العدالة شرط لقبول الفتوى

[عبد المنعم]

بسم الله الرحمن الرحمن الرحيم

روى مسلم في صحيحه عن ابن سيرين قال (ان هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم). و روى مسلم ايضا عن علي قال, قال رسول الله (ص) (لا تكذبوا علي فانه من يكذب علي يلج النار).

في هذا العصر الذي هدمت فيه دولة الخلافة, و غاضت فيه احكام الاسلام من الوجود في المجتمع و الدولة و عند كثيرين من الافراد , يطالعنا مشايخ الفضائيات و علماء السلاطين بالفتوى عن الله و رسوله في احكام الدين, و قد لبسوا لدى بعض المسلمين احكام دينهم, و من اجل ذلك لا بد ان يعرف ان هؤلاء المشايخ يرفض قولهم قولا واحدا. ذلك انه من شروط الفتوى في الدين العدالة, فلا يحل اخذ الحكم الشرعي عن غير العدل, لان الفتوى اخبار عن الدين, و غير العدل لا يؤمن منه عدم الكذب في الدين. و التقليد في الاحكام الشرعية هو اخذ الحكم بدون حجة ملزمة, و اذا كان الامر كذلك فان المقلد لا يعرف عن المفتي الا العلم و العدالة, و اذا انتفت العدالة انتفت الحجة في قبول الحكم الشرعي.

و قد اطبق العلماء ان من شروط المفتي ان يكون عدلا ثقة:

1) يقول الامام الشيرازي في اللمع في اصول الفقه( و يجب ان يكون (اي المفتي) ثقة مأمونا لا يتساهل في امر الدين).

2) و يقول الامام الغزالي في المستصفى : المجتهد و له شرطان: احدهما ان يكون محيطا بمدارك الشرع متمكنا من استثارة الظن بالنظر فيها و تقديم ما يجب تقديمه و تأخير ما يجب تأخيره. و الشرط الثاني: ان يكون عدلا مجتنبا للمعاصي القادحة في العدالة).

3) و قال الامدي في الاحكام (القائلون بوجوب الاستفتاء على العامي, اتفقوا على جواز استفتائه لمن عرفه بالعلم و اهلية الاجتهاد و العدالة).

4) و قال في المحصول : (مسألة في شرائط الاستفتاء: اتفقوا على انه لا يجوز له الاستفتاء الا اذا غلب على ظنه ان من يفتيه من اهل الاجتهاد و من اهل الورع). انتهى.

ثم قد يعرف القدح في العدالة بمخالفة ما هو قطعي او ما هو معلوم من الدين بالضرورة, كالقول ان الجهاد حرب دفاعية فقط, اواباحة الاختلاط , او المشاركة في الحكم في الانظمة الوضعية, او موالاة الحكام الذين لا يطبقون شرع الله, او غير ذلك من الامور.

اللهم ابرم لهذه الامة امرا رشدا يعز فيه وليك و يذل فيه عدوك, و يؤمر فيه بالمعروف و ينهى فيه عن المنكر. اللهم عجل بقيام دولة الخلافة, اللهم علي يد ابي الياسين