اذهب الي المحتوي
منتدى العقاب

السيادة المزدوجة شرك في حكم الله بقلم : هاني بن محسن الشمري


Recommended Posts

السيادة المزدوجة شرك في حكم الله

بقلم : هاني بن محسن الشمري

 

لقد نجح الغرب في تصوير كل حكم لايستجيب لقواعد الحكم الديمقراطي بأنه حكم استبدادي ، كما نجح في تصوير الممارسات السياسية التي تتم عبر سلطة ترتكز السلطات بيدها ولاتؤمن بمبدأ الفصل بين السلطات بأنها ستنتهي الي حكم استبدادي وقد ترك هذا التصوير الغربي أثرا عند بعض المفكريين الاسلاميين مما دفعهم للقول بوجوب استقلال هيئة التشريع و سن القوانين في الدولة الاسلامية عن طريق مجلس الشوري قياسا على المجالس النيابية في أنظمة الحكم الديمقراطية ، كما أصبحوا يرون أن ماتوصل اليه الغرب من قواعد في الحكم والتشريع هي آلية يمكن الاستفادة منها في سن القوانيين في الدولة الاسلامية فهى ضمانة لسلامة سير الحكم الاسلامي لمنع استبداد السلطة . ومن هذه النظرة الغربية المتأثرة التي لم يتكون لديها تصور مبلور لحقيقة نظام الحكم الاسلامي (جاءت فكرة السيادة المزدوجة) لتوائم بين نقيضين (الاسلام والديمقراطية ) والتي تعني : أن الأمة والشريعة معاً هما صاحبا السيادة في الدولة الإسلامية ، ويفسرون هذا القول بأن الامور التى ورد فيها نصوص قطعية ثابته لاخلاف فيها فمرجعها الى الشريعة والامور الظنية والمختلف فيها أو التى لم يرد فيها نص فمردها الى الامة ورأى الاكثرية ملزم فيها للامام !!!.

 

وقبل الخوض في بيان فساد فكرة السيادة المزدوجة ، لابد لنا من بيان خطأ طرح فكرة استقلال هيئة التشريع و سن القوانين في الدولة الاسلامية قياسا على فكرة الفصل بين السلطات بالمفهوم الغربي وإعتبارها معالجة وضمانة تمنع حصول الاستبداد في نظام الحكم الاسلامي .

لان فكرة الفصل بين السلطات في المفهوم الغربي جاءت تعالج مشكلة لواقع محدد وهو(الحكم الملكي المطلق) الذي جعل للملك سلطة إلهية لا تستند الي قواعد تشريعية ثابتة في الحكم ،(فهو الذي ينشأ القوانين وهو من يعدلها أويلغيها بحسب هواه والمصلحه التي يراها ) مما جعل السلطة تسعى من منطلق رغبتها لدعم قوتها ونفوذها الي سن قوانين جذرت الاستبداد الفردي. فمشكلة الاستبداد في الحكم الملكي المطلق لم يكن سببها في تركيز السلطات بيد السلطة كما يصور ذلك الغرب ،إنما كانت بسبب إنعدام القواعد الشرعية الثابتة في بناء الاحكام التشريعية وربط انشاء التشريع بالفرد

ومن الخطأ أن يستند بعض الكتاب الاسلاميين إلي طرح فكرة الفصل بين السلطات وإعتبارها ضمانة تمنع حصول الاستبداد في نظام الحكم الاسلامي ،قياسا على واقع مغاير،لا توجود أسبابه ولاتتوفر في نظام الحكم الاسلامي .

فالاسلام وإن أعطى الإمام أو الخليفة صلاحيات واسعة في الحكم وتبني الاحكام ،الا أن الامام مقيد بهذه الصلاحيات ضمن قواعد شرعية ثابته في حكمه لايمكن ان يحيد عنها ولا ان يتخطاها على حسب هواه . فهو منفذ لاحكام الشريعة وحتى تبنيه لاحكام شرعية لا ينطلق بها من أهوائه ورغباته بل من قواعد شرعية ثابتة لايستطيع أن يخالف بها أحكام الشرع ، فهو مقيد باجتهاده وتبنيه بنصوص وقواعد شرعية ثابتة لايستطيع الخروج عنها ولا التلاعب عليها .بمعني أن أحكامه بنائية وليست انشائية ، كما هو الحال في ظل حكم الملوك في الغرب قبل الديمقرطية .

لذلك كان من الخطورة أن يستلهم بعض المفكريين الاسلاميين حلول لمشاكل قد تطرأ في نظام الحكم الاسلامي بسبب الاساءه في التطبيق ،من خارج أحكام الاسلام ويتم تسويغ هذه الحلول على اعتبار أنها آليات يمكن الاستفادة منها .

فإن هذا الطرح يعطينا صوره عن أصحابه أنهم لايملكون تصور واضح لطبيعة نظام الحكم الاسلامي كما يعطى تصور لايصح عن الاسلام بأنه عاجز عن وضع حلول ومعالجات لمشاكل قد تطرأ في نظامه السياسي . كمسألة إنحراف السلطة أو استغلال الامام صلاحياته في سن القوانين مما قد يأدى الي استبداد .

 

فالنظام الديمقراطي حين وضع الاسس التنظيمية لنظامة السياسي والتي منها فكرة الفصل بين السلطات جعلها متوائمة مع القاعدة الفكرية لنظامه السياسي (الديمقراطية) التي تقوم قاعدته على أن الحكم للشعب .فكان استقلال سلطة التشريع عبر برلمان (يمثل الشعب ) تتقرر فيه تشريعاته وتاخذ صفة الالزام للسلطة من خلال معرفة رأي الاكثرية ، يتناسق مع القاعدة الفكرية لنظام الحكم الديمقراطي التي تنص بأن الحكم للشعب .

وكذلك الاسلام حين نريد أن نبحث عن ضمانات لسلامة سير الحكم الاسلامي ، كان لابد أن تكون هذه المعالجات من النظام الاسلامي نفسه حتى تكون المعالجات متناسقة مع القاعده الفكرية التي ينطلق منها نظام الحكم الاسلامي التي تنص بأن الحكم لله . فلا يمكن أن ننطلق بقاعدة للحكم تنص على أن الحكم لله ثم نجعل الاسس التنظيمية لهذه القاعدة تنتهى بأن يكون الحكم للشعب كما هو الحال بفكرة (السيادة المزدوجة) حيث جعلت راي الاغلبية في مجلس الشوري في المسائل الشرعية وغيرها هوالذي يقرر الحق والصواب كما جعلت قراراته ملزمه للامام وكأن السلطة في الاسلام خاضعة لتنفيذ (ارادة الامة) لا إرادة الشرع .

لذلك كان من الخطأ أن يتم تسويغ الاسس التنظيمية للنظام الديمقراطي في تشريع القوانين على اعتبار أنها آلية لان واقع هذه الآليات أنها اسس ترمي الي تحقيق اهداف وغايات القاعدة الفكرية للحكم الديمقراطي وهي تختلف تماما وتتناقض مع اهداف وغايات التشريع الاسلامي .

 

أما فساد فكرة السيادة المزدوجة أو(سيادة الامة المقيدة بالشريعة ) فهو بين من عدة وجوه :

 

الأول : أنه قول يخالف واقع السيادة ،لان السيادة كما عرفها المفكرون هي (سلطة عليا تفردت وحدها بالحق في إنشاء الخطاب الملزم المتعلق بالحكم على الاشياء والافعال )(1) ؛ وهي سلطة (لاتعرف فيما تنظم من علاقات سلطة عليها اخرى الى جانبها) (2). فالسيادة إذا سلطة (متفردة ،لاتعلوها سلطة ، ولاتقيدها سلطة اخرى ، ولاتشترك معها سلطة أخرى) لذلك كان من المغالطة أن يقال سيادة مزدوجة أو مقيدة أو مشتركة !! لأن ذلك يناقض واقع مفهوم السيادة في عدم إمكانية تجزئتها أو مشاركتها أو تقييدها .

 

وكون من يقول بالسيادة المزدوجة يعترف ضمنا بسيادة الشريعة (لانه يقول سيادة الامة مقيدة بالشريعة أو مشاركة لها ) فيجب أن يعلم بأن سيادة الشريعة هي أيضا سيادة مطلقة منفردة قال تعالى : (إن الحكم الا لله ) أي : أن الحكم لله حصراً، بدون ند أو شريك .

قال الطبري رحمه الله في هذه الآية: (ولا يجعل الله في قضائه وحكمه في خلقه أحداً سواه شريكاً، بل هو المنفرد بالحكم والقضاء فيهم، وتدبيرهم وتصريفهم فيما شاء وأحب)(3) .

 

1- قواعد نظام الحكم 24ص 3- 8/ 212 تفسير الطبرى

2- الوجيز في النظريات والانظمة السياسية

 

لذلك يقول أبو حامد الغزالي: (وفي البحث عن الحاكم –أي من له حق الحكم على الاشياء والافعال - يتبين أنه لا حكم إلا لله، ولا حكم للرسول، ولا للسيد على العبد، ولا لمخلوق على مخلوق، بل كل ذلك حكم الله ووضعه، لا حكم غيره) (4).

وهذه السيادة للشريعة ترفض المشاركة أوالتقييد بل وتعتبر دعوى المناداة بالمشاركة معها شركا حيث قال تعالى :(ولايشرك في حكمه أحدا ) قال الشّنقيطي رحمه الله في أضواء البيان : (الإشراك بالله في حكمه ,والإشراك به في عبادته كلها بمعنى واحد ,لا فرق بينهما البتّة , فالذي يتّبع نظاما غير نظام الله ,وتشريعا غير تشريع الله ,كالّذي يعبد الصّنم ويسجد للوثن ,ولا فرق بينهما البتّة بوجه من الوجوه ,فهما واحد ,وكلاهما مشرك بالله) (5).

الثاني : ان فكرة السيادة المزدوجة اعتمدت لسن القوانين والتشريعات في الدولة الاسلامية على أسس ومعايير الديمقراطية (كحرية الإختيار ، واعطاء مجلس الشوري الحق لتبني الاحكام قياسا على المجالس النيابية في النظام الديمقراطي ،وجعل رأي الأغلبية هو المرجعية في نزع الخلاف لتبني الأحكام والالزام بها ) حيث إعتبرت أن المسائل الشرعية الظنية المختلف فيها تطرح على مجلس الشورى، ولهم حرية الإختيار من هذه الآراء ،وبناء على رغبة الاغلبية يتم تبني الاحكام والقوانين . فكان رضا الامة الذي يتم معرفتة برأي الاغلبية في مجلس الشورى وإعطائها حرية الإختيار للأحكام المراد تبنيها شرط لتبني الأحكام في الدولة الاسلامية.

واذا ما نظرنا بواقع النصوص الشرعية المتعلقة بسلطة تبني الأحكام وسن القوانين في نظام الحكم الاسلامي نجد أن هذه السلطة جعلها الشرع للامام وحده وليس لمجلس الشورى فيها سلطة الزام ولاسلطة تبني احكام وقوانين ، فنصوص الشورى لاتفيد الوجوب بل الندب فكيف يكون لها الإلزام لتبني الاحكام؟! ، قال ابن القيم : ( إستحباب مشاورة الامام رعيته وجيشة استخراجا لوجه الرأي وإستطابة لنفوسهم وأمنا لعتبهم وتعرفا لمصلحة يختص بعلمها بعضهم دون بعض وإمتثالا لأمر الرب في قوله : (وشاورهم في الامر))(6) . ويقول ابن حزم مؤكداً على استحباب المشاورة وعدم وجوبها وإلزامها للامام فيقول : ( ونسأل من زعم لزوم المشاورة فإن قالوا لايصح شيء من الشرع الا بمشاورتهم كلهم أتوا بالمحال والحرج ، وإن قالوا يصح بمشاورة البعض ، كذا قلنا : وما البعض ؟وكم حده؟ فصح أن الآية للندب ..) (7).

وعلى فرض أن الأمر في الاية (وشاروهم في الأمر) تفيد الوجوب – اي يجب على الامام مشاورة مجلس الشورى او الامة ، فلم يقل أحد أن العمل برأي الاكثرية بعد المشاورة واجب على الإمام !! فالامام حين يستشير يكون قد عمل بالواجب ولكنه غير مطالب في الاية بلزوم رأي الاكثرية ! لذللك يقول الجصاص الحنفي ،في مشاورة النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابة ،(وجائز أن يوافق النبي على رأي بعضهم ، وجائز أن يخالف رأي جميعهم فيعمل حينئذ برايه ، ....ويكون عليهم ترك آرائهم والعمل برأي النبي صلى الله عليه وسلم ) (8) .

لذلك يقول ابن عطية المالكي بعدما قال بوجوب عزل من لم يستشر من الأمراء : (الشورى مبنية على اختلاف الآراء ، والمستشير ينظر في ذلك الخلاف ويتخير فإذا أرشده الله تعالى ماشاء منه عزم عليه وأنفذه متوكلا على الله ،اذ هي غاية الاجتهاد المطلوب منه ، وبهذا أمر الله تعالى نبية صلى الله عليه وسلم في الآية )(9).

 

4- المستصفى (1/8)

5- اضواء البيان للشنقيطي تفسير (ولايشرك في حكمه احدا)

6-زاد الميعاد ج2 ص127

7- ابطال القياس تحقيق الافغاني 12-13

8- احكام القران للجصاص ج2 ص332

9- الوجيز في تفسير الكتاب العزيزج3 ص379

 

كما جاء في نصوص السمع والطاعة مايدل على وجوب طاعة المسلمين للامام بما فيهم أهل الشورى، لا طاعة الامام للامة أو ممثليها في مجلس الشوري، فقد قال تعالى : ( اطيعوا الله واطيعوا الرسول واولي الامر منكم ) وقال : ( من أطاع الامير فقط أطاعني ومن عصي الامير فقد عصاني ) فالقول بإلزامية نتائج الشورى يسلب حق قرره الشرع للإمام . فإن سلطة تبني الأحكام وسن القوانين هو من صميم اعمال الحكم ورعاية الشؤون ، والحكم جعله الشرع للإمام وحده (فهو الذي فوضت له السياسه العامة )(10) لرعاية شؤون الامة ، فقد قال صلى الله عليه وسلم : (الامام راع وهو مسؤول عن رعيته )(11) .

لذلك يقول ابن ابي العز شارح العقيدة الطحاوية لقد دلت النصوص من الكتاب والسنة واجماع سلف الأمة أن ولي الامر وإمام الصلاة والحاكم وأمير الحرب وعامل الصدقة يطاع في مواضع الاجتهاد وليس عليه أن يطيع أتباعة في مواضع الاجتهاد بل عليهم طاعته في ذلك وترك رايهم لرايه فان مصلحة الجماعة والائتلاف ومفسدة الفرقة والاختلاف اعظم من امر المسائل الجزئية )(12).

 

وقال امام الحرمين الجويني: ( أن اجتهاد الامام إذا أدى إلي حكم في مسألة مظنونة ودعا إلي موجب إجتهاده قوما فيتحتم عليهم متابعة الإمام فإن ابوا قاتلهم كما قاتل الصديق رضي الله عنه مانعي الزكوات في القصة المعروفة ، ثم قتالهم اياهم لايعتمد ظنا فإنه لايسوغ تعريض المسلمين للقتل من الفئتين على الظن وحدس وتخمين نفس ،بل يجب إتباع الامام قطعا فيما يراه من المجتهدات فيرتب القتال على امر مقطوع به وهو تحريم مخالفة الامام في الامر الذي دعا إليه وإن كان أصله مظنونا ، ولو لم يتعين إتباع الامام في مسائل التحري لما تأتى فصل الخصومات في المجتهدات ولأستمسك كل خصم بمذهبة ومطلبه وبقي الخصمان في مجال خلاف الفقهاء مرتكبين في خصومات لاتنقطع ومعظم حكومات العباد في موارد الاجتهاد )(13).

 

وقال شيخ الاسلام ابن تيمية : ( وعلى الأتباع إتباع من ولي أمرهم من الأمراء والعلماء فيما ساغ له اتباعه وامر فيه باتباع اجتهاده ) (14) وقال : ( وإن اختلف الاجتهاد فالامام هو المتبع في اجتهاده ، اذ لابد من الترجيح والعكس ممتنع) (15)

 

وعليه نقول لاعبرة برأي الأغلبية في مجلس الشورى في تبني الاحكام وسن القوانين (لأن ذلك ليس من أعماله ) كما أن المسائل الشرعية الخلافية لايتقرر الحق والصواب فيها برأي الأغلبية إنما بالدليل . والرأي الذي له دليل من الكتاب والسنة هو رأي معتبر في الشرع ، قال شيخ الإسلام : (وأما القول الذي يدل عليه الكتاب والسنة فلا يكون شاذا، وإن كان القائل به أقل من القائل بذاك القول، فلا عبرة بكثرة القائل باتفاق الناس)(16) .

 

ويقول ابن حزم : (وإذا خالف واحد من العلماء جماعة فلا حجة في الكثرة لأن الله تعالى قال : ( فَإن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيىٍْ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَاْلرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَاْلْيَوْمِ الْأَخِرِ ) . ومنازعة الواحد منازعة توجب الرد إلى القرآن والسنة . ولم يأمر الله تعالى قط بالرد إلى الأكثر ..... . فقد خالف أبو بكر رضي الله عنه جمهور الصحابة رضوان الله عليهم وشذ عنهم كلهم في حرب الردة وكان هو المصيب ، ومخالفه مخطئاً)(17) .

 

10- الأحكام للقرافي ص93

11- صحيح البخاري كتاب الجمعة برقم 853

12- شرح العقيدة الطحاوية لشعيب الارنؤوط ص 360

13-الغياث الأمم 217

14- الفتاوى 19/124

15- منهاج السنة النبوية ج8ص273

16-النبوات 1/594

17- النّبْذَة الكافية " (ص59(

 

ولهذا لو سن الامام اجتهادا معينا يتعلق بعلاقة الدولة بالرعية لرعاية شؤونهم ، لزم المسلمين أفرادا وحكاما وقضاة العمل به وإن خالف اجتهادهم ،فقد انعقد اجماع الصحابة رضي الله عنهم ،على طاعة الامام في ما يسنه كقوانين بإجتهاده وإن خالف رأيه إجتهادهم .

فقد خالف ابو بكر رضي الله عنه جمهور الصحابة بعد إستشارتهم في مانعي الزكاة ، يقول الآمدي: (واتفق اكثر الصحابة على إمتناع قتال مانعي الزكاة مع خلاف أبي بكر لهم )(18) ومع ذلك لم ينزل رضي الله عنه على رأي الأكثرية ،بل أصر على رأيه وكان حازما في ذلك وأمضاه .

وسن عمر قانون بموقف الاراضي المفتوحه في سواد العراق على بيت مال المسلمين استنباطا من قولة : (والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولاخواننا الذين سبقونا بالايمان ) وأقر عدم توزيعها على جيش الفاتحين بخلاف ماكان عليه العمل في عهد أبي بكر رضي الله عنه . و كان رأي الاكثرية من الصحابة يرون خلاف قول عمر رضي الله عنه . فعن محمد ابن اسحاق الزهري أن عمر بن الخطاب استشار الناس في سواد العراق فرأى عامتهم أن يقسمه كما قسم رسول الله خيبر، وكان بلال ابن رباح أشدهم في ذلك )(19)، فلو كان رأي الاغلبية ملزم للامام لما خالف أبو بكر وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما جمهور الصحابة ،ولأصر جمهور الصحابة على رأي الأغلبية وإلتزامه .

 

ولهذا وضع العلماء قاعدة حكم الإمام يرفع الخلاف ، حيث قال القرافي لو لم يرفع الإمام الخلاف لما استقرت الاحكام، ولبقيت الخصومات، وذلك يوجب التشاجر والتنازع وانتشار الفساد، وهذه تنافي الحكمة التي لأجلها نصب الحكام) (20)

 

18- (الاحكام في أصول الاحكام ج1 ص213)

19-الخراج لابي يوسف (ج1 ص202)

20-(الفروض للقرافي 2/103)

رابط هذا التعليق
شارك

Join the conversation

You can post now and register later. If you have an account, sign in now to post with your account.

زوار
اضف رد علي هذا الموضوع....

×   Pasted as rich text.   Paste as plain text instead

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   Your previous content has been restored.   Clear editor

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.

جاري التحميل
×
×
  • اضف...