اذهب الي المحتوي
منتدى العقاب

أحمد القصص:بافتتاحية لقاء تجديد العهد مع ثورة الشام والتواثق


Recommended Posts

أحمد القصص

 

6 hours ago

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الكلمة الافتتاحية التي ألقاها رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير/ولاية لبنان أحمد القصص

في لقاء تجديد العهد مع ثورة الشام والتواثق على خلافة الإسلام

 

قال الله تعالى: {وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا}، وقال عز وجل: {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ}.

إن من المسلَّمات الإسلامية التي لا تقبل النقاش أن الصراع بين الحق والباطل ماضٍ إلى يوم القيامة. وإن المناسبة التي نعيش ذكراها الثالثة والتسعين اليوم لهي شاهد صارخ على هذه الحقيقة. إذ لم يكتفِ الأعداء الغربيون بهزيمة ماحقة لدولة الخلافة في الحرب العالمية الأولى ولا باحتلال الغالبية الساحقة من أراضيها، بل أمعنوا في الحرب عليها حتى فرضوا إلغاء الخلافة على يد عميلهم الفاجر مصطفى كمال.

لقد أَولى الغرب بلاد الشام اهتمامًا كبيرًا، من أجل إخضاعها وإجهاض حراكها السياسي منذ احتلالها مع نهاية الحرب العالية الأولى، فكان أن مزّقها إلى دول شتى، وأنشأ فيها مرضًا سرطانيًا سمّاه (إسرائيل). وحاول المستعمرون تمزيقها إلى سبع دويلات. فإضافةً إلى كيان يهود أنشأوا دولة لبنان، ودولة الدروز في السويداء، ودولة العلويين في الساحل، ودولة دمشق، ودولة حلب، واخترعوا دولة للهاشميين في شرق وادي الأردن لحماية حدود كيان يهود، وولَّوا على معظم هذه الدويلات أقليات المنطقة. ثم حين رست الأمور على الدول الأربع الحالية استمر الإصرار على أن يتولى حكمها الأقليات التي يدين زعماؤها بالولاء لولي النعمة في الغرب الأوروبي. وهكذا نشأ معسكر الأقليات في المنطقة بقيادة أوروبا الاستعمارية منذ ذلك الحين.

واليوم ومع تفجُّر طاقات الأمة وانبعاث إرادتها في التغيير والنهوض، ومع ارتفاع سهم مشروع الخلافة في سوريا على وجه الخصوص، يعود هذا المعسكر بأبشع صوره وأوقحها. فها هي أمريكا وريثة الاستعمار الغربي ترعى حلفًا للأقليات يقوده إقليميًا النظام العنصري الإيراني، ذلك النظام الذي لم يترك عدوًّا من الأعداء التاريخيين والحاليين للإسلام والمسلمين إلا وحرص على ضمه إلى حلفه اللئيم. وعدوّ الجميع واحد: المشروع السياسي الإسلامي، الخلافة.

وزير خارجية روسيا، تلك الدولة العريقة في عداوتها للإسلام والمسلمين والمذعورة من دولة الخلافة المرتسمة في الأفق السياسي، يحذّر مرارًا من أن البديل عن الحلّ السياسي السريع سيكون دولة الخلافة في سوريا. زعيم حزب إيران اللبناني يقول إنها معركة وجود! وجود مَن؟ ومعركة ضد مَن؟ الجواب الصريح على لسانه هو نفسه، ففي آخر ما تسرّب من وثائق ويكيلكس، تلك الوثيقة التي تكشف أنه في اجتماع له مع أمين الجميّل نهاية سنة 2006 -أي قبل الثورة بأربع سنوات- يخاطبه ٌقائلاً: إن النظام السوري على فساده هو أفضل الخيارات لنا ولكم، لأن البديل عنه نظام إسلامي. وفي إيران نفسها يصرّح الفريق يحيى رحيم صفوي، القائد السابق للحرس الثوري الإيراني والمستشار العسكري الحالي للمرشد الإيراني الأعلى، أن حدود بلاده الحقيقية ليست كما هي عليها الآن، بل تنتهي عند شواطئ البحر الأبيض المتوسط عبر الجنوب اللبناني. ويقول: هذه المرة الثالثة التي يبلغ نفوذنا سواحل البحر الأبيض المتوسط"، في إشارة إلى حدود الإمبراطوريتين الأخمينية والساسانية الفارسيتين قبل الإسلام. وهو تصريح يؤكد أن الخلفية التي تحدو إيران في حربها على أهل الشام هي خلفية عنصرية فارسية لا تمتّ إلى الإسلام بصلة، وأكبر دليل على ذلك أن إيران وحزبها في لبنان وعملاءها في العراق الذين أرسلوا آلاف المرتزقة لقتل أهل سوريا الثائرين يفضّلون النظام البعثي العلماني الكافر على أي نظام آخر ينتمي إلى الأمة الإسلامية.

أمريكا وزعيم حزب إيران يدعون معًا وفي الوقت نفسه إلى بحث الحل على طاولة جنيف! هل هي مجرد مصادفة سياسية!؟ ساذج من يصدق أنها صدفة! بل هو الحلف اللئيم في مواجهة هذه الأمة التي لا ينظر إليها أعداؤها إلّا بوصفها أمة تحمل مشروع الخلافة التي ستغير وجه العالم كما فعلت من قبل، إن انتصبت وثبتت أقدامها.

هذه هي حقيقة الصراع. وواهم كل الوهم، أو متآمر أو خائن، من يريد حصر القضية في نزاع مع طاغية متجبر استعبد وأبوه الناس منذ أربع وأربعين سنة. فالطاغيتان الأب والابن لم يكونا سوى أداة للغرب لإخضاع بلاد الشام ومنع نهوضها من جديد، فضلاً عن حماية كيان يهود، تكريسًا لنفوذ المستعمر الغربي.

إن الإصرار على التخلص من الطاغية مع التهاون بوجود الطاغوت -أي الحكم بغير ما أنزل الله- لهوَ كبيرة من الكبائر، ومهلكة من المهالك، وانتحار ما بعده انتحار. لقد أمر الإسلام بمقارعة الطاغية وشرع لهذه المقارعة أحكامها، ولكنه أمر أمرًا أشد وأعظم بمقارعة الطاغوت، وشرع لهذه المقارعة أحكامًا تصل إلى درجة الأمر بالقتل والقتال.

إن ما نسمعه من أصوات النشاز التي تتهاون بأمر الحكم بالإسلام وإقامة دولة الخلافة بذريعة أنه لا يجوز إكراه الناس على حكم الإسلام لهو ضرب من التضليل، فضلاً عن كونه خدمة لأعداء الإسلام. لأنه يمنح الحق بحكم المسلمين للعلمانية والعلمانيين، تحت عنوان ساقطٍ شرعًا وسياسيةً. فهل من نظام في الدنيا أو قانون يطبَّق اختياراً دون إلزام؟! متى استأذنت الدول رعاياها فردًا فردًا قبل تنفيذ القوانين عليهم!؟ ولو أننا امتنعنا - معاذ الله - عن تطبيق الإسلام في بلاد المسلمين بذريعة عدم إكراههم على تطبيق الشريعة، فماذا سيكون البديل سوى إكراههم على الخضوع للعلمانية وأنظمة الكفر؟! أم ترانا بعد كل هذه التضحيات التي قدمها أهل الشام من أجل إسلامهم نتّهمهم بأنهم يفضلون العلمانية على الإسلام؟! {أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ * مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ * أَمْ لَكُمْ كِتَابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ * إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَمَا تَخَيَّرُونَ * أَمْ لَكُمْ أَيْمَانٌ عَلَيْنَا بَالِغَةٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِنَّ لَكُمْ لَمَا تَحْكُمُونَ}.

إن أخطر الأخطار على ثورة الشام أن يتكلم باسمها من لا يحمل المشروع السياسي الإسلامي، فضلاً عن أن يكون مروِّجًا لمشروع علماني تحت شعارات مضلِّلة كالدولة المدنية أو دولة الحريات أو دولة القانون أو الدولة العادلة... بل هو مشروع واحد لا غير، مشروع سيادة الشرع وسلطان الأمة، الذي يتجسّد حصرًا في دولة الخلافة. كما أن أي محاولة لحصر المشروع السياسي بما يسمى بالعنصر السوري لهو تنكُّب عن الصراط، وخدمة تقدَّم مجانًا لأعداء الثورة والأمة.

منذ ثلاثة عشر قرنًا غادر هرقل الرومِ بلاد الشام فارًّا من أمام الفتح الإسلامي وهو يقول: "وداعًا سوريا وداعًا لا لقاء بعده". وبعده بثلاثة عشر قرنًا دخل هنري غورو إلى دمشق ووقف أمام قبر السلطان البطل صلاح الدين الأيوبي وخاطبه متشمّتًا: "ها قد عدنا يا صلاح الدين". واليوم يعرف أعداء هذه الأمة أنه كما كان فتح الشام ودخولها في دار الإسلام زمن الخلفاء الراشدين إيذانًا بتحول النظام الدولي إلى سلطان الإسلام والمسلمين، فكذلك شأن الشام اليوم إن انتصرت ثورتها وأعادت سيادة الإسلام وسلطان المسلمين... إنها بالنسبة لهم بداية النهاية.

أما سائر حكام المنطقة، فليس أحد منهم بريئاً من التآمر على ثورة الشام. فقد توزّعت أدوارهم ما بين قاتل سفاك للدماء كالمحور الإيراني الممتد عبر العراق وسوريا إلى لبنان، وبين من يحاول استيعاب الثورة لإجهاضها وحرفها عن مسارها الفعّال المنتج للتغيير كنظام تركيا، ومنهم من تولى دعم فريق علماني لمحاصرة التيار الإسلامي، أو عمل على استقطاب تيار إسلامي ليغريه بسائر إخوانه، وهذا دأب دول الخليج... والمستهدَف في الحالات جميعها المشروع الذي من شأنه أن يغيّر وجه المنطقة فيطيح بعروشهم ومن ثَم يغير وجه العالم.

أما هنا في لبنان. فلم يعد يخفى على أحد أن السلطة التابعة للحلف الأمريكي الإيراني تمكنت بعد مضي ثلاث سنوات من الكيد والمراوغة والتشبيح من إحكام قبضتها على زمام الأمور إلى حد بعيد. وقد أعانها على هذا دخول حكام السعودية في تفاهم مع هذا الحلف ضمن عملية ترسيمِ قواعد اللعبة لإدارة النزاع بينهم. وكان من أهم دوافع هذا التفاهم مواجهة العدو الواحد، ألا وهو المشروع السياسي الإسلامي ومحاصرة المد الشعبي الواسع الذي يدعمه. من هنا أتى رفع الغطاء وأُعطي الضوء الأخضر لاختراق كثير من الخطوط الحمر التي كانت تتوقف عندها أجهزة السلطة اللبنانية.

ولطالما قلنا إن الوظيفة العاجلة والحاسمة التي رُسمت للبنان منذ انطلاقة ثورة الشام أن يكون حصنًا يتحصن به حلف الأقليات بقيادة إيران من المستقبل الواعد في سوريا. ومن هنا كان الحرص على إحكام القبضة عليه داخليًا بالخطط الأمنية والتشبيح، وخارجيًا عبر سيطرة حزب إيران على المناطق المتاخمة لحدوده في سوريا.

وعليه فإننا نقول بكل وضوح وصراحة: إن الخصوم السطحيين لحزب إيران الذين كانوا يصرون على مقاطعة أي حكومة يشارك فيها حزب إيران ما دام يقتل أهل سوريا والذين تحولوا إلى شركاء فعليين في سلطة هذا الحزب، باتوا يعملون خَدَمًا عند حلف الأقليات، وباتوا يبيعون دينهم بدنيا عدوّهم، بعد أن كانوا يبيعونه بدنياهم! وها هو خصمهم قد أخزاهم أمس بمشهد يسوء وجوههم، إذ نقل مشهد التشبيح الأسدي إلى قلب لبنان وعاصمته وجبله، في المسرحية الهزلية المسماة انتخابات.

وفي هذه المناسبة لا بد لنا من كلمة موجزة تعليقًا على ما جرى أمس. فقد حاول الإعلام تصوير جميع النازحين السوريين أو غالبيتهم زاحفين إلى السفارة الأسدية لانتخاب الطاغية، في محاولة لمفاقمة الاحتقان الذي يعتري فريقًا من أهل لبنان من وجود النازحين، ولترتفع الأصوات المطالبة بطرد النازحين من لبنان. وإنها والله لعين المؤامرة والغدر والإجرام.

فنسبة الذين قصدوا السفارة للاقتراع لا قيمة لها في واقع الأمر، بل هي متدنية جدًا. فالسفارة الأسدية على كذبها ودجلها أعلنت أن عدد المقترعين لم يتجاوز الخمسين ألفًا، وهذا من أصل ما يقرب من مليون ونصف المليون من النازحين أي حوالى 3% فقط. ومهما كانت حسبة نسبة القاصرين الذين لا يحق لهم الاقتراع إلى البالغين، فإن نسبة الاقتراع تبقى ضئيلة. هذا على الرغم على التشبيح المتمثل بتهديد من لا يقترع بالإيذاء والإضرار داخل لبنان أو عند عبور الحدود.

ختامًا، إننا في هذا اللقاء أتينا لنرسل رسالة واضحة لأعداء ثورة الشام في لبنان: لن يستطيع أحدٌ أن يفصلنا عن ثورة أمتنا، ولن نخضع لسلطان حكم الأقليّات، ولا يطمعنّ أحدٌ بأن نكون رعايا خانعين عند من خاصموا أمتنا وسفكوا دماءها. لبنان هذا هو في عقر بلاد الشام، و(الشام عقر دار الإسلام) كما أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولا يحسبن أحدٌ أنه بكسبه جولة سيكسب المواجهة المصيرية مع الأمة الإسلامية. بل قد ظلموا أنفسهم إذ أعلنوا عداوتهم سافرةً لخير أمة أخرجت للناس. فدولة الباطل ساعة ودولة الحق إلى قيام الساعة.

{وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ (171) إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ (172) وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ (173) فَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ (174) وَأَبْصِرْهُمْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ (175) أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ (176) فَإِذَا نَزَلَ بِسَاحَتِهِمْ فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ}.

أحمد القصص

30 رجب 1435ه الموافق 29 أيار 2014م

رابط هذا التعليق
شارك

Join the conversation

You can post now and register later. If you have an account, sign in now to post with your account.

زوار
اضف رد علي هذا الموضوع....

×   Pasted as rich text.   Paste as plain text instead

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   Your previous content has been restored.   Clear editor

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.

جاري التحميل
×
×
  • اضف...