اذهب الي المحتوي
منتدى العقاب

طلب النصرة احكام و نظرات


أبو أمير

Recommended Posts

بسم الله الرحمن الرحيم

 

من قضايا الأمة المصيرية

 

طلب النصرة أحكام ونظرات

 

طلب النصرة هو من أدق الأحكام وأكثرها حساسية ، وهو كذلك من أهمها في موضوع الطريقة والمنهج في عملية التغيير ؛ فهو – دون مبالغة – المفتاحُ لولوجِ بابِ الخلافةِ ، وتحطيم القوى الشريرةِ التي تحولُ دون هذه الغاية العظيمةِ الجليلة ، وهو في نفس الوقت الوصلةُ أو الرابطُ أو الممّر الرئيس الذي يربط ما بين مراحل العمل في القاعدة الجماهيرية من حيث التثقيفُ والتفاعلُ وبين تسلّم مقاليد الأمر وعملية التغيير الانقلابي الشامل ( إقامة الدولة )

 

فهو – طلب النصرة – أقوى الأعمال ، وأكثرها فعاليةً ، وأقربها من لحظاتِ الحسم في هذا الصراع المرير الطويل مع جهابذة الشرّ والكفر والضلال .

 

ولأهمية هذا الموضوع وحساسيته ، وفي نفس الوقت قلّة الكتابات التي فصلت فيه ، رأيت أن أضع صورةً – آمل أن تكون واضحةً – للشباب, وشباب الأمة الإسلامية الواعين لتعينهم على تقوية الثقة بأنفسهم ، وبأحكام دينهم وتقوية الثقة وزيادتها بحزبهم وبالأعمال الجليلة ، والتضحيات العظيمة التي يقوم بها هذا الحزب وخاصّة في هذا الموضوع ( موضوع طلب النصر ) .

 

ولا نريد أن نفصّل في الأحكام الشرعية التي تحدثت عن هذا الموضوع من حيث وجوده أو عدمه ، لأن ذلك أشهر ن أن يعرّف ، وأوضح من أن يُوضّح .

 

سنتحدث عن هذا الموضوع من ثلاثة زوايا : -

 

1- تصور واقع طلب النصرة ما هو ؟

 

2- الارتباطً الوثيقُ ما بين طلب النصرة ومراحلِ العمل الأخرى في الأمة .

 

3- الارتباط الوثيق ما بين طلب النصرة لاستلامِ الحكمِ وما بين تسلّمِ الحكم بالفعل بكسرِ الحواجزِ المادية

 

4- التصوّر الصحيحُ لموضوع طلب النصرة في مفاهيم الحزب وفلسفته الفكرية .

 

أولاً : تصوّر واقع طلب النصرة : -

 

قبل البداية في تعريف هذا الأمر، نقول وبالله التوفيق: أن البعض من شباب حملة الدعوة ، يتصور أن طلب النصرة هي عملية اتصالٍ واحدةٍ ، تُختم بالإيجاب أو الرفض من قبل أهل القوّة والمنعة ، وذلك من اجل تسلّم زمام الأمر ، وأخذ مقاليد الحكم في الدولة !!

 

والحقيقة أن هذا التصوّر لهذا الموضوع بهذه الكيفية ، وحصره في هذه الزاوية هو بعيدٌ كل البعد عن الفهم الصحيح السديد ، والسبب هو أن طلب النصرة عملية بناءٍ متكاملةٍ ودقيقةٍ ، ومتصلة مع كل مرحلة من مراحل العمل ، ومع أحوال الأمة من حيث الاستعداد لتحملّ المسؤولية العظيمة ، وحمل الأمانة الجليلة ،وهي كذلك ثمرة جهودِ كلّ فردٍ من أفراد الحزب حتى وإن كانت من أناس مخصوصين وفي أوساطٍ مخصوصة .

 

فعملية طلب النصرة وخاصّة هذه الأيام – عملية شاقّة ومضنية ودقيقة ، ومحفوفة بالمخاطرة الكبيرة ولا نبالغ إن قلنا إنها أصعب الأعمال وأقساها على العاملين في سبيل تغيير الواقع !!.

 

ولا يصلح لها أيُّ إنسان بل تحتاج إلى أناسٍ ذوي قدرات عالية ، وإحساس مرهفٍ ، وفكر عالٍ ، وتقوى عظيمة ، وبصيرةٍ وذكاء ، وقدرةٍ على سرعة الحركة والتنقل بين الأماكن ، وخاصةً من يمسكون بزمام الأمر في هذا المضمار .

 

فما هو المقصود بطلب النصرة وما هو واقعها ؟ لا بدّ لمعرفة واقع طلب النصرة من تعريفها أولاً ، وفهم ما قصده الفقهاء وأصحاب السير منها :-

 

جاء في الصحاح للجوهري : نصره الله على عدوه ، ينصره نصراً والاسم النُصْرة ، والنصيرُ : الناصرُ ؛ مثل شريٍف وأشرافٌ ، وجمعٌ لناصرِ نصرٌ ، مثل صاحبٍ وصحب ، واستنصره على عدوّه ، أي سأله أن ينصره عليه ، وتناصروا : نصرَ بعضهم بعضاً ، ونصرَ الغيثُ الأرضَ أي غاثها ، ونُصرتْ الأرضُ فهي منصورّة أي مُطرتْ . الصحاح ( 2/828)

 

أما في فهم أصحاب السير والفقهاء : فقد وردَ في كتاب السيرة لابن هشام : " ... قدمَ رسول الله صلى الله عليه وسلم قومه – أي راجعا من الطائف – وقومُه أشد ما كانوا عليه من خلافة وفراقِ دينه ، إلا قليلاً مستضعفين ممن آمن به ؛ فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرضُ نفسه على القبائل في المواسم إذا كانت ؛ يدعوهم إلى الله ، ويخبرهم أنه نبيٌ مرسل ، ويسألهم أن يصّدقوه ويمنعوه حتى يبيّن عن الله ما بعثه به .. " وروى كذلك ( أنه أتى بني عامر بن صعصعة فدعاهم إلى الله عز وجل ، وعرض عليهم نفسه فقال رجل منهم : أرأيتَ إن نحن تابعناك على أمرك ثم أظهرك الله على من خالفك ، أيكون لنا الأمرُ من بعدك ؟ ( والأمر هنا الحكم – وهذا دليلٌ على أن الطلبَ كان طلب مناصرةٍ للحكمِ ولمقدّمات الحكمِ من عرض الدينِ وتعليمه للناس ) ، فأجابه الرسولُ صلى الله عليه وسلم : " الأمر إلى الله يضعه حيث يشاء " ) ( السيرة النبوية لابن هشام /(2/32)

 

وورد في تفسير قوله تعالى : " وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ 72 الأنفال، قال الشوكاني رحمه الله :- في تفسيره:-( آوو ونصروا .... وأعلنوا ما أعلن أهل الهجرة وشهروا السيوف على من كذّب وجحد " تفسير الشوكاني ( 2/330) وقال القرطبي في تفسيره : " هم الأنصار الذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم وانضوى إليهم النبي صلى الله عليه وسلم والمهاجرون " تفسير القرطبي (8/56)

 

ويفهم من هذا التفسير لهذه الآية بأن النصرة حماية للرسول عليه السلام لعرض الإسلام، ومساعدة على تطبيق الإسلام في دولة ( المدينة المنورة ) وكذلك إشهار السيوف حماية لهذا الكيان الجديد ..

 

فطلب النصرة بناءً على الفهم اللغوي والاصطلاحي هي عملية طلب الحماية ، وطلب المساعدة على أمر معين ، وفي مجال الدعوة والتغيير هي (طلب الحماية لأفراد الدعوة أو لمجموعهم ممن يقدر عليها في المجتمع من أجل القيام بأمور الدعوة على أتّم وجه دون مضايقة ولا أذى) ، وقد حصل هذا الأمر بالفعل في عهد المصطفى غليه السلام من قبل أفراد الصحابة ، ومن قبل الرسول نفسه ، فقد دخل عثمان بن مظعون رضي الله عنه في حماية الوليد بن المغيرة، ودخل رسول الله صلى الله عليه وسلم في حماية عمه أبي طالب ، وكان يذود عنه الأذى ودخل كذلك بحماية المطعم بن عدي عندما رجع من الطائف .

 

وهي في أمر الوصول للحكم والتغيير الشامل الانقلابي ؛ (طلب المساعدةِ لهذا الأمر الجلل ممن يقدر عليها ، من أصحاب القوة أو السلطان وذلك من أجل تحطيم الحواجز التي تقف في طريق الدعوة لإقامة الدين بإقامة الدولة الإسلامية ).

 

وقد حدث هذا الأمر عملياً في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم عندما طلب النصرة من الأوس والخزرج في البيعة المشهورة ( بيعة العقبة الثانية )، حيث خاطبهم رسول الله صلى الله عليه وسلم قائلاً : " أبايعكم على أن تمنعوني مما تمنعون منه نساءكم وأبناءكم " سيرة ابن هشام (2/50)

 

وبعد هذه البيعة كانت الهجرة تباعاً من قبل صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وثم احتضانهم من قبل أهل النصرة ، ثم بعد ذلك هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم وقام بتطبيق الإسلام في دولة وسلطان .

 

فكانت هذه البيعة بمثابة مقدمة لإعلان الدولة ، أي كانت عملية طلب نصرة بالمفهوم الذي ذكرناه في طلب المنعة لاستلام مقاليد الحكم والسلطان .

 

أما هذه الأيام فإنها تكون من اجل حماية الدعوة وحماية أفراد الحزب ممن يقومون بهذا الدور ( إن وجد من يقدر على ذلك ) ، وتكون من اجل كسر حواجز الأصنام البشرية من حرّاس الدول الكافرة عندما تصل الأمة إلى درجة تتهيأ فيها فكرياً ونفسياً من أجل هذا الحدث الجلل العظيم ( التغير الانقلابي ) ، فتكون عن طريق مراكز القوة التي يغلب على الظن أنها قادرة على تحقيق الغاية العظيمة ؛ وهي حماية الدعوة ، والقدرة على تطبيق الإسلام في الدولة التي طُلبت النصرة فيها .

 

ومراكز القوة هذه ليس لها تحديد من حيث الأسماء ، وإنما هي مطلقة لأي جهة في بلاد المسلمين من أبناء المسلمين تكون قادرة على تحقيق الغرض من النصرة ؛ فقد تكون في قادة الجيوش ، وقد تكون في بعض السياسيين في الدولة ممن لهم القدرة على التأثير على قادة الجيش ، أو مراكز القوى الأخرى، وقد تكون من جموع الناس إذا غلب على الظن أنهم قادرون على كسر هذه الحواجز ..!.

 

ثانيا : الارتباط ما بين النصرة ومراحل العمل الأخرى :-

 

إن مرحلة طلب النصرة من أجل الحكم أو التغيير الانقلابي بإقامة الدولة الإسلامية هي المرحلة الأخيرة في عملية التغيير الفكري الشامل ؛ أي هي قطفُ ثمرة العمل في الأمة عبر سنواتٍ وسنواتْ ، ولا يمكن أن نصل إلى هذه المرحلة ( طلب النصرة ) إلا بعد تخطّي المراحل الأولى من الدعوة بالتثقيف ، والبناء الفكري ، والكفاح السياسي، والتفاعل والصراع الفكريّ والسياسيّ في الأمة ، ولا تطلب النصرة ، ولا تقبل كذلك إن عرضت حتى تتمّ عملية النضوج في فهم الأفكار التي يراد التغيير على أساسها ، وفهمِ واقع الدولِة الإسلاميةِ ، وفهم حجم التحديات التي تواجهها ، وفهم وإدراك واقع الجماعة العاملة ؛ أي فهم الحزب فهماً صحيحاً واعياً من قبل جماهير الناس ، وقّبولهم له ولفكره ، وإبداء الثقة ببنائِه التنظيميّ ، وإظهار الرغبة كذلك من قبلِ جماهير النّاس لقيادتهم بالإسلام وقيادتهم بهذا الحزب ؛ أي احتضان الناس لهذا الحزب .

 

ولا تطلب النصرة قبل هذه المرحلة من النضوج، ولا تقبل كذلك ممن يعرضها ، وقد عبّر الحزب في كتبه ونشراته عن هذا المعنى فقال : " لا بدّ من وجود الرأي العام المنبثق من الوعي العام عند شريحةٍ واسعة من الناس وقادرة ومستعدّة للتضحيات الجسام ، وفاهمةٍ وواعيةٍ ومدركةٍ لما يُقصد بالتغيير وتبعاته العظيمة .

 

والأصل أن يقوم رجال النصرة بالاتصال خلال مرحلة التفاعل من أجل تهيئة موضوع النصرة ، لأن المعنى من عدم طلب النصرة أو قبولها – مما ذكر – ليس الاتصالُ والتنظيمُ من أجل اللحظة الحاسمة ، ولكن المعنى هو عدم طلبها أو قبولها لاستلام الحكم وإقامة الدولة ، فالأصل أن يكون العاملون في طلب النصرة ( لجنة النصرة ) على اتصال دائم وبناء مستمر مع مراكز القوى لتهيئة الأرضية للنصرة ، لأن النصرة لا تأتي في يوم وليلة وخاصة أنها عملية بناء لا تنفصل عن المرحلة السابقة (التفاعل ) .

 

فعملية عرض النصرة من قبل أهل القوى وقبولها من الحزب من أجل إقامة الدولة ،أ, طلبها من قبل الحزب واستجابة أهل القوة في أرض الواقع بإقامة الدولة قبل عملية النضج الكافي في الأمة هي- دون مبالغة - انتحارٌ للدعوة ولفكرها دون مبالغة ، لذلك كان الحزب واعياً على هذا التصور الصحيح فردّها أكثر من مرّة في بعض الأماكن – كما حصل في الأردن عدة مرات -أي رفض النصرة لاستلام الحكم وذلك لعدم تهيؤ الأجواء على فكرة الحزب ، ولعدم وجود الأرضية الصلبة لذلك ، أي لعدم وجود قاعدة شعبية قادرة على تحمل تبعات هذا الأمر الجلل العظيم سواءٌ أكان ذلك لتقديرات من الحزب بعدم صلاحية المكان ، أو لعدم وجود الجاهزيّة في الأمة من حيث الوعي الكافي ووجود الرأي العام لصالح الحزب وفكره ومنهجه وتصوراته للبناء السياسي .

 

فطلب النصرة من هذه الناحية ؛ أي من ناحية ارتباطه بالعمل الفكريّ ، هي عمليةٌ مترابطة ومتعاضدةٌ ومتصلة في أعمالها حتى لو لم تكن متصلةً في رجالاتها وطبيعة أعمالهم أحياناً . من هنا قلنا إن النصرة هي بمثابة عنق الزجاجة التي تمر من خلاله جميع الأعمال إلى باب الخلافة والإمساك بالمفتاح لفتحه أو كسره إن استعصى الأمر على أهل النصرة ورجالاتها .

 

فمرحلة طلب النصرة مترابطة مع المرحلة السابقة ومتصلة بها اتصالاً وثيقاً ، بل هي ثمرتها التي تؤتيها شجرة الدعوة في نهاية المطاف ، وتبقى الدعوة مستمرة على كافّة الصُعُد ، وتبقى كذلك عملية الاتصال مع رجالات النصرة ، وعملية بنائهم فكريّاً وسياسياً في المناطق التي يغلب على ظن العاملين أنها تصلح فكرياً وواقعياً ( أي تصلح كدولة ) سواء أكان ذلك في بلدٍ واحدٍ من دول المجال أو أكثر من دولة ، وتترابط هذه العملية وتستمر حتى لحظة الحسم وذلك بتقدير العاملين في لجنة النصرة مع أمير الدعوة أن لحظة الحسم قد آنت وأن الثمرة آن لها أن تقطف .

 

وقد عمل الرسول صلى الله عليه وسلم في الدعوة وفي النصرة معاً في مراحل الدعوة الأخيرة ، حيث كان عليه السلام يعرض الإسلام ، ويثقف الناس ويعلّمهم وفي نفس الوقت يطلب النصرة من القادرين عليها ، واستمّر العمل بها قبل سنوات من إقامة الدولة وتوّجت في نهاية المطاف بإقامة الدولة بعد تهيؤ الأسباب في المدينة المنورة .

 

ثالثاً : الارتباط الوثيق بين طلب النصرة وعملية تسلم الحكم وإقامة الدولة الإسلامية .

 

وهذا الأمر هو من الخصوصيات التي لا يطلع عليها إلا جهاز واحدٌ مرتبط مع الأمير ، فهو أمر سري ، لا لأن الحزب يريد أن يكون سرّياً ، ولكن لأن طبيعة العمل تقتضي السرية ، والرسول عليه السلام يقول : " استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان " وقد طبق ذلك عليه السلام في بيعة العقبة الثانية تطبيقاً عملياً ، حيث أمر أصحاب البيعة بالخروج إلى ( العقبة ) بسرّية تامة وكتمان، ودون أن يشعر بهم أحد من الحجيج ولا حتى من قومهم.

 

روى ابن كثير في سيرته قال : عن معبد عن عبد الله ، عن أبيه كعب بن مالك ، قال : (....... فنمنا تلك الليلة – أي الليلة التي حصلت فيها البيعة – مع قومنا في رحالنا ، حتى إذا مضى ثلث الليل خرجنا من رحالنا لميعاد رسول صلى الله عليه ، نتسلل تسلل القطا مستخفين ، حتى إذا اجتمعنا في الشعب عند العقبة ونحن ثلاثة وسبعون رجلاً ومعنا امرأتان ... " السيرة النبوية – ابن كثير ( 2/196 )

 

وأمر آخر يقتضي السرية هو خطورة هذا الأمر في ظلّ هذه الأنظمة الإجرامية الدكتاتورية ، وفي ظلّ هذه الحملة الشرسة التي تستهدف الإسلام والعاملين له تحت مسمّى ( مكافحة الإرهاب! ) .

 

لذلك تحاول الأنظمة باستمرار تتبع هذا الأمر ، ومعرفة رجالاته ، واتصالاتهم مع قادة الجيش ، أو مع زعماء القبائل ، والأوساط السياسية الفاعلة في الدولة ، أو الضّباط المتقاعدين ممن لهم باعٌ ومعرفة في ترتيبات الجيش ورجالاته ، أو ممن لهم اتصال بالأوساط السياسيّة خارج الجهاز العسكري ، أو غير ذلك من اتصالاتٍ يقوم بها رجال النصرة ولجنة النصرة لتهيئة الأمور من أجل ترتيب ساعة الحسم واستلام مقاليد الأمر .

 

ولكن رغم هذه السرية الشديدة في هذا الموضوع الحسّاس والمهم فهناك بعض الجوانب التي يمكن الحديث عنها ليكون الشباب على دراية بها وحسن تصوّر لها ، لأن حسن التصور والدراية هو من دواعي حسنِ العمل والصبر على مشاقّ الطريق وعقباتها ، ومن دواعي التقليل من تساؤل بعض الشباب باستمرار وبشكل مملّ : أين وصلنا ، ولماذا تأخر النصر؟؟!! وغير ذلك من أسئلة مملة ليس لها جواب!! .

 

ومن الأمور التي يمكن الحديثُ عنها:_

 

1- أن هذه العملية هي عملية متكاملة ودقيقة ، وهي عملية بناء غاية في الدقة في عملية ربط الخيوط ، وفي عملية تهيئة الأرضية عند أهلِ القوة والمنعة ، فقد يحتاج أمرٌ واحد في تهيئة مسألة في هذا الأمر إلى سنوات .

فهي عملية فكرية وسياسية وعملية بناء شخصياتٍ عاليةِ الجاهزية ، ومؤثرة في محيطها ، وتملك -في نفس الوقت- أسباب القوة والمنعة .

 

2- إن هذه العملية – النصرة لاستلام الحكم – هي عملية واسعة وليس كما يتصوّر البعض من الشباب – وكما ذكرنا في بداية الحديث – أنها عرض الأمر على رجل من قادة الجيش ينتهي بالقبول أو الرفض . فهذا الأمر-( طلب النصرة)- بعيدٌ كل البعد عن هذا التصور ، لأن الحزب يسعى لاستلام الحكم عن طريقه هو، لا عن طريق غيره ، أي تكون جميعُ الخيوط متصلة بتنظيمه للأمور ورعايتها حتى لحظة الحسم ، وتكون في نفس الوقت مأمونة ومضمونة من حيث حسن سير الأمور ووصولها إلى النهاية لصالح الحزب وفكره لا لصالح أحدٍ غيره ؛ومن ثم الإيقاع بالتنظيم وضربه ضربة مؤلمة ، أو قاسمة .

 

فلجنة النصرة تنظم الأمور بكيفية تؤدي إلى وصول النتائج لصالح الدعوة بتسلّم رجالات الدعوة مقاليد الأمر ، فقد يطرق الحزب أبواب عدّةِ قادةٍ وضباط عسكريين من الصف الأول والثاني في الجيش ، وفي نفس الوقت يطرق أبواب قادة سياسيين يعلنون ولاءهم المطلق للحزب ، ثم يعمل بشكل متواز ، وبطريقة سرية لا يعلمها حتى أهل النصرة الآخرون ممن يعطونها ؛ أي لا يعلمون تفاصيل الأمور الدقيقة في كيفية تسلّم مقاليد الأمر ، والذي يعلمها فقط هم ( الخاصة ) في لجنة النصرة وقادة الحزب .

 

فيعمل الحزب عن طريق لجنة النصرة في بناء هؤلاء الناس بناءً سليماً يهيئ الأرضية بشكل مكتمل وناضج قبل أخذ زمامِ الأمر في ساعة الصفر ، وتستعين لجنة جهاز النصرة بمن تراه مناسباً لهذا العمل وبتنسيق مع أمير الحزب.

 

فالعملية إذن هي عملية بناء شاقة وواعية وعياً فوق الطبيعيّ كما في الأمور الأخرى، وتحتاج إلى جهود طويلة وإلى أخذ الثقة الكاملة والمتبادلة من هؤلاء الناس بالحزب، ومن الحزب بهم .

 

فالأمر ليس لعبة أطفال، ولا معادلاتٍ ماديةٍ توضع لها مقدّمات فتخرج بعدها النتائج بشكل تلقائي وسلس دون حذر ولا خوف ولا صعاب، بل إنها عملية من أعقد العمليات السياسية في المجتمعات وخاصّة هذه الأيام التي نعيشها، حيث الرقابة الكبيرة على أجهزة الجيش، وعلى القادة بالذات، وحتى على الضباط المتقاعدين .

 

فعملية خرق هذا الجدار الصلبِ المراقبِ بعنايةٍ من قبل الدول العميلة والدول الكبرى هي عمليةٌ غاية في الدقة ، وغاية في الصعوبة ، وغايةٌ في نفس الوقت في التضحية والفداء .. وهذا الأمرُ نقوله لا للتيئيس ولكن ليعي شبابُ الدعوةِ أن الأمر ليس سهلاً ميسوراً ، تُعرض فيه الفكرةُ – كما يتصور البعض – على أحد الضباط ثم يقوم بتسليم الحزب مقاليد الأمر والسلام .

ولولا أن الله تبارك وتعالى قد وعد وعداً قاطعاً جازماً بالوصول إلى هذا الهدف ، ولولا الرجال الأبرا الأخيار الذين هيأهم الله تعالى لمثل هذا الأمر من ذوي القدرات العالية والنفسيات المرتفعة ، والتصميم الكبيرِ لقلنا أن هذا الأمر هو شبه مستحيل في ظلّ هذه الأنظمة الإجرامية ، لكن الله تبارك وتعالى يهيئُ أحوالاً وأجواءً وظروفاً تسهّل المهمّات وتساعد في عملية الاختراق لهذه الحصون المحصّنة ، فيهيئُ أزماتٍ وضرباتٍ اقتصاديةٍ وسياسيةٍ وعسكريِة تجعلُ الوسط السياسيِ وأهل القوة في منطقة ما يندفعون للبحثِ عن مخلّصٍ يخلّص البلاد من هذا الوضع وذلك نتيجة وجودِ الفراغِ السياسيّ ، وعدمِ الاستقرارِ في البلد ، ونتيجة الشدّة والأزمات المتتابعة !! .

 

لذلك ذكر الحزب في ثقافته : ( أن البلادّ التي تكثرُ فيها الأزماتُ تكون أقربَ للتغيير من تلك التي تحظى بالاستقرارِ وبحبوحةِ العيش والرخاء الاقتصادي) لأن لغة الخطابِ ووسائلَ الدخول في الأوساط السياسية وفي أهل القوةِ والمنعة تكون أيسرَ بكثيرٍ من تلك التي لا توجد فيها تقلباتٌ وأزمات ، حيث تضعفُ سيطرة السياسيين على مقاليد الحكم وعلى القادة العسكريين وحتى على فئات الشعب المتعدّدة .

 

وهذا الأمرُ ليس فقط في الحكومات وعملية تسلم الحكم بل في كل الأمور المتصلّة بالمجتمعات سواء أكان في أمور الحكم أم السياسة أم الفكر .

 

فالدول التي واجهت أزماتٍ اقتصادية ولم يكن عندها أفكارٌ وأحكامٌ تعالجها انهارت كما حصل مع الاشتراكية ، والأفكار القومية التي نادى بها رؤرسُ القومية في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي كذلك انهارت وانتهت بسبب الهزائم والنكباتِ والأكاذيب التي ساقوها وسوّقوها على الشعوب ، والأنظمة في العالم الإسلامي الآن بدأت تفقد السيطرة على مراكز القوى والسياسيّين والشعوب وخاصّة بعد أزمة الحرب في العراق وأفغانستان، وبعد المشاكل الاقتصادية التي بدأت تعصفُ في بلاد المسلمين لدرجة عدم القدرة على شراء رغيف الخبز في بعض البلاد مثل باكستان ومصر !! .

 

والحقيقة أن هذا الأمر هو ما حصلَ في المدينة المنورة مقارنةً مع مكّة المكرمة ؛ فالمدينة قد مرّت في فترة عصيبة من الحروب الفتّاكة التي أكلت الأخضر واليابس بين الأوس والخزرج بسبب فتن اليهود داخل المدينة ، لدرجة أن كلا الطرفين قد أخذ ينظر لمخلّص يخلصه من هذا الوضع البائس المتردّي !! ، أما في مكة المكرمة فإن الدعوة فيها قد أثمرت من ناحيةٍ أخرى ؛ وهي بناء الشخصيات الإيمانية القوية ، وإيجاد القناعة أيضاً عند طائفة كبيرة من الناس بهذا الدين ، ولكن الاستقرار السياسي، وتمكن جهابذة الكفر من الأمور جعل مكة صعبة المنال على عملية التغيير السياسي ( الحكم ) .

 

هذا ما يتعلق بموضوع الارتباطِ الوثيق بين طلبِ النصرة واستلام الحكم وعملية التطبيق الانقلابي الشامل للإسلام .

 

رابعاً :- طلب النصرة في أفكار الحزب ومفاهيمه : -

 

لقد تبنّى الحزب في طريقته للتغيير واستلام الحكم( طلب النصرة )، واعتبر ذلك جزءً لا يتجزأ من الأساليب الناجعة في أحكام الطريقة لاستلام الحكم ، وسطّر ذلك في منهجه الذي تبنّاه لعملية التغيير ،

 

فقد ورد في كتاب منهج حزب التحرير في التغيير : - ( ... إن عمل طلب النصرة يختلف عن عمل الثقافة في المرحلة الأولى ، وعمل التفاعل في المرحلة الثانية، بالرغم من انه حصل في المرحلة الثانية التي هي مرحلة التفاعل ، وانه جزء من الطريقة الواجبة الإتباع عندما يتجمد المجتمع إمام حملة الدعوة ويشتد الإيذاء عليهم...) .

 

ويقصد الحزب بهذه العملية كسر حاجز القوى المادية التي تقفُ في طريق الحزب من أجل الوصول إلى تطبيق الإسلام في الدولة والمجتمع ؛ أيّ إلى إقامة دولة الإسلام .

 

وقد رأى الحزب أن النصرة تطلب من أهلها أي من القادرين عليها ، سواء أكان ذلك من الأمة مباشرة إن كانت قادرة على إعطائها ، وكانت عندها القدرة على تولي زمام الأمر ووضع من تريد في مراكز الحكم والسلطان ، وإحداث عملية انقلاب شامل في الدولة ، وهذا يكون صعباً جداً والسبب أن الأمة لا تسيطر على مراكز القوى وخاصّة في الجيش ، وقد يطلبها من الأمة عن طريق مراكز القوى الأخرى في الجيش أو زعماء القبائل أو غيرهم من سياسيِين وقادة ..

 

ولا تطلب النصرة من غير ذلك، فلا يطلبها الحزب من زعماء الكفر ولا من الدول الأجنبية، أو غـير ذلك من قوى متنفذة وتدين بالولاء لغير الحزب .

 

فالحزب يطلب النصرة من الأمة مباشرةً بعد فترةٍ من العمل يصلُ معها إلى حدّ النضج وإلى حدّ تهيئ القاعدة الصلبة لاستقبال المولد الجديد ، من حيث الرأي العالم المنبثق من الوعي العام ، فالنظرة عند الحزب ليست مجرد استلام حكم كيفما كان، بل إنها تغيير شامل قائم على أساس صحيح ، ويكون ذلك عن طريق طلب النصرة لكسرِ الحاجز الأخير الذي يحول دون تطبيق الإسلام بعد تهيئ كل مقوماتهِ في الأمة فكرياً وجماهيرياً .

 

فالنصرة عند الحزب هي عملية إزالة الحواجز المادية لاستلام الحكم ، وهي عملية بناءٍ – كما ذكرنا – لشخصيات قريبةٍ ومواليةٍ فكريّاً وسياسياً وعندها القناعة التامة بالتغيير على هذا الأساس ، والقناعةُ والثقة المتبادلة بينها وبين الحزب قيادةً وفكراً ومنهجاً .

 

أما استلام الحكم فهو مرحلةٌ أخيرةٌ في هذا الموضوع ، وليس كلّ شيء في موضوع النصرة ، لأن المناصرة قناعةٌ وثمرةٌ لجهودٍ كبيرةٍ تنتهي بالمساعدة باستلام الحكم من خلال هذا الطريق .

 

والحقيقة أن الحزب قد رأى أن يجعل لهذا الأمر قوانينَ إدارية تنظم هذا الأمر بشكل دقيق ،وذلك بعد عدة تجارب خاضها في هذا المضمار ، وبعض الأخطاء التي حصلت في أثناء ذلك . فرأى أن يجعل لذلك مكتباً أو لجنة مخصوصة تتشكل من عدة أشخاصٍ من ذوي المستوى العالي في الفهم والاستعداد للعمل الشاق ، وهذه اللجنة لها مسئول على اتصال مباشر مع الأمير لا مع أي شخص آخر ، ولها أيضاً أساليبُ لا يطّلع عليها إلا صاحب الشأن مباشرة ولا يطلع عليها أحد غيره إلا بإذنه ، وذلك لحساسية الأمر وخطورته كما ذكرنا .

 

وينتقي الحزب لهذه الغاية – كما ذكرنا – من يصلح لها ممن يختاره لهذا العمل الجليل الذي لا يقل أهمية عن أمور القيادة .

 

وتعمل لجنةُ طلب النصرة في عدّة مناطق في دول المجال في العالم الإسلامي ، وليس في منطقة واحدة فقط ، فتختار أكثر من بلدٍ وتركّز عملها في واحدٍ أو أكثر ، وتقوم بعملية بناءٍ دقيقة لشخصيات مؤثرة في مراكز القوى، وفي مراكز القوى نفسها ، وقد نجح الحزب في ذلك نجاحاً كبيراً في بعض المناطق مثل باكستان ، حيث تمكن من اختراقِ حاجز المراقبةِ على الجيش وبنى شخصيات فاعلة ومؤثرة ، وتمكّن كذلك من اختراق الوسط السياسي وبنى فيه شخصياتٍ مؤثرة وقد حصلت عدة اعتقالات في السنوات السابقة كشفت عن هذا الأمر كما ذكرت وسائل الاعلام، وهو يسير بخطىً ثابتة ومتّزنة للوصول إلى الغاية بنجاح بإذنه تعالى ..

بقيت النقطة الأخيرة في هذا الموضوع وهي الطمأنينة إلى وعد الله تبارك وتعالى بتحقيق النصرة لاستلام الحكم في منطقة ما في هذا العالم الإسلامي المترامي الأطراف المتسع الفسيح !!

 

فالله تبارك وتعالى وعد بالنصر والنصرة والمناصرة ، قال تعالى : " إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ ) غافر/51لننصر "،

وقال : "وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ رُسُلا إِلَى قَوْمِهِمْ فَجَاءُوهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَانْتَقَمْنَا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ " 47/الروم ،

وقال : " وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ ) القصص/5

وقال كذلك وقوله حق وصدق بأنه لا يضيع عمل العاملين لا في الدنيا ولا في الآخرة ، قال تعالى : " يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ ) 171/ ال عمران

وقال : ( مَا كَانَ لأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الأَعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ وَلا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلا نَصَبٌ وَلا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلا إِلا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ) التوبة /120

وقال: (وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ) هود/115

وقال : (قَالُوا أَإِنَّكَ لأَنْتَ يُوسُفُ قَالَ أَنَا يُوسُفُ وَهَذَا أَخِي قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ) يوسف /90

ووعد كذلك بأن العاقبة هي للمتقين في الدنيا والآخرة ، قال تعالى : " تِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنْتَ تَعْلَمُهَا أَنْتَ وَلا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هَذَا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ ) هود /49

وقال : (قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ) الاعراف/،128

وقال : (وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى ) طه/ 132

وقال: (تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الأَرْضِ وَلا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ) القصص/83

 

وهذا الأمر مدعاة ليزيدّ شباب الحزب بشكل عام من تقواهم لله عزّ وجل وكثرة طاعاتهم ، لأنهم بذلك يساعدون شباب النصرة من العاملين في لجنتها ، ويعينونهم على فتح قلوب أهل النصرة تماماً كما أعان صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم رسولهم على تحقيق وعد الله بأخذ النصرة من أهل المدينة ، فيجب على شباب الحزب أولا أن تكون عندهم الثقة المطلقة بالله وبتحقّق وعده ، وأن تكون عندهم الثقة الكاملة بعمل الحزب وأجهزته وخاصّة القيادة وجهاز النصرة ، ويجب عيهم أن يجعلوا مالهم حلالاً في الكسب لأن الرسول صلى الله عليه وسلم حذّر من الكسب الحرام وأن صاحبه لا تستجاب دعوته ؛( ... عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال ، قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم " إن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيبا و إن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال تعالى ’’يا أيها الرسل كلوا من الطيبات و اعملوا صالحا ’’ و قال تعالى ’’ يا أيها اللذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم ’’ " ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب و مطعمه حرام و مشربه حرام و ملبسه حرام وغذي بالحرام فأنى يستجاب له . رواه مسلم، وفي نفس الوقت يقول : " رب أشعث أغبر ذي طمرين لو أقسم على الله لأبره) رواه مسلم .

 

كذلك يجب على الشباب أن يتمثلوا أخلاق رسولهم الكريم حيث كان خلقه القرآن صلوات الله وسلامه عليه ، من حيث لين الجانبِ وحسن المظهر والمخبر ، والإخلاص الخالص لله تعالى ، والحرص على الطاعات وعدم ادّخار أي جهدٍ في سبيل هذه الدعوة المستنيرة .

 

وان الله تبارك وتعالى سينظر بعين العطف للعاملين في هذا الطريق وخاصّة السجناءَ منهم في شتى بقاع الأرض ، وسينتصر هذا الحزب والأمة معه بهؤلاء الضعفاء المغلوبِ على أمرهم وبأولئك المخلصين العاملين ، وبالشباب بشكل عام الصابرين على هذا الطريق الشاقّ الطويل .

 

إن الله تبارك وتعالى سينظر بعين العطف والرحمة وسيهيئ الأسبابَ التي تؤدّي إلى سهولة الأمر لاختراق هذه الجدر الصلبة الشريرة الكافرة في العالم الإسلامي؛ من الحكام وأعوان الحكام .. وذلك بحدوث أحداثٍ جديدةٍ إضافةً إلى الأحداث العظيمة التي حدثت وخدمت الدعوة والعاملين في طريقها ؛ أحداثٍ جسام تكشف ظهر الحكام وتنفر الأمة منهم ، وتنزع ثقتها من دجلهم وكذبهم السياسي ، وتنزع ثقة القادة والضبّاط منهم كذلك وتجعلهم ينظرون ويبحثون عن مخلّصٍ تماماً كما كان أهل المدينة يبحثون عن منقذ ومخلّص !!.

 

أما بالنسبة للحزب وجهوده فيجب على الشباب أن تكون عندهم الثقة الكاملة بجهوده وبتضحياته العظام التي تعجزُ عنها الجبال الراسيات ، وعندما تزول هذه الغمّة وتقوم دولة الإسلام قريباً بإذنه تعالى ، ويكشفُ الحزبُ لشبابه ما كان يخفيه من أسرارِ العمل في هذا السبيل سيعجبون كلَّ العجب وسيخفضون رؤوسهم وقاراً وتواضعاً لله تعالى إن منَّ عليهم بمثل هؤلاء الرجال الذين كانوا لا يكلّون ولا يملّون ، يصلون ليلهم بنهارهم في العمل الشاقّ الدؤوب ..

 

فالحقيقة التي ربما تخفى على البعض هي أن الحزب لا يأل جهداً في هذا السبيل ، بل إنه يقوم بأعمالٍ غير عادية ولا اعتيادية في موضوع طلب النصرة ، ويسخّر لهذا الأمر الطاقاتِ العظام من خبرة شبابه ، وهو ينتظر الإذن من الله تعالى أن يهيئ الأسباب التي تمكنّه من دخول الباب الأخير في المراحل الأخيرة لاستلام الحكم وإقامة دولة الإسلام .

 

نسأله تعالى أن يسرّع في تهيئة الأسباب لاختراق هذه الجدر الصلبة التي تحمي هذه الأنظمة المتهرئة لتمكنّ رجالات النصرة والعاملين فيها من استلام زمام الأمر وإقامة دولة الإسلام ، وتحقق وعد الله ، ويومئذ يفرج المؤمنون بنصر الله ينصر " من يشاء وهو العزيز الرحيم ، وعد الله لا يخلف وعده ولكن أكثر الناس لا يعلمون ؟ صدق الله العظيم

اللهم آمين رب العالمين

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

أبو المعتصم – بيت المقدس

27- رجب – 1429هجري

تم تعديل بواسطه أبو سيف
رابط هذا التعليق
شارك

Join the conversation

You can post now and register later. If you have an account, sign in now to post with your account.

زوار
اضف رد علي هذا الموضوع....

×   Pasted as rich text.   Paste as plain text instead

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   Your previous content has been restored.   Clear editor

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.

جاري التحميل
×
×
  • اضف...