اذهب الي المحتوي
منتدى العقاب

توظيف أسلوب الشرط في سورة النساء


Recommended Posts

توظيف أسلوب الشرط في سورة النساء

 

 

نقفُ في هذا الموضوع معَ ظاهرةٍ أسلوبيةٍ في سورةِ النساء، التي تكررَ فيها استخدامُ الشرطِ، وتمَّ فيها توظيفُهُ خيرَ توظيفٍ.

 

فمن جهةِ العددِ أولاً، فقد بلغت جملُ سورةِ النساء حوالي خمسِ مِئةِ جملةٍ، وبلغت جملُ الشرطِ منها حوالَي الربُعِ، مئةً وتسعَ عشْرَةَ جملةً شرطية، استخدِمَ فيها تسعٌ من أدواتِ الشرط، بالتفصيل التالي:

 

1- إنْ: ثلاثاً وخمسينَ مرةً.

2- مَنْ: أربعا...ً وثلاثينَ مرةً.

3- إذا: خمس عشْرَةَ مرةً.

4- لو: سبعَ مراتٍ.

5- ما: أربعَ مرات.

6- كلما: مرتين.

7- لولا: مرتين.

8- أينما: مرةً واحدةً.

9- لَمّا: مرةً واحدةً.

 

وأسلوبُ الشرطِ يستخدَمُ في الحالاتِ التي فيها ترتيبُ شيءٍ على غيرِهِ، وكثرتُه تعني التفصيلَ، واستقصاءَ التفاصيلِ، فنجدُه مثلاً في تقسيم المواريث كرّرَ استخدامَ حرفَ الشرطِ الجازمَ (إِنْ)، فنجدُهُ يقولُ في الآيةِ الحاديةَ عشْرَةَ:

 

فَإِن كُنَّ نِسَاء فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ

وَإِن كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ

وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ

فَإِن لَّمْ يَكُن لَّهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ

فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ

 

فنجدُه رتَّبَ الأنصبةَ بناءً على الأحوالِ الممكنةِ الوجودِ، ونجدُه استقصى الأحوالَ الممكنةَ الوجودِ، في حالِ وجودِ الولدِ، وحالِ وجودِ أبناءٍ وبناتٍ، وحالِ وجودِ بنتٍ واحدةٍ، وحالِ وجودِ بنتينِ فأكثرَ، وحدّدَ نصيبَ الأبِ والأمِّ في حالِ عدمِ وجودِ الولدِ، وفي حالِ عدمِ وجودِ الولدِ، وفي حالِ وجودِ إخوةٍ للميت، وفي حالِ عدمِ وجودِ إخوةٍ، استقصى كلَّ هذه الحالاتِ في ستِّ جملٍ، منها خمسٌ شرطيةٌ.

 

ونجدُه كذلك استخدمَ حرفَ الشرطِ نفسَه في ميراثِ الزوجِ والزوجةِ، فاستقصى أحوالهما من جهة وجودِ ولدٍ للمتوَفَّى، وعدمِ وجودِ ولدٍ، ثم النصيبُ في حالةِ الكَلالةِ، وهكذا.

 

لكنّا نجدُه مثلاً بعد آياتِ المواريث، ذكر أنَّ تلكَ هي حدودُ الله، وهنا استخدَمَ اسمَ الشرطِ الجازمَ (مَنْ):

 

تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ {13}

وَمَن يَعْصِ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ {14}

أداةُ الشرطِ الجازمةُ (مَنْ) الدالّةُ على العاقلِ المتصفِ بصفةٍ معينةٍ، أو القائمِ بحدثٍ معينٍ، وهو هنا المطيعُ للهِ ورسوله، وجزاؤه، والعاصي لله ورسولِهِ وجزاؤُه.

 

أما في موضوع صلاة الخوف، فنجدُه أكثرَ من استخدامِ اسمِ الشرطِ غيرِ الجازمِ (إذا):

 

وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُواْ مِنَ الصَّلاَةِ إِنْ خِفْتُمْ أَن يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُواْ لَكُمْ عَدُوًّا مُّبِينًا {101}

وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِّنْهُم مَّعَكَ وَلْيَأْخُذُواْ أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُواْ فَلْيَكُونُواْ مِن وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّواْ فَلْيُصَلُّواْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُواْ حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُم مَّيْلَةً وَاحِدَةً وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن كَانَ بِكُمْ أَذًى مِّن مَّطَرٍ أَوْ كُنتُم مَّرْضَى أَن تَضَعُواْ أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُواْ حِذْرَكُمْ إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُّهِينًا (102) فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلاةَ فَاذْكُرُواْ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ فَإِذَا اطْمَأْنَنتُمْ فَأَقِيمُواْ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا (103)

ونلمَسُ هنا بلاغةَ استخدامِ أداةِ الشرطِ المناسبةِ للمعنى وللواقعِ المتحدَّثِ عنه، فنجدُه استخدمَ (إذا) في حالةِ الضربِ في الأرضِ، وهي حالةٌ عاديةٌ متكررةٌ موجودةٌ، بخلافِ الخوفِ أن يفتنَهم الذين كفروا، فهو محتملٌ، وليس مؤكداً حصوله، فاستخدمَ معه أداةَ الشرطِ (إنْ): (إِنْ خِفْتُمْ أَن يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُواْ)، ثم يسترسلُ في شرحِ كيفيةِ الصلاةِ باستخدامِ أداةِ الشرطِ (إذا) في موقعها المناسبِ، وهو حصولُ الأفعالِ المطلوبةِ منهم أن يقوموا بها في صلاةِ الخوفِ، وهي حاصلةٌ مؤكَّدةٌ.

 

ونرى هذه البلاغةَ أيضاً في مثلِ قوله تعالى: (فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ)، فنراهُ في أول الجملةِ استخدَمَ (إذا) ثم استخدمَ (إنْ)، لأنَّ الإحصانَ متحققٌ بالزواجِ، ولكنَّ الإتيانَ بالفاحشةِ محتملٌ وغيرُ متحقق.

 

ونكتفي بهذه الإشارات، لعلها تكون كافية، وعسى أن ييسر الله نشر تفاصيل أكثر عن أسلوب الشرط في سورة النساء.

 

أبو محمد خليفة

5-12-2013

 

عن صفحة:

رابط هذا التعليق
شارك

Join the conversation

You can post now and register later. If you have an account, sign in now to post with your account.

زوار
اضف رد علي هذا الموضوع....

×   Pasted as rich text.   Paste as plain text instead

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   Your previous content has been restored.   Clear editor

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.

جاري التحميل
×
×
  • اضف...