اذهب الي المحتوي
منتدى العقاب

مقالات من المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير - متجدد


Recommended Posts

بسم الله الرحمن الرحيم

السّودان: مثال آخر على فشل القومية

(مترجم)

 

وفقاً للقوانين التي تحكم النظام الحالي، لكل أمة الحقّ في اختيار القوانين التي تحكمها، وبالتالي، لكلّ أمة الحق في دولة. أدى هذا المفهوم إلى موجة من الدول الجديدة بعد الحرب العالمية الثانية، حيث انقسمت الدول القائمة، وبالتالي، حدثت الفوضى التي نشهدها اليوم.

 

منذ عام ١٩٤٥، كان هناك ما لا يقلّ عن ٣٤ دولة جديدة اعترفت بها الأمم المتحدة. نتج هذا عن موجة القومية التي اجتاحت العالم في العقود التي تلت منتصف القرن العشرين. رُسمت حدود وهمية لمنح الفصائل المختلفة الاستقلال والحقّ في الحكم، حيث سقطت دول مثل السودان الموحد سابقاً في صراعات واضطرابات.

 

لكن الانقسامات الجديدة لم تحلّ المشاكل القائمة، بل عقّدتها. في حالة السودان، إحدى طرق فهم هذا التعقيد هي النّظر إلى صناعته وقطاعه النفطي. كان قطاع النفط محورياً في الدولة الموحدة، وأصبح العمود الفقري للاقتصادين حديثي التكوين. تكمن المشكلة في أنّ الحدود فكّكت صناعة النفط السودانية المركزية سابقاً. في الدول حديثة التكوين، سيطر الجنوب على معظم حقول النفط، بينما سيطر الشمال على البنية التحتية للتصدير، بما في ذلك خطوط الأنابيب والمصافي. لذا، اعتمد جنوب السودان، الذي أصبح حديثاً غير ساحلي، على خطوط أنابيب السودان المؤدية إلى البحر الأحمر. أدى هذا الانقسام إلى نزاعات حول رسوم العبور، ما أدّى إلى تعطيل صادرات النفط مراراً وتكراراً - وهي صادرات لا تزال كلا الدولتين تعتمدان عليها في اقتصادهما. على سبيل المثال، في عام 2012، أوقفت جنوب السودان إنتاج النفط بسبب هذه الخلافات، وهي خطوة أثّرت بشكل كبير على عائدات كلا الدولتين. وبينما تم التوصل إلى اتفاقيات لاستئناف الصادرات، لا تزال التوترات والصعوبات الاقتصادية قائمة.

 

لذا، منذ عام 2011، ما لدينا هو دولتان منفصلتان تعتمدان بشكل كبير على بعضهما. لديهما الموارد، لكنهما تفتقران إلى التنمية اللازمة لاستغلالها. وهكذا، وعلى الرّغم من وجود حوالي 8 مليارات برميل من النفط فيهما، فإنّهما يعانيان من فقر مدقع.

 

يمكن أن يتغير هذا إذا اتحدت الدولتان واستقرتا. لن يحدث هذا في ظلّ النظام الرأسمالي الحالي. لقد أدى هذا النظام إلى تفاقم الصراعات بين الناس، ثم أعطاهم نظام حكم شجع أفكاراً مثل "البقاء للأصلح"، ما أدى إلى تأجيج التوترات داخلهما وبينهما.

 

لتغيير الوضع في السودان، وضمان استقراره السياسي وقدرته على التنمية الاقتصادية، لا بدّ من إعادته إلى لواء الإسلام. عندها، يُمكن استغلال قطاعه النفطي على النحو الأمثل، وتطوير قطاعه الزراعي، وتوسيع قطاعيه التعديني والصناعي، وتعزيز بنيته التحتية التجارية. وسيتمّ ذلك بتوجيه من الخليفة ومعاونيه الذين يدركون واجبهم في ضمان تنمية المناطق داخل الدولة الإسلامية، واستغلال الموارد، لصالح الأمة الإسلامية. وأنهم سيأثمون إذا تجاهلوا هذه المسؤولية.

 

من الممكن تنمية مساحة السودان، فلديه القدرة على أن يصبح منتجاً ومصدراً رئيسياً للغذاء بفضل أراضيه الزراعية الشاسعة، حوالي 84 مليون هكتار، 20% منها مزروع فقط. ويزرع محاصيل رئيسية، تشمل القطن والفول السوداني وبذور السمسم والذرة الرفيعة والقمح وقصب السكر. كما أنها غنية بالموارد المعدنية مثل الذهب والأسبستوس والكروم والميكا والكاولين والنحاس. ولديها البنية التحتية للعديد من الصناعات الخفيفة مثل المعالجة الزراعية وتجميع الإلكترونيات والبلاستيك وصناعة الأثاث وإنتاج المنسوجات.

 

لديها القدرة على توفير الموارد لبقية البلاد الإسلامية، مع الاستفادة مما تقدمه، نظراً لموقعها الاستراتيجي بين دول الخليج وغرب أفريقيا، ولديها إمكانية الوصول إلى البحر الأحمر.

 

الميناء البحري الرئيسي في السودان هو بورتسودان، وهو ميناء طبيعي عميق المياه قادر على التعامل مع السفن الكبيرة. كما يدعم أيضاً بضائع متنوعة بما في ذلك الحاويات والبضائع السائبة والنفط. هذا، إلى جانب الموانئ السودانية الأخرى، يوفر للبلاد اتصالاً مباشراً بممرات الشحن الدولية عبر البحر الأحمر. هذا لا يربط السودان بجيرانه الأفارقة فحسب، بل يربطه أيضاً بأسواق الشرق الأوسط بما في ذلك مدينة جدة الساحلية في المملكة العربية السعودية. وهذا مهم لأن جيرانها غير ساحليين وسيحتاجون إلى وصول السودان إلى البحر من أجل التجارة مع بقية البلاد الإسلامية. لا تقتصر هذه الإمكانيات على أفريقيا والشرق الأوسط، بل تمتدّ أيضاً، وربما إلى آسيا وأوروبا والخليج العربي، بفضل موقع السودان الاستراتيجي على البحر الأحمر وقربه من قناة السويس.

 

على الرغم من الاضطرابات الحالية، لا تزال البنية التحتية للبلاد تعمل بكفاية، حيث يُصدر السودان حالياً نفطه الخام إلى الإمارات وماليزيا عبر محطتي بشاير وPLOC البحريتين. تُرسل هذه الصادرات عبر البنية التحتية لموانئ السودان على البحر الأحمر، وتتكون في معظمها من النفط الخام المُنتَج في جنوب السودان.

 

لذا، ثمة إمكانية لأن تصبح المنطقة جزءاً مزدهراً من الدولة الإسلامية. بمجرد إعادة توحيد البلاد الإسلامية، سيتمكن السودان من ممارسة التجارة مع بقية الأمة الإسلامية. وهذا مهم لأن السودان ليس الدولة الوحيدة التي تتمتع بموارد طبيعية تكفي لتلبية العديد من الاحتياجات العالمية اليوم - فقد حظيت أفريقيا بأكملها بهذه الموارد؛ إذ تحتوي القارة على ما يقرب من 30% من احتياطيات المعادن في العالم، بما في ذلك الكوبالت والذهب والبلاتين والنحاس. كما تمتلك ما يقرب من 8% من احتياطيات النفط العالمية وحوالي 12% من احتياطيات الغاز الطبيعي العالمية.

 

إذا نظرنا إلى جيران السودان، فلدينا مصر، الغنية بالغاز الطبيعي والنفط. كما تتمتع بإمكانية الوصول إلى نهر النيل، وهو مورد مائي حيوي. وهناك إريتريا التي تتمتع بموارد معدنية كبيرة، بما في ذلك الذهب والنحاس والبوتاس، وإثيوبيا بإمكانياتها في مجال الطاقة الكهرومائية والأراضي الزراعية والمعادن. ثم هناك جمهورية أفريقيا الوسطى التي تتمتع بالماس والذهب واليورانيوم، وكل من تشاد وليبيا بمواردهما النفطية الكبيرة. على الرغم من كل هذه الثروة والإمكانات، تُعدّ أفريقيا موطناً لبعض أفقر دول العالم. فإلى جانب السودان وجنوب السودان، تعاني بقية الدول من الصراع والموت، وتُنهب مواردها وتُستغل.

 

في ظلّ دولة الخلافة، سيتغير هذا الوضع. ستستأنف الدولة الإسلامية التزامها بتنمية موارد الأرض، حتى نصبح (كأمة) مكتفين ذاتياً، لا نعتمد على الدول المعادية أو نستغلها. هذا أمرٌ أساسي، إذ لا يجوز منح أعداء الإسلام أي ميزة علينا. وكما نرى، من الممكن أيضاً، إذا كان لدينا قائدٌ قادرٌ على توحيد المسلمين في السودان وإخماد حالة عدم الاستقرار والاضطراب الحالية.

 

#أزمة_السودان           #SudanCrisis

 

كتبته للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

فاطمة مصعب

عضو المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

 

رابط هذا التعليق
شارك

  • الردود 351
  • Created
  • اخر رد

Top Posters In This Topic

  • صوت الخلافة

    352

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الرد مرة أخرى

على افتراءات الكاتب إبراهيم مليك على حزب التحرير

 

بعد الحملة الضخمة التي قادها حزب التحرير/ ولاية السودان لإفشال مخطط فصل دارفور التزاماً بالحكم الشرعي، الذي يحرم تمزيق بلاد المسلمين، بل حرم الإسلام أن يكون على المسلمين خليفتان، دلالة على وجوب وحدة الأمة، وعظيم الإثم في تفرقها، كما قال النبي ﷺ: «إِذَا بُويِعَ لِخَلِيفَتَيْنِ، فَاقْتُلُوا الآخِرَ مِنْهُمَا» أخرجه مسلم عن أبي سعيد الخدري، وأخرج مسلم كذلك عن عرفجة بن أسعد عن النبي ﷺ قال: «مَنْ أَتَاكُمْ وَأَمْرُكُمْ جَمِيعٌ عَلَى رَجُلٍ وَاحِدٍ، يُرِيدُ أَنْ يَشُقَّ عَصَاكُمْ، أَوْ يُفَرِّقَ جَمَاعَتَكُمْ، فَاقْتُلُوهُ»، فقد كان حرياً بالعلماء والأئمة الوقوف بقوة ضد هذا المخطط وتأييد هذه الحملة التي يقودها حزب التحرير ضد انفصال دارفور، وليس السكوت والرضا بالتمزيق والانفصال.

 

ولكن في هذه الأجواء التي في الأصل تدعو إلى وحدة الأمة، وتوحيد مقدراتها يأبى الأخ إبراهيم مليك، إلا أن يكيل الاتهامات لحزب التحرير، وحملته المباركة لإفشال مخطط دارفور بمقالتين؛ الأولى بتاريخ 4/9/2025م، والأخرى بتاريخ 8/9/2025م. وأغلب ما تضمنتاه هو افتراءات لن نرد عليها ولكن نكتفي بما يستحق الإجابة عليه.

 

في البدء إن حزب التحرير هو حزب سياسي مبدؤه الإسلام يعمل لاستئناف الحياة الإسلامية بإقامة دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، وحمل دعوة الإسلام إلى العالم لإخراج البشرية من ضلالات الكفر إلى نور الإسلام العظيم. ويتبنى حزب التحرير من الثقافة الإسلامية ثروة فكرية راقية في شتى مجالات الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتعليمية، كما يتبنى دستوراً لدولة الخلافة من 191 مادة، تشكل كل جوانب الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتعليمية وغيرها.

 

كما أن للحزب إصدارات تقريبا في كل قضية من قضايا الأمة يبين فيها معالجة الإسلام بالأدلة الشرعية.

 

أما قول الكاتب: (حزب التحرير لا يعترف بأي حكومة قائمة الآن في الدول الإسلامية ويعتبرها أنظمة عميلة للغرب يجب مناهضتها ومحاربتها ليحل مكانها الخلافة الراشدة وهذا يخدم خط الغرب في تجزئة المجزأ وتقسيم المقسم!)

 

أقول: إن كل متابع لما يدور في بلاد المسلمين، بل كل المسلمين يعلمون علم اليقين أن الأنظمة القائمة في بلادهم لا تطبق الإسلام ولا تقيم أحكامه ولا تراعي حدود الشرع، بل الحكام يتجرؤون صباح مساء بالدعوة إلى العلمانية والديمقراطية وينفذون سياسات أمريكا ويلتقون بقادة يـهود عيانا جهارا نهارا ويتواطؤون معهم ضد الأمة بلا خفاء ولا استحياء. فلا يغفل عن ذلك إلا صاحب غرض أو فاقد البصيرة، فاتباع الحكام للغرب وتنفيذ سياساته بات واضحا لا غشاوة فيه. وكذلك فليعلم الكاتب أن أمة الإسلام أمة واحدة، وليست أمماً، لها قبلة واحدة، وكانت لها دولة واحدة، وراية واحدة، ونظام واحد، فلم يعرف المسلمون مصطلح دول إسلامية إلا في هذا العصر الذي تغيرت فيه مفاهيمهم وأفكارهم.

 

أما الدعوة إلى الخلافة فهي من أوجب واجبات الدين كما سماها العلماء تاج الفروض، ولا قيام للدين إلا بها.

 

فقد جاءت الأدلة الشرعية من القرآن الكريم، والسنة المطهرة، وإجماع الصحابة، وأقوال أئمة الأمة وعلمائها، تؤكد وجوب الخلافة والحكم بما أنزل الله تعالى، وتحرم إقامة أي حكم بغير الإسلام، قال تعالى: ﴿إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ﴾ [النساء: 105] وقال سبحانه: ﴿وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ﴾ [المائدة: 49]. وجاءت الآيات تؤكد نفي الإيمان عمن لم يحكم بالإسلام، قال تعالى: ﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً﴾ [النساء: 65] وجعلت الآيات من لم يحكم بشريعة الله ظالماً أو كافراً أو فاسقاً. قال تعالى: ﴿وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾ [المائدة: 45].

 

وقد وصف النبي ﷺ نظام الحكم في الإسلام بعده بأنه خلافة، فقد أخرج الإمام مسلم عن أبي حازم قال: قَاعَدْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ خَمْسَ سِنِينَ فَسَمِعْتُهُ يُحَدِّثُ، عَنِ النبيِّ ﷺ، قالَ: «كَانَتْ بَنُو إسْرَائِيلَ تَسُوسُهُمُ الأنْبِيَاءُ، كُلَّما هَلَكَ نَبِيٌّ خَلَفَهُ نَبِيٌّ، وإنَّه لا نَبِيَّ بَعْدِي، وَسَتَكُونُ خُلَفَاءُ فَتَكْثُرُ، قالوا: فَما تَأْمُرُنَا؟ قالَ: فُوا ببَيْعَةِ الأوَّلِ، فَالأوَّلِ، وَأَعْطُوهُمْ حَقَّهُمْ، فإنَّ اللَّهَ سَائِلُهُمْ عَمَّا اسْتَرْعَاهُمْ». بل وصف النبي ﷺ الذي لا يعمل لبيعة شرعية لخليفة بأنه آثم، فما بالك بمن يصد الناس عن دعوة الخلافة؟! يقول النبي ﷺ: «مَنْ مَاتَ وَلَيْسَ فِي عُنُقِهِ بَيْعَةٌ، مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً» أخرجه مسلم عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما.

 

أما الصحابة فإنهم اتفقوا جميعا على وجوب الخلافة، وأكبر دليل هو تركهم جثمان النبي ﷺ الطاهر يومين حتى بيعة الخليفة الراشد أبي بكر الصديق رضي الله عنه.

 

أما أقوال العلماء والأئمة فهي كثيرة منها:

 

قول الإمام القرطبي في تفسيره قول الله تعالى: ﴿وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً﴾ [البقرة: 30] قال: هذه الآية أصل في نصب إمام وخليفة يسمع له ويطاع، لتجتمع به الكلمة، وتنفذ به أحكام الخليفة. ولا خلاف في وجوب ذلك بين الأمة ولا بين الأئمة إلا ما روي عن الأصم حيث كان عن الشريعة أصم، وكذلك كل من قال بقوله واتبعه على رأيه ومذهبه.

 

ونقل عن الإمام الغزالي قوله: (الديـن أس، والسـلطـان حـارس، ومـا لا أس لـه فمهـدوم، ومـا لا حـارس لـه فـضائـع).

 

وقال الماوردي: إنه (ليس دين زال سلطانه إلا بدلت أحكامه، وطمست أعلامه).

 

وجاء في كتاب السياسة الشرعية في إصلاح الراعي والرعية لابن تيمية قوله: (يجب أن يعرف أن ولاية أمر الناس من أعظم واجبات الدين؛ بل لا قيام للدين ولا للدنيا إلا بها)... وهذا على سبيل المثال لا الحصر. فكان حرياً بالكاتب أن يلتزم بالدعوة إلى الخلافة باعتباره مسلماً وباعتبارها واجباً كوجوب الصلاة والصوم، وآثم من لم يعمل لها، فكيف بك أخي الكريم تساوي بين شريعة الله وحكمه وتطلب من حزب التحرير التنازل عنها، ثم تقبل بشريعة الديمقراطية وفصل الدين عن الحياة؟! وكيف تساوي بين خلفاء الأمة الأطهار الأتقياء الأنقياء، بحكام رفضوا شريعة الله وحكمه؟!

 

أما قول الكاتب: (ظهرت تناقضات خطيرة من حزب التحرير ولاية السودان بعد إعلان ما يسمى بحكومة تأسيس الوهمية بإصداره بيان اعترف فيه بحكومة تأسيس واعتبرها أمر واقع وساوى بينها وبين حكومة السودان..) هذا الكلام محض كذب وافتراء وفيه تناقض، فالكاتب أعلاه يقول (الحزب لا يعترف بالحكومات ويعتبرها عميلة) ثم ها هو الآن يقول إن الحزب اعترف بحكومة تأسيس؟! فكأنّ في الأمر محاولة للتجريم والاتهام دون دليل. فيا أخي الكريم تأسيس وقوات الدعم السريع هما صنيعة أمريكية لتنفيذ مخطط فصل دارفور كما فُصل الجنوب، وما أوردناه من بيانات وإصدارات كافية للبيان والتبيان. يعرف ذلك القاصي والداني.

 

أما موقف الحزب من قوات الدعم السريع فهو واضح سطرته البيانات والمواقف والندوات والمنتديات والخطب، فلا يغفل عن ذلك إلا صاحب غرض! فقوات الدعم السريع مليشيا مجرمة تنفذ خطط أمريكا لتقسيم السودان وتمزيقه وتمكين لنفوذ أمريكا وكيان يهود كما اعترف بذلك البشير ووزراء خارجيته وكشفه قادة يهود. وكما اعترف مدير أمن يهود آفي ديختر وذكر في محاضرته أن ما حققوه في الجنوب سيحققونه في دارفور.

 

أما قول الكاتب: (أزمتنا اليوم ليست في بناء خلافة راشدة تعلم جماعة حزب التحرير استحالة تحقيقها في ظل تفرّق الأمة إلى دويلات يكيد بعضها لبعض كما تفعل دولة الإمارات..)

 

ألا يعلم الكاتب أن الخلافة حكم شرعي فرضه تعالى وأوجبه؟ ألا يعلم أن الخلافة وعد من الله تعالى وبشرى رسوله ﷺ؟ فكيف يكون وعد الله مستحيلاً؟! هل هناك مسلم يؤمن بالله رباً وبمحمد ﷺ نبياً ورسولاً يصف وعد الله باستحالة التحقق؟! هل هناك مؤمن يكذّب بشرى النبي ﷺ؟!

 

أما سمع الكاتب حديث البشارة الذي بشر فيه النبي ﷺ الأمة بالخلافة مرة أخرى وأنها راشدة على منهاج النبوة؟ قال النبي ﷺ: «تكونُ النُّبُوَّةُ فيكم ما شاء اللهُ أن تكونَ، ثم يَرْفَعُها اللهُ تعالى، ثم تكونُ خلافةٌ على مِنهاجِ النُّبُوَّةِ ما شاء اللهُ أن تكونَ، ثم يَرْفَعُها اللهُ تعالى، ثم تكونُ مُلْكاً عاضّاً، فتكونُ ما شاء اللهُ أن تكونَ، ثم يَرْفَعُها اللهُ تعالى، ثم تكونُ مُلْكاً جَبْرِيَّةً فيكونُ ما شاء اللهُ أن يكونَ، ثم يَرْفَعُها اللهُ تعالى، ثم تكونُ خلافةً على مِنهاجِ نُبُوَّةٍ. ثم سكت» رواه النعمان بن بشير، وأخرجه أحمد، والبزار في مسنده، واللفظ لهما، والبيهقي في دلائل النبوة.

 

وقد وعدنا الله تعالى وهو لا يخلف وعده: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً﴾ [النور: 55]

 

وهل الكاتب يعتبر الخلافة دولة الإسلام والمسلمين ووعد الله تعالى (بعيدة عن تطلعات المواطن السوداني الذي يحتاج إلى أمن ومسكن وعلاج وتعليم قبل بناء خلافة راشدة!)؟!

 

والله إنه لأمر عجيب؟!

 

أما قول الكاتب: (حزب التحرير الذى يحارب الأنظمة القائمة)! فهذا محض كذب وافتراء يورد قائله نار جهنم، فحزب التحرير حزب سياسي وليس حركة مسلحة، ولا يتبنى الأعمال المسلحة، وليس لنا فصيل مسلح. وإنما نتبع نهج النبي ﷺ قبل إقامة الدولة في مكة فإنه لم يحمل سلاحاً ولا عصاة لحمل دعوة الإسلام حتى طلب النصرة من أهل القوة والمنعة فنصره الأنصار لإقامة الدولة في المدينة المنورة.

 

أما قوله: (ولا يعترف بحدود جغرافية) فلعلنا نسأل الكاتب إن كان يعلم من الذي صنع هذه الحدود الجغرافية؟ هل هي وحي مقدس؟ أم سنة نبوية؟! أليست هذه الحدود صنعها الكافر المستعمر بعد اتفاقية سايكس بيكو عام 1916م لتمزيق بلاد المسلمين وتفرق وحدتهم؟؟ فكيف تريد منا أن نقدس إرث الاستعمار وجرائمه في الأمة وتمزيقها؟!

 

ومع الأسف أخي الكريم إنها آفة الوسط الإعلامي والسياسي في بلادنا؛ تقديس قوانين ومفاهيم المستعمر وجعلها ديناً، ورفض أحكام الإسلام ومحاربة الخلافة حكم الله سبحانه وبشرى رسوله ﷺ.

 

أما قول الكاتب: (ولو كان الإسلام يبني الأوطان قبل الإنسان لما ترك النبي ﷺ مكة المكرمة أحبّ البقاع إلى نفسه وهاجر إلى المدينة وقد سبقه بالهجرة غيره من الأنبياء...).

 

بهذه الفقرة يعضد الكاتب كفاح ونضال حزب التحرير ضد هذه الحظائر الوطنية التي صنعها الاستعمار باسم الوطن وجعل لها دساتير وأعلاماً غير شرع الله تعالى وغير راية النبي ﷺ حتى تفترق الأمة، فالأصل هو الدين وليس الوطن؛ فأرض الله كلها متاحة ومباحة للإسلام وأهله حسب أحكام الإسلام.

 

أما قولك أخي الكريم: (حزب التحرير ولاية السودان الذي ينشط في الجوانب السياسية بغطاء ديني يعمل على تفريق أهل السودان بدعوى إقامة خلافة راشدة من حيث يدري أو لا يدري)، فهل الدعوة إلى تحكيم الشرع وإقامة الدين بإقامة دولة الخلافة التي أثبتنا أعلاه أنها دين وفرض ووعد من الله سبحانه وبشرى من رسوله ﷺ تفرق المسلمين أم تجمعهم؟!

 

ثم يقول: (حزب التحرير بحاجة إلى مراجعة منهجه وأولوياته ووسائله والاعتراف بالواقع المُعَقّد الذي تمرّ به الدولة السودانية التي ما زال كثير من شعبها يعيش عصر الجاهلية الأولى من عصبيات قبلية وعرقية وجهوية...)، فهل يدعونا الكاتب لترك دعوة الإسلام ودعوة إقامة الخلافة حكم الله وفرضه لنتقزم في دعوة وطنية دنيئة صنعها لنا وزراء خارجية بريطانيا وفرنسا سايكس وبيكو؟! والآن تخطط أمريكا لتمزيق الممزق عبر مخطط جديد دموي باسم حدود الدم، كما حدث في الجنوب والآن يحدث في دارفور!!

 

ثم يقول الكاتب: (نحن في السودان أولوياتنا في تثبيت أركان وطننا ومعالجة خلافاتنا الداخلية وليس توحيد الأمة الإسلامية بأكملها تحت راية واحدة...). أحسب أن هذا الكلام فيه مخالفة شرعية لا تليق بمسلم؛ أن يترك الحكم الشرعي ويقطع رابط الدين والعقيدة الذي قال الله تعالى فيه: ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلَا تَفَرَّقُوا﴾ [آل عمران: 103]، فحبل الله يا مليك هو الإسلام وليس الوطن... فاتق الله عز وجل أخي الكريم، وارجع إلى رشدك واعمل للحق، ولا يكون الحق إلا بإقامة الدين وتطبيق شرعه، ولا يكون ذلك في دول وطنية صنعها المستعمرون أعداء الإسلام الذين يريدون صد المسلمين عن دينهم وتمزيق بلادهم، وإنما بدولة الإسلام؛ الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، والآن مخطط دارفور يمضي على قدم وساق فهلا تركتم هذه الدعوى الضيقة ووضعتم أيديكم في أيدينا لنعمل جميعا لإقامتها خلافة راشدة على منهاج النبوة، تفشل مخططات الكافرين وتقيم أحكام رب العالمين وتنتصر للمستضعفين وتوحد أمة النبي ﷺ؟ وإن ذلك لكائن قريبا بإذن الله رب العالمين.

 

كتبه للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

محمد جامع أبو أيمن)

مساعد الناطق الرسمي لحزب التحرير في ولاية السودان

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الجامعة الهادمة

 

في زمن تتفجّر فيه المآسي، واستُبيحت فيه الدماءُ والأعراضُ والمقدَّساتُ، كان المنتظر من جامعة الدول العربية أن تكون ناصراً لقضايا الأمة، وسنداً للمظلوم، وصوتاً يعكس عمق الانتماء للعقيدة والدين والتاريخ المشترك. لكن مع الأسف لم نرَ منها إلا ما يجعلها جديرةً بلقب "الجامعة الهادمة"؛ هادمة المروءة، هادمة الدين، هادمة الكرامة...

 

كيف لمؤسسة يفترضُ فيها أن تمثّل الأُمّةَ أن تُصمّتَ أو تتواطأ، أو تكتفي ببياناتٍ باردةٍ، بينما تتكرّرُ الإبادات وتُرفع راياتُ الصليب والصهيونية فوق أجساد أطفالنا؟! ما يجري اليوم لم يعد مجرد إخفاق سياسي، بل هو خيانةٌ صريحةٌ لأمانة الدين. قال الله تعالى: ﴿وَإِنِ استَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ﴾، فأين النُّصرة؟ وأين قطع العلاقات؟ وأين المقاطعة؟

 

بل على العكس، نشهد تطبيعاً ومواقفَ مخزيةً مع أعداءِ الله، ثم يُطلب منا انتظارُ بيانٍ موحّدٍ من هؤلاء الأنامِ! بيانُهم لا يُسمن ولا يغني من جوع؛ لأنه لا ينبع من عقيدةٍ ولا من خوفٍ من الله، بل من حسابات العروش، ورضا المستعمر، وحماية المصالح.

 

مَن يخذل دينَه يخذله الله. وحين يتخلّى الحكّام عن شرع الله ونصرة المستضعفين، فلا خيرَ يُرتجى منهم، ولا عِزَّةَ تُنتظرُ على أيديهم. فالهادمون لا يقيمون بناءً؛ فالجامعة باتت اليوم تُغطّي على خيانة الأنظمة، وتمنح الشرعية للصمت والخذلان. لقد جعلونا شعوباً متفرّقةً وأنظمةً متصارعةً على الخضوع والاستسلام.

 

أيها المسلمون، لا تعولوا على الجامعة الهادمة؛ فالموقف اليوم هو موقفُ شعوبٍ حيةٍ وقلوبٍ مؤمنةٍ تُدركُ أن الله هو الناصر والمعين، لا مجلسَ الأمن ولا الجامعةَ العربية. لا بدّ لهذا الليل أن ينجلي، وسيحاسب التاريخ، بل قبل ذلك الله سبحانه، كل من يقف متفرّجاً على دماء المسلمين وهي تُراق وهو يملك القرار ولم يتخذه: صوتاً يرفعه أو سيفاً يضرب به.

 

التاريخ لا يرحم، والدين لا يسكت، والله لا يغفل. سكوتُ الجامعة الهادمة عن الحقّ وتخاذلُ حكّامها عن نصرة إخوتنا المستضعفين سيُكتب في صحائفهم: إنهم باعوا القدس، وتخلّوا عن غزة، وصمتوا على المجازر، وساهموا في وأدِ الأمة تحت ستار الشرعية والمصالح الوطنية.

 

لكننا أبناء هذه الأمة، أبناء "لا إله إلا الله، محمد رسول الله"؛ من خان سيُحاكم غداً وإن طال الزمان. الأمة وإن مرضت فهي لا تموت: ﴿إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ﴾.

 

لتسقط بياناتُهم، ولتُكسر قممُهم، ليُكتب على جدرانِ الأمة بحروفٍ من نار: إنْ خَذَلَنا الحكّامُ فلنُخَذِلْ الخذلانَ، ولنقم بواجبنا نحن المسلمين؛ لا نُساوم على دمٍ ولا على عقيدةٍ ولا على كرامةٍ.

 

﴿وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَأَكْثَرُ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

مؤنس حميد – ولاية العراق

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

 

خدعة مبادرة ترامب: الخروج من ورطة غزة بسحق النظام الإيراني

إعادة ترتيب الأولويات مع المحافظة على الأهداف

 

 

دعا الرئيس الأمريكي ترامب ثمانية من حكام المسلمين إلى اجتماع في 23 أيلول 2025 في قاعة الاجتماعات الخاصة به في مقر الأمم المتحدة لبحث وقف الحرب في غزة. وصدر عن الاجتماع بيان ختامي من 7 بنود أهمها وقف إطلاق النار، وإطلاق سراح أسرى يهود، وإدخال المساعدات، والإعمار، ورفض التهجير القسري، ودعم السلطة الفلسطينية، وأن لا يكون أي دور لحماس في غزة. ووصف ترامب هذا الاجتماع بقوله: "كان اجتماعي مع قادة عرب ومسلمين بشأن غزة عظيماً، هذا أهم اجتماع أعقده لأننا سننهي شيئاً كان من المفترض ألا يحدث".

 

إن مثل هذا الخبر، على إيجازه، مليءٌ بالطامات التي يعسُرُ تعدادها، لكثرة مخازيها، سواء لما فيها من ضلال عقول وسفاهة أفهام، أو من انحطاط نفوس واستمراء ذل. اختار ترامب حكام تركيا ومصر وباكستان وإندونيسيا والسعودية والأردن وقطر والإمارات ودعاهم للاجتماع فامتثلوا. ولماذا دعاهم؟ لبحث وقف الحرب على غزة! وكأنه حَكَمٌ عَدْلٌ يريد السلام فعلاً! وقد تبجح بأنه رجل سلام ورجل إيقاف الحروب، وأنه يريد إيقاف الحرب على غزة، وأن حماس هي التي ترفض ذلك، وسبق أن رفضت كل مبادراته لوقفها. وهم ينصتون إنصات مُقِرٍّ ذليل، مع أن العالم كله يعرف أنه هو وإدارته ودولته يقفون خلف كل المجازر في غزة، ويُسقطون كل مبادرات ومشاريع وقف الحرب في مجلس الأمن وغيره.

 

لم يعد خافياً أن الحرب على غزة هي حرب أمريكا، فهي تدعمها بكل ما تستطيع. وهي تقف خلف كيان يهود في كل اعتداءاته على اليمن ولبنان وإيران وسوريا وقطر. وكل ما تدعيه خلافَ ذلك كذب وخداع. ومن الطامات أنها تكرر خداعها بالأكاذيب نفسها وبالوعود ذاتها، ويستجيب هؤلاء وأضرابهم، فيركعون أمام ترامب ومبعوثيه خوفاً وطمعاً، يستجدون تدخله للضغط على نتنياهو والحد من تجاوزاته. وهما في الواقع على أتم انسجام وتوافق على ما يسمونه الشرق الأوسط الجديد.

 

ومن جهة أخرى، يظهر سؤال هنا: لماذا هذا التحول عند ترامب لوقف الحرب على غزة، والتقدم بمبادرة خالية من بند القضاء على حماس، بخلاف كل المبادرات السابقة من بداية الحرب إلى اليوم؟

 

ومهما تعددت الآراء في هذا التحول، فهو لا يخلو من المخادعة. وأقرب المداخل لفهم هذا التحول، أن هذا الاجتماع جاء على هامش مؤتمر الجمعية العامة للأمم المتحدة، التي جاءت كلمات معظم الدول فيها ضد كيان يهود ومجازره وداعميه في غزة والمنطقة، أي على الولايات المتحدة وترامب. وقد تولت أوروبا هذا التوجه منذ أكثر من سنة، وتجلت قيادة فرنسا له، وبادرت مع السعودية إلى عقد هذا المؤتمر في 22 أيلول 2025، بهدف تكريس حل الدولتين ومقتضياته. فشكّل هذا المؤتمر والمواقف الدولية والشعبية في العالم ضد مجازر يهود ضغطاً على أمريكا، دفَعَها لإعادة النظر في خططه. ولكن هل كانت هذه الضغوط كافية لتعدِّل أمريكا سياستها في غزة؟ في الواقع هي لا تكفي. فالاعتراضات على مجازر يهود ومواقف أمريكا، ومحاولات وقف الحرب ليست مستجِدَّة، ولكنها لم تكن لتؤثر لولا عوامل أخرى.

 

من هذه العوامل اجتماع كلمة أوروبا تقريباً وبدء اتخاذها إجراءات متتابعة ضد كيان يهود، ووقوفها في مواجهة سياسة أمريكا في غزة والضفة الغربية. ومنها أيضاً الأسطول الضخم المتوجه لفك الحصار على غزة، والمدعوم من دول أوروبا.

 

ومنها استياء الدول العربية وغيرها في المنطقة، وخوفها من سياسة أمريكا بعدما ترجح أنها غير جادة في موضوع حل الدولتين، وأن استراتيجيتها للمنطقة (الشرق الأوسط الجديد) ليس فيها اعتبار لهذا الحل، وفيها بدل ذلك إطلاق يد كيان يهود ليكون شرطي المنطقة والحاكم فيها بأمر أمريكا، الأمر الذي تأكد عملياً بعد ضربة يهود للدوحة، وأرعب كل حكام المنطقة من أمريكا وهذا الكيان الفاجر. وقد كان لهذه الضربة تداعيات واسعة دولياً، منها القمة العربية الإسلامية في الدوحة في 15 أيلول 2025، والتي نبَّهت أمريكا إلى أن سياستها متسرعة، وتدفع المنطقة، عاجلاً أو آجلاً، إلى البحث عن خيارات بديلة، وإن كان بالخفاء وعلى وَجَل.

 

ومن العوامل المهمة والتي قد تكون حاسمة فشلُ أمريكا وكيان يهود في غزة. فقد مضى على هذا الهجوم سنتان من غير طائل، بل ازداد جيش يهود بسببه ضعفاً وعجزاً. وهو لا يحقق على الأرض سوى الفظائع التي تثير العالم ضد كيانهم وضد أمريكا.

 

فهذه العوامل كفيلة بأن تدفع الولايات المتحدة لإعادة النظر في استراتيجيتها وتعديل ما لا يناسب منها. ويمكن القول إن موقف أوروبا المتصاعد في معارضة سياسة أمريكا في غزة، إضافة إلى الصدمة التي أصابت دول المنطقة والبلاد الإسلامية، سرَّعت الذهاب إلى هذا التحول.

 

أما ما هو التحوُّل، فيتبيّن من تتبع مبادرات أمريكا السابقة، والتي يقول الأمريكيون إنها بلغت 27 مبادرة، فقد كانت كلها تنص على القضاء على حماس، ما يعني موت المبادرة قبل ولادتها، وهو مراد أمريكا ويهود. أما المبادرة المذكورة الآن، فهي خالية من هذا البند. وهذا يعني احتمال جدية أمريكا، وليس ضمان نجاحها.

 

وهنا ينشأ تساؤل، هل فعلاً تريد أمريكا إنهاء الحرب في غزة، مع أن هذا إعلان فشل لها ولكيان يهود، وتخلٍّ عن خطتهما لغزة، ومآله الذهاب إلى حل الدولتين؟ والجواب: كلا، ليس في هذا التحول والتوجه دلالة على ذلك، والأمر الطبيعي أن ما تريده هو تعديل في الخطط بسبب التعثر، مع المحافظة على الأهداف المُقرَّرة.

 

وقد ظهر ما يشير إلى الخطة البديلة المحتملة، في مقابلة المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا توماس برّاك في قناة سكاي نيوز في 22 أيلول 2025، youtube.com/watch؟v=Yppp_DKa0sw. فقد قال فيها إنّ حكومة لبنان فشلت في سحب سلاح حزب الله، ولم يبقَ إلا أن يتكفل كيان يهود بهذا الأمر، والوضع في لبنان وغزة معقد، ولا سبيل للحل في المنطقة العربية والإسلامية إلا بالقوة، لأنه لا قابلية في المنطقة لتقبل الخضوع لهيمنة أمريكا أو التسليم لإرادتها. وقد بالغ بشكل دل على نكد بسبب فشله، وقال إنه لا يوجد في قاموسهم تعبير (خضوع)، لذلك يجب إخضاعهم بالقوة، وذلك بقطع رأس الأفعى، أي إيران. فقال: "حزب الله هو عدونا، وإيران هي عدونا، ونحن بحاجة إلى قطع رؤوس هؤلاء الثعابين، وقطع تدفق الأموال، وهذه هي الطريقة الوحيدة لإيقاف حزب الله". ورداً على سؤال إن كانت هناك حاجة لضربة حاسمة أخرى ضد إيران لقطع رأس الأفعى؟ قال: "هذا النظام بارع جداً في تأجيل الأمور والانتظار، لأنه يظن أن أوباما سيعود... يبدو أن إسرائيل تسير نحو حل المشكلة بأكملها، والمشكلة هي غزة. أتصور أن السيطرة على غزة، والسيطرة على حزب الله، والسيطرة على الحوثيين لن تكون مجدية إذا لم تتم السيطرة على النظام الإيراني".

 

وقد يفسِّر كلام توم برّاك هذا، التنازلات التي يقدمها ترامب بشأن غزة، بأنها مؤقتة لجمع الإمكانات وتوجيهها نحو رأس الأفعى. وبعد ذلك يرجعون لنقض الاتفاقات وتحقيق الأهداف في غزة ولبنان واليمن وغيرها، وفرض مشروع الشرق الأوسط الجديد. ومع أن هذا الأمر دونه خرط القتاد، فيبدو أنه صار حاجةً ملحة لأمريكا، بسبب صعود المنافسين وتكاثر المآزق واستمرار الفشل وانسداد المخارج، وقبل كل ما تقدّم استعصاء الإسلام السياسي.

 

﴿وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا إِنَّهُمْ لَا يُعْجِزُونَ

 

 

كتبه للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

محمود عبد الهادي

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

 

"ثورة 21 سبتمبر" في اليمن

عندما يُغطى الظلم بشعارات زائفة!

 

ثورة 21 سبتمبر ليست فتحاً ولا تحريراً، بل إعادة إنتاجٍ لحلقة جديدة من التبعية، ومعاناة جديدة للرعية، تحت شعارات براقة تخفي واقعاً من المخالفات الشرعية والانتهاكات الظاهرة، والضيق المستمر على الناس في دينهم ومعاشهم.

 

لم تكن هذه الثورة التي ملأت شوارع صنعاء صراخاً، ثورةً تردّ الحق إلى أهله، ولا قيادةً تُقيم العدل، ولا سلطةً تطبّق شرع الله. بل كانت انتقالاً من يد استعمار إلى يد استعمار آخر، ومن ظلمٍ معلن إلى ظلمٍ باسم الدين والمذهب، حتى خنقوا الناس بأثقال لم يحمّلهم الله سبحانه إياها.

 

أي ثورة هذه؟ لقد صدعوا رؤوسنا عن هذه الثورة، وفي الحقيقة هي ثورة قطعت الرواتب، ونهبت الأموال، وفرضت الجبايات، وأكلت الزكاة في غير مصارفها، وصادرت حقوق الضعفاء، وأطلقت يد الجهلة على رقاب الناس. قال رسول الله ﷺ: «اللَّهُمَّ مَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَشَقَّ عَلَيْهِمْ فَاشْقُقْ عَلَيْهِ».

 

فهل من شقّ على الأمة غير هؤلاء؟ هل من ضيّق على الناس معيشتهم أكثر ممن جعل سعر الوقود، والدقيق، والكهرباء، والتعليم، والدواء، كل ذلك تجارة باسم "الصمود"؟! وفرضوا الضرائب والجمارك...

 

لقد استبدلوا بواجبات الدولة واجبات الناس، فلا دولة تُعطي، ولا حاكمٌ يرعى، ولا سلطانٌ يحكم بما أنزل الله. فالزكاة أكلوها؛ زكاة الفطر والمال والحبوب والأنعام، أصبحت في صناديقهم، تُصرف في بطون جماعتهم، وتُمنع عن الفقراء الحقيقيين، ويُحاسب عليها الناس حساب المُدان، ويُطارد بها المساكين وكأنهم يسرقون من الدولة، بينما الشريعة تقول: ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ...﴾، ولم تقل توزع على قيادة الدولة الذين يتحولون لسوط يجلد الناس.

 

الصمت على الجوع خيانة، لا صبر!

 

يريدون من الناس أن يُصفقوا للضيق، أن يتعبدوا بمدح الفقر، أن يعتبروا الذل بطولة!! ولكن الإسلام لم يجعل الفقر فضيلة، بل جعل الغنى وسيلة للعطاء، وجعل الدولة مسؤولة عن حاجات الرعية، لا ترفع عنهم يدها وتضعها في جيوبهم!

 

حكم بغير ما أنزل الله وتديّن مغشوش

 

يتكلمون عن المولد، ويخنقون من ينادي بالخلافة! يرفعون شعار "الصرخة"، ويصمتون عن حدود الله المعطلة! يملؤون الجدران بالآيات، ويتركونها بلا تطبيق! قال الله تعالى: ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ﴾ فبأي شرعٍ يحكمون؟ وفي أي دينٍ يرضى الناس بالبطش والجوع والتمييز الطبقي باسم آل البيت؟

 

الثورة الحقيقية هي على الطغاة لا بهم

 

الثورة الحقيقية هي الثورة على أنظمة الكفر، على الحدود التي مزّقها سايكس وبيكو، على العملاء الذين باعوا الأمة شرقاً وغرباً. أما ما نراه اليوم فهو إعادة إنتاج لهيمنة أمريكية عبر وسطاء إيرانيين ظاهرين ومن آل سعود متسترين، وسلطات تسلطت باسم الدين، وهي منه براء.

 

وفي الأخير أقول: يا أهل اليمن، يا أهل الإيمان والحكمة: إن ما نعيشه اليوم ليس قدراً مقدوراً، ولا عدواً خارجياً فقط، بل هو خيانة داخلية باسم الثورة والدين.

 

والحل ليس في تغيير الشعارات، بل هو في إقامة دولة الخلافة الراشدة التي تطبق الإسلام حقاً، وتعطي كل ذي حقٍ حقه، وتحكم بشرع الله، لا بشرع السلالة والولاء الإقليمي، فكل الثورات التي قامت في بلاد المسلمين ومنها اليمن سواء 26 سبتمبر أو 21 منه أو غيرهما لم تنهض الأمة ولم تحمل مشروعا صافيا نقيا مستمدا من كتاب الله وسنة رسوله بل حكمت بالعلمانية، ساء ما يفعلون!

 

إن نهضة الأمة الحقيقية لم تأتِ بعد، وستكون بإذن الله على منهاج النبوة، لا على خطا الغرب الكافر فاحذروا أن تُخدعوا مرّتين!

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

عبد المحمود العامري – ولاية اليمن

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

 

انكشاف الكذبة الكبرى

الرأسمالية بين الوهم والحقيقة

 

الحقيقة الدامغة أن العالم كله يكتشف الآن قضية الكذب عند حكام الغرب، وعلى رأسهم أمريكا. فهل اكتشافهم الآن لهذه الحقيقة دلالة على الغباء؟ أم أن ما عاشوه من كذبة في مفهومهم الديمقراطي وحرياته كان هو السبب لعدم فهم مبدئهم؟ هل حقيقة أن ترامب يكذب أم يتوهم أنه يكذب؟ وما هو المقياس والميزان الذي يجب أن يُحدَّد به الكذب من الصدق؟ وهل كانت أمريكا وأوروبا وزعماء العالم صادقين مع أنفسهم وشعوبهم والعالم منذ نشأة المبدأ الرأسمالي وتسيُّده على الكرة الأرضية؟

 

حول هذه التساؤلات يجب أن تدور الاستفسارات والبحوث والطروحات والإجابات؛ لأن الزعماء في العالم محكومون لأنظمتهم وقوانينهم ومبادئهم التي تُشرِّعها مجالسهم التشريعية وحكوماتهم على مدى العقود التي مضت، والبقية من عمر المبدأ الذي بقي. وما هو الحل إذا كانت هناك معضلة الكذب المشار إليها؟ وهل الكذب مُباح أو مشروع في مبدئهم؟

 

منذ بداية القرن الثامن عشر، استولى المبدأ الرأسمالي على أجزاء كبيرة من الكرة الأرضية. وعقيدة هذا المبدأ هي: "دع ما لله لله وما لقيصر لقيصر"، ما يعني أن من أراد الإيمان بالله فعليه حصر ذلك في ذاته، فهو يخص المؤمن بوجود الله وعظمته وهويته وملكوته، ولا يجوز التصرف في الحياة والعمل بها بناءً على هذا الفهم. والتصرف بالحياة عملاً وممارسةً مرده إلى آلهة الأرض (قيصر) ومجالسه التشريعية.

 

إذاً، مفهوم العقيدة الرأسمالية وعلمانيتها هو فصل الدين عن الحياة، فالدين محصور بذات الشخص والكنيسة، ولا علاقة له بتصرفات الأفراد والمجتمعات والدول، حتى وإن تمّت الإشارة للدين في النصوص التشريعية، فهو لذر الرماد في العيون والضحك على الذقون، واستخفاف بالعقول. وهذه القاعدة ترسِّخ مفهوم الكذب والنفاق عند الخاصة والعامة؛ لأن سياسة هذا المبدأ بالمجمل معنىً ومفهوماً أن السياسة هي "فن الكذب".

 

هذا التضليل الإعلامي جعل الأكاديميين والسياسيين والمفكرين والعوام يعيشون الكذبة الكبرى وهو المبدأ، دون التفكر بمعناه ومبناه ومفهومه، وأن هذا المبدأ بتدليسه على الشعوب وما يطرحه من قيم (الحريات، الطفل، المرأة، الحيوان، الشذوذ، والديمقراطية...) وإنشاء منظمات ومؤسسات لها وإنفاق المليارات لترويجها وشراء الذمم من خلالها، ما هو إلا للطمس على العقول ومنعها من التوقف والتأمل والتفكير ولو لبرهة صغيرة بالمبدأ ومخرجاته. ولذلك، كل من سلط الضوء أو حاول التفكير كان إما أن يُطمس أو يُهمَّش أو يُسجن أو يُقتل أو يُشرَّد في أصقاع الأرض.

 

إن المبدأ الرأسمالي بأكذوبته الكبرى استكبر وافترى وتمدد وساح في الأرض، وأصبح هو الإله الذي يُعبد من دون الله، فهو المُشرِّع وبيده صولجان الحكم وسيف القهر، والناس تبع لملوكهم وأديان ملوكهم بذلك.

 

إن المدقق في تصريحات الحكام والأنظمة والأكاديميين والسياسيين على مدار القرنين الماضيين سيجد أنها كلها كانت قائمة على كذبة: الحربين العالميتين الأولى والثانية، وإلقاء قنبلتي هيروشيما وناغازاكي، واحتلال فيتنام وأفغانستان والعراق، وضرب ليبيا وإيران، واحتلال فلسطين وإقامة الكيان المسخ عليها، وما صاحب ذلك من تصريحات ومؤتمرات واجتماعات في الأمم المتحدة التي قامت وما زالت قائمة على أكبر أكذوبة في التاريخ (تحرر الشعوب وتقرير المصير وعدم التدخل في شؤون الدول وعدم الاعتداء فيما بينها أو من قوى أكبر منها)، ومشروع "الحرب على الإرهاب". أكذوبة كبرى وأكاذيب لا حصر لها تفوق الخيال والتصور.

 

كشف هذه الأكذوبة عن عقول الشعوب والأكاديميين والسياسيين والمفكرين لا بد أن يكون بحجمها، فكانت عملية طوفان الأقصى. هم يمكرون ومكرهم عظيم ولكن مكر الله أعظم من مكرهم لأن مكرهم عند الله، وهو الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، قال تعالى: ﴿وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِندَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِن كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ﴾. فهذا الحدث كشف للناس مفهوم المبدأ والكذبة الكبرى أن العالم الغربي بُني على كذبة تم تسويقها بالحديد والنار والصراع والاستعمار على أنها الحقيقة.

 

إن ما يجري في غزة والضفة في هذا الوقت ومنذ سنتين ليس حدثاً طبيعياً ولا بشرياً، والبشر الذين بدأوه كانوا أسباباً وظيفتهم تفجير الصاعق، أما شدة الانفجار ومدى وصوله وأثره، فهي للمدبر الحكيم العليم.

 

وبالنظر إلى الافتراق العالمي بين مؤيد ومعارض لما يجري، نجد أن كفة التأييد في تصاعد صاروخي ومُدَوٍّ، وأن اصطفاف العالم إلى فرقتين، فرقة تنحاز للحق والحقيقة، وفرقة تنحاز للباطل وكَذِبِهِ، يُشير إلى أن الله سبحانه وتعالى أراد من ذلك التمايز بين الحق والباطل، ثم إن معسكر الباطل سيبدأ بالتفسخ شيئاً فشيئاً، ﴿لِّيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ﴾.

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

سالم أبو سبيتان

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

﴿وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ﴾

 

 

لقد بلغت وقاحة الجولاني المدى!! فما عاد يستحي من الله ولا من رسوله ولا من المؤمنين، بل يتفاخر بظلم وسجن أصحاب كلمة الحق، ويقدم ذلك هدية على أعتاب أمريكا وسيدها المتغطرس!

 

يستأسد على أصحاب كلمة الحق، لا لشيء إلا أن يقولوا ربنا الله، ويدافعوا عن ثورتهم المجيدة التي انطلقت باسم الله، فكان شعارها (هي لله، هي لله).

 

ولطالما حذر هؤلاء المخلصون للواء الله، الأمة من الالتفاف على ثورتها المجيدة وإجهاضها، فكانوا خنجراً في وجه المشاريع الغربية الخبيثة التي أرادت حرف مسار ثورتهم، فكانوا صوتاً صادحا بالحق، لا يخاف في الله لومة لائم، ولا يلتفت إلى منصب أو جاه، أو مال سياسي قذر، أو أي تهديد أو إغراء.

 

واليوم يحاكم هؤلاء الأشراف الصادعون بالحق، بأحكام جائرة وظالمة، وحبس يتراوح بين ثماني إلى عشر سنوات، لا لذنب ارتكبوه، بل لأنهم طالبوا بإسقاط نظام بشار وبفتح الجبهات لمحاربته، وطالبوا بعدم الصلح معه، وقالوا كلمة حق فضحت مؤامرة الجولاني وزبانيته، وأيقظت الوعي في نفوس الناس، فما كان من الجولاني وزبانيته الظلمة الجائرين، إلا إصدار أحكام جائرة بمحكمة ظالمة، فيها القاضي ملثم، ومحامي الدفاع ملثم، يخافون أن يفتضح أمرهم بين الناس، ولا يخافون الله الواحد الديان!

 

أيعفى عن الشبيحة والمجرمين، ويبقى الصادحون بالحق وراء قضبان سجون الظالمين؟! وعند الله تجتمع الخصوم!

 

يا أهل الشام الكرام، يا من قدمتم دماء أكثر من مليون شـهيد في سبيل تحكيم شرع ربكم، إياكم أن تجعلوا دماء أبنائكم الزكية، ممرا لمشاريع أمريكا ويهود الخيانية.

 

إننا ندعوكم ونشد على أيديكم للوقوف في وجه الجولاني ومشاريعه التطبيعية المذلة، وندعوكم للصدع بالحق، وأن ترفعوا صوتكم لرفع الظلم عن إخوانكم، والوقوف وقفة عز وشرف تسجل لكم عند بارئكم في رفض المشاريع الخيانية العلمانية، وإكمال ثورتكم المجيدة حتى يحكم شرع الله وحده، بعيدا عن التدخلات الأجنبية التي لا تضمر إلا الشر والبلية للإسلام والمسلمين.

 

وللجولاني وزبانيته، إنا لنبشركم بعذاب الله وغضبه وسخطه في الدنيا والآخرة، ونذكركم بقول النبي الكريم ﷺ: «مَنْ عَادَى لِي وَلِيّاً فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ».

 

فأذنوا بحرب من الله ومن أولياء الله، فظلمكم لن يزيد شباب حزب التحرير إلا جرأة وصدعا بالحق، حتى يظهر دين الله على الدين كله وهم على ذلك.

 

﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ

 

 

كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

منال حسين – الأرض المباركة (فلسطين)

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الهيمنة الناعمة ومعاناة الشعوب من السودان إلى ليبيا

 

في زحمة الأحداث المتسارعة التي تعصف بمنطقتنا العربية، يبرز مشهد مؤلم من التدخلات الخارجية والقرارات الدولية التي تُفرض من وراء البحار، من دون اعتبار لإرادة الشعوب أو لحقها المشروع في تقرير مصيرها، لتكون دماء أبنائها ثمناً لصراعات دولية وإقليمية.

 

السودان وليبيا ليسا سوى مثالين صارخين على هذا الواقع المختل، الذي تحوّلت فيه الدول إلى ساحات نفوذ، وأدوات ضغط، وصناديق بريد لتبادل الرسائل بين القوى الكبرى.

 

فهذا السودان بلد منهك، تُصنع قراراته في الخارج منذ اندلاع الأزمة فيه. لم تكن أمريكا بعيدة عن المشهد، بل كانت حاضرة بكل أدواتها: من التصريحات النارية، إلى العقوبات الانتقائية، إلى محاولات تشكيل خارطة السياسة وفق رؤاها ومصالحها. وها هي اليوم تلوّح بعقوبات على شخصيات سياسية سودانية بحجة عرقلة التحوّل الديمقراطي، بينما تغضّ الطرف عن أطراف أخرى متورطة في الصراع ذاته، لكن مواقفها أقرب إلى خدمة المصالح الأمريكية. فهل هي حقّاً جادّة في تحقيق حياة نزيهة في السودان؟ أم أنها تختار مَن تُعاقب ومَن تُسامح بحسب ما يوافق مصالحها، تحت شعار مساعدة الشعب السوداني من أجل الاستقرار؟

 

وفي ليبيا يتكرّر المشهد بصورة أخرى. فمنذ سنوات يعاني الشعب الليبي من انقسام سياسي وتدخلات دولية مزمنة، ومع ذلك تُصرّ أمريكا على دعم حكومة الدبيبة، رغم انعدام القبول الشعبي الحقيقي لها. وهكذا تتحوّل الشرعية إلى مفهوم يُمنح أو يُسحب بحسب الموقف الأمريكي.

 

مع الأسف، ما نشهده اليوم هو "هيمنة ناعمة" تمارسها القوى الكبرى عبر أدوات متعددة من خلال العقوبات الاقتصادية، أو الضغوط السياسية. إنها أدوات حديثة للاستعمار، أشدّ وجعاً مما تفعله الجيوش، لأنها تضرب العمق في السيادة والكرامة والقرار.

 

وفي خضم هذا التدافع الدولي، تقف الشعوب في السودان وليبيا وتونس واليمن وسوريا، في طابور طويل من المعاناة؛ جوع، نزوح، وغياب أفق، بينما القوى الكبرى تتصارع على النفوذ، وتوزّع الولاءات، وتبرم الصفقات.

 

لكن يبقى السؤال الأهم: ما هو الخلاص من هذه الهيمنة؟

 

أقول: ليس أمام هذه الشعوب خيار سوى استعادة زمام أمرها، وعليها أن ترفض أن تكون مجرد أدوات على رقعة شطرنج الكبار. لذلك فإن طريق الخلاص يبدأ حين تستعيد الأمة وعيها، وتحيي في وجدانها قيم العزة والسيادة والكرامة. والتاريخ يعلّمنا أن الأمم التي أرادت الحياة انتصرت رغم جبروت المحتل. فهل آن الأوان أن نقول: كفى؟ هل آن الأوان أن نكتب مصيرنا بأيدينا لا بأقلام غيرنا؟

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

مؤنس حميد – ولاية العراق

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

شرف الصحبة مع أبي أسامة، أحمد بكر (هزيم) رحمه الله

 

 

في صبيحة الثاني والعشرين من ربيع الأول 1447 هجرية الموافق الرابع عشر من أيلول 2025م، وعن عمر ناهز سبعة وثمانين عاما، انتقل إلى جوار ربه أحمد بكر (هزيم)، من الرعيل الأول في حزب التحرير. حمل الدعوة سنوات طويلة وتحمل في سبيلها السجن الطويل والتعذيب الشديد فما لان ولا ضعف ولا غيّر ولا بدّل بفضل الله وعونه.

 

أمضى في سوريا في الثمانينات أيام حكم المقبور حافظ سنوات طويلة متخفيا حتى اعتقل مع ثلة من شباب حزب التحرير على يد المخابرات الجوية سنة 1991م، ليلاقي أشد أنواع التعذيب بإشراف المجرمين علي مملوك وجميل حسن، حيث أخبرني من دخل غرفة التحقيق بعد جولة من التحقيق مع أبي أسامة وبعض رفاقه أنه شاهد بعض قطع اللحم المتطايرة والدماء على جدران غرفة التحقيق.

 

وبعد أكثر من سنة في زنازين فرع المخابرات الجوية في المزة، تمّ تحويله مع بقية زملائه إلى سجن صيدنايا ليحكم عليه بعدها بعشر سنوات، قضى منها سبع سنوات صابرا محتسبا ثم منّ الله عليه بالفرج.

 

بعد خروجه من السجن واصل حمل الدعوة مباشرة واستمر حتى بدأت اعتقالات شباب الحزب التي شملت المئات في سوريا في منتصف شهر 12 عام 1999م، حيث دوهم بيته في بيروت واختطف لينقل إلى فرع المخابرات الجوية في مطار المزة، لتبدأ مرحلة جديدة من التعذيب الرهيب. وكان رغم كبر سنه بعون الله صابرا ثابتا محتسبا.

 

انتقل بعد ما يقرب السنة إلى سجن صيدنايا من جديد، ليحاكم في محكمة أمن الدولة، ويحكم فيما بعد مدة عشر سنوات كتب الله له أن يمضي منها ما يقرب من ثماني سنوات ثم منّ الله عليه بالفرج.

 

قضيت معه عام 2001م سنة كاملة في سجن صيدنايا بل كنت فيها إلى جانبه تماما في المهجع الخامس (أ) يسار الطابق الثالث، كنت أناديه عمي العزيز.

كنا نأكل معا وننام إلى جانب بعض ونتدارس الثقافة والأفكار. منه اكتسبنا الثقافة ومنه كنا نتعلم الصبر والثبات.

 

كان سمحا محبا للناس حريصا على الشباب يزرع فيهم الثقة بالنصر وبقرب تحقق وعد الله.

 

كان حافظا لكتاب الله وكان يقرأه كل يوم وليلة وكان يقوم أغلب الليل فإذا اقترب الفجر هزني ليوقظني لصلاة القيام ثم لصلاة الفجر.

 

خرجت من السجن ثم عدت إليه سنة 2004م، ونقلنا إلى سجن صيدنايا من جديد بدايات 2005م، لنلتقي من جديد بمن بقوا في السجن عند خروجنا للمرة الأولى نهاية 2001م، وكان منهم العم العزيز أبو أسامة أحمد بكر (هزيم) رحمه الله.

 

كنا نتمشى لفترات طويلة أمام المهاجع لننسى معه جدران السجن وقضبان الحديد وفراق الأهل والأحبة، كيف لا وهو الذي أمضى سنوات طوالاً في السجن ولاقى ما لاقى!

 

ورغم قربي منه وصحبتي له فترات طويلة لم أره يتذمر أو يشتكي أبدا وكأنه ليس في سجن بل يحلق خارج أسوار السجن؛ يحلّق مع القرآن الذي يتلوه في معظم أوقاته، يحلّق بجناحي الثقة بوعد الله وبشرى رسوله ﷺ بالنصر والتمكين.

كنا في أحلك الظروف وأشدها قسوة نتطلع إلى يوم النصر الكبير يوم تتحقق بشرى رسولنا ﷺ «ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةً عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ». كنا نتشوق إلى الاجتماع تحت ظل الخلافة وراية العقاب خفاقة. ولكن قضى الله أن ترحل من دار الشقاء إلى دار الخلد والبقاء.

 

نسأل الله أن تكون في الفردوس الأعلى ولا نزكي على الله أحدا.

 

عمنا العزيز أبا أسامة:

 

نسأل الله أن يتغمدك بواسع رحمته وأن يسكنك فسيح جناته وأن يجعلك مع الصديقين والشهداء، وأن يجزيك عما لاقيت من أذى وعذاب الدرجات العلا في الجنة، ونسأله عز وجل أن يجمعنا بك على الحوض مع رسولنا ﷺ وفي مستقر رحمته.

 

عزاؤنا أنك تفد على أرحم الرحمين ولا نقول إلا ما يرضي الله، إنا لله وإنا إليه راجعون.

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

أبو صطيف جيجو

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

 

مسرحيةُ الاعترافِ بدولةِ فلسطين

 

ها هوَ العالمُ ينهض، أو هكذا يظن، ويصفق بحرارةٍ لقرارِ الاعترافِ بدولةِ فلسطين وفقَ حلٍّ للدولتين.

 

إنها الطبخةُ الأمريكيّةُ التي نضجت على نارٍ هادئة، قُدّمت للعالمِ كوجهِ سلامٍ؛ أبطالُها حكامُ السعودية، بينما الواقعُ لم يكن سوى علبةِ مسكّناتٍ "ماركة واشنطن".

 

السعوديةُ، بوقارها الرسمي، أدّت دورَ الميسّر لتقولَ للعالم ها نحن نقدّم المبادرةَ ونُتيحُها.

 

أما الإنجليزُ فقد سبقهم التاريخ حين أتى بهذا الكيانُ المشوَّهُ، مدعوماً بمشروعِ دولةٍ واحدةٍ، فلم ينجحوا في تمريرِه.

 

وبِدهاءِ واشنطن وخبثِها المعروفِ، أخرجت من جعبتها مشروعَ الدولتينِ وجعلت العالمَ يصوّت؛ أما الضميرُ العالميّ فقد "استيقظ" فجأةً من سباته العميق.

 

في الحقيقةِ، إنّ هذا الضميرَ المشوَّهَ لم يستيقظ؛ بل ما زال يتثاءبُ مستسلماً لخطا أمريكا ووعودها الخادعة. وها هوَ العالمُ يصفق للمشهد، بينما فلسطينُ غارقةٌ في دمائها تحتَ قصفِ قواتِ الاحتلال وطائراتِه التي لا تفرّق بين طفلٍ وشيخٍ وامرأةٍ، ليبقى المشهدُ مادةً في نشراتِ الأخبارِ وخطاباتِ الأممِ المجرمة.

 

إنها، باختصارٍ يا سادة، لعبةُ شطرنجٍ أمريكيةٌ تحرّكُ فيها واشنطنُ القطعَ، وتُوهمُ البقيةَ أنّهم أصحابُ قرارٍ.

 

النتيجةُ، للأسفِ، بقاءٌ وتمدّدٌ للكيانِ، والفلسطينيّون ينتظرون سرابَ الدولةِ الموعودة.

 

إنها مسرحيّةٌ كتبت فصولَها واشنطنُ ومُثِّلت على خشبةِ الأممِ المتحدةِ، بينما يجلس حكّامُ المسلمينَ في مقاعدِ المتفرّجينَ، حتى يظهر الوجهُ الحقيقيُّ للصفقةِ (ضياعُ الحقوقِ وتثبيتُ الاحتلال).

 

ليبقى العملاءُ الذين باعوا القضيةَ بثمنٍ بخسٍ على الكراسيِ الوفيرةِ والابتساماتِ العريضةِ في ممرّاتِ البيتِ الأبيضِ، يتزيّنُون بزِيٍّ عربيٍّ ويتحدّثون عن "السلام"؛ وهم في الحقيقةِ حملةُ مفاتيحِ السجونِ التي حُشرَت فيها شعوبُهم. يظنّون أنّهم رجالُ دولةٍ، وما هم في الحقيقةِ إلا صدى لأوامرِ أمريكا.

 

أيّها المسلمونَ، إنّ هؤلاء الخونةَ لا يفاوضون باسمِكم ولا يتحدّثون بلسانِكم؛ إنّما يتاجرون بدمائِكم على موائدِ الغرب. لقد جعلوا من القضيةِ الفلسطينيةِ سلعةً في سوقِ المساوماتِ، يبيعونها بأبخسِ الأثمانِ؛ فلا تخدَعْنَكُم شعاراتُهم ولا خطاباتُهم.

 

فالأرضُ لا تتحرّرُ بقراراتِ الأممِ المتحدةِ ولا بتصفيرِ العالمِ أو تصفيقِه؛ إنّما تتحرّرُ حين تنهضُ الأمةُ وتدركُ أنّ وعدَها قد حان. وعلى الأمةِ أن تدركَ أنّ الخلاصَ الحقيقيَّ لا يكون على أيدي هؤلاء الرويبِضاتِ، بل عليها أن تُعيدَ مجدَ أجدادِها التليدَ، وأن تتذكّرَ أنّ وعدَ اللهِ آتٍ لا محالةَ بإذنِ الله.

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

مؤنس حميد – ولاية العراق

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

 

أحلام التوسع الصهيوني

أسطورة تتبدد على صخرة غزة والضفة

 


إذا كان كيان يهود لم يستطع السيطرة على الضفة الغربية، التي لا تتجاوز مساحتها 5.800 كلم2 ويسكنها أكثر من 3 ملايين نسمة، إلا بمساعدة منظمة التحرير الفلسطينية، فكيف له أن يتخيل السيطرة على مساحة 3.000.000 كلم2؟


وإذا كانت غزة، التي لا تتجاوز مساحتها 365 كلم2، قد صمدت لأكثر من سنتين، رغم أن الكيان زجّ بكل ما يملك من قوة واستخدم كل ما تملكه الدول الغربية من سلاح وذخائر محرمة ومجرّمة، وفقد الآلاف من جنود جيشه الأقوى والأكثر عنفاً وديناميكية ودموية في العالم بين قتيل وجريح ومعاقين ومرضى نفسيين و...، وهو يملك من التكنولوجيا ما لا تملكه جيوش حلف شمال الأطلسي، وفقد كل المزايا التي كانت لديه من التفوق الاستخباراتي والردع والذراع الأطول والقدرة على الوصول إلى أي بقعة يريدها، ورغم كل القتل الممنهج والتدمير المخطط في غزة، وفشل في تحقيق أهدافه، والتي أُعطي المهلة تلو الأخرى من أجل تحقيقها... فهل بقي لشعار التوسع هذا من معنى أو مفهوم؟


كيف لكيان يهود أن يصرح بالتوسع على أرض يقطن بها أكثر من مائة مليون نسمة، جلّهم مدرب على السلاح ويملكون من الأسلحة ما لا يملكه الكيان؟


هل هذا التصريح التوسعي لبث الرعب والصدمة للأنظمة والشعوب حتى تستسلم لإرادته وتعطيه الولاء والطاعة العمياء، فتصبح المنطقة مسرح عملياته كما يفعل في الضفة الغربية، وليس المقصود هو السيطرة والاحتلال العسكري؟


لْنُحَلّل ولْنَفْهَم ونجيب على هذه التساؤلات ومدى إمكانيات كيان يهود في التوسع من النيل إلى الفرات وواقع ذلك على الأرض:


أولاً: لماذا يبني الكيان جدار الفصل العنصري إذا كان يريد التوسع من النيل إلى الفرات؟


الإجابة على هذا السؤال تكشف تناقضاً بين الشعارات الأيديولوجية والواقع السياسي والأمني.


الشعار التوسعي "من النيل إلى الفرات" هو شعار توراتي/صهيوني قديم استُخدم لتعبئة الحركات الصهيونية المبكرة، وغايته إعطاء صبغة دينية و"قدرية" للمشروع الاستيطاني ودفع اليهود للهجرة إلى أرض فلسطين لتحقيق (الوعد الإلهي)! أما جدار الفصل، فقد بُني عام 2002 في عهد شارون بعد تصاعد العمليات الفدائية خلال انتفاضة الأقصى، وهو إقرار عملي بالعجز الأمني عن السيطرة الكاملة حتى على الضفة الغربية، ناهيك عن أراضٍ أبعد.


فالجدار هو تحصين دفاعي، لا يعكس قوة، بل خوفاً من الاختراق حتى من شعب محاصر أعزل نسبياً في مناطق كجنين ونابلس والخليل.


والجدار يفضح حقيقة أن الكيان لا يملك القدرة حتى على "الضم الكامل" للضفة، رغم قربها الجغرافي وتفوقه العسكري، فما بالك بتوسعات هائلة من النيل إلى الفرات؟


ثانياً: هل يستقيم حلم التوسع مع العجز عن إخضاع الضفة الغربية؟


الضفة الغربية التي لا تتجاوز مساحتها 5.800 كلم2، وسكانها قرابة 3 ملايين فلسطيني، ورغم ذلك يعجز كيان يهود عن فرض السيطرة الكاملة عليها وحتى بمساعدة سلطة أوسلو دون مواجهات شبه يومية.


ففي كل مدينة هناك خلايا مقاومة مسلحة، وبنية تحتية أمنية للفصائل، رغم القمع والتنسيق الأمني.


وهذا الفشل يُظهر أن فكرة التوسع إلى مناطق شاسعة فيها شعوب ودول كالعراق وسوريا ومصر هي وهم غير قابل للتحقيق عملياً.


ثالثاً: هل من يعجز عن غزة قادر على حكم 3 ملايين كلم2؟


غزة فضحت كيان يهود على مستويات متعددة:


• مساحة غزة: 365 كلم2 فقط.


• ومع ذلك، منذ 2007 وحتى اليوم، فشلت كل محاولات الكيان في إخضاعها.


• الحرب الأخيرة (2023-2025) كشفت انهيار أسطورة الردع والذراع الطويلة والضربة الاستباقية التي كان يتميز بها، وأكدت أن القوة العسكرية وحدها لا تحسم معارك مع شعوب مؤمنة بالتحرر والمقاومة.


• خسائر كيان يهود البشرية والمادية والنفسية فاقت كل التقديرات، وأحرجت حتى داعميه في الغرب.


فإذا كانت غزة كفيلة بإذلال جيش نووي، فكيف ستكون الأمور في حال دخل في مواجهة مباشرة في مناطق أكبر كالعراق أو سوريا؟


رابعاً: (من النيل إلى الفرات) شعار أم مشروع؟


من الناحية الواقعية: كيان يهود يعلم أن هذا المشروع غير قابل للتحقق عسكرياً أو سياسياً، لكنه يُستخدم:


• أداة دعائية أيديولوجية داخلية (لليمين المتطرف).


• مبرراً للاستيطان الزاحف، خاصة في الضفة.


• حجة لتفكيك الدول العربية المحيطة من خلال دعم الفوضى والانقسامات (كما حدث في العراق وسوريا).


لكن المشروع الفعلي اليوم لكيان يهود هو:


دولة يهودية نقية قدر الإمكان، على أكبر مساحة ممكنة، مع أقل عدد من الفلسطينيين.


وهذا يفسر:


• استمرار الطرد والتهجير في القدس والضفة.

• محاولات فصل غزة نهائياً واستمرارية حربها هناك والدعوة لاحتلالها وجعلها منطقة استثمارية بمشاركة أمريكية.

• تمرير مشاريع الترانسفير والسكان البديلين (خصوصاً في النقب والضفة).


خامساً: الواقع الجيوسياسي لا يسمح لكيان يهود بمشروع إمبراطوري


لم تستطع أمريكا (أقوى دولة في التاريخ) فرض سيطرتها على العراق أو أفغانستان رغم فارق ميزان القوة. كيان يهود كيان صغير:


• المساحة 22.000 كلم2.
• السكان: 9 ملايين (نصفهم تقريباً غير يهود).
• هشاشة داخلية (تمزق مجتمعي، أزمات سياسية، مقاومة من الداخل).


فهو عملياً غير مؤهل جغرافياً ولا ديموغرافياً ولا عسكرياً للقيام بأي مشروع توسعي بهذا الحجم.


خلاصة القول: ما يُسمى بـ"مشروع التوسع من النيل إلى الفرات" هو:


1. أسطورة أيديولوجية أكثر منه خطة قابلة للتنفيذ.
2. أداة دعائية لتبرير الاستيطان والعدوان والتمييز العنصري.
3. غير قابل للتحقيق واقعياً، لا من حيث القوة ولا الإمكانيات ولا الظروف الدولية.


والسؤال الحقيقي الآن: هل يستطيع هذا الكيان حتى البقاء في حدود 1948؟


بناءً على معطيات الواقع، فإن التحدي القادم ليس التوسع، بل الصمود أمام عوامل الانهيار الداخلي والمقاومة المتصاعدة.

 

 

 

كتبه للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
سالم أبو سبيتان

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

 

أحلام التوسع الصهيوني

أسطورة تتبدد على صخرة غزة والضفة

 


إذا كان كيان يهود لم يستطع السيطرة على الضفة الغربية، التي لا تتجاوز مساحتها 5.800 كلم2 ويسكنها أكثر من 3 ملايين نسمة، إلا بمساعدة منظمة التحرير الفلسطينية، فكيف له أن يتخيل السيطرة على مساحة 3.000.000 كلم2؟


وإذا كانت غزة، التي لا تتجاوز مساحتها 365 كلم2، قد صمدت لأكثر من سنتين، رغم أن الكيان زجّ بكل ما يملك من قوة واستخدم كل ما تملكه الدول الغربية من سلاح وذخائر محرمة ومجرّمة، وفقد الآلاف من جنود جيشه الأقوى والأكثر عنفاً وديناميكية ودموية في العالم بين قتيل وجريح ومعاقين ومرضى نفسيين و...، وهو يملك من التكنولوجيا ما لا تملكه جيوش حلف شمال الأطلسي، وفقد كل المزايا التي كانت لديه من التفوق الاستخباراتي والردع والذراع الأطول والقدرة على الوصول إلى أي بقعة يريدها، ورغم كل القتل الممنهج والتدمير المخطط في غزة، وفشل في تحقيق أهدافه، والتي أُعطي المهلة تلو الأخرى من أجل تحقيقها... فهل بقي لشعار التوسع هذا من معنى أو مفهوم؟


كيف لكيان يهود أن يصرح بالتوسع على أرض يقطن بها أكثر من مائة مليون نسمة، جلّهم مدرب على السلاح ويملكون من الأسلحة ما لا يملكه الكيان؟


هل هذا التصريح التوسعي لبث الرعب والصدمة للأنظمة والشعوب حتى تستسلم لإرادته وتعطيه الولاء والطاعة العمياء، فتصبح المنطقة مسرح عملياته كما يفعل في الضفة الغربية، وليس المقصود هو السيطرة والاحتلال العسكري؟


لْنُحَلّل ولْنَفْهَم ونجيب على هذه التساؤلات ومدى إمكانيات كيان يهود في التوسع من النيل إلى الفرات وواقع ذلك على الأرض:


أولاً: لماذا يبني الكيان جدار الفصل العنصري إذا كان يريد التوسع من النيل إلى الفرات؟


الإجابة على هذا السؤال تكشف تناقضاً بين الشعارات الأيديولوجية والواقع السياسي والأمني.


الشعار التوسعي "من النيل إلى الفرات" هو شعار توراتي/صهيوني قديم استُخدم لتعبئة الحركات الصهيونية المبكرة، وغايته إعطاء صبغة دينية و"قدرية" للمشروع الاستيطاني ودفع اليهود للهجرة إلى أرض فلسطين لتحقيق (الوعد الإلهي)! أما جدار الفصل، فقد بُني عام 2002 في عهد شارون بعد تصاعد العمليات الفدائية خلال انتفاضة الأقصى، وهو إقرار عملي بالعجز الأمني عن السيطرة الكاملة حتى على الضفة الغربية، ناهيك عن أراضٍ أبعد.


فالجدار هو تحصين دفاعي، لا يعكس قوة، بل خوفاً من الاختراق حتى من شعب محاصر أعزل نسبياً في مناطق كجنين ونابلس والخليل.


والجدار يفضح حقيقة أن الكيان لا يملك القدرة حتى على "الضم الكامل" للضفة، رغم قربها الجغرافي وتفوقه العسكري، فما بالك بتوسعات هائلة من النيل إلى الفرات؟


ثانياً: هل يستقيم حلم التوسع مع العجز عن إخضاع الضفة الغربية؟


الضفة الغربية التي لا تتجاوز مساحتها 5.800 كلم2، وسكانها قرابة 3 ملايين فلسطيني، ورغم ذلك يعجز كيان يهود عن فرض السيطرة الكاملة عليها وحتى بمساعدة سلطة أوسلو دون مواجهات شبه يومية.


ففي كل مدينة هناك خلايا مقاومة مسلحة، وبنية تحتية أمنية للفصائل، رغم القمع والتنسيق الأمني.


وهذا الفشل يُظهر أن فكرة التوسع إلى مناطق شاسعة فيها شعوب ودول كالعراق وسوريا ومصر هي وهم غير قابل للتحقيق عملياً.


ثالثاً: هل من يعجز عن غزة قادر على حكم 3 ملايين كلم2؟


غزة فضحت كيان يهود على مستويات متعددة:


• مساحة غزة: 365 كلم2 فقط.


• ومع ذلك، منذ 2007 وحتى اليوم، فشلت كل محاولات الكيان في إخضاعها.


• الحرب الأخيرة (2023-2025) كشفت انهيار أسطورة الردع والذراع الطويلة والضربة الاستباقية التي كان يتميز بها، وأكدت أن القوة العسكرية وحدها لا تحسم معارك مع شعوب مؤمنة بالتحرر والمقاومة.


• خسائر كيان يهود البشرية والمادية والنفسية فاقت كل التقديرات، وأحرجت حتى داعميه في الغرب.


فإذا كانت غزة كفيلة بإذلال جيش نووي، فكيف ستكون الأمور في حال دخل في مواجهة مباشرة في مناطق أكبر كالعراق أو سوريا؟


رابعاً: (من النيل إلى الفرات) شعار أم مشروع؟


من الناحية الواقعية: كيان يهود يعلم أن هذا المشروع غير قابل للتحقق عسكرياً أو سياسياً، لكنه يُستخدم:


• أداة دعائية أيديولوجية داخلية (لليمين المتطرف).


• مبرراً للاستيطان الزاحف، خاصة في الضفة.


• حجة لتفكيك الدول العربية المحيطة من خلال دعم الفوضى والانقسامات (كما حدث في العراق وسوريا).


لكن المشروع الفعلي اليوم لكيان يهود هو:


دولة يهودية نقية قدر الإمكان، على أكبر مساحة ممكنة، مع أقل عدد من الفلسطينيين.


وهذا يفسر:


• استمرار الطرد والتهجير في القدس والضفة.

• محاولات فصل غزة نهائياً واستمرارية حربها هناك والدعوة لاحتلالها وجعلها منطقة استثمارية بمشاركة أمريكية.

• تمرير مشاريع الترانسفير والسكان البديلين (خصوصاً في النقب والضفة).


خامساً: الواقع الجيوسياسي لا يسمح لكيان يهود بمشروع إمبراطوري


لم تستطع أمريكا (أقوى دولة في التاريخ) فرض سيطرتها على العراق أو أفغانستان رغم فارق ميزان القوة. كيان يهود كيان صغير:


• المساحة 22.000 كلم2.
• السكان: 9 ملايين (نصفهم تقريباً غير يهود).
• هشاشة داخلية (تمزق مجتمعي، أزمات سياسية، مقاومة من الداخل).


فهو عملياً غير مؤهل جغرافياً ولا ديموغرافياً ولا عسكرياً للقيام بأي مشروع توسعي بهذا الحجم.


خلاصة القول: ما يُسمى بـ"مشروع التوسع من النيل إلى الفرات" هو:


1. أسطورة أيديولوجية أكثر منه خطة قابلة للتنفيذ.
2. أداة دعائية لتبرير الاستيطان والعدوان والتمييز العنصري.
3. غير قابل للتحقيق واقعياً، لا من حيث القوة ولا الإمكانيات ولا الظروف الدولية.


والسؤال الحقيقي الآن: هل يستطيع هذا الكيان حتى البقاء في حدود 1948؟


بناءً على معطيات الواقع، فإن التحدي القادم ليس التوسع، بل الصمود أمام عوامل الانهيار الداخلي والمقاومة المتصاعدة.

 

 

 

كتبه للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
سالم أبو سبيتان

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

 غياب دور الدولة في مواجهة الكارثة الصحية حمى الضنك والملاريا

 

 

في ظل الانتشار الواسع لحمى الضنك والملاريا في السودان، تتكشف ملامح أزمة صحية حادة، تكشف عن غياب الدور الفاعل لوزارة الصحة وعجز الدولة عن التصدي لوباء يفتك بالأرواح يوماً بعد يوم. ورغم التقدم العلمي والتكنولوجيا في علم الأمراض تتكشف الحقائق ويظهر الفساد.

 

غياب خطة واضحة:

 

رغم تجاوز عدد الإصابات الآلاف، وتسجيل وفيات بالجملة وفقاً لبعض المصادر الإعلامية، لم تُعلن وزارة الصحة عن خطة واضحة لمكافحة الوباء. ويُلاحظ غياب التنسيق بين الجهات الصحية، وانعدام الرؤية الاستباقية في التعامل مع الأزمات الوبائية.

 

انهيار سلاسل الإمداد الطبي

 

حتى أبسط الأدوية مثل "البندول" أصبحت نادرة في بعض المناطق، ما يعكس انهياراً في سلاسل الإمداد، وغياباً للرقابة على توزيع الأدوية، في وقت يحتاج فيه المرء إلى أبسط أدوات التسكين والدعم.

 

غياب التوعية المجتمعية

 

لا توجد حملات إعلامية فعالة لتثقيف الناس حول طرق الوقاية من البعوض، أو التعرف على أعراض المرض، ما يزيد من تفشي العدوى، ويضعف قدرة المجتمع على حماية نفسه.

 

ضعف البنية التحتية الصحية

 

المستشفيات تعاني من نقص حاد في الكوادر الطبية والمعدات، بل حتى أدوات التشخيص الأساسية، ما يجعل الاستجابة للوباء بطيئة وعشوائية، ويُعرض حياة الآلاف للخطر.

 

كيف تعاملت دول أخرى مع الأوبئة؟

 

 البرازيل:

 

- أطلقت حملات رش أرضية وجوية باستخدام المبيدات الحديثة.

- وزعت الناموسيات، وفعّلت حملات توعية مجتمعية.

- وفرت الأدوية بشكل عاجل في المناطق الموبوءة.

 

بنغلادش:

 

- أنشأت مراكز طوارئ مؤقتة في الأحياء الفقيرة.

- وفرت خطوطاً ساخنة للبلاغات، وفرق استجابة متنقلة.

 

فرنسا:

 

- فعّلت أنظمة الإنذار المبكر.

- كثّفت الرقابة على البعوض الناقل، وبدأت حملات توعية محلية.

 

الصحة من أهم الواجبات ومسؤولية الدولة مسؤولية كاملة

 

لا يزال السودان يفتقر إلى آليات فعالة للكشف والإبلاغ، ما يجعل الأرقام الحقيقية أعلى بكثير من المعلن، ويزيد من تعقيد الأزمة. إن الأزمة الصحية الراهنة هي نتيجة مباشرة لغياب دور الدولة الفاعل في الرعاية الصحية التي تضع حياة الإنسان في مقدمة أولوياتها، دولة تطبق الإسلام وتطبق مقولة عمر بن الخطاب رضي الله "لو عثرت بغلة في العراق فإن الله سائلني عنها يوم القيامة".

 

الحلول المقترحة

 

- إقامة نظام صحي يخشى الله أولا في حياة الإنسان وفعال، لا يخضع للمحاصصة أو الفساد.

- توفير الرعاية الصحية المجانية باعتبارها حقا أساسيا لكل الرعية. وإلغاء تراخيص المستشفيات الخاصة ومنع الاستثمار في مجال التطبيب.

 

- تفعيل دور الوقاية قبل العلاج، من خلال حملات توعية ومكافحة البعوض.

- إعادة هيكلة وزارة الصحة لتكون مسؤولة عن حياة الناس، لا مجرد جهة إدارية.

 

- تبني نظام سياسي يضع حياة الإنسان فوق المصالح الاقتصادية والسياسية.

- فك الارتباط بالمنظمات الإجرامية ومافيا الدواء.

 

في تاريخ المسلمين، كانت المستشفيات تُقام لخدمة الناس مجاناً، وتُدار بكفاية عالية، وتُمول من بيت المال، لا من جيوب الناس. فكانت الرعاية الصحية جزءاً من مسؤولية الدولة، لا منّة ولا تجارة.

 

إن ما يحدث اليوم في السودان من تفشي الأوبئة، وغياب الدولة عن المشهد، هو نذير خطر لا يُمكن تجاهله. المطلوب ليس فقط توفير بندول، بل إقامة دولة رعاية حقيقية تُعنى بحياة الإنسان، وتُعالج جذور الأزمة، لا أعراضها، دولة مدركة لقيمة الإنسان وحياته والغاية التي وجد من أجلها وهي عبادة الله وحده. والدولة الإسلامية هي الوحيدة القادرة على معالجة قضايا الرعاية الصحية عبر النظام الصحي الذي لا يمكن تنفيذه إلا في ظل دولة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة القائمة قريبا بإذن الله.

 

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

حاتم العطار – ولاية مصر

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

صرخة لحملة الدعوة

"أين أنتم من زمان؟!"

 

في زحام الحياة وغفلة المجتمعات، تبقى كلمة واحدة قادرة على هزّ الجبال، تُفجّر الوجدان، وتبعث روح المساءلة في قلوب أمة الإسلام، إنها كلمة خرجت من أفواه أنهكها التعذيب، وأجساد طحنها الظلم في أقبية الطغاة "وينكم من زمان؟!" قالها أحد الخارجين من سجون الهارب بشار أسد، ممن ذاقوا الويلات، وانطفأت أعمارهم خلف القضبان، وعندما التقى ببعض من أفرج عنهم لم يسأله عن عدد سنوات السجن، بل صرخ في وجهه: "أين كنتم؟ أين أنتم من زمان؟ لماذا لم تفرجوا عنا ونحن نُدفن أحياء؟".

 

فهذه الكلمات أنّبتني كثيرا وأنا أستشعر القصور تجاه كل المظلومين في الأرض، فالإسلام جاء رحمة للناس ليخرجهم من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، فهنا لا مفر من المحاسبة، لا مجال للاعتذار، ولا مخرج من اللوم، فأين تكمن المشكلة؟

 

وها أنا أكرر الكلمة نفسها في وجه حملة الدعوة الذين يحملون الحل الجذري لمشاكل الأمة وخاصة عندما عرفت تفاصيل ما يحملون من مشروع نهضوي، قلتها في وجه أحد حملة الدعوة "أين أنتم من زمان؟".

 

وها أنا حاليا نذرت نفسي لحمل همّ عودة الإسلام إلى واقع الحياة وللعمل مع العاملين في هذا الحمل العظيم، أقول هل بلّغنا الرسالة كما ينبغي؟ هل وصلنا إلى المظلومين؟ هل اجتهدنا في حمل الدعوة كما أمرنا الله سبحانه؟

 

نحن لا نحمل دعوة ترفيه، ولا مشروع إصلاح سطحي، نحن نحمل قضية حياة أو موت، نحمل رسالة الإسلام كاملة، نحمل علاج البشرية، نحمل وعد الله سبحانه بالاستخلاف، ونحمل خلاص الناس من جحيم الظلم والجهل والاستعباد.

 

فمن تقاعس عن التبليغ فرّط في الأمانة، ومن انتقى من يدعوهم وترك المستضعفين، فقد خان صفاء الرسالة.

 

تخيل أن المسجون لسنوات، سجناء الجهل، سجناء الإعلام المضلل، سجناء الثقافة الغربية، سجناء أنظمة الطغيان، سجناء الحاجات اليومية التي أرهقتهم حتى لم يعودوا يلتفتون لدينهم، سجناء اللهو ومتابعة الرياضة والمشاهير والشهوات...

 

لن يسأل عن شيء حين تصله الدعوة إلا: "لماذا لم تصلنا دعوتكم؟!" نعم، كثير من الناس اليوم مسجونون دون أن يكونوا خلف القضبان، وكلهم ينتظرون من يطرق أبوابهم ويوقظهم، يحمل إليهم الإسلام كما أنزله الله، لا الإسلام المختزل في العبادات فقط، الإسلام المنقذ، الإسلام الذي يُحرر الإنسان من كل صنوف الاستعباد ويوجد العدل ويرسي الخير وينير الطريق.

 

"وينكم من زمان؟!" ليست مجرد كلمة، بل صفعة لكل متكاسل، وجرس إنذار لكل حامل دعوة خارت عزيمته وسط هذا الواقع السيئ، لتدفعنا لنتحرك، لنوصل الحق، لنهدم الجدران بيننا وبين الناس، لنحمل النور إلى أعمق الزنازين في الأرض نصل الليل بالنهار فالساكت عن الدعوة، المتقاعس عن البلاغ، هو شريك في بقاء الناس في سجونهم.

 

ومن علم أن الإسلام فيه الخلاص، ثم لم يوصله، فعليه وزر كل من بقي في ظلامه.

 

يا حملة الدعوة، انهضوا، شدوا الهمة، لا تنتظروا اللحظة التي تُسألون فيها "أين كنتم؟"، بل كونوا الجواب قبل أن يُسأل، كونوا هناك؛ حيث الظلم، حيث الجهل، حيث المعاناة، فثمّ عبادٌ لله ينتظرون صوت الحق فهل نخذلهم؟ فذو الهمة العالية منكم يضاعف الجهد والبطيء السير يلحق بالركب. اللهم لا تجعلنا من المفرّطين.

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

حسام الإدريسي – ولاية اليمن

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

لا تبرروا لهم! دعوة لعودة الشريعة كمرجعية

 

 

رجالات الحكومة السورية أنفسهم لم يعودوا يبررون أفعالهم بالمصطلحات الشرعية (الرخصة، مقاصد الشريعة، الاضطرار، الاستضعاف...)، فما لك أنت تفرش لهم طريق تبريرٍ طويل بتلك المصطلحات نفسها؟!

 

ليس هذا التبرير المستمر لكل ما تفعله الحكومة السورية الجديدة من كثير من المشايخ والمحسوبين على الساحة الإسلامية نصرةً لشرع الله، بل هو تطويع له وهدمٌ لأصوله من حيث شعروا أو لم يشعروا، فليست نصرة شرع الله إلا بجعله المرجعية الحاكمة في جميع الأمور والعدسة التي يُقرأ من خلالها الواقع السوري لا العكس.

 

فينبغي فهم الواقع السوري فهماً مستنيراً عميقاً بكل ما فيه وما يتعلق به من عوامل خارجية وداخلية، بلا اتباع هوى أو إغماض عين عن أي جليّ أو خفيّ يؤثر فيه.

 

ثم بعد ذلك يجب الانطلاق من النصوص الشرعية للحكم على هذا الواقع بكليّته وجزئياته وفق قواعد الاجتهاد الشرعي بدافع إرضاء الله سبحانه في هذا الموقف الفاصل في تاريخ أمة الإسلام الحديث بعد سقوط المجرم بشار، وبعد تضحيات عظيمة قدمها أهل الشام في سبيل ذلك.

 

هذا وإننا نرى أن رجالات الحكومة السورية الجديدة قد استبدلوا بالمصطلحات الشرعية المصطلحات الحداثية العلمانية البحتة لتبرير مواقفهم وتوضيحها للناس على مستوى الداخل والخارج، وهذا انحرافٌ جللٌ يجب الوقوف منه الموقف الشرعي، ولا يجوز تبريره، فليس في ترك الشريعة ومصطلحاتها ومفاهيمها وأحكامها إلا المفاسد الكبرى التي تلحق بسوريا اليوم كما نرى على الأرض من تمكين أمريكا وكيان يهود من استباحة سوريا بالاحتلال العسكري والفكري، ونشر الفتن الطائفية، والارتباط بالنظام الرأسمالي العالمي الذي يرسخ الفقر وينشر الفساد ويتآمر على الإسلام والمسلمين، والانخراط في منظومة التطبيع العربي والإقليمي التي تحادّ الله ورسوله والمؤمنين.

 

إن ما نشاهده من اتخاذ من كانوا قادة هيئة تحرير الشام في إدلب من تركيا أردوغان أستاذاً لهم، وسيرهم بحسب مخططات المشروع الأمريكي على مستوى سوريا والإقليم والعالم، لهو منكر كبير لا ينبغي أن يخدعنا كما خُدِع كثيرون بأردوغان سابقاً، ولا يخفى على أحدٍ كم أجرم نظامه بحق ثورة الشام في احتواء أعداد كبيرة من المجاهدين والفصائل المسلحة ومنعها طويلاً من المواجهة المباشرة مع نظام بشار، وبحق فلسطين عندما طبع مع يهود وعندما ترك غزة وحدها بلا نصرة عسكرية كما هو الواجب، بل أشبعها جعجعات ونواحاً دجالاً!

 

وليعلم الذين يبررون الركون إلى الكفار خاصةً أن أعداءنا ليسوا حريصين على تثبيت الحكومة السورية الجديدة، إنما هم حريصون على تثبيت النفوذ الدولي الاستعماري في سوريا، فعلى المسلم الواعي الصادق الذي يؤثر في جماهير الأمة ويحمل همها أن يتذكر أن محاسبة حكام سوريا الجدد وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر من الفرائض على كل حال، فإن المحاسبة جزء لا يتجزأ من تحكيم الشريعة في الواقع السوري اليوم، ولا يجوز التهاون فيها؛ إذ لا يجوز تحييد الشريعة عن قراءة المشهد السوري، إنما لا عدسة لنا كمسلمين إلا الشريعة، ولا يجوز أيضاً التفكير السطحي المتعلق بأبعاد ومآلات ما تقوم به الحكومة السورية الجديدة من خضوع لإملاءات الخارج، فهذه الإملاءات ليست كأي علاقات خارجية، إنما هي تكريس لهيمنة الغرب على أراضي الإسلام.

 

والأولوية القصوى قبل تناول الكلام عن رجالات الحكومة السورية الجديدة بأشخاصهم هي دحر ومجابهة مشروع الكفر القديم الجديد في سوريا، وهذا بحاجة إلى مشروع إسلاميّ جذريّ عميق أرقى بكثير من مجرد رفع الشعارات التي لا برنامج فعليّ لها يجعلها تبصر النور في الواقع.

 

قال الله سبحانه وتعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَن يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلَالاً بَعِيداً * وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَىٰ مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنكَ صُدُوداً * فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا إِحْسَاناً وَتَوْفِيقاً * أُولَٰئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُل لَّهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً * وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ ۚ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُوا أَنفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّاباً رَّحِيماً * فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً﴾ [النساء: 60-65].

 

 

كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

صبا علي

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

اتفاقية الدفاع المشترك بين السعودية وباكستان ومغزاها

 

 

أعلن عن اتفاقية دفاع استراتيجي مشترك بين السعودية وباكستان يوم 17/9/2025. وجاء في بيان مشترك بين الموقعين ولي العهد السعودي محمد بن سلمان ورئيس وزراء باكستان نواز شريف: "إن توقيع اتفاقية الدفاع الاستراتيجي المشترك بين الجانبين يأتي في إطار سعي البلدين لتعزيز أمنهما وتحقيق الأمن والسلام في المنطقة والعالم. وإنها تهدف إلى تطوير جوانب التعاون الدفاعي بين البلدين وتعزيز الردع المشترك ضد أي اعتداء، وأن أي عدوان على إحدى الدولتين يعد عدوانا عليهما كلتيهما".

 

تساءل الكثيرون عن مغزى هذه الاتفاقية، وظن بعض المسلمين أنها تحالف في وجه كيان يهود، وكتب البعض أنها تحالف بين المال السعودي والنووي الباكستاني ما يوجد قوة رادعة للمسلمين. ولكن لا يظهر أن مثل ذلك صحيح للأسباب التالية:

 

1- إن النظام السعودي تابع لأمريكا، وهناك أدلة كثيرة تثبت ذلك، وآخرها توسلها لأمريكا مع دول أخرى في المنطقة أن توقف حرب غزة. وقد انصاع لأوامرها فلم يقم بنصرة أهل غزة وتركهم للعدو يذبحهم من الوريد إلى الوريد ويفعل فيهم الأفاعيل من تجويع وهدم للبيوت والمدارس والمستشفيات على رؤوسهم وتهجيرهم من مكان إلى مكان. فلم يتدخل هذا النظام لنصرتهم انصياعا لأوامرها.

 

وأخيرا أعلن هذا النظام ترحيبه بخطة رئيسها ترامب لوقف الحرب في غزة، والتي تلبي مطالب كيان يهود بنزع السلاح من المجاهدين، وترك السيطرة الأمنية ليهود على غزة، وتغطي على جرائمه وتؤدي إلى تناسيها.

 

وقد أعلن هذا النظام دعمه لأمريكا أثناء زيارة رئيسها ترامب للرياض في شهر أيار الماضي، وقدم له الدعم المالي بمئات المليارات، تتجاوز 600 مليار دولار لدعم الاقتصاد الأمريكي والمشاريع العسكرية الأمريكية في تطوير الأسلحة والصواريخ، ويكون جزء منها ثمنا للأسلحة التي يرسلها لكيان يهود لقتل المسلمين في غزة.

 

 

2- وكذلك النظام الباكستاني، فإنه تابع لأمريكا، فكان من المتوسلين لترامب مع السعودية وغيرها لوقف حرب غزة، ولم يتحرك لنصرتهم انصياعا لأوامرها. وقد رحب أيضا بخطة ترامب الأخيرة لوقف الحرب في غزة.

 

وقد انصاع لأوامر ترامب عندما طلب منه وقف الاشتباكات مع الهند في شهر أيار الماضي، وكانت فرصة لكسر شوكة الهند ومن ثم التحرك لتحرير كشمير.

 

وقد أعلن رئيس وزرائها نواز شريف انصياعه لأوامر ترامب كما أعلن قائد الجيش الباكستاني، وهو القائد الفعلي لباكستان عاصم منير، ولاءه لأمريكا بعدما تولى قيادة الجيش أثناء زيارته لأمريكا في شهر كانون الأول 2023، وكذلك في زيارته الأخيرة لأمريكا في شهر آب الماضي. ولتأكيد ولائه لها أعلن ترشيحه لرئيسها ترامب للفوز بجائزة نوبل للسلام، في الوقت الذي يخوض ترامب حربا ضد الأمة الإسلامية ويدعم كيان يهود في الإبادة الجماعية لأهل غزة وتهجيرهم وتدميرها وتحويلها إلى منتجع.

 

3- وفي السابق دعم النظامان السعودي والباكستاني احتلال أمريكا لأفغانستان، وما زالا يدعمان خططها هناك، حتى تخضع لها. وتقوم باكستان بطرد الأفغان اللاجئين إليها أثناء الاحتلال السوفيتي والأمريكي، وتجعل العلاقات متوترة معها، حتى إنها دخلت معها في اشتباكات حدودية. وتجعل أراضيها نقطة انطلاق لتحرك أمريكا ضد أفغانستان.

 

4- ولهذا فإنه لا يتصور أن يتصرف قادة النظامين السعودي والباكستاني خارج هذا النطاق، أي التبعية لأمريكا، ومن ثم يعلنا اتفاقية دفاع مشترك دون إيعاز من أمريكا أو موافقة منها.

 

5- فعلى ضوء ذلك وعلى ضوء الظروف الحالية فإنه يمكن أن يفهم مغزى ذلك في النقاط التالية:

 

أ‌-  خداع للناس البسطاء بأن هذين النظامين كأنهما يستعدان لنصرة أهل غزة أو للتصدي لكيان يهود الذي أعلن أنه يريد أن يقيم مشروع (إسرائيل الكبرى) حيث يدخل جزء من السعودية في مشروعه. وقد أطلق التهديدات ضد دول المنطقة كلها بعدما وجه ضربة لقطر التي قدمت له الخدمات الكبيرة حيث جعلت من أراضيها مكانا للمفاوضات لإطلاق سراح أسرى يهود وإخضاع حماس لمطالب يهود.

 

ب‌-  أمريكا تريد أن تصرف باكستان عن الاشتغال بالهند ومسألة كشمير، وتجعلها تركز على مسألة الشرق الأوسط. وبذلك تريح عميلتها الهند التي توجهها للتصدي للصين، ولبسط سيطرتها التامة على كشمير وتوطين الهندوس فيها، وتعزيز مشاريعها في السيطرة على مياه الأنهار بين البلدين.

 

ج‌-   طرحت أمريكا ترامب فكرة الشرق الأوسط الجديد، وكأنها تجديد لفكرة الشرق الأوسط الكبير التي أطلقتها على عهد مثيله برئاسة جورج بوش الابن، حيث تشمل كل البلاد الإسلامية. فتدخل باكستان وغيرها في هذه الفكرة وفي خطتها للمنطقة. وأهمها الاعتراف بكيان يهود والتطبيع معه ضمن اتفاقات أبراهام. فتلحق باكستان بالسعودية فور إعلانها القبول بهذه الاتفاقات الخيانية العظمى.

 

د‌-   إن من أهم أهداف أمريكا تركيز كيان يهود في المنطقة، لكونه قاعدتها في المنطقة وذراعها التي تبطش بها دون أن تدخل في حروب مباشرة كما فعلت سابقا لتركز نفوذها وتحول دون تحرر الأمة ونهضتها وإقامة خلافتها الموعودة. فتريد من كل البلاد الإسلامية هضم هذا الكيان الغريب عن جسم الأمة، وتعترف به وتعتبره مشروعا، ويتناسى الجميع اغتصابه لأرض إسلامية عزيزة على المسلمين فيها أولى القبلتين وثالث الحرمين، مقابل وعود واهية بإقامة كيان فلسطيني منزوع السلاح يطلق عليه دولة فلسطينية، وما هو بدولة، وهو أشبه بحكم ذاتي على جزء من جزء من فلسطين. علما أن كيان يهود يرفض ذلك، وجعل ذلك مستبعدا عمليا، فيبقى مشروع إقامة الدولة الفلسطينية ألهية وإشغالاً للناس وتضليلاً لهم والتهرب من المسؤولية عن تحرير فلسطين.

 

هـ- بما أن الاتفاقية تنص على أن أي اعتداء على أي منهما هو اعتداء عليهما، فإذا قام كيان يهود تحت أية ذريعة بضرب السعودية فإن باكستان ستكون مضطرة للدفاع عن السعودية فتقوم وتضرب كيان يهود. وعندها يقوم كيان يهود بضرب المفاعلات النووية الباكستانية ويعمل على تدمير قوتها النووية. وقد قام هذا الكيان المتغطرس والمستقوي بأمريكا بتهديد دول المنطقة كلها بأنه سيضرب في كل مكان يرى فيه تهديدا لأمنه. علما أنه هدد في تاريخ سابق بضرب القوة النووية الباكستانية.

 

وبناء على كل ذلك، فإنه لا يرجى من هذه الأنظمة ومن اتفاقياتها خير لهذه الأمة، فلا بد من الوعي على ذلك، ولا بد من العمل على تغييرها وهي المستسلمة لأعداء الأمة، بل الخادمة لهم وتعمل لإرضائهم وتقوم بدعمهم وتسكت عن جرائمهم في حق الأمة، وآخرها عدوانهم على غزة.

 

والعمل يجب أن ينصب على توحيد البلاد الإسلامية في دولة واحدة تحكم بما أنزل الله، لتصبح قوة عظمى عالميا كما كانت نحو 13 قرنا، تقف في وجه أمريكا وتطردها من المنطقة، وتطهر فلسطين وكشمير من براثن يهود والهندوس، وكذلك تطهير البلاد الإسلامية المحتلة الأخرى وتنصر المسلمين في كل مكان، لا أن تبقى دولا متفرقة تقوم بخداع المسلمين بعقد اتفاقيات سواء دفاعية أو اقتصادية أو تقوية العلاقات الثنائية.

 

 

 

كتبه للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

أسعد منصور

 

 

 

 
رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

 

قراءة ميدانية لمسار القيادة العسكرية والسياسية في السودان

 

في زمنٍ تتكالب فيه الأزمات على السودان، وتتشابك فيه خيوط الحرب والدمار، يبرز سؤالٌ قرآنيٌ عميقٌ كصرخة لاجئ، وكأنها تُوجّه مباشرة إلى الفريق أول عبد الفتاح البرهان: ﴿أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً إِمْراً﴾.

 

هذا السؤال الذي طرحه نبي الله موسى على الرجل الصالح، حين رأى خرقاً في سفينةٍ كانت تحمل أناساً أبرياء، يعيد نفسه اليوم في وجه القيادة العسكرية التي خرقَت سفينة البلاد، لا لتنقذها، بل لتغرقها في مستنقع التقسيم والخراب والدمار.

 

الآية جاءت في سياق اختبار الحكمة الإلهية، حيث خرق الرجل الصالح السفينة لحكمةٍ خفية، وهي حماية أصحابها من ملكٍ ظالمٍ كان يغتصب كل سفينة سليمة.

 

لكن في واقع السودان، فإن الخرق الذي أحدثته القيادة العسكرية لم يكن لحكمة، بل كان فعلاً ظاهراً وباطناً نحو الغرق. لقد خُرقت سفينة السودان، لا لتنجو من الظلم، بل لتُغرق في بحر الفوضى، وتُسلّم لتيارات التقسيم والتبعية.

 

الخرق العسكري والسياسي:

 

تمكين قوات الدعم السريع

 

- تم تسليح قوات الدعم السريع وتوسيع نفوذها، في مقابل إضعاف القوات المسلحة، ما شكّل خرقاً ممنهجاً للمؤسسة العسكرية.

 

تصفية الكفايات

 

- تمت إحالة قيادات عسكرية ذات خبرة وكفاية إلى التقاعد، في حين تم التغاضي عن الجرائم التي ارتكبتها قوات الدعم السريع في الخرطوم، ما كشف عن تواطؤ سياسي وعسكري.

 

التضليل الإعلامي

 

- في 15 نيسان/أبريل 2023، اندلعت الاشتباكات في العاصمة، بينما صرّح الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة العميد نبيل عبد الله قائلاً: "القوات المسلحة تسيطر على الموقف بالكامل، ولا توجد أي قوات للدعم السريع داخل الخرطوم، وما يُنشر هو محض شائعات".

 

لكن الواقع كان يُكذّب التصريح، إذ كانت قوات الدعم السريع متمركزة في مواقع استراتيجية داخل العاصمة، ما أدى إلى اشتعال الحرب.

 

النتائج الكارثية

 

نزوح أكثر من 5 ملايين شخص حتى أيلول/سبتمبر 2025، وفق تقارير الأمم المتحدة، وتدمير البنية التحتية في الخرطوم، بحري، وأم درمان، وانسحاب الجيش من دارفور، وتسليم ولاية الجزيرة لقوات الدعم السريع. ووُضعت البلاد على ماكينة التقسيم، وسط غياب الوعي السياسي، وتغوّل التدخلات الأجنبية.

 

المسؤولية السياسية والشرعية

 

- يتحمل قادة مجلس السيادة المسؤولية الكاملة عن الحال الذي وصلت إليه البلاد، نتيجة غياب الرؤية السياسية، وتغليب المصالح الأجنبية على مصلحة الأمة.

 

- رغم سماع تكبيرات الجيش في الجبهات، إلا أن غياب خطة واضحة للخروج من الأزمة يُظهر أن النصر العسكري لا يُترجم إلى نصر سياسي.

 

- يجب إخلاص النية لله الواحد القهار، ومحاسبة كل من تسبب في هذا الانهيار، وفقاً لشرعية الأحكام المتعلقة بالقتال، لا شرعية القوة.

 

دعوة إلى التغيير الجذري

 

إن السودان لا يفتقر إلى الأبطال، فالتاريخ يزخر بأمثال علي عبد اللطيف الذي قاتل الاستعمار بكل بسالة، وأسس جمعية اللواء الأبيض وجعل من حياته وقفاً، فاعرفوا الحق قبل أن تعرفوا أهله. والآن يوجد الرجال الذين صدقوا الله ما عاهدوه عليه، يحملون مشروعا متكاملا ليس للسودان فحسب بل قادر على إنقاذ العالم من شر الرأسمالية.

 

وعلى قادة اليوم أن يكونوا أنصاراً لله، لا أعواناً للباطل، كما نصر الأنصار في المدينة رسول الله ﷺ، ليكتب لهم النصر في الدنيا والآخرة، حتى يسطر التاريخ أسماءهم بأحرف من نور وليس في سجلات الخيانة!

 

إن الحل الجذري لا يكمن في ترقيع النظام بل في إقامة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة التي تُعيد للسودان وجهه المشرق وتُخرجه من دوامة الدماء والتبعية.

 

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

حاتم العطار – ولاية مصر

 
رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

 

مكر الاستعمار الغربي لبلاد المسلمين الظاهر والخفي

 

 

الاستعمار لا يأتي إلا لمصالحه ولا يرحل إلا بعد أن يترك أثر مخلفاته المسمومة، وإيهام الأمة الإسلامية استقلالها منه، وهذا توضيح لكيفية تحقيق الاستعمار الغربي لهذه المخلفات الضارة:

 

أولاً: الآليات التي استخدمها الاستعمار لترك أثره

 

بتفكيك دولة الخلافة: عمل الاستعمار على إسقاط الخلافة العثمانية عام 1924م، والتي كانت تمثل الوحدة السياسية للأمة، ليفرض بدلاً عنها كيانات قطرية مصطنعة، وكانت من أهم مخلفاته المسمومة:

 

فرض الأنظمة العلمانية: حيث استبدل بأنظمة الحكم الإسلامية أنظمة علمانية تقوم على القوانين الوضعية، مع الحفاظ على تبعيتها للغرب سياسياً واقتصادياً.

 

إيجاد نخب حاكمة عميلة: فقد شكّل طبقة حاكمة من المتغربين والمؤيدين لمصالحه، تُدير شؤون البلاد وفق أجندته.

 

السيطرة الاقتصادية: أحكم قبضته على الاقتصاد في بلاد المسلمين عبر:

 

- الديون الدولية

 

- الشركات متعددة الجنسيات

 

- التحكم في الموارد الطبيعية

 

 الهيمنة الفكرية والثقافية: وقد غزا العقل المسلم عبر:

 

- نشر الأفكار العلمانية والليبرالية

 

- ضرب مناهج التعليم

 

- السيطرة على الإعلام ومنصات التواصل

 

بإشعال الصراعات الداخلية:

 

بالعمل على تأجيج النزعات وتسويقها وترويجها مثل:

 

- القومية

 

- الطائفية

 

- الإقليمية

 

ثانياً: كيف أوهم الأمة بالاستقلال؟

 

عبر منح الاستقلال الشكلي: منح الاستعمار الاستقلال السياسي الشكلي للبلاد الإسلامية مع الاحتفاظ بسيطرته الفعلية عبر المعاهدات والاتفاقيات المجحفة، والقواعد العسكرية، والبعثات الدبلوماسية المؤثرة.

 

كذلك قام بإيهام الشعوب بالسيادة: حيث روّج لفكرة أن هذه الكيانات المستقلة تمثل إرادة الشعوب، بينما هي في الحقيقة مجرد أدوات لتنفيذ سياساته.

 

وباستخدام المنظمات الدولية سخّر منظمات من مثل الأمم المتحدة، وصندوق النقد الدولي، والبنك الدولي لفرض سياساته تحت غطاء الشرعية الدولية.

 

ثالثاً: كيف يتحكم في الأمة؟

 

-     عبر السيطرة على القرار السياسي: فالقرارات المصيرية في البلاد الإسلامية تتخذ وفقاً للتوجيهات الغربية.

 

-     التحكم في الاقتصاد: عبر الصندوق والبنك الدوليين ومنظمة التجارة العالمية.

 

-     الهيمنة العسكرية: تفرض القوى الغربية وجودها العسكري في المنطقة عبر:

 

-     القواعد العسكرية: من خلال صفقات السلاح، والتحالفات الأمنية

 

-     السيطرة الإعلامية والفكرية: ولا تزال الآلة الإعلامية الغربية تتحكم في الرأي العام في بلاد المسلمين وتوجهه وفق مصالحها.

 

رابعاً: الحل الجذري للأمة الإسلامية:

 

-     كشف حقيقة الاستعمار وأدواته ببيان أن "الاستقلال" هو وهم كبير، وأن الهيمنة الحقيقية لا تزال للغرب.

 

-     العمل لإقامة الخلافة:

 

فمن خلال إقامة دولة الخلافة يمكن:

 

- تحرير الأمة من الهيمنة الغربية

 

- توحيد صفوفها

 

- تطبيق الشرع الإسلامي في جميع مناحي الحياة

 

- رفض التبعية بجميع أشكالها من حيث مقاطعة جميع أشكال التبعية للغرب: السياسية، والاقتصادية، والفكرية، والعسكرية...

 

أمثلة لأساليب الخداع والمكر الاستعماري في بلاد المسلمين

 

إن من أبرز ما كان حاصلا من خداع الاستعمار للمسلمين ما حدث في مصر خلال الحملة الفرنسية (1798-1801م) بقيادة نابليون بونابرت، والتي تمثل نموذجاً واضحاً للاستعمار الذي يستخدم شعارات التحرير والتقدم وهو يمارس الاستغلال والتدمير. فيجب على الأمة الإسلامية أن تعرف ما هي اللدغات التي لدغت بها من قبل حيث سنبينها فيما يلي:

 

أولاً: خلفية الحملة الفرنسية على مصر الادعاءات الكاذبة:

 

-     ادعى نابليون أن هدف الحملة هو تحرير مصر من ظلم المماليك! والمفارقة أن فرنسا كانت تستعمر دولاً أخرى.

 

-     نشر العلم والثقافة من خلال مطبعة وعلوم غربية.

 

-     احترام الإسلام: ادعى نابليون أنه مُعجب بالإسلام ويحترم النبي ﷺ!

 

آليات الخداع الاستعماري التي استخدمها نابليون

 

استخدام الشعارات الدينية الزائفة: حيث أعلن أنه "صديق الإسلام" وحاول إظهار الاحترام للدين، بينما كان يجمع الضرائب ويستولي على الأوقاف الإسلامية.

 

نشر منشورات باللغة العربية تمدح الإسلام! بينما جنوده ينهبون المساجد ويستبيحون الأعراض.

 

خداع النخبة والجماهير: قدم نفسه كمصلحٍ حديثٍ يحمل "الحضارة" لمصر، بينما كان يستهدف السيطرة على طريق الهند لمصالح فرنسا التجارية لضرب النفوذ البريطاني.

 

أسس الدِيوان (مجلس استشاري) من بعض المشايخ والعلماء لإيهام المصريين بأن لهم رأياً في الحكم!

 

القمع تحت شعار القانون: فرض قوانين فرنسية تحت اسم الحماية والأمن، بينما كان يعذب المقاومين (مثل ثورة القاهرة الثانية)

 

استغلال الموارد: فقد نهب خيرات مصر (قطن، حبوب، آثار) وأرسلها إلى فرنسا.

 

كيف كشف المسلمون في مصر الخدعة؟

 

ثورات الشعب: قاد العلماء مثل عمر مكرم الشعب لثورتين في القاهرة (1798 و1800م) بعد أن اكتشفوا كذب شعارات نابليون، واستغلال فرنسا لثروات البلاد ومحاولة طمس الهوية الإسلامية.

 

فشل الحملة: رحلت فرنسا بعد 3 سنوات فقط، لكنها تركت وراءها ديوناً اقتصادية، وبذور الفتنة بين المسلمين، وبداية التغريب الفكري.

 

الدروس المستفادة التي يجب على الأمة اليقظة والحذر منها:

 

-     الاستعمار لا يأتي إلا لمصالحه، وكل شعارات "التحرير" و"التقدم" هي أكاذيب لتبرير النهب والاحتلال.

 

-     خداع النخب: فالاستعمار يشتري الولاءات عبر إقناع النخب بأنهم "شركاء" في الحكم!

 

الوجه الحقيقي للاستعمار: عندما يُكشف زيف الشعارات، يظهر الوجه الدموي (كما في مجزرة القاهرة).

 

الحل هو توحيد المسلمين: فقط عبر دولة الخلافة يمكن مواجهة الاستعمار وخداعة.

 

تطبيق على الواقع المعاصر

 

أساليب نابليون نفسها تستخدم اليوم؛ فأمريكا تدعي "نشر الديمقراطية" في العراق وأفغانستان والنتائج: دمار! فرنسا تدعي "مكافحة الإرهاب" في الساحل الأفريقي إلا أنها تسرق اليورانيوم!

 

إن الحملة الفرنسية على مصر وغيرها من البلدان هي مثال تاريخي صارخ على خداع الاستعمار، وهو النهج نفسه الذي يُتبع اليوم بأساليب أكثر تطوراً، والعلاج هو في يقظة الأمة ورفض الشعارات الزائفة والعودة إلى توحيد المسلمين تحت راية الخلافة الإسلامية.

 

وفي الختام نقول بأنه لا شك أن الاستعمار الغربي نجح في خداع الأمة الإسلامية بشعارات الاستقلال الزائف تاركا مخلفاته القذرة، ولا تزال الأمة ترزح تحت هيمنته وقذارته الكاملة. والحل الوحيد هو في يقظة الأمة وعودتها إلى دينها، والعمل الجاد لإقامة دولة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة التي تحررها من جميع أشكال التبعية.

 

 

كتبه للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

فادي السلمي – ولاية اليمن

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

ربط الفكرة بأصحابها هو السبيل إلى التغيير الجذري

 


لا يخفى على العاملين المخلصين لنهضة الأمة الإسلامية بالإسلام ما آلت إليه أحوال الأمة من تكالب الأمم عليها كما تتكالب الأكلة على قصعتها، ولا يخفى على المراقبين ما وصلت إليه الأمة من وضوح في واقعها ومعرفة سبب مآسيها وآلامها، والذي أصبح معلوماً لديها، محصوراً في الكافر المستعمر، والحكام الخونة، والأنظمة التي نصبها الكافر المستعمر على رقابها للتنكيل بها، ونهب خيراتها، ومنعها من الانعتاق من هيمنته بإقامة خلافتها على منهاج النبوة.


لذلك برز في الأمة كثير من الدعاة والمؤثرين على وسائل التواصل، يحدثونها عن مكمن الداء وأس البلاء، فصار لهم العديد من المتابعين، لأنهم يخاطبون الناس بآلامهم، وفي ذلك نوع من التسكين والتصبير للأمة على البلاء الذي أصابها، إلا أنهم لم يقدموا للناس الحل الصحيح الذي يخرجهم مما هم فيه من بؤس، وحصرا تقديم الخلافة على أنها البديل الحضاري الذي به يصلح حالهم وتسترد عزتهم.


إن التقصير الحاصل من هؤلاء الدعاة والمؤثرين يتمثل في عدم ربطهم وعيهم ووعي الأمة على واقعها ومكمن دائها - المتمثل بالحكام والأنظمة - بالحل الذي يجب أن تعمل من أجله. كما لم يُبرزوا أن تغيير الحال إلى أحسن حال هو مسؤولية الأمة وحدها، وأن الحال لن يتغير من تلقاء نفسه أو يكون مهمة غيرهم، أو حتى فريق منهم، ما دامت لم تتحقق الكفاية فيمن انبرى لتغيير الحال إلى أحسن حال.


أما التقصير الأكبر الذي وقع فيه هؤلاء الدعاة، فهو أنه مع علمهم أن الإسلام السياسي المتمثل بالعمل لإقامة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة هو العمل الذي يبرئ ذمتهم وذمة المسلمين من واجب تحكيم شرع الله في الأرض، إلا أنهم لم يبينوا أن هذا العمل هو وحده الكفيل بإخراج الأمة مما هي فيه وتغيير حالها إلى الحال المنشود. ومع علمهم أن الحزب الوحيد الذي يعمل لهذه الغاية هو حزب التحرير، فإنهم لم يعملوا معه، مع أن ذلك أوجب في حقهم من غيرهم من عامة الناس. بل فضلوا العمل منفردين، بعيداً عن العمل لهذه الغاية وهذا المشروع مع الفئة الظاهرة بإذن الله. بل إن أكثرهم رأى ألا يذكر الحزب كقائد لهذا العمل، فضلاً عن عدم دعوة الناس للعمل معه، مع أنه يمثل قارب نجاتهم. وما ذلك إلا لأنهم أرادوا أن يظلوا يعملون ضمن الخطوط المسموح بها من تلك الأنظمة التي يحلمون بالخلاص منها، فاختاروا مبدأ السلامة على حساب سلامة المبدأ والانتصار له وإيصاله إلى سدة الحكم.


إن الوعي على واقع الأمة وما أصابها، والوقوف على مستوى الوعي، يتطلب عملاً واحداً فقط لإيصال المبدأ إلى سدة الحكم، وهو ربط الحل بأصحابه. وما ينقص الأمة الآن هو العمل مع حزب التحرير والالتفاف حوله وتسليم قيادتها له حتى يصبح هو والأمة وحدة واحدة وجسداً واحداً. لذلك وجب أن تكون جهود الدعاة والعاملين في حزب التحرير مركزة على ربط الحل بالحزب ارتباطاً وثيقاً، حتى يتمكن الحزب - بلحمه وعظمه - من قيادة الأمة للقيام بعملية التغيير وإنجاز الخطوة الأخيرة المتبقية، والمتمثلة بالإطاحة بالأنظمة، وإقامة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة بدلاً منها.


ويمكن تلخيص معنى وجوب ربط الحل بالحزب وبالشخصيات السياسية فيه في النقاط التالية:


1. إبراز الناحية العملية لفكرة الحل وربطها بأصحابها: فالحزب يرى أن الفكرة لا تصبح حية وقوية إلا إذا ارتبطت بأشخاص أو جماعات سياسية يحملونها بجدية ويضحون في سبيلها. فعندما تُنسب فكرة التغيير إلى رجال معروفين بصفائهم ونقائهم، واستقامتهم وجرأتهم، تصبح الفكرة أكثر قوة وجاذبية، بخلاف أن تبقى مجرد فكرة بلا حامل مخلص لها، حيث تظل نظرية فلسفية في أذهان بعض الناس أو في بطون الكتب، وهذا ما كان عليه سيد الخلق محمد ﷺ، حيث أظهر نفسه ودعا لفكرته جهارا نهارا غير متخفٍ، حتى بعد أن ردته قريش ونالت منه ومن صحابته، لم يتغير نهجه الواضح والصريح والمباشر.


2. تحويل الفكرة من حالة الدعوة إليها إلى العمل الواقعي بها: فالحزب يرى أن فكرة الحكم بالإسلام ليست فكرة للحديث عنها على المنابر أو على وسائل التواصل فقط، بل هي مشروع للتنفيذ على الأرض. ولذلك لا بد أن ترتبط الفكرة بقيادات سياسية حقيقية، مثل الحزب الذي يعمل على تحويلها إلى واقع سياسي ملموس، وبشبابه المعروفين بانتمائهم إليه، كما لا يخجل الحزب وحامل الدعوة أن يطلب قيادة الأمة والحكم للحزب باسمه ورسمه، وهذا أيضا من هدي المصطفى محمد ﷺ، لدرجة أنه ﷺ لم يقبل القسمة أو الاشتراك في القيادة والحكم بينه وبين قريش.


3. حماية الفكرة من التحريف والاحتواء: فإذا بقيت الفكرة مجردة أو مجهولة الحامل، سهل على الأنظمة أو الخصوم تبنيها شكلياً ثم تفريغها من مضمونها. وقد حدث شيء من هذا مع تنظيم الدولة وإعلانه المزعوم للخلافة. أما إذا التصقت الفكرة بأصحابها الأصليين، فقد أصبح واضحاً للناس من يمثلها ومن يفرغها من محتواها، فيبقى الولاء للفكرة مرتبطاً بحامليها الحقيقيين المخلصين.


4. إيجاد الرأي العام المبني على الوعي العام: وذلك على أساس القيادة المبدئية المعروفة للناس. فالحزب يرى أنه لا يتم إيجاد الرأي العام على أساس الوعي العام إلا بربط الفكرة بمن يحملها ويمثلها سياسياً. فالناس لا تتحرك وراء الأفكار في فراغ، بل تلتف حول رجال أو كيانات سياسية تجسد فيها هذه الأفكار وتدعو إليها.


5. تمييز الحامل المبدئي للفكرة عن الانتهازي: من فوائد هذا الربط أنه يفضح من يحاول ركوب موجة فكرة التغيير لمصالحه الخاصة أو لخدمة مشاريع أنظمة أخرى. لذا يجب أن يكون واضحاً للناس أن هذه الفكرة مرتبطة بالحزب وبشبابه، فلا ينخدعون بالبدائل المزيفة.


إنّ العمل الفردي، أو العمل الذي لا يُربَط بأصحابه من العاملين لإقامة الخلافة وبالحزب الذي يجمعهم، عملٌ مسموحٌ به قانونياً؛ لأن الأنظمة تدرك أن هذه الجهود لا تُشكِّلُ تهديداً وجوديّاً لها، ومهما اشتدَّت وكثُرت فلن تُفضي إلى تحقيق غاية التغيير. ومهما تعاظمت أعداد المتابعين والمحبّين لمن يحدِّث الناس عن مآسيهم، فإن هذه الأعداد لن توصل الدعوة إلى سدة الحُكم. فإذا انشغل الدعاة بالابتهاج بالأرقام والجموع الغفيرة المتبعة لهم، سرعان ما ينفضّ عنهم هؤلاء المتابعون حين يُطلَب منهم التكلُّف بالعمل السياسي والشرعي الذي يوصل الدعوة إلى سدة الحكم، فينتقل بهم الحال من التحمّس الإعلامي إلى الفتور عند مواجهة مطلب المسؤولية والعمل الحقيقي، فهم كمن قال فيهم سبحانه وتعالى: ﴿يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً﴾.


وعليه، فإن الحزب يرى أن ربط فكرته به وبحامليها الحقيقيين يجعلها فكرة مؤثرة وعملية ومحمية من التحريف، ومرتبطة بقيادته السياسية الواعية، وهذا هو السبيل لتحقيقها في أرض الواقع، بخلاف الأفكار المعلقة في الهواء أو المختطفة من قوى معادية أو جاهلة أو مضللة. لذلك يجب أن تكون جميع الأعمال التي يقوم بها المخلصون، ومنهم حملة الدعوة، معلومة الأصل والفصل والمصدر، مصداقاً لقوله تعالى: ﴿قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾.

 

 

كتبه للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
بلال المهاجر – ولاية باكستان

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

الاعتراف بدولة فلسطين سايكس بيكو جديد

 

 

انطلقت، مساء الاثنين ٢٢/٩/٢٠٢٥م، أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، وتصدرت قضية الاعتراف بالدولة الفلسطينية الدورة السنوية الثمانين للاجتماعات، إذ تقف السعودية وفرنسا خلف المبادرة وتقودانها معاً، وسط ترقب لمزيد من الاعترافات بالدولة الفلسطينية، فقد اعترفت فرنسا رسمياً بالدولة الفلسطينية، لتصبح أحدث دولة تنضم إلى مجموعة الدول التي اتخذت هذه الخطوة. كما أكدت رئاسة مؤتمر حل الدولتين على أهمية "إعلان نيويورك" الذي حظي بتأييد استثنائي من الجمعية العامة، واعتبرته بديلاً مبدئياً وواقعياً لإنهاء العنف والحروب المتكررة. حيث دعت جميع الدول للإسراع في تنفيذه عبر خطوات عملية، مع التأكيد على أن إنهاء الحرب في غزة وضمان الإفراج عن جميع الرهائن وتبادل الأسرى يظلان من أولوياتها القصوى. وكانت قد استضافت فرنسا والسعودية قمة ليوم واحد ركزت على خطط حل الدولتين للصراع القائم، ولم تشارك من دول مجموعة السبع، ألمانيا وإيطاليا والولايات المتحدة، في القمة. ودعا ماكرون إلى إنشاء إدارة انتقالية في غزة تضم السلطة الفلسطينية، وتكون مهمتها الإشراف على تفكيك حماس. وما زالت تتوالى اعترافات دول بالدولة الفلسطينية في مؤتمر حل الدولتين، فقد باتت 151 دولة على الأقل من الدول الـ 193 العضو في الأمم المتحدة تعترف بدولة فلسطين (وفق تعداد لوكالة فرانس برس للأنباء).

 

مما لا شك فيه أن حل الدولتين لقضية فلسطين هو حل أمريكي استعماري منذ زمن، وليس وليد اليوم، وذلك عندما قررت هيئة الأمم المتحدة بتأثير من أمريكا، إنشاء دويلة ليهود في فلسطين، حيث كان القرار رقم 181 الصادر بتاريخ ٢٩/١١/١٩٤٧م، والذي قضى بتقسيم فلسطين إلى دولتين. يبرز هذا الحل من حين لآخر وذلك لصرف الانتباه الدولي عن الدور الذي تقوم به الدول الاستعمارية في دعم كيان يهود والعمل على ترسيخه، وإظهار نفسها نفاقاً وزوراً بأنها صانعة سلام، وذلك بعيد كل البعد عن الحقيقة. وفي هذه الحالة، ليست دعوات القوى الاستعمارية للاعتراف بدولة فلسطينية إلا محاولة لامتصاص وصرف الانتباه عن الغضب المحلي والدولي عن تواطؤها المستمر في الإبادة الجماعية لأهل غزة، عبر تزويد الاحتلال بالأسلحة والمعدات العسكرية، ما يجعلها مسرحية دبلوماسية لا تُغير شيئاً على أرض الواقع.

 

وقد سبق الحراك الدائر الآن في قضية فلسطين، حراك دولي على أهم محاور الاستراتيجية المستقبلية ليهود عقب الانتهاء من لبنان، بأن تتركز تلك الاستراتيجية في تقسيم العراق إلى ثلاث دول على أساس طائفي؛ إلى شيعة وسنة وأكراد، ومن بعد لبنان والعراق تأتي مصر وليبيا والسودان وسوريا والمغرب العربي وإيران وتركيا والصومال وباكستان، وفقاً لخطة أودد يينون 1982م - والذي يعتبر العقل المدبر للعديد من استراتيجيات حزب الليكود في كيان يهود - تحت ما يسمى (لبننة العالم الإسلامي). وفي العام ٢٠١٤م أتى باراج خانا ليصرح في سلسلة ترجمات الزيتونة، الذي يصدره مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، أن انقسام جنوب السودان هو مجرد بداية، وأنه من الممكن أن يشهد العالم قريباً 300 دولة مُستقلة ذات سيادة. ذلك التصريح كان نتيجة لتداول مصطلح الشرق الأوسط الكبير في الميدان السياسي لأول مرة لدى كيان يهود، على لسان كونداليزا رايس وزيرة خارجية أمريكا في حزيران عام 2006م، والذي عكس جانبين أساسيين؛ الأول، أن الوقت حان لإجراء عملية تغيير شاملة لمنطقة الشرق الأوسط، والتي وصفت بالعملية الجراحية الصعبة، ومؤداها تقسيم ما تم تقسيمه عام ١٩١٦م، وهو ما تم التعارف عليه بسايكس بيكو جديد. والثاني، أن رسم خارطة الشرق الأوسط من جديد، سيكون مفتاحاً لتحقيق ما يُعتقد أنه استقرار سياسي واجتماعي يضمن المصالح الاقتصادية الأمريكية في المنطقة وفي صدارتها النفط.

 

ولأجل وقف مشاريع الغرب الكافر في بلاد المسلمين وعبثه، وجب العمل على إسقاط عروش الحكام الكرتونية في بلاد المسلمين، والتي تعتبر الضامن للغرب في عدم وحدة الأمة أرضاً وفكرا، وتحريك الجيوش الرابضة في ثكناتها لتقوم بما كلفها به دينها وعقيدتها وهو الجهاد في سبيل ربها حتى تحقق رسالتها في حياتها الدنيا. ومع أن الجهاد ابتداءً فرض على الكفاية إذا أقامه بعض المسلمين سقط عن الباقين، ويتعين في حالات كما لو احتل الكافر بلداً إسلامياً، إلا أنه لا يجوز تعطيله بأي حال من الأحوال، فالحكم الشرعي في الجهاد أنه واجب على الأمة، والأمة فيها من القوة ما يلزم وزيادة، وليس إبقاء غزة تقاتل وحدها إلا خذلاناً وتقاعساً عن القيام بالحكم الشرعي على وجهه، فإنْ أبرأ أهل غزة ذمتهم واستفرغوا جهدهم، فإن الإثم معلق برقاب المسلمين جميعاً، لا يرتفع حتى يرفع عنهم القتل والجوع والتشريد، بل حتى تحرر فلسطين كلها من يهود، وتعود كما كانت جزءاً لا يتجزأ من بلاد المسلمين تحت راية الإسلام ودولته.

 

ومهما قيل عن اتفاقية سايكس بيكو المشؤومة وتداعياتها على بلاد الإسلام وعلى المسلمين، فقد كان الكفار الأوروبيون قد تهيَّؤوا لاقتسام التركة على وجه يضمن بسْطَ السيطرة وإحكامَ النفوذ على قلب البلاد الإسلامية. كما يجب أن يُنظر إلى الاتفاقية على أنها شكلت منعطفاً خطيراً في حياة الأمة الإسلامية، مرتبطاً بفاجعة ذهابِ دولة المسلمين، ومحطةً مهدت لقيام نظام عالمي جديد بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى في ظل غياب دولة الخلافة، أي في غياب المسلمين عن الساحة الدولية.

 

ختاماً نقول: أما آن أوان دفنِ اتفاقية سايكس بيكو وتداعياتـها إلى الأبد، بل ومنع أي بديل غير إقامة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة؟!

 

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

عبد الله القاضي – ولاية اليمن

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 وقفة مع آية

﴿وَلَن يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً﴾

 

 

آية عظيمة، وكل كتاب الله عظيم، تحمل قاعدة شرعية قاطعة، ومبدأ من مبادئ السيادة في الإسلام: أن لا يكون للكافر هيمنة على المسلم، لا في حكم ولا اقتصاد ولا فكر ولا أمن...

 

هي آية تحسم المسألة: السيادة للمؤمنين، والقيادة لهم، لأنهم يحملون الوحي الذي يهدي للتي هي أقوم.

 

نعم هذه الآية الكريمة قاعدة عظيمة من قواعد الإسلام، تقرر مبدأً حاسماً لا لبس فيه: أن لا سلطان للكافر على المسلمين، ولا ولاية له عليهم، ولا سبيل له إلى التحكم في شؤونهم. فالسيادة والقيادة حق خالص لأمة الإسلام، لأنها الأمة التي أنزل الله لها كتاباً فيه تبيان كل شيء.

 

لكن واقع المسلمين اليوم يفضح حجم الانقلاب الذي أصابهم، فقد صار للكافر عليهم سُبُل كثيرة، والسبب ليس أن الله خلف وعده - حاشاه سبحانه - بل لأننا نحن من خالفنا أمره وتركنا شرعه. فحكام البلدان الإسلامية جعلوا للكافرين عليهم سبيلاً من كل اتجاه:

 

- سلّطنا الكافر علينا سياسياً يوم رضي حكامنا أن يكونوا خدماً لمشاريعه، يحكموننا بغير ما أنزل الله.

 

- وسلّطناه علينا اقتصادياً حين ربطنا اقتصادنا بدولارهم، ومددنا أيدينا لصندوق نقدهم وبنكهم الدوليين، وقبلنا الفقر بإرادتهم.

 

- وسلّطناه علينا فكرياً لما فتحنا مدارسنا وجامعاتنا وإعلامنا لثقافته، فزرع فينا قيَمه، وطمس مفاهيم الإسلام.

 

- وسلّطناه عسكرياً يوم أصبحت جيوشنا أدوات بيده، لا تتحرك لنصرة الإسلام والمسلمين، بل لحماية نفوذه، وأصبحت بلادنا مقراً لقواعده العسكرية وأساطيله البحرية.

 

فهل هذه السبل قدر محتوم؟ كلا، بل هي نتيجة لغياب الخلافة التي تطبق الإسلام وتقطع يد الكافر المستعمر وتنشر الخير في ربوع الدنيا.

 

نعم إن هذه الحال ليست قدراً محتوما، وإنما هي نتيجة لتخلّي المسلمين عن حكم الله، وعن إقامة دولته التي تطبّق الإسلام في الداخل وتحمله رسالة نور وهدى للعالم.

 

فالله تعالى حكم في كتابه الكريم: ﴿وَلَن يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً﴾، وهذه ليست مجرد جملة تقرأ لنتبرك بها، بل هي وعد وتحذير:

 

وعدٌ بأن الكافر لا سبيل له علينا إن نحن نصرنا الله والتزمنا شرعه.

 

وتحذيرٌ بأن الكافر سيتسلط علينا إن خالفنا أمر الله، وأعرضنا عن دينه.

 

وما نراه اليوم من واقع مذلّ؛ من أنظمة علمانية، وقوانين وضعية، وتحالفات مع العدو، إنما هو ثمرة مرّة لتخلينا عن الخلافة، واستبدالنا بها أنظمة سايكس بيكو.

 

أيها المسلمون:

 

إن طريق الخلاص ليس في الترقيع، ولا في تبديل حاكم بحاكم على القاعدة نفسها، بل الخلاص في اقتلاع النظام الفاسد من جذوره، ورفع سلطان الكافر عن رقابنا وأن نعود إلى الإسلام كله، إلى الحكم بما أنزل الله، إلى مشروع الخلافة الراشدة على منهاج النبوة الذي يعمل له حزب التحرير بجد وإخلاص. حينها فقط يصدق فينا وعد الله سبحانه، فذلك هو السبيل الوحيد لرفع سبل الكافر، واستعادة عز الأمة، وتحقيق وعد الله سبحانه: ﴿وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾.

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

مؤيد الراجحي – ولاية اليمن

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

ترامب ونفاقه لحكام الخزي والعار

 

 

في خضم مأساة غزة، وبينما تتساقط الأرواح البريئة تحت القصف والحصار، يخرج ترامب ليثني على مواقف حكام العرب؛ على ذلهم وسكوتهم عن دماء أبناء المسلمين.

 

الحقيقة الواضحة لكل ذي بصيرة، أن ما يصفه ترامب ليس سوى خنوع، وتفريط أخلاقي، وخيانة لدماء الأمة وكرامتها. فترامب لم يُخفِ يوماً عداءه للإسلام ولا ازدراءه لقضايا المسلمين، وهو الذي نقل سفارة بلاده إلى القدس متحدياً العالم أجمع، ومع ذلك ما زال يجد بين حكامنا من يفتح له الأبواب، ويستمع له بانصياع، ويطبق سياساته، وكأنها أوامر نافذة لا تحتمل النقاش!

 

فكيف لا ينافقهم بالثناء والمديح، وهو يرى أنهم أكبر داعم لمشروعه، وأخلص أداة لحماية مصالحه ومصالح يهود في المنطقة؟ إن هؤلاء الحكام يتحركون بدافع الخوف على عروشهم، لا من أجل كرامة شعوبهم، ويعتبرون الولاء لواشنطن الضمانة الوحيدة لبقائهم في السلطة. لذلك فإن مواقفهم في حرب غزة لم تكن يوماً صادرة عن مشاعر حية، أو حتى عن حسٍّ إنساني، بل جاءت من حسابات ضيقة وحرص مَرَضيّ على إرضاء واشنطن.

 

ويعرف ترامب جيداً أن هذه المواقف المخزية لا تعبّر عن شعوب المنطقة، وإنما تعكس عزلة الحكام عن أمّتهم. فالشعوب، رغم جراحها، ما زالت تهتف لفلسطين، وتبكي شهداء غزة، وتعتبر القضية الفلسطينية معيار الكرامة والسيادة.

 

إن ثناء ترامب ليس أكثر من نفاق سياسي على خيانة الأمة؛ على الصمت المخزي تجاه جرائم الاحتلال، وعلى المشاركة في حصار غزة، وعلى الترويج لما يسمى بالتطبيع. يريد أن يقول لهم: أحسنتم، فقد ساندتم مشروعي، وكنتم خير وكلاء لمصالح واشنطن وتل أبيب.

 

إنها وصمة عار تاريخية ستُذكر حين تُكتب فصول هذه المرحلة من تاريخ الأمة. فمهما حاول ترامب أن يمنح هؤلاء شرعية عبر مديحه، فإن الشرعية الحقيقية ليست في كلمات رئيس أمريكي، ولا في صفقات عسكرية، وإنما هي في وجدان الأمة، لأن الشعوب الإسلامية ما زالت ترفض الذل والعار، وترى أن هؤلاء الحكام مجرّد عابرين على الكراسي، بينما تبقى القضية الفلسطينية أعمق من أن تُطمَس أو تُباع.

 

إن أمتنا اليوم أمام لحظة اختيار كبرى: بين حكام يهرولون نحو العدو ليكسبوا ودّ ترامب، وبين شعوب تدرك أن الكرامة لا تُشترى ولا تُباع. ومهما طال ليل الخيانة، فإن شمس الوعي ستشرق بإذن الله، وستبقى فلسطين بوصلة الأمة وامتحانها الحقيقي.

 

 

إن ما يقوم به ترامب من مديح لحكام العار، ليس سوى محاولة لشرعنة خياناتهم، ومنحهم شهادة رضا أمريكي. لكن تبقى هذه الشهادة ساقطة أمام محكمة التاريخ، وأمام إحساس الأمة الحي. فدماء أطفال غزة أقدس من عروش حكام الذل، ودموع أمهاتهم أصدق من خطابات هؤلاء الحكام الخونة.

 

لقد آن للأمة أن تستفيق، وتدرك أن معركتها ليست فقط مع الاحتلال، بل مع الأنظمة التي جعلت من نفسها جدار حماية وغطاءً لجرائمه وغطرسته. إن الأمة التي أنجبت صلاح الدين لن تعدم من يعيد لها شرفها وكرامتها.

 

فمهما طال ليل الخيانة، فإن الفجر قادم بإذن الله، يحمل بين طياته جيلاً لا يساوم، ولا يبيع قضيته. فليهنأ ترامب بمديحه، وليفرح الحكام بشهادته الزائفة، أمّا الشعوب فهي صاحبة القول الفصل، وهي التي ستحفظ لفلسطين حقها، وللأمة كرامتها، وللتاريخ صفحاته المشرقة، و"إن غداً لناظره لقريب".

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

مؤنس حميد – ولاية العراق

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم 

أبعاد مشروع مقترح ترامب توني بلير ويتكوف وكوشنير لقطاع غزة

المكون من 20 نقطة

 

 

تُقدم الخطة المنسوبة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن غزة خارطة طريق متعددة المراحل، تبدأ بـوقف فوري للأعمال القتالية وانسحاب قوات يهود تدريجيا مقابل إطلاق سراح جميع الأسرى. وترتكز رؤية الخطة لمرحلة ما بعد الحرب على محورين رئيسيين: الأمن والحكم الانتقالي. فعلى الصعيد الأمني، تنص الخطة على نزع سلاح حماس بالكامل ومنعها من الحكم، مقابل عفو مشروط ومرور آمن لأعضائها الراغبين في المغادرة، بالإضافة إلى تحويل غزة إلى منطقة خالية من التطرف. أما على صعيد الحكم، فتقترح إسناد إدارة القطاع إلى لجنة تكنوقراط فلسطينية انتقالية غير سياسية، تشرف عليها هيئة دولية جديدة (مجلس السلام) برئاسة ترامب شخصياً لضمان تنفيذ إصلاحات الحوكمة. وتتعهد الخطة بتدفق مساعدات شاملة وإطلاق خطة اقتصادية ضخمة لإعادة الإعمار، مؤكدة على رفض التهجير القسري، وعلى فتح مسار موثوق به نحو تقرير المصير الفلسطيني وإقامة الدولة في المستقبل. (لقراءة البنود كاملة)

 

هذه خطة شياطين الأرض برئاسة ترامب وتوني بلير ونتنياهو وكوشنير وويتكوف وإحضار أصحاب المليارديرات مثل ساويرس وغيرهم. وبموافقة حكام الدول العربية وبعض البلاد الإسلامية. لذلك تعتبر الخطة بهذا الشكل خطة ذات أبعاد واضحة لا لبس فيها:

 

  • البعد الأول: أمني (جعل غزة خالية من أي قوة حماية تُشكل تهديداً لكيان يهود وشركات الاستثمار والقوة البديلة لجيش يهود، بنزع سلاح المقاومة وتدمير قدراتها العسكرية بما فيها الأنفاق وتفكيك جميع التنظيمات العسكرية والسماح لمن أراد البقاء بالبقاء شرط قبوله بالتعايش السلمي، ومن يريد الخروج، أي يرفض هذا التعايش السلمي، يُوفَّر له ممر آمن لأي بلد يريد الذهاب إليه وتستعد لاستقباله مع صدور عفو عام بذلك).
  •  
  • البعد الثاني: وهو الأخطر، الفكري: تشكيل برنامج للتعايش السلمي وتغيير الأفكار التي تدعو للتطرف والكراهية والإرهاب، يعني إنشاء مؤسسات وهيئات تثقيفية تبث أفكار الانحلال والشذوذ والمثلية ونبذ أفكار الفضيلة ومفاهيم الإسلام وقبول الآخر.
  •  
  • البعد الثالث: إيقاف العمليات العسكرية والانسحاب التدريجي دون وضع جدول زمني مع إعطاء الحق التام بالتوقف عن ذلك إذا استشعر كيان يهود بوجود هذا الخطر الذي يهدد أمنه ووجوده، وهذا التقدير عائد له ولو كان من باب التحرّز، وأما عملية الانسحاب التدريجي فيقدرها المستوى السياسي والعسكري وليس لها أفق محدد وقد تطول لزمن. وقد طرحوا خارطة طريق بذلك أي قسموا القطاع إلى خمسة قطاعات طولية للانسحاب من قطاع الساحل ثم الذي يليه، أي كل قطاع عمقه 1.5 كيلو تقريباً.
  •  
  • البعد الرابع: هذه الخطة الاستسلامية والانهزامية بهذا الشكل تعطي كيان يهود كل الأهداف التي طرحها منذ بدء الحرب وعجز عن تحقيقها خلال السنتين السابقتين وهو عاجز عن ذلك، وتخرجه من جو الهزيمة إلى جو الانتصار المطلق وتجعله سيداً في المنطقة لا منازع له، وهو بذلك يحقق بعداً عقدياً سيتم ترسيخه بمراسيم إعلان الانتصار والتي سترفع شأن نتنياهو وشركائه وإسقاط كل القضايا التي يُطارَد بها، وبذلك يُغسل سجله من كل الجرائم التي ارتكبها وبأن اليد التي تمتد على كيان يهود ستُقطع ونحن قادرون عليها، وهذا هو المثال الحي أمامكم، وهو كذلك ضربة لإخوانهم اليمنيين الذين مدوا أيديهم نصرة لهم ودفعوا لذلك ثمناً غالياً وكبيراً، وهكذا سيُتركون لوحدهم أمام عدوهم الذي يريد التفرغ لهم بعد ذلك وضرب فكرة الجهاد، وهذه الخطة ستعطي الأنظمة المجرمة سيفاً مسلطاً على رقاب الناس لأن هذه الأنظمة وافقت على هذه الخطة التي ليست هي مختصة بغزة وإنما شاملة لكل المنطقة الإسلامية وملزمة لكل الدول الموافقة عليها.
  •  
  • البعد الخامس: وهو تنفيذ رؤية ترامب وويتكوف في الاستثمار بغزة التي سيحولها إلى ريفيرا الشرق الأوسط، بمشاريع ترفيهية وفنادق ومنتجعات سياحية واستثمارية واستخراج الغاز من سواحلها وتخصيص منطقة تجارة حرة خالية من الرسوم والتعريفات الجمركية.
  •  
  • البعد السادس: عدم تهجير أهل غزة قسرياً مع عدم وجود ضمانات لذلك لكنه متاح ومفتوح خلال فترة تنفيذ مشروع الإعمار حيث يتم إنشاء مخيمات لتستوعبهم وتزويدها بالخدمات اللازمة وإدخال المساعدات الإنسانية بحيث يعيش أهل القطاع عليها والتي سيعانون ويذوقون فيها حياة التسول، وهكذا تكون دوافع الهجرة لازمة لهذا الواقع المزري والمسيء وغير الإنساني، والذي لا تقبل به حتى الحيوانات ولا يسمح بالدخول والخروج من هذه الـ"جيتوهات" إلا بالبطاقة الأمنية التي ستُعطى لكل واحد والتي بموجبها سيتم عمل بيانات كاملة لكل واحد منذ ولادته وإلى تلك اللحظة بحيث تكون هذه المخيمات مستودع عمالة للمشاريع الضخمة التي ينوي ترامب وويتكوف وشركاتهم العقارية الاستثمار فيها.
  •  
  • البعد السابع: ضرب مفهوم الجهاد في سبيل الله ومفهوم الدفاع عن الأرض والعرض، إن هذه الخطة التي صممها هؤلاء الشياطين وأعانهم عليها شياطين العرب وحُبكت بليل تُعتبر خطة طريق لمنطقة الشرق الأوسط ومعبراً لكيان يهود الذي أصبح معزولاً عالمياً مع توقف عملية التطبيع التي انطلق قطارها منذ زمن وتوقف على أعتاب غزة وانهار على حدودها وفشل فشلاً ذريعاً وأصبح في حالة استجداء الحياة والبقاء، يُراد بهذه الخطة المشؤومة إنعاشه وضخ دماء الحياة في عروقه التي تجمدت.
  •  
  • إن هذه الخطة الخبيثة تحقق ما عجزت عنه كل دول العالم بما فيها كيان يهود الهزيل الذي انكشف عواره وضعفه واعتماده في كل أسباب الحياة والقوة والوجود على أمريكا والغرب عامة وعلى أنظمة العار والشنار، أنظمة سايكس بيكو المنتهية صلاحيتها.
  •  
  • البعد الثامن: فالقادم أعظم، وبتنفيذ هذه الخطة يُسدَل الستار على اتفاقية سايكس بيكو التي يقول عنها ويتكوف: "هذه الحدود التي رُسمت بأقلام الرصاص لا معنى لها ولا يهتم كيان يهود ولا تهمه بشيء". هذا يتكلم عن وجهة نظر أمريكا فيضع الكيان بدلاً عن أمريكا... انتهت اتفاقية سايكس بيكو بتوقيع المقاومة على وثيقة الاستسلام ونزع السلاح وتسليم غزة لأمريكا.
  •  
  •  
  • الخلاصة التي لا بد منها والتي يجب أن تستخلصها الأمة التي تتلاطمها الأحداث ويتلاعب بها العميان الكبار أحفاد مصطفى كمال وجمال عبد الناصر وميشيل عفلق وزنادقة الحكام:
  •  

-     إن فلسطين من البحر إلى النهر أرض إسلامية لا يجوز التفاوض ولا المساومة والمهادنة ولا الإقرار لمحتل عليها، ومن يفعل ذلك فهو خائن لدينه ولربه ولأمته.

 

-     إن الجهاد بصنفيه: جهاد الدفع وجهاد الطلب، أحكامٌ ثابتةٌ لا يلغيها تكاسل الأمة ولا يُهَوِّنها ولا يُلغيها جهلها بذلك، وتعطيلهما إثمٌ كبير وتغيير وصفهما إثم أكبر قد يخرج من الملة والعقيدة من يتهمها بالإرهاب والإجرام. وما فعله المجاهدون في فلسطين من مقارعة العدو الصائل والغاصب هو عين الصواب والثبات عليه واجبٌ ما دام عندهم القدرة على ذلك، لأن الله لا يكلف نفساً إلا وسعها، وتبقى الأمة آثمة ما دامت قادرة على التغيير المكلفة به لإعانة ونصرة إخوانهم في فلسطين وغزة وإلا باءوا بالإثم والخسران المبين.

 

-     فلسطين مثل إسبانيا والبرتغال وغيرها من البلاد الإسلامية التي اغتصبها الكبار واستردوها في لحظة ضعف الأمة، تبقى أرضاً إسلامية ولا بد من استردادها وإزالة المغتصب عنها، وهذا لا يكون إلا بإقامة دولة الإسلام الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، التي بشر بها رسول الله وأمر وألزم بها ربنا تبارك وتعالى الأمة والتي لا يجوز أن تغيب عن الواقع فوق ثلاثة أيام وإلا فالأمة آثمة ما لم تستأنف الحياة الإسلامية إلا بها، ولا تبرأ ذمة الأمة إلا بالعاملين لها.

 

أيها المسلمون: ندعوكم ونستصرخكم للقيام بهذا الواجب العظيم الذي ينجيكم من عذاب يومٍ عظيم لا تنفعكم فيه دنيا ملكتموها ولا غنائم ومراكز حُزتموها أمام جنة عرضها كعرض السماوات والأرض أُعدت للمتقين والعاملين لاستئناف الحياة الإسلامية بإقامة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة.

 

 

كتبه للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

سالم أبو سبيتان

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم 

مراجعة مقترحة لرد حماس على مُقترح الرئيس الأمريكي ترامب

 

 

تُدرك حركة حماس الدور الخبيث الذي قامت به الدول القائمة في البلاد الإسلامية، من خذلان لأهل غزة وفلسطين، وتكبيل لجيوش المسلمين الرابضة في ثكناتها، وتكميم لأفواه الشعوب الإسلامية التي تغلي الدماء في عروقها وتتحفَّز لقتال يهود إلى جانب أهلهم في فلسطين.

 

كما تعلم الحركة جيداً الجهود الدولية وجهود الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الداعم الرئيسي لكيان يهود. ولولا جهودهم الخبيثة اللئيمة، لما تمكَّن الكيان المسخ من ارتكاب مجازر تعجز عن ارتكابها وحوش الغاب. وتُدرك الحركة أن الرئيس الأمريكي والنظام الدولي سعوا إلى وقف الحرب على قطاع غزة لا رحمةً منهم، بل لأن دولة يهود قد قامت بأقصى ما يمكن القيام به من قتل لعشرات الآلاف، إن لم يكن مئات الآلاف، وتدمير للبلاد وتهجير للعباد. كما أن سعي ترامب يهدف بالأساس إلى تحرير أسرى يهود الأعزاء عليه وعلى قلوب حكام المسلمين! وتعلم الحركة أن القطاع لم يَعُد مكاناً صالحاً للعيش، لذلك تُدرك أن التهجير واقع حال فَتْح الحدود.

 

وفي إطار ذلك، وبما يحقِّق وقف الحرب والانسحاب الكامل من القطاع، تعلن الحركة عن عجزها عن الاستمرار في المقاومة، في ظل خذلان الأنظمة الخائنة القائمة في البلاد الإسلامية.

 

وتُعلن عن موافقتها على الإفراج عن جميع أسرى يهود أحياءً وجثامين، وفق صيغة التبادل الواردة في مقترح العدو اللدود الرئيس ترامب، ومع توفير الظروف الميدانية لعملية التبادل. وفي هذا السياق، تؤكِّد الحركة استعدادها للدخول فوراً في الحديث مع المخلصين في جيوش الأمة الإسلامية، وخصوصاً في البلدان المحيطة بها: الأردن ومصر وتركيا وسوريا، وغيرهم من البلاد الإسلامية القوية مثل الحجاز وباكستان النووية، للقيام بوضع خطة عسكرية محكمة للقيام بعملية التحرير التي يرتضيها الله ورسوله والمؤمنون.

 

كما تجدِّد الحركة موافقتها على إعادة قضية فلسطين إلى حِضْن الأمة الإسلامية، فهي وحدها صاحبة القضية، وهي المسؤولة عن تحرير كافة الأراضي الإسلامية، وخصوصاً الأرض المباركة فلسطين. ولا نقبل أن يتم تسليم إدارة قطاع غزة لأي جهة غير الأمة، لا هيئة فلسطينية تابعة لسلطة أوسلو العميلة، ولا لهيئة تابعة للأنظمة العربية المُخَذِّلة أو تابعة لأمريكا والدول الغربية الاستعمارية، بقيادة جزار العراق توني بلير أو غيره.

 

أما ما ورد في مقترح الرئيس ترامب من قضايا أخرى تتعلَّق بمستقبل قطاع غزة وحقوق الشعب الفلسطيني الأصيلة؛ فإن هذا مرتبط بأحكام شرعية ربانية لا دَخْل لترامب ولا لغيره في تحديدها. ولا نرى أي مستقبل لها إلا محررة في ظل خلافة راشدة على منهاج النبوة وعقر دارها القدس.

 

كما نرفض جميع القوانين والقرارات الدولية ذات الصلة، فهي جميعها متحيزة لدولة يهود وجائرة بحق الأرض المباركة وأهلها. علاوة على أن جميع القرارات التي صدرت عن الهيئات الدولية، وقد كانت لـذَرِّ الرَّماد في العيون، لم يُطَبَّق أيٌ منها على أرض الواقع، وهو ما يؤكد أن هذه المؤسسات والهيئات الدولية متواطئة مع كيان يهود ومتآمرة في ارتكاب المجازر ضد الأبرياء من المسلمين.

 

وأخيراً، فإننا نُدين خذلان الجميع لنا ونؤكِّد على أن قضية فلسطين قضية عسكرية، وهي مهمة جيوش المسلمين، فهي التي يجب عليها تحرير نفسها أولاً من حكامها وقادتها العملاء، ونصرة حزب التحرير صاحب مشروع الخلافة التي ستحكم بما أنزل الله، وتجيش الجيوش للقيام بما كان واجباً على الأمة القيام به منذ إقامة دولة الكيان على الأرض المباركة فلسطين، مصداقاً لما ورد عن رسول الله ﷺ: «تُقَاتِلُكُمْ الْيَهُودُ فَتُسَلَّطُونَ عَلَيْهِمْ، حَتَّى يَقُولَ الْحَجَرُ: يَا مُسْلِمُ، هَذَا يَهُودِيٌّ وَرَائِي فَاقْتُلْهُ» (البخاري ومسلم والترمذي عن ابن عمر الفاروق، فاتح بيت المقدس).

 

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

بلال المهاجر – ولاية باكستان

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

 

تبعية النظام المصري بين خيانة الأمة وتنفيذ مشاريع أمريكا في غزة

 

لم يعد خافياً على أحد أنّ النظام المصري قد تجاوز حدود التخاذل إلى حدّ التواطؤ المباشر مع مشاريع أمريكا وكيان يهود، وهو ما تكشفه تصريحات وزير الخارجية المصري الأخيرة حول "انتظار الرؤية الأمريكية بشأن غزة"، والإشادة بترامب بوصفه "رجل السلام"، وتمنّي أن يفرض وقف إطلاق النار على كيان يهود. إنّها مواقف كاشفة ليست مجرّد كلمات عابرة، فهي تعبّر عن حقيقة سياسة النظام المصري المقيّدة بأغلال كامب ديفيد، والمنخرطة في هندسة المشهد السياسي والعسكري في فلسطين بما يخدم بقاء الاحتلال وتأمين مصالحه.

 

عندما يعلن وزير خارجية مصر أنّ القاهرة "تنتظر طرح الرؤية الأمريكية"، فهذا إقرار صريح بأنّ قرار مصير غزة ليس بيد مصر، ولا بيد العرب ولا حتى بيد الفلسطينيين أنفسهم، بل هو بيد أمريكا. ومتى أصبحت قضية فلسطين، وهي قضية الأمة الإسلامية، رهينة في يد رئيس أمريكي يحدّد من يبقى ومن يعود ومن يُعمّر؟! إنّ هذا التصريح يؤكد أنّ النظام المصري قد سلّم زمام المبادرة كاملة لأمريكا، وأقصى الأمة عن دورها الشرعي في نصرة فلسطين وتحريرها. قال تعالى: ﴿وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً﴾، لكنّ النظام المصري جعل للكافرين على المؤمنين ألف سبيل.

 

الأدهى من مجرد التبعية هو الثناء على ترامب واعتباره "الرئيس الوحيد القادر على فرض الرؤية"! أي سلام هذا الذي يتحدّثون عنه؟! ترامب هو من اعترف بالقدس عاصمة للكيان الغاصب، وهو من نقل سفارة بلاده إليها، وهو الذي رعى "صفقة القرن" الهادفة لتصفية القضية الفلسطينية. فكيف يصبح رجل سلام؟!

 

إنّ في هذا التوصيف تزويراً للوعي وتلميعاً لمجرم سياسي لُطّخت يداه بدماء المسلمين، وكأنّ النظام المصري يريد أن يقنع الأمة بأنّ خلاص غزة لن يأتي من جيوشها بل من البيت الأبيض!

 

حين يصف الوزير ما يجري في غزة بأنه "قتل ممنهج وتجويع للفلسطينيين لا يقبله الضمير العالمي"، فإنّ السؤال البديهي من الذي يمنع جيش مصر من التحرك لنصرتهم؟ ومن الذي يغلق معبر رفح؟ ومن الذي ينسّق مع الاحتلال في كل شحنة مساعدات؟ ومن الذي يشارك عملياً في حصار أهل غزة؟!

 

إنّ النظام المصري ليس مجرّد شاهد على المأساة، بل شريك أصيل فيها. فهو الذي يفتح ويغلق المعبر وفق إملاءات يهود الأمنية، وهو الذي يمنع دخول السلع والوقود والأدوية إلا بإذن ووفق مقاييس أمريكا وكيان يهود. وفي الوقت ذاته يظهر مسؤولو النظام بمظهر "المتألمين" على المجازر!

 

حين يتحدّث الوزير عن "بقاء سكان غزة في أرضهم"، فإنه يقبل ضمناً بحدود غزة كأنها دولة منفصلة! بينما الأصل أنّ فلسطين كلها أرض إسلامية مغتصبة، لا تقبل القسمة ولا التجزئة. والقبول بأي رؤية أمريكية يعني تكريس وجود كيان يهود، وتثبيت حدود وكيانات سايكس بيكو، التي جاء الإسلام لهدمها وإزالة آثارها. والأمة مأمورة بالقتال لتحرير الأرض، لا بانتظار الرؤى الأمريكية ولا بخطط الإعمار المسمومة.

 

من النقاط التي تحدّث عنها الوزير الإشادة بخطة إعمار غزة. وهذه ليست سوى نسخة جديدة من "السلام الاقتصادي" الذي روّج له الاحتلال منذ سنوات، أي إبقاء الناس تحت الاحتلال مقابل بعض المشاريع الاستثمارية التي لا تغيّر حقيقة أنهم أسرى داخل سجن كبير. وإنّ مثل هذه الطروحات لا تختلف عن "صفقة القرن" ولا عن "مؤتمر البحرين"، حيث المال يُستعمل لإسكات الناس وتثبيت الاحتلال. وفي ذلك بيع لدماء الشهداء وتضييع لتضحيات أهل غزة الذين صبروا على الحصار والجوع والقصف طلباً للتحرير لا للفتات.

 

إن الإسلام يوجب على الأمة وجيوشها نصرة فلسطين وتحريرها كاملة من البحر إلى النهر، ويحرم الدخول في مشاريع الكفار أو التبعية لهم. قال تعالى: ﴿وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ﴾. فالحكم الشرعي يوجب القتال لتحرير الأرض المباركة، لا انتظار قرارات واشنطن. ويحرّم على الحكام المسلمين التعاون مع الكفار أو التواطؤ معهم على حساب دماء المسلمين، ﴿وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ﴾.

 

إنّ مصر، ومنذ توقيع كامب ديفيد، ملتزمة بحماية أمن كيان يهود، وهو ما كرّره السيسي مراراً في خطاباته. واليوم يكمل وزير خارجيته المشهد نفسه، فيعلن أنّ الحل بيد أمريكا، ويصف ترامب بالمخلّص، ويُظهر مصر وكأنها عاجزة إلا عن انتظار أوامره. هذا ليس عجزاً، بل هو اختيار سياسي متعمد، يعبّر عن ولاء تامّ لمصالح أمريكا ومشاريعها، وضرب بإرادة الأمة عرض الحائط.

 

لم يُبد النظام المصري أي اكتراث حقيقي لدماء أهل غزة، بل على العكس؛ يشارك في خنقهم. وهو لا يكترث كذلك بدماء أهل مصر الذين يعانون الفقر والغلاء والبطالة بسبب سياساته المرتبطة بصندوق النقد الدولي والمؤسسات الغربية. فكيف يرجى من نظام هذا حاله أن يكون نصيراً لفلسطين؟!

 

إن الموقف الشرعي هو أن تتحرك جيوش المسلمين لتحرير فلسطين كاملة، وأن تهدم الحدود المصطنعة التي تفصل غزة عن مصر وعن سائر بلاد المسلمين. ولا يجوز أن تبقى الأمة رهينة لمؤامرات أمريكا مكتفية بالشجب والإدانات، قال ﷺ: «فُكُّوا الْعَانِيَ، وَأَطْعِمُوا الْجَائِعَ، وَعُودُوا الْمَرِيضَ». وأهل غزة أسرى عند يهود، وفكّهم واجب على جيوش الأمة، لا على أمريكا ومجلس الأمن! وقال ﷺ: «أَيُّمَا أَهْلِ عَرْصَةٍ ظَلَّ فِيهِمْ امْرُؤٌ جَائِعٌ فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُمْ ذِمَّةُ اللَّهِ»، فتجويع أهل غزة وحصارهم جريمة جماعية، لا عذر أمامها لمعتذر ولا مبرر حين يبيت بينهم جائع واحد وهم قادرون على إنقاذه، فكيف بكل هؤلاء المحاصرين؟! فإذا كان أهل غزة اليوم يموتون جوعاً، وأبواب مصر مغلقة في وجوههم، ويُمنع عنهم الغذاء والدواء، والأنظمة تدير ظهرها، فإن ذمة الله قد برئت من هذه الأنظمة ومن يتواطأ معها أو يسكت عنها، ومن يبرر ذلك يشارك في الخيانة ويبرئ نفسه من ذمة الله.

 

إن الواجب اليوم أن يتحرك أهل مصر، وخاصّة المخلصين في جيشها، للوقوف في وجه هذه السياسة الإجرامية، ونصرة إخوانهم في غزة، وإزالة الأنظمة التي تشارك في قتلهم، وتعمل لحساب أعداء الأمة.

 

فيا أهل مصر، يا أهل الكنانة: اعلموا أن الله سائلكم عن غزة، وسائلكم عن حدودكم المغلقة في وجه الجائعين، وعن نيران تطلق على الأطفال إن اقتربوا، وعن شراكتكم، بصمتكم، في الحصار والتجويع. فتحركوا، وقولوا كلمتكم، واهتفوا في وجه هذا النظام لينعتق من تبعيته المقيتة لأمريكا: "ارفعوا الحصار.. حرّروا فلسطين.. أقيموا الخلافة".

 

إن غزة اليوم لا تحتاج إلى بيانات التعاطف ولا إلى قوافل الإغاثة وحدها، بل تحتاج إلى جيوش تتحرك، وسيوف تُستل، وأنظمة تُسقط، وأمة تستيقظ.

 

﴿وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَٰذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيّاً وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيراً

 

كتبه للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

محمود الليثي

عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية مصر

رابط هذا التعليق
شارك

Join the conversation

You can post now and register later. If you have an account, sign in now to post with your account.

زوار
اضف رد علي هذا الموضوع....

×   Pasted as rich text.   Paste as plain text instead

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   Your previous content has been restored.   Clear editor

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.

جاري التحميل

×
×
  • اضف...