اذهب الي المحتوي
منتدى العقاب

هل يستطيع أوباما إنقاذ تركيا من المستنقع السوري؟


Recommended Posts

سونر جاغابتاي* وجيمس جيفري - «نيويورك تايمز»

 

عندما التقى رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان مع الرئيس الأمريكي أوباما في البيت الأبيض في السادس عشر من أيار، كانت أكثر الموضوعات إلحاحاً هي الحرب في سوريا، فتركيا لم تواجه تهديداً من هذا النوع منذ أن طالب ستالين بأراضي من الأتراك عام 1945.

في عام 2011 قطعت الحكومة التركية جميع علاقاتها الدبلوماسية مع حكومة بشار الأسد، وبدأت في دعم جماعات المعارضة السورية التي تسعى للإطاحة به، إلاّ أنّ هذه السياسة فشلت حتى الآن وعرّضت تركيا للمزيد من المخاطر، كان آخرها التعرض لهجومين مميتين بالقنابل في بلدة الريحانية الحدودية التركية، التي نفّذتها، على الأرجح، قوات موالية للأسد رداً على الدعم التركي للثوار السوريين.

لقد نعمت تركيا على مدى العقد الماضي بسمعتها كبلد مستقر في منطقة غير مستقرة، ففي تشرين الثاني 2012 صنّفت وكالة «فيتش» العالمية للتصنيف الائتماني السندات التركية بأنّها من الدرجة الاستثمارية، وذلك للمرة الأولى منذ عام 1994، فالسمعة الدولية المتطورة للبلاد خففت من حدة مشكلة اقتصادية مزمنة ألاّ وهي نقص رأس المال. وقد بشر الجذب المستمر للاستثمار الأجنبي على مدى عقد من الزمان بحدوث نمو هائل تجاوز في بعض النقاط 8 في المئة سنوياً، ممّا دفع بتركيا إلى دخول مجموعة العشرين للدول الصناعية.

ولأول مرة في تاريخها أصبح غالبية المجتمع التركي من الطبقة المتوسطة، وهو الأمر الذي ساعد «حزب العدالة والتنمية» برئاسة السيد أردوغان على الفوز بثلاثة انتخابات متتالية منذ عام 2002.

بيد أنّ الحرب في سوريا تهدد هذه المكاسب، وكذلك المستقبل السياسي للسيد أردوغان، فتركيا لن تكون في مأمن من تداعيات الدولة الفاشلة المجاورة لها على غرار الصومال، أو من نظام الأسد الذي يسعى للانتقام من أنقرة لدعمها الثوار. وقد حققت تركيا نمواً اقتصادياً لأنها تمكّنت من جذب استثمارات دولية، كما أنّها استطاعت جذب هذه الاستثمارات لأنها دولة مستقرة. إلاّ أنّ امتداد الفوضى في سوريا يهدد بإنهاء المعجزة الاقتصادية التركية.

لدى تركيا مجتمع يتألف من 500 ألف شخص من العلويين العرب، الذين لهم قربى عرقية مع مجموعة إثنية مشابهة في سوريا كانت قد أيّدت، مع استثناءات قليلة، نظام الأسد ضد الثوار الذين تترأسهم قيادة سنيّة. ويهدد هذا الصراع الطائفي بالتسرب عبر الحدود إلى تركيا، الأمر الذي يؤدي إلى تأليب الثوار السوريين والأتراك السنّة ضد العلويين الموالين لنظام الأسد، خاصة في مقاطعة هاتاي الواقعة في أقصى الجنوب حيث تتركّز الطائفة العلوية. وهناك أيضاً خطر نشر الأسلحة الكيميائية وانتشار المواد السامة فوق الأراضي التركية، كما أنّ قرب مقاتلي تنظيم «القاعدة» في سوريا يشكّل تهديداً خطيراً على الاستقرار التركي المعروف.

وقد أيقظت الحرب السورية أيضاً الجماعات الماركسية المتشددة التي كانت خاملة سابقاً في تركيا. وتعارض هذه الجماعات بشدة أيّة سياسات حكومية تعتقد أنّها تخدم مصالح الإمبريالية الأمريكية، وشنّت عدداً من الهجمات من ضمنها الهجوم على السفارة الأمريكية في أنقرة في 2 شباط. وتفيد تقارير وسائل الإعلام التركية أنّ هذه الجماعات الماركسية، بالتعاون مع عناصر تابعة لنظام الرئيس الأسد، قد تكون وراء هجوم 11 أيار الذي راح ضحيته 51 شخصاً في الريحانية.

إنّ هذه أخبار سيئة بالنسبة لمحاولة السيد أردوغان إعادة تشكيل النظام السياسي التركي ليصبح على غرار النموذج الرئاسي الفرنسي القوي، فالسيد أردوغان قد جذب جميع نجوم السياسة في الداخل من أجل أن ينتخبوه رئيساً في عام 2014. وحتى أنّه توصّل إلى اتفاق سلام مع «حزب العمال الكردستاني»، وهي الخطوة التي كانت تعتبر من المحرمات ولا يمكن تصورها قبل سنوات قليلة، فمن خلال عملية السلام التي دخل فيها مع زعيم «حزب العمال الكردستاني» السجين عبد الله أوجلان، ضمن السيد أردوغان بصورة فعّالة الاستقرار الداخلي في البلاد في الفترة التي تسبق عام 2014، كما أمّن لنفسه بعض الدعم الكردي على الأقل. بيد أنّ التأثير المحتمل للانكماش الاقتصادي الناجم عن الحرب في سوريا يمكن أن يخلّ بخططه.

ويدرك السيد أردوغان تماماً أنّه ما لم يضمن قدر أكبر من المساعدات الأمريكية ضد نظام الأسد، فيمكن أن تصبح تركيا الخاسر الأكبر في سوريا، ويصبح السيد أردوغان الخاسر الأكبر في صناديق الاقتراع إذا لم يتمكن من حشد أغلبية مطلقة في عام 2014. وهذا أيضاً من الأخبار السيئة بالنسبة للولايات المتحدة، التي تعتبر تركيا واحدة من الدول القليلة المستقرة، التي تدعم بقوة القيم الغربية في المنطقة.

وتعتقد الحكومة التركية أنّه ما لم يتم ترجيح موازين القوى في سوريا لصالح الثوار في الوقت الحالي، فسوف يتحول الصراع السوري إلى حرب أهلية طائفية لا تنتهي وتجذب مقاطعة هاتاي، ومعها بقية تركيا، نحو حالة من الفوضى وعدم الاستقرار.

إنّ واشنطن هي الوحيدة التي يمكنها أن تغيّر المعادلة، ففي أعقاب اجتماع القمة الذي انعقد بين أوباما وأردوغان في 16 أيار، ظهر خياران على الطاولة.

إنّ إدخال المزيج من القوة الأمريكية، من خلال تسليح الثوار أو فرض منطقة حظر الطيران، سوف يغيّر الديناميكية العسكرية والإقليمية، ويساعد على توحيد «أصدقاء سوريا» كثيرة الخلافات وراء القيادة الأمريكية. إلاّ أنّ التدخل العسكري الأمريكي المباشر هو الخطوة الوحيدة التي ستحشد الأطراف المتباينة، التي ترغب في التحرك ضد نظام الرئيس الأسد، نحو العمل الموحد.

إنّ الحروب في الكويت والبوسنة هي حالة معبّرة في هذا الصدد، حيث أثبتت قيمة القيادة الأمريكية، فهذه القيادة تعمل على ترجيح ميزان القوى لصالح الثوار وتوفير الغطاء الدبلوماسي لتركيا في مواجهة غضب إيران وروسيا. ومن خلال تقديم حافز مضاد لموسكو والتهديد بالعمل المنفرد إذا لم تستخدم موسكو نفوذها لوضع حد للنزاع، يمكن للولايات المتحدة أن تثبت أنّها جادة في التدخل، وهذا من شأنه أن يخفف أيضاً الضغط على تركيا، المترددة في اتخاذ مزيد من الخطوات في سوريا دون موافقة ضمنية روسية على أقل تقدير، فروسيا هي العدو التاريخي لتركيا والبلد الوحيد في المنطقة الذي يتمتع بقدرات اقتصادية وعسكرية أكبر من تركيا، ويخشى الأتراك من الروس ولن يواجهوهم وحدهم.

وإذا ما أصبح إقناع الروس مستحيلاً، فيجب على واشنطن العمل على إيجاد منطقة عازلة في شمال سوريا على طول الحدود التركية لحماية المناطق التي يسيطر عليها الثوار. ومن شأن هذه المنطقة العازلة التي تكون تحت حماية القوات الجوية الأمريكية وقوات التحالف الدولي، أن تمنح الثوار نقطة انطلاق لشن عمليات ضد الرئيس الأسد، وتساعد تركيا أيضاً على دفع الصراع مرة أخرى نحو سوريا من خلال نقل الثوار ومقرهم إلى المناطق العازلة داخل الأراضي السورية بدلاً من توفير ملاذ للمتشددين على الأراضي التركية. ومن المرجح أن يكون هناك دعم إقليمي لمثل هذه السياسة، بما في ذلك من الأردن، التي ستستفيد أيضاً من وجود منطقة عازلة داخل جنوب سوريا.

ومن شأن المشاركة الأمريكية الأكثر حسماً أن تنهي في وقت واحد الشكوك القائمة حول التزام الولايات المتحدة تجاه سوريا، وتُنقذ تركيا من جرّها إلى مزيد من الصراع الذي يهدد بتبديد التقدم التي أحرزته نحو حل الصراع الكردي، ويقوض الإنجازات الاقتصادية الهائلة التي حققتها.

* مدير برنامج الأبحاث التركية في معهد واشنطن ومؤلف الكتاب الذي صدر مؤخراً «صعود تركيا: القوة المسلمة الأولى في القرن الحادي والعشرين».

 

** زميل زائر متميز في المعهد وسفير الولايات المتحدة السابق لدى تركيا والعراق.

معهد واشنطن

http://www.washingtoninstitute.org/ar/policy-analysis/view/can-obama-save-turkey-from-a-syrian-quagmire

http://www.assabeel.net/studies-and-essays/studies/144052-%D9%87%D9%84-%D9%8A%D8%B3%D8%AA%D8%B7%D9%8A%D8%B9-%D8%A3%D9%88%D8%A8%D8%A7%D9%85%D8%A7-%D8%A5%D9%86%D9%82%D8%A7%D8%B0-%D8%AA%D8%B1%D9%83%D9%8A%D8%A7-%D9%85%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B3%D8%AA%D9%86%D9%82%D8%B9-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%88%D8%B1%D9%8A%D8%9F.html

رابط هذا التعليق
شارك

Join the conversation

You can post now and register later. If you have an account, sign in now to post with your account.

زوار
اضف رد علي هذا الموضوع....

×   Pasted as rich text.   Paste as plain text instead

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   Your previous content has been restored.   Clear editor

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.

جاري التحميل
×
×
  • اضف...