اذهب الي المحتوي
منتدى العقاب

مالى وشعله الحريه د اياد قنيبى


الرضا

Recommended Posts

السلام عليكم ورحمة الله.

إخوتي الكرام نود في هذه الكلمة أن نستعرض دوافع الصراع في مالي والتوقعات المستقبلية لها وواجبنا تجاهها.

1) بداية، مالي من حواضر الإسلام العريقة، أنشئت فيها جامعة تمبكتو الإسلامية قبل حوالي تسعمائة عام، فتعد بذلك من أقدم جامعات العالم.

2) عاشت مالي في ظل دول مسلمة لقرون، منها مملكة السنغاي التي تحالف سلطان المغرب مع إليزابيث الأولى ملكة بريطانيا لغزوها عام 1591 فدمروا حضارتها واستعبدوا أهلها وعلماءها مثل أحمد بابا التنبكتي.

3) وما لا يعرفه الكثيرون أن عددا ممن استعبدهم الغرب الصليبي قسرا في مالي ودول إفريقيا الأخرى كانوا خريجي جامعات وعلماء مسلمين، مثل عمر بن سعيد السنغالي المتوفى عام 1864 ميلادي والذي لا تزال له صور في الأرشيف التاريخي الأمريكي.

4) بعد ذلك احتلت فرنسا مالي في أواخر القرن التاسع عشر ومارست فيها جرائمها، ولم تدعها إلا بعد أن زرعت فيها نظاما عميلا تضمن به استمرار سيطرتها على مالي ونهب ثرواتها. وقد قامت الأنظمة المتعاقبة بقهر أبناء الشعب المسلم، خاصة الطوارق والعرب المتوزعين على شمال مالي وفي الدول المجاورة.

5) فقامت حركات تحررية تطالب بحكم ذاتي وبتحسين الأوضاع المعيشية. لكن هذه الحركات لم تكن إسلامية الطابع، مما جعل المجتمع الدولي ينهج معها أسلوب الاحتواء والدعوة إلى المفاوضات مع الحكومة المركزية وتعليقها بوعود لا تلبث أن يظهر زيفها.

6) ثم ظهرت صحوة إسلامية في أوساط الطوارق وظهرت جماعات اتضحت رؤيتها وعلمت أن لا خلاص لشعبها إلا بتطبيق الشريعة التي تجمع أبناء العرقيات على كلمة سواء وتحرر البلاد من التبعية لفرنسا ومن فساد واضطهاد الحكومات المركزية العميلة وتحقق للمسلمين خير الدنيا والآخرة.

7) من هذه الجماعات جماعة أنصار الدين بقيادة إياد غالي حفظه الله، والذي كان قد جرب الطرق الدبلوماسية وعمل من قبل قنصلا لدولة مالي بالسعودية، ثم اعتزل هذه الطرق وأسس جماعة أنصار الدين، والتي تحالفت معها جماعات إسلامية أخرى البرؤية التحررية ذاتها.

8) أدبيات جماعة أنصار الدين تتسم إخواني بنقاء منهج وتوازن وحكمة ورحمة وثبات وواقعية تنم كلها عن وجود علماء أكابر في هذه الجماعة، وعن وجود مشروع حضاري متكامل لديهم على الرغم من قلة الموارد. يظهر ذلك بجلاء في المقابلات مع سند ولد بوعمامه المتحدث الرسمي باسم الجماعة، حيث نص على أن من أهداف جماعة أنصار الدين:

"بناءَ المشروع الإسلامي واستئناف الحياة الإسلامية في الأرض التي تحت أيدينا في شتى مجالات الحياة، والتركيز على الجوانب المُلحة كمجال القضاء الشرعي والتعليم والدعوة والإرشاد، وتربية الأجيال على الخلق الإسلامي، وتصحيح عقائد المسلمين وأعمالهم، وحمايتهم من دعاة الكفر والضلال وبسط الأمن والأمان في الحواضر والبوادي وسد الحد الأدنى من احتياجات الناس المعيشية. و إشراك الناس في صناعة هذا المشروع وإقناعهم بأن المساهمة فيه عبادة مفروضة لا مناص للمسلم من أداء ما يطيق منها".

9) هنا إخواني نبدأ بفهم لماذا يتعامل المجتمع الدولي بهذا العنف والدموية ورفض الحوار مع جماعة أنصار الدين وحلفائها. وزير الداخلية البريطاني السابق تشارلز كلارك في كلمته حول الإرهاب في (Heritage Foundation ) في واشنطن في 5-10-2005، قال: (إن ما يحرك هؤلاء الإرهابيين هو الأفكار. إن الحركات التحررية التي نشأت في كثير من أنحاء العالم بعد الحرب العالمية الثانية قامت على أفكار سياسية مثل الاستقلال والمساواة وحرية التعبير. إن مثل هذه الطموحات قابلة للتفاوض، وقد تم التفاوض على كثير منها بالفعل. لكن ما لا يُتحمل ولا يقبل التفاوض (بتعبيره: what can not be negotiated ) هو إعادة الخلافة. ما لا يقبل التفاوض هو فرض الشريعة. ما لا يقبل التفاوض هو عدم المساواة بين الجنسين (طبعا هذه مبررات كاذبة يزجونها في كل مقام). ما لا يقبل التفاوض هو منع حرية التعبير. إن هذه القيم هي من أسس حضارتنا وهي ببساطة غير قابلة للتفاوض).

10) مثله تماما قال رئيس الوزراء الفرنسي بعد بدء الحملة الحالية. قال: (نتفاوض مع من؟ مع إرهابيين استقروا في شمال مالي. يفرضون قانون الشريعة...يقطعون الأيدي ويدمرون مباني معتبرة من التراث الإنساني) يقصد الأضرحة التي تُعبد من دون الله.

11) طبعا إخواني ما عاد عاقل يغتر بحرص المجتمع الدولي على حقوق المرأة وهي ينتهك عرضها في سوريا لسنتين، وحرصه على حرية التعبير بينما يُذبح السوري بالسكاكين لهتافات هتف بها ويشوى مسلمو بورما ويقطعون.

12) إذن فالمسألة ببساطة أن المجتمع الدولي لا يتحمل أبدا فكرة تطبيق الشريعة في أي مكان في العالم. هذه فكرة غير قابلة للنقاش ولا للتفاوض، إذ أنها تعني ظهور نموذج مشرق تتعطش له البشرية التي عانت طويلا من استعباد الرأسمالية وجشعها...تعني إبطال سحر الآلة الإعلامية التي عملت طويلا على تشويه مفهوم الشريعة. إخواننا في أنصار الدين كانوا إذا ما دخلوا منطقة نشروا فيها الأمن ورحموا الناس وأوقفوا الضرائب والاستغلال ووزعوا الموارد بتساوٍ وحفظوا لأهل الأديان الأخرى حقوقهم وآثروا الضعفاء على أنفسهم.

13) نجاح هذا النموذج بأرض مالي يتيح للشعوب المجال أن تقارن بالأنظمة الوضعية التي أفلست إنسانيا وجرعت البشرية الويلات ويحرم الغرب من سرقة ثروات البلاد.

14) كذلك الأنظمة العربية لا تتحمل نجاح هذا النموذج الذي سيصبح نبراسا ومثالا يحتذى للشعوب الباحثة عن الكرامة، وسيكشف زيف فتاوى ولاة الأمر ومرحلة الاستضعاف والمصلحة والمفسدة وليس بالإمكان أفضل مما كان! لذا فقد أوغلت في الخيانة والتواطؤ مع فرنسا ضد أنصار الدين. فالمسؤولون في دول المسلمين الثرية الذين كانوا يهدرون الأموال بسفاهة بينما يموت مسلمو مالي وغيرها جوعا، انتبهوا أخيرا إلى وجود هؤلاء الجوعى على الخارطة فقدموا أموالا لا لدعمهم، بل لإعانة فرنسا على قتلهم وإراحتهم من الجوع!

15) المجتمع الدولي الذي أشرف على تدجين الثورات في مصر وتونس وليبيا وأشرف على انتخاباتها الديمقراطية لأنه يعلم أنها ستفني أعمار الشعوب في دهاليزها ولن تحررهم من العبودية للغرب، هو ذاته الذي تحرك بعنف ودموية ورفض للتفاوض في مالي كما فعل من قبل في أفغانستان والصومال. إذ هذه البقاع جميعا تريد تطبيق الشريعة.

16) المتحدث باسم أنصار الدين سند بوعمامه قال:" جماعة أنصار الدين في مرحلة تفرض عليها قبول التفاوض والبحث عن حل مع أي طرف له تأثير في هذه الأرض ولكن بشرط واحد لا تنازل عنه وهو أن لا يكون حجر عثرة في طريق تحكيم دين الله، الذي لأجله حملنا السلاح وخضنا الحرب. ومادون ذلك فإننا نقبل النقاش فيه رحمة بالناس وإعذاراً إلى الله، ورفقاً بإخواننا المجاهدين حديثي العهد بالالتحاق". انتهى كلامه حفظه الله.

17) بل كانت الجماعة قد أثنت على وساطة الجزائر في المفاوضات من قبل مع أنها تعي جيدا أن الجزائر في النهاية جزء من المنظومة الدولية ومنفذة لسياساتها. إلا أن أنصار الدين كانوا يبدون كل بادرة لتجنب استعداء الأنظمة المجاورة. لكن بالنسبة للمجتمع الدولي فتحكيم دين الله -ببساطة- لا يقبل التفاوض.

18) بدأت الحرب وانسحب المجاهدون من المدن رفقا بالناس لأن الصليبيين وأعوانهم يقصفون المدن بعشوائية طالما أن المجاهدين فيها، وتكررت المشاهد ذاتها التي رأيناها من قبل في أفغانستان والصومال ونيجيريا والشيشان: كلما دخلت القوات النظامية مدينة كانت قد احتضنت المجاهدين نكلت بالناس وأعدمتهم في الشوارع وانتهكت الأعراض عقوبة لهم على تأييدهم للمجاهدين.

19) لكن إخواني باستعراض التاريخ الاستعبادي الأسود للغرب في مالي، ثم اضطهاد الحكومة العميلة للطوارق والعرب وفسادها في التعامل مع شعبها عموما، وبعدما ذاق مسلمو مالي حلاوة العيش في ظلال الشريعة لبضعة أشهر، فإنه لا يتوقع أن تنجح الحملة في اجتثاث المشروع الإسلامي في مالي، حتى لو قضت على عامة عناصر أنصار الدين والجماعات الإسلامية الأخرى، فأرحام نساء مالي اللواتي اخترن الكرامة ستبقى تنجب الأبطال. هذه منطقة جديدة للصراع بين الحق والباطل، فسيبقيان يتصارعان إلى أن يُزهق الله الباطل وينفجر بركان الإسلام بإذن الله.

20) وفي الوقت ذاته، نتوقع أن يتعرض إخواننا في مالي لبلاء شديد يمحصهم، فإن الذهب يصفو إذا أدخل الكير. قبل أحد عشر عاما، عندما غزا العالم أفغانستان، ظننا كما ظن كثير من المسلمين، أن الله تعالى سيحسم الأمر سريعا بخارقة من عنده وينصر عباده في الطالبان. ثم إذا بالمدن تسقط والمجاهدين يؤسرون ويقتلون بالآلاف، وتنتشر صور مؤلمة، كصورة مجاهد أخرجه العملاء من التحالف الشمالي من خندقه الذي تحصن به على حدود كابل بعدما أطلقوا النار عليه أسفل بطنه، ثم سحبوه على الأرض ونزعوا سرواله وأجهزوا عليه بنيرانهم...كانت هذه الصور صاعقة لنا إذ أننا لم نكن ندرك عمليا سنن الله في تمحيص عباده وتربيتهم واتخاذ الشهداء منهم. وبدا الأمر للكثيرين وكأنه لن تقوم لدين الله قائمة في تلك الأرض لعقود. ثم ها نحن اليوم نرى العالم يستجدي مجاهدي أفغانستان للجلوس على مائدة المفاوضات وتجتمع 139 دولة في مؤتمر بون قبل عام تناقش ورطتها مع المجاهدين ما بعد انسحاب القوات الدولية المخطط له أن يكون العام القادم، ونسأل الله أن يثبت المجاهدين على رفض أي تفاوض على حساب إقامة الشريعة. قد يكون أكثر عناصر الطالبان قد قتل خلال هذه الأحد عشر عاما، لكنهم أوقدوا بدمائهم شعلة التحرر وحب الشريعة في نفوس كثير من أبناء الشعب الأفغاني.

21) كذلك إخواننا في مالي سيبقون بإذن الله ظاهرين على الحق لا يضرهم من خالفهم ولا من خذلهم ولا من خانهم...قد أوقدوا شعلة الشريعة والتحرر من رق العبودية للبشر، فحتى لو اختار الله عامة عباده المجاهدين لجواره فإن الشعلة التي أوقدوها لن تنطفئ بإذن الله حتى تلامس زيت الفطرة في نفوس المسلمين وينفجر بركان العزة ليحرق الأرض من تحت الطغم الحاكمة وأعداء الإنسانية ومسترقِّيها ويقود المسلمين إلى مجد جديد.

22) فليختر كل منا لنفسه مكانه من هذه الشعلة، فمن أسهم فيها بسهم خير فهنيئا، ومن نفخ عليها ليطفئها فالله متم نوره ولو كره الكافرون، ومن وقف متفرجا فليُعد لموقفه أمام الله جوابا.

23) فلنعمل إخواني لتوضيح حقيقة هذه الحرب الصليبية وخيانة المشاركين فيها من بني جلدتنا ومناصرة إخواننا الذين لهم حق علينا كل بما يستطيع من نصرة.

والسلام عليكم ورحمة الله.

http://al-furqan.org/PR/Default.aspx?pid=20933&pvr=0

رابط هذا التعليق
شارك

Join the conversation

You can post now and register later. If you have an account, sign in now to post with your account.

زوار
اضف رد علي هذا الموضوع....

×   Pasted as rich text.   Paste as plain text instead

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   Your previous content has been restored.   Clear editor

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.

جاري التحميل
×
×
  • اضف...