اذهب الي المحتوي
منتدى العقاب

بعض الأيات التي عرضت الفكرة عن طريق المقابلة


Recommended Posts

توظيف المقابلة

 

نقفُ اليومَ معَ عددٍ من الآياتِ التي عرضَت الفكرةَ عن طريقِ المقابلةِ، ولقد قيلَ إنّه بالضدِّ يُعْرَفُ الضدِّ، ومن المعلومِ تربوياً أيضاً أنَّ من أساليبِ شرحِ المفهومِ وإيضاحِه للمتعلمِ، أنْ يربطَه بضِدِّهِ أوْ مقابِلِه، ننظرُ الآنَ في الآياتِ من الأربعينَ إلى الرابعةِ والأربعينَ من سورةِ يونسَ: (وَمِنهُم مَّن يُؤْمِنُ بِهِ وَمِنْهُم مَّن لاَّ يُؤْمِنُ بِهِ وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِالْمُفْسِدِينَ {40} وَإِن كَذَّبُوكَ فَقُل لِّي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَاْ بَرِيءٌ مِّمَّا تَعْمَلُونَ {41} وَمِنْهُم مَّن يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ أَفَأَنتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ وَلَوْ كَانُواْ لاَ يَعْقِلُونَ {42} وَمِنهُم مَّن يَنظُرُ إِلَيْكَ أَفَأَنتَ تَهْدِي الْعُمْيَ وَلَوْ كَانُواْ لاَ يُبْصِرُونَ {43} إِنَّ اللّهَ لاَ يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَـكِنَّ النَّاسَ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ )

1- حيث بَدأت الآياتِ بتقسيم الناسِ قسمينِ: مَن يؤمنُ بالكتابِ ومَنْ لا يؤمنُ به.

2- ثم أخبرت الآيةُ الأولى أن الله أعلمُ بالمفسدينَ، وكذلك هو سبحانَه أعلمُ بالمصلحين، مقابلةٌ مفهومٌ طرفُها الثانيْ من السياق.

3- ثم تأتي الآيةُ الثانية للحديث عن المكذبين في حالِ تكذيبِهم، وأمرِ اللهِ سبحانَه لرسولِه صلى الله عليه وسلم أن يقول لهم: لي عملي، ولكم عملكم، مقابلة. ثم:

4- الأمرِ بأن يقولَ لهم: أنتم بريئون مما أعملُ، وأنا بريءٌ مما تعملون، مقابلة.

5- ثم مقابلةٌ في آيتين، تصفُ حالَ المكذبينَ، فمنهم مجموعةٌ تستمعُ إليكَ، ومجموعةٌ أخرى تنظرُ إليك.

6- وفي كل جزءٍ من جزأَيِ المقابلة، مقابلةٌ أو طِباقٌ، أو أكثرُ، ففي الأولى في قولِه تعالى: (أفأنتَ تسمعُ الصُّمَّ) بين الكلمتين: تسمع، و: الصُّمّ.

7- وكذلك في قولِه سبحانه: (أفأنتَ تهديْ العُمْيَ)، مقابلة أو طِباقٌ بين الكلمتين: تهدي، و: العُمْي.

8- وفي الآيةِ الأخيرةِ مقابلة بين: (إنَّ اللهَ لا يظلمُ الناسَ شيئاً)، وبين: (ولكنَّ الناسَ أنفسَهم يظلمون).

والمقابلةُ والطِباقُ فيهما تجليةٌ وإيضاحٌ للمفهومِ المطروحِ، وفيهما استقصاءٌ للمعنى من جهةِ أنَّ المتكلمَ أو الكاتب يجمعُ أطرافَ الواقعِ الذي يتحدثُ عنه، ويبسُطُهُ أمامَ السامعِ أو القارئ بشكلٍ يمكّنُهُ من الإحاطةِ بالواقعِ إلى حدٍّ كبيرٍ، فيرى الواقعَ على حقيقتِه.

فالآياتُ التي تحدثنا عنها، جاءت بعد آيتين تحدثتا عن القرآن الكريم، وأنه كلامُ اللهِ تعالى، ولا يمكنُ أن يكونَ مفتَرًى من دون اللهِ سبحانه، ثم تأتي الآياتُ التي تحدثنا عنها مستخدِمَةً المقابلةَ والطباقَ طريقةً لعرضِ الفكرةِ، فكرةِ اختلافِ الناسِ تُجاهَ القرآنِ الكريم، ثمَّ تَحَمُّلِ كل عاملٍ من البشرِ مسؤوليةَ عملِهِ،

وكذلك فكرةُ عدمِ استماعِ الكفارِ حين توجيهِ الخطابِ لهم، فمنْ لا يعقلْ ما يُقالُ له، فكأنّهُ لا يسمعُ، وكذلك مَنْ لا يعقلُ ما يشاهدُهُ ويقعُ بصرُهُ عليه، فكأنَّه لا يبصِرُ، والخلاصةُ أنَّ كلَّ نفسٍ تتحمَّلُ مسؤوليةَ عملِها، فالنفسُ المحسنةُ لها الإحسانُ، والنفسُ المسيئةُ لها بمثلِ ما قدّمتْ، واللهُ العدلُ سبحانه لا يظلمُ الناسَ شيئاً.

عَرَضَتْ الآياتُ تلكَ الأفكارَ بطريقةِ المقابلةِ والطباقِ، التي تُعِيْنُ الدماغَ على تصوُّرِ الواقعِ المطروحِ المتحدَّثِ عنه.

 

أبو محمد خليفة

19-12-2013

 

عن صفحة:

رابط هذا التعليق
شارك

Join the conversation

You can post now and register later. If you have an account, sign in now to post with your account.

زوار
اضف رد علي هذا الموضوع....

×   Pasted as rich text.   Paste as plain text instead

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   Your previous content has been restored.   Clear editor

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.

جاري التحميل
×
×
  • اضف...