اذهب الي المحتوي
منتدى العقاب

أعداد مجلة الوعي


خلافة راشدة

Recommended Posts

بسم الله الرحمن الرحيم
صدور العدد الجديد من #مجلة_الوعي
العدد 383 - السنة الثالثة والثلاثون، ذو الحجة 1439هـ،، آب 2018م
-----
للتصفح والطباعة
https://www.al-waie.org/wp-content/uploads/…/08/Waie_383.pdf
-
#عناوين العدد: 
أمة الإسلام أمة واحدة، ولا ينقصها لإعادة مجدها سوى إقامة دولة الخلافة الراشدة الجامعة
http://www.al-waie.org/archives/article/13487
استراتيجيات سياسة القوة لدى مفكري الغرب في القرنين التاسع عشر والعشرين، كيفية السيطرة على العالم باستخدام القوة (1)
http://www.al-waie.org/archives/article/13490
أدوار أنظمة الحكم الخليجية القذرة قديمًا وحديثًا
http://www.al-waie.org/archives/article/13494
مشروع الأمة الإسلامية الحضاري إلى صعود وارتقاء، ومشروع الغرب إلى انحدار وهبوط
http://www.al-waie.org/archives/article/13497
لماذا يبطئ الناس عند النداء لإقامة الخلافة؟!
http://www.al-waie.org/archives/article/13500
واجب العلماء تجاه عملية التغيير وإقامة الدين
http://www.al-waie.org/archives/article/13503
أيام عشر ذي الحجة أيام خير، والمحروم من حرم أجرها
http://www.al-waie.org/archives/article/13506
أخبار المسلمين في العالم
http://www.al-waie.org/archives/article/13508
مع القرآن الكريم
http://www.al-waie.org/archives/article/13510
رياض الجنة:شرف المؤمن قيامه بالليل
http://www.al-waie.org/archives/article/13512
الصحابي المؤمن الشهيد المجاهد الصامت أبو عبد الرحمن زيد بن الخطاب رضي الله عنه
http://www.al-waie.org/archives/article/13514
ديفيد هيرست: قطر والكويت أنقذا الأردن في أزمته الأخيرة وليس السعودية!
http://www.al-waie.org/archives/article/13517
«ترامب المارق، أزمة صُنعت في الولايات المتحدة، وفي أميركا يجب أن تُصحح»
http://www.al-waie.org/archives/article/13520

**
لتصفح مجلة الوعي من خلال موقع #الفيسبوك 
https://web.facebook.com/alwaie
لمتابعة مجلة الوعي من خلال موقع #تويتر 
https://twitter.com/alwaiemagazine
لمتابعة مجلة الوعي من خلال موقع #تلغرام 
http://telegram.me/alwaie1
لمراسلة مجلة الوعي
info@al-waie.org
لإرسال مواضيع لمجلة الوعي
subject@al-waie.org
Translate

Kein automatischer Alternativtext verfügbar.
 
 
 
رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم
عناوين العدد الجديد من #مجلة_الوعي
العدد 383 - السنة الثالثة والثلاثون، ذو الحجة 1439هـ،، آب 2018م
---
للتصفح والطباعة
https://www.al-waie.org/wp-content/uploads/…/08/Waie_383.pdf
**
لتصفح مجلة الوعي من خلال موقع #الفيسبوك 
https://web.facebook.com/alwaie
لمتابعة مجلة الوعي من خلال موقع #تويتر 
https://twitter.com/alwaiemagazine
لمتابعة مجلة الوعي من خلال موقع #تلغرام 
http://telegram.me/alwaie1
لمراسلة مجلة الوعي
info@al-waie.org
لإرسال مواضيع لمجلة الوعي
subject@al-waie.org
Translate

Kein automatischer Alternativtext verfügbar.
 
 
 
رابط هذا التعليق
شارك

استراتيجيات سياسة القوة لدى مفكري الغرب

 

 

 

في القرنين التاسع عشر والعشرين

كيفية السيطرة على العالم باستخدام القوة (1)

عبد الحميد عبد الحميد

لأننا في عالم رأسمالي متوحش لا مكان فيه للضعفاء، ونطمح إلى بناء دولة يجب أن تصمد نواتها الأولى أمام هجوم الدول الراسخة في القوة، ثم تقوى هذه النواة وتتمدد لتحوي حدودها جميع بلاد المسلمين، ثم تقوى وتتمدد لتحكم العالم أجمع بالإسلام.. لأجل ذلك رأينا أن نفتح هنا نافذة نطلّ منها على مبدأ سياسة القوة ونظريات منظّريه الغربيين، لنقف على أساليب تفكيرهم، وأسباب انطلاقهم من وجهات نظر مختلفة في الأداة الأهمّ الواجب استخدامها لأجل حكم العالم.  

مفهوم سياسة القوة:

ينطلق مبدأ سياسة القوة من الفكرة القائلة: إن ما تستطيع دولة ما أن تفعله في السياسة الدولية يعتمد على القوة التي تمتلكها، وإذا ما أرادت دولة ما أن تحقق نجاحًا فلا خيار لها إلا أن تجعل من إحراز القوة هدفها الرئيس.

ويفرض هذا المبدأ على الدول ذات الطابع التوسعي أن تكتسب قدر ما تستطيع من القوة العسكرية، لا لتدافع عن رقعتها السياسية فحسب، بل لتفرض سيطرتها وهيبتها على أراضٍ جديدة خارج حدودها السياسية.

فالدولة الجيدة، كما يرى أحد منظري سياسة القوة، هي الدولة التي تمتلك الجيش القوي، وإن ازدراء فن الحرب لهو السبب الرئيس في ضياع الدول والإمارات، وإن التمرس فيه وإتقانه لهو السبيل إلى بقائها وعلوّها.

ولأن رغبات الدول متعارضة فالنزاع بينها هو النتيجة المحتومة، والحرب هي التي تقرر من الأقوى، ومن الذي سيحصل على ما يريد. والأقوى هو صاحب الحق، والحق بحاجة دائمة إلى سيف مشرع إلى جانبه حتى يحق.

ولأن العامل الأهمّ في مسار السياسة الدولية هو طبيعة القوة العسكرية وتوزعها بين الدول، فالضمانة الأساسية لحد أدنى من النظام هو توزع القوى بين الدول المتعادية بشكل متوازن، أي حصول توازن للقوى يجعل مالكيها ينفرون من الاقتتال؛ لأنه سيكون بالغ التكاليف، وخسائره ستفوق الأرباح.

وقد منعت سياسة توازن القوى نشوب حرب مباشرة، كانت ستكون مدمرة لو نشبت، بين الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد السوفياتي في النصف الثاني من القرن الماضي، لضخامة الأسلحة التي كان يمتلكها الطرفان، وقدرتها على التدمير الشامل والسريع.

ويعترض منتقدو مبدأ سياسة القوة هذا بأن قوة الدولة ظاهرة غير قابلة للقياس، وكل ما يمكن إحصاؤه منها هو مصادرها، التي وكأنها رجال تحت السلاح، ربما تحقق فائدة ما في موقف مستقبلي معين، وربما لا، فتظل هي في أحسن الأحوال مؤشرات إلى القوة ومعالم عن أماكن تواجدها، ولا تستطيع الدول إلا محاولة إحراز مصادر القوة التي تظن ظنًا أنها ستكون مفيدة.

والقوة بحد ذاتها عامل نسبي، ومن كان قويًا في ظرف ما قد يكون ضعيفًا في ظرف آخر. فرغم أن أميركا كانت أقوى بكثير من فيتنام الشمالية إلا أنها دُحرت أمامها في فيتنام الجنوبية، واضطرت إلى الانسحاب. وقوة الاتحاد السوفياتي العسكرية النووية الهائلة لم تحل دون انهياره وتفككه وانحسار نفوذه عالميًا.

فالقوة العسكرية ليست هي كل شيء، ومن ظن أنه سيحصل بها على كل شيء فسيخسر كل شيء.

هذا وقد ظهر مفكرو سياسة القوة الغربيين منذ نهاية القرن التاسع عشر وحتى منتصف القرن العشرين على جانبي المحيط الأطلسي، ورغم أنهم اختلفوا في تحديد نوعية السلاح الواجب استخدامه من قبل الدولة التي تعتنق مبدأ سياسة القوة، إلا أنهم اتفقوا عمومًا على النقاط التالية:

1- القوة العسكرية هي الأداة الفعالة في تحقيق الأهداف التوسعية للدولة.

2- الدولة كائن حي قابل للسمنة والنحافة، وحدودها مرنة ومتحركة، وذلك على ضوء القوة العسكرية التي تمتلكها.

3- لا مكان للدول الضعيفة على خارطة العالم السياسية، لأن الحياة يجب أن تقتصر على الأقوياء فقط.

4- مصالح الدول في تناقض، وهذا يقتضي تنافسها وتطاحنها لتحقيق المكاسب لرعاياها على حساب الآخرين.

5- عدم إقامة أي وزن للقيم الروحية أو الأخلاقية أو الإنسانية إذا ما وقفت عائقًا أمام تحقيق أهداف الدولة التوسعية.

6- إن الأرض التي نعيش عليها لا تتسع إلا لقيام دولة عالمية واحدة.

1ـ المفهوم السياسي للقوة البحرية -الاستراتيجية البحرية:

كانت البحار والمحيطات وما زالت حلبة للتنافس السياسي والاقتصادي، وللصراعات المسلحة بين الدول ذات الشواطئ البحرية المفتوحة والصالحة للملاحة طوال العام؛ مما دفع هذه الدول إلى بناء قواتها البحرية وزيادة فاعليتها عبر السنين.

فتاريخ القوة البحرية قديم منذ أن كانت الأساطيل الحربية البحرية تتألف من قطع بحرية مقاتلة تتخذ من قوة الذراعين التجديفية طاقة حركة لها، إلى أن تمت الاستفادة من طاقة الرياح التي تحرك السفن من خلال سطوح أشرعتها، ثم أصبحت السفن تسير بالطاقة البخارية ثم بالوقود النفطي، وأخيرًا عبر استخدام الطاقة الذرية.

وهكذا فقد تطور استخدام القوة البحرية عبر الزمن من خلال الاستفادة من آخر المنجزات التقنية، وأصبح سلاح البحر لدى بعض الدول متحكمًا بسلاحي البر والجو. فإضافة إلى قوات أسطول الأعداء المتواجدة في البحار يمكن أن يشمل مفعول سلاح البحر مجمل أراضي البلد المعادي عبر استخدامه سلاحي المدفعية والصواريخ.

وتعود الأهمية المتزايدة للقوة البحرية إلى قدرتها على الحركة والمرونة دون عوائق، لأن البحار والمحيطات لا تخضع لسلطان أية دولة ولا يسري عليها مفعول قوانينها. وتعود كذلك إلى مهماتها الضخمة التي تشمل إلى جانب تدمير أساطيل العدو تحطيم قدرته الحربية والاقتصادية، عبر التأثير في مراكزه الحيوية ومواقع قواته المسلحة وتحشداتها، بغية التمهيد للقوات البرية للاستيلاء على أرضه.

هذا وتلعب البحار دورًا هامًا في تنشيط العلاقات التجارية ومختلف أنواع التواصل بين الشعوب. وقد ظهرت عدة مدنيات وتطورت متخذة من قواعدها في الشواطئ الساحلية مراكز انطلاق لها. ويعد الفينيقيون أول شعب أدار ظهره للبر متخذًا من رحاب البحر قبلة له، فأنشؤوا على الساحل الشرقي للبحر المتوسط عدة مدن بحرية كصيدا وصور وعكا وأرواد، حيث كان إدراك الفينيقيين لأهمية البحر وراء إنشائهم لإمبراطوريتهم البحرية.

لقد اقتنع فينيقيو صور بأن الإمبراطورية البحرية تقوم على التجارة والمواصلات أكثر من الاستيلاء على الأراضي البرية الواسعة التي تتطلب الحاميات الكبيرة وتكون معرضة للتفسخ بحسب تقسيمها إلى ولايات. واقتنعوا بأن الموقع الجزري لعاصمة الدولة أكثر أمانًا وسلامةً من الأخطار الخارجية مما لوكانت المدينة على الشاطئ البري مباشرة. ولذلك نقلوا عاصمتهم إلى الجزء الصخري الذي يبعد عن الشاطئ عشرات الأمتار، وبذلك أمنوا سلامة أراضيهم من أخطار الدول البرية البابلية والآشورية التي كانت قائمة، حتى مجيء الإسكندر.

يقول أحدهم: «ولو أن هذه الجزيرة الصخرية كانت تبعد كيلومترًا واحدًا فوق بعدها الأصلي عن الشاطئ لكان الأرجح أن يرتد عنها الإسكندر خائبًا، وقد كاد. إذ تبين من سقوط صور وقرطاج أن الإمبراطورية البحرية تقوم على عاصمتها، فإذا ذهبت العاصمة ذهبت الإمبراطورية. وبذلك تختلف عن الإمبراطورية البرية التي قد تذهب عاصمتها ولكن القضاء عليها لا يكون مبرمًا».

وقد انتهت كذلك إمبراطورية قرطاج البحرية بإحراق عاصمتها من قبل الرومان، الذين ورثوا سيطرتها على معظم بلدان البحر المتوسط، بعد أن فشل هنيبعل في اقتحام أسوار روما، التي اجتاز إليها من الغرب جبال الألب قادمًا من فرنسا، في خطة عسكرية تقوم على شن هجوم خاطف لا يتيح للعدو لملمة نفسه، بالالتفاف عليه من أكثر المناطق وعورة وقساوة ولا يتوقع الهجوم عليه منها.

وحديثًا فإن موقع الجزيرة البريطانية في عرض مياه الأطلسي قريبًا من شواطئ البر الأوروبي، الذي أبعدها عن الاضطرابات السياسية والحروب التي كانت تجري بين الدول الأوروبية القارية، وجعلها تقوم بدور مميز في الحركة الملاحية عبر الأطلسي غربًا نحو الشواطئ الشرقية للقارة الأميركية، نقول: إن موقع الجزيرة هذا ساعدها في إنشاء إمبراطوريتها البحرية التي أصبحت لا تغيب عن أراضيها الشمس.

فقبل عصر الكشوف الجغرافية كانت الجزيرة البريطانية من بين أكثر جهات العالم القديم تأخرًا، وبقي دورها في منفاها البعيد ولآلاف السنين تابعًا لليابسة الأوروبية، حتى إن سكانها لم يشتغلوا بالملاحة ولم يمهروا بها بسبب موقع بلادهم النائي عن مراكز حضارات العالم القديم، إذ كانت في نهاية طريق مغلق غير مفيد في الطرف الغربي لكتلة اليابسة الأوراسية، وغربها تقع مياه الأطلسي مجهولة المسالك، شأنها في ذلك شأن جزر اليابان الواقعة في طرف كتلة اليابسة الشرقي ووراءها ما وراءها من مياه المحيط الهادي.

وبعد اكتشاف العالم الجديد أصبحت بريطانيا أقرب جهات أوروبا إلى أميركا الشمالية، وغدت طرق البحر مفتوحةً أمامها إليها، وصار اتصالها ميسورًا بجميع القارة الأميركية إضافة إلى جنوب أفريقيا والشرق الأقصى، إلى جانب اتصالها الأصلي بالبحار المحلية شبه المغلقة كالبحر المتوسط وبحر البلطيق. لكن توجه إسبانيا والبرتغال اللتين كانتا تتمتعان بمركز يفوق مركز بريطانيا في الطريق البحري حول رأس الرجاء الصالح وصولًا إلى الشرق الأقصى، وقد شاركتا بريطانيا في الوصول إلى أميركا الشمالية، نقول: لكن توجه إسبانيا والبرتغال الحثيث كان مركزًا على الجزئين الأوسط والجنوبي من القارة الأميركية، مما أفسح المجال للإنكليز لتركيز نفوذهم في أميركا الشمالية.

فتحول موقع بريطانيا الذي كان عبئًا ثقيلًا عليها قبل الكشوفات الجغرافية إلى موقع استراتيجي حساس بعدها، وتعداد سكانها الجيد، وتزايد الخبرة في الملاحة البحرية بسبب تقدم مستوى المعرفة البشرية، كل ذلك ساعد بريطانيا في انطلاقتها الاستعمارية، وسبب توسعًا كبيرًا في المجال الحيوي البريطاني حتى شمل أراضي شعوب كثيرة في آسيا وأفريقيا وأميركا الشمالية، وكان هو الأساس في استكمال بناء قوة الإمبراطورية العسكرية الضاربة، بعد الاستفادة من ثروات مجالها الحيوي ـ أو مستعمراتها ـ الطبيعية والاقتصادية.

ولقد كان الضابط البحري الأميركي ألْفْريد ماهان /1840 ـ 1914/م من أكثر المعجبين بعظمة الجزيرة البريطانية وبموقعها. وهو الذي كان يرى في البحر عاملًا جغرافيًا يضفي على الدولة التي تمتلك ناصيته القوة والهيبة، ويمكّنها من الوصول إلى أية بقعة في العالم دون عقبات وحواجز طبيعية، ودون الحاجة إلى تعبيد الطرق ومد سكك الحديد. إضافة إلى بقاء النقل والانتقال بحرًا أقل تكلفة من مثيله في الجو أو على اليابسة.

فإضافة إلى أنه كان يؤمن بأن الدولة يجب أن تكون في حركة دائمة لأن في ذلك مصلحة لها في التوسع والتمدد، وأن السكون والخمول يقود الدولة إلى الانهيار والزوال، وأنها كالكائن الحي الذي يحافظ على وجوده من خلال نشاطه اليومي، نرى ماهان يؤمن أيضًا بأن قوى البحر تتفوق دائمًا على قوى البر، وأن من يملك البحر يملك اليابسة، وأن البحر هو مصدر العظمة ووسيلة التوسع، وبعبارة جامعة فالمجد للقوة البحرية.

يقول ماهان الذي كان يطمح لأن تكون بلاده ـ الولايات المتحدة ـ الوريث الشرعي لبريطانيا العظمى في السيطرة على بحار العالم، وبالتالي التحكم بمصائر شعوب اليابسة وخيراتها الكثيرة: «إن محيطات العالم أصبحت بحارًا داخلية للإمبراطورية البريطانية، وإن طرق التجارة العالمية أصبحت بمثابة شرايين لحياتها».

– ويصف ماهان استراتيجية البحرية البريطانية بأنها لا تحتفظ بقوة أسطولها الضاربة لتخوض بها حرب عصابات، ولا لأجل غزو تجاري، بل كانت قوتها موجهة ضد القوة الرئيسة التي يضعها العدو في الميدان، عن طريق تركيز سفن حربية قادرة على ضرب أسطول العدو الضربة القاضية وربح معركة التسلط على البحار.

ويخلص ماهان إلى أن بريطانيا لم تصل إلى عظمتها البحرية إلا عبر بناء قواتها المسلحة ذات الجاهزية القتالية القصوى، من خلال تعدادها الكبير، وخبراتها التقنية المتطورة. ولأن بريطانيا دولة جزرية كان لزامًا عليها بناء أسطول حربي قوي يوصلها إلى مستعمراتها، وينقل خيرات تلك المستعمرات إلى الشعب البريطاني. وإن أسطولها الحربي كان يؤمّن سلامة المسالك البحرية لأسطولها التجاري، ويمنع إمكان قيام حصار بحري على بريطانيا، إضافة إلى دفاعه المباشر عن سيادة الأراضي البريطانية في حال الخطر.

لقد بيَّن ماهان أن هنالك عدة عوامل جغرافية طبيعية وبشرية يجب أن تتوفر في الدولة البحرية كي تصبح قوة عظمى تحصل على ما تشاء عن طريق القوة والإكراه. وهي الموقع الجغرافي، والمساحة، والظهير القاري، وصفات الشواطئ الساحلية للدولة، والتعداد العام للسكان، وصفاتهم الإثنوية، إضافةً إلى النظام السياسي الحاكم.

فقد أوجب ماهان على موقع الدولة أن يتصف بالمرونة المطلقة، بحيث يوفر لها الحرية الكاملة في الاتصال مع العالم الخارجي بحرًا ودون أية عقبات. ولذلك لا بد من توافر مايلي:

1- أن تكون الدولة مطلة على بحار مفتوحة تصلها بالعالم الخارجي، بحيث لا يكون البحر الذي تشرف عليه الدولة محصورًا بذراع مائي يصله بالبحار المفتوحة، كي لا يعرض الدولة لابتزاز الدولة المسيطرة على ذلك الذراع، فيؤثر على استقلال قرارها السياسي.

2- كلما كانت الدولة تطل على بحار أكثر كان موقعها أكثر مرونة.

3- كلما كان ساحل الدولة أطول وأعمق وأكثر تعرجًا وأصلح للملاحة كان موقعها أقوى.

4- يجب على موقع الدولة أن يكون بعيدًا عن موقع أية قوة بحرية كبرى منافسة، كي يعطي المجال لتطوير القوة البحرية الناشئة كمًا وكيفًا.

5- يجب أن تكون الحدود البرية للدولة البحرية ـ إن وجدت ـ آمنة لتبعدها عن الاضطرابات والتهديدات الخارجية.

6- يجب أن يتحكم الموقع البحري بطرق بحرية رئيسية، وقواعد استراتيجية بحرية ذات أهمية عالمية.

لقد رأى ماهان أن الصفات السابقة تتوافر جميعها ـ إضافة إلى بريطانيا ـ في الولايات المتحدة ـ ذات المساحة الشاسعة البالغة حوالي /9.8/ مليون كم2، وتشرف من الغرب على المحيط الهادي الذي يربطها بالقارة الآسيوية وتتناثر فيه الجزر الضخمة، أوستراليا ونيوزيلندا وإندونيسيا وماليزيا والفليبين واليابان، وتشرف من الشرق على مياه الأطلسي التي تفصلها وتربطها في نفس الوقت مع قارتي أوروبا وأفريقيا.

تعد الولايات المتحدة دولة منيعة لصعوبة تهديدها من قبل أية دولة أوروبية أو آسيوية؛ لبعدها الشاسع عن قارات العالم القديم. أما الدولتان اللتان تشتركان معها بالحدود البرية فهما المكسيك المتخلفة عسكريًا واقتصاديًا، وكندا التي تتفوق عليها أميركا عسكريًا واقتصاديًا وعدد سكان، لوقوع معظم أراضيها في المنطقة الباردة قليلة الموارد الزراعية؛ ولذلك فموقع الولايات المتحدة الجغرافي يمنحها مرونة الحركة في عرض البحر من جهة، وأمان الحدود البرية من جهة ثانية.

أما سواحلها الشرقية فتعد نموذجًا للسواحل الصالحة للملاحة البحرية لامتدادها الطولاني الكبير، وكثرة تعاريجها التي تشكل العديد من الرؤوس التي تقرّب اليابسة من خطوط المواصلات والموارد والمصائد البحرية، والخلجان التي تصلح لحماية السفن الراسية في موانئها من أمواج البحر الهائجة، ولجلب المؤثرات الثقافية والتقنية، إضافة إلى وجود العديد من الجزر القريبة التي تساعد على تنشيط الملاحة الساحلية، التي تعد العتبة إلى ولوج الملاحة البحرية المتطورة، علمًا أن السواحل المستقيمة والرملية أو الطينية غير العميقة لا تساعد على تشكيل قوة بحرية عظمى.

إلا أن اتساع المساحة القارية للولايات المتحدة والمسافات الطويلة المطلة على المحيطين الأطلسي والهادي يجعل مهمة الدفاع عنها صعبة، لعدم تمكن القوة البحرية المتمركزة على كلا الشاطئين من دعم بعضهما في حالة وقوع خطر على الدولة من إحدى الجهتين الشاطئيتين، وهذا يعزل جانبي الولايات المتحدة عن بعضهما، ويوجب على القطع البحرية الاتجاه إلى أقصى جنوب أميركا الجنوبية لتلتف وتتجه نحو الشمال لتصل إلى الجانب الآخر. ولهذا كان شق قناة بنما ضروريًا لتخفيف كلفة وصل الجانبين، ولتقوية علاقة الولايات المتحدة بدول جزر البحر الكاريبي.

أما بخصوص الظهير القاري الأمثل لقيام نشاط بحري اقتصادي وحربي، والذي اشترط فيه ماهان أن يكون فقيرًا بموارده الزراعية وثرواته المعدنية وغير ملائم للنشاط الاقتصادي مما يدفع السكان إلى البحر ليتخذوا من الملاحة مصدرًا أساسيًا للعيش، نقول: إن هذا الظهير القاري غير متوفر للولايات المتحدة ذات الظروف المناخية المتباينة وثرواتها النباتية والحيوانية والمعدنية المتنوعة، مما قد يؤثر سلبًا على عقلية الشعب الأميركي في التوجه نحو البحار، ويجعلهم يتخذون من اليابسة في الداخل قبلة لهم.

ولكن التعداد العام لسكان الولايات المتحدة الذي وصل في بداية القرن العشرين إلى /150/ مليون نسمة، كان يسمح لها ببناء الأساطيل البحرية واستغلالها وصيانتها من دون أن تتأثر بقية قطاعات الدولة بنقص الأيدي العاملة، وخصوصًا في حقلي الزراعة والصناعة.

ومما يساعد على الاستقرار السياسي التجانس القومي واللغوي والديني الذي يتمتع به الشعب الأميركي، حيث ينحدر معظمه من الإنجلوساكسون الذين يدينون بالمذهب الإنجليكاني البروتستانتي وينطقون بالإنجليزية.

ويرى ماهان أخيرًا أن الشعب الأميركي يتمتع بروح المغامرة وركوب البحر، وأنهم محبون للحرية الفردية وحياة الانتقال والتجارة والكسب المادي، وذلك لانحدارهم من الشعوب الأوروبية ذات الموقع الجغرافي البحري، حيث هاجر أجدادهم بحرًا إلى الأراضي الجديدة حبًا بالمغامرة وجمع المال والحياة الأفضل.

وقد انتُقد ماهان بأنه لم يُعِر اهتمامًا لتصاعد مشاعر التحرر لدى الشعوب المستعمَرة، وإمكان قيامها بالكفاح المسلح لطرد القواعد الأجنبية القائمة على سواحلها والتي تكبلها سياسيًا وعسكريًا واقتصاديًا. إضافة إلى أن بقاء هذه القواعد على أراض بعيدة عن الحدود السياسية لدولها مكلفٌ لها، ويمكن أن يدفعها ذلك إلى التخلي عنها لأسباب مالية، كما فعلت بريطانيا وفرنسا بعد الحرب العالمية الثانية.

وانتقد بأنه أغفل أهمية التطور التقني عبر الزمن، وإمكان قيام قوى عسكرية أخرى كالقوى الجوية القادرة على ضرب أي هدف في عمق القارة أو في عرض البحر، وسلاح الصورايخ الذي يمكنه ضرب أية نقطة في العالم من قواعده الثابتة أو المتحركة. إضافة إلى أن القوى البحرية قادرة على ضرب المناطق الساحلية وتدميرها، لكنها عاجزة عن احتلال الأرض، التي ما تزال القوى البرية تتربع على قمة هرم مسرحها القتالي.

ومن آراء ماهان أن على الولايات المتحدة السيطرة على قارة أميركا الشمالية بشكل كامل لأنها تشكل وحدة تضريسية ولا يجوز أن تقوم عليها أكثر من دولة، وأن عليها السيطرة كذلك على منطقة جزر البحر الكاريبي وقناة بنما، ونادى بضرورة التحالف بين أميركا وبريطانيا للسيطرة على العالم، وأن المستقبل يقضي بالتحالف بين أميركا وبريطانيا وألمانيا واليابان ضد كل من روسيا والصين، وأن المنطقة الواقعة بين خطي عرض /30° ـ 40°/ شمالًا هي منطقة الصدام المحتملة بين روسيا الدولة القارية وبريطانيا الدولة البحرية، وأن الدول القارية في حالة تزاحم وقتال على الحدود مما لا يسمح بقيام دولة قارية قوية تولي اهتمامًا كبيرًا بالبحر.

لكن أهم آرائه التي تم الأخذ بها هو أن على الولايات المتحدة الاهتمام ببناء اقتصادها وقواتها البحرية بصمت وفي عزلة كاملة داخل حدودها بعيدًا عن الأحداث العسكرية والسياسية الجارية على المسرح الدولي. وأنها يجب ألا تمتلك المستعمرات كما فعلت الدول الأوروبية، بل تعمد إلى التغلغل الاقتصادي في دول العالم، ففي ذلك تأمين لشروط القوة للدولة البحرية أكثر بكثير مما لو قامت باحتلال أراضي المستعمرات.

وقد عزا الجغرافي الإنجليزي هالْفورد ماكيندَر خلال نقده لمفهوم القوة البحرية عند ماهان، عزا قوة الأسطول البريطاني إلى قرب موقع الجزر البريطانية من اليابسة الأوروبية، واعتماد بريطانيا على موارد مستعمراتها، وإسناد قواتها البحرية بقواعد عسكرية قارية. وتوقع أن المستقبل سيكون إلى جانب القوى البرية. وقد شاطره هذا الرأي مواطنه الجغرافي فوست، الذي خلص بعد مقارنة بين المناطق الساحلية والبرية الداخلية إلى أن المناطق التي تسيطر عليها القوات البحرية تتناقص في حين تتعاظم مساحات المناطق التي تهيمن عليها القوات البرية بالنسبة نفسها، وتوقع السيطرة التامة للقوات البرية على الطرق البحرية والمضائق الهامة كمضيق هرمز وجبل طارق وباب المندب ومضيقي البوسفور والدردنيل.

أما الجغرافي ميليز فقد أكد أن استعمال مصطلح القوة البحرية تشويه للحقيقة، فالمحيطات لا تكتسب أهميتها إلا من خلال علاقتها باليابسة التي تمدها بمقومات البقاء، وأن السيطرة صعبة على البحار والأجواء، وأن القوة البحرية كما القوة الجوية غير قادرة على إحراز النصر طالما أن الهدف من الحرب هو احتلال الأرض للسيطرة على مواردها الاقتصادية، بل لا بد لإحرازه من ترابط القوات البرية والجوية والبحرية.

أما سبروت فقد انتقد ماهان بأن تفكيره يعود إلى القرن الـ/17/ م، وعلى أساسه فقد حكم على الأحداث في أواخر القرن الـ/19/ م، وأنه لم ينتبه إلى المضامين السياسية لانتشار سكك الحديد. وعلى الرغم من أن ماهان شهد بداية تطور وسائل النقل البرية والطائرات إلا أنه لم يتوقع تأثير الأحداث والاختراعات المستقبلية، ولم يدخل في حسابه أن الدول الجزرية ستصبح عرضة للحصار والهجوم الجوي المباشر، وأن النقل البري سينافس النقل البحري، وأن الحركة على اليابسة ستؤدي إلى ميل كفة الميزان ضد بريطانيا.

وأخيرًا فرغم عيوب مفهوم سياسة القوة البحرية لدى ماهان إلا أن آراءه لقيت آذانًا صاغية من قبل السياسيين الأميركيين؛ لأن الولايات المتحدة بموقعها الجغرافي شبه الجزري مجبرة على امتلاك قوة بحرية ضخمة ومتطورة لمنع أية قوة بحرية معادية من النيل من جسد الدولة، ولتأمين استمرار تدفق الموارد الطبيعية والمعادن اللازمة لصناعاتها المتطورة من مناطق العالم المختلفة إليها عبر البحار، وتصدير الفائض من محاصيلها الزراعية ومنتجاتها الصناعية عبرها أيضًا، وذلك من خلال الأسطول البحري الموكل له الدفاع عن الدولة في عرض البحر بعيدًا عن الأراضي الأميركية، وتقديم الحماية والأمان لأسطولها التجاري. فالبحار والمحيطات تشكل صلة أميركا بالعالم، وتحتوي الشرايين التي تمد أعضاء الجسد الأميركي بأسباب الحياة.

[يتبع]

رابط هذا التعليق
شارك

أمة الإسلام أمة واحدة، ولا ينقصها لإعادة مجدها

سوى إقامة دولة الخلافة الراشدة الجامعة

 

تعيش الثورة في سوريا أسوأ حالاتها، وتتكلم وسائل الإعلام عن بداية هزيمتها، وقد يظن الكثير أن العامل الأساس في إلحاق الهزيمة التي يكاد يعلن عنها هو هذا التآمر الدولي الذي جمع الأضداد الدولية، وعلى رأسها أميركا وروسيا، اللتان تمتلكان القوة الأعظم في العالم، واللتان اتفقتا على القضاء على هذه الثورة، بشكل مجرد من كل إنسانية، من غير وازع، ولا رادع من ضمير، ولا رقيب، ولا حسيب، حتى ولا قانون دولي يدعون أنهم يؤمنون به… ولكن هناك عاملًا يعتبر هو الأهم، وهو فقدان القائمين على الثورة للقيادة الفكرية التي تشكل إطارًا فكريًا يجمعهم على هدف واحد، ويوحد قوتهم وجهودهم باتجاه تحقيق هدفهم… وفقدان القيادة السياسية الواحدة التي تواجه هذا التآمر الدولي بناء على تلك القيادة الفكرية، وفقدان القيادة العسكرية الموحدة التي تضع الخطط العسكرية المحكمة، وتدير عملياتها باتجاه تحقيق انتصار كاسح. وبعبارة أخرى إن سبب الهزيمة جاء من الداخل أكثر مما جاء من الخارج.

قد يقول قائل، من باب التبرير لوصول الوضع في سوريا إلى ما وصل إليه: وأنَّى لهذه الثورة أن تصمد أمام مثل هذا التحالف الدولي، وهذا المستوى العالمي من الإجرام، فضلًا عن أن تتغلب عليه. وقبل الإجابة على هذا التساؤل لا بد من الإجابة على تساؤل يسبقه وهو: ما الذي دفع دول العالم إلى هذا التحالف غير المسبوق من دول متنافرة المصالح، ومن ثم القيام بهذا الإجرام المشهود؟. هل هي نصرة بشار أسد الذي لا قيمة سياسية دولية له؟ بالطبع لا، فالمجرم بشار إن هو إلا أداة قتل بيد أميركا تستخدمه لمصلحتها، بل لا بد من أن هناك سببًا استراتيجيًا يتعلق بالأمن القومي لكل دولة من هذه الدول التي دخلت في الحرب على هذه الثورة… لا بد من أنهم ينطلقون من اعتبار كبير خطير يجعلهم ينظرون إلى هذه الثورة على أنها تشكل تهديدًا وجوديًا لهم، وهذا الخطر يستوجب مثل هذا التدخل، ومثل هذا التآمر. أما ما هو هذا الخطر الذي جعل دول العالم تتحالف ذلك التحالف المجرم الهجين؟… إنه الإسلام السياسي، إسلام الحكم، إسلام الخلافة الذي بدأ يطل برأسه في المنطقة، ويصبح أمل الأمة في الخلاص مما هي فيه من أوضاع مأساوية.

حقًا، إنه إسلام الخلافة، إسلام الأمة الواحدة، إسلام الرسالة والشريعة الربانية الخالدة، إسلام الجهاد ونشر الدين وإدخال الناس في دين الله أفواجًا… فالغرب بات يعي أن شعوب المنطقة المسلمة بعمومها تريد التخلص من هيمنته واستعماره للمنطقة، وإسقاط أنظمة الحكم العميلة له، وإقامة حكم الإسلام على أنقاضها، وبات متأكدًا أن الأمة لم تفرقها الحدود ولم تمنعها من أن تبقى أمة واحدة لها فكر جمعي واحد، ونظرتها للحياة واحدة، وهي تسعى لحل مشاكلها على أساس دينها، ونظرتها لدينها أنه دين رسالة سماوية علوية، ولها حضارة وتاريخ تعتز بهما، وتتمثل دائمًا بهما، وتريد بعثهما من جديد، وأنها تبحث عمن يقودها… والغرب يدرك أن هذا التوجه لدى الأمة لا يمكن تركه، أو السماح بأن يأخذ مداه، بل يجب القضاء عليه، وهو قام من قبل بمحاولات كثيرة لمنع ذلك، فاحتلَّ بشكل مباشر كلًا من العراق وأفغانستان، ولكنه فشل… وهي تخاف الآن على نفسها من ثورات الأمة، وخاصة في الشام من أن تكون ولادة الخلافة فيها؛ لذلك كان ما يحدث من إجرام في سوريا يتجاوزها إلى الحرب على الإسلام نفسه كما صار معروفًا لدى القاصي والداني تحت مسمى الحرب على الإرهاب؛ وذلك كان سبب التوسع الدولي في محاربتها حتى شمل من الدول كل من كان له ماضٍ دموي مع دولة الخلافة خشية من أن يتجدد. هذا الأمر أصبح ملموسًا لدى دول العالم، ولا يغيب إلا عن ذهن كل من لا حظ له في الفهم السياسي. فتصريحات بوش ومعاونيه وسياسيي الغرب، إبان احتلال العراق وأفغانستان، تناقلتها وسائل الإعلام الدولية محذرة مما يسمونه إمبراطورية الإسلام (الخلافة). وقد تجددت هذه التصريحات مع الثورة في سوريا؛ من هنا يفهم لماذا هذه الحملة المسعورة اللئيمة على هذه الثورة اليتيمة. هذه الحقيقة باتت هي المسيطرة على مسرح السياسة الدولية.

أما عن تفاوت القوة بين المسلمين وبين أعدائهم فليس هذا بالأمر الجديد، فإن المسلمين بما يحملونه من مفاهيم الإيمان بالله واليوم الآخر، وقوة الالتزام بشرع الله، وحب إظهار هذا الدين ووجوب نشره عن طريق الجهاد، وحب الاستشهاد طلبًا للجنة واستمداد العون منه وحده، وحسن التوكل عليه سبحانه… مكَّنَهم في السابق من تحقيق النصر على إمبراطوريتي فارس والروم في وقت قياسي قصير، يوم كانت الدولة الإسلامية دولة ناشئة، ومكَّنَهم من تحقيق النصر على أمم الغرب مجتمعة في حروبهم الصليبية يوم كان للمسلمين دولة خلافة تجمعهم. وهو يمكن أن يمكنهم اليوم من تحقيق النصر عليهم مجتمعين. وهذه المعضلة واجهت دعوات الأنبياء السابقين وواجهت رسولنا الكريم، وهي بالأصل يجعلها الله تعالى ابتلاء للمؤمنين وتمحيصًا لهم، قال تعالى: ﴿ الٓمٓ ١ أَحَسِبَ ٱلنَّاسُ أَن يُتۡرَكُوٓاْ أَن يَقُولُوٓاْ ءَامَنَّا وَهُمۡ لَا يُفۡتَنُونَ ٢ وَلَقَدۡ فَتَنَّا ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡۖ فَلَيَعۡلَمَنَّ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ صَدَقُواْ وَلَيَعۡلَمَنَّ ٱلۡكَٰذِبِينَ ٣ ولا بأس أن نأخذ بعض الآيات من القرآن الكريم من قصة سيدنا داود وطالوت مع الطاغوت جالوت بشيء من التفصيل لما فيها من عبرة. فالقرآن الكريم ذكر عن طالوت فقال: ﴿فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِٱلۡجُنُودِ قَالَ إِنَّ ٱللَّهَ مُبۡتَلِيكُم بِنَهَرٖ فَمَن شَرِبَ مِنۡهُ فَلَيۡسَ مِنِّي وَمَن لَّمۡ يَطۡعَمۡهُ فَإِنَّهُۥ مِنِّيٓ إِلَّا مَنِ ٱغۡتَرَفَ غُرۡفَةَۢ بِيَدِهِۦۚ فَشَرِبُواْ مِنۡهُ إِلَّا قَلِيلٗا مِّنۡهُمۡۚ فَلَمَّا جَاوَزَهُۥ هُوَ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مَعَهُۥ قَالُواْ لَا طَاقَةَ لَنَا ٱلۡيَوۡمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِۦۚ قَالَ ٱلَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلَٰقُواْ ٱللَّهِ كَم مِّن فِئَةٖ قَلِيلَةٍ غَلَبَتۡ فِئَةٗ كَثِيرَةَۢ بِإِذۡنِ ٱللَّهِۗ وَٱللَّهُ مَعَ ٱلصَّٰبِرِينَ ٢٤٩ وَلَمَّا بَرَزُواْ لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِۦ قَالُواْ رَبَّنَآ أَفۡرِغۡ عَلَيۡنَا صَبۡرٗا وَثَبِّتۡ أَقۡدَامَنَا وَٱنصُرۡنَا عَلَى ٱلۡقَوۡمِ ٱلۡكَٰفِرِينَ ٢٥٠ فَهَزَمُوهُم بِإِذۡنِ ٱللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُۥدُ جَالُوتَ وَءَاتَىٰهُ ٱللَّهُ ٱلۡمُلۡكَ وَٱلۡحِكۡمَةَ وَعَلَّمَهُۥ مِمَّا يَشَآءُۗ وَلَوۡلَا دَفۡعُ ٱللَّهِ ٱلنَّاسَ بَعۡضَهُم بِبَعۡضٖ لَّفَسَدَتِ ٱلۡأَرۡضُ وَلَٰكِنَّ ٱللَّهَ ذُو فَضۡلٍ عَلَى ٱلۡعَٰلَمِينَ ٢٥١ تِلۡكَ ءَايَٰتُ ٱللَّهِ نَتۡلُوهَا عَلَيۡكَ بِٱلۡحَقِّۚ وَإِنَّكَ لَمِنَ ٱلۡمُرۡسَلِينَ ٢٥٢﴾.

يقول تعالى مخبرًا عن طالوت ملك بني إسرائيل، حين خرج في جنوده ومن أطاعه من ملأ بني إسرائيل، أنه قال لهم: إن الله مبتليكم بنهر، من شرب منه فليس مني، أي فلا يصحبني اليوم في هذا الوجه، ومن لم يطعمه فإنه مني إلا من اغترف غرفة بيده، أي فلا بأس عليه. قال الله تعالى: ﴿ فَشَرِبُواْ مِنۡهُ إِلَّا قَلِيلٗا مِّنۡهُمۡۚ﴾. وقد روى البخاري عن البراء بن عازب قال: «كنا أصحاب محمد  نتحدث أن عدة أصحاب بدر على عدة أصحاب طالوت، الذين جازوا معه النهر، ولم يجاوز معه إلا مؤمن، بضعة عشر وثلاثمائة».

كذلك روى البخاري عن البراء: «… ولهذا قال تعالى:﴿ فَلَمَّا جَاوَزَهُۥ هُوَ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مَعَهُۥ قَالُواْ لَا طَاقَةَ لَنَا ٱلۡيَوۡمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِۦۚ﴾ أي استقلُّوا أنفسهم عن لقاء عدوهم لكثرتهم، فشجعهم علماؤهم، وهم العالمون بأن وعد الله حق، فإن النصر من عند الله ليس عن كثرة عَدد ولا عُدد؛ ولهذا قالوا: ﴿ كَم مِّن فِئَةٖ قَلِيلَةٍ غَلَبَتۡ فِئَةٗ كَثِيرَةَۢ بِإِذۡنِ ٱللَّهِۗ وَٱللَّهُ مَعَ ٱلصَّٰبِرِينَ ٢٤٩﴾». وكذلك حدثنا القرآن الكرية عن عظيم منِّ الله تعالى على رسوله وعلى المؤمنين بالنصر مع القلة، فقال: ﴿وَٱذۡكُرُوٓاْ إِذۡ أَنتُمۡ قَلِيلٞ مُّسۡتَضۡعَفُونَ فِي ٱلۡأَرۡضِ تَخَافُونَ أَن يَتَخَطَّفَكُمُ ٱلنَّاسُ فَ‍َٔاوَىٰكُمۡ وَأَيَّدَكُم بِنَصۡرِهِۦ وَرَزَقَكُم مِّنَ ٱلطَّيِّبَٰتِ لَعَلَّكُمۡ تَشۡكُرُونَ ٢٦ وواجه الرسول ﷺ الكفار بالقلة وانتصر، فمعيار النصر أول ما يقوم على الإيمان بالله والالتزام بطاعته… فهذا أول ما يجب توفره للنصر، ثم يأتي بعد ذلك تدبر القوة التي من أول متطلباتها أن يكون المقاتلون صفًا واحدًا ﴿إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلَّذِينَ يُقَٰتِلُونَ فِي سَبِيلِهِۦ صَفّٗا كَأَنَّهُم بُنۡيَٰنٞ مَّرۡصُوصٞ ٤[الصف]… إن من أهم ما يجب توفره للنصر هو وجود القيادة العسكرية الموحدة التي يتوفر لها القيام بمعاركها بشكل مدروس…

ولكن هناك أمرًا بالغ الأهمية يجب توفرُّه حتى يتحصل النصر، وهو أن الدول تواجه دولًا، والجيوش تواجه جيوشًا لتحقق النصر، وهذا ما فهمناه من فعل الرسول ﷺ، فهو عندما كان في مكة قام بطلب النصرة وإيجاد الأنصار لإقامة الدولة الإسلامية، وليس لمواجهة القبائل بهؤلاء الأنصار، فالرسول ﷺ حقق النصرة لإقامة الدولة بالأنصار، ثم هاجر إلى المدينة وأقام فيها الدولة، ومن ثم أعلن الجهاد، فآيات الجهاد لم تشرع قبل الدولة، بل بعدها ومعها.

وهنا ننتقل إلى الحديث عن القيادة السياسية الواحدة المتمثلة بالدولة الإسلامية، وكونها دولة إسلامية يعني أنها تقوم على القيادة الفكرية بالإسلام، أي تسيرها مفاهيم وأفكار وأحكام الإسلام.

نعم، إن الأمة تتوق إلى الفرج من ربها، وإن مفتاح الفرج جعله الله في إقامة الخلافة، التي يُعَزُّ بها الإسلامُ وأهلُه، ويُذَلُّ بها الكفرُ وأهلُه. والغرب يفهم هذه المعادلة ويعتبر الحيلولة دون ذلك قضية مصيرية له. وللأسف هناك بعض المسلمين لا يفهمونها.

وقد يداخل نفوس بعض المسلمين أن ذلك من المستحيلات، وأن الغرب لن يسمح بذلك، ولهؤلاء نقول: إن هذا هو فرض الله عليكم، وفيه وحده خلاصكم، وكونه فرض الله عليكم يعني أنه من ضمن الوسع؛ لأن الله تعالى لا يكلف بما هو فوق الطاقة، قال تعالى: ﴿لَا يُكَلِّفُ ٱللَّهُ نَفۡسًا إِلَّا وُسۡعَهَاۚ﴾ فهو إذًا ليس من المستحيلات، ولكن تحقيقه هو من أصعب الصعوبات. أما أن الغرب لن يسمح بذلك، فهذا لا يقرر نتائجه الغرب، وإنما رب العالمين، وقد كان عمل الرسول ﷺ في مكة منصبًا على إقامة الدولة الإسلامية التي أقامها في المدينة، وكان في سيره مؤتمرًا بأمر الله، صابرًا على ما يلاقيه، هو ومن آمن معه، وما آمن معه إلا قليل، وكان عاقبة أمره ﷺ أن مَنَّ الله عليه ﷺ وعلى المؤمنين بأن آواهم بعد أن كانوا مشردين، ونصرهم بعد أن كانوا مستضعفين، ورزقهم من الطيبات بعد أن كانوا محاصرين في الشعب، قال تعالى: ﴿وَٱذۡكُرُوٓاْ إِذۡ أَنتُمۡ قَلِيلٞ مُّسۡتَضۡعَفُونَ فِي ٱلۡأَرۡضِ تَخَافُونَ أَن يَتَخَطَّفَكُمُ ٱلنَّاسُ فَ‍َٔاوَىٰكُمۡ وَأَيَّدَكُم بِنَصۡرِهِۦ وَرَزَقَكُم مِّنَ ٱلطَّيِّبَٰتِ لَعَلَّكُمۡ تَشۡكُرُونَ ٢٦ فالنصر من الله وحده، وليس الكفار هم الذين يسمحون به أو يمنعونه. لذلك إن تأخر النصر فليس لأن الكفار هم الذين أخروه، وإنما لأن المؤمنين هم الذين قصروا فيه، ولم يلتزموا أمر الله في إقامة دولة الخلافة.

وإننا نقول: إن العمل لإقامة الخلافة على الرغم من صعوبته، إلا أنه ليس في بدايته، بل نقول بكل اطمئنان إنه مشرف على نهايته، فهناك دعوة بين المسلمين، منذ أكثر من خمسين عامًا قد قطعت شوطًا كبيرًا، في تحقيق متطلبات النصر التي أمر بها الشرع، وبالتالي أصبحت عوامل النصر اليوم كلها متوفرة لدى المسلمين: من وجود فكرة جامعة لدى الأمة من حيث إنها تريد تطبيق الإسلام عليها، وهذا موجود وبشكل مخيف للغرب. ومن وجود جماعة من المسلمين قد أعدت نفسها للقيام بهذه المهمة السامية على مستوى ما كان عليه زمن الخلفاء الراشدين، وهذه موجودة والحمد لله وهي متمثلة بـ«حزب التحرير» الذي صار اسمه علمًا على الخلافة، والخلافة علمًا عليه… إنها تحتاج فقط لأهل قوة من المؤمنين ينصرونها، وهؤلاء موجودون في الجيوش، ولكن بشكل متفرق، ويجب العمل على أخذ نصرة بعضهم ليحوزوا مرتبة أن يكونوا أنصارًا لله ولرسوله ولدينه، كالأنصار الأوائل الذين نصروا الله ورسوله؛ فنصر الله بهم الأمة وأقام لها الدولة.

إذًا، الأمة لا زالت على موعد مع نصر الله متى تحقق لها هذا الأمر… وهكذا نرى أن كل المشروع يتوقف اليوم على هذا الجانب… ولا يظنن ظان أن ما يحدث من إجرام سيمنع النصر أبدًا، بل إن ما يلاقيه المسلمون من إجرام يجب أن يكون موقظًا ومنبهًا لهم أن هؤلاء المجرمين ما ينطلقون في محاربتهم لنا إلا من كونهم كفارًا قد نقموا على الإسلام فسمَّوه إرهابًا، وعلى المسلمين العاملين لإقامة الدين فسمَّوهم إرهابيين وأصوليين وظلاميين ومتطرفين… وما حدث في سوريا هو أقرب مثال على صحة ما نقول، فقدكانت مواقف الناس مشرِّفة بالنسبة إلى دينها، وكان التجاوب مع إقامة الخلافة في أرضها لافتًا حتى للغرب؛ لذلك هو سخَّر كل ما لديه من إمكانيات من أجل القضاء على هذه الثورات.

إن أميركا ومعها دول العالم قد منعت المسلمين حتى الآن من إقامة دولتهم المنشودة، ولكنها لم ولن تستطيع أن تغير إرادتهم في التغيير، وإن لهذه الدول الكافرة موعدًا مع الهزيمة مع المسلمين لن تُخْلَفَه؛ وإن الأمة مع ما يطالها من أذى في كل مكان في العالم تصرُّ على التغيير المنشود، وإنه لكائن بعون الله، ويعزز الثقة بكونه كائنًا هو إفلاس الغرب الحضاري، وحاجة العالم إلى قيادة فكرية عالمية صحيحة تخرجه من ظلمات الرأسمالية ونتنها وتوحشها. وإننا على موعد مع آيات الله الكريمة الواعدة بالنصر، حيث قال تعالى: ﴿وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مِنكُمۡ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ لَيَسۡتَخۡلِفَنَّهُمۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ كَمَا ٱسۡتَخۡلَفَ ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمۡ دِينَهُمُ ٱلَّذِي ٱرۡتَضَىٰ لَهُمۡ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّنۢ بَعۡدِ خَوۡفِهِمۡ أَمۡنٗاۚ يَعۡبُدُونَنِي لَا يُشۡرِكُونَ بِي شَيۡ‍ٔٗاۚ وَمَن كَفَرَ بَعۡدَ ذَٰلِكَ فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡفَٰسِقُونَ ٥٥﴾. وأحاديث الرسول الشريفة المبشِّرة بإقامة الخلافة حيث قال ﷺ: «تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها… ثم تكون ملكًا جبرية فتكون ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة ثم سكت» رواه البزار والطبراني ورجاله ثقات. حتى يمكننا القول إن أحاديث رسول الله قد بشرت العالم كله أن الإسلام سينتصر وسيصل إليهم، فقد روى ابن حبان في صحيحه عن المقداد بن الأسود عن النبي صلى الله عليه وسلم: «ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر إلا أدخله الله هذا الدين، بعز عزيز، أو بذل ذليل، عزًا يعز الله به الإسلام، وذلًا يذل به الكفر». وبشر المسلمين جميعًا وخاصة أهل فلسطين أن يهود ستزول دولتهم ويُقتلون فقال: «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقَاتِلَ الْمُسْلِمُونَ الْيَهُودَ فَيَقْتُلُهُمْ الْمُسْلِمُونَ، حَتَّى يَخْتَبِئَ الْيَهُودِيُّ مِنْ وَرَاءِ الْحَجَرِ وَالشَّجَرِ، فَيَقُولُ الْحَجَرُ أَوْ الشَّجَرُ: يَا مُسْلِمُ، يَا عَبْدَ اللَّهِ، هَذَا يَهُودِيٌّ خَلْفِي فَتَعَالَ فَاقْتُلْهُ، إِلَّا الْغَرْقَدَ فَإِنَّهُ مِنْ شَجَرِ الْيَهُودِ.» [مسلم].

ولكن كل هذه الإرهاصات، وكل هذه المبشرات لن تأتي على كف من الراحة، ولا بأن ترفع الأيادي إلى السماء تلهج بالدعاء فحسب… بل لا بد من أن يشمِّر المسلمون عن ساعد العزم، ويقوموا بحق الله عليهم بنصرة دينهم على طريقة رسول الله… ولا بد من أن يسبق الدعاء ويصحبه العمل الصالح الذي يرضي الله؛ لذلك نقول للأمة: إنك ما دمت تريدين الحكم بالإسلام، وما دام فيك من يستطيع أن يقوم بذلك على طريقة الخلفاء الراشدين؛ فإنك لن تهزمي أبدًا، وإن الله لمقيٍّضٌ لك أنصارًا بهدايته، وبشرى رسوله تملأ علينا قلوبنا أن النصر آتٍ، وكل آتٍ قريب.

قال تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱسۡتَجِيبُواْ لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمۡ لِمَا يُحۡيِيكُمۡۖ وَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّ ٱللَّهَ يَحُولُ بَيۡنَ ٱلۡمَرۡءِ وَقَلۡبِهِۦ وَأَنَّهُۥٓ إِلَيۡهِ تُحۡشَرُونَ ٢٤

رابط هذا التعليق
شارك

أدوار أنظمة الحكم الخليجية القذرة قديمًا وحديثًا

صالح عبد الرحيم – الجزائر

رغم أن الله سبحانه وتعإلى اصطفى سيدنا محمدًا صلى ﷺ من بني هاشم، فلم يؤمن عمه عبد العزى بن عبد المطلب أبو لهب وأنزل الله فيه ] تَبَّتۡ يَدَآ أَبِي لَهَبٖ وَتَبَّ ١ مَآ أَغۡنَىٰ عَنۡهُ مَالُهُۥ وَمَا كَسَبَ ٢ سَيَصۡلَىٰ نَارٗا ذَاتَ لَهَبٖ ٣ وَٱمۡرَأَتُهُۥ حَمَّالَةَ ٱلۡحَطَبِ ٤ فِي جِيدِهَا حَبۡلٞ مِّن مَّسَدِۢ ٥[ [المسد]، بينما آمن عمه وأخوه من الرضاعة حمزة بن عبد المطلب، وصار سيد الشهداء.

كذلك كان مبعث الرسالة الخاتمة في الجزيرة، فمن الأعراب من آمن وأنفق واستحق أن يدخله الله في رحمته، قال تعالى: ]وَمِنَ ٱلۡأَعۡرَابِ مَن يُؤۡمِنُ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ قُرُبَٰتٍ عِندَ ٱللَّهِ وَصَلَوَٰتِ ٱلرَّسُولِۚ أَلَآ إِنَّهَا قُرۡبَةٞ لَّهُمۡۚ سَيُدۡخِلُهُمُ ٱللَّهُ فِي رَحۡمَتِهِۦٓۚ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٞ رَّحِيمٞ ٩٩[ [التوبة] إلا أن أعرابًا آخرين أداروا ظهورهم لها، ولم يلحقوا بالخير الذي لحقت به معظم الأعراب، وقال الله فيهم ]وَمِنَ ٱلۡأَعۡرَابِ مَن يَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ مَغۡرَمٗا وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ ٱلدَّوَآئِرَۚ عَلَيۡهِمۡ دَآئِرَةُ ٱلسَّوۡءِۗ وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٞ ٩٨[[التوبة] ولعل من أعراب اليوم من لا يزال على سيرة هؤلاء، جهارًا نهارًا…

بعد انتهاء الوجود العثماني الأول في الجزيرة العربية عام 1632م، تمكنت بريطانيا من الوصول إلى المحيط الهندي، وشكلت خطوط نقل تجارة شركة الهند الشرقية البريطانية إلى الهند دافعًا لجعل بريطانيا تسعى لتامين خطوط النقل البحرية الطويلة على طرفي الطريق بين بريطانيا والهند، المار بمنطقة الخليج، وملء الفراغ الذي تركه العثمانيون، واستمالت بريطانيا الإمارات المتناثرة في الخليج وتصالحت معها.

ومع نهاية القرن التاسع عشر، في سعي بريطانيا لفصل تلك البلاد عن الخلافة العثمانية وإبرازها مستقلة عنها، قامت بريطانيا بإلزام “الإمارات المتصالحة” على إمضاء اتفاقيات ثنائية معها، كل على حدة، منعتها فيها من إقامة علاقات مع أية دولة أجنبية من دون علم بريطانيا.

ازدادت أهمية الإمارات المتصالحة مع بريطانيا مع اكتشاف النفط مطلع القرن العشرين فيها جميعًا، بدءًا بالبحرين فالكويت والإمارات العربية المتحدة وقطر وعمان إلى جانب السعودية. فقد كانت شركة بريتش بتروليم صاحبة الامتيازات في حقول النفط من دون منافس. وحافظت بريطانيا على أشكال الحكم الملكية على ما بين يديها من الإمارات، وجعلتها بعيدة عن شكل أنظمة الحكم الجمهورية والديمقراطية التي اجتاحت البلاد المجاورة ابتداء  بمصر وانتهاء باليمن.

يعود الدور القديم الأبرز لأنظمة الحكم في الخليج إلى إيجاد موطئ قدم للاستعمار البريطاني في منطقة يحرم عليه التواجد فيها، وكان بالنسبة له الوصول إليها مجرد حلم، بعد أن طردهم العثمانيون في حوادث منفصلة حين حاولت سفن بريطانية مجرد الاقتراب من بحر العرب. وبمجرد تلاشي الوجود العثماني في المنطقة امتدت أيادي بريطانيا صوب إمارات الخليج المتصالحة التي ردت بمد الأيدي للبريطانيين. بلغ هذا الدور حد مشاركة حكام الخليج القتال جنبًا إلى جنب مع القوات البريطانية ضد الدولة العثمانية في الحرب العالمية الأولى، كما فعل عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود في نجد والحجاز، وسعيد بن تيمور في عمان، ومبارك الكبير في الكويت. وتوجيه الإماراتيين اليوم التهم لفخري باشا بارتكاب جرائم حرب بحق أهل المدينة المنورة لرفضه تسليم المدينة المنورة للإنجليز في نهاية الحرب العالمية الأولى!

بعد أن ثبتت بريطانيا أقدامها في الخليج وأصبحت الآمرة الناهية مع ظهور طفرة النفط فيها، استحوذت بريطانيا على أمواله بالحصص التي تملكتها في حقوله والتي وصلت حد84 ٪، وبيعها لأنظمة الحكم في الخليج الأسلحة بجزء من عوائده، واحتفاظها ببقية أثمانه أرصدة في بنوكها.

ارتباط أنظمة الحكم في الخليج بالسياسة البريطانية تتبعها فيما تأمرها به بتبني سياسات الرضا والعداء مع بقية الأنظمة الحاكمة التي ظهرت على حدود سايكس – بيكو في البلاد الإسلامية، بعد أفول دولة الخلافة العثمانية، والتي تحولت تبعيتها إلى أميركا “الاستعمار الجديد”. فهي تعاديها سياسيًا بالتصدي لمخططاتها وأعمالها السياسية. واقتصاديًا بعدم تزويدها بالنفط، وبالامتناع عن التبادل التجاري معها، وبالحصار الاقتصادي ومنع المال عنها. وعسكريًا في شراء الأسلحة والإنفاق على المرتزقة المحليين والأوروبيين الذين يقاتلونها بهدف إسقاطها أو إضعافها. وتساند أنظمة الحكم في الخليج وتقف مع أنظمة الحكم التي سلمتها بريطانيا لها عن رضا.  وكانت أنظمة الحكم في الخليج داعمًا سياسيًا لها في إنجاح أعمالها السياسية، وممولاً لها حين لم تستطع الإنفاق على نفسها في إقامة المدارس والمستشفيات والطرقات وغيرها.

واليوم يمكننا رصد دور أنظمة الحكم القائمة في الخليج في عدة اتجاهات. يأتي في مقدمتها إحداثها خللًا في العامل الديمغرافي “السكاني” في الجزيرة العربية لصالح غير المسلمين، بما أن أنظمة الحكم الخليجية قد رضيت لبريطانيا غير المسلمة في الجزيرة العربية، فقد استمرت في استقدامها أيدٍ عاملة شرق آسيوية غير مسلمة بلغت 80 ٪ من تعداد سكانها كمتوسط، بعد طردها الأيدي العاملة المسلمة انسجامًا مع توجيهات السياسة الغربية.

كما استمرت أنظمة الحكم في الخليج في دور الخزينة الممتلئة التي تلبي أوامر بريطانيا كما فعلت في السابق. فقد عقدت بريطانيا في تشرين ثاني/نوفمبر 2006م في لندن مؤتمر المانحين لليمن، بعد أن استطاع البنك الدولي دفع الاقتصاد نحو الانهيار منذ برنامجه الشهير بالإصلاحات المالية والإدارية المدشن في 1995م. فأمرت أنظمة الحكم في الخليج بتقديم 6 مليارات من الدولارات لليمن. ثم قيام أنظمة الحكم في الخليج بإنقاذ النظام الاقتصادي الرأسمالي نفسه حين تسابق الأميركان والبريطانيون في أعقاب الأزمة الاقتصادية العالمية في 2008م بمئات مليارات الدولارات.

ويأتي تقديمها الأموال لمصر، ذات التبعية الأميركية، بعد العام 2011م؛ لإيجاد نفوذ بريطاني مجددًا فيها، بصورة مغايرة تمامًا لما تقدمه من مساعدات للبلاد الخاضعة للنفوذ البريطاني. وتدفقت الأموال التي بين يدي أنظمة الحكم في الخليج في أعقاب ثورات 2011م؛ لغرض إفشالها، وتوجيهها وجهات مغايرة للتي تحقق لها الانعتاق من سيطرة نفوذ الدول الاستعمارية الغربية عليها.

الدور الأخطر لأنظمة الحكم في الخليج بدأ بتنافسها في قيامها ببناء القواعد العسكرية على حسابها، ثم فتح أراضيها أمام القوات الأميركية. على الرغم من تنامي مشاعر الكراهية لأميركا من جزيرة أوكيناوا باليابان، وكوريا الجنوبية، وألمانيا جراء الأفعال المشينة التي يرتكبها جنودها المتواجدون في قواعدها العسكرية، كإطلاق النار والقتل وتعاطي المخدرات والاعتداءات الجنسية والحوادث المرورية جراء حالات السكر، وازدراء أهل البلاد المضيفة بالتعامل غير السوي معهم واحتقارهم، فلم يعد مرغوبًا بتواجدهم، فقد أنذرت كوريا الجنوبية أميركا في 2003م، لإخلاء قواعدها، وتظاهر اليابانيون في جزيرة أوكيناوا لإخلاء جزيرتهم من القاعدة الأميركية بعد تعرض فتاة في الثانية عشر من العمر للاغتصاب والقتل من قبل جنود أميركيين، والحال مماثلة في ألمانيا.

 اتخذت أميركا سياسة نثر القواعد العسكرية حول العالم بعد الحرب العالمية الثانية، وعقدت نصوصًا مجحفة مع الدول المضيفة في اتفاقيات تواجدها، بعدم خضوع عسكرييها في القواعد أمام محاكم البلاد المضيفة. بالرغم من كل ذلك إلا أن أنظمة الحكم في الخليج فتحت أراضيها أمام القواعد العسكرية الأميركية، فقد استطاعت في وقت مبكر من الحصول على قاعدة الظهران في بلاد نجد والحجاز، واستخدمت قاعدة جزيرة مصيرة التابعة لعمان إبان الحرب العالمية الثانية، إلا أنها بقيت تخطط لانتشار كبير لقواعدها في منطقة الخليج، وسرعان ما حصلت أواخر الثمانينات على قاعدة سلطان ابن عبد العزيز التي بلغت تكلفة بنائها 0.71 مليار $ استخدمت في الحرب على العراق عام 1991م. الجزء الرئيسي من القاعدة هو مركز للعمليات الجوية المشتركة، ومزوَّد بأحدث أنظمة القيادة والمراقبة، ومركز استخبارت مشترك تم تدشينه في حزيران/يونيو 2001م، قامت بتصميمه وتجهيزه وكالة اتصالات سلاح الجو بالغة السرية.

فانفتحت شهيتها أكثر لفتح المزيد من القواعد في الكويت التي قامت في 1999م ببناء قاعدة عريف جان، وصممه سلاح المهندسين في الجيش الأميركي بتكلفة 200 مليون $ جنوب العاصمة الكويت. ومنحت القوات الأميركية قاعدة أحمد الجابر التي تبعد خمسة وسبعين ميل من حدود العراق. وبنت في 2000م قاعدة علي السالم الجوية على بعد تسعة وثلاثين ميل من حدود العراق.

وفي البحرين، ورث السلاح البحري الأميركي قاعدة المنامة البريطانية. فقد كان نظام الحكم في البحرين قد قام في 1987م ببناء قاعدة الشيخ عيسى الجوية ليسلمها لمشاة البحرية الأميركية التي أكملت بناءها وحدة “نحل البحر”، وتم توسيعها في 1997م. وفي تموز/يوليو 1995م انتقلت قيادة الأسطول الخامس الأميركي إليها.

تتسع قطر لثلاثة قواعد أمريكية عسكرية أميركية، الأولى قاعدة العُديد التي قام نظام الحكم في قطر ببنائها بتكلفة 1.4  مليار $ على بعد 19 ميلًا جنوب شرق الدوحة في أواخر التسعينات. وفي آذار/مارس 2002م، أنشأ مركزًا للعمليات الجوية المشتركة في القاعدة. القاعدتان الأخريان الأميركيتان في قطر هما قاعدة السيلية في ضواحي الدوحة، وقاعدة سنوبي في مطار الدوحة، التي قدم نظام الحكم في قطر الأرض والمرافق.

نظام الحكم في عمان عقد اتفاقية تعاون عسكري مع الولايات المتحدة في 1980م، وفي 1990م تم تجديدها وتوسيع نطاقها. وتم بسرية بناء قاعدة المسننة 80  ميل غرب مسقط بتكلفة 120  مليون $. إلى جانب قاعدة ثمريت الجوية بظفار القريبة من اليمن، التي استخدمها سلاح الجو الأميركي في الأعوام 1991م، و1998م. وفي 1996م، أرسل سرب الحصان الأحمر الأميركي لتمديد مدرج مطار القاعدة. تستخدم القوات البحرية الأميركية مطار جزيرة مصيرة في بحر العرب.

 نظام الحكم في الإمارات وقع عقدًا في 1994م على اتفاقية تعاون دفاعي مع الولايات المتحدة؛ حيث سمحت لسلاح الجو الأميركي الوصول إلى قاعدة الظفرة الجوية أقل من80  ميل خارج أبوظبي. وترسو حاملات الطائرات الأميركية بانتظام في ميناء جبل علي بإمارة دبي.

القواعد العسكرية الأميركية تمثل مجتمعًا أميركيًا. فهي تحتوي إلى جانب المنشآت العسكرية، على مكاتب بريد وملاعب لكرة السلة وكرة الطائرة والجولف والتنس، ومساحات لعدة رياضات متعددة الأغراض، ومراكز للياقة البدنية والمسابح والمسارح والرعاية الطبية والكنائس.

لم يسع أنظمة الحكم في الخليج، بعد أن فتحت أراضيها للقواعد العسكرية الأميركية، سوى الانخراط في مخططات الدول الاستعمارية الغربية “أميركا” وعلى وجه الخصوص إلى جانب بريطانيا، ولم تتخلف جيوش أنظمة الحكم في الخليج بالانضمام إليها بغزو أفغانستان والعراق. فقد كانت البروفة حرب الخليج الأولى التي ترأست فيها أميركا تحالفًا من 33 جيشًا بينها جيوش الخليج؛ لتكرس بعد ذلك في حربها الصليبية المعلنة في أيلول/سبتمبر 2001م، لغزو أفغانستان التي قامت القواعد الأميركية في الخليج بدور كبير بئيس، ومن ثم مشاركتها أميركا في نيسان/أبريل 2003م في غزو العراق، وقد رأينا كم تبعد القواعد الأميركية في الكويت عن العراق.

مع انتهاء عمليات أميركا القتالية جراء غزوها العراق، ظهر عجزها عن استمرارها في خضم حربها الصليبية على الإسلام التي خططت لاستمرارها عشرات السنين تحت مسمى “الحرب على الإرهاب”، ورغبتها في استمرار  تواجدها العسكري، وإدارتها المعارك العسكرية الدائمة في قلب بلاد المسلمين “منطقة الشرق الأوسط” بمشاركة قواتها الجوية، وعدم مشاركة قواتها البرية على الأرض، بإيجاد وكلاء محليين كأنظمة الحكم الخليجية يتحملون مشاركة قواتهم البرية القتال على الأرض، وتوجيه القوات الجوية الأميركية طلعات القوات الجوية لجيوش أنظمة الحكم في الخليج، كما وجهتها لضرب أهداف في ليبيا والعراق واليمن، إلى جانب دفع أنظمة الحكم الخليجية أثمان الطلعات الجوية التي تقوم بها الطائرات الأميركية. فقد قامت أنظمة الحكم في الخليج بدور وكلاء للحرب الأميركية الصليبية على الإسلام.

ظهرت أنظمة الحكم في الخليج على يد البريطانيين على أثر تلاشي سلطان الإسلام والمسلمين، فإن نفس الأنظمة اليوم تعد العدة الكاملة بالمال والسلاح للانخراط في مخططات أميركا وبريطانيا لعدم عودة سلطان الإسلام والمسلمين للظهور مجددًا باستئناف الحياة الإسلامية باقامة دولة الخلافة الراشدة التي بات دنو ظهورها قريبًا جدًا.

ظلت صحارى الخليج المقفرة مأوى للخارجين المتمردين عن سلطان الإسلام فكان ذلك ضيرًا على الأمة الإسلامية. ثم ظهر  النفط فيها فكان وبالًا عليها. واليوم مع تحرك الأمة الإسلامية لاستئناف الحياة الإسلامية بإقامة دولة الخلافة الراشدة الثانية تمسك أنظمة الحكم في الخليج حرابها لقتالها. فهلا ينظر ذوو العقول من أبناء الخليج إلى أدوار أنظمة حكمهم القديم والحديث، فيعدلون عنه إلى خير لهم في الدنيا والآخرة

 

رابط هذا التعليق
شارك

مشروع الأمة الإسلامية الحضاري إلى صعود وارتقاء،

ومشروع الغرب إلى انحدار وهبوط

الأستاذ خالد حسن – أبو مصعب

إن المتتبع للأحداث والمدقق لما يجري ويدور هذه الأيام يرى أن مشروع الأمة الإسلامية الحضاري “الإسلام السياسي” والمتمثل بـ”دولة الخلافة” إلى صعود وارتقاء رغم ما لحق ويلحق بالأمة من ويلات ومآسٍ ودمار وخراب على يد الكافر المستعمر، وفي مقدمته أميركا العدو الأول للإسلام والمسلمين، فلم يكتفِ هذا الكافر بإزالة تاج الأمة عن رأسها المتمثل بالخلافة وإقصاء الإسلام عن سدة الحكم؛ حيث عمد إلى تقسيم الخلافة إلى كنتونات ودويلات هزيلة، ونصب عليها حكامًا عملاء نواطير يطبقون أحكامه وقوانينه، وقام بغزو الأمة الإسلامية في جميع نواحي الحياة. وزاد المستعمر من وحشيته وتنكيله بالمسلمين لا سيما أميركا بعد أحداث الحادي عشر من أيلول من عام 2001م، حيث أقدم على احتلال أفغانستان، ثم بلاد الرافدين العراق، وقد أهلك الحرث والنسل، فقتل وذبح وشرد الملايين، ودمر الحجر والشجر ونهب الخيرات والثروات.

بالرغم مما أصاب الأمة من ضربات ونكبات ونكسات وهزات عنيفة على يد عدوها الكافر المستعمر وعملائه حكام العهر والخيانة الذين ساموها سوء العذاب، ونالوا منها من ظلم وعسف وجور وتنكيل وتجويع وقتل وترويع، إلا أنها أمة حية ما دام الإيمان ينبض في عروقها، فقد تحركت وزمجرت وثارت على حكامها الظلمة، وأخذت تطالب بالتغيير، بل أبعد من ذلك أخذت تنادي بضرورة إسقاطهم، فرفعت شعار “الأمة تريد إسقاط النظام”، لا سيما ما حدث من ثورات في بعض بلدان المسلمين، مثل تونس ومصر وليبيا واليمن، وأخيرًا ثورة الشام المباركة التي أخذت منحى آخر، فبرزت فيها الهوية الإسلامية، فأخذت تطالب وتنادي بإسقاط النظام وإيجاد الإسلام السياسي المتمثل “بنظام الخلافة” بديلًا عنه. هذه الثورة كشفت شعاراتها عن هوية الأمة وتطلعاتها، والتي كان منها: “هي لله، هي لله، لا للسلطة ولا للجاه”، “قائدنا للأبد سيدنا محمد”… هذه الشعارات وغيرها أثلجت الصدور، ورقت لها القلوب، وذرفت لها العيون.

وعندما ظهر على ثورة الشام المباركة هويتها الإسلامية، تآمر عليها القريب والبعيد، وقبل قادة الفصائل بالمال السياسي القذر الذي كان يدفع بقصد إخمادها والإبقاء على النظام العلماني القائم.

إن هذه الثورات التي حصلت في بلاد المسلمين كشفت عن معدن الأمة الأصيل الطيب، وإن تنكبت وتعثرت في طريقها ردحًا من الزمن لكنها أمة حيّة، أمة تأبى الضيم والخنوع. هذا الموقف يبعث على الأمل، ويبشر بخير إن شاء الله.

* موقف آخر يبعث على التفاؤل ويعزز الأمة هو ثقتها بدينها عندما تهجمت بعض الصحف الغربية لا سيما الدنماركية والفرنسية على سيد الخلق محمد B؛ حيث قام ثلة من أبناء المسلمين بالثأر للنبي B، فهاجموا مقرات تلك الصحف، هذا عدا عن المسيرات والاحتجاجات التي جابت كثيرًا من بلدان المسلمين؛ حيث أوصلت الأمة رسالة للغرب عمومًا بأن المسّ برمز الأمة نبيها وقائدها وقدوتها محمد B خط أحمر لا يجوز المساس به مهما بلغت التضحيات الجسام.

* وموقف آخر تبرز فيه العزة ويكشف عن معدن الأمة الطيب الأصيل هو هبّة المسلمين في فلسطين، وبالذات أهل القدس، عندما أراد يهود تدنيس المسجد الأقصى المبارك ومنع المسلمين من أداء الصلاة فيه. فكان ثبات المسلمين وصبرهم وإصرارهم على دخول المسجد الأقصى بعزة وكرامة، وامتناعهم عن الدخول من خلال البوابات الإلكترونية قد كسر شوكة يهود وأجبرهم على سحب إجراءاتهم ومخططاتهم الخبيثة بحق المسجد الأقصى المبارك.

 هذا الموقف البطولي أظهر نصرًا للمسلمين وضعفًا لليهود الأعداء من جهة، ومن جهة أخرى كشف عن روح الجهاد وحب التضحية في سبيل الله عند المسلمين، كذلك حبهم لعقيدتهم وحبهم لصاحب المسرى سيد الخلق محمد B.

وكان من آخر المواقف التي أظهرت حيوية الأمة عندما أعلن رئيس أميركا ترامب الأرعن والأحمق بأن القدس بقسميها الغربي والشرقي عاصمة لكيان يهود، حيث خرجت الأمة في مسيرات ووقفات غضب نصرة للقدس التي فيها المسجد الأقصى مسرى الحبيب محمد B أولى القبلتين وثاني المسجدين وثالث الحرمين الشريفين، هذا الموقف كشف عن معدن الأمة الأصيل، وعن مدى حبها لمقدساتها، وعن مدى شوقها وحبها لتحريرها بل لتحرير كل فلسطين من بحرها إلى نهرها عن طريق الجهاد في سبيل الله.

هذه المواقف وغيرها تكشف حقيقة معدن الأمة، وحقيقة موقفها، وتكشف أن الصورة واضحة وجلية عندها، وأنها أخذت تتحسس طريقها وتؤوب إلى رشدها، وأنها أدركت أن خلاصها ونجاحها وفلاحها وسعادتها وتقدمها، لا يكون إلا بالرجوع إلى دينها الذي لا يصلح حالها إلا بما صلح به أولها، كيف لا يكون ذلك ودينها هو دين الفطرة، دين الحق والعدل، دين القيم والمثل العليا، هذا الدين العظيم الذي ارتضاه الله جل في علاه لنا، قال الله تعالى: ﴿ وَرَضِيتُ لَكُمُ ٱلۡإِسۡلَٰمَ دِينٗاۚ﴾. كما أدركت الأمة بأن مبدأ الإسلام هو رمز عزتها وقوتها ووحدتها، قال الله سبحانه: ﴿ وَلِلَّهِ ٱلۡعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِۦ وَلِلۡمُؤۡمِنِينَ وَلَٰكِنَّ ٱلۡمُنَٰفِقِينَ لَا يَعۡلَمُونَ ٨﴾، ورحم الله فاروق هذه الأمة عمر بن الخطاب عندما قال مقولته المشهورة: «نحن قوم أعزنا الله بالإسلام، فإن ابتغينا العزة في غيره أذلنا الله».

بهذا الإدراك والشعور والإقبال من قبل الأمة على دينها أخذت ترتقي وتصعد شيئًا فشيئًا، خاصة وأن الله سبحانه قد حباها بحزب مبدئي، هذا الحزب هو حزب التحرير الذي نذر حياته طاعة لله وحده، وهو يواصل ليله بنهاره من أجل استئناف الحياة الإسلامية، وتطبيق شرع الله تعالى من خلال دولة الخلافة التي ترفع الأمة إلى الرفعة والسناء والعز، والنصر والتمكين. وقد استطاع الحزب بفضل الله سبحانه ومنته أن يوجد في الأمة رأيًا عامًا عن الخلافة، حتى غدا مطلبًا ملحًا عندها.

هذا من جهة، ومن جهة أخرى، فإن ما يدلل على صعود مشروع الأمة الحضاري، وأنه إلى تقدم وصعود، البشائر التي ساقتها الأدلة الشرعية، والتي تبعث على التفاؤل والأمل، وتعزز ثقة الأمة بدينها الذي هو رمز عزتها، وأن مشروعها الحضاري كائن وحاصل رغم أنف الكفار وأعوانهم، ومن الأدلة الشرعية التي تتحدث عن مستقبل مشروع الأمة الحضاري:

* قال الله سبحانه: ﴿ وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مِنكُمۡ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ لَيَسۡتَخۡلِفَنَّهُمۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ كَمَا ٱسۡتَخۡلَفَ ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمۡ دِينَهُمُ ٱلَّذِي ٱرۡتَضَىٰ لَهُمۡ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّنۢ بَعۡدِ خَوۡفِهِمۡ أَمۡنٗاۚ يَعۡبُدُونَنِي لَا يُشۡرِكُونَ بِي شَيۡ‍ٔٗاۚ وَمَن كَفَرَ بَعۡدَ ذَٰلِكَ فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡفَٰسِقُونَ ٥٥﴾.

* قال رسول الله B: «تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها… ثم تكون ملكًا جبرية فتكون ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة ثم سكت» رواه البزار والطبراني ورجاله ثقات.

* وروى مسلم والحاكم وغيرهما عن ثوبان قال رسول الله B: «إن الله زوى لي الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها، وأن أمتي سيبلغ ملكها ما زوي لي منها».

* وروى ابن حبان في صحيحه عن المقداد بن الأسود عن النبي B: «ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار، ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر إلا أدخله الله هذا الدين، بعز عزيز، أو بذل ذليل، عزًا يعز الله به الإسلام، وذلًا يذل به الكفر».

أما مشروع الغرب الرأسمالي فهو مشروع هابط وإلى زوال، يحمل في طياته السقوط، وزواله آتٍ في كل مجالات الحياة، سواء على الصعيد الفكري، أم الاجتماعي، أم السياسي، أم الاقتصادي، أم العسكري.

* أما على الصعيد الفكري: فأساس المبدأ الرأسمالي يقوم على فصل الدين عن الحياة “دع ما لقيصر لقيصر، وما لله لله”، ويجعل المنفعة والمصلحة مقياس أعماله، ومفهوم السعادة عنده يقوم على الأخذ بأكبر نصيب من المتع الجسدية، وأعطى للإنسان الحريات المطلقة بمعنى الإفلات من كل قيد، سواء حرية العقيدة، أم حرية الرأي، أم حرية التملك، أم الحرية الشخصية. كما نظر للقيم نظرة مادية بحتة، وهو لا يقيم وزنًا ولا اعتبارًا للقيمة الروحية، ولا للقيمة الخلقية، ولا للقيمة الإنسانية.

* أما على الصعيد الاجتماعي: فالمبدأ الرأسمالي ينظر إلى المرأة على اعتبار أنها تحفة جميلة، فأبرز مفاتنها وجسمها العاري في الحياة العامة، وأعطاها الحرية الشخصية المطلقة، وشجع الإباحية والشذوذ الجنسي، وهذه العلاقات غير الطبيعية تأباها حتى الحيوانات.

وإليكم إحصائيات حديثة لجرائم القتل والاغتصاب والسرقة؛ ففي أميركا مثلًا زعيمة المبدأ الرأسمالي كنموذج لهذا المشروع الغربي المتهالِك، وفقًا لأحدث التقارير الصادرة عن مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي “إف بي آي” فإن البلاد شهدت العام الماضي مليونًا و195 ألفًا و704 جرائم عنف، قتل فيها 15 ألفًا و696 شخصًا، وسجلت الشرطة الأميركية خلال العام الأخير 90 ألفًا و185 حادثة اغتصاب، و323 ألفًا و374 حالة سرقة.

وبحسب بيانات مكتب التحقيقات الفيدرالي فإن نسبة جرائم الكراهية ضد المسلمين زادت 67%، وارتفعت حالات الاعتداء عليهم من 154 في عام 2014م إلى 257 في عام 2015م.

* أما على الصعيد السياسي: فالغرب الكافر وعلى رأسه أميركا عدوة الإسلام والمسلمين تقوم سياسته على الخداع والاحتواء والهيمنة وبسط النفوذ دون أن يعبأ بمصير الدول وشعوبها وحقوقهم وسعادتهم، لا سيما المستضعفين منهم. كيف لا والمبدأ الرأسمالي يقوم على الجشع والمصلحة. فالغرب الكافر يتدخل في رسم سياسات الدول الضعيفة لتحقيق مصالحه ومآربه، ولا أدّل على ذلك من احتلال أميركا الحاقدة لأفغانستان والعراق حيث أهلكت الحرث والنسل هناك.

* أما على الصعيد الاقتصادي: فالنظام الرأسمالي يناقض الفطرة حينما أعطى الإنسان الحرية المطلقة لحرية التملك، فهو لم يحدد له كيفية التملك وأسبابه، سواء أكان بالقمار، أم بالغش، أم بالسرقة، أم بالمخدرات، أم غيرها؛ فنجد هذا النظام يقوم على أساس المنفعة وتحقيق القيمة المادية فقط، ولا يعبأ بغيرها من القيم، وبالتالي ينظر الغرب الذي يتزعم هذا النظام الجشع للعالم وكأنه مزرعة يسخرها لتحقيق مصالحه المادية، ومن أجل ذلك قام الغرب عمومًا وأميركا خصوصًا على نهب وسلب خيرات وثروات الشعوب الضعيفة لا سيما المسلمة منها؛ لذا يقوم باحتلال البلاد لتحقيق هذه المآرب، ولا أدّل على ذلك من إقدام أميركا على احتلال العراق.

كما أن الغرب الكافر وعلى رأسه أميركا سخّر المؤسسات الدولية كصندوق النقد الدولي والبنك الدولي لبسط النفوذ والهيمنة.

مع كل هذا وذاك نجد الاقتصاد الغربي، لا سيما الاقتصاد الأميركي، يعيش أزمة اقتصادية مستعصية، وقد مرَّ بعدِّة أزمات اقتصادية لا سيما الأزمة الاقتصادية العالمية عام 1929م، وتحت عنوان أسباب تعثر الاقتصاد العالمي منذ الأزمة المالية – موقع الجزيرة نت: يواصل الاقتصاد العالمي تعثره في عام 2015م فوفقًا لتقدير الأمم المتحدة “وضع الاقتصاد العالمي وتوقعاته لعام 2016م، انحدر متوسط معدل النمو في الاقتصادات المتقدمة بما يتجاوز 54% منذ اندلاع الأزمة، وقد بلغ عدد العاطلين عن العمل في الدول المتقدمة نحو 44 مليونًا، بزيادة بلغت نحو 12 مليونًا عن عام 2007م، في حين بلغ التضخم أدنى مستوياته منذ بداية الأزمة”.

* أما على الصعيد العسكري: فنرى الدول الغربية وفي مقدمتها أميركا التي تعتنق المبدأ الرأسمالي، والذي من طريقته لنشر مبدئه استعمار الشعوب المغلوبة على أمرها والمقهورة، وخاصة المسلمين منهم، بقصد بسط السيطرة والنفوذ والهيمنة عليها، ونهب الخيرات والثروات والمقدرات. ولتحقيق ذلك دأبت تلك الدول الاستعمارية على تقسيم دولة الخلافة العثمانية إلى دويلات من أجل تفتيت وإضعاف المسلمين ضمن معاهدة أجريت بين بريطانيا وفرنسا آنذاك والتي سميت معاهدة “سايكس بيكو”.

وقد زادت أميركا شراسة عندما أعلنت الحرب على أفغانستان، ثم تلتها بلاد الرافدين العراق بعد أحداث أيلول لعام 2001م، وكانت نتيجة الحرب المستعِرة احتلال كل منهما؛ حيث قامت بأهلاك الحرث والنسل، وبسط النفوذ والهيمنة، وهي تعمل على تقسيم العراق إلى أقاليم طائفية عندما تكون الفرصة سانحة. بمعنى آخر تريد أميركا تقسيم المقسم وتجزئة المجزأ لبلاد المسلمين، وإقامة مشروع جديد أطلقت عليه مشروع الشرق الأوسط الكبير، وقد دأبت على عقد تحالفات دولية عسكرية لا سيما في أفغانستان والعراق وليبيا واليمن، وكان آخرها في سوريا عقر بلاد المسلمين من أجل تحقيق مشروعها الجديد.

كل هذه المعطيات وغيرها تُري بأن مشروع الغرب حمل ويحمل في طياته وجنباته للبشرية الشقاء والفناء، فهو لا محالة إلى هبوط وتردٍّ وإلى زوالٍ بإذن الله تعالى.

في حين نجد أن مشروع الأمة الإسلامية الحضاري، الإسلام السياسي المتمثل بإعلان “الخلافة الراشدة على منهاج النبوة” إلى صعود وارتقاء، وهو يسير من عليٍّ إلى أعلى حتى غدا مطلب الأمة الإسلامية، فلتطمئنَّ ولتقرَّ عينها، فإنَّ النصر والتمكين موعدها، والخلافة الراشدة مستقبلها، وهي آتية لا محالة بإذن الله تعالى.

وما على الأمة إلاّ أن تعمل مع العاملين، والله غالب على أمره، وناصر عباده الأتقياء، ومنجز وعده، ومدافع عن عباده المؤمنين المخلصين.

قال الله سبحانه: ﴿وَكَانَ حَقًّا عَلَيۡنَا نَصۡرُ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ ٤٧﴾

رابط هذا التعليق
شارك

لماذا يبطئ الناس عند النداء لإقامة الخلافة؟!

إبراهيم عثمان أبو خليل

 (الناطق الرسمي لحزب التحرير في ولاية السودان)

إن الله سبحانه وتعالى قد أجمل كثيرًا من الأحكام في آيات القرآن الكريم، فبيّنها النبي صلى الله عليه وسلم وفصّلها؛ فمثلًا أمرنا الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز أن نقيم الصلاة، وأن نؤتي الزكاة، وأن نحج البيت، ولكن الآيات لم تبين كم هي عدد الصلوات المطلوب إقامتها، وكيف نؤدي هذه الصلوات… وما إلى ذلك، كما لم توضح الأصناف التي تؤخذ منها الزكاة، ومقاديرها، وأوقاتها، وكل ما يتصل بها، وكذلك الحج، لم تحدد الآيات كيفية الإحرام مثلًا أو عدد أشواط الطواف، ووقت الوقوف بعرفة، وغيرها من مشاعر الحج.

ففي أمر الصلاة يقول سبحانه: ]حَٰفِظُواْ عَلَى ٱلصَّلَوَٰتِ وَٱلصَّلَوٰةِ ٱلۡوُسۡطَىٰ وَقُومُواْ لِلَّهِ قَٰنِتِينَ ٢٣٨[، وقال سبحانه: ]وَٱلَّذِينَ هُمۡ عَلَىٰ صَلَوَٰتِهِمۡ يُحَافِظُونَ ٩[، وقوله تعالى: ]أَقِمِ ٱلصَّلَوٰةَ لِدُلُوكِ ٱلشَّمۡسِ إِلَىٰ غَسَقِ ٱلَّيۡلِ وَقُرۡءَانَ ٱلۡفَجۡرِۖ إِنَّ قُرۡءَانَ ٱلۡفَجۡرِ كَانَ مَشۡهُودٗا ٧٨[، فعلمنا الحبيب صلى الله عليه وسلم أن الصلوات المفروضة هي خمس صلوات في اليوم والليلة، وأبان لنا عدد ركعاتها وسجداتها، وأماكن السر والجهر، وكل ما يتصل بها من أحكام فصيلية، وأجمل كل ذلك في قوله صلى الله عليه وسلم: «… وَصَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي».

أما في الزكاة، فيقول جل وعلا: ﴿وَرَحۡمَتِي وَسِعَتۡ كُلَّ شَيۡءٖۚ فَسَأَكۡتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤۡتُونَ ٱلزَّكَوٰةَ [، ويقول سبحانه: ]فَأَقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتُواْ ٱلزَّكَوٰةَ وَٱعۡتَصِمُواْ بِٱللَّهِ[، ويقول سبحانه: ]ٱلَّذِينَ يُقِيمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ وَمِمَّا رَزَقۡنَٰهُمۡ يُنفِقُونَ[، فبيَّن النبي صلى الله عليه وسلم الأصناف التي تخرج منها الزكاة، ومقاديرها ومواقيتها… وما إلى ذلك من تفصيل.

أما الحج، فقد قال الله عز وجل: ]وَلِلَّهِ عَلَى ٱلنَّاسِ حِجُّ ٱلۡبَيۡتِ مَنِ ٱسۡتَطَاعَ إِلَيۡهِ سَبِيلٗاۚ[، وقال تعالى: ]وَأَذِّن فِي ٱلنَّاسِ بِٱلۡحَجِّ[، فحج النبي صلى الله عليه وسلم، ومعه آلاف من المسلمين يقتدون به، ويعلمهم، ويقول لهم: عَنْ جَابِرٍ أَنَّهُ قَالَ رَمَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْجَمْرَةَ عَلَى بَعِيرِهِ بِحَصَى الْخَذْفِ وَهُوَ يَقُولُ: «لِتَأْخُذُوامَنَاسِكَكُمْ، فَإِنِّي لا أَدْرِي لَعَلِّي لا أَحُجُّ بَعْدَ حَجَّتِي هَذِهِ». هذا الذي بينه رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم، لا يرضى أي مسلم أن يغير ولو جزءًا يسيرًا منه، ولا يقبل أن يؤتى أي حكم مما بيَّنه النبي صلى الله عليه وسلم إلا على وجهه الذي بينه.

لكن العجيب والمحيِّر، هو أن المسلمين رضوا، أو قل سكتوا، عقودًا من الزمان، عندما تم تغيير أحكام الإسلام، المتعلقة بالحكم والسياسة والاقتصاد وغيرها، رغم أنها جاءت بآيات صريحة، بينها النبي صلى الله عليه وسلم وفصّلها، بل وحكم بها عمليًا، وسار على أساسها صحابته الكرام، والتابعون من بعدهم، قرونًا من الزمان، فالله سبحانه قد أمرنا بأن نحكم بما أنزل، فقال عز وجل: ]فَٱحۡكُم بَيۡنَهُم بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُۖ وَلَا تَتَّبِعۡ أَهۡوَآءَهُمۡ عَمَّا جَآءَكَ مِنَ ٱلۡحَقِّۚ[، وقال جل وعلا: ]وَأَنِ ٱحۡكُم بَيۡنَهُم بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ وَلَا تَتَّبِعۡ أَهۡوَآءَهُمۡ وَٱحۡذَرۡهُمۡ أَن يَفۡتِنُوكَ عَنۢ بَعۡضِ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ إِلَيۡكَۖ[، والخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم، وهو خطاب لأمته، أن تحكم بما أنزل الله من بعده، وقد بيّن الرسول صلى الله عليه وسلم من هو الذي يحكم بما أنزل الله من بعده، فقال صلى الله عليه وسلم: «كَانَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ تَسُوسُهُمْ الأَنْبِيَاءُ كُلَّمَا هَلَكَ نَبِيٌّ خَلَفَهُنَبِيٌّ وَإِنَّهُ لا نَبِيَّ بَعْدِي، وَسَتَكُونُ خُلَفَاءُ تَكْثُرُ، قَالُوا: فَمَا تَأْمُرُنَا؟ قَالَ: فُوا بِبَيْعَةِالأَوَّلِ فَالأَوَّلِ، وَأَعْطُوهُمْ حَقَّهُمْ؛ فَإِنَّ اللَّهَ سَائِلُهُمْ عَمَّا اسْتَرْعَاهُمْ»، أخرجه مسلم. فعلم الصحابة رضوان الله عليهم أن نظام الخلافة هو النظام الذي على أساسه يتم تنزيل أحكام الله المتعلقة بالسياسة والحكم والاقتصاد والاجتماع وغيرها، فأقاموا أحكام الله في الأرض، ضمن هذا النظام، وظلت الأمة قرونًا من الزمان، لها خلافة، ولها خليفة، ولكن منذ سقوط الخلافة في إسطنبول في العام 1342هـ، الموافق 1924م، وحتى يومنا هذا، غاب حكم الإسلام عن الأرض، وتحكمت فينا أحكام الكفر الغربية، وأهواؤهم، واعتاد الناس على هذه الأنظمة عقودًا من الزمان، وسكتوا على ضياع أحكام الإسلام المتعلقة بالسياسة والحكم والاقتصاد…

فلماذا سكت الناس عن عدم تطبيق أحكام الإسلام في الأرض، ولماذا ارتضوا بأنظمة تخالف نظام الإسلام في الأساس والفروع؟ ثم لماذا يبطئ الناس عند النداء لإقامة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة، ولا يبادرون للعمل مع المخلصين من أبناء الأمة، الساعين لاستئناف الحياة الإسلامية، بإقامة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، وإعادة حكم الإسلام إلى الأرض؟

الإجابة عن هذا البطء في الاستجابة من قبل المسلمين لإقامة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة يكمن في عوامل عديدة، نذكر منها الأهم:

أولًا: ضياع دولة الخلافة، وهذا تسبب في تقسيم بلاد المسلمين بين المستعمرين الأوروبيين الكافرين، الذين أبعدوا الإسلام عن الحكم والسياسة، وحكموا الناس بأنظمتهم وقوانينهم، ثم أقاموا المدارس والمعاهد والجامعات، على الأساس الغربي، فتعلم فيها قسم كبير من أبناء المسلمين، الذين أصبحوا فيما بعد عملاء فكريين وسياسيين للغرب الكافر، فأورثهم الكافر المستعمر حكم بلاد المسلمين، بعد أن ضمن أنهم سيحكمون بالأحكام ذاتها، والدساتير والقوانين التي حكم الغرب بها بلاد المسلمين عقودًا من الزمان، وكان الكافر المستعمر حريصًا على عدم المساس بالعبادات، مثل الصلاة والصوم والحج.. حتى لا يثير مشاعر المسلمين، بل كان يشجع على هذه العبادات، ولكنه ما كان يسمح بالحديث عن الحكم والسياسة، على أساس الإسلام، وبذلك نشأ جيل من أبناء المسلمين لا يعرفون عن الإسلام غير أحكام العبادات والأخلاق والمطعومات، وإذا تحدثوا لهم عن الحكم، أو حتى الخلافة، ذكر ذلك باعتباره تراثًا تاريخيًا انتهى بزمانه!

ثانيًا: علماء باعوا دينهم بدنيا غيرهم، وارتضوا لأنفسهم بأن يكونوا مطايا للحكام، يفتون بما يوافق هوى الحكام، لتثبيت عروشهم المهترئة، ومقابل عملهم هذا يقوم الإعلام المأجور بتلميع هؤلاء العلماء، ليأخذ العامة من الناس دينهم عنهم، فثبَّط هؤلاء العلماء همم أبناء الأمة، وقالوا إن الحكام الموجودين الآن هم ولاة الأمر، الذين تجب طاعتهم، ولا يجوز الخروج عليهم حتى ولو بالقول، وبعضهم يفتري على أحكام الإسلام، ويؤوِّل النصوص وينزلها في غير محلها، حتى يلبس على الناس دينهم، فكان لهؤلاء أثرٌ سيئٌ في وسط الأمة، خاصة وأن الأمة تحتاج لعلماء تأخذ دينها منهم.

ثالثًا: وجود حركات وجماعات وأحزاب تتسمى بالإسلام، وهي أبعد ما تكون عن الإسلام، بعضها يشارك الحكام باطلهم، ويقول بأن الإسلام مرن، يتماشى مع الواقع، أي أنهم واقعيون، يأخذون معالجاتهم من الواقع الفاسد، رغم ادعائهم الإسلامية. ومنهم من يقول إنه لا بد من الاهتمام بالعقيدة وتصحيحها دون فهم لماهية العقيدة، وكأن عقيدة الإسلام عقيدة نظرية لا علاقة لها بأنظمة الحياة، فأبعدوا كثيرًا من الشباب عن العمل السياسي الجاد. وقسم ثالث يقول بالقدرية الغيبية، أي أن الحكم من الله، وهو الذي يولي في كل زمان من يولي، وما علينا إلا الدعاء والصبر حتى يولي الله علينا الصالحين، ويزيل عنا الطالحين الذين جثموا على صدورنا بذنوبنا، هؤلاء وغيرهم كان لهم أثرٌ كبيرٌ في تضليل الأمة وإقعادها عن العمل من أجل النهضة على أساس الإسلام العظيم.

ولكن رغم وجود هذه العوامل، وغيرها، التي تبطئ بالناس في الاستجابة لنداء الخلافة، إلا أن الأمة ما زال الخير فيها، وفي المخلصين من أبنائها الذي يصلون ليلهم بنهارهم، من أجل استئناف الحياة الإسلامية، بإقامة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة، متحمِّلين كل التبعات والمشاق في سبيل تحقيق هذه الغاية السامية، وقد أثمر عملهم هذا أنْ أصبحت الخلافة أشواق الأمة، بعدما كفرت بكل الأنظمة التي طبقت عليها، وبعدما سقطت كل الدعاوى لبعض الحركات الإسلامية والأحزاب، التي تقول بالديمقراطية، والمشاركة في السلطة لتحقيق شرع الله في الأرض، وبعد أن انكشف كل عملاء الغرب الكافر، السياسيين والفكريين، كما انكشف علماء السلطان، فما عاد الناس يثقون في فتاويهم، بل أصبح الناس أكثر ثقة بحمل الدعوة لاستئناف الحياة الإسلامية، بإقامة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة. وهنا يقع العبء الأكبر على حملة الدعوة، في أن يبذلوا مزيدًا من الجهود، في إقناع الأمة بفكرتهم التي لا خلاص للأمة إلا بها، بل لا خلاص للبشرية كلها إلا بها، في وقت استشعر فيه الغرب الكافر خطورة الدعوة لاستئناف الحياة الإسلامية بإقامة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة، فبدأ مذعورًا يشعل الحرائق في كل مكان في العالم الإسلامي، ويوجد الفتن بين أبناء المسلمين، ويجيش الجيوش، ويصنع الأحلاف لضرب الإسلام، باسم الحرب على (الإرهاب).

ورغم هذا الكيد، ما زالت الأمة بخير، وما زالت الدعوة إلى الخلافة ترتقي من عليّ إلى أعلى، في نفوس أبناء الأمة، فالمطلوب من حملة الدعوة أن يصدقوا الله ويسرعوا الخُطا، ويركزوا على مناقشة الناس مناقشة عقائدية، ويبينوا لهم أن أمر الخلافة فرض كفرضية الصلاة التي لن يقصروا في أدائها، وأن الذي جعل الصلاة فرضًا، هو الذي جعل الخلافة فرضًا، وإن كانت الخلافة فرض كفاية، فإن الكفاية لم تحدث بعد؛ لأن فرض الكفاية لا يسقط إثم القاعدين عن القيام به، إلا إذا أُقيم، فكل مسلم لا يتلبس بالعمل الجاد لإقامة الخلافة فهو آثم، وإن مات على ذلك فميتته جاهلية، فالأمة جاهزة يا شباب حزب التحرير لتتحرك معنا من أجل إعادتها راشدة كالخلافة الأولى؛ خلافة أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، رضي الله عنهم أجمعين، فكونوا لها القادة، وكونوا لها القدوة في الدعوة والعمل، حتى يأذن الله بنصره وفتحه، وإقامة حكمه في الأرض بعد أن استفحل ليل الظلم والظالمين، إنه ولي ذلك والقادر عليه.

قال تعالى: ﴿إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا وَيَوۡمَ يَقُومُ ٱلۡأَشۡهَٰدُ ٥١

رابط هذا التعليق
شارك

واجب العلماء تجاه عملية التغيير وإقامة الدين

محمد جامع أبو أيمن

 مساعد الناطق الرسمي لحزب التحرير – ولاية السودان

إن العلماء هم ورثة الأنبياء، وهم أهل الخشية من الله، وهم الطليعة في بيان الحق للناس، لا خداعهم، وتضليلهم… هم الذين وجب عليهم نصح القائمين على أمر الناس، من الحكام، والسياسيين، لا مداهنتهم وتملقهم، قال تعالى: ﴿إِنَّمَا يَخۡشَى ٱللَّهَ مِنۡ عِبَادِهِ ٱلۡعُلَمَٰٓؤُاْۗ إِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ ٢٨﴾. وقيل إن أبا حنيفة – رحمه الله – رأى غلامًا صغيرًا أمامه حفرة، فقال له: (إياك يا غلام أن تسقط، فقال هذا الغلام: بل إياك يا إمام أن تسقط، إني إن سقطتُ سَقطتُ وحدي، وإنك إن سقطتَ سقطَ معك العالم). فسقطة العالم تُسقط معها كثيرًا من الناس الأبرياء..

قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه، عن عبد الله بن عمرو بن العاص، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّ اللَّهَ لا يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنْ الْعِبَادِ وَلَكِنْ يَقْبِضُ الْعِلْمَ بِقَبْضِ الْعُلَمَاءِ حَتَّى إِذَا لَمْ يُبْقِ عَالِمًا اتَّخَذَ النَّاسُ رُءُوسًا جُهَّالًا فَسُئِلُوا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا» رواية البخاري. وقد حرَّم النبي صلى الله عليه وسلم على العلماء مجاراة الحكام، خاصة إذا هضموا حقوق الرعية، ونشروا الظلم والفساد بين الناس، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ الله رَضِيَ الله عَنْهُمَا، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِكَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ: «أَعَاذَكَ الله يَا كَعْبُ بْنَ عُجْرَةَ مِنْ إِمَارَةِ السُّفَهَاءِ، فَقَالَ: مَا إِمَارَةُ السُّفَهَاءِ؟ قَالَ: أُمَرَاءُ يَكُونُونَ بَعْدِي، لاَ يَهْتَدُونَ بِهُدَايَ، وَلاَ يَسْتَنُّونَ بِسُنَّتِي، فَمَنْ صَدَّقَهُمْ بِكَذِبِهِمْ، وَأَعَانَهُمْ عَلَى ظُلْمِهِمْ، فَأُولَئِكَ لَيْسُوا مِنِّي وَلَسْتُ مِنْهُمْ، وَلاَ يَرِدُونَ عَلَى حَوْضِي، وَمَنْ لَمْ يُصَدْقِهْمُ بِكَذِبِهِمْ وَلَمْ يُعِنْهُمْ عَلَى ظُلْمِهِمْ فَأُولَئِكَ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُمْ، وَسَيَرِدُونَ عَلَى حَوْضِي». المستدرك للحاكم وأحمد في مسنده وغيرهما. وقد أوجب الشرع على جميع المسلمين قول الحق، والتذكير به، دون تردد أو خوفٍ، كما في حديث عبادة بن الصامت، رضي الله عنه، قَالَ: «بَايَعْنَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي الْمَنْشَطِ وَالْمَكْرَهِ، وَأَنْ لا نُنَازِعَ الْأَمْرَ أَهْلَهُ، وَأَنْ نَقُومَ أَوْ نَقُولَ بِالْحَقِّ حَيْثُمَا كُنَّا لا نَخَافُ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لائِمٍ» البخاري ومسلم وغيرهما؛ لذلك كان العلماء في مقدمة الناصحين للأمة، الحاملين لواء التغيير على أساس الإسلام، دون خوفٍ من حاكم أو أمير، كما أوجب الشرع على العلماء ألا يكونوا عونًا للظالمين، فلا طاعة لمخلوقٍ في معصية الخالق، لا لحاكمٍ ولا لأميره، فالطاعة المطلقة لله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، أما طاعة الحكام فمربوطة بتطبيقهم للشرع، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «وَلَوْ اسْتُعْمِلَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ يَقُودُكُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ فَاسْمَعُوا لَهُ وَأَطِيعُوا» مسلم. فطاعة الحكام، بناء على هذا الحديث، مربوطة بتطبيق كتاب الله، وهنا تسقط حجة القائلين بعدم العمل للتغيير لأن فيه خروجًا على الحكام، فأدلة الخروج تنطبق على الحكام الشرعيين، الذين (دخلنا عليهم ودخلوا علينا) بالبيعة الشرعية، التي تعطى للحاكم في الإسلام، وهو الخليفة، الذي تنطبق عليه أدلة الحكم، والخروج، والطاعة، والمعصية. أما حكام اليوم، فهم مغتصبون لسلطان الأمة، متحكمون في مقدراتها، عملاء للكفار المستعمرين؛ لذا وجب على العلماء أن يعملوا على تغيير هذا الوضع الذي تَحكَّم فيه رويبضات الحكم الجبري، ويجب أن يُرفع ظلمهم، بإقامتها خلافة راشدة على منهاج النبوة؛ لأنه الطريق الوحيد الذي رسمه الإسلام في مسألة الحكم، ولم يُجِزِ الإسلام غير الخلافة دولةً ونظامًا، وغير الخليفة حاكمًا؛ لذا فإن لم يستطع العلماء اتخاذ المواقف الشرعية، والثبات على الحق، فليصمتوا، ولا يدافعوا عن الباطل، بل فليختاروا العجز على الفجور، كما في الحديث.

وليس بالضرورة أن يكون فساد الحكام من فساد الأمة، فقد حكى القرآن أن الحكام يُفسدون الناس، قال تعالى: ﴿وَأَضَلَّ فِرۡعَوۡنُ قَوۡمَهُۥ وَمَا هَدَىٰ ٧٩﴾. وقال تعالى: ﴿وَقَالُواْ رَبَّنَآ إِنَّآ أَطَعۡنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَآءَنَا فَأَضَلُّونَا ٱلسَّبِيلَا۠ ٦٧ رَبَّنَآ ءَاتِهِمۡ ضِعۡفَيۡنِ مِنَ ٱلۡعَذَابِ وَٱلۡعَنۡهُمۡ لَعۡنٗا كَبِيرٗا ٦٨﴾.

قال عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه: «إِنَّ النَّاسَ لَمْ يَزَالُوا مُسْتَقِيمِينَ مَا اسْتَقَامَتْ لَهُمْ أَئِمَّتُهُمْ وَهُدَاتُهُمْ». فصلاح الرعية بصلاح الحكام، فإذا فسد الحكام، فسدت الرعية؛ لأنهم هم الذين يتحكمون في الرعية، وليست الرعية هي التي تتحكم فيهم؛ لذا وجب على العلماء الربانيين، الذين يخشون الله تعالى، العمل مع المخلصين من أبناء الأمة، لبيعة شرعية، لحاكم شرعي، ليكون خليفة للمسلمين، يسوس الأمة بالإسلام، ويوردها موارد الخير.

وقد حذر الله تعالى العلماء من كتمان الحق، لأي سبب من الأسباب، وأعدَّ عقوبة لمن يفعل ذلك، قال تعالى: ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ يَكۡتُمُونَ مَآ أَنزَلۡنَا مِنَ ٱلۡبَيِّنَٰتِ وَٱلۡهُدَىٰ مِنۢ بَعۡدِ مَا بَيَّنَّٰهُ لِلنَّاسِ فِي ٱلۡكِتَٰبِ أُوْلَٰٓئِكَ يَلۡعَنُهُمُ ٱللَّهُ وَيَلۡعَنُهُمُ ٱللَّٰعِنُونَ ١٥٩ إِلَّا ٱلَّذِينَ تَابُواْ وَأَصۡلَحُواْ وَبَيَّنُواْ فَأُوْلَٰٓئِكَ أَتُوبُ عَلَيۡهِمۡ وَأَنَا ٱلتَّوَّابُ ٱلرَّحِيمُ ١٦٠﴾.

 إنَّ الأصل في علماء الأمة، أنهم منهل الخير، يسقون الأمة بكل طيب، ويبعدون عنها المنكرات، ويقفون حاجزًا منيعًا أمام كل محاولة لخداعها، أو سرقة أموالها، وعلماء الأمة هم مثال للخير في كل زمان، ونسوق بعض النماذج والأمثلة لهؤلاء العلماء الربانيين، على سبيل المثال لا الحصر: الشيخ العز بن عبد السلام رحمه الله، الذي عند ظهور خطر التتار، نصح الأمير قطز بجمع الأموال من الأمراء للإعداد للحرب، وطالبه بألا يأخذ من الناس ضرائب، إلا بعد أن يُخرج المسؤولون أموالهم، فعمل الأمير قطز بنصيحته، وكتب الله تعالى لهم النصر المبين. العز بن عبد السلام كان يقول: «مَن آثر اللهَ على نفسه آثره اللهُ، والمخاطرة بالنفوس مشروعة لإعزاز الدين». وهذا يعني أن من آثر السلامة على أن يقول كلمة الحق، فلا يستحق أن يكون عالمـًا، سمِّه إن شئت تاجرًا بالدين، أو يشتري بآيات الله ثمنًا قليلًا، أو يبيع دينه بعرض من الدنيا قليل… إلخ، لكنه لا يُسمى عالمـًا؛ لأن شرط العالم ليكون ربانيًا أن يبين للناس الحق، ولو كان على نفسه؛ لأن العلم هو ميراث الأنبياء، والأنبياء آثروا طاعة الله على أنفسهم… والإمام أبو حنيفة، شيخ الفقهاء في العراق، عُرض عليه تولي القضاء فرفض، وقال للحاكم: «لا يتولى القضاء إلا رجل يكون له نفس يحكم عليك وعلى ولدك وقوادك، وليست تلك النفس لي» حُبس، وكان يُخرج من السجن كل مرة فيضرب عشرة سياط، حتى ضرب مائة وعشرة سياط، ومنع من الفتوى… ولم يغيِّر ولم يبدِّل، ولم يتراجع عن قول كلمة الحق… والإمام مالك، مُنع من رواية حديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي يقول: «ليس على مستكْرَہٍ طلاق» لأن الناس قاسوا على هذا الحديث أنه ليس على مُستكره بيعة – فأمر الحكام مالكًا رضي الله عنه، ألا يروي هذا الحديث، إلا أنه رفض، فضُرب سبعين سوطًا… والإمام البخاري الذي نُفي لأنه لم يرض بأن يذهب إلى قصر الوالي، ليدرس أبناءه هناك، فأبى أن يذهب قائلًا: «في بيتي يؤتى العلم».. وظل على ذلك حتى مات، يرحمه الله تعالى… والإمام الشافعي، وقف ضد والي اليمن، الذي كان يظلم الناس، وأنكر عليه الشافعي، ومنعه من إيقاع الظلم بالرعية، فدبَّر له الوالي، وكاد أن يقتل بعد أن حكم عليه بالقتل، إلا أن الله نجاه…والإمام أحمد الذي كان يقول: «إذا أجاب العالمُ تَقِيَّة والجاهلُ يجهل فمتى يتبين الحق».. فقد ضُرب هذا الإمام الكريم، في فتنة خلق القرآن، حتى فقد الوعي؛ فلم يرجع عن رأيه وموقفه الشرعي، وقد غضب عليه الحاكم، حتى بلغ جلادوه مائةً وخمسين جلادًا.. وضُرب مرات ومرات، في إحداها بلغ الضرب مائة وعشرة سوطًا.. وقد كان الإمام أحمد يقول لمن معه، كيف تصنعون بحديث خباب «إن من كان قبلكم ينشر بالمنشار، فلا يصده ذلك عن دينه»، قال فيئسنا منه. وحديث خباب الذي يقصده هو ما رواه الإمام البخاري والإمام أحمد في مسنده وغيرهما: عَنْ خَبَّابِ بْنِ الأَرَتِّ قَالَ شَكَوْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ مُتَوَسِّدٌ بُرْدَةً لَهُ فِي ظِلِّ الْكَعْبَةِ فَقُلْنَا أَلا تَسْتَنْصِرُ لَنَا أَلا تَدْعُو لَنَا فَقَالَ صلى الله عليه وسلم:«قَدْ كَانَ مَنْ قَبْلَكُمْ، يُؤْخَذُ الرَّجُلُ فَيُحْفَرُ لَهُ فِي الأَرْضِ فَيُجْعَلُ فِيهَا، فَيُجَاءُ بِالْمِنْشَارِ فَيُوضَعُ عَلَى رَأْسِهِ فَيُجْعَلُ نِصْفَيْنِ، وَيُمْشَطُ بِأَمْشَاطِ الْحَدِيدِ مَا دُونَ لَحْمِهِ وَعَظْمِهِ فَمَا يَصُدُّهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ. وَاللَّهِ لَيَتِمَّنَّ هَذَا الْأَمْرُ حَتَّى يَسِيرَ الرَّاكِبُ مِنْ صَنْعَاءَ إِلَى حَضْرَمَوْتَ لا يَخَافُ إِلا اللَّهَ وَالذِّئْبَ عَلَى غَنَمِهِ وَلَكِنَّكُمْ تَسْتَعْجِلُونَ» البخاري. والإمام ابن تيمية، الذي سُجن في قلعة الإسكندرية، بسبب آرائه الفقهية، ومُنع مرارًا من الدرس والتعليم والاختلاط بالناس، وقد أدخل السجن لفترات عدة، بلغت سبع مرات، كانت أولها سنة 693هـ (1293م)، حتى تُوفي في قلعة دمشق...

إن الإسلام نظام متكامل للحياة، فقد نظم شؤون المال، والاقتصاد، والحكم، والسياسة، فالأصل في العلماء أن يقدموا فهمهم من الإسلام لعلاج الأزمات، وليساهموا في نهضة الأمة، وتغيير هذا الواقع المرير، قال تعالى: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوۡمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمۡۗ﴾. وقال النبيُ صلى الله عليه وسلم: «الدِّينُ النَّصِيحَةُ، قُلْنَا: لِمَنْ؟ قَالَ: لِلَّهِ، وَلِكِتَابِهِ، وَلِرَسُولِه،ِ وَلأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ»

رابط هذا التعليق
شارك

أيام عشر ذي الحجة أيام خير، والمحروم من حرم أجرها

جعل الله هذه الأمة أقصر أعمارًا من الأمم السابقة، قال ﷺ: «أعمار أمتي ما بين الستين إلى السبعين» رواه الترمذي وابن ماجة. ولكنه سبحانه وتعالى، بمنِّه وكرمه، عوضها بأن جعل لها كثيرًا من الأعمال الصالحة التي تبارك في العمر، ومن ذلك ليلة القدر التي قال الله فيها: ]لَيۡلَةُ ٱلۡقَدۡرِ خَيۡرٞ مِّنۡ أَلۡفِ شَهۡرٖ [. قال الرازي : «اِعلم أن من أحياها فكأنما عبد الله نيفًا وثمانين سنة، ومن أحياها كل سنة فكأنما رزق أعمارًا كثيرة. ولا خلاف عند المسلمين في تفضيل أيام العشر على بقية أيام السنة، لقوة النصوص في ذلك، والخلاف في الليالي، فقيل إن ليالي رمضان أفضل، وممن رجَّح ذلك ابن القيم، فقال: وبهذا التفضيل يزول الاشتباه، ويدل عليه أن ليالي العشر من رمضان، إنما فضلت باعتبار ليلة القدر، وهي من الليالي، وعشر ذي الحجة إنما فضل باعتبار أيامه، إذ فيه يوم النحر، ويوم عرفة، ويوم القرِّ ويوم التروية. روى أبو داود في سننه من حديث عبدالله بن قرط: أن النبي ﷺ قال: «إن أعظم الأيام عند الله تعالى يوم النحر، ثم يوم القَرِّ» ويوم القر: هو اليوم الحادي عشر من ذي الحجة. يعتبر هذا اليوم من الأيّام الثلاثة التي يستجاب فيها دعاء المسلم، وهي: يوم القر، واليومين الثاني عشر والثالث عشر من ذو الحجّة، وللمنزلة العظيمة الّتي يحتلّها هذا اليوم كان أبو موسى الأشعري رضي الله عنه يذكِّر به الناس في خطبته الملقاة يوم النحر، فكان يقول: «بعد يوم النحر ثلاثةُ أيام، الّتي ذكَرَ الله الأيامَ المعدودات لا يُردّ فيهن الدعاء، فارفعوا رغبتكـم إلى الله عزّ وجل».

وإنه لمن عميم رحمة الله سبحانه وتعالى على المسلمين أنه فرض عليهم العبادات والفرائض على مدار العام، فلا يوجد وقت ليس فيه طاعة أو عبادة، ولا يوجد عمل يقوم به المسلم في شؤون حياته كلها إلا وهو داخل تحت التكليف الشرعي. وإنه لمن كرمه ومحبة عفوه عن المسلمين أنه جعل لهم مواسم لطاعات عظيمة يفتح بها أبواب رحماته ويصبّها على عباده صبًّا، ولا يحرم منها إلا من حرم نفسه… ومن هذه الطاعات ما يتجدد في كل يوم كالصلاة، ومنها ما يتجدد في كل أسبوع كصلاة يوم الجمعة، أو صيام الاثنين والخميس، ومنها ما يتجدد كل شهر كصيام الأيام البيض، ومنها ما يتجدد كل سنة كصيام رمضان وست من شوال والحج، وإن كان فرضه على المستطيع في العمر مرة واحدة، ومنها ما يستمر الدهر كله كصيام داود… وإن على العبد الصادق أن يستغل رحمات جميع هذه المناسبات لكسب الأجر والثواب ورضى الرحمن.

 وإنه لمن أعظم مواسم الطاعة التي تتجدد في كل عام، هي العشر الأول من ذي الحجة، فمن عجز عن الحج في كل عام، قدر في العشر على عمل يعمله في بيته يكون أفضل من الجهاد. فإنّ فضلها كبير وأجرها عظيم، ففيها تجتمع أمهات العبادات مثل الحج، والصوم، والصدقة، وذكر الله، والأضحية… فقد أقسم الله تعالى بها لأهميتها البالغة والعظيمة، فقال في سورة الفجر ]وَٱلۡفَجۡرِ ١ وَلَيَالٍ عَشۡرٖ [ فالله سبحانه وتعالى عظيم، ولا يقسم إلا بعظيم جليل، جل جلاله. كما أن الله، تعالى جدُّه، ذكرها على أنها الأيام المعلومات لأهميتها البالغة، فقال، جل من قائل: ]وَيَذۡكُرُواْ ٱسۡمَ ٱللَّهِ فِيٓ أَيَّامٖ مَّعۡلُومَٰتٍ[، قال ابن عباس وابن كثير يعني: «أيام العشر”. كما أن الرسول الكريم ﷺ قال عنها فيما رواه البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما: «ما العمل في أيّام أفضل في هذه العشرة»، قالوا: ولا الجهاد، قال: «ولا الجهاد إلاّ رجل خرج يخاطر بنفسه وماله فلم يرجع بشيء». وروى الدارمي عن النبي ﷺ قال: «ما من عمل أزكى عند الله عز وجل، ولا أعظم أجرًا من خير يعمله في عشر الأضحى…» وروى الطبراني في المعجم الكبير، عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله ﷺ: «مامن أيّام أعظم عند الله سبحانه ولا أحب إليه العمل فيهنَّ من هذه الأيام العشر، فأكثروا فيهنَّ من التهليل والتكبير والتحميد».فكما هو واضح من الحديث الشريف أن الأعمال الصالحة في هذه الأيام أفضل عند الله تعالى من الجهاد في سبيل الله.

وينبغي لمن وفقه الله لمعرفة فضل هده الأيام، وأمد له في عمره، أن يجتهد فيها بكثرة الأعمال الصالحة، فما هي إلا أيام معدودة ثم تنقضي. وكان السلف الصالح يجتهدون فيها، روى الدارمي أن سعيد بن جبير رحمه الله، كان إذا دخلت العشر، اجتهد اجتهادًا حتى ما يكاد يُقدَرُ عليه. وروي عنه أنه قال: «لا تطفئوا سرجكم ليالي العشر» كناية عن القراءة والقيام. وقال ابن حجر في الفتح: «والذي يظهر أنّ السبب في امتياز عشر ذي الحجة هو لمكان اجتماع أمهات العبادة فيه، وهي الصلاة والصيام والصدقة والحج، ولا يأتي ذلك في غيره»… وينبغي على المسلم أن يستفتح هذه العشر بتوبة نصوح إلى الله، عز وجل، ثم يستكثر من الأعمال الصالحة التي يتم التقرب بها إلى الله تعالى، والتي منها:

أداء الحج والعمرة: حج بيت الله الحرام هو من أفضل الأعمال والقربات عند الله في هذه العشر، قال تعالى: ]وَلِلَّهِ عَلَى ٱلنَّاسِ حِجُّ ٱلۡبَيۡتِ مَنِ ٱسۡتَطَاعَ إِلَيۡهِ سَبِيلٗاۚ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ ٱلۡعَٰلَمِينَ[. وهو أحد أركان الإسلام الخمسة. روى البخاري ومسلم من حديث ابن عمر: أن النبي ﷺ قال: «بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والحج، وصوم رمضان». فمن وفَّقَه الله تعالى لحج بيته وقام بأداء نسكه على الوجه المطلوب فله نصيب – إن شاء الله – من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة». وروى ابن حبان في صحيحه من حديث أبي سعيد الخدري – رضي الله عنه – قال: قال النبي ﷺ: «إن الله تعالى يقول: إن عبدًا أصححت له جسمه، ووسعت له عليه في المعيشة، يمضي عليه خمسة أعوام، لا يفد إليَّ لمحروم». وفيه يوم عرفة هو للحاج كما روى مسلم في صحيحه من حديث عائشة، رضي الله عنها، أن رسول الله ﷺ قال: «مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ أَنْ يُعْتِقَ اللَّهُ فِيهِ عَبْدًا مِنَ النَّارِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَإِنَّهُ لَيَدْنُو، ثُمَّ يُبَاهِي بِهِمُ الْمَلائِكَةَ». وفيه يوم التروية الذي يبدأ الحجاج فيه أداء مناسك الحج، كما أنه في هذه الأيام المباركة يوم النحر الذي يعد من أفضل أيام الدنيا كما روى أبو داود عن عبد الله بن قُرْط عن النبي ﷺ أنه قال: «إن أعظم الأيام عند الله تبارك وتعالى يومُ النحر، ثم يوم القَرِّ».

هذا ولا يقتصر فضل هذه الأيام على الحجاج فقط، وإنما يصل فضلها لجميع المسلمين الموجودين في بلادهم، فعليهم استغلالها بالصورة المثلى من أجل كسب الخير الكثير والحسنات، فعليهم الصيام والإكثار من الصلاة والصدقة والتهليل والتسبيح والأعمال الصالحة المختلفة، فهي فرصة ذهبية لمن يستغلها. فهذه الأيام جعلها الله كنزًا للمسلم يغرف منه بقدر جده واجتهاده.

الأضحية: ومن الأعمال الصالحة في هذا العشر التقرب إلى الله تعالى بذبح الأضاحي واستسمانها واستحسانها. قال النبي ﷺ: «من كان له سعة ولم يضحِّ فلا يقربنَّ مصلانا» رواه أحمد وابن ماجه. وقال: «ما عمل ابن آدم يوم النحر عملاً أحب إلى الله من إراقة دم، وإنه يؤتى يوم القيامة بقرونها وأظلافها وأشعارها، وإن الدم ليقع من الله عز وجل بمكان قبل أن يقع على الأرض؛ فطيبوا بها نفساً»رواه الترمذي وابن ماجه.

بذل المال في سبيل الله تعالى: ومنها الصدقة، قال تعالى: ]ٱلَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمۡوَٰلَهُمۡ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ ثُمَّ لَا يُتۡبِعُونَ مَآ أَنفَقُواْ مَنّٗا وَلَآ أَذٗى لَّهُمۡ أَجۡرُهُمۡ عِندَ رَبِّهِمۡ وَلَا خَوۡفٌ عَلَيۡهِمۡ وَلَا هُمۡ يَحۡزَنُونَ ٢٦٢[. وروى الترمذي في سننه من حديث معاذ بن جبل – رضي الله عنه – قال: «والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار».

الصلاة: فإنّها من أفضل القربات، ويستحب التبكير إلى الفرائض، والإكثار من النوافل، روى مسلم عن ثوبان رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «عليك بكثرة السجود لله، فإنّك لا تسجد لله سجدة إلاّ رفعك إليه بها درجة، وحطَّ عنك بها خطيئة» وهذا في كل وقت، وفي أيام العشر هو أزكى وأحب إلى الله، وفيه أجر أكبر.

قيام الليل: قضاء معظم الليل أو جزء منه ولو ساعة في عبادة الله بالصلاة وتلاوة القرآن وذكر الله. ويطلق القيام ويراد العبادة عموماً، وصلاة الليل خصوصًا، وقيام الليل هو شرف المؤمنين ودأب الصالحين، فيه يخلو المؤمنون بربهم، ويتوجهون إلى خالقهم وبارئهم يعظمونه ويشكرونه، ويشكون إليه أحوالهم، ويسألونه من فضله العظيم، فنفوسهم قائمة بين يدي خالقها، تتنسم منه نفحات الخير، وترجو رحمته وتخشى عذابه. وهو من أعظم القربات، وآثاره من أطيب الثمرات، قال تعالى: ]تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمۡ عَنِ ٱلۡمَضَاجِعِ يَدۡعُونَ رَبَّهُمۡ خَوۡفٗا وَطَمَعٗا وَمِمَّا رَزَقۡنَٰهُمۡ يُنفِقُونَ ١٦ فَلَا تَعۡلَمُ نَفۡسٞ مَّآ أُخۡفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعۡيُنٖ جَزَآءَۢ بِمَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ ١٧[ وقد حث النبي ﷺ على قيام الليل ورغّب فيه، فقال عليه الصلاة والسلام: «عليكم بقيام الليل، فإنه دأب الصالحين قبلكم، وقربة إلى الله، ومكفرة للسيئات، ومنهاة عن الإثم، ومطردة للداء عن الجسد»رواه أحمد والترمذي. وقال النبي عليه الصلاة والسلام: «في الجنة غرفة يرى ظاهرها من باطنها، وباطنها من ظاهرها» فقيل: لمن يا رسول الله؟ قال: «من أطاب الكلام، وأطعم الطعام، وبات قائماً والناس نيام» رواه الطبراني والحاكم وصححه الألباني. وإذا كان قيام الليل هو من أعظم القربات عند الله في سائر الأيام، فهو في أيام العشر من ذي الحجة هو آكد.

التهجد:  الفرق بين التهجُّد وقيام الليل هو أنّ التهجُّد يكون بعد النوم ليلًا ولو لفترة، ثمّ الاستيقاظ للصّلاة فقط دون غيرها من العبادات، أمّا قيام الليل فيكون بالصّلاة، والذِّكر، والدُّعاء، وقراءة القرآن، وغير ذلك من العبادات في أيّ ساعة من ساعات الليل، وعليه فإنّ التهجُّد نوع من قيام الليل، يكون بالنّوم ثمّ الاستيقاظ لأداء الصّلاة، وقد ورد عن الصحابي الجليل الحجاج بن غزية رضي الله عنه ما يدل على هذا الفرق، حيث قال: «يحسَبُ أحَدُكم إذا قام من الليل يصلي حتى يصبِحَ أنَّه قد تهجَّدَ، إنَّما التهجُّدُ المرءُ يصلِّي الصلاةَ بعد رقدةٍ، ثمّ الصّلاة بعد رقدةٍ، وتلك كانت صلاةَ رَسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم» رواه الهيثمي، في مجمع الزوائد، رجاله رجال الصحيح.

الدعاء: الدعاء يصاحب كل العبادات، وهي تكتمل به، قال تعالى: ]قُلۡ مَا يَعۡبَؤُاْ بِكُمۡ رَبِّي لَوۡلَا دُعَآؤُكُمۡۖ فَقَدۡ كَذَّبۡتُمۡ فَسَوۡفَ يَكُونُ لِزَامَۢا ٧٧[. وقال الله تعالى في القرآن الكريم : ]وَقَالَ رَبُّكُمُ ٱدۡعُونِيٓ أَسۡتَجِبۡ لَكُمۡۚ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَسۡتَكۡبِرُونَ عَنۡ عِبَادَتِي سَيَدۡخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ٦٠[. وقال: ]وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌۖ أُجِيبُ دَعۡوَةَ ٱلدَّاعِ إِذَا دَعَانِۖ فَلۡيَسۡتَجِيبُواْ لِي وَلۡيُؤۡمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمۡ يَرۡشُدُونَ ١٨٦[. وعن ابن عباس ‏قال: ‏قال رسول الله ﷺ‏‏: ‏ «أفضل العبادة الدعاء روى الترمذي في سننه ‏عن ‏ ‏أبي هريرة ‏‏عن النبي ‏ ﷺ‏ ‏قال: ‏ليس شيء أكرم على الله تعالى من الدعاء» روى الترمذي في سننه ‏عن ‏ ‏نافع ‏ ‏عن ‏ ‏ابن عمر ‏ ‏قال ‏قال رسول الله ﷺ‏ «من فتح له منكم باب الدعاء فتحت له أبواب الرحمة، وما سئل الله شيئًا ‏يعني ‏أحب إليه من أن يسأل العافية». هذا ولا ينفك المسلم عن الدعاء لله في كل وقت وفي كل حال، في اليل وفي النهار. والإكثار منه في الأيام العشر إكثار من الرضى، ومن أفضل الدعاء هو الدعاء بالعافية في الدنيا، وبالعفو في الآخرة. ودعاء المسلم لنفسه خير، ودعاؤه لغيره من المسلمين أجره كبير، ودعاؤه الذي يعم حال المسلمين جميعًا أجره بمقدار ما يعم.

الصيام: الصيام هو من أفضل الأعمال الصالحة. قال تعالى: ] وَٱلصَّٰٓئِمِينَ وَٱلصَّٰٓئِمَٰتِ وَٱلۡحَٰفِظِينَ فُرُوجَهُمۡ وَٱلۡحَٰفِظَٰتِ وَٱلذَّٰكِرِينَ ٱللَّهَ كَثِيرٗا وَٱلذَّٰكِرَٰتِ أَعَدَّ ٱللَّهُ لَهُم مَّغۡفِرَةٗ وَأَجۡرًا عَظِيمٗا [. وقد خصه الله تعالى، كما في الحديث القدسي الذي رواه البخاري: «قال الله: كل عمل بني آدم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به».وروى البخاري ومسلم عن النبي ﷺ قال: «إن في الجنة بابًا يقال له الريان، يدخل منه الصائمون يوم القيامة، لا يدخل منه أحد غيرهم، يقال: أين الصائمون؟ فيقومون، لا يدخل أحد غيرهم، فإذا دخلوا أغلق، فلم يدخل منه أحد». وعن هنيدة بن خالد عن امرأته عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يصوم تسع ذي الحجة، ويوم عاشوراء، وثلاثة أيّام من كل شهر» رواه أحمد وأبو داود والنسائي وغيرهم. وقال الإمام النووي عن صوم أيّام العشر إنّه مستحب استحبابًا شديدًا. فيسن للمسلم أن يصوم تسع ذي الحجة. ومنهصيام يوم عرفة: روى مسلم عن رسول الله ﷺ أنّه قال عن صوم يوم عرفة: «أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده» (لكن من كان في عرفة حاجًا فإنّه لا يستحب له الصوم، لأنّ النبي صلى الله عليه وسلم وقف بعرفة مفطرًا).

ذكر الله تعالى: قال تعالى: ]ٱلَّذِينَ يَذۡكُرُونَ ٱللَّهَ قِيَٰمٗا وَقُعُودٗا وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمۡ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلۡقِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ رَبَّنَا مَا خَلَقۡتَ هَٰذَا بَٰطِلٗا سُبۡحَٰنَكَ فَقِنَا عَذَابَ ٱلنَّارِ ١٩١[. وقال تعالى: ]ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ
وَتَطۡمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكۡرِ ٱللَّهِۗ أَلَا بِذِكۡرِ ٱللَّهِ تَطۡمَئِنُّ ٱلۡقُلُوبُ ٢٨[. روى البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة، رضي الله عنه، أن النبي ﷺ قال: «أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه حين يذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ هم خير منهم». قال ابن القيم، رحمه الله، «ولو لم يكن في الذكر إلا هذه وحدها، لكفى بها فضلًا وشرفًا». والذكر عمومًا، والتكبير خصوصًا من شعائر هذه الأيام، قال تعالى: ﴿وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ﴾.

الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: بيَّن الله سبحانه وتعالى أن من صفات المؤمنين والمؤمنات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فقال في محكم تنزيله: ]وَٱلۡمُؤۡمِنُونَ وَٱلۡمُؤۡمِنَٰتُ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِيَآءُ بَعۡضٖۚ يَأۡمُرُونَ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَيَنۡهَوۡنَ عَنِ ٱلۡمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ وَيُؤۡتُونَ ٱلزَّكَوٰةَ وَيُطِيعُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥٓۚ أُوْلَٰٓئِكَ سَيَرۡحَمُهُمُ ٱللَّهُۗ إِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٞ ٧١[. والله سبحانه قد ذم كفار بني إسرائيل ولعنهم على عصيانهم واعتدائهم وعدم التناهي عن المنكر، فقال جل وعلا: ]لُعِنَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنۢ بَنِيٓ إِسۡرَٰٓءِيلَ عَلَىٰ لِسَانِ دَاوُۥدَ وَعِيسَى ٱبۡنِ مَرۡيَمَۚ ذَٰلِكَ بِمَا عَصَواْ وَّكَانُواْ يَعۡتَدُونَ ٧٨ كَانُواْ لَا يَتَنَاهَوۡنَ عَن مُّنكَرٖ فَعَلُوهُۚ لَبِئۡسَ مَا كَانُواْ يَفۡعَلُونَ ٧٩[ وقال عليه الصلاة والسلام:«إن الناس إذا رأوا المنكر فلم يغيروه أوشك أن يعمهم الله بعقابه» وقال:«لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر، أو ليوشكنَّ الله أن يعمكم بعقاب من عنده»، وقال أيضًا عليه الصلاة والسلام: «يقول الله جل وعلا: يا أيها الناس! مروا بالمعروف وانهوا عن المنكر، قبل أن تدعوني فلا أستجيب لكم، وقبل أن تسألوني فلا أعطيكم، وقبل أن تستنصروني فلا أنصركم»، هذه الأحاديث تشير إلى الخطورة العظيمة لتي جعلها الله تعالى لهذه الفريضة، فالقيام بها فيه عز الدنيا والآخرة، وتركها فيه وعيد عظيم يدل على أن الناس إذا تساهلوا فيه عمهم العقاب، وذكرُ العقاب على عمومه يشمل كل عقاب، ومنه تسلط الأعداء، وعدم نصرة الله للمسلمين، وهذا ما يحدث اليوم، وهذا يدفعنا لأن نقوم بحق الله علينا في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في سائر الأيام، وهو في أيام العشر آكد. ومعلوم أن الامر بالمعروف والنهي عن المنكر يكون باليد وباللسان وبالقلب، على تفصيل شرعي محدد يجب أن لا يغفل المسلمون عنه أبدًا، وأن لا ينشغلوا عنه ببقية العبادات.

التكبير والتهليل والتحميد: يسن التكبير والتحميد والتهليل والتسبيح أيام العشر،. والجهر بذلك في المساجد والمنازل والطرقات وكل موضع يجوز فيه ذكر الله إظهارًا للعبادة، وإعلانًا بتعظيم الله تعالى، ويجهر به الرجال وتخفيه المرأة؛ وذلك لما ورد في حديث ابن عمر السابق: «فأكثروا من التهليل والتكبير والتحميد»،وقال الإمام البخاري رحمه الله: «كان ابن عمر وأبو هريرة رضي الله عنهما يخرجان إلى السوق في أيّام العشر يكبران ويكبر النّاس بتكبيرهما»، وقال أيضًا: «وكان عمر يكبر في قبته بمنى فيسمعه أهل المسجد فيكبرون ويكبر أهل الأسواق حتى ترتجَّ منى تكبيرًا». وكان ابن عمر يكبر بمنى، وخلف الصلوات وعلى فراشه، وفي فسطاطه، ومجلسه، وممشاه تلك الأيّام جميعًا، والمستحب الجهر بالتكبير لفعل عمر وابنه وأبي هريرة رضي الله عنهم أجمعين. وحري بنا نحن المسلمين أن نحيي هذه السنة. هذا وقد وردت عدة صيغ للتكبير مروية عن الصحابة والتابعين منها: (الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر كبيرًا) (الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلاّ الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد) (الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلاّ الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.)

وغير ذلك من أبواب الخير العظيمة التي فتحها الله لعباده في كل أيام السنة، فهي في هذه الأيام خيرها آكد.

اللهم لك الحمد على نعمائك التي لا تحصى، وأعنَّا اللهم على حسن العبادة فيها. وافتح لنا فيها باب النصر… إنك نعم المولى ونعم النصير

 

رابط هذا التعليق
شارك

أخبار المسلمين في العالم

القوات الأميركية باقية في سورية «حتى زوال خطر إيران في المنطقة»

خلافًا لوعد قطعه ترامب بانسحاب سريع من سورية، عاد مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون ليؤكد أن القوات الأميركية باقية هناك إلى حين زوال الخطر الإيراني. ونقلت عنه «قناة العربية» قوله: «أعتقد أن الرئيس أوضح أننا موجودون هناك حتى إزالة (تنظيم) داعش، وطالما استمر الخطر الإيراني في أنحاء الشرق الأوسط».

وسارع مستشار رئيس مجلس الشورى الإسلامي للشؤون الدولية حسين أمير عبد اللهيان إلى تحدّي المطالب الدولية بخروج بلاده من سورية، وقال في رسالة موجهة إلى الروس أيضًا: «لا أميركا ولا روسيا ولا أي قوة أخرى في موقع يسمح لها باتخاذ قرار حول خروج المستشارين الإيرانيين من سورية». وأضاف في تصريحات تلفزيونية نقلتها وكالة «تسنيم» الإيرانية، أن «المسؤولين الروس أكدوا أن الأمر لم يُدرَج على جدول محادثات ترامب – بوتين. استمرار بقاء المستشارين الإيرانيين، يعود إلى قرار السيد الرئيس بشار الأسد والحكومة السورية، وكذلك القرار الإيراني»، قبل أن يفتح الباب أمام انسحاب إيراني عن الحدود الجنوبية المتاخمة للجولان المحتل، قائلًا: «إيران ستكون حاضرة في أي نقطة يتم التوافق عليها بين مسؤولي البلدين، حتى لو لم يعد الكيان الصهيوني يطيق هذا الحضور»

الوعي: إن بقاء الإيرانيين في سوريا، هو كبقاء داعش، مسموح به كذريعة لبقاء أميركا ريثما تتوصل إلى تسوية الوضع السوري لمصلحتها.

 

هل احتجاجات الأردن إيذان بتغيير سياسي فيه؟

كشفت الاحتجاجات التي حدثت في شهر يونيو/حزيران من هذا العام، أن نظام الحكم الملكي في الأردن ليس في منأى عن مطالب التغيير الشعبية التي تجتاح المنطقة، وقد تأتي على جذوره؛ لذلك هبت دول الخليج ذات اللون الواحد معه لإنقاذه. فقد ألقي القبض على زعيم عشيرة بني صخر فارس الفايز بعد أن طالب بتغيير سياسي. ومما قاله: “لن نقبل بك يا عبد الله ملكًا ورئيس وزراء ووزير دفاع وقائد شرطة ومحافظًا، بحيث تكون أنت كل شيء. لقد أصبحت نصف إله، بموجب هذا الدستور، ونحن العبيد” كما ذكَّر فارس الفايز الملك بأن عائلته جاءت من الأرض التي أصبحت الآن تسمى المملكة العربية السعودية. لمزيد من الدقة، الأردن هو كل ما تبقى من المملكة التي كانت عائلته تديرها في يوم من الأيام. وقال: “هذا بلدنا وهذه أرضنا، وأنت جئت من الحجاز، أنت وأبوك وجدك، وأبي هو الذي رحب بجدك، فأنت مدين لنا، ونحن لا ندين لك بشيء”.

أما المعارض السياسي ليث شبيلات فقد صرح لصحيفة “الأخبار” اللبنانية بأن الأردن قد أطيح به كخادم عسكري مطيع لإسرائيل لتحل محله السعودية. وقال: “كان الأردن حليفًا لإسرائيل برتبة عميد، ولكن رتبته الآن خفضت إلى ملازم، وتمت ترقية المملكة العربية السعودية إلى رتبة فريق”.

الوعي: هذا ما يفسر هرولة دول الخليج ذوي اللون الواحد في العمالة لإنقاذ الأردن ، وموقف السعودية المنافس له في خدمة (إسرائيل).

 

“واشنطن بوست” تكشف عن تفاصيل صفقة بين روسيا و(إسرائيل) والأسد

لتحقيق علاقة “أكثر سلامًا”

كشفت صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية في 22/07/2018م، عن تفاصيل صفقة بشأن سوريا جرت بين روسيا و(إسرائيل) ونظام الأسد بمباركة أميركية، تتلخص بتحقيق “علاقة أكثر سلامًا بين سوريا وإسرائيل” كما ترى موسكو.

وتقول الصحيفة إن حماية أمن إسرائيل على المدى الطويل وإبعاد إيران عن الحدود الشمالية، من أولويات الصفقة التي سبقت قمة هلسنكي بين الرئيس الأميركي دونالد ترمب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين. وأشارت الصحيفة إلى أن بوتين تحدّث عن الصفقة خلال مؤتمره الصحفي مع ترمب، عقب انتهاء القمة خصوصًا عندما قال إنهما ناقشا ما أسمته “سحق الإرهابيين” في جنوب سوريا، وأن المنطقة يجب أن تتماشى مع اتفاقية فصل القوات بين إسرائيل وسورية الموقّعة في عام 1974″. وقال: “هذا الأمر سيحقق السلام في مرتفعات الجولان، ويجلب علاقة أكثر سلامًا بين سورية وإسرائيل، وسيوفر أيضًا الأمن لإسرائيل”، وتوضح الصحيفة أن رئيس الوزراء (الإسرائيلي) بنيامين نتنياهو توصل إلى اتفاق مع بوتين لضمان أمن إسرائيل ومصالحها، عندما أعلنت واشنطن أنها لن تتدخل في الجنوب السوري إلى جانب المعارضة.

 

هآرتس: ليطمئن الأسد… فلا خطر عليه من إسرائيل

قالت صحيفة “هآرتس” (الإسرائيلية) في 22/07/2018م، في مقال للصحافي زفي بارئيل أن الخطوة المقبلة (بعد أن تغادر المليشيات إلى إدلب، بينما يبقى كل من يقبل بتسليم سلاحه) ستكون نشر القوات السورية على طول الخط الفاصل في هضبة الجولان السورية، وعودة مراقبي الأمم المتحدة. ومن المقرر أن ينتشر اللواءان السوريان 961 و90 إضافة إلى الشرطة العسكرية الروسية حتى خط الفصل. ونقلًا عن صحيفة “الشرق الأوسط” السعودية أن الخط الفاصل سينقسم إلى 3 قطاعات. الأول، قطاع قريب من (إسرائيل) منزوع السلاح تحت سلطة الأمم المتحدة والشرطة العسكرية الروسية. القطاع الثاني يبدأ من مسافة 10 كيلومترات داخل الحدود السورية سيتواجد فيه 350 دبابة و3000 آلاف من قوات النظام مسلحين بأسلحة خفيفة. فيما ستكون قوات النظام قادرة على نشر 650 دبابة و4500 عنصر، إضافةً إلى مدفعية محدودة المدى، في القطاع الثالث.

وقال الكاتب إن الاتفاق بين روسيا وإسرائيل، يتضمن أيضًا السماح لقوات النظام السوري بالقيام بعمليات ضد تنظيم “داعش” المتواجد قرب نهر اليرموك، لكن سيكون على هذه القوات العودة إلى قواعدها عند انتهاء القتال. القوات الروسية ستسيطر على تل الحارة الذي يرتفع حوالى 1200 متر فوق سطح البحر، وهي أعلى نقطة في الجولان. من هذه النقطة ستكون قادرة على مراقبة تنفيذ اتفاق فصل القوات.

وهناك ميليشيا “فرسان الجولان” التي جرى إنشاؤها من قبل (إسرائيل) لتعمل في الجولان على غرار “جيش لبنان الجنوبي” لمحاربة دخول حلفاء إيران إلى هذه المنطقة ستكون قادرة على القيام بعمليات في منطقة الفصل المنزوعة السلاح بشرط عدم الاشتباك مع قوات النظام السوري. ويختم الكاتب مقاله أن هذا الاتفاق ذو أهمية بالنسبة لنظام الأسد، “الذي يستطيع اليوم أن يرتاح متأكدًا بأنه لا خطر عليه من إسرائيل”

الوعي: هذه هي حقيقة موقف آل أسد من (إسرائيل) من الوالد حافظ رئيس دولة الصمود والتصدي إلى الولد بشار رئيس دولة المقاومة والممانعة: أمن متبادل منذ حوالى خمسين سنة: (إسرائيل) تستطيع أن ترتاح متأكدة بأنه لا خطر عليها من نظام أسد، ونظام أسد، “يستطيع أن يرتاح متأكدًا بأنه لا خطر عليه من إسرائيل”.

 

 

ترامب يسعى لتشكيل “ناتو عربي” للمسلمين (السنة) ضد إيران

ذكر مسؤولون أميركيون وعرب أن إدارة الرئيس دونالد ترامب تسعى خفية لتشكيل تحالف أمني وسياسي جديد مع دول الخليج العربية ومصر والأردن بهدف التصدي للتوسع الإيراني في المنطقة. ونقلت رويترز عن أربعة مصادر لم تسمِّها أن البيت الأبيض يريد تعزيز التعاون مع تلك البلدان بخصوص الدفاع الصاروخي، والتدريب العسكري، ومكافحة الإرهاب، وقضايا أخرى مثل دعم العلاقات الاقتصادية والدبلوماسية الإقليمية. والخطة ترمي إلى تشكيل ما وصفه مسؤولون في البيت الأبيض والشرق الأوسط بنسخة عربية من حلف شمال الأطلسي أو “ناتو عربي” للحلفاء المسلمين (السنة). وقال متحدث باسم مجلس الأمن القومي التابع للبيت الأبيض: “تحالف الشرق الأوسط الاستراتيجي سيشكل حصنًا في مواجهة العدوان والإرهاب والتطرف الإيراني، وسوف يرسي السلام بالشرق الأوسط”. وكشف مصدر أميركي أن مسؤولين سعوديين طرحوا فكرة إقامة حلف أمني قبيل الزيارة التي قام بها ترامب العام الماضي إلى المملكة العربية السعودية؛ حيث أعلن وقتها عن اتفاق ضخم لبيع الأسلحة الأميركية للسعودية. وعن توقيت انعقاده، لفتت عدة مصادر أن إدارة ترامب تأمل في أن تتم مناقشة ذلك التحالف الذي أُطلق عليه مؤقتًا اسم “تحالف الشرق الأوسط الاستراتيجي” خلال قمة تقرر مبدئيًا أن تعقد في واشنطن في 12 و13 تشرين الأول القادم.

الوعي: ومرة أخرى تخدم إيران السياسة الأميركية في المنطقة حيث تلعب دور الفزاعة التي تدفع دول المنطقة للارتماء أكثر وأكثر في حضن أميركا، وتمكنها من استعمار المنطقة بوجه جديد. وتفضح دور إيران والسعودية، ومعها دول الخليج، في دخولهما باللعبة الطائفية المنتنة التي زرعتها أميركا بين المسلمين في المنطقة.

 

 

الأسد مع الروس يرتكبون مذبحة في السويداء بسلاح «داعش»

 

في 25/07/2018م، شن تنظيم  (داعش) هجومًا على عدة قرى من محافظة السويداء الدرزية أوقعت ما يزيد 250 قتيلًا، وقد تبنى (داعش) هذه المجزرة في اليوم نفسه. وقد توجه الاتهام مباشرة من أهل السويداء إلى النظام بأنه يتحمل مسؤوليتها: فهو مسؤول عن نقل المئات من مقاتلي (داعش) مع عتادهم الكامل من مخيم اليرموك إلى بادية السويداء في مايو (أيار) الماضي؛ حيث وضعهم على بعد 10 كيلومترات من البلدات المأهولة من قرى السويداء الشرقية، وهو من سحب السلاح من أبناء قرى في ريف السويداء الشرقي تحت ذريعة عدم وجود سبب للاحتفاظ بالأسلحة عقب السيطرة على درعا، فضلًا عن أن قوات النظام لم تقم باستقدام بأي تعزيزات عسكرية مؤثرة في القرى التي تعرضت للهجمات… واتهمته بأنه يريد دخول المحافظة بعد المجزرة بتقديم نفسه على أنه المنقذ لها، والظهور بدور حامي الأقليات بعد إحداثه صدمة في المجتمع الدرزي وتخويفه من الأخطار المحدقة به، وبالتالي دفعه إلى حضن النظام. والمشكلة الأساسية التي تواجه النظام في السويداء هي رفض مشايخها انضمام شبابها للخدمة الإلزامية، وعدم قبولهم الانخراط في أحداث سوريا، معتبرين أن النظام “يريد إقحامهم في حرب لا ناقة لهم فيها ولا جمل”. ويذكر أن الشباب الممتنعين في السويداء عن أداء الخدمة العسكرية في قوات النظام يبلغ عددهم أكثر من 25 ألف مُتخلِّف. وبالنسبة لروسيا التي تعتبر نفسها معنية بالسيطرة على المنطقة بعد الانسحاب الإيراني الذي يتمّ ترتيبه، فيذكر أنها أرسلت وفدًا عسكريًا روسيًا إلى المحافظة، وحاول إقناع مشايخها بأهمية انضمام شبابها للخدمة الإلزامية في ميليشيا “الفيلق الخامس”. وهي تعتبر فصيل “قوات شيخ الكرامة”، وهو من أقوى الفصائل في السويداء، “تنظيمًا إرهابيًّا” لرفضه التجنيد الإلزامي. وفي المقابل أصدر الفصيل بيانًا اعتبر فيه روسيا بأنها “قوة احتلال”؛ لذلك ينظر أهل السويداء على أن روسيا هي شريكة في المجزرة.

A¾ثھذ: على مثل هذه الجرائم يؤسس المجتمع الدولي لسوريا الجديدة، ولبقاء المجرم بشار في الحكم. وروسيا باتت مصنفة من “الدول الإرهابية” التي تحارب الإسلام تحت ذريعة “محاربة الإرهاب”. قال تعالى:﴿ فَهَلۡ يَنتَظِرُونَ إِلَّا مِثۡلَ أَيَّامِ ٱلَّذِينَ خَلَوۡاْ مِن قَبۡلِهِمۡۚ قُلۡ فَٱنتَظِرُوٓاْ إِنِّي مَعَكُم مِّنَ ٱلۡمُنتَظِرِينَ ١٠٢ ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنَا وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْۚ كَذَٰلِكَ حَقًّا عَلَيۡنَا نُنجِ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ ١٠٣﴾.

 

رابط هذا التعليق
شارك

رياض الجنة:شرف المؤمن قيامه بالليل

 

 

رياض الجنة:شرف المؤمن قيامه بالليل

قيام الليل والدعاء فيه جعله الله من أعظم القربات، وهو، في مثل هذه السنين العجاف التي تمر بها الأمة، أحوج ما تقوم به ضارعة إليه تعالى أن يكشف ما بها من عنت، آملة منه سبحانه الإجابة بأن يعجل لها إقامة حكم الخلافة التي يرضى عنها ساكن الأرض وساكن السماء، عاجلًا غير آجل بإذنه تعالى…، محبة بدينه وإعلاء كلمته، ونشر هدايته، وكرهًا بالكفر والكافرين وكل أعداء الدين. ومن الآيات والأحاديث التي تبين فضل القيام والدعاء:

– قال الله تعالى: ﴿وَمِنَ ٱلَّيۡلِ فَتَهَجَّدۡ بِهِۦ نَافِلَةٗ لَّكَ عَسَىٰٓ أَن يَبۡعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامٗا مَّحۡمُودٗا ٧٩﴾ [الإسراء:79].

– وفي حديث معاذ عن النبي ﷺ أنه قال: «ألا أدلك على أبواب الخير؟ الصوم جنة، والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار، وصلاة الرجل في جوف الليل، ثم تلا: تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمۡ عَنِ ٱلۡمَضَاجِعِ يَدۡعُونَ رَبَّهُمۡ خَوۡفٗا وَطَمَعٗا وَمِمَّا رَزَقۡنَٰهُمۡ يُنفِقُونَ ١٦ فَلَا تَعۡلَمُ نَفۡسٞ مَّآ أُخۡفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعۡيُنٖ جَزَآءَۢ بِمَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ ١٧ [السجدة:16-17] «رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح.

– عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي ﷺ يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه، فقلت له: لم تصنع هذا، يا رسول الله، وقد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال: «أفلا أكون عبدا شكورًا». متفق عليه.

– عن سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب – رضي الله عنهم – عن أبيه أن رسول الله ﷺ قال: «نعم الرجل عبد الله، لو كان يصلي من الليل». قال سالم: فكان عبد الله بعد ذلك لا ينام من الليل إلا قليلًا. متفق عليه.

– عن أبي هريرة – رضي الله عنه – أن رسول الله ﷺ قال: «يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم، إذا هو نام، ثلاث عقد، يضرب على كل عقدة: عليك ليل طويل فارقد. فإن استيقظ، فذكر الله تعالى انحلت عقدة، فإن توضأ انحلت عقدة، فإن صلى انحلت عقده، فأصبح نشيطًا طيب النفس، وإلا أصبح خبيث النفس كسلان» متفق عليه.

– عن عبد الله بن سلام – رضي الله عنه ﷺ قال: «أيها الناس، أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصلوا بالليل والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام» رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح.

– عن جابر – رضي الله عنه – قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: «إن في الليل لساعة، لا يوافقها رجل مسلم يسأل الله تعالى خيرًا من أمر الدنيا والآخرة، إلا أعطاه إياه، وذلك كل ليلة» رواه مسلم.

– عن أبي هريرة وعن أبي سعيد – رضي الله عنهما – قالا: قال رسول الله ﷺ: «إذا أيقظ الرجل أهله من الليل فصليا – أو صلى ركعتين جميعًا، كتبا في الذاكرين والذاكرات» رواه أبو داود بإسناد صحيح.

– وقوله ﷺ: «عَلَيْكُمْ بِقِيَامِ اللَّيْلِ، فَإِنَّهُ دَأْبُ الصَّالِحِينَ قَبْلَكُمْ، وَهُوَ قُرْبَةٌ إِلَى رَبِّكُمْ، وَمَكْفَرَةٌ لِلسَّيِّئَاتِ، وَمَنْهَاةٌ لِلإِثْمِ» رواه الترمذي، وحسنه الألباني في إرواء الغليل.

– وروى الحاكم في المستدرك أن النبي ﷺ قال: «أتاني جبريل فقال: يا محمد، عش ما شئت فإنك ميت، وأحبب من شئت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك مجزي به، واعلم أن شرف المؤمن قيامه بالليل، وعزه استغناؤه عن الناس» حسنه الألباني في صحيح الجامع.

– وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ – رضي الله عنه – أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ فَيَقُولُ: مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ؟ مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ؟ مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ؟» متفق عليه.

– عن عَبْد اللَّهِ بْن عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضى الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ لَهُ: «أَحَبُّ الصَّلاَةِ إِلَى اللَّهِ صَلاَةُ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ، وَأَحَبُّ الصِّيَامِ إِلَى اللَّهِ صِيَامُ دَاوُدَ، وَكَانَ يَنَامُ نِصْفَ اللَّيْلِ وَيَقُومُ ثُلُثَهُ وَيَنَامُ سُدُسَهُ، وَيَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا»

صدق الله العظيم وصدق رسوله الكريم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم

رابط هذا التعليق
شارك

الصحابي المؤمن الشهيد المجاهد الصامت

أبو عبد الرحمن زيد بن الخطاب رضي الله عنه

 

إنه الشقيق الأكبر للفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه، أسلم قبل أخيه عمر، وكان من السابقين الأوائل، وقد آتاه الله عز وجل بسطة في العلم والجسم؛ فكان رضي الله عنه مؤمنًا عن بصيرة، وكان طويل القامة أسمر اللون

هاجر زید بن الخطاب مع أخيه عمر من مكة إلى المدينة، وآخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين معن بن عدي الأنصاري، وظلا معًا حتى استشهدا في اليمامة، وكان إيمانه بالله وبرسوله إيمانًا قويًّا، فلم يتخلف عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في غزوة أو مشهد، فشهد غزوة بدر وأحد والخندق، كما شهد بيعة الرضوان بالحديبية، وفي كل مرة يقابل فيها أعداء الإسلام كان يبحث عن الشهادة. ففي غزوة أحد كان يقاتل ببسالة وشجاعة، ويتصدى للمشركين بصدره، دون درع تحميه، ولما رآه أخوه عمر بن الخطاب بهذا الوضع، خلع درعه وأعطاه إياها قائلًا له: «أقسمت عليك إلا لبست درعي» فأخذها زید ولبسها، ولكنه بعد لحظة نزعها وأعادها إلى عمر قائلًا له: إني أريد لنفسي ما تريد لنفسك، أي إني أريد الشهادة مثلما تريدها أنت.

بلاء زيد في موقعة اليمامة واستشهاده

لقد تأثر زيد رضي الله عنه تأثرًا كبيرًا عندما ارتدت بعض قبائل العرب عن الإسلام بعد وفاة النبي ﷺ؛ لذلك، ودون أي تردد، توجه مع جيش المسلمين بقيادة خالد بن الوليد رضي الله عنه لحرب المرتدين، وعلى رأسهم مسيلمة الكذاب.

وكان إلى جانب مسيلمة الكذَّاب الرَّجَّال بن عنفوة، وكان لهذا الرجل قصة في إسلامه وارتداده عن الإسلام.

فالرّجّال بن عنفوة هذا، كان قد أسلم زمن الرسول ﷺ، ولما تلقّى منه الإسلام عاد إلى قومه، ولم يرجع إلى المدينة إلا إثر وفاة الرسول ﷺ واختيار الصدّيق خليفة على المسملين. ونقل إلى أبي بكر أخبار أهل اليمامة والتفافهم حول مسيلمة، واقترح على الصدّيق أن يكون مبعوثه إليهم يثبّتهم على الإسلام، فأذن له الخليفة، فلما توجّه الرّجّال إلى أهل اليمامة ورأى كثرتهم الهائلة ظنّ أنهم الغالبون، فحدّثته نفسه الغادرة أن يحتجز له من اليوم مكانًا في دولة الكذّاب التي ظنّها مقبلة وآتية، فترك الإسلام، وانضمّ لصفوف مسيلمة الذي سخا عليه بالوعود. وكان خطر الرّجّال على الإسلام أشدّ من خطر مسيلمة ذاته؛ فقد سار بين الناس يقول لهم إنه سمع رسول الله ﷺ يقول إنه أشرك مسيلمة بن حبيب في الأمر، وما دام الرسول ﷺ قد مات، فأحق الناس بحمل راية النبوّة والوحي من بعده هو مسيلمة، ولقد زادت أعين الملتفين حول مسيلمة زيادة طافحة بسبب أكاذيب الرّجّال هذا، بسبب استغلاله الماكر لعلاقاته السابقة بالإسلام وبالرسول ﷺ…

كانت أنباء الرّجّال تبلغ المدينة، فيتحرّق المسلمون تغيُّظًا من هذا المرتدّ الخطر الذي يضلّ الناس ضلالًا بعيدًا، والذي يوسّع بضلاله دائرة الحرب التي سيضطر المسلمون أن يخوضوها. وكان أكثر المسلمين تغيّظًا، وتحرّقًا للقاء الرّجّال صحابيٌّ جليلٌ تتألق ذكراه في كتب السيرة والتاريخ تحت هذا الاسم الحبيب زيد بن الخطّاب..!! ولقد أعدّ زيد نفسه ليختم حياته المؤمنة بمحق هذه الفتنة، لا في شخص مسيلمة، بل في شخص من هو أكبر منه خطرًا، وأشدّ جرمًا، هو الرّجّال بن عنفوة. وجمع خالد بن الوليد جيش المسلمين، ووزعه على مواقعه، ودفع لواء الجيش إلى زيد بن الخطّاب.

قاتل بنو حنيفة أتباعُ مسيلمة الكذَّب قتالًا مستميتًا ضاريًا، ومالت المعركة في بدايتها على المسلمين، وسقط منهم شهداء كثيرون. ورأى زيد مشاعر الفزع تراود بعض أفئدة المسلمين، فعلا ربوة هناك، وصاح في إخوانه: «أيها الناس.. عضُّوا على أضراسكم، واضربوا في عدوّكم، وامضوا قدمًا.. والله لا أتكلم حتى يهزمهم الله، أو ألقاه سبحانه فأكلمه بحجتي». ومن هنا جاءه لقب الصامت.

ونزل من فوق الربوة، عاضًّا على أضراسه، زامًّا شفتيه لا يحرّك لسانه بهمس، وتركّز مصير المعركة لديه في قتل الرّجّال، فراح يخترق الخضمّ المقتتل كالسهم، باحثًا عن الرّجّال حتى أبصره. وهناك راح يأتيه من يمين، ومن شمال، وكلما ابتلع طوفان المعركة غريمه وأخفاه، غاص زيد وراءه حتى يدفعه الموج إلى السطح من جديد، فيقترب منه زيد ويبسط إليه سيفه، ولكن الموج البشري المحتدم يبتلع الرّجّال مرّة أخرى، فيتبعه زيد ويغوص وراءه كي لا يفلت، وأخيرًا يمسك بخناقه، ويطوح بسيفه رأسه المملوء غرورًا، وكذبًا، وخسّة…

بسقوط الأكذوبة، أخذ عالمها كله يتساقط، فدبّ الرعب في نفس مسيلمة، وفي روع المحكم بن الطفيل، وهو الرجل الثاني الذي كان يعتمد عليه مسيلمة الكذَّاب، ثم في جيش مسيلمة الذي طار مقتل الرّجّال فيه كالنار في يوم عاصف.. فقد كان مسيلمة يعدهم بالنصر المحتوم، وبأنه هو والرّجّال بن عنفوة، والمحكم بن طفيل سيقومون غداة النصر بنشر دينهم وبناء دولتهم..!! ها هو ذا الرّجّال قد سقط صريعًا.. إذن فنبوّة مسيلمة كلها كاذبة.. وهكذا أحدثت ضربة زيد بن الخطاب كل هذا الدمار في صفوف مسيلمة.

أما المسلمون، فما كاد الخبر يذيع بينهم حتى تشامخت عزماتهم كالجبال، ونهض جريحهم من جديد حاملًا سيفه، وغير عابئ بجراح.. حتى الذين كانوا على شفا الموت، لا يصلهم بالحياة سوى بقية وهنانة من رمق غارب، مسَّ النبأ أسماعهم كالحلم الجميل، فودّوا لو أنّ بهم قوّة يعودون بها إلى الحياة ليقاتلوا، وليشهدوا النصر في روعة ختامه..ولكن أنّى لهم هذا، وقد تفتحت أبواب الجنّة لاستقبالهم… رفع زيد بن الخطاب ذراعيه إلى السماء مبتهلًا لربّه، شاكرًا لأنعمه، ثم عاد إلى سيفه وإلى صمته، فلقد أقسم بالله من لحظات ألا يتكلم حتى يتم النصر أو ينال الشهادة. ولقد أخذت المعركة تمضي لصالح المسلمين، وراح نصرهم المؤزَّر يقترب بسرعة… ولما رأى زيد رياح النصر مقبلة، لم يعرف لحياته ختامًا أروع من هذا الختام، فتمنّى لو يرزقه الله الشهادة في يوم اليمامة هذا… وهبّت رياح الجنة فملأت نفسه شوقًا، ومآقيه دموعًا، وعزمه إصرارًا.. وراح يضرب ضرب الباحث عن مصيره العظيم… وسقط البطل شهيدًا..بل لنقل: صعد شهيدًا.

   عاد جيش المسلمين إلى المدينة ظافرًا. وبينما كان عمر يستقبل مع الخليفة أبي بكر أولئك العائدين الظافرين، راح يرمق بعينين مشتاقتين أخاه العائد. وكان زيد طويل بائن الطول؛ لذلك كان تعرّف العين عليه أمرًا ميسورًا..ولكن قبل أن يجهد بصره، اقترب إليه من المسلمين العائدين من عزّاه في زيد، فقال عمر: «رحم الله زيدًا، سبقني إلى الحسنيين، أسلم قبلي، واستشهد قبلي». وكان يقول: «ما هبَّت الصَّبا إلا وأنا أجد ريح زيد». رحم الله زيدًا فقد كان في بغضه النفاق والكذب، كأخيه عمر تمامًا..!.

وهكذا استشهد الصحابي الجليل زيد بن الخطاب رضي الله عنه في موقعة اليمامة التي حدثت بين المسلمين وبين المرتدين  من أتباع مسيلمة الكذاب في عهد الخليفة أبي بكر الصديق رضي الله عنه وذلك في شهر ربيع الأول من السنة الثانية عشرة للهجرة

رابط هذا التعليق
شارك

ديفيد هيرست: قطر والكويت أنقذا الأردن في أزمته الأخيرة وليس السعودية!

 

نشر الكاتب البريطاني ديفيد هيرست مقالًا في موقع (ميدل إيست آي)  في 15/06/2018م، تحدث فيه عن تفاعل دول الخليج مع أزمة الأردن، فقال: «إن المملكة العربية السعودية لم تهبَّ لنجدة الأردن بحزمة مساعدات قيمتها 2.5 مليار دولار، رغم أن الملك سلمان كان يرغب جدًا في أن يبدو الأمر كما لو أن المساعدة جاءت من طرفه. الذي حصل هو أن الملك سلمان حاول ادعاء الفضل لنفسه، رغم أن الكويت هي التي تعهدت بدفع المبلغ، وما نجم عن ذلك كان تسابقًا من دول الخليج المتنافسة والمتخاصمة على دعم الأردن».

وقال: «كان الملك عبد الله قد أرسل مبعوثًا له إلى الكويت قبل أن تنفجر المظاهرات في الشوارع الأردنية احتجاجًا على ارتفاع الأسعار وعلى خطة لزيادة ضريبة الدخل، بحسب ما صرح به لموقع (ميدل إيست آي) مصدر مطلع مقرب من الديوان الملكي الأردني. وكان يتواجد في الأردن أثناء الاحتجاجات وزير دولة كويتي، ونتيجة لذلك تعهدت الكويت بإيداع 500 مليون دولار لدى البنك المركزي الأردني ووعدت بإعطاء الأردن 500 مليون دولار أخرى على شكل قروض بفوائد منخفضة». وأضاف: «وجاءت الطرقة الأخرى على باب الأردن من قطر، حيث اتصل أميرها الشيخ تميم بن حمد آل ثاني بالملك عبد الله وعرض عليه دعمًا ماليًا قطريًا كبيرًا. لم يجر الإعلان عن تلك المكالمة الهاتفية بناء على طلب الأردن، الذي كان ما يزال يأمل في أن تبادر المملكة العربية السعودية بشيء من طرفها… وكانت وزارة الخارجية القطرية أعلنت أن قطر قررت مساعدة الاقتصاد الأردني بشكل مباشر من خلال توفير أكثر من 10 آلاف وظيفة ومبلغ قدره 500 مليون دولار».

وقال: «من خلال مكر سعودي، أدخل المليار دولار الذي تعهدت به الكويت ضمن حزمة المساعدات الكلية التي أعلن عنها سلمان كما لو أن ذلك هو ما تم الاتفاق عليه خلال الاجتماع. ولكن في واقع الأمر، السعودية والإمارات قدمت أقل بكثير مما قدمه الكويتيون حيث قسما المبلغ المتبقي وهم 1.5 مليار دولار بينهما». وأضاف: «وتبعًا لذلك ساد الديوان الملكي الأردني شعور بالخيبة من تصرف سلمان؛ لأن الأردن كان قد تلقى فعلًا مليار دولار من الكويت، وكان الأردنيون يتوقعون أن يأتيهم من المملكة العربية السعودية ما هو أكثر من ذلك، وخاصة أن السعوديين توقفوا عن تمويل الأردن لمدة عامين.

الوعي: إن أنظمة الحكم في بلاد المسلمين، انكشف، مع الثورات، مدى هشاشتها، وأصبحت تلملم بعضها تبعًا لعمالتها، وهم يظنون أن الأمة قد كسرت شوكتها، وجميعهم خائف من التغيير الأميركي القادم للمنطقة، ولا أحد منهم يعمل حسابًا لله ولا للمسلمين، وعلى رأسهم السعودية بل على العكس، والله غالب على أمره لكن أكثر الناس لا يعلمون

رابط هذا التعليق
شارك

«ترامب المارق، أزمة صُنعت في الولايات المتحدة، وفي أميركا يجب أن تُصحح»

انعقدت قمة هلسنكي في بين ترامب وبوتين، في 16/07/2018م. وكانت، بالنسبة إلى أميركا ودول أوروبا، على مستوى ترامب في الأداء السيئ. وكانت، في إحدى جولاتها، قمة انفرادية حيث لم يحضر سوى الرئيسين والمترجمين، ولم يعرف أحد ما الذي قاله الرئيسان في جلستهما المغلقة التي أبعد عنها أقرب المستشارين بمن فيهم جون كيلي رئيس موظفي البيت الأبيض، وكأن ورطة تدخل روسيا بالانتخابات الأميركية لمصلحة ترامب كانت تحتاج إلى مثل هذا الاجتماع الانفرادي لينسقا بينهما بما يخرجهما من هذه الورطة.

وقد تناولت وسائل الإعلام الأميركية التي يحاربها وتحاربه، كذلك والأوروبية، هذه القمة وأداء ترامب فيها بعناوين جمعت بين السخرية منه والقلق. فمن حيث السخرية ذكرت تحت عنوان: «ترامب وبوتين وخيانة أميركا» أن أداء الرئيس الأميركي دونالد ترامب في هلسنكي كان «مخجلًا«، مضيفة أن المؤتمر الصحفي لترامب مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سيكون من اللحظات التي لن تُنسى في فترة رئاسته. فقد أعلن ترامب، مخالفًا وكالة الاستخبارات الأميركية، ومؤكدًا ما قاله بوتين، أنه لا يوجد ما يدعو روسيا للتدخل في الانتخابات الأميركية عام 2016م. وأردفت الصحيفة أن هذا النوع من التصريحات عندما يُعلن عنه على أرض أجنبية، فإن ذلك يُعد خيانة للمصلحة الوطنية الأميركية. ورأت الصحيفة أن ترامب قلَّل من شأن بلاده. وذكرت أنه بدا وكأنه كان خائفًا من ارتكاب الأخطاء» أو إثبات أنه سرق الانتخابات الرئاسية الأميركية، وأن يظهر للناس بأنه «مخادع» وختم بالقول إن «ترامب المارق، أزمة صُنعت في الولايات المتحدة، وفي أميركا يجب أن تُصحح، فالعالم يراقب».

أما من حيث القلق، فقد أوضحت وسائل الإعلام هذه أن القمة أثارت العديد من الأسئلة المقلقة بشأن مستقبل السياسة الخارجية الأميركية، وأن الدول الغربية قلقة من محاولة ترامب أداء دور في الاتفاقات الدولية “يمنح من خلاله الشرعية» للرئيس بوتين، وسياسته “الخارجية العدوانية» فهو، أي بوتين، على الرغم من اجتياحه جورجيا، وضم شبه جزيرة القرم، وإسقاط الطائرة الماليزية، والتدخل في سياسات الاتحاد الأوروبي والسياسات الأميركية والهجوم بمادة نوفوتشيك السامة، فقد حصل على التقارب الذي كان يبحث عنه وبشروطه، ورأت أن الرئيس الأميركي بهذا التصرف يكافئ الكرملين على سلوكه السيئ. وتعتقد وسائل الإعلام هذه أن مصافحة ترامب جائزة تكتيكية لبوتين توجه موسكو من خلالها رسالة للعالم كله بأنه ليس ممكنًا الدخول في مباحثات أو اتفاقات مهما كان نوعها دون إشراك روسيا.

الوعي: أميركا تقود دول العالم، وهذه يقودها رجل مجنون، والحقيقة إن العالم اليوم لا يراقب تصحيح أزمة وجود ترامب في الحكم، بل يرقب سقوط حضارة، يعتبر ترامب أحد معالمها

رابط هذا التعليق
شارك

 

العدد 383 - آب 2018م

استراتيجيات سياسة #القوة لدى مفكري الغرب في القرنين التاسع عشر والعشرين

كيفية السيطرة على #العالم باستخدام القوة (1) عبد الحميد عبد الحميد

http://www.al-waie.org/archives/article/13490

 

http://www.al-waie.org/archives/article/13487 … ***

موقع مجلة #الوعي http://www.al-waie.org/ 

على #تلغرام http://telegram.me/alwaie1 

 

 
Dk5a2aIX0AEkTUW.jpg
 
 
تم تعديل بواسطه واعي واعي
رابط هذا التعليق
شارك

#مجلة_الوعي العدد 383 - آب 2018م

مشروع #الأمة الإسلامية الحضاري إلى صعود وارتقاء، ومشروع #الغرب إلى انحدار وهبوط

الأستاذ خالد حسن – أبو مصعب http://www.al-waie.org/archives/article/13497  ***

موقع مجلة #الوعي http://www.al-waie.org/  على #تلغرام http://telegram.me/alwaie1 

 

 
DlMO5t2X4AAgtsX.jpg
رابط هذا التعليق
شارك

#مجلة_الوعي العدد 383 - السنة الثالثة والثلاثون، ذو الحجة 1439هـ،، آب 2018م

أدوار أنظمة الحكم الخليجية القذرة قديمًا وحديثًا صالح عبد الرحيم – #الجزائر

http://www.al-waie.org/archives/article/13494 … ***

موقع مجلة #الوعي http://www.al-waie.org/  على #تلغرام http://telegram.me/alwaie1 

 

 
DlMOl-uXoAEyEaq.jpg
رابط هذا التعليق
شارك

#مجلة_الوعي العدد 383 - آب 2018م

لماذا يبطئ الناس عند #النداء لإقامة الخلافة؟!

إبراهيم عثمان أبو خليل (الناطق الرسمي لحزب التحرير في ولاية السودان)

http://www.al-waie.org/archives/article/13500 …

*** موقع مجلة #الوعي http://www.al-waie.org/ 

على #تلغرام http://telegram.me/alwaie1 

 

 
DlWi9yiXcAAtoM3.jpg
رابط هذا التعليق
شارك

Join the conversation

You can post now and register later. If you have an account, sign in now to post with your account.

زوار
اضف رد علي هذا الموضوع....

×   Pasted as rich text.   Paste as plain text instead

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   Your previous content has been restored.   Clear editor

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.

جاري التحميل
×
×
  • اضف...