اذهب الي المحتوي
منتدى العقاب

جدل ساخن حول سيادة الأمة وسيادة الشريعة


Recommended Posts

  • الردود 58
  • Created
  • اخر رد

Top Posters In This Topic

أخواي أبا مالك وجمال،

قرأت مداخلتكما رقم 13 و14. وأحببت أن أرفق لكما مقالا للأستاذ ماهر القرشي بعنوان "(المحكم والمتشابه في "سيادة الأمة")

http://nama-center.com/m/ActivitieDatials.aspx?ID=114

أرى أنه يدندن حول فكرتما، فهل تريان رأيه؟

رابط هذا التعليق
شارك

السلام عليكم اخي اسامة، الموضوع المطروح غاية في الأهمية وجزاك الله خيرا على طرحه وليس فيه مبالغة ولاهميته اذكر نفسي وإياك بأمرين :

كما نعلم جميعا، اننا نعمل في حزب التحرير لاستئناف الحياة الاسلامية والتي من اولى مقتضياتها ان تكون السيادة للشرع في كل امر صغر او كبر وليس هناك سيادة لآخر لا لامة ولا لحاكم، اذا فالقضية المطروحة في الصميم كما نرى.

الامر الاخر ان مجرد طرح هذا الامر في المنتديات للحوار يعني ان آلامة قد ارتفع سقف وعيها واهتماماتها نوعا، فاصبح امر كهذا يأخذ حيزا كبيرا في حوارات أبناء الامة على اختلاف الأرضية التي ينطلق منها أفرادها، ونحن كحزب مبدأي أخذ على عاتقه مهمة مراقبة فكر الامة وحسها اولى ليس فقط بالاهتمام في الموضوع بل في قيادة الدفة لتصحيح المفاهيم وترتيبها.

بالنسبة للمقال الذي طرحت، فاني ما زلت ادرسه ، وساوافيك برايي المتواضع في ذالك.

جزاك الله خيرا وتقبل الله الطاعات.

رابط هذا التعليق
شارك

وهذه سبعة مقاطع مرئية للدكتور بندر الشويقي يحسن فيها عرض موضوع السيادة والاستشكالات عليه.

أرى أنها مفيدة ومبلورة وتزودنا بقاعدة بيانات ثرية

http://www.roaa.ws/1057/1959/1352/2688.aspx

رابط هذا التعليق
شارك

أخي الكريم أسامة الثويني و الإخوة جميعاً، السلام عليكم رحمة الله و بركاته،،،

 

هذا الموضوع مهم للغاية،و قد التهم الكثير من و قتي و مازل،و قد كتبت فيه تسع صفحات،و أنا مازلتُ ألملم الأفكار، و أغوص في الأعماق ما استطعت،إذ الموضوع متسع، وبحاجة إلى الإرتقاء،و البناء على ما سبق،و لعل الأخ أسامة و الإخوة،يدكون تمام الإدراك ضرورة فهم ما يقوله الآخرون تمام الفهم، وتحرير محل النزاع في المسألة،فإن الإكتفاء بالثقافة التي بين أيدينا على قوته، لا يكفي،بل يجب البناء عليه،على كلٍ،سأعرض مالدي، و إن كان ليس مكتملاً ،و سأقف عند ما عرض-أعلاه- من وصلات فيما توفر من وقت على ضيقه، راجياً التفاعل، و لكم جزيل الشكر.

رابط هذا التعليق
شارك

رؤية فكرية في إسقاطات مفاهيم الدولة المدنية على الدولة الإسلامية

 

ثمة من يؤمن من الإسلاميين بالدولة المدنية أو الدولة الحديثة ليس باعتبارها نتاجاً غربياً بل باعتباره نتاجاً بشرياً عالمياً و ليس مختصاً بأمة دون أمة،و لذا تراهم يتبنون مفهوم الدولة المدنية كما هو عند أهله،ولكنهم يبذلون الوسع في إسقاطه على الدولة الاسلامية و تكييف مفهوم الدولة الإسلامية معه،و عند اسقاط مفاهيم الدولة المدنية على الدولة الاسلامية فإنه و لا ريب ستبرز مناطق التناقض بينهما،في مفاهيم عدة، مما يستلزم بالضرورة منهم التأويل و النفي و التفريغ لكل مناطق التناقض و التصادم، لا سيما في مفهوم السيادة، إذ أن السيادة جعلت للشعب في الدولة المدنية ، بينما هي في الدولة الإسلامية للشرع، و مفهوم السيادة ركن أساس،و ليست شرطاً تكميليا ملحقاً في أي منهما،فلا يستقيم البتة رفض فكرة سيادة الشعب مع الاحتفاظ بالقول بالدولة المدنية الحديثة،كما لا يستقيم رفض سيادة الشرع مع الاحتفاظ بالقول بالدولة الإسلامية،فمفهوم السيادة و مفهوم الدولة قرينان لا ينفصلان عن أي منهما.

و نحن لا نعني هنا بالسيادة تلك الخاصية من خصائص سلطة الدولة التي مفادها عدم وجود سلطة أخرى أعلى من سلطة الدولة أو مساوية لها في الداخل،و عدم خضوع سلطة الدولة لسلطة دولة أخرى في الخارج،بل إنما نعني بالسيادة هنا الإرادة العليا الحرة الآمرة للدولة التي لا تعلوها أو تساويها إرادة،فهي إرادة تحدد نفسها بنفسها،فلا تلتزم بتصرف معين إلا إن أرادت هي ذلك،فهي سلطة مطلقة سامية متفردة مقدسة لا تقبل التنازل و التقاسم، أصلية قائمة بذاتها،لم تُتلق من سلطة أعلى منها،فصاحب السيادة لا يفرض عليه قانون،بل القانون هو التعبير عن إرادته،وحكمه بالحسن و القبح مقدس ملزم.

لقد انقلبت الثورة الفرنسية على الدولة الدينية الثيوقراطية و مفاهيمها التي احتكرت السيادة للدين و الكنيسة و جعلت من رئيس الدولة اختياراً إلهياً و ظلاً مقدساً لله في الأرض، ينوب عنه لا عن الشعب،فهو فوق الشعب بسلطان مطلق لا يساءل فضلاً عن أن ينصب من الشعب،فخلعت الثورة الفرنسية من الكنيسة و من يمتطونها باسم الدين من ملوك و أباطرة السيادةَ منهم و جعلتها للأمة كشخصية معنوية مستقلة عن الأفراد المكونين لها ، وما لبثت نظرية السيادة للأمة طويلاً إلى أن انتقل المذهب الفردي بها من الأمة إلى الشعب،حيث الشعب مجموعة مكونة من الأفراد يتمتعون بالحق السياسي بفرديتهم، فجزئت السيادة بينهم،فكان لكل مواطن حق ذاتي في مباشرة السلطة و السيادة ،ما يمثل انسجاماً تاماً مع فلسفة الديمقراطية، حتى غدت نظرية السيادة للشعب هي القالب القانوني ،في كل دستور ،لفلسفة الديموقراطية.

لقد كانت الشريعةالإسلامية وحدها يقضى بها و يتحاكم إليها في بلاد المسلمين وقد يتهاون في الإلتزام ببعض أحكامها،ولكن هذه الإنحرافات لم تتجاوز على الجملة دائرة التنفيذ العملي لبعض الأحكام الشرعية،و لم تتعد ذلك إلى دائرة التشريع و السيادة بحال من الأحوال،إلى أن قضي على الخلافة الإسلامية فاستبدل بالشريعة الأحكام الوضعية، وفصلت الشريعة عن الحكم و السياسة و الحياة،و من ثم بدأت بعد الفصل هذا الإنحرافات تتعد دائرة التنفيذ إلى دائرة التشريع و السيادة،تحت عنواوين فتح باب الإجتهاد و تجديد الدين و النهضة و الإصلاح.

و انتقل النقاش في نظرية السيادة إلى بلاد المسلمين،و تشعبت الآراء في المسألة،ففريق جعلها لله أي للشرع، وآخر جعلها للأمة مقيدة بالشرع،و فريق آخر جعلها للإنسان من جهة أن الإنسان يختار بإرادته الحرة اعتناق الإسلام فهو صاحب السلطة أو السيادة في الإختيار،و فريق أخير يأخذ بفكرة السيادة المزدوجة،بمعنى أن السيادة خالصة لله تعالى في مجال النصوص الواضحة القطعية، وتكون للأفراد في منطقة ما لا نص فيه أو فيه نص ظني بحاجة إلى التأويل والاجتهاد.

أقول: إذا أراد المعاصرون أن يصطلحوا على مفهوم جديد للسيادة لا يعرف الإطلاق و ولا الأصالة و لا التفرد، بمعنى أرادوها سيادة مقيدة بأحكام الشرع أو سيادة مضبوطة بضوابط الشريعة،فلا تَملك الحق في إنشاء شرع ،بل بيانَ الحكم بما تقتضيه الشريعة ،فإن ذلك لا خطر فيه و لا ضرر ،إلا من جهة التشويش المحتمل الوقوع،و إن كان لفظ السيادة لا يحتمل التقييد و لا تحتمل السيادة أن تكون مسقوفةً بسيادة أعلى منها، لذا كان في استخدام مصطلح السيادة المزدوجة أو السيادة المحدودة للشعب بضوابط الشرع استخداماً خاطئاً.

و حتى نخرج من هذا التشعيب و التداخل، نريد أن نسأل بكل بساطة السؤال التالي؟ السيادة في النهاية هنا لمن؟ لله أم للشعب؟ الإرادة العليا الحاكمة و التي لها الكلمة السامية الأولى و الأخيرة هي لله أم للشعب؟و نلفت هنا إلى أن السيادة مفهوم لا يقبل التقاسم،و لا التقيد،فبعيداً عن الإشكالات اللفظية،يجب أن يكون الجواب واضحا ً، ، فهل الشرع يحكم إرادة الشعب أم أن الشرع محكوم بإرادة الشعب؟ فلتكن الإجابة بينة بلا لف ولا دوران.

ولنا وقفة هنا،مع فكرة السيادة المزدوجة،حيث السيادة الخالصة لله تعالى مسلطة على منطقة النص الواضح القطعي،و سيادة الأفراد مسلطة على منطقة ما لا نص فيه أو فيه نص ظني مبهم يحتمل الاجتهاد و التفسير و التأويل، إنه لمن الواضح أن أصحاب الفكرة هذه نزلوا عند إرادة الشرع في توزيع مناطق السيادة،فالشرع هو صاحب الحق الوحيد في أن يوسع أو يضيق منطقة سيادة الأفراد،إن كان الحال كذلك،ففكرة المزاوجة بين السيادتين هي في حقيقتها مندرجة تحت فكرة سيادة الشرع،و لا اشكال معها إلا من جهة الاصطلاح،حيث لا يحتمل مصطلح السيادة أن تعلوه سيادة، فوصف السيادة للأفراد هنا لغو لا معنى له،حتى و إن كانت مساحة الابداع المتروكة للأفراد واسعة،فهي على كل الأحوال مقيدة و محدودة و مسقوفة،مما يتنافى مع وصفها بالسيادية.

 

إن عبارة" منطقة ما لا نص فيه" و عبارة "أو فيه نص ظني مبهم يحتمل الاجتهاد و التفسير و التأول"عبارتان بحاجة إلى التفكيك و الوقوف أيضا ً،فمنطقة "ما لا نص فيه" منطقة قد وسعها من يسمون أنفسهم بالمجددين،و هم في حقيقتهم محرفون، وللشريعة مبددون، حيث فرغوا الشريعة من كثير من الأحكام لتتوافق،و لا تتصادم مع فكرة سيادة الشعب في الدولة المدنية الحديثة، لا سيما في التشريع،فتحدثوا أن ما قام به النبي ،صلى الله عليه وسلم ،من أفعال و أقوال و سكوت بوصفه إماما ً أي قائداً سياسيا ً أو ما قام به بوصفه قاضيا ً فإنها سنة غير تشريعية، أما ما قام به النبي عليه السلام من قول أو فعل أو سكوت في العبادات و العقائد و الأخلاق فإنها سنة تشريعية، أي كل ما يتعلق بما يسمونه بالمتغيرات الدنيوية ليس تشريعي بل قام به النبي بوصفه الإنساني لا الرسالي،أي ليس و حيا ً،و لا قداسة له، ولا تأسي فيه،و كل ما يتعلق بالثوابت الدينية ،كما يسمونها،فإنها سنة قام بها النبي باعتباره مبلغاً عن ربه،أي هي وحي و محل تأس و تقديس.

هذا الكلام بكل بساطة،فرغ الإسلام من فقه المعاملات والعقوبات إلا من قليل،أي فرغ الإسلام من التشريع الناظم لعلاقة الإنسان بالإنسان في المجتمع،و شرعن لفكرة فصل الدين عن الحياة،و هناك كلام قريب من سوء هذا الكلام،صدر أخيرا ً،يصرح بأن كل آيات الحاكمية هي فقط في ما يسمى بالسلطة القضائية،ف"إن الحكم إلا لله" و أخواتها،آيات موضوعها القضاء و حسب،و هذا كلام تفريغي،يناسب القول بسيادة الشعب،أو قل توسيعي لمنطقة "ما لا نص فيه"،فالسلطة التشريعية، غير محكومة بآيات الحاكمية عندهم!

و هو قول مردود هو و الذي قبله،فالزعم بأن ما قام به النبي عليه السلام بوصفه سياسياً أو قاضياً ليس تشريعا ً و لا وحياً،و عزو ذلك اإلى الإمام القرافي صاحب "الإحكام في تمييز الفتاوى عن الأحكام وتصرفات القاضي و الإمام"،زعم متجرئ،انحرف فيه صاحبه متعدياً على دائرة التشريع.و هو زعم لا تحتمله نصوص القرافي،حيث كان يميز بين ما يتأسى به بالنبي مباشرة كالعبادات و ما يتأسى به من جهة الواسطة و الإذن كالقضاء و تسيير الجيوش و عقد المعاهدات،فإن المسلم العادي لا يستطيع أن يتأسى بالنبي فيها إلا أن يصير قاضيا ً أو رئيس دولة أو ما شاكل،هذا هو السياق،و ليس السياق هنا عند القرافي،في أن النبي فعله كسياسي و كقاضٍ كان بوصفه البشري لا الرسالي.

إن الفرق بين الفُتيا و القضاء، بحسب الإمام القرافي، هو كالفرق بين الخبر و الإنشاء،في علوم اللغة،حيث الخبر ليس فيه إلزام، بل إنما هو إعلام،و هو محل تصديق أو تكذيب،بينما الإنشاء كالنداء و الاستفهام والطلب ليس محل تصديق أو تكذيب،بل هو محل إلزام،فيكون المفتي مخبر على وجه الاعلام بينما القاضي منشئ على وجه الإلزام. وكلا الفتيا و القضاء تصرف بالحكم الشرعي،حيث الفتيا تصرف بالحكم الشرعي على و جه التعريف و الاعلام و القضاء تصرف بالحكم الشرعي على وجه التنفيذ والالزام، فعمل المفتي هو التبليغ و النقل للحكم الشرعي،و هو بالطبع يستلزم الاجتهاد لترجيح الأدلة في الظنيات، و عمل القاضي يستلزم النظر في الدعاوى و البينات والخبرة بلَحَن الخصوم، كل ذلك لترجيح الحِجاج ، و يصاحب القاضي شرطة و سلطة ينفذ بها ما أنشأه بحسب الحكم الشرعي و بحسب ما استقر عنده من حِجاج، و النبي عليه السلام قد مارس الفُتيا و مارس القضاء،و هو الأسوة و القدوة لمن جاء بعده من مفتين و قضاة، فيجب تحري صنف تصرف النبي عليه السلام ليكون التأسي به قائماً على وجهه قاضياً أو مفتياً.

و إن تصرف الإمام ،أي رئيس الدولة، هو أوسع من تصرف المفتي و القاضي،فهو تصرف زائد على النبوة و الرسالة و القضاء و الفتيا،إذ هو من يرعى الشؤون،فينظم الجيوش،و يقيم المعاهدات،و يصدر القوانين الاجرائية في المباحات،و يتبنى في الحكم الشرعي في الظنيات، فالإمام هو صاحب السلطنة العظمى على الخلائق.و فعل النبي عليه السلام كما جرى في الفُتيا و القضاء جرى في الإمامة العامة، أي رئاسة الدولة،وهو تصرف من النبي عليه السلام بالحكم الشرعي على وجه التنفيذ و الالزام،فيجب التنبه حين التأسي لمعرفة الوجه الذي قام به النبي عليه.

هذه هي خلاصة ما قال به القرافي رحمه الله،و بالتأكيد لم يخطر بباله،أن أناساً من بعده،سيأتون يحرفون كلامه و يؤلونه تأويلاً علمانياً ، يفصل الدين عن الحياة ويجعله في العقائد والأخلاق و العبادات.

رابط هذا التعليق
شارك

لا أرى مانعاً من أن تكمل موضوعك أخي أبا الهمام.

 

قلتَ في مقالك "فمفهوم السيادة و مفهوم الدولة قرينان لا ينفصلان عن أي منهما"

السؤال لماذا؟

هل نحتاج لبيان هذه الفكرة المحورية، قبل بيان تفصيل معنى السيادة واستحقاقها؟

رابط هذا التعليق
شارك

أخي أسامة،و الإخوة جيعاً

 

يقوم نظام الحكم في الإسلام على أربع قواعد،منها السيادة للشرع ،و هي أهمها،و أمّها و بدونها لا يكون الحكم إسلامياً.و استقر الفهم و تبلور عندنا في موضوع "الحاكم" على أن الجهة التي يحق لها اصدار الحكم على الأفعال و الأشياء تقبيحا ً وتحسيناً على وجه الإلزام ديانة و سياسة هي الشرع ، و الدولة هي الطريقة لتنفيذ الشرع،و هذا يعني دستورياً أن السيادة للشرع.

و عليه فالدولة الإسلامية لا تنفك عنها صفة السيادة الشرعية.

 

بينما نظام الحكم في الدولة المدنية يقوم على سيادة الشعب، و الدساتير جميعها في الدول المدنية ضمنت سيادة الشعب فيها، و جعلت من خلال فلسفة الديمو قراطية الجكم للشعب، فهو يمتلك السلطات الثلاث، التنفيذية و القضائية و التشريعية، و السلطة التشريعية هي أم السلطات و أعلاها. و بتمليك الشعب كل السلطات في الدولة المدنية كانت السيادة المطلقة هي للشعب، بعدما كانت كل السلطات جميعاها مغتصبة لصالح الكنيسة و من يمتطونها باسم الله، وعليه فالدولة المدنية لا تنفك عنها صفة السيادة الشعبية.

 

و السيادة هي المهيمن الفكري و المعبر القانوني عن مصدر مجموعة المفاهيم و القاييس و القناعات التي تقوم عليها الدولة،أي دولة. فإن كان المصدر و المهيمن هو الشريعة على تلك المجموعة الفكرية كانت الدولة مسيرة بحسب الشريعة فكانت اسلامية، و إن كان المصدر و المهيمن هو الشعب على تلك المجموعة الفكرية كانت الدولة مسيرة بحسب إرادة الشعب الصرفة فكانت الدولة شعبية أي جماهيرية، أو بكلمات أخرى ،كانت الدولة مدنية.

رابط هذا التعليق
شارك

استمرار....

 

و تسمع منهم عجبا ً إذ يضيفون بأن كثيراً من الأحاديث في العلاقات العامة بين الناس قالها النبي بوصفه سياسيا ًلا رسولاً كحديث :"من أحيا أرضاً ميتة فهي له"،و يعزون ذلك بالطبع لأبي حنيفة حيث،جعل الأمر في الإحياء بإذن الإمام، فجعلوها مسألة تشريعة ً بيد الإمام، و واقعها أنها لا تلغي الحكم الشرعي بل تنظم تطبيقه، حيث الحديث في مسألة الإحياء أنشأ حكماً شرعياً، و رأى الأحناف أن ينفذ الحكم بإذن الإمام،كي لا يحدث التنازع على الأرضين ، وينظم أمر توزيعها على المحيين تماماً كإقطاع الأراضي.

 

إن الله تعالى يقول: " وما آتاكم الرسول فخذوه و ما نهاكم عنه فانتهوا"، وما هنا من ألفاظ العموم،و يقول تعالى :"إن هو إلا و حي يوحى" ،و في هذا تصريح بأن ما يصدر عن النبي صلى الله عليه و سلم من قول أو فعل أو سكوت هو وحي و تشريع إلا ما استثني من الأفعال الجبلية إذ هي على الإباحة له ولأمته من بعده،و مما قام به النبي من باب الوسائل و الأساليب المناسبة لعصره حيث دل فعله على أنها للإباحة فهي مندرجة تحت أحكام عامة ، أما غير هذا فكله و حي وهذا ما عليه علماء المسلمين منذ القدم وعامتهم،إلا من بدعة ابتدعوها هؤلاء المعاصرون،لم نسمع بها في الأولين،و لا يسندها دليل مكين.

 

أما الزعم بأن "إن الحكم إلا لله" و أخواتها هي في القضاء و حسب،فزعم باطل واه، حيث الرد إلى كتاب الله و سنة رسوله هو في كل تنازع، بغض النظر عن أطرافه،فإن تنازعت المرأة و زوجها أو تنازعت الأمة مع حاكمها أو الدولة مع جيرانها رد ذلك كله إلى حكم الله، فليس القضاء كما صور و كأنه لمسألة شجار عائلي تفض فيه الخصومات، بل هو مطلق و عام في شؤون الحياة كلها,ثم نسأل بم يقضي القضاء إن فرغ الاسلام من التشريع،أليس القول بالقضاء يقتضي القول بالتشريع!

 

(إن الحكم إلا لله) لا تعني أن حكم الله تعالى مقصور في مجال القضاء الذي هو إخبار بالحكم الشرعي على سبيل الالزام،و لا حتى في مجال الفتوى التي هي إخبار بالحكم الشرعي على وجه الإعلام،بل حكم الله تعالى هو في كل شأن من شؤون الدولة ،من قضاء و اقتصاد و نظام اجتماعي وسياسة خارجية و وسياسة داخلية، و سياسة التعليم،فأينما كان هناك تصرف للدولة وجب عليها الإلتفات إلى الشرع لمعرفة الحكم الشرعي المتعلق بذلك التصرف،فإن الحكم إلا لله عامة في كل المجالات و ليس في القضاء فحسب.

تطبيق الحاكم للشرع ماذا يعني؟إن الحاكم إذا التزم أحكام الشرع و حافظ على الالتزام بها في المجتمع في النظام الاقتصادي من أحكام الأراضي و أنواع الملكيات و حرمة الاحتكار و حرمة التسعير و أحكام النقد و الصرف ،و أحكام البيع و شركة الأموال و شركات العقود و غيرذلك مما امتلأت به كتب الفقه، يكون نفذ حكم الله وحكم بالإسلام في النظام الاقتصادي.

وإن إلتزم بأحكام النظام الإجتماعي الناظم لعلاقة الرجل بالمرأة وراقب تنفيذها في المجتمع من أحكام ستر العورات وأحكام الإختلاط، و الزواج و الطلاق و النفقة و غير ذلك يكون نفذ حكم الله وقد طبق الاسلام في النظام الجتماعي هكذا قل في السياسة الداخلية و السياسة الخارجية و سياسة التعليم.

ما كنت بحاجةإلى هذا الإستطراد في الشرح لولا أن هناك من زعم أن (إن الحكم إلا لله) هو فقط في القضاء.

 

إن المجازفة في اسقاط مفاهيم الدولة المدنية على الدولة الإسلامية هو الذي استدعى عملية تفريغ الإسلام و نظام الحكم مما يقابل السلطة التشريعية في الدولة المدنية الحديثة،لأنها منطقة تناقض و تصادم.

رابط هذا التعليق
شارك

أخي أبا الهمام،

فيما يتعلق بكلام الإمام القرافي المالكي، وتعلق البعض او تحريف البعض لكلامه في تصرفات النبي عليه السلام كونه إماماً، فلقد وقفت اليوم على المقال التالي،وفيه تحرير دقيق ومفيد للمسألة للدكتور فهد العجلان.

 

هل كان يدور بخلد الفقيه المالكي شهاب الدين القرافي (ت684 هـ) أن اسمه سيتردد بعد وفاته بقرون في محاولة التلفيق بين النظام السياسي الإسلامي والعَلماني؟

هل كان «القرافي» يريد في حديثه عن تصرفات النبي صلى الله عليه وسلم بالإمامة والقضاء ما ذكره بعض المعاصرين عنه أنه دليل على أن «الأحكام الشرعية السياسية تصرفات غير مُلزِمة؛ وإنما هي مرتبطة بالأئمة يقيمونها بحسب الأصلح»؟

لا بأس، لنلملم أطراف هذا الموضوع، ونعيد ترتيب المشهد من جديد، ولنشرح القصة بالكامل؛ لنعرف أين يقع «القرافي» وأين يقع بعض المعاصرين الذين يستشهدون بــ «القرافي» كثيراً.

لدينا إذن ثلاثة أمور:

ماذا قال «القرافي»؟

وماذا فهم بعض المعاصرين منه؟

وما مدى صحة هذا الفهم؟

أما كلام «القرافي» فهو يقرر أن ما صدر عن النبي صلى الله عليه وسلم باعتباره إماماً للمسلمين؛ فهو خاص بالأئمة ولا يقوم به عموم الناس، وما صدر عنه صلى الله عليه وسلم باعتباره قاضياً فهو للقضاة ولا يقوم به عموم الناس، وما صدر عنه باعتباره تبليغاً وفتوى فهو لعموم الناس، فمثلاً توزيع الغنائم وتجهيز الجيوش فعله النبي صلى الله عليه وسلم باعتباره إماماً فلا يسوغ لأحد أن يوزع الغنائم أو يجهِّز الجيوش إلا إن كان إماماً. وليس هذا مثل الفتوى الصادرة عن النبي صلى الله عليه وسلم التي تكون لعموم المسلمين، وما فعله النبي صلى الله عليه وسلم باعتباره قاضياً فهو حكم قضائي لا يشمل عموم الناس، مثلاً قول النبي صلى الله عليه وسلم لهند بنت عتبة: «خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف»[1]، هو حكم قضائي فلا يجوز للمرأة أن تأخذ من مال زوجها إلا بعد حكم القاضي؛ لأن تصرُّف الرسول صلى الله عليه وسلم كان باعتباره قاضياً على رأي بعض أهل العلم، وقال آخرون: يجوز للمرأة أن تأخذ بلا إذن قضائي؛ لأن تصرف النبي صلى الله عليه وسلم هنا كان إفتاء لها وليس قضاء على زوجها.

فأحكام الإمامة والقضاء والفتيا كلها قضايا تشريع، لكن منها ما هو تشريع لعموم الناس يقومون به من دون إذن إمام ولا حُكْم قاضٍ، ومنه ما هو تشريع خاص بالإمامة لا يصدر إلا عن إمام، وتشريع خاص بالقضاء لا يصدر إلا عن قاض، فما صدر عن الرسول صلى الله عليه وسلم باعتباره قاضياً أو إماماً فأحكامها متعلقة بالأئمة والقضاة؛ سواءً كانت واجبة أو مندوبة أو مباحة، وإلا فالأصل هو كونها أحكاماً تشريعية عامة لجميع الناس.

هذه خلاصة نظرية «القرافي» في التصرفات[2].

وأما في عصرنا الحاضر فقد فُهم القرافي من عددٍ من المعاصرين بشكل مختلف تماماً ، وأصبح رأي «القرافي» يتكرر في بعض الدراسات السياسية بتفسير لا يمت لتنظير القرافي بأي صلة.

ماذا فهم بعض المعاصرين من نظرية «القرافي»؟

يقولون: إن أفعال النبي صلى الله عليه وسلم وأقواله الواردة في باب الحكم الدستوري والسياسي ليست ملزمة، بل هي أمور فعلها النبي صلى الله عليه وسلم باعتباره إماماً، وبما يحقق المصلحة المقصودة في ذلك الزمان؛ ولهذا فالأئمة من بعده يجتهدون في بناء الأحكام السياسية بحسب المصلحة التي بنى عليه النبي صلى الله عليه وسلم تلك الأحكام التي ليست ملزمة لهم كأحكام العبادات والمعاملات والمقدرات التي جاء فيها نصوص ملزمة لعموم الناس.

هذه خلاصة تلك الآراء.

فهل هذا هو كلام «القرافي»؟

بالتأكيد: لا.

إذن، أين الخلل؟

الخلل دخل عليهم من محورين:

الأول: عملية النقل الخطيرة التي مارسوها على كلام القرافي؛ فهو يتحدث عن تصرفات محددة من الرسول صلى الله عليه وسلم فجعلوه يقصد كل الأحكام السياسية؟

فالقرافي يتحدث عن فعل صدر عنه صلى الله عليه وسلم باعتباره إماماً، ولم يقل: كل أحكام السياسة، فهو يتحدث عن أفعال معيَّنة قام بها الرسول صلى الله عليه وسلم باعتباره إماماً: كإقامة الحدود وتجهيز الجيوش وقسمة الغنائم ونحوها، ولم يقل هذا عن كل باب السياسة؟ وكان يتحدث عن تصرفات، وليس عن كل الأقوال والأفعال في الباب، فهذا تحريف سيئ لكلامه.

كما أن النبي صلى الله عليه وسلم له تصرفات باعتباره قاضياً، ولا يقول أحد: إن كل أحكام القضاء اجتهادية مصلحية لا نصوص فيها!

فمثلاً حين يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لن يفلح قوم ولَّوا أمرهم امرأة»[3] هل يقول عاقل: إن هذا تصرف منه - عليه الصلاة والسلام - باعتباره إماماً؟ فمن حق الحكام أن يحددوا باجتهادهم هل يفلح القوم إن ولَّوا أمرهم امرأة أو لا يفلحوا؟

وحين يقول النبي صلى الله عليه وسلم لمن سأله: أفلا نقاتلهم؟ قال: «لا ما صلوا»[4]. هل يقول أحد: إن هذا حكم للائمة أو للناس فهم الذين يحددون اعتبار الصلاة هنا أو عدم اعتبارها؟ وما الحاجة لسؤال الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم إذن إن كانت كل شؤون السياسة مصلحية بحتة؟

لهذا قال القرافي (فما فعله - عليه السلام - بطريق الإمامة: كقسمة الغنائم، وتفريق أموال بيت المال على المصالح، وإقامة الحدود، وترتيب الجيوش، وقتال البغاة، وتوزيع الإقطاعات في الأراضي والمعادن ونحو ذلك، فلا يجوز الإقدام عليه إلا بإذن إمام الوقت الحاضر؛ لأنه - عليه الصلاة والسلام - فعله بطريق الإمامة وما استبيح إلا بإذنه فكان ذلك شرعاً مقرراً)[5]

فالموضوع عن تصرف معيَّن وليس عن كل أحكام الباب، فهذه عملية نقل قفزت على مفازات عدة حتى تصل إلى هذه النتيجة!

فتصرفات الإمامة هي جزء من السياسة، وليست هي كل السياسة؛ فثمَّ أحكام كثيرة شــرعية هي من صميم السياسة ولا علاقة لها بموضوع التصرفات.

الثاني: أن القرافي جعلها أحكاماً خاصة بالأئمة، ولم يخرجها عن التشريع؛ فهي تشريع حسب تأصيله لكن لا يقوم بها إلا الإمام، وأما هذا الفهم العصري فقد ألغى عنها التشريع بالمرَّة فجعلها أحكاماً مصلحية متغيرة، وهذا بعيد جداً عن تقرير القرافي؛ فتصرفات الإمامة المختصة بالأئمة منها ما هو واجب على الإمام كإقامة الحدود، ومنها ما هو مندوب أو مباح حسب كل حكم؛ ولهذا اختلف العلماء في جملة من الأحكام السياسية ، وما خطر ببال أحد منهم أن كل أحكام السياسة خارجة عن التشريع، ولو كان هذا وراداً عندهم لما أتعبوا أذهانهم في الحديث عن كونها واجبة أو مباحة أو مندوبة أو منسوخة... إلخ؛ لأنها في النهاية ستكون خاصة بعصر الرسول صلى الله عليه وسلم ولا تُلزِم أحداً، كما هو هذا الفهم العصري المغلوط!

فهاتان غلطتان حرَّفتا برأي القرافي وقلبتاه رأساً فخرج رأي جديد لم يعرفه القرافي ولا كان يدور في خلد أحد من عصره، فالقرافي يتحدث عن جزئية معيَّنة في السياسة وهم جعلوه يتحدث عن كل السياسة! والقرافي يتحدث عن تشريع وإلزام لكنه خاص بالأئمة والقضاة فأخذوا برأيه بعد أن سحبوا قضية التشريع ووضعوها عند الباب.

فصار رأيهم المحدث يقول: السياسة ليس فيها أحكام وتشريعات ملزمة؛ وإنما تقوم على مبادئ كلية عامة، تعتمد على المصلحة المتغيرة.

هي نتيجة وصلوا إليها عن طريق «القرافي» ووصل إليها آخرون من مسار مصلحة «الطوفي» وغيرهم من جهة مقاصد «الشاطبي».

تقول هذه النتيجة: إن بالإمكان تجاوز كثير من الأحكام الشرعية التفصيلية التي يجري عليها الخلاف المعاصر؛ حيث لم تعد ملزِمة كما كان الإسلاميون يفهمونها سابقاً.

سيخطر في ذهنك سريعاً بعد قراءة هذا التفسير سؤال مشروع يقول:

ما فرق هذا الكلام عن العَلمانية؟

فالخلاف مع العَلمانية حول النظام السياسي المعتمِد على تشريعات وأحكام ثابتة، وحين تكون أبواب السياسة خارجة عن التشريع فالخلاف إذن على أي شيء؟

وهو سؤال محرج يتطلب جواباً واضحاً عن الفرق الذي يميز هذا الطرح الإسلامي عن الطرح العَلماني، وقد ذكروا في التفريق أمرين:

الفرق الأول: أن أصحاب هذا التفسير يؤمنون بالمبادئ الكلية والأصول العامة للشريعة، ويؤمنون بقيام الأحكام على المصلحة كما راعتها الشريعة بخلاف الفكر العَلماني.

وهذا فرق غير كافٍ ولا مقنع؛ لأن الأصول العامة والمبادئ الكلية تتميز بالعمومية المطلَقَة بما يمكن إدراج كافة التفسيرات فيها، ولن يكون لدى الفكر العَلماني حساسية من مبادئ العدل والحرية والشورى والمساواة حين تكون مجرد مبادئ كلية عامة، وأما المصلحة فالفكر العَلماني إنما يدعو من قديم لأن تعتمد المصلحة بعيداً عن الأحكام التشريعية التفصيلية.

الفرق الثاني: أن العلمانية ليست شيئاً واحداً ولا فكراً محدداً، فيمكن بمثل هذه الرؤية التقريب والتوافق مع تفسير معيَّن للعَلمانية لا يحمل عداءً للإسلام وأهله؛ فهؤلاء يمكن تبنِّي موقفاً قريباً من موقفهم لأن رؤيتهم لا تعارض الإسلام وإنما الخلاف مع العَلمانية المعادية للإسلام.

إذن، ليس ثَمَّة مشكلة كبيرة مع الفكر العَلماني المعتدل الذي لا يعادي الدين؛ لأنه في النهاية حصل اتفاق على إبعاد أي أحكام شرعية ملزِمة من الحكم، وصار الاعتماد على المصلحة المتغيرة؛ فأساس الخلاف بين الإسلاميين والعَلمانيين هو في الإلزام بأحكام بناءً على رؤية دينية، وحين لا يعتمد النظام السياسي الإسلامي على أي أحكام شرعية محددة فقد حصل الاتفاق والتقارب بين الفكر العَلماني والإسلامي.

ربما يفرح بعض الناس بهذا التقارب على أنه حل وسـط وخيار جديد للعمـل الإسلامي المعـاصـر، لكن واقع الأمر – بكل أسف - أنه ليس خياراً جديداً، بل هو تحويل للنظرية الإسلامية لتكون متوافقة مع المنظومة العَلمانية التي لم تغير شيئاً من منهجها، بل بقيت في مكانها وجاءت إليها المنظومة الإسلامية بعد أن حققت الحد الأدنى من الشرط العَلماني المقبول.

يتوهم أن الصراع (الإسلامي - العلماني) قديماً كان مع العَلمانيين المتطرفين الذين يعادون الدين ويسعون لاستئصاله، فيشعر بارتياح لأنه استطاع أن يكسب بعض العَلمانيين، وما علم أن الصراع - أساساً - كان مع العَلمانية التي لا تعادي الدين، وأن النزاع - تحديداً - كان في كيفية فرض نموذج ديني على الناس، وأما العَلمانية المعادية للدين فهؤلاء خلاف الإسلاميين معهم لم يكن في النظام السياسي أصلاً، فلا معنى الآن لاستثنائهم لأنهم كانوا من الأصل خارج النزاع!

فقصة العَلمانية التي لا تعارض الإسلام – باختصار - هي ذاتها العلمانية التي حاربها الإسلاميون سابقاً ثم أصبحت مع مرور الأيام لا تعارض الإسلام!

http://www.albayan.co.uk/MGZarticle.aspx?ID=1692

رابط هذا التعليق
شارك

وأعجبتني إشارتك أخي أبا الهمام إلى ضرورة معرفة ما يقوله الآخرون في هذا الموضوع، فالحكم على الشيء وبالتالي التعامل معه واتخاذ الموقف منه- جزء من تصوره.

 

وبرأيي أن النزاع بين الاتجاه الذي يرى أن الحكم يجب أن يكون لله والاتجاه الذي يرى خلاف ذلك- هذا النزاع قد حسم من الناحية الفكرية والشعبية لدى الأمة بشكل عام. وإنما المساحة الجديدة للنزاع اليوم هي من داخل الجسم الإسلامي. وهذا التحرير للمسألة يزودك بذخيرة فكرية ومعلوماتية مختلفة عن تصوير المسألة بأنها خلاف كالخلاف الأول.

 

ها هنا مقال للدكتور العجلان، مرة أخرى، يغوص فيها الرجل لتحرير موضوع الخلاف، ليصل - حسب رأيي- إلى أصل المسألة وحدودها وموضوعها، بكشل يشفي الغليل.

 

أقتطف من مقال الدكتور:

 

الاتجاه الثالث:

وهو يقول إن الإلزام ثابت شرعاً، ويجب منع الخمر والمحرمات ولا يقول إنها لا تمنع، لكنه في نفس الوقت يقول: لا يمكن أن تمنع إلا إذا اختار الناس هذا المنع، فالخمر ممنوعة لكن يجب أن يصدر المنع من خلال الناس ذاتهم.

فالأحكام الشرعية ملزمة ديانة فقط أو ديانة ونظاماً – على خلاف بينهم- لكنها لا تكون ملزمة قانوناً إلا إذا اختار الناس.

وهذا الاتجاه يمارس عملية معقدة جداً.

فالخمر يجب منعها وكل أحكام الإسلام يجب الالتزام بها، لكن لا يجب منعها في النظام لا بعد أن يختار الناس وتتحول لقوانين.

لاحظ:

يحب منعها شرعاً، لكن لا تمنع واقعاً إلا بعد أن يختار الناس.

إذن فثم نظام آخر يعمل مع النظام الإسلامي.

إذا كنتَ تسلم بأن الخمر شرعاً يجب منعها والإلزام بها، فلماذا تشترط شيئاً آخر؟

كيف تقول (لا خيار لك في منع الخمر).

ثم تقول:

لكن يجب أن يكون ذلك بعد اختيار الناس؟

فنحن نريد النظام الإسلامي ونبحث عنه، فإذا كنتَ تقرّ بأنه نظام يلزم بأحكامه، فلماذا تقول: لكن لا تلزم إلا بعد اختيار الناس؟

هنا المشكلة.

فهذه النظرية تمارس تلفيقاً بين المفهوم الشرعي والمفهوم العلماني، لديها أصل شرعي صحيح وهو التسليم بالحكم الشرعي والتسليم بالإلزام به، ولديه تأثر بالأصل العلماني القائم على أنه لا إلزام في النظام الإسلامي، لهذا هو يمارس التلفيق، وهذا ما يفسر لك سر الاضطراب والتناقض.

لاحظ في هذا: أن النظام الإسلامي حسب هذا الاشتراط يعمل في إطار نظام آخر.

فهو يقر بوجود إلزام في النظام الإسلامي ولا ينازعك في الشواهد والنصوص الكثيرة، لكن يعلّق هذه الإلزام بموافقة الناس عليه من خلال طريقة قانونية محددة.

فثم نظام آخر أعلى من النظام الإسلامي وأقوى مصدرية منه وأعلى شرعية منه (قل هو علماني أو ليبرالي أو ديمقراطي، لا يهم، وسأسميه من الآن: النظام العلوي).

فالنظام الإسلامي إذن في تفسير هذا الاتجاه: لا يطبق إلا بعد أن يختار الناس.

فالنظام الإسلامي، والإلزام الشرعي لا تطبق لأحقيتها، بل لأنها حازت على أكثرية الناس.

لا تستحق هذه الأحكام أن تكون ملزمة قانوناً، إلا بعد أن يصدر بها قانون من الأكثرية.

فالنظام الأعلى هذا يقول: من يحوز على الأكثرية يطبق مبدأه، فحين فاز النظام الإسلامي طبق مبدأه.

أفضل أن يرجع الاخوة للمقال في موقعه الأصلي للاستفادة من ترتيب الكاتب واختياراته للألوان.

المقال على الرابط التالي

http://www.albayan.co.uk/article.aspx?id=1534

رابط هذا التعليق
شارك

حاولت أن أضع فقرة من المقال المذكور على شكل مقتطف- كي أفصله عن كلامي- ولكن لم أعرف استخدام خاصية الاقتطاف!

فعذراً..وليت أحد الأخوة المشرفين يساعدني في ذلك.

رابط هذا التعليق
شارك

سأعود إلى النقاش و التعقيب على ما تفضلت به،أشكرك عليه، اسمح لي أن أستأنف النقل مما كتبت حتى تتضح أفكاري جلية،

لا أخفيك يا أخي أسامة أنت و الأخوة أن في ذهني ما زالت أفكار تتصارع و تبحث عن البلورة، وإن شاء الله سأناقشها معكم هنا في هذا المنتدى الطيب.

 

 

 

إن قول أنصار السيادة المزدوجة بأنهم ليسوا مع فكرة إكراه الشعب على أي تشريع بالكلية ينسف سيادة الشرع نسفاً، إذ لازم قولهم أن كلمة الشعب هي الأعلى، و أن الشعب لا يملك أحد إكراهه و لا إجباره،فالحاصل إذا ً أن إرادة الشعب عمليا ًهي فوق إرادة الشرع عندهم،فكلامهم هذا يصنفهم في خانة أنصار سيادة الشعب لا الشرع، ولذا تراهم يتماشون مع قبول فكرة اطلاق الحريات للشعب ممثلاً بأفراده،حيث الحرية هي غياب الإكراه، و حيث حرية الفرد هي تمكينهه من ممارسة إرادته و اختيار قراره دون أي جبر أو ضغط خارجي من أي جهة كانت، فهو سيد نفسه،و لا سلطة تعلوه. لذا كانت نتيجة كلامهم التي لا مفر منها: أن الحرية مؤداها هنا حل ارتباط شرعية قوانين الدولة و تشريعاتها بالإسلام وجعل شرعية التشريعات مصدرها قبول الشعب لها.

ولكي نكون واضحين دقيقين في شأن فكرة الحرية نقول: إن الإسلام قائم على العبودية لله "وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون" الآية، و أما الحرية فعلى الضد من ذلك تماما،حيث هي انطلاق من كل قيد، لذا "لا حرية في الإسلام" بهذا المعنى ،بل الإنسان مقيد بالشرع.

و إنه لمن المؤكد أن مفهوم الحرية مفهوم مستورد،غريب يناقض معنى الاستسلام لتشريعات الاسلام،و هو في تراثنا التاريخي لم يعرف سوى في سياقين،الأول في مقابل الرق "متى استعبدتم الناس و قد ولدتهم أمهاتهم أحرارا ً"،و الثاني سياق ميتافيزيقي كلامي في مسألة الجبر والاختيار،حيث المعتزلة قالت بأن الإنسان يخلق أفعاله،و يتمتع بحرية الإرادة ، لدرجة نالت من قدرة الله المطلقة، فرد الجهمية الجبرية عليهم قولهم إنتصاراً لإرادة الله المطلقة بالنفي حتى وصل بهم الحد إلى إنكار أي فرق حقيقي بين فعل الإنسان و حركة الظواهر الطبيعة، فصار الإنسان في تصورهم كالريشةِ في يد الهواء،يحركها كيف شاء، ثم قام فريق ثالث هم الأشاعرة قالوا بالكسب الإختياري للإنسان.

إن هذين السياقين بعيدان كل البعد عن مفهوم الحرية الوافد إلينا من الخارج،فالمسألة ليس موضوع الرق،كما أنها ليست ميكانيكية فعل الإنسان، يحركها الله أم يحركها الإنسان.

و ليس معنى القول "لا حرية في الإسلام"،أن الإسلام وضع الإنسان في زنزانة، أو قيّده فأقعده فلم يعد يقدر على الإبداع و الحركة.

إن القول بالحرية في حدود الإسلام، (بجعلِ الحرية مقيدة،!!)،قول متناقض من حيث الإسم، وتحوير لمفهوم الحرية (الليبرالية)الوافد ليوافق ثقافتنا،و معلوم أن الأسماء المستقرة هي حكر على من سماها،فلا يلعب بها،على كل،تقييد الحرية بالشرع يجعل النزاع لفظي شكلي و ليس فكري جوهري،فلن نشاححهم اصطلاحهم،و إننا لنؤكد هنا أنه ليس من خلاف أن مساحة المباح و الجائز مساحة شاسعة في الإسلام،وأن استفزاز الإبداع من خلال خطاب التكليف الموقَد بالطاقة الروحية،يفجر طاقات الإنسان،و تاريخنا خير برهان،فهذا أمر يستدل به ولا يستدل عليه ،غني عن البيان.

و أمر آخر تجدر الإشارة إليه كي لا يشغب المشاغبون علينا في شأن الحرية،حيث الحرية و الجبر و الإكراه،يبدوان على طرفين نقيضين،القول بأحدهما يكون بالضرورة نفي للآخر. بمعنى أننا حين نقول برفض فكرة الحرية "الليبرالية" يتوهم علينا البعض فيرانا و كأننا نؤمن بقيادة الإنسان بالحديد و النار،و الجبر والإكراه و الإلزام!، إن الأمر ليس كذلك،فلا يكره أحد على عقيدة الإسلام"لا كراه في الدين"،"و"فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر" الآية،و هذا معلوم للجميع، و عند الحديث عن الالتزام بالأحكام الشرعية،فإن الإسلام يطبقه الأفراد بلا إكراه،بل بدافع تقوى الله تعالى بإرادة ذاتية واعية مؤمنة لا تتوقف عن البحث و الدرس و الفهم،محبة لدينها ،راجية رضى ربها، ثم يأتي دور المجتمع المثقف الغيور على دينه،الذي يشد بعضه بعضاً،و الذي يأخذ على يد فئران العبث و التخريب،التي تزعم أنها حرة وبأنها تخرق في نصيبها!، فلا يتركها تخرق سفينتنا،فنغرق جميعا،بل يأخذ هذا المجتمع بإراته الذاتية الواعية، و غَيْرةً على شريعة ربه، على يد الظالم حاكما ً أو محكوماً ، فيأمر بالمعروف و يتهى عن المنكر، فيصير المجتمع كالكير ينفي خبثه و ينصع طيبه،هكذا يتحرك تنفيذ الشرع في المجتمع، طبيعياً متجانسا ًمنسجما حتى مع حركة غير المسلمين في داخله،إذ بشعورهم بعدالة النظام الذي يطبق عليهم تراهم بدافع ذاتي ينتصرون له و يحافظون عليه و لو بأرواحهم،كما فعل نصارى الشام أيام غزو الفرنجة الصليبيين.ثم بعد هذا كله يأتي دور الدولة ليقوِّم سلطانها من اعوج،و يحافظ على النظام العام،فتكره الدولة الشاذين عن مسيرة المجتمع على الإنضباط ،و تصلحهم بسياسة رعوية راشدة و توقع بالمجرمين العقوبات الزاجرة.

فالقول إذا ً برفض فكرة الحرية الوافدة من الحضارة الغربية،لا يعني سياسة القهر و الجبر،بل هي العصا لمن شذ عن مسيرة المجتمع وعصى.

إن هؤلاء المضبوعين بفكرة الدولة المدنية وسيادة الشعب والمتأثرين بفكرة اطلاق الحرية يكثرون من الإستدلال بآية" لا إكراه في الدين"،منزلين الآية على غير معناها،حيث يؤولوناها تعسفاً بلا إكراه للمسلمين في التشريع فضلاً عن غير المسلمين،فلا تكره المرأة على تغطية رأسها ،و لا تمنع المرأة من العري على الشواطئ، إنها حرة فيما ترتديه من زي يناسبها, ،و لا نكره أحداً على إغلاق خمارة ، ولا نمنع كتاباً يسب ديننا ،أو فضائية تنال من مقدساتنا، و من أراد أن يزني،بواحدة برضاها لا نستطيع أن نمنعه و نكرهه،ما دام ملتزما ً بالقانون، ولا يضر بالجميع،لأن حرية الاعتقاد مكفولة للجميع و"لا إكراه في الدين".

إن آية لا كراه في الدين،لو رجعت إلى كتب التفسير جميعها لو جدتها مجتمعة على أنها في الكفار،و أنهم لا يكرهون على اعتناق الإسلام،و لكن هذه التفاسير يبدوا أنها باتت قديمة و غير صالحة، فتفسر الآيةُ حديثاً بلا إكراه في تطبيق أحكام الشرع، ويقولون إن كان لا إكراه في العقيدة فمن باب أولى لا إكراه في الأحكام،و هم عن المسلمين يتحدثون لا عن إكراه الكافرين!!،و هذا تأويل بِدعيّ على دين الله،و يتناقض شريعة الله.

فإن كل ما هو حرام ،مُجاهر به و يمكن اثباته أمام القضاء،يُجرّمُ في الدولة و يستوجب عقاب دنيوي و قد تمنعه الدولة تنصيصاً بالقوانين رفعاً للجهالة، و حتى لا يكون للناس على الدولة حجة، فلا يَتَترَّس بعدها أحد بجهله بما يعتبره الشرع جريمة،وإن كل معصية في الشرع هي جريمة بالمعنى الجنائي،فهناك تلازم شرعي بين العقوبة والمعصية أو العقوبة والجريمة مادامت المعصية مجاهر بها غير خفية قام بها المكلف شرعاً، فضابط الجريمة في الإسلام مخالفة الشرع، بغض النظر عن الضرر الذي يمكن أن ينتج من جراء تلك المخالفة، مع أن الضرر ملازم لمخالفة نصوص الشرع.وإن الشرع لم يأتِ ببيان الجرائم دون التطرق لكيفية علاجها،بل جاء بنظام عقوبات يغطي المعاصي المجاهر بها جميعها التي يمكن إثباتها أمام القضاء،فجعل الإسلام نظام العقوبات حيث عقوبات القصاص وعقوبات الحدود المعروفة وعقوبات التعزير،و حيث أن التعزير هو : التأديب في كل معصية لا حد فيها ولا كفارة ،فيشمل كل المعاصي المجاهر بها غير المغطاة بالحدود و القصاص،و عليه فإن شرب الخمر و تعري المرأة، أو عدم تغطيتها رأسها ، أو بيع المحرمات، أو نشر الفن و الفكر و الأدب قليل الأدب وما شاكل ذلك في الحياة العامة، يستوجب العقوبة،تغيراً للمنكر،و زجراً للعاصي و المجتمع،و جبراً لعقوبة الآخرة.

و حاصل ذلك كله،أن الدولة الإسلامية راعية و هي مسؤولة عن رعيتها، تنفذ أحكام الشرع في الداخل،و تعاقب و تؤدبُ من يرتكب فيها المعاصي مجاهرة ،لأن كل معصية هي جريمة جنائية،فلا يقال إذاً "لا إكراه في الدين"،تملصاً من تطبيق شرع الله،فتلك حجة داحضة،و كما أسلفنا ،فإن المجتمع مع الدولة متعاون في إكراه الخارجين على القانون ،يحافظون على تطبيق النظم جميعاً،و لا يسمحون بالمعصية بينهم أن تشيع.

رابط هذا التعليق
شارك

أخي الكريم،،،

أشكرك على سؤالك المهم للغاية، فأجيب و بالله التوفيق:

1.الأدلة على كون كل معصية جريمة هي أدلة نظام العقوبات في الإسلام،

أما الحدود و القصاص،فعقوبات منصوص عليها لمعاصٍ منصوص عليها، و أما التعزير فهو العقوبة التي تغطي كل معصية لا حد فيها ولا قصاص ولا ديّة و لا كفارة.

2.إن دققت في النص المكتوب أعلاه، ففيه احترازات، فلم أقل أن كل معصية هي جريمة هكذا بإطلاق،بل هناك تقيدات:

  1. أن تكون المعصية مجاهر بها،يمكن إثباتها أمام القضاء، و ذلك احترازاً من المعاصي الخفية كالحسد و الجبن والبخل و الحقد و أعمال القلوب.
  2. أن يكون مرتكب الجريمة مكلف، و هذا احترازا ً من فعلة الصبي ،إذ لا معصية بدون تكليف، فالصبي يعزر و إن لم يرتكبها معصيةً تأديباً له، كما يؤدب بالضرب إن لم يصل و هو ابن عشر سنين.

3.قولي " وإن كل معصية في الشرع هي جريمة بالمعنى الجنائي " ،سأحذف منه كلمة "الجنائي " دفعاً للتشويش،إذ أكثر الفقهاء يتكلمون عن القتل والجرح والضرب تحت عنوان الجنايات، متأثرين في ذلك بما تعارفوا عليه من إطلاق اسم الجناية على هذه الأفعال، ولما شاع في القانون الوضعي من إن الجناية يُقصد بها الجريمة الجسيمة دون غيرها.

4.إن كل معصية هي منكر، و حديث "من رأى منكم منكرا ً فليغره بيده " حديث عام يشمل الدولة، و هي صاحبة السلطة و القدرة على تغيير المنكرات.

5.إن الإمام راع و هو مسؤول عن رعيته، ومن رعايتهم تأديبهم إن ارتكبوا المعصية،فقد قال الصحابة لعمر رضي الله عنه :" إِنَّمَا أَنْتَ مُعَلِّمٌ وَمُؤَدِّبٌ " السنن الكبرى للبيهقي ،كِتَابُ الإِجَارَةِ ، بَابُ الإِمَامُ يَضْمَنُ.

6. جاء في الموسوعة الفقهية مانصه :"المعاصي التي شرع فيها التعزير :

"المعصية : فعل ما حرم ، وترك ما فرض ، يستوي في ذلك كون العقاب دنيويا أو أخرويا . أجمع الفقهاء على : أن ترك الواجب أو فعل المحرم معصية فيها التعزير ، إذا لم يكن هناك حد مقدر .

ومثال ترك الواجب عندهم : منع الزكاة ، وترك قضاء الدين عند القدرة على ذلك ، وعدم أداء الأمانة ، وعدم رد المغصوب ، وكتم البائع ما يجب عليه بيانه ، كأن يدلس في المبيع عيبا خفيا ونحوه ، والشاهد والمفتي والحاكم يعزرون على ترك الواجب .

ومثال فعل المحرم : سرقة ما لا قطع فيه ، لعدم توافر شروط النصاب أو الحرز مثلا ، وتقبيل الأجنبية ، والخلوة بها ، والغش في الأسواق ، والعمل بالربا ، وشهادة الزور .

وقد يكون الفعل مباحا في ذاته لكنه يؤدي لمفسدة ، وحكمه عند كثير من الفقهاء - وعلى الخصوص المالكية - أنه يصير حراما ، بناء على قاعدة سد الذرائع ، وعلى ذلك فارتكاب مثل هذا الفعل فيه التعزير ، ما دام ليست له عقوبة مقدرة .

وما ذكر هو عن الواجب والمحرم ، أما عن المندوب والمكروه - فعند بعض الأصوليين : المندوب مأمور به ، ومطلوب فعله ، والمكروه منهي عنه ، ومطلوب تركه .

ويميز المندوب عن الواجب أن الذم يسقط عن تارك المندوب ، لكنه يلحق تارك الواجب .

ويميز المكروه عن المحرم : أن الذم يسقط عن مرتكب المكروه ، ولكنه يثبت على مرتكب المحرم ، وبناء على ذلك ليس تارك المندوب أو فاعل المكروه عاصيا ، لأن العصيان اسم ذم ، والذم أسقط عنهما ، ولكنهم يعتبرون من يترك المندوب أو يأتي المكروه مخالفا ، وغير ممتثل . وعند آخرين : المندوب غير داخل تحت الأمر ، والمكروه غير داخل تحت النهي ، فيكون المندوب مرغبا في فعله ، والمكروه مرغبا عنه .

وعندهم لا يعتبر تارك المندوب وفاعل المكروه عاصيا .

وقد اختلف في تعزير تارك المندوب ، وفاعل المكروه ، ففريق من الفقهاء على عدم جوازه ، لعدم التكليف ، ولا تعزير بغير تكليف . وفريق أجازه ، استنادا على فعل عمر رضي الله عنه ، فقد عزر رجلا أضجع شاة لذبحها ، وأخذ يحد شفرته وهي على هذا الوضع ، وهذا الفعل ليس إلا مكروها ، ويأخذ هذا الحكم من يترك المندوب .

وقال القليوبي : قد يشرع التعزير ولا معصية ، كتأديب طفل ، وكافر ، وكمن يكتسب بآلة لهو لا معصية فيها ."

أرجو أن يكون جوابي كافياً،و إلا فند مناطق طعفه فأبحث لك فيها و أجيبك عليها.

رابط هذا التعليق
شارك

شكرا أخي الهمام على همتك وجديتك في التفاعل مع الموضوع.

 

- ما رأيك أخي في إلقاء بعض الضوء على المسائل المثارة هذه الأيام في سياق تدخل الدولة في الحياة العامة، مثل إلزام المرأة (المسلمة وغيرها) باللباس الشرعي في الحياة العامة، ضبط حدود التعبير عن الرأي (ومنه تشكيل الأحزاب) وهنا يستدل البعض بترك الخليفة علي بن أبي طالب رضي الله عنه للخوارج في التعبير عن آرائهم الشاذة.

- هل قرأت أخي الإحالات التي أحلت إليها فيما يتعلق بموضع النزاع مع أصحاب "اتجاه رأي الأمة" وردود البعض عليها (مثل الدكتور الشويقي والدكتور العجلان)؟

 

تحياتي

رابط هذا التعليق
شارك

إنه لمن الغش الفكري والسياسي أن تُقدم الدولة المدنية للناس في صورة طوباوية طاهرة، ودواء ناجع لرزايا التعصب والعنصرية والاستبداد،ولن آخذ لكم مثالاً مبرهناً على ما أدعيه من الدول في منطقتنا،التي حكمت بالحديد والنار، وهي جميعها دول علمانية مدنية ،بل آخذ المثال من دول "العم سام"،التي نصبت هذه الدول في بلادنا ،و أمدتها بشراين الحياة و ثبتتها فوق رقابنا،فخذ الولايات المتحدة الأميركية مثالاً ،هي دولة علمانية مدنية بنص دستورها ، ومع ذلك فعلت بالسود وبالهنود الحمر ما هو معروف في التاريخ الحديث، وفعلت من الفظائع بالبشرية خارج حدودها مافعلت. وقل الأمر مثله في كل دول الإستعمار (المدنية) بين قوسين، من بريطانيا و إيطاليا و فرنسا ، وغيرهم،مارسوا الإجرام بكل أشكاله: مصوا خيرات البلاد والعباد وقتل البشر بالملايين و عذبوهم من أجل مصالحهم.

بالتأكيد،سيرد علي هنا مباشرة أنصار الدولة المدنية بأن كل ما ذكرت لا علاقة له بمفهوم الدولة المدنية،إنما هي ممارسات غير مدفوعة من داخل مفاهيم الدولة المدنية،و الدولة المدنية منها براء،أو قل الدولة المدنية دولة بريئة،من الممكن أن تستخدمها الشعوب بالخير كما يمكن أن تستخدمها في الشر،فلا تعلق مصائب الإستعمار،و جرائم الإستبداد في دولنا على مفهوم الدولة المدنية العلمانية.

و لنرد على أنصار الدولة المدنية كلامهم لنثبت بالحجة و البرهان بأن جذور الإجرام في عمق مفاهيم الدولة المدنية،حيث الدولة المدنية الحديثة وظيفتها مقتصرة بحسب نظرية العقد الإجتماعي و النظرية الفردية المؤسستين لها،على مرافق الدفاع والبوليس والقضاء ،أي منحصرة في مهام تهئية الأمن الداخلي والخارجي والعمل على سيادة الطمأنينة والاستقرار و الحفاظ على الحريات و حسب،أما النشاطات الأخرى و على رأسها الإقتصاد،فلا علاقة للدولة به من الناحية النظرية،فالدولة المدنية دولة تحكم و لا تملك ولا تتدخل في الإقتصاد،إذ هو شأن فردي، إذاً عندما تخلت الدولة عن ملكية الدولة و الملكية العامة التي تشمل النفط والغاز والحديد و الصلب و الثروات الطبيعية الهائلة والصناعات الحربية الضخمة وتخلت عن مسؤوليات الطب و التعليم و غيرها التي تقدم للناس، لمن ذهبت تلك الملكيات و تلك المسؤوليات،إنها لم تذهب إلى الأفراد، بل ذهبت إلى الشركات الرأسمالية،التي تعاظمت و تطاولت طبعياً في مناخ الدولة المدنية باقتصاد سوقها و نظام شركاتها ،حتى صارت الشركة هي التي تحكم الدولة،و صار الرأسماليون هم الحكام الحقيقيون بيدهم الدولة و بيدهم قرار السلم و الحرب،و أمريكا مثال بين على ذلك.فلا وجود لدولة مدنية خارج هيمنة الشركات الرأسمالية في العالم كله و السبب يعود لنفس الدولة المدنية.

الدولة المدنية انسحبت من مسؤلياتها و ملكيتها لصالح الشركة،فغدت الشركة هي الحاكم الفعلي في داخل الدولة المدنية،حتى تجاوزت الشركة حدود الدولة المدنية طبيعياً، فنشرت جبروتها الإستعماري على العالم،و جرت الدولة معها و جندتها لأجل مصالحها،فكل حروب أمريكا مثلاً هي حروب لصالح الشركات الأمريكية،و لكنها حروب مغلفة بالعلم الأمريكي.

رابط هذا التعليق
شارك

فالشركة لما سحبت الدولة المدنية يدها سيطرت على العالم،فكوستاريكا مثلاً دولة فقيرة تشتهر بزراعة الموز. وفي عام 1997م قررت شركة انتل الأمريكية (وهي أكبر شركة لإنتاج شرائح الكمبيوتر) افتتاح مصنع لها هناك. واليوم توسعت أعمال الشركة لدرجة أصبحت تتحكم في 37% من صادرات كوستاريكا،فهذا يوضح مدى النفوذ الذي تملكه هذه الشركات على سيادة الدولة والتوجه السياسي فيها.

وشركة انتل مجرد نموذج،فميزانية أكبر عشر شركات عالمية تتجاوز ميزانية أصغر مائة دولة في الأمم المتحدة! وأكبر 500شركة عالمية تسيطر على 44% من ثروات الأمم!!

في الحقيقة قد لا نحتاج لوقت أطول للتأكد من سطوة تلك الشركات؛ فمن الملاحظ أن الشركات فاقت دول العالم في كل المجالات، وأصبحت المسير الحقيقي للدولة المدنية ،و الفضل بذلك يعود لانسحاب الدولة من مسؤلياتها وملكيتها.و عليه فالطبيعة الاستعمارية جذورها في مفاهيم الدولة المدنية.

رابط هذا التعليق
شارك

أخي الكريم،الآن انتهيت من طرح ما أعددته، و قد حان الوقت لفتح النقاش في الروابط المرفقة.

لن نتشعب، و لن نترك الكلام باسترسالات غير محكمة في الاستدلال،يعني بما قل و دل.

رابط هذا التعليق
شارك

أخواي أبا مالك وجمال،

قرأت مداخلتكما رقم 13 و14. وأحببت أن أرفق لكما مقالا للأستاذ ماهر القرشي بعنوان "(المحكم والمتشابه في "سيادة الأمة")

http://nama-center.com/m/ActivitieDatials.aspx?ID=114

أرى أنه يدندن حول فكرتما، فهل تريان رأيه؟

 

السلام عليكم،

اعتذر للتأخر في التعقيب بسبب ضيق الوقت لمتابعة الروابط التي ارفقتها.

دعني الخص تسلسل الموضوع المطروح:

- بدات القضية بإصدار كتاب بعنوان سيادة الامة قبل تطبيق الشريعة مع عدد من المقالات التي تصب في الموضوع نفسه، و ما يتضمنه الكتاب فكرة مفادهاان الامة يجب ان تملك سيادتها اولا وبها تقرر فيما اذا كانت ستجعل السيادة للشريعة او لغيرها بناءا على راي الاكثرية، فإذا اختارت ان تكون السيادة للشريعة فلها ذلك(واختيار الشريعة هنا ليس خضوعا لله عز وجل، وانما هو ما انتجه رأي الاكثرية) وان اختارت غير ذلك فلها أيضاً ذلك، اضافة الى ذلك ما ورد في الكتاب من آراء شاذة، وما هي الا محاولة بائسة من المؤلف للترويج لمفهوم الدولة المدنية بحسن نية او سوءها بعد الباسها لباس الاسلام فساق المؤلف عدد من النصوص والأحداث التاريخية ظانا منه انها تخدمه في الاستدلال الى ما ذهب اليه، وهي في حقيقة الامر أبعد ما يكون أدلة الى ما ذهب اليه المؤلف.

- اثار الكتاب ردود فعل ترد على المؤلف ما جاء في كتابه وتفندها، منها المناظرة التي عقدت بين مؤلف الكتاب عبد الله المالكي والدكتور بندر الشويقي وما اتبعها الدكتور الشويقي من تسجيلات مصورة (روابط الندوة والتسجيلات تم إضافتها لهذا الموضوع وهي موجودة في مشاركات أخينا اسامة)، والحقيقة ان الدكتور الشويقي قد أجاد أيما إجادة ليس فقط في رده لما جاء في الكتاب لا بل في تفنيده لعوار الدولة المدنية والعلمانية والديمقراطية، وقد ساق الكثير من الأمثلة والشواهد من مصادر كثيرة ( تستغرق وقتا طويلا لجمعها من قبل اي باحث، لذلك انصح بمشاهدة التسجيلات للاستفادة منها).

- ظهر رأي اخر من بين هاتين الفئتين من مثل رأي ماهر القرشي، والذي جاء بمحاولة غير موفقة للتوفيق بين الفريقين، و مفاد رأيه كلا الفريقين يقران بوجوب سيادة الشريعة، الخلاف بين الفريقين هو ان من يقول بسيادة الامة قبل تطبيق الشريعة ، يرى وجوب تطبيق الشريعة مشروطا بان تكون السيادة للامة اولا اي يجعل سيادة الامة شرطا لتطبيق الشريعة وهو شرط مشروع ( بناءا على رأي القرشي ان هذا الشرط ينطوي تحت باب الاستطاعة التي اشترطها العلماء ومنهم ابن تيمية لتطبيق الشريعة). اما الفريق الذي ينكر سيادة الامة قبل تطبيق الشريعة فيسقطون سيادة الامة كشرط لتطبيق الشريعة. وهو- براي القرشي- ضمن دائرة الخلاف المحمود الذي ياجر عليه كلا الفريقين. وهذا يظهر ان القرشي لم يغص بعمق فيما جاء في الكتاب، الذي يرمي لجعل الشريعة في موضع الاختيار لدى الامة، لها ان تختارها او تختار غيرها وحتى ان اختارتها فهذه بشرعية رأي الاكثرية لا إقرار بعبودية ما لله.

هذا ملخص ما استطعت دراسته في الموضوع، والسؤال الذي يتوجب علينا ان نجيب عليه هو كيف لنا ان نوجه الحوار في هذه المسالة ونستغله من ناحية عملية( حتى لا يكون من باب الترف الفكري كما طرح احد الأخوة )؟

ومحاولة مني في الاجابة فاني اطرح المحاور التالية:

- لقد تضمن ما صدر من حزب التحرير نقضا لمفهوم الديمقراطية والعلمانية والدولة المدنية فيمكن ان يبنى عليه وعلى ما جاء به من عمل على تفنيد ما جاء في الكتاب.

- ان يتم التحول بالحوار الى محور جديد هو بمثابة احد التطبيقات العملية لهذا البحث، وهو : هل هناك في زماننا حقيقة سيادة للشريعة في اي مصر من امصار المسلمين؟ وهنا سترى حقيقة من انبرى للدفاع عن سيادة الشريعة اينزل فهمه لسيادة الشريعة على الواقع ام سيتاؤول لذلك.

- محور اخر للبحث: اذا كانت سيادة الشريعة قد غابت عن كل امصار المسلمين( كما هو الواقع الذي نتبنى) او عن معظم امصار المسلمين (كما يتأول البعض)، واستقرت مكانها سيادة أحكام الكفر يحرسها حكام من جلدتنا ويساعدهم في ذلك الغرب والشرق الكافرين، فما هو السبيل لان نعيد السيادة للشريعة من جديد؟

 

ارجوا ان اكون قد وفقت في عرض المشكلة اساس البحث، مع بعض الاتجاهات التي يمكن الخوض فيها، وعذرا من الاخ ابو الهمام لم يتسن لي الوقت لدراسة ما تفضلت به، ولكن سأقوم بذلك انشاء الله.

رابط هذا التعليق
شارك

السلام عليكم ورحمة الل وبركاته، و بعد،،

 

السؤال المحوري الذي تجب الاجابة عليه هو :

هب أن لدينا دستوراً مسنبطاً من الأدلة الشرعية،كيف سيتم نقله إلى التطبيق اليوم َفي ظل غياب الدولة الاسلامية،(و ليس موضوعنا هو في الحال الطبيعي، حال استمرار الدولة،أي خليفة يخلف آخر في تطبيق الحكم)،هل سيفرض فرضاً على الأمة من خلال القوة و التغلب والقهر أم من خلال البيعة و التعاقد السلمي؟

 

بكلمات مختصرة:

"الدستور سيفرض بالتغلّب أم بالتعاقد؟"

 

أرجو أن يكون الرد متركزاً على هذا السؤال.

إن قيل بالقوة و التغلب فقد خالفنا حكم البيعة الثابت.

و إن قيل بالبيعة و التعاقد مع الأمة، كان لازم هذا القول معرفة مجموع إرادة الأمة، أي هل الأمة في غالبها تريد البيعة على الحكم بالدستور، أم أن فقط أقلية في الأمة تريد الحكم بالدستور؟فإن كانت أقلية،فهي لا تعبر عن الأمة، فإن حكمت كان حكمها تغلبي بالقوة و القهر، فلا بد إذاً من و صول الرغبة في تطبيق الدستور الاسلامي في الامة إلى حالة الأكثرية، و صندوق الاقتراع هو الكاشف السهل لإرادة الأمة و ما تريده الناس.

رابط هذا التعليق
شارك

Join the conversation

You can post now and register later. If you have an account, sign in now to post with your account.

زوار
اضف رد علي هذا الموضوع....

×   Pasted as rich text.   Paste as plain text instead

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   Your previous content has been restored.   Clear editor

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.

جاري التحميل

×
×
  • اضف...