اذهب الي المحتوي
منتدى العقاب

مع الحديث الشريف / سلسلة من المكتب الإعلامي لحزب التحرير


Recommended Posts

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

مع الحديث الشريف

باب في الصائم لا ترد دعوته

 

 

 

نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

 

 

جاء في حاشية السندي، في شرح سنن ابن ماجة "بتصرف" في " باب في الصائم لا ترد دعوته"

 

حدثنا عليُّ بْنُ محمد حدثنا وَكِيْعٌ عن سَعْدَانَ الْجُهَنِيِّ عن سَعْدٍ أبي مُجاهدٍ الطائيِّ وكان ثقة، عن أبي مَدْلَةَ وكان ثقة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ثلاثةٌ لا تُرَدُّ دَعوتُهُم، الإمامُ العادلُ، والصائمُ حتى يفطرَ، ودعوةُ المظلوم، يرفعُها اللهُ دونَ الغَمامِ يومَ القيامة، وتُفْتَحُ لها أبوابُ السماءِ ويقولُ:

بعزتي لأنْصُرَنَّكِ ولو بعدَ حين".

 

 

 

 

قَوْلُهُ ( حَتَّى يُفْطِرَ ) يَدُلُّ عَلَى أَنَّ دُعَاءَهُ تَمَامَ النَّهَارِ مُسْتَجَابٌ وَعَلَى هَذَا فَلَفْظُ الدَّعْوَةِ بِمَعْنَى الدُّعَاءِ لَا لِلْمَرَّةِ كَمَا هُوَ أَصْلُ الْبِنَاءِ وَالْأَقْرَبُ أَنَّ (حَتَّى) سَهْوٌ مِنْ بَعْضِ الرُّوَاةِ وَالصَّوَابُ (حِينَ) كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ الْحَدِيثُ الْآتِي قَوْلُهُ (وَدَعْوَةُ الْمَظْلُومِ ) أَيْ عَلَى الظَّالِمِ أَوْ فِي الْخَلَاصِ مِنَ الظُّلْمِ يَدُلُّ عَلَيْهِ الْعِنْوَانُ وَكَذَا آخِرُ الْكَلَامِ (دُونَ الْغَمَامِ ) الْمُرَادُ بِهِ الْغَمَامُ الْمَذْكُورُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ وَفِي قَوْلِهِ هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ قَوْلُهُ ( وَتُفْتَحُ لَهَا ) أَيِ الدَّعْوَةِ يَوْمَ يَدْعُونَهَا (أَبْوَابُ السَّمَاءِ ) لِتُرْفَعَ مِنْهَا إِلَى الْعَرْشِ وَهَذَا يَدُلُّ ظَاهِرًا عَلَى تَجَسُّمِ الْمَعَانِي إِلَّا أَنْ يُقَالَ فَتْحُ الْأَبْوَابِ لِلْمَلَكِ الْحَامِلِ لَهَا.

 

أيها الكرام:

 

إن من النعمِ التي أنعمَ اللهُ بها علينا نعمةَ الدعاء، وكم نحن بحاجةٍ إلى هذه النعمةِ في هذه الأيامِ التي تَمُرُّ بها أمَّتُنَا؟ فالحديثُ الشريفُ يشيرُ إلى ثلاثِ فئاتٍ من الناس تُستجابُ دَعوتُهم. أولها: الإمامُ العادلُ، وهنا لا بد من وَقْفَةٍ، حيث إن هذا الإمام الذي يطبقُ الشريعةَ يكونُ عادلا، ويستحقُّ هذا الشرفَ الكبيرَ، شرفَ استجابةِ الدعوة، كما استحقَّ شَرَفَ المكوثِ في ظلِّ الله تعالى يومَ لا ظِلَّ إلاّ ظِلُّهُ. إلا أنَّ الأمةَ اليوم محرومةٌ من هذا الخيرِ العَميمِ، فلا وجودَ لحاكمٍ عادلٍ ولا نصفِ أو حتى رُبُعِ عادلٍ في حياتها، بل حكامٌ مجرمون، أوردوا أمتَهم المهالكَ طِيلةَ عقودٍ من الزمن. وثانيْ هذه الفئاتِ: الصائمون عند إفطارِهم، وهنا نقول: أيها الصائمون لا تفطروا قبل أنْ تَدْعُوْا ربَّكم أنْ يُهْلِكَ أعداءَ هذه الأمة، وعلى رأسِهم بشارٌ، طاغيةُ العصر، وأنْ يُخْلِفَنَا بَدَلاً منهم خليفةً عادلا، يَحكُمُنا بشرعِ الله، فهذا حقٌّ لأهلنا في الشام علينا واللهِ، فلا تنسَوْا هذا. أما انتم أيها المظلومون، يا من أكرمكم الله بشرف استجابة الدعاء، فنقول لكم: لكم الله، لكم الله، وقد ذقتم الظلمَ ألوانا على أيديْ حكامكم وبسببهم. فادعوا الله، ادعوا الله وأنتم عاملون محتسبون أجرَكم عندَه، فاللهُ يرفعُ دعوتَكم دونَ السحاب، ويقول: بعزتي لأنصرنكِ ولو بعد حين. اللهم اجعل رمضان هذا العامَ رمضانَ خيرْ ونصرٍ للأمة على حكامها الأوباش، اللهم وارزقنا حاكما عادلا رحيما، يأخذ بيد هذه الأمة الكريمة، إلى بر الفلاح والنجاة، يقودنا إلى الجنة قِياداً، اللهم آمين آمين.

 

أيها الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركات.

 

 

 

05 من رمــضان 1433

الموافق 2012/07/24م

 

 

 

 

 

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

 

مع الحديث الشريف

 

باب في فضل العشر الأواخر من شهر رمضان

 

 

حدثنا محمدُ بنُ عبدِ الملك بنِ أبي الشوارب وأبو إسحاقَ الْهَرَوِيُّ إبراهيمُ بنُ عبدِ الله بنُ حاتم قالا: حدثنا عبدُ الواحد بنُ زياد حدثنا الحسنُ بنُ عبيدِ الله عن إبراهيمَ النَّخْعِيِّ عن الأسودِ عن عائشةَ قالت: " كان النبي صلى الله عليه وسلم يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيره".

 

 

إن هذا الحديثَ يَدُلُّ على مشروعيةِ الاجتهادِ في العبادةِ في العَشْرِ الأواخرِ من رمضانَ، وعلى إحيائِها بالعبادة، بل وعلى إيقاظِ الأهلِ فيها، لِمَا في ذلك من خيرٍ وثوابٍ. كما جاء في روايةِ عائشةَ رضي الله عنها: "كان رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-إذا دخلَ العَشْر ُ أحيا الليلَ، وأيقظَ أهلَه وجَدَّ، وشَدَّ الْمِئْزَرَ". وهنا نَذْكُرُ أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - كانَ يعتكفُ هذهِ العَشْرَ، ثم اعتكفَ أزواجُهُ من بعدِهِ. وهذه إشارةٌ إلى جوازِ اعتكافِ النساءِ بإذنِ أزواجِهِنَّ، لما في ذلك من خيرٍ عَميمٍ.

أيها المسلمون: لقد انقطع اعتكافُ النساءِ هذهِ الأيامَ في المساجدِ؛ بل انقطع اعتكافُ الرجالِ، فالمساجدُ تُغْلَقُ في كثيرٍ من بلادِ المسلمين بعد صلاةِ التراويحِ، فلا اعتكافَ ولا ثوابَ. وأصبحتِ العَشْرُ الأواخرُ عَشْراً للراحةِ بعدَ صِيامِ ثُلُثَيِ الشهرِ عند بعض الناس؛ بل أصبحت أياماً للبيعِ والشراء، ومداهمة الأسواق،. هكذا أراد الحكام في دنيا المسلمين، هذه العشرَ من رمضان، "قِسْطاً للراحةِ بعد عَناءِ الصيامِ". ولكن والحمد لله، فقد أدركت الأمةُ ما يُرادُ بها، وأصبح الإسلامُ هو المحركَ لها، وأدركت من هو عدوُّها. فوقفت في ساحات التغيير، تهتف بصوت واحد" الأمة تريد، خلافة من جديد"، فالحمد لله رب العالمين.

 

 

06 من رمــضان 1433

الموافق 2012/07/25م

 

 

 

 

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

 

مع الحديث الشريف

 

باب في ليلة القدر

 

 

نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم "مع الحديث الشريف" ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

جاء في حاشية السندي، في شرح سنن ابن ماجة "بتصرف" باب في ليلة القدر"

 

حدثنا أبو بكرِ بنُ أبي شَيْبَةَ حدثنا إسماعيلُ ابنُ عَلِيَّةَ عن هشامٍ الدُّسْتُوَائِيُّ عن يحيى بنِ أبي كَثيرٍ عن أبي سَلَمَةَ عن أبي سعيدٍ الْخُدْرِيِّ قال: "اعتكفنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم العَشْرَ الأوسطَ من رمضانَ فقال: إني أُرِيْتُ ليلة القدر فَأُنْسِيْتُهَا فالتمسوها في العشرِ الأواخرِ في الوِتْرِ".

 

 

قَوْلُهُ : ( فَأُنْسِيتُهَا ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ.

 

أيها الكرام:

 

لقد دَأَبَ المسلمون على إحياء ليلةِ القدْر، في السابع والعشرين من رمضان، وهذا خطأٌ شائعٌ بين أبناءِ الأمة، وفي الحديثِ الشريفِ ما يُشيرُ إلى ذلك الخطأ، فالرسول -صلى الله عليه وسلن- لم يَعُدْ يَعْلَمُ متى ليلةُ القدْر بعد أن أنساه اللهُ إياها. وأنّ هذا الأمرَ قد أراده الله، وقضاه لخير المسلمين، كما جاء في رواية عبادةَ بْنِ الصامتِ "فَرُفِعَتْ وعسى أن يكونَ خيراً لكم"، وما دامَ الخيرُ في رفع ليلة القدر وعدمِ تحديدِها، فلماذا يُجهِدُ المسلمون أنفسَهم في تحديدها؟ ولماذا يرفضونَ الخيرَ لأنفسِهم؟ لماذا لم يتوقفوا عند قولِ رسولِنا الكريمِ- صلواتُ اللهِ عليه وسلامُهُ- "إن الله لو شاء لأطلعكم عليها "، وهل بعد مشيئة الله سبحانه تبقى مشيئةٌ لأحدٍ من البشر؟ لذلك على جميعِ المسلمين، علماءَ وغيرِ علماء، أن يكتفوا بتحرِّيها والتماسِها في العشر الأواخر من رمضان، في الوتر منها.

 

أما ما نجدُه في بعضِ الكتب، من معاينةِ ليلةِ القدر والتحققِ منها، ورؤيةِ بابِ السماءِ يُفْتَحُ عِياناً، وخُروجِ أنوارٍ ساطعةٍ من السماءِ فيها تَغْمُرُ الكون، وغيرِ ذلك من الأمورِ والمشاهدِ الخارقة، فلم يثبتُ منه شيءٌ في الأحاديث، وهيَ إنْ كانت من الكراماتِ لأصحابها، لكنها خاصةٌ بهم، ولا اعتبار لها في التشريع وتحديدِ ليلة القدر.

 

أما ما وردَ عن أَمارتِها، فشمس ذلك النهار تشرق حمراء ضعيفة، كحالها عندما تتدلى للغروب، يسهل النظر إليها لأن أشعتها ضعيفة فلا تؤذي العيون، وهذا الضعف يعود لحالة الجو بسبب انتشار الرطوبة أو بعض السحب. ولكنَّ هذه الأَمارة توجدُ إن وجدتْ بعد انقضاء ليلة القدر، وليس قبلها أو أثناءَها، فإذا ما عاينتم أَمارتها - أيها المسلمون- فادعوا الله أن يخلصَكم من حكامكم - عصاباتِ الفترةِ الجبرية - الذين أضلوا الأمة، وأبعدوها عن دينها، ادعوا الله في الوتر من العشر الأواخر، أن يعجلَ لنا نصرَه، فجندُ الشامِ يَتُوْقُوْنَ للحكم بالإسلام، والقضاءِ على بشارٍ، طاغيةِ هذا الزمان، وأهلُ الشام لا تعلمون كيف يصومون؟ وكيف يفطرون؟ ينتظرون دعاءكم، فاللهم انصرْ أهلَنا هناك، انصرْ عبادَك في الشام، هيئْ لهم فرجاً عاجلاً قريباً في رمضان هذا ، وقِرَّ أعينَهم وأعينَنا برؤية خليفة المسلمين، معتلياً صهوة دبابةٍ يخاطب الملايين بقوله: ها قد عدنا أيها الصليبيون، ها قد عدنا يا أوباما ويا كل قادة الكفر، عدنا من جديد لندير دِفَّةَ العالم من جديد، فهيئوا أنفسكم واستعدوا لما سترون بأعينكم، اللهم إنا نتوقُ لهذا اليوم، فاجعله قريبا. اللهم آمين آمين.

 

وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

 

 

 

 

07 من رمــضان 1433

الموافق 2012/07/26م

 

 

 

 

 

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

 

مع الحديث الشريف

 

 

باب ما جاء في الشهادة على رؤية الهلال

 

 

 

نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم "مع الحديث الشريف" ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

 

جاء في حاشية السندي، في شرح سنن ابن ماجة "بتصرف" باب ما جاء في الشهادة على رؤية الهلال"

 

 

حدثنا عمرُو بنُ عبدِ الله الأَوْدِيُّ ومحمدُ بْنُ إسماعيلَ قالا: حدثنا أبو أسامةَ حدثنا زائدةُ بْنُ قُدَامةَ، حدثنا سَمَّاكُ بْنُ حربٍ عن عكرمةَ عن ابنِ عباسٍ قال: جاءَ أعرابيٌّ إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم فقال: أبصرتُ الهلالَ الليلةَ، فقال: أتشهدُ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ وأنَّ محمداً رسولُ الله؟ قال: نعم، قال: قم يا بلالُ فأذِّنْ في الناس أن يصوموا غدا،قال أبو علي: هكذا روايةُ الوليدِ بنِ أبي ثَوْرٍ والحسنِ بنِ عليٍّ ورواهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، فلم يذكر ابْنَ عباس وقال: فنادى أنْ يقوموا وأن يصوموا".

 

 

قوله ( فقال أبصرتُ الهلال ) قَبُولُ خَبَرِ الواحدِ مَحمولٌ على ما إذا كانَ بالسماءِ علةٌ تَمْنَعُ إبصارَ الهلال. وقوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ له أتشهدُ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ: تحقيقٌ لإسلامِه وفيه أنه إذا تحقق إسلامُه وفي السماءِ غَيْمٌ يُقْبَلُ خبرُهُ في هلالِ رمضانَ مطلقاً، سواءٌ أكانَ عدلاً أم لا، حُرّاً أم لا. وقد يقالُ كان المسلمون يومئذ كلُّهم عُدولٌ، فلا يلزمُ شهادةُ غيرِ العدلِ إلا أنْ يَمْنَعَ ذلكَ، لقوله تعالى: (إنْ جاءكم فاسقٌ بنبإٍ... )الآية. (فأذن في الناس ) من الإيذان أو التأذين والمراد مطلق النداء والإعلام.

 

أيها الإخوة الكرام:

إن الفائدةَ المتحققةَ من هذا الحديث، هي أنّ ثبوت هلال رمضان وبدء الصوم، يثبت بشهادة شاهد واحد، وهذه الرؤية هي التي أوجبها الشرع، إلا أن مشكلة الأمة اليوم في العالم الإسلامي، هي أن كل دولة من دول المسلمين، تعتبر نفسها كلاً، وليس جزءا، من الأمة الإسلامية، وإن نصت بعض الدساتير فيها غير ذلك، فصارت كل دولة تتخذ قراراتها السياسية والدينية، دون مراعاة لسائر المسلمين، لأنها تعتبر نفسها كيانا مستقلا عن سائر المسلمين، لا حق للمسلمين خارج كيانها بالتدخل فيه، وهذا هو السبب في بقاء الاختلاف بين الدول في العالم الإسلامي بخصوص بدء الصوم.

 

وبناء عليه نقول: إن المسلم في أي بلد من بلدان المسلمين، إذا سمع إعلان بدء الصوم، في أي دولة أو بلد، يجب عليه أن يصوم، ما دام الشرعُ قد عين له هذه الطريقة الواضحة، وما قام به الحكام، خلال الأعوام والعقود الماضية، من تشتيت للأمة في عباداتها، وعدم توحيد صومها، أصبح مكشوفا وظاهرا للعيان، بعد أن وقفت الأمة على حقيقة هؤلاء الحكام، وعرفت أنهم العدو الأول لها على خط المواجهة، فقامت لخلعهم من عليائهم، فمنهم من هرب ومنهم من خُلع، ومنهم من قُتل، ومنهم من ينتظر مصيرَه البائس، ولن تُخطئهم أيديْ الثوار، وستنال منهم بعون الله، بعد هذه العقود العِجاف، لتنهي فترة حكمهم النحسة من حياة الأمة. اللهم عجل لنا بذلك، لنرى خليفة المسلمين، يقفُ خطيباً بالمسلمين قائلا: أيها المسلمون: تقبلَ الله طاعاتِكم، وكل رمضان وأنتم بخير، فقد ثبت بالرؤية الشرعية هلال رمضان، وإن غدا هو الأولُ منه، فاتقوا الله وأطيعوه، وأكثروا من فعل الخيرات قبل أن يَنفضَّ هذا السوق. اللهم كحل عيوننا برؤية هذا المشهد العظيم، اللهم آمين.

 

الإخوة الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

 

08 من رمــضان 1433

الموافق 2012/07/27م

 

 

 

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

مع الحديث الشريف

 

باب ما جاء في الغِيْبَةِ والرَّفَثِ للصائم

 

 

 

 

نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم "مع الحديث الشريف" ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

 

جاء في حاشية السندي، في شرح سنن ابن ماجة "بتصرف"، في " باب ما جاء في الغيبة والرفث للصائم"

 

 

حدثنا عمرُو بْنُ رافعٍ حدثنا عبدُ الله بْنُ المبارَك عن ابْنِ أبي ذِئْبٍ عن سعيدٍ الْمِقْبَرِيِّ عن أبيه، عن أبي هريرةَ قال:

 

" قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، من لم يَدَعْ قَوْلَ الزُّوْرِ والْجَهْلَ والعَمَلَ به، فلا حاجةَ لله في أن يَدَعَ طعامَه وشرابَه".

 

 

قوله (من لم يَدَعْ) أي لم يترك قوله ( الزور ) أي الكذب (والجهل ) أي صفات الجهل أو أحوال الجهل (والعمل به ) أي بالجهل، والمعاصيْ كلُّها عَمَلٌ بالجهلِ، فدخلَ الغِيبةُ فيها. قيل يُحْتَمَلُ أنَّ المرادَ مَنْ لَمْ يَدَعْ ذلك مُطلقاً غيرَ مُقَيَّدٍ بصومٍ أيْ مَنْ لم يترك المعاصيَ ماذا يصنع بطاعته، ويُحْتَمَلُ أنّ المرادَ من لم يترك حالة الصوم وهو الموافق لبعض الروايات قوله ( فلا حاجةَ إلخ ) كنايةٌ عن عدم القبول وإلا فلا حاجة لله تعالى إلى عبادةِ أحد.

 

أيها الإخوة الكرام:

 

الصيام ركن عظيم من أركان الإسلام، وله معانٍ عظيمةٌ، وإنَّ مِمَّا يَفُتُّ في القلب، أن نرى المسلمين اليوم، - وهم يصومون هذا الشهرَ العظيمَ، وهم يسارعون لنيلِ رضوان الله تعالى -، بعيداً عن هذه المعاني؛ بعيداً عن الالتزام بأحكام الصيام، فنرى بعضا منهم صائماً عاصياً، ذاكراً مُستغيباً، مُصلياً قابلاً للمنكر، لا يعملُ لتغييرِه. وهل يُقْبَلُ من مسلمٍ أن يصليَ ويصومَ ويتصفَ بهذه الصفات؟ لذلك كان التحذيرُ من الرسول -صلى الله عليه وسلم- من أنْ لا يقبلَ اللهُ هذا الصيامَ. فحذارِ حذارِ أيها المسلمون، من أن تقعوا في هذا المنكرِ، فيردَّ اللهُ عليكم صيامَكم.

 

أيها المسلمون: نعلمُ أنَّ حالَ المسلمين في الصيام أو غيرِه من أحكام الإسلام، لا يستقيمُ حَقَّ الاستقامة، إلا في ظل دولةٍ ترعاهم، فتطبقُ فيهم هذا الحكم، كما يريدُ اللهُ ربُّ العالمين. فلنعمل جميعا لإيجاد هذه الدولة الإسلامية، دولةِ الخلافة الراشدة، الثانية على منهاج النبوة. اللهم اجعلنا من جنودها ومن العاملين لإيجادها في واقع الحياة من جديد.

 

الإخوة الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

 

 

09 من رمــضان 1433

الموافق 2012/07/28م

 

 

 

 

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

 

مع الحديث الشريف

 

 

باب ما جاء في صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته

 

 

نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم "مع الحديث الشريف" ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

 

جاء في حاشية السندي، في شرح سنن ابن ماجة "بتصرف" باب ما جاء في صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته"

 

 

حدثنا أبو مروانَ محمدُ بْنُ عثمانَ العُثمانيُّ حدثنا إبراهيمُ بْنُ سعدٍ عنِ الزُّهْرِيِّ عن سالمِ بنِ عبدِ الله عن ابْنِ عُمَرَ قال:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"إذا رأيتم الهلال فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا، فإن غم عليكم، فاقدروا له. قال: وكان ابن عمر يصوم قبل الهلال بيوم".

 

 

قوله ( إذا رأيتم الهلال ) أي هلال رمضان (فصوموا ) لا دلالةَ فيه على النهي عن الصوم قبله، لا منطوقا وهو ظاهر، ولا مفهوما،. (وإذا رأيتموه ) أي هلال شوال. (فأفطروا ) ليس المراد الإفطار من وقت الرؤية حتى يلزم أن يفطر قبل الغروب إذا رأى الهلال في ذلك الوقت، كما أنه ليس المراد الصوم من وقت الرؤية؛ بل المراد الإفطار والصوم على الوجه المشروع فلا بد في كل منهما من معرفة ذلك الوقت. قوله ( فإن غم ) بتشديد ميمه أي حالَ بينكم و بين الهلال غيم رقيق (فاقدروا ) بضم الدال وجُوِّزَ كسرُها أي قدروا له تمام العدد ثلاثين..

 

أيها الإخوة الكرام:

إن ما يشير إليه الحديث وبكل وضوح، أن الرؤية العينية في الصيام والإفطار، هي ما أوجبها الشرع، ولم يوجب غيرها، فوجب القول بها، وبها وحدها. وأن لا عبرة لغيرها، كالحسابات الفلكية، التي أصبحت مكان الرؤية الشرعية هذه الأيام، فهل هذا هو ديننا أيها المسلمون؟

 

لقد ذهب الجمهور إلى عدم جواز الأخذ بالحساب الفلكي. إلا أننا اليوم نعيش في عصر العلم والعلوم والعلمانية، التي تُعنى بالقوانين والنظم والقواعد العلمية العقلية، دون نظر في القواعد والأحكام الدينية. فالعلمانية تعني إقصاء الدين من حياة الناس، والعمل في الحياة بمقتضى القوانين والقواعد العلمية والعقلية، التي توصلت إليها أبحاثُهم وعقولُهم، دون نظرٍ في الأحكام والقواعد الدينية. وقد أُخذ الناسُ بسحر هذه الكلمة، واتخذوها مقياسَ النهضة والتقدم، فقدسوا العلم وقدسوا العقل البشري، ورفضوا أي رأي أو حكم أو تشريع لا يصدر عن العقل البشري، لذلك نرى أن الناس قد فُتنوا بهذا الحساب الفلكي، لكونه علما من العلوم، حتى إن بعضاً المسلمين، راح يطالب بالعمل به في سائر العبادات، ناسين أو متناسين أن الشريعة لا تُؤخذ إلا من مصادرها.

 

أيها المسلمون: إن هذا الحال الذي أصبحنا نعيشه، قارب على الزوال، فهذه الرأسمالية وتفريخاتها، من علمانية وديمقراطية، قد أصبحت تترنح، وهي آيلةٌ إلى السقوط، فلا تَغُرَّنَّكُمْ أحكامُها العفنةُ، ولا حساباتُها الفلكيةُ في تحديد بَدْءِ صومكم وعيدكم. فالله سبحانه وتعالى، قد أكمل لنا الدين، ولا يجوز إدخالُ ما ليس منه فيه، وما هذا الحال الذي نعيشه إلا بفعل حكامكم، الذين رَعَوْا مصالح الغرب الكافر خيرَ رعاية، فأدخلوا إلينا هذه المفاهيمَ النتنة، كي تَحُلَّ مَكانَ دينِنا العظيمِ، ولكنْ - والحمدُ لله - فقد خابَ فَأْلُهُم وطاشَ سَهْمُهم، فالأمةُ عادت إلى ربها، وإلى رشدها، ولم تعدْ تقبلُ بغير قرآن ربها وسنة نبيها، وما هي إلا سويعات، حتى ينبلجَ فجرُ دولتِها، فترقبوه عاملين.

 

الإخوة الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

10 من رمــضان 1433

الموافق 2012/07/29م

 

 

 

 

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

مع الحديث الشريف

 

باب بيان أنه لا اعتبار بِكِبَرِ الهلالِ وصِغَرِهِ

 

 

 

نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم "مع الحديث الشريف" ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

جاء في صحيح الإمام مسلم في شرح النووي "بتصرف" في " باب بيان أنه لا اعتبار بِكِبَرِ الهلالِ وصِغَرِهِ "

حدثنا أبو بكرِ بْنِ أبي شَيْبَةَ حدثنا محمدُ بْنُ فُضَيْلٍ عن حُصَيْنٍ عن عمرِو بْنِ مُرَّةَ عن أبي البُخْتُرِيِّ قال: خرجْنا للعمرة فلما نزلنا ببطنِ نَخْلَةَ قال: تَراءَيْنا الهلالَ، فقال بعضُ القوم: هو ابنُ ثلاثٍ وقال بعض القوم: هو ابن ليلتين. قال: فلقينا ابن عباس فقلنا إنا رأينا الهلال فقال بعض القوم: هو ابن ثلاث، وقال بعض القوم هو ابن ليلتين. فقال: أيَّ ليلةٍ رأيتموه؟ قال: فقلنا ليلة كذا وكذا فقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال إن اللهَ مَدَّهُ للرؤيةِ فهو لِلَيْلَةِ رأيتموه".

 

 

 

أيها الإخوة الكرام:

 

 

لا اعتبارَ لكِبَرِ الهلالِ وصِغَرِهِ، هذا هو عنوان هذا الباب، فقد يُقال: إن رؤية الهلال في اليوم الثاني أو الثالث، تُبَيِّنُ أنَّ الهلالَ متولدٌ قبل أربعةِ أيام، وبالتالي فإنّ صيامَ المسلمين مغلوطٌ، هنا نقول: إن مثلَ هذا الكلامِ لا اعتبارَ له في الشريعة، حتى لو كان هذا الكلامُ صحيحاً، ذلك لأن الله سبحانه وتعالى، لم يأمرْنا بأن نتعبدَهُ بالصوابِ المقطوعِ، وإلا وقعَ المسلمونَ في المشقةِ، وإنما أمرَنا أن نتعبّدَهُ بما نَراهُ صَواباً، فإن أصبنا الصوابَ القطعيَّ فذاك، وإنْ أخطأنا قُبِل منا وأُثِبْنا ولا إثْمَ علينا، فالعبادات في الإسلام ليست عملياتٍ حسابيةً، ولا نظرياتٍ علميةً، ولا حتى حساباتٍ فلكيةً أو عقليةً، إنما هي شرائعُ وأحكامٌ أُمِرْنا باتّباعِها حسب فهمِنا واجتهادِنا، واللهُ سبحانَهُ يتقبلُ منا بعد ذلك، سواء أصبنا الصوابَ أم أخطأناه. وهو سبحانه يحاسبُنا على ما نعلم، لا على ما يخفى علينا.

 

إلا أنه وبسبب ما أصاب الأمة من جهل بسبب بعدها عن دينها، بسبب حكامها الذين أسلموها للغرب وثقافته العفنة، القائمة على اعتبار النظريات العلمية هي الأساسَ في كل شيء، بسبب ذلك، خرج علينا من يقول بهذا الكلام ويحسب عمر الهلال بعقله، مُخَطِّئاً من يسير على سنة رسولنا الكريم- صلى الله عليه وسلم-، مُتبعاً حساباتِهِ الفلكيةَ، أو الوطنيةَ، لذلك كان على الأمة أن تَفْقَهَ طريقةَ تعبُّدِها الصحيحةَ، وأنْ تلتزمَ بها، وإنْ خالفت عقلَها.

 

نسأل الله العظيم، رب العرش العظيم، أن يرحمنا بإمام رحيم عادل، يفقهنا في ديننا، ويأخذنا على الالتزام بأحكامه، فنسعد سعادة الدارين. اللهم آمين آمين.

 

الإخوة الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

 

11 من رمــضان 1433

الموافق 2012/07/30م

 

 

 

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

مع الحديث الشريف

 

باب ما جاء في الصوم في السفر

 

 

نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

جاء في حاشية السندي، في شرح سنن ابن ماجة "بتصرف" في " باب ما جاء في الصوم في السفر"

 

حدثنا أبو بكرٍ بنُ أبي شَيْبَةَ حدثنا عبدُ اللهِ بنُ نُمَيْرٍ عن هشامِ بنِ عُرْوَةَ، عن أبيه عن عائشةَ قالت:"سألَ حَمْزَةُ الأَسْلَمِيُّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فقال: إني أصومُ، أَفَأَصُوْمُ في السفرِ؟ فقال صلى الله عليه وسلم: (إنْ شئتَ فَصُمْ وإنْ شئتَ فأفطرْ).

 

قوله ( فقال إني أصوم) أي من عادتي ذلك.

 

أيها الكرام:

 

إن الناظرَ في هذا الحديثِ وفي غيرِهِ من أحاديثِ السفر، يتبينُ أن الصيامَ في السفرِ يعادلُ الإفطارَ فيه، دونَ أن يكونَ لأحدِهما أيُّ فضلٍ على الآخَرِ، إلا أنَّ ذلك لا يعنيْ أنْ يختارَ الرجلُ أحدَهما بشكلٍ دائمٍ ويتركَ الآخَرَ بشكلٍ دائمٍ، إنما يُحِبُّ الله سبحانه من الرجلِ أنْ يَتَنَقَّلَ بينَ الأمرَيْنِ، فيأخذَ بهذا مرةً أو مراتٍ، وبذاكَ مرةً أو مراتٍ أخرى.

 

فعن ابن عمر رضي الله عنهما عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "إن الله يحب أن تؤتى رُخصه كما يحب أن تؤتى عزائمُه"، وقد عبّر عنه الحديثُ بلفظةِ ( يحب )، ومع أنّ هذا اللفظَ من قرائنِ الجزمِ لكنّه تعلقَ بأمرينِ مختلفين، تعلقَ حبُّ اللهِ تعالى بمن يأتيْ عزيمتَه من خلقِهِ، وتعلقَ حبُّه سبحانه بمن يأتيْ رخصتَه من خلقِهِ، بمعنى أن المسلم وقد وُضِعَ عنه فرضُ الصيامِ في السفرِ ونَفَلُهُ، لا يَعنِيْ أن يدَعَ الصيامَ بالكُلِّيَّةِ فيه، ويتمسكَ بالفطرِ ملتزِماً به، وإنما يعني التخيير الذي يحبه الله تعالى وهو أن يَعْمَدَ إلى هذا مرةً أو مراتٍ، ويعمدَ إلى ذاك مرةً أو مراتٍ، فلا التزامَ ولا إلزامَ، ويبقى الأمرُ على التخييرِ حُكماً وعملاً.

 

نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركات.

 

 

12 من رمــضان 1433

الموافق 2012/07/31م

 

 

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

مع الحديث الشريف

 

باب ما جاء في الاعتكاف

 

 

 

 

نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم "مع الحديث الشريف" ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

جاء في حاشية السندي، في شرح سنن ابن ماجة "بتصرف" في " باب ما جاء في الاعتكاف":

 

حدثنا هَنَّادُ بنُ السُّرِّيِّ حدثنا أبو بكرِ بنُ عَيَّاشٍ، عن أبي حُصَيْنٍ عن أبي صالحٍ عن أبي هريرةَ قال: "كان النبي صلى الله عليه وسلم يعتكفُ كلَّ عامٍ عَشَرَةَ أيامٍ، فلما كان العامُ الذي قُبِضَ فيه، اعتكَفَ عشرينَ يوماً، وكان يُعْرَضُ عليه القرآنُ في كلِّ عامٍ مرةً، فلما كان العامُ الذي قُبِضَ فيه عُرِضَ عليهِ مَرَّتَيْنِ).

 

 

أيها اأخوة الكرام:

 

الاعتكافُ في الشرعِ هو اللُّبْثُ في المسجدِ مدةً على صفةٍ مخصوصةٍ مع نيةِ التقربِ إلى اللهِ سبحانه وتعالى.

 

وبالنظرِ إلى هذا الحديثِ وغيرِه، نجدُ أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قد داومَ على الاعتكافِ في العشْرِ الأواخرِ من رمضانَ حتى وفاتِه، وكان إذا لم يتسنَّ له الاعتكافُ بسببِ السفرِ، قامَ بالاعتكافِ في العامِ الذي يليه، ليؤكدَ كلُّ ذلك على أن الاعتكافَ قُرْبةٌ إلى الله سبحانه.

 

والاعتكافُ يصحُّ في أيِّ يومِ على مَدارِ العام، وأن ما جاء في النصوصِ من حُصولِ الاعتكافِ في العشرِ الأواخرِ من رمضانَ، فإنما جاءَ على سبيلِ الندبِ والأفضليةِ ليسَ غيرُ، فهو في رمضانَ أفضلُ منه في غيرِه، وهو في العشْرِ الأواخرِ من رمضانَ أفضلُ منه في غيرِها كما دلّت عليه النصوصُ الشرعية.

 

أيها المسلمون:

لقد انقطعَ الاعتكافُ في أيامِنا هذه، فالمساجدُ تُغْلَقُ في كثيرٍ من بلادِ المسلمين بعدَ صلاةِ التراويح، فلا اعتكافَ ولا ثوابَ. وأصبحتِ العشرُ الأواخرُ عشراً للراحةِ بعد صيامِ ثُلُثَيِ الشهرِ؛ بل أصبحت أياماً للبيع والشراء، ومداهمة الأسواق، هكذا أراد الحكامُ في دنيا المسلمين، هذه العشرَ من رمضان، " قِسطاً للراحةِ بعدَ عَناءِ الصيام ". ولكنْ والحمدُ لله، فقد أدركتِ الأمةُ ما يُراد بها، وأصبح الإسلامُ هو المحركَ لها، وأدركت من هو عدوُّها. فوقفت في ساحات التغيير، تهتفُ بصوتٍ واحدٍ" الأمة تريد خلافة من جديد"، فالحمد لله رب العالمين.

 

الإخوة الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

 

 

13 من رمــضان 1433

الموافق 2012/08/01م

 

 

 

 

 

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

 

مع الحديث الشريف

 

باب الريان للصائمين

 

 

نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم "مع الحديث الشريف" ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

جاء في فتح الباري شرح صحيح البخاري لابن حجر العسقلاني بتصرف في باب " باب الريان للصائمين"

 

حدثنا خالدُ بنُ مُخْلِدٍ حدثنا سليمانُ بنُ بلالٍ قال: حدثني أبو حازمٍ عن سهلٍ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن في الجنة باباً يقالُ له الرَّيَّانُ يَدخُلُ منه الصائمون يومَ القيامة، لا يدخُلُ منه أحدٌ غيرُهم، يقالُ: أينَ الصائمون؟ فيقومونَ لا يدخُلُ منه أحدٌ غيرُهم، فإذا دخلوا أُغْلِقَ فلم يدخُلْ منه أحدٌ".

 

 

أيها الاخوة الكرام:

 

الرَّيَّانُ، بابٌ من أبوابِ الجنةِ للصائمين، هذه نعمةُ اللهِ سبحانه وتعالى. وماذا بعد الريان؟ الجنةُ، التي فيها ما لا عينٌ رأتْ ولا أُذُنٌ سمعت، ولا خطرَ على بالِ بشرٍ. فكما منعَ الصائمون أنفسَهم عن أطايبِ الطعامِ والشرابِ، أكرمَهم اللهُ بأنواعٍ من الطعامِ لا يُعادلها ولا يقاربُها، طعامٌ أو شرابٌ في الدنيا، وقد ذُكر أنَّ أحدَ السلف، كان يرى الفاكهةَ ولا يستطيعُ شِراءَها، فسُئلَ عن ذلك، فكانَ يقولُ: الموعدُ الجنةُ إنْ شاء الله.

 

فالصيامُ أيُّها المسلمونَ يساويْ الجنة، الجنةَ التي هي سِلْعَةُ الرحمن، جزاءً بما كانوا يعملون، جزاءً لصيامِهم، والتزامِ أوامرِه، عن صهيبٍ رضي الله عنه ، أن رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم - قال: إذا دخلَ أهلُ الجنةِ الجنةَ، يقول الله تعالى: تريدونَ شيئاً أزيدُكم؟ فيقولون: ألَمْ تُبَيِّضْ وجوهَنا؟ ألم تُدْخِلْنا الجنةَ وتُنَجِّنا من النار؟ فيكشفُ الحجاب، فما أُعْطُوا شيئاً أحبَّ إليهم من النظرِ إلى وجهِ ربِّهم.

 

نسأل اللهَ الكريمَ، أن يُدْخِلَنا الجنةَ من بابِ الريان، ولا يَحْرِمْنا رؤيةَ وجهِهِ الكريمِ، وأن يرزقَنا الشوقَ إلى لِقائِه، وأنْ يجعلَ خيرَ أيامِنا يومَ لقائِه، في غيرِ ضَرَّاءَ مُضِرَّة، ولا فتنةٍ مُضِلَّة، فمن أحب لقاء الله، أحب الله لقاءه، وأن يتقبلَ منا ويغفرَ لنا، اللهم آمين آمين.

 

وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

 

 

14 من رمــضان 1433

الموافق 2012/08/02م

 

 

 

 

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

 

مع الحديث الشريف

 

 

باب ما جاء في كفارة من أفطر يوما من رمضان

 

 

 

نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم "مع الحديث الشريف" ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

جاء في حاشية السندي، في شرح سنن ابن ماجة "بتصرف" في " باب ما جاء في كفارةِ من أفطر يوماً من رمضانَ " :

 

حدثنا أبو بكرِ بنُ أبي شَيْبَةَ وعليُّ بنُ محمدٍ قالا: حدثنا وَكِيعٌ عن سفيانَ عن حَبِيبِ بنِ أبي ثابتٍ عن ابنِ الْمُطَوِّسِ عن أبيه الْمُطَوِّسِ، عن أبي هريرةَ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من أفطر يوماً من رمضانَ من غيرِ رخصةٍ لم يُجْزِهِ صِيامُ الدهرِ ".

 

إن صيامَ رمضانَ ركنٌ من أركانِ الإسلامِ الخمسةِ، فهو أحدُ أعمدةِ الإسلامِ الرئيسةِ الخمسةِ، ولذا فإنَّ التاركَ لهذا الركنِ أوِ المقصرَ فيه، لَيَسْتَحِقُّ العذابَ الأليمَ في الآخرة، فضلاً عن إيقاعِ دولةِ الخلافةِ العقوبةَ عليه في الدنيا، فكما في الحديثِ، إنَّ الإثمَ كبيرٌ لمن أفطرَ يوماً واحداً في رمضانَ، فكيفَ بمن لا يصومُ الشهورَ كلَّها؟ كيف بمن يُجَاهِرُ بالإفطار؟ هذا ما نراهُ في بلادِ المسلمين اليومَ، حيثُ المطاعمُ تفتَحُ أبوابَها، ويعيشُ بعضُهم حياةً عاديةً وكأنَّ الأمرَ لا يعنيه. هذا تخاذُلُ حكامِنا الذين رَضُوْا حياةَ الكفر والمجون والعصيان لأبناء وبنات هذه الأمة.

 

فإلى من يفطرُ يوماً في رمضانَ نُذَكِّرُهُ بحديثِ رسولِنا الكريم - صلى الله عليه وسلم -حيث يقولُ في حديثٍ طويلٍ، واصفاً حالَ هؤلاءِ يومَ القيامةِ،" ...فإذا قومٌ مُعَلَّقونَ بعراقيبِهم، مُشَقَّقَةٌ أشداقُهم، تَسيلُ أشداقُهم دماً، قلتُ: منْ هؤلاءِ؟قال هؤلاءِ الذينَ يُفْطِرونَ قَبْلَ تَحِلَّةِ صومِهم... " نسأل اللهَ الرحمةَ والمغفرةَ، اللهم آمين آمين.

 

 

احبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

 

15 من رمــضان 1433

الموافق 2012/08/03م

 

 

 

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

مع الحديث الشريف

 

باب تعجيل الإفطار

 

 

 

 

نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم "مع الحديث الشريف" ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

جاء في فتح الباري شرح صحيح البخاري لابن حجر العسقلاني بتصرف في " باب تعجيل الإفطار"

 

حدثنا عبدُ الله بنُ يوسفَ أخبرنا مالكٌ عن أبي حازمٍ عن سهلِ بنِ سعدٍ أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال :

 

" لا يزال الناسُ بخيرٍ ما عَجَّلوا الفِطْر".

 

 

أيها الإخوة الكرام:

 

إن ممّا يطلبه الحديثُ تعجيلَ الإفطارِ للصائم، فهذه سنةٌ إذا تحقَّقَ غُروبُ الشمسِ، يقول الله تعالى: " وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْر " سورة البقرة الآيةُ 187، ويقول عليه الصلاة والسلام: "لا تزال أمتي على سنتي، ما لم تنتظرْ بفِطرِها النجومَ". وهناك أحاديثُ أخرى تبينُ أيضا، أن التبكيرَ بالإفطارِ من سنةِ الرسولِ صلى الله عليه وسلم.

 

إلا أن العادةَ قد جرت في عصرِنا الراهن، بأن نتناول طعام الإفطار، إذا أذن المؤذن لصلاة المغرب، كما أن العادةَ جرت أيضا بأنْ يُؤَخَّرَ رَفْعُ أذانِ المغربِ قليلاً عَقِبَ غِيابِ الشمس، وهذا يجعلُ الصائمين يؤخرون الإفطارَ عن موعدِهِ، فهذا التأخيرُ مُخالفٌ للسنة النبوية، فعلى الصائمين أن يتثبتوا من المدةِ التي يُؤخِّر فيها المؤذنون أذانَ المغربِ فيتلافَوْها تحقيقاً لأمرِ رسولِ الله صلى اللهُ عليه وسلم بتعجيلِ الفطرِ، ولو أدى ذلك بهم إلى أن يفطروا قبلَ رَفْعِ الأَذانِ، بشرطِ أن يتحقَّقوا من غِيابِ الشمسِ. فالسنة النبوية أحقُّ وأولى بالإتباع مما جرت به عادة الناس في أيامنا هذه.

 

ويدلُّنا الحديثُ الشريفُ أيضاً على ضرورةِ التزامِ أمرِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، الذي بَلَّغَنا إياهُ عن اللهِ تعالى، فليس لأحدٍ أنْ يقولَ: زيادةُ الخيرِ خيرٌ، فيؤخِّرَ الفطْرَ، لأنَّ الخيرَ لا يعلمُهُ إلاّ اللهُ سبحانه وتعالى، فنمسِكُ عن الطعام والشرابِ حينَ تبيُّنِ الخيطِ الأبيضِ من الخيطِ الأسودِ من الفجرِ كما أمرَ الله تعالى، ونُفطِرُ بدخولِ الليلِ، بغِيابِ الشمسِ. وننفِّذُ أمرَ اللهِ سبحانَه وتعالى على وجهِهِ الذي أرادَه اللهُ، ولا نجعلُ لعقولِناً مدخلاً سوى فهمِ النصّ.

 

وهنا أيضاً لا بدَّ من التنبُّهِ إلى ضرورةِ دخولٍ جزءٍ يسيرٍ من الليل، تحقيقاً لأمرِ اللهِ سبحانه: (ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّليْلِ) فإن الليلَ هو غايةُ الصيامِ، ولا بدَّ من دخولِ جزءٍ من الغايةِ في الْمُغَيَّا لتحقيق الأمر، كما هو مُقَرَّرٌ في علمِ الأصولِ، كمثلِ دخولِ المرافقِ في غَسلِ اليدينِ في الوضوء، لوجود حرف الغاية المكانية(إلى) في قوله تعالى: (وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ)، لكنَّ الغايةَ في الآيةِ موضعِ حديثِنا غايةٌ زمانية، وهي دخولُ بعضِ الليلِ ثم الإفطار.

 

الإخوة الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

 

16 من رمــضان 1433

الموافق 2012/08/04م

 

 

 

 

 

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

 

مع الحديث الشريف

 

باب صوم الصبيان

 

 

 

نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم "مع الحديث الشريف" ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

جاء في فتح الباري شرح صحيح البخاري لابن حجر العسقلاني بتصرف في " باب صوم الصبيان "

 

حدثنا مُسَدَّدٌ حدثنا بِشْرُ بنُ الْمُفَضَّلِ حدثنا خالدُ بنُ ذَكْوَانَ عن الربيعِ بنتِ مُعَوِّذٍ قالت: " أرسل النبيُّ صلى الله عليه وسلم غَداةَ عاشوراءَ إلى قرى الأنصار، من أصبحَ مُفطراً فَلْيُتِمَّ بقيةَ يومِهِ، ومن أصبحَ صائماً فَلْيَصُمْ، قالت: فكنا نصومُهُ بعدُ ونُصَوِّمُ صِبيانَنا، ونجعلُ لهم اللُّعْبَةَ من العِهْنِ، فإذا بكى أحدُهم على الطعامِ أعطيناه ذاكَ حتى يكونَ عندَ الإفطار ".

 

 

المعلومُ في الشريعة، أنَّ التكاليفَ شَرْطُها البلوغُ، فمن بَلَغَ كُلِّفَ، ومنْ لَمْ يَبْلُغْ لَمْ يُكَلَّفْ، فإنْ جاءَ الشرعُ وأمر منْ هو دونَ البلوغِ بالقيامِ بفعلٍ، أو جاء يأمرُ وَلِيَّ الصبيِّ بحملِ الصبيِّ على القيامِ بفعلٍ، فإنما هو من باب التمرين عليه فَحَسْبُ.

 

وإن كان يُثاب على فعلِهِ هو ووليُّهُ، ومن ذلك الصيامُ. فوليُّ الصبي يأمرُ صبيَّهُ بالصيامِ ويَحُثُّهُ عليه دونَ أنْ يصلَ الأمرُ والحثُّ إلى حَدِّ الإكراهِ والإجبارِ، فإن امتثلَ الصبيُّ للأمرِ فبها ونعمت، وإن قَصَّرَ فلا شيء عليه ولا على وليِّه.

 

أما متى يبدأ الطلبُ من الصبي أن يصوم؟ فإن الشرعَ لم يحددْ سناً معينةً كما فعل بخصوص الصلاة، ولا يصحُّ القياسُ في العبادات، فلا يُقاسُ الصيامُ على الصلاةِ، وتبقى السِّنُّ مُطْلَقَةً غيرَ مُقَيَّدَةٍ، والأمرُ كلُّه راجعٌ لتقديرِ أولياءِ الأمورِ، وصحةِ الصبيانِ وقدرتِهم البدنية.

 

فالأصل عند المسلمين أن يعوّدوا أولادَهم الصِّغارَ على أداءِ بعضِ التكاليفِ التي سيقومون بها كِباراً مما يُطيقونَ القيامَ به.

 

 

احبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

 

 

17 من رمــضان 1433

الموافق 2012/08/05م

 

 

 

 

 

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

 

مع الحديث الشريف

 

باب صوم يوم الفطر

 

 

نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

جاء في فتح الباري شرح صحيح البخاري لابن حجر العسقلاني " بتصرف" في " باب صوم يوم الفطر"

 

حدثنا عبدُ اللهِ بنُ يُوسُفَ أخبرنا مالكُ عن ابنِ شِهابٍ، عن أبي عُبَيدٍ مَوْلَى ابْنِ أَزْهَرَ قال: شَهِدتُ العيدُ مع عمرَ بنِ الخطابِ رضيَ الله عنه فقال: "هذانِ يومانِ نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صيامِهِما، يومُ فِطْرِكُم من صِيامِكُمْ، واليومُ الآخَرُ تأكلونَ فيه من نُسُكِكُمْ".

 

أيها الإخوة الكرام:

 

اتفق الفقهاءُ والعلماءُ على حرمةِ صومِ يومَيِ الفِطرِ والأضحى، وهذا الحديثُ فيه نَهْيٌ واضحٌ عن صيامِهما، إلاّ أنَّ النهيَ هنا مجردُ نَهْيٍ لا يُفيدُ الْجَزْمَ؛ بل يُفيدُ الكراهةَ، ولكنْ في الحديثِ الآخَرِ الذي أورده أبو سعيدٍ الْخُدْرِيُّ حيثُ قال: سمعت رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:"لا يَصْلُحُ الصيامُ في يومَيْنِ، يومِ الأضحى ويومِ الفطرِ من رمضان". ففي هذا الحديث وردت عِبارةُ (لا يَصْلُحُ)، الدالةُ على أن النهيَ هنا نهيٌ جازمٌ وأنه للتحريمِ. وهذا يُشبهُ قولَ الرسول - صلى الله عليه وسلم- في الصلاةِ، حيث قال: " إنَّ هذه الصلاةَ لا يَصْلُحُ فيها شيءٌ من كلامِ الناس،..." أو كما قال عليه الصلاة والسلام.

 

ويؤكّدُ الحديثُ أيضاَ أن العباداتِ توقيفيةٌ، نعبدُ اللهَ سبحانه وتعالى بحسبِ ما أمرَ وما أرادَ، وليس بحسب ما تراه عقولُنا، أو تميلُ إليه نفوسُنا، يَدلُّ الحديثُ أننا نعبدُ اللهَ بتناول الطعامِ والشرابِ في هذينِ اليومينِ، لأنّ اللهَ تعالى حرّمَ علينا صيامَ هذينِ اليومين، فلا يجوزُ لمسلمٍ أن يقولَ أريدُ عبادةَ الله بالصيامِ في هذا اليوم، لأنه سبحانه شرعَ لنا أن نعبدَه بالأكل والشرب، شاكرينَ نعمتَه بالفطرِ بعد شهرِ الصيام، وشاكرينَ نعمتَه على بهيمةِ الأنعامِ في الأضحى، فله الحمدُ سبحانه كما يحبُّ ويرضى.

 

أيها الإخوة الكرام، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

 

18 من رمــضان 1433

الموافق 2012/08/06م

 

 

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

 

مع الحديث الشريف

 

باب وجوب صوم رمضان

 

نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

جاء في فتح الباري شرح صحيح البخاري لابن حجر العسقلاني بتصرف في " باب وجوب صوم رمضان":

 

حدثنا قتيبةُ بنُ سعيدٍ حدثنا إسماعيلُ بنُ جعفرٍ عن أبي سُهيلٍ عن أبيهِ عن طلحةَ بنِ عُبيدِ الله، أنّ أعرابياً جاء إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم ثائرَ الرأسِ فقال: يا رسولَ الله أخبرني ماذا فرضَ اللهُ عليَّ من الصلاة؟ فقال: الصلواتُ الخمس، إلا أنْ تَطَوَّعَ شيئاً. فقال: أخبرني ما فرضَ اللهُ عليَّ من الصيام؟ فقال: شهرُ رمضان، إلا أنْ تَطَوَّعَ شيئاً. فقال: أخبرني بما فرضَ اللهُ عليَّ من الزكاة؟ فقال: فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم شرائعَ الإسلام. قال: والذي أكرمك لا أتطوعُ شيئاً ولا أُنْقِصُ مما فرضَ اللهُ عليَّ شيئاً، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أفلح إنْ صَدَقَ، أو دخل الجنة إن صدق.

 

 

 

أيها الإخوة الكرام:

 

إن ممّا جاء في الحديث، أن الصومَ فرضُ عينٍ على كل مسلمٍ بالغٍ عاقلٍ، فهو ركنٌ من أركانِ الإسلامِ الخمسة، وقد ثبت وجوبُهُ بالقرآنِ، والسنة، والإجماع، فقال تعالى: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ". وقال تعالى:" فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ".

 

وقد أجمع الصحابة والمسلمون من بعدهم على فَرْضِيَّةِ الصوم، وعاش المسلمون في عهد الإسلام شهورَ رمضانَ، صياماً وقياماً وتعبداً وذكراً وطاعةً وتقوى، بعيدين عن كل ما يُنَغِّصُ حياتَهم التعبدية، فأَعْطَوْا رمضانَ حقَّهُ الذي عليهم، ونَهَلوا منه ما نَهَلوا، وتمتعوا بهذه العبادة أيَّما تمتع.

 

إلا أننا اليوم نستقبلُ رمضانَ، هذا الضيفَ الكريمَ، وحالُنا لا يَسُرُّ صديقاً، نستقبل هذا الضيفَ بالدماءِ التي تسيلُ من أبناءِ هذه الأمةِ، في كافةِ الميادين، فأينما وضعت إصبعك على خارطة المسلمين، رأيت جرحاً غائراً، ونَزْفاً يتدفقُ، نستقبلُ هذا الشهرَ الكريمَ، بالحكامِ الذين أشبعوا الأمةَ بالمسلسلاتِ الساقطةِ، والمسابقاتِ والفوازيرِ والمسرحياتِ الهابطة، وخِيَمٍ أطلقوا عليها زُوراً وبهتاناً خِيَماً رمضانية، ورمضانُ منها بريء، وغير ذلك الكثيرُ الكثيرُ من البرامج التي تَهْدِفُ إلى إبعادِ الأمةِ عن هذا الفرضِ العظيمِ، ما جعل المسلمين، يفقدون هذه المتعةَ في التعبد، وجعلهم يستصعبونَ هذه العبادةَ، حتى إنَّ بعضَهم تركها، أو صامها خَجَلاً وتماشياً مع الواقع والأعراف.

 

أيها المسلمون: إن رمضانَ حتى يُعاشَ كما أمَرَ اللهُ، لا بدَّ من اكتمالِ تطبيقِ الإسلامِ، فأحكامُهُ آخِذٌ بعضُها برقابِ بعضٍ، لا بدَّ من نظامٍ سياسيٍّ يَجْمَعُ شَمْلَ الأمةِ أولاً، فيشعرَ المسلمُ أنه عزيزٌ، وأنّ هناك مَنْ يحميْهِ ويدافعُ عنه، ولا بد من نظامٍ اجتماعيٍّ، يَمْشِيْ المسلمُ من خلالِهِ في الأسواقِ فلا يرى كاسياتٍ عارياتٍ، ولا بد من نظام تعليمي، يتعلمُ من خلالِهِ المسلمُ أمورَ دينِه ودنياه، فلا يُعلّمُ أو يتعلمُ "خَمْرِيَّاتِ أبي نُوَاسٍ" في هذا الشهرِ الكريمِ ولا في غيرِهِ. ولا بد من نظام قضائي واقتصادي وغيرِه من الأنظمة التي تديرُ دِفَّةَ المجتمع على أساس الإسلام. هذه كلُّها أجواءُ رمضانَ، وليستْ أجواؤُهُ السَّهَرَاتِ الرمضانيةَ ومبارياتِ كرةِ القدمِ ومسابقاتِ الْجَمالِ والألعابِ، فهذا الضَّياعُ جعلَ رمضانَ ضيفاً ثقيلاً على بعضِ المسلمين. ويَعُدُّهُ بعضُهم شهرَ أكلٍ وشربٍ، وشهرَ سهَراتٍ، وشهرَ مسلسلاتٍ وأفلامٍ.

 

وحتى يعودَ إلى عُهودِهِ، شهرَ العزةِ والانتصارات، شهرَ بدرٍ وفتحِ مكةَ وحطينَ وعينِ جالوتَ، لا بد من عودةِ أجواءِ الإسلام، فَتُطَبَّقَ الأحكامُ وأنظمةُ الإسلام، في كافة المجالات، وعلى رأسها عَقْدُ اللواء، وإعلانُ الجهاد، عندها فقط تعيشُ الأمةُ رمضانَ ربِّها، فترضى عنه ويرضى عنها.

 

فإلى العمل ندعوكم أيها المسلمون، لإقامة صرح الإسلام" الخلافة" جامعةِ الأحكام، كي تعيشوا حياةَ رمضانَ، وحياةَ الإسلامِ من جديد. اللهم افتحْ بينَنا وبين إخواننا بالحق وأنت خير الفاتحين.

 

أيها الإخوة الكرام، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

 

19 من رمــضان 1433

الموافق 2012/08/07م

 

 

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

مع الحديث الشريف

 

(باب ما جاء في السحور)

 

 

نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم "مع الحديث الشريف" ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

جاء في حاشية السندي، في شرح سنن ابن ماجة "بتصرف" في " باب ما جاء في السحور"

حدثنا أحمدُ بنُ عَبْدَةَ أنبأنا حَمَّادُ بنُ زيدٍ عن عبدِ العزيزِ بنِ صهيبٍ، عن أنسِ بنِ مالكٍ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " تَسَحَّرُوا فإنَّ في السَّحُورِ بَرَكَةً".

 

 

أيها الإخوة الكرام:

ورد في شأنِ السّحورِ عِدَّةُ أحاديثَ، فالسحورُ بركةٌ أعطانا اللهُ إياه، واللهُ وملائكتُه يُصلّونَ علينا ونحنُ نَتَسَحَّرُ ، ويُفَضَّلُ السّحورُ بالرطبِ وإلا فبالتمرِ، وتَحصُلُ بركةُ السّحورِ بجرعةٍ من ماء. والسَّحور هو فصلٌ ما بين صيامِنا وصيامِ أهلِ الكتاب، ولو لم يكنْ فَضْلٌ للسحورِ إلا صلاةُ اللهِ سبحانه وملائكتِه على المتسحرينَ لَكَفَى. فالسحورُ مُسْتَحَبٌّ وليس بواجبٍ.

أما وقتُ السّحور، فقد قضت السنةُ النبويةُ أنْ يُؤَخَّرَ السحورُ إلى قُبَيْلِ طُلوعِ الفجر، أيْ إلى ما قبلَ طُلوعِ الفجرِ بقليلٍ، بحيثُ يَفْرُغُ المتسحرُ من تناولِ طعامِه وشرابِه قبلَ طلوعِ الفجرِ. فالله تعالى يقول: "حتى يتبينَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأبيضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ"؛ وهذا ما كان عليه صحابة رسولنا الكريم - صلى الله عليه وسلم - حيث كانوا يؤخرون السحور تمسكا بالمندوب وطلبا للثواب، ولم يُعْرَفْ عنهم أنهم كانوا يأكلونَ سحورَهم عند منتصفِ الليل أو حتى بعدَه بساعةٍ أو ساعتين، بل كانوا يلتزمونَ السنةَ في تأخيرِ السحور، وهو ما يفعله غالبُ الناسِ أيضاً في أيامنا هذه.

الإخوة الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

20 من رمــضان 1433

الموافق 2012/08/08م

 

 

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

 

مع الحديث الشريف

 

باب الصائم إذا أكل أو شرب ناسيا

 

 

نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم "مع الحديث الشريف" ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

جاء في فتح الباري شرح صحيح البخاري لابن حجر العسقلاني " بتصرف" في " باب الصائم إذا أكل أو شرب ناسيا".

 

حدثنا عَبْدانُ أخبرَنا يزيدُ بنُ زُرَيْعٍ حدثنا هشامٌ، حدثنا ابنُ سيرينَ عن أبي هريرةَ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" إذا نَسِيَ فَأَكَلَ وَشَرِبَ فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ، فَإِنَّمَا أطْعَمَهُ اللهُ وَسَقَاهُ".

 

أيها الأحبة الكرام:

 

إن هذا الحديثَ وغيرَهُ، لَيُدُلُّ دِلالةً واضحةً، كمْ يَجِبُ أنْ تكونَ العلاقةُ مع اللهِ قويةً، فالصائمُ إذا أفطرَ ناسياً، مَنِ الذيْ يُحَدِّدُ إذا كانَ بالفعلِ ناسياً؟ هل هو الحاكمُ؟ أم ولي الأمر؟ أم من؟ لا يستطيعُ أنْ يعلمَ ذلك إلا اللهُ سبحانه، فهذه العلاقةُ والخصوصيةُ ليست لأحدٍ إلا للمسلمِ، فالحديثُ يبينُ لنا بوضوحٍ أنَّ من أكلَ أو شربَ ناسيا، فلا قَضاءَ عليه ولا كَفَّارة، وصومُه صحيحٌ، سواءٌ منه ما كان فرضاً كصوم رمضان، أو كانَ تطوعاً، وسواءٌ أكانَ الأكلُ والشربُ وصلا إلى درجةِ الشِّبَعِ أم كانَ دونه.

 

وكذلك بيَّنَ لنا الحديثُ أنِّ هذا الأكلَ والشربَ من الصائمِ في حالةِ النسيانِ إنما هو هِبَةٌ من اللهِ سبحانه وتعالى لعبدِه، يطعمُهُ ويسقيه.

 

وانظروا عبادَ الله، يطعمُهُ ويسقيهِ وهو صائمٌ للهِ تعالى، وعابدٌ له وحدَهُ، ثم يثيبُه ويَجزيهِ الجنةَ.

 

فهل من رحمةٍ أكبرُ من هذهِ الرحمةِ؟

 

فانظروا إلى رحمة الله يرحمْكم اللهُ.

 

وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

21 من رمــضان 1433

الموافق 2012/08/09م

 

 

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

 

مع الحديث الشريف

 

باب صدقة الفطر

 

 

نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم "مع الحديث الشريف" ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

جاء في حاشية السندي، في شرح سنن ابن ماجة "بتصرف"، في باب " باب صدقة الفطر"

 

حدثنا محمدُ بنُ رُمْحٍ المصريُّ أنبأنا الليثُ بنُ سَعْدٍ عن نافعٍ عن ابنِ عُمَرَ، أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم أمَرَ بزكاةِ الفطر، صاعاً من تمرٍ أو صاعاً من شعير، قال عبدُ الله فجعلَ الناسُ عِدْلَهُ مُدَّيْنِ من حِنْطَةٍ.

 

قوله ( أمَرَ ) أي أمر إيجاب ( صاعا من تمر أو صاعا من شعير ) تخصيصهما لكونهما غالب القوت في المدينة المنورة في تلك الأيام.

 

صدقة الفطر أو زكاة الفطر، هي زكاة كسائر الزكوات، فهي صنف من أصناف الزكاة، ولكنها تتعلق بالصوم، وقد سُميت بهذا الاسم، لأن الفطر بعد الصوم هو السبب فيها، أو لأنها تجب بالفطر. وهي فرض كما وردت بالحديث بلفظة (أمَرَ). أما الأصناف التي تُجزىء في صدقة الفطر، فكما أنه يُجزىء إخراج القمح والتمر والشعير والزبيب والإقط والسُّلت، وحتى الدقيق والسويق، ففي عصرنا الراهن دخل الأرز والفول والحمص والفاصولياء واللوبياء والبازيلاء والعدس في طعامنا الذي نقتات به، فصارت هذه الأصناف مجزئة في زكاة الفطر، كما وأنه يُجزئ إخراج قيمة أي صنف من هذه الأصناف، بشرط معادلته بها، فقيمة الشيء معادلة له.

 

احبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

 

22 من رمــضان 1433

الموافق 2012/08/10م

 

 

 

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

 

مع الحديث الشريف

 

قالت الأنصار للنبي اقسم بيننا وبين إخواننا

 

 

 

نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم "مع الحديث الشريف" ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

روى البخاري في صحيحه قال: حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَتْ الْأَنْصَارُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إقْسِمْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ إِخْوَانِنَا النَّخِيلَ . قَالَ : لَا . فَقَالُوا : تَكْفُونَا الْمَئُونَةَ وَنَشْرَكْكُمْ فِي الثَّمَرَةِ , قَالُوا : سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا

 

 

قَوْله : ( قَالَتْ الْأَنْصَار )

 

أَيْ حِين قَدِمَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَة ، وَسَيَأْتِي فِي الْهِبَة مِنْ حَدِيث أَنَس قَالَ : " لَمَّا قَدِمَ الْمُهَاجِرُونَ الْمَدِينَة قَاسَمَهُمْ الْأَنْصَار عَلَى أَنْ يُعْطُوهُمْ ثِمَار أَمْوَالهمْ وَيَكْفُوهُمْ الْمَئُونَة وَالْعَمَل " الْحَدِيث .

قَوْله : ( النَّخِيلَ )

فِي رِوَايَة الْكُشْمِيهَنِيِّ " النَّخْل " وَالنَّخِيل جَمْع نَخْل كَالْعَبِيدِ جَمْع عَبْد وَهُوَ جَمْع نَادِر .

قَوْله : ( الْمَئُونَة )

أَيْ الْعَمَل فِي الْبَسَاتِين مِنْ سَقْيهَا وَالْقِيَام عَلَيْهَا ، قَالَ الْمُهَلَّب : إِنَّمَا قَالَ لَهُمْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " لَا " لِأَنَّهُ عَلِمَ أَنَّ الْفُتُوح سَتُفْتَحُ عَلَيْهِمْ فَكَرِهَ أَنْ يَخْرُج شَيْء مِنْ عَقَار الْأَنْصَار عَنْهُمْ ، فَلَمَّا فَهِمَ الْأَنْصَار ذَلِكَ جَمَعُوا بَيْن الْمَصْلَحَتَيْنِ : اِمْتِثَال مَا أَمَرَهُمْ بِهِ ، وَتَعْجِيل مُوَاسَاة إِخْوَانهمْ الْمُهَاجِرِينَ ، فَسَأَلُوهُمْ أَنْ يُسَاعِدُوهُمْ فِي الْعَمَل وَيُشْرِكُوهُمْ فِي الثَّمَر . قَالَ : وَهَذِهِ هِيَ الْمُسَاقَاة بِعَيْنِهَا

 

الإخوة الكرام

في هذا الحديث الشريف نتعرف على أحد الأعمال التي جعلها الشرع سبباً من أسباب التملك الشرعية .....إنه المساقاة . وهي أن يدفع أحدٌ أرضه المغروسةَ شجراً لآخر ليسقيها ويعتني بها مقابل جزء معلوم من الثمر.

وهو عمل مباح بدلالة الحديث.

والمساقاة غير المزارعة.

فالمزارعة : أن يدفع أحدٌ أرضه الملساءَ (غيرَ المزروعة) لآخر ليزرعها زراعة موسمية مقابل جزء من ناتج الأرض أو مبلغ من المال ....

وفي حين أن المساقاة من الأعمال المباحة شرعاً فإن المزارعة من الأعمال المحرمة, فقد جاء في صحيح البخاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من كانت له أرض فليزرعها أو ليمنحها أخاه, فإن أبى فليمسك أرضه.

وجاء في صحيح مسلم : " نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يؤخذ للأرض أجر أو حظ"

فلننتبه إخوتي الكرام في تعاملنا مع ما تحت أيدينا من أراض, فما كانت شجرية فإنه يجوز تأجيرها مقابل جزء من ناتجها أو مقابل كمية من المال أو النقود لا فرق، فكلها كسب مباح وملكه شرعي بلا خلاف.

أما ما كانت ملساء تزرع موسميا فإنه يحرم تأجيرُها سواء مقابل جزء من ناتجها أو مقابل مبلغ من المال أو أي شيء آخر.

إن مثل هذه الأحكام يغفل عنها الكثيرون أو لا يعرفونها بسبب غياب أحكام الإسلام عن رعاية شؤوننا ....لكن عندما تعود دولة الإسلام قريبا بإذن الله وتعيد تطبيق شرع الله فلن تعود مثل هذه الأحكام مجهولة عند المسلمين خاصة المزارعين منهم, لأنه لا يقتصر أثرها على حياتهم في الدنيا بل يمتد ليؤثر على مصيرهم في الآخرة.

 

الإخوة الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

 

23 من رمــضان 1433

الموافق 2012/08/11م

 

 

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

 

مع الحديث الشريف

 

باب ما جاء في السواك والكحل للصائم

 

 

نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم "مع الحديث الشريف" ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

جاء في حاشية السندي، في شرح سنن ابن ماجة "بتصرف"، في باب " ما جاء في السِّواك والكُحْل للصائم "

 

حدثنا عثمانُ بنُ محمدِ بنِ أبي شَيْبَةَ حدثنا أبو إسماعيلَ المؤدبُ، عن مُجَالِدٍ عن الشعبيِّ عنْ مَسْرُوقٍ عن عَائشةَ قالت: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: " مِنْ خَيْرِ خِصالِ الصائمِ السِّواكُ ".

 

السواك مندوب ومسنون للصائم ولغير الصائم، وفي كل حين، أما من ذَكَرَ أن الخُلُوف - وهو تغيُّر رائحة الفم عند الصوم- تُكره إزالَتُه بالسِّواكِ في آخرِ النهار، لأنّ الخُلُوف كما ورد في الأحاديث، أطيبُ من رائحة المسك، فيُنْدَبُ بَقاؤُهُ في آخرِ النهارِ وتُكرَهُ إزالتُهُ، فهذا ليس دليلا على كراهةِ السواك. فالقاعدة العامة تقول: إن إدخال أي مادة في الفم لا يفطّر الصائم، إلا إنْ بَلَعَ ما تَحَلَّلَ منها مِمَّا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ منه، أما إنْ لم يُمكن ِالتحرزُ منه كالقليلِ القليل، فلا شيءَ فيه. وبَحَسبِ هذه القاعدةِ يمكنُ القولُ: إن إدخال ميزان الحرارة في الفم لقياس درجة الحرارة جائز، وإن حفرَ الأسنانِ وتلبيسَها جائز، ولا يُفطِّرُ الصائم، ولا يُفطِر إلا إنْ تَسَرَّبَ إلى حَلْقِهِ شيءٌ من المواد الداخلةِ في فمِهِ وبَلَعَهُ. أما بقايا الأكل بين الأسنان، فإنها إن بقيت في مكانها فلا خلاف في أنها لا تفطِّر، ولا تفطر كذلك إن ازْدَرَدَ الصائمُ شيئا منه وإن كان يسيرا، لأن الشرع عفا عن اليسير، مما لا يمكن التحرز منه، وأما إن تجمع في فمه منها كمية، وشكلت جسما يبلع، فإنه واجبٌ طَرْحُهُ ولَفْظُهُ، فإن بلَعَه أفطر، كحالِ بَلْعِ حَبَّةِ العَدَس. أما ما يضعه المريض بالقلب والجلطات من حبة تحت اللسان، لتذوب تدريجيا كعلاج للحالة عند اشتدادها، فإن ذلك يفطّر الصائم قولا واحدا، إذ لا فرق بين بلع الحبة دفعة واحدة أو بلعها تدريجيا، ومثلها القطرة في الفم، لتشرب كعلاج كما هو الحال في التطعيم ضد الشلل، فإنها تفطّر الصائم.

 

احبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

 

24 من رمــضان 1433

الموافق 2012/08/12م

 

 

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

 

مع الحديث الشريف

 

( باب ما جاء في الصائم يقيء )

 

نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم "مع الحديث الشريف" ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

جاء في حاشية السندي، في شرح سنن ابن ماجة "بتصرف" في " باب ما جاء في الصائم يقيء".

 

حدثنا عُبَيْدُ الله بنُ عبدِ الكريم، حدثنا الْحَكَمُ بنُ موسى حدثنا عيسى بنُ يونُسَ، حدثنا حفصُ بنُ غِيَاثٍ جميعاً عن هشامٍ عن ابنِ سيرينَ عن أبي هريرةَ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:

 

"مَنْ ذَرَعَهُ القَيْءُ فلا قضاءَ عليه ومَنِ اسْتَقَاءَ فعليهِ القضاءُ"

 

 

 

 

قوله ( مَنْ ذَرَعَهُ الْقَيْءُ ) بالذالِ الْمُعْجَمَةِ أيْ سَبَقَهُ وغَلَبَهُ في الخروج والله أعلم.

 

أيها الكرام:

 

إن ما يرشد إليه الحديث، أن من غَلَبَهُ القيءُ فقاءَ رغماً عنه فصيامه صحيح، وبالتالي فلا قضاء عليه، ولكن من استقاءَ، أي قاءَ بإرادته فقد أفطر، وبالتالي عليه القضاء. وقد وردت لفظة (قاءَ) في أكثر من حديث بمعنى استقاء، فقد ورد عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أنه قاءَ فأفطر. وعليه فالْمُتُقَيِّءُ عَمْداً يجب عليه القضاء، والقضاء فقط دون الكفارة، لأن النصوص قد رتبت على الْمُتَقَيِّءِ عمداً القضاءَ ولم يَرِدْ للكفارةِ ذِكْرٌ هنا.

 

 

 

25 من رمــضان 1433

الموافق 2012/08/13م

 

 

 

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

 

مع الحديث الشريف

 

باب هل يقول إني صائم إذا شتم

 

 

نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم "مع الحديث الشريف" ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

جاء في فتح الباري شرح صحيح البخاري لابن حجر العسقلاني " بتصرف" في "باب هل يقول إني صائم إذا شتم".

 

حدثنا إبراهيمُ بنُ موسى أخبرنا هشامُ بنُ يوسفَ عن ابنِ جُرَيْجٍ قال: أخبرني عَطاءٌ عن أبي صالحٍ الزياتِ، أنه سمع أبا هريرة رضي الله عنه يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " قال الله: كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به، والصيام جنة، وإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يَرْفُثْ ولا يَصْخَبْ، فإن سابَّهُ أحدٌ أو قاتَلَهُ فليقلْ إني امْرُؤٌ صائمٌ، والذي نفس محمد بيده، لَخَلُوفُ فمِ الصائمِ أطيبُ عندَ الله من ريح المسك، للصائمِ فرحتانِ يفرحُهُما، إذا أفطرَ فرِحَ، وإذا لقيَ ربَّهُ فَرِحَ بصومِهِ".

 

 

أيها الإخوة الكرام:

 

يأتي علينا رمضان هذا العام في أجواء حارة وغير ما تعودنا عليه في أعوام سابقة، والإنسان بطبيعته عندما يعيش أجواءً صعبة يصبح مضغوطا، ولا بد له هنا من مداومة التمسك بأخلاقيات الصوم، فإن سابَّهُ أحد أو أسمعه ما يكره، فعليه تذكر حديث الرسول- صلى الله عليه وسلم- وليقل: "إني امْرُؤٌ صائم"، فمن المحزن أن نسمع عن مشاكل وحوادث اقتتال بين بعض المسلمين قبيل ساعات الإفطار، ما يفسد على هؤلاء صيامهم، فالصائم مأمور بحفظ جوارحه عن معصية الله تعالى، فالمطلوبُ في الصيامِ الامتناعُ عن الطعام والشراب، وكذلك الإمساكُ عن معصية الله تعالى، وتحقيقُ تقوى الله تعالى، قال تعالى: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُم لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ"، وقال عليه الصلاة والسلام:" من لم يَدَعْ قولَ الزورِ والجهلَ والعملَ به فليس لله حاجةٌ في أن يَدَعَ طعامَهُ وشَرابَهُ".

 

وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

 

28 من رمــضان 1433

الموافق 2012/08/16م

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

 

مع الحديث الشريف

 

ما جاء في صيام ثلاثة أيام من كل شهر

 

 

نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم "مع الحديث الشريف" ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

جاء في حاشية السندي، في شرح سنن ابن ماجة "بتصرف"، في باب " ما جاء في صيام ثلاثة أيام من كل شهر ".

 

حدثنا أبو بكرٍ بنُ أبي شَيْبَةَ حدثنا يَزِيدُ بنُ هارونَ، أنبأنا شعبةُ عن أَنَسِ بنِ سيرينَ عن عبدِ الملكِ بنِ الْمِنْهَالِ عن أبيهِ عن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، " أنَّه كانَ يأمُرُ بصيامِ البِيْضِ ثلاثَ عَشْرَةَ وأربعَ عشْرَةَ وخَمْسَ عَشْرَةَ ويقول: هو كصوم الدهر أو كهيئة صومِ الدهر" .

 

إن مما شُرع للمسلمين من صيام التطوع، صيامَ ثلاثةِ أيام من كل شهر، وقد جاءت النصوصُ بذكرِها والحثِّ عليها، وأنَّ مَنْ صامَها فكأنما صامَ الدهرَ كلَّهُ، وذلك أن الحسنةَ بعَشْرِ أمثالِها، فصيامُ ثلاثةِ أيامٍ من الشهرِ يَعْدِلُ صيامَ ثلاثينَ يوماً، أيِ الشهرَ كُلَّهُ، فمنْ داوم عليها كل شهرٍ فكأنما صامَ الأشهرَ كلَّها، وهو صيامُ الدهرِ، وإنَّ مِنْ فضلِ صيامِ هذه الأيامِ إضافةً إلى الحسناتِ والثوابِ في الآخرة، أنها تَغْسِلُ الصدورَ والقلوبَ من أدرانِها وأمراضِها، من مثلِ الوساوسِ والضغائنِ والأحقادِ والعَداواتِ وما إلى ذلك، فليحرصِ المسلمُ على صيامِها ليجنيَ خيرَها في الدنيا قبلَ الآخرة.

 

 

 

احبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

 

29 من رمــضان 1433

الموافق 2012/08/17م

 

 

 

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

 

مع الحديث الشريف

 

وضع الصيام عن الحائض

 

 

 

نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم "مع الحديث الشريف" ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

جاء في شرح السيوطي، لسنن النسائي "بتصرف" في " وضع الصيام عن الحائض"

 

أخبرَنا عليُّ بنُ حَجَرٍ قال أنبأنا عليٌّ يعني ابنَ مِسْهَرٍ، عن سعيدٍ عن قَتَادةَ عن مُعَاذةَ العَدَوِيَّةِ، " أن امرأةً سألتْ عائشةَ: أتقضِيْ الحائضُ الصلاةَ إذا طَهُرَتْ؟ قالت: أَحَرُوْرِيَّةٌ أنتِ؟ كُنَّا نَحِيضُ على عهدِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، ثم نَطْهُرُ فيأمُرُنا بقضاءِ الصومِ ولا يأمرُنا بقضاءِ الصَّلاةِ".

 

 

أيها الإخوة الكرام:

 

إن الله سبحانه قد وضع الصلاة عن الحائض والنفساء، ورفع تكليفهما بهما، فلا صلاة عليهما في فترتي الحيض والنَّفاس، كما لا قضاء عليهما للصلاة عقب انقضاء الفترتين، وليس كذلك الصيام، فالصيام لم يرفع تكليفهما به، وإنما أخر الله سبحانه أداءَهما إياه إلى ما بعد انتهاء انقضاء الفترتين، فكون الحائض والنفساء تقضيان الصوم عقب الفترتين، فهو دليل على أن الصيام لم يسقط عنهما كما سقطت الصلاة، ولم يرفع عنهما التكليف وإنما جرى تأخير أدائه فحسب. والْحَرُوْرِيَّةُ اسمٌ يطلق على فرقة من الخوارج كانت قد ظهرت في قرية حَرُوْرَاءَ قربَ الكوفة بالعراق فنُسبوا إليها.

 

 

أما لماذا لم يساوِ رب العالمين بين الصلاة والصيام بخصوص الحائض والنفساء؟ فالجواب عليه هو أن الصلاة عبادة وكذلك الصيام، والعبادات لا تعلل ولا تلتمس لها علل إلا إن وردت في النصوص فتُؤخذ عندئذٍ، وفي مسألتنا هذا لا توجد علة لهذا التفريق، فنقول بالتفريق دون تعليل، ودون أن نأتي بعلة من عند أنفسنا، كمن يقول: إن الصلاة عمل دائم في الليل والنهار وعلى مدى الحياة، فلو سقط التكليف بها بضعة أيام فإن ذلك لا يؤثر فيها، بخلاف الصوم الذي لا يأتي في العام إلا في رمضان، فإن نُفست امرأة في أول الشهر، فإنها لا تصوم سنتها كلها، وربما تكرر ذلك معها في أعوام قادمة، فتحرم من الصوم أعواما عدة، ولذا أُمرت بقضاء الصيام ولم تؤمر بقضاء الصلاة لأجل ذلك. فهذا القول وهذا التعليل خطأ لا يجوز لفقيه ولا لغيره أن يقوله.

 

الإخوة الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

30 من رمــضان 1433

الموافق 2012/08/18م

 

 

 

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

 

مع الحديث الشريف

 

وضع الصيام عن الحبلى والمرضع

 

 

نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم " مع الحديث الشريف " ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

جاء في شرح السيوطي، لسنن النسائي "بتصرف" في " باب وضع الصيام عن الحبلى والمرضع ".

 

أخبرنا عَمْرُو بْنُ منصورٍ قال: حدثنا مسلمُ بنُ إبراهيمَ عن وُهَيْبِ بنِ خالدٍ قال: حدثنا عبدُ الله بن سَوادَةَ القُشَيرِيُّ عن أبيه عن أنسِ بنِ مالكٍ رجلٍ منهم، أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة وهو يتغدى فقال له النبيُّ صلى الله عليه وسلم: " هَلُمَّ إلى الغَداء، فقال إني صائم، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله عز وجل وضع للمسافر الصومَ وشَطْرَ الصلاة، وعن الحبلى والمرضع ".

 

 

إن الحامل والمرضع تفطران فهذا ما لا خلاف فيه بين الفقهاء، فإن الحبلى إذا خشيت بسبب الحبل على نفسها فإن لها أن تفطر، وإن المرضع إذا خشيت بسبب الإرضاع على ولدها فإن لها أن تفطر، وأما إن عُدمت الخشيةُ من الحبلى والمرضع فلا يصح لهما الإفطار، فالعام يحمل دائما على الخاص. أما القضاء فإنه لا بد منه، فالحديث الذي بين أيدينا قد أعطى حكما واحدا لكل من المسافر والحبلى والمرضع، وهو أن الله سبحانه قد وضع عنهم الصوم، ولم يفرق بينهم بخصوصه، ولذا فإن القائلين بالتفريق قد أخطأوا فيما ذهبوا إليه. وحيث إن المسافر يقضي صومه، فإن كلا من الحبلى والمرضع تقضيان صومها كذلك، ولا يُلتفت إلى رأي من قال إن الحبلى والمرضع لا تقضيان الصوم. أما القول إن الحامل والمرضع تفطران وتطعمان، فإنه لا دليل عليه من الشرع، لا من كتاب الله سبحانه، ولا من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

 

احبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

01 من شوال 1433

الموافق 2012/08/19م

 

 

 

رابط هذا التعليق
شارك

Join the conversation

You can post now and register later. If you have an account, sign in now to post with your account.

زوار
اضف رد علي هذا الموضوع....

×   Pasted as rich text.   Paste as plain text instead

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   Your previous content has been restored.   Clear editor

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.

جاري التحميل

×
×
  • اضف...