اذهب الي المحتوي
منتدى العقاب

تفسير الاستعاذة و البسملة


Recommended Posts

تفسير الاستعاذة

 

أمر رَبُّ العَالَمِين سبحانه بالاستعاذة عند قراءة القرآن الكريم، فقال عز وجل: ﴿فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآَنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ (98)﴾، ثم بعدها يستفتح القارئ ببِسْمِ اللَّهِ ٱلرَّحْمَـٰن ٱلرَّحِيم، فالاستعاذة من الشيطان بقولنا: أعوذ بالله، إشارة إلى نفي ما لا ينبغي من الأقوال والأفعال والعقائد، وقول: بسم الله، إشارة إلى ما ينبغي من الأقوال والأفعال والعقائد، وإنك لتلحظ أسلوب التخلية قبل التحلية في كثير من المواطن، فتقول: لا إله، قبل أن تقول: إلا الله، فأنت تنفي، وتتبرأ من كل إله، ومن كل شريك، في الكون أن يرقى لمرتبة الألوهية، ثم بعد هذه التخلية، تتبعها بالتحلية بالإذعان والإيمان والجزم أن الإله الوحيد المستحق للعبودية، المتصرف بهذا الكون كله هو الله وحده دون غيره، وتجد هذه التخلية أيضا في قوله تعالى: ﴿فمن يكفر بالطاغوت﴾، ثم يتبعها بالتحلية في قوله: ﴿ويؤمن بالله﴾، علامة على ضرورة التخلي عن كل مناهج الكفر والشرك والإلحاد، والتبرئ منها قبل التسليم والإذعان والرضا والإيمان بمناهج الحق، إذ من حق هذا الحق الذي قامت عليه السموات والأرض أن لا يجامعه باطل، وأن لا يخالطه دنس ولا رجس فيفسده.

وجمهور أهل العلم أن الاستعاذة مستحبة قبل قراءة القرآن، قاله ابن كثير، وهذه هي الصيغة الأولى للاستعاذة، أن تقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، روى مسلم في صحيحه: عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ صُرَدٍ، قَالَ: اسْتَبَّ رَجُلاَنِ عِنْدَ النَّبِيِّ. فَجَعَلَ أَحَدُهُمَا تَحْمَرُّ عَيْنَاهُ وَتَنْتَفِخُ أَوْدَاجُهُ. قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنِّي لأَعْرِفُ كَلِمَةً لَوْ قَالَهَا لَذَهَبَ عَنْهُ الَّذِي يَجِدُ: أَعُوذُ بِاللّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ» فَقَالَ الرَّجُلُ: وَهَلْ تَرَى بِي مِنْ جُنُونٍ؟.

وروى الإمام أحمد في صحيحه: عن أبي سعيد الخدري قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلّم إذا قام من الليل واستفتح صلاته وكبر قال: سبحانك الّلهم وبحمدك، تبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك، ثم يقول: لا إله إلا الله ثلاثاً، ثم يقول: أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ، ثم يقول: الله أكبر ثلاثاً، ثم يقول: أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، من همزه ونفخه ونفثه ».

قال تعالى: ﴿وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (200)﴾.

عن حَيْوَةَ بنِ شُرَيْحٍ «لَقِيْتُ عُقْبَةَ بنَ مُسْلِمٍ فَقُلْتُ لَهُ: بَلَغَنِي أَنَّكَ حَدَّثْتَ عن عَبْدِ الله بنِ عَمْرِو بنِ الْعَاصِ عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلّم أَنَّهُ كَانَ إِذَا دَخَلَ المَسْجِدَ قال: أَعُوذُ بالله الْعَظِيمِ وَبِوَجْهِهِ الْكَرِيمِ وَسُلْطَانِهِ الْقَدِيمِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ. قال: أَقَطْ؟ قُلْتُ: نَعَمْ. قال: فَإِذَا قال ذَلِكَ قال الشَّيْطَانُ: حُفِظَ مِنِّي سَائِرِ الْيَوْمِ» .

قال الراغب الأصفهاني: العوذ: الالتجاء إلى الغير والتعلق به. يقال: عاذ فلان بفلان، ومنه قوله تعالى: ﴿أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين﴾ [البقرة/67]، ﴿وإني عذت بربي وربكم أن ترجمون﴾ [الدخان/20]، ﴿قل أعوذ برب﴾ [الفلق/1]، ﴿إني أعوذ بٱلرَّحْمَـٰن﴾ [مريم/18]. وأعذته بالله أعيذه. قال: ﴿إني أعيذها بك﴾ [آل عمران /36]، وقوله: ﴿معاذ الله﴾ [يوسف/79]، أي: نلتجئ إليه ونستنصر به أن نفعل ذلك، فإن ذلك سوء نتحاشى من تعاطيه. والعوذة: ما يعاذ به من الشيء، ومنه قيل: للتميمة والرقية: عوذة، وعَوَّذَهُ: إذا وَقاه،

والرَّجْمُ: الرمي بالرِّجام. يقال: رجم فهو مرجوم، قال تعالى: ﴿لئن لم تنته يا نوح لتكونن من المرجومين﴾ [الشعراء/116]، أي: المقتولين أقبح قتلة، وقال: ﴿ولولا رهطك لرجمناك﴾ [هود/91]، والرجيم فعيل بمعنى مفعول أي مرجوم، كسعير بمعنى مسعور.

وتأتي الاستعاذة بمعنى: أستجير بالله، وأتحرز به، وأستعين به، وأمتنع به من المكروه، وأتعلق به، وأتحيز إليه وألوذ به. قال ابن كثير: والعياذة لدفع الشر واللياذة لطلب الخير

والشيطان مأخوذ عند جمهور أهل اللغة من شَطَنَ بمعنى: بَعُدَ، يقال بئر شطون، أي بعيدة القعر والمدى.

وقيل إنه مأخوذ من شاط يشيط إذا هاج واشتد غضبا، وهلك واحترق وبطل، والأول أرجح

قال ابن كثير في كلامه عن الاستعاذة "وهي استعانة بالله واعتراف له بالقدرة، وللعبد بالضعف والعجز عن مقاومة هذا العدو الـمُبِينِ الباطني الذي لا يقدر على منعه ودفعه إلا الله الذي خلقه ، ولا يقبل مُصانَعَةً ولا يُدارى بالإحسان " ولا شك أن خطره عظيم فقد يكيد للانسان ويتدرج به إذا وجد سبيلا إليه حتى يوقعه في الكفر، ولا سبيل له على عباد الله المخلَصين، قال تعالى: ﴿قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (39) إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ (40) قَالَ هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ (41) إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ (42)﴾ ﴿فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآَنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ (98) إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (99) إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ (100)﴾

كلمة الشيطان من الشطن الذي هو الحبل الممتد يعني أن هذا الشيطان يمتد إليك فكن حذراً منه لكن حتى لا يغالي الإنسان في كثرة الخوف منه جاءت كلمة الرجيم وكلمة الرجيم هنا هذا الوصف هو أنسب الأوصاف للشيطان في هذا المكان يعني ما قال الشيطان اللعين، وإنما الرجيم حتى تتخيل صورته وهو يُرجم بالحجارة فكأنه منشغل بنفسه، فكلمة شيطان فيه حبل ممتد إليك حتى لا تتهاون في شأنه وكلمة رجيم حتى لا يبلغ بك الخوف منه مبلغاً عظيماً فهو رجيم مرجوم .

 

 

 

 

تفسير البسملة

 

 

أما البسملة، فلفظها: ﴿بِسْمِ اللَّهِ ٱلرَّحْمَـٰن ٱلرَّحِيم﴾، وحذفت ألف باسم لفظا وخطا، تخفيفا لكثرة الاستعمال، ولا تحذف إلا مع لفظ الجلالة "الله" وتثبت في غيره، كقوله تعالى: ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ﴾

والبدء ب...اسم اللّه هو الأدب الذي أوحى اللّه لنبيه - صلى اللّه عليه وسلم - في أول ما نزل من القرآن باتفاق، وهو قوله تعالى: ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ...﴾.

أنت حين تبدأ كل شيء باسم الله.. كأنك تجعل الله في جانبك يعينك.. ومن رحمة الله سبحانه وتعالى أنه علمنا أن نبدأ كل شيء باسم الله.. لأن الله هو الاسم الجامع لصفات الكمال سبحانه وتعالى.. والفعل عادة يحتاج إلى صفات متعددة.. فأنت حين تبدأ عملا تحتاج إلى قدرة الله وإلى عونه وإلى رحمته.. فلو أن الله سبحانه وتعالى لم يخبرنا بالاسم الجامع لكل الصفات.. كان علينا أن نحدد الصفات التي نحتاج إليها.. كأن نقول باسم الله القوي وباسم الله الرازق وباسم الله المجيب وباسم الله القادر وباسم الله النافع.. إلى غير ذلك من الأسماء والصفات التي نريد أن نستعين بها.. ولكن الله تبارك وتعالى جعلنا نقول بسم الله بسم الله بسم الله الجامع لكل هذه الصفات، ورسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه ببِسْمِ اللَّهِ ٱلرَّحْمَـٰن ٱلرَّحِيم أقطع"

ومعنى أقطع أي مقطوع الذنَبِ أو الذيل.. أي عمل ناقص فيه شيء ضائع.. .

واتفقت المصاحف على افتتاحها ب ﴿بِسْمِ اللَّهِ ٱلرَّحْمَـٰن ٱلرَّحِيم﴾ واختلف الأئمة فيها، فقال مالك: ليست آية لا من الفاتحة ولا من غيرها إلا من النمل خاصة، وقال الشافعي: هى آية من الفاتحة فقط، وقال ابن عباس: هى آية من كل سورة.

فحجة مالك: ما فى الصحيح عنه صلى اللّه عليه وسلّم قال: «أنزلت عليَّ سورة ليس فى التوراة ولا فى الإنجيل ولا فى الفرقان مثلها، ثم قال: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِين﴾ ولم يذكر البسملة. وكذلك ما ورد فى الصحيح أيضا أن اللّه يقول: «قسمت الصّلاة بينى وبين عبدى نصفين. يقول العبد: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِين﴾ فبدأ بها دون البسملة.

وحجة الشافعي: ما ورد فى الصحيح «أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلّم كان يقرأ ﴿بِسْمِ اللَّهِ ٱلرَّحْمَـٰن ٱلرَّحِيم. الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِين﴾. وحجة ابن عباس: ثبوت البسملة مع كل سورة فى المصحف، مع تحرّي الصحابة ألا يدخلوا فى المصحف غير كلام اللّه، وقالوا: ما بين الدفّتين كلام اللّه.

وإذا ابتدأتَ أوّلَ سورة بَسْمَلْتَ إلا براءة، وسيأتى الكلام عليها. وإذا ابتدأت جزء سورة فأنت مخير عند الجمهور.

وإذا أتممت سورة وابتدأت أخرى فاختلف القرّاء فى البسملة وتركها.

وأما حكمها فى الصلاة، فقال مالك: مكروهة فى الفرض دون النفل، وقال الشافعي: فرض تبطل الصلاة بتركها، فيبسمل - عنده - جهرا فى الجهر وسرا فى السر، وعند أبى حنيفة كذلك إلا أنه يُسِرُّها مطلقا، وحجة مالك أنها ليست بآية: ما فى الحديث الصحيح عن أنس أنه قال: (صلّيت خلف النبي صلى اللّه عليه وسلّم وأبى بكر وعمر وعثمان، فكانوا يستفتحون ب﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِين﴾) لا يذكرون البسملة أصلا. وحجة الشافعي أنها عنده آية: ما ورد فى الحديث من قراءتها كما تقدم .

قال الأستاذ أبو الحارث نور الدين التميمي أجزل الله له المثوبة:

لا يمكن أن يختلف مسلمان بأي أمر من أمور العقيدة ما دام قطعيا في ثبوته، ولا خلاف بينهما على القطع فيه، وإذا حصل الخلاف على القطع فيه أو الظن فإنه بحصول الخلاف (إذا كان الخلاف مسوغا) ينزل طبيعيا من درجة القطع إلى درجة الظن. لقد اختلف المسلمون في البسملة هل هي آية في الفاتحة أم ليست بآية، لذا فمجرد وجود الخلاف في البسملة يقطع بأنها ليست آية إذ لو أنها آية كقوله تعالى ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِين﴾ لما اختلف فيها المسلمون، فهم لم يختلفوا على ثبوت القطعي من العقائد فلم يختلفوا على سورة ق مثلا أو آية من آياتها على أنها من القرآن الكريم. انتهى، قال القرطبي رحمه الله في تفسيره: الخامسة: - الصحيح من هذه الأقوال قول مالك، لأن القرآن لا يثبت بأخبار الآحاد وإنما طريقه التواتر القطعي الذي لا يختلف فيه. قال ابن العربي: "ويكفيك أنها ليست من القرآن اختلاف الناس فيها، والقرآن لا يختلف فيه". والأخبار الصحاح التي لا مطعن فيها دالة على أن البسملة ليست بآية من الفاتحة ولا غيرها إلا في النمل وحدها.

﴿بسم الله﴾، الباء للاستعانة ، أي باسم الله أقرأ، أو أتوضأ مستعينا به، ومتيمنا ومتبركا .

والاسم مأخوذ من الوَسم، وهو العلامة، لأن الاسم علامة على من وضع له، وهو اختيار الكوفيين، وأما البصريون وأكثر النحويين، فالاسم عندهم مأخوذ من السمو، أي العلو والارتفاع، لأنه يسمو بالمسمى، فيرفعه عن غيره، قال النسفي: "واشتقاقه من السمو وهو الرفعة لأن التسمية تنويه بالمسمّى وإشادة بذكره" وقول الكوفيين أظهر من حيث المعنى، ولكن تصريف الاسم وجمعه يقوي قول البصريين، إذ يُصغَّر على سُمَـيّ، ولو كان من السمة، لكان أصله وسم، وجمع على أوسام، وصُغر على وُسَيْم، لأن الجمع والتصغير يردان الأشياء إلى أصولها.

والإسم هو اللفظ الدال بالوضع على موجود في العيان إن كان محسوسا وفي الأذهان إن كان معقولا من غير تعرض ببنيته للزمانِ، ومدلولُهُ هو المسمى.

 

عن صفحة:

تم تعديل بواسطه عبد الله العقابي
رابط هذا التعليق
شارك

Join the conversation

You can post now and register later. If you have an account, sign in now to post with your account.

زوار
اضف رد علي هذا الموضوع....

×   Pasted as rich text.   Paste as plain text instead

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   Your previous content has been restored.   Clear editor

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.

جاري التحميل
×
×
  • اضف...