اذهب الي المحتوي
منتدى العقاب

مقالة: قبول حل الدولتين الأمريكي لقضية فلسطين تصفية أخيرة لها


Recommended Posts

بسم الله الرحمن الرحيم

قبول حل الدولتين الأمريكي لقضية فلسطين تصفية أخيرة لها

http://www.hizb-ut-tahrir.info/ar/index.php/sporadic-sections/articles/political/70599.html

لقد أعيت قضية فلسطين الغرب على فرض أي رؤية له "للحل" منذ زرع كيان يهود في الأرض المباركة فلسطين، ولم يتمكن من فرض هذا الكيان وزرعه بشكل طبيعي في جسم الأمة الإسلامية الطاهر، وعلى الرغم من سهولة إيجاد كيان يهود والمحافظة عليه والتطبيع معه من خلال خيانات حكام المسلمين الذين نصبهم الكافر المستعمر على رقاب الأمة، إلا أن الغرب وعملاءه الحكام لم يتمكنوا ولن يتمكنوا بإذن الله من تطبيع الشعوب في البلاد الإسلامية مع كيان يهود. أما بوادر عجز وفشل الغرب في إيجاد دولة يهود الجسم السرطاني في جسم الامة، فإنّ المتابع للأطراف الفاعلة والمشاركة في صناعة المشهد السياسي على الساحة فيما يتعلق بقضية فلسطين، يلحظ ارتباكا واضحا لديهم، يصل إلى درجة التخبط الذي يكشف فراغا أو عجزا عن المضي قدما في المشاريع المطروحة أو المتصورة كنهاية للقضية.

 

وقد لوحظ هذا التخبط مع بداية عهد الإدارة الأمريكية الجديدة برئاسة ترامب، التي أعربت منذ بدايات عهدها عن نيتها التفكير بحلول خلّاقة وصفتها بالتفكير خارج الصندوق لحل الصراع في قضية فلسطين، فيما عُرف "بصفقة القرن" ومنذ ذلك الحين ما زالت الأطراف المشاركة أو ذات العلاقة بانتظار نتائج التفكير الذي لم ير النور لغاية الآن، وتنفيذ لهذه الصفقة على أرض الواقع. أما قبل بداية فترة ترامب فصحيح أنّ القضية والحلول كانت تراوح مكانها في ظل إدارة أوباما ولكنها كانت أشبه بالعجز عن تحقيق إنجاز ملموس مرده إلى أسباب عدة؛ منها عدم إيلائها أولوية من الإدارة الأمريكية، وتعنت رئيس وزراء كيان يهود نتنياهو. ولكن الجديد في المشهد في ظل إدارة ترامب هو التخبط وعدم الوضوح، بسبب انقسام الوسط السياسي في أمريكا، واختلافهم في تفاصيل الحل ومتى وكيف، فإدارة ترامب بالكاد صرحت بالاستمرار في تنفيذ رؤية حل الدولتين، وأتبعتها تشكيكاً في مدى إصرارها على ذلك وفقا لمخرجات التفكير خارج الصندوق الذي وعدت به.

 

إنّ هذا التخبط الحاصل هذه الأيام كان شبيه له منذ الإعلان عن قيام كيان يهود عام 1948، وبات التفكير في الزمن الحديث بحلول مغايرة لما استقر عليه القرار السياسي منذ خمسينات القرن الفائت لدى الإدارة الأمريكية كإعادة التفكير بحل الدولة الواحدة بدلا من حل الدولتين، قال ريتشارد فولك، خبير يهودي أمريكي في القانون الدولي وحقوق الإنسان، إن السيناريو الجنوب أفريقي "يعد الطريقة الوحيدة لإنهاء الصراعات الفلسطينية (الإسرائيلية)". وذكر أن المقصود بكلامه المتعلق بنموذج جنوب أفريقيا هو "إطلاق نضال يهدف إلى نيل الفلسطينيين حقوقهم سواء على أراضيهم أو في (إسرائيل)، بالتوازي مع وجود جماعات ضغط عالمي على تل أبيب". وهو يشبه ما صرح به أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات منتصف شباط حين قال بأن البديل عن حل الدولتين هو دولة ديمقراطية واحدة بحقوق متساوية لجميع أبنائها من النصارى والمسلمين واليهود، وأضاف: لا يمكن القبول بواقع الدولة الواحدة بنظامين (دولة الأبرتهايد) الذي يعززه كيان يهود. وهكذا تشكّل المشهد السياسي على الساحة الفلسطينية، تخبط وارتباك من قبل الفاعلين وأصحاب القرار، وفقدان للبوصلة والهوية من قبل الأطراف والمنفذين.

 

أما على جانب الأمة الإسلامية التي ما زالت تعتبر فلسطين أرضاً مباركة خالصة لها، فليس ثمة أدنى شك لمن يمتلك أبسط قدرات الإدراك أن الحل السلمي على أساس دولة فلسطينية في حدود عام 1967 لا يمكن أن يتم ولا يمكن أن ترعاه القوى الدولية إلا بالاعتراف بدولة لليهود في فلسطين، ومن ثم الدخول في علاقات سياسية طبيعية مع هذا الكيان، تنظّمها اتفاقات دولية ملزمة للكيان الفلسطيني الموعود، وللدول القائمة في البلاد الإسلامية، وهو ما ترفضه الأمة جملة وتفصيلا، وليس ثمة جدوى للتبريرات السياسية والإعلامية حول قبول هذا الحل السلمي ومشروعيته، ولا يجدي هنا منطق التسطيح السياسي ممن يقول إنه يرفض الاعتراف ولكن يقبل الدولة، أو من يقول بضرورة قبول يهود للمبادرة العربية التطبيعية لعام 2007، وكل التبريرات التي يمكن أن تتفتق عن قرائح الكتّاب والساسة لتمرير القبول بدويلة في حدود 67، هي أقرب "للهلوسة السياسية"، وهي خارج سياق الفهم الجاد للتصريحات التي يدلي بها الساسة حول قبولهم بتلك الدولة، إذ هي تتناقض تماما مع كل الأسس التي انطلقت منها المقاومة الفلسطينية بشقيها الإسلامي والعلماني، بل ومع مواثيقها التي أعلنتها، إضافة إلى الرباط العقدي عند الأمة الإسلامية للأرض المباركة فلسطين، وتجذّر العداء العقدي تجاه قتلة الأنبياء يهود. ومحاولات القبول بحل الدولتين ليست إلا محاولات غير ناجحة للتخفيف المرحلي لوطء تلك الهرولة نحو "المجتمع الدولي" والتطبيع مع دولة يهود، والاستجابة لمتطلبات اللعب في ساحاته أمام الشعوب، لتسويق النهج السياسي الجديد داخليا، إذ يدرك الساسة الغربيون تماما مغزى تلك التصريحات، وخصوصا عندما يؤكد كارتر مثلا أن "جميع قادة المقاومة الإسلامية يرغبون في العيش بسلام على أرض 1967"، ومن ثمّ لا ينفي أولئك القادة مثل تلك التوجهات بالأعمال قبل الأقوال، بل تتواتر تصريحاتهم في كل مناسبة حول قبول الدولة الفلسطينية.

 

ولا شك أن حل الدولتين والاعتراف بدولة لليهود، ولو في قرية تائهة في مشارف عكا فكيف بها على جل الأرض، هو باطل سياسيا وشرعيا لدى الأمة سواء أكان الحل مرحليا، كما تنادي بعض القيادات التي ترفع شعار الإسلام حاليا، وكما نادت المنظمة في بداية مشوار سقوطها العلني في مستنقع الاعتراف عندما أعلنت مبدأ "خذ وطالب"، فالأرض المباركة التي ملّكتها الأحكام الشرعية للأمة الإسلامية، ذاتها التي تفرض على الأمة التحرك الفوري لتحرير الأرض المباركة واقتلاع كيان يهود، فملكية الأمة الإسلامية للأرض المباركة أنشأتها الأحكام الشرعية التي جعلت من أرض فلسطين أرضا خراجية وجعلت من الجهاد وتحريك جيوش المسلمين طريقة وحيدة لتحريرها وتخليصها من الاحتلال. وهذا الحق الرباني الذي جعل من الأرض المباركة ملكا للأمة الإسلامية، لا يمكن استرجاعه إلا بالطرق الشرعية، فتحرير فلسطين لا يكون إلا بتحريك جيوش الأمة الإسلامية صاحبة ذلك الحق تنفيذا للفرض الشرعي الذي يقع على عاتقها، والطرق والآليات التي وضعها الغرب للمطالبة بالحق لا تعدو كونها أبوابا لتكريس كيان يهود وتثبيت أركانه بقرارات دولية.

 

بينما الاحتلال أخذ شرعيته من قرارات وقوانين الشرعية الدولية، التي أنشأت له حقا "مزيفا" في الأرض المباركة عبر الاعتراف به وبأحقيته في الوجود عليها، والاحتكام للقرارات الدولية في قضية فلسطين أو الدعوة للحماية الدولية هو احتكام لغير الله، بل احتكام لمن أنشأ (حقاً!) لكيان يهود في بلادنا. وهذا الاحتكام لن يجلب إلا غضب الله والتفريط والخيانة والتنازل عن الأرض المباركة لكيان يهود الغاصب، فهل يمكن تحصيل حق ممن لا يملك الأرض بل من وهب أرضا لا يملكها لشذاذ الآفاق يهود؟! وهل يتصور أن تكون الآليات والخطط التي وضعها لتثبيت كيان يهود طريقا لتحرير الأرض؟! وهل يسعى عاقل لطرق باب الغرب المستعمر أو أدواته الدولية الخبيثة كمجلس الأمن للحصول على حق مغتصب؟! وهل يمكن أن تكون سبل الشياطين طريقا لاسترجاع حق رباني؟!

 

إنّ القضية أخطر من القادة ومن العلماء ومن الفصائل الفلسطينية جميعها، وهي بلا شك أهم من غضب الجميع، إذ اليوم انتهت أشواط الانبطاح للأنظمة والمنظمة والسلطة والفصائل الوطنية بعدما صار قبول حل الدولتين عندها مقدمة لأي جهد سياسي، كما حصل مع الإمارات وتطبيعها مع يهود، والهرولة نحو التطبيع مع دولة يهود يقذف بأهل فلسطين والأمة الإسلامية في دروب لا طائل منها بل تضفي شرعية على كيان يهود وتجعل منه شريكا في الأرض المباركة، فاستنكار الاستيطان في الضفة الغربية فقط لا يعني إلا التنازل عن جل الأرض المباركة التي اغتصبت عام 48، والمطالبة بإقامة دولة على حدود 67 يقر بأحقية الكيان الغاصب في الوجود على ما اغتصب من الأرض قبل ذلك وبعده، ومنه التنازل عن القدس والأقصى الشريف، ودفع الناس للتظاهر السلمي، وتكرار مقولة إن فلسطين قضية فلسطينية وليست قضية الأمة، هو وسيلة لإرجاع الحقوق حسب التعريفات الدولية يعني التخلي عن حق الأمة في تحريك الجيوش لتحرير فلسطين كاملة وإرجاعها لحضن الأمة الإسلامية، واستثناء الحل العسكري واستنصار جيوش الأمة للتحرك من فورها للتحرير هو خذلان لقضية الأرض المباركة واختزالها في مسار لا يفضي إلا لشرعنة وجود كيان يهود وتثبيت أركانه.

 

ولذلك آن للمخلصين أن يخرجوا عن صمتهم وأن يعيدوا تعريف - بل تأكيد - أسس العلاقة مع الاحتلال على أنها في شكل واحد لا يتعداه يتمثل في حالة حرب دائمة حتى التحرير الكامل: فهل من علماء وقادة وأحزاب يوقفون مسيرة الترويض والتطبيق هذه قبل أن لات حين مناص؟! أم يستمر دفن "العقل" في رمال المكائد الغربية تحت شعار إحسان الظن بالقادة وحرمة لحوم العلماء الذين يفصّلون الفتاوى على مقاس المطبعين مع من نقضوا العهود مع نبينا محمد e وقتلة الأنبياء يهود؟!

 

إنّ الحل الوحيد المقبول إسلاميا لقضية فلسطين هو تحريرها بكامل ترابها من الاحتلال، ويكون ذلك بتحرك جيوش الأمة وعلى رأسهم جيش باكستان نصرة لفلسطين ولأهلها، ولا مجال للحديث عن سيناريوهات أخرى بدولة واحدة أو دولتين، إلا من قبل أعدائها أو فاقدي الهوية والبوصلة كحكام العرب والمسلمين العلمانيين الذين انسلخوا تماما عن أمتهم الإسلامية وباتوا يتصرفون كمرتزقة مستعدين لدفع الغالي والنفيس والقبول بأية حلول مقابل الحفاظ على كراسيهم ومكتسباتهم وثرواتهم. وقد قرر الإسلام بأن قضية فلسطين هي قضية إسلامية، أرضها ملك للأمة الإسلامية إلى يوم الدين، وتحريرها واجب على أبنائها المقتدرين، وحرم التفريط بشبر واحد منها تحت أي ظرف أو مبرر، فلا حاجة للأمة للتفكير بمؤامرات ومكائد الكفار المجرمين للأرض المباركة فلسطين. ﴿أَفَمَن يَمْشِي مُكِبّاً عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّن يَمْشِي سَوِيّاً عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ﴾.

 

إنّ فلسطين على موعد قريب بإذن الله مع النصر والتحرير على أيدي جيوش الأمة الأغيار، على أيدي جيوش الخلافة الراشدة على منهاج النبوة وجحافلها عند إقامتها قريبا بإذن الله ﴿فَإِذَا جَاء وَعْدُ الآخِرَةِ لِيَسُوؤُواْ وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُواْ الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُواْ مَا عَلَوْاْ تَتْبِيراً﴾.

 

 

كتبه للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

بلال المهاجر – ولاية باكستان

رابط هذا التعليق
شارك

Join the conversation

You can post now and register later. If you have an account, sign in now to post with your account.

زوار
اضف رد علي هذا الموضوع....

×   Pasted as rich text.   Paste as plain text instead

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   Your previous content has been restored.   Clear editor

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.

جاري التحميل
×
×
  • اضف...