اذهب الي المحتوي
منتدى العقاب

كذبة أن الديمقراطية اليونانية تعني حكم الشعب


أبو مالك

Recommended Posts

كذبة أن الديمقراطية اليونانية تعني حكم الشعب!

 

هل كانت أثينا ديمقراطية؟

 

قد يظن البعض تساؤلي غريبا، فالديمقراطية كلمة يونانية قديمة، وأغلب ما نقرأ من كتب يروج لفكرة أن الديمقراطية اخترعها ومارسها اليونان، وأخذها عنهم الرومان، فلها جذور ضاربة في التاريخ!...

والحقيقة أنها كانت فكرة منبوذة في اليونان، لم تطبق في أي عهد، ولم يكن من مقوماتها في اليونان القديمة : الانتخابات، ولا كان من مقوماتها الحريات، ولا الشفافية، ولا حكم الأغلبية، بل إن كلمة قراطية في اليونانية لا تعني حكم، فالديمقراطية ليست حكم الشعب!

كانت تسود اليونان القديمة نظريات سياسية كثيرة، بمسميات يونانية تعكس طبيعة تلك النظريات

فقد أخذ المنظرون الغربيون من مجموعة النظريات السياسية التالية خليطا ووضعوه تحت مسمى الديمقراطية، وهذه النظريات هي:

الأيزومويريا (أي تحقيق العدالة)، والإيسمونوميا (المساواة أمام القانون)، والإيسوقراطية (قوة المساواة) والإيزيجوريا (أي حرية التعبير) و الإيزوبسيفيا (الحق في التصويت)، و الأيزونوميا (المساواة في الحقوق القانونية)، والإيزومويريا (التشاركية)

أخذوا من هذه النظريات خليطا ووضعوه تحت مسمى الديمقراطية، مع العلم بأن فكرة الديمقراطية اليونانية لم تكن تقول بأي من تلك الحقوق أو النظريات، فهي ليست دعوة للمساواة القانونية، ولا لحرية التعبير، ولا للحق في التصويت، ولا للتشاركية،

فالديمقراطية بالتعبير اليوناني تعني تمكين الشعب من أسباب القوة للتأثير في القرارات المؤثرة في حياته.

فهي ليست: حكم الشعب، ولا حكم الشعب بالشعب!

 

وللعلم فقد عاب منظروا وفلاسفة اليونان فكرة الديمقراطية، لقد أثارت فكرة الديمقراطية اليونانية اشمئزاز أفلاطون، وسقراط، ويمكن أن نفهم من نقد أفلاطون لفكرة الديمقراطية في كتابه "الجمهورية" شيئا من المقصود بتمكين الشعب من امتلاك القوة، يلقي مزيدا من الضوء على طبيعة المصطلح ومفهومه.

قال أفلاطون عن الديمقراطية في كتابه ' الجمهورية ' إنها تفضي إلي الطغيان , إذ يبرز من بين دعاة الديمقراطية أشدهم عنفا وأكثرهم دهاء فيستأثر بالسلطة ويقطع رأس كل منافس .

 

ومن ثم سميت الديمقراطية , بعد أرسطو , بأنها حكم الغوغاء . وكان لكل من أفلاطون وأرسطو سلطان أفضي إلي اختفاء لفظ ' ديمقراطية . ولا أدل علي ذلك من أن المؤرخ اليوناني بوليبيوس (204-122 ق . م ) قد ارتأي أن الديمقراطية هي حكم العامة التي ترفض إعمال القانون أيا كان.

وفي العصر الهيلليني فإن لفظ ' ديمقراطية ' فقد معناه الأصلي من حيث هو تمكين الشعب من القوة , وأصبح معناه كل ما ليس فلكيا , واستمر فقدان المعني الأصلي لأكثر من ألفي عام , ثم عاد في القرن السادس عشر , أو بالأدق في عام 1543 م .

 

 

وحين تفتح صفحات كتب منظري الديمقراطية الحديثة، تجدهم يحاولون إيجاد نسب بينها وبين "ديمقراطية اليونان" فيقولون: بأن صولون، من أوائل من بشر بالديمقراطية، وكلايزيسيس، Cleisthenes الذي يسمونه بأبي الديمقراطية، وإيفاليتس، هؤلاء الثلاث تحديدا تجد منظري الديمقراطية يحاولون القول بأن إصلاحاتهم ومبادئهم كانت أساس الديمقراطية، وبالرجوع لأنظمتهم نجد بأن صولون سمى إصلاحاته بإتيكا، قانون أتيكا (وهي كلمة تعني أرض الأثينيين Attike ge) ويتضمن حق الملكية الفردية المحدودة، وحق الشعب في الإشراف على مؤسسات الدولة، وحق الجماعة في تشكيل وحدة لها قوانينها الخاصة التي تحكمها وتخضع لقانون [الدولة] العام. ومن العجيب أن المؤرخين الحديثين يربطونه بالديمقراطية، مع أنه لم يؤمن بقوة الشعب!

 

بعد صولون بمائة عام أتى كلايزثينيس Cleisthenes، الذي يدعي المؤرخون إنه قام بوضع أسس أثينا الديمقراطية، ولذا سماه المؤرخون بأبي أثينا الديمقراطية، على أساس إضعاف قوة النبلاء وزيادة قوة الشعب، واستبدل بنظامِ التمثيل على أساس منطقة العيش نظامَ التمثيل على أساس الانتماء الأسري، وجعل القرعة القائمة على الحظ واليانصيب أساسا للتمثيل بدلا من النظام القديم القائم على الانتماء الأسري.

إن تسميته بأبي الديمقراطية لا يعود في الواقع لوصفه النظام الذي بشر به على أساس أنه الديمقراطية بل على أساس أن ما يسمى اليوم بالديمقراطية ينطبق على ما بشر به بشكل ما، لذا فلا يمكن القول بأنه أقام نظاما ديمقراطيا.

لذلك نجد أنه هو سمى نظامه الذي بشر به وإصلاحاته بالإيزونوميا، isonomia أي المساواة أمام القانون، لا بالديمقراطية.

إن مصطلح الأيزونوميا هو الأب الشرعي لمصطلح الديمقراطية الحديث، وإن الديمقراطية لا تعني شيئا من غير الأيزونوميا، وإن الانتقال من مصطلح الأيزونوميا إلى مصطلح الديمقراطية عند التأريخ لليونان غامض، فما يقال عن الديمقراطية لم يكن إلا في الإيزونوميا.

ثم جاء إيفيالتيس Ephialtes الذي شملت إصلاحاته التدقيق والمراقبة على أصحاب المناصب، والمهام القضائية في محاكمات الدولة، واخترع مصطلح المواطنة.

وقام Pericles بيريكليس بتمكين الفقراء من مزيد من القوة والسلطات بعد معركتي ماراثون وسيلاميز، فكان هذا تكريسا للإيزونوميا الأثينية، الأب الشرعي لمصطلح الديمقراطية الحديث، أي أنه لربما يكون هذا التوجه من تمكين الفقراء من مزيد من السلطات والقوة تجسيدا للديمقراطية، وإن كان من الصعب جدا الربط بين ما فعله وبين مصطلح الديمقراطية، إلى أن خسر بيريكليس الحرب، فانتقلت معظم الولايات للحكم الأوليغاريخي،

إذن فالبحث عن تسمية الحضارة اليونانية القديمة بالديمقراطية، إنما يقوم على أساس محاولة إسقاط مفهوم الديمقراطية الحديث على نظام تطور مع الزمن في أثينا، وصفه الأثينيون بأسماء كثيرة تناسب مصطلحات لغتهم، ومفاهيم فلسفتهم، لم يكن مصطلح الديمقراطية وسما لها، أي أن النظام الأثيني القديم قام على فلسفات كثيرة في الحكم منها فلسفة إعطاء الشعب القدرة على مباشرة ما يراه صالحا له، وقد تم تجاهل الكثير من مصطلحات ومفاهيم تلك المرحلة ودمجها في كلمة الديمقراطية لتقديمها للناس على أساس أنها مبدأ منع تحكم الأقلية في الأكثرية، وتداول السلطة وأن الشعب مصدر السلطات.

وحتى الرومان وعلى رأسهم سيسرو Cicero الروماني إنما تبنوا الأيزونوميا، لا الديمقراطية أساسا للحكم.

ومن الصعوبة بمكان أن نجد ربطا تاريخيا بين فكرة المساواة، وسيادة القانون، والانتخاب، وبين الديمقراطية، إذ أن لهذه المبادئ لدى اليونانيين مسميات ونظما أخرى، قد تناقضها الديمقراطية نفسها، فمثلا لا يتم الانتخاب بالتصويت، بل بدلا من هذا كانت أثينا تمارس مبدأ القرعة والحظ!

لقد كان اليونانيون أعلم بلغتهم وبما يمكن أن تعنيه المصطلحات المشتقة منها، لذلك فإن مصطلح الديمقراطية لا يمتلك من الجزالة اللغوية ما يؤهله لأن يعبر عن مفاهيم سياسية تتعلق بالانتخابات، والعدالة، والشفافية، وتداول السلطة، وما شابه، وكان المفكرون والفلاسفة اليونان يشتقون لهذه المفاهيم مصطلحات مناسبة لها في لغاتهم.

لقد كان الحق في التصويت لدى اليونانيين والذي يسمونه أيزبوبسيفيس isopsephos، يعطى لفئات معينة من المجتمع دون غيرها، فليس للمرأة ولا للعبيد، ولا للأجانب الحق في التصويت،

وكان الانتخاب يتم بالقرعة، ولا يتم التصويت المباشر إلا لاختيار القادة العسكريين، وكان قوام جوهر الأسلوب الأيزوبفيسي قائما على جعل معايير المواطنة قائمة على أسس العلاقات بين طبقات المجتمع، وقوة الاعتمادات.

هل كان اليونانيون يسمون هذا النظام بالديمقراطية! سؤال يصعب الإجابة عليه! في ظل تزوير تاريخي هائل أريد من خلاله إيجاد أب شرعي للديمقراطية الغربية يضرب جذوره في تاريخ البشرية!!

رابط هذا التعليق
شارك

  • 2 weeks later...

Join the conversation

You can post now and register later. If you have an account, sign in now to post with your account.

زوار
اضف رد علي هذا الموضوع....

×   Pasted as rich text.   Paste as plain text instead

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   Your previous content has been restored.   Clear editor

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.

جاري التحميل
×
×
  • اضف...