اذهب الي المحتوي
منتدى العقاب

فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ


Recommended Posts

يقول الله تعالى مولانا الحق:

 

(فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ)

 

لقد كانت الكلمة الطيبة (لاإله إلاالله) هي أول ما دعا إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم..

 

دعا الناس إلى العلم بها والعمل بها..

 

كما أن كل من يريد دخول الإسلام منذ ذلك اليوم حتى اليوم فإنه يتحتم عليه أن ينطق بأنه يشهد بهذه الكلمة فيقول أول ما يقول:

 

(أشهد ألاإله إلاالله...)

 

ومن المعلوم بالضرورة أن العرب كانوا يعلمون معنى هذه الكلمة الطيبة..

 

إلا أن كثيراً منهم أبى أن يعمل بمقتضاها استكباراً وجحوداً..

 

أما في أيامنا هذه فإن الوضع مختلف..

 

فأكثر الناس لا يفهمون معنى هذه الكلمة بسبب الجهل.. كأكثر هؤلاء.. أو بسبب التضليل كأتباع المذاهب الكلامية الذين يحرفون معناها فيحصرون معنى الإله بالخالق والفاعل والقادر...الخ.. ويحاولون حرف أتباعهم عن فهم معناها الحقيقي الذي أراده الله تعالى وفهمه العرب..

 

ثم إن كثيرين أصبحوا يحفظون تعريفها فقط (لا معبود بحق إلا الله تعالى).. ثم لا يتنبهون إلى شيء بعد ذلك..

 

ومن أجل ذلك رأيت أن أكتب كلمات مختصرة في بيان معنى (لاإله إلاالله) لعل الله تعالى أن ينفع بها..

 

أيها الإخوة إن (لاإله إلاالله) قاعدة علمية مطلقة.. وهي ليست كبقية القواعد العلمية التي لا يخلو شيء منها من ثغرات أو قصور أو استثناءات أو قيود.. بل هي مطلقة بكل ما تحمل الكلمة من معنى ولا ثغرة في إطلاقها أو تعميميها مطلقاً..

 

فهذه الكلمة الطيبة والقاعدة العلمية تتكون من جملتين مطلقتين عامتين:

 

1-أولاهما تتضمن النفي المطلق: أي نفي (الإلهة) مطلقاً فيما عدا الله تعالى (لاإله...)

 

2-والأخرى: تتضمن إثبات (الإلهة) مطلقاً لله تعالى وحصرها وقصرها عليه.. (...إلاالله)

 

ولا شك أن إعراب الكلمة الطيبة متفق عليه بين المسلمين والإسلاميين قاطبة وبين جميع المختصين بالعربية منهم ومن غيرهم..

 

كما أن المعنى العام واضح وهو ما ذكرنا من قصر (الإلهة) على الله تعالى الحق..

 

إلا أن الإشكال في أحد أمرين:

 

1-عدم فهم معنى (إله)..

 

2-تحريف معنى (إله).. أي فهمهما بغير معناها الصحيح..

 

وهنا سوف نبين معنى (إله) ملخصاً من كتب اللغة والبيان والنحو والتفسير والتوحيد.. ومن شاء الاستزادة بقراءة هذه الكتب فله ذلك.. فإذا تبين معنى (الإله) تبين الحق من تحريف المحرفين..

 

فالإله هو الذي يخضع الشيء له لذاته بمعنى أنه يمتلك زمام هذا الأمر ملكاً مطلقًا.. لا يشاركه فيه غيره ولم يأخذه من غيره ولم يعطه إياه غيره.. وهذا يعني أنه هو الذي أوجده وهو الذي يستطيع إفناءه وهو الذي يستطيع التصرف فيه بين هذين الفعلين -الإيجاد والإفناء-..

 

وهذا الذي قدمناه لا ينطبق إلا على واحد أحد هو الله تعالى لا سواه..

 

فهو الذي بيده ملكوت كل شيء.. وهو يجير ولا يجار عليه.. وليس له شريك في الملك ولا ولي من الذل...

 

ومن المعلوم بالضرورة من الحس -بحيث لا حاجة إلا استدلال أو نقل- أن هذه الصفة لا تنطبق على شيء من المخلوقات مطلقاً..

 

ومن هذه المخلوقات الإنسان نفسه.. فهو يشهد على نفسه بنفسه أنه ليس إلهاً..

 

فهو أتى إلى الدنيا بغير إرادة منه -وهذا أمر محوس-..

 

وسيموت كما مات غيره بغير إرادة منه -وهو أمر محسوس-..

 

وهو يرى تصاريف القدر تجري عليه بغير إرادة منه.. رغماً عنه وبغير طيب نفس منه.. بل وهو كاره لها كموت ابنه.. وتعثره.. ومرضه.. وخسارة ماله.. وعدم تمام شيء يريده كما يتمناه تماماً.. مما يجعله يعلم أنه لا يملك شيئاً مطلقاً ولا يسيطر على شيء مطلقاً..

 

فلو كان لهذا الإنسان شيء لما مرض هو ولا ابنه ولا تعثر هو ولا ابنه ولا تمزق ثوبه ولا انكسرت ساعته..

 

ولو كان لهذا الإنسان من شيء لضمن هذا الشيء ضماناً مطلقاً.. ولكنه يعلم أنه ليس له شيء وليس له من الأمر من شيء..

 

إن الإنسان يرى بنفسه أن جسمه وجلده وشعره وأظفاره وسمعه وبصره وحواسه.. وكذلك ثوبه وخاتمه ونعله.. ليست ملكاً حقيقياً له.. بل يرى بنفسه أنها أشياء أعطيت له.. وأنه لا يستطيع ضمان بقائها وعدم حرمانه منها.. فلو ذهب الله تعالى بسمعه وبصره فمن إله غير الله تعالى يأتيه به؟!

 

ثم الإنسان يعلم علماً حسياً كذلك أن الأمر بيد من أجرى عليه القدر -أي قدر- فالذي أحياه يملكه والذي يميته يملكه والذي يمرضه يملكه والذي أعطاه القدرة على الأفعال يملكه ويملك أفعاله (فهو يتذكر دائماً أنه لا يضمن إتمام شيء على ما يرغب تماماً بل لا يضمن ابتداء فعل أو انتهاءه لتظل آية محسوسة أنه ليس له من الأمر شيء)..

 

ومن هنا فإن أي إنسان يعقل ويتفكر في ذلك كله وفي غيره مما خلق الله تعالى وقدر من حياة وموت وتصريف الرياح واختلاف الليل والنهار...الخ.. فإنه سيعلن خضوعه لمن بيده الملك والذي خلق وقدر..

 

انظر ماذا قال أبونا إبراهيم بعد المناظرة المعروفة بينه وبين الكفار.. بعد أن أراهم بعض المخلوقات وقصورها وعدم قدرتها وأنها لا تملك من أمرها شيئاً:

 

(قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ

 

إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ)

 

لقد علم أبونا الخليل إبراهيم أنه (لاإله إلاالله) فعلم أنه لا بد أن يوجه وجهه لله تعالى وحده لا شريك له..

 

علم أن كل شيء له خالصاً مطلقاً فعلم أنه لا يخضع لغيره سبحانه..

 

خذ مثلاً من قصة أبينا إبراهيم أيضاً مع ابنه إسماعيل:

 

فقد أمر الله تعالى أبانا إبراهيم أن يذبح ابنه إسماعيل.. فما كان منه إلا أن عرض ما أمره الله تعالى به على ابنه فما كان من ابنه المسلم إلا أن قال مباشرة:

 

(يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ)

 

وهل من مناص من تنفيذ أمر الله تعالى؟!

 

ومباشرة تله للجبين واراد تنفيذ امر الله تعالى إلا أن الله تعالى ناداه:

 

(أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ: قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا...)

 

هل يفقه كثيرون ما الذي حدث أم أنهم يمرون مرور الكرام على هذه الايات الكريمة؟!

 

لقد رزق الله تعالى أبانا إبراهيم إسماعيل على الكبر..

 

فلما كبر إسماعيل وبلغ معه السعي وكان بحاجة إليه ليقضي حاجاته ويحمل عنه.. كان أمر الله تعالى بقتل إسماعيل! ليس من خلال أفعى أو ذئب أو غير ذلك.. وليس من خلال شخص آخر غير أبيه.. بل كان على ابيه أن يفعل ذلك.. أبيه الكبير في السن الذي هو الآن بحاجة إليه بعد ان بلغ معه السعي!!

 

وليس هذا فحسب بل يكون القتل بالذبح بقطع راسه!!! (إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ).. فهو الاختبار الذي يكشف عن حقيقة قول إبراهيم:

 

(إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ)

 

هل تردد أبونا إبراهيم؟! هل حاول البحث في (مقاصد الشريعة)!! هل حاول أن يحرف أمر الله تعالى عن معناه؟!

 

لا بل بادر إلى التنفيذ وتله للجبين حتى جاءه النداء المقدس..

 

لقد علم أبونا إبراهيم أن ابنه إسماعيل ملك لله تعالى مطلقاً وأنه ليس له فيه شيء..

 

كما علم أنه ليس له من الأمر من شيء وأن لله تعالى أن يأمر بما شاء وينهى عما شاء فله الحق المطلق في التصرف في خلقه كيف يشاء.. فلم يتعجب ولم يستغرب ولم يحتر ولم يتردد.. بل أسلم هو وابنه لله تعالى.. وبادرا بتنفيذ الأمر..

 

فهو يعلم أن لله تعالى أن يميت ابنه متى شاء كما أحياه متى شاء.. وله أن يحدد كيفية موته وهم يعلم أن الله تعالى قادر على أن يميته بسكتة قلبية او يسلط عليه حيواناً مفترساً أو أفعى تقتله بسمها أو يسلط عليه شخصاً آخر غيره.. فالأمر كله لله تعالى وهو يفعل ما يشاء..

 

إن فهم إبراهيم للكلمة الطيبة (لاإله إلالله) هو الذي دفعه إلى تنفيذ الأمر دون تردد..

 

ومن هنا فإن من البدهيات أن من يعلم أنه (لاإله إلاالله) فإنه سيفهم كل شيء يمر به في هذه الحياة ومن مجرياتها من خلق وقدر..

 

كما أن الذي يفهم هذه الكلمة الطيبة سيفهم شرائع الله تعالى وأوامره ونواهيه..

 

والحمد لله رب العالمين..

رابط هذا التعليق
شارك

Join the conversation

You can post now and register later. If you have an account, sign in now to post with your account.

زوار
اضف رد علي هذا الموضوع....

×   Pasted as rich text.   Paste as plain text instead

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   Your previous content has been restored.   Clear editor

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.

جاري التحميل
×
×
  • اضف...