بين الواقع وحبل الله

[مقدسي دمشقي]

بين الواقع وحبل الله

وخطاب سعد بن معاذ

 

سلام من الله عليكم ورحمة منه وبركات

 

 

 

المسلمون اليوم اثنان

 

الأول:

مسلم يعتمد على معطيات الواقع في نتائج الأحداث

فبالنسبة له سينتصر المجاهدون في سوريا إن أمدّتهم أمريكا والدول العربية بالسلاح

وإن هم داهنوا أمريكا

وإن هم نادوا بنظام الكفر حتى ترضى عنهم دول الكفر الغربي

وبغير ذلك لن ينتصروا. فقاعدة الأسباب والمسببات عند هذا الصنف لا تتخلف

 

الثاني:

يرى أن عليه مسح دائرة التكليف ثم بعد ذلك وقبل ذلك الأمر لله

 

وعلى مر التاريخ كان هذان الصنفان في أقوام الرسل السابقين

وكان الذي يكون في الصنف الثاني هم الأنبياء في معظم الأحيان

وفي قليل من الأحيان قليل من أتباع الرسل

 

إلا في قوم سيدنا محمد عليه السلام فلقد كان الصنف الثاني كثرة بحمد الله

 

وإليكم بعض الأمثلة

(1)

سيدنا موسى عليه السلام أخذ بني اسرائيل وخرج بهم من مصر

وكان عليهم أن يقطعوا البحر الأحمر

لحق بهم فرعون وجنوده

نظر اليهود فرأوا البحر من أمامهم وفرعون من ورائهم

فقالوا

" إنا لمدركون"

أي أن النتيجة حتمية. سيمسك فرعون بهم

هؤلاء قوم لا يؤمنون إلا بالمعطيات المادية الحسية

لكن موسى عليه السلام المعتمد على ربه

قال

"كلا"

"قَالَ كَلَّا ۖ إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ"

 

فموسى عليه السلام حساباته مرتبطة بالله خالق الأسباب والمسببات

 

لذلك جاء الرد مباشرة وبحرف الفاء التي تفيد الاستعجال:

 

" فَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ مُوسَىٰ أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْبَحْرَ ۖ

فَانفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ"

 

(2)

 

سيدنا نوح عليه السلام حمل الرسالة لقومه تسعة قرون ونيف

ولم يؤمن برسالته ودعوته إلا القليل

 

فطلب قومه منه استهزاء به أن ينزل بهم عقاب ربه

فهم لا يؤمنون إلا بالمحسوس

"قَالُوا يَا نُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ"

 

فطلب الله إلى نوح عليه السلام أن يصنع الفلك

فبدأ بصناعتها هو ومن آمن معه

الكفار مستهزأون:

"وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِّن قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ ۚ ......"

لكن الذي يرتبط بالسماء له رأي آخر

 

".....قَالَ إِن تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ ﴿٣٨﴾

فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُّقِيمٌ"

 

فكان ما كان من الطوفان

 

(3)

في معركة بدر

لم يخرج المسلمون للقتال بل للقافلة

وعندما فُرض عليهم القتال وقف رسول الله عليه أفضل الصلاة والسلام

مستشيرا أصحابه

فكان المهاجرون والأنصار رضوان الله عليهم جميعا من الصنف الثاني:

المهاجرون:

" والله يارسول الله لو إستعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك"

 

وعن الأنصار وقف سعد بن معاذ

الذي حكم في بني قريضة بحكم الله من فوق سبع سموات

وقف سعد الذي إن نجا أحد من ضمة القبر فهو سعد كما جاء في الحديث

وقف سعد الذي أعطى النصرة لرسول الله فقامت دولة الاسلام

قام سعد خطيبا فقال:

" "ولئن سرت حتى تأتي برك الغماد من ذي يمن لنسيرن معك

، ولا نكون كالذين قالوا لموسى : { فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون }

ولكن اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما لمتبعون ،

ولعلك أن تكون خرجت لأمر ، وأحدث الله إليك غيره ،

فانظر الذي أحدث الله إليك ، فامض له ،

فصِلْ حبال من شئت ،

واقطع حبال من شئت ،

وعادِ من شئت ،

وسالمْ من شئت ،

وخذ من أموالنا ما شئت"

 

أي رجال هؤلاء؟؟؟

إنهم الصحابة. إنهم صحابة خاتم الأنبياء رضوان الله عليهم

"رضي الله عنهم ورضوا عنه"

 

واليوم:

هناك فئة من الأمة وهم المجاهدون في سوريا والذي يريدون إقامة دولة اسلامية

هذه الفئة

لا تخيفهم بوارج أمريكا ولا مكر أوروبا ولا كذب وتشويه محطة العربية والجزيرة وأضرابهما

 

ولا خذلان المسلمين لهم

 

الصحابة قالوا لرسول الله "خذ من أموالنا ما شئت...."

 

والمجاهدون في سوريا اليوم قد قالوا لله سبحانه

"خذ من أموالنا ودمائنا حتى ترضى"

 

اليائسون في صفوف ما يسمى بالمعارضة وكل المدسوسين

يطالبون امريكا بأن تضرب الأسد

 

أما المجاهدون فإنهم لا ينتظروا نصرا من أحد إلا الله

بل لا يريدون للغرب الكافر أن يتدخل في الحرب في سوريا

 

نظرهم إلى السماء أن يروا جند الله نازلة لعونهم

 

نسأله تعالى أن ينصر كل من يقاتل لتكون كلمة الله هي العليا

 

منقول بعد التعديل

[احدى الحسنيين]

بردا و سلاما على القلوب .. جزاك الله و جزى الكاتب خيرا