اذهب الي المحتوي
منتدى العقاب

مقالات من المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير - متجدد


Recommended Posts

بسم الله الرحمن الرحيم

 

لا تبرحوا جبل الرماة... والنصر قادم بإذن الله

 

إنّ ما قامت به غزة ليس مجرّد مواجهة عسكرية أو ردّ فعلش محدود، بل هو زلزال أصاب كيان يهود في عمقه، ونقطة تحوّل مفصلية كشفت عجزه، وأربكت حلفاءه، وأسقطت هيبته المزعومة. لقد فجّر مجاهدو غزة معركة الأمة كلّها، وأثبتوا أن العدو أوهن من بيت العنكبوت، رغم ترسانة السلاح والدعم الغربي والغطاء العربي الخائن.

 

لقد هزّت غزة هذا الكيان المهزوز، ووضعته أمام حقيقة مُرّة: لا أمن ولا بقاء له، مهما زيّنه ترامب أو أنعشه أعوانه في الأنظمة التابعة. ولعل الهدف الحقيقي من كلّ هذه الخطط والمفاوضات ووقف إطلاق النار ليس إلا محاولة يائسة لإنقاذ كيان يحتضر، واسترجاع الأسرى من أيدي المقاومة، وتفكيكها عبر نزع سلاحها. لكنهم صُدموا بأن قرار المقاومة ينبع من مصدر قوة، وأن تسليم السلاح وهمٌ لا يتحقق.

 

ففي الوقت الذي ظنّ فيه طغاة الأرض، وعلى رأسهم ترامب ورجالاته، أن خطتهم الشيطانية ستمضي كما رُسمت، جاء المجاهدون بالأسرى لا في لحظة ضعف، بل من منطلق قوة واقتدار، بثقة المنتصر لا الخائف، وبعزة الثابت لا المساوم. جاءوا يسلمون الأسرى وهم مرفوعو الرأس، ليُرهبوا العدو وكيانه، ويؤكدوا أن القرار بأيديهم لا بأيدي المساومين ولا العملاء.

 

كانت رسالة مدوية لنتنياهو وترامب وأعوانهم: نحن من نقرر متى تبدأ المعركة ومتى تهدأ، نحن من نمسك الأرض والسلاح، ونحن من نقطع يد الخيانة، ونحاسب كل من خان أو تآمر أو دلّ العدو على ثغورنا. فالسلاح ليس للمساومة ولا للتفاوض، بل أمانة نحمله حتى إقامة الدين وتحرير الأرض، والأسرى أمانة لا يساوم عليهم إلا خائن فخروج المجاهدين بهذه القوة قلب الطاولة على رؤوسهم. كانت خطتهم منذ البداية محبوكة: هدنة مؤقتة، ووعود بالسلام، وترتيبات سياسية ظاهرها الإنسانية، وباطنها الخداع والمكر. أرادوا أسر قادة القسام واستعادة الأسرى بأي ثمن، ثم الانقضاض مجدداً على غزة، وفرض نزع سلاح المقاومة وإنهاء دورها للأبد، وفق خطة "ترامب الجديدة" عبر عملائه في السلطة، ومن خلفها العرب المطبّعون.

 

إن غزة لم تخضع، بل قدّمت أروع ملحمة، زلزلت كيان يهود، ومرّغت أنفه في التراب، وأرغمته على الانكفاء، وكشفت هشاشته العسكرية، وتفككه السياسي، وفضحت أعوانه من الأنظمة الخائنة، التي لم تُقدم لغزة إلا الخذلان والتآمر.

 

نعم إن غزة أنهكت كيان يهود وكشفته، وأعطت الأمة درساً أن هذا الكيان يمكن كسره بل اقتلاعه، بشرط أن تتدخل الأمة من خارج غزة، من ثكنات الجيوش، من جبهات الرجال الذين بايعوا الله على الجهاد في سبيله. فخروجهم بهذه القوة كذلك رسالة للأمة (هذا هو الثبات الحقيقي، فلا تضيّعوه بخذلان أو حياد، بل انصروهم بالفعل لا بالكلام، واخلعوا الأنظمة التي تكبل جيوشكم وتخنق عزيمتكم، فإن الأمر بيدكم، وقد آن أوان الحسم).

 

نعم فكيان يهود اليوم يترنح، لكنه لن يسقط إلا بضربة الأمة لا بضربات استنزاف مؤقتة، بل بهجمة قاضية، فما جرى في غزة، وإن توقف مؤقتاً، فهو فسحة لتعبئة الصفوف وتوحيد الكلمة، واستنهاض باقي الأمة لتعلم أن دورها لم يأتِ بعد، وأنه إن كانت غزة رأس الحربة، فإن جسم الأمة هو من يُوجّه الطعنة القاتلة.

 

وكأن لسان حالهم يقول: أيها المجاهدون لا تبرحوا جبل الرماة ولا تغرّنّكم قشور السياسة، فالمعركة لم تنتهِ، والعدو يتربص، والمؤامرة قائمة، والفرصة لا تعوّض. ولتعلموا أن مجاهدي غزة، بحمد الله، لم يعتدوا على أحدٍ من أمة الإسلام، ولم يظلموا مسلماً، ولم يبيعوا دينهم ولا قضايا أمتهم، بل حملوا سلاحهم في وجه عدو الأمة الأول، ووقفوا في الثغر الذي تخلى عنه الحكام والجيوش.

 

ولعل هذا هو سر هيبتهم وثباتهم ورباطة جأشهم، فالله لا يُسلم من صدق في نيته، وأخلص في جهاده، وعلم أن المعركة مع يهود هي معركة أمة، وليست معركة حدود أو رايات حزبية. ومن صدق مع الله صدقه الله، ومن لم يظلم الخلق نُصر بإذن الله. ﴿إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ﴾.

 

نعم، هذا هو الفهم العميق لما يجري؛ فكيان يهود اليوم يعيش نهاياته السياسية والعسكرية والنفسية، مهما حاول ترامب وأمثاله من طغاة الغرب الكافر إنعاشه وتلميعه عبر الخطط والمفاوضات والصفقات المشبوهة.

 

لقد فقد الكيان ردعه، وسقطت هيبته، وظهرت هشاشته أمام مقاومة صغيرة محاصرة، لا تملك الطائرات ولا البارجات، ومع هذا هزّت أركانه، وأذلّت جيشه، وكشفت ضعفه أمام العالم. وإن ما نراه اليوم ليس حرباً تقليدية، بل صراع وجود لا صراع حدود، صراع بين أمة الإسلام وبين مشروع استعماري زرعه الغرب لتفتيت الأمة ومنع وحدتها.

 

فلتتحرك جيوش الأمة لذلك، ونقول لها: أما آن لقلوبكم أن تتحرك؟ أما آن لسيوفكم أن تُغمد في صدور الأعداء، لا أن تُشهر في وجوه إخوتكم؟

 

يا جيوش الأمة، إن غزة اليوم تناديكم لا بالنحيب، بل بنداء العزّة والكرامة. أعداؤكم أعلنوا الحرب جهاراً نهاراً، وقتلوا نساءكم وأطفالكم، وهدّموا بيوت إخوانكم، ومع هذا ما زال الحكام يصفّقون للمهانة، ويتآمرون في الغرف السوداء.، وها هو ترامب - راعيهم الأكبر - يتوعّد بإبادة غزة لأنها أفشلت خطته القذرة، وكشفت مؤامرته على الأسرى، وفوّتت عليه فرصة تلميع كيان يهود من جديد.

 

فيا جيوش الأمة: إنها فرصتكم، فها هو كيان يهود ينكث العهود ويذبح أهلكم، وها هو ترامب يهدد بإبادة غزة، كفى صمتاً، كفى تردداً، كفى خدمة لأعداء الله! أمامكم فرصة تاريخية أن تخلعوا أنظمة الخيانة، أن تبايعوا خليفة للمسلمين، أن تسيروا تحت راية واحدة لتحرير فلسطين، وكل بلاد الإسلام المحتلة.

 

والله إنكم إن فعلتم، فلن تكون غزة وحدها، بل ستكون الأمة كلها خلفكم، وستكون الملحمة الكبرى قد بدأت، وسيزول الكيان، ويبدأ عصر الخلافة من جديد. ﴿قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ

 

فطوبى لهم، وطوبى لكل من سيسير على دربهم حتى نبلغ النصر الكامل باقتلاع كيان يهود، وإقامة الخلافة التي توحد الأمة وتحرر مسرى نبيها ﷺ. ﴿وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَرِيباً﴾.

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

عبد المحمود العامري – ولاية اليمن

رابط هذا التعليق
شارك

  • الردود 363
  • Created
  • اخر رد

Top Posters In This Topic

  • صوت الخلافة

    364

بسم الله الرحمن الرحيم

أيتها الجيوش: ليتكِ لنا!

 

 

روى أستاذ الصحافة العربية الراحل، محمد حسنين هيكل، أن الملك عبد الله الأول، ابن الشريف الحسين بن علي، استعرض في أريحا، بعد أشهر من نكبتنا الفلسطينية سنة 1948، ثلّة من حرس شرف الجيش العربي، أيام كان بقيادة الضابط البريطاني، كلوب باشا، وطلب من إمام مسجد أريحا، وكان رجلاً ضريراً، أن يكون أول المتحدثين إلى الجيش العربي في ذلك اللقاء، فصعد الإمام إلى المِنَصّة، وبدأ خطابه بالقول: "أيها الجيش، ليتك لنا"! فما كان من الملك عبد الله الأول إلا أن أمر بإنزال الإمام من المنصة فورا.

 

أسمح لنفسي باقتباس كلمات ذلك الإمام وأقول: "أيها الجيش، ليتك لنا"... فعلا ماذا لو كان لنا؟ شعاع نور ملأ أرجاء الغرفة، فلم يرتجف من هول تخيل الفكرة، حلم بات يقظة فجأة، وكأنني أرى جيوشاً منظمة تحت راية واحدة (لا إله إلا الله محمد رسول الله) تزأر كأسد واحد بقول (الله أكبر) تجلجل الأركان، تنصر المظلوم وتردع العدو وتنشر الدعوة، ولاؤها لله ولرسوله ولولي الأمر ما لم يعص الله ورسوله، تهتز لها عروش إمبراطوريات وممالك، لا يخشون إلا الله، شعارهم "لا غالب إلا الله"، الجهاد والموت في سبيله أسمى غاياتهم، طائعين لما جاء في القرآن، قال الله تعالى: ﴿وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ﴾.

 

فجأة أيقظتني صرخة طفلة من غزة فقدت جميع أفراد عائلتها بقصف يهودي غادر، وصوت طفل من السودان جائع، ودمعة أم شهيد في سوريا فقدت شبابها لأجل إعلاء كلمة الله وكان الثمن دولة علمانية تخدم من قتلوا أولادها! عدت لواقعي المؤلم قسرا، لواقع مؤلم تم التلاعب فيه على جيوشنا العربية بعد إسقاط الخلافة عام ١٩٢٤م، فلم تعد هذه الجيوش حماة للديار، بل عائق ودرع وحماية للطغاة! فلقد نجح الغرب بالتغلغل في هيكلة الجيوش من خلال تنصيب حكام يخدمون مشاريعها ويغرسون خناجرهم في خاصرتنا بواسطة جيوش (هم من أبنائنا وإخواننا)، لكن الحكومات العميلة الخائنة استغلت ضعف الوعي الإسلامي عند الأمة، ووظفت شيوخ سلاطين يطلقون الفتاوى بما يناسب هوى السلطان لا شرع الله، وبما أننا أمة تميل بالفطرة للدين، فكان التلاعب بنا سهلا ومبرمجا من خلال إعلام ساقط، كما تم غرس مبدأ (نفذ ثم اعترض، وإلا أنت خائن!)، وهكذا أصبح إخوتنا في الجيوش أعواناً لأعدائنا علينا، جيش حدود لا جيش أمة. لا يقوم على أساس العقيدة والجهاد بل ولاؤه لدولة قطرية ولحاكم محلي، فالجهاد إما غائب أو مشوه، وقد استبدلت به الخدمة الوطنية لحماية حدود مصطنعة وضعها الاستعمار (سايكس بيكو) ولقمع الشعوب وحماية الأنظمة أو توظيفه في الصراعات الداخلية.

 

ومع الأسف تم تأسيس هذه الجيوش برعاية استعمارية وقد يرتبط بعضها بتحالفات غربية (كالناتو)، كما يمنع من قتال كيان يهود بل يستخدم لحماية حدوده كحال مصر والأردن وسوريا ولبنان. فالجيش أصبح لحماية أنظمة تعمل لمنع تحرير الأمة وخدمة أعدائها فهو خاضع، تتحكم فيه أنظمة تحكمها نخبة عسكرية أو دول حليفة تقوم بتدريبه وتجهيزه عبر دول كبرى لضمان بقاء النظام الحاكم وولائه له لا للأمة، حيث يقوم الحاكم بتنظيم وهيكلة الجيش من خلال تعيين قيادات وكبار ضباط موالين له دون النظر لمستوى الأداء أو الكفاية، ويتم صرف رواتب عالية لهم ومنحهم حصانة قانونية، بينما صف الجنود يتغلغل فيه الفقر والظلم، كالعبيد، لا يملك إلا تنفيذ الأوامر دون تفكير، لأجل لقمة عيش لأولاده ولو غمست بالذل، وعلاوة على ذلك قامت هذه الأنظمة العميلة بتأسيس أجهزة مخابرات داخل الجيش تراقب تحركات الضباط والجنود ومنع أي تنظيم أو ولاء بديل وإلا يتم سجنه أو إعدامه. كما قامت هذه الأنظمة على مبدأ فرق تسد، فتم تقسيم الجيش إلى وحدات متنافسة أو مليشيات تتلاعب بولائهم لبعض فتحدث الفرقة بدل الوحدة.

 

كما تم ربط الجيش بالنظام لا بالدولة من خلال الشعارات والتعليم والإعلام، والدليل على ذلك هو أين الجيوش (أبناؤنا وإخواننا) مما يحدث في غزة؟ ألم تكن بندقية العسكري المصري تنفيذا لأوامر السيسي العميل، على سبيل المثال وليس الحصر، متوجهة نحو الفلسطينيين تأهبا لأي اختراق لحدود المعبر؟ ذلك المعبر الشريان الوحيد والمتنفس الأخير لأهل غزة، وها هو اليوم محاط بجنود مصريين لم يكتفوا بالتفرج بل منعوا الطعام والشراب عن مسلمين مجوَّعين مقهورين انتهكت أعراض رجالهم قبل نسائهم، وتطايرت أشلاء أطفالهم، فلصالح من يعمل هؤلاء؟ أين هم من نصرة المظلوم؟ أين هم من دين الله؟ لم لم تحرك صرخات الأيامى ودموع الثكالى مشاعرهم؟ ألهذه الدرجة تخشون الحاكم ولا تخشون الله وهو أحق أن تخشوه؟ أليس الموت في سبيل الله كرامة في الدنيا وفوزا في الآخرة؟ أنتم بضعفكم هذا جعلتم يد الغرب عُليا علينا، يستعبدنا ويسرق خيراتنا ويتحكم بقراراتنا وكأنه وصي علينا، ونحن أمة أعزها الله بالإسلام!

 

وها هو المشهد يتكرر في السودان، بسبب خوفكم، فالمعتدي واحد، والأدوات عربية، والأهداف غربية، تطحن الأمة طحنا. وها نحن اليوم نتألم لما آلت إليه الثورة السورية، والثورة الليبية، وسائر الثورات العربية، كم دفعنا دماء تحت مسمى تغيير، فتكون أشلاؤنا جسرا لتحقيق أهداف الغرب في أمتنا، وعلى يد من؟ على يد جيوشنا! كطفلة بريئة تحلم بسلام عز لا سلام ذل، لا تخشى الطائرات ولا الصواريخ، تنام قريرة العين، أو كرجل تعب وكد وأسس أسرة لتخدم دين الله يحلم بأن يرى أولاده فاتحين بقاع الأرض لإعلاء كلمة الله، أو كشيخ يتمنى حسن الختام في مسجد لا يطرد منه ولا يسجن لإقامة صلاة، ألا يحق لجميع هؤلاء أن تتحقق أحلامهم في ظل خلافة عادلة قوية شامخة يحسب لها ألف حساب؟

 

إلا أنني ألمح بريق أمل في كسب هذه الجيوش المضلَّلة لإعادة الأمة إلى مجدها بإقامة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، تكون قائمة على نظام واضح (اقتصادي، سياسي، عسكري،...الخ) بقيادة راشدة تحفظ الكرامة والحقوق وفق ميزان الشرع وليس انقلابا لأجل خدمة مصالح فئة معينة، وهذا دور المخلصين من رجال الأمة؛ التوجه لأفراد الجيش المخلصين ليكونوا عونا لمشروع الخلافة فهما وإخلاصا، وأن يعملوا لإيصال الأفكار إلى من يملكون قرار التأثير وتوجيه الخطاب لهم كأهل قوة ومنعة، وتوضيح فساد الأنظمة القائمة وتآمرها على الأمة، وسبب شقاء الشعوب، كما يتوجب تبيين الحكم الشرعي لكل من يتخاذل عن نصرة الدين وتذكيرهم بمواقف الأنصار كنموذج ناجح،... الخلاصة أن كسب أهل القوة يحتاج إلى عقلية نبوية دعوية ووعي وصبر وثبات ووضوح في الهدف.

 

فيا أيها الجند، يا من بأيديكم مفاتيح النصر، إنكم لا ينقصكم العدة أو العتاد بل ينقصكم من يصوب بنادقكم في الاتجاه الصحيح ويكسر قيد الطغاة لا أن يحرسهم، فدماء المسلمين تناديكم من فلسطين والسودان وسوريا واليمن وتركستان الشرقية وميانمار وأفريقيا الوسطى وسائر بلاد المسلمين، فلا تكونوا درعا للظالم بل سيف العدل والخلافة، فليتكم تلبون النداء وتكونون معنا في خندقنا لا في خندق الطغيان، لنحقق بشرى رسول الله ﷺ: «ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةً عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ».

 

 

كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

منال أم عبيدة

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

 من هدهد ونملة إلى أمة مغيّبة غير مسؤولة!

 

 

في عالم تسوده الفتن، وتغيب فيه الحقائق، وتُسكت فيه الأصوات الصادقة، يأتي القرآن الكريم ليوقظ فينا الوعي، ويرسم لنا طريق الفهم والعمل.

 

قصة الهدهد والنملة ليست حكاية للأطفال، بل هي درسٌ عميق في المسؤولية والوعي والغيرة على الدين في القيادة والتحذير والموقف، ففي قصص القرآن عبرٌ عظيمة، لا تُسرد للتسلية، بل لبناء الوعي وتحريك العقول والقلوب. وقد قصّ الله علينا قصتي هدهد ونملة سليمان ليُعلّمنا معنى تحمّل المسؤولية والاستشعار بالخطر قبل وقوعه، والوقوف مع الحق، ولو كان صاحبُه طيراً أو حشرة! فكيف بالبشر؟ وكيف بالمؤمنين؟ وكيف بحملة الدعوة؟

 

فالهدهد والنملة نموذج القيادة والمسؤولية:

 

الهدهد حين تفقده سليمان عليه السلام، قال: ﴿لأعَذِّبَنَّهُ عَذَاباً شَدِيداً أَوْ لأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ﴾، ومع ذلك، جاء الهدهد بخبر عظيم ومن مصدر قوة ﴿إِنِّي وَجَدتُّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ * وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ اللَّهِ﴾.

 

- الهدهد لم يكن عابراً، بل كان مبادراً عارفاً غيوراً على التوحيد يتكلم بمنطق، ويدرك عِظَم ما رأى، ويُبلغ القائد بما يراه منكراً، حرصاً على دين الله. فإذا كان طائرٌ صغير كالهدهد استشعر خطر عبادة غير الله، وحشرة ضعيفة كالنملة شعرت بالخطر القادم فبادرت، فأين ملايين المسلمين؟ أين القادة والعلماء والدعاة؟ أين الأمة من واقعها المظلم؟ ومما يفعله الغرب وأذنابه؟

 

فالهدهد وعي سياسي واستشعار لخطر العقيدة، الهدهد لم يكن طائراً عادياً. تفقده نبي الله سليمان، لم يكن عبثاً، بل هو مسؤول عن موقع، مراقبٌ لأحوال الأمم. وحين رأى ما يهدد التوحيد، لم يسكت، لم يقل وما شأني؟ لم ينتظر إذناً، بل قالها بعقل وفهم ووضوح: ﴿إِنِّي وَجَدتُّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ * وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ اللَّهِ﴾. الهدهد لم يصف الوضع السياسي فقط، بل كشف انحرافاً عقدياً خطيراً، فأرسل رسالة إلى القائد ليُقيم الحُجّة، ويُبلغ الأمانة، ولم يقبل السكوت، بل قدّم أدق تقرير سياسي عقائدي رأته البشرية من طائر!

 

- وكذا النملة، استشعرت الخطر: ﴿حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِي النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ﴾، فهي تحذّر رعيتها، وتقوم بواجبها، وتحذر من الخطر القادم، لا تنتظر وقوع المصيبة، بل تبادر بالنصح والتنبيه! إحساس أمني وحماية للرعية. النملة، هذه الحشرة الصغيرة، لم تُلقِ باللوم على غيرها، بل شعرت بالخطر قبل وقوعه ونبّهت أمتها وخاطبت الجميع وأخذت قراراً وقائياً يحميها ويحمي جماعتها. هكذا تكون القيادة، وهكذا يكون الإحساس بالمسؤولية.

 

فالواقع اليوم غفلة تقابلها مؤامرات، ففي حين يخطط الغرب الكافر لتقسيم الأمة أكثر، ونهب ثرواتها أكثر، وتثبيت كيان يهود في قلب الأرض المباركة، وفي حين تعمل أنظمة الخيانة على التطبيع، وتسليم السلاح، وقمع المقاومة، ومحاربة المشروع الإسلامي الحقيقي، نجد في المقابل:

 

- شعوباً مهمومة بلقمة العيش، مغيبة عن دورها.

 

- علماء سكتوا عن الحق، أو صاروا أداة لتبرير الباطل.

 

- إعلاماً يروّج للدجل والتطبيع والانحلال.

 

فأين الهدهد الذي يُحذّر من الكفر؟ وأين النملة التي تنذر الرعية من السحق والضياع؟

 

نعم فحين تكون الطيور والحشرات بهذه الدرجة من الوعي والبصيرة والمسؤولية نقولها صراحة أين المسلمون اليوم؟ أين من استرعاهم الله أمر الأمة؟ أين العلماء؟ أين قادة الجماعات؟ أين عامة الناس الذين يرون المنكرات تُشرعن، والمقدسات تُباع، والأمة تُستعبد، ولا ينطقون؟! أين الإحساس بخطر ﴿لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ﴾؟ أين من يقول: وجدت أمة الإسلام تسجد للديمقراطية بدل الإسلام، وتعبد الطاغوت بدل أن تحتكم للقرآن؟

 

إن بلاد المسلمين ممزقة، تديرها أنظمة موالية للغرب، والثروات منهوبة، والسياسات مفروضة، والتعليم والإعلام ملوّثان بفكر الكافر المستعمر، ويُراد للأمة أن تفقد هويتها وتنسى عقيدتها نهائيا، وتستبدل بالشريعة الدساتير الوضعية فوق ما هو حاصل، ومع هذا فالصمت هو الغالب! لا هدهد يُبلّغ، ولا نملة تُحذّر! إلا الرائد الذي لا يكذب أهله؛ هو العامل الوحيد في الأمة صابرا ومحتسبا الأجر من الله.

 

نعم إن أخطر ما أصيبت به الأمة هو غياب الوعي السياسي على أساس الإسلام وهو ما عمل عليه حزب التحرير منذ أكثر من 70 سنة، ويدعو إليه ليل نهار.

 

فالحل ليس بالبكاء على الواقع، ولا بردود الأفعال المؤقتة، بل هو مشروع نهضة حقيقي. لذا يجب على الأمة أن تستعيد مسؤوليتها وتتحول من حالة الغياب إلى الفاعلية، ومن التبعية إلى القيادة، ولن يكون ذلك إلا عبر:

 

1- بناء العقلية الإسلامية الواعية التي تدرك الواقع وتعرف طريقة تغييره، بالعودة إلى الإسلام كاملاً لا مُجزّأً ولا مؤمماً حسب مصالح الأنظمة.

2- حمل الدعوة لإقامة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة، التي تطبق الإسلام في الداخل، وتحمله للخارج بالدعوة والجهاد.

3- كشف الأنظمة العميلة ومشاريع الغرب الكافر، وإسقاطها فكرياً وسياسياً ومحاسبة الحكام وخلعهم.

4- بناء رأي عام واعٍ على أساس الإسلام

 

وفي الأخير أقول: لقد قام الهدهد والنملة بدورهما كاملاً، وكان في قصتهما آية، فهل يعقل أن يكونا أحرص على التوحيد وعلى الرعية من بشرٍ خُلقوا لحمل أمانة عظيمة؟!

 

فالأمة اليوم لا تحتاج فقط إلى من "يرى"، بل إلى من يعمل ويتحرك ويُبلغ ويُحذّر ويقود، فاليوم عمل ولا حساب وغدا حساب ولا عمل، وإن الله سائلنا عما استرعانا، فلتكن خاتمتنا، كما أرادها الله سبحانه. ﴿وَقِفُوهُمْ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ﴾.

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

عبد المحمود العامري – ولاية اليمن

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

شلال الدم في السودان وصرخة الفاشر المنسية!

 

 

يعيش السودان اليوم واحدةً من أكثر مراحله دمويةً في تاريخه الحديث؛ مدنٌ تُدمَّر، وقرى تُحرَق، وأرواح تُزهَق بلا حساب، فيما يقف المسلمون صامتين أمام شلال دمٍ لا يتوقف، وكأن دماء المسلمين - من السودان إلى غزة المنكوبة - لا قيمة لها تُذكر، في حين تقوم الدنيا ولا تقعد لفقد رفات جنديٍّ يهوديٍّ لم يُعثَر عليها من تحت الأنقاض!

 

إنّ السودان المنكوبة لا يقلّ حالها بؤساً عن حال شقيقاتها من البلاد الإسلامية: ليبيا، واليمن، وفلسطين، ولبنان... والقائمة تطول. غير أنَّ مَن يُتابع الصراع في السودان يُدرك أنَّ وراء هذا الصراع الظاهري بين الجيش وقوات الدعم السريع حقيقةً أعمق؛ إنها معركة نفوذٍ دوليةٌ تُدار على أرض السودان بأدواتٍ محلية، بين قوى كبرى تتنازع على من يملك الكلمة الأخيرة في مستقبل هذا البلد المنهك.

 

فأمريكا، ومنذ سقوط البشير، تسعى إلى بسط نفوذها على السودان بلا شريك. أمّا خطابها عن "التحوّل الديمقراطي"، فليس سوى غطاءٍ سياسيٍّ لمشروعٍ يهدف إلى إعادة صياغة السودان على المقاس الأمريكي.

 

إنَّ الأطراف المتقاتلة - قوات الدعم السريع وحكومة البرهان - هما في جوهرهما صنيعة أمريكية، أُريدَ من خلال صراعهما تأخير عملية انتقال الحكم إلى التيار المدني المدعوم من أوروبا.

 

وتدرك واشنطن أن السودان - بموقعه الجغرافي وموارده الطبيعية - يشكّل مفتاحاً استراتيجياً في شرق أفريقيا وعلى البحر الأحمر، ولذلك تحاول، منذ قرابة ثلاث سنوات، أن تُبقي الوضع على ما هو عليه: حالةُ "لا حَسْم"، لأن استمرار الفوضى يمنحها فرصةً أكبر للتدخّل والتحكّم في مسار الأحداث.

 

في المقابل، يقف التيار المدني الذي يُمثّل النفوذ البريطاني مطالباً بالسلطة، وهو الامتداد الطبيعي للحقبة التي حكمت فيها بريطانيا السودان قديماً. فبريطانيا تسعى إلى استعادة دورها القديم عبر أدوات جديدة: نخبٍ سياسية، ومنظماتٍ مدنية، ودعمٍ إعلاميٍّ وسياسيٍّ واسع.

 

إنه صراعُ الأوصياء على السودان: بين بريطانيا التي تحاول جعل التيار المدني امتداداً لنفوذها، وأمريكا التي تسعى إلى إضعاف هذا التيار وتأخير تسليم الحكم له، حتى لا تكون هناك شراكة مزدوجة في إدارة البلد، بل هيمنةٌ أمريكيةٌ مطلقة.

 

أما الفاشر، المدينة الجريحة النازفة، فتقف في قلب هذا الصراع شاهداً على أبشع فصول المأساة؛ حيث تُرتكب جرائم إبادةٍ وتطهيرٍ عِرقيٍّ على يد مليشيات الدعم السريع التي تمارس القتل والنهب والحرق بلا رحمة، وكأن الفاشر تُمحى من الوجود وسط صمتٍ دوليٍّ مريب. ذلك الصمت لا يمكن فصله عن الحسابات السياسية الكبرى، إذ تغضّ الأطراف الدولية الطرف عمّا يجري ما دام استمرار الصراع يخدم موازين القوى التي تريدها أمريكا.

 

إن السودان يُدار اليوم بمنطق "الفوضى المقصودة"؛ فكلما اقترب الحل ظهر من يعيده إلى نقطة الصفر، وكلما لاح أملٌ في تسويةٍ سياسيةٍ تدخلت القوى الكبرى لتعيد إشعال النار من جديد.

 

إنّ ما يحدث في السودان ليس حرباً أهليةً فحسب، بل هو مشروع تفكيكٍ ممنهج لبلد إسلامي عريق. فالفاشر اليوم تنزف نيابةً عن بلد بأكمله.

 

إن بريطانيا وأمريكا كلتاهما تتحدثان عن الديمقراطية، لكنهما تمارسان على أرض الواقع أبشع صور الاستغلال السياسي والإنساني. ليبقى الشعب السوداني هو الخاسر الوحيد، يعيش مأساةً تتأرجح بين القتل والتهجير...

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

مؤنس حميد – ولاية العراق

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

﴿وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ﴾

(مترجم)

 

 

إنه لأمر محزن في زماننا أن كثيراً من حملة الدعوة ومع مرور العقود يتكاسلون، وفي كثير من الحالات يتوقفون تماماً بسبب الضغوط العائلية ومن أبنائهم. وعلى الرغم من بقائهم حاملين للدعوة ومتمسِّكين بمعتقداتهم، لكنهم في كثيرٍ، بل في كثيرٍ جداً من الحالات يواجهون معارضةً مستمرةً من عائلاتهم وأبنائهم. إن النساء والشباب والشابات يتعرَّضون لضغوط كبيرة من الأقران للانسياق مع أنماط المجتمع، بينما يتبنّى حملة الدعوة آراءً ومواقفَ تبدو للمجتمع غريبة. حيث يتعرّض الشباب لمنظومة تعليم علمانية، وجوٍّ ليبرالي داخل المدارس والكليات والجامعات.

 

فلا مفر إذاً من مثل هذه المعارضة الداخلية، إذ إنها تأتي من الأسرة ذاتها التي نلتمس منها الراحة والطمأنينة والدعم. تُنهِك معارضة الأسرة حاملَ الدعوة على مدار سنوات وعقود، فكثيراً ما يجد نفسه في تناقض بين الدعوة التي يحملها ومطالب أبنائه بأن يندمجوا مع المجتمع. وتمتد هذه المسألة إلى ما يتعلق بالصلاة والخمار والجلباب وأخذ قروض الطلاب الربوية واختلاط الجنسين، وهذا التناقض يصعب تحمّله على قلبٍ صافٍ، وقد يصبح طاغياً ومؤلماً.

 

ومن ناحية أخرى، فإن الأسر المباركة بكثرة الأولاد الذين يحملون الدعوة تشكل عوناً ودافعاً. يثبت حملة الدعوة في مثل هذه الأسر على وتيرةٍ ثابتةٍ حتى بعد الزواج والأبوة، وحتى بعد أن يصبحوا أجداداً. كما هو الحال دائماً، الخير في حياتنا يأتي من التمسك بالسنة، والبؤس ينتج عن تركها. فلننظر تحديداً: ما هو المنهج النبوي لأسرة المؤمن؟

 

إن نموذج الأسرة المسلمة هو أسرة النبي ﷺ المباركة، أهل البيت. لقد كانت أسرة مباركة بابنته فاطمة رضي الله عنها التي حملت الدعوة ووقفت مع أبيها في الشدائد. وكانت أسرة مباركة بابن عمه الشاب علي رضي الله عنه الذي ملأ شبابه طاعةً لله ﷻ ودعم رسوله ﷺ. وكانت أسرة مباركة بحفيديه الكريمين الحسن والحسين رضي الله عنهما اللذين كان لهما عبر حياتهما، وبمواقفهما الصلبة ضد الظالمين واستشهادهما، أثرٌ عميق في أمة الإسلام. بالفعل، أصبح كثير من شباب وبنات أهل البيت أسساً للأمة الإسلامية، وما زال المسلمون على مدى القرون يدرسون سيرتهم لينهلوا منها الإلهام والهداية.

 

قال الله تعالى: ﴿وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ﴾ وقد علق ابن كثير على هذه الآية بقوله: "ثم قال تعالى آمرا رسوله صلوات الله وسلامه عليه، أن ينذر عشيرته الأقربين، أي الأدنين إليه، وأنه لا يخلص أحداً منهم إلا إيمانه بربه عز وجل، وأمره أن يلين جانبه لمن اتبعه من عباد الله المؤمنين". وذكر ابن كثير أيضاً عن قول الإمام أحمد: حدثنا وكيع، حدثنا هشام عن أبيه عن عائشة أنها قالت: لما نزلت آية ﴿وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ﴾، قام رسول الله ﷺ فقال: «يَا فَاطِمَةُ ابْنَةَ مُحَمَّدٍ، يَا صَفِيَّةُ ابْنَةَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، يَا بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، لَا أَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً سَلُونِي مِنْ مَالِي مَا شِئْتُمْ» وقد أورده مسلم في حديثه.

 

وذكر الإمام النووي في شرح مسلم، في باب "فِي قَوْلِهِ تَعَالَى وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ"، أن النبي ﷺ قال: «يَا فَاطِمَةُ أَنْقِذِي نَفْسَكِ مِنَ النَّارِ فَإِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيئاً غَيْرَ أَنَّ لَكُمْ رَحِماً سَأَبُولُّهَا بِبَلَالِهَا» أي: أنقذي نفسك من النار، فليس بيدي عند الله شيء، إلا أن لك رحماً أتوسل بها. وبخصوص قول النبي ﷺ لابنته «سَلُونِي مِنْ مَالِي مَا شِئْتُمْ»، فسّر الإمام التوربشتي، أحد علماء الحنفية، بأنه رأى أن المراد ليس المال الحرفي المعروف، بل عبّر به عما يملك من الأمور التي يمكنه التصرف فيها وتنفيذها. فبهذا أكّد النبي ﷺ لابنته أنه لا يستطيع أن ينفعها عند الله إن لم تؤمن، لكنه يستطيع أن يعطيها من ماله ما يقع في طاقته التصرفيّة.

 

وهكذا نرى أن رسول الله ﷺ علّم ابنته فاطمة رضي الله عنها بصدق وحنان. وكمعلّمٍ كان أبوياً في تعامله، وكانت من طلابه الأوائل الشباب داخل بيته. فقد قال ﷺ: «إِنَّمَا أَنَا لَكُمْ بِمَنْزِلَةِ الْوَالِدِ أُعَلِّمُكُمْ» سنن أبي داود. فكان النبي ﷺ رقيقاً محترماً راعياً لابنته، حتى تشكّلت شخصيتها بآثار تربيته، فبدت أفعالها وأخلاقها على شاكلته ﷺ. تقول عائشة رضي الله عنها: «مَا رَأَيْتُ أَحَداً مِنَ النَّاسِ كَانَ أَشْبَهَ بِالنَّبِيِّ ﷺ كَلَاماً وَلَا حَدِيثاً وَلَا جِلْسَةً مِنْ فَاطِمَةَ قَالَتْ: وَكَانَ النَّبِيُّ ﷺ إِذَا رَآهَا قَدْ أَقْبَلَتْ رَحَّبَ بِهَا ثُمَّ قَامَ إِلَيْهَا فَقَبَّلَهَا ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِهَا فَجَاءَ بِهَا حَتَّى يُجْلِسَهَا فِي مَكَانِهِوَكَانَتْ إِذَا أَتَاهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَحَّبَتْ بِهِ ثُمَّ قَامَتْ إِلَيْهِ فَقَبَّلَتْهُ». الأدب المفرد.

 

بإيمانٍ خالصٍ واتباعٍ كاملٍ للإسلام، تعلّمت فاطمة رضي الله عنها الدين وثبتت على الحق، فساندت أباها في محن الدعوة. وعندما ألقى عُقبة بن أبي مُعيط أذىً عليه أثناء سجوده ﷺ، كانت فاطمة هي التي جاءت فغسلت عنه ذلك. وبعد دعوةٍ طويلةٍ مليئةٍ بالكفاح والتضحية، أيقن النبي ﷺ قرب رجوعه إلى الله. وقد أُخبرت فاطمة بمقامها في الجنة مع أبيها ﷺ. روت عائشة قالت: أَقْبَلَتْ فَاطِمَةُ تَمْشِي كَأَنَّ مِشْيَتَهَا مَشْيُ النَّبِيِّ ﷺ فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ «مَرْحَباً بِابْنَتِي»، ثُمَّ أَجْلَسَهَا عَنْ يَمِينِهِ أَوْ عَنْ شِمَالِهِ، ثُمَّ أَسَرَّ إِلَيْهَا حَدِيثاً فَبَكَتْ، فَقُلْتُ لَهَا: لِمَ تَبْكِينَ؟ ثُمَّ أَسَرَّ إِلَيْهَا حَدِيثاً فَضَحِكَتْ، فَقُلْتُ: مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ فَرَحاً أَقْرَبَ مِنْ حُزْنٍ، فَسَأَلْتُهَا عَمَّا قَالَ، فَقَالَتْ: مَا كُنْتُ لِأُفْشِيَ سِرَّ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ حَتَّى قُبِضَ النَّبِيُّ ﷺ، فَسَأَلْتُهَا، فَقَالَتْ: أَسَرَّ إِلَيَّ إِنَّ جِبْرِيلَ كَانَ يُعَارِضُنِي الْقُرْآنَ كُلَّ سَنَةٍ مَرَّةً وَإِنَّهُ عَارَضَنِي الْعَامَ مَرَّتَيْنِ وَلَا أُرَاهُ إِلَّا حَضَرَ أَجَلِي وَإِنَّكِ أَوَّلُ أَهْلِ بَيْتِي لَحَاقاً بِي فَبَكَيْتُ، فَقَالَ: «أَمَا تَرْضَيْنَ أَنْ تَكُونِي سَيِّدَةَ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ أَوْ نِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ؟» فَضَحِكْتُ لِذَلِكَ. يا لها من خاتمة مباركة لوالد وابنته!

 

أيها الإخوة والأخوات! أيها الأعمام والعمات والآباء والأمهات والأجداد:

 

انظروا كيف ربّى النبي ﷺ أربع بناتٍ مباركاتٍ قد كنّ قدوةً حسنة للأمة الإسلامية عبر العصور! انظروا كيف ربّى ﷺ علي بن أبي طالب رضي الله عنه ابن عمه. انظروا كيف ربّى ﷺ الحسن والحسين رضي الله عنهما، حفيديه الكريمين. قدِّروا فاطمة وعلي والحسن والحسين! إنّ في كل أسرة كنزاً من الشباب؛ هم الشباب بين بناتنا وأبنائنا وبنات وأبناء أخوالنا وأبناء عمومتنا وأحفادنا. فلنَهتم بكل واحدٍ منهم ونقدّرهم، دون أن نغفل عن محاسبة طواغيت العصر. نحن السائرين على نهج النبي ﷺ للتغيير لا نقول إن لدينا وقتاً لشيءٍ ونترك شيئاً آخر! كلا، فلا تهملوا أحدهما. فلتنتبهوا للشباب والشابات كي يساندونا ونساندهم؛ ولنهتم بهم لننال جميعاً حياةً خالدةً في نعيم الجنة. اللهم اجعل ذلك حقاً، آمين.

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

مصعب عمير – ولاية باكستان

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

حرب المعادن

 

 

لقد ظهرت على الساحة العالمية وفي صدام الصراعات الجيوسياسية المتصاعدة، معركة من نوع جديد لم يعهدها العالم من قبل وتعتبر من أهم ساحات المواجهة الحديثة، هي اليوم العمود الفقري لأي صناعة متطورة وهي معركة لا يستخدم فيها السلاح التقليدي مطلقا؛ إنها حرب المعادن الحيوية الاستراتيجية وهي المواد المستخدمة في أهم الصناعات مثل الطيران والدفاع والإلكترونيات وغيرها. وهذه الصناعات تعتبر من الأمن القومي، لذلك يجب علينا أن نتعرف على بعض من هذه المعادن:

 

1- العناصر الأرضية النادرة مثل: النيدوديميوم، البراسيوديميوم، الدسبروسيوم، التيربيوم... وغيرها، وهي تستخدم في المغناطيسات القوية جدا وتوربينات الرياح، وهي مهمة للاستخدامات في محركات السيارات الكهربائية والإلكترونيات الدقيقة وفي مجال الدفاع العسكري مثل الرادارات والطائرات والمنظومات الذكية.

 

2- معادن مثل: الغاليوم، الجرمانيوم وهي تستخدم في أشباه الموصلات البصرية والليزر وفي الاتصالات... وغيرها. والأنتيمون وهي تستخدم في البطاريات وأغلب المركبات العسكرية والمدنية.

 

3- النحاس والنيكل والألومنيوم والمعادن المستخدمة في البنى التحتية وصناعات الطاقة.

 

4- معادن وعناصر أخرى مثل: التيتانيوم تستخدم للطائرات والفضاء، وأيضا: التنتالوم والتيلوريوم تستخدم في الإلكترونيات المتقدمة وأشباه الموصلات، ولا ننسى السيليكون بجودة عالية جدا.

 

هذه المعادن وغيرها تدخل مباشرة في القطاعات الدفاعية وشبه الموصلات وأي نقص فيها يؤثر تأثيرا مباشرا على الصناعات الحساسة التي توقف التطور التكنولوجي أو على أقل تقدير تجعله بطيئا ويعتبر سلاحا قويا جدا في إخضاع الخصم في حلبات المنافسة.

 

وإذا نظرنا للواقع اليوم نجد أن الصين تسيطر بنسبة كبيرة جدا على التنقيب وهو أمر عادي ولكنها تتحكم بالمراحل التي تلي التنقيب وهي التحويل والتنقية للوصول إلى التصنيع لعدد كبير من هذه المعادن خصوصا العناصر الأرضية النادرة وهي متوفرة في عدد كبير من الدول وخاصة بلاد المسلمين، ولكن المشكلة هي في العمليات التي تلي التنقيب فهي عمليات معقدة جدا تحتاج إلى مئات الخطوات الكيميائية لفصل العناصر الأرضية النادرة حيث هناك 17 عنصرا متشابها بشكل كبير جدا وعمليات الفصل معقدة وينتج عنها تلوث بيئي هائل لأنها تحتوي على مواد مشعة وأحماض، وأيضا تحتاج إلى كلفة مالية ضخمة جدا حيث قد تصل كلفة مصنع معالج واحد من 1 إلى 2 مليار دولار، ناهيك عن الخبرات البشرية العالية الجودة وبخبرات عالية جدا.

 

وهذه الصناعات لا تكاد تتجمع في مكان واحد أي من التعدين إلى البطاريات إلى الإلكترونيات وما يلزمها، ولكن الصين هي الدولة الوحيدة في العالم التي استطاعت أن تغلق دائرة العمل داخل بلادها دون الحاجة لأي طرف خارجي ما أتاح لها السيطرة شبه التامة على بعض العناصر. فعلى سبيل المثال تتحكم الصين بنسبة 90% من العناصر الأرضية النادرة وأيضا 70% من سلاسل بطاريات EV الليثيوم والكوبالت، وسيطرة تفوق 90% على أنود البطاريات الجرافيت الصناعي.

 

ومن هنا نجد أنها عملت بشكل بطيء وسري واستطاعت أن تمتلك سلاح التكرير والمعالجة لهذه المعادن حيث يصعب على دول العالم الوصول إلى مستواها في وقت قصير ما جعلها وجهة لدول العالم الكبرى وخاصة حين أعلنت عام 2025 تقييد تصدير معدات معالجة العناصر النادرة الأرضية وأعلنت رسالة للعالم تقول فيها نحن لا نتحكم بالمناجم فقط، بل بالمفاتيح التي تحول التراب إلى تكنولوجيا.

 

لذلك نجد اليوم توجه رئيس أمريكا لزيارة الصين بعد حربه التجارية (التعرفة الجمركية) حيث إن هذه الحرب كانت ظاهريا لحماية الصناعة الأمريكية لكنها فعليا هي جزء من خطة طويلة لاحتواء الصين في ميدان المعادن والتكنولوجيا الاستراتيجية.

 

حيث إن ترامب حينما اعتلى السلطة عام 2018 فرض رسوما جمركية على السلع الصينية بقيمة تتجاوز 360 مليار دولار وكان تبريره لذلك لا يخرج عن عجز الميزانية التجارية الأمريكية مع الصين وعدم السماح بسرقة الملكية الفكرية الأمريكية وحماية الوظائف المحلية. ولكن في الحقيقة كان لكبح الصين قبل أن تسيطر على سلاسل التوريد العالمية في التكنولوجيا والمعادن النادرة، وكان مهندس هذه الحرب هو بيتر نافارو وروبرت لايتهايزر، وهذه الخطة جاءت على خلفية أزمة جزر سينكاكو عام 2010 حيث هددت الصين بوقف تصدير المعادن النادرة.

 

وفي ولايته الجديدة فرض رسوما جمركية عالية لإضعاف الاقتصاد الصيني ورفع تكلفة التصدير وحاول منع الشركات الأمريكية من شراء المعادن النادرة وبدأ بإحياء مشاريع التعدين الأمريكية في نيفادا ووايومنغ وأعاد إقناع أستراليا وكندا واليابان بإنشاء تحالف معادن نادرة.

 

ولكن الموقف الثابت للصين بعدم الخضوع كان صاعقا له حيث اعتمدت عدة نقاط لثباتها وهي:

 

* علمها أن أمريكا تعتمد على 70% من المعادن النادرة من الصين.

 

* صعوبة قيام أمريكا بالتعدين ومعالجة هذه المعادن لأن العملية تحتاج إلى مراحل كثيرة ومعقدة جدا بيئيا وتكنولوجيا.

 

لذلك انتقلت الحرب إلى حرب تأمين سلاسل التوريد التكنولوجية والمعادن الحرجة.

 

وعليه أصبحت الحرب الدائرة ليست من يبيع أكثر بل حول من يملك المواد الخام والمكونات التي يصنع منها المستقبل.

 

لذلك نجد أن أمريكا تحاول الوصول إلى أكثر المناجم لهذه المواد مثل (دارفور والكونغو والنيجر وأفغانستان والعديد من بلاد المسلمين) ولكن الحصول على المادة الخام لا ينهي الحرب لأن المشكلة في التعدين والمعالجة للوصول إلى معادن منفصلة ونقية، وهذا ما أبدعت به الصين دون غيرها.

 

زيارة الرئيس دونالد ترامب للصين محاولة منه لعقد اتفاقيات يتحصل على ما يلي:

 

* تأمين سلاسل الإمداد وضمان تدفق المعادن والمواد الاستراتيجية للحصول على معدات تحقق مستقبلا تقليل الاعتماد على الصين على المدى البعيد وتأمين قيود تلزم الصين على تصدير المعادن النادرة لها.

 

* تخفيف التوتر التجاري وتخفيض الرسوم الجمركية وفتح الباب للصادرات الأمريكية وهذا يعطي القوة التفاوضية ليونة أكبر.

 

* حتى يًري العالم أن أمريكا تتعامل من مبدأ المبادرة وليس المتلقي وهذا قد يستفيد منه في جبهته الداخلية وسباقات انتخابية لو استطاع الترشح لولاية أخرى.

 

* كسب وقت من خلال تأمين سلاسل الإمداد حتى تستطيع أمريكا الاعتماد على نفسها ما دام أنها قد استطاعت السيطرة على مناجم الخام وبقي عليها إتقان التعدين والتنقية.

 

ولكن السؤال ماذا يمكن أن تعطيها الصين خاصة وأن الرئيس الصيني شي جين بينغ يتمتع بعقلانية وسياسة فذة؟ وأعتقد أن توافق الصين على أن تمنحها أمريكا سوقا للمنتجات الصينية مع تخفيف الرسوم بشكل كبير على الصادرات الصينية لأمريكا مقابل بعض التسهيلات واستمرار تصدير المعادن النادرة مع المحافظة على استمرار الهيمنة الصينية وأي شراكة تكون بشروط صينية.

 

ولو أننا تخيلنا نجاح الاتفاق الأمريكيّ الصيني ماذا سوف يتغير اقتصاديا:

 

* انفراج في الأسواق العالمية بشكل عام.

 

* ثبات أو استقرار جزئي لليوان والدولار وذلك بانتهاء الحرب التجارية والرسوم الجمركية.

 

* استمرار سلاسل التوريد العالمية وتستفيد من ذلك الدول الناشئة مثل تركيا والبرازيل والهند.

 

* انفراج جزئي على التكنولوجيا والرقائق وسوف تتراجع أسعار المكونات الإلكترونية والمعادن النادرة.

 

* تباطؤ في التضخم العالمي مع انخفاض الرسوم الجمركية.

 

وكل هذا سوف يحدث على أرضية اقتصاد مالي عالمي هش قابل للسقوط في أي لحظة لأن الانهيار المالي ليست هذه هي أسبابه.

 

ولا ننسى أن الاتفاق لو حدث لا يعني نهاية التوتر الاستراتيجي لأن باقي الملفات سوف تبقى مفتوحة ومحاولة أمريكا فرض نفسها كقطب أوحد ورفضها التعددية القطبية للعالم، وأيضا الصراع الحقيقي على من يملك التفوق في الذكاء الصناعي والرقائق والمعالجات، ولا ننسى الخلاف الدائم على تايوان حيث إنها مسألة تخص الصين فهي تعتبرها جزءا مقدسا من أراضيها ولكن أمريكا لا تسمح بخروج تايوان عن سلطتها.

 

ومن هنا نجد أن كل ما يحدث ما هو إلا مسكن لفترة قريبة لأن المسألة ليست حول المال بل هي حول السلطة. ومن هنا يكون للاعب الخفي قيمة قادمة لو استطاع الاستفادة من ظروف الساحة الدولية بشكل حقيقي ألا وهو دولة الخلافة الراشدة، أي ظهور مبدأ الإسلام في دولة تدخل في تغيير الموقف الدولي بشكل جذري،

 

وهنا لن أذكر سوى التغيير الذي يخص المقال فقط:

 

فإن هذه الدولة بعد أن تلملم شتاتها وتعود التركة السابقة لجسمها تصبح قوة عالمية هائلة. فهي تمتلك سوقا خاصا بها بحوالي 1.8 مليار نسمة، وتعتمد على عملة موحدة مبنية على الذهب والفضة، ويكون لها جيش كبير تحت مظلة الخليفة، وتصبح هي من يتحكم في الطاقة والمعادن حيث تمتلك 70% من احتياطيات العالم من النفط والغاز وأيضا معادن حرجة مثل النيكل في إندونيسيا والليثيوم في أفغانستان واليورانيوم في النيجر والذهب في السودان ومناجم كبيرة من المعادن الأرضية النادرة في كل بقاع الدولة المترامية الأطراف، وبذلك تعمل على إكمال دائرة التصنيع بشكل رفيع المستوى وبشكل سريع تبعا لنظام التصنيع الحربي الذي سوف تعتمد إنشاءه في الأيام الأولى من قيامها.

 

وهي التي تستطيع فرض شروط وتسعير والهيمنة على جميع المعادن النادرة ولا تستطيع الصين مساومتها لأنها بحاجة لهذه الدولة من كل الاتجاهات لأن الطاقة والممرات والسوق كلها تحت أمر هذه الدولة العظيمة.

 

ولو كتبت في هذا المجال لاحتجت مجلدات للتكلم على ما سوف يتغير، ويكفي وجود هذه الدولة ليحدث تحول حضاري عالمي يعيد تعريف كل شيء؛ الاقتصاد والأخلاق والعدالة والمساواة وغيرها الكثير.

 

اللهم عجل لنا بها لإخراج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام ليعم النور في جميع أنحاء العالم.

 

 

كتبه للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

نبيل عبد الكريم

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

أريد دموع فرح!

 

 

لن أنسى ذلك اليوم عندما ذهبت لزيارة طبيب عيون باكستاني لمعالجة التهاب شديد في عيني، فطلب مني عينة من دموع العين لفحصها بغية دقة تشخيص الحالة.

 

جلست على الشرفة، خوفٌ تملكني، وقلق كشعرة مستقيمة في عين شخص مبتور اليدين، تساءلت مرارا وتكرارا! هل نتيجة الفحص ستفضح حزني، هل سيجد فيها ذاك الطفل الفلسطيني ذا الشعر الكيرلي، أم مشهد أشلاء أطفال مبعثرة على خيام محروقة، وذاك الحاج المجوَّع بهيكله العظمي يتأوه ألماً بجانبه ابنته الأرملة مع أطفالها الستة يأكلون الطحين المخلوط بالرمل حصل عليه أخوها المدمى بجراحه تحت قصف ونار وذل؟ ماذا لو اكتشف غضبي من دول جوار ضيقت بل وشاركت في ذاك الحصار؟

 

حتما سيرى فيهما ما أخشاه، صورة المرأة السودانية محتضنة طفلها وتحيطها ظلال من وحوش أرادوا قتله وانتهاك عرضها، ومشهد الرجل السوداني وهو يُدعس حيا من أخمص قدميه إلى رأسه.

 

أترى هل سيتمكن من تصنيف أنواع الدموع؟ ماذا لو رتبها وفقا لدموع الغضب نزولاً لدموع الأمل، حينها سيدون غضبي عما آلت إليه سوريا وسيتعرف على أحوال حرائر الأويغور وجراح مسلمي الهند. لعل دموع الأمل التي ذرفت تهجدا لله طلبا لنصرة دينه، قد تخفف وطأة ما شاهده ذلك الطبيب.

 

أخيرا وصلت إلى المستشفى لمقابلته لمعرفة النتيجة، تأملني طويلا وكأني تاريخ فاضح لجرائم كثيرة في حق المسلمين.

 

باغتُّه بسؤال: ألا تملك باكستان واحدا من أكبر الجيوش في العالم من حيث العدد والجاهزية؟ ألا تمتلك سلاحا نوويا يمنحها هيبة وردعا؟ ماذا عن موقعها الاستراتيجي بين الصين والهند وإيران كبوابة لآسيا الوسطى تمنحها قوة سياسية واقتصادية، علاوة على اكتفائها النسبي في الصناعات الدفاعية؟ أوراق قوة اقتصادية وعسكرية لم تستخدم حتى للضغط على أنظمة معادية للمسلمين، هل تعرف لماذا يا دكتور؟ لأن النظام الباكستاني كحال بقية أنظمتنا تابعة للضغوط الدولية وخصوصا من أمريكا، فهل سنكتفي بهز الرأس كما تفعل الآن؟!

 

أما آن الأوان بعد سنين من التيه، أن نعيد بوصلتنا بوصفنا مسلمين عندما كنا عظماء ونملك سيادة العالم في ظل خليفة عادل يحكم بكتاب الله سبحانه وسنة رسوله ﷺ؟ نحن قوم أعزنا الله بالإسلام فلماذا نقبل بمثل هذه الدنية والحرب المعلنة اليوم حرب على الدين والمسلمين؟ ها هي الأعراض تنتهك والدماء تسيل ومخططات معلنة لدين إبراهيمي جديد، معابد تبنى وأصنام تعود بنا لعصور شرك وكفر!

 

عذرا يا دكتور، لا أريد علاجا، فوجعي لا تشفيه حبوب مصنّعة ولا إبر مخدرة، بل حل جذري لا يترك مجالاً لدموع تذرف.

 

نريدها خلافة راشدة على منهاج رسول الله ﷺ تعيد للأمة كرامتها، وتنتقم من أعدائها، وتنصر مظلوميها، وتعدل بين أفرادها. نريدها خلافة راشدة لها هيبتها، تزلزل أركان وعروش فراعنة عصرنا. نعم أريد دموع فرح.

 

 

كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

منال أم عبيدة

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

قبول الجيش السوداني للهدنة

بوابة لتقسيم البلاد واستنساخ النموذج الليبي!

 

 

 

في ظل مفاوضات واشنطن الجارية بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، تبرز مخاوف حقيقية من أن هذه الهدنة المقترحة ليست مجرد وقف مؤقت لإطلاق النار، بل مدخل لإعادة هندسة السودان سياسياً وجغرافياً، وفقاً لنموذج ليبي مكرر: حكومتان متنازعتان، واحدة في دارفور والأخرى في الخرطوم، تتقاسمان الشرعية والسلطة، وتُداران من الخارج.

 

من منظمة إرهابية إلى طرف تفاوضي:

 

منذ اندلاع الحرب، صنّف الجيش السوداني قوات الدعم السريع بوصفها مليشيا متمردة ومنظمة إرهابية، متهماً إياها بارتكاب جرائم إبادة في دارفور والفاشر والجزيرة. ومع ذلك، دخل الجيش في مفاوضات غير مباشرة معها برعاية أمريكية، وهو ما يُعد اعترافاً ضمنياً بها كقوة موازية، لا كجهة خارجة عن القانون.

 

هذا التناقض يُضعف من موقف الجيش، ويمنح قوات الدعم السريع شرعية تفاوضية، تُمهّد لتقاسم السلطة، تماماً كما حدث في ليبيا بين حكومتي طرابلس وبنغازي.

 

شروط الهدنة: تثبيت واقع التقسيم

 

الهدنة المقترحة تشمل وقف إطلاق النار لمدة ثلاثة أشهر، وفتح الممرات الإنسانية، وإطلاق عملية سياسية تمتد لتسعة أشهر. لكنها لا تتضمن:

 

- انسحاب قوات الدعم السريع من المدن التي سيطرت عليها

 

- ضمانات لعودة الجيش إلى دارفور أو الفاشر

 

- أي آلية لإعادة توحيد البلاد تحت سلطة مركزية

 

في هذا السياق، تُصبح الهدنة تثبيتاً لواقع التقسيم، لا خطوة نحو السلام. فدارفور تديرها فعلياً قوات الدعم السريع، بينما يتمركز الجيش في بورتسودان والخرطوم، في مشهد يُعيد إلى الأذهان النموذج الليبي بكل تفاصيله.

 

إن الولايات المتحدة، عبر مفاوضات واشنطن، تسعى إلى إعادة تشكيل السودان بما يخدم مصالحها الاستراتيجية وهي: ضرب النفوذ البريطاني والأوروبي، وتأمين مصالحها النفطية والأمنية عبر وكلاء محليين. واستنساخ النموذج الليبي يُسهّل هذه المهمة، فوجود حكومتين متنازعتين يُضعف الدولة المركزية، ويُتيح التدخل الخارجي تحت غطاء الوساطة أو الدعم الإنساني.

 

موقف الجيش: غياب الحسم وتآكل الشرعية

 

الجيش السوداني، رغم ما يملكه من تاريخ ومؤسسات، لم يتخذ موقفاً صلباً في الحفاظ على وحدة البلاد. فقبوله بالهدنة دون شروط واضحة يُعد تنازلاً استراتيجياً، يُفقده المبادرة العسكرية، ويُضعف من موقعه التفاوضي، ويُمهّد لإقصائه من مستقبل الحكم.

 

هذا القبول، في ظل غياب رؤية شرعية جامعة، يُعد انتحاراً سياسياً، يُكرّس الانقسام، ويُفقد الجيش شرعيته كمؤسسة عسكرية منوطة بالحفاظ على وحدة البلاد وأمنها.

 

في خضم هذا فإن الرؤية الشرعية تتمثل في:

 

- رفض أي مفاوضات ترعاها القوى الغربية باعتبارها أدوات استعمارية.

 

- الدعوة إلى إقامة الخلافة على منهاج النبوة، التي تُعيد توحيد بلاد السودان تحت قيادة راشدة.

 

- اعتبار الحل الحقيقي في العودة إلى شرع الله، ورفض الأنظمة الديمقراطية التي أوصلت البلاد إلى هذا الواقع المهين.

 

إن الأزمة ليست في قوات الدعم السريع أو الجيش، بل هي في غياب المشروع الإسلامي الجامع؛ الخلافة الراشدة على منهاج النبوة التي تحافظ على وحدة بلاد المسلمين وتجمع الأمة وكلمتها وقدراتها الاقتصادية والعسكرية، وعدم الارتهان للغرب الكافر سياسياً واقتصادياً.

 

إن مفاوضات واشنطن، في ظل غياب الإرادة الشرعية، تُنذر باستنساخ النموذج الليبي في السودان، حيث تُدار البلاد من عاصمتين، وتُقسم السلطة بين قوتين متنازعتين، وتُرسم السياسات من الخارج. وإن المطلوب اليوم ليس هدنة تُكرّس الانقسام، بل هو مشروع الأمة الجامع الذي يُعيد تعريف السودان، ويُحصّن وحدته، ويُحرر قراره من الهيمنة الدولية.

 

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا للهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

حاتم العطار – ولاية مصر

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

كيف يتحقق وعد الله بإقامة الخلافة؟

 

 

قال تعالى: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾.

 

وعد صادق من الله، لا يتخلف، لكنه مشروط، فما هي الشروط؟ وما هو هذا الوعد العظيم؟

 

أولاً: الإيمان: ليس إيماناً نظرياً، بل هو الإيمان الصادق والجازم الذي يستقر في القلب ويُترجم إلى عمل وسلوك في الحياة اليومية، نعم إنه إيمانٌ عميق يملأ القلب، ويقود الذين آمنوا إلى إدراك الغاية من الاستخلاف، فالإيمان بفكرة الاستخلاف في الأرض هو إحياء مبادئ العقيدة الصحيحة وبضرورة تحكيم شرع الله، الذي أنزله على سيدنا محمد ﷺ لينظم شئون حياتنا، ورفض كل أنظمة الكفر، والإذعان التام لحكم الله، بلا مواربة أو تبرير للواقع، إيمانٌ يصنع رجالا أقوياء لا يبررون الواقع بل يسعون لتغييره.

 

ثانياً: العمل الصالح: فالعمل الصالح لا يقتصر على الصلاة والصيام والعبادات الفردية فقط، بل يشمل:

 

- العمل لإقامة الدين في واقع الحياة.

 

- التفاعل مع قضايا الأمة، والعمل لإقامة الدولة التي تطبّق الإسلام شاملا كاملا في واقع الحياة من نظام حكم ونظام اقتصادي ونظام اجتماعي وسياسة التعليم ونظام العقوبات، بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وكشف أنظمة الجور والعمالة، فالوعد الرباني سيتحقق للذين آمنوا وعملوا الصالحات وليس للقاعدين والمبررين والمنتظرين الحلول الجاهزة من أعداء الدين الذين لا يريدون أن يتمكن الدين في واقع الحياة.

 

إذاً إن تحقق الشرطان، فإن وعد الله سيتحقق حتماً:

 

1. الاستخلاف في الأرض: أن يكون الحكم والسيادة للمسلمين، فتُكسر هيمنة الغرب، وتعود الأمة أمة عزيزة قوية، تهدي البشرية.

 

2. التمكين للدين: أن يُطبق الإسلام بكل أحكامه، فتُقام الحدود، وتُرد الحقوق، ويُرفع الظلم، وتعود العدالة، ويحمل الإسلام للعالم ليحرر البشرية من ظلمات الرأسمالية، ويُحكم بكتاب الله لا بالدساتير الوضعية.

 

3. تبديل الأمن بعد الخوف: نعم إنه من أعظم ثمار التمكين في الأرض أن يتحول خوف المسلمين إلى أمن، وهذا لا يتحقق إلا بإقامة العدل، وتطبيق شرع الله، وبناء دولة قوية مهابة، ترهب أعداء الله، وتُحصِّن الأمة من كيد يهود والمستعمرين.

 

هذا الأمن يشمل:

 

- الأمن الداخلي: بالشعور بالسكينة والعدالة والاستقرار.

 

- الأمن الخارجي: بامتلاك أدوات الردع والقوة، التي تصون هيبة الأمة وتحمي بيضتها، وتقوم الأمه بمهام الدعوة والشهادة على الناس.

 

لكن لماذا يمنح الله هذا التمكين للمؤمنين؟ قال تعالى: ﴿يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً﴾ أي أن التمكين ليس غاية دنيوية بحتة بل واجب لتحقيق غاية عظيمة:

 

إقامة العبودية الخالصة لله في العقيدة والسلوك والحكم. فالريادة والسلطان في الإسلام وظيفة شرعية، تُسخَّر لإعلاء كلمة الله ونشر الإسلام إلى كل بقاع الأرض وإخراج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، وتكون العبودية كلها لله وعدم الإشراك بالله، ثم وضح الله في الآية: ﴿وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾ وهنا تحذير واضح: أن من كفر بعد التمكين، أو حاد عن شروطه، يُسلب منه هذا الفضل، ويُوصَف بالفسق. وهو ما وقع للأمم السابقة التي مكنها الله ثم زاغت عن أمره، إذاً آية الاستخلاف ليست وعداً عشوائياً، بل سُنَّة ربانية محكومة بشروط، إذا التزمنا بها جاء النصر والتمكين، وإذا خالفناها، طال الذل والهوان والعياذ بالله، فالخلافة ليست حلماً، بل هي وعدٌ ربانيٌّ لا بد أن يتحقق.

 

فشمّروا لها، وكونوا من رجالها، فالعاقبة للمتقين.

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

إسلام الإدريسي – ولاية اليمن

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

 

لا تنخدعوا بالأسماء فالعبرة بالمواقف لا بالأنساب

 

في كل مرة يُقدَّم لنا "رمز جديد" له جذور مسلمة أو ملامح شرقية، يهلل كثير من المسلمين، وتُبنى الآمال على وهمٍ اسمه "التمثيل السياسي" في نظامٍ كافر لا يعترف بالإسلام حكماً ولا عقيدةً ولا شريعةً.

 

نذكر جميعاً الفرح العارم الذي اجتاح مشاعر كثيرين عند فوز أوباما في 2008. فهو ابن كينيا، وله أب مسلم! وهنا توهم البعض أن الإسلام والمسلمين باتوا قريبين من النفوذ الأمريكي، لكن أوباما كان أحد أكثر الرؤساء إيذاءً للمسلمين فقد دمر ليبيا، وساهم في مأساة سوريا، وأشعل أفغانستان والعراق بطائراته وجنوده، بل كان سفاك الدماء في اليمن عبر أدواته وكان عهده استمراراً لعداء ممنهج ضد الأمة.

 

واليوم يتكرر المشهد، لكن بأسماء جديدة. فـزوهران ممداني يُحتفى به لأنه مسلم ومهاجر وشاب، وكأنه المنقذ! لكن قليلين فقط ينظرون إلى مواقفه السياسية والفكرية. هذا الرجل من الداعمين الأشداء للشواذ المثليين، ومشارك في فعالياتهم، ويعتبر انحرافهم حقوقاً إنسانية!

 

أي خزي هذا يُعلق عليه الناس آمالاً؟! ألم يكن تكراراً للخيبة السياسية والفكرية نفسها التي وقعت فيها الأمة مراراً وتكراراً؟! نعم لأنها تُفتن بالشكل لا بالجوهر! تُخدع بالابتسامات، وتتعامل بالعاطفة لا بالعقيدة، وبالأسماء لا بالمفاهيم، وبالرموز لا بالمبادئ!

 

إن هذا الانبهار بالأشكال والأسماء نتيجة غياب الوعي السياسي الشرعي، لأن الإسلام لا يقاس بالأصل أو الاسم أو العرق، بل بالالتزام بمبدأ الإسلام كاملاً؛ نظاماً وعقيدةً وشريعةً. ولا قيمة لمسلم لا يحكم بالإسلام ولا ينصره، بل يخضع للنظام الرأسمالي الكافر، ويبرر الكفر والانحرافات باسم "الحرية".

 

وليعلم جميع المسلمين الذين فرحوا بفوزه وظنّوا أنه بذرة خير أو بداية نهوض، أن النهوض لا يكون من داخل أنظمة الكفر، ولا بأدواتها، ولا عبر صناديق اقتراعها، ولا تحت سقف دساتيرها.

 

فمن يُقدّم نفسه عبر النظام الديمقراطي، ويقسم على احترام قوانينه، ثم يدافع عن الشذوذ الجنسي ويحتفل به، ويدعو إلى ما يغضب الله، فهو ليس نصيراً للإسلام ولا أملاً للأمة، بل هو أداة تلميع وتمييع، وتمثيل مزيّف لا يُقدّم ولا يؤخر.

 

إن ما تسمى النجاحات السياسية في الغرب لبعض الشخصيات ذات الأسماء الإسلامية، ما هي إلا فُتات يُقدَّم كمسكنات للأمة، ليقال لها: انظروا، التغيير ممكن عبر أنظمتنا.

 

 فما حقيقة هذا "التمثيل"؟

 

الغرب لا يفتح أبواب الحكم للإسلام، بل يفتحها فقط لمن يتماهى مع قيمه وأفكاره. وأي شخص يدخل نظامهم لا بد أن يقبل بدستورهم، وبقوانينهم الوضعية، وأن يتنكر لحكم الإسلام، فإن رضي بذلك، أصبح نموذجاً مقبولاً، أما المسلم الحق، فهو مرفوض عندهم من جذوره.

 

فمن هو زهران ممداني؟ ولماذا يُصنع هذا الوهم؟

 

هو شخص يحمل اسماً مسلماً لكنه متبنٍ لأجندة منحرفة مخالفة تماماً لفطرة الإسلام، من دعم المثليين، والترويج لما يُسمى بـ"حقوقهم"، وهو نموذج حي لكيف يصنع الغرب نماذجه: مسلم بالاسم، علماني بالفعل، خادم لأجندة الليبرالية الغربية لا أكثر. بل لإشغال الأمة عن طريقها الحقيقي، فبدل أن تطالب بدولة الإسلام والخلافة، تنشغل بالمقاعد النيابية والمناصب في أنظمة كفر! وبدل أن تتوجه لتحرير فلسطين، تنتظر مَن "يدافع عن غزة" من داخل الكونغرس الأمريكي أو البرلمان الأوروبي!

 

فحقيقة الأمر أن هذا تشويه لطريق التغيير الحقيقي، وهو إقامة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، التي تُعلي راية الإسلام، وتقيم شرع الله، وتوحد الأمة خلف خليفة واحد يُقاتل من ورائه ويُتقى به.

 

فلا تنخدعوا بالأسماء، ولا تفرحوا بمن ينتمي لكم شكلاً ويخالفكم مضموناً، فليس كل من حمل اسم سعيد أو علي أو زهران هو على طريق نبينا محمد ﷺ.

 

واعلموا أن التغيير لا يأتي من داخل برلمانات الكفر، بل من جيوش الأمة التي آن لها أن تتحرك، ومن شبابها الواعين الذين يعملون ليلا ونهارا لقلب الطاولة على رؤوس الغرب وأعوانه وأتباعه الخائنين في بلاد الإسلام والمسلمين.

 

فالمسلمون لن ينهضوا عبر انتخابات الديمقراطية ولا من خلال صناديق الغرب، بل بنهضة حقيقية على أساس العقيدة الإسلامية، بإقامة دولة الخلافة الراشدة التي تُعيد للإسلام مكانته، وللمسلمين عزّتهم، وتحطم أوهام الديمقراطية.

 

لا تنخدعوا بالأسماء، ولا تعلقوا آمالكم على أفراد في أنظمة كفر، بل ارجعوا إلى مشروعكم العظيم: استئناف الحياة الإسلامية، فهذا وحده طريق العزة والنصر والتمكين.

 

فالمشهد تكرار مُهين لمآسٍ قديمة: رموز مزيفة، وولاء للأنظمة الغربية، وانحراف عن طريق الإسلام. وكل من يُصفّق لهذا المسار، إنما يضلل الأمة. فعودوا إلى مشروع الخلافة، ولا تجعلوا أعداء الإسلام يصنعون لكم قادتكم وممثليكم. فالعزة ليست في مقاعد الديمقراطية، بل في سدة الخلافة التي يعمل لها حزب التحرير ويُحذر الأمة من هذا الانحدار الفكري والسياسي. فلا خلاص لنا إلا بدولة الخلافة، التي لا تسمح بأن يحكم المسلمين من يدين بدين غير الإسلام، ولا بمن يبرر الشذوذ والانحراف، ولا بمن يُشرّع للناس غير ما أنزل الله.

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

عبد المحمود العامري – ولاية اليمن

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

حاملُ الدعوة ورسالةُ الرسل

 

 

الحملُ الحقيقيُّ للدعوة إلى استئناف الحياة الإسلامية، ليست هزلاً ولا ترفاً، بل أمانةٌ عظيمةٌ وواجبٌ على من وُفِّقَ لحملها. حامل الدعوة مدعوّ أن يكون منصِفاً واعياً، متوكِّلاً على الله، مثابراً في سبيل رفع كلمة الحقِّ وتبيين منهج الإسلام في شتى مناحي الحياة، لا مبتغياً منصباً ولا جاهاً، بل رضا ربِّه واحتساباً عنده. فحامل الدعوة وقع أجره على الله وهو يدعو على بصيرة من ربه، وربه يرعاه ويحفظه.

 

ما يلقاه حاملُ الدعوة من ابتلاءٍ ليس بجديدٍ؛ فقد عانى الأنبياء والمرسلون السخريةَ والتعذيبَ والسجنَ، ولم يَضعفوا ولا استكانوا، بل تحلوا بالصبر وحسن التوكل على الله. ثمّ إنَّ من تحمّل هذه الرسالة راضياً صابراً محتسباً، فهو في رعاية الله وحفظه مهما تنوّعت الظروف.

 

الخلافةُ: مظلّةُ التوحّدِ ووحدةِ الحكم

 

الخلافةُ على منهاج النبوة هي الدولة التي توحِّدُ المسلمين سياسياً وتشكّل الإطار الشرعيّ لتطبيق الشريعة؛ فبها يتجمّع النّاس تحت إمامٍ واحدٍ يحكم بما أنزل الله، وتُسترجع حقوقُ الأمة وكرامتها وحُريّتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية. لقد أدرك أعداءُ الأمة خطرَ هذه الحقيقة، فعملوا على تفتيتِها وبثِّ العصبيات والطوائف والحدود المصطنعة، عبر مؤسّساتٍ دولية وقوانين وبنىً مؤسسيةٍ تُخفي حقيقتها: السيطرة والهيمنة.

 

أحقيةُ الدعوة إلى إقامة الخلافة

 

بعد هدم الخلافة واحتلال البلاد الإسلامية بزعم "الحدود القومية" و"الأنظمة الوطنية"، أصبحت إعادة الخلافة واجباً شرعياً على من استقام عليه الإيمانُ ورأى خطر تشتّت الأمة وانكسار سلطانها. إنّ الدعوة لإعادة سلطان المسلمين حكمٌ شرعيٌّ، ودعوةٌ لتطبيق ما جاء في الكتاب والسنة من أحكامٍ تُنقِذُ الأمة وتعيد لها مكانتها. وعد الله للمؤمنين العاملين بأنه سيستخلفهم في الأرض، وهذا وعدٌ للذين آمنوا وعملوا الصالحات كما ورد في الأحاديث النبوية وقوعُ الخلافة على منهاج النبوة.

 

صفاتُ حامل الدعوة وكيفيةُ العمل

 

حامل الدعوة: مخلصٌ، لا تلهيه تجارةٌ ولا بيعٌ عن ذكر الله؛ مؤمنٌ ثابتٌ، يعمل بين الناس ليُبيّنَ الحقَّ ويوعِّيَ ويربي ويُنظّم، لا يسعى لمنصبٍ شخصيٍّ أو لَذةٍ دنيويةٍ فانية. الطريقُ وعرٌ ومليءٌ بالمصاعب، لكنه يسيرٌ على من توكّل على الله وآثر رضاه. على حامل الدعوة أن يكون واعياً سياسياً ومنهجيَّ التفكير، ينظر إلى العالم من زاوية العقيدة الإسلامية، ويُعدّ نفسه فكرياً وعملياً لبناءِ مشروعٍ سياسيٍ قائمٍ على المنهج الإسلامي.

 

لقد أرسل الله الرسل إلى الناس ليعرفوا الحق فيتبعوه والباطل فيجتنبوه، فكان يرسل النبي والرسول إلى قومه رحمة للناس وليدركوا الحق من الباطل. أرسل الله الرسل تترا للناس كما بين رب العالمين في الكتاب العظيم ﴿ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْراً﴾.

 

فحمل الدعوة للناس في حقيقته هو عمل الأنبياء، جاؤوا ليسوسوا الناس بما أنزل الله خالقهم والأعلم بما ينفعهم في الدنيا والآخرة. وتعرضوا للإيذاء والسخرية والاستهزاء والتعذيب والسجن والسب وكل أنواع الابتلاءات فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا. كان يملك أعداؤهم المال والقوة والسلطان وكل الوسائل الإعلامية والاقتصادية، وأصحاب النفوذ والدهاء والمكر والنفاق كما نرى في زماننا.

 

كان سلاح الرسل والأنبياء الصبر وحسن التوكل على الله والإيمان بأنه متمّ دينه ومبلّغه للناس رغم كل شيء. فبلغوا رسالاتهم وأنذروا أقوامهم.

 

لقد بين الله سبحانه في كتابه جميع الحلول للمسائل والمشاكل لكل زمان وفي أي مكان ﴿وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ﴾، ﴿مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ﴾.

 

لقد أدرك أعداؤنا خطورة الخلافة كقوة توحد الأمة وتجمعها وتوحد قوتها، فعملوا على هدمها لتمزيق المسلمين؛ لأنها المظلة التي توحدهم وتجمعهم، فقاموا بعقد المؤتمرات الدولية وأنشأوا مؤسسات وكيانات دولية باسم القانون الدولي والأمن الدولي والصحة والعلوم والثقافة والمساعدات للدول. لكن ذلك كله كان هدفه السيطرة والنفوذ على جميع الدول وخصوصا البلاد الإسلامية.

 

فحمل الدعوة لإعادة سلطان المسلمين واجب شرعي بعد هدم خلافتنا وبعد تولي أمراء على قطع ممزقة لعصبيات وقوميات ووطنيات مقيتة من أفعال الجاهلية الأولى، تحكم بالكفر على عين أعداء المسلمين وتحت إشرافهم وقيادتهم.

لم يكلفنا الله بشيء إلا أن يكون في وسعنا وعلى قدر طاقتنا.

 

تمر بالأمة هذه الأيام أحداث صعبة وشاقة، فيها من الخذلان والعمالة والخيانة ما تنوء عن حمله الجبال، وترى فيها الحليم حيران. فهل من رجال لكل هذه الشدائد والأهوال، رجال باعوا أنفسهم في سبيل الله، رجال قال عنهم رب العالمين: ﴿رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللهِ﴾، رجال أشداء مؤمنين قال عنهم رب العالمين: ﴿رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ﴾؟

 

نريد شبابا مؤمنين، ورجالا ونساء مؤمنين، لا يعملون لمنصب أو شهادة أو دنيا فانية.. رجالا لا يخافون في الله لومة لائم ويخشون الله ولا يخشون أحدا غيره، مسلمين مؤمنين يغيرون بالكلمة الصادقة يقذفون بها على الباطل فيدمغوه، قلوبهم تعظم ربهم ورسولهم ولا ترضى بالدنية في الدين. فما بالكم إن كان هذا المنهج الرباني لا يطبق على أرض الله، بل يستهزئ بكتابه وبرسوله أتفهُ الخلق وأهونهم على الله.

 

يا أهل القوة المخلصين، يا عباد الله، يا أصحاب الرتب في جيوش المسلمين، يا من لكم يدٌ في حماية أرض الأمة وشعبها: إنّ لكم دوراً عظيماً في استعادة الحقوق وردّ المظالم، وقيام دولة تحكم بالشريعة وتجسد العدالة. إن الأمة تنتظر منكم أن تُظهروا نقاء الضمير والشجاعة في نصرة دين الله ورفع البلاء عن عباده. وها أنتم ترون كما نرى مصائب كثيرة يقوم بها أعداء الله في كل مكان من أراضي المسلمين، نناشد فيكم صلاتكم، تسبيحكم، استغفاركم، دعاءكم لربكم. من لها غيركم؟ نعلم تماما وتعلمون أنها مهمة صعبة لكنها يسيرة على من توكل على الله واستجار به. ولدينا كل مقومات السيطرة على الأرض وباطنها والجو والبحار والأنهار، هذا لأننا نملك بفضل الله كل مقومات وأسباب الغلبة والتمكين، وعلى أرضنا هذه كنا أمة واحدة، لها إمام واحد وجيش واحد.

 

الأمةُ تمرُّ بمرحلةٍ شاقّةٍ من الخذلان والعمالة وإضاعة الحقوق، لكنّ الطريق ليس معسوراً على من آثر الحقّ ورضي بوجه الله، حملوا الرسالة كما حملها السابقون، أخرجوا الناس من ظلمات العبادة للعباد إلى نور عبادة ربِّ العباد، فذلك الفوز العظيم.

 

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا للهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

محمود سعيد – ولاية مصر

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

ترامب يريد أن يُوقِع حماس في فخّ التقسيم!

 

 

منذ أن عادت الولايات المتحدة إلى المشهد الفلسطيني بقوّة، ولا سيّما في عهد ترامب، بدا واضحاً أنّها لا تسعى إلى حلّ النزاع، بل إلى إعادة تشكيله بما يخدم مشروع سيطرة كيان يهود، وتفكيك وحدة القرار الفلسطيني. وقد تمثّل أخطر ما أنتجه هذا المسار في محاولة جرّ حماس إلى فخّ التقسيم تحت عناوين برّاقة من مثل إعادة الإعمار، والتهدئة، والتنمية الاقتصادية... وغيرها.

 

لقد أدرك ترامب، ومن خلفه اللوبي الصهيوني، أنّ ضرب المقاومة بالسلاح لم ينجح، وأنّ تفكيك بنيتها لا يمكن أن يتمّ إلا من الداخل، عبر خلق واقعٍ انفصاليٍّ يُكرّس فكرة أنّ غزة كيانٌ مستقلّ عن الضفّة الغربية. ومن هنا بدأت الضغوط السياسية والاقتصادية: حصارٌ ماليٌّ على السلطة، ووعودٌ لغزة بفتح المعابر والموانئ وإعادة الإعمار، بشرط الهدوء الطويل.

 

يبدو هذا العرض في ظاهره إنسانيّاً، لكنه يحمل مشروعاً خطيراً، إذ يجعل التهدئة مدخلاً للانقسام، ويحوّل حماس من حركة مقاومة إلى سلطة محليّة تحكم وفق قواعد دولية مفروضة. تلك هي الخطة الأمريكية الصهيونية التي صاغها ترامب بوضوحٍ في صفقة القرن، محاصرة المقاومة بخيوط التمويل والضغوط الدولية.

 

إنّ فخّ التقسيم لا يُنصَب بالخرائط فقط؛ فحين يُدفَع الفلسطيني إلى التفكير في تحسين شروط العيش بدل تحرير الأرض، يصبح الاحتلال هو المنتصر الحقيقي. ومن هنا تأتي خطورة المساومات المرحلية التي تُحوِّل المبدأ إلى مصلحة، وتجعل من البندقية أداة تفاوض لا أداة تحرّر.

 

اليوم تقف المقاومة أمام امتحانٍ حاسم: هل ستتمكّن أن تبقى كذلك، أم ستغرق تحت مظلّة دوليةٍ مشبوهة؟

 

إنّ الحفاظ على وحدة المقاومة ليس خياراً عاطفيّاً، بل شرط بقاءٍ لأيّ مشروعٍ تحرّري. فالمؤامرة ليست في الفخاخ الأمريكية فحسب، بل في الصمت العربي والإسلامي المخزي، وفي الوعي المنهك الذي يتلقّى الهزيمة بوصفها قدَراً.

 

علينا أن ندرك أنّ أخطر ما تريده أمريكا هو أن تُغري غزة بالانفصال، لتبقى فلسطين حلماً مقسَّماً بين الجغرافيا والمصالح.

 

لن يسقط مشروع التقسيم بالمزايدات، بل بالوعي والموقف والمقاومة. وما لم تُدرك المقاومة، ومعها كلّ الفلسطينيين، أنّ وحدة الأرض أهمّ من سلطة الحكم، فإنّ الاحتلال سيكسب بالدهاء ما عجز عنه بالسلاح.

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

مؤنس حميد – ولاية العراق

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

السر في ملف دارفور

 

 

 

سميت دارفور من "دار الفور"، وهي تعني "أرض الفور". والفور هي قبيلة كبيرة حكمت سلطنة دارفور الإسلامية في المنطقة، ودارفور تعادل ثلث مساحة السودان وبمساحة 511 ألف كيلومتر مربع، أي تعادل مساحة فرنسا، وتعتبر أغنى بقعة على وجه الأرض. وكان الصراع عليها قديما، وكان والي دارفور زمن الخلافة العثمانية يتولى رعاية مكة والكعبة وآبار علي نسبة لعلي بن دينار السوداني.

 

ما لا يعلمه المسلمون عن دارفور:

 

1- يقع فيها جبل مُرّة: وهو من عجائب الدنيا حيث يبلغ طوله 165 كم وعرضه 65-80 كم، وهو جبل عظيم فيه تتعاقب الفصول الأربعة في الوقت نفسه، وارتفاعه 10 ألف قدم عن سطح البحر، ومساحته تعادل مساحة لبنان. وفيه الينابيع والأنهار ومختلف أنواع المزروعات، ويمكن أن يكون هذا الجبل أعظم مشروع سياحي على وجه الأرض، فهو جبل بمساحة دولة. وقد ذكر أحد علماء السودان، وكان ضمن اللجنة البريطانية، أنهم اكتشفوا داخله نهر زئبق وإلى اليوم لم يكتشفه أحد.

 

هل جبل مرة هو جبل الطور: هناك بُعد تاريخي ديني في جبل مرة، إذ يقول الباحث في التاريخ القديم والتراث السوداني عباس أحمد الحاج، إن "نسختي سنة 1817 و1830 من التوراة، ذكر فيهما أن سيدنا هارون شقيق النبي موسى عليه السلام، قد مات في جبل حور بالقرب من وادي هور، ما دفع بعض المؤرخين إلى الاعتقاد أن جبل مرة إنما هو جبل الطور المقدس. لكن هذه المعلومات غير مثبتة وغير دقيقة وغير صحيحة.

 

2- حفرة النحاس: ذكر بعض الإنجليز في مذكراتهم المدونة عام 1953 بالحرف: "نحن بريطانيا العُظمى لو أننا ملكنا حفرة النحاس فقط من دارفور لبقيت بريطانيا دولة عظمى مدة 500 عام"، وهي تقع في جنوب دارفور وفيها حوالي 5 مليار طن نحاس عدا عن المعادن الأخرى والذهب.

 

3- جبل عامر واليورانيوم وحراسة دارفور: في دارفور العديد من مناجم اليورانيوم، ففيها حوالي 6 ملايين طن يورانيوم، وهناك حسب ما ذكر أحد أبناء السودان في الخرطوم لأحد الأشخاص وهو يتبع للأمم المتحدة، قال بالحرف: نحن موظفون منتشرون على مواقع في دارفور عددنا حوالي مائة ألف! تصوروا، فقال له: ما مهمتكم؟ قال بالحرف: المهمة الأولى هي حراسة دارفور ومناجمها. هذا الحديث جرى عام 2000م، أي قبل ربع قرن.

 

بعدها قام أحدهم باكتشاف العديد من المناجم في السودان ودارفور من الذهب واليورانيوم والحديد والتيتانيوم والرصاص والكوبالت وغيرها، ومن أهم ما تم اكتشافه عام 2010 جبل عامر في دارفور وفيه حوالي 3000 طن ذهب، وكان ينتج منه يومياً 150 كغ من الذهب.

 

4- البترول: تعتبر دارفور أغنى منطقة في العالم بالنفط إذ يتقاطع فيها الخزانان العظيمان بحرف إكس؛ الحوض الذي يمتد من روسيا ماراً بإيران ثم الخليج فيدخل في البحر الأحمر والسودان ليصب في نقطة وسط دارفور، ثم يتقاطع معه الحوض النيجري ليشكلا أعظم حوض نفطي في العالم، وقد ورد هذا برنامج أذاعته قناة الجزيرة قبل 27 عاماً تقريباً، وقد حذفوه بعدها نهائياً لأنه من أخطر الأسرار التي تم كشفها عن السودان.

 

5- المياه: تسبح دارفور على أعظم خزان مائي في العالم يسمى الحوض النوبي، ولقد قرأت عنه في الملفات الخاصة للسودان حيث ذكرت الأبحاث أن هذا الخزان يمكن أن تحيا به السودان ومن عليها من بشر وزراعة ودواب (140 مليون رأس ماشية) مدة 500 عام لو انقطعت أمطار السماء وجفت ينابيع الأرض وانقطعت المياه من النيل! فتصوروا يرحمكم الله، وهذا الحوض يمتد في دارفور وعدة ولايات في أجزاء منها.

 

6- جبل عامر والذهب: جبل عامر هو جبل صغير وسط دارفور وفيه مخزون حوالي 3000 طن ذهب وكنت أول من جاء بالمعلومة من الأقمار الصناعية وتم اكتشافه عام 2010م وتم تشكيل مجلس جبل عامر من 100 شخصية من القبائل والحكومة، ومن أبرز ما تم التوصل إليه بأن كانت سيطرة قوات الدعم السريع على هذا الجبل عام 2014 ووصل إنتاجه سنويا أكثر من 40 طنا من الذهب.

 

7- الألماس والمعادن النادرة: تعتبر دارفور مسرحاً لوجود الألماس والأحجار الكريمة والمعادن النادرة والزنك والذهب والفضة والرصاص والنحاس وحتى النيازك وخام الحديد بنسب عالية جداً.

 

8- الثروة الحيوانية: عظيمة لدرجة تزيد عن عدد السكان عشرة أضعاف.

 

أخيراً: في عام 1994 وضعت خارطة للسودان مقسمة إلى خمس دول؛ قسموا منها الجنوب عام 2005م وكان ذلك بسبب سذاجة الحركة الإسلامية السودانية المزعومة، وكان ضمن هذا المخطط بأن قرروا فصل دارفور كدولة ثالثة بعد الجنوب، وكل أحداث دارفور سابقاً وما تم فيها من إبادة وما يتم اليوم هو جزء من مخطط التقسيم.

 

أيها المسلمون: انظروا كيف نهبت ثرواتكم واستبيحت دماؤكم مع أنكم تملكون الثروات الطبيعية الغنية بالمعادن النادرة؛ وإنما ذلك بسبب غياب دولتكم دولة الخلافة، لذلك ندعوكم للعمل مع حزب التحرير لإقامة دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة. قال تعالى: ﴿ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلَائِفَ فِي الأَرْضِ مِنْ بَعْدِهِمْ لِنَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ﴾.

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

فادي السلمي – ولاية اليمن

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

"الإبراهيمية" نفاقٌ سياسيٌّ وفخٌّ خفيّ

 

 

إنّ قرار قاسم جومارت توكاييف في لقائه بدونالد ترامب في واشنطن يوم 7 تشرين الثاني/نوفمبر بالانضمام إلى اتفاقيات أبراهام ليس سوى تملّقٍ سياسيٍّ مكشوف. فهذا الموقف يُعدّ تزلفاً لسياسة الولايات المتحدة، وتعبيراً عن الامتنان لها، ودعماً للمشروع الصهيوني المفروض على العالم تحت قناع "الوحدة الدينية".

 

ومن الضروري أن نفهم منذ البداية أنّ "الإبراهيمية" (اتفاقيات أبراهام) قُدِّمت على أنّها جسرٌ بين اليهودية والنصرانية والإسلام، ورمزٌ "للسلام والتسامح والتعايش". غير أنّ وراء هذه العبارات الناعمة تكمن فكرةٌ خطيرةٌ للغاية، هي مفهوم "الدين الإبراهيمي الجديد"، الذي يُقدَّم كمشروعٍ لتوحيد أتباع الديانات الثلاث تحت راية النبي إبراهيم عليه السلام.

 

وهذا المشروع الذي تفرضه أمريكا وكيان يهود هو في الحقيقة يدعو المسلمين إلى التخلّي عن هوية الإسلام، ومحو الفوارق التي جعلها الله تعالى، والاعتراف باليهودية والنصرانية كدينين صحيحين ومتساويين مع الإسلام!

 

ولكن الله سبحانه وتعالى قد بيَّن ذلك صراحةً في القرآن الكريم، فقال: ﴿وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلَامِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾، ومع ذلك، فإنّ شعارات "الحوار بين الأديان" و"التسامح" تُستخدم اليوم غطاءً لبرنامجٍ مبدئيٍّ يستهدف طمسَ خصوصيّة الإسلام وإضعافَ وحدة الأمّة. فالدعوة إلى "وحدة الأديان" ليست طريقاً إلى السلام، بل هي وسيلةٌ لإبعاد المسلمين عن هدفهم، وصرف أنظارهم عن قضيتهم، وإخضاعهم لتأثير الغرب والصهيونية.

 

وقد كشفنا من قبل عن جذور هذا المشروع، وبيّنّا أنّ الهدف من هذه الاتفاقيات هو ترسيخُ هيمنة كيان يهود الإقليميّة، والقضاءُ على كلّ قوّةٍ إسلاميّةٍ مقاومةٍ لهذه الهيمنة. فخلف شعارات مثل "بيت إبراهيم" و"عبادة الأحفاد الإبراهيميين المشتركة" يُراد من المسلمين أن يتخلّوا عن رؤيتهم الإسلاميّة، ليُحوَّل الإسلام في نهاية المطاف - كما يتصوّرون - إلى دينٍ ليّنٍ، مسالمٍ، لا ضررَ فيه، وتُوصَف مواقفه الأصيلة بأنّها "تطرّفٌ" و"تشدد"!

 

في هذا المشهد، لا تُعدّ أفعال توكاييف مجرد خطأ بسيط، بل هي خيانةٌ للأسس الدينية والأخلاقية لمسلمي كازاخستان. فقرارُ الانضمام إلى هذه الاتفاقيات اتُّخذ دون طرحه للنقاش العام، ودون استشارة العلماء أو أخذ موافقة المتدينين، ما يُظهر ابتعادَ السلطة عن الشعب واستعدادَها للتخلي عن القيم الإسلامية في سبيل نيل رضا واشنطن وثنائها.

 

لقد أراد توكاييف أن يُظهر لترامب ولاءَه الخاص بالانخراط في مشاريعه السياسية، ودعمِ سياسته الرامية إلى ترسيخ كيان يهود كقوّةٍ مهيمنةٍ على المنطقة الإسلامية. وهكذا تنجرّ كازاخستان، وهي دولةٌ ذات أغلبيةٍ مسلمة، إلى لعبةٍ خطيرةٍ هدفها إخضاعُ الأمّة لمصالح الغرب والصهيونية. وقد حذّر الله تعالى من ذلك في قوله: ﴿وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَـارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى﴾.

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

حجّة جامعة

رابط هذا التعليق
شارك

Join the conversation

You can post now and register later. If you have an account, sign in now to post with your account.

زوار
اضف رد علي هذا الموضوع....

×   Pasted as rich text.   Paste as plain text instead

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   Your previous content has been restored.   Clear editor

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.

جاري التحميل

×
×
  • اضف...