صوت الخلافة قام بنشر September 14 الكاتب ارسل تقرير Share قام بنشر September 14 بسم الله الرحمن الرحيم سلسلة "الخلافة والإمامة في الفكر الإسلامي" للكاتب والمفكر ثائر سلامة – أبو مالك الحلقة السادسة والسبعون: خلو العلمانية من أفكار تفصيلية عن الحكم والإدارة! تنشأ الدولة بنشوء أفكار جديدة تقوم عليها، ويتحول السلطان فيها بتحول هذه الأفكار، لأن الأفكار إذا أصبحت مفاهيم –أي إذا أُدرِك مدلولها وجرى التصديق بها- أثّرت على سلوك الإنسان، وجعلت سلوكه يسير بحسب هذه المفاهيم، فتتغير نظرته إلى الحياة، وتبعاً لتغيرها تتغير نظرته إلى المصالح. والسلطة إنّما هي رعاية هذه المصالح والإشراف على تسييرها.1 ولذلك كانت النظرة إلى الحياة هي الأساس الذي تقوم عليه الدولة وهي الأساس الذي يوجد عليه السلطان. إلاّ أن النظرة إلى الحياة إنّما توجِدها فكرة معينة عن الحياة، فتكون هذه الفكرة المعيّنة عن الحياة هي أساس الدولة وهي أساس السلطان. ولمّا كانت الفكرة المعيّنة عن الحياة تتمثل في مجموعة من المفاهيم والمقاييس والقناعات كانت هذه المجموعة من المفاهيم والمقاييس والقناعات هي التي تعتبر أساساً والسلطة إنّما تَرعي شؤون الناس وتشرف على تسيير مصالحهم بحسب هذه المجموعة، ولذلك كان الأساس مجموعة من الأفكار وليس فكرة واحدة، وهذه المجموعة من الأفكار قد أوجَدت بمجموعها النظرة إلى الحياة وتبعاً لها وُجدت النظرة إلى المصالح وقام السلطان بتسييرها حسب هذه النظرة. ومن هنا عُرفت الدولة بأنها كيان تنفيذي لمجموعة المفاهيم والمقاييس والقناعات التي تقبّلتها مجموعة من الناس. هذا بالنسبة للدولة من حيث هي دولة، أي من حيث هي سلطان يتولى رعاية المصالح ويشرف على تسييرها. إلاّ أن هذه المجموعة من الأفكار التي تقوم عليه الدولة، أي مجموعة المفاهيم والمقاييس والقناعات، إما أن تكون مبنية على فكر أساسي أو ليست مبنية على فكر أساسي، فإن كانت مبنية على فكر أساسي فإنها تكون متينة البنيان وطيدة الأركان ثابتة الكيان، لأنها تستند إلى أساسٍ ما بعده أساس، لأن الفكر الأساسي هو الفكر الذي لا يوجد وراءه فكر ألا وهو العقيدة العقلية، فتكون الدولة حينئذ مبنية على عقيدة عقلية. وأمّا إن كانت الدولة غير مبنية على فكر أساسي فإن ذلك يسهّل أمر القضاء عليها، ويكون ليس من الصعب تحطيم كيانها وانتزاع سلطانها، لأنها لم تُبنَ على عقيدة واحدة ينبثق عنها وجودها، فيكون من غير الصعب إزالتها. ولهذا كان لا بد للدولة حتى تكون ثابتة الكيان من أن تكون مبنية على عقيدة عقلية تنبثق عنها الأفكار التي وُجدت الدولة على أساسها، أي عقيدة عقلية تنبثق عنها المفاهيم والمقاييس والقناعات التي تمثل فكرة الدولة عن الحياة، وبالتالي نظرة هذه الدولة إلى الحياة، تلك النظرة التي ينتج عنها نظرتها إلى المصالح. والدولة الإسلامية إنّما تقوم على العقيدة الإسلامية، لأن مجموعة المفاهيم والمقاييس والقناعات التي تقبّلتها الأمّة إنّما تنبثق عن عقيدة عقلية، وقد تقبّلت الأمّة أولاً هذه العقيدة واعتنقتها عقيدة يقينية عن دليل قطعي، فكانت هذه العقيدة هي فكرتها الكلية عن الحياة، وبحسبها كانت نظرتها إلى الحياة ونتجت عنها نظرتها إلى المصالح، وعنها أخذت الأمّة مجموعة المفاهيم والمقاييس والقناعات. ولذلك كانت العقيدة الإسلامية هي أساس الدولة الإسلامية2، ومن ثم فقد حوت مصادر الفقه الإسلامي الأسس التي تقوم عليها الدولة بالتفصيل، وأما الأنظمة الوضعية فستفاجؤنا بأن فقهها الدستوري لا يحقق الارتباط المتين ولا الانبثاق القويم بين الفكرة الأساسية التي قامت عليها الدولة، وبين تفصيلات الفقه الدستوري، أي أن العلاقة بين العلمانية كفكرة أساسية قامت عليها تلك الدول، وبين فقهها الدستوري علاقة غامضة، مرنة غير منضبطة، وذلك يعود إلى فساد في العقيدة العلمانية نفسها، إذ أنها وبعد أن نتجت عن الصراع المرير بين الكنيسة وبين العلم، وبين الكنيسة وبين المجتمع، نشأت أفكار العقيدة العلمانية مركزة على منع تدخل الدين في السياسة، ومن ثم توسعت فمنعت تدخل القيم الناشئة عن أي مصدر سواء الدين أو الأخلاق أو العادات في القوانين، ووقفت عند هذا الحد، ولم تعط تفصيلات تشريعية تبين شكل الدولة، وطريقة اختيار الحاكم، وطريقة عزله، وعلاقة الدولة بالرعية، وما شابه من قضايا فصلنا فيها في بداية هذا الباب، بل تركت هذا كله للدول نفسها تصوغها وفقا لما يراه فقهاء تلك الدولة الدستوريين، لذلك تجد فروقا كبيرة بين أمريكا وكندا، وبريطانيا وفرنسا، وهكذا في الأحكام الدستورية وعلاقتها بالعلمانية، فهي تتوافق على أطر عامة، وتختلف في التفاصيل، وكذلك لا تجد طريقة انبثاق تلك الأحكام عن العلمانية، لأن العلمانية بكل بساطة لم تفصل في تلك الأحكام! أي أن منظري الفكر العلماني لم ينظروا للقضايا التفصيلية المتعلقة بالأسس التي تقوم عليها الدولة، لذلك يمكننا القول بأن العلمانية مرنة في معتقداتها، إذ ليس لها شروط أو أسس تلتزم بها إنما هي قابلة للتعديل والتطوير والزيادة والتكييف في أي بيئة توجد فيها وفي أي مجتمع تظهر به وبين أي من الأفراد كانوا طالما أنهم يلتزمون الإطار العام الناظم لفلسفتها وعقيدتها وهو فصل القيم الناتجة عن الدين والأخلاق والعادات عن الحياة والسلطة. 1- راجع بالتفصيل كتابنا: هل حدد الرسول صلى الله عليه وسلم طريقة لإقامة الدولة الإسلامية، فصل: طريقة إقامة الدولة. فقد أسهبنا في نقاش هذه الفكرة وأقمنا عليها الأدلة الكافية. 2- مقدمة الدستور أو الأسباب الموجبة له، حزب التحرير، أحكام عامة. اقتباس رابط هذا التعليق شارك More sharing options...
صوت الخلافة قام بنشر September 15 الكاتب ارسل تقرير Share قام بنشر September 15 بسم الله الرحمن الرحيم سلسلة "الخلافة والإمامة في الفكر الإسلامي" للكاتب والمفكر ثائر سلامة – أبو مالك الحلقة السابعة والسبعون: الدولة العلمانية تموت بالسكتة الرأسمالية – ج1 يلمس الدكتور عبد الوهاب المسيري رحمه الله الفرق الشاسع بين التنظير للتعريفات الوردية الخيالية للعلمانية1، وبين واقع العلمانية وما آلت إليه، فقد كان تعريف العلمانية بأنها "فصل الدين عن الدولة" صالحا في أواخر القرن التاسع عشر الميلادي، وكان التصور أن عملية الفصل هذه ستؤدي لا محالة إلى الحرية والديمقراطية وحل مشكلات المجتمع، فيَحل السلام في الأرض وتنتشر المحبة والأخوة والتسامح. ولكن كلمة "دولة" كما وردت في التعريف آنف الذكر لها مضمون تاريخي وحضاري محدد، فهي تعني بالدرجة الأولى المؤسسات والإجراءات السياسية والاقتصادية المباشرة، وكانت كثير من مجالات الحياة لا تزال خارج سيطرة الدولة، فكانت تديرها الجماعات المحلية المختلفة، منطلقة من منظوماتها الدينية والأخلاقية المختلفة، فالنظام التعليمي على سبيل المثال لم يكن بعد خاضعاً للدولة، كما أن ما أسميه "قطاع اللذة" (السينما-وكالات السياحة، وأشكال الترفيه المختلفة مثل التلفزيون) لمَ يكن قد ظهر بعد. والإعلام لم يكن يتمتع بالسطوة والهيمنة التي يتمتع بهما في الوقت الحاضر. والعمليات الاقتصادية لم تكن قد وصلت إلى الضخامة والشمول الذي هي عليه الآن. كل هذا يعني في واقع الأمر أن رقعة الحياة الخاصة كانت واسعة للغاية، وظلت بمنأى عن عمليات العلمنة إلى حد كبير. ويلاحظ أن تعريف العلمانية باعتبارها فصل الدين عن الدولة يلزم الصمت بخصوص حياة الإنسان الخاصة والأسئلة الكونية الكبرى مثل الهدف من الوجود والميلاد والموت، ولا يتوجه إلى مشكلة المرجعية ومنظومة القيم التي يمكن أن يحتكم إليها أعضاء مجتمع واحد. لكن حدثت تطورات همشت التعريف الوردي القديم، منها تعملُق الدولة وتغوُّلها وتطويرها مؤسسات "أمنية وتربوية" مختلفة ذاتَ طابع أخطبوطي يمكنها أن تصل إلى كل الأفراد وكل مجالات الحياة، ثم تغوَّل الإعلام وتعملق هو الآخر وأصبح قادرا على الوصول إلى الفرد في أي مكان وزمان، والتدخل في تعريفه لنفسه وفي تشكيل صورته عن نفسه، وفي التدخل في أخص خصوصيات حياته وحياة أطفاله، وفي صياغة أحلامهم ولاوعيهم. والسوق هي الأخرى لم تعد سوقاً، وإنما أصبحت كيانا أخطبوطيا يسيطر على الإعلام وعلى كل مجالات الحياة، وهو يوجه رؤى البشر ويعيد صياغة أحلامهم وتوقعاتهم. كل هذا نجم عنه تضييق وضمور -وأحياناً اختفاء- الحياة الخاصة. في هذا الإطار، كيف يمكن أن نتحدث عن فصل الدين عن الدولة؟! أليس من الأجدر أن نتحدث عن هيمنة الدولة والسوق والإعلام، لا على الدين وحسب، بل على حياة الإنسان العامة والخاصة. لكل هذا وجدت أنه لا مناص من إعادة تعريف العلمانية انطلاقا من دراسة ما تحقق في الواقع بالفعل وليس من التعريف المعجمي، على أن يحيط التعريف الجديد بمعظم جوانب الواقع الذي تمت علمنته. العلمانية التي تحققت في الواقع تعني أن ثمة انتقالا من الإنساني إلى الطبيعي المادي، أي من التمركز حول الإنسان إلى التمركز حول الطبيعة، أي الانتقال من تأليه الإنسان وخضوع الطبيعة، إلى تأليه الطبيعة وإذعان الإنسان لها ولقوانينها ولحتمياتها، أي أن هذه العلمانية تشكل سقوطا في الفلسفة المادية. "فالعلمانية الشاملة" وهي رؤية شاملة للكون بكل مستوياته ومجالاته، لا تفصل الدين عن الدولة وعن بعض جوانب الحياة العامة وحسب، وإنما تفصل كل القيم الإنسانية والأخلاقية والدينية عن كل جوانب الحياة العامة في بادئ الأمر، ثم عن كل جوانب الحياة الخاصة في نهايته، إلى أن يتم نزع القداسة تماماً عن العالم، بحيث يتحول العالم (الإنسان والطبيعة) إلى مادة استعمالية. إن العالم من منظور العلمانية الشاملة (شأنها في هذا شأن الفلسفة المادية) خاضع لقوانين مادية كامنة فيه لا تفرق بين الإنسان وغيره من الكائنات. كل هذا يعني نزع القداسة عن الطبيعة والإنسان وتحويلهما إلى مادة استعمالية، يوظفها القوي لحسابه. والعلمانية الشاملة بطبيعة الحال لا تؤمن بأية معايير أو مطلقات أو كليات، فهي لا تؤمن إلا بالنسبية المطلقة، إذ إنه في غياب المعايير التي تتجاوز الذات الإنسانية تظهر آلية واحدة لحسم الصراع وهي القوة، ولذا نجد أن البقاء للأقوى، ولعل المنظومة الداروينية الصراعية هي أقرب المنظومات من نموذج العلمانية الشاملة. والعلمانية ليست ظاهرة اجتماعية أو سياسية محددة واضحة المعالم تتم من خلال آليات واضحة (مثل إشاعة الإباحية) يمكن تحديدها بدقة وبساطة، كما أنها ليست -كما يتصور البعض- أيديولوجية ولا حتى مجموعة من الأفكار التي صاغها بعض المفكرين العلمانيين الغربيين، (وأن هذه الأفكار نشأت في أوروبا بسبب طبيعة المسيحية) باعتبارها عقيدة تفصل الدين عن الدولة وتعطي ما لقيصر لقيصر وما لله لله. إن من يدرس ظاهرة العلمانية باعتبارها مجموعة من الأفكار المحددة والممارسات الواضحة، يتجاهل الكثير من جوانبها وبالتالي يفشل في رصدها، إن مصطلح "علمانية" كما هو متداول لا يشير إلا إلى هذه الجوانب الواضحة والظاهرة التي أشرنا إليها، فهو دال قاصر عن الإحاطة بمدلوله. وما قولكم في هذه النجمة السينمائية المغمورة (أو الساطعة) التي تحدثنا عن ذكريات طفولتها وفلسفتها في الحياة وعدد المرات التي تزوجت فيها وخبراتها المتنوعة مع أزواجها، ثم تتناقل الصحف هذه الأخبار وكأنها الحكمة كل الحكمة! وقد يكون وصف أقوال هذه النجمة بأنها منافية للأخلاق أو للذوق العام وصفاً دقيقاً، ولكنه مع هذا لا يُبيِّن الدور الذي تلعبه النجمة وأفكارها في إعادة صياغة رؤية الإنسان لنفسه وتَصوُّره لذاته وللكون بشكل غير واع، ربما من جانبها ومن جانب المتلقي معا. انتهى ملخصا.2 1- [ونقول أيضا: وللديمقراطية] 2- بين العلمانية الجزئية والعلمانية الشاملة، الدكتور عبد الوهاب المسيري. موقع الجزيرة نت. اقتباس رابط هذا التعليق شارك More sharing options...
صوت الخلافة قام بنشر September 16 الكاتب ارسل تقرير Share قام بنشر September 16 بسم الله الرحمن الرحيم سلسلة "الخلافة والإمامة في الفكر الإسلامي" للكاتب والمفكر ثائر سلامة – أبو مالك الحلقة الثامنة والسبعون: الدولة العلمانية تموت بالسكتة الرأسمالية – ج1 إذن فالدولة العلمانية أبعد ما تكون عن أن تقيم اعتبارات للقيم التي يراد للمجتمع أن يقيس قناعاته إليها، وأبعد ما تكون عن أن تضع أيديولوجية تهدف لضبط العملية التشريعية، أو وضع القوانين لضبط سلوك الناس، فتقول لهم: الزنى حرام والمخدرات حرام! لا تهتم العلمانية بشيء من ضبط سلوك الناس، فإذا ما أمكن للرأسمالي أن "يصنع ثروة طائلة" من تجارة المخدرات كالقنب الهندي مثلا، فسيجد القوانين في الدولة طوع يديه، فيجعل استعمالها قانونيا، ومن ثم يبدأ بصناعة الأرصدة الفلكية! ولقد خضعت العلمانية لمنطق القوة، وكان أبرز ما في المجتمع هو قوة الرأسمالي، ونفوذه، فأعاد صياغة فكر المجتمع، ومقاييسه وقناعاته بما يتمحور حول السلع والخدمات، لتنمية الرأسمال، وجعل القطاع الواسع من المجتمع عمالا يعيشون للعمل، وينتظرون نهاية الأسبوع ليقعوا ضحية قطاع اللذة، من سكر في الحانات إلى دور السينما، إلى نوادي الرياضة، ففرغ الإنسان من أي محاولة لسبر أغوار الكون ومعرفة سر الوجود، ولم يعد لديه أي اهتمام بالبحث عن الحقيقة، وقد تغولت الدولة كثيرا في التجسس على الناس، لمعرفة طبائعهم، ورغائبهم، وطموحاتهم، فتجسست عليهم من خلال أجهزة الاتصال والإنترنت، وبرامج التواصل الإلكتروني، واستعملت تلك المعلومات للدعاية والإعلان، وللتأثير على الناخب في فترة الانتخابات، ذلك الناخب الذي كان يسمى ذات يوم: (مواطنا)، فأضحى يسمى: "دافع ضرائب"، وبعد أن كانت الحاجة أم الاختراع، أضحى الاختراع أبو الحاجة وأمها وأختها! لقد تحول المجتمع إلى الاستهلاك، والإنفاق، والملذات، وهكذا فإن العلمانية التي فصلت الأخلاق والدين والقيم كلها عن حياة الناس، فإنها لم تأبه بأن تكون بنت الرأسمالية وأختها، وأما القيم التي قامت عليها الثورة الفرنسية من الحرية والإخاء والمساواة، وأما القيم التي قامت عليها الثورة الأمريكية والتي كانت تهدف لضمان حقوق الأفراد في الحياة والملكية، وفي حرية العبادة والتعبير، إضافة إلى مساواة الجميع أمام القانون، وفصل الدين عن الدولة، والتي استمدت من نظريات الفلاسفة الإنجليزيين: جون لوك توماس هوبز وإدوارد كوك، والفيلسوف الفرنسي جان جاك روسو، ثم جاءت وثيقة الحقوق التي من نصوصها: ولا يحق للدولة البحث في أوراق أو ممتلكات (المواطنين) ولا يحق أخذ أموال الأفراد العقارية بدون تعويض مقبول من (المواطنين). وفي حالة ارتكاب جريمة فللمجرم الحق في الإسراع لمحاكمته، وله الحق في أن يعرف الجرم الذي ارتكبه أو المخالفة التي قام بها، وله الحق في مقابلة الشهود الذين يشهدون ضده وسماع أقوالهم، وله الحق في الحصول على شهود لمصلحته وله الحق في تعيين مجلس قضائي يدافع عنه!، هذه القيم يمكن تقسيمها إلى صنفين: صنف غير مهم، وصنف مهم! أما الصنف غير المهم، فالدولة لا يهمها إن تعشيت بطاطا أم أفطرت على العدس، وإن سهرت في ناد ليلي أم على جهاز التلفزة، فطالما أن ما تقوم به تافه غير مهم، فليكن للدولة قيما تطبقها عليك، فإن سرقت وأنت أبو العيال فالحبس، وتشديد العقوبة، أما إذا احتالت الشركات الكبرى على نظام الضرائب، وقوننت أعمالها وجعلتها سليمة من ناحية قانونية، وتهربت من دفع ضرائب على التريليونات التي تودعها في مصارف أيرلندا، فهذا لا يسمى سرقة، ولا ينطبق عليه شيء من القوانين التي يُنَظَّرُ لها على أنها القيم التي قامت عليها أمريكا. أما إذا كان ما تفعله مهما، فيقوم طائفة من السود مثلا بمحاولة الحصول على حقوقهم، فيشكلون جماعات لها أهدافا، فحين ذلك لا تتعامل معهم الدولة وفق تلك القيم والمعايير! على أن كثيرا من هذه الحقوق والقيم تجاوزتها الممارسات الفعلية، فالدولة تتجسس على الناس بكل أشكال التجسس بحيث لم يعد ثمة من خصوصية، وتم إقرار قوانين الأدلة السرية التي يسجن على أساسها المتهم ولا يعرف سببا لسجنه، ولا تهمته، ولا تعرض على القضاء، ولا يدافع عنه بحجة أن الأدلة على جريمته سرية وفي حال فضحها سيؤدي ذلك للإضرار بالأمن القومي، لذلك فالعلمانية على الحقيقة ماتت بالسكتة الرأسمالية! كما ماتت أختها الديمقراطية بالسكتة الليبرالية! اقتباس رابط هذا التعليق شارك More sharing options...
صوت الخلافة قام بنشر September 17 الكاتب ارسل تقرير Share قام بنشر September 17 بسم الله الرحمن الرحيم سلسلة "الخلافة والإمامة في الفكر الإسلامي" للكاتب والمفكر ثائر سلامة – أبو مالك الحلقة التاسعة والسبعون: الأنظمة الخاصة، التشريعات والقوانين ثالثا: الأنظمة الخاصة، التشريعات والقوانين ومن ثم توضع "وظيفة" سن القوانين بيد السلطة التشريعية1، وتهدف القوانين إلى تنظيم سلوك الأفراد في المجتمع، بحيث تتوافق الأنظمة والقوانين الجديدة مع مقتضيات الدستور، وبحيث يحصل ضمان التناسق التشريعي، فلا تعارض القوانين بعضها البعض، وبحيث تراعي القوانين المرتكزات والمخططات الاستراتيجية للدولة وأهداف وغايات سياساتها العامة، بغرض تكريس أو حماية "قيم معينة" ومراعاة "الأثر" السياسي والاجتماعي والاقتصادي لكل نص قانوني. وغالبا ما يهتم الباحثون في "العلوم القانونية" بالقوانين بعد صدورها، خاصة من حيث تفسيرها، وتطبيقها، ولا يعيرون اهتماما لما قبل ذلك2، أي الدوافع السابقة لصدورها، ولا عن قدرة تلك النصوص على تحقيق قيم معينة بشكل حقيقي، ولا عن تعارض تلك القيم مع قيم أخرى غالبا ما توجد في المجتمع والحياة، من ذلك مثلا، أن الأنظمة الوضعية غالبا ما تدعي أنها تريد بقوانينها وأنظمتها تحقيق: الالتزام الفعلي بحقوق الإنسان3، وحمايتها، والنهوض بها، أو قد يكون الدافع لسن القوانين: تحقيق الحرية، فينظر للعلاقة بين الذكرين على أنها علاقة مشروعة لتحقيق حريتهما في فعل ما يشاءان، فالشاهد من هذا كله أن القوانين الخاصة لا تنبثق عن النظام العلماني أي عن العقيدة العلمانية، تلك العقيدة التي من كثرة ما كانت مرنة انقلبت على نفسها ولم تعد أكثر من هيكل لضمان أن يفصل المشرع قوانينه عن القيم القادمة من الدين والأخلاق والعادات وغيرها من المصادر، وبعد ذلك للمشرع أن يشرع ما يراه محققا لقيم هلامية قابلة للتأويل ذات اليمين وذات الشمال غير منضبطة، مثل تحقيق الحريات، أو ما يسمى بتحقيق حقوق الإنسان! وأما في الشرع، فإن القوانين الخاصة التي يستنبطها القضاة من مادة الفقه الإسلامي المستنبط من الكتاب والسنة منضبطة بضوابط الشريعة، ومنبثقة عن العقيدة الإسلامية وتستنبط وفق أصول دقيقة محددة. فأي الفريقين أحق بالأمن؟ 1- وبدراسة آليات سن القوانين في دول مختلفة تمارس "الديمقراطية"، نجد أن مشروع القانون يسنه خبراء قانونيون ثم يقدمونه للتصويت والمصادقة عليه، أو لتعديله بحيث لا تخرج التعديلات عن موضوع مشروع القانون، فدور السلطة التشريعية "مناقشة وإقرار القوانين" لا "سن القوانين"، وهناك آليات كثيرة تتدخل فيها المحكمة الدستورية، وأحيانا يتطلب الأمر مصادقة أطراف أخرى، أو الحصول على نسب معينة من الأصوات في مجلسي الشيوخ والنواب، أو الأعيان والنواب، وهكذا، فهناك آليات كثيرة "تضمن" سير العملية التشريعية بما يناسب سياسات الدول! 2- بتصرف عن المنتدى العالمي لحقوق الإنسان، الدورة الثانية مراكش 2014. 3- حقوق الإنسان أو الحريات المدنية تشكل جزءا أساسيا من دستور البلاد، وتنظم حقوق الفرد ضد الدولة. اقتباس رابط هذا التعليق شارك More sharing options...
Recommended Posts
Join the conversation
You can post now and register later. If you have an account, sign in now to post with your account.