Jump to content
منتدى العقاب

حول مفهوم ونتائج الحصار الاقتصادى


Recommended Posts

حول مفهوم ونتائج الحصار الاقتصادي 2018-636508803248770022-877_main.jpg

بات التهديد بفرض حصار اقتصادى على الدول «المارقة»، أى الخارجة عن الاطار الدولى العام، أمرا مكررا دائما حتى تعودنا عليه، قسرا، فى الصراع السياسي. وهو التهديد الذى دائما ما يفرض من الدول «العظيمة» الاقتصاد والسلطة، على تلك الدول المنتمية الى عالمنا، العالم النامي، الدول النامية التى لا يطيع حكامها، فى لحظة ما، عن حق او عن غير حق، ما يملى عليهم من حكام تلك الدول العظيمة. وعادة لا تؤخذ مصالح وحقوق الشعوب المقرة فى المواثيق العالمية فى الاعتبار.

وتتعدد اسباب فرض الحصار وهى فى كل الاحوال غير منطقية بالقياسات المقرة دوليا وخاصة تلك القياسات التى اقرها العالم بشكل جماعى بعد الحرب العالمية الثانية وتم صياغتها فى الميثاق العالمى لحقوق الانسان عام 1948. كما ان هذا الحصار يتخذ، من وجهة نظري، درجاته المتعددة. احيانا يكون فرض الحصار كاملا يعزل الدولة المحاصرة عن حركة العالم الاقتصادية. وفى احيان يكون الحصار كما يمارس الآن بفرض القرارات السياسية غير المعلنة مثل منع تحرك الاستثمارات او توقف واعاقة حركة السياحة. المهم، ان اجراء فرض الحصار بات احد الاسلحة فى الصراع السياسى بعد الحرب العالمية الثانية، ويتسبب فى تجويع الشعوب وحرمانها من طيبات الحياة دون اطلاق رصاصة واحدة. ويستمر الحصار الاقتصادى المفروض على كوبا منذ عام 1962 هو الحصار الاقتصادى الاطول. فرضت الادارة الامريكية الحصار على الدولة الكوبية وشعبها بعد عامين من انتصار الثورة الماركسية ،بزعامة فيديل كاسترو، على النظام القديم، وبعد شهور قليلة من هزيمتها، أى الولايات المتحدة، فى معركة خليج الخنازير. ويستمر الحصار الاقتصادى الاشهر بعد ذلك هو الحصار الذى فرض على الشعب العراقى للضغط على حكامه لتصفية مخزون اسلحة الدمار الشامل التى قيل ان حكام العراق يملكونه. وهو الادعاء الذى نفاه تونى بلير رئيس وزراء المملكة المتحدة لاحقا فى التحقيقات التى اجريت له فى بلاده حول تبرير مشاركة المملكة المتحدة فى غزو العراق عام 2003.

ثم يأتى الحصار الثالث وهو الحصار المفروض على شعب كوريا الشمالية بسبب محاولة نظامه السياسى اللحاق ببلاده بالنادى النووى وبتهديد جيرانه فى اليابان وكوريا الجنوبية بصواريخه الطويلة المدي. والآن يتجدد التوجه لإعادة الحصار الاقتصادى على الشعب الإيرانى بسبب رفض حكامه تعديل الاتفاقية المبرمة بين إيران ومجموعة الخمسة +1 «الولايات المتحدة الامريكية والمملكة المتحدة وروسيا وفرنسا والصين وهى البلدان الدائمة العضوية فى مجلس الامن بالإضافة إلى المانيا» وهى الاتفاقية التى لم تعد الولايات المتحدة، أو الأصح إدارة الرئيس ترامب، تراها ملائمة لمنع إيران من الوصول إلى انتاج السلاح النووى أو الامتداد السياسى فى محيطها الاقليمي.

والمهم هو ان الولايات المتحدة الأمريكية كانت ولاتزال وسوف تستمر لفترة مقبلة هى الزعيمة فى قيادة الدول فى اجراءات فرض الحصار وتطبيقه فيما عدا هذا الحصار المتجدد الاخير على ايران. فى هذا الحصار الأخير، اختلف الفرقاء القدامي. باتت الولايات المتحدة الأمريكية فى جانب والبلدان الاوروبية على الجانب الآخر. وترتفع التصريحات مطلقة الاسباب السياسية التى يراها كل جانب. فالولايات المتحدة ترى ان الاتفاقية لم تكبح اندفاع ايران فى تصنيع الصواريخ ولا فى التدخل السياسى فى المنطقة بحيث يمكنها شق طريق لها الى البحر المتوسط، وهو بالضبط ما تردده اسرائيل. بينما يرى الجانب الاوروبى ان الاتفاقية ربما تحتاج لبعض التطوير ولكنها ادت اغراضها فى الوقت الزمنى الذى تحدد فيها.

هذه هى الاسباب السياسية كما تعلن فى الصحف وفى تصريحات المسئولين ولكن فى حقيقة الامر تقف وراء هذه الاسباب السياسية مصالح اقتصادية عظيمة تزيد من الخلاف بين الفريقين حول قضية الحصار الاقتصادى على إيران خاصة بعد ان اعلنت الولايات المتحدة انها ستفرض عقوباتها على كل الشركات التى تخرق الحصار. فاكبر الاستثمارات الاجنبية فى ايران هى الاستثمارات الفرنسية والألمانية. وقد توسعت هذه الاستثمارات بشكل ملحوظ بعد توقيع الاتفاقية بينما لا توجد استثمارات أمريكية تذكر فى إيران. إذن فالمتضرر الاقتصادى الخارجى الأساسى من فرض الحصار هما كل من ألمانيا وفرنسا أما الولايات المتحدة فلن تفقد بنسا.

ولكن يستمر المتضرر الأساسى من فرض الحصار الايرانى أو أى حصار آخر على أى من البلدان هو الشعب الذى يعيش فى إطار البلد المحاصر. فى البلدان النامية، التى عادة يفرض عليها الحصار الاقتصادي، عادة ما يعيش حكامها فى أوضاع اكثر تميزا من شعوبهم بسبب ضعف المحاسبة السياسية أو انعدامها. الذى يتحمل تبعات الحصار هى الشعوب التى لا تجد أمامها خيارا إلا الصبر على الضغط الخارجى وتحمله فى الوقت الذى ترفض فيه الخروج على نظمها الوطنية أو المحلية إحساسا منها بخطورة الاغراض الخارجية. كما أن الأوضاع العالمية الجارية الآن لا تسمح لها إلا بالصبر وتحمل الضغوط. فى الحالة الكوبية وهى الحالة الأطول والأولى التى عاصرناها كان يحكم العالم قطبان متنافسان مما ساعد الشعب الكوبى من الاعتماد بشكل واضح على مجموعة الدول الاشتراكية ومعها الاتحاد السوفيتي، وهى المجموعة التى تضامنت مع الشعب الكوبى وساعدته على استمرار الحياة.

أما فى الحالة العراقية فكان الشعب العراقى هو الجانب الأكبر فى تحمل تبعات الحصار، وحينما لم يرضخ للضغوط ويخرج على حكامه تحمل تبعات التدخل الخارجى بحالة نضالية كلفته الكثير. والآن يأتى الدور على الشعب الايرانى الذى تحمل آثار الحصار ويدخل فى مرحلة ثانية منه. المطلوب منه أمريكيا أن يثور على حكامه ويخلعهم. وهو أمر غير متوقع لان الشعوب لا تخضع للعامل الخارجى بقدر ما تخضع لإرادتها وخاصة فى حالة الشعوب النامية ذات الحضارة والتراث الحضارى الطويل كالشعب الايراني. وتحديدا بعد أن أصبحت مجموعة الخمسة +1 تتكون من خمسة فى مواجهة واحد.

Link to comment
Share on other sites

Join the conversation

You can post now and register later. If you have an account, sign in now to post with your account.

Guest
Reply to this topic...

×   Pasted as rich text.   Paste as plain text instead

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   Your previous content has been restored.   Clear editor

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.

Loading...
 Share

×
×
  • Create New...