اذهب الي المحتوي
منتدى العقاب

الله حقيقة وليس فكرة خيالية


Recommended Posts

الفقه الأكبر

الله حقيقة وليس فكرة خيالية

بقلم – أبو أنس

 

ذكر المتقي المكي في مناقب أبي حنيفة مناظرة جرت بين الإمام أبي حنيفة وبين جماعة من الملحدين: " قال لهم أبو حنيفة: " ما تقولون في رجل يقول لكم إني رأيت سفينة مشحونة بالأحمال مملوءة بالأمتعة؛ وقد احتوشَتْها في لجة البحر أمواجٌ متلاطمة والرياح مختلفة؛ وهي من بينها تجري مستوية ليس فيها ملّاحٌ يُجريها ويقودها ويسوقها؛ ولا متعهد يدفعها هل يجوز ذلك بالعقل ؟؟ " ، قالوا: " لا؛ هذا لا يقبله العقل ولا يُجَوِّزه الوهم، فقال لهم أبو حنيفة: " يا سبحان الله، إذا لم يُجَوِّزِ العقلُ وجودَ سفينة تجري مستوية من غير سائق فكيف يُجَوِّزُ قيامَ الدنيا على اختلاف أحوالها وتغير أمورها وسعة أطرافها وتباين أطرافها من غير صانع وحافظ ومحدث لها؟؟!! " .

لا والله، " فاعلم أنه لا إله إلا الله " ، لا بد لهذا الكون من خالق يخلقه ويدبره ويرعى شؤونه، وهذا الخالق ليس فكرة متخيلة في الأذهان، يُعتَقد بوجودها فيُبتَعدُ عن الشر ويُقتَرب من الخير بدافع هذه الفكرة، فلذلك يؤمنون بوجود الله حتى يظلَّ الناسُ مدفوعين إلى الخير بدافع داخلي يسمونه " الوازع الديني " ، ولكن هؤلاء ما أسهل ما يُجَرُّون إلى الإلحاد بمجرد أن يندفع العقل بالتفكير بلمس وجود هذه الفكرة " الله " ، فإن لم يُلمَس وجودُها ولم يُدرَك لها أثرٌ، جحد وكفر بها. وفوق هذا فإن الإيمان بأن الله فكرة وليس حقيقة يجعل الخيرَ والشر أيضاً فكرة وليس حقيقة فيتقدم إلى الخير ويبتعد عن الشر بقدر ما يُتخيَّل فيها من الخير أو الشر، والذي أدى بهؤلاء إلى هذا النوع من الإيمان أنهم لم يستعملوا العقل في الوصول إلى الإيمان بالله، ولم يهتدوا إلى العقيدة الصحيحة الناشئة عن حل الأسئلة الطبيعية عن الكون والإنسان والحياة؛ وعن ما قبلها وهو الله؛ وعن ما بعدها وهو يوم القيامة؛ وأن الإنسان بهذه الحياة مُقَيَّدٌ بأوامر الله ونواهيه ( الحلال والحرام ) ومُقَيَّدٌ بالمحاسبة على اتباع الأوامر واجتناب النواهي وهذه صلة الحياة بما بعدها، فالصواب أن الله حقيقة وليس فكرة، وأن وجوده ملموس محسوس - وإن كانت ذاته يستحيل إدراكها - ، ألا ترى أنك تسمع دوي طائرة في السماء ولا تراها لأنك جالس داخل غرفتك ومع ذلك فإنك تحس بصوتها وتدرك وجودها وإن لم تراها ولم تحس بوجودها؛ فوجود الطائرة حقيقة وليس فكرة وكذلك الأشياء المدركة المحسوسة كونها محتاجة إلى غيرها أمر قطعي لأنه مشاهد محسوس، فالأجرام السماوية تحتاج الى نظام والنار حتى تحترق تحتاج لمن يستعملها، وهكذا كل شيء مدرك محسوس يحتاج إلى غيره، فكون الأشياء مخلوقةً أمر قطعي فالإحساس بالمخلوقات كالإحساس بصوت الطائرة أمر قطعي؛ ووجود خالق لهذه المخلوقات صدرت عنه كوجود الطائرة التي صدر عنها صوت الطائرة أمر قطعي؛ فصار وجود الخالق للمخلوقات أمر قطعي. قال تعالى: " إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الالباب " ، فوجود الخالق أمر حقيقي لمسه الإنسان بالحس وليس فكرة تخيلها الإنسان في ذهنه.

فنؤمن بالله عز وجل ونوحده توحيدَ ربوبيةٍ وألوهيةٍ:

  • ربوبية: أي إفراد الله بالخلق " هل من خالق غير الله يرزقكم من السماء والأرض " ، وبالملك " تبارك الذي بيده الملك وهو على كل شيء قدير " ، والتدبير " ألا له الخلق والأمر " .
  • ألوهية: أي إفراد الله عز وجل بالعبادة " إياك نعبد وإياك نستعين "

فالله حقيقة يلمس وجودها بالحس من خلال مخلوقاته، فالإنسان حين يخاف من الله، يخاف من ذات موجودة حقيقية، وحين يعبد الله يعبد ذاتاً موجودة حقيقية، قال تعالى: " إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار " .

 

من مجلة منهاج النبوة العدد الأول

رابط هذا التعليق
شارك

Join the conversation

You can post now and register later. If you have an account, sign in now to post with your account.

زوار
اضف رد علي هذا الموضوع....

×   Pasted as rich text.   Paste as plain text instead

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   Your previous content has been restored.   Clear editor

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.

جاري التحميل
×
×
  • اضف...