اذهب الي المحتوي
منتدى العقاب

ظاهرة التوكيد- آيات في سورة مريم


Recommended Posts

ظاهرة التوكيد- آيات في سورة مريم

 

نتناولُ اليومَ بِضْعَ آياتٍ من سورةِ مريمَ عليها السلام، تميّزت هذهِ الآياتُ بظاهرةِ التوكيدِ بمختلفِ أنواعه، وهذه الآياتُ أولاً:

 

 

وَيَقُولُ الإِنسَانُ أَئِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا (66) أَوَلا يَذْكُرُ الإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئًا (67) فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا (68) ثُمَّ لَنَنزِعَنَّ مِن كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيًّا (69) ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلَى بِهَا صِلِيًّا (70) وَإِن مِّنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَّقْضِيًّا (71) ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوا وَّنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا (72)

 

الآياتُ من السادسةِ والستينِ حتى الثانيةِ والسبعين.

 

أوردتِ الآياتُ أولاً زعمَ الكفارِ الذينَ ينكرونَ البعثَ بعدَ الموت، بعد الأمرِ في الآياتِ السابقة: (فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ)، وعبّرَ بالفعلِ المضارعِ (ويقولُ الإنسانُ) للتعبيرِ عن حالِ أولئكَ المشركينَ المنكرينَ للبعثِ، ثم بالاستفهامِ والشرطِ، بهمزةِ الاستفهامِ وإذا الشرطية، الظرفيةِ لما يستَقبَلُ من الزمانِ، ثم (ما) الواردةِ في سياقِ التوكيدِ، ثم الفعلِ الماضي المسنَدِ إلى المتحدِّثِ، ثم لامِ التوكيدِ المتصلةِ بحرفِ الاستقبالِ (سوفَ)، ثم التعبيرِ بالمبنيِّ للمجهولِ (أُخْرَجُ) لإنكارِهِ هذه الفعلِ، وهناك إيجازُ حذفٍ بحذفِ متعلِّقِ هذا الفعلِ، والتقديرُ: (أخْرَجُ من القبرِ)، ثم بالحالِ الجامدةِ المؤوَّلَةِ بمشتقٍّ. كل هذا في إيرادِ زعمِ الزاعمين بإنكارِ البعثِ بعدَ الموتِ.

ثمَّ يأتي الردُّ القويُّ المزلزلُ، بتذكيرِ الإنسانِ أولاً بما كانَ عليهِ قبلَ أنْ يكونَ، (أوَلا يذكرُ الإنسانُ أنّا خلقناه من قبلُ ولمْ يكُ شيئاً؟) فجاءَ الردُّ بمستوى الزعمِ، بالاستفهامِ والعطفِ والنفيِ والتوكيدِ والظرفِ وتكرارِ ضميرِ المتكلمينَ (نا) مرتين، والحالِ، وإيجازِ الحذفِ مرتين، حذفِ مضافِ الظرفِ (قبلُ) والتقديرُ (من قبلِ وجودِهِ)، وحذفِ النونِ من الفعلِ المضارعِ (يكُ) المجزومِ بـ (لم)، التي تحوّلُ المضارعَ إلى الزمنِ الماضي، ثم خبرِ كانَ المغرِقِ في الإطلاقِ، أيْ: لم يكنِ الإنسانُ أيَّ شيءٍ قبلَ أن يخلقَهُ اللهُ تعالى.

 

ثم يأتي الردُّ الحاسمُ بما سيفعلُه اللهُ سبحانه وتعالى بأولئكَ المنكرينَ للبعثِ، بفاءِ التفريعِ ثم واوِ القسمِ، ثم المقْسَمِ به لفظِ الربِّ سبحانه مضافاً إلى ضميرِ الرسولِ صلى الله عليه وسلم (فَوَرَبِّكَ)، ونلمَسُ هنا أثرَّ التشديدِ في باءِ (ربِّكَ) في مقامِ التوكيدِ والإتيانِ بالحرفينِ الانفجاريينِ الباءِ والكافِ في مقامِ التوكيدِ أيضاً، ثم جوابُ القسَمِ المبدوءِ باللامِ الواقعةِ في جوابِ القسم، ثم الفعلُ المضارعُ المؤَكَّدُ بنونِ التوكيدِ الثقيلةِ ثم ضميرِ المتحدَّثِ عنهم، المنكرينَ للبعثِ (فوربِّكَ لنحشُرَنَّهم)، ثم قَرَنَهم في الحشرِ مع أحقرِ المخلوقاتِ في المعاصي والدعوةِ للمعاصي وهم الشياطين، والواوُ واوُ المعيةِ، حيثُ يكونُ حشرُهُم مع الشياطينِ الذينَ أضَلُّوهم.

 

وعَطَفَ على ذلك بحرفِ العطفِ (ثُمَّ) المشَدَّدِ الميمِ، ولم يأتِ بواوِ العطفِ أو بفاءِ العطفِ، رغمَ أنَّ (ثُمَّ) هنا ليست دالةً على المهلةِ الزمنية، بل تدلُّ على مجردِ الترتيبِ، فهي مقصودةٌ لاحتوائها على الميمِ المشدَّدةِ، تلا ذلك: (لنحضرنَّهم حولَ جهنَّمَ جِثِيّاً)، اللام التوكيديةُ الواقعةُ في جوابِ القسَمِ، والفعلُ المضارعُ المؤَكَّدُ بنونِ التوكيدِ الثقيلةِ وضميرُ المنكِرينَ للبعثِ، ويبلغُ التهديدُ درجةً عاليةٍ بحشرِهم معَ الشياطين، ثم إحضارِهم جاثِيْنَ حولَ جهنَّمَ قبلَ دخولِها، ونلاحظُ هنا التجانسَ بين التعبيرين: (لَنَحْشُرَنَّهم) و (لَنُحْضِرَنَّهم) حيثُ لم يختلفْ فيهما إلا حرفُ الشينِ في الأولى عن الضادِ في الثانية، وباقي الحروفِ متشابهةٌ، مع اختلافِ تصريفِ الفعلِ في كلٍّ منهما، حيثُ جاءَ الأولُ مشتقاً من الثلاثيِّ (نحشُرُ) الذي ماضيه (حَشَرَ)، وجاءَ الثاني من الثلاثيِّ المزيدِ بالهمزةِ في أوله: (نُحْضِرُ) الذي ماضيه (أحْضَرَ)، فاختلفت الحركاتُ بينَ (نَحْشُر) و (نُحْضِر)، ثم جاءَ تناسبُ الحشْرِ معَ الشياطينِ باشتراكهما في حرفِ الشين الانتشاريِّ، ثمّ الاشتراك في حرفِ الحاءِ الحلقيِّ المهموسِ الاستمراريِّ في كلٍّ من (نحشر)، (نحضِر)، (حولَ)، ثم الاشتراكُ في حرفِ الجيمِ بين (جهنَّمَ) و (جِثِيّاً).

 

ولننظرْ إلى الحروفِ المشدّدَةِ في الآيةِ: فأولُها الباءُ المشدَّدَةُ في لفظِ (ربِّكَ)، ثم نونُ التوكيدِ الثقيلةُ المشدَّدةُ في (لنحشرنَّهم)، ثم الشينُ المشدَّدَةُ في (الشياطين) بعدَ تحولِ اللامِ الشمسيةِ فيها إلى شينٍ، ثمَّ الميمُ المشدَّدَةُ في حرفِ العطفِ (ثمَّ)، ثم النونُ الثقيلةُ المشدّدَةُ في (لنحضرنَّهم)، ثمَّ النونُ المشدَّدَةُ في (جهنَّمَ)، ثم الياءُ المشدَّدَةُ في (جِثِيّا).

 

وكلمةُ (جِثِيّا) جمعُ جاثٍ، على وزنِ فُعُول، مثلُ: (قاعد- قعود) و (جالس- جلوس)، انقلبتْ واواها يائينِ وكُسِرت الثاءُ والجيمُ، وفي هذا اللفظِ الكثيرُ من المبالغةِ في إذلالِ أولئكَ المنكرينَ للبعثِ في حالتِهم تلكَ حولَ جهنَّمَ.

 

تواصلُ الآياتُ وصفَ ذلكَ المشهَدِ المرعبِ للكفارِ يومَ القيامةِ بعدَ حشرِهمِ مع الشياطينِ ثم إحضارِهم جاثينَ حولَ جهنَّمَ، تواصلُ ذلك بالتهديدِ المرعبِ بأنَّ الله تعالى سينتزع من كل شيعةٍ من شيعِ الكفار الأشدَّ طغياناً وفجوراً وكفرا، معَ قولِه تعالى: (ثُمَّ لَنَنزِعَنَّ مِن كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيًّا) بُدِئتِ الآيةُ بالعطفِ بـ (ثُمَّ) المشدَّدَةِ الميمِ، الدالّةِ على تتالي الأحداثِ تتالياً مُرعِباً، ثمّ تَلَتْها اللامُ التوكيديةُ الواقعةُ في جواب القَسَمِ، ثمّ الفعلُ المضارعُ المؤَكَّدُ بنونِ التوكيدِ الثقيلةِ.

 

ونلاحظُ في الآيةِ كثرةَ الحروفِ المشدَّدةِ، ابتداءً من حرف العطفِ (ثمَّ) تليهِ نونُ التوكيدِ الثقيلةُ المتصلةُ بالفعلِ المضارعِ، ثم (كلِّ) ثمّ (أيُّهم) ثم (أشدُّ) ثم (الرّحمن) بعد تحولِ اللامِ الشمسيةِ إلى راء، ثم (عِتِيَّا)، فهذه سبعُ كلماتٍ من عشر، وقعَ فيها حرفٌ مشدّدٌ.

 

وفي قوله تعالى: (ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلَى بِهَا صِلِيًّا) بدئت بحرفِ العطفِ (ثمَّ) المتضمنِ ميماً مشددةً، ثم لامُ الابتداءِ المفيدةُ للتوكيدِ (لَنحنُ)، ثم اسمُ التفضيلِ (أعلمُ)، ثم كلمةُ (صِلِيّاً) المتضمنةُ حرفَ الياءِ المشدَّدةِ، ووردت هذه الآيةُ حتى لا يقولَ مشركٌ أو كافرٌ إنّهُ أقلُّ كفراً أو طغياناً، فاللهُ سبحانه هو الأعلمُ بالذينَ هم أولى بالنارِ صِلِيّا.

ثم جاء قولُهُ تعالى: وَإِن مِّنكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَّقْضِيًّا (71) ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوا وَّنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا (72).

 

استخدِمَ في الآيةِ أسلوبُ الحصرِ بـ (إنِ) النافيةِ، و (إلاّ) الاستثنائيةِ، لتأكيدِ ورودِ المخاطبينَ إلى النارِ، وأكَّدَ ذلك بقولِه تعالى: (كانَ على ربِّكَ حتماً مقضياً) فما دامَ هو حتماً مقضيّاً فلا بدَّ من وقوعِهِ، ولكنَّ اللهَ تعالى سوفَ يُنَجّيْ المتقينَ من النارِ، ويبقى الظالمونَ جاثينَ في جهنم.

 

ونلاحظُ الحروفَ المشدّدةَ في الآيتينِ بكثرةٍ، فبإدغامِ النونِ الساكنةِ مع الميمِ تنشأُ ميمٌ مشددّةٌ مع الغنةِ في قوله تعالى (وإنْ مِنكم)، ثم اللامُ المشددةُ في حرف الاستثناء (إلاّ)، ثم الباءُ المشددةُ في (ربِّكَ)، ثم بإدغامِ التنوينِ مع الميمِ تنشأُ ميمٌ مشددةٌ في قوله تعالى (حتماً مَقضياً). وفي الآيةِ الثانيةِ حرفُ العطف (ثمَّ) المتضمِّنُ ميماً مشددة، ثم الجيمُ المشددةُ في قوله تعالى (ننجّي)، ثم اللامُ المشددةُ في الاسمِ الموصولِ (الذينَ)، ثم التاءُ المشددةُ في قوله تعالى (اتَّقوا)، ثم الواوُ المشددةُ الناتجةُ عن إدغام واوِ (اتقوْا) الساكنةِ، مع واوِ العطفِ (اتّقوْاوَنذرُ)، ثم الظاءُ المشددةُ بعدَ تحوُّلِ اللامِ الشمسيةِ إلى ظاء، ثم الياءُ المشددةُ في قوله تعالى (جِثِيّا).

 

فاجتمعتْ في هذهِ الآياتُ أكثرُ أنواعِ التوكيداتِ، اللفظيةِ والمعنويةِ، فوقعَ التوكيدُ بـ (ما) في قوله: (أئذا ما متُّ)، والتوكيدُ بـ (أنّ)، والتوكيدُ بتكرارِ ضميرِ المتكلمينَ: مرتينِ بـ (نا) في قوله تعالى (أنا خلقناه)، ثم نونُ المضارَعةِ المتصلةُ بالأفعالِ المضارعةِ (لنحشرنهم، لنحضرنهم، لننزعن، ننجي، نَذَرُ). ثم بالضميرِ المنفصلِ (نحنُ)، ثم بإظهارِ صفةِ (الرحمنِ)، ثمَّ بصفةِ الربِّ سبحانه مرتين، ثم بالقَسَمِ بصفةِ الربِّ سبحانَهُ، ووقوعِ اللامِ في جوابِ القَسَمِ، ونونِ التوكيدِ الثقيلةِ في الأفعالِ (لنحشرنّهم، لنحضرنَّهم، لننزعنَّ). والتوكيدُ بالحصرِ (وإنْ منكم إلا واردُها)، وتوكيدُ ذلك بقولِه سبحانه (كان على ربِّكَ حتماً مقضياً). ثم التوكيدُ باستخدامِ لفظِ العمومِ (كلّ) ليشملَ كلَّ شيعِ الكافرين.

 

وكذلكَ التوكيدُ بكثرةِ الحروفِ المشدّدةِ في الآياتِ كما وردَ ذكرُهُ في مواضعِه في هذه الحلقةِ والحلقةِ التي سبقتْها.

 

أما التوكيداتُ المعنويةُ فقد وردتْ بكثرةٍ أيضاً في الآياتِ، فقد وقعَ أولاً في قولِه تعالى (ولم يكُ شيئاً) توكيداً لقدرةِ اللهِ تعالى على الخلقِ من العدَم، وقبلَها بحذفِ المضافِ إلى الظرفِ (من قبلُ)، ثم بحشرِ المنكرينَ للبعثِ مع الشياطينِ، توكيداً لإذلالهم وتحقيرِهم، ثمّ التوكيدُ بالحالِ (حيّا) و (جِثِيّا)، ثم التوكيدُ بالتمييزِ (عِتِيّا)، (صِلِيّا)، ثم التوكيدُ بالوصفِ (حتماً مقضياً).

وامتلأت مجموعةُ الآياتِ هذه بالأساليبِ المتنوّعة، فقد وردَ فيها الاستفهامُ الإنكاريُّ من قِبَلِ الكفارِ إنكاراً للبعثِ، ووردَ كذلك الاستفهامُ الإنكاريُّ في الردِّ عليهم (أَوَلا يذكرُ الإنسانُ..)، ووردَ في الآياتِ أسلوبُ القَسَمِ مُوَظَّفاً خيرَ توظيفٍ فأدّى مهمةَ التوكيدِ للمنكِرِ، ولَمَّا أنكرَ الكفارُ البعثَ في المستقبلِ باستخدامِ (سوفَ) ردّ عليهم سبحانه بالخلقِ في الماضي (خلقناه من قبلُ، ولم يكُ شيئاً) فأكَّدَ الخلْقَ في الماضي بثلاثةِ أشياءَ: الفعلِ الماضي (خلقَ)، والظرفِ (من قبلُ)، والمضارعُ المنفيُّ بـ (لم) التي تحوّلُهُ للماضي. واستخدِمَ في الآياتُ العطفُ بـ (ثمّ)، والواو، والفاءِ، واستخدِمت واوُ المعيةِ أيضاً.

 

واستخدِمتْ أدواتُ النفيِ المنوعةُ: لا، لم، إنْ، واسمُ التفضيلِ: أشدُّ، أعلمُ.

واستخدِمَ في الآيةِ الاسمُ الموصولُ (أيُّ) المحذوفُ صدرُ صلتِه، والتقديرُ (أيُّهم هو أشدُّ..).

 

وبالإجمالِ حوَتِ الآياتُ أكثرَ الخصائصِ اللغويةِ، اللفظيةِ والمعنويةِ، من توكيدٍ وتكرارٍ وحذفٍ وإيجازٍ وإظهارٍ وإضمارٍ وإثباتٍ ونفيٍ، وحصرٍ، وغير ذلك، وأدَّت وظيفتَها الجماليةَ والتأثيريةَ، معَ القوةِ وقرْعِ آذانِ الكافرينَ المنكرينَ للبعثِ والنشور.

 

أبو محمد خليفة

9-12-2013

 

عن صفحة:

رابط هذا التعليق
شارك

Join the conversation

You can post now and register later. If you have an account, sign in now to post with your account.

زوار
اضف رد علي هذا الموضوع....

×   Pasted as rich text.   Paste as plain text instead

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   Your previous content has been restored.   Clear editor

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.

جاري التحميل
×
×
  • اضف...