اذهب الي المحتوي
منتدى العقاب

تفكيك الدولة العميقة في مصر


المستيقن

Recommended Posts

تفكيك الدولة العميقة في مصر

بقلم: عبد المعطي ذكي إبراهيم - 2012-06-19 13:22:32

http://www.alamatonline.net/l3.php?id=33937'>http://www.alamatonline.net/l3.php?id=33937

 

نحو خروج آمن من المرحلة الانتقالية (2)

 

الدولة العميقة هى مؤسسات غير مرئية، تدير الدولة من أسفل بعيدا عن سلطات الرئيس أو الحكومة أو البرلمان

 

استخدمت تركيا تعبير «الدولة العميقة» لوصف الدولة التي لا يراها الناس ويسمعون عنها، وتعنى الجيش والقضاء والإدارة والمؤسسات العلمانية القوية، وهى تدير شؤون البلاد بصرف النظر عن الحزب أو الرئيس الذي يحكم، فـ«الدولة العميقة» كفيلة بإجهاض أو إضعاف تأثير الأحزاب والحكومات لأنها مترسخة منذ أن أسس مصطفي كمال الجمهورية التركية في عام 1924.

 

والمؤكد أن العلاقة بين «الدولة العميقة» والديمقراطية لم تكن دائماً «يداً واحدة»، فقد أجهضت الدولة العميقة تجارب الأحزاب التي لم ترض عنها مثلما جرى عام 1997 مع حزب الرفاه التركي بقيادة الراحل نجم الدين أربكان، حين كشرت «الدولة العميقة» عن أنيابها وأقالت الحكومة فيما عرف بـ«انقلاب الجيش الأبيض» الذي نجح عبر قوته السياسية وليس بحركة آلياته أن يقيل الحكومة.

 

في المقابل نجح حزب العدالة والتنمية في تحقيق المعجزة التركية المتمثلة ليس فقط في معدلات التنمية الاقتصادية المرتفعة، ولا في حجم الإصلاحات السياسية والديمقراطية، إنما في ترويض جانب من هذه «الدولة العميقة» حين قدم تجربة مدنية وديمقراطية خرجت من رحم المرجعية الحضارية الإسلامية، وتجاوزت الاستقطاب الإسلامي العلمانى الذي استنفر الدولة التركية العميقة على مدار عقود.

 

الدولة العميقة في مصر

 

تاريخيا بدأت الدولة العميقة في مصر منذ عام 1952 وتشمل قيادات من المؤسسة العسكرية والأجهزة السيادية وتحالف الرأسماليين والفاسدين من كبار وصغار الموظفين والحكم المحلي وغيرها، ولذلك فإن ثورة 25 يناير المجيدة لم تستطع حتى الآن أن تزيل إلا الجزء الطافي من جبل الجليد، ومن ثم فإن استمرار الثورة للقضاء على جبل الجليد بالكامل، أمر حتمى ومن ثم إقامة علاقات اقتصادية عادلة تنحاز إلى الفقراء والمستضعفين والمهمشين حيث أن 40 % من سكان مصر تحت خط الفقر، وثلث السكان يسكن في عشش وعشوائيات، في حين أن هناك القصور والمنتجعات التي ربما لا يسكنها أحد، نظرًا لامتلاك الشخص أكثر من مسكن، ووجود عدد هائل يقدره البعض بمئات الألوف يتقاضون رواتب تزيد أحيانًا على المليون جنيه شهريًا، على حساب باقي الشعب المطحون.

 

الدولة العميقة في مصر تعمل في ظل عقيدة أن مصر «مستهدَفة» أو «في خطر دائم» وهذا ما يبرر وجود مجموعة أو شبكة سرية تحمى هذه الدولة. وهى بالفعل بعد فترة تتحول إلى مجموعات وشبكات لا إلى مجموعة واحدة.. تعمل معا أو وفق أجندات خاصة.

 

لهذه المجموعة رأس ظاهر على السطح من خلال مسؤولين وسياسيين (ليس شرطا أن يكونوا في أحزاب السلطة) وصحفيين وإعلاميين وغيرهم من عناصر مزروعة في مناطق مؤثرة.. هذه هى القوة السياسية.

 

ولها ميليشيات ظهرت في العباسية، ومن قبلها في ماسبيرو ومحمد محمود وحتى بورسعيد

 

هذه الميليشيات توظِّف وتدير فِرقًا شبه عسكرية ومسلحة، تقودها عناصر من القوات النظامية، وتضم مجموعات من البلطجية (وهى شبكة يديرها في كل قسم ضابط مباحث ويحكِم بها السيطرة على منطقته) ومسجلى الخطر والأشقياء ( وهو التعبير الحديث للفتوات)

 

وهذه الميليشيات يسميها الإعلام بالطرف الثالث وهو اسم خرافي للتغطية على ميليشيات الدولة العميقة.

 

تعمل تلك المجموعات وفق سيناريو محدد بشرط وجود تجمعات معارضة، وتتسلل بين المحتجين حيث لا يمكن عادة تمييزهم عن المحتجين إلا عندما يبدأون دورهم المرسوم بدقة.

 

وهو سيناريو دموي تشن فيه ميليشيات مسلحة يُطلَق عليها «البلطجية» هجمات تستحلّ فيها الدماء وتعمل آلة قتل بشعة ضد مسالمين غير مسلحين. جريمة سياسية تتكرر، وليست مجرد ممارسة إجرامية اعتيادية من قبل عناصر خطرة، إذ يظللها تحرك واعٍ، يهدف إلى قمع الحركات الإحتجاجية.

 

وهذه الميليشيات لا تريد إخفاء عنفها بل تعلن عن وجودها، مثلما أن الاستعراضات العسكرية أو الكمائن الأمنية إعلان عن وجود القوات النظامية. الميليشيا شرسة بحكم تركيبتها المحشودة بمرضى العنف.. هؤلاء هم الكتلة الرئيسية في ميليشيا الدولة العميقة.

 

تخلصت الدولة العميقة من مبارك عندما أدركت إصرار الجماهير الغاضبة على تنحيه، فقد أصبح بطاقة محروقة، استمرارخ يعرض النظام للخطر ولذلك كان لابد من التضحية به حفظا على استمرار النظام، ولكن بصورة يمكن قبولها جماهيريا.

 

.. الدولة العميقة في حربها الشرسة لا تملك خطابا مقنعا للناس إلا تخويفهم على حياتهم اليومية، وأرزاقهم وتحويلهم إلى أداة في يد ميليشيات لا تفرّق بين أحد، قتلت المسيحى والمسلم، الليبرالى والسلفي، اليمينى واليسارى، الثوري والمتفرج من بعيد.

 

 

 

هل استفز الصعود الإخواني الدولة العميقة في مصر؟

 

يقول د. عمرو الشوبكي إن خبرات النجاح في العالم تقول لنا إن أى قوة أو جماعة راديكالية تأتي من خارج المنظومة السياسية السائدة، لابد أن تتبنى خطاباً مطمئناً وإصلاحياً لهذه «الدولة العميقة»، ولا تبدو أنها ستسيطر أو ستحتكر الحياة السياسية، وأنها ستكتب الدستور والقوانين الأساسية، وتهيمن على جهاز الدولة في سطحه وعمقه. فهل يعقل بعد 6 أشهر من تأسيس حزب الحرية والعدالة أن يسعى للسيطرة على كل مناصب الدولة، من برلمان إلى حكومة إلى رئاسة جمهورية؟

 

إن ما سبق أن سميناه من قبل «الدمج الآمن للإخوان» يستلزم الوصول المتدرج للسلطة وبشكل غير انقلابي، وبعد أن يطبّع الإخوان أنفسهم مع قوانين الدولة الموجودة، وأن يكون وصولهم للحكم لا يعنى قلب كل المعادلات السياسية والقانونية بجرة قلم، ويعنى أيضاً طمأنة الدولة العميقة.

 

إن تركيا التي وصل فيها الراحل نجم الدين أربكان للحكم عام 1995، وتبنى مشروعاً بدا أنه ينقلب على قواعد الدولة التركية، وتم إسقاطه عام 1997 بدور مباشر للجيش، وصل فيها أردوجان إلى الحكم عبر مشروع ديمقراطى حديث غيّر كثيراً من المعادلات السائدة داخل الدولة التركية العميقة بشكل متدرج مما جعل حزب العدالة والتنمية الرقم الأساسى في المعادلة السياسية التركية.

 

ويؤكد الشوبكى أن الدولة المصرية شهدت في عهد مبارك أكبر تدهور في تاريخها منذ محمد علي، فقد تراجع أداؤها حتى وصل للانهيار الكامل في بعض المجالات وتراجعت هيبتها وعانت من الفوضى والترهل وسوء الأداء، ومع ذلك ظلت حائط صد ليس من السهل تجاوزه أو هدمه، فالبيروقراطية المصرية مازالت لم تهضم الثورة بعد، ومازال قطاع منها ينظر إليها على أنها فرصة لتحقيق بعض المطالب الفئوية، ومازال البعض الآخر يعمل بهدوء شديد بعد أن وضع «فلتر خاص» لمواجهة أى مشروعات سياسية أيديولوجية سواء ارتدت عباءة إسلامية أو مدنية أو ثورية.

 

وفي الختام يصل الشوبكى إلى نتيجة يقينيه في نظره وهى أنه لن ينجح أى تيار سياسى جديد قادم من خارج المشهد الذي اعتادت عليه الدولة العميقة منذ عقود إلا إذا طمأن هذه الدولة، واعتبر أن إصلاحها أحد أهدافه لكن بشكل متدرج غير انتقامى وغير إقصائى، عندها فقط يمكن أن نحقق الديمقراطية التي ستعنى أيضاً إعادة بناء «الدولة العميقة» على أسس جديدة عصرية وديمقراطية الدولة العميقة ظاهرة عالمية توجد وتترسخ مع نمو شبكات المصالح التي تتسع حتى تخرج من النطاق المحلى إلى الإقليمى ثم العالمى وهى خفية في معظم الأحيان لأن التزيي بالمشروعية يفقدها مكاسبها الهائلة ويخلق رأيا عاما يعقد مصالحها ويعرقل صفقاتها المشبوهة.

 

وهناك مقولة للرئيس الأمريكى ايزنهاور يقول إن تحالف المجمع العسكري الصناعي المالي" في الديمقراطية الأمريكية، بإلإضافه إلى «الاعلام» يشكل جزءا من شبكة المصالح المترابطة للدولة العميقه.

أغلب الظن أن الكثيرين سوف يقولون: هل مصر بها مصالح هائلة، وشركات عملاقة مثل الولايات المتحدة؟، وربما كان هذا صحيحا، ولكن ليست تلك هي الصورة الوحيدة لدولة الفساد، فالدولة العميقة هى باختصار في الحالة المصرية دولة الفساد التي نعرف الآن انها تورطت في عمليات غسل أموال هائلة، وتجارة ممنوعة سواء للسلاح أو المخدرات، أو ذات علاقات مشبوهة مع المافيا العالمية، فضلا عن العمولات والرشاوى في عمليات بيع الغاز المصري سواء لاسرائيل أو غيرها من الدول.

 

يبقى أن هذه الدولة العميقة لم ولن ترحل بسهولة لأنها تملك شبكة عنكبوتية هائلة من أصحاب المصالح في الداخل، وشبكة دعم في الخارج.

 

والأخطر أن «الجائزة خطيرة»، إنها مصر قلب العالم العربى، والقائد الطبيعي للمنطقة ومصدر الالهام، وأيضا مصدر التهديد لكل «الأجندات المشبوهة». إذًا المسألة ليست بحاجة إلى الكثير من الخيال لمعرفة أن «قوى الظلام» هذه ترغب وبقوة في إعادة مصر إلى سابق عهدها، بدون مبارك، لأنه لم يكن سوى عنوان فقط، وأن تعود المصالح الحيوية للقوى الخارجية لتمضي في طريقها، ويستمر أشباه العادلى ورجاله يمارسون فرض القمع، وتلويث الشرفاء، ومثل وقيم «الأمل» و«الثورة»، وشباب مصر البرئ حتى لا يشرق الفجر ويبدد الظلام!. وأغلب الظن أن المعركة طويلة وشرسة، وليس غريبا أن يكون أبرز ما فيها هو التصويب في العيون، حتى لا ترى مصر بعيون الشباب الحقيقة وتظل تترنح في ظلمة الدولة العميقة!

 

مصر من إسقاط النظام إلى تفكيك الدولة العميقة

 

يحسن التمييز بين النظام القديم والدولة العميقة؛ حيث يقصد بالأول المؤسسات والأشخاص المرتبطة بالنظام القديم وكانوا أحد أركانه أو رؤسائه وأدواته للسيطرة والاستبداد والاستغلال، ويسقط النظام بمجرد التخلص من هؤلاء الأشخاص أو إلغاء هذه المؤسسات.

 

أما الدولة العميقة فهى بنية خفية وممتدة تاريخيا تسبق النظام القديم في أحيان وتسعى لاستمرار الأوضاع القائمة لأنها تعبير عن شبكة مصالح راسخة في الداخل والخارج.

 

الدولة العميقة مركب من المصالح والتصورات والإدراكات التي تتحرك على بنية عميقة من أجهزة الدولة وخاصة الأمنية منها، وشبكة من النخب الثقافية والإعلامية، وطبقة من رجال الأعمال، وتحالف اجتماعى عميق مع طبقات اجتماعية أو شرائح فيها وخاصة بيروقراطية الدولة وأجهزة الحكم المحلى، ويمتد هذا المركب إلى قطاع من المجتمع المدنى، وهذا المركب له امتداداته الإقليمية والدولية.

 

 

خصائص الدولة العميقة

 

أولا: الإدراكات والتصورات المشتركة:

 

فهى أهم الروابط التي تجمع بينهم وتوجههم وتوحدهم على أهدافهم، كما أنها معيار الضم والتجنيد، وتسهيل التواصل مع من خارجهم، فهى الأيديولوجيا التي يتم إشاعتها ونشرها في المجتمع، وهى بالطبع تتم عبر التراكم التاريخي مما يسهل توريثها. هذه التفاهمات تمثل أرضية خصبة لبناء تحالفات على خلفيتها.

 

فطول العهد بالسلطة دون محاسبة أو سؤال يؤدي إلى مستوى آخر من الإدراك وهو الإحساس بالمسئولية الناتج عن الملكية الذي يخرج في صورة: «نحن بناة الوطن وحماته»، وأن هذه مسئوليتنا التي أوكلها الله لنا، ولا يجب أن نفرط فيها، هنا يصبح إدراك الآخر على أنه خصم تجب منازلته من أجل المهمة المقدسة التي هى الدفاع عن الوطن.!

 

في هذا الصدد يمكن الإشارة إلى مقولات من قبيل:

 

أن الليبراليين والعلمانيين امتداد للخارج ويسهلون احتراق الوطن، وأن الإسلاميين ظلاميون ورجعيون سيلقون بالوطن إلى التهلكة.

 

احتقار دفين لجموع الشعب (قلة وعي ــ غير مؤهل للديمقراطية ــ السكان عبء)

 

مصالح مصر العليا لا تتحقق إلا تحت المظلة الاستراتيجية الأمريكية والسلام مع إسرائيل.

 

فصل تام بين تصوراتهم الدينية وسلوكهم المدني.

 

ازدراء وخفة إزاء كل ما هو مدني في مقابل العسكري.

 

ثانيا: التحالفات الاجتماعية:

 

وهنا يمكن أن نتحدث عن تحالفات البيروقراطية العسكرية والمدنية مع طبقة أو شريحة من رجال الأعمال متداخلة مع كبار رموز التنظيم السياسى القائم (حزب وطنى أو اتحاد اشتراكي)، وشريحة من النخب الثقافية والإعلامية، وقد تم تدعيم هذه التحالفات بعلاقات نسب ومصاهرة وشراكات تجارية واسعة.

 

وقد مثلت هذه التحالفات طبقة وسيطة بين النظام وعموم الناس من جهة كونها وسيطا لتنفيذ السياسات والترويج للمقولات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية، وعمادا لتأييد النظام وتحقيق شرعيته.

 

من طيب الأقدار أن نمط التحالفات القائم الآن ضيق جدا: (300 من رجال الأعمال ــ شريحة محدودة العدد من البيروقراطية المدنية والعسكرية التي توجد فجوة كبيرة في الدخول بينها وبين من دونها، وبالمناسبة فإن ما أطلق عليه المظاهرات الفئوية (أنا ضد هذا المصطلح تماما) محاولة للاحتجاج على نمط التحالفات الاجتماعية القائم، خاصة أن هذا النمط قد أضيرت منه فئات اجتماعية متسعة: الطبقة الوسطى ــ العمال وخاصة في القطاع العام والفلاحون وكذا الرأسمالية الوطنية المنتجة ورجال الأعمال المتوسطون والصغار.

 

وقد استند هذا التحالف إلى اقتصاد ريعي أشاع أنماطا ثقافية تعلي من قيمة الاستهلاك، وتجعل معيار المكانة الاجتماعية ما يملك المرء من ثروة، وأهدرت فيه قيمة العمل المنتج.

 

ثالثًا: أدوات صناعة المعاني وهي هنا التعليم والإعلام والخطاب الديني:

 

وهي مكونات بالغة الأهمية ليس من جهة قدرتها على بناء وإشاعة تصورات وإدراكات في المجتمع تخدم وترسخ لبنى الدولة العميقة فقط، ولكن الدولة العميقة استطاعت أن تبني تحالفات عميقة مع الأطراف والقوى الأساسية المهيمنة في هذه المجالات.

 

التعليم، وخاصة جانبه الحكومي، يكرس نمط التحالفات الاجتماعية القائم على تقديم يد عاملة رخيصة لأسياد هذا البلد، ويشبع به التصورات والادراكات التي تتحرك عليها الدولة العميقة في وسط جموع الشعب.

 

أما الإعلام، فقد تحول في جزء كبير منه إلى لوبى تتناغم فيه مصالح مجموعة من الإعلاميين مع طموحات التحالف الاجتماعي المسيطر، وفي القلب منه رجال الأعمال، ويخدم شبكة ممتدة من المصالح الإقليمية والدولية.

 

في الخطاب الديني، حدث ولا حرج عن التحالف مع المؤسسات والرموز الدينية في إنتاج خطاب يتغذى على سوء الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية ويغذيها بأنماط للتدين شكلانية مظهرية، شديدة المحافظة حيث تفتقد للتجديد المحفز للنهضة.

 

بتنا إزاء خطابات مأزومة؛ يستهلكها واقع مأزوم؛ يعاد إنتاجه من جديد في دائرة جهنمية.

 

رابعَا: القوى الإقليمية والدولية:

 

وهى هنا الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبى ودول الخليج بالإضافة إلى إسرائيل.

 

هذه القوى جميعا تعبير عن شبكات مصالح قد تتقاطع في أحيان كثيرة، وتشيع تصورات وإدراكات لأنها حاضرة بكثرة في أدوات صناعة المعاني وخاصة الإعلام، كما تنشئ نمط تحالفات اجتماعية تغذيها بالهجرة إليها (الهجرة إلى النفط)، أو بالمعونات التي تدفعها، أو أولويات الاستثمارات التي تقرها.

 

في تقرير مطول في صحيفة الأوبزرفر البريطانية، كتب محرر الشئون الخارجية في الصحيفة بيتر بومونت عن الثورة المصرية والمسار الذي أخذته، والمصاعب التي تواجهها ومشاعر أبطالها بعد مرور عام على اندلاعها، فقال: إن دور العسكر في الثورة المصرية غير المنجزة يضع معالم أكبر صراع في مصر بين طرفين هما "الدولة العميقة" التي تتحكم في مصر منذ عهد مبارك وحتى الآن، والمتمثلة بالجيش وأصحاب المصالح الاقتصادية من جهة، والأطراف المطالبة بنقل السلطة إلى حكومة مدنية وطرد "فلول" نظام مبارك من جهة أخرى.

 

وينقل بومونت عن الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر عقب لقائه القيادات العسكرية في مصر قوله "أتوقع أنهم سيحاولون الاحتفاظ باقصى ما يمكن من سلطة ولأطول فترة ممكنة رغم قبولهم بنتائج الانتخابات والثورة" في إشارة الى نوايا المجلس العسكري الحاكم.

 

ورغم أهمية الانتخابات والنتائج التي أفرزتها، فإن الاهتمام سيظل منصبًا على المرحلة المقبلة لأنها، هي التي تحدد مستقبل مصر، وهى في رأيى قد تكون أشرس المعارك بل قد تكون آخرها

 

ملاحظات ختامية

 

1 الدولة العميقة كيان مادي وملموس الأثر يديره عقل منظم بلا قلب، لا يعرف إلا لغة المصالح وخروجه إلى دائرة العلن سببه شعوره بتعرض مصالحه للتهديد بعد ثورة 25 يناير.

 

2 حكم الشعب وإنتهاء ظاهرة موت السياسة وعودة الشارع بقوة إلى الساحة السياسية وإدراك المصري لأهمية صوته الإنتخابي أخرج طبعة جديدة من الشعب المصري تشكل تهديدا حقيقيا لتلك الشبكة العنكبوتية بأذرعها الداخلية والخارجية، ولذلك بدأت ممارسات صناعة الفوضى والتخويف والترويع التي تسعى إلى دفع الناس دفعا نحو الكفر بالثورة والحنين إلى أيام المخلوع الذي نطق بها صراحة: أنا أو الفوضى

 

ولكن هيهات فالشعب الذي خرج من التابوت لن يعود إليه أبدا

 

3 الدولة العميقة ضعفها كامن في عدم مشروعيتها، وبالتالي فإن شراستها سببها إحساسها بقرب النهاية المحتومة بعد أن بدأ التحول الديمقراطي وتكونت المؤسسات الدستورية وقاربت مرحلة التأسيس الديمقراطي على الإنتهاء، لذلك فلابد من الإصرار على استكمال مسيرة التحول الديمقراطي.

 

4 الإصرار على النهج السلمي والتمسك بالعمل من خلال المؤسسات الدستورية وعدم الانجرار إلى عمليات التصعيد الممنهجة التي تشنها في الشارع قوى الثورة المضادة وتحاول بها صناعة الفوضى الأمر الذي يمكن في حالة تصعيده إيجاد مبرر لإيقاف المسيرة الدستورية.

 

5 عدم السقوط في فخ التعميم، والمحافظة على حصوننا الوطنية، فوجود بعض القيادات الفاسدة في الجيش أو الشرطة لا يعنى بتاتا إسقاط هيبة هذه المؤسسات الراسخة في الذاكره الجمعية للمصريين لدورها المميز في تاريخ الوطن.

 

6 قوى الثورة المضادة تعتمد إعتمادا كبيرا على استراتيجية صناعة الصورة الذهنية، وهى باليقين تخالف الواقع المعاش وتسعى إلى بث الرعب في نفوس الجماهير ودفعهم إلى مهاوي اليأس حتى يسهل عليهم تحقيق أهدافهم.. وإفشال هذا السلاح عنصر رئيسى من عناصر تحجيم قوى الثورة المضادة ويتأتى ذلك من خلال نشر الوعي والتعريف بحقائق المشهد السياسي وإذا كنا لا نملك إمكانيات قوى الثورة المضادة فإننا نملك بالتأكيد الكوادر البشرية المؤمنة برسالتها والتي تقدم الوقت والجهد والنية الخالصة لله عز وجل في إخراج وطننا من عذابات المرحلة الإنتقالية، وتلك ثروة بشرية هائلة يمكنها أن تنشر الوعي وتبث الأمل في جماهير شعبنا الصابر الذي يتطلع إلى حياة كريمة بعد طول إنتظار ومعاناة.

 

http://www.alamatonline.net/l3.php?id=33937

تم تعديل بواسطه المستيقن
رابط هذا التعليق
شارك

يوجد في هذا الحوار المبسط الذي دار بتاريخ 15.10.2013في برنامج الاتجاه المعاكس وضع الاصبع على الدولة العميقة وضعف الذين يواجهونها وهي وجهة نظر (اتحفظ على بعض النقاط )اوضح من موضوع عبد المعطي الذي استجار من الرمضاء بالنار.

 

 

رابط هذا التعليق
شارك

Join the conversation

You can post now and register later. If you have an account, sign in now to post with your account.

زوار
اضف رد علي هذا الموضوع....

×   Pasted as rich text.   Paste as plain text instead

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   Your previous content has been restored.   Clear editor

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.

جاري التحميل
×
×
  • اضف...