اذهب الي المحتوي
منتدى العقاب

مفهوم السياسة الشرعية


Recommended Posts

مفاهيم سياسية

مفهوم السياسة الشرعية

بقلم – أبو قتادة رحمه الله تعالى

 

السياسة هي رعاية شؤون الأمة داخلياً وخارجياً، وتكون من قبل الدولة والأمة، فالدولة هي التي تباشر هذه الرعاية عملياً، والأمة هي التي تحاسب بها الدولة.

هذا هو تعريف السياسة، وهو وصف لواقع السياسة من حيث هي، وهو معناها اللغوي في مادة ساس يسوس سياسة بمعنى رعى شؤونه، قال في المحيط: "وسست الرعية سياسة أمرتها ونهيتها"، وهذا هو رعاية شؤونها بالأوامر والنواهي، وأيضاً فإن الأحاديث الواردة في عمل الحاكم، والواردة في محاسبة الحكام، والواردة في الاهتمام بمصالح المسلمين يستنبط من مجموعها هذا التعريف، فقد روى مسلم عن أبي حازم قال: قاعدت أبا هريرةرضي الله عنه خمس سنين فسمعته يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء ، كلما هلك نبي خَلَفَه نبي، وأنه لا نبي بعدي، وستكون خلفاء فتكثر، قالوا: فما تأمرنا؟ قال: فوا ببيعة الأول فالأول، وأعطوهم حقهم، فإن الله سائلهم عما استرعاهم " رواه مسلم، وقوله صلى الله عليه وسلم : " ما من عبد يسترعيه الله رعية لم يحطها بنصيحة إلا لم يجد رائحة الجنة " رواه مسلم، وقوله عليه السلام: " ما من والٍ يلي رعية من المسلمين فيموت وهو غاش لهم إلا حرم الله عليه الجنة " رواه البخاري، وقوله صلى الله عليه وسلم : " ستكون أمراء فتعرفون وتنكرون، فمن عرف فقد برئ ومن أنكر فقد سلم ولكن من رضي وتابع " رواه مسلم والترمذي، وقوله صلى الله عليه وسلم : "من أصبح وَهَمُّهُ غيرُ الله فليس من الله، ومن أصبح لا يهتم بالمسلمين فليس منهم " رواه الحاكم، وعن جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال: " بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة والنصح لكل مسلم " متفق عليه، فهذه الأحاديث كلها سواء ما يتعلق بالحاكم في توليه الحكم، أو ما يتعلق بالأمة التي تحاسب الحاكم، أو ما يتعلق بالمسلمين بعضهم مع بعض من الاهتمام بمصالحهم والنصح لهم، كلها يستنبط منها تعريف السياسة بأنها: رعاية شؤون الأمة، فيكون تعريف السياسة المتقدم تعريفاً شرعياً مستنبطاً من الأدلة الشرعية.

ومنذ أن هُدمت دولة الإسلام وطُبقت أنظمة الكفر السياسية في البلاد الإسلامية، انتهى الإسلام من كونه سياسياً، وحل محله الفكر السياسي الغربي المنبثق عن عقيدة المبدأ الرأسمالي، عقيدة فصل الدين عن الحياة.

ومما يجب أن تدركه الأمة الإسلامية، أن رعاية شؤونها بالإسلام لا تكون إلاّ بدولة إسلامية، وأن فصل الإسلام السياسي عن الحياة وعن الدين، هو وأد للإسلام وأنظمته وأحكامه، وسحق للأمة وقيمها وحضارتها ورسالتها.

ومن أمثلة السياسة في عصر الراشدين رضوان الله عليهم: ما قام به أبو بكر رضي الله عنه من استخلافه لعمر ، وما قام به عمر مِن جَعْلِ أمر الخلافة شورى في ستة من أفاضل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم رعايةً لمصلحة الأمة وتجنيبها مضرة الاختلاف، ومن ذلك جَمْعُ عثمان رضي الله عنه المسلمين على مصحف واحد، وإحراق ما سواه من المصاحف ،وكذلك ما أمر به عثمان من إمساك ضوال الإبل لما ضعفت الأمانة، وصار تركها مضيعًا لها على أصحابها، والأمثلة في هذا كثيرة، والجامع بينها تحقيق المصلحة ودفع المضرة من غير مخالفة للشريعة.

وعليه لا بد من أن تعي الأمة الإسلامية معنى السياسة لغة وشرعاً، وأن الإسلام السياسي لا يوجد إلاّ بدولة الإسلام، ولا يعتبر حياً إلاّ بهذه الدولة، باعتبارها كياناً سياسياً تنفيذياً لتطبيق أحكام الإسلام وتنفيذها، وهي الطريقة الشرعية التي تُنفَّذُ بها أحكامُ الإسلام وأنظمتُه في الحياة العامة، وأن الله قد أوجب على الأمة تطبيق هذه الأحكام، وحرم الاحتكام لأنظمة الكفر، لمخالفتها للإسلام ولأنها من وضع البشر.

 

من مجلة منهاج النبوة العدد الأول

رابط هذا التعليق
شارك

Join the conversation

You can post now and register later. If you have an account, sign in now to post with your account.

زوار
اضف رد علي هذا الموضوع....

×   Pasted as rich text.   Paste as plain text instead

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   Your previous content has been restored.   Clear editor

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.

جاري التحميل
×
×
  • اضف...