه وسلم استبشروا بقرب الفتح مع امتلاء القلوب غيظًا عليهم بما قالوه.

 

 

واليومَ نرى هبةَ الأمة وثورتَها على الأنظمة الوضعية ، وتزامنَ الإساءاتِ المتكررةِ على النبي صلى الله عليه وسلم والتي تدلُّ على تواطؤِ الأنظمةِ وخنوعِها في كلِّ بلادِ الإسلام. فعلى الأمةِ ألاّ تَسْمَحَ لحكامِها بسلبِ ثوراتِها وحَرْفِها ، وإنْ نُصِّبَ عليهم حكامٌ يدّعون الحكم بالإسلام ، فها نحن نشاهدُ ونسمعُ تصريحاتِهم التي يَنْدَى لها الجبينُ من خِزْيِ ما حَوَتْهُ من مواقفَ وتعليقاتٍ، فالوضعُ والموقفُ كما كان الحالُ في الأنظمةِ السابقة.

 

 

إن هذه الحوادثَ المسيئةَ للإسلامِ ورسولِهِ والقرآنِ الكريم لا بد أن تدفعَ المسلمين لأنْ يُعيدوا النظرَ بجديةٍ في غضبتِهم ووِجهةِ حركتِهم ومطالبتِهم بالحلولِ الجذريةِ واستئنافِ الحياةِ الإسلامية ، ويطالبوا بكيان سياسي مخلص يرعى المسلمين وإسلامهم.

 

عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إنما الإمام جُنَّةٌ يُقاتلُ مِنْ ورائِه ويُتَّقَى به فإنْ أمرَ بتقوى الله عز وجل وعَدَلَ كان له بذلك أجرٌ وإنْ يأمرْ بغيرِه كانَ عليه منه " رواهُ مسلم.

 

احبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

 

29 من شوال 1433

الموافق 2012/09/16م

 

 

 

 

رابط هذا التعليق
شارك

إعادة للأهمية

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

مع الحديث الشريف

" باب الحكمُ فيمن سَبَّ النبيَّ صلى اللهُ عليه وسلم "

 

 

نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم "مع الحديث الشريف" ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

جاء في سنن أبي داود كتابِ الحدود بابِ الحكمُ فيمن سَبَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم "

 

حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ مُوسَى الْخُتَّلِيُّ أَخْبَرَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ الْمَدَنِيُّ عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ عُثْمَانَ الشَّحَّامِ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ عَبَّاسٍ أَنَّ أَعْمَى كَانَتْ لَهُ أُمُّ وَلَدٍ تَشْتُمُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَقَعُ فِيهِ فَيَنْهَاهَا فَلَا تَنْتَهِي وَيَزْجُرُهَا فَلَا تَنْزَجِرُ قَالَ فَلَمَّا كَانَتْ ذَاتَ لَيْلَةٍ جَعَلَتْ تَقَعُ فِي النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَشْتُمُهُ فَأَخَذَ الْمِغْوَلَ فَوَضَعَهُ فِي بَطْنِهَا وَاتَّكَأَ عَلَيْهَا فَقَتَلَهَا فَوَقَعَ بَيْنَ رِجْلَيْهَا طِفْلٌ فَلَطَّخَتْ مَا هُنَاكَ بِالدَّمِ فَلَمَّا أَصْبَحَ ذُكِرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَمَعَ النَّاسَ فَقَالَ أَنْشُدُ اللَّهَ رَجُلًا فَعَلَ مَا فَعَلَ لِي عَلَيْهِ حَقٌّ إِلَّا قَامَ فَقَامَ الْأَعْمَى يَتَخَطَّى النَّاسَ وَهُوَ يَتَزَلْزَلُ حَتَّى قَعَدَ بَيْنَ يَدَيْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَا صَاحِبُهَا كَانَتْ تَشْتُمُكَ وَتَقَعُ فِيكَ فَأَنْهَاهَا فَلَا تَنْتَهِي وَأَزْجُرُهَا فَلَا تَنْزَجِرُ وَلِي مِنْهَا ابْنَانِ مِثْلُ اللُّؤْلُؤَتَيْنِ وَكَانَتْ بِي رَفِيقَةً فَلَمَّا كَانَ الْبَارِحَةَ جَعَلَتْ تَشْتُمُكَ وَتَقَعُ فِيكَ فَأَخَذْتُ الْمِغْوَلَ فَوَضَعْتُهُ فِي بَطْنِهَا وَاتَّكَأْتُ عَلَيْهَا حَتَّى قَتَلْتُهَا فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلَا اشْهَدُوا أَنَّ دَمَهَا هَدَرٌ .

 

 

شرح الحديث:

 

أُمُّ وَلَدٍ : أَيْ غَيْرُ مُسْلِمَةٍ وَلِذَلِكَ كَانَتْ تَجْتَرِئُ عَلَى ذَلِكَ الْأَمْرِ الشَّنِيعِ

 

وَتَقَعُ فِيهِ : يُقَالُ وَقَعَ فِيهِ إِذَا عَابَهُ وَذَمَّهُ

 

وَيَزْجُرُهَا : أَيْ يَمْنَعُهَا

 

فَلَا تَنْزَجِرُ : أَيْ فَلَا تَمْتَنِعُ

 

فَلَمَّا كَانَتْ ذَاتَ لَيْلَةٍ : قَالَ السِّنْدِيُّ : يُمْكِنُ رَفْعُهُ عَلَى أَنَّهُ اسْمُ كَانَ وَنَصْبُهُ عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ كَانَ أَيْ كَانَ الزَّمَانُ أَوِ الْوَقْتُ ذَاتَ لَيْلَةٍ ، وَقِيلَ يَجُوزُ نَصْبُهُ عَلَى الظَّرْفِيَّةِ أَيْ كَانَ الْأَمْرُ فِي ذَاتِ لَيْلَةٍ ثُمَّ ذَاتُ لَيْلَةٍ قِيلَ مَعْنَاهُ سَاعَةٌ مِنْ لَيْلَةٍ وَقِيلَ مَعْنَاهُ لَيْلَةٌ مِنَ اللَّيَالِي وَالذَّاتُ مُقْحَمَةٌ

 

(فَأَخَذَ : أَيِ الْأَعْمَى

 

الْمِغْوَلَ : بِكَسْرِ مِيمٍ وَسُكُونِ غَيْنٍ مُعْجَمَةٍ وَفَتْحِ وَاوٍ مِثْلَ سَيْفٍ قَصِيرٍ يَشْتَمِلُ بِهِ الرَّجُلُ تَحْتَ ثِيَابِهِ فَيُغَطِّيهِ ، وَقِيلَ حَدِيدَةٌ دَقِيقَةٌ لَهَا حَدٌّ مَاضٍ ، وَقِيلَ هُوَ سَوْطٌ فِي جَوْفِهِ سَيْفٌ دَقِيقٌ يَشُدُّهُ الْفَاتِكُ عَلَى وَسَطَهِ لِيَغْتَالَ بِهِ النَّاسَ

 

وَاتَّكَأَ عَلَيْهَا : أَيْ تَحَامَلَ عَلَيْهَا

 

فَوَقَعَ بَيْنَ رِجْلَيْهَا طِفْلٌ : لَعَلَّهُ كَانَ وَلَدًا لَهَا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَمْ يَمُتْ

 

فَلَطَّخَتْ : أَيْ لَوَّثَتْ

 

مَا هُنَاكَ : مِنَ الْفِرَاشِ

 

ذُكِرَ بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ

 

ذَلِكَ : أَيِ الْقَتْلُ

 

فَقَالَ أَنْشُدُ اللَّهَ رَجُلًا : أَيْ أَسْأَلُهُ بِاللَّهِ وَأُقْسِمُ عَلَيْهِ

 

فَعَلَ مَا فَعَلَ : صِفَةٌ لِرَجُلٍ وَمَا مَوْصُولَةٌ

 

لِي عَلَيْهِ حَقٌّ : صِفَةٌ ثَانِيَةٌ لِرَجُلٍ أَيْ مُسْلِمًا يَجِبُ عَلَيْهِ طَاعَتِي وَإِجَابَةُ دَعْوَتِي

 

يَتَزَلْزَلُ : أَيْ يَتَحَرَّكُ

 

بَيْنَ يَدَيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَيْ قُدَّامَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

 

مِثْلَ اللُّؤْلُؤَتَيْنِ : أَيْ فِي الْحُسْنِ وَالْبَهَاءِ وَصَفَاءِ اللَّوْنِ

 

أَلَا : بِالتَّخْفِيفِ

 

إِنَّ دَمَهَا هَدَرٌ : لَعَلَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِمَ بِالْوَحْيِ صِدْقَ قَوْلِهِ ، وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الذِّمِّيَّ إِذَا لَمْ يَكُفَّ لِسَانَهُ عَنِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَلَا ذِمَّةَ لَهُ فَيَحِلُّ قَتْلُهُ ، قَالَهُ السِّنْدِيُّ .

 

أيها الإخوة الكرام:

 

هكذا فقطْ تكونُ نصرةُ الحبيبِ صلى اللهُ عليه وسلم ، لا بالشجبِ والاستنكارِ على استحياءٍ ، ولا بمقاطعةِ المنتجاتِ فَحَسْبُ ، بل تكونُ بقتلِ مَنْ تَجَرَّأَ على النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا يكونُ القتلُ لِمَنْ هَجَا النبيَّ فقط ، بلْ لكلِّ مَنْ يساعدُ ويَحمِيْ ويُوَفِّرُ الأمانَ لِمَنْ يَهْجُوْهُ.

 

ولقد جرت سنةُ الله فيمن افترى على رسولِه صلى الله عليه وسلم أن يقصمَه ويعاقبَه عقوبةً خارجةً عن العادة ليتبينَ للناسِ كذبُه وافتراؤُه، فقد روى الإمامُ مسلمٌ عن أنسٍ رضي الله عنه قال: كان منا رجلٌ من بني النجارِ قد قرأَ البقرةَ وآلَ عمرانَ، وكان يكتبُ للنبي صلى الله عليه وسلم فانطلق هاربًا حتى لَحِقَ بأهلِ الكتاب، قال: فَعَرَفُوْهُ، قالوا: هذا كانَ يكتبُ لمحمدٍ فأُعْجِبُوا به، فما لَبِثَ أنْ قَصَمَ اللهُ عُنُقَهُ فيهم، فَحَفَرُوا له فَوَارَوْهُ، فأصبحتِ الأرضُ قدْ نَبَذَتْهُ على وَجْهِها، ثم عادوا له فحفروا له فَوَارَوْهُ؛ فأصبحتِ الأرضُ قدْ نَبَذَتْهُ على وَجْهِها، وهكذا في الثالثةِ، فتركوه منبوذًا.

 

قال ابنُ تيمية رحمه الله: فهذا الملعونُ الذي افترى على النبي صلى الله عليه وسلم أنه ما كان يدريْ ما كُتِبَ له، قَصَمَهُ اللهُ وفَضَحَهُ بأنْ أخرجَهُ من القبر بعد أن دُفن مِراراً، وهذا أمرٌ خارجٌ عن العادةِ، يدلُّ كُلَّ أحدٍ على أن هذا عقوبةٌ لِمَا قاله، وأنه كان كاذباً؛ إذْ كان عامةُ الموتى لا يصيبُهم مثلُ هذا، وأن هذا الْجُرْمَ أعظمُ من مجردِ الارتدادِ؛ إذْ كان عامةُ المرتدين يموتونَ ولا يصيبُهم مثلُ هذا، وأنَّ اللهَ منتقمٌ لرسولِهِ ممنْ طَعَنَ عليه وسَبَّهُ، ومُظْهِرٌ لدينِهِ ولِكَذِبِ الكاذبِ؛ إذا لم يتمكنِ الناسُ أن يقيموا عليه الحد.

 

قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً مُهِيناً} (الأحزاب:57)

 

ومن عجيب الأمر أن المسلمين كانوا في جهادهم إذا حاصروا حصنًا أو بلدة فسمعوا من أهلها سبًّا لرسول الله صلى الله عليه وسلم استبشروا بقرب الفتح مع امتلاء القلوب غيظًا عليهم بما قالوه.

 

واليومَ نرى هبةَ الأمة وثورتَها على الأنظمة الوضعية ، وتزامنَ الإساءاتِ المتكررةِ على النبي صلى الله عليه وسلم والتي تدلُّ على تواطؤِ الأنظمةِ وخنوعِها في كلِّ بلادِ الإسلام. فعلى الأمةِ ألاّ تَسْمَحَ لحكامِها بسلبِ ثوراتِها وحَرْفِها ، وإنْ نُصِّبَ عليهم حكامٌ يدّعون الحكم بالإسلام ، فها نحن نشاهدُ ونسمعُ تصريحاتِهم التي يَنْدَى لها الجبينُ من خِزْيِ ما حَوَتْهُ من مواقفَ وتعليقاتٍ، فالوضعُ والموقفُ كما كان الحالُ في الأنظمةِ السابقة.

 

إن هذه الحوادثَ المسيئةَ للإسلامِ ورسولِهِ والقرآنِ الكريم لا بد أن تدفعَ المسلمين لأنْ يُعيدوا النظرَ بجديةٍ في غضبتِهم ووِجهةِ حركتِهم ومطالبتِهم بالحلولِ الجذريةِ واستئنافِ الحياةِ الإسلامية ، ويطالبوا بكيان سياسي مخلص يرعى المسلمين وإسلامهم .

 

عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إنما الإمام جُنَّةٌ يُقاتلُ مِنْ ورائِه ويُتَّقَى به فإنْ أمرَ بتقوى الله عز وجل وعَدَلَ كان له بذلك أجرٌ وإنْ يأمرْ بغيرِه كانَ عليه منه" رواهُ مسلم

 

وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

 

 

 

 

30 من شوال 1433

الموافق 2012/09/17م

 

 

 

رابط هذا التعليق
شارك

  • 3 weeks later...

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

مع الحديث الشريف

 

أراضي الدولة لا تملك إلا بالإقطاع

 

 

نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم "مع الحديث الشريف" ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

روى أبو داوود في سننه قال :

 

حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَاتِمٍ وَغَيْرُهُ قَالَ الْعَبَّاسُ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَنَا أَبُو أُوَيْسٍ حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ الْمُزَنِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقْطَعَ بِلَالَ بْنَ الْحَارِثِ الْمُزَنِيَّ مَعَادِنَ الْقَبَلِيَّةِ جَلْسِيَّهَا وَغَوْرِيَّهَا وَقَالَ غَيْرُهُ جَلْسَهَا وَغَوْرَهَا وَحَيْثُ يَصْلُحُ الزَّرْعُ مِنْ قُدْسٍ وَلَمْ يُعْطِهِ حَقَّ مُسْلِمٍ وَكَتَبَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ هَذَا مَا أَعْطَى مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ بِلَالَ بْنَ الْحَارِثِ الْمُزَنِيَّ أَعْطَاهُ مَعَادِنَ الْقَبَلِيَّةِ جَلْسِيَّهَا وَغَوْرِيَّهَا وَقَالَ غَيْرُهُ جَلْسَهَا وَغَوْرَهَا وَحَيْثُ يَصْلُحُ الزَّرْعُ مِنْ قُدْسٍ وَلَمْ يُعْطِهِ حَقَّ مُسْلِمٍ

 

قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :

 

( جَلْسِيَّهَا )

: بِفَتْحِ الْجِيم وَسُكُون اللَّام نِسْبَة إِلَى جَلْس بِمَعْنَى الْمُرْتَفِع . وَقَوْله غَوْرِيَّهَا بِفَتْحِ الْغَيْن وَسُكُون الْوَاو نِسْبَة إِلَى غَوْر بِمَعْنَى الْمُنْخَفِض ، وَالْمُرَاد أَعْطَاهُ مَا اِرْتَفَعَ مِنْهَا وَمَا اِنْخَفَضَ ، وَالْأَقْرَب تَرْك النِّسْبَة . قَالَهُ فِي الْفَتْح الْوَدُود.

 

( قَالَ غَيْر الْعَبَّاس جَلْسهَا وَغَوْرهَا ) :

 

أَيْ قَالَ غَيْره بِتَرْكِ النِّسْبَة وَهُوَ الظَّاهِر وَالْجَلْس بِفَتْحِ الْجِيم وَسُكُون اللَّام بِمَعْنَى النَّجْد أَيْ الْمُرْتَفِع مِنْ الْأرض وَالْغَوْر بِفَتْحِ الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَسُكُون الْوَاو مَا اِنْخَفَضَ مِنْ الْأرض.

 

( مِنْ قُدْس ) : بِضَمِّ الْقَاف وَسُكُون الدَّال الْمُهْمَلَة بَعْدهَا سِين مُهْمَلَة وَهُوَ جَبَل عَظِيم بِنَجْدٍ كَمَا فِي الْقَامُوس ، وَقِيلَ الْمَوْضِع الْمُرْتَفِع الَّذِي يَصْلُح لِلزَّرْعِ كَمَا فِي النِّهَايَة.

في هذا الحديث دلالة على أن للدولة أن تقطع للأفراد أراضيَ بشرط أن لا يكون في الأرض المُقْطَعَة حق لأحد من الرعية , ويفهم منه أن الأرض المُقْطَعَة يجب أن تكون من أراضي الدولة وليس من الملكيات العامة أو الملكية الفردية .... لأن الدولة لا حق لها في التصرف بالملكيات العامة أو الفردية لا بيعاً ولا شراءً ولا إقطاعاً.

 

فقط يجوز لها أن تقطع الأفراد من الأرض التي هي من ملكية الدولة ....

 

فما هي أراضي الدولة التي يجوز لها أن تقطع منها للأفراد ؟

 

1- الأرض العامرة الصالحة للزراعة.

2- الأرض التي سبق أن زرعت ثم خربت.

3- الأرض الموات التي لم يسبق أن زرعت أو عمرت آباد الدهر ووضعت الدولة يدها عليها لأنها من مرافق المدن والقرى.

4- الأرض التي أهملها أصحابها بعد ثلاث سنين وأخذتها الدولة منه.

إن هذه الأراضي تختلف عن الأرض الموات التي أباح الشرع تملكها بالإحياء أو التحجير ....بل إنها مما يضع الإمام (الدولة) يده عليها فهي من أملاك الدولة ولا تملك إلا إذا أقطعها الإمام ( الخليفة ) لذا فإن بلالا حين أراد إحياء تلك الأرض موضوع الحديث طلبها من الرسول ولم يبادر بإحيائها أو تحجيرها دون إذن .....بل لقد طلب من الرسول أن يكتب له فيها كتاباً .....مما يدل على أن ملكية الدولة لا تملك ملكية فردية إلا بالإقطاع من قبل الإمام .

احبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

 

18 من ذي القعدة 1433

الموافق 2012/10/05م

 

 

 

 

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

 

مع الحديث الشريف

 

 

الوكالة

 

 

نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم "مع الحديث الشريف" ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

روى أبو داوود في سننه قال :

 

حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا عَمِّي حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ ابْنِ إِسْحَقَ عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ سَمِعَهُ يُحَدِّثُ قَالَ :أَرَدْتُ الْخُرُوجَ إِلَى خَيْبَرَ فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ وَقُلْتُ لَهُ إِنِّي أَرَدْتُ الْخُرُوجَ إِلَى خَيْبَرَ فَقَالَ إِذَا أَتَيْتَ وَكِيلِي فَخُذْ مِنْهُ خَمْسَةَ عَشَرَ وَسْقًا فَإِنْ ابْتَغَى مِنْكَ آيَةً فَضَعْ يَدَكَ عَلَى تَرْقُوَتِهِ

 

 

قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :

( فَإِنْ اِبْتَغَى ): أَيْ طَلَبَ ( آيَة ) : أَيْ عَلَامَة

( فَضَعْ يَدك عَلَى تَرْقُوَته )

 

: بِفَتْحِ الْمُثَنَّاة مِنْ فَوْق وَسُكُون الرَّاء وَضَمّ الْقَاف وَفَتْح الْوَاو وَهِيَ الْعَظْم الَّذِي بَيْن ثُغْرَة النَّحْر وَالْعَاتِق ، وَهُمَا تَرْقُوَتَانِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ كَذَا فِي النِّهَايَة .

 

وَفِي اللُّمَعَات : مُقَدَّم الْحَلْق فِي أَعْلَى الصَّدْر حَيْثُمَا يَرْقَى فِيهِ النَّفَس .

 

وَفِي الْحَدِيث دَلِيل عَلَى صِحَّة الْوَكَالَة ، وَفِيهِ أَيْضًا دَلِيل عَلَى اِسْتِحْبَاب اِتِّخَاذ عَلَامَة بَيْن الْوَكِيل وَمُوَكِّله لَا يَطَّلِع عَلَيْهَا غَيْرهمَا لِيَعْتَمِد الْوَكِيل عَلَيْهَا فِي الدَّفْع ، لِأَنَّهَا أَسْهَلُ مِنْ الْكِتَاب ، فَقَدْ لَا يَكُون أَحَدهمَا مِمَّنْ يُحْسِنهَا ، وَلِأَنَّ الْخَطّ يَشْتَبِه .

 

الوكالة هي تفويض من شخص لآخر بالقيام بعمل ما نيابة عنه,وهي شرعاً: إسناد التصرف لشخص آخر يجوز تصرفه فيما تجوز فيه النيابة ومما تجوز فيه النيابة : العقود كعقد الزواج والبيع والشراء والشراكة والإجارة, ...... والولاية.

أما ما لا تجوز فيه النيابة من الأعمال التي لا تقبل إلا من الشخص المكلف نفسه ولا يجوز أن ينيب عنه غيره في القيام به فلا تجوز فيه الوكالة كأن يسند اليه أن يصلي عنه، أو يصوم عنه رمضان، أو ما أشبه ذلك من الأعمال والوكالة من العقود المباحة التي يتعامل بها الناس منذ القدم وقد أقرها الإسلام ففي حديثنا لهذا اليوم أوكل الرسول عنه شخصاً للقيام على أمواله في خيبر.

 

وإن عقود الشركات في الإسلام قائمة على الوكالة, فشريك المال في شركة المضاربة مثلا يوكل شريك البدن أن يقوم بالاتجار بماله نيابة عنه, أما في شركة العنان والأبدان فإن العقد يشتمل على توكيل كل شريك لشريكه أن يقوم بالأعمال المالية الخاصة بالشركة نيابة عنه, وباختصار فإن شريك البدن هو موكل بموجب العقد من قبل شريكه أو شركائه بالتصرف في الشركة نيابة عنه أو عنهم .

 

والوكالة لا تكون إلا من قبل شخص جائز التصرف لشخص جائز التصرف, فلا يوكل الطفل ولا المجنون ولا السفيه, أما المرأة فيجوز لها أن توكل غيرها نيابة عنها وأن تتوكل نيابة عن غيرها في كل العقود إلا في عقود الولاية, فلا يجوز أن توكلها الأمة لتكون خليفة أو يوكلها الخليفة لتنوب عنه في الحكم لا معاون تفويض ولا والياً ولا عاملاً ولا أي موقع في الحكم, ولا يجوز لها أن تكون وكيلة عن الزوج أو الزوجة في عقد الزواج ....ذلك لأن الولاية لا تكون إلا للرجل .ويستثنى منها الولاية على المال .....فللمرأة أن تكون ولية على المال سواء أكان مالَها أو مالَ غيرها خاصة إن كان ولي المال المسؤول عن النفقة عليها وعلى عيالها سفيها أو بخيلا فإن الإسلام يعطيها الحق في أن تتولى النفقة على نفسها وعلى أسرتها.

 

احبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

 

21 من ذي القعدة 1433

الموافق 2012/10/08م

 

 

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

 

مع الحديث الشريف

 

باب المشي إلى الصلاة

 

 

 

جاء في حاشية السندي، في شرح سنن ابن ماجة "بتصرف"، في باب " باب المشي إلى الصلاة "

 

 

حدثنا أبو بكرِ بنُ أبي شَيْبَةَ حدثنا أبو معاويةَ عنِ الأعمشِ عن أبي صالحٍ عن أبي هريرةَ قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إذا توضأ أحدكم فأحسن الوضوء، ثم أتى المسجد لا يَنْهَزُهُ إلا الصلاة، لا يريد إلا الصلاة، لم يخط خطوة إلا رفعه الله بها درجة، وحط عنه بها خطيئة، حتى يدخل المسجد فإذا دخل المسجد كان في صلاة ما كانت الصلاة تحبسه".

 

قوله ( لا يَنْهَزُهُ) من نَهَزَ بالزاي الْمُعْجَمَةِ كمنع لا يدفعه من بيته ولا يخرجه إلا الصلاة، وجملة لا يريد إلا الصلاة كالتفسير لهذه الجملة بحسب المعنى. قوله (ما كانت الصلاة تحبسه ) أي ما دام في المسجد قاعدا لأجلها.

 

أيها الإخوة الكرام:

 

إن الله سبحانه وتعالى وضع لهذه الأمة أحكاما تسعدها إن التزمت هي بها، وتجعلها تعيش في شقاء إن هي فرّطت بها، ومن هذه الأحكام الصلاة ومتعلقاتها، فبمجرد الشروع في الوضوء يبدأ (عدّاد) الحسنات في العمل، وإذا فرغ منه وبدأ المشي إلى المسجد، ففي كل خطوة له تسجل حسنة وتوضع عنه سيئة، وإذا انتظر الصلاة فهو في صلاة ، وإذا سلّم على أخيه بعدها فله أجر أيضا، وله ما له من الحسنات حتى يعود إلى بيته.

أيها المسلمون: إذا كان هذا حال المسلم في الصلاة، فكيف بحاله في سائر أمور الحياة وهو طائع لله ملتزم بأحكامه، يخشى الله ويخافه، يمزج المادة بالروح في كل أمر من أمور الحياة؟ هنا تكمن السعادة، هذا ما أراده الله تعالى لنا، هكذا يريد لنا ربُّنا سبحانه أن نعيش.

 

أما ما نراه اليوم من خلاف هذا، فإنما مردّه إلى النظام الذي نعيش فيه، والذي فُرض علينا فرضا من قبل عصابات استولت على الحكم في بلاد المسلمين، أُطلق عليها لقب (حكام)، مارست على الأمة شتى أنواع القهر والظلم، وليس أقلها منع المسلم من ممارسة حقه في الصلاة والمشي إلى المساجد، حتى وصل الأمر ببعض الحكام أن يعتقل من يصلي الفجر في المسجد ويحقق معه، سائلا إياه عن السبب الذي دفعه للقيام بهذا الجهد العظيم، وعن الجماعة التي ينتمي إليها، بل تطورت الأمور عند بعض الحكام فقام بإلزام المسلمين في بلاده بصلاة الجمعة في مسجد معين بحسب المنطقة ومكان السكن، وذلك من خلال بطاقات خاصة وُزعت على المصلين، ما دفع المسلمين لأن يخرجوا عليه بسبب هذا الظلم وغيره، ليسقطوه من عليائه، ليولي هاربا تاركا البلد، والأمة اليوم تخرج عن صمتها، وترفع صوتها أن كفى، كفى ظلماً وقهراً وعدواناً وخيانةً وكذباً وفجوراً. وهكذا فقد دار الزمان، وبدأت الأمة تأخذ زمام أمرها وتتولى شؤونها في الصلاة وفي غيرها من أمور الحياة.

 

نسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يمكن لهذه الأمة أمر دينها، وان يهيئ لها من يأخذ بيدها نحو العزة والرفعة والمجد قريبا إن شاء الله، اللهم آمين.

 

23 من ذي القعدة 1433

الموافق 2012/10/09م

 

 

 

رابط هذا التعليق
شارك

Join the conversation

You can post now and register later. If you have an account, sign in now to post with your account.

زوار
اضف رد علي هذا الموضوع....

×   Pasted as rich text.   Paste as plain text instead

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   Your previous content has been restored.   Clear editor

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.

جاري التحميل

×
×
  • اضف...