اذهب الي المحتوي
منتدى العقاب

مقالة: تعطيل الأحكام الشرعية بخداع المصطلحات "حقوق المرأة المهضومة" نموذجاً الجزء الأول


Recommended Posts

بسم الله الرحمن الرحيم

تعطيل الأحكام الشرعية بخداع المصطلحات

"حقوق المرأة المهضومة" نموذجاً

الجزء الأول

http://www.hizb-ut-tahrir.info/ar/index.php/sporadic-sections/articles/cultural/69199.html

 

السؤال: هل فعلاً تُعتبر قضية مساواة المرأة بالرجل في الغرب قضية مصيرية، ولمن؟

 

تشكلت أُسس حركة حقوق المرأة في القرن التاسع عشر، والحركة النسوية خلال القرن العشرين، حيث كان الغرب يعتبر المرأة كائناً غير جدير بالاحترام وليس له حقوق. لذلك لا عجب أن تعمل النساء في الغرب لنيل حقوقهن باستجداء الأنظمة الحاكمة العلمانية الرأسمالية العنصرية على مر السنين، ولا زالت المرأة الغربية مضطهدة أشد اضطهاد فلم تحقق الحركات النسوية منذ قرن مضى الهدف الذي أُنشئت من أجله، لأن حقوق المرأة اختُزلت في مطالبة النساء للدولة مساواتها بالرجل في كل مجالات الحياة، فأصبحت القضية بالنسبة للحركة النسوية استهداف الرجل وليس استهداف المنظومة الرأسمالية الظالمة. ووقعت هذه الحركات في فخ النُظم السياسية وإعلامها الذي يلفت النظر بعيداً عن الأسباب الحقيقية للذل الذي تعيش فيه المرأة الغربية، وهي أسباب مرتبطة بالدرجة الأولى بفشل النظام الرأسمالي الوضعي في رعاية شؤون المرأة والرجل أيضاً، والتغطية على ذلك لخداع المرأة والرجل بحجة أن الدولة مهمتها أن تحافظ على الحريات فتُرك الناس لأهوائهم؛ ففي المبدأ الرأسمالي الدولة أولوياتها فقط المصلحة فإن لم تستفد الدولة من المرأة اقتصادياً فلن تكون قضية مهمة ما لم تجلب للمنظومة الاقتصادية العلمانية الربح المادي، وذلك الوضع نفسه بالنسبة للرجل، وطبيعي أن تعم الفوضى عندما يُترك النظام والأفراد والمجتمع لنظام الكفر بدون تحكيم العقل في وجود الإنسان في الدنيا والخلق والخالق عز وجل؛ فذلك وحده يُرشد الإنسان إلى الطريق المستقيم؛ وإلا فالمشاعر والغرائز تتحكم والمادة والمصلحة تحكم؛ وهذا ما حصل... فأين الحريات وأين الإنسان الغربي اليوم؟ فحرية الاعتقاد تحولت إلى إلحاد وكفر وشذوذ وقسوة واحتقار الإنسان لأخيه الإنسان بحسب لونه أو دينه أو عرقه، وحرية التملك أصبحت منافسات شرسة وملاحقات أنانية ومعاملات ربوية آذت الناس وجعلت المشاحنات بينهم لتحصيل أكبر قدر من المصالح على حساب القيم الإنسانية والأخلاق المستقيمة هو السائد، وأما حرية التعبير فتحولت إلى مجرد تنفيس عن الغضب، وحرية الرأي كذلك، فإن لم تكن مؤثراً في زيادة أموال ورفع اقتصاد الدول الرأسمالية وضمان حياة مرفهة "للرجل الأبيض" فليس لك كلمة نافذة، فمن كان مظلوماً عليه إنشاء حركات ومنظمات ترفع مظلمته ثم تنتظر لسنوات، فالقوانين البشرية لا تستوعب معالجة الأوضاع إلا بعد وقوع المشكلات وليس لمنعها من الأساس. والتناقض أن المجرم هو القاضي والجلاد فالمنظمات النسوية "المستقلة" تُلحَق بمنظمة الأمم المتحدة التابعة للدولة... كما توفر تمويلاً لهذه الشبكات النسوية الأخطبوطية التابعة لها والتي تتحرك فقط في نطاق ما تسمح به المنظومة الرأسمالية في الغرب أو خارجه. ومن التناقض أيضا أنه في الغرب بجانب الحركة النسوية التي تعمل ضد تسليع المرأة ويسمح لها القانون بذلك، تعمل آلة إعلامية ضخمة تروج للتجارة بأعراض النساء الغربيات وتديرها شركات رأسمالية استثمارية ضخمة لرجال الأعمال الأثرياء الموالين للنظام، وتدر هذه الشركات ملايين الدولارات على الاقتصاد في البلاد الغربية، ولا يرى القانون أو الدستور أو النظام ضرراً في ذلك، بل يستفيدون من المرأة مادياً وهذا عند الكافرين قمة "التحضر"!

 

هكذا نجد أن قضية المرأة الغربية تكتسب بعض الأهمية المصطنعة (كأهمية قضايا "الأقليات" الأخرى في الغرب) لأنها توجه غضب النساء على الرجل في المجتمع بدلاً من توجيهه إلى الوجهة الصحيحة والتي هي منظومة الدولة الرأسمالية الكافرة - المجرم الحقيقي في استغلال المرأة للكسب المادي والمتع الجسدية - فهذه هي النظرة الوحيدة للمرأة في منهج الغرب.

 

وهنا نتساءل: هل القضية قضية تحرير المرأة من عبودية الرجل أم هي التحرر من العبودية لنظام الكفر؟

 

إن هذه المنظومة الرأسمالية تجعل ممن يرفعن شعار التحرر من عبودية المرأة للرجل أو تحرير المرأة والمساواة بالرجل مجرد أضحوكة، وقد جعلت من قضيتهن فأر تجارب يدور في عجلة في معمل مهجور يتعب من الركض ولا يصل إلى أي مكان أبداً!! والأسوأ أن المرأة الغربية قد صدّقت خدعة النظام الرأسمالي بأنه يوفر لها "حريات" لتفعل ما تريد كيفما تريد، بينما هو الذي يملي عليها أن تخلع ملابسها ليبيع عِرضها للمتفرجين مقابل الأموال للدولة على أنه قمة التحرر وقمة المساواة (جسدها ملكها تتعرى كما تشاء، سواء أكان في مواقع الدعاية والإعلان أم في المواقع الإباحية)، والمستفيد الأول هو الدولة ثم الرجال في المجتمع في كل الأحوال. ولن يتذكر التاريخ لعامة النساء في الغرب إنجازات غير الفجور والانحلال والتعري من جهة والاسترجال ومصارعة الرجال على المناصب والأعمال من جهة أخرى، وإن ظهرت هذه النماذج على أنها "عارضة أزياء جمالها صاروخي" أو "ناشطة حقوقية" تهتم لحقوق المرأة وتحارب من أجل نساء العالم! فالاثنتان هما مجرد أدوات:

 

فإذا نظرنا إلى حال المرأة في الغرب نجد حياة النساء الغربيات حياة شاقة قاسية بعكس ما يروج في الإعلام وتضليل الناس لتجميل هذه الحياة القبيحة، فالواقع أن المرأة في الغرب أصبحت مطالبة بأكثر مما تستطيع المرأة تحمُّله، فهي تعمل في كافة مجالات العمل وتؤدي أعمال الرجال على أساس المساواة مع الرجال والاستقلال المادي و"تمكين المرأة" و"تفعيل دورها النهضوي في المجتمعات"، وهو في حقيقته إجبار من الدولة لهن على الإنفاق على معاشهن في بيئة تسمح بالاختلاط المطلق بين الرجال والنساء، ونتيجة للأزمات الاقتصادية الرأسمالية الطاحنة تردت أوضاع النساء الغربيات ليعملن في بيع أجسادهن لشركات الدعاية والإعلان، ونتج عن ذلك تسليع جسد المرأة واستغلالها في الدعاية والإعلان والأزياء والتجميل والدعارة المدفوعة الثمن بموافقة النظام، وكانت النتيجة استرخاص النساء وهوانهن فازدادت الجرائم ضدهن وصرن يتعرضن للتحرش والعنف حتى من أقرب الناس إليهن، بسبب استفزاز الرأسمالية المستمر والضغط على الإنسان أن يعيش حياة الكفر واختلاط الأدوار بالنسبة للرجل والمرأة، واستفزاز المنظومة النسوية للرجل وتشويه المجتمع ونعته بالمجتمع الذكوري والطعن المستمر في معنى الرجولة وتحدي الرجل ومنافسته في حقوقه وملاحقته قانونياً لصالح المرأة التي - كالرجل الغربي - أصبحت تعربد وتدمن المخدرات وتشرب الخمر وتنتحر لأنها غير سعيدة ومحاطة بمجتمع لا يحترمها ودولة لم تقدم لها غير حياة رخيصة؛ حياة العهر والإلحاد والأمراض الخطيرة؛ حياة لا تفهم المرأة فيها أنوثتها إلا في نطاق نظرة الأفراد والمجتمع والدولة الجنسية إليها! وكانت الضربة القاضية للمرأة في الغرب أن سلبتها هذه الدعوات العلمانية التي تدعو لمساواتها بالرجل، سلبتها أغلى ما تملكه المرأة وهو الأمومة، ففي الإعلام الغربي الأم في الغرب لا وزن لها لأنها لا تعود على الدولة بالربح المادي فعليها تحمل المسؤولية لوحدها، بالتالي الأمهات غير راضيات عن دورهن في إنشاء أسرة والقيام بأعباء أطفالهن المادية التي أثقلت كواهلهن، فالدولة لن تنفق على المرأة غير العاملة، وليس للدولة نظام يردع الزوج ويلزمه بنفقة الأم والأولاد في حالة الطلاق، ولن ترجع إلى بيت أبيها الذي تركته في عمر الثامنة عشر أو طُردت منه. تُترك المرأة للظروف وللأزمات الاقتصادية. وغالبية النساء الغربيات لا يفكرن في تكوين أسرة وفي الإنجاب خوفاً على جمالهن، لكن لا يمانعن إقامة علاقات متعددة، ووفقاً لمفاهيم "الجندرة والنوع الاجتماعي"، هذه العلاقات مع النساء أو مع الرجال، فالمرأة مستباحة من عمر صغير، فالدولة تبيح الزنا في سن الثانية عشرة، لا يضيرها أن يكون ابنها لقيطاً لا يعلم نسبه أو أن يتربى بدون أب أو أن تكون الأسرة من امرأة وأخرى أو من رجل ورجل لتربية أطفال معقدين مشوشين في أسرة غير طبيعية.

 

فالأغلبية من النساء في الغرب يعانين من عدم وجود دور حقيقي للرجل في حياتهن، إلا في الأفلام الأمريكية التافهة، ومن كل الأعمار وفي كل أطوار حياتهن؛ خُلق الرجل الغربي ليكون السوبرمان في أذهان الشقراوات وجيمس بوند، ولكنه على أرض الواقع الخائن والمغتصب وآلة القتل الذي لا تستطيع المرأة الاعتماد عليه. فحقوق المرأة الطبيعية مهدورة فلا حق لها في قوامة الرجل عليها ولا شيء يُلزم الرجل بالمسؤولية تجاهها وتجاه أطفالها، ولا حق لها في رعاية ولا ولاية أمر، ليس لديها مُحرم مجبور عليها لا والد ولا زوج ولا ابن ولا عم ولا خال، وليس هناك مفهوم صحيح ومحدد عن مؤسسة الزواج والأسرة، فالمرأة والرجل في الغرب يتساوون في الإنفاق، وفي تحقيق أكبر قدر من المتع الجسدية، بالتالي لا يوجد رب للأسرة، كل ذلك جعل المرأة مستباحة يضربها صديقها أو زوجها السكير الأحمق الذي يعيش لرغباته، وإن خرجت للشارع فهي معرضة أن يغتصبها مجرم هنا أو هناك، إنجازاتها صفر إن لم تكن إنجازات اقتصادية ومادية، غالبا تموت وحيدة بعد أن يتركها أولادها... هذه هي حياة المرأة الغربية التي تُوصف إعلامياً بأنها حياة التقدم والحرية والمرأة القوية في بلاد الديمقراطية!

 

وفي الحقيقة إن المرأة الغربية مهما بلغت من مناصب في الدولة ومهما بلغت ثروتها ستظل حقوقها في عيون الدولة والرجل هي حقها في الزنى والعربدة والشذوذ الجنسي والإجهاض أو أن يكون ابنها لقيطاً، وأن تفعل ما يحلو لها، وبالنتيجة لا تتحمل مسؤولياتها (فهي حرة)، ولا تقوم بدورها في تربية أجيال يقودون البشرية إلى نور الهداية، بل الأجيال الغربية الناشئة أسوأ من ذويهم في شدة الكفر وسطحية التفكير والضلال.

 

إن المرأة الغربية تائهة تلهث لتشبع رغباتها بدون ضابط ولا قائد ولا سند ليحفظ إنسانيتها وكرامتها في المجتمع وفي الدولة وفي عيون الرجل. هذا واقع المرأة الغربية الذي يرى الغرب أنه يحتاج إلى سن قوانين وضعية لتحقيق مساواتها مع الرجل الذي يعيش حياة الكفر القذرة نفسها! فالعلمانية وفصل الدين عن الحياة لن ينتج عنها إلا مثل هذه التخبطات، فالكفر هو عدو المرأة الأساسي والمبدأ الرأسمالي الكافر هو الشيطان الذي ينطق باسمه. فهل هي مثال يُحتذى به لبقية النساء؟! قطعاً لا!

 

الحقيقة أن حال المرأة اليوم - في الغرب أو حول العالم - حال مزرية في زمن يدعي زعماء السياسة أنه زمن العصرنة والحداثة والتقدم العلمي في هذا النظام العالمي الجديد (الذي طبعاً يظن أنه كفل للمرأة الغربية حقوقها ويظن أنه قادم ليضمن للمرأة المسلمة حقوقها أيضاً)، النظام العالمي الجديد الذي تديره دول الغرب الكافر بقيادة أمريكا الاستعمارية التي أُنشئت على جماجم "العبيد"، والتي تستعبد أبناءها باسم الديمقراطية وتقتلهم بالعنصرية، وتليها أوروبا الاستعمارية التي كانت أكبر سوق للمتاجرة بالرقيق في تاريخ البشرية واليوم هي أكبر سوق للتجارة بأعضاء البشر وأعراض النساء

 

والأطفال في الدعارة... بنظرة إلى العالم اليوم نجد أن هذه الأدوار لم تتغير ولم يتغير فِكر وحال النظام الرأسمالي العلماني منذ تأسيسه فهو مبدأ يحتقر الإنسانية بكل معنى الكلمة، به قُهر البشر وظُلم الناس في الغرب وحول العالم، ولم تكن لتظهر دولته الأولى أمريكا على العالم اليوم - ومنظمة الأمم المتحدة التابعة لها - لولا أن هُدمت دولة المسلمين القوية المنيعة في 1924م؛ دولة الخلافة، التي كانت تحلُم نساء أوروبا بالعيش في كنف سلطانها معززات مكرمات ومبدأ الإسلام العادل ومنهج الخالق عز وجل مطبق على المسلم وعلى الكافر، والجميع مُلزم باحترام المرأة مسلمة أو غير مسلمة، أولاً بأمر السلطان وبقوة القانون الرباني، ثم ثانياً بالتقوى والخوف من الله وروسوله عليه الصلاة والسلام.

واليوم لا زالت نساء أوروبا يحلمن بالزواج من الرجل المسلم، بل يعتنقن الإسلام بأعداد كبيرة، لأنهن يعلمن أنه سيكون قواماً على المرأة وأنه سيرعاها وسيكون لها السند الذي تثق به والقائد والمنفق ورب الأسرة الذي سيتكفل بها وبأطفالها والذي سيحافظ عليها لأنها عِرضه، بل كان ذلك رأي الجمعيات النسوية الأولى عن حال المرأة المسلمة في دولة الخلافة في تركيا بشهادة الغربيات أنفسهن، ونقتبس من مقالة "المرأة في الدولة العثمانية إبان ظهور النسوية الغربية":

"في الشوارع ترى نساء بقدر ما ترى رجالا، إن لم يكن أكثر (ذاهبات لقضاء احتياجاتهن اليومية إلخ) (...) أعتقد أني لم أرَ بلداً تتمتع فيه النساء بمثل هذه الحرية بغير لوم من المجتمع كتركيا (...) الأتراك مثال للأمم في تعاملهم مع بنات جنسنا (...) وأكررها، سيدي، أعتقد أني لم أرَ امرأة تتمتع بمثل هذه الحرية بغير لوم من المجتمع كالمرأة التركية - وأعتقد أن باستطاعتهن أن يكن أسعد المخلوقات بأسلوبهن في المعيشة". (السيدة إليزابث كرافن، رحلة عبر القرم إلى القسطنطينة، 1789م). السيدة إليزابث كرافن، الأديبة والكاتبة المسرحية من القرن الثامن عشر، دونت هذه الملاحظات عن المرأة في الخلافة العثمانية (وهي دولة إسلامية) في سنة 1789م، قبل ظهور الحركة النسوية في أوروبا وقبل ثلاثة أعوام من نشر كتاب "إثبات حقوق المرأة" لماري ولستونكرافت (سنة 1792م)، الكتاب ذي الثلاثمائة صفحة الذي سيصير حجر الأساس والنذير للحركة النسوية الحديثة) (منقول). والفضاء الإنترنتي مليء بالشهادات المختلفة عن أحوال المرأة في ظل الإسلام... والواضح أن الدول قد عملت في المئة عام الماضية على تردي أوضاع المرأة بعد أن غابت دولة الخلافة وغاب تطبيق الأحكام الشرعية في نظام الحكم عن حياة المرأة والرجل.

 

ولنا عودة بإذن الله تعالى.

 

كتبته للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

غادة محمد حمدي – ولاية السودان

تم تعديل بواسطه صوت الخلافة
رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

تعطيل الأحكام الشرعية بخداع المصطلحات

"حقوق المرأة المهضومة" نموذجاً

الجزء الثاني والأخير

http://www.hizb-ut-tahrir.info/ar/index.php/sporadic-sections/articles/cultural/70267.html

..."أما نظرة المسلمين الذين يعتنقون الإسلام مؤمنين بعقيدته وأحكامه، وبعبارة أخرى نظرة الإسلام إلى الصلات بين الرجل والمرأة، فإنها نظرة لبقاء النوع لا نظرة للناحية الجنسية، وتعتبر الناحية الجنسية أمراً حتمياً في الإشباع، ولكن ليست هي التي توجه الإشباع. ومن أجل ذلك يعتبر الإسلام وجود الأفكار الجنسية بين الجماعة أمراً يؤدي إلى الضرر، ويعتبر وجود الواقع المادي الذي يثير النوع أمراً يؤدي إلى الفساد. ولذلك جاء ينهى عن الخلوة بين الرجل والمرأة، وجاء ينهى عن التبرج والزينة للأجانب، وينهى كلاً من الرجل والمرأة عن النظر للآخر نظرة جنسية، وجاء يحدد التعاون بين الرجل والمرأة في الحياة العامة، وجاء يحصر الصلة الجنسية بين الرجل والمرأة في حالتين اثنتين ليس غير، هما: الزواج، وملك اليمين. فالإسلام يعمل على الحيلولة بين غريزة النوع وبين ما يثيرها في الحياة العامة، وعلى حصر صلة الجنس في أمور معينة." (كتاب النظام الاجتماعي في الإسلام لحزب التحرير).

 

تطرقنا في الجزء الأول من هذا البحث إلى حياة المرأة الغربية المزرية في ظل المبدأ الرأسمالي العلماني، وشرحنا واقع هذه الحياة الغربية التي تضطهد المرأة في العصر الحديث كما اضطهدتها قديماً، بالرغم عن أن الحركات النسوية القديمة والجديدة قد رفعت شعارات تحرير المرأة وتمكينها واستقلاليتها من خلال المطالبة بسن قوانين وضعية تضمن مساواتها المزعومة بالرجل، فكان ذلك هو الحل المطروح لرفع الظلم في "مجتمع ذكوري" في حدود نظرتهم القاصرة والحاقدة على الرجل مما سبب الأذية البالغة وأضر بعلاقة الرجل بالمرأة في الغرب وهدم الأسرة وتصدع النظام الاجتماعي في أوروبا وأمريكا إثر تعزيز الدولة والمجتمع للنظرة الجنسية في الصلات بين الرجل والمرأة مما أدى إلى هضم حقوقها وجعل دورها في المجتمع أن تكون سلعة تجارية رخيصة، سلعة مرغوبة إن صمتت وسعت للمتعة وقبلت بالاستغلال، ومكروهة إن طالبت بما يوافق فطرتها لتقوم بدورها الطبيعي في المجتمعات البشرية بأن تصبح أماً محترمة ضمن أسرة مستقرة يقوم فيها الرجل بدور الأب، وذلك من أبسط حقوقها وأوضح واجباتها كأنثى، أو أن تعمل وتبدع في مجتمع يقيس إنجازاتها بجمالها وليس عقلها. ولن نحتار إن أردنا البحث عن الإحصائيات الصادمة عن الجرائم القبيحة التي تُرتكب ضد المرأة في الغرب، والتي تفضح المبدأ الرأسمالي على يد أبنائه في بلاد "الديمقراطية" و"الحريات" المزعومة، فالإحصائيات تقوم بها مراكز الغرب النسوية التي تخصصت في سرد الأرقام المخيفة وتنشرها على أمل إيجاد حل على يد المنظمات النسوية (التي تمولها الحكومة الغربية ذاتها؛ "حاميها حراميها"!)، ونذكر بعضها وما خفي كان أعظم، منها:

 

انهيار الأسرة، والطلاق، والحمل سفاحاً، والإجهاض، والانتحار، والإدمان، والشذوذ، والأمراض الجنسية، وأشكال العنف والتعنيف والضرب، وإدمان الخمر والمخدرات، والإرهاب، والعنصرية، والاغتصاب نتيجة تكثيف الترويج لثقافة العهر والتعري في الدعايات والإعلان، والزنا وزنا المحارم، والتعرض للإذلال، والتحرش، والابتزاز بسبب العمل المختلط مع الرجال بدون ضوابط ولا قيود، والعمل في الدعارة، والعيش وحيدات مع أطفالهن بدون نفقة، فلا راعي ولا ولي ولا محرم مسؤول عنها ولا حاكم، عقوق وهجر ومعاناة نفسية وفقر وضلال وضياع الأنساب واختلاطها... وهذا غيض من فيض والتفاصيل بالنِّسب في الروابط التالية، علماً أن بعض الإحصائيات من سنوات سابقة وهي حاليا في ازدياد مستمر.

 

حقائق وإحصائيات تفضح واقع المرأة الغربية

 

أرقام فظيعة عن حياة المرأة الغربية

 

... وحدث ولا حرج!!

 

فاليوم الغربيون علمانيون يفصلون الدين عن الحياة والسياسة ويفصلون الله تعالى عن عيشهم جبراً وفرضاً عليهم بواسطة النظام الحاكم الرأسمالي العلماني، ويتساوى في ذلك أصحاب العقائد المختلفة، ويتساوى عندهم كل الناس في العيش على أساس الكفر (النظام العالمي الجديد). فذلك المبدأ يستند في وجهة نظره في الحياة على فصل حقيقة وجود خالق للإنسان والحياة والكون وخالق المخلوقات جميعا، الله سبحانه تعالى، فيتجاهل هذه الحقيقة ثم يتجاهل أن الله تعالى قد أرسل الرسل والأنبياء عليهم السلام، وبطبيعة الحال يتجاهل أن سيدنا محمد ﷺ هو خاتم الأنبياء، كما ينفي هذا المبدأ تماماً أن السبب الأساسي للخلق هو عبادة الله تعالى وأنه سبحانه وتعالى وحده له الحق المطلق في التشريع وسن القوانين الربانية لتنظيم ومعالجة حياة البشر، فينكر أن القرآن والسنة هما مصدر ذلك التشريع، وهذا معنى فصل الدين عن الحياة؛ هو فصل التشريع الرباني عن رعاية شؤون الناس وأمورهم الحياتية واستبدال آراء وأهواء الناس به، ويَزعم أن ذلك - وهو قمة الضلال والتضليل - حرية وتقدُم وحداثة وعولمة ونظام عالمي فرضوه بالقوة على البشرية بسبب ضعف المسلمين وغياب دولتهم الإسلامية، فالمبدأ الرأسمالي يسيطر على العالم اليوم ولكن لن يستمر ذلك للأبد، فللإسلام دولة وهي دولة منيعة دولة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة التي ستعود قريباً بإذن الله تعالى.

 

وهنا يتساءل القارئ إن كان هذا حال الغرب الكافر المستعمر الذي لا يختلف عليه اثنان! فلماذا تسير بلاد المسلمين على نفس هذا الطريق المظلم بحجة أن الغرب "متقدم تكنولوجياً" و"متحضر أخلاقياَ" وهو أبعد ما يكون عن ذلك؟ وإن كان هذا حال المرأة الغربية فلماذا تضغط الحكومات والمنظمات المدنية والحقوقية على الشعوب في بلاد المسلمين بأن تسن قوانين علمانية تفتح أبواب الانحلال لإفساد المرأة المسلمة وانهيار الأسرة وضرب علاقة الرجل بالمرأة؟

 

فعلاقة المرأة بالرجل في بلاد المسلمين علاقة محددة بالشرع ومستقرة ولم يسجل التاريخ منذ بزوغ فجر الإسلام وتحكيم شرعه في الدولة الإسلامية؛ دولة الخلافة الإسلامية - والتي حكمت بالدستور والقوانين الإسلامية لأكثر من سبعة قرون - في عصر تطبيق الأحكام الشرعية ونظام الإسلام الرباني سياسياً واقتصادياً واجتماعياً لم تسجل أي إحصائيات فظيعة لجرائم مخيفة ضد المرأة كما رأينا في عصر الحكم الرأسمالي الغربي الوضعي! بل بالعكس، لقد نهضت البشرية بالإسلام وازدهرت المجتمعات الإسلامية وغير الإسلامية، في مختلف ولايات الخلافة داخلياً وخارجياً - فعندما حكم الإسلام العالم بدولة المسلمين التي وحدتهم ووحدت النظام الحاكم تحت راية الإسلام وتحت إمرة خليفة المسلمين الواحد وجيشه العرمرم الذي لا يهزم والذي تحرك لحماية المرأة المسلمة أينما كانت، وقد تقدمت هذه المجتمعات وازدهرت بشهادة التاريخ بمشاركة المرأة المسلمة في جميع المجالات؛ الاقتصادية والسياسية والتعليمية والاجتماعية، وفي المجال الطبي والحياة العملية، وذلك لأن المرأة والرجل بمختلف عقائدهم كانوا يعيشون في كنف الحياة الإسلامية السعيدة التي أساسها الحكم بما أنزل الله، ووفقاً لأحكام الإسلام في الدولة تحقق للبشر رعاية الشؤون الحياتية بشكل غير مسبوق! حتى غير المسلمة في الغرب كانت تتوق لتعيش حياة المرأة المسلمة المحترمة وكانت تلبس ثوب العفاف والحشمة، فتاريخ البشرية يزخر بأسماء المسلمات اللواتي غيرن مجرى تاريخ البشرية مُربيات القادة الأفذاذ والحكام والخلفاء بدءاً من أمهات المؤمنين مروراً بزوجات الحكام وأمهات المسلمين، منهن الفقيهات والطبيبات والمُعلمات ومن عملوا بل وأسسوا الجامعات والجمعيات والمشافي، ولا يحتار القارئ إن بحث عن إنجازات المرأة المسلمة قديماً وحديثاً والتي ساهمت بشكل فعال في نهضة العالم نهضة حقيقية ولم تَحْتَجْ لبيع جسدها لذلك! فلم يَجُع الناس ولم يَسُدِ العالمَ الفجارُ الظالمون المجرمون الكفار وأذنابهم ومن أحبوا أن تنتشر الفواحش والشذوذ والانحراف! فالاستعمار الغربي قد جلب معه الخراب لبلاد المسلمين منذ أن سقطت دولة الخلافة في 1924م.

 

ونعود للإجابة على التساؤلات أعلاها بأن الأنظمة الحاكمة الحالية في بلاد المسلمين مجرد نواطير لهذا الغرب الكافر المستعمر، وهم جزء من الحرب الشرسة التي يشنها هؤلاء المجرمون على الإسلام والمسلمين ولا يهمهم الرجل المسلم، ويستهدفون المرأة المسلمة ليضربوا بها الإسلام لتعطيل أحكامه وإحلال قوانينهم ومواثيقهم بدلاً عنه بنشر ثقافتهم وفرض حياة الغرب القذرة على المسلمين بالقوة العسكرية في عقر دارهم بحجة "الحريات" و"الحرب على التطرف والإرهاب" و"حقوق المرأة المهضومة"؛ فالإسلام "رجعي" والزمن تغير والمتخلفة من لا تواكب التغيير فتتعرى وتسترجل وتتخلى عن أهلها وزوجها وأمومتها وعن أسرتها وتتمرد على أحكام الإسلام لأنه "يضطهد المرأة" وأن المجتمع المسلم "مجتمع ذكوري"!! والحقيقة أن ثروات المسلمين تُنهب وسياسة الغرب هي إفقارهم وانتهاك أعراضهم وتنغيص حياتهم بإبعادهم عن دينهم، ويعملون باجتهاد لفك ارتباطهم وضرب علاقتهم مع الله تعالى خالق الإنسان والحياة والكون عز وجل وإقصاء أحكامه الشرعية بتشويه القرآن الكريم وإقصاء سنة رسول الله ﷺ، ليعجزوا عن تسيير أمور دنياهم وفق الأحكام الشرعية السمحة لتتوافق عقيدتهم وحياتهم في الدنيا وتكون حياة إسلامية فيفوزوا برضا الله تعالى والجنة مع رسول الله عليه الصلاة والسلام في الآخرة، وهدفهم من ذلك أن ينتشر بين أبناء وبنات المسلمين الكفر فيكفروا كما كفروا ويشركوا ويلحدوا وينتحروا وتتفسخ مجتمعاتهم وتتفسخ أسرهم وتموت أجيالهم بهدم أساس الحصن الحصين للمجتمعات البشرية؛ المرأة! قال تعالى في سورة النساء: ﴿وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً فَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِيَاءَ حَتَّى يُهَاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَإِن تَوَلَّوْا فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيّاً وَلَا نَصِيراً﴾.

 

فالإجرام والضرب والإهانة والتهميش والضياع نتيجة حتمية للعيش على مبدأ الكفر الذي يبيع الأوهام ويستغل الإنسان في مصالح مادية تحققها الطغمة الحاكمة وطغمة رجال الأعمال، وبكل بجاحة يهين الغربيون الرأسماليون دعاة الحريات والفواحش المرأة الغربية ويعملون لتخلع المرأة المسلمة ثوب الإسلام لتلبس ثوب استعباد المرأة بالرأسمالية الحاسدة الحاقدة، قال تعالى في سورة البقرة: ﴿وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّىٰ يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾.

 

وقد تتغير بعض أفكار ومفاهيم المرأة المسلمة لتتبع منهج الشيطان الغربي لكن سرعان ما تعود المرأة المسلمة إلى المطالبة بالإسلام، ويكفي أن تقرأ قصص "السيداويات التائبات" عن انخراطهن في الجمعيات النسوية المشبوهة التي انتشرت على يد الأنظمة الجبرية التي تطبق الدساتير والقوانين والمعاهدات والمواثيق الغربية "الدولية" و"العالمية" على المسلمين مقابل الحفاظ على كراسي الحكم وخدمة لأسيادهم، كاتفاقية "سيداو" (اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة) التي لا تتحدث عن مشاكل المرأة الحياتية الحقيقية كمنع ورفض السياسات الرأسمالية التي تسببت في المجاعات المفتعلة والحروب المصطنعة في بلاد المسلمين ليستحوذ الغرب ويحتكر الثروات النفطية والمعادن النفيسة والأراضي لصالح الاستعمار والعملاء واستثماراتهم الرأسمالية وسباق التسليح والمتاجرة بالمرأة والطفل من قِبل القوات الأممية والاغتصاب والدعارة والتشرد والطلاق والهجر والاغتراب والقيام بدور الرجل للعمل وكسب الرزق وتربية أيتامها ولجوئها للتسول لتحصيل لقمة العيش وصعوبة الحياة والحرب على المياه التي تسببت بعطش المرأة والرجل والغلاء الفاحش للسلع الأساسية! لا يناقشون هذه المصائب التي تسبب فيها الحكم بالمبدأ الرأسمالي الذي وضعه أقذر البشر وحثالة المجتمعات البشرية - الغرب الكافر المستعمر - بل يختزلون جرائمهم ضد المرأة فيما يزعمون أنها المشكلة؛ "مساواة المرأة بالرجل" لتتحول إلى شماعة للحرب على الإسلام وعلى المرأة!

 

هكذا يتلاعب الكفار وأذنابهم بعقول المسلمين والمسلمات بشتى الأساليب، إعلامياً وثقافياً وقانونياً، وينشرون الرذيلة والكفر في مناهج التعليم ويتحكمون بأدق تفاصيل شؤون الناس الخاصة كأفراد ومجتمع ليبقى أعداء الإسلام هم السادة وهم أصحاب اليد العليا للسيطرة على العالم لتدميره وللانحدار بالبشرية إلى أسفل سافلين! كل ذلك لتعطيل الإسلام وتعطيل تطبيق شرع الله تعالى وإبعاد المنهج الرباني عن الوجود وبالتالي تعطيل عيش الإنسان حياة إسلامية راقية ومرفهة ومطمئنة وسعيدة وآمنة بتطبيق الأحكام الشرعية في الدولة والحكم، وهذا الخير ينتشر ليعم جميع البشر كما كان من قبل.

 

ويعلم الناس حول العالم - مسلمون وغير مسلمين - أن الإسلام قد كرم المرأة بسترها وبجعل الرجل - إن كان والدها أو زوجها أو جارها أو من أقربائها - جعله قواماً عليها، بل وفرض على الخليفة حاكم المسلمين ورأس الدولة أن يقوم برعاية شؤونها وأن يحميها وأن يحرك جيشه من أجلها، فالإسلام قد جعل المرأة عِرضاً يجب أن يُصان؛ هذا المفهوم - مفهوم احترام المرأة وتقديرها وتكريمها وتسهيل حياتها لأداء دورها الأساسي في تربية الأجيال وفقاً للشرع وضمان استمرارية رعايتها من قِبل الرجل والمجتمع والدولة كما فرض الله تعالى عليه ذلك وأوصى به سيدنا رسول الله ﷺ يعمل على تقوية صلتها مع خالقها عز وجل - هذه المفاهيم: العفة والكرامة والرعاية والاحترام والمودة والسكن هي مفاهيم معدومة عند الكفار!

 

وعلى ذلك يكون قانون الكفر في بنود "سيداو":

 

المادة (1) تنص على التماثل والتطابق التام بين الرجل والمرأة وإلغاء الفروق بينهما.

 

المادة (5) وتنص على تغيير الأنماط الاجتماعية والثقافية لسلوك الرجل والمرأة، بهدف تحقيق القضاء على التحيزات والعادات العرفية وكل الممارسات الأخرى القائمة على الاعتقاد بكون أي من الجنسين أدنى أو أعلى من الآخر، أو على أدوار نمطية للرجل والمرأة (الجندرة).

 

المادة (16) مطالبة الدول أن تتخذ جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضد المرأة في كافة الأمور المتعلقة بالزواج والعلاقات العائلية، وبوجهٍ خاصٍ أن تضمن على أساس المساواة بين الرجل والمرأة في عقد الزواج ونفس الحقوق والمسؤوليات أثناء الزواج وعند فسخه، ونفس الحقوق والمسؤوليات فيما يتعلق بالولاية والقوامة والوصاية على الأطفال.

 

وذلك في مخالفة صريحة لأحكام شرعية في الإسلام والهدف "تحرير" المرأة المسلمة من "قيود" الإسلام واستغلالها جنسياً واقتصادياً كالمرأة الغربية، وتسهيل الانحلال في المجتمعات المسلمة وضمان تفكيك الأسرة المسلمة، فالمادة تعني:

 

أ) إبطال منع المسلمة من الزواج بغير المسلم.

 

ب) إلغاء تعدد الزوجات، من باب التساوي بين الرجل والمرأة.

 

ج) إلغاء العدة الشرعية للمرأة في حالتي الطلاق ووفاة الزوج لتتساوى بالرجل الذي لا يعتد بعد طلاق أو وفاة زوجته.

 

د) إلغاء مبدأ الولاية على المرأة لتتساوى مع الرجل، وهذا مخالفٌ لما قررته السنة النبوية من إثبات الولاية على المرأة التي لم يسبق لها الزواج.

 

هـ) إلغاء مبدأ قوامة الرجل على المرأة.

 

إذاً على المرأة المسلمة الخروج من بيتها للعمل وأيضا تحمّل أعباء الأسرة والتنافس في المجتمع مع الرجال والتعب والكد تماماً كالزوج الذي أصبح غير مُلزم برعايتها وهي غير ملزمة بطاعته ليصبح مجرد "طرطور في البيت!" ليتخلى تدريجياً عن مسؤولياته الشرعية كرب للأسرة وهي تترك تربية أطفالها وأمومتها وتصبح متمردة تخرج وقت تشاء وتصاحب من تشاء. ومنهن من تقرر قضاء حياتها بدون زواج لأنها لا تريد التقيد برجل... كل ذلك لتحقيق استقلاليتها عن الرجل ومساواتها به لتزعم أنها حرة وأنها نالت حقوقها! مما جعل حياة المرأة وحياة أسرتها عذاباً ويجعلها حياة غير طبيعية، فارتفعت معدلات الطلاق والعنوسة وارتفعت معدلات العنف ضد المرأة متمثلاً في تحميلها ما لا طاقة لها به بينما أهملت واجباتها الأساسية.

 

فالله سبحانه وتعالى خلق زوجين؛ الذكر والأنثى، قال تعالى: ﴿وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالأُنْثَى﴾ [سورة النجم: 46]، وقال تعالى: ﴿فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنْثَى﴾ [سورة آل عمران: 35-36]، وقال تعالى: ﴿ولا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ﴾ [سورة الأحزاب: 35]. فللمرأة دور وللرجل دور مختلف حددهما الله تعالى خالق المرأة وخالق الرجل. ويضمن النظام للمرأة القيام بدورها على أكمل وجه في بيئة مناسبة لا يزعجها فيها أحد، فأجاز الشرع للمرأة الخروج للعمل بضوابط شرعية وهيأ لها الأوضاع بأن تعمل بين النساء وفصل عنها الرجال لتجتمع بهم فقط وفقاً لهذه الضوابط، ووفر الإسلام للمرأة الأمن والأمان ووقاها شر الجرائم التي تصبح أمراً صعباً وليس مُستَسهَلاً كما هو الآن، كما سترها الإسلام بانفصال الجنسين ومنع الاختلاط والخلوة، ستر عورات الرجل وعورات المرأة بدلاً من عرضها على الملأ العام كما في بلاد الغرب! كما للمرأة الحق شرعاً في عدم الخروج للعمل وعلى الرجل كامل نفقتها وعلى الدولة توفير كافة احتياجات الرجل والمرأة الأساسية.

 

وإذا،ً ووفقاً لقوانين رب العالمين تجد أن الدولة الإسلامية ستضع القوانين وفقاً لهذه الأحكام الشرعية:

 

"المادة 1 - العقيدة الإسلامية هي أساس الدولة، بحيث لا يتأتى وجود شيء في كيانها أو جهازها أو محاسبتها أو كل ما يتعلق بها، إلا بجعل العقيدة الإسلامية أساساً له. وهي في الوقت نفسه أساس الدستور والقوانين الشرعية بحيث لا يُسمح بوجود شيء مما له علاقة بأي منهما إلا إذا كان منبثقاً عن العقيدة الإسلامية."

 

"المادة 112: الأصل في المرأة أنها أم وربة بيت، وهي عرض يجب أن يصان."

 

"المادة 113: الأصل أن ينفصل الرجال عن النساء ولا يجتمعون إلا لحـاجـة يـقـرهـا الشـرع، ويـقـر الاجـتـمـاع من أجلها كالحج والبيع."

 

"المادة 119 - يمنع كل من الرجل والمرأة من مباشرة أي عمل فيه خطر على الأخلاق، أو فساد في المجتمع."

 

"المادة 114: تُعْطى المرأة ما يُعْطى الرجل من الحقوق، ويُفْرَضُ عليها ما يُفْرَضُ عليه من الواجبات إلا ما خصها الإسلام به، أو خص الرجل به بالأدلة الشرعية، فلها الحق في أن تزاول التجارة والزراعة والصناعة وأن تتولى العقود

 

والمعاملات. وأن تملك كل أنواع الملك. وأن تنمي أموالها بنفسها وبغيرها، وأن تباشر جميع شؤون الحياة بنفسها."

 

"المادة 117: المرأة تعيش في حياة عامة وفي حياة خاصة. ففي الحياة العامة يجوز أن تعيش مع النساء والرجال المحارم والرجال الأجانب على أن لا يظهر منها إلا وجهها وكفاها، غير متبرجة ولا متبذّلة. وأما في الحياة الخاصة فلا يجوز أن تعيش إلا مع النساء أو مع محارمها ولا يجوز أن تعيش مع الرجال الأجانب. وفي كلتا الحياتين تتقيد بجميع أحكام الشرع."

 

"المادة 120: الحياة الزوجية حياة اطمئنان، وعشرة الزوجين عشرة صحبة. وقوامة الزوج على الزوجة قوامة رعاية لا قوامة حكم وقد فرضت عليها الطاعة، وفرض عليه نفقتها حسب المعروف لمثلها."

 

"المادة 121: يتعاون الزوجان في القيام بأعمال البيت تعاوناً تاماً، وعلى الزوج أن يقوم بجميع الأعمال التي يقام بها خارج البيت، وعلى الزوجة أن تقوم بجميع الأعمال التي يقام بها داخل البيت حسب استطاعتها. وعليه أن يحضر لها خداماً بالقدر الذي يكفي لقضاء الحاجات التي لا تستطيع القيام بها."

 

"المادة 122: كفالة الصغار واجب على المرأة وحق لها سواء أكانت مسلمة أم غير مسلمة ما دام الصغير محتاجاً إلى هذه الكفالة. فإن استغنى عنها ينظر، فإن كانت الحاضنة والولي مسلمين خُـيِّرَ الصغير في الإقامة مع من يريد فمن يختاره له أن ينضم إليه سواء أكان الرجل أم المرأة، ولا فرق في الصغير بين أن يكون ذكراً أو أنثى. أما إن كان أحدهما غير مسلم فلا يخير بينهما بل يُضم إلى المسلم منهما."

 

"المادة 125 - يجب أن يُضْمَنَ إشباع جميع الحاجات الأساسية لجميع الأفراد فرداً فرداً إشباعاً كلياً وأن يُضْمَنَ تمكين كل فرد منهم من إشباع الحاجات الكمالية على أرفع مستوى مستطاع."

 

 (هذه بعض مواد الدستور الذي أعده حزب التحرير من أصل 191 مادة بشرحها وبأدلتها التفصيلية، وكلها منبثقة من العقيدة الإسلامية ولا يوجد فيها أي شيء غير إسلامي، وهي جاهزة للتطبيق الفوري).

 

وهكذا نكون قد بينا أن الدعوات لتحرير المرأة ما هي إلا حرب شرسة على الإسلام والمسلمين عامة وبخاصة على الأسرة المسلمة، وما الهدف من ذلك إلا تعطيل عمل الأمة الإسلامية التي تتلمس طريقها لاستئناف الحياة الإسلامية بإقامة دولة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة التي ستطيح بأصنام الرأسمالية القذرة وستطبق الإسلام كاملاً من جديد ليتحقق عملياً حفظ حقوق المرأة والرجل بجملة من التّشريعات والقوانين والحدود الشرعية والتي يتحقق بها بقاء الإنسانية على الفطرة السليمة وتصحيح مسار العالم، فالناظر لتاريخ العالم يجد أن الناس قد عاشوا مرفهين ينعمون بالكرامة والعدل في ظل الإسلام ولم يكن بين المرأة والرجل إلا الخير والازدهار.

 

قال الله تعالى في سورة الروم: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾.

 

كتبته للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

غادة محمد حمدي – ولاية السودان

رابط هذا التعليق
شارك

Join the conversation

You can post now and register later. If you have an account, sign in now to post with your account.

زوار
اضف رد علي هذا الموضوع....

×   Pasted as rich text.   Paste as plain text instead

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   Your previous content has been restored.   Clear editor

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.

جاري التحميل
×
×
  • اضف...