اذهب الي المحتوي
منتدى العقاب

مقالات من المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير - متجدد


Recommended Posts

بسم الله الرحمن الرحيم

 

تبعية النظام المصري بين خيانة الأمة وتنفيذ مشاريع أمريكا في غزة

 

لم يعد خافياً على أحد أنّ النظام المصري قد تجاوز حدود التخاذل إلى حدّ التواطؤ المباشر مع مشاريع أمريكا وكيان يهود، وهو ما تكشفه تصريحات وزير الخارجية المصري الأخيرة حول "انتظار الرؤية الأمريكية بشأن غزة"، والإشادة بترامب بوصفه "رجل السلام"، وتمنّي أن يفرض وقف إطلاق النار على كيان يهود. إنّها مواقف كاشفة ليست مجرّد كلمات عابرة، فهي تعبّر عن حقيقة سياسة النظام المصري المقيّدة بأغلال كامب ديفيد، والمنخرطة في هندسة المشهد السياسي والعسكري في فلسطين بما يخدم بقاء الاحتلال وتأمين مصالحه.

 

عندما يعلن وزير خارجية مصر أنّ القاهرة "تنتظر طرح الرؤية الأمريكية"، فهذا إقرار صريح بأنّ قرار مصير غزة ليس بيد مصر، ولا بيد العرب ولا حتى بيد الفلسطينيين أنفسهم، بل هو بيد أمريكا. ومتى أصبحت قضية فلسطين، وهي قضية الأمة الإسلامية، رهينة في يد رئيس أمريكي يحدّد من يبقى ومن يعود ومن يُعمّر؟! إنّ هذا التصريح يؤكد أنّ النظام المصري قد سلّم زمام المبادرة كاملة لأمريكا، وأقصى الأمة عن دورها الشرعي في نصرة فلسطين وتحريرها. قال تعالى: ﴿وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً﴾، لكنّ النظام المصري جعل للكافرين على المؤمنين ألف سبيل.

 

الأدهى من مجرد التبعية هو الثناء على ترامب واعتباره "الرئيس الوحيد القادر على فرض الرؤية"! أي سلام هذا الذي يتحدّثون عنه؟! ترامب هو من اعترف بالقدس عاصمة للكيان الغاصب، وهو من نقل سفارة بلاده إليها، وهو الذي رعى "صفقة القرن" الهادفة لتصفية القضية الفلسطينية. فكيف يصبح رجل سلام؟!

 

إنّ في هذا التوصيف تزويراً للوعي وتلميعاً لمجرم سياسي لُطّخت يداه بدماء المسلمين، وكأنّ النظام المصري يريد أن يقنع الأمة بأنّ خلاص غزة لن يأتي من جيوشها بل من البيت الأبيض!

 

حين يصف الوزير ما يجري في غزة بأنه "قتل ممنهج وتجويع للفلسطينيين لا يقبله الضمير العالمي"، فإنّ السؤال البديهي من الذي يمنع جيش مصر من التحرك لنصرتهم؟ ومن الذي يغلق معبر رفح؟ ومن الذي ينسّق مع الاحتلال في كل شحنة مساعدات؟ ومن الذي يشارك عملياً في حصار أهل غزة؟!

 

إنّ النظام المصري ليس مجرّد شاهد على المأساة، بل شريك أصيل فيها. فهو الذي يفتح ويغلق المعبر وفق إملاءات يهود الأمنية، وهو الذي يمنع دخول السلع والوقود والأدوية إلا بإذن ووفق مقاييس أمريكا وكيان يهود. وفي الوقت ذاته يظهر مسؤولو النظام بمظهر "المتألمين" على المجازر!

 

حين يتحدّث الوزير عن "بقاء سكان غزة في أرضهم"، فإنه يقبل ضمناً بحدود غزة كأنها دولة منفصلة! بينما الأصل أنّ فلسطين كلها أرض إسلامية مغتصبة، لا تقبل القسمة ولا التجزئة. والقبول بأي رؤية أمريكية يعني تكريس وجود كيان يهود، وتثبيت حدود وكيانات سايكس بيكو، التي جاء الإسلام لهدمها وإزالة آثارها. والأمة مأمورة بالقتال لتحرير الأرض، لا بانتظار الرؤى الأمريكية ولا بخطط الإعمار المسمومة.

 

من النقاط التي تحدّث عنها الوزير الإشادة بخطة إعمار غزة. وهذه ليست سوى نسخة جديدة من "السلام الاقتصادي" الذي روّج له الاحتلال منذ سنوات، أي إبقاء الناس تحت الاحتلال مقابل بعض المشاريع الاستثمارية التي لا تغيّر حقيقة أنهم أسرى داخل سجن كبير. وإنّ مثل هذه الطروحات لا تختلف عن "صفقة القرن" ولا عن "مؤتمر البحرين"، حيث المال يُستعمل لإسكات الناس وتثبيت الاحتلال. وفي ذلك بيع لدماء الشهداء وتضييع لتضحيات أهل غزة الذين صبروا على الحصار والجوع والقصف طلباً للتحرير لا للفتات.

 

إن الإسلام يوجب على الأمة وجيوشها نصرة فلسطين وتحريرها كاملة من البحر إلى النهر، ويحرم الدخول في مشاريع الكفار أو التبعية لهم. قال تعالى: ﴿وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ﴾. فالحكم الشرعي يوجب القتال لتحرير الأرض المباركة، لا انتظار قرارات واشنطن. ويحرّم على الحكام المسلمين التعاون مع الكفار أو التواطؤ معهم على حساب دماء المسلمين، ﴿وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ﴾.

 

إنّ مصر، ومنذ توقيع كامب ديفيد، ملتزمة بحماية أمن كيان يهود، وهو ما كرّره السيسي مراراً في خطاباته. واليوم يكمل وزير خارجيته المشهد نفسه، فيعلن أنّ الحل بيد أمريكا، ويصف ترامب بالمخلّص، ويُظهر مصر وكأنها عاجزة إلا عن انتظار أوامره. هذا ليس عجزاً، بل هو اختيار سياسي متعمد، يعبّر عن ولاء تامّ لمصالح أمريكا ومشاريعها، وضرب بإرادة الأمة عرض الحائط.

 

لم يُبد النظام المصري أي اكتراث حقيقي لدماء أهل غزة، بل على العكس؛ يشارك في خنقهم. وهو لا يكترث كذلك بدماء أهل مصر الذين يعانون الفقر والغلاء والبطالة بسبب سياساته المرتبطة بصندوق النقد الدولي والمؤسسات الغربية. فكيف يرجى من نظام هذا حاله أن يكون نصيراً لفلسطين؟!

 

إن الموقف الشرعي هو أن تتحرك جيوش المسلمين لتحرير فلسطين كاملة، وأن تهدم الحدود المصطنعة التي تفصل غزة عن مصر وعن سائر بلاد المسلمين. ولا يجوز أن تبقى الأمة رهينة لمؤامرات أمريكا مكتفية بالشجب والإدانات، قال ﷺ: «فُكُّوا الْعَانِيَ، وَأَطْعِمُوا الْجَائِعَ، وَعُودُوا الْمَرِيضَ». وأهل غزة أسرى عند يهود، وفكّهم واجب على جيوش الأمة، لا على أمريكا ومجلس الأمن! وقال ﷺ: «أَيُّمَا أَهْلِ عَرْصَةٍ ظَلَّ فِيهِمْ امْرُؤٌ جَائِعٌ فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُمْ ذِمَّةُ اللَّهِ»، فتجويع أهل غزة وحصارهم جريمة جماعية، لا عذر أمامها لمعتذر ولا مبرر حين يبيت بينهم جائع واحد وهم قادرون على إنقاذه، فكيف بكل هؤلاء المحاصرين؟! فإذا كان أهل غزة اليوم يموتون جوعاً، وأبواب مصر مغلقة في وجوههم، ويُمنع عنهم الغذاء والدواء، والأنظمة تدير ظهرها، فإن ذمة الله قد برئت من هذه الأنظمة ومن يتواطأ معها أو يسكت عنها، ومن يبرر ذلك يشارك في الخيانة ويبرئ نفسه من ذمة الله.

 

إن الواجب اليوم أن يتحرك أهل مصر، وخاصّة المخلصين في جيشها، للوقوف في وجه هذه السياسة الإجرامية، ونصرة إخوانهم في غزة، وإزالة الأنظمة التي تشارك في قتلهم، وتعمل لحساب أعداء الأمة.

 

فيا أهل مصر، يا أهل الكنانة: اعلموا أن الله سائلكم عن غزة، وسائلكم عن حدودكم المغلقة في وجه الجائعين، وعن نيران تطلق على الأطفال إن اقتربوا، وعن شراكتكم، بصمتكم، في الحصار والتجويع. فتحركوا، وقولوا كلمتكم، واهتفوا في وجه هذا النظام لينعتق من تبعيته المقيتة لأمريكا: "ارفعوا الحصار.. حرّروا فلسطين.. أقيموا الخلافة".

 

إن غزة اليوم لا تحتاج إلى بيانات التعاطف ولا إلى قوافل الإغاثة وحدها، بل تحتاج إلى جيوش تتحرك، وسيوف تُستل، وأنظمة تُسقط، وأمة تستيقظ.

 

﴿وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَٰذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيّاً وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيراً

 

كتبه للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

محمود الليثي

عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية مصر

رابط هذا التعليق
شارك

  • الردود 351
  • Created
  • اخر رد

Top Posters In This Topic

  • صوت الخلافة

    352

بسم الله الرحمن الرحيم

 

تسليط الضوء على الطريقة الشرعية

التي يتبعها حزب التحرير لإقامة الدولة

 

إن اتباع الرسول ﷺ واجب، فالآيات القرآنية التي تأمر بالاقتداء به كثيرة كقوله تعالى: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ﴾ [الأحزاب: 21]، وقوله تعالى: ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ﴾ وقوله تعالى: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا﴾ [الحشر: 7]

 

إن واقع المسلمين اليوم شبيه بالمرحلة المكية في الدعوة النبوية، حيث يعيشون في "دار كفر" بسبب حكمهم بغير ما أنزل الله - ومصطلح الدار مصطلح شرعي مفصل في كتب الفقه - ما يستوجب اتباع المنهج المكي في التغيير، وقد سار الرسول ﷺ بثلاث مراحل رئيسية في طريقه لإقامة الدولة الإسلامية:

 

-     مرحلة التثقيف وبناء التكتل الحزبي:

 

البدء بالاتصال الفردي لنشر الفكرة، كما فعل النبي ﷺ في الدعوة السرية وتنظيم الحلقات الدراسية لصياغة شخصيات إسلامية متكاملة. وقد بدأ الحزب هذه المرحلة في القدس عام 1953م بقيادة المؤسس الشيخ الجليل العلامة تقي الدين النبهاني رحمه الله.

 

-     مرحلة التفاعل مع المجتمع:

 

عن طريق الصراع الفكري والكفاح السياسي وطلب النصرة من أهل القوة والمنعة، ويكون فيها الخطاب الجماعي عبر المحاضرات والندوات والمنشورات لمواجهة الأفكار المنحرفة والأنظمة الكافرة، كما تصدى النبي ﷺ لقريش، وقد سار الحزب بهذه المرحلة وقام بالتركيز على الصراع الفكري ضد عقائد الكفر وأفكاره والكفاح السياسي ضد الحكام والاستعمار وفضحهم وتبنّي قضايا الأمة وفق الشرع، وبهذه الأعمال وجد الرأي العام في المجتمع حول الدعوة الإسلامية.

 

-     مرحلة استلام الحكم:

 

وهذه تأتي بعد نجاح المرحلتين الأولى والثانية وإيجاد الرأي العام في الأمة المبني على وعي عام وطلب النصرة من أهل القوة والمنعة لإقامة الخلافة، فهذا الأمر قام به الرسول ﷺ حيث وجد الرأي العام، كما كان الرسول ﷺ يطلب النصرة من سادة قريش والطائف وسادة القبائل الأخرى من كندة وبني شيبة ...إلخ، وظفر بالثواب الأنصار في بيعة العقبة ومن ثم تطبيق الإسلام كمنهاج حياة شامل.

 

وهذا المنهج الذي سلكه حزب التحرير أكسبه خصائص ومميزات يفتقر لها جميع من يعمل للإسلام على الساحة من تكتلات، حيث تميز الحزب بالوضوح والصراحة فلا مجاملة في مواجهة الباطل، مع الالتزام بالعمل السياسي دون العنف، استناداً إلى قوله تعالى: ﴿فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرْ﴾ [الحجر: 94].

 

ومن خصائصه الصبر على الأذى كما صبر الأنبياء، دون اللجوء إلى القوة المادية إلا في حالات الدفاع عن البلاد الإسلامية، والتركيز على الصراع الفكري والكفاح السياسي.

 

ويواجه شباب الحزب تحديات وصعوبات ومشاق كثيرة من اضطهاد شديد من الحكام (سجن، تعذيب، منع سفر، وتضييق ...إلخ)، لكنه استمر في النضال سلمياً، مقتدياً بصبر الرسول ﷺ في مكة، واليوم يواصل الحزب دعوته آملاً بإقامة الخلافة، مع التركيز على:

 

-     بناء رجال دولة

 

-     إيجاد الرأي العام في الأمة حول أفكار الإسلام

 

-     كشف مؤامرات الاستعمار التي تحاك ضد الأمة

 

-     تبني المصالح الحقيقية للأمة

 

ويؤكد الحزب أن منهجه قائم على الثبات في الغاية والطريقة والإبداع في الأساليب والوسائل، مع التمسك بالنموذج النبوي في التغيير الجذري الشامل.

 

كما تعمل دول الغرب على تشوية أفكار الإسلام وبالذات الأفكار السياسية التي تنهض الأمة ومنها التشكيك في الطريقة التي يسير عليها حزب التحرير في التغيير، أهمها:

 

1-  طلب النصرة من الجيوش: حيث يتم اتهام المنهج بعدم الواقعية أو مخالفة الشرع.

 

  • ●   الرد الشرعي على منهج طلب النصرة من الجيوش
  •  
  •  

- الأدلة الشرعية من القرآن والسنة:

 

- بيعة العقبة: نموذج نبوي لطلب النصرة من أهل القوة والمنعة (الأوس والخزرج) لإقامة الدولة، حيث بايعوا النبي ﷺ على الحماية والمناصرة.

 

- حديث «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ» (رواه مسلم): يؤكد أن التغيير يحتاج إلى قوة تنفيذية.

 

- قوله تعالى: ﴿وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ﴾ [الأنفال:60]، حيث تفسر "القوة" بالجيوش وأدوات الحكم.

 

مع أهمية ملاحظة الفرق بين طلب النصرة لإقامة دولة الخلافة والانقلابات العسكرية التي تكون وراءها الدول الكافرة في بلاد المسلمين.

 

- طلب النصرة يقوم على:

 

- إيجاد رأي عام مبني على وعي عام في الأمة على أفكار الإسلام وإقناع أهل التأثير والجيوش وهم جزء من الأمة

 

- تغيير المفاهيم قبل تغيير الأنظمة، ووجود نظام منبثق من الإسلام

 

- إيجاد دولة إسلامية تكون السيادة فيها للشرع والسلطان للأمة

 

- أما الانقلابات العسكرية التي حصلت في كثير من البلدان، فهي عمل عسكري لخدمة الدول الاستعمارية، وهو ما يرفضه الحزب كون هذا العمل يجعل الدولة منزوعة السيادة تابعة لغيرها.

 

  • ●   الرد على اتهام "عدم الواقعية:
  •  
  •  

- الناحية الشرعية: اتباع طريقة الرسول ﷺ فرض وطلب النصرة جزء من هذه الطريقة فالقيام به واجب.

 

التجربة التاريخية: لم تقم أي دولة في العالم بدون قوة فالقوة أساسية لإقامة أي دولة.

 

- الواقع المعاصر: هذه الجيوش أفرادها من جنود وضباط هم أبناء المسلمين ورجالهم، وجزء من هذه الأمة العظيمة، وينفق عليها من خيرات المسلمين، والبلاد الإسلامية فيها الكثير ممن فيهم الخير لأمتهم والمريدين العزة لدينهم، فأين العيب والعلة في استنهاضهم وحثهم على تحمل مسؤولية الأمة الإسلامية، والحاضر والماضي يشهد أن في جيوش المسلمين رجالا ما إن يجدوا الحق ويعرفوه لن يفرطوا فيه؟

 

ثانياً: رفض المشاركة السياسية حيث يتهم الحزب بالعزلة.

 

  • ●   الرد الشرعي على رفض المشاركة السياسية
  •  
  •  

 1. الأدلة الشرعية:

 

حرمة الحكم بغير ما أنزل الله: قوله تعالى: ﴿وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ﴾ [المائدة:44].

 

المشاركة في البرلمانات تعني التشريع بغير الله، وهو كفر بواح.

 

حديث «لَا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ الْخَالِقِ» يمنع الانضمام لأنظمة تشرع القوانين الوضعية.

 

 2. الفرق بين المشاركة السياسية والعمل السياسي:

 

 المشاركة السياسية: قبول النظام القائم (سواء أكان نظاما رأسماليا أو اشتراكيا) وهو مرفوض كونهم يتناقضون مع الإسلام جملة وتفصيلا.

 

العمل السياسي: رعاية شؤون الناس بالإسلام والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مثل كشف فساد الأنظمة ودعوة الناس لتبني الإسلام باعتباره منهج حياة في الحكم والاقتصاد و...إلخ، وهذا ما يفعله الحزب.

 

  • ●   الرد على اتهام العزلة:
  •  
  •  

- مشروع دستور الخلافة: يثبت أن الحزب يقدم بديلاً عملياً، لا يرفض السياسة بل يرفض الاندماج والمشاركة في الحكم في ظل الأنظمة الرأسمالية الفاسدة وغير الشرعية.

 

- فشل النماذج المشاركة: تجارب "الإسلاميين" في مصر وتونس أثبتت أن المشاركة تؤدي إلى التبعية وإقرار الباطل لا التغيير.

 

  • ●   التكفير وإقصاء الآخر
  •  
  •  

يُنتقد الحزب لتكفيره الأنظمة والحكام، ويتهم بالتشدد والإقصاء، ما يجعله في صدام دائم مع الأنظمة والمجتمعات.

 

  • الرد:
  •  

- التمييز بين الفعل والقائم بالفعل: الحزب يكفر "فعل" الحكم بغير الشرع، ولا يكفر الأشخاص إلا بتحقق شروط التكفير عليهم، ومصطلح دار الكفر ودار الإسلام مصطلحات شرعية لها مدلولات حددها الشرع ولم يأت بها حزب التحرير من عنده.

 

- النقد السياسي المشروع: يعتبر نقد الأنظمة حقاً شرعياً، مستنداً إلى حديث «إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي الْمَعْرُوفِ»

 

  • ●    الجمود الفكري وعدم مواكبة العصر.
  •  
  •  

 يتهم الحزب بالجمود لتمسكه بمنهج ثابت منذ تأسيسه في خمسينات القرن الماضي، ورفضه التكيف مع مستجدات العصر مثل الديمقراطية أو حقوق الإنسان وحرية المرأة وغيرها من المفاهيم الغريبة.

 

  • الرد:
  •  
  •  

- الثوابت والمتغيرات: يفرق بين الثوابت الشرعية (كوجوب الخلافة) والمتغيرات (كوسائل الدعوة)، حيث يستخدم التقنيات الحديثة مثل الإنترنت والإعلام.

 

- مشروع دستور الخلافة: يقدم حلولاً عملية لقضايا معاصرة مثل الاقتصاد والتعليم وغيرها فأين الجمود؟!

 

- الحزب يرفض الديمقراطية لأنها تخالف الشرع، وليس لأنه ضد التطور، وعمليا الديمقراطية قديمة منذ عهد اليونان فإذا سرنا على عقلية المنتقدين فالتخلف هو اتباع الديمقراطية كونها فكرة قديمة جداً!

 

  • ●   إهمال الجانب التربوي والروحي
  •  
  •  

يُنتقد الحزب لإهماله التربية الروحية والفردية، وتركيزه على الجانب السياسي فقط، ما يجعله يفتقد إلى بناء الشخصية الإسلامية المتكاملة.

 

  • الرد:
  •  
  •  

- التركيز على التثقيف: يؤكد الحزب على بناء الشخصية الإسلامية عبر حلقات الدراسة المركزة، مستنداً إلى منهج النبي ﷺ في تربية الصحابة، ومفاهيم الإسلام عندما تتبلور فإنها تغير الإنسان فكرياً وسلوكياً، فالمواقف هي التي تبين من هو المؤمن القوي وليس الشكل.

 

إذن السير وفق طريقة الرسول ﷺ في إقامة الدولة فرض وأي فرض بل هو تاج الفروض، وحزب التحرير يسير على هذه الطريقة بحذافيرها ابتغاء مرضاة الله. نسأل الله أن يكرمنا بإقامة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة.

 

كتبه للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

محمد الأصبحي – ولاية اليمن

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

 

تبعية النظام المصري بين خيانة الأمة وتنفيذ مشاريع أمريكا في غزة

 

لم يعد خافياً على أحد أنّ النظام المصري قد تجاوز حدود التخاذل إلى حدّ التواطؤ المباشر مع مشاريع أمريكا وكيان يهود، وهو ما تكشفه تصريحات وزير الخارجية المصري الأخيرة حول "انتظار الرؤية الأمريكية بشأن غزة"، والإشادة بترامب بوصفه "رجل السلام"، وتمنّي أن يفرض وقف إطلاق النار على كيان يهود. إنّها مواقف كاشفة ليست مجرّد كلمات عابرة، فهي تعبّر عن حقيقة سياسة النظام المصري المقيّدة بأغلال كامب ديفيد، والمنخرطة في هندسة المشهد السياسي والعسكري في فلسطين بما يخدم بقاء الاحتلال وتأمين مصالحه.

 

عندما يعلن وزير خارجية مصر أنّ القاهرة "تنتظر طرح الرؤية الأمريكية"، فهذا إقرار صريح بأنّ قرار مصير غزة ليس بيد مصر، ولا بيد العرب ولا حتى بيد الفلسطينيين أنفسهم، بل هو بيد أمريكا. ومتى أصبحت قضية فلسطين، وهي قضية الأمة الإسلامية، رهينة في يد رئيس أمريكي يحدّد من يبقى ومن يعود ومن يُعمّر؟! إنّ هذا التصريح يؤكد أنّ النظام المصري قد سلّم زمام المبادرة كاملة لأمريكا، وأقصى الأمة عن دورها الشرعي في نصرة فلسطين وتحريرها. قال تعالى: ﴿وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً﴾، لكنّ النظام المصري جعل للكافرين على المؤمنين ألف سبيل.

 

الأدهى من مجرد التبعية هو الثناء على ترامب واعتباره "الرئيس الوحيد القادر على فرض الرؤية"! أي سلام هذا الذي يتحدّثون عنه؟! ترامب هو من اعترف بالقدس عاصمة للكيان الغاصب، وهو من نقل سفارة بلاده إليها، وهو الذي رعى "صفقة القرن" الهادفة لتصفية القضية الفلسطينية. فكيف يصبح رجل سلام؟!

 

إنّ في هذا التوصيف تزويراً للوعي وتلميعاً لمجرم سياسي لُطّخت يداه بدماء المسلمين، وكأنّ النظام المصري يريد أن يقنع الأمة بأنّ خلاص غزة لن يأتي من جيوشها بل من البيت الأبيض!

 

حين يصف الوزير ما يجري في غزة بأنه "قتل ممنهج وتجويع للفلسطينيين لا يقبله الضمير العالمي"، فإنّ السؤال البديهي من الذي يمنع جيش مصر من التحرك لنصرتهم؟ ومن الذي يغلق معبر رفح؟ ومن الذي ينسّق مع الاحتلال في كل شحنة مساعدات؟ ومن الذي يشارك عملياً في حصار أهل غزة؟!

 

إنّ النظام المصري ليس مجرّد شاهد على المأساة، بل شريك أصيل فيها. فهو الذي يفتح ويغلق المعبر وفق إملاءات يهود الأمنية، وهو الذي يمنع دخول السلع والوقود والأدوية إلا بإذن ووفق مقاييس أمريكا وكيان يهود. وفي الوقت ذاته يظهر مسؤولو النظام بمظهر "المتألمين" على المجازر!

 

حين يتحدّث الوزير عن "بقاء سكان غزة في أرضهم"، فإنه يقبل ضمناً بحدود غزة كأنها دولة منفصلة! بينما الأصل أنّ فلسطين كلها أرض إسلامية مغتصبة، لا تقبل القسمة ولا التجزئة. والقبول بأي رؤية أمريكية يعني تكريس وجود كيان يهود، وتثبيت حدود وكيانات سايكس بيكو، التي جاء الإسلام لهدمها وإزالة آثارها. والأمة مأمورة بالقتال لتحرير الأرض، لا بانتظار الرؤى الأمريكية ولا بخطط الإعمار المسمومة.

 

من النقاط التي تحدّث عنها الوزير الإشادة بخطة إعمار غزة. وهذه ليست سوى نسخة جديدة من "السلام الاقتصادي" الذي روّج له الاحتلال منذ سنوات، أي إبقاء الناس تحت الاحتلال مقابل بعض المشاريع الاستثمارية التي لا تغيّر حقيقة أنهم أسرى داخل سجن كبير. وإنّ مثل هذه الطروحات لا تختلف عن "صفقة القرن" ولا عن "مؤتمر البحرين"، حيث المال يُستعمل لإسكات الناس وتثبيت الاحتلال. وفي ذلك بيع لدماء الشهداء وتضييع لتضحيات أهل غزة الذين صبروا على الحصار والجوع والقصف طلباً للتحرير لا للفتات.

 

إن الإسلام يوجب على الأمة وجيوشها نصرة فلسطين وتحريرها كاملة من البحر إلى النهر، ويحرم الدخول في مشاريع الكفار أو التبعية لهم. قال تعالى: ﴿وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ﴾. فالحكم الشرعي يوجب القتال لتحرير الأرض المباركة، لا انتظار قرارات واشنطن. ويحرّم على الحكام المسلمين التعاون مع الكفار أو التواطؤ معهم على حساب دماء المسلمين، ﴿وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ﴾.

 

إنّ مصر، ومنذ توقيع كامب ديفيد، ملتزمة بحماية أمن كيان يهود، وهو ما كرّره السيسي مراراً في خطاباته. واليوم يكمل وزير خارجيته المشهد نفسه، فيعلن أنّ الحل بيد أمريكا، ويصف ترامب بالمخلّص، ويُظهر مصر وكأنها عاجزة إلا عن انتظار أوامره. هذا ليس عجزاً، بل هو اختيار سياسي متعمد، يعبّر عن ولاء تامّ لمصالح أمريكا ومشاريعها، وضرب بإرادة الأمة عرض الحائط.

 

لم يُبد النظام المصري أي اكتراث حقيقي لدماء أهل غزة، بل على العكس؛ يشارك في خنقهم. وهو لا يكترث كذلك بدماء أهل مصر الذين يعانون الفقر والغلاء والبطالة بسبب سياساته المرتبطة بصندوق النقد الدولي والمؤسسات الغربية. فكيف يرجى من نظام هذا حاله أن يكون نصيراً لفلسطين؟!

 

إن الموقف الشرعي هو أن تتحرك جيوش المسلمين لتحرير فلسطين كاملة، وأن تهدم الحدود المصطنعة التي تفصل غزة عن مصر وعن سائر بلاد المسلمين. ولا يجوز أن تبقى الأمة رهينة لمؤامرات أمريكا مكتفية بالشجب والإدانات، قال ﷺ: «فُكُّوا الْعَانِيَ، وَأَطْعِمُوا الْجَائِعَ، وَعُودُوا الْمَرِيضَ». وأهل غزة أسرى عند يهود، وفكّهم واجب على جيوش الأمة، لا على أمريكا ومجلس الأمن! وقال ﷺ: «أَيُّمَا أَهْلِ عَرْصَةٍ ظَلَّ فِيهِمْ امْرُؤٌ جَائِعٌ فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُمْ ذِمَّةُ اللَّهِ»، فتجويع أهل غزة وحصارهم جريمة جماعية، لا عذر أمامها لمعتذر ولا مبرر حين يبيت بينهم جائع واحد وهم قادرون على إنقاذه، فكيف بكل هؤلاء المحاصرين؟! فإذا كان أهل غزة اليوم يموتون جوعاً، وأبواب مصر مغلقة في وجوههم، ويُمنع عنهم الغذاء والدواء، والأنظمة تدير ظهرها، فإن ذمة الله قد برئت من هذه الأنظمة ومن يتواطأ معها أو يسكت عنها، ومن يبرر ذلك يشارك في الخيانة ويبرئ نفسه من ذمة الله.

 

إن الواجب اليوم أن يتحرك أهل مصر، وخاصّة المخلصين في جيشها، للوقوف في وجه هذه السياسة الإجرامية، ونصرة إخوانهم في غزة، وإزالة الأنظمة التي تشارك في قتلهم، وتعمل لحساب أعداء الأمة.

 

فيا أهل مصر، يا أهل الكنانة: اعلموا أن الله سائلكم عن غزة، وسائلكم عن حدودكم المغلقة في وجه الجائعين، وعن نيران تطلق على الأطفال إن اقتربوا، وعن شراكتكم، بصمتكم، في الحصار والتجويع. فتحركوا، وقولوا كلمتكم، واهتفوا في وجه هذا النظام لينعتق من تبعيته المقيتة لأمريكا: "ارفعوا الحصار.. حرّروا فلسطين.. أقيموا الخلافة".

 

إن غزة اليوم لا تحتاج إلى بيانات التعاطف ولا إلى قوافل الإغاثة وحدها، بل تحتاج إلى جيوش تتحرك، وسيوف تُستل، وأنظمة تُسقط، وأمة تستيقظ.

 

﴿وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَٰذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيّاً وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيراً

 

كتبه للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

محمود الليثي

عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية مصر

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

 

أمريكا وغزة والحسابات الخفية

 

لم يكن الموقفُ الأمريكي الداعي إلى وقف القتال في غزة وليدَ إنسانيةٍ مفاجِئةٍ، ولا استيقاظَ إحساس طال سباته؛ بل كان ثمرةَ حساباتٍ دقيقةٍ تفرضها شبكةُ أزماتٍ معقَّدةٍ صنعتها أمريكا وغذَّتها عبر العقود.

 

أمريكا هي اللاعب الأبرز في إشعال الحروب وتجميدها؛ فهي التي تخلق بؤرَ التوتر كي تقتات على مآسي الشعوب. لم تتحرّك تجاه غزة بدافع الرحمة، بل لأنّها وجدت نفسها أمام تشابك بؤرٍ متعدّدة: حرب أوكرانيا التي تستنزفها وتستنزف أوروبا، صعودُ الصين الذي غدا هاجسها الاقتصادي الأكبر، وهشاشةُ القارة العجوز التي قد ينفرط عقدها إن طال الاستنزاف. وآخر هذه البؤر الملف النووي الإيراني، الذي تُمسكه واشنطن كورقة ضغطٍ على أوروبا؛ إذ لم يكن هذا الملف يوماً خلافاً تقنياً حول تخصيب اليورانيوم فحسب، بل ورقةً استراتيجيةً تُلوّح بها لتقيِّد حركة الأوروبيين وتجارتهم مع طهران، فتجعلهم أكثر تبعيّةً للسياسات الأمريكية.

 

ومع كلّ تصعيدٍ في غزة أو توترٍ في الخليج، تتضاعف مخاوفُ أوروبا من أن يقود الملف النووي إلى انفجارٍ إقليميٍّ يفاقم أزماتها الاقتصادية والأمنية. أمام هذه التعقيدات، لم يعد في وسع واشنطن أن تسمح لحرب غزة أن تمتدّ بلا نهاية؛ لأنها قد تشعل حريقاً يخرج عن السيطرة، خصوصاً مع غليان الشعوب المسلمة وغير المسلمة تجاه ما يقع على أهل غزة، ومع تخاذل حكّام الذلّ والعار. وهذا بدوره يفتح الباب أمام قوى منافِسةٍ مثل روسيا والصين لاستثمار الغضب الشعبي والفوضى الإقليمية.

 

هكذا جاء الموقف الأمريكي: ليس حبّاً في غزة ولا عدلاً لفلسطين، بل خشيةً من انهيار موازين القوى العالمية التي تحاول واشنطن الإمساك بخيوطها. فالأولوية عندها ليست دماء الأبرياء، بل تثبيت الزعامة في مواجهة الكبار - روسيا والصين - والضغط على أوروبا بورقة طهران النووية، ومنع القارة العجوز من الانفراط.

 

إن الحقيقة التي يغفل عنها كثيرون أن مصير غزة وأمّتنا بأسرها لا ينبغي أن يُترك رهينةً لمعادلات البيت الأبيض. إن واشنطن تنظر إلينا كقضيةٍ ثانوية في صراعها مع القوى الكبرى، بينما نحن أصحاب الأرض والقضية. واستعادة زمام المبادرة مرهونةٌ بوعي الأمّة وقوّة إرادتها في إيجاد موقعها الصحيح بين هذه القوى الغاشمة - موقع القيادة والريادة. نحن أمةٌ خلقها الله لننقذ البشرية، لا لنكون ملفاً في أروقة مجلس الأمن والأمم المضلِّلة! لقد آن الأوان أن نصوغ معادلتنا: نحن حيث نكون، بحيث تكون قضايانا محورَ الموازين لا هامشَها.

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

مؤنس حميد – ولاية العراق

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

 

كيف تكون النظرة المبدئية عند سماع قادة الغرب

 

تنتظر خطاب الرئيس الأمريكي ترامب، تنتظر خطاب رئيس وزراء يهود نتنياهو، تنتظر بفارغ الصبر ما سيقولون، البعض ينتظر لأنه يعلم يقينا أن مصائر الشعوب كلها تترتب بعد هذا الخطاب!

 

نعم في عالم مضطرب يموج بالأحداث، وتضجّ فيه الشاشات بخطابات الزعماء والرؤساء، يقف كثير من الناس مترقّبين، ينتظرون خطاب ترامب، يترقبون ما سيقوله نتنياهو، يصغون لتصريحات قادة الغرب، وكأن مصير الأمة مرهون بكلماتهم، ومستقبلها معلّق على جملٍ ينطقون بها، أو خطط يعلنونها!

 

والسؤال لماذا لا نتجه وبدرجة اليقين ذاتها لصاحب الخطاب الذي لا تنفك عراه حتى آخر الزمان، صاحب الخطاب الذي أعني هو صاحب القول الفصل وهو الله تعالى؟! ويا للعجب! كيف غفلنا عن خطاب الله؟! خطاب من لا يخلف الميعاد، ولا يتبدل قوله، ولا تخرّ أمامه الكلمات، خطاب الحق... الفصل... النور المبين؟!

 

إنّ الحقيقة الكبرى التي يجب أن نعود إليها هي أن أقدار البشر لا يصنعها البيت الأبيض، ولا يرسمها الكيان الغاصب، بل هي بيد الله سبحانه وتعالى، الذي قال وقوله الحق: ﴿قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاءُ وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاءُ﴾ فترامب حين يتحدث لا يتحدث ليغير مجرى التاريخ، بل يحاول أن يُنقذ ما تبقى من هيبة زائفة لدولة استعمارية أنهكها الإفلاس السياسي والأخلاقي، ويهود حين يُكثِرون من الخطابات، فهم إنما يصرخون من وجع الضربات، ولأنهم يرون نهايتهم تقترب.

 

أما نحن، أمة الإسلام، فعلينا أن نُحسن الإنصات لخطاب آخر؛ خطاب رب العالمين، الذي قال: ﴿سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ﴾، ولنتذكر قوله سبحانه: ﴿كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي﴾ وقال عز وجل: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ﴾، فهذه ليست شعارات، بل هي وعود ربانية، وعود من لا يُخلف الميعاد.

 

نعم، الطريق ليس سهلاً، والله سبحانه قد أخبرنا: ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ﴾ وقال تعالى: ﴿إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ﴾ فلماذا نجزع؟ ولماذا ننتظر من عدوّنا حلاً لأزمتنا؟!

 

ترامب لا يتحرك اليوم لأنه قوي، بل لأنه غارق، ولأنه يعلم أن الغلبة لم تعد له، وأن ما لم يأخذه بالحرب والتآمر، سيحاول أن يأخذه عبر خطة خبيثة سياسية، فيها الكثير من الخداع، والكثير من الحبال الممتدة لأدواته في بلادنا من الحكام الخونة والمنافقين.

 

لكننا نقول له، ولكل من وراءه: لن تُخدع غزة، ولن تُركع غزة، ولن تمرّ مخططاتكم ما دامت الأمة تحيا وفيها رجال كأهل غزة، وفيها من يعملون لإقامة الخلافة الراشدة التي تُعيد لهذه الأمة وحدتها، وسلطانها، وكرامتها.

 

وإلى أهلنا في غزة: الصبر، الصبر، فما النصر إلا صبر ساعة، والله ناصركم، وقد وعدكم ووعده الحق، والعاقبة للمتقين.

 

وإلى أبناء أمة الإسلام المخلصين الواعين: أفيقوا، واشحنوا الأمة بخطاب الله لا بخطابات الساسة، ولا تتركوا الناس تتيه في دوامة التحليلات والمناورات، بل أعيدوهم إلى المنبع الصافي، إلى الوعد الحق، إلى المشروع العظيم الذي يليق بأمة محمد ﷺ؛ الخلافة الراشدة على منهاج النبوة.

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

عبد المحمود العامري – ولاية اليمن

رابط هذا التعليق
شارك

المكتب الإعــلامي
ولاية السودان

بيان صحفي

 

متى نوقف تدخلات الغرب الكافر ومنظماته الاستعمارية في حياتنا، ونيمم وجهنا شطر الواحد الديان؟

 

برعاية منظمة بروميديشن الفرنسية، أقامت أحزاب سودانية ورشة في بورتسودان، كما جاء في موقع سودان تريبيون بتاريخ 5/10/2025م: (قال المتحدث باسم الكتلة الديمقراطية محمد زكريا، إن الورشة "تناقش كيفية عقد الحوار السوداني-السوداني، وأطرافه، ومكان انعقاده، ودور الوساطة، وقضايا التمويل".. وأوضح أن الورشة تعقبها مراحل أخرى بهدف الوصول إلى توافق بين أكبر قدر من القوى السياسية في البلاد، لتحقيق الاستقرار، والابتعاد عن الصراعات، والتجاذبات السلبية).

 

إننا في حزب التحرير/ ولاية السودان، وإزاء هذا الواقع نوضح الحقائق الآتية:

 

أولاً: إن الإسلام قد حسم قضية مصدر المعالجات لمشكلات الحياة حسماً قاطعاً، فجعل السيادة للشرع وحده، فلا يجوز للمسلم أن يأخذ معالجة لأي مشكلة من مشاكل الحياة إلا من الشرع، بل جعل ذلك صنو الإيمان، قال سبحانه وتعالى: ﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً﴾؛ لذلك فإن مصدر المعالجات محصور في الإسلام، وليس أهواء الساسة المتهافتين على كراسي الحكم.

 

ثانياً: أوجب الإسلام على المسلمين عند حصول نزاع في أي أمر، أن يردوه إلى كتاب الله تعالى وسنة رسوله ﷺ، لا إلى الدول الاستعمارية، ولا منظماتها الإجرامية، فإن رد الأمر إلى الإسلام هو من ثوابت الإيمان، قال تعالى: ﴿فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً﴾.

 

ثالثاً: إن الارتهان إلى الدول الاستعمارية الكافرة الحاقدة على الإسلام والمسلمين، من مثل فرنسا وأمريكا وبريطانيا وروسيا، والاعتماد على تدخلات منظماتها الإجرامية، من مثل بروميديشن، ومعهد السلام الأمريكي، وتشاتام هاوس، وغيرها، هو انتحار سياسي، وخيانة للأمة، يقول سبحانه وتعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ﴾.

 

رابعاً: إن الشرع الإسلامي قد جعل العلاقة بالدول الأجنبية، ومنظماتها محصورة بالدولة، ومنع أي فرد أو جماعة، أن تكون لهم علاقة بدولة أجنبية، أو بأي منظمة أجنبية مطلقا، ففي ذلك خطر عظيم على كيان الدولة والأمة.

 

خامساً: إن الإسلام غني بأحكامه ومعالجاته لكل مشاكل الحياة، إذ إن السياسة في الإسلام هي رعاية شؤون الناس، داخلياً وخارجياً، وتباشرها الدولة عمليا، وهي أرقى الأعمال، بل هي عمل الأنبياء، كما وصفها النبي ﷺ حين قالَ: «كَانَتْ بَنُو إسْرَائِيلَ تَسُوسُهُمُ الأنْبِيَاءُ، كُلَّما هَلَكَ نَبِيٌّ خَلَفَهُ نَبِيٌّ، وإنَّه لا نَبِيَّ بَعْدِي، وَسَتَكُونُ خُلَفَاءُ فَتَكْثُرُ»، قالوا: فَما تَأْمُرُنَا؟ قالَ: «فُوا ببَيْعَةِ الأوَّلِ، فَالأوَّلِ، وَأَعْطُوهُمْ حَقَّهُمْ، فإنَّ اللَّهَ سَائِلُهُمْ عَمَّا اسْتَرْعَاهُمْ» أخرجه مسلم.

 

ختاماً: فإن الأمة اليوم تحتاج إلى نظام الإسلام؛ الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، التي تقيم الدين، وتطبق الشرع، وتجتث نفوذ الغرب الكافر المستعمر من بلادنا، وتلاحق أهل الريب من المتخابرين مع سفارات الغرب ومنظماته، وتخلص الحياة للواحد الديان. ولمثل هذا فليعمل العاملون، يقول سبحانه وتعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ﴾.

 

إبراهيم عثمان (أبو خليل)

الناطق الرسمي لحزب التحرير في ولاية السودان

رابط هذا التعليق
شارك

المكتب الإعــلامي
المركزي

بيان صحفي

دُموع الفرح على أعداء الله

والهزيمة واليأس على المسلمين في قبرص!

(مترجم)

 

 

في نيسان/أبريل الماضي، أصدر مجلس وزراء شمال قبرص مرسوماً حكومياً يسمحُ للفتيات بارتداء الخمار الإسلامي في المدارس الثانوية. إلاّ أنّ نقابة معلمي التعليم الثانوي القبرصي التركي بدأت إضرابات، ورفضت تدريس الأطفال الذين وصلوا إلى المدرسة وهم يرتدون ملابس شرعية، ولجأت أخيراً إلى المحكمة العليا. في الأسبوع الماضي، نهاية أيلول/سبتمبر، ألغت المحكمة العليا في شمال قبرص المرسوم الحكومي، وقضت بعدم دستوريته. واحتفل قادة نقابة المعلمين، الذين طالبوا بإلغاء المرسوم، بعودة حظر الخمار باعتباره "انتصاراً للعلمانية" بدموع الفرح. في غضون ذلك، أعلنت الحكومة أنها ستبدأ فوراً "العمل على قانون جديد".

 

أيها المسلمون القبارصة: هل يُمكن لبرلمان ديمقراطي علماني، يُشيد بالخمور، ويُشرّع الزنا والقمار، بل ويُروّج لها كمصدر دخل للبلاد، أن يعتبر حماية أرواح المسلمين وثرواتهم وكرامتهم واجبه الأساسي؟ إنّ قواعد اللباس الإسلامي للنساء والفتيات المسلمات حكمٌ لا جدال فيه، وهو أمرٌ من الله سبحانه وتعالى. وخلافاً لما طرحته المحكمة العليا وساستكم، فإنّ هذه ليست مسألة حريّة، ولا مساواة، ولا مسألة نزاهة، فالمسلمون ملزمون بأحكام الله فقط.

 

وكما ألغت المحكمة العليا في هذا النظام الديمقراطي العلماني القرار الحكومي الصّادر عن مجلس الوزراء برفع حظر الخمار، فإنها ستُصدر غداً حظراً جديداً بحجج واهية وتلاعب بالألفاظ.

 

لذا، فبدل انتظار رفع وزرائكم الحظر المفروض على خمار بناتكم في برلمان ديمقراطي، عليكم مطالبتهم بالحكم وفقاً لأحكام الله سبحانه وتعالى. ولكي يتمكنوا من ذلك، عليكم دعوتهم للقيام بالعمل اللازم للوحدة مع الأمة الإسلامية، وللاتحاد مع البلاد الإسلامية، ورفض جميع الأنظمة والقوانين غير الإسلامية. إن دولة الخلافة هي وحدها التي ستوحّد قلوب وأموال وجيوش المسلمين جميعا على كتاب الله ومنهاج رسوله ﷺ، فتحميكم من أي هجوم أو إذلال أو ظلم من الكفار! وستفعل ذلك فوراً، دون قيد أو شرط، ودون تردّد، بحشد كل الوسائل المتاحة.

 

يا مُسلمي العالم: لا تتركوا إخوانكم وأخواتكم المسلمين في قبرص وحدهم! لكي لا يكرّر الكفار جرائمهم ضدّهم مرةً أخرى، ولكي لا تصبح غزة ثانية. استعيذوا بالله سبحانه وتعالى وبرزقه! وادعوا إلى الدولة التي لا تتخذ من الغرب الاستعماري سنداً لها، بل تقوى الله، والتي يكون وجودها حيوياً لوجودكم. ادعوا للخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة! هناك ينتظركم وعد الله سبحانه وتعالى وبشرى رسوله ﷺ بتحريركم وتحرير قبرص وتحرير فلسطين!

 

﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ

 

 

القسم النسائي

في المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

 

غزة: الابتلاء والواجب والمسؤولية الشرعية

 

ما يجري في غزة ليس مجرد حرب أو عدوان عابر، وليس مشهداً مأساوياً يُنسى بانتهاء نشرات الأخبار، بل هو ابتلاء إلهي واختبار شرعي لكل مسلم في مشارق الأرض ومغاربها، ليرى الله منا ما نحن فاعلون، وعلى أي درب سائرون.

 

غزة ليست وحدها في الميدان، فكل جرح في جسد طفل من أطفالها، وكل صرخة أم ثكلى، وكل بيت مهدوم، وكل مسجد دُمّر، وكل دمعة يتيم، كل هذا يضعنا أمام مسؤولية عظيمة أمام الله عز وجل. إنها مسؤولية النصرة الحقة، لا التعاطف العابر، ولا الدعاء فقط، بل نصرة تقتلع جذور الظلم وتعيد سلطان الإسلام إلى موضعه الطبيعي. قال الله تعالى: ﴿وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ﴾، فالآية واضحة: إن كان الاستنصار في الدين، فإن واجب النصرة لا يسقط ولا يؤجل. وقد استنصَرنا أهل غزة في الدين، فهل سمعنا وأجبنا؟

 

فما نراه من خذلان حكام المسلمين ليس بالأمر الجديد، فهم ذاتهم من خذل العراق والشام والبوسنة وأفغانستان وكشمير وتركستان الشرقية وأفريقيا الوسطى...الخ، واليوم يواصلون خيانتهم لغزة. إنهم يمتلكون الجيوش والسلاح، لكنهم يربطونها بأوامر أمريكا وتوجيهات العواصم الغربية. يقيمون القمم والمؤتمرات والنداءات الكاذبة، لكنهم يغلقون الحدود في وجه الجرحى، ويمنعون حتى الأنفاس عن أهل غزة.

 

نعم أيها الإخوة لا حل حقيقياً إلا باقتلاع هؤلاء الحكام الخونة، خلعاً لا مساومة فيه، فهم العقبة الكبرى أمام تحرك الجيوش. والتحرك الحقيقي يبدأ بإعادة الأمة إلى مشروعها الحق، بإقامة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة التي توحّدها وتعيد تعبئة الجيوش لتحرير فلسطين وسائر بلاد المسلمين المحتلة.

 

إن تأخير العمل لهذا الفرض العظيم يعني المزيد من الدماء والانتهاكات والخذلان. فالأمة قادرة، والجيوش موجودة، والعقيدة حية، وما ينقصنا هو الإرادة المرتبطة بأمر الله، والعمل السياسي المبدئي لاستئناف الحياة الإسلامية.

 

نعم لا زوال لكيان يهود إلا بزحف جيوش الأمة لنصرة الدين، وتحرير بيت المقدس تحت راية العقاب، راية لا إله إلا الله محمد رسول الله، في ظل الخلافة الراشدة على منهاج النبوة. وليس هذا حلماً ولا أمنية، بل هو فرض شرعي قطعي، وبشارة نبوية مؤكدة، فقد قال رسول الله ﷺ: «ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةً عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ»، وسيعود بيت المقدس عقر دار الإسلام.

 

أيها المسلمون، كل يوم نتأخر فيه عن هذا العمل هو يوم نحمل فيه وزر الدماء والخذلان، وزر التقصير في نصرة الدين والمستضعفين، قال تعالى: ﴿وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُولُونَ﴾، وسنُسأل عن سكوتنا، وعن تضييعنا للأمانة، وعن تركنا العمل لإقامة سلطان الإسلام، وعن عجزنا عن خلع حكام باعوا الدين وسلموا البلاد والعباد لأعداء الله.

 

لا عذر بعد اليوم؛ فكل واحد منا مسؤول بالقدر الذي علم الله أنه قادر عليه، فالعمل العمل قبل فوات الأوان، وقبل أن يأتي يوم لا ينفع فيه الندم، ولا يُقبل فيه العذر، يوم يقال: أين كنتم؟ وماذا عملتم؟!

 

اللهم استعملنا ولا تستبدلنا، اللهم إنا نبرأ إليك من خيانة الخائنين وصمت الخانعين، ومن تآمر العملاء والمجرمين، وزلزل اللهم عروش الطغاة، واستعملنا لإقامة الخلافة الراشدة التي تنصر المستضعفين، وتحكم بشرعك، وتعيد للقدس مكانتها عاصمة للإسلام والمسلمين. ونسألك أن تكتب لنا شرف العمل لإعلاء كلمتك، ونصرة دينك، وإقامة حكمك، وتحقيق وعدك؛ ﴿وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ﴾.

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

رمزي راجح – ولاية اليمن

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

 

حزب التحرير ومشروع الخلافة الراشدة: بديل حضاري متكامل

 

في ظل الأزمات المتلاحقة التي تعصف بالعالم، وانكشاف عجز الأنظمة الوضعية عن معالجة مشكلات الإنسان معالجة حقيقية، برزت الحاجة الماسّة إلى مشروع حضاري شامل يعيد للإنسان توازنه، وللأمة الإسلامية مكانتها، ويقدّم للعالم نموذجاً راشداً في الحكم والرعاية والعدالة. وفي هذا السياق يقدم حزب التحرير مشروعاً سياسياً متكاملاً يتمثل في إقامة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، بوصفها الدولة التي تطبّق الإسلام تطبيقاً شاملاً، وتحمل رسالته إلى العالم.

 

هذا المشروع ليس مجرّد شعارات عامة أو نداءات عاطفية غامضة، بل هو بناء فكري مؤسّس على العقيدة الإسلامية، ومنظومة تشريعية وسياسية واقتصادية وإدارية وتعليمية متكاملة، صاغها الحزب في صورة دستور مفصّل من 191 مادة، وأنظمة فرعية تشمل كل مناحي الحياة، ما يجعل المشروع مؤهّلاً للقيادة الفعلية وتقديم بديل حضاري حقيقي.

 

أولاً: الأساس الفكري للمشروع

 

ينطلق حزب التحرير من العقيدة الإسلامية باعتبارها الأساس الذي تُبنى عليه الدولة والمجتمع والحضارة. فالعقيدة الإسلامية ليست شعوراً دينياً أو عبادة فردية فحسب، بل هي قاعدة فكرية تُبنى عليها مفاهيم الحياة، ومنها تنبثق أو تُشتق الأحكام الشرعية التي تنظّم جميع شؤون الناس. ولذلك يرفض الحزب أي محاولة لفصل الدين عن الحياة، أو التوفيق بين الإسلام والأنظمة الوضعية الرأسمالية أو الاشتراكية، ويرى أن الحضارة الإسلامية متميزة عن الحضارة الغربية، من حيث الأساس الفكري، والنظرة إلى الإنسان، وطبيعة النظام الاجتماعي والسياسي.

 

ثانياً: شكل الدولة ونظام الحكم

 

يطرح حزب التحرير نموذج الدولة الإسلامية في صورة دولة واحدة؛ خلافة على منهاج النبوة، توحّد المسلمين تحت راية الإسلام، وتزيل الحدود المصطنعة التي فرضها الغرب بين بلادهم. وشكل هذه الدولة متميز عن الأنظمة الملكية والجمهورية والديمقراطية، فهو لا يقوم على الوراثة، ولا على حكم الأحزاب، ولا على فصل السلطات، بل يقوم على نظام الخلافة الذي حدّدته النصوص الشرعية، فليس في الإسلام سيادة لفرد ولا لحزب ولا عائلة فوق سيادة الشرع، الذي أعطى السلطان للأمة وجعل لها أن تنيب عنها من يطبق الإسلام عليها وهو الخليفة.

 

رأس الدولة هو الخليفة، يُبايع من الأمة على السمع والطاعة في تطبيق الشرع، وتكون سلطته مقيدة بالأحكام الشرعية لا بأهواء الناس أو أغلبيتهم. أما التشريع فمصدره الوحيد هو الكتاب والسنة وما أرشدا إليه من إجماع الصحابة والقياس الشرعي، فلا مجال للقوانين الوضعية، ولا لمجالس تشريعية تضع أحكاماً من عندها. والسلطة التنفيذية تتمثل في الخليفة ومعاونيه والولاة والقضاة، مع وجود مجلس للأمة لمحاسبة الحكّام على أساس الشرع.

 

ثالثاً: القضاء والعدالة

 

يقوم النظام القضائي في دولة الخلافة على تطبيق الأحكام الشرعية في جميع النزاعات، دون تمييز بين حاكم ومحكوم. وقد خصّص حزب التحرير في مشروعه نظاماً دقيقاً للقضاء يشمل قضاء المظالم، الذي يراقب الحكّام ويحاسبهم على أي ظلم أو تعدٍّ على حقوق الناس. فلا حصانة لأحد أمام القضاء، والخليفة نفسه يُحاسَب، بخلاف الأنظمة القائمة التي تُحصّن الحاكم وتجعله فوق القانون، بل وتمكنه من صياغة القوانين حسب ما يرغب ويهوى وما يحصنه وقراراته ومن يريد ولو سرق ونهب أموال الناس بالباطل وهو بعض مما نعانيه من حكام زماننا!

 

رابعاً: النظام الاقتصادي الإسلامي

 

من أبرز ما يميز مشروع حزب التحرير أنه يقدم نظاماً اقتصادياً متكاملاً، لا إصلاحات جزئية كما تفعل الحركات الإصلاحية، ولا انخراطاً في المنظومة الرأسمالية كما تفعل الأنظمة الحاكمة. فيقوم النظام الاقتصادي الإسلامي على معالجة المشكلة الاقتصادية معالجة شرعية، من خلال توزيع الثروات وضمان حق الانتفاع بها لجميع الناس، لا من خلال الإنتاج المجرد كما تفعل الرأسمالية.

 

يقسّم الإسلام الملكيات إلى ثلاثة أقسام: ملكية فردية، وملكية عامة، وملكية دولة. فالمصادر الكبرى للثروة مثل النفط والغاز والمعادن الكبرى هي ملكية عامة، لا يجوز تمليكها لأفراد أو لشركات خاصة أو أجنبية، والدولة تتولى إدارتها لمصلحة الأمة. كما يُحرَّم الربا تحريماً قاطعاً، وتُلغى الضرائب الجائرة، ويُعتمد على الزكاة والخراج والأنفال والعشور وغيرها من الموارد الشرعية لتمويل بيت المال. بهذا النظام، تُلغى التبعية الاقتصادية للمؤسسات المالية الدولية، وتُبنى اقتصاديات الأمة على أسس منضبطة بأحكام الشرع.

 

وإلى جانب ذلك، يقدم حزب التحرير نظاماً نقدياً متميزاً يقوم على الذهب والفضة أساساً للعملة، تطبيقاً لأحكام الشرع التي ربطت النقود بالذهب والفضة من حيث الزكاة والمهور والدّيات وسائر المعاملات. فالعملة في دولة الخلافة ستكون عملة حقيقية ذات غطاء ذهبي كامل، ما يمنحها قوة ذاتية تحميها من التضخم والتلاعب، بخلاف العملات الورقية المعاصرة التي لا تستند إلى قيمة حقيقية وتفقد قوتها الشرائية مع الزمن.

 

إن العودة إلى قاعدة الذهب والفضة تعني أن قيمة العملة لا يمكن طباعتها أو إصدارها بلا حدود، بل تُضبط بما تملكه الدولة من احتياطي حقيقي، وهو ما يحدّ من التضخم ويمنع تآكل مدخرات الناس، ويجعل الاقتصاد أكثر استقراراً وقدرة على الصمود أمام الكوارث والنكبات الاقتصادية. كما أن هذه القاعدة النقدية تمنح الدولة قدرة تفاوضية أقوى في العلاقات التجارية والمالية الدولية، وتفك ارتباط اقتصاد الأمة بهيمنة الدولار والنظام المالي العالمي الذي تسيطر عليه القوى الاستعمارية.

 

خامساً: التعليم والثقافة

 

في مشروع حزب التحرير، لا يُنظر إلى التعليم على أنه مجرد تأهيل مهني أو تخريج موظفين، بل هو وسيلة لتكوين الشخصية الإسلامية بعقليتها ونفسيتها. فالتعليم يهدف إلى غرس العقيدة الإسلامية وبناء التفكير المنهجي الشرعي، إلى جانب العلوم التجريبية التي تحتاجها الأمة للنهضة. كما يعتمد المشروع على مناهج موحدة تربط الأمة كلها ثقافياً وفكرياً، وتشيع الثقافة الإسلامية في المجتمع لإيجاد رأي عام واعٍ منبثق عن العقيدة.

 

سادساً: السياسة الداخلية والخارجية

 

في السياسة الداخلية، تقوم دولة الخلافة كما يعرضها حزب التحرير على إزالة القوميات والوطنيات، وتذويب الفوارق المصطنعة بين المسلمين، وتوحيدهم على أساس العقيدة الإسلامية. أما في السياسة الخارجية، فالهدف المركزي هو حمل الإسلام إلى العالم بالدعوة والجهاد، لا التبعية للقوى الدولية ولا الالتزام بمنظومة القانون الدولي التي صاغها الغرب لحماية نفوذه. فالدولة الإسلامية في هذا التصور ليست دولة انعزالية، بل دولة قيادة وريادة، كما كانت في عصورها الأولى.

 

سابعاً: جاهزية المشروع للتطبيق

 

ما يميز حزب التحرير عن غيره من الجماعات الإسلامية هو أنه لا يكتفي بالتنظير أو الدعوة العامة، بل قدّم مشروعاً عملياً جاهزاً:

 

  • دستور مفصل من 191 مادة مستنبطة من الأدلة الشرعية
  • أنظمة حكم واقتصاد وتعليم وإدارة وقضاء
  • تصور دقيق لكيفية الانتقال من واقع التجزئة والدول القُطرية إلى دولة الخلافة الواحدة
  • خطة سياسية تعتمد على الأمة وجيوشها لإقامة الدولة، بعيداً عن العمل المسلح العشوائي
  •  

 

إن مشروع حزب التحرير لإقامة الخلافة الراشدة ليس مجرد رؤية نظرية، بل هو مشروع حضاري متكامل يستند إلى الوحي، ويقدّم للإنسانية بديلاً عن الحضارة المادية الغربية التي أثبتت فشلها في تحقيق السعادة والاستقرار. وهو في الوقت ذاته مشروع عملي جاهز للتطبيق، إذا ما وُجدت الإرادة السياسية لدى الأمة، وتحرّكت طاقاتها وجيوشها لإقامته.

 

فما يقدمه حزب التحرير ليس مجرد حنين إلى الماضي، بل هو استئناف عملي للحياة الإسلامية وبناء دولة قوية متميزة قادرة على مواجهة تحديات العصر، تقدم نموذجاً حضارياً يعالج مشكلات الإنسانية من منطلق رباني. وفي وقت تتهاوى فيه المنظومات الوضعية وتفقد الرأسمالية بريقها، تبرز دولة الخلافة القادمة كمشروع نهضة حقيقي، يعيد للأمة وحدتها وكرامتها، وللعالم عدله ورحمته.

 

وإن هذا المشروع العظيم لن يتحقق إلا بتضافر جهود الأمة جميعاً، وفي طليعتها المخلصون من أبنائها في الجيوش. فأنتم أيها الضباط والجنود، لستم أدوات بيد أنظمةٍ مرتبطةٍ بالمستعمر، بل أنتم أبناء هذه الأمة، من صلبها ولحمها ودمها، وقد حمّلكم الله أمانة عظيمة ومسؤولية جسيمة.

 

إن الأمة اليوم تناديكم، تستنصركم كما نصر الأنصارُ رسولَ الله ﷺ، لتكونوا السند والدرع الحامي لمشروع استئناف الحياة الإسلامية، فتمنعوا به الظلم، وتنصروا به العاملين المخلصين لإقامة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، فيكون لكم شرف عظيم في الدنيا ومقام كريم في الآخرة.

 

فاللحظة التاريخية تقترب، والمنظومات القائمة تتهاوى، والأمة على أعتاب تحوّل مصيري. فانحيازكم لأمتكم ولدينكم اليوم هو الفارق بين ذلٍّ يطول، وعزٍّ يعود، وبين واقع مرير، ومستقبل مشرق يسطع فيه نور الإسلام من جديد.

 

اللهم أعد لنا دولة الإسلام وسلطانه وشرعه لنستظل بظلها من جديد؛ خلافة راشدة على منهاج النبوة.

 

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ

 

كتبه للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

سعيد فضل

عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية مصر

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

 

لا مواثيق مع يهود... والمفاوضات خيانة والتقاعس استسلام

 

في زمن باتت فيه الخيانة تُسوّق باسم "السلام"، والركوع يُسمى "حلولاً سياسية"، والارتهان للعدو يُقدَّم على أنه "مصلحة وطنية"، تُطرح على أمتنا مواثيق واتفاقيات يدّعون أنها ستحقن الدماء وتنهي الصراعات. وفي حقيقة الأمر، هي ليست إلا حبالاً من خديعة، ومدخلاً للاستسلام الكامل ليهود الغاصبين.

 

ولأننا مسلمون وجب علينا أن نحتكم للوحي لا إلى مؤتمرات الغرب، ونزن المواقف بميزان الإسلام لا بمواثيق هيئة الأمم، وكوننا حملة دعوة نعمل لإقامة دولة الإسلام (الخلافة) فإننا نُحذر الأمة وأهل القوة والمنعة فيها من السقوط في فخاخ هذه المواثيق الزائفة، التي لا تعدو كونها أدوات لخيانة الأمة وتأمين وجود يهود في الأرض المباركة فلسطين، بل وتثبيت الهيمنة الغربية على سائر بلاد المسلمين.

 

نعم إن البلاد الإسلامية اليوم، وبخاصة اليمن وفلسطين وسوريا ولبنان والعراق، تُستهدف استهدافاً شاملاً، سياسياً وعسكرياً وفكرياً واقتصادياً، من أعداء الأمة وعلى رأسهم أمريكا وبريطانيا وربيبهم كيان يهود، وأذنابهم الحكام الخونة.

 

وها هم اليوم يُعيدون طرح ما يُسمى بـ"مواثيق سلام" و"اتفاقيات تهدئة" أو "خطة ترامب" بين فصائل المقاومة وكيان يهود، أو بالأصح بين فصائل الأمة والأنظمة القائمة، بحجة وقف القتال وحقن الدماء وتخفيف المعاناة.

 

إن وعينا على الإسلام وأفكاره ووعينا السياسي وكوننا حملة دعوة في حزب التحرير الرائد الذي لا يكذب أهله نقولها بوضوح لا لبس فيه: إن كل ميثاق يُوقَّع مع يهود أو يُدار تحت رعاية الغرب الكافر، هو خيانة لله ورسوله ولدماء الشهداء وتضحيات الأمة، وهو حبل استسلام ناعم يُغلفونه بورق السياسة.

 

نعم إن التاريخ والواقع يشهدان ما من عهدٍ قُطع مع يهود إلا نقضوه، وما من وثيقة أممية إلا كانت أداةً لشرعنة الاحتلال، وما من حل سياسي طُرح إلا وكان تثبيتاً للهيمنة وتمييعاً للقضية.

 

لقد نقض يهود المواثيق مع النبي ﷺ ودبروا له المكائد، وأثاروا الفتن بين المسلمين، ولا يزالون على هذا النهج إلى اليوم، بل هم أشد خيانة وكذباً وغدراً مما مضى بسبب عدم وجود راعٍ للمسلمين، فالمسلمون اليوم متفرقون شذر مذر.

 

فمن يوقّع معهم اليوم، ومن يثق بمواثيقهم، أو يُعوِّل على وساطات أمريكا وقرارات مجلس الأمن، فهو كمن يُسلم نفسه إلى جلاده، ويُسلم الأرض والعرض لمغتصبه.

 

والمصيبة الأكبر أن هذه الوثائق تُقدَّم كبدائل عن الجهاد، وتُروَّج على أنها "مرحلة انتقالية"، بينما هي مقبرة للمجاهدين، وشرعنه للاحتلال، ووأد لكل تحرك نحو التحرير وما لم يستطع العدو أن يأخذه بالحرب سوف يأخذه بالحيلة والمكر مع تواطؤ الخونة والعملاء.

 

بل الأخطر من ذلك أن هذه المواثيق أصبحت وسيلة لإقناع الأمة بقبول الواقع المهين، وشغلها عن فريضة الإعداد لتحرير الأرض وإقامة الخلافة الراشدة التي توحد الأمة وتحكم بالإسلام وتقطع دابر يهود من فلسطين.

 

وكما نؤكد من قلب محروق بل من قلوب محروقة إلى إخوتنا الصامدين في غزة هاشم، إلى الرجال الذين وقفوا في وجه الطغيان، إلى النساء اللاتي أنجبن رجالاً كالصخر، إلى الأطفال الذين وُلدوا تحت القصف وما لانوا، إلى المجاهدين المرابطين على الثغور، نقولها لكم من قلوب مؤمنة بوعد الله عز وجل: اصمدوا واثبتوا، فإن الغلبة لكم، وإن الله معكم، وإنكم ترون وتشمّون عبق الشهداء، وتلمسون بأيديكم أن دماءهم لا تسيل عبثاً، بل يفوح منها المسك، وتبشّر بالنصر القادم. فاصبروا، ولا تركنوا، ولا تقبلوا خيانة من خانوكم. اعلموا أن حكام دول الجوار ليسوا إلا أدوات لتنفيذ مشاريع أمريكا وكيان يهود، يريدون أن ينتزعوا منكم ما لم تستطع آلة الحرب اقتلاعه، يريدون أن يُطفئوا نور جهادكم، ويجعلوكم تسيرون خلف مواثيق باطلة وعهود مزيفة. فلا تنخدعوا بما يُلقى إليكم من أوراق التفاوض، فإنها ليست إلا قيوداً لتكبيل عزيمتكم، وكسر شوكتكم. فكل مواثيقهم وعهودهم كذب وخداع، وقد علّمنا التاريخ والقرآن أن اليهود لا يحفظون عهداً، ولا يصونون ميثاقاً، ولا يثبتون على كلمة.

 

فمن يركن إليهم، فقد باع دينه، وضيّع دمه، وسلم رايته إلى العدو. فلا تميلوا إلى التراخي والتقاعس، فإن في ذلك استسلاماً بطيئاً وعدوكم لا ينام، بل يُعِدّ لكم أشد المكائد في الليل والنهار، يُخطط لاقتلاعكم، وإخماد نار جهادكم، وطمس إنجازاتكم. لا تنخدعوا بخطابات الكذب ولا بحضور الوسطاء، لا تصغوا لمن يدعوكم للتنازل ولا تمدوا أيديكم إلى قتلتكم، فلا خير في الخنزير نتنياهو، ولا في الخنزير ترامب، لا خير في من قاد جيوش الكفر إلى بلادكم، وموّل حرب إبادتكم، وسكت عن دمائكم، بل زادها حطباً.

 

نعم لقد تبيّن لنا جميعاً من خلال هذه الحرب أن العدو لم يكن يوماً يبحث عن سلام، بل عن استسلام، وأن الأنظمة من حولكم لم تكن يوماً حليفة لكم، بل هي حليفة للقاتل ضد الضحية.

 

كما نؤكد أن كل تقاعس وكل سكوت عن العمل لإقامة دولة الإسلام، هو استسلام ناعم، وهزيمة صامتة، وتفريط في أمر عظيم حمّله الله هذه الأمة.

 

أيها المسلمون: إنكم اليوم أمام طريقين لا ثالث لهما: إما أن تسلكوا طريق رسول الله ﷺ، فتنبذوا مواثيق الكفر، وتوحدوا صفكم، وتعملوا لإقامة الخلافة التي تقود الأمة للجهاد والتحرير، أو تسلكوا طريق الحكام العملاء، والأنظمة التابعة، وتنتظروا المزيد من الانبطاح، والمزيد من النزف والذل والهوان.

 

لا مواثيق مع يهود، لا حلول مع الاحتلال، لا شرعية إلا بشرع الله، ولا طريق للتحرير إلا بالخلافة والجهاد وحينها فقط، ستعود فلسطين، وستُقتلع الأنظمة، وسيُطهَّر المسجد الأقصى، وتعلو راية لا إله إلا الله محمد رسول الله. ﴿وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ﴾، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

حسام الإدريسي – ولاية اليمن

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

 

القتال بين باكستان وأفغانستان مأساة لا حل لها إلا بالإسلام

 

لقد شعر المسلمون بالصدمة والحزن عندما سمعوا عن هجوم القوات المسلحة الباكستانية على كابول. وبغض النظر عن الروايات والتبريرات من الجانبين، فمن المأساوي أن يقاتل المسلمون بعضهم بعضاً، في وقت يحتل فيه الهندوس كشمير ويهود فلسطين، الأرض المباركة.

 

فلنسأل أنفسنا جميعاً، بغض النظر عن الأصنام الزائفة من القومية والقبلية، ما الذي يرضي الله تعالى في هذه الحالة، وبالتالي يرضي جميع المسلمين؟

 

أولاً: غَمْدُ أي سيف يُرفع في وجه المسلمين، وإعلانُ ذلك صراحةً وبوضوح، مع إعلان الجهاد في سبيل الله لتحرير كشمير وفلسطين. قال رسول الله ﷺ: «قَتْلُ الْمُؤْمِنِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ زَوَالِ الدُّنْيَا». رواه النسائي. الإسلام وحده هو الذي وحَّد قبائل الأوس والخزرج المتحاربة، فأصبحوا الأنصار الذين نصروا الإسلام. ولا شرف أعظم للضباط والجنود والمجاهدين اليوم، سواء في باكستان أو أفغانستان أو في أي مكان آخر، من هذا الشرف.

 

ثانياً: قَطْعُ جميع التحالفات مع الدول الكافرة المتحاربة، سواء الهند أو أمريكا، مع إعلان الخلافة الراشدة لتوحيد البلاد الإسلامية بأكملها، بدءاً من باكستان وأفغانستان، وصولاً إلى بقية بلاد المسلمين. قال الله تعالى: ﴿الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِندَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً﴾. إن أمة قوامها ملياران، بعون الله تعالى، تستطيع أن تنتصر على أي ظالم.

 

ثالثاً: إعلانُ أن جميع شؤون المسلمين، والمظالم والمطالبات بالتعويضات الماضية والحاضرة، ستُحَلُّ بموجب شريعة الله تعالى، كما يطبقها الخليفة. قال الله تعالى: ﴿فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ﴾. إن إحالة شؤوننا إلى القانون الغربي العلماني الليبرالي هو سبب نزاعاتنا وجراحنا، وليس الحل، كما أكدت المائة عام الماضية.

 

رابعاً: مُحَاسبة كل الخونة الذين جلبوا الخراب للمنطقة بتحالفهم مع ترامب، تمهيداً لمحاكمتهم بتهمة الخيانة ومخالفة الشريعة. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ، حَدَّثَنَا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا هِلاَلُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إِذَا ضُيِّعَتِ الأَمَانَةُ فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ». قِيلَ: كَيْفَ إِضَاعَتُهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «إِذَا أُسْنِدَ الأَمْرُ إِلَى غَيْرِ أَهْلِهِ، فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ». إن أبرز مجرمي عصرنا هم من يتحالفون مع الأعداء المعتدين، ويحكمون بشرعهم، فكيف يستحقون حكم أمة محمد ﷺ؟!

 

خامساً: قيادةُ العالم أجمع في حركة سياسية لتفكيك النظام العالمي الأمريكي الفاسد الذي أدى إلى حروب مستمرة قائمة على الاستعمار والقومية والقبلية لأكثر من قرن. الخلافة الراشدة هي التي ستؤسس نظاماً عالمياً جديداً قائماً على الدعوة إلى دين الحق، وبالجهاد لطرد الطغاة الظالمين الذين يقفون في طريقه. قال الله سبحانه وتعالى: ﴿كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ﴾.

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

مصعب عمير – ولاية باكستان

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

غزة تستصرخنا: حان الوقت لنهضة الأمة تحت راية واحدة

 

 

إن معركة غزة الشرسة، جعلت هذه الأرض التي تنزف كل يوم من دماء أهلنا، هي أيضاً مرآة للضعف والتفرق الذي أصابنا بوصفنا أمة. لم يعد بإمكاننا ممارسة الصمت ولا يسعنا الخوف من التحرك. بل أصبحت مسؤوليتنا أن ننهض فكراً وعملاً، أن نعود إلى مصدر قوتنا، العقيدة التي تجمعنا، الإسلام الذي يوحدنا، والراية التي يجب أن ترفرف فوق كل راية: لا إله إلا الله محمد رسول الله.

 

وإن الإنسان في طبيعته كائن فُطر على الإدراك والتأمل، على التسليم لما هو حق، والبحث عما يُنير روحه. هو كائن يتأثر بما حوله، بالكلمة والفعل، بالبيئة والنظام الذي يعيش فيه. وحين يُربّى في واقعٍ مقلوب، يعتاد الانحراف حتى يراه صواباً، ويغترب عن فطرته دون أن يشعر. وتتشكل ملامحه وفق ما يراه ويسمعه، حتى يصبح أسيراً لأفكار ليست منه، ولا تشبه ما خُلق عليه.

 

هذا الغزو الفكري لم يقتصر على الكلمات أو الأفكار، بل تغلغل في أعماق ثقافتنا عبر مناهج التعليم، ووسائل الإعلام، والاقتصاد. فعندما يُقَدم لنا تاريخ مشوّه وقِيَم غريبة في المدارس ووسائل الإعلام، يفقد الجيل الجديد ارتباطه بهويته، وتصبح الفطرة غير مرئية أمام معايير غربية غير أصيلة. لم يعد الانحراف عن المسار الشرعي مجرد خطأ، بل أصبح مقياساً يُقاس به ما هو صواب أو خطأ... وهكذا بدأ الانكسار.

 

فسادُ الواقع لم يأتِ من فراغ، بل من أنظمةٍ استوردناها من الغرب، حتى صرنا نحكم بعقول غيرنا، ونقيس الصواب بميزانٍ غريبٍ عنّا. نظامٌ غيّر المفاهيم، فصار الإيمان تخلّفاً، والعفّة عقدة، والحرية انفلاتاً، والانفتاح انحلالاً! كلّما حاولت الفطرة أن تصرخ، أسكتها ضجيج "الترند"، ووهج الإعلام، وزخرف العناوين التي تخفي خلفها خواءً روحياً مرعباً.

 

الغرب لم يشنّ حربه على الأمة بالسلاح فقط، بل بالفكر، والاقتصاد، والسينما، والتعليم، والإعلام. زرع فينا عقدة النقص، حتى ظنّ كثير منا أن العزة لا تكون إلا بالانتماء إليه. قسّم بلادنا، غيّر رموزنا، بدّل راياتنا التي كانت ترفع لا إله إلا الله محمد رسول الله، براياتٍ ممزوجةٍ بألوانٍ لا تمتّ لديننا بصلة. علّمونا أن ننتمي للحدود، لا للعقيدة، وأن نُقدّس الأناشيد أكثر من القرآن، وأن نغني للوطن ولا ننهض للأمة.

 

تحت هذا التزييف، أصبح المسلم يرى الحق غريباً في بلده. انشغل بلقمة العيش عن معنى الوجود، وتعب من الدفاع عن عقيدته في عالمٍ يراه متطرفاً لمجرد تمسكه بها. حتى إذا نظر إلى الغرب، رآهم رغم كفرهم يعيشون حياةً منظمةً هادئة، فظنّ أن سرّ السعادة في ما عندهم، لا في ما ضيّعه هو من بين يديه.

 

لكن الله لم يخلقنا لنكون أتباعاً، بل لنسود بالحق والعدل. وما فقدنا عزتنا إلا حين تركنا منهج نبينا ﷺ، ذلك المنهج الذي جمع بين العبادة والمعاملة، وبين مزج الروح بالعمل، إن الأمة التي تعرف أنها مستغفَلة، وستنهض لا محالة.

 

يكفي أن يُدرك الفرد أنه يعيش في وهم، ليبدأ التغيير. فكيف بأمةٍ بأكملها إذا أفاقت من غفلتها؟ كيف إذا اجتمعت تحت راية واحدة، تحمل في قلبها "لا إله إلا الله محمد رسول الله" وتوقن أن النصر بيد الله لا بيد الغرب؟ أما آنَ لنا أن نُعيد التأمل بين ما هو مطبق علينا من أنظمة غريبة وبين ما يملي علينا ديننا؟ أما آن أن نُحيي الإسلام كما أراده الله: عبادةً تُصلح القلب، وعدلاً يُصلح الأرض، وربطاً للمادة بالروح، وإنسانية كما أرادها الله؟

 

فهيا معاً لننهض بالفكر والوعي، ونعيد الفطرة، ونسير على نهج من كان نورهم لا يُطفأ، حتى تقيم الأمة خلافتها الراشدة، وترفع راية الحق فوق كل راية.

 

لكننا، ونحن نتحدث عن الفطرة والوعي والنهضة، لا يمكن أن نغضّ الطرف عمّا يجري منذ عقود في فلسطين عموما، وفي غزة خصوصا منذ عملية طوفان الأقصى. هناك، تُختبر عقيدتنا، ويُقاس صدق وعينا، فالأرض التي تنزف دماً كل يوم ليست قضية بعيدة عنا، بل مرآة لضعفنا وصمتنا وتفرّقنا.

 

غزة ليست مجرد صراع على الأرض؛ هي صراع على الهوية والتوحد. الأمة التي تفرّقت وأنهكتها الخلافات الداخلية، وجدت نفسها عاجزة أمام محاولات الغرب المستمرة لتفتيتها. ورغم ما تقدمه غزة من تضحيات، إلا أن غياب الرؤية الموحدة والعمل السياسي الجماعي يجعل نصرتها مجرد صرخات في الهواء! إذا كنا حقاً نريد التغيير، فإن الطريق يبدأ من استعادة وحدتنا الفكرية والسياسية تحت راية واحدة.

 

غزة اليوم تصرخ باسم كل قلبٍ مؤمنٍ بأن الأمة ما زالت حية، تنتظر من يُعيد لها صوتها تحت راية الحق. فإن كنّا نؤمن أن النهضة تبدأ من الوعي، فلتكن نصرة غزة أول اختبارٍ لوعينا، وأول خطوة في طريق أمةٍ تعرف أن النصر وعدٌ من الله لا يتخلف.

 

إن الطريق إلى النصر يبدأ بنهضة الأمة الفكرية والسياسية، ولتحقيق ذلك يجب علينا أن نعود إلى الإسلام في أبعاده الحقيقية؛ عقيدة، شريعة، وحكماً. وإن حزب التحرير اليوم يقود هذه الدعوة بكل إيمان وعزم، مسلطاً الضوء على السبيل الأمثل لاستئناف الحياة الإسلامية، وعودة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة. لن تنقلب موازين القوى لصالح الأمة إلا إذا عادت إلى عقيدتها، وتكاتفت صفوفها، ورفعت راية الإسلام عالية. إن دعوة الإسلام، متمثلة في حزب التحرير، تدعونا لنصرة هذا المشروع العظيم؛ مشروع الأمة التي لا تساوم على عقيدتها ولا تركن إلى غريب عنها. فلتكن غزة الحافز الأول لنا جميعاً، ولنجعلها بوابة التغيير التي يبدأ منها فجر النهضة. فارفعوا راية الحق، وكونوا جزءاً من الأمة الواعية المجاهدة، كما أمرنا الله سبحانه وتعالى.

 

قوموا إلى مشروع الخلافة الراشدة على منهاج النبوة الذي يعمل له حزب التحرير بجد وإخلاص. حينها فقط يصدق فينا وعد الله سبحانه وتعالى، فذلك هو السبيل الوحيد للنهضة بالأمة ورفع سطوة الكافر عنها، واستعادة حكم الإسلام، وتحقيق وعد الله عز وجل: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ﴾، قال تعالى: ﴿وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾.

 

 

كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

نسيبة الفلاحي (أم وعد) - ولاية اليمن

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

السودان بين الانهيار والتفكيك: قراءة في المشهد الراهن

 

 

في ظل تصاعد الأزمات المتلاحقة في السودان؛ من انهيار البنية الصحية إلى تفاقم النزاعات المسلحة، يلوح في الأفق مشهد أكثر قتامة، تُرسم ملامحه في غرف السياسة الدولية وتُنفذ أدواته محلياً. لكن الحقيقة أن ما يحدث هو تنفيذ ممنهج لمخطط استعماري يهدف إلى تفكيك السودان، ونهب ثرواته، وإبعاده عن مشروع الإسلام السياسي، في إطار إعادة تشكيل المنطقة بما يخدم مصالح القوى الغربية.

 

الانهيار الصحي ليس مجرد نتيجة للإهمال، بل هو سياسة متعمدة لإضعاف قدرة أهل السودان على المقاومة. فالمستشفيات تُقصف، والمساعدات تُسيّس، والأوبئة تُترك لتنتشر وتفتك بالملايين، في ظل غياب تام لأي خطة أو رؤية مستقلة. وأزمة سد النهضة تُدار بطريقة تضمن بقاء السودان رهينة لمصالح يهود بإشراف أمريكي مباشر، دون اعتبار لسيادة البلاد أو أمنها المائي. أما الحروب الداخلية، فهي تُغذى بالسلاح والتمويل، وتُدار عبر وكلاء محليين، بهدف إنهاك الجيش وتفكيك النسيج المجتمعي، بما يفتح الباب أمام التدخل الدولي تحت ذرائع إنسانية.

 

السودان اليوم لا يُدار من مركز سيادي، بل من مراكز نفوذ متصارعة: الجيش، قوات الدعم السريع، الحركات المسلحة، وكلها تتلقى دعماً خارجياً. هذا التعدد ليس عشوائياً، بل هو جزء من خطة "الفوضى المنظمة" التي تُستخدم لتبرير التدخل الدولي لاحقاً، تحت شعار "حماية المدنيين" أو "إعادة بناء الدولة"، بينما الهدف الحقيقي هو إعادة تشكيل السودان بما يتماشى مع مصالح الاستعمار الجديد.

نظام عمر البشير، رغم شعاراته الإسلامية، كان جزءاً من المنظومة الدولية، حيث كانت العقوبات الأمريكية عصا غليظة، ثم سعى لتطبيع العلاقات مع الغرب وكيان يهود. وترك خلفه دولة منهكة، مليئة بالحركات المسلحة، ومخترقة أمنياً، ما سهّل على القوى الاستعمارية إعادة هندسة المشهد السياسي بعد سقوطه. ومن أبرز أدواته التي أسسها كانت قوات الدعم السريع، التي نشأت كقوة موازية للجيش، ثم تحولت إلى لاعب مستقل في الصراع، وهو ما فتح الباب أمام عسكرة المجتمع وتفتيت المؤسسة العسكرية.

 

البرهان سار على النهج ذاته، بل عمّقه، عبر تسليح مليشيات جديدة تحت مسميات مثل "المقاومة الشعبية" و"كتائب العمل الخاص"، كما دعم تشكيل قوات "درع الجزيرة" بقيادة أبو عاقلة كيكل، والتي تقاتل إلى جانب الجيش في ولاية الجزيرة وغيرها، وقد كشفت تقارير أن البرهان وزّع السلاح على المدنيين بشكل عشوائي، وأعلن ذلك صراحة في تصريحات موثقة، ما أدى إلى اشتباكات دموية في قرى الجزيرة، وفتح الباب أمام حرب أهلية واسعة النطاق هذه السياسات لا تختلف في جوهرها عن سياسات النظام السابق، بل تُنفذ المخطط الاستعماري ذاته، مع اختلاف في الأدوات والوجوه.

 

السودان يتجه نحو تفكيك ممنهج، تُديره أمريكا، وتُنفذه أدوات محلية. الثروات تُنهب عبر اتفاقيات مشبوهة مع شركات أجنبية، وتُمنح امتيازات لا يحصل عليها أهل البلاد، لذلك فإن الحل الجذري من وجهة النظر الشرعية، لا يكمن في ترقيع النظام أو استبدال وجوه بوجوه أخرى، بل في اقتلاع المنظومة الاستعمارية من جذورها، عبر إقامة دولة الخلافة الراشدة التي توحد المسلمين وتقطع يد الاستعمار من بلادهم، وإلغاء الاتفاقيات الدولية التي تُكرّس التبعية وتنهب الثروات، وإعادة بناء الجيش على عقيدة الإسلام لا على عقيدة الولاء للغرب، وتحرير القرار السياسي من الهيمنة الدولية، وإعادة السيادة للشرع، لا للأرض أو الشعب، وفق أحكام الإسلام.

 

إن المشهد السوداني ليس مجرد أزمة داخلية، بل هو حلقة في مشروع استعماري عالمي يستهدف الأمة الإسلامية. وواجب الأمة، كما يراه الشرع، أن تُفشل هذا المشروع، وتعيد بناء السودان كجزء من دولة الإسلام الجامعة، لا ككيان مفكك تابع للغرب.

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

حاتم العطار – ولاية مصر

 

 
رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

كيف يكون ترامب ماهراً في إخماد الحروب

وبلاده هي المسببُ لها؟!

 

 

في 12 تشرين الأول/أكتوبر 2025، صرح ترامب: "أسمع الآن أن هناك حرباً دائرة بين باكستان وأفغانستان. قلتُ: "سأنتظر حتى أعود". سأخوض حرباً أخرى، لأنني بارعٌ في إخماد الحروب". ترامب كاذبٌ متغطرس. في الواقع، إن النظامَ العالميَّ العلمانيَّ والقوميَّ الذي يفرضه ترامب هو سببُ الحروبِ المشتعلة بين المسلمين، مع ضمانِ التحالفِ مع ألدِّ أعداءِ المسلمين.

 

أولاً: الحربُ بين باكستان وأفغانستان ناجمةٌ عن خطِّ دوراند القوميِّ، الذي قسّم المسلمينَ وأشعلَ الصراعَ بينهم. علاوةً على ذلك، يضمنُ النظامُ العالميُّ القوميُّ لترامب تقسيمَ المسلمينَ إلى أكثرَ من خمسين دويلةً صغيرةً، بحدودٍ رسمها المستعمرون على الخرائط، مع أن النبيَّ ﷺ قال: «هَذَا كِتَابٌ مِنْ مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ ﷺ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُؤْمِنِينَ مِنْ قُرَيْشٍ وَيَثْرِبَ وَمَنْ تَبِعَهُمْ فَلَحِقَ بِهِمْ وَجَاهَدَ مَعَهُمْ أَنَّهُمْ أُمَّةٌ وَاحِدَةٌ دُونَ النَّاسِ». رواه البيهقي في السنن الكبرى

 

فهل يُعقلُ أن الأوسَ والخزرجَ أقاموا حدوداً فيما بينهم بعد قيام الدولة الإسلامية، أو أن الأنصارَ أقاموا حدوداً تفصلُ المدينةَ المنوّرةَ عن مكةَ بعد فتحها؟! فكيف يقبل المسلمونَ حدوداً قوميةً بين بلادهم رسمها الكفارُ مخالفين أمرَ النبي ﷺ؟ كيف؟!

 

ثانياً: التحالفاتُ مع أعداءِ المسلمين، سواء أكانوا كيانَ يهود أو الدولةَ الهندوسيةَ أو أمريكا نفسها، ناجمةٌ عن النظامِ العالميِّ العلمانيِّ الذي يفرضه ترامب. يكافئ نظامُ ترامب أعداءَ المسلمينَ بإقامةِ تحالفاتٍ عسكريةٍ واقتصاديةٍ معهم، ما يتيحُ لهم نهب ثرواتِ الأمةِ الإسلاميةِ الهائلةِ، ويمكّنهم من إيجادِ الفتنةِ في البلاد الإسلاميِة. إن العلمانيةُ هي فصلُ الإسلامِ عن السياسةِ والاقتصادِ والعلاقاتِ الخارجيةِ. ولذلك، لا ترى الأنظمة القائمة في بلادِ المسلمينَ أيَّ ضَرَرٍ في تطبيعِ العلاقاتِ مع مَن يُحاربُ المسلمينَ ويُساعِدُ على ذلك، مع أن اللهَ ﷻ قال: ﴿إِنَّمَا يَنْهَاكُمْ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾.

 

والآن، هل ثمة شكٌّ في أن أمريكا عدوَّةٌ للمسلمينِ، بعد أن احتلّت العراقَ وأفغانستانَ، وساعدت كيانَ يهودَ والدولةَ الهندوسيةَ على احتلالِ أراضي المسلمين؟ هل ثمة شكٌّ في أن الهند عدوَّةٌ للمسلمينِ بعد احتلالِها لكشمير ومحاربةِ الإسلامِ؟ هل ثمة شكٌّ في أن كيانَ يهود عدوٌّ للمسلمينِ بعد احتلالِ الأرضِ المباركة وتدمير قطاع غزة؟ فكيف يرضى المسلمون في أفغانستانَ بالتحالفِ مع الهند؟ وكيف يسمح المسلمون في باكستانَ بالتحالفِ مع أمريكا وتطبيعِ العلاقاتِ مع كيانِ يهود؟ كيف؟!

 

أيها المسلمون في باكستان وأفغانستان وكشميرَ المحتلَّةِ وبنغلادش:

 

قال اللهُ ﷻ: ﴿مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ﴾. لقد حرَّرنا أجدادُنا من الاحتلالِ البريطانيِّ الاستعماريِّ، لكنهم لم يحرِّرونا من النظامِ العالميِّ العلمانيِّ القوميِّ الاستعماريِّ. لهذا السببِ نحنُ منقسمونَ وضعفاء، بينما يهاجمُنا أعداؤُنا ليلاً نهاراً. لهذا السببِ نتقاتلُ فيما بيننا، ونطبعُ مع أعدائنا. إنه لا سبيلَ لتحرر البلاد الإسلامية وتوحيدها إلاّ بإقامةِ الخلافةِ الراشدةِ على منهاجِ النبوةِ. فهي التي ستحرِّرُ بلاد المسلمينَ المحتلَّةَ، وهي التي ستقودُ العالمَ في معركة تفكيكِ النظامِ العالميِّ العلمانيِّ القوميِّ. لذا، أيُّها المسلمونَ، اعملوا من أجلِ إقامتها.

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

مصعب عمير - ولاية باكستان

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

 

حكومة عدن تتلاعب بشرع الله بشأن دية النفس المؤمنة!

 

تعميم وزاري رقم (9) لسنة 2025م (أعلنت وزارة العدل في عدن، برئاسة الوزير بدر عبده أحمد العارضة عن تعديل مبلغ الدية ورفعه من 5.5 مليون ريال إلى 30 مليون ريال يمني، ضمن ما وصفته بـ"تحديث قانون العقوبات") صدر بديوان عام الوزارة 3 ربيع الآخر 1447هـ الموافق 25 أيلول/سبتمبر 2025م.

 

إن جريمة التشريع بغير ما أنزل الله واضحة وضوح الشمس في كبد السماء لا يستطيع من يحاول أن يبررها لهؤلاء الحكام أن يجد ما يدافع به عنهم، فانظروا كيف تصدر مثل هذه التشريعات باسم دولة تسمي نفسها "الشرعية"؟ أي شرعية يتغنون بها؟ أين شرعية الحكم إذا كان شرع الله مُغيباً؟ كيف يجرؤ من يزعمون أنهم يمثلون الدولة على تجزئة حدود الله والعبث بأحكام قطعية ثابتة؟! عن رفع مبلغ الدية من خمسة ملايين ونصف إلى ثلاثين مليون ريال يمني، في تعديل يروج له على أنه إنجاز تشريعي وتطوير قانوني؟!

 

إن هذه الزيادة لا تساوي شيئاً أمام الدية الشرعية التي أوجبها الله في كتابه الكريم وسنة نبيه ﷺ، والمقدرة بألف دينار ذهبي، ودينار الذهب الشرعي يساوي 4,25 غراماً، بمعنى أنها تعادل اليوم بالعملة المتداولة في مناطق حكومة عدن (1000 * 4.25 = 4250 جراماً من الذهب) وحيث إن سعر جرام الذهب اليوم في عدن 183858، فيكون مقدار دية النفس هو 4250 * 183858 = 781.396.500 ريال، عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جده: أن رسول الله ﷺ كتب إلى أهل اليمن كتاباً وكان في كتابه: «أَنَّ مَنْ اعْتَبَطَ مُؤْمِناً قَتْلاً عَنْ بَيِّنَةٍ فَإِنَّهُ قَوَدٌ، إِلَّا أَنْ يَرْضَى أَوْلِيَاءُ الْمَقْتُولِ، وَأَنَّ فِي النَّفْسِ الدِّيَةَ مِائَةً مِنْ الْإِبِلِ، وَفِي الْأَنْفِ إِذَا أُوعِبَ جَدْعُهُ الدِّيَةُ، وَفِي اللِّسَانِ الدِّيَةُ، وَفِي الشَّفَتَيْنِ الدِّيَةُ، وَفِي الْبَيْضَتَيْنِ الدِّيَةُ، وَفِي الذَّكَرِ الدِّيَةُ، وَفِي الصُّلْبِ الدِّيَةُ، وَفِي الْعَيْنَيْنِ الدِّيَةُ، وَفِي الرِّجْلِ الْوَاحِدَةِ نِصْفُ الدِّيَةِ، وَفِي الْمَأْمُومَةِ ثُلُثُ الدِّيَةِ، وَفِي الْجَائِفَةِ ثُلُثُ الدِّيَةِ، وَفِي الْمُنَقِّلَةِ خَمْسَ عَشْرَةَ مِنْ الْإِبِلِ، وَفِي كُلِّ أُصْبُعٍ مِنْ أَصَابِعِ الْيَدِ وَالرِّجْلِ عَشْرٌ مِنْ الْإِبِلِ، وَفِي السِّنِّ خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ، وَفِي الْمُوضِحَةِ خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ، وَأَنَّ الرَّجُلَ يُقْتَلُ بِالْمَرْأَةِ، وَعَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ أَلْفُ دِينَارٍ» رواه النسائي، وبذلك تكون "الزيادة" التي أقرتها حكومة عدن مجرد ستار دخاني لتجميل جريمة التشريع بغير ما أنزل الله، فهل يجوز شرعاً أن تُخضع النفس المؤمنة لمساومات سياسية أو تبريرات اقتصادية؟!

 

ولا يختلف الحال في حكومة عدن عن تلك القائمة في صنعاء، والمتمثلة في سلطة الحوثيين، فهي سائرة على نهج النظام البائد في هذه التشريعات، وهي لا تعادل سوى جزء من ثلاثة وأربعين جزءاً من الدية التي فرضها الله، بذريعة مضحكة ومبكية في آن، وهي "عدم قدرة القاتل على دفع الدية"!

 

أي عدالة هذه التي تراعي ظروف القاتل وتتغافل عن حقوق أهل القتيل؟! أي منطق يُعطل حكم الله بحجة الفقر، والفقر ذاته ناتج عن فساد تلك السلطات التي تدّعي الرحمة وتدوس على العدالة، ولا تحكم بما أنزل الله؟! فالقاتل العاجز ليس أحسن حالاً من مئات الآلاف من الرعايا الذين لا يجدون ما يسد رمقهم، فهل نحكم لهم بما يشتهون ونحرم أولياء الدم مما فرض الله لهم؟!

 

إن الدية ليست غرامة مالية ولا تعويضاً مشروطاً، بل هي حكم شرعي قطعي ورحمة ربانية، وحقٌ مالي واجب لأهل المقتول، ووسيلة لحفظ الدماء وزجر المعتدين.

 

لكن سلطات عدن وصنعاء، بدلاً من أن تحفظ هذه الفريضة، أمعنت في تضييعها، وداست على حق القتيل وأسرته، وقزّمت الدية إلى مبلغ لا يكفي لأبسط متطلبات الحياة، في وقتٍ تتضاعف فيه أسعار السلع، وتُبذر فيه أموال الدولة في الولاءات والمنافع السياسية.

 

لقد صار دم المسلم أرخص شيء في هذا البلد، تُسفك روحه وتُقدّر قيمته بأقل من ثمن أثاث مسؤول أو سيارة مرافقة!

 

إن من يُشرّع هذا الظلم تحت أي مسمى: حكومة، شرعية، دولة، أو مسيرة قرآنية، هو خارج عن مقتضى الشريعة، خائن لأمانة الحكم، متطاول على حدود الله، ومفرّط في أقدس ما حرمه الإسلام: النفس الإنسانية.

ونؤكد أن:

 

1-   هذا التعديل هو تجاوز للشريعة الإسلامية ونسف لفرض الحكم بما أنزل الله. فتقليص الدية هو انتهاك صارخ للشريعة، لا يبرره عجز أو أزمة.

 

2-   من استباح خفض الدية اليوم، استباح بالأمس دماء الأمة باسم القانون. فلا يحق لأي جهة في الأرض تعطيل حكم قطعي من أحكام الله.

 

3-   المطالبة بتطبيق شرع الله ومنها الحدود والجنايات ومنها الدية الشرعية كاملة ليست ترفاً دينياً، بل هو فريضة شرعية، وعدل إلهي لا يسقط بتقلبات السوق أو موازنات الحكومات. فالكرامة لا تُستعاد إلا بالحكم بما أنزل الله، لا بالتشريعات الملفقة ولا الحلول المؤقتة.

 

فالذين يستخفون بدم المسلم اليوم، سيحاسبهم الله غداً، ومن يحكم بغير ما أنزل الله، فقد حكم على نفسه بسقوط الشرعية مهما زعم ﴿أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾.

 

إن الدية في الإسلام ليست قابلة للتفاوض، فمن الذي خوّل هؤلاء لتغيير هذا النص؟ ومن الذي منح وزارة العدل حق العبث بحد من حدود الله؟

 

أين علماء الشريعة؟ أين الأحزاب؟ هل أصبح دم المسلم أرخص من أثاث مكاتب بعض المسؤولين؟! هل هذه دولة تُقدّر دم المسلم بثمن أقل من سيارة مستعملة؟ إن من يُشرّع خلاف ما أنزل الله، سواء في صنعاء أو عدن، يخون دينه قبل أن يخون أمّته ولا فرق بين من يحكم باسم "المسيرة القرآنية" ويخالف القرآن، ومن يحكم باسم "الشرعية" ويخون الشريعة.

 

إن السلطة التي تشرّع خلاف ما أنزل الله، هي سلطة لا شرعية لها، وإن لبست عباءة "الشرعية" أو "الدولة" أو "القانون". فإن كنتم صادقين في شعارات "العدالة" و"الشرعية"، عودوا إلى شريعة الله، فهي أحق بالاتّباع. قال تعالى: ﴿وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ﴾.

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

عبد المحمود العامري – ولاية اليمن

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

هل آن للأمة أن تستفيق؟!

بين غفلة المسلمين ونظام الإسلام المهجور

 

منذ أن غابت الخلافة عن واقع المسلمين، وابتعد الإسلام عن مجريات الحكم، دخلت الأمة في دوامة من الغربة المؤلمة عن ذاتها ودينها وفطرتها. لم تحتل أرضها فقط، وإنما غاض الحكم بما أنزل الله، وغيبت مقوماتها الثقافية، ومعاييرها الأخلاقية. لم تكن المصيبة فقط في زوال الكيان الجامع، بل في أن تُبدَّل المفاهيم، ويُقلب الميزان، ويُحتل العقل قبل الأرض.

 

ما نراه بعيوننا: المعركة مع الغرب المستعمر ليست مجرد معركة دبابات وسلاح، بل هي معركة فكرية حضارية. إنهم يريدون أن يُعاد تشكيل المسلم ليس على هويته، بل على صورة المستعمر، أن يحيد عن دينه، أن يكفر بماضيه، أن يستسلم لواقعه. وللأسف أننا نعيش الزمان الذي اختلطت فيه المفاهيم:

 

أصبح الباطل يُجمّل، يُقدَّم على أنه "حرية"، والمعروف يُستهزأ به، والمنكر يروَّج له كأنه أسلوب حياة عصري. بات الحرام موضة، والانحلال يُباع على أنه تطوّر وانفتاح. وغاب عن كثيرين أن الحضارة ليست بترك مفاهيم الإسلام، وأن التقدّم ليس بانسلاخ الإنسان عن قيمه ودينه وفطرته. إنهم يريدون من المسلم أن يصير غريباً في بيته، غريباً في عقله، غريباً في هويته.

 

نعم لقد وصل الحال بالمسلم اليوم إلى أن يرى الحق غريباً في بلده، وأن يُتّهم بالتشدد لمجرد تمسكه بعقيدته. لم يعد الصراع في الأمة حول تفاصيل فقهية، بل حول معنى الوجود ذاته، حول الهوية والكرامة والانتماء. المسلم يُجرُّ جرجرةً ليقبل بالحياة كما رسمها له الغرب، حياةٌ ظاهرها التنظيم والرفاه، وباطنها التبعية والضياع.

 

فصار المسلم يتأمل في حال الغرب، فيراه يعيش حياة منظمة هادئة، فيُفتن بذلك، ويظن أن السر فيهم لا في دينه، في نظمهم لا في شريعته. نسي أو أنسي أن ما عندهم هو قشرة زائفة بلا روح، وأن ما عنده هو الرحمة للعالمين.

 

فالمشكلة ليست في الجهل فحسب، بل في الانخداع. فالمسلم اليوم لا يدري أنه ضحية مشروع تغريبي استعماري، استهدف عقله قبل أرضه، وزرع فيه اليأس من الإسلام بوصفه نظام حياة، ليظل متمسكاً به كعقيدة روحية فقط، دون أن يراه حلاً شاملاً لكل شؤون الحياة.

 

فحين يُربّى الإنسان في واقعٍ تحكمه الأنظمة الوضعية، التي تفصل الدين عن الحياة، يُعاد تشكيل وعيه بعيداً عن مقاييس الحق والباطل التي جاء بها الإسلام. فيصبح معيار النجاح ما يروّجه الإعلام، ومعيار القبول ما ترسمه الحضارة الغربية من مفاهيم منحرفة عن السعادة، والحرية، والتقدّم. فمن كان بالأمس يأنف من المنكر، بات يراه اليوم "حرية شخصية"، ومن كان يطمح لأن يعيش في ظل حكم الإسلام، بات مقتنعاً أن السياسة "لعبة قذرة"، وأن الإسلام لا شأن له بالحكم. وتلك هي الغربة الحقيقية التي نعيشها اليوم؛ غربة الفكرة، وغربة الفطرة، وغربة الهوية.

 

فنسينا وتناسينا قول الله سبحانه وتعالى ﴿فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ


بل وتماشينا مع الجاهلية الحديثة التي تعمل ليل نهار لتبديل هذه الفطرة، ونحن لا نملك إلا أن نُجاهد لإعادتها إلى نصابها، فلتكن دعوتنا للناس: عودوا إلى ما فُطرتم عليه، وانهضوا بإسلامكم، فإنه وحده يحرركم من أسر الانحراف ويعيد إليكم إنسانيتكم المسلوبة.

 

فالإنسان ابن بيئته، وإذا لم تُبدَّل هذه البيئة ببيئة إسلامية نقية، تستمد فكرها ونظامها من الوحي، سيظل أسير الانحراف، وإن ظنّ أنه على صواب.

 

فالذي أضاع الأمة ليس فقط تخلّفها المادي، بل ضياع منهج النبي ﷺ من حياتها. منهج يجمع بين الروح والعقل، بين العبادة والمعاملة، بين الفرد والمجتمع، بين الدولة والرعية، في نظام إلهي شامل عادل. ولن يُصلح هذا الاعوجاج إلا الإسلام. لا ترميم ولا ترقيع، بل انقلاب حضاري يعيد الإنسان إلى فطرته، ويعيد الإسلام إلى مركز القيادة والتوجيه في كل شؤون الحياة.

 

فالإنسان، كما خلقه الله، فُطر على إدراك الحق، وعلى التفاعل مع ما يُحيي روحه ويُنير دربه. لكن حين يُربّى في بيئة مشوّهة، في أنظمة لا تحكم بما أنزل الله، في تعليم مسموم، وإعلام موجه، واقتصاد ربوي، ومنظومة فكرية دخيلة، يُصبح عبداً لما ليس من فطرته، ويتشكّل وعيه بمعايير ليست من دينه.

 

وهكذا يبدأ الانكسار الداخلي...

 

فحين يغترب المسلم عن عقيدته وهو لا يشعر، ويتقبل الظلم السياسي والضياع الاجتماعي كأنه قدر محتوم، لا نتيجة لفقدان الإسلام كنظام حياة.

 

فالواقع الذي نعيشه اليوم لم ينشأ من فراغ، بل هو نتيجة مباشرة لإقصاء الإسلام عن الحكم، ولتبنّي أنظمة كفر جاءت من الغرب، دخلت بلاد المسلمين مع الاستعمار وامتدت جذورها بعده في شكل دول وطنية، بحدود مصطنعة، ودساتير بشرية، وحكومات وظيفية تحرس مصالح الكافر المستعمر وتُشرف على مشروعه في تفتيت الأمة وعلمنة الحياة.

 

نعم تحت هذه الأنظمة، تغيّرت المفاهيم، وتشوهت الفطرة: صار من يدعو لتحكيم شرع الله يوصف بالرجعية، ومن يلتزم بعفّته متخلفاً، ومن يدعو للجهاد مهدداً للسلم العالمي. فصار الانفتاح انحلالاً، والحريّة حرية كفر وشذوذ، والعقلانية خضوعاً لما تمليه المؤسسات الغربية.

 

وهذا لا يخفى على أحد، فالغرب لم يكتفِ بإسقاط الخلافة فقط، بل عمل على إعادة صياغة شخصيات تسمى إسلامية، عبر المناهج والإعلام والفن وعبر "دياناتهم الممسوخة" التي تُقدّم اليوم كما نراها على ألسنة دعاة السلاطين. فعلّمونا أن نحب الأوطان أكثر من حبنا لدين الله، وأن نُقدّس الرايات الملونة أكثر من راية رسول الله، وأن ننتمي للجغرافيا لا للعقيدة.

 

نعم لقد زُرعت في نفوس المسلمين عقدة النقص أمام الغرب الكافر. فصارت المقاييس غربية، والنماذج غربية، والمعايير غربية، فصار البعض يظن أن التنظيم والرفاه لا يكون إلا في ظل هذه الأنظمة الغربية وأن الإسلام لا يصلح لحياة العصر. ولا يدري أن ما يراه من "نظام" في الغرب، إنما قام على دماء المسلمين وثرواتهم، وعلى منظومة مادية بحتة، منفصلة عن الروح والغاية، بل مآلها الخراب مهما بلغت من تكنولوجيا أو رخاء.

 

نعم إن الغرب اليوم، وفي حربه على الأمة، لا يريد فقط إضعاف المسلمين، بل يريد إلغاء هويتهم، وتجريدهم من مشروعهم الحضاري الرباني، المتمثل بالخلافة الراشدة على منهاج النبوة.

 

وأصبح العالم اليوم يعيش على صفيحٍ ساخن من الأزمات المركبة، فلا تكاد تُحلّ أزمة حتى تنفجر أخرى. وقد أصبح واضحاً لكل ذي عقل أن النظام العالمي الذي تقوده الحضارة الغربية آيلٌ للسقوط، ليس فقط بسبب أزماته الاقتصادية المتعاقبة، بل أيضاً بسبب اهتزاز ثقة الشعوب به، وفشل معالجاته، وتفسخه الأخلاقي العميق.

 

فالنظام الرأسمالي، القائم على جعل المنفعة أساساً لكل شيء، لم يُنتج إلا وحشاً استهلاكياً شرهاً يفتك بالإنسان والأرض والقيم. وهذا النظام لم يعُد قادراً على تقديم حلول حقيقية، بل يصدر الأزمات من بلد إلى آخر، ويغطي فشله بحروب وصراعات وفتن، ويختنق بتناقضاته في كل الميادين، أزمات الثقة تتعاظم بين الحاكم والمحكوم، والمؤسسات السياسية تتآكل، والأسرة تنهار، والمجتمع يعيش انحطاطاً أخلاقياً غير مسبوق. وكلما حاول الغرب أن يتشدق بالحرية والعدالة، سقطت أقنعته أمام الواقع البائس الذي يعيشه الناس في عقر داره، فضلاً عما يصدّره من فساد وظلم إلى باقي شعوب الأرض.

 

نعم إن سقوط الغرب ليس نهاية التاريخ، بل هو بداية مرحلة جديدة ستنبت من رحم المعاناة، ومن بين أنقاض هذه الحضارة المتعفنة. وهذا يفتح باباً عظيماً أمام الأمة الإسلامية لتنهض برسالتها من جديد، وتقود العالم بنظام رباني عادل، مستمد من الوحي، وهو الإسلام. وهذا لا يكون إلا بإقامة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، التي تربي الفرد على وعي الإسلام، وتنشئ المجتمع على أساس التقوى، وتقيم الدولة على أساس الشرع، لا على مقاييس الغرب. لذا، فالحل لا يكون إلا بتغيير النظام كاملاً، لا بتجميل وجهه القبيح.

 

وهنا لا بد أن يكون المسلمون على وعي تام بأن العالم اليوم يبحث عن بديل. والبديل الحقيقي ليس في الصين أو روسيا أو أي نظام وضعي آخر، بل في الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، التي تطبق الإسلام كما أنزله الله، وتقيم العدل الحقيقي، وترعى شؤون البشر وفق شريعة رب العالمين. فعلى الأمة أن تتجاوز أوهام الإصلاح ضمن أنظمة الكفر، وأن تدرك أن التغيير الحقيقي لا يكون إلا باجتثاث النظام الرأسمالي من جذوره، فكما سقطت الشيوعية، ستسقط الرأسمالية، وما ذلك على الله بعزيز.

 

فالإسلام ليس طقوساً، بل نظام حياة ولم يعرف المسلمون العزة إلا حين حكموا به، ولم يعرفوا الذل إلا حين فُرضت عليهم الأنظمة الوضعية؛ جمهورية أو ملكية، كلها أنظمة بشرية لا تمت للإسلام بصلة. بل أراد الغرب للإسلام أن يبقى حبيس المسجد، وأراد الله له أن يكون ديناً شاملاً، ينظم الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ويحمل رسالته إلى العالم.

 

ولنعلم جميعا أنه لا نهوض حقيقياً بدون نظام الإسلام، فما الذي يمنعنا من أن نعيد للأمة عزّها ومجدها؟ ما الذي يحول بيننا وبين حياة الصحابة والتابعين، الذين مزجوا بين الإيمان والكرامة، وبين الطهر والريادة؟ ما الذي يقف بيننا وبين اتباع أوامر الله ورسوله ﷺ؟ هل حقاً فقدنا القدرة، أم زُرع فينا العجز حتى أصبح يقيناً كاذباً؟ لا شيء يمنعنا سوى الوهم؛ وهم أن الإسلام لا يصلح لهذا الزمان، وهم أن التقدّم مرهون بتقليد الغرب، وهم أن الرزق بيد أعدائنا، وأن السيادة قدر لهم لا يتغيّر.

 

وفي الحقيقة أن الله تعالى هيّأ لنا كل شيء، وأرسل لنا نبياً محمداً ﷺ بهذا الدين المكتمل وجعل شريعته رحمة وهداية لكل زمان ومكان، ثم وعدنا بالنصر والتمكين إن نحن اتبعنا أمره. فلماذا لا نصدّق الوعد؟ ولماذا لا نعمل له؟

 

تخيّل لو أن الأمة اليوم عادت إلى نهج نبيها ﷺ، في زمن التطورات والقدرات العلمية والتقنية الهائلة. لو اجتمعت القوة الإيمانية مع التقدّم المادي. لو أُديرت ثروات الأمة بشرع الله، لو وُحّدت جيوشها، لو رُبيت الأجيال على عقيدة لا تهتز، كيف سيكون حال العالم؟ بل كيف سيكون حال الكافر المستعمر الذي يتغذى على ضعفنا وتفرّقنا؟

 

فالعدو لم ينتصر علينا بسلاحه فقط، بل بعقله وخبثه، حين جعلنا نرضى بالواقع، وننشغل بالملذات التافهة، ونسعى خلف رغيف الخبز تاركين قضايا الأمة، فغابت الرؤية وسقط الهمّ، وأصبح أقصى طموح الشاب هو "سفر"، وغاية الفتاة "مشروع صغير"، وكأننا لم نكن يوماً أمة قادت الدنيا!

 

أوهمونا أن الرزق بأيديهم وأن من أراد الراحة فعليه أن يترك بلده، ولغته، ودينه، ويلتحق بقطارهم، ليكون تابعاً ذليلاً تحت نظامهم. لكن من يتدبّر الواقع يرى الحقيقة:

 

فالذي يمنعنا من استعادة مجدنا ليس الغرب، بل نحن، حين نخشى، ونتكاسل، ونصدّق كذبهم أكثر مما نصدق وعد الله. فالله وعد بالنصر، لكنه جعله مشروطاً بالنصرة ﴿وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ﴾.

 

وليعلم الجميع أن حزب التحرير الرائد الذي لا يكذب أهله، يضع يده على أصل الداء: غياب الإسلام كنظام حياة، ووجود أنظمة عميلة تحكم بغير ما أنزل الله، وتجر الأمة إلى التبعية الحضارية والتشريعية للغرب الكافر المستعمر.

 

ولذلك ندعو الأمة إلى:

 

1- الوعي على الواقع: أن ما نعيشه اليوم من ذل وتخلف هو نتيجة حتمية للحكم بغير الإسلام.

 

2- إحياء الهوية الإسلامية: بفهم الإسلام فهماً سياسياً واقعياً لا روحانياً مفرغاً.

 

3- العمل الجاد لإقامة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة، التي توحد المسلمين تحت راية واحدة، وتعيد السيادة للشرع، وتقود الأمة لتحمل الإسلام رسالة نور وهداية.

 

أما آن للمسلم أن يُدرك أنه يعيش في وهم؟ أما آن للأمة أن تستفيق من غفلتها؟ فإذا كانت الأمة تعرف أنها مستغفَلة، فستنهض لا محالة، فكيف إذا أفاقت وتجمعت تحت راية الإسلام؟

 

إنه وعد الله بالاستخلاف، وشرط الله هو العمل ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ﴾، فلنعمل مع العاملين لإقامة دولة الخلافة، فهي الأمل الحقيقي والسبيل الأوحد لعودة العزّة والكرامة للأمة الإسلامية. ﴿وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ﴾.

 

كتبته للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

نسيبة الفلاحي (أم وعد) – ولاية اليمن

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

من غير خليفة المسلمين يكسر عنجهية ترامب

ويلزمه حده ويعفر وجهه بالتراب

 

 

إن مما جعل كلاب الروم يتجبرون في الأرض ويتعالون ويتبخترون ومنهم كلب عصره ترامب الذي يثني ويسخر ويبغض ويهدد، إن الذي جعلهم بهذه العنجهية هو غياب الخليفة الذي يقاتل من ورائه ويتقى به، حامي الحمى وحارس دولة الإسلام من المتغطرسين والسفهاء المتكبرين.

 

ترامب، فرعون هذا الزمان، يقوم خطيبا على رؤوس الناس ويقول: أليس لي ملك الأرض وأنتم لي تحكمون؟! هذا الفرعون الذي يشعل الحروب ويطفئها ويأمر وينهى، وليس له رادع يردعه من مثل عمر الفاروق الذي أنسى أجداده من قبله وساوس الشيطان ولكن أين أمثال عمر؟ أين الخليفة اليوم الذي ينسي ترامب ونتنياهو وساوس الشيطان ويشرد بالظالمين من أمثالهم وينكل بهم ويجعلهم عبرة وعظة لمن بعدهم؟

 

وإن من خوف هذا العلج المتهالك بأنه يذكر الخلافة في خطابه في الكنسيت 12/10/2025م بقوله لقد قضينا على نظام الخلافة، فوالله لو كانت لنا خلافة لما صعد على رؤوس الأشهاد ويتكلم بهذا، ولما كان يأتي لبلد من بلدان المسلمين ويتحداهم جهارا ويستعلي عليهم إلا لأنه لا يوجد حامٍ لهذا الدين العظيم ومن يذود عنه ويردع أمثاله من إخوان القردة والخنازير ولا بأن تكون لهما الكبرياء في الأرض، بل لو كان لنا خليفة لكان يأتي بالجزية عن يد وهو صاغر ذليل.

 

وإنه لخزي وسبة على حكام المسلمين حكام الضرار بأن يصفقوا له ويوالونه ويكونوا ممن قال عنهم الله سبحانه وتعالى: ﴿فَتَرَى الَّذينَ في قُلوبِهِم مَرَضٌ يُسارِعونَ فيهِم يَقولونَ نَخشى أَن تُصيبَنا دائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَن يَأتِيَ بِالفَتحِ أَو أَمرٍ مِن عِندِهِ فَيُصبِحوا عَلى ما أَسَرّوا في أَنفُسِهِم نادِمينَ﴾، فليعلم هؤلاء الحكام ومن تبعهم من المنافقين بأن يومهم يوم عسير وعاقبتهم وخيمة، يقول ملك الجبابرة عز وجل: ﴿وَسَيَعلَمُ الَّذينَ ظَلَموا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبونَ﴾.

 

أيها المسلمون: أما آن لكم أن تفيقوا من سباتكم وتنهضوا وتقيموا دولتكم وتبايعوا خليفتكم وتروا فرعون هذا الزمن منكم صليل السيف وطنين الخطاب؛ أسلم تسلم وإلا جئناك بجيش أوله عندك وآخره عندي يا ابن الكافرة وهذا ما تسمع لا ما ترى؟! فكونوا كما يحب الله لكم ﴿أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ﴾.

 

أيها المسلمون: أعلنوها بصوت واحد؛ لا عز لنا إلا بالخلافة رغم أنف المجرمين، واجعلوا تاريخكم يحكي عن هذا الموقف الذي سيرضي الله عنكم في الدنيا والآخرة، ﴿وَأُخرى تُحِبّونَها نَصرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتحٌ قَريبٌ وَبَشِّرِ المُؤمِنينَ﴾.

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

فادي السلمي – ولاية اليمن

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

 

صناعة المليشيات: الوجه الظاهر والباطن في أجواء الحرب

 

في ظل الحرب التي تعصف بالسودان، برزت ظاهرة صناعة المليشيات كأحد أخطر الأدوات التي تُستخدم تحت غطاء الدعم العسكري، بينما تحمل في طياتها بذور التفكيك والانقسام الوطني. هذه الظاهرة ليست وليدة اللحظة، بل هي امتداد لنهج سابق تم تطبيقه مع قوات الدعم السريع، التي بدأت كقوة مساندة ثم تحولت إلى قوة موازية، وانتهت بالتمرد على الدولة.

 

أولاً: المليشيات التابعة والمساندة للجيش – خارطة القوة خارج القانون

 

في السنوات الأخيرة، ظهرت عدة تشكيلات عسكرية غير نظامية، تحمل أسماء مختلفة، وتُمنح رتباً ونياشين دون المرور عبر القنوات الرسمية للقوات المسلحة السودانية. من أبرز هذه التشكيلات: قوات درع الوطن، قوات الكرامة، كتائب الحسم، قوات المجاهدين الجدد، قوات الدعم المدني، قوات الحماية الخاصة. وكل هذه المليشيات تُدار بشكل منفصل، وتُمنح امتيازات ورتب عسكرية دون خضوعها لقانون القوات المسلحة، ما يُعد خرقاً واضحاً للتراتبية والانضباط العسكري، ويُهدد وحدة القرار القتالي.

 

تركيبة المليشيات المتحالفة مع الجيش – واقع ميداني مفصل

 

إلى جانب هذه التشكيلات، برزت خلال النزاع الأخير مليشيات جديدة أكثر تنظيماً وتأثيراً، أبرزها:

 

1- لواء البراء بن مالك: نشأ ضمن قوات الدفاع الشعبي خلال حرب الجنوب، وأعاد تنظيم صفوفه بعد انقلاب 25 تشرين الأول/أكتوبر 2021. وقد تضخم عدد مقاتليه إلى أكثر من 21 ألف فرد. وحصل أفراده على رتب ونياشين دون المرور بالإجراءات العسكرية الرسمية. ويتبنى خطاباً عقائدياً يعتبر القتال ضد قوات الدعم السريع "حرباً ضد الكفر".

 

2- درع السودان بقيادة أبو عاقلة كيكل، ظهر خلال الحرب الأخيرة، وارتكب انتهاكات جسيمة بحق المدنيين، منها الحرق والنهب والاعتقالات. وهو يعمل تحت مظلة قبلية وعقدية، ويدّعي دعم الجيش.

 

3- القوات المشتركة: وتضم عناصر من الإدارات الأهلية والقبائل المتحالفة مع الجيش. وقد تورطت في عمليات تجنيد الأطفال وانتهاكات حقوق الإنسان.

 

4- حركة تحرير الجزيرة: تأسست كرد فعل على احتلال قوات الدعم السريع لأرض الجزيرة. ورغم دعمها للجيش، إلا أنها لا تملك سنداً قانونياً واضحاً، وتُعتبر مليشيا وفقاً للدستور السوداني.

 

الرتب والنياشين خارج القانون:

 

منح الرتب العسكرية والنياشين لهذه المليشيات تم خارج إطار القانون العسكري السوداني، ما أثار جدلاً واسعاً حول شرعية هذه القوات، وتأثيرها على تكوين جيش موحد ومنضبط، وأعاد إلى الأذهان تجربة قوات الدعم السريع التي انتهت بالتمرد.

 

مصادر تمويل هذه المليشيات:

 

- تمويل داخلي غير معلن: عبر شبكات اقتصادية موازية وشركات أمنية خاصة.

 

- دعم خارجي: من دول إقليمية تسعى لترسيخ نفوذها عبر وكلاء محليين.

 

- نهب الموارد المحلية: الذهب، النفط، الزراعة، تُستخدم كأدوات تمويل ذاتي.

 

- تمكين سياسي مقابل الولاء: تُمنح امتيازات مالية ومناصب مقابل دعم القيادة العسكرية.

 

ثانياً: إعادة إنتاج سيناريو قوات الدعم السريع – التمكين فالتمرد

 

ما يحدث اليوم يُعيد إلى الأذهان تجربة قوات الدعم السريع، التي تم تمكينها مالياً وعسكرياً، ثم تحولت إلى قوة مستقلة ذات قيادة خاصة، وانتهت بالتمرد. هذا النموذج يُنذر بأن المليشيات الجديدة قد تسلك المسار نفسه، خاصة في ظل غياب الرقابة القانونية والمؤسسية.

 

ثالثاً: خطورة صناعة المليشيات على مستقبل الدولة

 

- تفكيك وحدة القرار العسكري

 

- إضعاف هيبة الدولة

 

- تهديد الأمن الداخلي بعد الحرب

 

وكلها نتائج مباشرة لتعدد القوى المسلحة خارج إطار الدولة، ما يُهدد وحدة السودان ويُضعف مؤسساته.

 

 رابعاً: الحكم الشرعي في المحافظة على وحدة البلاد

 

من منظور شرعي، فإن المحافظة على وحدة البلاد واجب شرعي، لما فيه من حفظ للدماء، وصيانة للأعراض، وتحقيق لمقاصد الشريعة. قال تعالى: ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلَا تَفَرَّقُوا﴾، وقال سبحانه: ﴿وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ﴾.

 

وقد قرر العلماء أن وحدة المسلمين في كيان سياسي واحد هو فرض شرعي، لا مجرد خيار سياسي. قال النبي ﷺ: «...فَمَنْ أَرَادَ أَنْ يُفَرِّقَ أَمْرَ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَهِيَ جَمِيعٌ فَاضْرِبُوهُ بِالسَّيْفِ كَائِنًا مَنْ كَانَ» صحيح مسلم

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

حاتم العطار – ولاية مصر

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

الخديعة المالية الكبرى

 

 

نعيش اليوم حالة استثنائية وغير مسبوقة من الاضطرابات الاقتصادية والجيوسياسية تجعل آفاق النمو الاقتصادي المستقبلي أمام تحديات عظيمة، ويتزامن ذلك مع ضعف الأدوات الدولية المالية برمتها، ما جعل الصراع بشكل عام ينتهك بشكل صارخ المعايير الإنسانية والأخلاقية، ما سوف يدفع لرفض عالم أحادي القطب، وهذا يتحقق بشكل صريح عند حدوث وتفكك العقد الاقتصادي الذي فرضته أمريكا كأداة تتحكم به في العالم حتى اليوم، وهذا كله جعل العالم اليوم على أبواب جحيم بحالة غير مسبوقة من عدم اليقين، وهذا ما قد يدفع أصحاب المال الفيدرالي لمحاولة استرداد ديونهم من أمريكا عبر خديعة كبرى يحاولون نسج خيوطها هذه الأيام. وإن كانت قراءتي لهذا الحدث فيها نوع من الخيال الاقتصادي إلا أنهم يمتلكون عقولاً شيطانية ولا يهمهم من يخسر ما داموا هم الرابحين، وهي بمثابة قراءة فيها تحذير لتوخي الحذر للجميع.

 

وحتى أشرح ما يدور في ذهني سوف أتوسع في بعض الأمور حتى تفهم الفكرة.

 

هم يسعون إلى استخدام العملات الرقمية التي اعتبرها البعض ثورة مالية قادمة تواكب العصر التكنولوجي وسرعة هذا العصر، لذلك سوف أشرح نظام الكريبتو ونظام حماية البيانات المالية من التلاعب عبر تقنيات رياضية معقدة، وهو يعمل على ثلاث ركائز:

 

الأول: البلوك تشين وهي سلاسل من الكتلة الرقمية تسجل كل عملية تحويل أو تداول بشكل علني وشفاف ويحتوي على مجموعة بيانات هي بيانات العمليات (من أرسل؟ ولمن؟ وكم القيمة؟)، وتوقيع مشفر يثبت صحة ارتباطها بالكتلة السابقة لضمان عدم التلاعب بالسجل.

 

ثانيا: التعدين وهي عملية التحقق من المعاملات وإضافتها للبلوك تشين مقابل مكافأة من العمل نفسه وهي تتم باستخدام حواسيب قوية تحل معادلات رياضية معقدة.

 

ثالثا: اللامركزية أي لا يوجد بنك مركزي أو جهة واحدة تتحكم بالنظام بل يتم تشغيلها من آلاف الحواسيب حول العالم مثل (بيتكوين، الايثيريوم، الريبل، سولانا، كاردانو).

 

وهذا يعتبر انقلابا في مفهوم التحويلات العالمية في الاقتصاد حيث إن النظام المالي التقليدي هو عبارة عن نظام يعتمد على الورق أي النقد والبنوك كوسيط أساسي في كل المعاملات معتمداً على النقد الإلزامي الذي يعتمد على الثقة والإلزام والذي نشأ بعد نظام الذهب والفضة الذي انتهى في 15/8/1971، والتي سميت صدمة نيكسون وكانت تحولا جذريا في النظام النقدي العالمي من الذهب إلى العملات الإلزامية، وطبعا هي كانت صدمة لكل الاقتصاديات المرتبطة بالدولار.

 

والنظام المالي التقليدي قائم على الوسيط المالي المركزي أي البنك المركزي الذي يصدر النقود ويدير السياسة النقدية (الفائدة، التضخم، الطباعة...الخ) وتتصل مع المركزي بنوك تجارية تكون هي الوسيط بين الأفراد والشركات.

 

وفي هذا النظام يكون التحكم كاملاً من الدولة أي حركة المال تمر عبر مؤسسات خاضعة لرقابة صارمة ولديها صلاحيات تجميد الحسابات أو مصادرتها أو فرض عقوبات وهو اليوم يعتبر بطيئا في التحويلات الدولية وعمولاته كبيرة ودائما هناك وسيط مسيطر على البيانات ولا يمكن لصاحب المال تتبع ماله بنفسه دون العودة للبنك أو الحكومة، وهو يعتمد على الديون والقروض بشكل كبير جداً.

 

أما النظام الرقمي فهو كما أسلفنا تقنية رقمية تعتمد على (البلوك شين، الذكاء الصناعي، العملات الرقمية المشفرة، المحفظة الإلكترونية...الخ) فهو يلغي وجود الوسيط أي الشخص هو الذي يتحكم بكل العمليات عبر شبكة موزعة وكل العمليات مسجلة ويمكن للجميع رؤيتها وهناك صعوبة في التزوير والتلاعب، وهذه العملية تتم خلال ثوان أو دقائق لا قيود جغرافية ولا مصرفية والعمولة قليلة بالمقارنة مع التقليدي، وكل هذا يتناسب مع متطلبات اليوم والتطور التكنولوجي.

 

ومما سبق نجد أن الفرق كبير بين النظامين؛ فالنظام الرقمي مناسب للعصر وتطوراته ويواكب التقنيات الحديثة وحساس للاختراقات ولا رقابة عليه وهو متقلب حسب السوق وغير مسيطر عليه حكوميا ويمكن تجنب الربا واستبدال كود ذكي به ولكنه ضعيف في الأمان أي لا مرجعية له حتى اليوم (أي مالك الشيفرة هو صاحب المال في حال الخطأ في الإرسال ولا يوجد جهة رسمية تتبناه وتعوض الخسائر في حال حدوث أي شيء).

 

ولذلك نجد أن أغلب الاقتصاديات في العالم تحاول دمج النظامين بشكل يتناسب مع السيطرة والأمان الحكومي والحالة الرقمية، لذلك نجد أنه تم إقرار إنشاء DIGITAL MARKETS 50 رسميا في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2025 وهو مؤشر مالي جديد صادر عن تعاون بين شركة S&P GLOBAL وشركة DINARI المتخصصة في التوكنيزيشن. وهو مؤشر يجمع بين 15 عملة رقمية و35 شركة مدرجة في البورصة، وأسباب إصدار هذا المؤشر هي:

 

- طلب المستثمرين على التنويع في الأصول الرقمية.

 

- للتسهيل على المستثمرين استخدام البلوك تشين والعملات الرقمية بطريقة قابلة للتداول في الأسواق التقليدية في حزمة واحدة.

 

- وضع قواعد واضحة لتكوين المؤشر (أي وضع قوانين وشروط) مثل الأسهم التي تدخل في القائمة يجب أن يكون لها قيمة سوقية معينة، وأيضا العملات الرقمية يجب أن يكون لها حجم سوقي يتجاوز رقم معين.

 

- الاعتراف في أن الأصل الرقمي أصبح جزءاً أساسياً من الأسواق المالية.

 

وما سوف أذكره الآن هو السيناريو المحتمل نظرياً وأظنه يدور فعلاً في أذهان بعض الاقتصاديين والمحللين لأن فيه منطقا استراتيجيا خفيا يتناسب مع طبيعة أصحاب الدين الأمريكي (الفيدرالي) وهو كالآتي:

 

المرحلة الأولى: تقوم أمريكا بالتغلغل السري في سوق الكريبتو وقد تكون هذه مرحلة تمت فعلاً لأن العملات الرقمية كثيرة ولا نعلم من أنشأها أو من هم ملاكها، وتبدأ هذه العملات بالارتباط النسبي بالدولار الأمريكي ونظام التحويلات البنكية الأمريكية حتى تصبح أغلب التعاملات في السوق الرقمي مقومة بالعملة الرقمية المدعومة من طرفهم سراً أي أن تصبح أمريكا تتحكم بشريان السيولة الرقمية العالمية وتحرص على عدم ظهورها بأنها مسيطرة على هذه العملات الرقمية.

 

المرحلة الثانية: تفتح أبواب الاستثمار المؤسسة ما يجذب تريليونات من هذه العملة الرقمية إلى سوق الكريبتو ثم ترفع أسعار أغلب العملات الرقمية فينظر لها على أنها أصول استثمارية بديلة للذهب والسندات لأنها تحقق أرباحاً عالية وبذلك تتدفق السيولة من خارج أمريكا إلى السوق الرقمي من كل العالم.

 

المرحلة الثالثة: تستبدل أمريكا بأصول حقيقية لها قيمة اقتصادية ملموسة مهما كانت (عقار، ذهب...الخ) العملات الرقمية التي صنعتها وتتحكم بها وعندما تصبح هذه العملات في يد المستثمرين تكون أمريكا قد حصدت جزءاً من القيمة الحقيقية العالمية مقابل رمز رقمي بلا التزام قانوني، عندها تطلق تشريعات وضغوطاً تنظيمية بحجة حماية المستثمرين ومكافحة غسيل الأموال ما يؤدي إلى انهيار أغلب العملات الرقمية التي في سوق الكريبتو بنسبة 90%.

 

والنتيجة أن المستثمرين في العالم يخسرون مليارات أو تريليونات وأمريكا أي الفيدرالي يحصل على هذه التريليونات، وبعد تمام الانهيار تعلن أمريكا عن تنظيم للسوق وتصدر الدولار الأمريكي الرقمي الرسمي المدعوم جزئيا بالذهب وذلك بعد إعادة تقييم الرصيد الذهبي الذي كان مسعراً بـ42 دولارا للأونصة الواحدة بسعره الجديد حسب السوق تلك اللحظة ويعلن الفيدرالي أن هذا الدولار هو بضمانته.

 

وهذا الدولار الإلكتروني الجديد يديره الفيدرالي ويستخدم في التداولات الدولية ويصبح هو العملة الإلكترونية المضمونة في سوق كريبتو، وبذلك يكون الفيدرالي استعاد السيطرة على العالم بدولار جديد وأيضا استعاد دينه على حساب العالم أجمع.

 

والذي يدفع ملاك الفيدرالي إلى هذه الخطوة غير الأخلاقية هو الوضع الاقتصادي العالمي المنهار حيث إن الحالة الاقتصادية اليوم نراها تفقد تدريجياً بوصلتها السياسة النقدية، فإن معركة التضخم لن تحسم بالربا وحده وإن الحلول للوصول للتهدئة الاقتصادية بأساليب تقليدية متكررة لا تنفع في زمن متغير وسريع، وهذا أنتج أسواقاً ينعدم فيها اليقين والثقة، والسياسة النقدية عاجزة عن الخروج من قيود النموذج المالي التقليدي البطيء المثقل بالأعباء التي تفتقد للحلول.

 

ما جعل الدولار ينتقل من دور عملة احتياطية عالمية إلى أداة ضغط عالية على الجميع، فمنذ قدوم الرئيس الأمريكي ترامب وسياسته المالية والتجارية وحربه التجارية المعلنة والقاسية على العالم أجمع بحجة دعم الدولار نجد أنها تسببت في تصدير التضخم للعالم أجمع وسحب السيولة من الأسواق العالمية، وهذا جعل العالم يقع في مصيدة تسديد الديون المستحقة أو توفير تمويل عاجل للخدمات الأساسية، وهذا يهلك الاقتصاديات الناشئة ويحدث دماراً كبيراً غير مرئي حالياً، وهذا كله دون التكلم عن ردة الفعل المقابلة من الدل الأخرى.

 

إن النظام التجاري العالمي وقواعده نجده اليوم ينهار بشكل جلي:

 

* انتقال العولمة التي بنيت بعناية فائقة إلى تكتلات تجارية مغلقة وتوترات جيوسياسية أصبحت تجبر الشركات على التموضع ودفع الفواتير العالية جداً.

 

* غياب مؤشرات واضحة على تحول سريع في السياسات النقدية حيث تناقصت قدرة الأسواق على توليد سيولة طبيعية من التداول مع وجود عدم ثقة في ضخ سيولة عالية في أسواق الأسهم والسلع والعملات لوضعها غير المستقر.

 

إن الأحداث التي نمر بها اليوم هي انهيار قواعد الفلسفة الرأسمالية، وكنا سابقا تكلمنا عن الانهيار المالي فيخرج لنا من ينفي هذا التوقع، أما ما يحدث اليوم فيدل قطعا على أن الانهيار المالي العالمي قادم لا محالة بل ليس كأي انهيار فإنه لا يشبه أزمة الرهن العقاري عام 2008 ولا الحالة الاستثنائية لجائحة كورونا عام 2020، بل السقوط القادم هو من أعلى القمة إلى أسفل الهاوية. فقد دخلنا اليوم إلى حالة الركود وبعدها مباشرة حالة الانهيار ولا مفر من ذلك، وإليكم بعض المؤشرات:

 

# تحرك الولايات المتحدة لتخفيف حدة الركود القادمة عبر خفض تدريجي للفائدة ولكن نجد أن الشركات تعيد هيكلة خططها التوسعية بسبب انخفاض الاستهلاك على عموم العالم.

 

# الصين تخسر عنفوانها الاقتصادي بسبب تراجع الاستثمارات الخاصة والتباطؤ الشديد بسلاسل التصدير ناهيك عن الحرب التجارية والتغير الجيوسياسي وضعف الحصول على الطاقة.

 

# منطقة اليورو ففيها أكثر وضوح للركود حيث لم يتجاوز النمو 1% في عام 2024 ولم يتجاوز 1,2% لعام 2025 ونحن

 

 

على أعتاب نهايته، والحروب التي تلقي بظلالها على اقتصاد الاتحاد الأوروبي ومسألة التسلح وضعف وسائل الحصول على الطاقة مع التغيرات التي تطرأ على منطقة تصدير الطاقة.

 

# أما الأسواق الناشئة فهي تجني خيبات الأمل وتخوض معارك كبيرة لقلة السيولة وارتفاع التضخم لمستويات غير محدودة والدين الخارجي الذي يدفع بها سريعا للانهيار قبل غيرها.

 

# انعدام الثقة بالمؤسسات الحكومية الدولية مثل منظمة التجارة العالمية وصندوق النقد الدولي، والتي فقدت سيطرتها على تنفيذ ما نشأت عليه.

 

إن ما نعانيه اليوم ليس ناجماً عن سوء قراءة حالية أو عدم استقرار مرحلة أو سوء تنفيذ المتسلطين على النظام الاقتصادي بل هو حكاية انهيار نظام مالي رأسمالي ولد وهو يحمل بذور موته في ثناياه، حيث سيطر لسنوات عديدة بنظامه الجشع والنفعية البحتة وقادته قوانين غير إنسانية من الاحتكار والربا وغيرها.

 

نحن اليوم على أعتاب هاوية لا ترقيع لها بل موت كلي، والبحث عن نظام اقتصادي جديد، والحقيقة هي موت المبدأ الرأسمالي برمته ولم يبق سوى أن يظهر نظام عالمي جديد حتى يعلن وفاة الرأسمالية ويحضّر جنازتها للدفن الأبدي.

 

ولا يصلح لذلك سوى مبدأ الإسلام الذي ما فتئت الرأسمالية تحارب إمكانية ظهوره، فإن النظام الرباني وضع لتنظيم العلاقات البشرية، وهو يحتوي على نظام اقتصادي قائم على العدل والمساواة وحفظ النفس البشرية وليس فيه أدوات الغش والتدليس، وهو الوحيد الذي يعيد للعالم ولاقتصاده الاستقرار والثبات والثقة وذلك بالعودة إلى نظام الذهب والفضة.

 

وهناك رأي شرعي في هذه العملات الإلكترونية، ولا يسعني هنا إلا أن أورد بعضا من كلام أمير حزب التحرير العالم الجليل عطاء بن خليل أبو الرشتة في جواب سؤال أصدره بتاريخ 18/12/2017 عن العملات الرقمية:

 

(والخلاصة، أنها سلعة مجهولة المصدر لا ضامن لها، عرضة لعمليات النصب والاحتيال، وهيمنة الدول الرأسمالية المستعمرة وبخاصة أمريكا لاستغلال هذه الأمور لنهب ثروات الناس... ولذلك فلا يجوز شراؤها للأدلة الشرعية التي تنهى عن شراء وبيع كل سلعة مجهولة، ومن الأدلة على ذلك:

 

- أخرج مسلم في صحيحه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللهِ ﷺ عَنْ بَيْعِ الْحَصَاةِ، وَعَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ».

 

وأخرجه كذلك الترمذي عن أبي هريرة... "بيع الحصاة" كأن يقول بعتك من هذه الأثواب ما وقعت عليه الحصاة التي أرميها، أو بعتك هذه الأرض من هنا إلى ما انتهت إليه هذه الحصاة... فالمبيع مجهول وهو منهي عنه... "بيع الغرر" أي المجهول غير المعلوم كبيع السمك في الماء الكثير واللبن في الضرع وبيع الحمل في البطن ونظائر ذلك، وكل ذلك بيعه باطل لأنه غرر...

 

ومنه يتبين تحريم بيع الغرر أو المجهول، وينطبق هذا على واقع البيتكوين، فهو سلعة مجهولة المصدر، ولا جهة رسمية أصدرتها تكون ضامنة لها، فعليه فلا يجوز بيعها ولا شراؤها). انتهى

 

 

كتبه للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

نبيل عبد الكريم

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

 

حل الدولتين خيانة عظمى ترعاها أمريكا وينفذها العملاء

 

منذ أن زرع الكافر المستعمر كيان يهود في قلب الأمة الإسلامية على الأرض المباركة فلسطين، وهو يعلم أن وجود هذا الكيان طارئ لا جذور له، ومعادٍ لفطرة الأمة ووعيها العقائدي والتاريخي. ولهذا، وبعد عقود من القهر والإجرام والتهجير والمجازر، أدركت أمريكا أن الاحتلال وحده لا يكفي لضمان ديمومة كيان يهود، فكان لا بد من مشروعٍ سياسيٍّ خبيث "حل الدولتين".

 

هذا المشروع لا يُراد به السلام، بل تثبيت كيان يهود في جسد الأمة، وتمكينه من الأرض، ومنحه الغطاء "الشرعي" الدولي من خلال دويلة فلسطينية هزيلة، تقوم بمهمة الوكيل الأمنيّ، تحمي الاحتلال، وتقمع أهل فلسطين، وتطارد المقاومين.

 

لقد جعلت أمريكا من هذا المشروع أولوية في سياساتها بالمنطقة، وحشدت له الأنظمة الخائنة في بلاد المسلمين، وأوعزت لها أن تسوّقه بعبارات خداعة مثل "حل عادل"، و"سلام دائم"، و"حقوق الفلسطينيين". والحقيقة أن هذا المشروع لا يمنح أهل فلسطين إلا سلطة وظيفية تقمعهم وتحرس يهود، كما هو الحال في سلطة عباس اليوم.

 

أمريكا لم تكتفِ بالدعم السياسي والعسكري لكيان يهود، بل استغلت المؤسسات الدولية كالأمم المتحدة ومجلس الأمن و"الرباعية الدولية"، لتضفي شرعية زائفة على الاغتصاب، وتحوّل قضية الأمة المركزية إلى نزاع حدودي يمكن تسويته ببعض المفاوضات والتنازلات.

 

وهكذا أصبحت السلطة الفلسطينية أداة من أدوات الاحتلال، وأضحى التنسيق الأمني وسيلة لخنق المقاومة، ووسيلة لإجهاض كل تحرك حقيقي لخلع الاحتلال من جذوره.

 

لكن الأمة ليست غافلة، فإن وعيها يتنامى، وثقتها بالإسلام تزداد. وحين تنهض الأمة، وتُقيم الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، ستُلغى كل الاتفاقيات الخائنة، وستحرر فلسطين كاملة، ولن يُترك شبر منها لاحتلال أو مساومة.

 

إن حل فلسطين ليس بالتفاوض ولا بالقرارات الدولية، بل بالجهاد في سبيل الله، تحت راية خليفة يقود الأمة لتحرير الأرض وتطهير المقدسات.

 

﴿وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

عبد المحمود العامري – ولاية اليمن

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

 

تحويل الصراع في السودان إلى طابع قبلي

 

إن تحويل الصراع في السودان إلى طابع قبلي ليس مجرد نتيجة عشوائية، بل ينظر إليه كثير من المراقبين كاستراتيجية ممنهجة، يُستخدم فيها عدد من الشخصيات العسكرية والسياسية لتأجيج الانقسامات القبلية وتعبئة المجتمعات المحلية في الحرب. ومن أهم الشخصيات التي وردت في هذا السياق:

 

شخصيات بارزة يُتهم الجيش السوداني باستخدامها في عسكرة القبائل:

 

عبد الرحيم دقلو - نائب قائد قوات الدعم السريع

 

في مقابلة مع سكاي نيوز عربية بتاريخ 7 أيلول/سبتمبر 2023، قال: "الميثاق السياسي يمثل بداية طريق إنهاء المعاناة، والمحاسبة ستشمل كل من تورط في انتهاكات حقوق الشعب... الحرب التي يشنها الإسلاميون ليست سياسية بل بالبندقية والتضليل الإعلامي" (سكاي نيوز عربية). كما كشفت تقارير أخرى عن تعليمات مباشرة منه للتعامل الحازم مع الزعماء القبليين الذين يطالبون بحقوق عناصرهم، بما يشمل التصفية الجسدية.

 

عبد الفتاح البرهان – قائد الجيش السوداني

 

في خطاب ببورتسودان بتاريخ 26 نيسان/أبريل 2025، صرّح بأن "من يتخلى عن حمل السلاح من المقاتلين أو عن دعم المليشيا من السياسيين سيكون مرحباً به... لا توجد فرصة ثانية للمؤتمر الوطني للعودة إلى الحكم على أشلاء السودانيين". كما أعلن عن تغيير العقيدة القتالية للجيش، وقال: "كل الأسلحة التي اقتنيناها طوال تاريخنا دفاعية، والآن سنغير هذا الشيء".

 

 موسى هلال – زعيم قبلي وقائد مجلس الصحوة

 

في تصريح له بتاريخ 22 نيسان/أبريل 2024، أعلن دعمه للجيش السوداني في الحرب ضد الدعم السريع، وقال: "تشكيل قوة عسكرية مشتركة مع الحركات المتحالفة مع الجيش السوداني هو خطوة استراتيجية لتغيير موازين الحرب". (الشرق الأوسط)

 

الفريق ياسر العطا بشأن إبراهيم بقال

 

في بيان غير رسمي نُقل عبر الإعلام المحلي بتاريخ 9 تشرين الأول/أكتوبر 2025، قال: "عودة بقال إلى حضن الوطن ليست صفحاً عن الماضي، بل بداية لمحاسبة النفس، ومن تاب وأخلص للوطن فله مكان بيننا". (نبض الوطن)

 

أما إبراهيم بقال نفسه فقد صرّح بالقول: "أقدم اعتذاري للفريق ياسر العطا ولكل من أسأت له لفظياً... استضفت اجتماعات قيادات الدعم السريع في بيتي بالصالحة، لكنني واجهت الإهمال منهم، وسرت 18 يوماً حتى وصلت نيالا". (المصدر نفسه أعلاه)

 

العمد والنظار المحليون

 

ظهرت مقاطع مصورة لاجتماعات بين قيادات الجيش وزعماء قبائل، تحث فيها القبائل على حمل السلاح والانخراط في القتال. (إندبندنت)

 

كيف تُستخدم هذه الشخصيات؟

 

- التحريض الإعلامي: عبر خطابات تعبئة تستنهض العصبية القبلية.

 

- التجنيد المحلي: تشكيل مليشيات قبلية مسلحة تحت إشراف الجيش.

 

- التحالفات السياسية: مبايعات قبلية علنية للجيش أو الدعم السريع، ما يُحول الصراع من سياسي إلى قبلي.

 

النتائج المترتبة:

 

- تفكيك المجتمع: إذ يتحول الجار إلى خصم بسبب الانتماء القبلي.

 

- إطالة أمد الحرب: لأن الصراع يصبح شخصياً وجهوياً.

 

- صعوبة الحل السياسي: لأن الأطراف تصبح متعددة وغير مركزية.

 

إن ما يجري في السودان، وبالأخص في إقليم دارفور، هو فصل من فصول المؤامرة الدولية بأدوات محلية، باعت الأرض والعرض بحفنة من المال القذر، يبتغون عرض الحياة الدنيا على حساب تشريد الملايين.

 

الحل من وجهة نظر سياسية جذرية

 

- إقامة دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، باعتبارها النظام الوحيد القادر على إنهاء الصراعات القبلية والجهوية.

 

- إلغاء الأنظمة الوضعية التي كرّست الانقسام والفساد، واستبدال نظام إسلامي شامل بها.

 

- توحيد الأمة الإسلامية تحت قيادة واحدة، ترفض التبعية للغرب، وتعيد للأمة عزتها ومنعتها.

 

- رفض كل أشكال التدخل الأجنبي، سواء عبر قوات حفظ السلام أو المبادرات الدولية التي تُكرّس الهيمنة الغربية.

 

لماذا هذا الطرح مهم؟

 

لأن تحويل الصراع إلى قبلي ليس مجرد تكتيك محلي، بل هو جزء من مخطط دولي لتفتيت السودان، وإضعاف أي مشروع نهضوي إسلامي. واستخدام شخصيات مثل البرهان ودقلو وهلال في هذا السياق يُظهر كيف تُدار الحرب بأدوات محلية تخدم أجندات خارجية.

 

﴿أَيَبْتَغُونَ عِندَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ العِزَّةَ لِلّهِ جَمِيعاً

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

حاتم العطار – ولاية مصر

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

 

قراءة في المشهد الدولي والصراع على السودان

 

قال الله سبحانه وتعالى: ﴿أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً إِمْراً﴾

 

بهذه العبارة القرآنية، يمكن تلخيص ما يجري في السودان من حرب عبثية تُدار من الخارج، وتُنفذ بأيادٍ محلية، في مشهد يُعيد إنتاج الاستعمار بثوب جديد، ويُغرق البلاد في دوامة من الدم والانقسام.

 

 أولاً: من الاستعمار البريطاني إلى الهيمنة الأمريكية، فمنذ دخول الاستعمار البريطاني إلى السودان في القرن التاسع عشر، تم ترسيخ نفوذ سياسي وثقافي عميق عبر الإدارة الثنائية (الإنجليزية-المصرية). وبعد الاستقلال عام 1956، بدأ السودان يشهد صراعاً داخلياً بين المدنيين والعسكر، وهو في جوهره انعكاس لصراع خارجي بين رجال أوروبا ورجال أمريكا.

 

 - في عام 1958، نفّذ الجنرال إبراهيم عبود أول انقلاب عسكري، لكنه لم يستمر طويلاً، إذ أطاحت به ثورة تشرين الأول/أكتوبر 1964، التي أعادت الحكم المدني. ثم جاءت حكومة مدنية بقيادة أحزاب سياسية ذات ارتباط تاريخي بالنفوذ البريطاني، مثل حزب الأمة والاتحادي الديمقراطي.

 

- في عام 1969 أطاح جعفر نميري بالحكومة المدنية باسم "الضباط الأحرار"، وبدأت مرحلة جديدة من حكم العسكر استمرت 16 عاماً، كانت فيها الولاءات تميل نحو أمريكا، خاصة بعد تحالفه معها في ثمانينات القرن الماضي.

 

- انتهى حكم نميري بثورة نيسان/أبريل 1985، وعادت حكومة مدنية بقيادة الصادق المهدي، لتُعيد التوازن نحو القوى المرتبطة بالنفوذ الأوروبي. وهكذا، ظل السودان يتأرجح بين مطرقة العسكر الموالين لأمريكا وسندان المدنيين المرتبطين بأوروبا، في دورة سياسية تُدار من الخارج أكثر مما تُدار من الداخل.

 

ثانياً: المخطط الأمريكي

 

- الهيمنة، وتصفية النفوذ الأوروبي عبر دعم الانقلابات العسكرية التي تُطيح بالنخب المرتبطة ببريطانيا وأوروبا وفرض اتفاقيات تُعيد تشكيل الولاءات.

 

- تثبيت رجال أمريكا في الحكم من خلال دعم شخصيات عسكرية ومدنية موالية لها، وفرض مسارات انتقالية تُبقي السودان في حالة عدم استقرار.

 

- الإسراع في فصل دارفور بعد فصل الجنوب، عبر دعم الحركات المسلحة وتغذية الصراع العرقي، واستخدام الحرب كذريعة لتدويل الملف وفرض حل انفصالي.

 

ثالثاً: أدوات أمريكا في تنفيذ المخطط، منها الانقلابات العسكرية، وتغيير الأنظمة لصالح شخصيات موالية لأمريكا، والاتفاقيات الدولية مثل نيفاشا والدوحة لتفكيك وحدة السودان، والمنظمات الإنسانية بوابة للتدخل السياسي والضغط الدولي، والتمويل المشروط، وفرض أجندات اقتصادية تُضعف السيادة الوطنية، والتحالفات الإقليمية واستخدام دول مثل الإمارات والسعودية كأذرع تنفيذية للمشروع الأمريكي.

 

رابعاً: الحرب الحالية - خرق السفينة لإغراق أهلها.

 

الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع ليست مجرد صراع داخلي، بل هي أداة أمريكية لإعادة تشكيل السودان. فأمريكا تُغذي الصراع عبر دعم طرفين متنازعين، ثم تتدخل كوسيط لفرض حل يخدم مصالحها. والهدف النهائي هو تقسيم السودان إلى كيانات ضعيفة، يسهل التحكم بها، وتُبعد النفوذ الأوروبي نهائياً.

 

خامساً: إن الحل لا يكون عبر التسويات الدولية التي تُدار من عواصم الاستعمار وسفاراته في بلادنا، بل عبر إقامة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، التي تُوحد الأمة وتقطع يد التدخل الأجنبي في بلادها، لذلك فإن نصرة المخلصين في الجيش السوداني الذين يُدركون أن الانحياز إلى مشروع الأمة هو استنصار للإسلام، لا لحزب أو لشخص، بل لنهج رباني يُعيد للأمة هيبتها وسيادتها، وأن الوعي السياسي الجماهيري هو حجر الأساس في مواجهة هذا المخطط، وأن الأمة قادرة على النهوض إذا توفرت القيادة المخلصة والرؤية الواضحة.

 

ختاماً، فإن السفينة تُخرق من الداخل، لكن اليد التي تحمل أسباب الخرق هي من ترسم وتخطط تمتد من واشنطن ولندن وباريس. وما لم يُدرك أهل السودان حقيقة المعركة، فإن الغرق بالكامل قادم لا محالة. وما الحرب إلا وسيلة لإعادة رسم الخرائط، وتصفية النفوذ، وتثبيت الهيمنة. لكن الوعي هو أول الطريق نحو النجاة، والنصرة هي مفتاح التغيير الحقيقي.

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

حاتم العطار – ولاية مصر

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

تحريك أصحاب الهمم للقيام بواجبهم

 

قال تعالى: ﴿وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ﴾، فهذا البيان الإلهي يؤكد أن الإسلام ليس مجرد موعظة روحية، بل هو نظام شامل للحياة، جاء بعقيدة راسخة تُقنع العقل وتملأ القلب طمأنينة، وبأحكام تنظم حياة الإنسان في جميع شؤونها: في الحكم، والاقتصاد، والاجتماع، والسياسة، والتعليم والعلاقات الدولية... إنه دين حق، لأنه من عند الله، وقد بني على أساس متين، هو العقيدة الإسلامية التي ينبثق منها النظام، فيكون ارتباط الإنسان به ارتباطاً فكرياً عن قناعة، لا تقليداً ولا عاطفة، فهو يوافق الفطرة السليمة ويخاطب العقل، ولذلك فإن من آمن به إيماناً واعياً لا يملك إلا أن يحمله ويدعو إليه ويجاهد في سبيل إظهاره وتطبيقه، فحمل الإسلام واجب شرعي، وفرضٌ عظيم، قال الله تعالى: ﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ﴾، فهل اتبعنا ما أمرنا الله به، لا سيما وأننا نذرنا أنفسنا لحمل أمانة عظيمة وتغيير هذا الواقع الجائر بإقامة الخلافة الراشدة؟

 

أيها الإخوة: إننا نحمل أمانة عظيمة، هي أمانة الدعوة، أمانة حمل الإسلام لإقامة الدين في واقع الحياة، وهي أمانة الرسل، وميراث نبينا وحبيبنا محمد ﷺ، وإن الله سائلنا عمّا استرعانا، فلنعمل ليوم لا ينفع فيه مال ولا بنون، إلا من أتى الله بقلب سليم. نعم أيها الإخوة، اليوم عمل ولا حساب، وغداً حساب ولا عمل؛ اليوم نُسأل: هل بلّغنا رسالة ربنا؟ هل سلكنا طريق التغيير الشرعي كما أمرنا الله؟ هل ثبتنا على المبدأ دون مداهنة أو تراجع؟ فكل شيء فانٍ، والملك كله زائل، والسلطان إلى زوال. ﴿وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ﴾.

 

أيها الكرام: ما ظنكم بالموقف يوم الحشر؟! ذلك الموقف المهيب، يوم تذهل كل مرضعة عما أرضعت، وتضع كل ذات حمل حملها، وتذهل النفوس وتبكي العيون، إنه موقف كرب وذل وفزع عظيم، لا يُنجي منه إلا عمل خالص موافق لأمر الله. قال رسول الله ﷺ: «الْكَيِّسُ مَنْ دَانَ نَفْسَهُ وَعَمِلَ لِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ، وَالْعَاجِزُ مَنْ أَتْبَعَ نَفْسَهُ هَوَاهَا وَتَمَنَّى عَلَى اللَّهِ».

 

فيا حملة الدعوة، يا من رضي الله لكم أن تكونوا جنوده في الأرض: اعملوا العمل الصالح الصائب، كما طلبه الله لا كما تراه الأهواء أو تمليه المصالح. اثبتوا على الطريق، أخلصوا النية، وتمسكوا بالفكرة والطريقة، واصبروا كما صبر أولو العزم من الرسل.

 

فلنكن أيها الإخوة من الذين يتركون أثراً لا يُمحى، من الذين يسطرون بدمائهم وكلماتهم طريق الخلافة والنصر، فإن هذا الدرب، وإن طال، هو درب العزة والخلود، فلنشد العزم، ونتجهز ليوم العرض الأكبر، فالدعوة تنادي، والنصر يقترب، والأمة تنتظر منا الكثير.

 

أيها الإخوة، يا حملة الدعوة: استمعوا لما ورد في الأثر عن أبي ذر: "جدد السفينة فإن البحر عميق، وأكثر الزاد فإن السفر طويل، وأخلص العمل فإن الناقد بصير، وخفف الحمل فإن العقبة كؤود"، نعم، فالبحر عميق، والفتن تموج، والناس تتخبط، ولكن أنتم على نور من ربكم، فاجعلوا سفينتكم متينة مشدودة بحبال الإيمان، ولا تحملوها إلا العمل الخالص، فالميزان دقيق، والناقد بصير.

 

لنكن من أصحاب الهمم العالية، لا نرضى بالدون، ولا نساوم على الحق، ولا نركن للراحة، فصاحب الهمة هو من باع نفسه لله ليقيم دينه، يرى في الخلافة وعداً من الله لا شك فيه، ويعلم أن النصر مع الصبر، وأن العاقبة للمتقين.

 

قال الله تعالى: ﴿إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ﴾ فمن نصره الله فلا غالب له، ومن خذله الله فأنّى له الفوز؟! إن أمامنا أمة تتطلع للتغيير، أمامنا دماء في غزة تنادي، وصرخات من المسجد الأقصى تستغيث، وخيانة تطوق البلاد من كل جهة، فهل قمنا للحق، فصرخنا في وجه الباطل، وتحركنا لنصرة دين الله؟! فلنتذكر قول الحسن البصري: "الدنيا ثلاثة أيام: أما الأمس فقد ذهب بما فيه، وأما الغد فلعلك لا تدركه، وأما اليوم فلك فاعمل فيه". نعم اليوم هو يومنا، فلنعمل فيه، ولنغتنم ما بقي من أعمارنا، فلنعمل فإننا على طريق نبينا، وإن الله لا يضيع أجر من أحسن عملاً.

 

أيها الإخوة يا حملة الدعوة: نعم، دعوتنا بيضاء نقية كفلق الصبح، لا يشوبها غبش، ولا تعتريها شوائب، دعوتنا لا تقوم على عصبية، ولا تربطها روابط النسب أو المصلحة أو الجغرافيا أو المصالح الدنيوية، بل رابطتنا هي العقيدة، ومبدؤنا هو الإسلام، ومنطلقنا هو رضا الله سبحانه وحده لا شريك له. «كُونُوا عِبَادَ اللهِ إِخْوَاناً» هذه وصية رسولنا ﷺ، ونحن نرجو أن نكون ممن تحقق فيهم هذا المعنى، فآخى الإسلام بين الأنصار والمهاجرين، وكانوا من أعظم النماذج للتضحية والإيثار.

 

أيها الإخوة: إن حمل الدعوة ليس وظيفة أو ترفاً فكرياً، بل هو عمل الأنبياء والرسل، ووراثة طريقهم، وسير على خطاهم، فهو شرف عظيم ومسؤولية جسيمة. قال رسول الله ﷺ: «لَأَنْ يَهْدِيَ اللَّهُ بِكَ رَجُلاً خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَكَ حُمْرُ النَّعَمِ»، فكم من الناس اليوم يحتاجون للهداية؟ وكم من المظلومين ينتظرون الفرج على أيدينا؟! فهل نرضى أن نعيش بلا غاية؟ أن نكون رقماً زائداً في الحياة؟! أن تمر أعمارنا ونُسأل: ماذا أنجزنا لديننا وأمتنا؟!

 

كلا والله، فلنكن من السابقين، من المبادرين، من الذين يتركون الأثر لا الأنين، ويبنون لا ينتظرون.

 

قال تعالى: ﴿قُلْ هَٰذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ﴾، فهي طريق واضحة، على بصيرة، لا غموض فيها ولا ريبة، دعوة إلى إقامة الدين، وتحقيق وعد الله سبحانه بخلافة على منهاج النبوة.

 

أيها الإخوة: لسنا ممن يعيش ليأكل ويشرب فقط، بل نحن أمة رسالة، أمة قيادة، أمة هداية. فلنختر أن نكون كعمر وسعد وصلاح الدين وخالد... رجال غيروا مجرى التاريخ، تركوا بصماتهم نوراً، وسيرتهم عطراً، وأثرهم شاهداً.

 

فيا من تسمع هذه الكلمات، سارع إلى مغفرة من ربك ولا تلتفت إلى المثبطين، ولا تنشغل بالناعقين، بل كن شعلة أمل، ونور هداية، ولبنة في صرح الإسلام العظيم. فقد قال رسول الله ﷺ: «إِذَا مَاتَ ابْنُ آدَمَ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثٍ: صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ» (رواه مسلم). وهذا الحديث يذكّرنا بأن ما يبقى للإنسان بعد موته هو ما قدّمه في حياته من أثرٍ نافع وأعمالٍ صالحة، فالدنيا مزرعة للآخرة، وما نغرسه اليوم نحصد ثمرته غداً. فلنسعَ أن نكون ممن يتركون علماً نافعاً في الأمة، ودعوةً مباركة تنتفع بها الأجيال، وذرية صالحة تواصل طريق الحق، فهذا هو الاستثمار الحقيقي الذي لا يخسر أبداً.

اللهم اجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، اللهم اجعلنا من الذين يستجيبون لدعوتك، ويعملون لإقامة دينك، ويثبتون حتى يروا النصر بأعينهم أو يلقوك وأنت عنهم راضٍ. آمين.

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

عبد المحمود العامري – ولاية اليمن

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

الخلافة وعدُ الله

الذي لا يُطفئه غيابٌ ولا يُعطّله طغيان

 

 

في زمنٍ تتكاثر فيه الأزمات وتتمزق فيه الأمة بين أنظمةٍ ودساتير وضعية، يبرز السؤال الجوهري: هل هناك مخرج حقيقي من هذا الواقع؟ الجواب واضح لكل من يتأمل بصدق: أن الخلافة هي الحلّ الوحيد.

 

الخلافة على منهاج النبوة ليست مجرد شعار أو فكرة خيالية؛ بل هي مشروع سياسي شرعي متكامل يستند إلى أن الحاكمية لله وحده، وأن التشريع مصدره الوحي لا هوى البشر أو مصالح دولية. هي التي تعيد للأمّة وحدتها السياسية والشرعية، وتحوّلها من مجموع دولٍ متفرقة خاضعة للهيمنة إلى كيانٍ صاحب قرار، يحرّك قوته الاقتصادية والسياسية والعسكرية تحت وثيقة شرعية واحدة تُحكّم شرع الله في كل المجالات. في هذا الإطار تُقرأ القضايا المعاصرة من التبعية الدولية إلى الانحرافات المجتمعية والاقتصادية بوصفها نتائج طبيعية لغياب سلطةٍ شرعية جامعة. فهي نظام حكمٍ واقعيّ، ربانيّ، شاملٌ لكل جوانب الحياة. كيف؟

 

أولاً: بتطبيق الشريعة بالكامل

 

الخلافة تُلزم الدولة بتحكيم شرع الله في كل المجالات: السياسة، الاقتصاد، القضاء، الأسرة، التعليم، والإعلام. فلا مجال لتناقضٍ بين الدين والحياة، بل تُبنى الدولة على عدلٍ ربانيّ لا على أهواء البشر، فتتحقق العدالة والاستقرار من خلال منظومة إلهية متكاملة.

 

ثانياً: توحيد الأمة الإسلامية

 

الخلافة تلغي الحدود المصطنعة التي فرّقت المسلمين، وتعيدهم جسداً واحداً تحت رايةٍ واحدة. عندها تنتهي حالة الضعف والتمزق، وتتحول الأمة إلى قوةٍ سياسيةٍ وعسكريةٍ واقتصاديةٍ مهابة الجانب، لا تُكسر شوكتها ولا يُملى عليها.

 

ثالثاً: بالاستقلال عن الهيمنة الغربية

 

الخلافة ترفض الخضوع للمؤسسات الدولية كالأمم المتحدة وصندوق النقد الدولي، وتعيد صياغة العلاقات الدولية على أساس السيادة والكرامة الإسلامية. فلا تبعية ولا إملاءات، بل تعاملٌ نِدّيّ قائم على مبدأ: «الْإِسْلَامُ يَعْلُوَ، وَلَا يُعْلَى عَلَيْهِ».

 

رابعاً: بالعدالة الاقتصادية الحقيقية

 

في ظل الخلافة يُحرَّم الربا، ويُمنع الاحتكار، وتُوزَّع الثروات بالعدل، فتُضمن الحقوق الأساسية للناس: السكن، التعليم، الصحة، الطعام، والأمن. هي منظومة تحفظ كرامة الإنسان وتُحقق التوازن، لا كما نرى اليوم من فجواتٍ طبقيةٍ قاسية ونظامٍ رأسماليّ لا يرحم الضعفاء.

 

خامساً: بنصرة المظلومين وحمل الدعوة للعالم

 

الخلافة لا تنكفئ على ذاتها، بل تتحرك لنصرة المسلمين في كل مكان، وتحمل رسالة الإسلام للعالم دعوةً وعدلاً ورحمة. هي نموذج حضاريّ فريد، لا يسعى للهيمنة، بل لإخراج البشر من عبودية البشر إلى عبودية رب البشر.

 

سادساً: بتجذير القيم الإسلامية

 

من خلال التعليم والإعلام، تُنشئ الخلافة أجيالاً مؤمنة واعية، تعرف هويتها وتعتزّ بدينها، لا تذوب في تيارات الغرب ولا تنبهر بزيف الحضارة المادية. وبذلك تُحفظ الأسرة والمجتمع من الانهيار الأخلاقي، وتبقى الهوية الإسلامية راسخة قوية.

 

إن الخلافة ليست كهنوتاً بل نظام حكم رباني، هي نظامٌ سياسيّ عمليّ يقوم على الوحي، ويهدف لتحقيق العدل والكرامة والوحدة، ويجعل الحاكم مسؤولاً أمام الله والأمة. في ظلّها يُحاسب الكبير والصغير، ولا حصانة لأحد، لأن السيادة فيها للشرع لا للأشخاص.

 

في المقابل: نعيش اليوم في ظل الديمقراطية الغربية والرأسمالية، حيث القوانين من صنع البشر، تتبدل وفق المصالح والضغوط السياسية. لا أمة واحدة بل دول قومية تكرّس التفرقة والولاء (للوطن) بدل الولاء للدين. البرلمانات والأحزاب تُدار بالمصالح، يهيمن عليها رأس المال أو العسكر. الاقتصاد قائم على السوق الحرّ والربا، والفقراء يُتركون لقدَرهم. أما السياسة الخارجية فمرتهنة للغرب، تعترف بكيان يهود وتنسق أمنياً معه. والنظام الاجتماعي وصل إلى حدّ تقنين الانحراف: زواج مدني، مساواة في الميراث، منع تعدد الزوجات... حتى تفككت الأسر وضاعت القوامة. بينما الخلافة تعيدُ للقوامة معناها الشرعي من خلال تشريعٍ يحفظ الأسرة ويضع كل ذي حقٍ في حقه ضمن نظام عدلٍ لا هوى فيه ولا استبداد. وبإرساء هذا النظام تنهار أسباب التفكك: غياب الشرع، ضياع الهوية، والضغط الاقتصادي، فتعود الأسرة حصناً متيناً وقاعدةً لنهوض الأمة.

 

إن استئناف الحياة الإسلامية بإقامة الخلافة على منهاج النبوة سيُقيم العدل بين الناس وتسعى لرضا الله، بينما الأنظمة القائمة تُدار بالمصلحة والنفوذ والهيمنة، فجلبت الفقر والحروب والفساد. فماذا ننتظر؟

إنّ الخلافة ليست حلماً من الماضي، بل هي فرضٌ ربانيّ وواجبٌ شرعيّ على الأمة أن تعمل له كما تعمل لصلاتها وصيامها. هي وعدُ الله بالاستخلاف، وبها وحدها تستعيد الأمة عزّها وكرامتها، وتنهض لتقود العالم بعد طول تيهٍ وضياع.

 

لقد تاهت البشرية بين أنظمةٍ وضعيةٍ فاسدةٍ جرّت الناس إلى الفقر والحروب والانحلال، ولن ينهضها إلا نظامٌ من عند الله، يحرر الإنسان من عبودية البشر.

 

وآن للأمة أن تدرك أن مشكلتها ليست في الأشخاص ولا في الحكومات المتعاقبة، بل في النظام نفسه الذي يُقصي شرع الله عن الحكم، ويُحكّم الأهواء والمصالح مكان الوحي. فإقامة الخلافة ليست ترفاً فكرياً، بل قضية مصيرٍ للأمة كلّها، وواجبٌ يحرّك الأحرار ليعيدوا سلطان الإسلام إلى الأرض.

 

فيا أمةَ محمد ﷺ، لا تنتظري المعجزة، بل اصنعيها بطاعتك لله وعملك لإقامة الخلافة على منهاج النبوة، فهي وعد ربك، وبها وحدها تعود السيادة للشرع والعزّة للمسلمين. فلا خلاص للأمة إلا بكسر القيود وإسقاط أنظمة الخيانة، واستئناف الحياة الإسلامية بإقامة خلافةٍ على منهاج النبوة. فالعزّة كل العزّة بتحكيم شرع الله، ومن يبتغيها في غيره أذلّه الله. لقد آن للأمة أن تدرك أن مشكلتها ليست في الأشخاص بل في النظام نفسه، وأن طريق النهوض يبدأ بخليفةٍ لا يخشى إلا الله.

 

وختاماً، نستبشر بوعد الله الحقّ الذي لا يُخلف الميعاد: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً﴾.

 

 

كتبته للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

منال أم عبيدة

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

التنازع بين البشر أسبابه وعلاجه

 

أولا: تعريف التنازع:

 

 أ- التنازع بالمعنى اللغوي

 

الأصل اللغوي: من الفعل "نَزَعَ"، الذي يعني الجذب، السحب، والإزالة.

 

التنازع: هو التجاذب والتدافع بين طرفين أو أكثر، حيث يحاول كل طرف جذب الأمر لنفسه.

 

مثال: يُقال: "تنازع الرجلان على الشيء" أي تجاذبا واختلفا عليه.

 

ب- التنازع بالمعنى الشرعي (في القرآن والسنة)

 

في القرآن الكريم، وردت مادة (نزع) في مواضع عدة، وأشهر استخدام لكلمة "تنازع" جاء في سياق النهي عن الخلاف والنزاع: النهي عن التنازع (الاختلاف) لأنه يؤدي إلى الضعف:

الآية: ﴿وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ﴾ [سورة الأنفال: 46].

 

المعنى الشرعي هنا: النهي عن الاختلاف والتصارع بين المسلمين، لأن ذلك يؤدي إلى: الفشل، وذهاب القوة والشجاعة (ريحكم). وهو تحذير من التفرقة التي تُضعف الأمة.

معان أخرى لمادة (نزع) في القرآن: السحب والإزالة: ﴿وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ﴾ [الأعراف: 43]، أي أزلنا وأخرجنا.

 

الانتزاع بالقوة: ﴿فَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ﴾ [الأعراف: 108].

 

جـ- التنازع بالمعنى الاصطلاحي (في العلوم الإسلامية)

يختلف المعنى الاصطلاحي حسب العلم:

 

في علم أصول الفقه:

 

"تنازع الأدلة" يعني تعارض دليلين شرعيين ظاهرياً، فيحتاج المجتهد إلى الجمع بينهما أو الترجيح.

 

في السياسة الشرعية:

 

"التنازع على السلطة" يعني الصراع والاختلاف على الحكم، وهو محرم لأنه يؤدي إلى الفتنة.

 

ثانياً: أسباب التنازع بين البشر

 

* أصل المشكلة (التنازع): الغرائز وحاجة الإشباع

 

خلق الله الإنسان وزرع فيه غرائز وحاجات عضوية (كالجوع، العطش، الجنس) يحتاج إلى إشباعها. والمشكلة ليست في وجود هذه الغرائز، بل في طريقة إشباعها، وعندما يُترك الناس دون توجيه رباني، يسعون لإشباع غرائزهم بطرق خاطئة تسبب التنازع والصراع، والسبب الرئيسي لذلك: عدم فهم أن الإسلام لم يحرم إشباع الغرائز، بل نظمها بضوابط تحقق التوازن.

 

أمثلة على إشباع الغرائز بطريقة خاطئة تسبب التنازع:

 

1- غريزة البقاء (البقاء/التملك)

 

* من مظاهرها: حب التملك والرغبة في البقاء والسيطرة على الموارد.

 

* سبب التنازع: عندما تُشبع بشكل فردي وأناني دون ضوابط وأنظمة مثل الرأسمالية التي تجعل المنافسة غير المنضبطة أساساً للاقتصاد ومنها كالأسباب التالية:

 

أ- أسباب نفسية وفردية:

 

مثل الأنانية وحب الذات: تفضيل المصلحة الشخصية على المصلحة العامة

والغرور والكبرياء: الاعتقاد بالأفضلية ورفض آراء الآخرين.

الحسد والضغينة: عدم تقبل نجاح الآخرين أو امتلاكهم للخيرات.

 

ب- أسباب مجتمعية واقتصادية:

 

مثل المنافسة على الموارد: الصراع على الثروة، الماء، الأراضي، أو الوظائف.

والفوارق الطبقية: اتساع الفجوة بين الأغنياء والفقراء.

والبطالة والفقر: يخلقان بيئة خصبة للتوتر والجريمة.

 

جـ- أسباب سياسية:

 

مثل الصراع على السلطة: بين الأحزاب، الجماعات، أو الدول.

والظلم والفساد: يؤدي إلى السخط والثورة.

والتدخل الخارجي: قد يفتعل النزاعات لخدمة مصالحه.

 

** نتيجة الإشباع الخاطئ:

 

- الصراع على الثروات (النفط، المياه، الأراضي).

- الحروب الاقتصادية والاستعمار.

- الظلم المجتمعي والطبقي.

 

2- غريزة النوع (الجنس/التكاثر)

 

* من مظاهرها: الرغبة في التكاثر وإشباع الدافع الجنسي.

* سبب التنازع: عندما تُشبع بالزنا والإباحية

** نتيجة الإشباع الخاطئ:

 

- الصراع على النساء (الخطف، الاغتصاب).

 

- تفكك الأسر وانتشار الأمراض.

- الصراعات العائلية على النسب والميراث.

 

3- غريزة التدين (التعبد/العقيدة)

 

* من مظاهرها: الحاجة الفطرية للعبادة والخضوع لقوة أعلى.

* سبب التنازع: عندما تُوجّه في عبادة غير الله كعبادة الطواغيت والأفكار المنحرفة ومن أمثلتها كالآتي:

 

أ- أسباب ثقافية وفكرية:

 

مثل الاختلاف في المعتقدات: الدين، العقيدة، أو القيم.

والتعصب: التعصب للعرق، القبيلة، أو المذهب.

وسوء الفهم: نتيجة لاختلاف اللغات أو العادات أو التقاليد.

 

** نتيجة الإشباع الخاطئ:

 

- الحروب العقائدية (الطائفية، التكفير).

- الصراع بين الأديان والمذاهب.

- الاستبداد الفكري والديني.

 

ثالثاً: المبدأ الأساسي للمعالجة:

 

العلاج لا يكون بكبت الغرائز بل بتنظيم إشباعها وفق منهج الله تعالى، الذي خلق هذه الغرائز وهو أعلم بكيفية تسخيرها لتحقيق الاستخلاف والعمران، كذلك توجيهها بالطريقة الصحيحة ضمن إطار شرعي يحقق التوازن الفردي والمجتمعي.

 

1- معالجة التنازع الناتج عن غريزة البقاء (التملك والسيطرة والسلطة)

 

من مظاهر التنازع ما يأتي:

 

أ- الصراع على الثروات والموارد.

 

* العلاج الإسلامي:

• تحريم الاحتكار

 

عن معمر بن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: «لَا يَحْتَكِرُ إِلَّا خَاطِئٌ» (رواه مسلم)

 

وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن النبي الله ﷺ قال: «الجَالِبُ مَرْزُوقٌ، وَالْمُحْتَكِرُ مَلْعُونٌ» (رواه ابن ماجه)

 

• إقرار مبدأ التكافل

 

قال تعالى: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى﴾ (سورة المائدة: 2)

وعن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: «مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ، مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى» (متفق عليه)

* الآلية التطبيقية:

 

• إلزام الأغنياء بالزكاة

 

قال تعالى: ﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا﴾ (سورة التوبة: 103).

وقال تعالى: ﴿وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ﴾ (سورة الأنعام: 141).

 

وقال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ * لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ﴾ (سورة المعارج: 24-25).

 

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: «مَا مِنْ صَاحِبِ كَنْزٍ لَا يُؤَدِّي زَكَاتَهُ إِلَّا أُحْمِيَ عَلَيْهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ، فَيُجْعَلُ صَفَائِحَ فَيُكْوَى بِهَا جَبِينُهُ وَجَنْبُهُ وَظَهْرُهُ» (متفق عليه).

• تشجيع الصدقات

 

قال تعالى: ﴿مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّائَةُ حَبَّةٍ﴾ (سورة البقرة: 261).

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: «مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا، نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ» (رواه مسلم).

 

• تحريم كنز الأموال

 

قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ (التوبة: 34).

ب - التنازع على المناصب والسلطة

 

* العلاج الإسلامي:

 

* تطبيق نظام الشورى والبيعة

الآلية التطبيقية:

 

1- شروط الخليفة: الإسلام، الذكورة، العدالة، الكفاءة، العلم بالشرع.

 

2- خطوات التطبيق

 

• ترشيح مجلس الشورى لعدد من المرشحين.

• عرض المرشحين على الأمة للاختيار.

• المبايعة العامة من ممثلي الأمة.

• المبايعة الخاصة (أهل الحل والعقد).

 

3- ضمانات النزاهة

 

• الشفافية الكاملة في عملية الاختيار.

• حق الأمة في محاسبة الخليفة وعزله إذا انحرف

* جعل السلطة أمانة ومسؤولية لا مغنماً

 

الآلية التطبيقية:

 

1- المسؤولية أمام الله ثم الأمة

 

• القسم: يؤدي الخليفة والقادة القسم على تطبيق الشرع.

• المحاسبة اليومية: يجب أن يقدم تقريراً دورياً عن أعماله.

 

2- منع الاستئثار بالمال

 

• رواتب محددة من بيت المال.

• منع التملك من أموال الدولة.

 

3- التطبيق العملي

 

مثال عمر بن عبد العزيز: كان يرفض هدايا الدولة ويقول: "هذا مال المسلمين".

 

• النهي عن التنازع على السلطة كما في قوله تعالى: ﴿وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا

 

 آلية التطبيق:

 

1- منع تعدد المرشحين

 

• يرفع مجلس الشورى اسم مرشح واحد فقط للأمة.

 

2- التحذير من الفتنة

 

• عقوبة المفسد: من يحاول إثارة الفتنة يعاقب عقوبة رادعة.

 

3- الالتزام بالطاعة

 

• طاعة ولي الأمر في المعروف.

 

• تحريم الخروج إلا بكفر بواح.

 

جـ- الظلم الاقتصادي

 

* العلاج الإسلامي:

 

• تطبيق نظام اقتصادي عادل يحقق التوزيع المتوازن للثروات

 

* الآلية التطبيقية:

 

• منع الربا

 

قال تعالى: ﴿الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ﴾ [البقرة: 275]

 

وقال تعالى: ﴿يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ﴾ [البقرة: 276]

 

وقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ﴾ [البقرة: 278]

 

وعن جابر رضي الله عنه قال: «لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ آكِلَ الرِّبَا، وَمُوكِلَهُ، وَكَاتِبَهُ، وَشَاهِدَيْهِ» (رواه مسلم)

 

• تحريم الغش

 

قال تعالى: ﴿وَإِنَّ كَثِيراً مِّنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾ [ص: 24]

 

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: «مَنْ غَشَّ فَلَيْسَ مِنَّا» (رواه مسلم)

 

وكان النبي ﷺ يمر على الصبرة من الطعام فيدخل يده فيها، فإن وجد بللاً قال: «مَا هَذَا يَا صَاحِبَ الطَّعَامِ؟» (رواه البخاري)

 

 • تطبيق نظام الإرث

 

قال تعالى: ﴿يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ ۖ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنثَيَيْنِ﴾ [النساء: 11]

 

وقال تعالى: ﴿وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ﴾ [النساء: 12]

 

• ضمان الحد الأدنى للمعيشة.

 

على الدولة أن تضمن للفرد الحاجات الأساسية كالمأكل والمشرب والمطعم والملبس.

 

• إحياء مفهوم الملكية العامة (الماء والكلأ والنار)

 

عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله ﷺ: «النَّاسُ شُرَكَاءُ فِي ثَلاَثٍ: الْمَاءِ، وَالْكَلَأِ، وَالنَّارِ» (رواه أبو داود)

 

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: «لاَ يُمْنَعُ فَضْلُ الْمَاءِ لِيُمْنَعَ بِهِ الْكَلَأُ» (متفق عليه)

 

د- الحروب والاستعمار

 

* العلاج الإسلامي:

 

• فرض الجهاد دفاعاً عن الحقوق

• ردع المعتدي.

 

* الآلية التطبيقية:

 

• إعداد القوة العسكرية

قال تعالى: ﴿وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ﴾ [الأنفال: 60].

 

وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: «أَلَا إِنَّ الْقُوَّةَ الرَّمْيُ، أَلَا إِنَّ الْقُوَّةَ الرَّمْيُ» (رواه مسلم)

 

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: «المُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ» (رواه مسلم).

 

• توحيد الصف

 

قال تعالى: ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلَا تَفَرَّقُوا﴾ [آل عمران: 103].

 

وقال تعالى: ﴿وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ﴾ [الأنفال: 46].

 

وعن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: «مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى» (متفق عليه)

• عدم ترك الثغرات للعدو

 

قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ﴾ [النساء: 71].

 

وقال تعالى: ﴿وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ﴾ [التوبة: 5]

 

وعن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: «رِبَاطُ يَوْمٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا عَلَيْهَا» (متفق عليه).

 

وعن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه قال: قال رسول الله ﷺ: «حَرَسٌ لَيْلَةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَفْضَلُ مِنْ صِيَامِ شَهْرٍ وَقِيَامِهِ» (رواه النسائي).

 

٢- معالجة التنازع الناتج عن غريزة النوع (الجنس والتكاثر)

 

من مظاهر التنازع ما يأتي:

 

أ- الفساد الأخلاقي.

 

* العلاج:

 

• تحريم الزنا ومقدماته

 

قال تعالى: ﴿وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً﴾ [الإسراء: 32]

 

وقال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الذين آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [النور: 19]

 

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: «كُتِبَ عَلَى ابْنِ آدَمَ نَصِيبُهُ مِنَ الزِّنَا، مُدْرِكٌ ذَلِكَ لَا مَحَالَةَ، فَالْعَيْنَانِ زِنَاهُمَا النَّظَرُ، وَالْأُذُنَانِ زِنَاهُمَا الْإِصْغَاءُ، وَاللِّسَانُ زِنَاهُ الْكَلَامُ، وَالْيَدُ زِنَاهَا الْبَطْشُ، وَالرِّجْلُ زِنَاهَا الْخُطَا، وَالْقَلْبُ يَهْوَى وَيَتَمَنَّى، وَيُصَدِّقُ ذَلِكَ الْفَرْجُ وَيُكَذِّبُهُ» (متفق عليه)

 

• الأمر بالعفاف وغض البصر

 

قال تعالى: ﴿قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ۚ ذَٰلِكَ أَزْكَىٰ لَهُمْ﴾ [النور: 30]

 

وقال تعالى: ﴿وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحاً حَتَّىٰ يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ﴾ [النور: 33]

 

وعن بريدة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: «يَا عَلِيُّ، لَا تُتْبِعِ النَّظْرَةَ النَّظْرَةَ، فَإِنَّ لَكَ الْأُولَى وَلَيْسَتْ لَكَ الْآخِرَةُ» (رواه أبو داود)

 

• منع السبل المؤدية إلى الفساد الأخلاقي

 

قال تعالى: ﴿وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَىٰ﴾ [الأحزاب: 33]

 

الآلية التطبيقية:

 

• تطبيق حد الزنا

 

قال تعالى: ﴿الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ ۖ وَلَا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ﴾ [النور: 2]

 

وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: «خُذُوا عَنِّي، خُذُوا عَنِّي، قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً، الْبِكْرُ بِالْبِكْرِ جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ، وَالثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ جَلْدُ مِائَةٍ وَالرَّجْمُ» (رواه مسلم)

 

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: «لَعَنَ اللَّهُ الزَّانِيَ وَالزَّانِيَةَ» (رواه البخاري)

 

• تربية النشء على الحياء

 

قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ﴾ [النور: 58]

 

وقال تعالى: ﴿وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا﴾ [النور: 59]

 

وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: «إِنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلَامِ النُّبُوَّةِ الْأُولَى: إِذَا لَمْ تَسْتَحِ فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ» (رواه البخاري)

 

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: «الْحَيَاءُ مِنَ الْإِيمَانِ» (متفق عليه)

 

• تيسير سبل الزواج

 

قال تعالى: ﴿وَأَنكِحُوا الْأَيَامَىٰ مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ﴾ [النور: 32]

 

وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: «مَنْ رَزَقَهُ اللَّهُ امْرَأَةً صَالِحَةً فَقَدْ أَعَانَهُ عَلَى شَطْرِ دِينِهِ، فَلْيَتَّقِ اللَّهَ فِي الشَّطْرِ الْبَاقِي» (رواه الطبراني)

 

• منع التبرج والسفور والفواحش الظاهرية والباطنية

 

قال تعالى: ﴿وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا﴾ [النور: 31]

 

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: «صِنْفَانِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَمْ أَرَهُمَا: قَوْمٌ مَعَهُمْ سِيَاطٌ كَأَذْنَابِ الْبَقَرِ يَضْرِبُونَ بِهَا النَّاسَ، وَنِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ مُمِيلَاتٌ مَائِلَاتٌ، رُءُوسُهُنَّ كَأَسْنِمَةِ الْبُخْتِ الْمَائِلَةِ، لَا يَدْخُلْنَ الْجَنَّةَ وَلَا يَجِدْنَ رِيحَهَا» (رواه مسلم)

 

وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله ﷺ: «أَيُمَا امْرَأَةٍ اسْتَعْطَرَتْ فَمَرَّتْ عَلَى قَوْمٍ لِيَجِدُوا رِيحَهَا فَهِيَ زَانِيَةٌ» (رواه الترمذي)

 

ب- تفكك الأسرة.

 

* العلاج:

 

• إقرار نظام الزواج الشرعي

 

قال تعالى: ﴿وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ﴾ [النور: 32]

 

وقال رسول الله ﷺ: «يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ» (متفق عليه)

 

• تحديد الحقوق والواجبات

 

قال تعالى: ﴿وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ﴾ [البقرة: 228]

 

وقال رسول الله ﷺ: «أَكْمَلُ الْمُؤْمِنِينَ إِيمَاناً أَحْسَنُهُمْ خُلُقاً، وَخِيَارُكُمْ خِيَارُكُمْ لِنِسَائِهِمْ» (رواه الترمذي)

 

الآلية التطبيقية:

 

• تشجيع الزواج: من الكتاب من حيث إنه:

 

1- سكن وطمأنينة

 

 قال تعالى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً﴾ [الروم: 21]

 

2- سبيل للعفة

 

قال تعالى: ﴿وَأَنكِحُوا الْأَيَامَىٰ مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ ۚ إِن يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ﴾ [النور: 32]

 

وتشجيع الزواج: من السنة من حيث إنه:

 

1- نصف الدين

 

عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: «مَنْ رَزَقَهُ اللَّهُ امْرَأَةً صَالِحَةً فَقَدْ أَعَانَهُ عَلَى شَطْرِ دِينِهِ، فَلْيَتَّقِ اللَّهَ فِي الشَّطْرِ الْبَاقِي» (رواه الطبراني)

 

2- سنة المرسلين

 

عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله ﷺ: «النِّكَاحُ مِنْ سُنَّتِي، فَمَنْ لَمْ يَعْمَلْ بِسُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي» (رواه ابن ماجه)

 

3- حفظ للدين والعرض

 

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: «ثَلَاثَةٌ حَقٌّ عَلَى اللَّهِ عَوْنُهُمْ: الْغَازِي فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَالْمُكَاتَبُ الَّذِي يُرِيدُ الْأَدَاءَ، وَالنَّاكِحُ الَّذِي يُرِيدُ الْعَفَافَ» (رواه الترمذي)

 

4- تكاثر الأمة

 

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: «تَزَوَّجُوا الْوَدُودَ الْوَلُودَ فَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمُ الْأُمَمَ» (رواه أبو داود)

 

• تحريم الطلاق بدون مبرر

 

قال تعالى: ﴿الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ﴾ [البقرة: 229]

 

وقال رسول الله ﷺ: «أَبْغَضُ الْحَلَالِ إِلَى اللَّهِ الطَّلَاقُ» (رواه أبو داود)

 

• نشر ثقافة المودة والرحمة

 

قال تعالى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً﴾ [الروم: 21]

 

وقال رسول الله ﷺ: «لاَ يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً، إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقاً رَضِيَ مِنْهَا آخَرَ» (رواه مسلم)

 

جـ- الاختلالات الاجتماعية

 

العلاج:

 

الفصل بين الجنسين في المواطن التي يخشى فيها الفتنة وحتى في مجالات العمل والتعلم المشروعة.

 

الآلية التطبيقية:

 

• وضع ضوابط للاختلاط

• ترسيخ مفهوم الحجاب والعفة.

 

رابعاً: معالجة التنازع الناتج عن غريزة التدين (التعبد – والعقيدة)

 

* من مظاهر التنازع مما يأتي:

 

1- توجيه التعبد لرب واحد ونبذ الفرقة والصراع المذهبي

 

* العلاج الإسلامي

 

• توحيد مصدر التلقي (الكتاب والسنة)

 

 

قال تعالى: ﴿فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ﴾ [النساء: 59]

 

وقال تعالى: ﴿وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ﴾ [الشورى: 10]

 

وعن العرباض بن سارية رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: «عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ، عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ» (رواه أبو داود)

 

• التحذير من البدع والاختلاف

 

قال تعالى: ﴿وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ﴾ [آل عمران: 105]

 

وقال تعالى: ﴿أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ﴾ [الشورى: 13]

 

وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله ﷺ: «مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ» (متفق عليه)

 

وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: كان رسول الله ﷺ يقول: «أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ خَيْرَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ، وَخَيْرَ الْهُدَى هُدَى مُحَمَّدٍ، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ» (رواه مسلم)

 

* الآلية التطبيقية

 

• الدعوة إلى منهج السلف الأولين

 

قال تعالى: ﴿وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ﴾ [التوبة: 100]

 

• ترك التعصب للأشخاص والمذاهب، وقبول الحق من أي مذهب كان

 

• احترام اجتهادات العلماء في المسائل الفرعية، وعدم الإنكار في مسائل الخلاف السائغ

 

2- التطرف والغلو

 

* العلاج الإسلامي

 

• الدعوة إلى الوسطية والاعتدال

• رفض التكفير بالمعاصي

• التفريق بين الثوابت والاجتهادات

 

* الآلية التطبيقية

 

• تفنيد شبهات المتطرفين

• نقد الأفكار المنحرفة بالحجة والبرهان

 

3- الاستبداد الديني

 

* العلاج الإسلامي

 

• إقرار مبدأ الشورى

• منع احتكار تفسير النصوص

* الآلية التطبيقية

• إتاحة حق الاجتهاد ضمن ضوابط شرعية

• منع إسكات العلماء

 

ومن الأسباب التي جعلت هذه الثغرات تمكن العدو من انتهازها في نفخ سمومه بين الأوساط بحيث إنه شجع ما يأتي:

 

1- إشاعة الروابط الجاهلية: مثل العنصرية القومية أو الطائفية (العربية ضد الفارسية أو التركية، والسنة ضد الشيعة)، والتي تغذيها الأنظمة الحاكمة لتحقيق مصالحها وإلهاء الأمة عن قضيتها الأساسية.

 

2- التبعية للقوى الدولية: حيث يؤدي خضوع الحكام لأجندات القوى الخارجية (مثل أمريكا وحلفائها) إلى إثارة الصراعات الداخلية وتمزيق النسيج المجتمعي لخدمة مصالح تلك القوى.

 

3- الفهم الخاطئ للمجتمع: إن بعض الجماعات الإسلامية تساهم في الإشكالية بفهمها الخاطئ بأن إصلاح المجتمع يتم فقط من خلال إصلاح الأفراد فرداً فرداً، بينما يرى حزب التحرير أن المجتمع كيان له مقوماته الخاصة (الأفكار والمشاعر والنظام) التي تحتاج إلى تغيير جذري على مستوى النظام العام وليس الأفراد فقط.

 

ولا يمكن التخلص من هذه إلا عن طريق:

 

1- إقامة دولة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة التي تُعتبر الحل السياسي الوحيد الذي يزيل الأنظمة القائمة على الروابط الجاهلية ويوحد المسلمين تحت راية العقيدة الإسلامية، ما يقطع دابر أسباب التنازع من جذورها.

 

2- توحيد الأمة تحت رابطة العقيدة الإسلامية: جعل الإسلام هو الرابط الوحيد والأساسي، وإلغاء كافة الروابط الأخرى التي تسبب الفرقة، مثل القومية والوطنية، استناداً إلى مبدأ ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ﴾.

 

3- رفض المشاركة في الأنظمة القائمة ورفض العنف: حيث يجب أن تلتزم الأمة بمنهج عمل سياسي فكري سلمي وترفض المشاركة في الأنظمة التي تراها جاهلية، كما يجب أن ترفض استخدام العنف كوسيلة للتغيير، معتمدة على نشر الوعي وطلب النصرة من أهل القوة والمنعة لإقامة الخلافة.

 

وأي تنازع ليس قدراً محتوماً، بل هو مرض له علاج واضح. والعلاج الناجع لا يكون بمعالجة الأعراض (مثل محاولة التوفيق بين الأنظمة المتصارعة)، بل بإزالة السبب الأساسي، أي غياب دولة الإسلام، والعمل على إقامتها لتوحيد الأمة وتحرير إرادتها.

 

وأخيراً فإن العلاج عند حزب التحرير هو نظام الإسلام الشامل:

 

- لا يكفي توجيه الأفراد أخلاقياً، بل يجب إقامة نظام كامل يضبط إشباع الغرائز للجميع.

- هذا النظام هو دولة الخلافة التي تطبق الإسلام في:

- النظام الاقتصادي: يحرم الربا والاحتكار، ويوجب الزكاة، ليمنع التنازع على المال.

- النظام الاجتماعي: يحرم الزنا ويأمر بالزواج، ليحفظ الأنساب والأعراض.

- نظام العقوبات: يقيم الحدود لردع الظالمين.

- النظام السياسي: يوحد الأمة تحت قيادة واحدة تمنع التشرذم.

 

** الخلاصة من ذلك كله أن الغرائز نفسها ليست شراً، بل هي محايدة. والشر يكمن في طريقة إشباعها، والحل ليس بكبت الغرائز، بل بتوجيهها عبر نظام إسلامي شامل. والنتيجة بعد ذلك أنه عندما تُشبع الغرائز بالطريقة الصحيحة، تتحول من مصدر للتنازع إلى مصدر للتعاون والاستقرار.

 

 

كتبه للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

فادي السلمي

رابط هذا التعليق
شارك

Join the conversation

You can post now and register later. If you have an account, sign in now to post with your account.

زوار
اضف رد علي هذا الموضوع....

×   Pasted as rich text.   Paste as plain text instead

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   Your previous content has been restored.   Clear editor

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.

جاري التحميل

×
×
  • اضف...