اذهب الي المحتوي
منتدى العقاب

تقرير لجنة أبوت آباد ورئيس أركان الجيش القادم / عابد مصطفى


Recommended Posts

بسم الله الرحمن الرحيم

 

مقالة

 

 

تقرير لجنة أبوت آباد ورئيس أركان الجيش القادم

 

 

 

أعلنت الحكومة الباكستانية يوم السبت في 20 من يوليو/تموز 2013م أنّها كانت تفكر في إصدار نسخة من تقرير لجنة أبوت آباد، الذي يعبر عن فشل الاستخبارات الباكستانية في الاطّلاع على عملية قتل أسامة بن لادن. وعلى الرغم من مداولات الحكومة في قرار الكشف عن التقرير أم لا، فقد تسببت النسخة المسربة بضربات لا يمكن معالجتها للقوات المسلحة وبحد أقل للقيادة السياسية، وأصبح معظم الناس يضعون اللوم على دوائر الاستخبارات.

 

يرسم التقرير صورة دامغة حول سلوك الحكومة والجيش الفاشل في الكشف عن مكان أسامة بن لادن على مدى العقد الماضي أو نحو ذلك، فمقتطفات من التقرير مثل "عدم الكفاءة وعدم المسئولية" و"إهمال تحت طائلة المسئولية، وعدم كفاءة ما يقرب جميع مستويات الحكومة" تمثل حرجاً كبيراً للقيادة السياسية والعسكرية. كما جاء في التقرير: "إنّ الحادث دليل دامغ على عدم كفاءة الأمن والاستخبارات في منطقة أبوت أباد، وإهمالها على أقل تقدير"، لكن على الرغم من هذه الانتقادات الصارخة لكل من الجيش والحكومة والاستخبارات إلا أنّهم استمروا في أعمالهم الخيانية كالمعتاد كأنّ شيئاً لم يكن، حتى إنّهم تجاهلوا التقرير وظلوا يناقشون من سيخلف أشفق برويز كياني رئيس أركان الجيش الحالي بعد تقاعده في 28 من نوفمبر/تشرين الثاني 2013م.

 

ولكن قبل الحديث عن هذا الموضوع، فإنّه لا بد من التطرق لمسألة وضع اللوم جله على الجيش الباكستاني في الوقوف وراء الفشل الذريع لحادث أبوت آباد، فهناك ثلاث شخصيات رئيسية يجب أن تُحاكم على هذا الحادث المهين وهي: برويز مشرف، وربيبه كياني، وشريكه شجاع باشا.

 

مشرف هو السبب الرئيسي وراء ذلك، فهو من أسس لتعاون باكستان مع الأمريكيين في عام 2001م، وهو الذي أوجد عند القوات المسلحة الباكستانية عقلية النظر بإكبار إلى أمريكا والتواطؤ معها، وهو الذي مكّنها من تنفيذ حربها على الإرهاب داخل باكستان والإفلات دون عقاب. أما بعد الإطاحة بمشرف عن منصبه، فقد أعطيت عباءة إخضاع القوات المسلحة الباكستانية لأهواء أميركا إلى أشفق كياني (رئيس الاستخبارات الباكستانية السابق في عهد مشرف)، والذي أثبت أنّه أكثر حماساً لمساعدة أمريكا على تثبيت مخالبها في باكستان، وقد عمل خلال فترة توليه منصب رئيس الأركان مع رئيس الاستخبارات شجاع باشا على التأكد من أن يظل الجيش الباكستاني عاجزاً عن القيام بأية استجابة فعّالة قبل وأثناء وفي أعقاب الغارة الأمريكية في أبوت آباد. ولم يتم محاكمة أي من هؤلاء الجناة الرئيسيين، كما نأت لجنة أبوت آباد بنفسها بشكل جبان عن تحميل أيّ من الثلاثة أية مسئولية عن أيّ جرم ارتكبوه ضد باكستان وشعبها، ولم يتم حتى إقالة كياني لعدم كفاءته.

 

إنّ كل الذي ورد في التقرير وصف عملية أبوت أباد بأنّها "عمل من أعمال الحرب" و"عمل إجرامي"، فلم تكن أكثر من خطابات نارية وتسريب كبير لحقائق عارية من الخيانة التي ارتكبها الجناة الثلاثة. ومن دون مثولهم إلى العدالة، فإنّه لن يُعرف من كان متورطاً في جعل القوات المسلحة الباكستانية غير فعّالة ومشلولة خلال غارة أبوت آباد، وهذا أمر مهم جداً، فهو يقودنا إلى النقطة التالية وهي من الذي ينبغي له أن يكون الرئيس المقبل للأركان. فعلى نواز شريف إيجاد بديل عن كياني عندما يتقاعد من منصبه في غضون أشهر قليلة، ولا بد أن نواز شريف قلق جداً، فهو بعد كل شيء قد تمت إزاحته مرتين من قبل الجنرال وحيد كاكار والجنرال برويز مشرف خلال فترتين لحكمه السابق. والأسماء الثلاثة المرشحة حالياً هي: الجنرال هارون أسلم والجنرال محمود رشاد والجنرال رحيل الشريف، ولكننا لن نعرف أبداً ما إذا كان لهؤلاء دور في دعم مشرف وكياني وباشا في كارثة أبوت آباد، والأهم من ذلك أنّنا لن نعرف أبداً ما إذا كان لهؤلاء المرشحين دور في حرب أمريكا على الإرهاب، والتي تشمل: العمليات العسكرية في المناطق القبلية بناء على طلب من الأمريكيين، وهجمات الطائرات الأمريكية بدون طيار، وقضية ريموند ديفيس، واختطاف عافية صديقي، والمحاولات الأمريكية في تقويض الأسلحة النووية الباكستانية. فالعامل الوحيد الذي يُعتمد عليه في تقييم ترشيحهم هو مدى ولائهم للولايات المتحدة مقارنة بمن سبقهم، من الذين خدموا أمريكا جيداً. وهذا يعني أنّه لن يكون هناك تغيير في عقلية القيادة العسكرية، وسوف تستمر تبعيتها لأمريكا، وسيؤدي هذا إلى المزيد من المصائب، واستمرار المذلة "للكاوبوي الأمريكي".

 

لقد سعى البعض إلى قطع العلاقات العسكرية الباكستانية مع أمريكا، وبدلاً من معاملتهم على أنّهم أبطال تم سجنهم ووجهت إليهم تهمة الخيانة، وقضية العميد علي خان مثال على ذلك. وفي حين أنّ هذا قد يبدو نشازاً في القوات المسلحة التي تهيمن عليها أمريكا، إلا أنّه يمثل اتجاهاً ناشئاً في جميع أنحاء العالم الإسلامي ولا يقتصر على شواطئ باكستان، فقد حاول ضباط جيش مماثلون في بنغلاديش ومصر وسوريا وتركيا كسر القبضة الأمريكية على شعوبهم ولكنهم لم ينجحوا حتى الآن. وجهود واشنطن في البحث عن ضباط موالين لها وترقية آخرين هو سيف ذو حدين، فتحيز الجيوش إلى مثل هذه الحكومات في جميع أنحاء العالم الإسلامي عرضة لخطر متزايد في إطاحة الضباط المناهضين للولايات المتحدة من الذين يحبون الإسلام لا الغرب. ويعتقد المحللون الأمريكيون مثل بروس ريدل وجون شميت أنّها ليست إلا مسألة وقت قبل أن يحدث هذا في باكستان، فقد قال ريدل: "نحن نواجه احتمال قيادة الدولة المسلحة نووياً من قبل المتطرفين الإسلاميين".

 

 

عابد مصطفى

 

28 من رمــضان 1434

الموافق 2013/08/06م

 

رابط هذا التعليق
شارك

Join the conversation

You can post now and register later. If you have an account, sign in now to post with your account.

زوار
اضف رد علي هذا الموضوع....

×   Pasted as rich text.   Paste as plain text instead

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   Your previous content has been restored.   Clear editor

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.

جاري التحميل
×
×
  • اضف...