اذهب الي المحتوي
منتدى العقاب

المعارضة في النظام الديمقراطي والمحاسبة في الإسلام


Recommended Posts

المعارضة في النظام الديمقراطي
والمحاسبة في الإسلام


المبدأ الرأسمالي الغربي مبدأ وضعي ، عقيدته هي فصل الدين عن الحياة ، مناقضة للعقيدة الإسلامية ، ونظامه مخالف لنظام الإسلام ، لا يستند إلى وحي الله ، وإنما يستند إلى الشعب، فالشعب في هذا المبدأ ، مصدر السلطات الثلاث : التشريعية والقضائية والتنفيذية.

ومن المساوئ البارزة لهذا النظام مقولة الأكثرية ، فاختيار الحاكم ومجلس النواب وإعطاء الثقة للوزارة وسن القوانين كلها تتم – على زعمهم – بأكثرية أصوات الشعب أو بأكثرية أصوات من يمثل الشعب ، وهي فكرة مخالفة للحقيقة ، ولا تنطبق على الواقع الصحيح، لأنّ أكثرية المقترعين، في معظم بلدان العالم، لا تمثل أكثرية أصوات الشعب، كما هو حاصل في الانتخابات البرلمانية، حيث بهذه البرلمانات تسن القوانين، وتتخذ القرارات، وتعطى الثقة للوزارات.

وحتى يضمن القائمون على هذا المبدأ بقاءه، وإقناع الناس بصلاحيته، وضعوا طريقة لاحتواء المعارضين، فباسم حرية الرأي التي ينادي بها النظام الديمقراطي، سمحوا بتعدد الأحزاب، فيصل بعضها أو مؤيدوها إلى سدة الحكم إن حصلت على أغلبية برلمانية، وتظل بقية الأحزاب ومؤيدوها في صف المعارضة، التي عادة ما تكون خارج السلطة التنفيذية.

وأحزاب المعارضة هذه، هي التي تتولى قيادة الناس المعارضين لقرارات وتصرفات السلطة التنفيذية، وتدخل مع هذه السلطة في حوارات ومفاوضات وربما تحولت إلى إضرابات واعتصامات، ولكن ضمن الدستور وما ينبثق عنه من قوانين، تحت شعارات الصالح العام، ومصلحة الوطن، ومجارات الظروف والأوضاع.

فالمعارضة في النظام الديمقراطي، وظيفة تقتضيها ((اللعبة الديمقراطية)) والمقصود منها احتواء وامتصاص التيار المعارض، لتسهيل سنّ القوانين وتنفيذ القرارات، وتمرير المشروعات، التي تتبناها – على حد زعمهم – السلطة الممثلة للأغلبية الشعبية، فالتيار المعارض، الذي يسير في خط معاكس لخط السلطة، مرسوم له أن لا يصطدم معه لإيقافه، وإنما مرسوم له أن يكون موازياً له، ليسير كل منهما في الاتجاه المعين له. 

السلطة تنفذ أعمالها باسم الأغلبية المزعومة، والمعارضة تقود الرأي الآخر وتحتويه لتحمي النظام منه. فالمعارضة – كما قالوا – صمام الأمان، تخدم النظام، فتزين وجهه القبيح للأكثرية، وتمتص نقمة الساخطين عليه، وتخمد حماس المخالفين له، هذه هي المعارضة ، بالنسبة للدول الرأسمالية الحقيقية ، كبريطانيا وفرنسا وأمريكا ، أما بالنسبة لدول العالم الثالث ، ومنه الدول القائمة في العالم الإسلامي ، والتي تدعي الديمقراطية ، أو التي أجبرت على ارتدائها ، فإنها قد صنعت (( المعارضة المشروعة)) بيديها ، وشكلتها على هواها ، بالشكل الذي تريده كماً وكيفاً، لتكون خادمة لها في بقائها، وفي ادعائها الديمقراطية وحرية الرأي، من أجل تنفيذ ما تطلبه الدول السيدة منها.

هذه هي حقيقة المعارضة ، وفي النظام الديمقراطي الحقيقي ، وفي الأنظمة الديمقراطية المزيفة.

===================================================

أما المحاسبة، وهي الطريق الشرعي الذي أتى به الإسلام لتقويم اعوجاج الحاكم ، وإعادته إلى جادة الصواب ، وإن أخطأ أو انحرف عن الطريق المستقيم الذي شرعه الله ، فهي مسؤولية الأمة أفراداً وأحزاباً ، لقوله تعالى: { كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر} ولقوله تعالى: {ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر} والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يكونان لمجرد المعارضة ، وهي إظهار عدم الرضا فقط ، وإنما يكونان من أجل حمل الحاكم على الالتزام بأوامر الله ونواهيه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( من رأى سلطانا جائراً مستحلاً لحرم الله ، حاكماَ في عباد الله بالإثم والعدوان ، ولم يغيّر عليه بقول أو فعل ، كان على الله أن يدخله مدخله)) وقال أيضاً: ((من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه ، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان)) فالقصد من المحاسبة ، ليس إظهار عدم الرضا فقط ، وإنما هو العمل لتغيير ما يراه المحاسب منكراً مخالفاً لشرع الله، بما يستطيعه من قول أو فعل، قال عليه السلام: ((لا يحقرن أحدكم نفسه ، قالوا يا رسول الله ، وكيف يحقر أحدنا نفسه؟ قال: يرى أن عليه مقالاً ثم لا يقول به، فيقول الله عز وجل يوم القيامة: ما منعك أن تقول فيّ كذا وكذا؟، فيقول: خشية الناس، فيقول: فإياي كنت أحق أن تخشى)) والله تعالى يقول: {فلا تخشوهم واخشوني} فلا يحق لمسلم أن يسكت عن قول الحق كلما لزم ذلك، لأن الساكت عن الحق شيطان أخرس، يستحق عذاب الله بسبب سكوته.

ولقد وضع لنا الإسلام مقياساً دقيقاً للمحاسبة، وهو شرع الله، وليس العقل أو المصلحة أو الأكثرية الشعبية، أو الأغلبية البرلمانية، قال تعالى: {فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر} فالتحاكم في النزاع مع الحاكم أو في محاسبته يكون مرده إلى كتاب الله وسنة رسوله، وليس للقوانين الوضعية أو المواثيق الدولية، أو الأغلبية.

والمحاسبة مسؤولية شرعية، أدركها الصحابة والمسلمون منذ قيام الدولة الإسلامية، فقد عارضوا رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم في صلح الحديبية، وفي تقسيم غنائم غزوة حنين ، وحاسبوا الخلفاء الراشدين من بعده، فأقرهم الرسول، ولم ينكر عليه الصحابة، وهذا أبو بكر الصديق خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم يطلب من الناس المحاسبة على أساس الإسلام فيقول: ((أطيعوني ما أطعت الله فيكم ، فإذا عصيت الله فلا طاعة لي عليكم)) وهذا أحد المسلمين يقول لعمر بن الخطاب أمام الجمهور: ((لو رأينا فيك اعوجاجاً لقومناه بحد سيوفنا)) فيرد عمر عليه: ((الحمد لله الذي أوجد من يقوم اعوجاج عمر بحدِّ سيفه))، وهذه امرأة واحدة من المسلمين، تصوب رأي عمر في تحديد مهور النساء، فينزل عند اجتهادها قائلاً: ((أخطأ عمر وأصابت امرأة)) ، فالأغلبية في المحاسبة لا قيمة لها، كثرت أم قلت، وإنما القوة تأتي من الدليل الشرعي الذي يستند إليه المحاسبون، فلو قال – مثلاً – أغلب الحكام والنواب، ودعمتهم وسائل الإعلام، أن اليهود لا يضمرون العداوة للمسلمين وأن إنهاء حالة العداوة والحرب معهم، وهم يحتلون أرض المسلمين جائز ... فلا قيمة لهذا الرأي، ولا قيمة لهذه الأقوال، لأن فيها تحدياً وتكذيباً لقول رب العالمين: {لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا} ولقوله تعالى: {واقتلوهم حيث ثقفتموهم وأخرجوهم من حيث أخرجوكم} ويقول تعالى لهؤلاء المتقولين عليه: {فمن أظلم ممن افترى على الله كذباً وكذب بآياته إنه لا يفلح المجرمون}

وليس حتماً أن ينزل الحاكم المسلم عند رأي المحاسبين له، إن رأى أن رأيهم لا يستند إلى دليل شرعي، أو أن رأيه يستند إلى دليل أقوى من الدليل الذي يستندون إليه، فرسول الله محمد صلى الله عليه وسلم في صلح الحديبية، لم يلتفت لرأي عمر بن الخطاب وغيره من المعارضين لشروط الصلح مع قريش، لأن الوحي هو الذي طلب منه ذلك، فقال لهم: ((إني عبد الله ورسوله، ولن أخالف أمره، ولن يضيعني))، وقد اعترض عمر بن الخطاب على أبي بكر في قتاله مانعي الزكاة، فلم يأخذ باعتراضه، وبين له صحة رأيه وقوة الدليل الشرعي الذي يستند إليه، وكذلك لم يخضع الخليفة عمر بن الخطاب لرأي بلال بن رباح وصحبه عندما احتجوا عليه في إبقائه العراق بيد أهلها، حيث واجههم بالدليل الشرعي الذي يستند إليه في تصرفه، وهو آيات توزيع الفيء من سورة الحشر، فسكتوا.

والمحاسبة للحكام للتغيير عليهم، كما كانت مطلوبة من المسلمين في دولة الخلافة، فهي مطلوبة الآن وإلى يوم القيامة، ولا سيّما أننا نعيش حياة عمَّ فيها الفساد، وزادت المنكرات، وحيكت فيها الدسائس لضرب الأمة الإسلامية، ومنعها من تحكيم دينها وإعادة دولتها.

وقد أخبرنا رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم عن مثل هذا الواقع الفاسد لننال العز في الدنيا، ورضوان الله في الآخرة، قال صلى الله عليه وسلم: ((ألا إن رحى الإسلام دائرة، فدوروا حيث دار، ألا إن السلطان والقرآن سيفترقان، فالزموا الكتاب، ألا وإنه سيولى عليكم أمراء ضالون مضلون، إن تبعتموهم أضلوكم، وإن خالفتموهم قتلوكم. فقالوا: فماذا نفعل يا رسول الله؟ قال: كما فعل أصحاب عيسى، شدوا على الخشب، ونشروا بالمناشير، فوالذي نفس محمد بيده، لميتة في سبيل الله خير من حياة في معصية)).

===================================================

والآن لنضع الفروق بين المعارضة في النظام الديمقراطي والمحاسبة في الإسلام:
1- المعارضة هي جزء من النظام الرأسمالي الديمقراطي وهي ليست من نظام الإسلام في الحكم كمصطلح، أما المحاسبة فهي جزء من الفروض الشرعية وهي جزء من نظام الخلافة.
2- المعارضة في العالم الإسلامي تحافظ على النظام الرأسمالي الديمقراطي من الانهيار أمام النظام الإسلامي الحقيقي القادم وهو نظام الخلافة، فيبدو للناس أن المعارضة تحاسب الحاكم مع أن حقيقتها المحافظة على الأنظمة التي لا تحكم بالإسلام، بينما المحاسبة على أساس الإسلام للحكام الحاليين هي جزء رئيس من عملية تغييرهم وإبدالهم بخليفة للمسلمين.
3- المعارضة حق سياسي يمكن القيام به ويمكن تركه، بينما المحاسبة في الإسلام فريضة يأثم المسلمون بتركها.
4- المعارضة تكون لمعارضة الحكومة من اجل المعارضة وأحيانا لإضعاف الحكومة وإسقاطها والحلول مكانها من أجل مصلحة المعارضة وليس من أجل مصلحة الشعب، بينما المحاسبة في الإسلام تكون لوجود مخالفة شرعية أو تقويم للحاكم المسلم من اجل مصلحة المسلمين.
5- المعارضة تكون لتسقط زلات الحاكم أو لإسقاطه للحلول مكانه، بينما المحاسبة هي لإنجاح الحاكم.
6- المعارضة وان كان يُدعى انه يمكنها قبول أي تيار سياسي لكن نرى أن التيارات المعادية للرأسمالية والديمقراطية مثلا مثل الأحزاب الإسلامية الحقيقية تمنع وتحارب، بينما الإسلام يصرح جهارا نهارا انه لا يقبل إلا الأحزاب الإسلامية، لان الإسلام جاء ليقضي على أنظمة الكفر فلا يسمح بأحزاب تخالف أساس قوانين الدولة الإسلامية وهو "العقيدة الإسلامية".
7- المعارضة لا يؤخذ رأيها إلا إذا كان لها أكثرية، فلو نطق بالحق شخص واحد فلا عبرة برأيه، ولو أقرت الأكثرية أمرا محرما وجب تنفيذه وإلا تم سحب الثقة من الحكومة، بينما المحاسبة تتم من الفرد ومن الجماعة ولا تقبل إلا بدليل شرعي أو رأي يتبين فيه الصواب لرعاية مصالح الأمة، ويؤخذ الرأي الصحيح ولو كان من فرد ، ولا عبرة فيها بالأكثرية أبدا إلا ما كان من قبيل الأمور العملية التي لا تحتاج بحثا وإنعام نظر.
8- المعارضة تحاسب على أساس الدستور العلماني بينما المحاسبة في الإسلام لا تكون إلا بناء على الأحكام الشرعية.
9- في المعارضة تقبل جميع الأحزاب العلمانية والاشتراكية وحتى الإسلامية المعتدلة التي توافق على الدستور العلماني، بينما في الإسلام يجوز أن تكون المحاسبة من الأفراد ومن أحزاب إسلامية فقط، وتمنع الأحزاب غير الإسلامية.
10- في المعارضة يمكن تغيير الدستور والقوانين برأي الأكثرية أو عن طريق خبراء قانونيين أو مجالس لصياغة الدستور، بينما في الإسلام إن تم الخروج بمادة واحدة من الدستور عن الإسلام بما هو معلوم من الدين في الضرورة أي إيجاد الكفر البواح، فقد اوجب الإسلام الخروج على الحاكم وقتاله، أما ما دون الكفر البواح، فقد أمر الإسلام بمحاسبة الحاكم وحرم الخروج عليه، ففي حديث عبادة بن الصامت قال: "بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا ويسرنا وعسرنا وعلى أثرة علينا وأن لا ننازع الأمر أهله، قال: إلا أن تروا كفراً بواحاً عندكم فيه من الله برهان". فعدم منازعة أولي الأمر أمرَهُم مقيد بعدم ظهور الكفر البواح، أي الخروج على أحكام الله، فمفهوم المخالفة في الحديث أنه إذا أظهر الحاكم الكفر البواح وجب الخروج عليه.
11- المعارضة في النظم الديمقراطية الرأسمالية تتكيف مع الرأي العام، فإن وجدت الرأي العام مع الحاكم ولو كان على خطأ سكتت وخفت صوتها وربما أيدت الحاكم، وإن وجدت الرأي العام ضد الحاكم هاجمته بقوة وإن كان محقا على حسب القانون، بينما في الإسلام بما أن المحاسبة هي فريضة شرعية فان الواجب محاسبة الحاكم بقوة وان أيده كل المسلمين إن كان مخطئا، والوقوف معه وان اعترض عليه الملايين إن كان محقا.

هذه خلاصة الفروق، ومنها يتبين أن المعارضة جزء من النظام الرأسمالي الديمقراطي المحرم شرعا، وان الواجب على المسلمين هو إعادة نظام الخلافة، ونبذ هذه الأنظمة الرأسمالية الديمقراطية التي سببت الشقاء للعالم، قال تعالى: {فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى * ومن أعرض ذكري فإن له معيشة ضنكا}.

منقول بتصرف

 

http://naqed.info/forums/index.php?s=9f985942890685d0384837aadea9fb8e&showtopic=4274&mode=linear

رابط هذا التعليق
شارك

Join the conversation

You can post now and register later. If you have an account, sign in now to post with your account.

زوار
اضف رد علي هذا الموضوع....

×   Pasted as rich text.   Paste as plain text instead

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   Your previous content has been restored.   Clear editor

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.

جاري التحميل
×
×
  • اضف...