عبد الله العقابي Posted December 13, 2013 Report Share Posted December 13, 2013 توظيف المخصِّصات- آيتان من سورة الإسراء مثالاً نقفُ اليومَ مع ظاهرةٍ لفظيةٍ معنويةٍ في سورةِ الإسراء، ومع أننا لم نصل إلى مرحلة استقصاء الظاهرةِ بشكلٍ كاملٍ، لكنّه لعلَّنا في هذا الموضوع نفتحُ البابُ لدراساتٍ أوسعَ لهذه الظاهرةِ في هذه السورةِ. ولْنبدأْ بالآيةِ الأولى من السورةِ: (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ )، فقد افتُتحت السورةُ بتسبيحِ الله سبحانه وتعالى، ولكن بصيغةٍ خاصةٍ، وهي المصدرُ المستغنيْ عن فعلِهِ (سبحانَ)، مضافاً للاسم الموصولِ، الذي صِلتُهُ فِعلٌ من أفعالِ اللهِ سبحانه، وهو حادثةُ الإسراءِ، فخُصّص التسبيحُ بصيغةٍ المصدرِ الخاص، مضافاً إلى صاحبِ تلكَ الآيةِ، آيةِ الإسراءِ، وهو اللهُ تعالى، وتخصيصُ اللهِ تعالى بإضافةِ التسبيحِ إلى الاسمِ الموصول فيه مزيدُ مدحٍ للهِ تعالى الذي قامَ بهذا الفعلِ الذي لا يستطيعُهُ أحدٌ سواه سبحانه. ثم تعدَّى الفعلُ (أسرى) بحرفِ الجرِّ (الباء) فجاءَ الجارُّ والمجرورُ متعلقينِ بالفعلِ (أسرى)، وخُصّص لفظُ (عبد) بإضافتِه للضمير العائدِ إلى المسبَّحِ، وهو اللهُ تعالى، وفي هذه الإضافة تعريفٌ وتشريفٌ وتخصيصٌ للرسولِ صلى الله عليه وسلم. ثم خُصّصَ الإسراءُ بالزمن (ليلاً) مع أنّ الإسراءَ لا يكونُ إلا في الليل، لكنَّ في هذا التخصيصِ مزيدَ توكيدٍ. ثم خُصِّصَ الإسراءُ بالبداية المكانيةِ بحرفِ الجرِّ (من) المفيدِ لابتداءِ الغايةِ، والبدايةُ المكانيةُ هي المسجدُ الحرامُ، خصصَّ المسجدُ بأنه الحرام، حيثُ خُصصَ بالوصفِ. ثم خُصِّصَ الإسراءِ بالنهايةِ المكانيةِ، بحرفِ الجرِّ المفيدِ لانتهاءِ الغايةِ، (إلى)، والنهايةُ المكانيةُ هي المسجدُ الأقصى، الذي خُصِّصَ أيضاً بوصفِهِ بـ (الأقصى) شديدِ البعدِ، والبعدُ هنا نسبيٌّ، أي بالنسبةِ للمسجدِ الحرامِ. ووصفَ المسجدُ الأقصى بأنه الذي بارك الله حوله، خُصصَ بالاسم الموصول (الذي)، وصِلتُهُ الجملةُ الفعليةُ (باركنا حولَهُ). وخُصّصت البركةُ بالظرفِ (حولَهُ) أي حولَ المسجدِ الأقصى. وخُصّصَتِ الغايةُ من الإسراء بلام التعليل: (لنريه من آياتنا)، حتى يُريَ اللهُ تعالى رسولَه صلى الله عليه وسلم من آياتِهِ سبحانه. فهذه اثنا عشَرَ مُخَصّصاً لفظياً، لها آثارٌ معنويةٌ، وردت في آيةٍ واحدةٍ أو بعضِ آيةٍ. ولْننظرْ إلى آيتين آخريين ونستعرضُ ما فيهما من مخصصات بإيجازٍ سريع: (مَّن كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاء لِمَن نُّرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاهَا مَذْمُومًا مَّدْحُورًا {18} وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُورًا). فهناك الشرطُ أولاً، بأداةِ الشرطِ المستخدَمةِ للعاقلِ الذي يريدُ العاجلةَ، وجوابُ الشرطِ (عجّلْنا) خُصّصَ أولاً بالجارِّ والمجرورِ (له)، ثم الجارِّ والمجرور (فيها)، ثمّ المفعولُ به (ما نشاءُ)، ثم خُصّصَ الجارُّ والمجرورُ الأول (له) بجارٍّ ومجرورٍ آخرين (لمن نريدُ). فانظرْ إلى براعةِ التخصيصِ، حيث قالَ أولاً (عجلنا له)، ثم استدركَ بقوله: (لمن نريد)، أي ليسَ لكلِّ واحدٍ موصوفٍ بما سبق، بل لمن يريدُ اللهُ سبحانه وتعالى له ذلك. وبعد التعجيلِ للمتعجِّلِ، يجعلُ اللهُ سبحانه وتعالى له جهنمَّ، فخصصَ الجعلُ بالجار والمجرورِ (له)، ثم المفعولُ به (جهنمَّ)، وهنا تخصيصٌ بثلاثةِ أحوالٍ: الجملة الفعليةِ (يصلاها) فإن التقديرَ أنَّ له جهنّمَ مصلياً بها، وكيفَ يصلاها؟ إنّه يصلاها مذموماً، ويصلاها مدحوراً. وفي الآيةِ الثانيةِ من الآيتين، أداةُ شرطٍ للعاقلِ (مَنْ) ومخصِصُه فعل الشرطِ (أرادَ الآخرةَ) معطوفاً عليه (وسعى)، وخُصصَ (سعى) بالجارِّ والمجرورِ (لها) أي أن السعيَ للآخرةِ، وخُصِصَ السعيُ بأنه سعيٌ للآخرةِ، خصص بالمفعولِ المطلقِ، ثم خُصصَ بالحالِ الجملةِ الاسميةِ (وهو مؤمنٌ)، فأولئكَ كانَ سعيُهم مشكوراً، نسأله سبحانه أن يجعلَنا ممن سعى للآخرةِ سعيَها وهو مؤمن، فيكونَ سعيُنا مشكوراً. أبو محمد خليفة 13-12-2013 عن صفحة: إعجاز القرآن الكريم - فأتُوا بِسُورَةٍ مِن مِثلِهِ Miracles Of The Quran Quote Link to comment Share on other sites More sharing options...
Recommended Posts
Join the conversation
You can post now and register later. If you have an account, sign in now to post with your account.