صوت الخلافة قام بنشر July 1 ارسل تقرير Share قام بنشر July 1 بسم الله الرحمن الرحيم سلسلة "الخلافة والإمامة في الفكر الإسلامي" للكاتب والمفكر ثائر سلامة – أبو مالك الحلقة الأولى: توطئة بسم الله الرحمن الرحيم اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ قَيِّمُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، وَلَكَ الْحَمْدُ لَكَ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، وَلَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، وَلَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ مَلِكُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَلَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ الْحَقُّ، وَوَعْدُكَ الْحَقُّ، وَلِقَاؤُكَ حَقٌّ، وَقَوْلُكَ حَقٌّ، وَالْجَنَّةُ حَقٌّ، وَالنَّارُ حَقٌّ، وَالنَّبِيُّونَ حَقٌّ، وَمُحَمَّدٌ ﷺ حَقٌّ، وَالسَّاعَةُ حَقٌّ، اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ، وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ، وَبِكَ خَاصَمْتُ، وَإِلَيْكَ حَاكَمْتُ، فَاغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ، وَمَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ، أَنْتَ الْمُقَدِّمُ وَأَنْتَ الْمُؤَخِّرُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، وبعد.. الحَمْدُ للهِ ﷻ الَّذِي شَرَحَ صُدُورَ أَهْلِ الإِسْلامِ بِالْهُدَى، وَنَكَتَ فِيْ قُلُوبِ أَهْلِ الْطُّغْيَانِ فَلا تَعِيْ الْحِكْمَةَ أَبَدَاً، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيْكَ لَهُ إِلَهاً أَحَداً، فَرْدَاً صَمَداً، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ مَا أَكْرَمَهُ عَبْداً وَسَيِّداً، وَأَعْظَمَهُ أَصْلاً ومَحْتِداً، وَأَطْهَرَهُ مَضْجِعَاً وَمَوْلِداً، وَأَبْهَرَهُ صَدْراً وَمَوْرِداً، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ غُيُوْثِ الْنَّدَىْ، وَلُيُوْثِ الْعِدَا، صَلَاةً وَسَلاماً دَائِمَيْنِ مِنْ الْيَوْمِ إِلَى أَنْ يُبْعَثَ الْنَّاسُ غَدَاً، وبعد... المقدمة ليس المراد من عنوان البحث إجراء مفاضلة بين الفروض، ولكن المراد هو إبرازُ مكانةِ ورُتْبَةِ الخلافة من الدين، والتأكيد على أنها فرضٌ من رب العالمين، ثابتٌ بالقطعِ، فتمعَّن في توقُّفِ غالبيَّة الواجبات وجوداً وعدماً على وجود الخلافة وعدمها! والقاعدة الأصولية أنه ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، فكيف بفرضٍ (واجبٍ) لا يقوم أي فرض من فروض النظام الاقتصادي، أو الاجتماعي أو القضائي أو العقوبات أو السياسة الخارجية أو الداخلية في إدارة شئون الأمة وحراستها، أو الفروض المتعلقة بالسياسة المالية أو الحربية أو جل فروض الإسلام إلا بقيامه، فلا شك أن فرض وجوبه قائم، ورتبته في الأهمية بالغة! حين نقول: إن إقامة الخلافة من أهم وأخطر وَأَوْلى الواجبات، فإنما لا نقصد التفاضل بين الفرائض في الدرجة، إنما وجدنا الخلافة من الإسلام أشبه ما تكون بنظام التشغيل من الكمبيوتر، فمهما كانت البرامج التي صممت للعمل بالغة الدقة، فإنها لا تعمل بكفاءة إلا إن كان في الكمبيوتر نظامُ تشغيلٍ، وقد وجدنا جل أحكام الإسلام مرتبطة ومعتمدة على دولة لتقام في الأرض كما سيتبين لك من البحث بعد قليل إن شاء الله تعالى، فلا شك أن رتبة إقامة الخلافة التي بقيامها تقام سائر الفرائض الأخرى أوَّلِيَّة1. على أن القول بأنه أهم الواجبات ليس بدعا من القول، فقد نقلنا في هذا الكتاب كلاما لجملة من علماء أمة الإسلام الراسخين في العلم وصفوا الخلافة بأنها أهم الواجبات، إذ فاضلوها مع فروض غاية في الأهمية!. نعم، إن إقامة الخلافة، أي: تطبيق الشريعة الإسلامية هي الفرض الحافظ للفروض! أوليس ذلك من البديهيات؟ بَلْهَ إنه مما تواتر2 وقطع به؟ فلنتأمل: 1- والصلاة فرض موسع، يسع المكلف أداؤها في أول وقتها أو آخره، فإن كان في أول وقتها ولم يغلب على ظنه أنه يموت، فإن له أن يقدم عليها الزكاة مثلا، ولكن حين لا يتبقى إلا القليل لفوات صلاة العصر، فإن فرض صلاتها مقدم على أي فرض يتعارض معه، لإبراء الذمة ولعدم تفويت الفرض واستحقاق العقوبة، وهكذا فإن الأهمية تتعلق بإبراء الذمة لأداء الفرض، وإبراء الذمة قد يكون متعلقا بالفرد كسائر الفروض العينية، فلا بد له من إبراء ذمته بأداء الفرض، وقد يتعلق بالجماعة كالفروض الكفائية، وحين يتعارض فرض عيني مع كفائي بحيث لا يتأتى إلا أداء أحدهما في تلك الفسحة من الوقت، فإن العلماء اختلفوا أيهما يقدم؟ ورأى بعضهم أن في إقامة الفرض الكفائي إبراء لذمة الجماعة وسقوطا للإثم عن الجماعة، فيقدم على إبراء ذمة الفرد، وبالمثل فإن تزاحم تبعات غياب سلطان الإسلام، وتراكم الفروض التي لا يمكن إقامتها في الأرض جراء غياب الخلافة، والذي أفضى إلى تعطيل كل تلك الأحكام، وتكاثر تبعات غياب الخلافة على الأمة من القتل والاغتصاب وإمرة السفهاء، والخضوع لسلطان الكفر، يجعل أهمية قيام الخلافة أولية. 2- راجع فصل: التواتر المعنوي على وجوب الخلافة اقتباس رابط هذا التعليق شارك More sharing options...
صوت الخلافة قام بنشر July 2 الكاتب ارسل تقرير Share قام بنشر July 2 بسم الله الرحمن الرحيم سلسلة "الخلافة والإمامة في الفكر الإسلامي" للكاتب والمفكر ثائر سلامة – أبو مالك الحلقة الثانية: هل الخلافة من الأصول أم من الفروع؟ يتساءل كثيرون في هذا العصر عن الخلافة، فمن سائل عنها أهي من أصول الدين؟ أمن العقيدة هي؟ أم من الفروع؟ وهل هي من صنع الصحابة أم أنها من الأحكام الشرعية؟ وأين نجد خبرها والأمر بإقامتها في القرآن والسنة؟ وهل أدلة وجوبها قطعية أم ظنية؟ وهكذا تمضي الأسئلة، وكأن الخلافة لم تكن حاضرة الأمة الإسلامية، وحامية بيضتها، ومطبقة أحكام الإسلام فيها، وحاملة عقيدتها وناشرة دعوتها، وكأنها لم تكن الكيان الذي فتح جل الدنيا المعروفة وقتها لعدل الإسلام ورحمته، وكأنها لم تكن حظيرة الإسلام ومحيط دائرته ومربع رعاياه ومرتع سائمته! وكأن الرسول ﷺ وصحابته الكرام لم يلاقوا الويلات والعذاب الشديد، وقد صُلوا بمكروه هذا الأمر، عذابا لا تطيق مثله الجبال الراسيات، حتى حفرت في الظهور منهم الأخاديد، جراء صَلْيـها بالحديد المحمى بالنار، ومن جلدها بالأسواط بلا رحمة، واحترقت من طول التعذيب فوق رملٍ شديد الالتهاب في صُيوفٍ شديدة الحرِّ، واستشهد من استشهد، وهاجر من هاجر مغتربا عن أرضه وأهله، مُخَلِّفاً وراءه بيته وماله نهبا لأعدائه، وكأنهم لم يكتحلوا السهر يصلون الليل بالنهار، بأعمال منقطعة النظير بُغية إقامة دولتها! فكان من تلك الأعمال أن أَغرى سفهاءُ الطائفِ صبيانَها بنبي الرحمة ﷺ يرمونه بالحجارة ويشتمونه، ومنها أن قذفوا على ظهره الشريفة سَلَى جَزُورٍ وهو ساجدٌ بين يدي ربه! ومنها أن وُطِئ أبو بكر رضي الله عنه وأرضاه بالأرجل، وضُرب ضرباً شديداً، حتى أخذ عُتْبة بن ربيعة يضرب أبا بكر بنعلين مخصوفتين ويحرفهما إلى وجهه حتى صار لا يُعْرَفُ أنفه من وجهه، فأمسى ما بين الموت والحياة! وكأن الرسول ﷺ لم يربط بين قيام ووجود الجماعة وبيعة السلطان والدولة ربطا محكما في جملة من الأحاديث، فالخروج من السلطان خروجٌ من الجماعة، والخروج عن الدولة أو السلطان أو الطاعة أو الجماعة أو عليها خلعٌ لربقة الإسلام من الأعناق! ومؤذنٌ بالقتل، فالخليفة الثاني إذا بويع قُتل، والخارج عن الجماعة1 (الدولة/ السلطان) ميتتُهُ جاهليةٌ! فلهؤلاء السائلين كلهم نجيب بأن إقامتها حكم شرعي نزل به الوحي، وهي فرض، بل فرض الفروض، وواجب، بل ومن أهم الواجبات وأخطرها شأنا، وقضية مصيرية للأمة يتوقف عليها موتها وحياتها، ووجودها وفناؤها2، ونهضتها وارتكاستها، وخيريتها ونزع هذه الخيرية منها3! ولذلك ينبغي اتخاذ إجراء الحياة أو الموت حيال قضية إقامتها! قال الأستاذ أحمد القصص: "من أخبث أساليب التلبيس على المسلمين: هل الخلافة من العقيدة؟ لا، يقولون: إذن فهي غير إلزامية وغير مهمة!! إن وجوب الخلافة هو من أعظم أحكام الشريعة، فهل يشترط أن تكون الخلافة من أمور العقيدة حتى تكون واجبة وفريضة شرعية، بل من أعظم واجبات هذا الدين؟!! هل الحدود من العقيدة؟ لا. هل الجهاد من العقيدة؟ لا. هل الصلاة، هل الصيام، هل الحج من العقيدة؟ لا بل من الفروع! إذن لماذا التمسك بها؟! وكأن الدين هو العقيدة وحسب! ما قيمة العقيدة إن لم تُفضِ إلى التزام الشريعة وإعلائها وجعل السيادة لها في الأرض؟! إن فصل العقيدة عن الشريعة أخطر دسيسة يروج لها في هذا الزمان! هؤلاء الذين يروّجون لهذا المنهج مجندون ضد الإسلام، وفِي خدمة أعدائه، دروا أو لم يدروا، تعمدوا أو لم يتعمدوا4". وسنرتب إجابتنا على هذا السؤال على الصعد الخمسة التالية: أولا: صعيد أن الخلافة من مقاصد الشريعة الكبرى ثانيا: صعيد دراسة نظام الخلافة واستنباط أنها الاستمرار الشرعي لإقامة نظام العدل في السموات والأرض. ثالثا: صعيد دور الخلافة في حياة الأمة ووجودها، (السيف والدرع، تطبيق الأحكام ونشرها) رابعا: صعيد توقف إقامة وتطبيق جل أحكام الشريعة الغراء (الأمر) عليها، وتولي (ولي الأمر) ذلك التطبيق خامسا: صعيد الاستنباط، استنباط حكمها الشرعي في القرآن والسنة والإجماع، وأدلتها القطعية، والقرائن التي حفها الشارع بها لإظهارها على أنها من أخطر الواجبات وجوبا! وجعلوه أوجب الواجبات إن إقامة الخلافة، أي: تطبيق الشريعة في هذا العصر، وكل عصر من أوجب الواجبات، كيف لا، وقد جعله صحابة رسول الله ﷺ كذلك وقد قارنوه بدفن أحب الخلق إلى الله تعالى، وقارنوه بإمضاء بعث أسامة (الجهاد)، فلم يجدوا أهم من المبادرة بإقامة الخليفة، فجعلوه أوجب الواجبات، 1- عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي ﷺ قال «من كره من أميره شيئاً فليصبر فإنه من خرج من السلطان شبراً مات ميتة جاهلية». رواه البخاري برقم 7053و7054 و 7143 ومسلم 1849، »من فَارق الْجَمَاعَة قدر شبر [شبراً] فقد خلع ربقة الإسلام من عُنُقه« حديث صحيح رواه أبو داود برقم 4758، لاحظ ألفاظ الحديث تزاوج بين الخروج من الجماعة، والخروج من السلطان، وهما شيء واحد، فالسلطان في الإسلام للأمة، تمنحه بعقد البيعة للخليفة ليكون صاحب السلطان؛ أي رعاية الشؤون وفق أحكام الإسلام، لذلك كان من الطبيعي أن يكون الخروج على السلطان خروجاً على الجماعة، فالميتة جاهلية، وربقة الإسلام من الأعناق مخلوعة! 2- راجع في هذا الكتاب شرح حديث: «توشك أن تداعى عليكم الأمم»، وحديث: «إنما الأمام جنة يقاتل من ورائه ويتقى به»، فالأمة من غير الخلافة بلا درع واقية، وتكون نهبا لكل طامع، فالأمة بحاجة لسيف (الجهاد) ودرع (الخلافة) لتبقى سيدة الأمم وحاملة مشعل الخير للبشرية. 3- راجع كتابنا: مفاهيم على طريق استئناف الحياة الإسلامية، تجد ربطا بين خيرية الأمة وإقامتها في نفسها بأحكام المعروف ونهيها عن المنكر، ثم بشهادتها على الأمم، أي حمل الدعوة للناس كافية، وهكذا فإن وجود الخلافة كفيل بتحقيق هذه الخيرية. 4- الأستاذ أحمد القصص، صفحته الرسمية على الفيسبوك. اقتباس رابط هذا التعليق شارك More sharing options...
صوت الخلافة قام بنشر July 3 الكاتب ارسل تقرير Share قام بنشر July 3 بسم الله الرحمن الرحيم سلسلة "الخلافة والإمامة في الفكر الإسلامي" للكاتب والمفكر ثائر سلامة – أبو مالك الحلقة الثالثة: إقامة الخلافة من مقاصد الشريعة الكبرى ج1 والخلافة فوق ذلك تحقق مقاصد الشريعة الكبرى من إقامة القسط، وإنصاف المظلومين، وتطبيق أحكام الله، يقول الجزيري رحمه الله "(اتفق الأئمة رحمهم الله تعالى على أن الإمامة فرض وأنه لا بُدَّ للمسلمين من إمام يقيم شعائر الدين وينصف المظلومين من الظالمين وعلى أنه لا يجوز أن يكون على المسلمين في وقت واحد في جميع الدنيا إمامان، لا متفقان ولا مفترقان1)"، وقال الجرجاني: (نصب الإمام من أتم مصالح المسلمين وأعظم مقاصد الدين2)، قال العلامة ابن تيمية رحمه الله تعالى3: "يجب أن يُعرَفَ أن ولاية أمر الناس من أعظم واجبات الدين بل لا قيام للدين ولا للدنيا إلا بها".. وقال د. ضِيَاءُ الْدِّينِ الْرَّيِّسُ4: "فالخلافة أهم منصب ديني وَتَهُمُّ المسلمين جميعاً، وقد نصت الشريعة الإسلامية على أنّ إقامة الخلافـــة فرضٌ أساسي من فروض الدين بل هو الفرض الأعظم لأنه يتوقف عليه تنفيذ سائر الفروض". إ. هـ. فإذا وضعنا نصب العين أن معنى الخلافة هو: وضع الأحكام الشرعية موضع التطبيق، وحراسة ذلك التطبيق، إذ أن الشرع قد حف كل شأن من شئون الإنسان والأمة والدولة بأحكام شرعية، وجعل تطبيقها في الحياة من أعظم مقاصد الدين، ولأجله أنزل الكتاب وأرسل الرسول، ومن ثم فإن الشارع قد جعل سلطان تنفيذ هذه الأحكام الشرعية للأمة، وأمرها بأن تبايع خليفة يقيم فيها تلك الأحكام، وبذلك تقوم الخلافة؛ فكيف لا تكون الخلافة من أعظم مقاصد الدين إذن؟ وأن وظيفتها هي رعاية مصالح وشئون الأمة بأحكام الإسلام، وتبليغ الدعوة الإسلامية، وحراسة الأمة. إن أصل الدين: عقيدة نعتقدها، وأوامر ونواه منبثقة من العقيدة تسوس حياتنا، وإنما أنزل الله تعالى الأوامر والنواهي ليقوم الناس بالقسط، ولتكون أفعالهم ومقاييسهم وقناعاتهم وقضاؤهم وفق النظام الإلهي، ولم يُترك الناس سُدى في أي أمر من أمور حياتهم، ﴿أَيَحْسَبُ الإِنسَانُ أَن يُتْرَكَ سُدىً﴾ [القيامة: 36]، والسُّدَى أي الذي لا يُؤْمَرُ ولا يُنْهى، بل أنزل الله في كل أمر حكما لا يقوم الناس بالقسط ولا يقضون بالحق ولا يفعلون الصواب الذي عليهم فعله إلا بالتزام ذلك الأمر من الله: قال تعالى: ﴿وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولٌ فَإِذَا جَاءَ رَسُولُهُمْ قُضِيَ بَيْنَهُم بِالْقِسْطِ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ﴾ [يونس: 47]، ﴿لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ﴾ [الحديد: 25]، وقوله،﴿لَقَدْ﴾: اللام واقعة في جواب قسم محذوف، واللام في قوله ﴿لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ﴾ هي لام التعليل، فأحد أهم المقاصد الكلية من إنزال البينات مع الرسل هي أن يقوم الناس بالقسط وفق الأحكام التي نزلت مع هؤلاء الرسل والأنبياء، إعلم أنه لا توجد ولا آية في القرآن في صيغتها التعليل لتشريع الشريعة، وإنما تبين الآيات المقاصد والغايات والنتيجة التي تحصل من إرسال الرسل، وإنزال الكتب، والحكمة من تشريع الشريعة، وذلك مثل قوله تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ﴾، وقوله تعالى: ﴿وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآَنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ﴾، وقوله تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾، ﴿وَمَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلاَّ لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُواْ فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾،﴿لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ﴾ [الحديد: 25]، ﴿كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ﴾ [البقرة: 213]، إذ أن العلة تدور مع المعلول وجودا وعدما، فكون الرسول ﷺ رحمة، وكون القرآن شفاءً ورحمة، كل ذلك يدل على أن الشريعة جاءت رحمة للعباد، إلا أن كون الشريعة جاءت رحمة هو النتيجة التي تترتب على الشريعة، وليس الباعث (العلة) على تشريعها، أي إن الله سبحانه وتعالى أخبرنا أن حكمته من تشريع الشريعة هو أن ينتج عنها أن تكون رحمة للعباد، لا أن الذي حمل على تشريعها هو كونها رحمة وعلى ذلك فإن كون الشريعة رحمة للناس هو غاية الشارع التي يهدف إليها من تشريع الشريعة، وليس السبب الذي من أجله شرعت، أنظر الشخصية الإسلامية الجزء الثالث، تقي الدين النبهاني، باب: مقاصد الشريعة. لذلك فهذه الآيات التي تبين لنا مقاصد الشريعة وغاياتها من أن يسود العدل والقسط، وأن يحكم الكتاب في حياة الناس، تبين لنا غاية إنزال الشريعة، ومقصودها، ولنا أن نقول: بأن هذه هي مقاصد الشريعة الكلية العظمى: إقامة العدل، ومنع الظلم، وتحكيم الشريعة، والرحمة، والعبادة، والهداية، وبيان الأحكام،... 1- الفقه على المذاهب الأربعة " عبد الرحمن الجزيري ج5/ص416: 2- شرح المواقف للجرجاني 3- مجموع الفتاوى: 28ص 390 4- في كتابه الإسلام و الخلافــة ص99 اقتباس رابط هذا التعليق شارك More sharing options...
صوت الخلافة قام بنشر %s في %s الكاتب ارسل تقرير Share قام بنشر %s في %s بسم الله الرحمن الرحيم سلسلة "الخلافة والإمامة في الفكر الإسلامي" للكاتب والمفكر ثائر سلامة – أبو مالك الحلقة الرابعة: إقامة الخلافة من مقاصد الشريعة الكبرى ج2 وقد استنبط العلماء مقاصد ثمانية1 ضرورية للإنسان وهي: حفظ النفس والمال والدين والعقل والنسل، وحفظ الدولة، وحفظ الأمن، وحفظ الكرامة الإنسانية، وقد نستطيع أن نضيف إليها المقاصد الكبرى المستنبطة من هذه الآيات: إقامة العدل، وتحكيم الشريعة، والرحمة، والعبادة، والهداية، وبيان الأحكام. فالدين إذن: نزل ليكون نظام حياة يحكّم الناس أحكامه في حياتهم وجوبا2، ﴿كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ﴾ [البقرة: 213]، واللام في قوله ﴿لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ﴾ هي لام التعليل، فأحد أهم المقاصد الكلية من بعث النبيين ومعهم البشارة والنذارة أن يحكم الكتاب بين الناس ليصلح معاشهم ويسود الحق والعدل في كل شأن من شؤون حياتهم!، وبالتالي فإن تطبيق هذه الأحكام في واقع الحياة إنما هو مقصد الشريعة الأعظم، ومقصد إرسال الرسول ﷺ، ومقصد إنزال الكتاب! وأساس الدين المتين، وإقامته في حياة الناس إنما هو من أوجب الواجبات، فإقامة الدولة الإسلامية، أي دولة الخلافة هي الطريقة التي يتم من خلالها تحقيق االمقاصد التي لأجلها بعث الله الرسول ﷺ، والتي لأجلها أنزل الكتاب! وإلا فإن الإسلام ليس فلسفة خيالية، وإنما نزل ليطبق وليحكم، وقد تقرر أن هذه الأحكام إنما تقام في حياة المسلمين من خلال دولة تسوسهم3، تنقاد لنظامِ حكمٍ مقرر شرعا أسماها رسول الله ﷺ دولة الخلافة4، وأقامها واقعا، وأقام أجهزتها، وقوانينها، فوجدت دولة فعلياً، ولم يكن من أمر الصحابة تجاهها إلا أن يستمروا بما بدأه سيد الخلق ﷺ بشأنها، فهي دولة مستندة الأركان إلى فعل الرسول ﷺ، وإلى الأحكام التي تمثل جل القرآن والسنة والتي نزلت لتطبق من خلالها، والتي أطبق على فرضيتها الصحابة بإجماعهم، وتواترت فرضيتها تواترا معنويا، ولا يجهل مثل تلك الدولة وجودا وحكما وأجهزة، أو يقول بأنها نظامٌ بشريٌ غيرُ لازمٍ إلا جاهلٌ! 1- استنبط الإمام الشاطبي خمسة مقاصد ضرورية: هي حفظ النفس والمال والدين والعقل والنسل، وأضاف لها الإمام تقي الدين النبهاني مقصد حفظ الأمن، ومقصد حفظ الدولة، ومقصد حفظ الكرامة الإنسانية، باستنباطها من خلال تشديد العقوبة على مقترف جريمة تمس بها شرعا، فالخارج على الدولة بالسلاح يقاتل، ومن يشق عصا الطاعة ويبايع خليفة ثانيا يقتل، وغيرها من الأحكام والتفصيلات يراجع فيها كتاب الشخصية الإسلامية الجزء الثالث، فأضحت المقاصد الضرورية ثمانية. 2- إن فرض الصلاة، وفرض الزكاة من أعظم فروض الإسلام، ولكن الفرض من غير تطبيق، يوجب العقوبة المغلظة، لأن الفروض وسائر الأحكام إنما نزلت لتطبق وليُعمَلَ بها، فالإسلام ليس فلسفة خيالية، ولا جمهوريات فاضلة، إنما هو أحكام نزلت للتنفيذ، وإنما قامت الدولة في الإسلام، وفرضت الخلافة من الشارع، لأن بها تطبيق وتنفيذ سائر الفروض والواجبات والأحكام، بل أكثر من 90% من أحكام الإسلام! وقد فهم أبو بكر رضي الله عنه ذلك حق الفهم إذ قال: والله لأقاتلن من فرّق بين الصلاة والزكاة، فإن الزكاة حق المال، والله لو منعوني عقالا كانوا يؤدونه إلى رسول الله لقاتلتهم على منعه. فقاتل بصفته خليفة للمسلمين من منع الزكاة، فالزكاة تؤدى إليه أي إلى السلطان! 3- راجع كتابنا: هل حدد الرسول ﷺ طريقة لإقامة الدولة الإسلامية، ففيه تفصيل وتدليل متين على أن الرسول ﷺ كان يعمل على إيجاد الدولة، ويقول ابن تيمية في كتاب السياسة الشرعية ص114 ومجموع الفتاوى ج 28/ ص390: يجب أن يعرف أن ولاة أمر الناس من أعظم واجبات الدين بل لا قيام للدين إلا بها فإن بني آدم لا تتم مصلحتهم إلا بالاجتماع لحاجة بعضهم إلى بعض ولا بد لهم عند الاجتماع من الحاجة إلى رأس. وقال د. ضياء الدين الريس في كتابه الإسلام والخلافــة ص99: "فالخلافة أهم منصب ديني وتهم المسلمين جميعاً، و قد نصت الشريعة الإسلامية على أنّ إقامة الخلافـــة فرض أساسي من فروض الدين بل هو الفرض الأعظم لأنه يتوقف عليه تنفيذ سائر الفروض" أنظر: تنبيه الغافلين وإعلام الحائرين بأن إعادة الخلافة من أعظم واجبات هذا الدين للشيخ علي بن حاج. 4- في سنن أبي داوود وصححه الألباني «حدثنا أحمد بن صالح حدثنا أسد بن موسى حدثنا معاوية بن صالح حدثني ضمرة أن ابن زغب الإيادي حدثه قال نزل علي عبد الله بن حوالة الأزدي فقال لي بعثنا رسول الله ﷺ لنغنم على أقدامنا فرجعنا فلم نغنم شيئا وعرف الجهد في وجوهنا فقام فينا فقال اللهم لا تكلهم إلي فأضعف عنهم ولا تكلهم إلى أنفسهم فيعجزوا عنها ولا تكلهم إلى الناس فيستأثروا عليهم ثم وضع يده على رأسي أو قال على هامتي ثم قال يا ابن حوالة إذا رأيت الخلافة قد نزلت أرض المقدسة فقد دنت الزلازل والبلابل والأمور العظام والساعة يومئذ أقرب من الناس من يدي هذه من رأسك قال أبو داود عبد الله بن حوالة حمصي»؛ وقال مسلم «حدثنا هداب بن خالد الأزدي حدثنا حماد بن سلمة عن سماك بن حرب قال سمعت جابر بن سمرة يقول سمعت رسول الله ﷺ يقول لا يزال الإسلام عزيزا إلى اثنى عشر خليفة »؛ عن العرباض بن سارية قال «ثم وعظنا رسول الله ﷺ يوما بعد صلاة الغداة موعظة بليغة ذرفت منها العيون ووجلت منها القلوب فقال رجل إن هذه موعظة مودع فماذا تعهد إلينا يا رسول الله قال أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن عبد حبشي فإنه من يعش منكم يرى اختلافا كثيرا وإياكم ومحدثات الأمور فإنها ضلالة فمن أدرك ذلك منكم فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ»؛ وروى مسلم «عن فرات القزاز عن أبي حازم قال قاعدت أبا هريرة خمس سنين فسمعته يحدث عن النبي ﷺ قال "كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء كلما هلك نبي خلفه نبي وإنه لا نبي بعدي وستكون خلفاء تكثر قالوا فما تأمرنا قال فوا ببيعة الأول فالأول وأعطوهم حقهم فإن الله سائلهم عما استرعاهم»؛ «تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة، فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون ملكاً عاضاً، فيكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم يكون ملكاً جبرياً، فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة، ثم سكت». وهذا الحديث حسن أخرجه أحمد (30/355 حديث 18406)، والبزار والطبراني في الأوسط (6577) وسند أحمد حسن فيه داود بن إبراهيم الواسطي روى عنه الطيالسي ووثقه وذكره ابن حبان في الثقات. وروى الحديث أيضاً الطيالسي والبيهقي في منهاج النبوة، والطبري، والحديث صححه الألباني في السلسلة الصحيحة، وحسنه الأرناؤوط، وللحديث شاهد عن سَفِينَة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله ﷺ: «الْخِلاَفَةُ فِي أُمّتِي ثَلاَثُونَ سَنَةً، ثُمّ مُلْكٌ بَعْدَ ذَلِكَ». ثُمّ قَالَ سَفِينَةُ: امْسِكْ عَلَيْكَ خِلاَفَةَ أَبي بَكْرٍ، ثُمّ قَالَ: وَخِلاَفةَ عُمَرَ وَخِلاَفَةَ عُثْمانَ، ثُمّ قَالَ لي: امسِكْ خِلاَفَةَ عَلِيّ قال: فَوَجَدْنَاهَا ثَلاَثِينَ سَنَةً. رواه أحمد وحسنه الأرناؤوط. وروى الإمام أحمد عن حذيفة رضي الله عنه أنه قال: "ذهبت النبوة فكانت الخلافة على منهاج النبوة". وصححه الأرناؤوط. اقتباس رابط هذا التعليق شارك More sharing options...
صوت الخلافة قام بنشر %s في %s الكاتب ارسل تقرير Share قام بنشر %s في %s بسم الله الرحمن الرحيم سلسلة "الخلافة والإمامة في الفكر الإسلامي" للكاتب والمفكر ثائر سلامة – أبو مالك الحلقة الخامسة: نظام الخلافة الاستمرار الشرعي لإقامة العدل في السموات والأرض إن الله تعالى قد أقام السموات والأرض على ميزان الحق، وحرم على نفسه الظلم وجعله بين الناس محرما، وأنزل الشريعة الميزان القسط ليقوم الناس بالحق، ﴿لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ﴾ [الحديد: 25]، وفرضَ طاعةَ أولي الأمرِ، ما أقاموا الشريعة - أحكام الإسلام - في الناس، ليستقيم المنسم، فيعم الأرضَ العدلُ ويمَّحي منها الظلمُ، وقد قال طاووس اليماني: "أتعلمون من أبغضُ الخلقِ إلى اللهِ؟ قلنا: لا، فقال: إن أبغضَ الخلقِ إلى اللهِ تعالى عَبْدٌ أشْرَكَهُ اللهُ في سُلطانِهِ، فَعَمِلَ فِيْهِ بِمَعَاصِيْهِ"، لقد حفظ هذا عن طاووس اليماني رضي الله عنه ابنُه عبد الله بن طاووس فقد جاء في شذرات الذهب، وفي كثير من كتب التاريخ والسير، روى زياد عن مالك بن أنس رضي الله تعالى عنه قال: لما بعث أبو جعفر في عام 142هـ إلى مالك بن أنس وابن طاوس قال: دخلنا عليه وهو جالس على فرش، وبين يديه أنطاع قد بسطت، وجلادون بأيديهم السيوف يضربون الأعناق، فأومأ إلينا أن اجلسا فجلسنا، فأطرق زماناً طويلاً ثم رفع رأسه والتفت إلى ابن طاوس وقال: حدثني عن أبيك. قال: سمعت أبي يقول: قال رسول الله: ﷺ "إن أشد الناس عذاباً يوم القيامة رجل أشركه الله تعالى في سلطانه، فأدخل عليه الجور في حكمه1". إن الناس إن احتكموا إلى شرع الله ساد العدل وقامت السموات والأرض بالحق، فيتنزل فضل الله تعالى على البرية مصداقا لقوله تعالى: ﴿وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُم مَّاء غَدَقًا﴾ [الجن: 16]. فإذ أدخل عليهم حكامهم الجور وطغوا وبغوا، أبعدوا الناس عن الاستقامة، وإذ لم يأخذ الناس على أيدي حكامهم ليأطروهم على الحق أطرا، ضاع الحق، ففسدت الأرض، فدخل الجور في الأرض، فاستبيحت الحرمات، وانتهكت الحقوق، وفسدت الأحكام، فدخل الجور إلى ملكوت الأرض؛ لقد فرض الله تعالى على الخلق حكاما ومحكومين أن يقوموا بالقسط، فأبى من أبى، ونكص على عقبيه من نكص، فدخل الجور، لذا يشتد سخط الله ويشتد عذابه، لذلك يكون هذا الذي أشركه الله في سلطانه قد أدخل الجور في ذلك السلطان وعمل فيه بمعاصيه!. إن قضية الحكم بما أنزل الله بهذا الحجم من الخطورة، لا يكاد يضاهيها في الخطر قضية مثلها، فإما أن يسود حكم الله الأرض فيسود العدل، ﴿لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ﴾ [الحديد: 25]، وإما يدخل على ملكوت الله الجور من قِبَلِ حُكَّامٍ الأصل أنهم يحكمون خلفاء في الأرض ليقوم الناس بالقسط، أو من قِبَلِ مَحْكُومِيْنَ ارتضوا أن يُحْكَمُوا بغير شرع الله فارتضوا أن يسود الأرض غير عدل الله تعالى فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة. في الحديث القدسي عن أبي ذرٍ جندب بن جنادة، رضي الله عنه، عن النبي ﷺ فيما يروي عن الله تبارك وتعالى أنه قال: «يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا». فقد حرم الله الظلم على نفسه، وحرمه على العباد وأنزل الشرع الذي يضمن أن لا يدخل الجور في ملكوت السموات والأرض، فالويل والثبور لمن أدخل الظلم في هذا الملكوت، فكيف بمن يحكم بغير العدل مما أنزل الله متبعا هواه، وكيف بمن يحكم بغير ما أنزل الله فيقضي بالظلم ولا يكتفي بأن يدخل على الله تعالى في سلطانه الجور في الحكم ولا يكتفي بأن يمنع الناس من العدل الذي شرعه لهم رب العزة سبحانه ليقوموا بالقسط، بل إنه يرد على الله تعالى أحكامه ويتخذ نفسه ربا من دون الله. ﴿وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِذِكْرِهِم فَهُمْ عَنْ ذِكْرِهِمْ مُعْرِضُونَ﴾ [المؤمنون: 71]. 1- فأمسك أبو جعفر ساعة حتى اسود ما بيننا وبينه، قال مالك: فضممت ثيابي خوفا من أن يصيبني دمه، ظنا منه أن المنصور لابد قاتله، ثم قال المنصور لعبد الله: ناولني تلك الدواة، ثلاث مرات، فلم يفعل، فقال له: لم لم تناولني الدواة؟ فقال: أخاف أن تكتب بها معصية فأكون قد شاركتك فيها. فلما سمع ذلك قال لهما: قوما عني، فقال عبد الله: هذا ما كنا نبغي، قال مالك: فما زلت أعرف لابن طاووس فضله من يومئذ. اقتباس رابط هذا التعليق شارك More sharing options...
صوت الخلافة قام بنشر %s في %s الكاتب ارسل تقرير Share قام بنشر %s في %s بسم الله الرحمن الرحيم سلسلة "الخلافة والإمامة في الفكر الإسلامي" للكاتب والمفكر ثائر سلامة – أبو مالك الحلقة السادسة: نبي الله داود عليه سلام الله خليفة1 لو كان أي حاكم شديد الالتزام بأوامر الله ونواهيه في نفسه، في سلوكياته الشخصية ولكنه في الحكم لا يحكم بالشرع فإنما يتوعد الله أمثاله شديد العذاب يوم الحساب، فتأمل ما أولاه الله تعالى للحاكم من مسؤوليات وما توعده إن فَرَّطَ فيها من حساب: فنبي الله داوود عليه صلاة الله وسلامه، على الرغم من أنه نبي.. والنبي خير العابدين لله صياما وقياما وذكرا وعملا صالحا ﴿وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ﴾ [ص: 18]. وداود عليه صلاة الله وسلامه قال فيه نبينا محمد ﷺ «أحب الصلاة إلى الله صلاة داوود، وأحب الصيام إلى الله صيام داوود». ورغم أنه النبي داوود المجاهد المقاتل المجهز للمجاهدين ﴿وَقَتَلَ دَاوُدُ جَالُوتَ﴾ ﴿وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ * أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ﴾.. ورغم أنه صاحب الصوت الرخيم في التسبيح حيث تقف الطير في السماء من جمال صوته.. حيث قال النبي محمد ﷺ لصاحب الصوت الشجي في قراءة القرآن «لقد أوتيت مزمارا من مزامير داوود»... رغم كل هذه الأمور العظيمة في شخص النبي داوود عليه صلاة الله وسلامه.. لكن لما جعلَهُ اللهُ خليفةً حاكماً، وولاه الحكم وسدة الحكم ومنصب الرئيس... هدده الله وتوعده..إن لم يحكم بالحق (بالشرع) فسوف يعذبه عذابا شديدا ولا قيمة لكل سلوكياته الشخصية الصالحة، وأنه إن لم يحكم بالحق فإنه سيكون ضل عن سبيل الله، ونسي يوم الحساب! فقال سبحانه له.. ﴿وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَّهُ أَوَّابٌ وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ﴾ [ص: 17 - 20]. إلى أن قال تعالى: ﴿يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ﴾. [ص: 26]، فبمجرد أن لا يحكم بالحق الذي أنزل، يكون اتبع الهوى، ويكون ضل عن سبيل الله، فله عذاب شديد، ويكون قد نسي يوم الحساب، فهذه طامة تحل بمن لا يحكم بالحق الذي أنزل، وإن كان في الأخلاق والورع على مستوى شخصه ما كان! 1- جزى الله من نقلنا عنه هذه الفقرة خير الجزاء. اقتباس رابط هذا التعليق شارك More sharing options...
صوت الخلافة قام بنشر %s في %s الكاتب ارسل تقرير Share قام بنشر %s في %s بسم الله الرحمن الرحيم سلسلة "الخلافة والإمامة في الفكر الإسلامي" للكاتب والمفكر ثائر سلامة – أبو مالك الحلقة السابعة: الخلافة درع واقية للأمة الإسلامية، وسيف مهند يردع عدوها، وقضية المسلمين المصيرية فكيف كيف لا تكون إقامة الخلافة، أي: تطبيق الشريعة، أوجب الواجبات، وقد نزلت بالأرض كلها طوام الأحكام الوضعية، ودَهَتْهَا دَاهِيِةُ الجَاهِلِيِّةِ، وأُقْصِيَتْ عنها جُلُّ الأحكامِ الشَّرْعِيَّةِ، وهُدِمَتْ دولةُ الحَقِّ، واقْتَحَمَتْ دَوْلَةُ البَاطِلِ العَقَبَةَ، وغَشِيَت الأَرْضَ سنينٌ ذَاتُ مَسْغَبَةٍ، فَرَتَعَ الظَّالِـمُونَ، وأفْسَدَ الـمُفْسِدونَ، وَأَرْجَفَ الـمُرْجِفُونَ، وارْتَقَى الظُّلمُ مُرْتَقًا صعباً، وغُيِّبَ الحقُّ، وغِيْضَ الخَيْرُ، وعَمَّ الشَّرُّ، وَسَالَتِ الدِّمَاءُ أًنْهَارَاً، وَانْتُهِكَتِ الأَعْرَاضُ جهَاراً نَهَاراً، وَأَقْلَعَتِ السَّمَاءُ، وانْتَفَشَ الباطلُ وانْتَفَخَتْ أوْدَاجُهُ، واسْتَنْسَرَ البُغَاثُ بأرضِنا، واشْرَأَبَّ النفاقُ، وفسدت الأخلاقُ. فكيف كيف لا تكون إقامة الخلافة، أي: تطبيق الشريعة أوجب الواجبات، وقد تَكَالَبَتْ عَليْنَا الأُمَمُ تَكَالُبَ الأَكَلَةِ إِلى قَصْعَتِها، من كل حدب وصوب، فأعملوا سيوفهم، وراجمات حقدهم، وحمم نيرانهم في جسد الأمة، ونصَّبوا على الأمة شرارها حكاماً، وفُجَّارَها وزراءَ، وأكابر مجرميها جباة وقضاة ومخابرات، فكتموا الأنفاس، ونهبوا الخيرات، وَأَضْحَتْ خَيْرُ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ غُثَاءً كَغُثَاءِ السَّيْلِ، وأُحِيْطَ بِها، كَالْـمُنْبَتِّ لا أرْضَاً قَطَعَ ولا ظَهْرَاً أَبْقَى! فكيف كيف لا تكون إقامة الخلافة، أي: تطبيق الشريعة أوجب الواجبات، ولم يبقوا لخيار الناس إلا فتات الموائد، وضنك العيش، وحاربوا الأمة في طريقة عيشها، وعقائدها، ورموها بقذائف باطلهم ليخمدوا أنفاس الحق في صدورها، فكيف كيف لا تكون إقامة الخلافة، أي: تطبيق الشريعة أوجب الواجبات، وقد أضحت خيرات الأمة نهبا لأعدائها، فلا تسل عن النفط المنهوب ولا عن المال المسلوب، ولا عن الحق المغصوب، كيف ودماء الأطفال أضحت وقودا لانتقام أعدائها منها، فهدمت المساجد نسفا، وسيمت البيوت خسفا، وفلذات الأكباد قتلا وحرقا، وشردت العائلات في أصقاع الأرض يستجدون لقمة ومأوى، وهم خير أمة أخرجت للناس! فكيف كيف لا تكون إقامة الخلافة، أي: تطبيق الشريعة أوجب الواجبات، وقد أضحت جيوش الأمة بأمر حكامها مسلطة على رقابها، سلما لأعدائها حربا على أوليائها، فاغتصبت المقدسات، واغتصبت العفيفات، وانتشرت الرذيلة لا تجد من يجرؤ على الإنكار، واضمحلت الفضيلة، أولا يكون الكلام عن محاربة هذا كله بغير جعل قضية إقامة سلطان الله في الأرض قضية المسلمين المصيرية الأولى، خيانة للإسلام، اقتباس رابط هذا التعليق شارك More sharing options...
صوت الخلافة قام بنشر بالامس في 13:24 الكاتب ارسل تقرير Share قام بنشر بالامس في 13:24 بسم الله الرحمن الرحيم سلسلة "الخلافة والإمامة في الفكر الإسلامي" للكاتب والمفكر ثائر سلامة – أبو مالك الحلقة الثامنة: احذر أن تخون الله ورسوله وأمة الإسلام من حيث لا تدري! هب أن خاطبا شديد الفسق أتى يخطب ابنة لجيرانك، وأنت تعلم فسقه وهم لا يعلمون، أفلا يكون سكوتك على أخلاقه وعدم مبادرتك بإعلامهم بما تعلم جريمة في حق المخطوبة وأهلها وخيانة لهم1؟ ومع ذلك فإن الخيانة أعظم لو علمت يقينا أن مجرما يخطط للاعتداء على عرضهم بالقوة، ولم تعلمهم بذلك ليحتاطوا!، فإن فعل ووقعت الجريمة فلا شك أن لك في إثمها نصيب لمجرد سكوتك وعدم تحركك2! فلا يكفي حتى توصف بالخيانة بأن تكون نيتك طيبة وأنك لم تقصد إيذاء الناس، وغيرك قام بهذا الأذى، بل إن الواجب عليك أن تبادر بالأعمال، وإلا كنت خائنا من حيث لا تدري! قال العز بن عبد السلام رحمه الله رحمة واسعة "ﻣﻦ ﻧﺰﻝ ﺑﺄﺭﺽ ﺗﻔﺸﻰ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﺰﻧﻰ ﻓﺤﺪﺙ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻋﻦ ﺣﺮﻣﺔ ﺍﻟﺮﺑﺎ ﻓﻘﺪ ﺧﺎﻥ" أولا يكون إهمال الكلام عن تطبيق أحكام الله في الأرض خيانة لله الذي لم يرتضِ حكما معه، فلا بد أن يصب العمل إلى القضاء على خبث حكم عتاة المجرمين وتحكيم حكم الله لنبرأ من خيانة لله، أولا يكون إهمال الكلام والعمل على تطبيق أحكام الله في الأرض خيانة لرسوله الذي وصل الليل بالنهار عملا وكفاحا وصدعا بالحق وقابل الأذى والعذاب والمؤامرات، وقاتل وصارع الباطل ما عاش حتى استتبت دولة الحق في الأرض أركانا، وأقيم العدل ومحي الظلم، وهو القائل « إِنَّمَا الْإِمَامُ جُنَّةٌ (أي دِرْعٌ وَاقِيَةٌ للمسلمين) يُقَاتَلُ مِنْ وَرَائِهِ وَيُتَّقَى بِهِ»، فكيف وقد كسرت هذه الدرع، ألا يكون العمل على إعادتها وِجاءً ووِقاءً لصدور الأمة هو أوجب الواجبات؟ أولا يكون إهمال الكلام والعمل على تطبيق أحكام الله في الأرض خيانة لقرآنه الذي لم ينزل إلا ليوضع موضع التطبيق، نزل ليحل الحلال ويحرم الحرام، نزل ليكون شرعةً ومنهاجاً، طريقةَ عيشٍ وحَكَماً في كل خُصُومَةٍ، نزل ليقيم الميزان القسط بين الناس فلا ظُلمَ مع تحكيمه، نزل حقا قذفه الله على الباطل قذفا فأزهقه، أفلا يكون العمل على قذف الباطل به ليدمغه فإذا هو زاهق، فيحكم القرآن ويزهق الباطل أوجب الواجبات؟ إنّ ما نشاهده من حروب ضد العالم الإسلامي يأخذ بعضها برقاب بعض، إنما هي حرب عالمية ثالثة، لكنها حربٌ ضِدَّ أمَّةٍ وليست حرباً بين أمم، حربٌ ضد إرادة أمة أرادت الانعتاق، حربُ إبادةٍ ضد العالم الإسلامي، فهل من سبب جَرَّأَ روسيا الحقد رأس الضلالة والإرهاب، والعالم الغربي الجشع الكافر الذي ما زال يعيش بعقلية القرون الوسطى الظلامية على العالم الإسلامي بهذا الشكل الفج القذر، وبكل أشكال الإبادة الممنهجة إلا لعلم الغرب بغياب الحامي والدرع الواقية للأمة الإسلامية؟ الخلافة، وإلا بسبب تفرقها شذر مذر، وتحول حكامها إلى رعاة لمصالح الغرب الكافر، مقابل ثمنٍ بخسٍ كراسيَّ مهترئةٍ، وذلك نتيجةٌ حتميةٌ لغيابِ الإمامِ أو الخليفةِ! وما من يوم يمر عليهم بعد هدم خلافتهم، إلا وهو قاتِمُ الأعماق أسودُ النَّواحي، مظلمٌ شديدُ الحُلْكَةِ، مُخَضَّبٌ بدماء المسلمين، وأعراضهم، ونهب خيراتهم، وتسلط رعاعهم، وطواغيتهم عليهم، واستباحة بيضتهم، وتسلط عدوهم، لا تسمع فيه إلا صراخ اليتامى، ونوح الثكالى، وقهر المقهورين، وأنين المظلومين، وقرقرة بطون الجائعين، فهل أوصل خير أمة أخرجت للناس إلى هذا المكان المنكود بين الناس إلا بُعدُها عن تطبيق شرع ربها؟ ﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا﴾!... لقد أعمل أعداء الأمة في جسدها، وأعملت الأمة في إعراضها عن شرع ربها في جسدها الأمراض والبلايا، فانتشر السرطان فيها انتشار النار في الهشيم، فأي كلام في أعراض المرض دون معالجة أصل الداء جريمةٌ في حق المريض، لا تزيد السرطان إلا استفحالا، وأي عمل لا يصب في معالجة أصل البلاء، لا تقرب الأمة من حل مصائبها شبرا بل تباعدها عنه أميالا! فاشتغلوا بإقامة أخطر الواجبات أيها المسلمون، أقيموا الفرض الحافظ للفروض، تفوزوا. ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾. 1- المسلم مأمور بستر عيوب أخيه، والاحتراز عن ذكرها للناس، لما روي عن عَبْدَ اللَّهِ بن عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قال: «الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لَا يَظْلِمُهُ ولا يُسْلِمُهُ، وَمَنْ كان في حَاجَةِ أَخِيهِ كان الله في حَاجَتِهِ، وَمَنْ فَرَّجَ عن مُسْلِمٍ كُرْبَةً فَرَّجَ الله عنه كُرْبَةً من كُرُبَاتِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ الله يوم الْقِيَامَةِ« أخرجه البخاري في صحيحه. لكن قد يَرِدُ على هذا الحكم العام من الأحوال ما يجعله مباحاً، بل قد يكون واجباً، ولا يعد ذلك من الغيبة المحرمة، ومن ذلك إبداء العيوب المؤثرة للخاطب أو المخطوبة، لأن ذلك من النصح في الدين الذي أمر به الرسول ﷺ، عن تَمِيمٍ الدَّارِيِّ أَنَّ النبي ﷺ قال: «الدِّينُ النَّصِيحَةُ " قُلْنَا لِمَنْ؟ قال: لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ ولأئمة الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ» أخرجه مسلم في صحيحه، وتجب النصيحة أيضا بذكر المساوي إذا علم إرادة اجتماعه به وإن لم يستشره، وليس هذا من الغيبة المحرمة، السراج الوهاج ج1، ص 362، بدليل ماروى عن فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ، قالت: فلما حَلَلْتُ ذَكَرْتُ له أَنَاّ مُعَاوِيَةَ بن أبي سُفْيَانَ، وَأَبَا جَهْمٍ خَطَبَانِي، فقال رسول اللَّهِ ﷺ: «أَمَّا أبو جَهْمٍ فلا يَضَعُ عَصَاهُ عن عَاتِقِهِ وَأَمَّا مُعَاوِيَةُ فَصُعْلُوكٌ لَا مَالَ له، أنكحي أُسَامَةَ بن زَيْدٍ، فَكَرِهْتُهُ، ثُمَّ قال: أنْكِحِي أُسَامَةَ» فَنَكَحْتُهُ فَجَعَلَ الله فيه خَيْرًا وَاغْتَبَطْتُ. أخرجه مسلم في صحيحه. 2- «إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمهم الله بعقاب منه»، رواه أبو داود والترمذي والنسائي بأسانيد صحيحة، فمجرد سكوتهم عليه وعدم القيام بالأخذ على يد الظالم يجعلهم شركاء في الإثم يستحقون العقوبة! وقد قال الله تعالى: ﴿وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللّهِ يُكَفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُواْ مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِّثْلُهُمْ إِنَّ اللّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا﴾ النساء / 140. اقتباس رابط هذا التعليق شارك More sharing options...
Recommended Posts
Join the conversation
You can post now and register later. If you have an account, sign in now to post with your account.