اذهب الي المحتوي
منتدى العقاب

سلسلة من الفكر


Recommended Posts

بسم الله الرحمن الرحيم

– 1 –

سلسلة من الفِكَر

هذه سلسلة فِكرٍ من ثقافة حزب التحرير التي تبناها أو أصدرها من الثقافة الإسلامية، والتي تشمل أفكار العقيدة الإسلامية، وما انبثق عنها، أو بُني عليها من أفكار وآراء وأحكام، سواء تعلقت بعلاقة الإنسان بخالقه أو بنفسه، أو بغيره من البشر، وسواء كانت هذه الأفكار والآراء والأحكام تتعلق بالدولة ونظام الحكم فيها، وشكله وما تطبق من أحكام، وعلاقتها بالرعية، وبغيرها من الدول والشعوب أم كانت تتعلق بالنظام الاجتماعي المتعلق بعلاقة الرجل بالمرأة.

وهذه السلسلة من الفكر القصيرة المكونة مما تبناه حزب التحرير من أفكار وآراء وأحكام – وهي أفكار وآراء وأحكام عملية، صالحة للتطبيق والتنفيذ. وسبق لها أن طبقت في دولة الخلافة الإسلامية، ما يقارب ثلاثة عشر قرناً – نحملها إلى المسلمين متتابعة ليعوا عليها ويدركوها ويحملوها معنا لنعيد وضعها موضع التطبيق والتنفيذ في دولة خلافة راشدة.

– 2 –

قيام حزب التحرير

حزب التحرير الذي يحمل هذه الفِكَر إلى المسلمين هو حزب سياسي، مبدؤه الإسلام. فالسياسة عمله، والإسلام مبدؤه، وهو يعمل بين الأمة ومعها، لتتخذ الإسلام قضية لها، وليقودها لإعادة الخلافة لوضع الإسلام وجميع أحكامه موضع التطبيق والتنفيذ.

إن قيام حزب التحرير كان استجابة لقوله تعالى: ]ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون[ بغية إنهاض الأمة الإسلامية من الانحدار الشديد الذي وصلت إليه، وتحريرها من أفكار الكفر وأنظمته وأحكامه، ومن سيطرة الدول الكافرة وهيمنتها.

وبغية العمل لإقامة الخلافة الإسلامية الراشدة لإعادة الحكم بما أنزل الله.

– 3 –

غاية حزب التحرير وعمله

غاية حزب التحرير هي استئناف الحياة الإسلامية، وحمل الدعوة الإسلامية إلى العالم. وهذه الغاية تعني إعادة المسلمين إلى العيش عيشاً إسلامياً في دار إسلام، وفي مجتمع إسلامي، بحيث تكون جميع شؤون الحياة فيه مسيرة وفق الأحكام الشرعية، وتكون وجهة النظر فيه هي الحلال والحرام في ظل دولة إسلامية، التي هي دولة الخلافة، والتي ينصب فيها المسلمون خليفة يبايعونه على السمع والطاعة وعلى أن يحكمهم بكتاب الله وسنة رسوله، وعلى حمل الإسلام رسالة هدى ونور إلى العالم أجمع

عمل حزب التحرير هو حمل الدعوة الإسلامية بالطريق السياسي لتغيير واقع المجتمع الفاسد، وتحويله إلى مجتمع إسلامي، بتغيير الأفكار الموجودة فيه إلى أفكار إسلامية، وتغيير المشاعر فيه حتى تصبح مشاعر إسلامية، ترضى لما يرضي الله، وتثور وتغضب لما يغضب الله، وتغيير العلاقات الموجودة فيه حتى تصبح علاقات إسلامية، تسير وفق أحكام الإسلام ومعالجاته.

 

– 4 –

الصراع الفكري والكفاح السياسي

إن الأعمال التي يقوم بها حزب التحرير هي أعمال سياسية، ويبرز فيها تثقيف الأمة بالثقافة الإسلامية لصهرها بالإسلام، وتخليصها من العقائد الفاسدة، والأفكار الخطأ، والمفاهيم الغلط، ومن التأثر بأفكار الكفر وآرائه.

كما يبرز في هذه الأعمال السياسية الصراع الفكري، والكفاح السياسي. ويتجلى الصراع الفكري في مصارعة أفكار الكفر وأنظمته، كما يتجلى في صراع الأفكار الخطأ، والعقائد الفاسدة، والمفاهيم الغلط، ببيان فسادها، وإظهار خطئها، وبيان حكم الإسلام فيها.

يتجلى الكفاح السياسي في أعمال حزب التحرير في مصارعة الكفار المسيطرين بالأعمال السياسية لتخليص الأمة من سيطرتهم، وتحريرها من نفوذهم، واجتثاث جذورهم الفكرية والسياسية والاقتصادية والعسكرية من سائر بلاد المسلمين.

كما يتجلى في مقارعة الحكام بالأعمال السياسية وكشف خياناتهم للأمة، ومؤامراتهم عليها، ومحاسبتهم والتغيير عليهم إذا هضموا حقوقها أو أهملوا شأناً من شؤونها، أو خالفوا أحكام الإسلام. فعمل الحزب كله عمل سياسي، سواء كان خارج الحكم، أم كان في الحكم.

– 5 –

فكرة حزب التحرير هي الفكرة الإسلامية

الفكرة التي يقوم عليها حزب التحرير، وتتجسد في مجموعة أفراده، ويعمل لأن يصهر الأمة بها، ولأن تتخذها قضيتها، هي الفكرة الإسلامية، أي العقيدة الإسلامية وما انبثق عنها من أحكام، وما بنى عليها من أفكار.

وقد تبنى الحزب من هذه الأفكار القدر الذي يلزمه كحزب سياسي، يعمل لإيجاد الإسلام في المجتمع، أي تجسيد الإسلام في الحكم والعلاقات وسائر شؤون الحياة.

– 6 –

كتب حزب التحرير

الأفكار والآراء والأحكام التي تبناها حزب التحرير هي أفكار وآراء وأحكام إسلامية ليس غير، وليس فيها شيء غير إسلامي، ولا تتأثر بأي شيء غير إسلامي. وفيما يلي الكتب التي تبناها.

1 – نظام الإسلام.

2 – نظام الحكم في الإسلام.

3 – النظام الاقتصادي في الإسلام.

4 – النظام الاجتماعي في الإسلام.

5 – التكتل الحزبي.

6 – مفاهيم حزب التحرير.

7 – الدولة الإسلامية.

8 – الشخصية الإسلامية من ثلاثة أجزاء.

9 – مفاهيم سياسية لحزب التحرير.

10 – نظرات سياسية لحزب التحرير.

11 – مقدمة الدستور.

12 – الخلافة.

13 – الأموال في دولة الخلافة.

14 – نداء حار إلى المسلمين من حزب التحرير.

15 – الديمقراطية نظام كفر.

16 – حزب التحرير.

وقد أصدر الحزب الكتب التالية:

1 – كيف هدمت الخلافة.

2 – نظام العقوبات.

3 – أحكام البينات.

4 – نقض الاشتراكية الماركسية.

5 – التفكير.

6 – سرعة البديهة.

7 – الفكر الإسلاميذ.

8 – نقض القانون المدني.

9 – السياسية الاقتصادية المثلى.

10 – ميثاق الأمة.

كما أصدر الحزب آلاف النشرات والمذكرات والكتيّبات الفكرية والسياسية.

 

– 7 –

الإسلام (الذي جاء به محمد r ) هو للناس كافة

الإسلام رسالة عالمية، للبشر جميعاً على مختلف أعراقهم وأجناسهم وشعوبهم قال تعالى: ]وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيراً ونذيراً[ .

والإسلام يجعل المؤمنين به أمة واحدة، مهما اختلفت عناصرهم وأجناسهم وشعوبهم ولغاتهم تدين بدين واحد، وتعبد رباً واحداً، وتتجه إلى قبلة واحدة، لا فضل فيها لشريف على وضيع، ولا لأبيض على أسود، ولا لعربي على أعجمي إلا بالتقوى.

الإسلام هو آخر الرسالات التي أنزلها الله لعباده، وهو ناسخ لجميع الرسالات التي نزلت قبله من يهودية ونصرانية وغيرها. وقد أوجب الله سبحانه على أتباع الرسالات السابقة أن يتركون أديانهم، وأن يؤمنوا بالإسلام. وقد أوجب الله سبحانه على البشر التعبد به إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، ولا يقبل الله سبحانه من أي إنسان في الدنيا أن يدين بغير دين الإسلام. قال تعالى: ]ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين[ .

– 8 –

الإسلام عقيدة ونظام

الإسلام عقيدة وشريعة. والعقيدة هي الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وبالقضاء القدر خيرهما وشرهما من الله تعالى.

الشريعة هي أحكام شرعية تتعلق بأفعال الإنسان ومشاكله وعلاقاته في هذه الحياة، وتشمل العبادات التي أمر الله العباد أن يعبدوه بها، والأخلاق التي ينبغي أن يتخلقوا بها، والمطعومات التي أباح لهم تناولها، والملبوسات التي أجاز لهم ارتداءها.

كما تشمل الأنظمة التي تعالج مشاكل حياتهم من ناحية الحكم والسلطان وسياسية الدولة في الداخل، وفي علاقاتها بغيرها من الدول والشعوب في الخارج. ومن الناحية الاقتصادية التي تتعلق بالثروة وكيفية توزيعها وتملكها وتنميتها، ومن ناحية علاقة الرجل بالمرأة، وبغير ذلك من العلاقات والمشاكل.

– 9 –

كل من يحكم بغير الإسلام فهو إمّا فاسق وإمّا كافر

الإسلام يختلف عن الأديان التي سبقته من يهودية ونصرانية وغيرها. فقد جعله الله مبدأً يقوم على عقيدة عقلية ينبثق عنها نظام يعالج جميع مشاكل الحياة للبشر كافة. وقد ألزم الله المسلمين وأوجب عليهم أن يَحكُموا به، وأن يُحكّموه في كل شأن من شؤون حياتهم، وحرّم عليهم أن يَحكُموا بغيره، أو أن يُحكّموا غيره في أي شأن من شؤون حياتهم. وجعل من يَحكُم بغيره أو يُحكّم غيره يستحق العذاب يوم القيامة، هذا إذا كان لا يعتقد أن غير الإسلام أفضل من الإسلام، أما إن اعتقد ذلك فإنه يكون كافراً. قال تعالى: ]ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون[ .

– 10 –

لا يمكن تطبيق الإسلام كاملاً بدون دولة إسلامية

الحكم بما أنزل الله، وتحكيم أحكام الإسلام في جميع شؤون الحياة لا يمكن أن يحصل دون وجود دولة، وقد جعل الإسلام الدولة طريقة لتطبيق أحكام الشرع. وقد أقام الرسول r الدولة منذ أن هاجر من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة، وبدأت آيات التشريع ومعالجات مشاكل الحياة تنزل تباعاً، وكان الرسول r يطبق ما ينزل عليه من أحكام بمجرد نزولها، حتى اكتمل نزول الإسلام، ونزل قوله تعالى: ]اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً[ فكان رسول الله r رسولاً يتلقى رسالة ربه ويبلغها للناس، وحاكماً ورئيس دولة يطبق فيها ما أنزل الله عليه.

بعد انتقال الرسول r إلى الرفيق الأعلى، وجاءت دولة الخلفاء الراشدين، كان الخلفاء فيها يطبقون كل ما أنزله الله من أنظمة وتشريعات، واستمر الحكم بما أنزل الله بعدهم في الدولة الإسلامية إلى أن قضي عليها بعد الحرب العالمية الأولى على يد الكافر مصطفى كمال اليهودي الأصل عميل بريطانيا بأمر من بريطانيا الدولة الكافرة وعدوة الإسلام والمسلمين.

– 11 –

يجب على كل مسلم الآن العمل لإقامة الخلافة

بما أن دولة الخلافة الإسلامية قضي عليها سنة 1924م وبما أن الحكم بالإسلام في الدولة والمجتمع قد زال منذ أن قضي على دولة الخلافة. وبما أنه يحرم على المسلمين أن يمضي عليهم ثلاثة أيام دون أن يكون في أعناقهم بيعة لخليفة، كما يحرم عليهم أن يحكموا بغير ما أنزل الله، وأن يسكتوا عن تطبيق أحكام الكفر عليهم

لكل ذلك فإن المسلمين في الأرض آثمون جميعاً عند الله، ويستحقون عقابه إلا من تلبس منهم بالعمل لإقامة الخلافة، وإعادة الحكم بما أنزل الله ولا يرتفع الإثم عنهم إلا إذا أقاموا دولة الخلافة، وأعادوا الحكم بما أنزل الله.

– 12 –

خير أمّة

المسلمون خير أمة أخرجت للناس. قال تعالى: ]كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله[ وخيريتها آتية من كونها تؤمن بالله، وتلتزم بأحكام الإسلام، وتأمر بالمعروف، ولا تسكت على منكر.

لذلك لا يجوز لها أن تسكت على أفظع منكر وهو الذي يتمثل في تطبيق أنظمة الكفر وأحكامه عليها، وفي سيطرة الكفار وهيمنتهم على المسلمين وبلادهم سياسياً واقتصادياً وعسكرياً.

– 13 –

لا يَحِلُّ أن يكون للكفار سيطرة على المسلمين

الأمة الإسلامية كانت سيدة نفسها، ومصدر قرارها، ومالكة زمام أمرها، لا سلطان لأحد عليها، وكانت الدولة الأولى في العالم، تتحكم في الموقف الدولي، وفي رسم سياسة العالم، قرابة ثلاثة عشر قرناً.

واليوم بعد أن غابت شمس الخلافة أصبحت نهباً للكفار الطامعين، قرارها بيدهم، وسياستها تبع لهم، واقتصادها مربوط بهم، وسلاحها معتمد عليهم، وسيادتها تحت أقدامهم، وثرواتها نهباً لهم. مع أن الله سبحانه قد حرّم كل ذلك عليهم. قال تعالى: ]ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا[ .

 

 

 

 

– 14 –

يجب أن يتوحد المسلمون في دولة واحدة

الأمة الإسلامية أمة واحدة من دون الناس، قد أكرمها الله سبحانه بنبوة محمد r، وبرسالة الإسلام العالمية الخالدة. وجعل أبناءها إخوة تربطهم العقيدة الإسلامية. قال تعالى: ]إنما المؤمنون إخوة[ وأوجب عليهم أن يكونوا وحدة واحدة في كيان واحد هو كيان دولة الخلافة، قال رسول الله r: «إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الآخر منهما» وحرّم عليهم أن يكونوا مزقاً في كيانات متعددة. قال عليه السلام: «مَن أتاكم وأمركم جميع على رجل واحد يريد أن يشق عصاكم، أو يفرق جماعتكم فاقتلوه» .

– 15 –

الرسول r كان رئيس أول دولة إسلامية

الدولة الإسلامية الأولى هي الدولة التي أقامها الرسول r بعد أن هاجر إلى المدينة المنورة، وكان هو رئيسها، ويرعى شؤون الناس، ويحل مشاكلهم بأحكام الإسلام التي أنزلها الله عليه، ويحمل عن طريقها الإسلام رسالة هدى ونور إلى العالم، لا رسالة استعمار واستغلال، كما تفعل الدول الكافرة الاستعمارية أميركا وبريطانيا وفرنسا وأمثالهم.

وتسلم الخلفاء الراشدون رئاسة الدولة الإسلامية بعد الرسول r ببيعة المسلمين لكل واحد منهم على السمع والطاعة على أن يحكم فيهم بكتاب الله وسنة رسوله. وقد أطلق عليهم ألقاب: الخليفة، وأمير المؤمنين، والإمام، وأطلق على الدولة الإسلامية دولة الخلافة الراشدة، والخلافة هي شكل الحكم في الإسلام.

والدولة الإسلامية هي كيان سياسي تنفيذي لتطبيق أحكام الإسلام وتنفيذها، ولحمل دعوته رسالة إلى العالم بالدعوة والجهاد. وهي الطريقة الوحيدة التي وضعها الإسلام لتطبيق أنظمته وأحكامه العامة في الحياة والمجتمع. وهي قوام وجود الإسلام في معترك الحياة، وبدونها يغيض الإسلام كمبدأ ونظام للحياة من الوجود، ويبقى مجرد أعمال روحية، وصفات خلقية.

– 16 –

العقيدة الإسلامية أساس الدولة

الدولة الإسلامية تقوم على العقيدة الإسلامية، فهي أساسها، ولا يجوز شرعاً أن تنفك عنها بأي حال من الأحوال. فالرسول r حين أقام الدولة في المدينة، أقامها على العقيدة الإسلامية، ولم تكن آيات التشريع قد نزلت بعد، فجعل شهادة أن لا إله إلا الله محمد رسول الله أساس حياة المسلمين، وأساس العلاقات بين الناس، وأساس دفع التظالم، وفصل التخاصم، أي أساس الحياة كلها، وأساس الحكم والسلطان

وقد جعل الإسلام المحافظة على استمرار العقيدة الإسلامية أساساً للدولة فرضاً على المسلمين، وأمر بحمل السيف والقتال إذا ظهر في الدولة الكفر البواح، فقد سئل رسول الله r عن الحكام الظلمة أننابذهم بالسيف ؟ قال: «لا، ما أقاموا الصلاة» أي ما حكموا بالإسلام. وعن عبادة بن الصامت في البيعة قال: «وأن لا ننازع الأمر أهله قال: إلا أن تروا كفراً بواحاً عندكم من الله فيه برهان» .

– 17 –

الدستور والقوانين يجب أن تكون إسلامية

وجوب كون العقيدة الإسلامية أساس الدولة الإسلامية يوجب أن يكون دستورها وسائر قوانينها مأخوذة من كتاب الله وسنة رسوله، فقد أمر الله الحاكم أن يحكم بما أنزل الله على رسوله، وجعل من يحكم بغير ما أنزل الله كافراً إن اعتقد به واعتقد عدم صلاحية ما أنزل الله على رسوله، وجعله عاصياً وفاسقاً وظالماً إن حكم بغير ما أنزل الله ولم يعتقد عدم صحة الإسلام، قال تعالى: ]فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم[ وقال: ]ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون[ وقال: ]ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون[ وقال: ]ومن لم يحكم بما أنزل فأولئك هم الفاسقون[ .

– 18 –

لا يُسْمَح بوجود ما يخالف الإسلام في الدولة

وكون العقيدة الإسلامية أساس الدولة يوجب أن لا يكون لدى الدولة الإسلامية أي فكر أو مفهوم أو حكم أو مقياس غير منبثق من العقيدة الإسلامية، أي غير مأخوذ من كتاب الله وسنة رسوله، إذ لا يكفي أن يجعل أساس الدولة اسماً هو العقيدة الإسلامية، بل لا بد أن يكون هذا الأساس ممثلاً في كل شيء يتعلق بوجودها، وفي كل أمر دق أو جل من أمورها كافة. لذلك لا يسمح أن يوجد فيها أي مفهوم من الديمقراطية أو القومية لأنها تتناقض مع أحكام الإسلام.

– 19 –

الأعمال والتصرفات جميعها يجب انضباطها بالشرع

أمر الله سبحانه وتعالى المسلمين أن تكون جميع أعمالهم مقيدة بالأحكام الشرعية، وقد جاءت الشريعة الإسلامية بجميع أفعال الناس وجميع علاقاتهم، سواء أكانت مع الله سبحانه، أو مع أنفسهم، أو مع غيرهم. ولهذا لا محل في الإسلام لوضع قوانين للدولة من قبل البشر لتنظيم علاقاتهم، فهم مقيدون بالأحكام الشرعية، قال تعالى: ]وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا[ ، وقال: ]وما كان لمؤمن ولا مؤمنه إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم[ ، ولذلك لا محل للبشر في دولة الإسلام في وضع أحكام لتنظيم علاقاتهم، ولا في تشريع دستور أو قوانين، لأن المشرع هو الله سبحانه، والخليفة يتبنى الدستور والقوانين مما شرعه الله.

وإن ما يتبناه الخليفة من قوانين إدارية بتنظيم الدولة والأعمال فيها كتنظيم عمر بن الخطاب للدواوين إنما هو من المباحات التي أباحها الله للبشر. وبذلك تكون وفق الأحكام الشرعية.

 

 

 

 

– 20 –

الإسلام عقيدة ونظام والدولة طريقة للتنفيذ

الإسلام باعتباره مبدأ للدولة والمجتمع والحياة جعل الدولة والحكم جزءاً منه، وأمر المسلمين بأن يقيموا الدولة والحكم، وأن يحكموا بأحكام الإسلام. وقد نزلت عشرات الآيات في القرآن الكريم في الحكم والسلطان تأمر المسلمين بالحكم بما أنزل الله، كما نزلت مئات الآيات متضمنة أحكاماً للنواحي السياسية والاقتصادية والعسكرية والجنائية، وللمعاملات بين الأفراد، فضلاً عن الأحاديث الكثيرة المتعلقة بذلك. وكلها أنزلت للحكم بها وتطبيقها وتنفيذها. وقد نفذت بالفعل أيام الرسول r والخلفاء الراشدين، ومن أتى بعدهم من حكام المسلمين، ما يدل على أن الإسلام نظام للحكم والدولة والمجتمع والحياة.

ولا يكون للإسلام وجود حي في الحياة إلا إذا كان حياً في دولة تنفذ أحكامه. فالإسلام عقيدة ونظام، والحكم والدولة جزء منه، والدولة هي الطريقة الشرعية الوحيدة التي وضعها الإسلام لتطبيق أحكامه وتنفيذها في الحياة العامة، ولا يوجد الإسلام وجوداً حياً إلا إذا كانت له دولة تطبقه في جميع الأحوال. ودولته هي دولة سياسية بشرية وليست دولة إلهية روحية وليس لها قداسة ولا لرئيسها صفة العصمة.

– 21 –

شكل نظام الحكم في الإسلام

نظام الحكم في الإسلام هو النظام الذي يبين شكل الدولة وصفتها، وقواعدها، وأركانها، وأجهزتها، والأساس الذي تقوم عليه، والأفكار والمفاهيم والمقاييس التي ترعى الشؤون بمقتضاها، والدستور والقوانين التي تطبقها.

ونظام الحكم في الإسلام نظام خاص متميز، لدوله خاصة متميزة، يختلف عن جميع أنظمة الحكم الموجودة في العالم اختلافاً كلياً، سواء في الأساس الذي تقوم عليه الدولة، أو في الأفكار والمفاهيم والمقاييس التي ترعى الشؤون بمقتضاها، أو في الأشكال التي تتمثل بها، أو في الدستور والقوانين التي تطبقها.

وشكل الحكم في الإسلام هو نظام خلافة، يبايع فيه المسلمون خليفة لهم على السمع والطاعة على أن يحكم فيهم بكتاب الله وسنة رسوله. وهو نظام قائم على وحدة الدولة ووحدة الخلافة، فلا يجوز أن يكون للمسلمين في الوقت الواحد أكثر من دولة واحدة في الأرض، أو أكثر من خليفة، فإذا بويع لخليفة ثان مع وجود خليفة قوتل الثاني حتى يبايع الخليفة الأول، أو يقتل. قال r : «إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الآخر منهما» .

– 22 –

نظام الحكم في الإسلام ليس ملكياً

شكل الحكم في الإسلام ليس ملكياً، فالنظام الملكي يكون الحكم فيه وراثياً يرثه الأبناء عن الآباء. بينما نظام الحكم في الإسلام لا وراثة فيه، ولا ولاية عهد، بل يتولاه من يبايعه المسلمون خليفة بالرضى والاختيار

والنظام الملكي يخص فيه الملك بامتيازات وحقوق خاصة تجعله فوق القانون، وتجعل ذاته مصونة لا تمس. وهو يملك ولا يحكم، أو يتصرف بالبلاد والعباد كما يهوى ويريد.

بينما نظام الإسلام لا يخص الخليفة أو الإمام بأية امتيازات أو حقوق خاصة، وهو نائب عن الأمة في الحكم والسلطان، وهو مقيد في جميع تصرفاته وأحكامه ورعايته شؤون الأمة ومصالحها بأحكام الشرع.

– 23 –

نظام الحكم في الإسلام ليس جمهورياً

نظام الحكم في الإسلام ليس جمهورياً، فالنظام الجمهوري يقوم في أساسه على النظام الديمقراطي وهو نظام كفر يقوم على عقيدة فصل الدين عن الحياة، وتكون فيه السيادة للشعب، والشعب فيه هو المشرع.

بينما نظام الإسلام يقوم في أساسه على العقيدة الإسلامية، وعلى أحكام الشرع، والسيادة فيه للشرع، وليس للأمة، ولا تملك الأمة فيه ولا الخليفة حق التشريع، فالمشرع هو الله سبحانه، وإنما يملك الخليفة أن يتبنى أحكاماً للدستور والقوانين من كتاب الله وسنة رسوله r .

وعلى ذلك فلا يجوز مطلقاً أن يقال إن نظام الإسلام نظام جمهوري، أو يقال الجمهورية الإسلامية لوجود التناقض الكبير بين نظام الإسلام والنظام الجمهوري.

– 24 –

نظام الحكم في الإسلام هو نظام وحدة وليس اتحادياً

نظام الحكم في الإسلام ليس اتحادياً، تنفصل أقاليمه بالاستقلال الذاتي، وتتحد في الحكم العام، بل هو نظام وحدة، فالدولة فيه واحدة، لها خليفة واحد، وجيش واحد واقتصاد واحد، وسياسة داخلية وخارجية واحدة، وتمثيل دبلوماسي واحد.

وهو نظام مركزي في الحكم تحصر السلطة العليا في المركز، وتجعل له الهيمنة والسلطة على كل جزء من أجزاء الدولة، ولا يسمح بالاستقلال لأي جزء منها.

أما الأمور الإدارية فإنها تكون غير مركزية.

– 25 –

الخلافة دولة بشرية غير معصومة

دولة الخلافة دولة بشرية، وليست دولة إلهية. والخليفة فيها بشر يجوز أن يصيب وأن يخطئ، ويجوز أن يقع منه ما يقع من أي بشر من السهو والنسيان والكذب والخيانة والظلم والفسق والمعصية وغير ذلك، لأنه بشر، وليس برسول، ولا بمعصوم، وهو منصب من البشر، وليس منصباً من الله. وقد أخبر الرسول r بأن الخليفة والإمام يمكن أن يخطئ ويمكن أن يحصل منه ما يبغضه الناس ويلعنونه عليه من ظلم ومعصية، بل أخبر بأنه قد يحصل منه كفر صراح.

 

 

 

– 26 –

قواعد الحكم في الإسلام

يقوم نظام الحكم في الإسلام على أربع قواعد، هي:

1 – السيادة للشرع، لا للأمة.

2 – السلطان للأمة.

3 – نصب خليفة واحد فرض على المسلمين.

4 – للخليفة وحده حق تبني الأحكام الشرعية، فهو الذي يتبنى الدستور وسائر القوانين.

وهذه القواعد قد أخذت من الأحكام الشرعية المستنبطة من كتاب الله وسنة رسوله r .

– 27 –

السيادة للشرع

السيادة في الإسلام للشرع، والسيادة معناها ممارسة الإرادة وتسييرها، فإن كان الفرد يمارس إرادته ويسيرها بنفسه كانت سيادته له، وإن كانت الأمة تمارس إرادتها وتسيرها بنفسها كانت سيدة نفسها.

أما حكم هذه السيادة في الإسلام فهي أنها للشرع، وليست للأمة، فالذي يسير إرادة الفرد شرعاً ليس الفرد نفسه كما يشاء، بل إرادة الفرد مسيرة بأوامر الله ونواهيه، وكذلك الأمة ليست مسيرة بإرادتها تفعل ما تريد، بل هي مسيرة بأوامر الله ونواهيه. قال تعالى: ]إن الحكم إلا لله[ وقال: ]فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم[ وقال: ]يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر[ ، ومعنى رده إلى الله والرسول هو رده إلى حكم الشرع. فالذي يتحكم في الأمة والفرد، ويسير إرادة الأمة والفرد إنما هو الحكم الشرعي. ومن هنا كانت السيادة للشرع.

 

– 28 –

السلطان للأمة

السلطان في الإسلام للأمة. وقد أخذ ذلك من جعل الشرع نصب الخليفة من قبل الأمة، ومن كون الخليفة يأخذ السلطان بهذه البيعة قال r : «. . . ورجل بايع إماماً لا يبايعه إلا لدنياه إن أعطاه ما يريد وفى له، وإلا لم يف له . . .» وعن عبادة في حديث البيعة قال: «بايعنا رسول الله r على السمع والطاعة في العسر واليسر والمنشط والمكره 000» فتنصيب الخليفة يكون من المسلمين ببيعتهم له. وهذا ما حصل مع الخلفاء الراشدين، فإنهم أخذوا البيعة من المسلمين، وما صاروا خلفاء إلا بواسطة بيعة المسلمين لهم.

وأما كون الخليفة يأخذ السلطان ببيعة المسلمين له فواضح من أحاديث الطاعة. قال r : «. . .ومن بايع إماماً فأعطاه صفقة يده وثمرة قلبه فليطعه إن استطاع. . » وقال: «من خلع يداً من طاعة لقي الله يوم القيامة ولا حجة له. .» .

رابط هذا التعليق
شارك

Join the conversation

You can post now and register later. If you have an account, sign in now to post with your account.

زوار
اضف رد علي هذا الموضوع....

×   Pasted as rich text.   Paste as plain text instead

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   Your previous content has been restored.   Clear editor

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.

جاري التحميل
×
×
  • اضف...