اذهب الي المحتوي
منتدى العقاب

مقال - أمريكا ترسم التحركات لقائد الجيش الباكستاني


Recommended Posts

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

 

أمريكا ترسم التحركات لقائد الجيش الباكستاني

 

 

في أول زيارة رسمية له إلى الولايات المتحدة بعد أكثر من عام من تولّيه أقوى منصب في باكستان، التقى قائد الجيش الباكستاني الجنرال عاصم منير القيادة الأمريكية العليا من وزارة الخارجية ووزارة الدفاع وخاطب أعضاء مختارين من مجتمع مراكز الأبحاث الأمريكية، في رحلة رسمية بدأت في 13 من كانون الأول/ديسمبر 2023م، ليصافح الجنرال عاصم القيادة الأمريكية المجرمة التي تحرض وتحمي الإبادة الجماعية التي يرتكبها كيان يهود ضد المسلمين في غزة، في وقت يطالب فيه المسلمون في أنحاء العالم الإسلامي بمحاسبة أمريكا على دعمها لكيان يهود، وتحريك الجيوش للقضاء عليه.

 

تأتي زيارة الجنرال عاصم منير في وقت عصيب أفقد قيادة الجيش الباكستاني - وخاصة مكتب قائد الجيش - ما تبقى من احترامها وهيبتها ومصداقيتها وتأثيرها على عامة الناس في باكستان، وليتعاظم احتقان الناس من خيانة الجيش وتواطؤه مع أمريكا. أما بالنسبة لأمريكا فهي تولي اهتماماً كبيراً في استقرار مكتب قيادة الجيش؛ لأنه وسيلتها الرئيسية في التأثير على السياسة والنظام السياسي في باكستان.

 

لقد انضمت باكستان تاريخياً إلى التحالف الغربي بقيادة الولايات المتحدة، سواء أكان ذلك في الحرب الباردة أو بعدها، وقد أدركت الولايات المتحدة قيمة موارد باكستان الهائلة ومزاياها الجيواستراتيجية وسعت لاستغلالها لخدمتها، وفي المقابل سعت قيادة الجيش إلى التلاؤم مع الأهداف الأمريكية، لتصبح أداة رئيسية في يد الولايات المتحدة لتنفيذ مشاريعها الإقليمية في جنوب آسيا، فتم تكليفها بقيادة الجيش الأفغاني ضد الاتحاد السوفييتي، واحتواء الهند والتطبيع معها لاحقاً، وإنشاء قناة للانفتاح مع الصين، ومحاربة ما يسمّى (الإرهاب)، وشن حرب على الإسلام... لكنّ العلاقات الباكستانية الأمريكية لم تكن يوماً شراكة متساوية، فقد تخلّت أمريكا عن باكستان عندما كانت مصالحها الاستراتيجية تتطلب الحد الأدنى من تدخل باكستان، بل لقد فرضت عقوبات صارمة على باكستان بسبب برنامجها للأسلحة النووية، وهددت بتصنيفها كدولة راعية للإرهاب خلال التسعينات.

 

واليوم تواجه باكستان إهمالاً على المستوى الدولي والإقليمي، خاصة بعد خروج القوات الأمريكية من أفغانستان في آب/أغسطس 2021م، وتنامي الشراكة الاستراتيجية بين الولايات المتحدة والهند، وهذا الشعور المتزايد بعدم الأهمية والعزلة لباكستان هو نتيجة للرؤية المحدودة لقيادتها، والخيانة الصريحة للأفراد في قيادة الجيش، فقيادة الجيش الباكستاني غير مستعدة ولا راغبة في استغلال الفرص الإقليمية لصالح مسلمي المنطقة، بل عملت على خلق عداوات مع قبائل البشتون والمجاهدين في أفغانستان، بعد أن هزمت قوات حلف شمال الأطلسي بقيادة الولايات المتحدة، بدلاً من حشد قوتهم لتحرير كشمير وردع الهند.

 

تعدّ الشراكة الاستراتيجية المتنامية بين الولايات المتحدة والهند عاملاً آخر مهماً في جنوب آسيا، فالولايات المتحدة تهدف إلى الحدّ من دور باكستان الإقليمي في مكافحة (الإرهاب)، وذلك لتوفير إمكاناتها وطاقتها من أجل القتال بين المسلمين، والانشغال داخلياً بالجماعات المسلحة، لتمهيد الطريق أمام أن تصبح الهند قوة إقليمية مهيمنة، لتتمكن الهند بعدها من التركيز على مجابهة الصين بدلاً من باكستان، وقد تحركت إدارة بايدن بسرعة كبيرة لزيادة إمكانات الطاقة في الهند من خلال التعاون في القطاعين العسكري والمدني عالي التقنية، وفي الوقت نفسه، تضاعفت مشاركة الهند في التجمعات العسكرية متعددة الأطراف بقيادة الولايات المتحدة، مثل الحوار الأمني الرباعي (كواد) في منطقة المحيط الهادئ الهندية. بدلاً من تحرير كشمير المحتلة من الهند، يواصل الجنرال عاصم - مثل سلفه - اتباع الإملاءات الأمريكية بشأن الحفاظ على وقف إطلاق النار على طول خط السيطرة، وجبهة الحرب مع كشمير المحتلة، واستخدام الاقتصاد الضعيف كذريعة للتقاعس عن العمل.

 

لقد كان من المتوقع مع انتصار طالبان على قوات حلف شمال الأطلسي، أن تقلّ التوترات الحدودية وتصلبها بشكل كبير، وكان من المتوقع أن تتمكن باكستان بعدها من إعادة التأكيد على ما فعلته خلال التسعينات، لكن ما حدث أن التوترات تزايدت حيث تحصّن المسلحون المناهضون لباكستان في مناطق آمنة على خط دوراند لمهاجمة باكستان، وقد هيمنت التوترات مع حكام أفغانستان الجدد (حركة طالبان) على السياسة الخارجية الباكستانية العام الماضي، وعملت القيادة الباكستانية على تأجيج التوترات عمداً من خلال الطرد القسري لنحو ثلاثة ملايين لاجئ أفغاني وتقييد التنقل عبر الحدود، فالولايات المتحدة تستخدم الجيش الباكستاني لإبقاء حكام طالبان الجدد تحت الضغط باسم مكافحة (الإرهاب)، مشعلة نار الفتنة بين المسلمين.

 

أما بالنسبة لنتائج الزيارة، فوفقا للبيان الصحفي الصادر عن المكتب الإعلامي والعلاقات العامة للقوات المسلحة، فإن الجنرال عاصم منير "قام بلقاء مسؤولين حكوميين وعسكريين أمريكيين رئيسيين خلال زيارته المستمرة للولايات المتحدة، بمن فيهم وزير الخارجية أنتوني بلينكن، ووزير الدفاع الجنرال لويد جيه أوستن، ونائب وزير الخارجية فيكتوريا نولوند، ونائب مستشار الأمن القومي جوناثان فاينر، ورئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال تشارلز براون... وتمت مناقشة مسائل المصالح الثنائية وقضايا الأمن العالمية والإقليمية والصراعات المستمرة، واتفق الجانبان على مواصلة المشاركة لاستكشاف السبل المحتملة للتعاون الثنائي سعياً لتحقيق المصلحة المشتركة"، كما "تمّ تحديد التعاون الدفاعي والتعاون في مكافحة الإرهاب كمجالين أساسيين للتعاون"، وفيما يتعلق بالاجتماع مع قائد القيادة المركزية الأمريكية الجنرال مايكل إريك كوريلا، أفاد المكتب بأنه قد تمت مناقشة المسائل المتعلقة بالتعاون في المسائل الأمنية الإقليمية وسبل التدريب المشترك. بينما كانت تصريحات وزارة الدفاع الأمريكية أكثر تواضعاً إلى حد ما، حيث ذكرت في إشارتها إلى مجالات النقاش أن "المسؤولين ناقشا التطورات الأمنية الإقليمية الأخيرة والمجالات المحتملة للتعاون الدفاعي الثنائي"، وجاءت تصريحات الاجتماع مع رئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريكية الجنرال براون بنص مماثل، ولم تصدر أية تصريحات عن وزارة الخارجية الأمريكية.

 

لقد تفاعل الجنرال عاصم منير أيضاً مع أعضاء في مؤسسات الفكر والرأي ووسائل الإعلام الأمريكية البارزة، ووفقاً لـلمكتب الإعلامي للقوات المسلحة الباكستانية فقد "ركّز قائد الجيش على أهمية باكستان من المنظور الجيواقتصادي والجيوسياسي، ورغبتها في تطوير نفسها كمركز للاتصال وبوابة إلى آسيا الوسطى وما وراءها، وتجنبها لسياسة التكتل وإيمانها بالحفاظ على العلاقات الودّية مع جميع الدول"، وذكر أيضاً أن "لجنة القوات المسلحة الباكستانية قد سلطت الضوء على وقوف باكستان كحصن ضد الإرهاب الدولي لعقود من الزمن ومساهماتها وتضحياتها التي لا مثيل لها في الحرب ضد الإرهاب".

 

فيما يتعلق بكشمير، أضاف المكتب الإعلامي للقوات المسلحة الباكستانية بأن "رئيس الجيش الباكستاتي أكّد على ضرورة حل قضية كشمير وفقاً لإلهام الناس في كشمير وقرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة"، وفيما يتعلق بفلسطين، ذكر المكتب أن "رئيس الجيش الباكستاتي شدّد على الضرورة الفورية لوقف إطلاق النار وإنهاء المعاناة في غزة، وتوفير المساعدات الإنسانية وتنفيذ حل الدولتين لتحقيق السلام الدائم في المنطقة".

 

يتضح من التصريحات الرسمية المذكورة أعلاه أن أجندة زيارة قائد الجيش الباكستاني إلى الولايات المتحدة كانت من أجل ما يلي:

 

أ. تنشيط العلاقات العسكرية بين البلدين، والتي تم تجميدها من قبل الولايات المتحدة.

 

ب. الترويج لدور باكستان كشريك في مكافحة (الإرهاب) في أفغانستان.

 

ج. استكشاف سبل دعم الذخيرة السرية للجيش الأوكراني وتقييم الاحتياجات الأمريكية، تحت غطاء التعاون الدفاعي.

 

د. استكشاف سبل إجراء تدريبات عسكرية مشتركة.

 

هـ. إبلاغ الولايات المتحدة بأن باكستان ليست في المعسكر الصيني.

 

و. تصوير )مجلس تسهيل الاستثمار الاستراتيجي) كفرصة للمستثمرين الأمريكيين للاستثمار في باكستان.

 

يظهر جدول الأعمال الأمريكي للاجتماع من خلال المصطلحات المستخدمة في البيانات الرسمية، مثل "مناقشة البيئة الأمنية الإقليمية" و"المجالات المحتملة للتعاون الدفاعي الثنائي"، وتضمن أجندة الولايات المتحدة طلب الدعم الباكستاني لقوة المهام البحرية 153 الموسعة حديثاً بقيادة الولايات المتحدة لحماية حركة المرور البحرية من هجمات مليشيات الحوثي في البحر الأحمر. وكان الهدف من الاجتماع أيضاً دعم دور باكستان في احتواء الحكومة الأفغانية المؤقتة الجديدة لطالبان تحت غطاء التعاون في مكافحة (الإرهاب)، وقد أبلغ المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية السيد ميللر خلال إيجازه الصحفي أن الولايات المتحدة وباكستان عقدتا حواراً رفيع المستوى لمكافحة (الإرهاب) في إسلام أباد في آذار/مارس 2023م، وصرّح في 19 من كانون الأول/ديسمبر 2023م: "في آذار/مارس، عقدت الولايات المتحدة وباكستان محادثات عالية المستوى بشأن مكافحة الإرهاب لمناقشة التهديدات الإرهابية المشتركة التي تواجه بلدينا ووضع استراتيجيات للتعاون في المجالات الحيوية، مثل أمن الحدود ومكافحة تمويل الإرهاب، ونحن نقوم بتمويل العديد من برامج بناء القدرات لمكافحة الإرهاب في باكستان التي تركز على إنفاذ القانون والعدالة، ونتطلع إلى تنفيذ هذا العمل".

 

وفيما يتعلق بالدعوة المستمرة للجهاد وتحرك القوات المسلحة لنصرة غزة، تريد الولايات المتحدة الحفاظ على هدوء الرأي العام الباكستاني، بما في ذلك داخل القوات المسلحة، وتريد تأمين المسار الباكستاني الحالي في مواجهة الهند والذي يهدف إلى الحفاظ على الاستقرار على الحدود، وتريد تقليص حجم قدرات القوات المسلحة الباكستانية إلى درجة الإضرار بالوظائف الحيوية، تحت شعار التحجيم المناسب.

 

لقد وافقت الحكومة الأمريكية على هذه الزيارة الواسعة لقائد الجيش الباكستاني، بعد تأخير طويل ومشاورات متتالية، وكانت الأزمة في غزة هي التي أوجدت حاجة ملحة بالنسبة للولايات المتحدة ودفعتها إلى توفير بروتوكول رفيع المستوى لعميلها في جنوب آسيا، على الرغم من انخفاض قيمته وأهميته ودوره، حيث هبطت باكستان إلى (فريق إدارة من الدرجة الثانية) لوزارة الخارجية الأمريكية، والذي يتعامل مع جنوب ووسط آسيا، منذ خروج أمريكا المهين من أفغانستان.

 

إن زيارة قائد الجيش الباكستاني لن تأتي بأي خير للأمة الإسلامية، حيث تلوح في الأفق مخاطر حرب فتنة جديدة بين باكستان وأفغانستان، ولن تجلب أي خلاص للمسلمين المحاصرين في غزة والضفة الغربية، فالجنرال عاصم لم يعطِ المسؤولين الأمريكيين أي تحذير من استمرار دعمهم لكيان يهود، علاوة على تنصل القيادة الباكستانية من مسؤوليتها في تحرير كشمير التي تحتلها الهند، والتي قضت المحكمة العليا الهندية مؤخراً بضمها غير القانوني إلى حكومة مودي، وبدلاً من اتخاذ إجراءات حقيقية، تناشد القيادة الضعيفة في باكستان ما يُسمّى بالمجتمع الدولي للتدخل، وهي تعلم جيداً موقف الأمم المتحدة وأجهزتها المعنية بحقوق الإنسان من الحرب في غزة.

 

لقد حان الوقت للأمة الإسلامية لتصبح قوة عالمية من خلال توحيد الأراضي الإسلامية في ظل دولة الخلافة على منهاج النبوة، واستعادة مجد الماضي، فالطريق المشرف الوحيد أمام المخلصين في المؤسسة العسكرية الباكستانية هو طريق الإسلام والجهاد، وليس في موالاة الكفار إلا الذل، قال الله سبحانه وتعالى: ﴿وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَـفِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ﴾. إن الخلاص يكمن في الطاعة الكاملة والاستسلام لله سبحانه وتعالى، ولا ينبغي لأي قائد عسكري باكستاني أن يضيع وقته على أعتاب واشنطن، في حين يجب أن يشغله بقيادة جيشه المسلم لسحق كيان يهود وفتح أبواب المسجد الأقصى على يديه.

 

 

كتبه للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

محمد سلجوق – ولاية باكستان

رابط هذا التعليق
شارك

Join the conversation

You can post now and register later. If you have an account, sign in now to post with your account.

زوار
اضف رد علي هذا الموضوع....

×   Pasted as rich text.   Paste as plain text instead

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   Your previous content has been restored.   Clear editor

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.

جاري التحميل
×
×
  • اضف...