اذهب الي المحتوي
منتدى العقاب

"الدماء والأعراض في ظلّ الخلافة الراشدة "


أبو الحسن

Recommended Posts

بسم الله الرحمن الرحيم

"الدماء والأعراض في ظلّ الخلافة الراشدة "

المتابع للأحداث في ساحة المسلمين- وخاصة في البلاد العربية، في خضمّ ما يجري من ثورات مستمرة متتابعة- يرى أن المسلمين لا حرمة لهم ولا وزن عند هؤلاء البغاة المجرمين من الحكام وأعوانهم، وزمرهم الأمنية ورجالات حربهم؛ حيث القتل بالجملة بأبشع صوره، والتنكيل والتمثيل بالأجساد قبل القتل وبعده، ولم يسْلم من ذلك شيخ طاعن في السن ولا امرأة ضعيفة، ولا طفل صغير قاصر..، فمن لهذه الدماء الزكية، ومن لهذه الأعراض الكريمة الرفيعة؟!

إن الذي يحفظ هذه الأعراض، ويصونها ويدافع عنها هو فقط حكم الإسلام الذي يعرف مكانتها وكرامتها، وبدون ذلك تبقى هذه الأعراض والدماء تسفح وتنتهك في كل يوم، بل في كل لحظة تمر على المسلمين دون وجود خلافة راشدة تطبق حكم الله بحق هذه الدماء والأعراض، وحتى نقف على هذه الحقيقة العظيمة سنبين ذلك من جانبين الأول: بعض النصوص الشرعية التي بيّنت هذا الجانب العظيم، والثاني: كيف حافظ المسلمون على هذه الدماء والأعراض في ظل حكم الإسلام، وكيف يجب أن يحافظوا اليوم؟!!     

أما ما يتعلق بالنصوص الشرعية؛ فانه ليس أدل على حرمة الدم المسلم وعرضه من حديث المصطفى عليه السلام -وهو يطوف بالبيت الحرام ( الكعبة )، فيقف أمامها مخاطباً قائلاً- : "ما أعظمك، ما أعظم حرمتك ما أطيبك ما أطيب ريحك !!، والمسلم أعظم حرمة عند الله منك ؛ دمه وماله وعرضه، وإن يظنّ به إلا خيراً .. " رواه ابن ماجه في سننه، وحديثه صلى الله عليه وسلم : ".
لزوال الدنيا أهون عند الله تعالى من قتل امرئ مسلم بغير حقّ !! " سنن الترمذي

.. نعم ... إن حرمة المسلم ؛ حرمة دمه وعرضه عظيمة لا توازيها حرمة أبداً عند الله تعالى، لذلك أنزل الحق تعالى في هذه الشريعة الهادية ؛ شريعة الإسلام أحكاماً شرعية لصيانة هذه الحرمات من أي اعتداء، وجعلها في مكمن وحصن حصين، وجعل عقوبة رادعة زاجرة لكل من تحدثه نفسه باختراق هذا الحصن بالاعتداء أو التشهير أو غير ذلك؛ منها قتل القاتل، او المشارك به ...

قال تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنثَى بِالأُنثَى .. } ( البقرة / 178 ) وقال : { وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا } ( النساء / 93 ) ومنها أيضا رجم الزاني أو وجلد المتحدث في الإعراض دون بينة قال تعالى: { الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ } ( النور /2 ) وقال : { وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ } ( النور / 4 ) .

لذلك كله فهم المسلمون قيمة هذه الحرمات فصانوها حق الصيانة، وحافظوا عليها من أي اعتداء خارجي أو داخلي لدرجة إعلان الحرب والنفير العام حتى لو تعلق الأمر بمسلم واحد من رعايا الدولة!!.. فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يجهز الجيش داخل المدينة، ويحاصر بني قينقاع لمجرد استغاثةٍ أطلقتها مسلمة واحدة من سوق المدينة في بني قينقاع، ولم يقبل الرسول عليه السلام منهم قولا ولا اعتذاراً حتى أجلاهم عن آخرهم من المدينة انتصاراً لهذه المسلمة المستغيثة!! ...

وهذا المعتصم بالله العباسي يهتزّ جسمه غضبا، عندما بلغه خبرُ اعتداء الروم على مسلمة وأبنائها في حدود الدولة في بلدة زبطره، فأمر على الفور بتجهيز الجيش فكان أوله عند زبطرة وآخره عند بغداد، فانتصر للمرأة وأدّب الروم تأديباً رادعاً زاجراً فيه معنى العزة والقوة، وفيه معنى تعظيم الأعراض والدماء المسلمة !!

وفي هذا قال أبو تمام أبياتاً جميلة من الشعر منها :

لـو لـم يقد جحفلاً يوم الوغى لفدى    مـن نـفسه وحدها في جحفلٍ لجبِ
رمـى بـك الله بـرجيها فـهدمها         ولـو رمـى بك غير الله لم تصبِ
أجـبته مـعلناً بـالسيف مـنصلتاً         ولـو أجـبت بغير السيف لم تجبِ
حـتى تـركت عمود الشرك منقعراً      ولـم نـعرج عـلى الأوتاد والطنبِ

وهذا أيضاً السلطان المظفر ( أبو المظفر ) صلاح الدين الأيوبي رحمه الله، يزأر ويزمجرُ عندما بلغه خبر اعتداء الصليبي أرناط -حاكم الكرك- على قافلة الحج وأسره لبعض المسلمات، فقال قولته المشهورة والله لأذبحهنّ أرناط بحدّ السيف هذا، وفعلاً برّ بقسمه رحمه الله، فأسر أرناط- في معركة حطين- واستعاد المسلمات الأسيرات من قبضته، وبرّ بقسمه حيث ذبح هذا الصليبي بحد سيفه كما تُذبح الأنعام، ولم يقبل فيه فدية ولا شفاعة!! ..

إن مثل هذه الأحكام والوقائع -في تاريخ المسلمين- لتذكرنا بما نحن فيه من بلاء عظيم؛ حيث يتجرأ هؤلاء البغاة من رويبضات الحكام على دماء وأعراض وأموال المسلمين، وكأنها لا قيمة لها ولا وزن ولا حرمات!! .. فهذا حاكم سوريا العلوي ألنصيريّ الكافر يقتل المسلمات في دير الزور وبانياس ودرعا وحمص، ويمثل بجثثهن بعد اغتصاب بعضٍ منهن على أيدي همجيته من الحرس الجمهوري، أو الأمن المركزي أو غيرهم من حواشي وعملاء، ويضع المئات من هؤلاء المسلمات في الأسر؛ فيعذبن ويغتصبن ويمتهنّ ... فتنادي تلك المسلمات بأعلى صوتهن واإسلاماه.. وامعتصماه.. واصلاحاه..واخليفتاه..  فلا يجيبهن أحد!! ....

أما الرجال فإن عصابات النظام السوري الإجرامية تنكّل بهم تنكيلاً لم يشهد التاريخ الإنساني شبيهاً ولا مثيلاً له؛ حيث يُعذّب الأسرى تعذيباً يُفضي إلى الموت، بعد تكسير العظام وتهشيمها، وتقطيع الأعضاء والتمثيل بالجسد، ومن يبقى على قيد الحياة بعد ألوان التعذيب يطلقون عليه الرصاص فيقتلونه- صبراً- بدم بارد وهو موثوق اليدين والرجلين!!..

لقد بلغ عدد القتلى أكثر من ألف وأربعماية مسلم في أرض الشام التي اختارها الله من كل أرض، ومدحها ومدح أهلها وقال عنهم: أنهم خيرته من خلقه يجتبيهم إلى خيرته من أرضه، فقال عليه السلام : "بينما أنا نائم رأيت عمود الإيمان، رأيت عمود الإيمان رفع من تحت وسادتي فاتبعته بصري فحمل إلى الشام، ألا وان الإيمان حين تكثر الفتن في الشام) رواه البزار وصححه ..

وقال : " لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق، لعدوهم قاهرين، لا يضرهم من خالفهم، ولا ما أصابهم من لأواء حتى يأتيهم أمر الله وهم كذلك، قالوا يا رسول الله وأين هم ؟ قال: ببيت المقدس وأكناف بيت المقدس) -أي بالشام- رواه احمد في مسنده

وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه عن النبي عليه السلام، قال الله تعالى:(يا شام أنت صفوتي من بلادي وأنا سائق إليك صفوتي من عبادي..)، أخرجه ابن عساكر

شيبة وروى أحمد والحاكم غي المستدرك وصححه عن زيد بن ثابت قال: كنا حول رسول الله صلى الله عليه وسلم نؤلف القرآن من الرقاع إذ قال "طوبى للشام. قيل له: ولم؟ قال: إن ملائكة الرحمن باسطة أجنحتها عليهم

هذا ما يفعله المجرمون من حكام سوريا في أرض الشام، عندما خلت من أحكام الإسلام ومن خليفة المسلمين الذي يطبّق أحكام الله بحق الأعراض والدماء .. وهذا ما يفعله باقي حكام المسلمين في باقي البلاد بحقّ حرمات الله وحرمات عباده المؤمنين!! ..

فأين خليفة المسلمين ينتصر لأعراضٍ قد انتهكت ودماء قد سفحت وسفكت جهاراً نهاراً ؟! أين الإمام –الجُنّة- الذي يقاتل من ورائه ويُتقى به من أجل حماية مقدرات المسلمين وحرماتهم ؟!

إن حال المسلمين سيبقى على هذا الحال حتى يمنّ الله عليهم بحكم الإسلام في ظلّ دولة الإسلام التي تعرف قيمة الحرمات والأعراض .. فان الإسلام وحده هو الذي يعرف قدر المسلم وقيمة وحرمة عرضه ودمه . قال عليه السلام : "الإمام جنة يقاتل من ورائه ويتقى به " رواه مسلم

وقال عليه السلام : " السلطان ظل الله في أرضه، إليه يأوي كل ضعيف ومظلوم ... " كنز العمال

وقال عليه السلام: " الإسلام والسلطان أخوان توأمان لا يصلح واحد منهما إلا بصاحبه فالإسلام أس‏ والسلطان حارث، وما لا أس له يهدم وما لا حارث له ضائع"‏.‏
رواه الديلمي عن ابن عباس‏ ، انظر كنز العمال 141613

وقال القلقشندى رحمه الله: (الخلافة حظيرة الإسلام، ومحيط دائرته، ومربع رعاياه، ومرتع سائمته، والتي بها يحفظ الدين ويُحمى، وبها تُصان بيضة الإسلام، وتسكن الدهماء، وتقام الحدود فتمنع المحارم عن الانتهاك، وتُحفظ الفروج فَتُصان الأنساب عن الاختلاط، وتُحصن الثغور فلا تطرق، ويُذاد عن الحُرَمِ فلا تُقرع).

إن في هذه المعاني العظيمة من شريعة هذا الدين لرسالةً لكل غيور على أعراض المسلمين ودمائهم من أهل القوة والمنعة؛ من أبناء الجيوش الأبرار في سوريا واليمن ومصر وغيرها، ليقفوا وقفة عزّ ونصرة لأخواتهم المسلمات بالانقضاض على هؤلاء الرويبضات، وأخذ زمام الأمور من أيديهم، وإقامة حكم الله تعالى حكم الإسلام، والاقتصاص من كل مجرم تطاول على عرض مسلمةٍ أو مسلم. ... فأين من تغلي في عروقه دماء العزة والإباء؟! .. أين أحفاد المعتصم وصلاح الدين؟! .. أين الأغيار الأخيار من أهل الشام؟! .. أين قادة الجيوش من أهل النخوة والغيرة والشرف الرفيع؟! .. لقد آن الأوان أيها الأبرار الأغيار ... فهذه ساعة الانتصار لله ولرسوله وللمؤمنين .. هذه ساعة الانطلاق لنصرة دين الله وأولياء الله ..

{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ } ( الأنفال / 24 ) .

رابط هذا التعليق
شارك

Join the conversation

You can post now and register later. If you have an account, sign in now to post with your account.

زوار
اضف رد علي هذا الموضوع....

×   Pasted as rich text.   Paste as plain text instead

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   Your previous content has been restored.   Clear editor

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.

جاري التحميل
×
×
  • اضف...