اذهب الي المحتوي
منتدى العقاب

فضل يوم عرفه وعشر ذي الحجة


Abu Bukker

Recommended Posts

 

 

بسم الله الرّحمن الرّحيم

 

 

 

 

فضل صيام يوم عرفة

 

 

 

 

الكاتب: هشام البنزرتي

 

عرفة هو اليوم التاسع من ذي الحجة، وصومه أفضل من صيام أي يوم آخر من أيام السنة إلا رمضان فهو فرض، والفرض أعظم من النفل. وقد أجمع العلماء والفقهاء كلهم تقريبا على القول باستحبابه. وهذا الاتفاق على الاستحباب يتعلّق بغير الحاج لأن الحاج يستحب له الفطر. قال ابن عبد البر في التمهيد: "وكان مالك والثوري والشافعي يختارون الفطر يوم عرفة بعرفة قال إسماعيل عن ابن ابي أويس عن مالك أنه كان يأمر بالفطر يوم عرفة في الحج ويذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ذلك اليوم مفطرا وقال الشافعي أحب صوم يوم عرفة لغير الحاج فأما من حج فأحب إلي أن يفطر ليقويه الفطر على الدعاء قال أبو عمر قول الشافعي أحسن شيء في هذا الباب...".

 

وفي المصنف لعبد الرزاق قال عطاء: "من أفطر يوم عرفة ليتقوى به على الدعاء كان له مثل أجر الصائم".

 

ومن الأحاديث التي تبين فضل صيام هذا اليوم لغير الحاج ما جاء:

 

عن أبي قتادة الأنصاري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن صوم يوم عرفة ؟ فقال: "يكفر السنة الماضية والباقية..." (رواه مسلم).

 

وعنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "صيام يوم عرفة إني أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده" (رواه أبو داود).

 

وعن سهل بن سعد رضي الله تعالى عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من صام يوم عرفة غُفر له ذنبُ سنتين متتابعتين" (رواه الطبراني في المعجم الكبير وابن أبي شيبة).

 

 

 

نسأل المولى تبارك وتعالى أن ييسر لنا صيام هذا اليوم الفضيل وأن يتقبله منا ويجعله من أسباب غفران الذنوب.

تم تعديل بواسطه Abu Bukker
رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرّحمن الرّحيم

 

 

 

 

أيام عشر ذي الحجة

 

 

 

الكاتب: هشام البنزرتي

 

قال الله عزّ وجل: { وَالْفَجْرِ(1) وَلَيَالٍ عَشْرٍ(2) وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ(3)}. قال ابن كثير في تفسيره: "أما الفجر فمعروف وهو الصبح قاله علي وابن عباس وعكرمة ومجاهد والسدي وعن مسروق ومحمد بن كعب: المراد به فجر يوم النحر خاصة وهو خاتمة الليالي العشر وقيل المراد بذلك الصلاة التي تفعل عنده كما قاله عكرمة وقيل المراد به جميع النهار وهو رواية عن ابن عباس والليالي العشر المراد بها عشر ذي الحجة كما قاله ابن عباس وابن الزبير ومجاهد وغير واحد من السلف والخلف... وقيل : المراد بذلك العشر الأول من المحرم حكاه أبو جعفر بن جرير ولم يعزه إلى أحد وقد روى أبو كدينة عن قابوس بن أبي ظبيان عن أبيه عن ابن عباس {وليال عشر} قال: هو العشر الأول من رمضان والصحيح القول الأول".

 

فنحن نستقبل أياما مباركة نص القرآن على بركتها وفضلها. وفي السنة أحاديث كثيرة تؤكد هذا المعنى القرآني.

 

أخرج البخاري وأبو داود والترمذي وغيرهم عَن ابنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهِنَّ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ الأيام الْعَشْرِ. فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَلا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: وَلا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، إِلا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ".

 

وأخرج ابن حبان في صحيحه عن أبي بكرة أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: "شهرا عيد لا ينقصان: رمضان وذو الحجة". قال أبو حاتم: لهذا الخبر معنيان أحدهما: أن شهرا عيد لا ينقصان في الحقيقة وإن نقصا عندنا في رأي العين عند الحائل بيننا وبين رؤية الهلال لغبرة أو ضباب. والمعنى الثاني : أن شهرا عيد لا ينقصان في الفضل يريد أن عشر ذي الحجة في الفضل كشهر رمضان والدليل على هذا قوله صلى الله عليه وسلم: "ما من أيام العمل فيها أفضل من عشر ذي الحجة قيل: يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله ؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله".

 

وتتأكد هذه الأفضلية التي خصّت بها هذه الأيام بوجود يوم النحر فيها. أخرج أبو داود في السنن عن عبد الله بن قرط عن النبي صلى الله عليه وسلم قال "إن أعظم الأيام عند الله [ تبارك وتعالى ] يوم النحر ثم يوم القر" [ قال عيسى قال ثور ] وهو اليوم الثاني.

 

فهذه أيام مباركة يقبل الله سبحانه فيها على من أقبل إليه فيها من خلقه صلاة وصياما وصدقة وحجا وتهليلا وتكبيرا. قال ابن حجر: "يظهر أن السبب في امتياز عشر ذي الحجة لمكان اجتماع أمهات العبادة فيه، وهي الصلاة والصيام والصدقة والحج، ولا يتأتى ذلك في غيره".

 

إنّ المسلم مطالب دائما بالتزود من أعمال الخير والبر، في كل الأيام والأمكنة، ولكن تتأكد هذه الأعمال التي تقرب من الله في مناسبات مخصوصة خصها الله تعالى بفضل منها هذه الأيام من شهر ذي الحجة. فلا تبخل أيها المسلم على نفسك وتزود من خير هذه الأيام بالنوافل والصدقة والصيام وغير ذلك.

 

ولا تنسى أيها المسلم أن هذه الأيام أيام حج، وهو رمز وحدة الأمة الإسلامية. فاهتم بشؤون غيرك من المسلمين، وتذكّر إخوتك في أنحاء الأرض، فتذكر إخوتك في فلسطين والعراق وأفغانستان والشيشان وكشمير. وأكثر من الدعاء وقل: اللهم إنّا نسألك في هذه الأيام المباركة النصر والتمكين لدينك الحقّ، ونسألك دولة إسلامية توحدنا، يعزّ بها الإسلام وأهله، ويذلّ بها الكفر وأهله. آمين والحمد لله رب العالمين.

 

 

 

29 ذو القعدة 1428هـ

 

ب - صيامُ تسعٍ من ذي الحجة :

 

 

 

أي صيام الأيام التسعة الأولى من ذي الحجة ، والعملُ الصالح ، ومنه الصوم ، في هذه الأيام التسعة أفضلُ من الجهاد في سبيل الله ، إلا المجاهدَ يجود بنفسه وماله فيه . وقد أقسم الله سبحانه بالليالي العشر من ذي الحجة في الآيات الأربع الأولى من سورة الفجر بقوله { والفَجْرِ Ο وليالٍ عَشْرٍ Ο والشَّفعِ والوَتْرِ Ο والليلِ إذا يَسْرِ Ο } وقد روى الإمام أحمد ( 14565 ) والنَّسائي والبزَّار والطبري وابن المنذر والبيهقي والحاكم وصححه عن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال { إن العشر عشر الأضحى ، والوتر يوم عرفة ، والشفع يوم النحر } وهذه طائفة من الأحاديث تحثُّ على العمل الصالح فيها ومنه الصيام :

1- عن ابن عباس رضي الله تعالى عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم { ما من أيامٍ العملُ الصالحُ فيها أحبُّ إلى الله من هذه الأيام يعني العشر ، قالوا : يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله ؟ قال : ولا الجهاد في سبيل الله ، إلا رجل خرج بنفسه وماله ، فلم يرجع من ذلك بشيء } رواه ابن ماجة ( 1727 ) وأبو داود وأحمد والدارمي والبيهقي . ورواه الترمذي وقال [ حديث ابن عباس حديث حسن غريب صحيح ] ورواه الطبراني في كتاب المعجم الأوسط ( 1777 ) من طريق ابن مسعود ، و ( 4398 ) من طريق أبي قَتَادة رضي الله عنهما .

 

2- عن هُنَيْدَةَ بنِ خالد عن امرأته عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصوم تسعاً من ذي الحجة ويومَ عاشوراء وثلاثةَ أيام من كل شهر : أول اثنين من الشهر وخميسين } رواه النَّسائي ( 2417 ) . ورواه الإمام أحمد ( 26991 ) بلفظ { عن حفصة قالت : أربعٌ لم يكن يَدَعُهنَّ النبي صلى الله عليه وسلم : صيام عاشوراء ، والعشر ، وثلاثة أيام من كل شهر ، والركعتين قبل الغداة } ورواه أبو داود ( 2437 ) بلفظ { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم تسع ذي الحجة ، ويوم عاشوراء ، وثلاثة أيام من كل شهر : أول اثنين من الشهر ، والخميس } .

 

أما ما رُوي عن عائشة رضي الله تعالى عنه قالت { ما رأيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم صائماً في العشر قط } رواه مسلم ( 2789 ) وأبو داود والنَّسائي والترمذي وابن ماجة وأحمد . فإنه يدل على مبلغ علم عائشة ، ثم إن هذا القول نفي ، وأحاديثنا إثبات ، والإثبات أقوى من النفي ، فمن رأى وعلم حجةٌ على من لم ير ولم يعلم ، فلا يصلح هذا الحديث لنسخ الأحاديث القائلة بالصوم .

 

 

 

 

 

 

صيامُ يوم عرفة :

 

 

 

عرفة هو اليوم التاسع من ذي الحجة ، وصيام هذا اليوم أفضل من صيام أي يوم آخر من أيام السنة على الإطلاق ، باستثناء صيام رمضان طبعاً ، فهو يكفِّر سنةً قبله وسنةً بعده وهذا بلا شك فضل عظيم وخير عميم . وقد ذهب العلماء والفقهاء كلهم إلى القول باستحبابه ،لم يخالف ذلك منهم أحد فيما أعلم ، وهذا الاتفاق منهم على استحباب صيام يوم عرفة إنما هو متعلق بغير الحُجَّاج ، أما مَن كان بعرفة حاجاً ، فقد اختلفوا في صيامه على مذهبين : فذهب أبو حنيفة ومالك والشافعي وسفيان الثوري إلى القول باستحباب الفطر لمن كان بعرفة ، ورُوي مثلُه عن أبي بكر وعمر وعثمان وابن عمر رضي الله عنهم . فيما ذهب أحمد والحسن البصري وقَتَادة ، ومن الشافعية الخطابي والمتولي ، إلى القول باستحباب الصوم إن قدر الحاج عليه ، ولم يضعف عن الدعاء والذِّكْر المطلوب .

 

ورُوي أن عائشة وأسامة بن زيد وعبد الله بن الزبير رضي الله عنهم كانوا يصومون يوم عرفة وهم حُجاج . قال الطبري [ إنما أفطر رسول الله صلى الله عليه وسلم بعرفة ليدل على الاختيار للحاج بمكة لكي لا يضعف عن الدعاء والذكر المطلوب يوم عرفة ] وهذه طائفة من النصوص المتعلقة بصوم عرفة :

 

1- عن أبي قتادة رضي الله تعالى عنه قال { رجلٌ أتى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : كيف تصوم ؟ فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله ... – وذكر الحديث إلى أن قال – ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ثلاثٌ من كل شهر ، ورمضان إلى رمضان ، فهذا صيام الدهر كله ، صيامُ يوم عرفة أحتسب على الله أن يكفِّر السنة التي قبله ، والسنة التي بعده ، وصيامُ يوم عاشوراء أحتسب على الله أن يكفِّر السنة التي قبله } رواه مسلم ( 2746 ) وأبو داود والنَّسائي والترمذي . ورواه أحمد ( 22958 ) بلفظ { ... صوم يوم عرفة كفارة سنتين : سنة ماضية ، وسنة مستقبلة ، وصوم يوم عاشوراء كفَّارة سنة } .

 

2- عن سهل بن سعد رضي الله تعالى عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { من صام يوم عرفة غُفر له ذنبُ سنتين متتابعتين } رواه الطبراني في كتاب المعجم الكبير ( 6/5923 ) وابن أبي شيبة وأبو يعلى . قال الهيثمي [ رجال أبي يعلى رجال الصحيح ] .

 

3- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال { نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صوم يوم عرفة بعرفة } رواه النَّسائي في السنن الكبرى ( 2843 ) وأبو داود وابن حِبَّان وابن ماجة وأحمد . ورواه ابن خُزيمة والحاكم وصححاه . وفيه مهدي العبدي قال ابن معين : لا أعرفه . وذكره ابن حِبَّان في الثقات . وصحَّح ابن خُزيمة حديثه . فمثل هذا الحديث يصح الاحتجاج به .

 

4- عن أم الفضل رضي الله عنها قالت { شك ناسٌ من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في صيام يوم عرفة ونحن بها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأرسلتُ إليه بقَعْبٍ فيه لبنٌ وهو بعرفة فشربه } رواه مسلم ( 2635 ) وابن حِبَّان وأبو داود وأحمد . وفي لفظٍ ثان لمسلم ( 2632 ) والبخاري ( 1988 ) { ... فأرسلتْ إليه بقدح لبنٍ وهو واقف على بعيره بعرفة فشربه } والقَعْب : هو إناء من خشب .

 

5- عن ميمونة رضي الله تعالى عنها { أن الناس شكُّوا في صيام النبي صلى الله عليه وسلم يوم عرفة ، فأرسلتُ إليه بحِلابٍ وهو واقف في الموقف ، فشرب منه والناس ينظرون } رواه البخاري ( 1989 ) ومسلم وابن حِبَّان والبيهقي . وميمونة هي بنت الحارث زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم وخالة ابن عباس وأخت أمِّه ، أمِّ الفضل التي روت الحديث السابق . قوله : فأرسلتُ إليه بحِلاب : الحِلاب هو الإناء يُحْلَبُ فيه قال ابن حِبَّان تعقيباً على حديثي أم الفضل وميمونة [ في حجة الوداع كان نساءُ النبي صلى الله عليه وسلم معه ، وكذلك جماعة من قرابته ، فيشبه أن تكون أم الفضل وميمونة كانتا بعرفات في موضع واحد ، حيث حُمل القدح من اللبن من عندهما إلى النبي صلى الله عليه وسلم فنُسِب القدح وبعثتُه إلى أم الفضل في خبر ، وإلى ميمونة في آخر ] .

6- عن عبيد بن عمير قال { كان عمر ينهى عن صوم يوم عرفة } رواه النَّسائي في السنن الكبرى ( 2845 ) .

 

7- عن نافع قال { سُئل ابن عمر رضي الله عنهما عن صوم يوم عرفة ؟ فقال : لم يصمه النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا أبو بكر ولا عمر ولا عثمان يوم عرفة } رواه أحمد ( 5080 ) والنَّسائي في السنن الكبرى .

 

8- عن أبي نَجِيح قال { سُئل ابن عمر عن صوم عرفة ؟ قال : حججتُ مع النبي صلى الله عليه وسلم فلم يصمه ، ومع أبي بكر فلم يصمه ، ومع عمر فلم يصمه ، ومع عثمان فلم يصمه ، وأنا لا أصومه ولا آمُرُ به ولا أنهى عنه } رواه الترمذي ( 748 ) وقال [ هذا حديث حسن ] ورواه ابن حِبَّان والدارمي والنَّسائي في السنن الكبرى وعبد الرزاق والطحاوي . وأبو نَجِيح اسمه يسار المكي مولى ثقيف .

 

9- عن ابن عباس رضي الله عنه { دعا أخاه عبيدَ الله يوم عرفة إلى طعام ، قال : إني صائم ، قال : إنكم أئمةٌ يُقتَدى بكم ، قد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا بحِلابٍ في هذا اليوم ، فشرب – وقال يحيى مرة – أهلُ بيتٍ يُقتَدى بكم } رواه أحمد ( 3239 ) بسند جيد . ورواه الطبراني في كتاب المعجم الأوسط ( 9182 ) ولفظه { ... دعا الفضل يوم عرفة ... وأن الناس يستنُّون بكم } .

 

الحديثان الأول والثاني ذكرا فضل صيام عرفة وأنه يكفِّر صيام سنتين اثنتين ، وهذا المعنى متفق عليه لا خلاف عليه ، والمقصود به صيام عرفة لغير الحاج . أما ما اختلف الفقهاء فيه فهو صيام عرفةَ بعرفةَ للحاج ، والصحيح الذي تدل عليه النصوص في البنود السبعة التالية ، هو أن الفطر للحاج هو المستحب وليس الصوم ، ومن الخطأ القول باستحباب صوم عرفةَ بعرفةَ للحاج ، فرسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الصيام هذا ( نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صوم يوم عرفة بعرفة ) ولم يَرِدْ نسخٌ لهذا الحديث بل ولا معارضةٌ له ولا خلافٌ ، فيثبت حكم النهي ولا يصح القول بخلافه . وجاءت النصوص في البنود الباقية كلها تُثَبِّت هذا الحكم ، وأن النبي صلى الله عليه وسلم قد أتبع القولَ العملَ ، فقد أفطر في عرفة ، فتعاضد القول والفعل منه عليه الصلاة والسلام ، فلم تبق حجة للقائلين باستحباب الصيام .

 

فإذا استحضرنا في الأذهان أن صوم عرفة يكفِّر سنتين ومع ذلك أفطر الرسول صلى الله عليه وسلم وأفطر صحابته : أبو بكر وعمر وعثمان وابن عمر وابن عباس وآخرون ، فإن ذلك يدعونا إلى القول إن الإفطار هو المتعيِّنُ للحاج ، وهو المستحَبُّ ، وما كان للرسول صلى الله عليه وسلم أن يَحْرِم المسلمين من خير هذا الصيام لو كان الأمر على التخيير كما يقول الطبري ، إذ مَن من المسلمين وخاصة الصحابةَ من يختار الفطر ويدع ثواب الصيام المكفِّر لسنتين لو كان الفطر فعلاً على الخيار ، ولم يكن هو المستحب وهو الأفضل ؟! ومنذ متى يدع الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وصحابته المندوب ، بل ربما كان المندوب الأكبر ؟! إنه ما كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته أن يفطروا في عرفة بعرفة إلا لأن الفطر هو المندوب وليس الصوم .

 

أما قولهم إن الصوم أفضل إلا لمن ضعف عن الدعاء والذكر فالفطرُ له أفضل ، فهو قول لا دليل عليه ، وهو تأويل وتعليل لم يرد في النصوص فلا يُلتفت إليه . وعليه فإني أقول : إن الصوم في عرفة لغير الحاج مندوب ، وإن الفطر في عرفة للحاج هو المندوب .

 

من كتاب الجامع لأحكام الصيام

 

 

لأبي إياس محمود بن عبد اللطيف بن محمود ( عويضة )

رابط هذا التعليق
شارك

  • 11 months later...

Join the conversation

You can post now and register later. If you have an account, sign in now to post with your account.

زوار
اضف رد علي هذا الموضوع....

×   Pasted as rich text.   Paste as plain text instead

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   Your previous content has been restored.   Clear editor

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.

جاري التحميل
×
×
  • اضف...