منذر عبدالله Posted September 23, 2013 Report Share Posted September 23, 2013 قيمة الإنسان من قيمة الأهداف التي يعيش من أجلها في هذه الحياة. الطُموح من أجمل الأمور في الحياة, شرط أن يُقرنَ بالجِدّيَة وبقوة الإرادة, وبالأهداف الواضحة والبرامج المحددة. وأن يكون كل ذلك في أجواء إيمانية. ألا فليعلم أهل الهمة والطموح, أن قيمة الإنسان وأهميته في هذه الحياة تكون بقيمة الأهداف التي يعيش من أجلها وأهميتها. جميع الناس يتساوون في العيش على هذه الأرض, بغض النظر عن نوع مأكلهم ومشربهم ومسكنهم, فكلهم يشتركون في العيش وإن تفاوتت مستويات عيشهم. بل إن الإنسان من حيث هو إنسان يشارك الطيور والحيوانات هذه الصفات والمعاني, بل قد تجد أن بعض الطيور والحيوانات تنال قسطاً أوفر مما يناله بعض البشر, وربما من دون عناء ومشقة. هناك من يأتي إلى الدنيا ويخرج منها دون أن يكون له أي وزن أو قيمة أو أثر فيها, كأنه مجرد رقم نكرة قد مر بهذه الحياة. هؤلاء لا يعرفون من أين جاؤوا ولا الغاية من وجودهم! فيعيشون في عالم صنعه غيرهم سواء أكان صالحاً أم فاسداً, تافهين، من غير معنى ولا قيمة, بل ويظنون أنهم لو تمتعوا (كما تتمتع البهائم) في هذه الدنيا, يكونوا من الأذكياء والنوابغ الناجحين! قد تحمل في هذه الحياة همّ نفسك وحاجاتها, وقد تنظر أبعد وترتقي قليلاً فتجعل همك القيام بأسرتك وحاجاتها, ثم ترتقي أكثر فتفكر بشؤون عشيرتك ثم قبيلتك, ثم ترتقي برقي فكرك وحسك, فتفكر بشؤون شعبك وقومك, ثم تصل إلى مرحلة الشعور بإنسانيتك فتفكر بوَصفِك الإنساني, وتندفع للحفاظ على نوعك وصلاحه, مدفوعاً بإدراكك لحقيقة أصلك وأنك مخلوق لخالق خلقك لتعيش وفق منهجه. هكذا ترتقي في تفكيرك ونظرتك, فتصل إلى حقيقة وجودك, وتدرك أنك مخلوق لخالق, وأن لا معنى للحياة من دون العيش للفكرة والمبدأ والأهداف التي جاء بها, وأن هذا ما يُميزك عن الكفار والحيوانات ويجعل لك قيمة. ثم تنظر إلى عالمك وزمانك اليوم, فترى الكفر يخيم على الكون, والفساد يملأ الأرجاء, فتنهض بعزيمة المؤمنين, متوكلاً على رب السماوات والأرض, يهون أمام عينيك الكفر كله, وتهون في نفسك قوته وانتفاخه أمام قوة رب الكون كله، وتتذكر سيدك وقائدك محمدًا صلى الله عليه وسلم حين نزل الوحي عليه في عالم مظلم وموحش, يعمه الشرك والكفر, وكيف نهض فرداً أعزل, لا سلاح معه سوى الفكر المستنير الذي سَيغيّر الكون... فتنهض كما نهض, وتصارع الكفر حتى تصرعه, وتعيش لتحقيق أعظم غاية, وتُفني عُمرك وأنت تُكافح من أجل أعظم رسالة. وهكذا يكتب لك في الدنيا وفي الآخرة أنك من رجال الله الذين يصنعون التاريخ, ويعيشون كما أرادوا هم وليس كما أراد لهم أرباب الكفر التافهون. وبدلاً من أن تكون جزءاً من عالم فاسد يصنعه عبّاد الجاهلية, تصنع عالمك الذي اختاره الله لك, فتعيش حراً من قيود الجاهلية, عبداً لخالقك, فتكون خليفة الله في أرضه, تصلحها بعد أن فسدت, وتملؤها بالخير والصلاح بعد أن سادها الشر وعَمّها الظُلم. فتكون يا عبد الله من الذين حملوا أمانة الله, وغيّروا مجرى التاريخ, وكانوا سهام الله التي تشدخ نافوخ الكفر وتصرع أرباب الفساد, وهكذا تتجسد فيك وبعملك كل معاني الإيمان والعزيمة والتضحية التي جَسّدها الأنبياء عليهم الصلاة والسلام, فتتحول أيامُك العصيبة إلى فرصة لا تُفوّت, تجعلك لو كنت على قدر المسؤولية, وعلى مستوى اللحظة التاريخية, من صفوة الخلق بإذن الله تعالى. فلا تُضَيّعِ الفُرصة, وكُن مِن صُنّاع زمانك, وأودع فيه بصمتك, لتجدها عند الله تعالى جنات وأنهارا. {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبّ الْعَالَمِينَ لَا شَرِيك لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْت وَأَنَا أَوَّل الْمُسْلِمِينَ}. لو كنت كذلك, وعشت من أجل تلك الأهداف العظيمة, لكانت تلك قيمتك عند الله وفي التاريخ... تترضى عنك الناس إلى يوم الدين. فهل تكون من أنصار الله وحملة دعوته ورجاله في أصعب زمان؟ أم تكون مجرد ريشة أو مجرد دابة تدب على رمل يمحى أثرك عنه بمجرد عبورك! ثم لا تجد حين تلقى ربك إلا الندم والأسى على ما فاتك، فتكون ممن قال الله تعالى فيهم: {حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ}. وقال فيهم أيضًا: {وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ } منذر عبدالله طارق, جمال ابو عباده and الرضا 3 Quote Link to comment Share on other sites More sharing options...
Recommended Posts
Join the conversation
You can post now and register later. If you have an account, sign in now to post with your account.