صوت الخلافة قام بنشر August 20 الكاتب ارسل تقرير Share قام بنشر August 20 بسم الله الرحمن الرحيم سلسلة "الخلافة والإمامة في الفكر الإسلامي" للكاتب والمفكر ثائر سلامة – أبو مالك الحلقة الحادية والخمسون: خمس عشرة قرينة شرعية، غاية في الخطورة دلت على فرض الخلافة، وتواترها المعنوي ولعلنا نركز على هذه النقطة لبالغ أهميتها، فقد نزلت آيات قطعية الدلالة، وحفتها جملة واسعة من الأحاديث في الباب نفسه في القضايا التالية: إذا علمنا أن الخلافة تعني: تحكيم شرع الله تعالى في شئون الحياة، كما أنزلت في الكتاب والسنة، وإقامة سلطان تلك الأحكام التي فوضها الله تعالى للمؤمنين ليقيموها، فيردوا كل شأن مما يتنازعون فيه إليها، وبين لهم قرآنهم أن أداء الحكم لأهله أمانة يجب أداؤها، ليحكموا بالعدل، ﴿إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ إِنَّ اللّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا﴾ [النساء: 58]، وبين لهم رسولهم ﷺ أن هذا السلطان يفوض لأمير المؤمنين، عبر عقد البيعة، «مَنْ خَلَعَ يَدًا مِنْ طَاعَةٍ لَقِيَ اللَّهَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا حُجَّةَ لَهُ وَمَنْ مَاتَ وَلَيْسَ فِي عُنُقِهِ بَيْعَةٌ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً» رواه مسلم، فيستوجب من الخليفة الحكم بما أنزل الله، ومن الرعية السمع والطاعة والنصح، فإن خرجوا من السلطان شبرا خلعوا ربقة الإسلام من الأعناق، ولقوا الله لا حجة لهم، روى الإمام أحمد عن أبي ذر: «إن رسول الله ﷺ خطبنا فقال إنه كائن بعدي سلطان فلا تذلوه فمن أراد أن يذله فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه وليس بمقبول منه توبة حتى يسد ثلمته التي ثلم وليس بفاعل ثم يعود فيكون فيمن يعزه»، وإن خرج الحاكم من الحكم بما أنزل إلى الحكم بالكفر ولو في قضية واحدة وجب حمل السيف في وجهه، عن عبادة بن الصامت: «دعانا النبي ﷺ فبايعناه فقال فيما أخذ علينا أن بايعنا على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا وعسرنا ويسرنا وأثرة علينا وأن لا ننازع الأمر أهله إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم من الله فيه برهان». رواه البخاري، وتقيم الدولة الأجهزة اللازمة لحسن القيام بتلك الأحكام، فترعى شئون الأمة بما خصها الله به من حق الرعاية: «كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ الْإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ» رواه البخاري، فيتمكن الدين، وينبسط الأمان، إذا علمنا أن هذا هو واقع الخلافة، فإن لنا أن نبرز القضايا الرئيسة التالية في الكتاب والسنة التي نستقرؤ منها تواتر وجوب إقامة الخلافة وجوبا قطعيا، فمنها ما هو بمثابة القرائن بالغة القوة على الوجوب، ومنها ما فيه الدليل على الوجوب بذاته، فنقول وبالله تعالى التوفيق: فلننظر ولنتأمل كيف حف الإسلامُ الخلافةَ بقرائنَ عظيمة خطيرة تبين عظيم مكانتها وأهميتها، وسأختار أدلة وخمس عشرة قرينة من بين قرائن كثيرة حتى لا نستقصي: اقتباس رابط هذا التعليق شارك More sharing options...
صوت الخلافة قام بنشر August 21 الكاتب ارسل تقرير Share قام بنشر August 21 بسم الله الرحمن الرحيم سلسلة "الخلافة والإمامة في الفكر الإسلامي" للكاتب والمفكر ثائر سلامة – أبو مالك الحلقة الثانية والخمسون: القرينة الأولى: حصر واختصاص الله تعالى بالحكم والتشريع1! أولا: حصر الله تعالى لنفسه واختصاصه بأمر الحكم (التشريع)، فأنزله كتابا وسنة أوحى بهما إلى نبيه ﷺ، ومنع غيره منه (ما نصطلح عليه بمسمى الحاكمية). ﴿إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ﴾ [يوسف: 40]، ﴿أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ﴾ ﴿وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾، ﴿فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ﴾ ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْماً لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾ ﴿أَفَغَيْرَ اللّهِ أَبْتَغِي حَكَماً وَهُوَ الَّذِي أَنَزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلاً﴾ ﴿وَاللّهُ يَحْكُمُ لاَ مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ﴾. واعتبر غيره من الأحكام طاغوتا وجاهلية، ﴿أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾ [المائدة: 50]، ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلاَلاً بَعِيدًا﴾ [النساء: 60]، واحتكاما للهوى حرمه ونهى عنه أيما نهي! ﴿وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَآ أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللّهُ إِلَيْكَ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ﴾ [المائدة: 49]، ﴿وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ﴾ [المؤمنون: 71]. ﴿إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللّهُ وَلاَ تَكُن لِّلْخَآئِنِينَ خَصِيمًا﴾ [النساء: 105] فالله تعالى هو الذي يشرع لعباده، وهو الذي يُبين لهم - سبحانه - الصواب من الخطأ، والحق من الباطل، والإيمان من الكفر، فلا حكم إلا له سبحانه، أي أن حق التشريع محصور بالله تعالى، نزل به الوحي قرآنا وسنة، ولا معقب لحكمه، ولا يجوز أن نبتغي غيره، أي غير تشريعه حكما في أي شأن، والخلافة هي التي تضع الأحكام التي يشرعها الله تعالى موضع التطبيق. 1- التشريع يكون بما نزل به الوحي، من كتاب أوسنة، ومردهما إلى الله تعالى، فقد شاء أن يأتي التشريع قرآنا، وأوحى لرسوله الأكرم ﷺ التشريع سنة ما نطق بشيء منها عن الهوى، ﴿إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى﴾ النجم، ﴿قُلْ إِنَّمَا أُنذِرُكُم بِالْوَحْيِ﴾ 45 الأنبياء. اقتباس رابط هذا التعليق شارك More sharing options...
صوت الخلافة قام بنشر August 22 الكاتب ارسل تقرير Share قام بنشر August 22 بسم الله الرحمن الرحيم سلسلة "الخلافة والإمامة في الفكر الإسلامي" للكاتب والمفكر ثائر سلامة – أبو مالك الحلقة الثالثة والخمسون: القرينة الثانية: من مقاصد الشريعة الكلية: إنزال الكتاب ليحكم وليقيم ميزان العدل والقسط والحكم بالحق وقد بسطنا القول فيها في فصل سابق يحمل العنوان ذاته فراجعه. فالله تعالى حرم الظلم على نفسه، وأقام ملكوت السموات والأرض على قاعدة العدل والقسط ومنع الظلم، «يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا». ﴿وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولٌ فَإِذَا جَاءَ رَسُولُهُمْ قُضِيَ بَيْنَهُم بِالْقِسْطِ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ﴾ [يونس: 47]، ﴿لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ﴾ [الحديد: 25]. وقد أنزل الله تعالى كتابا ليقوم الناس بالقسط، فلا يتحقق الحق ولا يقوم العدل إلا وفق الاحتكام لشرعه سبحانه وتعالى. ﴿كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ﴾ [البقرة: 213]، ﴿وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِذِكْرِهِم فَهُمْ عَنْ ذِكْرِهِمْ مُعْرِضُونَ﴾ [المؤمنون: 71]. ﴿إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللّهُ وَلاَ تَكُن لِّلْخَآئِنِينَ خَصِيمًا﴾ [النساء: 105]، ﴿وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ عَمَّا جَاءكَ مِنَ الْحَقِّ﴾ [المائدة: 48]، ﴿إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ﴾ [الأنعام: 57]، وتقرر شرعا أن النظام الذي يطبق الأحكام التي نزلت في الكتاب والسنة هو نظام الدولة الإسلامية التي أقامها الرسول الكريم ﷺ والذي كان نظام الخلافة هو الامتداد الشرعي له، كما نصت على ذلك السنة المطهرة، فإقامة الخلافة إذن هي من صميم ما خلق الله تعالى البشر من أجله، عبادته وفق أوامره، والاحتكام لأحكامه ليقيموا العدل ويمتاز مؤمنهم من كافرهم، ومحسنهم من فاسقهم ممن فسق عن النظام الإلهي وأحكامه1، فإقامة هذا النظام إذن: إقامة لمنظومة الأوامر والنواهي الإلهية المنبثقة عن العقيدة الإسلامية، المنزلة بالوحي، التي أمرنا بالاستقامة عليها، واعتبر الخروج عنها طغيانا، وتحكيم غيرها كفرا وفسقا وظلما، واحتكاما للطاغوت أمرنا أن نكفر به، سواء الأحكام المتعلقة بالعبد فردا، مثل أحكام الصلاة والصيام، وتغيير المنكر، أو المتعلقة بالأمة جماعة، والتي تطبق من خلال الدولة مثل أنظمة العقوبات والمعاملات والقضاء والاقتصاد والاجتماع والتعليم والسياسة الداخلية والخارجية والمعاهدات والحروب والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وما إلى ذلك، وجماع هذا كله في نظام الدولة الإسلامية التي تسمى دولة الخلافة، لذلك كان بديهيا أن يقال بأن إقامة هذه الدولة إقامة لكل أحكام الإسلام في الأرض فهو من أوجب الواجبات وأولاها بالعناية وتشمير السواعد ليقوم الناس بالقسط! وهل أنزل الله الشريعة إلا لتطبق والأحكام إلا لتكون الفرقان بين الحق والباطل والفيصل بين العدل والجور، وليقوم الناس بالقسط بإنزالهم أحكام الله على النوازل فيمتثلون أوامره وينتهون عن نواهيه، ويقيمون فيهم سلطانه ويجعلون السيادة لشريعته؟ كيف وجل أحكام الإسلام لا يتأتى وجودها ولا تطبيقها في الواقع إلا من خلال دولة إسلامية، يعود بها الإسلام حائطا منيعا، وبابا وثيقا، فحائط الإسلام العدل وبابه الحق، ولا يزال الإسلام منيعاً ما اشتد السلطان، وليس شدة السلطان قتلاً بالسيف ولا ضرباً بالسوط ولكن قضاء بالحق وأخذاً بالعدل2، كيف سيقضى بالحق وكيف سيأخذ العدل مأخذه إلا بدولة خلافة على منهاج النبوة؟ وذلك لأنه اعتبر الحكم بما أنزل وحده مقيما للقسط والعدل الذي به يتم أمر إقامة السموات والأرض على أساس العدل ومنع الظلم، وإنما نزل الكتاب وأرسل الرسل ليقوم الناس بالقسط وفقا لشرع الله!، وقد بينا أن هذا من أعظم مقاصد الشرع! ﴿وَاللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ لَا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ [غافر: 20]، وفي هذه الآية الأخيرة يتبين أن إقامة العدل والحق لا تكون إلا بإقامة شريعة الله، فلا يمكن أن يقام العدل والقسط بأحكام وصفها القرآن بالجاهلية والطاغوت! 1- قال تعالى: ﴿فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلاَ تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾ 112 هود، كما أمرت لا كما تهوى، ولا كما يشرع لك غير الله، وغير الاستقامة على أمر الله طغيان، أعلاه: الطاغوت، والذي أمرنا أن نكفر به وأن لا نحتكم إليه! 2- عمير بن سعد، والي عمر بن الخطاب على حمص اقتباس رابط هذا التعليق شارك More sharing options...
صوت الخلافة قام بنشر August 23 الكاتب ارسل تقرير Share قام بنشر August 23 بسم الله الرحمن الرحيم سلسلة "الخلافة والإمامة في الفكر الإسلامي" للكاتب والمفكر ثائر سلامة – أبو مالك الحلقة الرابعة والخمسون: القرينة الثالثة: الأمر بالاحتكام للكتاب والسنة على الوجوب، الأمر بالحكم بما أنزل الله أمْرُهُ سبحانه تعالى بالحكم بما أنزل، فإن الكتاب والسنة أمرا بشكل جازم قاطع بتحكيم شرع الله في كل شأن من شئون الحياة، وإنما نزل الشرع والكتاب ليحكم! فالحكم بما أنزل الله من أعظم مقاصد الشرع كما أثبتنا! ﴿كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ﴾ [البقرة: 213] ﴿وَمَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلاَّ لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُواْ فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾،﴿لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ﴾ [الحديد: 25]، ﴿كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ﴾ [البقرة: 213]، ﴿إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللّهُ وَلاَ تَكُن لِّلْخَآئِنِينَ خَصِيمًا﴾ [النساء: 105] ﴿وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ عَمَّا جَاءكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا﴾ [المائدة: 48]، فكما ترى، فإن الأمر بالحكم بما أنزل الله قطعي الثبوت والدلالة، بل ومن مقاصد الشريعة الكبرى وغاياتها العظمى التي لأجلها نزل الكتاب، وأرسل الرسول والرسل من قبله، وعليه فلا خيار في مسألة الاحتكام للشريعة، ولا في إقامة النظام الذي يقيم هذه الأحكام، أي الدولة الإسلامية، دولة الخلافة. وأمر كل أمة أن تحكم بما أنزل1، وقال عن اليهود والنصارى: ﴿قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّىَ تُقِيمُواْ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ﴾ [المائدة: 68]، وسنجد أن الشارع أمر الناس بتطبيق الأحكام، ﴿وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا﴾ [المائدة: 38]، ﴿الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ﴾ [النور: 2]، ﴿وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾ [النور: 4]، ﴿وَاللاَّتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِن نِّسَآئِكُمْ فَاسْتَشْهِدُواْ عَلَيْهِنَّ أَرْبَعةً مِّنكُمْ فَإِن شَهِدُواْ فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّىَ يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً وَاللَّذَانَ يَأْتِيَانِهَا مِنكُمْ فَآذُوهُمَا فَإِن تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُواْ عَنْهُمَا إِنَّ اللّهَ كَانَ تَوَّابًا رَّحِيمًا﴾ [النساء: 15-16]، ﴿الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ﴾ [الحج: 41]، فجعل السلطان للأمة، ثم بين لهم طريقة هذا التطبيق (إقامة الرسول ﷺ للدولة وتطبيق الأحكام من خلالها) بأن يقيموا فيهم إماما له صلاحيات تطبيق تلك الأحكام هو ومن ينيبه من قاض أو وال، ﴿إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ إِنَّ اللّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا﴾ [النساء: 58]، روى البخاري رضي الله عنه عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة قال «بينما النبي ﷺ في مجلس يحدث القوم جاءه أعرابي فقال متى الساعة فمضى رسول الله ﷺ يحدث فقال بعض القوم سمع ما قال فكره ما قال وقال بعضهم بل لم يسمع حتى إذا قضى حديثه قال أين أراه السائل عن الساعة قال ها أنا يا رسول الله قال فإذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة قال كيف إضاعتها قال إذا وسد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة». فقد قرن رسول الله ﷺ بين تضييع الأمانة وبين توسيد الأمر إلى غير أهله، أي توسيد الحكم لمن لا يستحقه، ولا يقوم به على وجهه، ففسر ﷺ بذلك الآية الكريمة: ﴿إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ إِنَّ اللّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا﴾ [النساء: 58]، 1- سبق وأشرنا إلى أن هذه الآيات تتعلق بأهل الكتاب الذين يعيشون خارج سلطان الدولة الإسلامية، حين جاءوا يطلبون من الرسول الكريم ﷺ أن يحكم بينهم، فخيره الله تعالى بين أن يحكم بينهم أو يعرض عنهم، ﴿سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ فَإِن جَاؤُوكَ فَاحْكُم بَيْنَهُم أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ﴾ وقال بعدها: ﴿وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِندَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللَّهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِن بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُوْلَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ﴾، اقتباس رابط هذا التعليق شارك More sharing options...
صوت الخلافة قام بنشر August 24 الكاتب ارسل تقرير Share قام بنشر August 24 بسم الله الرحمن الرحيم سلسلة "الخلافة والإمامة في الفكر الإسلامي" للكاتب والمفكر ثائر سلامة – أبو مالك الحلقة الخامسة والخمسون: القرينة الرابعة: الأمر برد كل خصومة وكل تنازع إلى الكتاب والسنة وإيجاب طاعة أولي الأمر فيه وأمر الله تعالى برد الخصومات والنزاعات للكتاب والسنة، أي لشريعته، ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا﴾ [الأحزاب: 36]. ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾ [الحشر: 7]. ﴿إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ إِنَّ اللّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُواْ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُواْ إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُواْ أَن يَكْفُرُواْ بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلاَلاً بَعِيدًا وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ إِلَى مَا أَنزَلَ اللّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنكَ صُدُودًا فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَآؤُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا أُولَـئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُل لَّهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغًا وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللّهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللّهَ تَوَّابًا رَّحِيمًا فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا﴾ [النساء: 58-65]. وسنجد بالنظر في الكتاب والسنة أن الشرع جعل الأمر لأولي الأمر، ﴿ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِّنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاء الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ﴾ [الجاثية: 18]، وسمى المتصرف بها "ولي الأمر"، ﴿أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ﴾ [النساء: 59]، عن أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ «مَنْ أَطَاعَنِي فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَمَنْ أَطَاعَ أَمِيرِي فَقَدْ أَطَاعَنِي وَمَنْ عَصَى أَمِيرِي فَقَدْ عَصَانِي1»! وأمر الناس ببيعتهم، روى مسلم في صحيحه في باب الإمارة: «مَنْ خَلَعَ يَدًا مِنْ طَاعَةٍ لَقِيَ اللَّهَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا حُجَّةَ لَهُ وَمَنْ مَاتَ وَلَيْسَ فِي عُنُقِهِ بَيْعَةٌ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً» وأمر بطاعتهم ما طبقوا الإسلام في الناس، عن معاوية رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول «إن هذا الأمر في قريش لا يعاديهم أحد إلا كبه الله في النار على وجهه ما أقاموا الدين» رواه البخاري في كتاب الأحكام باب الأمراء من قريش، وقد روى مسلم في كتاب الإمارة عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ «عَلَى الْمَرْءِ الْمُسْلِمِ السَّمْعُ وَالطَّاعَةُ فِيمَا أَحَبَّ وَكَرِهَ إِلَّا أَنْ يُؤْمَرَ بِمَعْصِيَةٍ فَإِنْ أُمِرَ بِمَعْصِيَةٍ فَلَا سَمْعَ وَلَا طَاعَة» اقتباس رابط هذا التعليق شارك More sharing options...
صوت الخلافة قام بنشر August 25 الكاتب ارسل تقرير Share قام بنشر August 25 بسم الله الرحمن الرحيم سلسلة "الخلافة والإمامة في الفكر الإسلامي" للكاتب والمفكر ثائر سلامة – أبو مالك الحلقة السادسة والخمسون: القرينة الخامسة: الحكم بغير ما أنزل الله كفر، ويرفع السيف في وجه الحاكم في دار الإسلام إذا أظهر الكفر البواح اعتباره أي حكم بغير ما أنزل كفرا أو فسقا أو ظلما، فغلظ في وصف ﴿وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ﴾ [المائدة: 44، 45، 47]، فجعله بين الكافر أو الفاسق أو الظالم، ﴿وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ﴾ [المائدة: 44]، ﴿وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾ [المائدة: 45]، ﴿وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾ [المائدة: 47]، ﴿وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ عَمَّا جَاءكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاء اللّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَـكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَآ آتَاكُم فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ إِلَى الله مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَآ أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللّهُ إِلَيْكَ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾ [المائدة: 48 – 50]. قال الرسول ﷺ «وأن لا ننازع الأمر أهله قال إلاّ أن تروا كفراً بواحاً عندكم من الله فيه برهان». البخاري القرينة السادسة: كل نظام لم يشرعه الله طاغوت ونظام جاهلي. أمر بالكفر به، ونهى عن الاحتكام إليها. ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُواْ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُواْ إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُواْ أَن يَكْفُرُواْ بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلاَلاً بَعِيدًا﴾ [النساء: 60]، ﴿أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾ [المائدة: 50] فكيف كيف لا تكون إقامة الخلافة، أي: تطبيق الشريعة، من أوجب الواجبات، وقد أنزل الله أحكام الإسلام لتوضع موضع التطبيق، فيُقام الحق، ويزهق الباطل، وإنما نزل الكتاب ليحكم، وكان الحكم بما أنزل الله فرقانًا بين صلاح أنظمة الحكم والحكم عليها بالكفر، وبين أن يكون الحكم لله أو أن يكون للجاهلية، ﴿أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ ۚ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾ [المائدة: 50]، فقد اعتبر الشارع أي حكم غير حكم الله حكم جاهلية، أو طاغوتا، وجعل الحكم بغير ما أنزل الله حكما بالطاغوت والجاهلية، وأعلمنا أن الاحتكام إلى الطاغوت أو إلى الجاهلية محرم أمر بالكفر به. القرينة السابعة: كل احتكام لغير شرع الله يردي، ويجعل إيمان من يحتكم زعما لا يتحقق في الواقع. ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُواْ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُواْ إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُواْ أَن يَكْفُرُواْ بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلاَلاً بَعِيدًا﴾ [النساء: 60]، فاعتبر من ينوي، أو يريد، أو يهم بالاحتكام لغير ما أنزل، أن إيمانه مجرد زعم! فكيف بمن شرع وحارب حملة الدعوة! اقتباس رابط هذا التعليق شارك More sharing options...
صوت الخلافة قام بنشر August 26 الكاتب ارسل تقرير Share قام بنشر August 26 بسم الله الرحمن الرحيم سلسلة "الخلافة والإمامة في الفكر الإسلامي" للكاتب والمفكر ثائر سلامة – أبو مالك الحلقة السابعة والخمسون: القرينة الثامنة: الربط بين السلطان والبيعة والطاعة وقيام الجماعة ووحدة المسلمين، وصفة الخروج عن شيء منها! أمر المسلمين بتنفيذ أحكامه التي نزلت، وأمرهم ببيعة خليفة يقيم فيهم تلك الأحكام، وأمرهم بطاعته وقرنها بطاعة الله ورسوله، وجعل قيام جماعة المسلمين، ووحدتهم كلتيهما مقرونتين بوجود الخلافة واجتماعهم على الخليفة، وجعل الخروج عن السلطان، أو الخروج عن الجماعة أو الخروج عن الطاعة أو شق اجتماع المسلمين على خليفة واحد مؤذنا بخلع ربقة الإسلام من الأعناق[2]. جمع الله تعالى كل ما أنزل من أحكام وشرائع، من أوامر ونواه تحت تسمية واحدة جامعة مانعة، سماها: الأمر: ﴿ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِّنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاء الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ﴾ [الجاثية: 18]، ﴿أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ﴾ [النساء: 59]، فالله جمع مجموع ما أنزل من أوامر ونواه تحت مسمى الأمر، أمراً لتساس حياة الناس وفقا له، وجعل ولاية هذا الأمر لولي الأمر، الأمر لولي الأمر، والولاية: النصرة والسيادة وتولي رعاية الشؤون، فهو من يتولى رعاية الشؤون وفق أوامر الله، فأمر بإقامة ولي للأمر، وجعل له الطاعة مقابل تطبيق الأحكام وإقامة الدين، وقرن طاعته بطاعة الله ورسوله، عن أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ «مَنْ أَطَاعَنِي فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَمَنْ أَطَاعَ أَمِيرِي فَقَدْ أَطَاعَنِي وَمَنْ عَصَى أَمِيرِي فَقَدْ عَصَانِي[4] فهذه كلها قرائن على أن الطلب في الأحاديث للبيعة والطاعة ولزوم الجماعة أي لزوم الاجتماع مع المسلمين تحت طاعة أمير واحد كما سيأتي، كل هذا إنما هو طلب جازم، فالرسول ﷺ لا يصف ميتةً لمسلم بالجاهلية ويصف فرقته بأنها عذاب ويأمر بعدم السؤال عنه ويأمر بقتله إن نازع الخليفة الأمر، ويصفه إن خرج عن الطاعة وفارق الجماعة، كمن خلع رِبْقَةَ الإسلام من عنقه، إلا إذا كان هذا المسلم قد ارتكب حراما أو ترك فرضا، أما تارك المندوب فلا يوصف بهكذا أوصاف. أولم يقل الرسول ﷺ: «فإن الله سائلهم عما استرعاهم»! فهو هو الذي جعل رعاية الشؤون لهم، وجعلها مسؤولية يُسألونَ عنها يوم الدين! ويُحاسَبونَ عليها في الدنيا، فكيف لا يقال بأن تطبيق الشريعة وإقامة الدولة التي تطبق هذه الأحكام أوجب الواجبات، إذ بلا هذه الطريقة فإن هذه الأحكام معطلة! عن ابن عمر أن رسول الله ﷺ قال «إقامة حد من حدود الله خير من مطر أربعين ليلة في بلاد الله عز وجل» [2] وعن رجل قال: كنا قد حملنا لأبي ذر شيئا نريد أن نعطيه إياه فأتينا الربذة فسألنا عنه فلم نجده قيل: استأذن في الحج فأذن له، فأتيناه بالبلد - وهي منى - فبينا نحن عنده إذ قيل له: إن عثمان صلى أربعا فاشتد ذلك عليه، وقال قولا شديدا وقال: صليت مع رسول الله - ﷺ - فصلى ركعتين، وصليت مع أبي بكر وعمر، ثم قام أبو ذر فصلى أربعا فقيل له: عبت على أمير المؤمنين شيئا ثم تصنعه؟ قال: الخلاف أشد، إن رسول الله - ﷺ - خطبنا وقال: « إنه كائن بعدي سلطان فلا تذلوه فمن أراد أن يذله فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه، وليس بمقبول منه توبة حتى يسد ثلمته وليس بفاعل، ثم يعود فيكون فيمن يعزره.» رواه أحمد وفيه راو لم يسم، وبقية رجاله ثقات. [4] سبل السلام للصنعاني [5] ( حسن ) الألباني _ الصحيحة 231، المشكاة 3558، الروض النضير 1068 اقتباس رابط هذا التعليق شارك More sharing options...
صوت الخلافة قام بنشر August 27 الكاتب ارسل تقرير Share قام بنشر August 27 بسم الله الرحمن الرحيم سلسلة "الخلافة والإمامة في الفكر الإسلامي" للكاتب والمفكر ثائر سلامة – أبو مالك الحلقة الثامنة والخمسون: القرينة التاسعة: من مات وليس في عنقه بيعة جعل ميتة المسلم في حال خلو عنقه من بيعة شرعية لإمام شرعي يحكم بالإسلام ميتة جاهلية، وحرم خلو الزمان من إمام يبايع على السمع والطاعة. سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ «مَنْ خَلَعَ يَدًا مِنْ طَاعَةٍ لَقِيَ اللَّهَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا حُجَّةَ لَهُ وَمَنْ مَاتَ وَلَيْسَ فِي عُنُقِهِ بَيْعَةٌ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً». القرينة العاشرة: إنما الإمام جُنَّةٌ جعل الخليفة الدرع الواقية للأمة الإسلامية فإن انثلمت تعرض صدر الأمة لسهام أعدائها ونحرهم! وجعله السيف الذي يردع أعداءها ويفتح السبيل أمام دعوتها لتصل القاصي والداني. روى مسلم عن أبي هريرة عن النبي ﷺ قال: «إنما الإمام جُنَّة، يقاتل من ورائه ويُتقى به، فإن أمر بتقوى الله عز وجل وعدل كان له بذلك أجر، وإن يأمر بغيره كان عليه منه». القرينة الحادية عشرة: ﴿إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها﴾! تاسعا: جعل الخلافة أمانة أمر بأن تؤدى إلى أصحابها، وأمرهم بأن يحكموا بين الناس، وأمرهم بالحكم بالعدل، فإن وسد الأمر لغير أهله فانتظر الساعة، وجعل الخليفة إن غش الأمة أو لم يحطها بالنصح لا يرح رائحة الجنة! «ما من عبد يسترعيه الله عز وجل رعية، يموت يوم يموت وهو غاش رعيته، إلا حرم الله تعالى عليه الجنة»، وفي رواية «فلم يحطها بنصحه لم يرح رائحة الجنة» رواه البخاري ومسلم، وفي المقابل، جعل الإمام العادل أول من يستظل بظل الله يوم لا ظل إلا ظله! وفوق ذلك دلالة أن الشرع جعل عقوبة من حكم بما أنزل الله ولكنه غش في الحكم أن لا يشم رائحة الجنة! فكيف بمن غش ولم يحكم بما أنزل الله! القرينة الثانية عشرة: الخلافة، والبيعة ووحدة المسلمين من ضمن ما كان حقا على النبي ﷺ أن يدل أمته عليه من خير ما يعلمه لها! حدثنا زهير بن حرب وإسحاق بن إبراهيم قال إسحاق أخبرنا وقال زهير حدثنا جرير عن الأعمش عن زيد بن وهب عن عبد الرحمن بن عبد رب الكعبة قال: دخلت المسجد فإذا عبد الله بن عمرو بن العاص جالس في ظل الكعبة والناس مجتمعون عليه فأتيتهم فجلست إليه، فقال كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِي سَفَرٍ، فَنَزَلْنَا مَنْزِلًا فَمِنَّا مَنْ يُصْلِحُ خِبَاءَهُ، وَمِنَّا مَنْ يَنْتَضِلُ، وَمِنَّا مَنْ هُوَ فِي جَشَرِهِ، إِذْ نَادَى مُنَادِي رَسُولِ اللَّهِ ﷺ: الصَّلَاةَ جَامِعَةً، فَاجْتَمَعْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَقَالَ: «إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ نَبِيٌّ قَبْلِي إِلَّا كَانَ حَقًّا عَلَيْهِ أَنْ يَدُلَّ أُمَّتَهُ عَلَى خَيْرِ مَا يَعْلَمُهُ لَهُمْ، وَيُنْذِرَهُمْ شَرَّ مَا يَعْلَمُهُ لَهُمْ، وَإِنَّ أُمَّتَكُمْ هَذِهِ جُعِلَ عَافِيَتُهَا فِي أَوَّلِهَا، وَسَيُصِيبُ آخِرَهَا بَلَاءٌ، وَأُمُورٌ تُنْكِرُونَهَا، وَتَجِيءُ فِتْنَةٌ فَيُرَقِّقُ بَعْضُهَا بَعْضًا، وَتَجِيءُ الْفِتْنَةُ فَيَقُولُ الْمُؤْمِنُ: هَذِهِ مُهْلِكَتِي، ثُمَّ تَنْكَشِفُ وَتَجِيءُ الْفِتْنَةُ، فَيَقُولُ الْمُؤْمِنُ: هَذِهِ هَذِهِ، فَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُزَحْزَحَ عَنِ النَّارِ، وَيُدْخَلَ الْجَنَّةَ، فَلْتَأْتِهِ مَنِيَّتُهُ وَهُوَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَلْيَأْتِ إِلَى النَّاسِ الَّذِي يُحِبُّ أَنْ يُؤْتَى إِلَيْهِ، وَمَنْ بَايَعَ إِمَامًا فَأَعْطَاهُ صَفْقَةَ يَدِهِ، وَثَمَرَةَ قَلْبِهِ، فَلْيُطِعْهُ إِنِ اسْتَطَاعَ، فَإِنْ جَاءَ آخَرُ يُنَازِعُهُ فَاضْرِبُوا عُنُقَ الْآخَرِ»، فَدَنَوْتُ مِنْهُ، فَقُلْتُ لَهُ: أَنْشُدُكَ اللَّهَ آنْتَ سَمِعْتَ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ؟ فَأَهْوَى إِلَى أُذُنَيْهِ، وَقَلْبِهِ بِيَدَيْهِ، وَقَالَ: سَمِعَتْهُ أُذُنَايَ، وَوَعَاهُ قَلْبِي، فَقُلْتُ لَهُ: هَذَا ابْنُ عَمِّكَ مُعَاوِيَةُ، يَأْمُرُنَا أَنْ نَأْكُلَ أَمْوَالَنَا بَيْنَنَا بِالْبَاطِلِ، وَنَقْتُلَ أَنْفُسَنَا، وَاللَّهُ يَقُولُ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا﴾ قَالَ: فَسَكَتَ سَاعَةً، ثُمَّ قَالَ: أَطِعْهُ فِي طَاعَةِ اللَّهِ، وَاعْصِهِ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ. رواه مسلم. اقتباس رابط هذا التعليق شارك More sharing options...
صوت الخلافة قام بنشر August 28 الكاتب ارسل تقرير Share قام بنشر August 28 بسم الله الرحمن الرحيم سلسلة "الخلافة والإمامة في الفكر الإسلامي" للكاتب والمفكر ثائر سلامة – أبو مالك الحلقة التاسعة والخمسون: القرينة الثالثة عشرة: نزول تشريعات القرآن والسنة المتعلقة بأنظمة الحكم والدولة بكل تفاصيلها أمثلة من التشريع الاقتصادي: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ﴾ [البقرة: 267] ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ﴾ [البقرة: 278]، ﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا﴾ 103 التوبة، قال ﷺ: «المسلمون شركاء في ثلاث: في الماء والكلأ والنار»، ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ [التوبة: 60]، وروى الأثرم عن أبي أمامة قال: «نهى رسول الله ﷺ أن يُحتكر الطعام»، ﴿حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ﴾ [التوبة: 29]، روى أبو عبيد في الأموال عن الزهري قال: «قبل رسول الله ﷺ الجزية من مجوس البحرين»، ﴿مَّا أَفَاء اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاء مِنكُمْ﴾ [الحشر: 7]. وعن ابن عباس أن النبي ﷺ قال للأنصار «إن شئتم قسمت للمهاجرين من دياركم وأموالكم وشاركتموهم في هذه الغنيمة، وإن شئتم كانت لكم دياركم وأموالكم ولم نقسم لكم من الغنيمة شيئاً، فقالت الأنصار بل نقسم لإخواننا من ديارنا وأموالنا ونؤثرهم بالغنيمة. فأنزل الله ﴿وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ﴾. فقوله تعالى: ﴿لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُم﴾ أي كيلا يتداول بين الأغنياء فقط». ﴿وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُواْ بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُواْ فَرِيقًا مِّنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ [البقرة: 188]. أمثلة من التشريع الاجتماعي: ﴿قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاء وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [النور: 30 – 31]، ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا﴾ [الأحزاب: 59]، روي عن أم عطية أنها قالت: «أمرنا رسول الله ﷺ أن نخرجهن في القطر والأضحى، العواتق والحيض وذوات الخدور، فأما الحيض فيعتزلن الصلاة ويشهدن الخير ودعوة المسلمين. قلت يا رسول الله إحدانا لا يكون لها جلباب قال «لتلبسها أختها من جلبابها»، وعن أم عطية قالت: «بايعنا النبي ﷺ فقرأ علينا ﴿أن لا يشركن بالله شيئاً﴾ الممتحنة 12، ونهانا عن النياحة فقبضت امرأة منا يدها فقالت فلانة أسعدتني وأنا أريد أن أجزيها فلم يقل شيئاً فذهبت ثم رجعت»، وبيعة النبي ﷺ لم تكن على النبوة وإنما كانت على الطاعة للحاكم. فهذا يدل على أن للمرأة أن تبايع الحاكم، وأن تنتخبه. ﴿وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمْ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا وَآتُوهُم مِّن مَّالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاء إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِّتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَن يُكْرِههُّنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِن بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ [النور: 33]، ﴿وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾ [النور: 4]. أمثلة من النظام السياسي (الحكم، والقضاء، والعقوبات، السياسة الخارجية) ﴿فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ﴾ المائدة 48، ﴿إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ﴾ [النساء: 58]، ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنثَى بِالأُنثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاء إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ [البقرة: 178 - 179]، ﴿وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا جَزَاء بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ [المائدة: 38]، ﴿الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [النور: 2]، وروى مسلم عن أبي حازم قال: قاعدت أبا هريرة خمس سنين، فسمعته يُحدّث عن النبي ﷺ قال: «كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء، كلما هلك نبي خلفه نبي، وأنه لا نبي بعدي، وستكون خلفاء فتكثر، قالوا فما تأمرنا؟ قال: فُوا ببيعة الأول فالأول، وأعطوهم حقهم، فإن الله سائلهم عما استرعاهم»، وروى مسلم أن النبي ﷺ قال: «ومن بايع إماماً فأعطاه صفقة يده، وثمرة قلبه فليطعه إن استطاع. فإن جاء آخر ينازعه، فاضربوا عنق الآخر». ﴿وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ﴾ [الأنفال: 60]. ﴿إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ [المائدة: 33]. وهكذا نجد الخطوط العريضة للتشريع في نواحيه المختلفة: العسكري، والجنائي، والسياسي، وللمعاملات والاقتصاد واضحة في مئات الآيات، فضلاً عن الكثرة الوافرة من الأحاديث الصحيحة. وكلها أُنزلت للحكم بها ولتطبيقها وتنفيذها، وكلها تدل على أن تطبق من خلال نظام حكم واضح المعالم هو نظام الخلافة، فهي تدل بالتواتر المعنوي بالاستقراء على وجوب وجود نظام الحكم الذي يضع هذه الأحكام موضع التطبيق، وهو نظام الخلافة. اقتباس رابط هذا التعليق شارك More sharing options...
صوت الخلافة قام بنشر August 29 الكاتب ارسل تقرير Share قام بنشر August 29 بسم الله الرحمن الرحيم سلسلة "الخلافة والإمامة في الفكر الإسلامي" للكاتب والمفكر ثائر سلامة – أبو مالك الحلقة الستون: القرينة الرابعة عشرة: وممارسة الرسول ﷺ للحكم بها وقد ثبت بالقطع أن رسول الله ﷺ أقام نظام الحكم وأجهزة الدولة، ومن ذلك أنه أنه وَلّى على البلدان وُلاة، وجعل لهم حقَ حُكمِ المقاطعات، فقد وَلّى معاذ بن جبل على الجَنَد، وزياد بن لَبيد على حَضْرَمَوت، وولّى أبا موسى الأشعري على زَبيد وعدن. الدولة. عن سليمان بن بريدة عن أبيه قال: «كان رسول ﷺ إذا أَمَّر أميراً على جيش أو سَرية أوصاه في خاصته بتقوى الله. ومَن معه مِن المسلمين خيراً» رواه مسلم، عزل الرسول ﷺ العلاء بن الحضرمي عامله على البحرين؛ لأن وفد عبد قيس شكاه، وقد ولَّى الرسول ﷺ عمرو ابن حزم اليمن ولاية عامة، وكذلك ولَّى الرسول ﷺ ولاية خاصة فولَّى علي بن أبي طالب القضاء في اليمن. وقد ورد في سيرة ابن هشام أن رسول الله ﷺ استعمل فروة بن مُسَيْك على قبائل مراد وزبيد ومذحج، وبعث معه خالد ابن سعيد بن العاص على الصدقة. كما ورد فيها أنه ﷺ بعث زياد بن لبيد الأنصاري إلى حضرموت، وعلى صدقاتها. وبعث عليّ بن أبي طالب إلى نجران ليجمع صدقتهم وجزيتهم، كما أرسله قاضياً على اليمن، كما ذكر الحاكم. وفي الاستيعاب أنه ﷺ أرسل معاذ بن جبل إلى الجَنَد يُعلم الناس القرآن وشرائع الإسلام، ويقضي بينهم، وجعل له قبض الصدقات من العمال الذين في اليمن.، روى البخاري ومسلم عن أبي حميد الساعدي: «أن النبي ﷺ استعمل ابن اللُّتْبِيّة على صدقات بني سليم، فلما جاء إلى رسول الله ﷺ وحاسبه، قال: هذا الذي لكم، وهذه هدية أهديت لي. فقال رسول الله ﷺ: فهلّا جلست في بيت أبيك وبيت أمك حتى تأتيك هديتك إن كنت صادقاً.. الحديث»، روى ابن سعد أن رسول الله ﷺ قال: «أمير الناس زيد ابن حارثة، فإن قتل فجعفر بن أبي طالب، فإن قتل فليرتض المسلمون بينهم رجلاً فيجعلوه عليهم». وروى البخاري ومسلم عن عبد الله بن عمر قال: «بعث النبي ﷺ بعثاً، وأمر عليهم أسامة بن زيد، فطعن بعض الناس في إمارته، فقال النبي ﷺ: إن تطعنوا في إمارته فقد كنتم تطعنون في إمارة أبيه من قبل، وأيم الله إن كان لخليقاً للإمارة...». روى البخاري عن أنس: «أن قيس بن سعد كان يكون بين يَدَي النبي ﷺ بمنزلة صاحب الشُرَطِ مِن الأمير»، وقد قَلَّد رسول الله ﷺ القُضاة، فقلَّد عليّاً قضاء اليمن، ووصاه تنبيهاً على وجه القضاء فقال له: «إذا تقاضى إليك رجلان، فلا تقض للأول حتى تسمع كلام الآخر، فسوف تدري كيف تقضي» رواه الترمذي وأحمد، وروى أبو داود وابن خزيمة في صحيحه والبيهقي والحاكم وقال صحيح على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي، عن بريدة أن رسول الله ﷺ قال: «أيما عامل استعملناه وفرضنا له رزقاً، فما أصاب بعد رزقه فهو غلول». ﴿وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ﴾ [آل عمران: 159] وهكذا، نجد من فعل الرسول ﷺ بالاستقراء أنه أقام نظام الحكم في الدولة، وتواتر ذلك معنويا دليلا على نظام دولة الخلافة. [1] أنظر: أجهزة الدولة في الحكم والإدارة، وانظر: نظام الحكم في الإسلام، وانظر: النظام الاقتصادي في الإسلام، وانظر: النظام الاجتماعي في الإسلام، وانظر: نظام العقوبات، وانظر: أحكام البينات من إصدارات حزب التحرير. اقتباس رابط هذا التعليق شارك More sharing options...
صوت الخلافة قام بنشر August 30 الكاتب ارسل تقرير Share قام بنشر August 30 بسم الله الرحمن الرحيم سلسلة "الخلافة والإمامة في الفكر الإسلامي" للكاتب والمفكر ثائر سلامة – أبو مالك الحلقة الواحدة والستون: البُرْهَانُ عَلى أَنَّ نِظَامَ الخِلافَةِ نِظَامٌ رَبَّانِيٌّ وَلَيْسَ مِنْ صُنْعِ الصَّحَابَةِ وَلا الْبَشَرِ أولا: نظام الخلافة رباني، ولكن الدولة الإسلامية دولة بشرية، وليست بدولة إلهية: أما نظام الخلافة، فقد قامت الأدلة القطعية إذن على أنه تشريع من الله، وبالتالي فهو نظام رباني، وأحكام شرعية، وإقامته واجبة لا تخيير فيها، ولكن الدولة الإسلامية نفسها دولة بشرية، يحكمها بشر يخطئون ويصيبون، وليست بسلطة إلهية، فالخلافة هي لإقامة أحكام الشرع الإسلامي، بالأفكار التي جاء بها الإسلام والأحكام التي شرعها، ولحمل الدعوة الإسلامية إلى العالم، بتعريفهم الإسلام ودعوتهم إليه، والجهاد في سبيل الله. ويُقال لها الإمامة وإمارة المؤمنين. فهي منصب دُنيوي، وليست منصباً أخروياً. وهي موجودة لتطبيق دين الإسلام على البشر، ولنشره بين البشر. وهي غير النبوة قطعاً. فالنبوة منصب إلهي، يعطيها الله لمن يشاء، يتلقى فيها النبي أو الرسول الشرع من الله بواسطة الوحي، بينما الخلافة منصب بشري، يُبايع فيه المسلمون مَنْ يشاؤون، ويُقيمون عليهم خليفة مَنْ يُريدون مِن المسلمين. وسيدنا محمد ﷺ كان حاكماً، يطبق الشريعة التي جاء بها. فكان يتولى النبوة والرسالة، وكان في الوقت نفسه يتولى منصب رئاسة المسلمين في إقامة أحكام الإسلام. وقد أمره الله بالحكم، كما أمره بتبليغ الرسالة. فقال له: ﴿وَأَنْ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ﴾، وقال: ﴿إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ﴾، كما قال له: ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ﴾، وقال: ﴿وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ ِلأَنذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ﴾، وقال: ﴿يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنذِرْ﴾. فالرسول ﷺ كان يتولى مَنصِبين: مَنصِب النبوة والرسالة، ومَنصِب رئاسة المسلمين في الدنيا لإقامة شريعة الله التي أوحى له بها. أما الخلافة بعد رسول الله ﷺ فإنه يتولاها بشر، وهم ليسوا أنبياء، فيجوز عليهم ما يجوز على البشر من الخطأ، والسهو، والنسيان، والمعصية، وغير ذلك؛ لأنهم بشر. فهم ليسوا معصومين؛ لأنهم ليسوا أنبياء ولا رسلاً. وقد أخبر الرسول ﷺ بأن الإمام (الخليفة) يمكن أن يخطئ، كما أخبر بأنه يمكن أن يحصل منه ما يُبَغِّضُه للناس، من ظلم ومعصية، وغير ذلك، بل أخبر بأنه قد يحصل منه كفر بَواح، وعندها لا يطاع، بل يُقاتَل. فقد روى مسلم عن أبي هريرة عن النبي ﷺ قال: «إنما الإمام جُنَّة، يقاتل من ورائه ويُتقى به، فإن أمر بتقوى الله عز وجل وعدل كان له بذلك أجر، وإن يأمر بغيره كان عليه منه»، وهذا يعني أن الإمام غير معصوم، وأنه جائز عليه أن يأمر بغير تقوى الله. وروى مسلم عن عبد الله قال: قال رسول الله ﷺ: «إنها ستكون بعدي أثرة وأمور تنكرونها، قالوا: يا رسول الله كيف تأمر من أدرك منا ذلك؟ قال: تؤدون الحق الذي عليكم، وتسألون الله الذي لكم» [عبد الله هو ابن مسعود]. وروى البخاري عن جُنادة بن أبي أمية قال: دخلنا على عبادة بن الصامت وهو مريض، قلنا: أصلحك الله، حدّث بحديث ينفعك الله به سمعته من النبي ﷺ قال: «دعانا النبي ﷺ فبايعناه، فقال فيما أخذ علينا أن بايعَنا على السمع والطاعة، في منشطنا ومكرهنا، وعسرنا ويسرنا، وأثرة علينا، وأن لا ننازع الأمر أهله، قال: إلا أن تروا كفراً بَواحاً عندكم من الله فيه برهان» وعن عائشةقالت: قال رسول الله ﷺ: «ادرأوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم، فإن كان له مخرج فخلوا سبيله. فإن الإمام أن يخطئ في العفو خير من أن يخطئ في العقوبة» رواه الترمذي. فهذه الأحاديث صريحة في أنه يجوز على الإمام أن يخطئ، وأن ينسى، وأن يعصي. ومع ذلك فقد أمر الرسول ﷺ بلزوم طاعته ما دام يحكم بالإسلام، ولم يحصل منه كفر بَواح، وما لم يأمر بمعصية؛ ولذلك فإن الخلفاء بعد رسول الله ﷺ بشر يخطئون ويصيبون، وليسو معصومين أي ليسوا أنبياء حتى يقال إن الخلافة دولة إلهية، بل هي دولة بشرية يبايع فيها المسلمون خليفة لإقامة أحكام الشرع الإسلامي [1] أجهزة دولة الخلافة في الحكم والإدارة لحزب التحرير، فصل: دولة الخلافة دولة بشرية وليست دولة إلهية اقتباس رابط هذا التعليق شارك More sharing options...
صوت الخلافة قام بنشر August 31 الكاتب ارسل تقرير Share قام بنشر August 31 بسم الله الرحمن الرحيم سلسلة "الخلافة والإمامة في الفكر الإسلامي" للكاتب والمفكر ثائر سلامة – أبو مالك الحلقة الثانية والستون: بين مصطلح شريعة ومصطلح قانون ثانيا: بين مصطلح شريعة ومصطلح قانون: أما كلمة قانون، فليست عربية الاشتقاق وإن كانت عربية الجذر، قال ابن منظور في اللسان: وقانون كل شيء: طريقُه ومقياسه. قال ابن سيده: وأُراها دَخِيلَةً. والقَوانِينُ: الأُصُول، الواحد قانُونٌ، وليس بعربي[2] "اتخذ اليونان العصي من كبار القصب، وسموها "كنّا" Kanna، أخذا عن الفينيقية "قَنُوَ" وهي نفسها "قنا" العربية اسم جنس مفردُهُ "قناة"، ومن هذه العصا ذات العُقَلِ اتخذ اليونان المقاس الذي تقاس به الأطوال، وتوسعوا فقالوا: Kanon، فالقانون لفظة عربية الجذر يونانية الاشتقاق".[4]، من هذه المعاني نلمح دلالة على الأفكار التالية: مصدر التشريع واحد وهو الوحي (الشريعة مورد الماء، يرد إليه الناس يشربون ويستقون)، ففيها حل مشاكلهم، والشريعة: السنة والطريقة أي طريقة العيش، فهي تبين للناس أسلوب حياتهم، والشريعة: المنهاج أي: مقياس الأفكار ومصدرها وتطبيقها في الواقع، والشريعة الظهور، فهي تعلو ولا يعلى عليها، تُظْهِرُ الحَقَّ وتَقمَعُ البَاطِلَ، والشريعة الطريق المستقيم، فما سواه معوج وباطل. [2] أنظر: منتدى رجال القانون. [4] الموسوعة الفقهية الكويتية، عن: روح المعاني في تفسير قوله تعالى: ﴿لكلٍّ جعلنا منكم شِرْعةً ومِنهاجاً﴾؛المائدة 48، وحاشية الشيخ زادة على تفسير البيضاوي في تفسير الآية المذكورة. ج 26 ص 17. اقتباس رابط هذا التعليق شارك More sharing options...
صوت الخلافة قام بنشر September 1 الكاتب ارسل تقرير Share قام بنشر September 1 بسم الله الرحمن الرحيم سلسلة "الخلافة والإمامة في الفكر الإسلامي" للكاتب والمفكر ثائر سلامة – أبو مالك الحلقة الثالثة والستون: مفهوم الدولة القانونية ثالثا: مفهوم الدولة القانونية: الدولة القانونية مفهوم غربي نشأ ليعكس خضوع الدولة للقانون مما يؤدي لحماية حقوق الأفراد، بحيث تخضع فيها هيئاتها لقواعد القانون، أي لقواعد ملزمة لها كما هي ملزمة للمحكومين. مقابل مفهوم الدولة الاستبدادية التي يختلط فيها القانون بإرادة الحاكم ومشيئته دون خضوع هذه المشيئة لقيود محددة معلومة.[2] مثل الثورة المسلحة أو الحرب الأهلية، أو القتال الداخلي، قال تعالى: ﴿وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِن فَاءتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ﴾ 9 الحجرات. من هذه الأدلة، وغيرها عشرات الأدلة، نجد أن الرعية والخليفة والخصومات والطاعة ومسئولية المحافظة على مجموعة القيم التي قامت عليها الدولة، كل ذلك محاط بسياج الأحكام الشرعية، وقامت عليه الأدلة، مما يعني أن دولة الخلافة دولة تسود فيها الشريعة، ويخضع الحاكمُ والمحكومُ لهذه الشريعة، فهي دولة قانونية بامتياز! [2] الجهاد والقتال في السياسة الشرعية للدكتور محمد خير هيكل، الجزء الأول ص 63 عن التشريع الجنائي في المذاهب الخمسة 1ظ 148 – 150 والجريمة والعقاب في الفقه الإسلامي 160. اقتباس رابط هذا التعليق شارك More sharing options...
صوت الخلافة قام بنشر September 2 الكاتب ارسل تقرير Share قام بنشر September 2 بسم الله الرحمن الرحيم سلسلة "الخلافة والإمامة في الفكر الإسلامي" للكاتب والمفكر ثائر سلامة – أبو مالك الحلقة الرابعة والستون: مقومات الدولة القانونية بين التصور الإسلامي والتصور الغربي رابعا: مقومات الدولة القانونية بين التصور الإسلامي والتصور الغربي - مقارنة ويجدر ملاحظة أن المفكرين القانونيين يضعون مقومات للدولة القانونية بناء على ما يتصورونه من شكل الدولة، وتصورهم هذا ليس بالضرورة أن يكون صوابا منطبقا على كل شكل من أشكال الدول، فمقومات الدولة القانونية لديهم أربعة: وجود الدستور، وهذا بالطبع موجود في الدولة الإسلامية ومستنبط من الأدلة التفصيلية، تَدَرُّجُ القواعد القانونية، فقوة القواعد القانونية تتفاوت فبعضها يطغى على بعض إن حصل تعارض، فالقواعد الدستورية أعلى قوة من غيرها من التشريعات العادية، ومن اللوائح الصادرة من السلطات الإدارية كالبلديات والولايات والدوائر، فتخضع القواعد الأدنى للأعلى شكلا ومضمونا، فلا تتعارض مع القواعد الأعلى، كي ينسجم البناء القانوني للدولة، وسبب وجود هذا المقوم هو صدور القوانين والقواعد عن بشر في الدول التي تحتكم للأنظمة الوضعية، وبالتالي وجود مظنة التعارض والتناقض والاختلاف، ومحاولة منهم للحد من استغلال السلطات بحيث ترد الأحكام الصادرة عن السلطات الأدنى لتلك التي صدرت من الأعلى والتي تمثل القانون الدستوري للدولة في الغالب، لذلك يضعون هذا الشرط كي يحصل الانسجام وكي يضمنوا سواد الأنظمة الدستورية ومرجعيتها، فأما الدولة الإسلامية، سواء الخليفة أو القاضي أو الفقيه، فإنها تستنبط الأحكام من الأدلة التفصيلية وفق قواعد أصول الفقه، والتي تشكل منهجية متكاملة متميزة منضبطة تمام الانضباط لضمان شرعية الأحكام وغلبة الظن أنها مراد الشارع من تلك المسائل، وبالتالي فإن آلية انسجام الدولة القانونية مع نظمها متوفرة بطريقة خاصة بالدولة الإسلامية ولا تحتاج معها الدولة للخضوع لهذا المقوم بالصورة التي تصورها القانونيون الغربيون. خضوع الإدارة للقانون، فلا تتخذ الإدارة إجراء أو قرارا إداريا أو عملا ماديا إلا بمقتضى القانون وتنفيذا للقانون، فتصدر الإدارة عن القانون وتلتزم به، بما يحقق قيمة سيادة حكم القانون، وهذا المبدأ متحقق في الدولة الإسلامية تمام التحقق، إذ أن الحاكم والمحكوم والإدارة وأجهزة الدولة كلها منضبطة بالأحكام الشرعية لا تملك خروجا عنها أو عليها. الاعتراف بالحقوق والحريات الفردية[2]، وهكذا، لهذا فلا يعتبر هذا المقوم في الحكم على الدولة بأنها قانونية! على أن المتشرعين هؤلاء يدعون أن هذا المقوم الأخير إنما يقوم لحماية الأفراد من عسف السلطات العامة واعتدائها على حقوقهم، لأن القانون والمبدأ السائد في الدولة إنما وجد -برأيهم- كي يضمن تمتع الأفراد ب"حرياتهم العامة" و"حقوقهم الفردية" [2] وقد جاء الإسلام بأحكام كثيرة لأهل الذمة ضَمِن لهم فيها حقوق الرعية وواجباتها. وإن أهل الذمة لهم ما لنا من الإنصاف، وعليهم ما علينا من الانتصاف. أمّا أن لهم ما لنا من الإنصاف فذلك آت من عموم قوله تعالى: ﴿وإذا حكمتم بين الناس أن تَحكموا بالعدل﴾ وقوله جلّ شأنه: ﴿ولا يَجرِمَنَّكم شَنَآن قوم ألَّا تَعدِلوا اعدِلوا هو أقرب للتقوى﴾ وقوله عن الحُكم بين أهل الكتاب: ﴿وإذا حكمتَ فاحكم بينهم بالقسط﴾. وأمّا أنّ عليهم ما علينا من الانتصاف فذلك آتٍ من أن النبي ﷺ كان يوقِع العقوبة على الكفار كما يوقِعها على المسلمين، فقد قَتل الرسول ﷺ يهودياً عقوبة على قتله امرأة، وأُتِي له ﷺ برجل وامرأة يهوديين قد زنيا فرجمهما. ولأهل الذمة علينا من الحماية للمسلمين، لقول رسول الله ﷺ: «من قتل نفساً معاهِدة لها ذمة الله ورسوله فقد أخفر ذمة الله ولا يَرِح رائحة الجنة وإن ريحها لَيوجَد من مسيرة أربعين خريفاً»، وقد أُتِي لرسول الله ﷺ بمسلم قتل يهودياً فقتله وقال: «نحن أحق من وفى بذمته»، ولأهل الذمة من رعاية شؤونهم وضمانة معاشهم ما للمسلمين، عن أبي وائل عن أبي موسى أو أحدهما بإسناده أن رسول الله ﷺ قال: «أطعِموا الجائع وعُودوا المريض وفكّوا العاني»، قال أبو عبيد: "وكذلك أهل الذمة يجاهَد مِن دونهم، ويفتك عناتهم، فإذا استنقذوا رجعوا إلى ذمتهم وعهدهم أحراراً وفي ذلك أحاديث". أنظر: مقدمة الدستور أو الأسباب الموجبة له لحزب التحرير أحكام عامة. [3] أنظر: النظام السياسي الإسلامي مقارنا بالدولة القانونية دراسة شرعية وقانونية مقارنة للأستاذ الدكتور منير حميد البياتي، ص 26 وثروت بدوي النظم السياسية ص 178. اقتباس رابط هذا التعليق شارك More sharing options...
صوت الخلافة قام بنشر September 3 الكاتب ارسل تقرير Share قام بنشر September 3 بسم الله الرحمن الرحيم سلسلة "الخلافة والإمامة في الفكر الإسلامي" للكاتب والمفكر ثائر سلامة – أبو مالك الحلقة الخامسة والستون: ضمانات تحقيق الدولة القانونية بين التصور الإسلامي والتصور الغربي – ج1 خامسا: ضمانات تحقيق الدولة القانونية بين التصور الإسلامي والتصور الغربي: في التصور الغربي للدولة القانونية نجد الضمانات الثلاث التالية لتحقيق خضوع الدولة للقانون: أولا: الفصل بين السلطات، ثانيا: تنظيم رقابة قضائية، ثالثا: تطبيق النظام الديمقراطي. والحقيقة أن الضمانتين الأولى والثالثة وما نتج عنها من مفاهيم إنما هي مفاهيم مضللة وخاطئة ولا وجود لها في الواقع، وقد أسهبنا في نقضهما في كتابنا: الإسلام، الديمقراطية، العلمانية، الليبرالية، والرأسمالية مقارنة للأسس الفكرية، والذي نسأل الله أن يسهل إخراجه وطباعته، وفيه استقصينا نقض الأسس التي تقوم عليها مبادئ الديمقراطية والليبرالية والعلمانية، وناقشنا مسألة فصل السلطات وغيرها من القضايا بإسهاب، فراجعه! مفهوم السلطة بين النظام الإسلامي والنظام الغربي: عُرِّفت السلطة السياسية في الفكر الغربي بأنها "ظاهرة اجتماعية لها القدرة الفعلية على احتكار وسائل القمع والإكراه، داخل الجماعة بهدف تحقيق الانسجام، والأمن الاجتماعي لصالح هذه الجماعة"1. وفي تعريف آخر: "السلطة هي نطاق الصلاحيات المشروعة التي يتمتع بها كيان ما2 عندما يتصرف بالنيابة عن الحكومة. وتُمنح هذه الصلاحيات من خلال القنوات المعترف بها رسميًا داخل الحكومة، وتمثل جزءًا من السلطة العامة للحكومة"، ويرى الدكتور محمد بالروين بأنه "بالرغم من أنه لا يوجد تعريف واحد مُحدد ومُتفق عليه لمعني مفهوم السلطة إلا أنه يمكن حصر معناها في (أ) مجموع الصلاحيات التى يُخولها الشعب للمسؤولين في الدولة. (ب) اختيار الشعب للأداة السياسية التى تحدد نوع وطبيعة هذه الصلاحيات. و(ج) شمول هذه الصلاحيات علي حق المسؤولين في اتخاد القرارات وإصدار الأوامر المُلزمة للجميع.3 بينما عرفت السلطة السياسية في المصادر الإسلامية على أنها: «... موضوعة لخلافة النبوة في حراسة الدين، وسياسة الدنيا» عند الماوردي، وعرّفها ابن خلدون بقوله: «حمل الكافَّة على مقتضى النظر الشرعي في مصالحهم الأخروية، والدنيوية الراجعة إليها.. فهي في الحقيقة خلافة عن صاحب الشرع في حراسة الدين وسياسة الدنيا به...». وعرّفها الإمام الجُوَيْني «الإمامة: رياسة تامّة في مهمات الدين والدنيا... لحفظ الحَوْزة، ورعاية الرعية، وإقامة الدعوة بالحجة والسيف، والانتصاف للمظلومين من الظالمين، واستيفاء الحقوق من الممتنعين وإيفائها على المستحقين». هذا.. ونلاحظ في التعريفات الإسلامية توفر عنصر القوة للسلطة السياسية من أجل القيام بمهماتها (في حراسة الدين). (حمل الكافة..) (لحفظ الحَوْزة... وإقامة الدعوة بالحجة والسيف....) كما نلاحظ في التعريفات الإسلامية أن المهمة التي تنهض بها السلطة السياسية مزدوجة فهي إقامة الدين، ورعاية الأمور الدنيوية والمعاشية على أساس أحكام الدين.4 ومفهوم السلطة في النظام الغربي يختلف عن مفهوم السلطة في النظام الإسلامي، وحين النظر المتفحص لمفهوم السلطة نجد أنها رعاية مصالح الناس عامة (نظام الحكم، وأنظمة الدولة) بأحكام معينة. فقد ثبت بما لا يدعُ مجالاً للشك أن السلطة هي التصرف في مصالح الناس، ومصالح الناس تتحدد قطعاً حسب وجهة نظرهم في الحياة، فما يرونه من أعمال وأشياء مصلحة لهم يعتبرونه مصلحة، وما لا يرونه مصلحة يرفضون أن يعتبرونه مصلحة، فالمصلحة إنما تكون من حيث النظرة إليها لا من حيث واقعها فقط، فالموت في سبيل الله (الاستشهاد) يراه المسلم أنه مصلحة مع أنه موت [أي الموت ليس مصلحة في ذاته]، والربا عند المسلم لا يراه مصلحة مع أنه كسب مال [كسب المال هو مصلحة في ذاته]، فوجهة النظر في الحياة حددت طبيعة الشيء بأنه مصلحة أو مفسدة، فالكذب مفسدة ولكنه في الحرب مصلحة، مع أن واقعه أنه كذب لم يختلف في الحالتين، وإنما اختلفت النظرة إليه بحسب وجهة النظر في الحياة، فالمصالح هي قطعاً حسب وجهة النظر في الحياة، فمن يريد أن يأخذ السلطة إنما يعني أنه يريد التصرف في مصالح الناس، فلا بد أن يأخذ هو وجهة نظر الناس وحينئذ يتصرف في مصالحهم حسب وجهة نظرهم، وإما أن يعطيهم وجهة نظره في الحياة فيقنعهم بها ثم يتصرف في مصالحهم، أو أن يجبرهم على رؤيته كما في أنظمة الاستبداد، وفي الحالتين الأولى والثانية إنما جعل النظرة إلى الحياة أساساً في أخذ التصرف في مصالح الناس، أي أساساً في أخذ السلطة، بناء على رضا الطرفين، وفي الحالة الثالثة اختلفت فقط بفرض وجهة النظر لدى الحاكم على الناس فرضا، وبقيت هي الزاوية التي من خلالها تؤخذ السلطة، وعليه فإن النظرة إلى الحياة هي الأساس في أخذ السلطة، لذلك كان لزاما العمل على تغيير النظرة إلى الحياة إن خالفت تلك النظرةُ الإسلامَ، وإقناع الناس باتخاذ العقيدة الإسلامية أساسا في نظرتهم إلى الحياة وإلى مصالحهم، فحيثما كان الشرع فثم المصلحة، وأن يتحول الرأي العام في المجتمع لاتخاذ هذه النظرة أساسا للحكم فيؤخذ الحكم ممن لا يقيمونه على أساس هذه النظرة، من هنا فاستئناف الحياة الإسلامية يقتضي أن تتحول النظرة إلى المصالح والأفعال والشؤون إلى زاوية الإسلام فتتخذ هي الزاوية التي يحكم بها على المصالح وترعى الشؤون على أساسها، لذلك كان عمل الحزب المركزي تغيير المفاهيم والقناعات والمقاييس التي لدى المجتمع لإقامة الدولة على أساس مفاهيم ومقاييس وقناعات إسلامية، يقيم السلطان على أساسها وتحل محل ما يخالف الإسلام في الواقع.5 1- مجلة الوعي العدد 28 - 29، عن بحث بعنوان: السلطة السياسية في الفكر السياسي الغربي والإسلامي، بحث مقدم لإحدى الجامعات 2- كلاين إن دي (Cline n.d.)) 3- من مفهوم السلطة السياسية (1 من 2) د. محمد بالروين 4- كلاين إن دي (Cline n.d.)) 5- أنظر مجموعة النشرات التكتلية، ص 137 بتصرف. اقتباس رابط هذا التعليق شارك More sharing options...
صوت الخلافة قام بنشر September 4 الكاتب ارسل تقرير Share قام بنشر September 4 بسم الله الرحمن الرحيم سلسلة "الخلافة والإمامة في الفكر الإسلامي" للكاتب والمفكر ثائر سلامة – أبو مالك الحلقة السادسة والستون: ضمانات تحقيق الدولة القانونية بين التصور الإسلامي والتصور الغربي – ج2 جاء في العدد الخامس والعشرين من مجلة الوعي: السيادة عند الغرب: هي امتلاك الإرادة وامتلاك التنفيذ، فإذا سُلبت الإرادة وصار تسييرها بيد الغير، يُصبح مسلوب الإرادة عبداً، وإذا سيّر إرادته بنفسه كان سيداً. أما السلطة عندهم فهي: ممارسة الحكم والقضاء. والفرق بين السيادة والسلطة هو أن السيادة تشمل الإرادة والتنفيذ أي تشمل تسيير الإرادة، وتشمل التنفيذ، بينما السلطة تختص فقط بالتنفيذ ولا تشمل الإرادة. أما عن الفرق بين مفهوم السلطة والسيادة عند الغرب، ومفهومها عند المسلمين فإن الغرب توصل إلى نظريتي السيادة للأمة، والأمة مصدر السلطات بعد صراعٍ دامٍ اجتاح أوروبا في القرون الوسطى واستمر عدة قرون، حيث كانت تُحكم من قبل ملوك يستعبدون الناس تحت إطار نظرية الحق الإلهي وهي: أن للملك حقاً إلهياً على الشعب، وبحكم هذا الحق الإلهي يملك الملوك السلطة والتشريع والقضاء ولا حق للشعب في هذه الأمور، والناس عبيد لا رأي لهم ولا إرادة، وإنما عليهم التنفيذ والطاعة، والظلم والاستبداد الذي يطال الأمة يأتي مما يتمتع به الملوك من حق التشريع وحق السلطة، فضجّ الناس وقامت الثورات وبرزت نظريات متعددة للقضاء على نظرية الحق الإلهي وإلغائها إلغاءً تاماً فكان أن برزت هاتان النظريتان عند الغرب. وتوصلوا إلى أن الشعب يجب أن يسير إرادته بنفسه لأنه ليس عبداً للملك، بل هو حرّ، وما دام الشعب هو السيد فهو الذي يملك التشريع والتنفيذ، ونجحت هذه الفكرة بعد الصراع الدامي، ووجدت المجالس النيابية لتنوب عن الأمة بمباشرة السيادة، فقالوا مجلس النواب سيد نفسه، فنظرية السيادة للأمة معناها أن الأمة تملك تسيير إرادتها وتملك تنفيذ هذه الإرادة، ونظرية الأمة مصدر السلطات معناها أن الأمة هي التي تُنيب الحاكم عنها ليحكم باسمها، سواء كان الحاكم منفذاً (سلطة تنفيذية) أم قاضياً (سلطة قضائية) فكلاهما حاكم وكل منهما سلطة. ولما كانت الأمة تستطيع مباشرة تسيير الإرادة أي تستطيع التشريع فإنها تباشره بنفسها بواسطة نواب عنها1، ولذلك كان التشريع للأمة، ومن هنا لا يقال إن الأمة مصدر التشريع، بل يقال إن التشريع للأمة لأنها هي التي تباشره بنفسها2. أما السلطة فإن الأمة لا تستطيع مباشرتها بنفسها لتعذر ذلك عملياً، ومن هنا لم تكن السلطة للأمة بل السلطة يباشرها غير الأمة بتفويض منها، وإنابة عنها، فكانت هي المصدر للسلطة، أي هي التي تعطي السلطة لمن تنيبه عنها، تماماً كما ينيب السيد عبده، لينفذ ما يريد منه تنفيذه حسب إرادته، وكذلك الحاكم بما في ذلك القاضي. فإنه نائب عن الأمة ومفوض عنها بمباشرة السلطة وذلك حسب إرادتها، أي حسب ما تشرعه هي من قوانين. وهذا الواقع للأمة في الغرب من حيث كونها سيدة نفسها يخالف واقع الأمة الإسلامية، فالأمة الإسلامية مأمورة بأن تسيّر جميع أعمالها بأحكام الشرع، فالمسلم عبدٌ لله، فهو لا يسيّر إرادته ولا ينفذ ما يريد، وإنما يسيّر إرادته بأوامر الله ونواهيه، ولكنه هو المنفذ، ولذلك فإن السيادة ليست للأمة وإنما هي للشرع، أما التنفيذ فهو للأمة، ولذلك كان السلطان للأمة. ولما كانت الأمة لا تستطيع مباشرة السلطان بنفسها، لذلك لا بد لها أن تنيب عنها من يباشره. وجاء الشرع وعين كيفية مباشرتها له بالبيعة ونظام الخلافة فكان السلطان للأمة تختار برضاها من يباشره عنها، ولكن حسب أحكام الشرع، أي ليس بحسب إرادتها بل حسب شرع الله. ومن هنا كانت السيادة للشرع، وكان السلطان للأمة3. انتهى 1- ومن البديهي الآن أن فكرة أن النواب يشرعون باسم الأمة فكرة لا تنطبق على الواقع وهي فكرة مضللة، أنظر في هذا الكتاب باب: الفصل بين السلطات في النظام الغربي، وهو مبدأ لا وجود له في الواقع. 2- من ضمن القيم التي تقوم عليها الديمقراطية وتتوقف الديمقراطية عليها وجودا وعدما: تحكيم رأي الأغلبية في المجتمع، ومنع تركز السلطات بيد الأقلية، أو استغلالها، وتمثيل السلطات لرأي الشعب، وهذه القيم الثلاث يستحيل تحقيقها في الواقع، والنظام الغربي كله قائم على تمازج وتداخل السلطات وتركيزها بيد الأحزاب الحاكمة، والتشريعات يقوم بها قلة من فقهاء القانون والقضاة، ولا يرجع إلى الشعب إلا في أقل القليل منها، وللموضوع تفاصيل كثيرة جدا يصعب حصرها هنا، ولكن الديمقراطية فلسفة خيالية مضللة، يستحيل أن توجد في أرض الواقع! 3- العدد الخامس والعشرين من مجلة الوعي اقتباس رابط هذا التعليق شارك More sharing options...
صوت الخلافة قام بنشر September 5 الكاتب ارسل تقرير Share قام بنشر September 5 بسم الله الرحمن الرحيم سلسلة "الخلافة والإمامة في الفكر الإسلامي" للكاتب والمفكر ثائر سلامة – أبو مالك الحلقة السابعة والستون: تفكيك مفهوم السلطة في الإسلام وأما السلطة السياسية فالدولة كيان تنفيذي للحكم بما أنزل الله، والحكم والسلطان والملك معناه تنفيذ الأحكام وقدرة الملك، وإن أول ما تقوم به الدولة الإسلامية: السلطة، ويمكن تفكيكها1 إلى ستة مسائل: 1) طريقة نشوء الدولة، 2) طريقة أخذ السلطة، 3) طبيعة السلطة، 4) صلاحيات السلطة، 5) واجبات السلطة. 6) موقف الرعية حين إخلال السلطة بما سبق. فأما طريقة نشوء الدولة وأخذ السلطة، فإن إقامة الدولة ليست مجرد استلام الحكم أو القهر عليه، إذ لا بد أن يسبقه تغيير المفاهيم والمقاييس والقناعات عند الأمة حتى يتغير الرأي العام عند القادرين على تسليم الحكم ليتم بناء على تلك المفاهيم، فأخذ السلطة إنما هو طريقة لجعل الحياة حياة إسلامية، أي جعل العلاقات القائمة بين الناس علاقات إسلامية، ولا يجوز أن ينظر إلى الحكم على أنه أكثر من طريقة فقط ليس أكثر، فالقضية ليست العمل فقط لتحطيم رجال الحكم، بل القضية هي جعل أفكار الإسلام طاغية في المجتمع حتى يجري هذا التحطيم لرجال الحكم واسترجاع السلطان منهم، عن طريق طغيان هذه الأفكار. هذا من جهة ومن جهة أخرى، فإن الدولة تنشأ بنشوء أفكار جديدة تقوم عليها، ويتحول السلطان فيها بتحول هذه الأفكار، لأن الأفكار إذا أصبحت مفاهيم، أثرت في سلوك الإنسان وجعلت سلوكه يسير وفق هذه المفاهيم، فتتغير نظرته إلى الحياة، وتبعاً لتغيرها تتغير نظرته إلى المصالح؛ والسلطة إنما هي رعاية هذه المصالح والإشراف عليها وتسييرها، ولا تكون إلا للفئة الأقوى من فئات المجتمع، فإذا كان الناس في منطقة متفقين في نظرتهم إلى المصالح، أقاموا هم من يتولى رعاية شؤونهم، أي أقاموا هم السلطة التي تسير مصالحهم أو انقادوا لمن أقاموا أنفسهم في السلطة لتسيير مصالحهم، ومن هنا يأتي الحكم من الأمة قطعاً، إما باختيارها الفعلي، أو بسكوتها عن قيامه، والسكوت نوع من أنواع الاختيار. وأما حين اختلافهم فإن الحكم سيستقر للفئة الأقوى زمنا ثم لا يلبث أن ينهار، لذا كان على من يسعى لإقامة الخلافة أن يقيمها طبيعيا في الأمة بتغيير مفاهيم الأمة وأن لا ينظر إليها على أنها استلام حكم وقهر عليه، أو تطبيق قوانين وحمل الناس عليها، فالعمل يجب أن ينصب على استئناف الحياة الإسلامية وهو ما لا يتم إلا بتغيير القناعات، واستلام الحكم طريقة لإقامة السلطان يسبقها عمل كثير، وأخذ السلطة لا يكون إلا بالبيعة عن رضا واختيار. وأما طبيعة السلطة، فالسلطة في الإسلام سياسية رعوية، وليست قوة غاشمة، جاء في طبقات ابن سعد أن عميراً بن سعد رضي الله عنه، وهو الذي ولاّه عمر بن الخطاب رضي الله عنه حمص، كان يقول: «ألا إن الإسلام حائط منيع وباب وثيق فحائط الإسلام العدل وبابه الحق، ولا يزال الإسلام منيعاً ما اشتد السلطان، وليس شدة السلطان قتلاً بالسيف ولا ضرباً بالسوط ولكن قضاء بالحق وأخذاً بالعدل» وكان عمر رضي الله عنه إذا بعث عماله إلى الأمصار قال لهم: إني لم أبعثكم جبابرة، ولكن بعثتكم أئمة، فلا تضربوا المسلمين فتذلوهم، ولا تجمروهم فتفتنوهم ـ ولا تمنعوهم فتظلموهم. 1- أنظر: العددين 28 و 29 من مجلة الوعي اقتباس رابط هذا التعليق شارك More sharing options...
صوت الخلافة قام بنشر September 6 الكاتب ارسل تقرير Share قام بنشر September 6 بسم الله الرحمن الرحيم سلسلة "الخلافة والإمامة في الفكر الإسلامي" للكاتب والمفكر ثائر سلامة – أبو مالك الحلقة الثامنة والستون: صلاحيات السلطة وأما صلاحيات السلطة فهي: 1- تولي رعاية شئون الناس وتحمل مسئولية سياسة الدولة الداخلية والخارجية معاً. 2- وحق استعمال القوة، 3- صلاحية مباشرة رعاية الشئون بالفعل. 4- صلاحية تبني الأحكام وتنفيذها. 5- صلاحية إقامة أجهزة الدولة في الحكم والإدارة وتعيين وعزل الموظفين كالولاة والمعاونين والقضاة والمحتسبين، وعلى الخليفة مداومة تحري أعمالهم، ومسئولية أعمالهم تقع على الخليفة ومجلس الشورى. وبعض العمال مسئولون أمام الخليفة دون مجلس الشورى. 6- تبني الأحكام الشرعية التي توضع بموجبها ميزانية الدولة وتقرير فصول الميزانية والمبالغ التي تلزم لكل جهة، سواء أكان ذلك متعلقاً بالواردات أم بالنفقات. وأما واجبات السلطان فقوامها: 1- الشرعية في أخذ السلطان من الأمة، 2- وتولي رعاية شئون الناس، 3- والقدرة على إظهار الأحكام، 4- وحق استعمال القوة، 5- والقدرة على بسط الأمان، 6- والقدرة على الحكم، أي مباشرة رعاية الشئون بالفعل، وممارسة الواجبات الدينية والسياسية، وأهمها 1.حفظ الدين بنشر العلم، ومحاربة الجهل والبدع، وإقامة السياسة الإعلامية 2.حمل الدعوة، والجهاد في سبيل الله، والسياسة الخارجية والعلاقات الدولية للدولة، 3.جباية الفيء والصدقات والإدارة المالية للدولة، 4.القيام على شعائر الدين كالصلاة والصيام والحج، 5.الإشراف على إقامة العدل بين الناس، بفصل الأحكام بين المتنازعين، وإقامة الحدود، وتعيين القضاة، والمحتسبين، وقضاة المظالم، وإقامة المحاكم، 6.المحافظة على الأمن والنظام العام والاستقرار الداخلي في الدولة، وإقامة الجيش والشرطة، 7.الدفاع عن الدولة في مواجهة الأعداء الخارجيين، ومن ذلك يتفرع إقامة الصناعات الثقيلة، ومراكز الأبحاث، وإقامة الصناعات التي تتعلق بأعيان الملكية العامة كمصانع استخراج المعادن وتنقيتها وصهرها، وكمصانع استخراج النفط وتنقيته، فمن واجبات الدولة أن تقيم مثل هذه المصانع. 8.إقامة أجهزة الدولة، ومؤسساتها، ودواوينها، وأسواقها، وتعيين المعاونين والولاة والموظفين من ذوي القوة والكفاية والأمانة، وتحري أعمالهم، وجعل الحكم مركزيا والإدارة لا مركزية، 9.إشراف الخليفة بنفسه على الأمور العامة، ورعاية مصالح الناس، وإدارة العلاقات مع الرعية –مسلمين وأهل ذمة- من حيث رعايتها، وتنفيذ طلباتها، ورفع الظلامة عنها، وتأمين وسد حاجاتها الأساسية من مأكل وملبس وتطبيب وتعليم، وإدارة مصالحها في شئون العمل والطرق والتطبيب والتعليم والزراعة وما إلى ذلك، 10.الشورى. روي عن سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه كما في صحيح البخاري (... من بايع رجلا من غير مشورة من المسلمين، فلا يتابع هو ولا الذي تابعه، تغرة أن يقتلا) وفي رواية (من تأمر منكم على غير مشورة من المسلمين فاضربوا عنقه) وفي رواية (من دعا إلى إمرة من غير مشورة من المسلمين فاضربوا عنقه) وهذا يدل على أن من مقتضيات بيعة الخليفة مشاورة المسلمين قبل البيعة، ومن بويع دون شورى منهم وجب عليهم ضرب عنقه. اقتباس رابط هذا التعليق شارك More sharing options...
صوت الخلافة قام بنشر September 7 الكاتب ارسل تقرير Share قام بنشر September 7 بسم الله الرحمن الرحيم سلسلة "الخلافة والإمامة في الفكر الإسلامي" للكاتب والمفكر ثائر سلامة – أبو مالك الحلقة التاسعة والستون: موقف الرعية حين إخلال السلطة وأما موقف الرعية حين إخلال السلطة بما سبق فقوامها: وقد أوجب الشرع طاعة الحاكم حين يحكم بالإسلام، ولكن الحاكم إن أظهر الكفر البواح، أي إذا خرج على منظومة الأفكار التي تعاقد المجتمع معه على تطبيقها، فإن على المجتمع أن يُغَيِّرَ الحاكمَ بالقُوَّةِ، والأفرادُ إذا خرجوا على هذه المنظومة، فأيضا يُقاتَلونَ قتال البغاة، ومن جملة الأدلة ما يلي: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ﴾ النساء 59 وروى البخاري عن جنادة بن أبي أمية قال دخلنا على عبادة بن الصامت وهو مريض، قلنا: أصلحك الله، حدث بحديث ينفعك الله به، سمعته من النبي ﷺ، قال: «دَعَانَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، فَبَايَعْنَاهُ، فَكَانَ فِيمَا أَخَذَ عَلَيْنَا، أَنْ بَايَعَنَا عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي مَنْشَطِنَا وَمَكْرَهِنَا، وَعُسْرِنَا وَيُسْرِنَا، وَأَثَرَةٍ عَلَيْنَا، وَأَنْ لَا نُنَازِعَ الْأَمْرَ أَهْلَهُ، قَالَ: إِلَّا أَنْ تَرَوْا كُفْرًا بَوَاحًا عِنْدَكُمْ مِنَ اللَّهِ فِيهِ بُرْهَانٌ»، وروى الإمام أحمد في مسند المكثرين من الصحابة عن ابن مسعود رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ «كَيْفَ بِكَ يَا عَبْدَ اللَّهِ إِذَا كَانَ عَلَيْكُمْ أُمَرَاءُ يُضَيِّعُونَ السُّنَّةَ وَيُؤَخِّرُونَ الصَّلَاةَ عَنْ مِيقَاتِهَا قَالَ كَيْفَ تَأْمُرُنِي يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ تَسْأَلُنِي ابْنَ أُمِّ عَبْدٍ كَيْفَ تَفْعَلُ لَا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ»، وفي مسند أحمد باقي مسند المكثرين: قَالَ عَمْرُو بْنُ زُنَيْبٍ الْعَنْبَرِيُّ إِنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ حَدَّثَهُ أَنَّ مُعَاذًا قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ عَلَيْنَا أُمَرَاءُ لَا يَسْتَنُّونَ بِسُنَّتِكَ وَلَا يَأْخُذُونَ بِأَمْرِكَ فَمَا تَأْمُرُ فِي أَمْرِهِمْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «لَا طَاعَةَ لِمَنْ لَمْ يُطِعْ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ»، وفي حديث حديث أَبي بَكْرٍ الصِّدِّيق -رضي الله عنه «إِنَّ النَّاسَ إِذَا رَأَوْا الظَّالِمَ فَلَمْ يَأْخُذُوا عَلَى يَدَيْهِ أَوْشَكَ أَنْ يَعُمَّهُمُ اللَّه بِعِقَابٍ مِنْهُ» رواه الترمذي، عن عدي بن عميرة أنّه سمع رسول الله ﷺ يقول: «إن الله لا يعذب العامة بعمل الخاصة، حتى يروا المنكر بين ظهرانيهم وهم قادرون على أن ينكروه فلا ينكروه، فإذا فعلوا ذلك عذب الخاصّة والعامّة» (أخرجه أحمد)، وعن النعمان بن بشير رضى الله عنهما عن النبي ﷺ قال: «مثل القائم في حدود الله، والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة فصار بعضهم أعلاها، وبعضهم أسفلها، فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء، مروا على من فوقهم، فقالوا: لو إنا خرقنا في نصيبنا خرقاً، ولم نؤذ من فوقنا، فإن تركوهم وما أرادوا هلكوا جميعا، وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعا» رواه البخاري والترمذي وأحمد والطبراني. وأما قتال أهل البغي، فأهل البغي طائفة من الناس جمعت بين ثلاثة أمور هي: التمرد على سلطة الدولة بالامتناع عن أداء الحقوق وطاعة القوانين أو العمل على الإطاحة برئيس الدولة، ثانيا: وجود قوة يتمتع بها البغاة تمكنهم من السيطرة، وثالثا: خروجهم على الدولة1. مثل الثورة المسلحة أو الحرب الأهلية، أو القتال الداخلي، قال تعالى: ﴿وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِن فَاءتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ﴾ 9 الحجرات. 1- الجهاد والقتال في السياسة الشرعية للدكتور محمد خير هيكل، الجزء الأول ص 63 عن التشريع الجنائي في المذاهب الخمسة 1ظ 148 – 150 والجريمة والعقاب في الفقه الإسلامي 160. اقتباس رابط هذا التعليق شارك More sharing options...
صوت الخلافة قام بنشر September 8 الكاتب ارسل تقرير Share قام بنشر September 8 بسم الله الرحمن الرحيم سلسلة "الخلافة والإمامة في الفكر الإسلامي" للكاتب والمفكر ثائر سلامة – أبو مالك الحلقة السبعون: الفرق بين القوة وبين السلطة ويجدر الانتباه هنا إلى أن الفكر الإسلامي يفرق بين السلطة وبين القوة، فالسلطة هي رعاية الشئون والمصالح وفق أحكام معينة، والقوة أداة التنفيذ والحفاظ على النظام، والحفاظ على الأمن، فالجيش والشرطة قوة، بينما الحاكم له رعاية المصالح فهو سلطة، فالذي جعله سلطة هو تصرفه بأمور الناس ومقدراتهم، أي رعايته لمصالحهم وشؤونهم، سواء أكان بيد السلطة قوة تنفذ أم كان التنفيذ بهيبة صاحب السلطة، أو بهيبة مجموع الناس وقوتهم، أو بالتزام الناس أحكام الشرع مخافة الله، وهو أهم من كل قوة، وازع ما بعده وازع، وبهذا يشاهد أن رئاسة الدولة: سلطة، وأن ولاية الوالي: سلطة، لأن كلاً منهما تصرف في مصالح الناس، ولكن الجيش والشرطة ليست أي منهما سلطة1؛ ولو كان قوة لأنه لا يملك التصرف في مصالح الناس ورعاية شؤونهم، وكذلك القاضي ليس سلطة لأنه لا يتصرف بمصالح الناس، وإنما يخبر بالحكم على سبيل الإلزام، فهو مخبر بالحكم ولو كان إلزاماً وليس تصرفاً في مصالح الناس. والجيش والشرطة قوة، وقد يُحتاج إليهما (الجيش والشرطة) وقد لا يحتاج إليهما.2 1- من هنا، فإن لنا أن ننزل هذا الحكم على الواقع، فنقول مثلا في حالة إقامة جماعة مسلحة كيانا يسمونه الدولة الإسلامية، يفرضون بقوة الجيش رعاية الشئون، لا بسلطانٍ مفوضٍ إليهم من المجتمع أو من منعةِ المجتمعِ، فإنه لن يتحقق لهم شرطُ حصولِ السلطانِ بشكل شرعيٍّ صحيحٍ، وإن قَسَرُوا الناسَ على البيعةِ، فالبيعةُ عقدُ مراضاةٍ، وإعطاءٍ للسلطانِ من قبلِ الفئة الأقوى في المجتمع بحيث يتحقق دخول المجتمع في هذا الأمر لا بغلبة سيف الجماعة المسلحة، بل بقدرة الفئة الأقوى في المجتمع على تسيير المجتمع وفق مجموعة المفاهيم والمقاييس والقناعات التي يراد إقامة السلطان على أساسها، لذلك فلا يتحقق لها وصف دار الإسلام ولا تكون دولة إسلامية حقيقية إلا أن تقنع الأمة وتعيد لهم السلطان ابتداء ثم يمنحوه إياها، كذلك بالنسبة لشرط الأمان، فلا بد أن يكون الأمان بأمان المسلمين، بصولة الإسلام وقوته في المجتمع، بعلو أحكامه واتخاذ المجتمع لتلك الأحكام أعرافا، فينشأ عنها أمن للمسلمين وللرعية لا إخافة لهم، فالأمن ليس للفئة المستبدة فقط، بل يجب أن يتحقق للرعية، وعند عدم قدرة الدولة على بسط الأمن بدل الخوف، فإن حالها يشبه حال حمص حين فتحها أبو عبيدة رضي الله عنه ثم انسحب منها لما لم يستطع أن يؤمن الناس، ثم أعاد للناس الجزية التي أخذها منهم. 2- أنظر مجموعة النشرات التكتلية، ص 137 بتصرف. اقتباس رابط هذا التعليق شارك More sharing options...
صوت الخلافة قام بنشر September 9 الكاتب ارسل تقرير Share قام بنشر September 9 بسم الله الرحمن الرحيم سلسلة "الخلافة والإمامة في الفكر الإسلامي" للكاتب والمفكر ثائر سلامة – أبو مالك الحلقة الحادية والسبعون: الفصل بين السلطات في النظام الغربي، وهو مبدأ لا وجود له في الواقع! تتشكل السلطة في النظام الغربي بوجود ثلاثة أنواع من السلطات: السلطة التشريعية، والتي تتمثل بالبرلمان، والسلطة التنفيذية، المتمثلة بالدولة وأجهزتها ووزاراتها، والسلطة القضائية، ويشكل مبدأ فصل السلطات أساسا من الأسس التي ينظِّرون لها للدولة القانونية. وإن من أكبر الخدع التي يمارسها النظام الديمقراطي: ما يسمى بفصل السلطات الثلاث، التنفيذية والتشريعية والقضائية، وليس المجال هنا للإسهاب في نقضه، وليس الغرض من هذا الكتاب استقصاء كل أوجه الخطأ في هذا النظام الغربي، وإنما الإشارة لأهم ما فيه من التناقضات، وبدراسة الواقع نجد أن السلطة التشريعية فيه تقوم بناء على الانتخابات التي توصل للبرلمان أعضاء يختارهم الناس ممثلين عنهم، وهؤلاء في الدول الغربية دائما يمثلون أحزابا سياسية رئيسية تتصارع على السلطة، فالحزب الذي يحصل على أكثرية برلمانية يقوم بتشكيل السلطة التنفيذية، وهنا يبدأ التداخل الأول بين السلطات، فالتشريعية اختلطت بالتنفيذية!، ومن ثم فإن للحزب الحاكم أن يسن القوانين التي يراها متوافقة مع برنامجه، فيضع مشروع القانون ثم يصوت عليه في البرلمان، وهو يملك أغلبية في البرلمان، فيمر القانون بسهولة، محققا للقيم التي يريد الحزب الحاكم فرضها، فهنا تداخلت السلطة التنفيذية مع التشريعية، ومن أشكال تداخل السلطات أن السلطة التنفيذية الدور الكبير للرئيس في تعين قضاة المحكمة العليا، وعزلهم، وبالتالي فالقضاء الذي يتعين ويتغير بقرار السلطة التنفيذية غير مستقل استقلالا تاما، وكذلك فإن المحكمة الدستورية تراجع القوانين وتمنع القوانين التي تتعارض مع الدستور، وغني عن القول أن الدستور من وضع مجموعة من القانونيين والقضاة وهؤلاء إن قيل يرجع البرلمان للإقرار بدستورهم فهو تجسيد لتداخل السلطات، وعلى كل فتدخل القضاة بسن الدساتير تدخل في السلطة التشريعية، والمشرعون في الحقيقة هم قضاة ومحامون، يصوغون مشاريع القوانين وتعرض على البرلمان للتصويت، فالسلطة التشريعية دورها تصويت لا تقنين، ثم إن القضاء حين يبت في القضايا فإنه ينظر في قضايا مشابهة حكم بها قضاة (كما في النظام الكندي، ينظر هل حكم قضاة في محاكم كندية أو إنجليزية بقضايا مشابهة؟)، وهكذا فالقانون يسري بناء على ما في المحاكم، إلا أن يسن البرلمان قانونا لا يخالف الدستور، وكذلك تشكل مسألة ثقة السلطة التشريعية بالحكومة أي بالسلطة التنفيذية أو سحب الثقة فتسقط الحكومة، تداخلا بين السلطتين، فالحكومة التي تتعرض للثقة من السلطة التشريعية غير مستقلة، فإن كان للحزب الحاكم أغلبية بسيطة وارتكز على أحزاب صغيرة ليشكل الحكومة ارتهمت قراراته بها وبإرادتها وفجأة يصبح الحزب الصغير الذي له بضعة نواب يتحكم في قرارات الحكومة لأنه لو انسحب من الائتلاف سقطت الحكومة وهذا شكل آخر من استغلال السلطة وتركزها بيد القلة، وهكذا يمكن ضرب عشرات الأمثلة التي تبين تداخل السلطات وتركيزها بيد القلة. وهكذا تجد السلطات تتداخل ولا يمكن فصلها عمليا. وسنجد ثلاثة أنواع من التجاوزات لمفهوم الديمقراطية، الأول: حين يسن الحزب الحاكم قوانين تمثل ما تعهد به في برنامجه الانتخابي، فهذه القوانين قد يقال بأنها تمثل بشكل ما الأغلبية التي أوصلت الحزب للحكم، وهي بالتالي تمثل رأي الشعب، ولها قوة مستندة لهذا التمثيل، إلا أن النظر المتفحص يجد أن الديمقراطية لا تحقق وصول أي من الأحزاب أو الشخصيات للحكم بناء على رأي الأغلبية بل دائما يمثل رأي الأقلية، وبالتالي فالقوانين هذه التي توافقت مع البرنامج الانتخابي لا تمثل رأي الأغلبية، والنوع الثاني من القوانين تلك التي يسنها الحزب الحاكم نتاج وجوده في السلطة مما لم يكن ضمن برنامجه الانتخابي، وهذا يمثل أغلبية القوانين، والحزب بهذا يستغل ثقله البرلماني وقدرته على فرض القوانين، ولا يرجع في أي من هذه القوانين لرأي الناس، ولا يشكل انتخابهم له معنى موافقتهم على تلك القوانين! وهذا هو عين تجاوز الديمقراطية وسوء استغلال السلطة، والتحكم في الناس، وكمثال على هذا، فإن الحزب الحاكم في بعض الدول الغربية المتقدمة ديمقراطيا قام بفرض قانون يقضي بإنشاء نواد للمثليين في كل المدارس (الإعدادية والثانوية) في الولاية بحيث يدخله الطالب باختياره ولا يحق للمدرسة أن تبلغ الأهل عن توجهات ابنهم أو ابنتهم الجنسية، ولا ممارساتهم فيها، وفي ولاية أخرى قام بفرض إدخال التعليم الجنسي بشكل قذر للمدارس من المراحل الابتدائية الدنيا، رغم المعارضة الشديدة من قطاعات واسعة من المجتمع ومن المدارس الدينية، وهذه القوانين لم تكن ضمن البرنامج الانتخابي، ولم تخضع لأي استفتاء شعبي عليها، فهذا مثال على استغلال السلطة، وعلى تداخل السلطة التنفيذية مع التشريعية بشكل فج. والنوع الثالث: كذلك فإنك ترى أن الأحزاب السياسية تضع برامجها وتصوراتها، وتمنع أعضاءها ومن يدخلون حمأة الانتخابات ممثلين لها، تمنعهم من تبني أي رأي مخالف لتلك التصورات، فمثلا في الحزب الليبرالي الكندي نجد أن بعض المرشحين في الانتخابات حين سألتهم الصحافة عن رأيهم في المثلية الجنسية، وأبدوا آراء مخالفة لرأي الحزب قام الحزب بطردهم، وهكذا، فالنواب الذين يدخلون البرلمان، والذين سيصوتون على مشاريع القوانين لا يملكون أن يخرجوا عن تصورات الأحزاب التي يمثلونها (إلا فيما ندر وفيما هو من الدرجة الثانية من الأهمية من القوانين)، فإن الناظر المتفحص يجد أن القوانين التي تسنها الأحزاب إنما تمثل رأي قلة مسيطرة على تلك الأحزاب تضع تصوراتها، وتضع القوانين التي تحقق هذه التصورات في الواقع، وهذا يمثل قمة الاستبداد التشريعي في ثياب دولة قانونية! 1- تذكر أننا قلنا ما يلي: الديمقراطية تقوم على ثلاثة أسس رئيسة: أولها: تحكيم رأي الأغلبية في المجتمع، وثانيها: منع تركز السلطات بيد الأقلية، أو استغلالها، وثالثها: تمثيل السلطات لرأي الشعب، 2- يرصد موقع: http://www.electionresources.org نتائج الانتخابات حول العالم، ونسبة المصوتين، والنسبة التي فاز بها المرشح، وكانت أكبر نسبة مشاركة في انتخاباتٍ هي تلك التي في قبرص، شارك أكثر من 83 بالمائة من الذين يحق لهم التصويت في الانتخابات، وإليك جدول يبين النسبة التي فاز المرشح نيكوس أناستاسيدس بها بالانتخابات الرئاسية، وهي نسبة الذين زُعم بأنهم أغلبية، لكنها في الواقع تمثل 36.7% من نسبة أصوات الناخبين، فهي قطعا ليست بأغلبية كما يزعم النظام الديمقراطي، وبناء على هذه النسبة فاز المرشح: الانتخابات التاريخ الناخبون: المصوتون نسبة التصويت الفائز عدد الأصوات نسبة لأصوات المصوتين نسبة لأصوات الناخبين الانتخابات الرئاسية القبرصية 17 فبراير 2013 545،491 453،534 83.1% Nikos Anastasiadis 200،591 45.5% 36.7% اقتباس رابط هذا التعليق شارك More sharing options...
صوت الخلافة قام بنشر September 10 الكاتب ارسل تقرير Share قام بنشر September 10 بسم الله الرحمن الرحيم سلسلة "الخلافة والإمامة في الفكر الإسلامي" للكاتب والمفكر ثائر سلامة – أبو مالك الحلقة الثانية والسبعون: نظرة الإسلام للفصل بين السلطات – ج1 أما نظرة الإسلام لموضوع الفصل بين السلطات1، فيمكن تلخصيه بالآتي: كما سبق وبينا فإن الشارع أنزل الأحكام ليقوم الناس بالقسط، فهذا مقصد عظيم من مقاصد الشريعة، وبالتالي فقد أحاطه الشارع بما يضمن تحقيقه، وحيث أنه لا يمكن أن يسير أعمال الدولة ويرعى مصالح الناس ويدير شؤونهم إلا سلطة واحدة فالدولة سلطة واحدة وليست عدة سلطات. ففي الإسلام تجد القضاء ليس سلطة لأن القاضي لا يتصرف بمصالح الناس، وإنما يخبر بالحكم على سبيل الإلزام، فهو مخبر بالحكم ولو كان إلزاماً وليس متصرفاً في مصالح الناس، فالراعي لشئون الناس هو السلطة، أي الحكومة الإسلامية فقط، والتشريع لله تعالى، فمجلس الشورى ليس بمجلس تشريع وسن للقوانين، ولكن لأخذ الرأي فلا تعدد في السلطات! والسلطة معناها ومفهومها: التصرف في مصالح الناس! ولو فرضنا جدلا أن القضاء سلطة، والتنفيذ سلطة، فإننا نقول أن ضمانة تحقيق مقاصد الشريعة لا تتم فقط من خلال آلية فصل السلطات، بل تتم من خلال إحاطة تلك السلطات بسياج من الأحكام التي تضمن حسن تطبيقها، فالقاضي مثلا لا تشكل آلية فصل أعماله عن السلطة التنفيذية مثلا الضمان لأداء عمله على الوجه الصحيح، بل إن الضامن لقيامه بأعماله على الوجه الصحيح هو قيامه بأعماله وفق منظومة التشريع، والتي أحاطت أعماله بسياج من الأحكام التي تبين له كيف يقضي بالحق، ووضع الإسلام قواعد بالغة الدقة في استنباط الأحكام وتنزيلها على الوقائع، مما يشكل للقاضي طريقة منضبطة للاجتهاد، وتحذره من مغبة القضاء بالظلم، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْقُضَاةُ ثَلاثَةٌ قَاضِيَانِ فِي النَّارِ، وَقَاضٍ فِي الْجَنَّةِ، قَاضٍ قَضَى بِغَيْرِ حَقٍّ، وَهُوَ يَعْلَمُ فَهُوَ فِي النَّارِ، وَقَاضٍ قَضَى بِغَيْرِ الْحَقِّ، وَهُوَ لا يَعْلَمُ فَهُوَ فِي النَّارِ، وَقَاضٍ قَضَى بِالْحَقِّ فَهُوَ فِي الْجَنَّةِ» حديث مرفوع، وهكذا، فالأحكام سياج، وهناك أيضا اعتبارات مهمة سنفصل فيها بعد قليل ان شاء الله تضمن للقاضي حسن أداء عمله، وعدم التدخل فيه، وما من شأنه أن يحقق مقاصد الشريعة. والرسول الكريم صلى الله عليه وسلم كان يبعث إلى الأقطار الإسلامية بمهمة الحكم أو القضاء، فقد بعث معاذاً إلى اليمن كما في الحديث المشهور «كيف تحكم إذا عرض لك قضاء؟ قلت: أحكم بكتاب الله .. الخ».، والذي أراه في تصوير العلاقة بين (السلطة التشريعية) و (السلطة التنفيذية) و (القضائية) أن (السلطة التشريعية) في قواعدها العامة التي لا تخضع للاجتهاد، هي مفصولةٌ فصلاً تاماً عن السلطة التنفيذية والقضائية.. فلا تَمْلِك هذه السلطة أن تُغَيِّر في تلك القواعد العامة، ولا تُبَدِّل فيها، لأن التشريع إنما هو لله عز وجل وحده. أما الأمور الاجتهادية.. فباعتبار الخليفة - وهو رئيس السلطة التنفيذية - هو الراعي المسؤول عن رعيته، وهو ولي الأمر الذي أوجب الله طاعته، فإنه وحده هو صاحب الصلاحية في تبني الأحكام حين يحصل الاختلاف في الاجتهاد2. وأمر الإمام يرفع الخلاف. نعم هو يستشير أهل العلم ويتداول الأمور الفقهية الخلافية معهم، ولكن في النهاية هو الذي يحدد. 1- http://www.hizb-ut-tahrir.info/ar/index.php/radio-broadcast/radioarchive/15672.html 2- أما نظرة الإسلام لموضوع الفصل بين السلطات، فيمكن تلخصيه بالآتي: كما سبق وبينا فإن الشارع أنزل الأحكام ليقوم الناس بالقسط، فهذا مقصد عظيم من مقاصد الشريعة، وبالتالي فقد أحاطه الشارع بما يضمن تحقيقه، اقتباس رابط هذا التعليق شارك More sharing options...
صوت الخلافة قام بنشر September 11 الكاتب ارسل تقرير Share قام بنشر September 11 بسم الله الرحمن الرحيم سلسلة "الخلافة والإمامة في الفكر الإسلامي" للكاتب والمفكر ثائر سلامة – أبو مالك الحلقة الثالثة والسبعون: نظرة الإسلام للفصل بين السلطات – ج2 وأما ما يتعلق بالفصل بين (السلطة التنفيذية) و (السلطة القضائية) فإن الإسلام لا يجعل السلطة القضائية منفصلةً عن السلطة التنفيذية، فكثيراً ما كان القاضي يجمع إلى سلطته في القضاء وظائف أخرى تنفيذية، كقيادة الجيش مثلاً.. وعلى كل حال فإنني أرى أن فصل السلطة التنفيذية عن السلطة القضائية هو من الأمور التي ترك أمر البَتِّ فيها لصاحب السلطة، فإن رأى الفَصْل بينهما هو الطريق لضمان سلامة القضاء فَصَل.. وإن رأى أنَّ جَمْعَهُما في هيئة واحدة أسرع في تنفيذ الأحكام جَمَع.. وقد قَلَّد رسول الله ﷺ القُضاة، فقلَّد عليّاً قضاء اليمن، ووصاه تنبيهاً على وجه القضاء فقال له: «إذا تقاضى إليك رجلان، فلا تقض للأول حتى تسمع كلام الآخر، فسوف تدري كيف تقضي» رواه الترمذي وأحمد. وفي رواية لأحمد بلفظ: «إذا جلس إليك الخصمان فلا تكلَّم حتى تسمع من الآخر كما سمعت من الأول». وكذلك عيّن ﷺ معاذ بن جبل قاضياً على الجَنَد. وكلٌّ منهما دليل مشروعية القضاء.1 ومن المعروف أن (عمر بن الخطاب) رضي الله عنه فَصَلَ2 مهمة القضاء عن غيرها من المهام والوظائف، فجعل أبا الدرداء قاضياً في المدينة، وشريحا لقضاء الكوفة، وأبا موسى لقضاء البصرة، وعثمان بن قيس لقضاء مصر، ولم يجمع لهم إلى القضاء مهمة أخرى وربطهم بنفسه مباشرة، ولم يجعل للولاة أي سلطة عليهم، فالسلطة القضائية قد تستقل عن الولاة ولكنها لا تستقل ولا تنفصل عن الخليفة الذي هو رأس السلطة التنفيذية.3 وذلك لأن للقضاء صلاحيات لا بد من أن تعطى من قبل صاحب الصلاحية (أي الخليفة) لهم، كما أن لصاحب الصلاحية أي الخليفة صلاحيات أعطيت له من قبل صاحب الصلاحية الأصلي أي صاحب السلطان وهو الأمة، فالتصرف في مصالح الناس لا بد من صلاحيات تخول القيام به، وهذه الصلاحيات تعطى للقاضي من قبل صاحب الصلاحية، فالقاضي حين يحكم في قضية، فإن الحاكم هو الذي ينفذ أحكام قضائه، ويشمل كذلك النظر في قضايا المظالم؛ لأنها من القضاء، إذ هي شكوى على الحاكم، وهي أي المظالم: (الإخبار بالحكم الشرعي على سبيل الإلزام فيما يقع بين الناس وبين الخليفة أو أحد معاونيه أو وُلاته أو موظفيه، وفيما يقع بين المسلمين من اختلاف في معنى نَصّ من نصوص الشرع الذي يُراد القضاء بحسبها والحكم بموجبها). والمظالم وردت في حديث الرسول في التسعير إذ قال: «… وإني لأرجو أن ألقى الله، ولا يطلبني أحد بمظْلِمة ظلمتها إياه في دم ولا مال» رواه أحمد من طريق أنس، ما يدل على أنه يُرفع أمْرُ الحاكم أو الوالي أو الموظف إلى قاضي المظالم فيما يدعيه أحد مَظْلِمَة، وقاضي المظالم يُخبر بالحكم الشرعي على سبيل الإلزام.4 فللقضاء إلزام على السلطة التنفيذية في أحكامه! ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوْ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا﴾ (135) النساء. على أن الإسلام يتضمن ضمانات لاستقلال5 القضاء6 منها: كفاءة القاضي، وكفاية القاضي المالية7، وحماية مكانة القضاء8 (لتحقيق سيادة القضاء، وعدالته، وهيبته، وقوته، ونزاهته)، واجتهاد القاضي9، وتسبيب الأحكام، ومنع التدخل في القضاء10. وتفصيلات هذه الأحكام موجودة في كتب الحديث والفقه والسير. 1- أجهزة دولة الخلافة في الحكم والإدارة، حزب التحرير. 2- تولى عبادة بن الصامت القضاء على فلسطين، وكان معاوية واليها من قبل عمر بن الخطاب رضي الله عنهم، وخالف معاوية عبادة بن الصامت في شيء، فأنكر عليه عبادة ذلك، فأغلظ له معاوية في القول، فقال له: لا أساكنك بأرض واحدة وترك فلسطين وعاد إلى المدينة، فقال له عمر: ارجع إلى مكانك، فقبح الله أرضا لست فيها ولا أمثالك، وكتب إلى معاوية: (لا إمرة لك على عبادة) وبذلك منع عمر بن الخطاب الحاكم التنفيذي لفلسطين (معاوية بن أبي سفيان) من التدخل في القضاء وسلبه سلطته في مواجهة القاضي وجعل العلاقة بين القاضي والخليفة مباشرة. أنظر: د. حامد محمد أبو طالب: التنظيم القضائي الإسلامي، ص 47 وانظر: استقلال القضاء في التنظيم القضائي الإسلامي أ. مصطفى عبد الحميد دلاف، ص 6. 3- أنظر: العددين 28 و 29 من مجلة الوعي 4- أجهزة دولة الخلافة في الحكم والإدارة، حزب التحرير 5- يتنوع الاستقلال إلى: استقلال ذاتي داخلي، يراد به: فصل القضاء عن نوازع القاضي الذاتية التي قد يختل بها مقصد العدل، (الغضب مثلا: قوله صلى الله عليه وسلم «لا يقضين حكم بين اثنين وهو غضبان» البخاري، وإلى استقلال خارجي يتعلق بمنع تدخل غير القاضي وتأثيره على القاضي. والاستقلال الخارجي شامل للاستقلال الوظيفي الذي يراد به: قيام القاضي بواجبه القضائي دون تدخل من أي جهة أو تأثير، وكذلك يشمل الاستقلال العضوي الذي يعني: إفراد القضاء بسلطة منفصلة عن باقي السلطات. 6- راجع: استقلال القضاء في الفقه الإسلامي رسالة دكتوراة، د. محمد بن عبدالله بن إبراهيم السحيم. 7- أرسل علي بن أبي طالب رضي الله عنه إلى واليه على مصر كتابا جاء فيه: وأفسح له (أي القاضي) في البذل ما يزيل علته وتقل معه حاجته إلى الناس وأعطه من المنزلة ما لديك، ما لا يطمع فيه غيره من خاصتك، فيأمن بذلك في اغتيال الرجال له عندك) انظر: استقلال القضاء في التنظيم القضائي الإسلامي أ. مصطفى عبد الحميد دلاف، ص 8. 8- حماية مكانة القضاء من ضمانات استقلاله. وتتجلى هذه الحماية في إضفاء الحصانة على القاضي المتضمنة حصرَ توليته من قبل الإمام أو من ينيبه، وعدمَ نقل قضية دخلت في ولايته بلا سبب مشروع، وبقاءَ ولايته دون نقل أو عزل إلا بطلب منه أو مصلحة شرعية مقتضية لذلك حتى وإن زالت صفة الإمامة عن الإمام بأي سبب، وعدمَ مخاصمة القاضي في دعوى جوره في الأحكام إلا بعد إحضار البينة، ووجوبَ التحقق من الشكوى ضد القاضي وإن تعددت، وأن يكون ذلك التحقق بأحسن طريق مؤدٍ للمصلحة ومانع للمفسدة. ومما تتجلى فيه حماية مكانة القضاء - أيضاً - قصر المرافعة على مجلس القضاء الذي حصرت الولاية فيه؛ اتباعاً لهذه الولاية، وصيانةً للقضاء من الابتذال، وحفظاً للأحكام من التدخل بالنقض والإيقاف. وكذلك، فإن أقوى حماية لمكانة القضاء تنفيذ الأحكام؛ إذ ذاك الأصل فيها، والذي ينفرد بإقامتها الإمام أو من ينيبه نصاً أو عرفاً، وأنه لا يملك أحد إيقافها إلا المحكوم له في حقوق الآدميين حال عفوه المعتبر شرعاً، أو الإمام في الأحكام التعزيرية المتمحض حق الله - سبحانه - فيها إن كان في ذلك مصلحة مرعية شرعاً. 9- اجتهاد القاضي من ضمانات استقلاله، وذلك الاجتهاد مطرد في جميع العملية القضائية: فهماً للواقعة، وتقديراً للبينات، ووصفاً للواقعة، وتحديداً للدليل الشرعي الملائم، و إصداراً للأحكام. 10- راجع بعض التفصيلات المهمة في ملخص لرسالة دكتوراة: استقلال القضاء في الفقه الإسلامي على موقع الألوكة. اقتباس رابط هذا التعليق شارك More sharing options...
صوت الخلافة قام بنشر September 12 الكاتب ارسل تقرير Share قام بنشر September 12 بسم الله الرحمن الرحيم سلسلة "الخلافة والإمامة في الفكر الإسلامي" للكاتب والمفكر ثائر سلامة – أبو مالك الحلقة الرابعة والسبعون: القانون الدستوري، والدستور، والقوانين الإدارية والجنائية – ج1 ثالثا: القانون الدستوري، والدستور، والقوانين الإدارية والجنائية: في كل دولة، سواء أكانت دولة الخلافة أو كانت أمريكا، أو فرنسا مثلا ستجد نوعين من القوانين والتشريعات: مجموعة من القوانين المتعلقة بالدولة، أجهزتها، وأنظمتها،...الخ (يشكل مجموعها دستور الدولة)، ومن الأمثلة على ذلك: ستجد القوانين التي تتعلق باختيار الحاكم، وسلطاته، ورعوية الدولة... الخ، متعلقة بالنوع الأول من التشريعات والقوانين، وستجد تشريعات متعلقة بسير العلاقات التفصيلية بين الأفراد، مثلا أحكام الطلاق والميراث والشركات، وقوانين السير والعقوبات على السرقة مثلا، وما شاكل مما تعلق بالنوع الثاني من التشريعات، وهذا النوع الثاني من الأحكام التفصيلية تقضي به المحاكم، ويستنبطه القضاة والفقهاء من الأدلة أو تشرعه البرلمانات في الأنظمة الوضعية، وهكذا. باستقراء الأدلة الشرعية التي تتعلق بالدولة الإسلامية، من كتاب وسنة، شكلها وصفتها، وقواعدها وأركانها، وأجهزة الدولة في الحكم والإدارة التي تُكوِّنُ الحكومةَ وتُنَظِّمُ عملها، وسلطاتِها، وتنظيمها السياسي فيما يتعلق بعلاقة الولايات بالمركز وما شاكل، وقوانينها الإدارية، والأساس الذي تقوم عليه، والقوانين الأساسية الناظمة لها التي تشكل مرجعيتها ومقاييسها (الدستور)، وشروط الحاكم، وتحدد صلاحيات الحاكم، وتفصل في طريقة اختياره، وطريقة تنصيب الخليفة (البيعة)، وأحكام الطاعة، وأحكام خلو الزمان من مستحق للبيعة، وطريقة عزله، وأحكام تعدد الخلفاء، وقتل الخليفة الثاني، وأحكام شق صف المسلمين بإيجاد كيان ثان لهم، وتضبط العلاقات بين الراعي والرعية وبين الناس فيما بينهم، ومسؤوليات الدولة الرعوية، وتبين الأفكار والمفاهيم والمقاييس التي ترعى الشؤون بمقتضاها، و"الأساس الفكري الذي يحدد حقوق الأفراد، وينظم العلاقة السياسية بين الدولة كسلطة تقوم على رعاية شئون الناس، وحماية حقوقهم ورعايتها1"، وتحدد مفاهيم السلطان والسيادة والطاعة وما شابهها، وتحدد الدستور والقوانين التي تطبقها، وتفصل في أحكام الخروج على تلك الأحكام، وأحكام حماية الدولة، (التشريعات الجنائية الخاصة بالدولة) وأحكام خروج الرعية على الدولة، وأحكام خروج الحاكم على منظومة القيم التي قامت عليها الدولة، وخصوصا الخروج على الحاكم حين إظهار نظام آخر غير نظام الإسلام (الكفر البواح)، ودور الأمة والأحزاب في محاسبة الحاكم، وأحكام نصيحة الحكام وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر، ودورهم في ضمان سيادة منظومة القيم التي قامت عليها الدولة (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، مما تفردت به الدولة الإسلامية عن غيرها من النظم في إقامة المسئوليات على كافة الصعد لضمان بقاء تلك القيم سائدة وعليا في المجتمع والدولة) وأحكام السلطان والأمان، والسيادة، (أي من هو صاحب القول الفصل فيما يقع من تنازع ونقاش في شتى الأمور2، وبمعنى أن الكلمة العليا في الدولة وخارجها لمن؟)، وأحكام تنظيم الرقابة القضائية على الأعمال الإدارية للدولة، ورقابة قضاء المظالم، ورقابة نزاهة القضاء3، وما يشكل مجموعُهُ أحكام السياسة الشرعية، سنجد أن الإسلام حدد هذه كلها بدقة متناهية بأحكام ثابتة في القرآن والسنة، أي أن الشارع قد أحاط بتفاصيل الأحكام المتعلقة بالدولة، ولم يترك تفاصيل هذه الأحكام للناس، فالخلافة إذن نظام رباني. وقد وردت آيات تأمر بتنصيب ولي أمر يستحق الطاعة مقابل تطبيق الشريعة في الأمة، فالأمر بطاعة ولي الأمر أمر بتنصيب ولي الأمر، وقد رتبت الآيات والأحاديث الطاعة بالتزام ولي الأمر بتطبيق الشريعة، فهي طاعة لولي أمر مخصوص لا طاعة لأي حاكم يحكم بالطاغوت كما هم حكام اليوم نواطير الاستعمار أعداء الأمة: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ﴾. إلى أن قال سبحانه: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلاَلاً بَعِيدًا﴾. فهذه النصوص تبيّن أن الفكر السياسي الإسلامي يقوم على أساس أن السيادة للشرع وليست لجهاز الحكم، وبناء على ذلك فإن طاعة ولي الأمر وخليفة المسلمين مرتبطة بطاعته لشرع الله تعالى، وقد روى مسلم في كتاب الإمارة عَنْ يَحْيَى بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ سَمِعْتُ جَدَّتِي تُحَدِّثُ أَنَّهَا سَمِعَتْ النَّبِيَّ ﷺ يَخْطُبُ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَهُوَ يَقُولُ «وَلَوْ اسْتُعْمِلَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ يَقُودُكُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ فَاسْمَعُوا لَهُ وَأَطِيعُوا» فاشترط للطاعة أن يقود بكتاب الله تعالى. وقد نزلت آيات تفصيلية في التشريع الحربي والجنائي والسياسي والاجتماعي والاقتصادي والمعاملات والقضاء وغيرها، وكلها أُنزلت للحكم بها ولتطبيقها وتنفيذها. وقد طُبقت بالفعل في الواقع العملي أيام الرسول ﷺ، وأيام الخلفاء الراشدين، ومن أتى بعدهم من حكام المسلمين. مما يدل دلالة واضحة على أن الإسلام نظامٌ محدد للحكم والدولة، وللمجتمع والحياة، وللأُمة والأفراد. كما يدل على أن الدولة لا تملك الحكم إلا إذا كانت تسير وفق نظام الإسلام. ولا يكون للإسلام وجود إلا إذا كان حياً في دولة تُنفذ أحكامه. فالإسلام دين ومبدأ والحكم والدولة جزء منه، والدولة هي الطريقة الشرعية الوحيدة التي وضعها الإسلام لتطبيق أحكامه وتنفيذها في الحياة العامة. ولا يوجد الإسلام وجوداً حياً إلا إذا كانت له دولة تطبقه في جميع الأحوال، كما يدل دلالة قاطعة على أن الإسلام حدد بالتفصيل شكل نظام الحكم وتفصيلاته، وطبقها واقعا عمليا في دولة النبوة الأولى في المدينة ومن ثم في دولة الخلافة من بعده، مما يسقط كل شبهة تقوم على أن الإسلام إنما ترك تحديد تلك التفصيلات لكل عصر وزمان ولعقول الناس وأهوائهم. وقد أقام الرسول ﷺ الدولة الإسلامية في المدينة وبين أجهزتها ونظامها، فعين الولاة، والقضاة، والمعاونين، وأقام نظام الشورى، وباشر الحكم فيها، وبايعه الصحابة بوصفه رئيسا للدولة، وحين انتقل للرفيق الأعلى استمر النظام الذي أنشأه هو هو، وكما سماه ﷺ بالخلافة في جملة من الأحاديث التي سبق وذكرنا طرفا منها، مما يدل دلالة واضحة على أن شكل الدولة الإسلامية ونظامها تشريع رباني، وأن الأحكام نزلت ونزلت معها طريقة تطبيقها، ولم تترك الأمر لأهواء الناس وما تعارفوا عليه! 1- الدولة المعاصرة في ضوء الفكر الإسلامي رسالة دكتوراة للدكتور عثمان بخاش. ص 9. 2- الدولة المعاصرة في ضوء الفكر الإسلامي رسالة دكتوراة للدكتور عثمان بخاش. ص 7. 3- أنظر: النظام السياسي الإسلامي مقارنا بالدولة القانونية دراسة شرعية وقانونية مقارنة للأستاذ الدكتور منير حميد البياتي، ص 16 اقتباس رابط هذا التعليق شارك More sharing options...
صوت الخلافة قام بنشر September 13 الكاتب ارسل تقرير Share قام بنشر September 13 بسم الله الرحمن الرحيم سلسلة "الخلافة والإمامة في الفكر الإسلامي" للكاتب والمفكر ثائر سلامة – أبو مالك الحلقة الخامسة والسبعون: القانون الدستوري، والدستور، والقوانين الإدارية والجنائية – ج2 وحتى نعقد المقارنة قمنا باستقراء أنظمة الحكم الوضعية ومقارنتها بالأحكام الشرعية المتعلقة بالدولة الإسلامية وغايتنا هي التدليل على أن الأحكام الشرعية قد بَيَّنَتْ بالتفصيل الأحكام المتعلقة بالدولة والتي تشكل أساس نظام الخلافة، لندلل بهذا على أن نظام الخلافة نظام رباني، كذلك سنجد تفرد نظام الإسلام وسموه على الأنظمة الوضعية في مجال الدولة وتنظيمها، فقمنا باستقراء أنظمة الحكم الوضعية من حيث الأنظمة الأسياسية التي على أساسها يتحدد شكل الدولة، ومسئولياتها، ولمن السيادة؟ وبقية الأسئلة التي على أساسها تأخذ الدولة صبغة معينة، وأسقطنا من هذه المفاهيم ما هو عام تم استنباطه أحكاما دستورية صاغها حزب التحرير في مشروع دستور للدولة الإسلامية1، وأما الأحكام التفصيلية فقد امتلأت بها كتب الفقه والقضاء، مما يشكل ثروة فكرية نفيسة ليس لها في تاريخ البشرية مثيل! وقد رأينا أن تلك الدول القائمة على القوانين: أي الدولة القانونية2، والتي تسمى بالأنظمة الدستورية3، تقوم الدولة فيها بوضع "القانون الدستوري"4، أي القانون الذي يطبق على النظم والمؤسسات السياسية وهو القانون الذي تسير عليه الدولة في حياتها السياسية. ومن ثم الدستور5، أي الوثيقة الدستورية الخاصة بدولة معينة التي تتضمن أحكام الدولة وتنظيمها السياسي وبالأخص تنظيم السلطة التشريعية وعلاقتها بالسلطة التنفيذية وحقوق الأفراد وحرياتهم العامة، وفي مقابل القانون الدستوري، يوجد القانون الخاص، وعلاقة القانون الدستوري بالقانون الخاص ضعيفة نسبيا كون الأول يهتم بنظام الحكم في الدولة وشكلها وسلطتها بينما يهتم الثاني بالعلاقات القائمة بين الأفراد والأشخاص الاعتبارية الخاصة والدولة بوصفها شخصا عاديا لا بوصفها صاحبة سلطة عامة وسيادة.6 كما تلاحظ، فإن هذه الأفكار تتعلق بشكل الدولة العام ونظامها، وسلطاتها وطريقة المحافظة عليها، من هنا، فنستطيع التمييز بين نظام الحكم في الإسلام، وبين الأنظمة الوضعية، من حيث دساتيرها، وقوانينها الدستورية، وسنرجئ الحديث عن القوانين الخاصة، أي التشريعات التي تحكم علاقات الأفراد وتنظم سلوكهم إلى ما بعد قليل إن شاء الله. نلاحظ وجود أفكار تفصيلية في القرآن والسنة تتناول هذه الأفكار، كما أسلفنا من قليل، 1- أنظر: مشروع دستور دولة الخلافة لحزب التحرير. وانظر: مقدمة الدستور أو الأسباب الموجبة له - القسم الأول، مقدمة الدستور أو الأسباب الموجبة له - القسم الثاني، من إصدارات حزب التحرير. 2- مقومات الدولة القانونية: مبدأ الفصل بين السلطات (وهو مبدأ مضلل لا ينطبق على الواقع، إذ أن السلطات تتداخل بشكل فج في كل الأنظمة الديمقراطية، فالحزب الحاكم هو الذي يحصل على أعلى نسبة أصوات في الانتخابات النيابية، ومن ثم هو يشكل الحكومة، فهنا تداخلت السلطة التشريعية (البرلمان)، بالسلطة التنفيذية، (الحكومة) وهكذا ستجد عشرات الأمثلة التي تبين تكريس عدم الفصل بين السلطات!)، والرقابة على دستورية القوانين، والرقابة على أعمال الإدارة. 3- النظام الدستوري ويقصد به ذلك النظام الحر أي الحكومة الدستورية في الدولة. أنظر منتدى رجال القانون. 4- القانون الدستوري هو مجموعة من المبادىء و الأحكام و القواعد التي تتعلق بالأسس التي تنبني عليها الدولة و كذلك بتنظيم الحكم وسيره داخله و تشكل هذه المبادىء و القواعد والاحكام أهم المعطيات القانونية المتصلة بالحكم داخل الدولة. و توجد هذه المعطيات،غالبا، ضمن وثيقة مكتوبة أي دستور نظرا لما يتميز به من الناحية الشكلية و ما يتضمنه. فالقانون الدستوري إذن هو مجموعة من القواعد القانونية الأساسية التي توضح ما يلي:- 1- الأسس التي يقوم عليها نظام الحكم في الدولة. (مصدر السيادة: شرعية، فردية، أقلية، الشعب...)، 2- من الذي يحكم ؟ (خليفة؟ رئيس وزراء؟ ملك؟) وكيف يحكم ؟ (خلافة، حكومات ملكية أو جمهورية) وطريقة اختيار رئيس الدولة (بيعة، انتخاب مباشر...)، 3- مسئوليات الحكم ونطاق هذه المسئوليات وسلطاته وحدودها. (تركيز السلطة أو توزيعها على الحكام (حكومات مطلقة أو مقيدة) مدى الخضوع للقانون (دولة فوق القانون، استبدادية، قانونية) 4- واجبات وحقوق المحكوم وكيفية أدائه لواجباته وضمانات حصوله على حقوقه. و قد ظهر إصطلاح "قانون دستوري" في أوائل القرن العشرين في البلاد العربية أما في الغرب فقد ظهر في إيطاليا في القرن الثامن عشر و ظهر في فرنسا بصفة رسمية سنة 1834 على يد وزير المعارف في عهد حكومة "لويس فيليب جيسو" الذي قرر إنشاء أول كرسي يحمل اسم قانون دستوري بكلية الحقوق بباريس و ذلك بهدف تدريس أحكام الدستور الفرنسي لسنة 1930، أنظر: ويكيبيديا. 5- الدستور هو القانون الأعلى الذي يحدد القواعد الأساسية لشكل الدولة (بسيطة أم مركبة) ونظام الحكم (خلافة، ملكي أم جمهوري...) وشكل الحكومة (رئاسية أم برلمانية...) وينظم السلطات العامة فيها من حيث التكوين والاختصاص والعلاقات التي بين السلطات وحدود كل سلطة والواجبات والحقوق الأساسية للأفراد والجماعات ويضع الضمانات لها تجاه السلطة. أنظر: ويكيبيديا. والقانون الإداري: يقتصر دوره على وضع المبادئ والقواعد الدستورية موضوع التنفيذ، وللقانون الدستوري علاقة بالقانون الجنائي الذي هو الآخر يستمد ويستلهم أحكامه من القواعد والمبادئ الدستورية وغايته هي حماية نظام الحكم ككل من الاعتداء عليه من قبل الأفراد أو الحكام. 6- أنظر منتدى رجال القانون اقتباس رابط هذا التعليق شارك More sharing options...
Recommended Posts
Join the conversation
You can post now and register later. If you have an account, sign in now to post with your account.